الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ٢٠

آية الله ناصر مكارم الشيرازي

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ٢٠

المؤلف:

آية الله ناصر مكارم الشيرازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
المطبعة: أمير المؤمنين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-6632-61-0
ISBN الدورة:
964-6632-53-X

الصفحات: ٦٠٠

الأشكال بنور الشمس ، وهذه مسألة علمية ثابتة وخاصّة في الفيزياء.

٤ ـ الأمطار التي تحيي الأرض بعد موتها تهطل من الغيوم والغيوم أبخرة متصاعدة من البحار والمحيطات نتيجة لسطوع الشمس عليها ، مصادر المياه التي تتغذى من الأمطار بما فيها الأنهار والعيون والقنوات والآبار العميقة هي إذن من بركات نور الشمس.

٥ ـ الرياح التي تؤدي مهمّة تلطيف الجو ، وتنقّل السحب ، وتلقيح النبات ، ونقل الحرارة من المناطق الحارة على الكرة الأرضية إلى المناطق الباردة ، ونقل البرودة من المناطق الباردة إلى الحارة ، إنّما تفعل ذلك بفضل سطوع نور الشمس ، وتغيير درجة الحرارة في المناطق المختلفة من المعمورة.

٦ ـ مصادر الطاقة بما فيها الشلالات ، والسدود العظيمة في المناطق الجبلية ، مصادر النفط ومناجم الفحم كلّها ترتبط بشكل من الأشكال بالشمس ، ولولاها لما وجدت هذه المصادر ، ولتبدلت الحركة على وجه الأرض إلى سكون.

٧ ـ بقاء نظام المنظومة الشمسية مدين للتعادل القائم بين قوى الجذب والدفع الموجودة بين كرة الشمس من جهة ، والسيارات التي تدور حولها من جهة اخرى.

وبذلك تنهض الشمس بدور فعّال في حفظ هذه السيارات في مدارها.

من مجموع ما ذكرنا نفهم السبب في بدء القسم في هذه السّورة المباركة بالشمس.

وهكذا القمر ونور النهار وظلام الليل ، والكرة الأرضية ، لكلّ واحد منها دور هام في حياة الإنسان وغير الإنسان ، ولذلك جاء القسم بها جميعا ، وأهم من كلّ ذلك الإنسان بروحه وجسمه فهو أعجب من الجميع وأشدّ غموضا وسرّا منها.

وسنعود إلى أهمية تهذيب النفس في نهاية السّورة

* * *

٢٤١

الآيات

(كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (١١) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (١٢) فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها (١٣) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (١٤) وَلا يَخافُ عُقْباها (١٥))

التّفسير

عاقبة مرّة للطغاة :

عقب التحذير الذي أطلقته الآية السابقة بشأن عاقبة من ألقى بنفسه في أو حال العصيان ، قدمت هذه الآيات مصداقا تاريخيا واضحا لهذه السنّة الإلهية ، وتحدثت عن مصير قوم «ثمود» بعبارات قصيرة قاطعة ذات مدلول عميق.

«الطغوى» و «الطغيان» بمعنى واحد وهو تجاوز الحد ، وفي الآية تجاوز الحدود الإلهية والعصيان أمام أوامره (١).

«قوم ثمود» من أقدم الأقوام التي سكنت منطقة جبلية بين «الحجاز» و «الشام». كانت لهم حياة رغدة مرفهة ، وأرض خصبة ، وقصور فخمة ، غير أنّهم لم

__________________

(١) ذكر بعض علماء اللغة أن «الطغوى» مشتقّة من مادة ناقص واوي (طغو) و «الطغيان» من مادة ناقص يائي (طغي).

٢٤٢

يؤدوا شكر هذه النعم ، بل طغوا وكذبوا نبيّهم صالحا ، واستهزءوا بآيات الله ، فكان عاقبة أمرهم أن أبيدوا بصاعقة سماوية.

ثمّ تستعرض السّورة مقطعا بارزا من طغيان القوم وتقول : (إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها).

و «أشقى» ثمود ، هو الذي عقر الناقة التي ظهرت باعتبارها معجزة بين القوم ، وكان قتلها بمثابة إعلان حرب على النّبي صالح.

ذكر المفسّرون أنّ اسم هذا الشقي «قدار بن سالف»

وروي أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعلي بن أبي طالب عليه‌السلام : من أشقى الأولين؟

قال : عاقر الناقة.

قال : صدقت ، فمن أشقى الآخرين؟

قال : قلت لا أعلم يا رسول الله.

قال : الذي يضربك على هذه ، وأشار إلى يافوخه (١)

في الآية التالية تفاصيل أكثر عن طغيان قوم ثمود :

(فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ ناقَةَ اللهِ وَسُقْياها)

المقصود من «رسول الله» نبيّ قوم ثمود صالح عليه‌السلام ، وعبارة «ناقة الله» إشارة إلى أنّ هذه الناقة لم تكن عادية ، بل كانت معجزة ، تثبت صدق نبوة صالح ، ومن خصائصها ـ كما في الرّواية المشهورة أنّها خرجت من قلب صخرة في جبل لتكون حجة على المنكرين.

«الناقة» منصوبة بفعل محذوف ، والتقدير «ذروا ناقة الله وسقياها» ، ويستفاد من مواضع اخرى في القرآن الكريم أنّ النّبي صالحا عليه‌السلام كان قد أخبرهم أنّ ماء القرية يجب تقسيمه بينهم وبين الناقة ، يوم لهم ويوم للناقة : (وَنَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٩٩ ، ووردت الروآية باختصار في تفسير القرطبي ، ج ٦ ، ص ٧١٦٨.

٢٤٣

بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ) (١).

وحذّرهم من أن الإساءة إلى الناقة : (وَلا تَمَسُّوها بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذابُ يَوْمٍ عَظِيمٍ) (٢).

الآية التالية تقول : (فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها) ، و «العقر» ـ على وزن كفر ـ معناه الأساس والأصل والجذر ، و «عقر الناقة» قطع أساسها وإهلاكها.

وقيل : «العقر» بتر أسافل أطراف الناقة ، ممّا يؤدي إلى سقوطها وهلاكها.

ويلاحظ أنّ قاتل الناقة شخص واحد أشارت إليه الآية بأشقاها ، بينما نسب العقر إلى كلّ طغاة قوم ثمود : «فعقروها» ، وهذا يعني أنّ كلّ هؤلاء القوم كانوا مشاركين في الجريمة ، وذلك أوّلا : لأنّ مثل هذه المؤامرات يخطط لها مجموعة ثمّ ينفذها فرد واحد أو أفراد.

وثانيا : لأنّ هذه الجريمة تمّت برضا القوم فهم شركاء في الجريمة بهذا الرضا ، وعن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام قال : «إنّما عقر ناقة ثمود رجل واحد فعمهم الله بالعذاب لما عموه بالرضى ، فقال سبحانه : (فَعَقَرُوها فَأَصْبَحُوا نادِمِينَ)» (٣)

وعقب هذا التكذيب أنزل الله عليهم العقاب فلم يترك لهم أثرا : (فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها).

«دمدم» تعني أهلك ، وتأتي أحيانا بمعنى عذّب وعاقب وأحيانا بمعنى سحق واستأصل ، وبمعنى سخط أو أحاط (٤).

و «سوّاها» من التسوية وهي تسوية الأبنية بالأرض نتيجة صيحة عظيمة وصاعقة وزلزلة ، أو بمعنى إنهاء حالة هؤلاء القوم ، أو تسويتهم جميعا في العقاب

__________________

(١) القمر ، الآية ٢٨.

(٢) الشعراء ، الآية ١٥٦.

(٣) نهج البلاغة ، الخطبة ٢٠١.

(٤) مفردات الراغب ، ولسان العرب ، ومجمع البيان.

٢٤٤

والعذاب ، حتى لم يسلم أحد منهم.

ومن الممكن أيضا الجمع بين هذه المعاني.

الضمير في «سوّاها» يعود إلى قبيلة ثمود ، وقد يعود إلى مدنهم وقراهم التي سوّاها ربّ العالمين مع الأرض.

وقيل إنّ الضمير يعود إلى مصدر «دمدم» أيّ إنّ الله سوّى غضبه وسخطه على القوم ليشملهم جميعا على حدّ سواء ، والتّفسير الأوّل أنسب.

ومن الآية نستنتج بوضوح أنّ عقاب هؤلاء القوم كان نتيجة لذنوبهم وكان متناسبا مع تلك الذنوب ، وهذا عين الحكمة والعدالة.

في تاريخ الأمم نرى غالبا بروز حالة الندم فيهم حين يرون آثار العذاب ولجوءهم إلى التوبة ، أمّا قوم ثمود ، فالغريب أنّهم حين رأوا علامات العذاب طفقوا يبحثون عن نبيّهم صالح ليقتلوه (١). وهذا دليل على ارتكاسهم في العصيان والطغيان أمام الله ورسوله. لكن الله نجّا صالحا وأهلك قومه شرّ إهلاك.

وتختتم السّورة الحديث عن هؤلاء القوم بتحذير قارع لكل الذين يتجهون في نفس هذه المسيرة المنحرفة فتقول : (وَلا يَخافُ عُقْباها).

كثيرون من الحكّام قادرون على إنزال العقاب لكنّهم يخشون من تبعات عملهم ، ويخافون ردود الفعل التي قد تحدث نتيجة فعلهم ، ولذلك يكفّون عن المعاقبة. قدرتهم ـ إذن ـ محفوفة بالضعف وعلمهم ممزوج بالجهل. لا يعلمون مدى قدرتهم على مواجهة التبعات. بينما الله سبحانه قادر متعال ، علمه محيط بكلّ الأمور وعواقبها ، وقدرته على مواجهة النتائج لا يشوبها ضعف ، فهو سبحانه وتعالى لا يخاف عقباها ، ولذلك فإنّ مشيئته في العقاب نافذة حازمة.

فالطغاة ـ إذن ـ عليهم أن يتنبّهوا ويحذروا غضب الله وسخطه ونقمته.

__________________

(١) روح البيان ، ج ٢٠ ، ص ٤٤٦.

٢٤٥

والضمير في «عقباها» يعود إلى «الدمدمة» والهلاك.

* * *

بحوث

١ ـ ملخص حديث قوم ثمود

قوم «ثمود» ـ كما ذكرنا ـ كانوا يقطنون أرضا بين الشام ويثرب تسمى (وادي القرى) ... يعبدون الأوثان ... ويمارسون ألوان الآثام. بعث الله سبحانه فيهم «صالحا» عليه‌السلام يدعوهم إلى طريقة الهداية والنجاة ، لكنّهم أبوا إلّا أن يعكفوا على أوثانهم ويمارسوا طغيانهم.

وعند ما طلبوا من نبيّهم معجزة ، أرسل الله إليهم «ناقة» بطريق إعجازي من قلب جبل ، ولكنّهم كلفوا بامتحان يتلخص في تقسيم ماء المدينة بينهم وبين الناقة ... يوم لها ويوم لهم. وفي الأثر أنّ القوم كانوا يستفيدون من لبن الناقة في يوم منعهم من الماء ، لكن المعجزة لم تخفف من غلواء لجاجهم وعنادهم ، فخططوا لقتل الناقة والقتل صالح أيضا لأنّهم رأوا فيه عقبة أمام شهواتهم وميولهم.

خطة «قتل الناقة» نفذت كما ذكرنا على يد شقي قسيّ اسمه «قدار بن سالف» ، وكان ذلك في الحقيقة إعلان حرب على الله ، لأنّهم أرادوا بقتل هذه الناقة التي كانت معجزة نبيّ الله صالح أن يطفئوا نور الهداية ، عندئذ أنذرهم صالح أن يتمتعوا في بيوتهم بما شاؤوا من اللذات ثلاثة أيّام لينزل العذاب بعدها عليهم جميعا. (سورة هود ـ الآية ٦٥).

هذه الأيّام الثلاثة كانت في الواقع فرصة لإعادة النظر ، وآخر مهلة للعودة والتوبة ، لكنّهم أبوا إلّا طغيانا بل ازدادوا عتوّا ، وهنا حلّ عليهم العذاب الإلهي ،

٢٤٦

وجاءت الصيحة السماوية (١) لتدك أرضهم ، ولتبيدهم في دورهم : (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُوا فِي دِيارِهِمْ جاثِمِينَ) (٢).

تفاصيل قصّة ثمود وردت في المجلد السادس من هذا التّفسير.

٢ ـ أشقى الأولين وأشقى الآخرين

جمع من علماء الشيعة والسنة منهم الثعلبي ، والواحدي ، وابن مردويه ، والخطيب البغدادي ، والموصلي ، وأحمد بن حنبل ، وغيرهم باسنادهم عن عمار بن ياسر ، وجابر بن سمرة ، وعثمان بن صهيب ، عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لعلي عليه‌السلام : «يا علي! أشقى الأولين عاقر الناقة ، وأشقى الآخرين قاتلك ، وفي رواية : من يخضب هذه من هذا (وأشار إلى لحيته ويافوخه)» (٣).

وثمّة تشابه في الواقع بين قاتل ناقة صالح ، قدار بن سالف ، وقاتل أمير المؤمنين عليه‌السلام ، عبد الرحمن بن ملجم المرادي. لم يكن الاثنان يحملان عداء شخصيا ، بل كان هدف الإثنين إطفاء نور الله والقضاء على معجزة وآية من آيات الله ، وكما إنّ العذاب الإلهي عمّ قوم ثمود بعد حادثة الناقة ، كذلك عمّ المسلمين بعد استشهاد أمير المؤمنين عليه‌السلام داهية دهماء تمثلت في التسلط الأموي المتجبّر الذي سام المسلمين سوء العذاب.

ويذكر أنّ الحاكم الحسكاني أورد روايات كثيرة مستفيضة في هذا المجال (٤)

__________________

(١) الصيحة السماوية أو الصاعقة ، صوت عظيم تصحبه هزّة شديدة وحرائق ، وهي بالتعبير العلمي شرارة كهربائية كبرى تحدث نتيجة تفريغ كهربائي من الغيوم المحملة بشحنات موجبة إلى الأرض ذات الشحنات السلبية.

(٢) هود ، الآية ٦٧.

(٣) تفسير نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٥٨٧.

(٤) شواهد التنزيل ، ج ٢ ، ص ٣٣٥ ـ ٣٤٣.

٢٤٧

٣ ـ أهمية تهذيب النفس

كلما ازداد عدد أقسام (جمع قسم) القرآن ازدادت أهمية الموضوع ، وفي هذه السّورة المباركة أكبر عدد من الأقسام ، خاصّة وأنّ القسم بالذات الإلهية المقدسة تكرر ثلاث مرات ، ثمّ جاء التركيز على أن النجاح والفلاح في تزكية النفس ، وأن الخيبة والخسران في ترك التزكية.

وهذه في الواقع أهم مسألة في حياة الإنسان ، والقرآن الكريم إذ يطرح هذه الحقيقة إنّما يؤكّد على أنّ فلاح الإنسان لا يتوقف على الأوهام ولا على جمع المال والمتاع ونيل المنصب والمقام ، ولا على أعمال أشخاص آخرين (كما هو معروف في المسيحية بشأن ارتباط فلاح الإنسان بتضحية السيد المسيح) ... بل الفلاح يرتبط بتزكية النفس وتطهيرها وسمّوها في ظل الإيمان والعمل الصالح.

وشقاء الإنسان ليس أيضا وليد قضاء وقدر وبالإجبار ، ولا نتيجة مصير مرسوم ، ولا بسبب فعل هذا وذاك ، بل هو فقط بسبب التلوث بالذنوب والانحراف عن مسير التقوى.

وفي الأثر أن زوج العزيز (زليخا) قالت ليوسف لما أصبح حاكم مصر :

«إنّ الحرص والشهوة تصير الملوك عبيدا ، وأن الصبر والتقوى يصير العبيد ملوكا ، فقال يوسف : قال الله تعالى : (إِنَّهُ مَنْ يَتَّقِ وَيَصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ)» (١).

وعنها أيضا قالت لما رأت موكب يوسف مارا من أمامها :

«الحمد لله الذي جعل الملوك بمعصيتهم عبيدا ، وجعل العبيد بطاعتهم ملوكا» (٢)

نعم ، عبادة النفس تؤدي إلى وقوع الإنسان في أغلال الرقية بينما تزكية

__________________

(١) المحجة البيضاء ، ج ٥ ، ص ١١٦.

(٢) المحجة البيضاء ، ج ٥ ، ص ١١٧.

٢٤٨

نعم ، عبادة النفس تؤدي إلى وقوع الإنسان في أغلال الرقية بينما تزكية النفس توفّر أسباب التحكم في الكون.

ما أكثر الذين وصلوا بعبوديتهم لله تعالى درجة جعلتهم أصحاب ولاية تكوينية ، ومكنتهم بإذن الله أن يؤثروا في حوادث هذا العالم وأن تصدر منهم الكرامات وخوارق العادات!!

إلهي! أعنّا على أنفسنا وعلى كبح جماح أهوائنا.

إلهي! لقد ألهمتنا «الفجور» و «التقوى» فوفقنا للاستفادة من هذا الإلهام.

إلهي! دسائس الشيطان خفية غامضة في نفس الإنسان ، فوفقنا لمعرفتها.

آمين يا ربّ العالمين

نهاية سورة الشّمس

* * *

٢٤٩

٢٥٠

سورة

اللّيل

مكيّة

وعدد آياتها إحدى وعشرون آية

٢٥١

«سورة اللّيل»

محتوى السّورة :

هذه السّورة مكّية تحمل كلّ خصائص السور المكّية من قصر في الآيات ، وحرارة في طرح المحتوى ، وتركز أساسا على القيامة وعلى ما في ذلك اليوم من جزاء وعقاب.

بعد القسم بثلاث ظواهر في بداية السّورة يأتي تقسيم النّاس إلى منفقين متّقين ، وبخلاء منكرين ، وتذكر عاقبة كلّ مجموعة ؛ اليسر والسعادة والهناء للمجموعة الاولى ، والعسر والضنك والشقاء للمجموعة الثّانية.

وفي مقطع آخر من السّورة إشارة إلى أنّ الهداية من الله سبحانه لعباده هي إنذارهم من النّار يوم القيامة.

ثمّ تذكر السّورة في نهايتها من يدخل هذه النّار ومن ينجو منها ، مع ذكر أوصاف الفريقين.

فضيلة تلاوة السّورة :

ورد في فضيلة تلاوة هذه السّورة

عن النّبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ قال : «من قرأها أعطاه الله حتى يرضى ، وعافاه من العسر ويسّر له اليسر» (١).

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٩٩.

٢٥٢

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى (١) وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى (٢) وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى (٣) إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى (٤) فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى (٥) وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى (٦) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى (٧) وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى (٨) وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى (٩) فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (١٠) وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى (١١))

سبب النّزول

روي عن ابن عباس في نزول هذه السّورة : «أنّ رجلا كانت له نخلة فرعها في دار رجل فقير ذي عيال ، وكان الرجل إذا جاء فدخل الدار وصعد النخلة ليأخذ منها التمر ، فربّما سقطت التمرة فيأخذها صبيان الفقير ، فينزل الرجل من النخلة حتى يأخذ التمر من أيديهم ، فإنّ وجدها في فيّ أحدهم أدخل إصبعه حتى يأخذ التمرة من فيه. فشكا ذلك الرجل إلى النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأخبره بما يلقي من صاحب النخلة ، فقال له النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اذهب. ولقي رسول الله صاحب النخلة فقال : تعطيني نخلتك المائلة التي فرعها في دار فلان ولك بها نخلة في الجنّة؟ فقال له

٢٥٣

الرجل : إنّ لي نخلا كثيرا ، وما فيه نخلة أعجب إليّ تمرة منها.

قال : ثمّ ذهب الرجل ، فقال رجل كان يسمع الكلام من رسول الله : يا رسول الله : أتعطيني ما أعطيت الرجل نخلة في الجنّة إن أنا أخذتها؟ قال : نعم.

فذهب الرجل ولقي صاحب النخلة فساومها منه فقال له : أشعرت أنّ محمّدا أعطاني بها نخلة في الجنّة فقلت له يعجبني تمرتها وإنّ لي نخلا كثيرا فما فيه نخلة أعجب إليّ ثمرة منها؟

فقال له الآخر : أتريد بيعها؟

فقال : لا إلّا أن أعطى ما لا أظنه أعطى.

قال : فما مناك؟

قال : أربعون نخلة

فقال الرجل : جئت بعظيم ، تطلب بنخلتك المائلة أربعين نخلة؟!

ثمّ سكت عنه ، فقال له : أنا أعطيك أربعين نخلة.

فقال له : اشهد إن كنت صادقا ، فمرّ إلى أناس فدعاهم فأشهد له بأربعين نخلة ، ثمّ ذهب إلى النّبي فقال : يا رسول الله إنّ النخلة صارت في ملكي ، فهي لك.

فذهب رسول الله إلى صاحب الدار ، فقال له : النخلة لك ولعيالك ، فأنزل الله تعالى : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) السّورة وعن عطاء قال : اسم الرجل (أبو الدحداح)» (١)

* * *

التّفسير

التقوى والإمداد الإلهي :

هذه السّورة المباركة أيضا تبتدئ بثلاثة أقسام تثير التفكير في المخلوقات وفي الخالق.

تقول : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى)

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٥٠١.

٢٥٤

فالقسم الأوّل بالليل حين يغطّي ... يغطّي بظلامه نصف الكرة الأرضية ... أو يغطّي قرص الشمس ، وهذا القسم تأكيد على أهمية الليل ودوره الفاعل في حياة الأفراد ، من تعديله لحرارة الشمس ، ونشره السكينة على كل الموجودات الحية ، وتوفير الجوّ لعبادة المتهجّدين ومناجاة الصالحين.

ويستمر السياق القرآني في القسم بالقول : (وَالنَّهارِ إِذا تَجَلَّى) (١).

والنهار يبدأ من اللحظة التي يطلع فيها الفجر ، فيشقّ قلب ظلام الليل ، ثمّ يمتدّ ليملأ كلّ السماء ، ويغمر كلّ شيء بالنور ... بهذا النور الذي هو رمز الحركة والحياة ، والعامل على نمو كلّ الموجودات الحية.

في القرآن الكريم تركيز على مسألة نظام «النور» و «الظلمة» ودورهما في حياة البشر ، لأنّهما من نعم الله الكبرى ومن آياته العظمى سبحانه.

ثمّ القسم الأخير في السّورة بالخالق المتعال : (وَما خَلَقَ الذَّكَرَ وَالْأُنْثى).

فوجود الجنسين في عالم «الإنسان» و «الحيوان» و «النبات» ... والمراحل التي تمرّ بها النطفة منذ انعقادها حتى الولادة ... والخصائص التي يمتاز بها كلّ جنس متناسبة مع دوره ونشاطه ... والأسرار العميقة المخبوءة في مفهوم الجنسية ... كلّها من دلالات وآيات عالم الخليقة الكبير ... وبها يمكن الوقوف على عظمة الخالق.

والتعبير ب «ما» عن الخالق سبحانه كناية عن عظمة الذات الإلهية ، وما يحيط بهذه الذات من غموض تجعله سبحانه فوق كلّ وهم وخيال وظن وقياس.

قال بعضهم أن «ما» في الآية مصدرية ، ومعناها أقسم بخلق الذكر والأنثى

__________________

(١) يلاحظ في السّورة المباركة أن الفعل «يغشى» بصيغة المضارع ، أمّا «تجلّى» فبصيغة الماضي ، قيل إنّ ذلك يعود إلى عصر نزول السّورة ، حيث كانت الجاهلية في بداية الدعوة مخيّمة بظلامها على الأرض ، وفي هذه الحالة سيكون القسم بظلام الجاهلية ، وليس ذلك بجيّد ، ومن الأفضل القول إن هذا الفعل الماضي يفيد معنى المضارع لوقوعه بعد «إذا» الشرطية ؛ أو إنّ أصل الفعل «تتجلى» حذفت إحدى التائين ، عندئذ سيكون الفعل مؤنثا ، ولا يكون فاعله «نهار» بل سيكون التقدير : «إذا تتجلى الشمس فيه».

٢٥٥

وهذا الاحتمال ضعيف في معنى الآية.

الحقيقة أنّ القسمين الأوّل والثّاني يشيران إلى الآيات «الآفاقية» ، والقسم الثّالث إلى الآيات «الأنفسية» (١).

ثمّ يأتي الهدف النهائي من كلّ هذه الأقسام بقوله سبحانه : (إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى) اتجاهات سعيكم مختلفة ، ونتائجها مختلفة أيضا ، هذا يعني أن أفراد البشر لا يستقرون في حياتهم على حال ... بل هم في سعي مستمر ... وفي استثمار دائم للطاقة التي أودعها الله في نفوسهم ... فانظر أيّها الإنسان في أي مسير تبذل هذه الطاقة التي هي رأس مال وجودك ... في أيّ اتجاه ... وفي سبيل أيّة غاية؟!

حذار من تبديد كلّ هذه الطاقات في سبيل نتيجة تافهة ... وحذار من بيعها بثمن بخس!

«شتى» جمع «شتيت» من مادة «شتّ» أيّ فرّق الجمع ، وهنا بمعنى التفرق والتشعب في المساعي من حيث الكيفية والهدف والنتيجة.

ثمّ يأتي تقسيم النّاس على قسمين ، ويبيّن خصائص كلّ قسم ، يقول سبحانه : (فَأَمَّا مَنْ أَعْطى وَاتَّقى ، وَصَدَّقَ بِالْحُسْنى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى).

المقصود من الإعطاء في قوله : «أعطى» هو الإنفاق في سبيل الله ومساعدة المحتاجين.

والتأكيد على «التقوى» عقب الإعطاء قد يشير إلى ضرورة تنزيه النية وإخلاص القصد عند الإنفاق ، وإلى الحصول على المال من طريق مشروع ، وإنفاقه في طريق مشروع أيضا ، وإلى خلوه من المنّ والأذى ... فكلّ هذه الصفات تجتمع في عنوان التقوى.

قال بعض إن «أعطى» إشارة إلى العبادات المالية و «اتقى» إشارة إلى سائر

__________________

(١) هذا التقسيم للآيات مستلهم من قوله سبحانه : (سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ).

٢٥٦

العبادات العملية من أداء الواجبات وترك المحرمات ، غير أن التّفسير الأوّل أنسب مع ظاهر الآية ، ومع سبب نزولها.

و «الحسنى» مؤنث «أحسن» إشارة إلى مثوبة الله وجزاءه الأوفى ، والتصديق بالحسنى هو الإيمان بها ، وفي سبب النزول ذكرنا أن «أبا الدحداح» أنفق أمواله لإيمانه بما سيعوضه الله في الآخرة. والحسنى وردت بهذا المعنى أيضا في قوله سبحانه : (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) (١).

قيل إن المقصود هو «الشريعة الحسنى» ، والتصديق بالحسنى هو الإيمان بالإسلام ، الذي هو أكمل الأديان.

وقيل إنّها كلمة «لا إله إلّا الله» ، وقيل : إنّها الشهادتان.

غير أنّ سياق الآيات وسبب النزول وذكر «الحسنى» بمعنى «الجزاء الحسن» في كثير من الآيات كلّه يرجح التّفسير الأوّل.

عبارة (فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرى) قد تكون إشارة إلى التوفيق الإلهي وإلى تيسير الطاعة لمثل هؤلاء الأفراد ، أو فتح طريق الجنّة أمامهم وما يقابلونه من استقبال الملائكة وتحيتهم ، أو كلّ ذلك.

من المؤكّد أنّ الذين سلكوا طريق الإنفاق والتقوى ، واطمئنوا إلى جزاء الله وثوابه في الآخرة ، تتذلل أمامهم المشاكل وينعمون في الدنيا والآخرة بالسكينة والاطمئنان.

أضف إلى ما سبق ، قد يكون الإنفاق المالي شاقا وثقيلا على طبع الإنسان في البداية ، ولكن بتوطين النفس على ذلك والاستمرار فيه ، يتحول إلى أمر ميسور ... بل أمر فيه لذّة وارتياح.

ما أكثر الأفراد الأسخياء الذين ينشرحون لحضور الضيف على مائدتهم ، ولا

__________________

(١) النساء ، ٩٥.

٢٥٧

يرتاحون إذا خلت مائدتهم يوما من ضيف ... وهذا نوع من تيسير الأمور لهؤلاء.

ولا يفوتنا أن نذكر أيضا أنّ الإيمان بالمعاد وبثواب الآخرة يهون المشاكل والصعاب ، ويجعل بذل المال بل النفس ميسورا ، ويخلق الدافع نحو طلب الشهادة في ميادين الجهاد عن رغبة مقرونة باحساس باللذة والنشوة.

«اليسرى» من اليسر ، وهي في الأصل بمعنى إسراج الفرس والجامها وإعدادها للركوب. ثمّ أطلقت الكلمة على كلّ عمل سهل ممهّد (١).

وفي الجهة المقابلة تقف المجموعة الاخرى التي تتحدث عنها الآيات التالية : (وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنى ، وَكَذَّبَ بِالْحُسْنى ، فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى).

«من بخل» في هذه المجموعة مقابل «من أعطى» في تلك.

كلمة «استغنى» أيّ طلب الغنى ، قد تكون إشارة إلى ذريعتهم لبخلهم ، ووسيلتهم لاكتناز المال ، أو قد تكون إشارة إلى ظنهم بأنّهم مستغنون عن ثواب الآخرة ، عكس الطائفة الاولى المنشدة إلى مثوبة الله ، أو قد تكون بمعنى الإحساس بالاستغناء عن طاعة الله وبالتالي التخبط المستمر في الآثام.

من بين هذه التفاسير الثلاثة يبدو التّفسير الأوّل أنسب ، وإن أمكن أيضا الجمع بين الثلاثة.

المقصود من التكذيب بالحسنى ، هو إنكار ثواب الآخرة ، أو إنكار الدين الإلهي.

(فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى) ... والتيسير للعسر بالنسبة لهذه المجموعة ، يقابله التيسير لليسر للمجموعة الاولى التي يشملها الله بتوفيقه ، وييسر لها طريق الطاعة والإنفاق ، وبذلك تتذلل أمامها مشاكل الحياة ... أمّا هذه المجموعة فتحرم التوفيق ، ويتعسّر عليها شقّ الطريق وتواجه الضنك والنصب في الدنيا والآخرة ، وهؤلاء

__________________

(١) تفسير الكشّاف ، ج ٤ ، ص ٧٦٢.

٢٥٨

البخلاء الخاوون من الإيمان يشقّ عليهم فعل الخير وخاصّة الإنفاق ، بينما هو للمجموعة الاولى مقرون باللذة والإنشراح. (١)

ثمّ يأتي التحذير لهؤلاء البخلاء المغفلين بالآية : (وَما يُغْنِي عَنْهُ مالُهُ إِذا تَرَدَّى).

لا يستطيع أن يصطحب ماله من هذه الدنيا ، ولا يستطيع هذا المال ـ إذا اصطحبه ـ أن يقيه من السقوط في نار جهنّم.

«ما» في الآية قد تكون نافية ، وقد تكون للاستفهام الإنكاري ، أيّ ماذا يجديه المال إذا سقط في حفرة القبر أو في هاوية جهنّم؟!

«تردى» من (الردى) بمعنى الهلاك ، وبمعنى السقوط من مكان مرتفع يؤدي إلى الهلاك ، وقيل إن أصل الكلمة بمعنى السقوط : ولما كان السقوط من مكان مرتفع يؤدي إلى الهلاك ، فقد أطلقت الكلمة وأريد بها الهلاك ، والتردي في الآية قد يعني السقوط في القبر ، أو في جهنّم ، أو بمعنى الهلاك الذي هو جزاء هؤلاء.

وبهذا ... تحدثت الآيات الكريمات عن مجموعتين : الاولى : مؤمنة ، تقية ، سخية ؛ والثّانية : خاوية الإيمان ، عديمة التقوى ، بخيلة ونموذج المجموعتين موجود في سبب نزول الآيات بوضوح.

المجموعة الاولى ، طوت طريقها بيسر بتوفيق الله ، واتجهت نحو الجنّة ونعيمها ، بينما المجموعة الثّانية ، واجهت في مسيرتها الحياتية المشاكل المتفاقمة جمعت الأموال الطائلة ، وتركتها وولت تجرّ أذيال الحسرة والهّم والويال ، ولم تنل سوى العقاب الإلهي.

* * *

__________________

(١) «اليسرى» مؤنث أيسر ، و «العسرى» مؤنث أعسر ، إنّما جاءا بصيغة المؤنث إمّا لأنّهما صفتان للأعمال والتقدير : فسنيسره لأعمال يسرى ... أو ـ لأعمال عسرى ، أو صفتان لحوادث الحياة ، وإن كان الموصوف مفردا فقد يكون «طريقة» أو «خلة».

٢٥٩

الآيات

(إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى (١٢) وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولى (١٣) فَأَنْذَرْتُكُمْ ناراً تَلَظَّى (١٤) لا يَصْلاها إِلاَّ الْأَشْقَى (١٥) الَّذِي كَذَّبَ وَتَوَلَّى (١٦) وَسَيُجَنَّبُهَا الْأَتْقَى (١٧) الَّذِي يُؤْتِي مالَهُ يَتَزَكَّى (١٨) وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى (١٩) إِلاَّ ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى (٢٠) وَلَسَوْفَ يَرْضى (٢١))

التّفسير

الإنفاق والنجاة من النّار :

عقب الآيات الكريمة السابقة التي قسمت النّاس على مجموعتين : مؤمنة سخية ، وعديمة الإيمان بخيلة ، وبيّنت مصير كلّ منهما ، تبدأ هذه الطائفة من الآيات بالتأكيد أن على الله الهداية لا الإجبار والإلزام ، ويبقى الإنسان هو المسؤول عن اتخاذ القرار اللازم ، وأن انتخاب الطريق المستقيم يعود بالنفع على الإنسان نفسه ولا حاجة لله سبحانه بعمل خير يقدمه الفرد. يقول تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى) الهدى عن طريق التكوين (الفطرة والعقل) أو عن طريق التشريع (الكتاب والسنة) ... فقد بيّنا ما يلزم وأدينا الأمر حقّه.

٢٦٠