الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ٢٠

آية الله ناصر مكارم الشيرازي

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ٢٠

المؤلف:

آية الله ناصر مكارم الشيرازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
المطبعة: أمير المؤمنين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-6632-61-0
ISBN الدورة:
964-6632-53-X

الصفحات: ٦٠٠

وما المقصود من العقبة؟ الآيات التالية تفسّرها :

(وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ؟ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ).

من هنا فالعقبة التي لم يتهيأ الكافرون بأنعم الله لاجتيازها هي : فك رقبة عبد من الرقبة أي تحريره أو إطعام في يوم الضائقة الاقتصادية والمجاعة ، يتيما ذا قربى أو فقيرا قد لصق بالتراب من شدّة فقره ، العقبة هي مجموعة أعمال الخير التي تتجه لخدمة النّاس والأخذ بيد الضعفاء والمعوزين ، كما إنّها أيضا مجموعة من المعتقدات الصحيحة الخالصة تشير إليها الآيات التالية.

نعم ، إن اجتياز هذه العقبة ليس بالأمر اليسير لما لأغلب النّاس من التصاق بالمال والثروة.

ليس الإسلام والإيمان بالقول والادعاء ، بل أمام كلّ إنسان مسلم ومؤمن عقبات يجب أن يجتازها الواحدة بعد الاخرى ، مستمدا العون من الله سبحانه ومن روح الإيمان والإخلاص.

بعضهم ذهب إلى أنّ «العقبة» هنا تعني أهواء النفس التي حثّ الرّسول الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على مقاومتها ومجاهدتها ، ويسمى ذلك «الجهاد الأكبر» ، واستنادا إلى هذا التّفسير يكون فك الرقبة وإطعام المسكين من المصاديق البارزة لاجتياز عقبة هوى النفس.

ومن المفسّرين من قال إنّ «العقبة» هي الصراط الصعب يوم القيامة ، كما جاء في حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

__________________

استفهامية ، والإشكال الوحيد الذي يرد على أنّها خبرية هو عدم تكرارها لأنّ (لا) النافية حين تدخل على الفعل الماضي تكرر عادة كقوله سبحانه : (فَلا صَدَّقَ وَلا صَلَّى) ، ولم تتكرر في الآية. ويذكر «الطبرسي» في «مجمع البيان» مواضع من أقوال العرب لم تتكرر فيها (لا) النافية مع دخولها على الفعل الماضي ، وإلى ذلك ذهب أيضا «الفخر الرازي» و «القرطبي» ، وقيل إنّ (لا) إذا كانت بمعنى «لم» لا يلزم تكرارها وبعضهم احتمل التكرار في التقدير والمعنى : فلا اقتحم العقبة ولا فك رقبة ، ولا أطعم في يوم ذي مسغبة.

٢٢١

«إن أمامكم عقبة كؤودا لا يجوزها المثقلون ، وأنا أريد أن أخفف عنكم لتلك العقبة» (١).

وهذا الحديث طبعا لا يمكن أن يكون تفسيرا للآية ، غير أن بعض المفسّرين فهموا منه ذلك ، وهذا الفهم لا يتناسب مع التّفسير الصريح لكلمة «العقبة» في الآيات التالية ، إلّا إذا اعتبرنا العقبة الكؤود يوم القيامة تجسيدا للطاعات الثقيلة الصعبة في هذا العالم ، واجتياز تلك العقبات فرع لاجتياز هذه الطاعات «تأمل بدقّة».

تعبير «اقتحم» في الآية أصله من «الاقتحام» وهو الدخول في عمل صعب مخيف (مفردات الراغب) ، أو الولوج والعبور بشدّة ومشقّة (تفسير الكشّاف) وهذا يعني أن اجتياز هذه العقبة ليس بالأمر اليسير ، كما أنّه تأكيد على ما ورد في أوّل السّورة بشأن ما يكابد الإنسان في حياته : (لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ).

وعن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام قال : «إنّ الجنّة حفت بالمكاره وإنّ النّار حفت بالشهوات» (٢).

* * *

ملاحظات

وهنا يلزم الالتفات إلى عدّة ملاحظات :

١ ـ المقصود من «فك رقبة» على الظاهر هو تحرير العبد والرقيق.

روي أنّ أعرابيا جاء إلى النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله علمني عملا يدخلني الجنّة.

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٩٥.

(٢) نهج البلاغة ، الخطبة ١٧٦.

٢٢٢

أجابه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إن كنت أقصرت الخطبة لقد عرضت المسألة (١) أعتق النسمة وفك الرقبة».

فقال الأعرابي : أو ليسا واحدا؟!

قال : «لا ، عتق النسمة أن تنفرد بعتقها ، وفك الرقبة أن تعين في ثمنها»

ثمّ قال : «والفيء على ذي الرحم الظالم ، فإنّ لم يكن ذلك فأطعم الجائع واسق الظمآن وأمر بالمعروف وانه عن المنكر ، فإنّ لم تطق ذلك ، فكفّ لسانك إلّا من الخير» (٢).

٢ ـ قال بعض المفسّرين أن معنى «فك رقبة» تحرير الفرد رقبته من الذنوب بالتوبة ، أو تحرير نفسه من العذاب الإلهي بتحمل الطاعات ، غير أن ما جاء في الآيات التالية من توصية باليتيم والمسكين يؤيد أن المقصود هو تحرير رقبة العبد.

٣ ـ «المسغبة» من «سغب» على وزن «غضب» وهو الجوع ، و «يوم ذي مسغبة» أي وقت المجاعة ، والجياع موجودون في المجتمع عادة ، والآية إنّما تؤكّد على إطعامهم في زمان الجماعة لأهمية الموضوع ، وإلّا فإنّ الجياع هو دائما من أفضل الأعمال.

وروي عن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من أشبع جائعا في يوم سغب داخله الله يوم القيامة من باب من أبواب الجنّة لا يدخلها إلّا من فعل مثل ما فعل» (٣).

٤ ـ «المقربة» بمعنى القرابة والرحم ، والتأكيد على الأقرباء من اليتامى في الآية إنّما هو لمراعاة الأولوية وللتأكيد على تصاعد المسؤولية تجاههم ، لا لحصر الإطعام بهذا القسم من اليتامى.

__________________

(١) أي لقد طرحت بوضوح سؤالك ، وإن كنت أجملت في الكلام.

(٢) نور الثقلين ، ج ٥ ، ص ٥٨٣.

(٣) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٩٥.

٢٢٣

ثمّ إنّ غمط حقوق اليتامى في ذلك العصر خاصة على يد الأقرباء استدعى التحذير من هذه العقبة بالذات.

وذهب «أبو الفتوح الرازي» إلى أنّ «المقربة» ليست من القرابة ، بل من «القرب» إشارة إلى التصاق بطون الجياع من شدّة الجوع (١). ونستبعد كثيرا هذا المعنى في تفسير الآية.

٥ ـ «المتربة» مصدر ميمي من «ترب» ، وساكن التراب من شدّة فقره هو ذو المتربة ، والتأكيد على هذا النمط من المساكين لأولويتهم أيضا ، إذ إطعام أي مسكين عمل مستحسن.

وروي أنّ الإمام علي بن موسى الرضا عليه‌السلام إذا أكل أتى بصحفة فتوضع قرب مائدته ، فيعمد إلى أطيب الطعام ممّا يؤتى به فيأخذ من كلّ شيء شيئا فيضع في تلك الصفحة ثمّ يأمر بها للمساكين ، ثمّ يتلو هذه الآية : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ)

ثمّ يقول : «علم الله عزوجل أنّه ليس كلّ إنسان يقدر على عتق رقبة فجعل لهم السبيل إلى الجنّة» (٢).

م ثمّ تواصل الآية التالية بيان طبيعة هذه العقبة ، وسبل اجتيازها فتقول : (ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ).

فالقادرون على اجتياز هذه العقبة متحلون بالإيمان ومتواصون بالصبر والاستقامة على الطريق ، ومتواصون بالرحمة والعطف.

وبهذا السياق القرآني لبيان طبيعة العقبة نفهم أن القادرين على اجتيازها هم المتحلون بالإيمان والخلق الكريم كالتواصي بالصبر والرحمة ، وذوو أعمال البّر والإحسان كتحرير العبيد وإطعام الأيتام والمساكين ، إنّهم بعبارة أولئك الذين يلجون ميادين الإيمان والأخلاق والعمل ويخرجون منها ظافرين منتصرين.

__________________

(١) تفسير أبي الفتوح الرازي ، ج ١٢ ، ص ٩٦.

(٢) تفسير الميزان ، ج ٢٠ ، ص ٢٩٥ ، نقلا عن الكافي.

٢٢٤

العطف بالحرف «ثمّ» لا يعني دائما التأخير الزمني ، أي لا يعني أن عملية الإطعام والإنفاق يجب أن تتقدم على الإيمان ، بل إن هذا الحرف في مثل هذه الموارد ـ كما صرّح بذلك جمع من المفسّرين ـ لبيان علو المرتبة ، إذ من المؤكّد أنّ رتبة الإيمان والتوصية بالصبر والمرحلة أسمى وأعلى من مساعدة المحتاجين ، بل الأعمال الصالحة تنبثق من ذلك الإيمان وتلك الأخلاق ، وكلّ ما يفعله الإنسان تجد جذوره في معتقداته وأخلاقياته.

واحتمل بعضهم أن «ثمّ» تفيد هنا التأخير الزمني ، لأن أعمال الخير قد تكون منطلقا للتوجه نحو الإيمان ، وهي بخاصة ذات تأثير في ترسيخ دعائم الأخلاق ، إذ أن أخلاق الإنسان تبدأ بشكل «فعل» ثمّ تتحول إلى «حالة» ثمّ تتحول إلى «عادة» ثمّ تصبح «ملكة».

والتعبير بكلمة «تواصوا» وتعني تبادل التوصية ، لها دلالة اجتماعية هامّة ، هي إن عملية التواصي بالسير على طريق الحق وبالاستقامة على طاعة الله ومكافحة جموح الأهواء النفسية ، وبالحبّ والرحمة ليست عملية فردية يل يجب أن يتخذ طابعا اجتماعيا عامّا في كلّ المجتمع الإيماني ، وكلّ الأفراد مسئولون أن يوصي بعضهم الآخر بحفظ هذه الأصول. وعن هذا الطريق أيضا تتعمق عرى التلاحم والاجتماعي.

وقال بعضهم إنّ «الصبر» في الآية إشارة إلى توطين النفس على طاعة الله والاهتمام بأوامره ، و «المرحمة» إشارة إلى علاقة الودّ مع النّاس ، ونعلم أن أساس الدين هو تنظيم هذه الرابطة بين العبد وربّه ، وبين الإنسان وأخيه الإنسان.

وفي خاتمة هذه الأوصاف تذكر السّورة مكانة المتحلين بها فتقول : (أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ).

فصحيفة أعمالهم تسلّم إليهم ، في محضر الله سبحانه وتعالى ، بيدهم اليمنى.

ويحتمل أن تكون «الميمنة» من «اليمن» والبركة ، أي إنّ أصحاب هذه

٢٢٥

الصفات ذوو بركة لأنفسهم ولمجتمعهم.

ثمّ تتعرض الآية لتصوير حالة الفاشلين في اجتياز «العقبة» فتقول :

(وَالَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ).

و «المشئمة» من «الشؤم» تقابل «الميمنة» من «اليمن» ، أي إنّ هؤلاء الكافرين مشئومون لا يمن فيهم ولا بركة ، بل هم عامل شقاء لأنفسهم ولمجتمعهم ثمّ إنّ علامة شؤم الفرد يوم القيامة تسلّمه صحيفة أعماله بيده اليسرى ، ومن هنا ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ «المشئمة» هي اليسار مقابل اليمين ، أي إنّ الذين كفروا بآيات الله الذين يتسلمون صحائف أعمالهم بيدهم اليسرى خاصّة وأنّ مادة «شؤم» جاءت في اللغة بمعنى اليسار أيضا (١).

وفي الآية الأخيرة من السّورة إشارة قصيرة ذات دلالة عميقة إلى جزاء هذه الفئة الأخيرة : (عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ).

و «الإيصاد» إحكام الغلق ، وواضح أنّ الإنسان ـ حين يكون في غرفة حارّة الجوّ ـ يتوق إلى فتح أبوابها ، ليهبّ عليه نسيم يلطف الهواء ، فما بالك إذا كان في محرقة جهنّم والأبواب كلها موصدة عليه؟!

اللهم! قنا عذاب جهنّم إنّ عذابها كان غراما ...

اللهم! وفقنا لاجتياز ما يعتري طريقنا من عقبات .. ولا توفيق إلّا بك.

اللهم! اجعلنا من أصحاب الميمنة : واحشرنا مع الصالحين والأبرار.

آمين يا ربّ العالمين

نهاية سورة البلد

* * *

__________________

(١) تفسير أبي الفتوح الرازي ، ج ١٢ ، ص ٩٧ ، ولسان العرب ، مادة شأم.

٢٢٦
٢٢٧

سورة

الشّمس

مكيّة

وعدد آياتها خمس عشرة آية

٢٢٨
٢٢٩

«سورة الشّمس»

محتوى السّورة :

هذه السّورة هي في الواقع سورة تهذيب النفس ، وتطهير القلوب من الأدران ، ومعانيها تدور حول هذا الهدف ، وفي مقدمتها قسم بأحد عشر مظهرا من مظاهر الخليقة وبذات الباري سبحانه ، من أجل التأكيد على أن فلاح الإنسان يتوقف على تزكية نفسه ، والسّورة فيها من القسم ما لم يجتمع في سورة اخرى.

وفي المقطع الأخير من السّورة ذكر لقوم «ثمود» باعتبارهم نموذجا من أقوام طغت وتمردت ، وانحدرت ـ بسبب ترك تزكية نفسها ـ إلى هاوية الشقاء الأبدي ، والعقاب الإلهي الشديد.

وهذه السّورة القصيرة ـ في الواقع ـ تكشف عن مسألة مصيرية هامّة من مسائل البشرية ، وتبيّن نظام القيم في الإسلام بالنسبة إلى أفراد البشر.

فضيلة السّورة :

يكفي في تلاوة هذه السّورة أن نذكر حديثا عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال :

«من قرأها فكأنّما تصدّق بكلّ شيء طلعت عليه الشمس والقمر» (١)

ومن المؤكّد أنّ هذه الفضيلة الكبرى لا ينالها إلّا من استوعب محتواها بكلّ وجوده ، ووضع مهمّة تهذيب النفس نصب عينيه دائما.

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٩٦.

٢٣٠

الآيات

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(وَالشَّمْسِ وَضُحاها (١) وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها (٢) وَالنَّهارِ إِذا جَلاَّها (٣) وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (٤) وَالسَّماءِ وَما بَناها (٥) وَالْأَرْضِ وَما طَحاها (٦) وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها (٧) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها (٨) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (٩) وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (١٠))

التّفسير

أكبر عدد من القسم القرآني تتضمّنه هذه السّورة ، هو في حساب «أحد عشر» ، وفي حساب آخر «سبعة» أقسام ... ويبيّن أن السّورة تتعرض لموضوع خطير هام ... موضوع عظيم كعظمة السماء والأرض والشمس والقمر ... موضوع حياتي مصيري.

لنبدأ أولا بشرح ما جاء في السّورة من قسم ، لنتعرض بعد ذلك إلى الموضوع الآية الاولى تقول : (وَالشَّمْسِ وَضُحاها).

٢٣١

ولقد ذكرنا آنفا أن القسم في القرآن يستهدف مقصدين :

الأوّل : بيان أهمية ما جاء القسم من أجله.

والثّاني : أهمية ما أقسم به القرآن ، لأنّ القسم عادة يكون بالمهم من الأمور من هنا تعمل هذه الأقسام على تحريك الفكر في الإنسان كي يمعن النظر في هذه الموضوعات الهامّة من عالم الخليقة ، وليتخذ منها سبيلا إلى الله سبحانه وتعالى.

«الشمس» ذات دور هام وبنّاء جدّا في الموجودات الحية على ظهر البسيطة فهي إضافة إلى كونها مصدرا للنور والحرارة ـ وهما عاملان أساسيان في حياة الإنسان ـ تعتبر مصدرا لغيرهما من المظاهر الحياتية ، حركة الرياح ، وهطول الأمطار ، ونمو النباتات ، وجريان الأنهر والشلالات ، بل حتى نشوء مصادر الطاقة مثل النفط والفحم الحجري ... كل واحد منها يرتبط ـ بنظرة دقيقة ـ بنور الشمس.

ولو قدر لهذا المصباح الحياتي أن ينطفئ يوما لساد الظلام والسكوت والموت في كل مكان.

«الضحى» في الأصل انتشار نور الشمس ، وهذا ما يحدث حين يرتفع قرص الشمس عن الأفق ويغمر النور كل مكان ، ثمّ يطلق على تلك البرهة من اليوم اسم «الضحى» ، والقسم بالضحى لأهميته ، لأنّه وقت هيمنة نور الشمس على الأرض.

والقسم الثّالث بالقمر : (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها). وهذا التعبير ـ كما ذهب إلى ذلك جمع من المفسّرين ـ إشارة إلى القمر حين يكتمل ويكون بدرا كاملا في ليلة الرابع عشر من كلّ شهر ، ففي هذه الليلة يطل القمر من أفق المشرق متزامنا مع غروب الشمس. فيسطع بجماله النّير ويهيمن على جوّ السماء ، ولجماله وبهائه في هذه الليلة أكثر من أيّة ليلة اخرى جاء القسم به في الآية الكريمة.

واحتمل بعضهم أن يكون في تعبير الآية إشارة إلى تبعية القمر بشكل دائم للشمس ، واكتساب النور من ذلك المصدر المشعّ ، غير أن عبارة (وَالْقَمَرِ إِذا تَلاها) تكون في هذه الحالة قيدا توضيحيا.

٢٣٢

وثمّة احتمالات اخرى ذكرت في تفسير الآية لا تستحق الذكر.

والقسم الرابع بالنهار : (وَالنَّهارِ إِذا جَلَّاها).

و «التجلية» هي الإظهار والإبراز. واختلف المفسّرون في مرجع الضمير في «جلّاها» قال أكثرهم يعود إلى الأرض أو الدنيا ، أي : قسما بالنهار إذا أظهر الأرض بضوئه. وليس في الآيات السابقة إشارة إلى الأرض ، ولكنها تتّضح من قرينة المقام.

وبعضهم قال إن الضمير يعود إلى الشمس ، ويكون القسم بالنهار حين يجلّي الشمس ، صحيح أنّ الشمس تظهر النهار ولكن يمكن أن نقول مجازا إنّ النهار يجلّي الشمس. غير أنّ التّفسير الأوّل أنسب.

على كلّ حال ، القسم بهذه الظاهرة السماوية الهامّة ، يبيّن أهميتها الكبرى في حياة البشر وفي جميع الأحياء ، فالنهار رمز الحركة والحياة ، وكلّ الفعاليات والنشاطات ومساعي الحياة تتمّ عادة في ضوء النهار.

والقسم الخامس بالليل : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشاها) (١).

بالليل بكلّ ما فيه من بركة وعطاء ... إذ هو يخفّف من حرارة شمس النهار ، ثمّ هو مبعث راحة جميع الموجودات الحية واستقرارها ، ولو لا ظلام الليل لما كان هناك هدوء واستقرار ، لأنّ استمرار سطوع الشمس يؤدي إلى ارتفاع في درجة الحرارة وتلف كلّ شيء ، ونفس هذه المشكلة تحدث لو اختل الوضع الحالي لنظام الليل والنهار ، فعلى ظهر القمر ، حيث ليله يعادل أسبوعين من كرتنا الارضية ونهاره يعادل أيضا أسبوعين ، ترتفع درجة الحرارة إلى ما يقارب ثلاثمائة درجة

__________________

(١) وفي ضمير «يغشاها» ذهب المفسّرون إلى اتجاهين ، منهم من قال : إنّه يعود إلى «الأرض» لأنّ الليل يسدل استاره على الأرض. ومنهم من قال إلى «الشمس» إذ الليل يحجب وجه الشمس ، والمعنى هذا مجازي طبعا ، لأنّ الليل لا يحجب الشمس حقيقة ، بل يظهر بعد غروب الشمس. والواقع أنّ الضمير في الآية السابقة إن عاد إلى «الأرض» فهنا يعود إليها أيضا. وإن عاد إلى الشمس يعود إليها هنا أيضا.

٢٣٣

مئوية في وسط النهار ، ومعها لا يبقى موجود حي نعرفه ، على قيد الحياة ، وفي وسط الليل تنخفض درجة الحرارة كثيرا تحت الصفر بحيث يتجمد حتما أي موجود حيّ لو قدّر له أن يكون هناك.

ويلاحظ أن الأفعال المذكورة في الآيات السابقة وردت بصيغة الماضي بينما وردت في هذه الآية بصيغة المضارع ، ولعل هذا الاختلاف يشير إلى أنّ ظهور الليل والنهار من الحوادث التي لا تختص بزمان معين ، بل تشمل الماضي والحاضر. من هنا كانت الأفعال ماضية تارة ومضارعة اخرى لبيان عمومية هذه الحوادث في مجرى الزمان.

وفي القسمين السادس والسابع تحلّق بنا الآية إلى السماوات وخالق السماوات : (وَالسَّماءِ وَما بَناها).

أصل خلقة السماوات بما فيها من عظمة مدهشة من أعظم عجائب الخليقة.

وبناء كلّ هذه الكواكب والأجرام السماوية وما يحكمها من أنظمة أعجوبة اخرى ... وأهم من كلّ ذلك ... خالق هذه السماوات.

ويلاحظ في عبارة «وَما بَناها» أنّ «ما» تستعمل في العربية لغير العاقل ، ولا يصح استعمالها في موضع الحديث عن الباري العليم الحكيم سبحانه. ولذا ذهب بعض إلى أنّها مصدرية لا موصولة ، وبذلك يكون معنى الآية الكريمة : «والسماء وبنائها» غير أنّ الآيات التالية : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) ، لا يدع بما لا للشك أن «ما» موصولة ، وتعود إلى الله سبحانه خالق السماوات ، وورد في مواضع أخرى من القرآن الكريم استعمال «ما» للعاقل ، كقوله سبحانه : (فَانْكِحُوا ما طابَ لَكُمْ مِنَ النِّساءِ).

من المفسّرين من قال إنّ «ما» استعملت هنا لتطرح مسألة المبدأ بشكل مبهم كي يستطيع البشر بالدراسة والنظر أن يتوصلوا إلى علم بالمبدأ سبحانه وحكمته ، ليتبدل بعد ذلك «ما» إلى «من» أي من الشيء المجهول الذي يعبّر عنه ب «ما» إلى

٢٣٤

معلوم ، غير أن التّفسير الأوّل أنسب.

القسم الثامن والتاسع بالأرض وخالق الأرض : (وَالْأَرْضِ وَما طَحاها).

بالأرض التي تحتضن حياة الإنسان وجميع الموجودات الحيّة ... الأرض بجميع عجائبها : بجبالها ، وبحارها ، وسهولها ، ووديانها ، وغاباتها ، وعيونها ، وأنهارها ، ومناجمها ، وذخائرها ... وبكلّ ما فيها من ظواهر يكفي كلّ واحد منها لأن يكون آية من آيات الله ودلالة على عظمته.

وأعظم من الأرض وأسمى منها خالقها الذي «طحاها» و «الطحو» بمعنى البسط والفرش ، وبمعنى الذهاب بالشيء وإبعاده أيضا. وهنا بمعنى «البسط» ، لأنّ الأرض كانت مغمورة بالماء ، ثمّ غاض الماء في منخفضات الأرض ، وبرزت اليابسة ، وانبسطت ، ويعبّر عن ذلك أيضا بدحو الأرض ، هذا أوّلا.

وثانيا : كانت الأرض في البداية على شكل مرتفعات ومنخفضات ومنحدرات شديدة غير قابلة للسكن عليها. فهطلت أمطار مستمرة سوّت بين هذه التعاريج ، وتسطحت الأرض فكانت صالحة لمعيشة الإنسان وللزراعة.

يرى بعض المفسّرين أنّ في الآية إشارة عابرة إلى حركة الأرض ، لأنّ من معاني «الطحو» الدفع الذي يمكن أن يكون إشارة إلى حركة الأرض الانتقالية حول الشمس ، أو إلى حركتها الوضعية حول نفسها ، أو إلى الحركتين معا.

وأخيرا القسم الحادي عشر والقسم الثّاني عشر بالنفس الإنسانية وبارئها : (وَنَفْسٍ وَما سَوَّاها).

قيل إنّ المراد بالنفس هنا روح الإنسان ، وقيل إنّه جسمه وروحه معا.

ولو كان المراد من النفس الروح ، «سواها» تعني إذن نظمها وعدّل قواها ابتداء من الحواس الظاهرة وحتى قوّة الإدراك ، والذاكرة ، والانتقال ، والتخيل ، والابتكار ، والعشق ، والإرادة ، والعزم ونظائرها من الظواهر المندرجة في إطار «علم النفس».

٢٣٥

ولو كان المراد من النفس الروح والجسم معا ، فالتسوية تشمل أيضا ما في البدن من أنظمة وأجهزة يدرسها علم التشريح وعلم الفسلجة.

وفي القرآن الكريم وردت «نفس» بكلا المعنيين ، بمعنى الروح ، كقوله سبحانه في الآية (٤٢) من سورة الزمر : (اللهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها ...) وبمعنى الجسم ، كقوله سبحانه في الآية (٣٣) من سورة القصص : (قالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْساً فَأَخافُ أَنْ يَقْتُلُونِ).

والأنسب هنا أن يكون معنى النفس هنا شاملا للمعنيين لأن قدرة الله سبحانه تتجلى في الإثنين معا.

ويلاحظ أن الآية ذكرت كلمة «نفس» نكرة وفي ذلك إشارة إلى ما في النفس من عظمة تفوق قدرة التصوّر وإلى ما يحيطها من إبهام ، يجعلها موجودا مجهولا.

وهذا ما حدا ببعض العلماء المعاصرين أن يتحدث عن الإنسان في كتابه تحت عنوان : «الإنسان ذلك المجهول».

الآية التالية تتناول أهم ظاهرة في الخليقة وتقول : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها).

نعم ، حين اكتملت خلقة الإنسان وتحقق وجوده ، علّمه الله سبحانه الواجبات والمحظورات. وبذلك أصبح كائنا مزيجا في خلقته من «الحمأ المسنون» و «نفخة من روح الله» ، ومزيجا في تعليمه من «الفجور» و «التقوى». أصبح بالتالي كائنا يستطيع أن يتسلق سلّم الكمال الإنساني ليفوق الملائكة ، ومن الممكن أن ينحط لينحدر عن مستوى الأنعام ويبلغ مرحلة (بَلْ هُمْ أَضَلُ). وهذا يرتبط بالمسير الذي يختاره الإنسان عن إرادة.

«ألهمها» من الإلهام ، وهو في الأصل بمعنى البلع والشرب ، ثمّ استعمل في إلقاء الشيء في روع الإنسان من قبل الله تعالى ، وكأن الإنسان يبتلع ذلك الشيء ويتشرّبه بجميع وجوده.

٢٣٦

وجاء بمعنى «الوحي» أيضا. بعض المفسّرين يرى أن الفرق بين «الإلهام» و «الوحي» ، هو إنّ الفرد الملهم لا يدري من أين أتى بالشيء الذي ألهم به ، وفي حالة الوحي يعلم بالمصدر وبطريقة وصول الشيء إليه.

«الفجور» من مادة «فجر» وتعني ـ كما ذكرنا سابقا ـ الشق الواسع وسمّي بياض الصبح بالفجر لأنّه يشقّ ستار الظلام. ولما كانت الذنوب تهتك ستار الدين فإنّها سمّيت بالفجور.

المقصود بالفجور في الآية طبعا الأسباب والعوامل والطرق المؤدية إلى الذنوب.

و «التقوى» من الوقاية وهي الحفظ ، وتعني أنّ يصون الإنسان نفسه من القبائح والآثام والسيئات والذنوب.

ويلزم التأكيد أنّ الآية الكريمة : (فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَتَقْواها) لا تعني أنّ الله سبحانه قد أودع عوامل الفجور والتقوى في نفس الإنسان ، كما تصوّر بعضهم ، واستنتج من ذلك دلالة الآية الكريمة على وجود التضاد في المحتوى الداخلي للإنسان! بل تعني أنّ الله تعالى علّم الإنسان هاتين الحقيقتين وألهمه إيّاهما ، وبيّن له طريق السلامة وطريق الشرّ ، ومثل هذا المفهوم ورد في الآية (١٠) من سورة البلد : (وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ).

بعبارة اخرى ، إنّ الله سبحانه قد منح الإنسان قدرة التشخيص والعقل ، والضمير اليقظ بحيث يستطيع أن يميّز بين «الفجور» و «التقوى» عن طريق العقل والفطرة ، لذلك ذهب بعض المفسّرين إلى أنّ الآية تشير في الحقيقة إلى مسألة «الحسن والقبح العقليين» وقدرة الإنسان على إدراكهما.

ومن بين النعم الطائلة التي أسبغها الله على الإنسان تركز هذه الآية على نعمة الهام الفجور والتقوى ، وإدراك الحسن والقبح ، لأنها من أهم المسائل المصيرية التي تواجه حياة الإنسان.

٢٣٧

بعد هذه الأقسام المهمّة المتتالية يخلص السياق القرآني إلى النتيجة فيقول : (قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها).

والتزكية تعني النمو ، «والزكاة» في الأصل بمعنى النمو والبركة ، وورد عن علي عليه‌السلام قوله : «المال تنقصه النفقة والعلم يزكو على الإنفاق» (١).

ثمّ استعملت الكلمة بمعنى التطهير ، وقد يعود ذلك إلى أن التطهير من الآثام يؤدي إلى النمو والبركة ، والآية الكريمة تحتمل المعنيين.

نعم ، الفلاح لمن ربّى نفسه ونمّاها ، وطهّرها من التلوّث بالخصائل الشيطانية وبالذنوب والكفر والعصيان.

والمسألة الأساسية في حياة الإنسان هي هذه «التزكية» ، فإن حصلت سعد الإنسان وإلّا شقي وكان من البائسين.

ثمّ يعرج السياق القرآني على المجموعة المخالفة فيقول : (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها).

«خاب» : من الخيبة ، وهي فوت الطلب ، كما يقول الراغب في المفردات والحرمان والخسران.

«دسّاها» من مادة «دس» وهي في الأصل بمعنى إدخال الشيء قسرا ، وجاء في الآية (٥٩) من سورة النحل قوله سبحانه : (أَمْ يَدُسُّهُ فِي التُّرابِ) ، إشارة إلى عادة الجاهليين في وأد البنات ، أي إدخالهن في التراب كرها وقسرا ومنه «الدسيسة» التي تقال للأعمال الخفية والضارة.

وما هي المناسبة بين معنى الدسّ ، وقوله سبحانه : (وَقَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها).

قيل : إنّ هذا التعبير كناية عن الفسق والذنوب ، فأهل التقوى والصلاح يظهرون أنفسهم ، بينما المذنبون يخفونها ، ويذكر أنّ العرب الكرماء جرت عادتهم

__________________

(١) نهج البلاغة ، الكلمات القصار ، الكلمة ١٤٧.

٢٣٨

على نصب خيامهم على المرتفعات ، وإشعال النيران قربها في الليل ، لتكون بادية للمارّة ليل نهار ، بينما أهل البخل واللؤم يقبعون في المنخفضات كي لا يأتيهم أحد.

وقيل : إنّ المقصود اندساس المذنبين بين صفوف الصالحين.

وقيل : إنّ المذنب يدس نفسه أو هويته الإنسانية في المعاصي والذنوب.

وقيل : إنّه يخفي المعاصي والذنوب في نفسه.

والتعبير ـ على كل حال ـ كناية عن التلوث بالذنوب والمعاصي والخصائل الشيطانية ، وبذلك يقع في المنطقة المقابلة للتزكية.

والآية تحتمل في مفهومها الواسع كلّ هذه المعاني.

وبهذا المعيار يتمّ تمييز الفائزين عن الفاشلين في ساحة الحياة. «تزكية النفس وتنميتها بروح التقوى وطاعة الله» أو «تلوثها بأنواع المعاصي والذنوب».

الإمامان الباقر والصادق عليهما‌السلام قالا في تفسير الآية الكريمة : «قد أفلح من أطاع وخاب من عصى» (١).

وعن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال حين تلا الآية : «اللهم آت نفسي تقواها ، أنت وليها ومولاها ، وزكّها أنت خير من زكّاها» (٢).

وهذا الحديث يدل على أن اجتياز تعاريج المسيرة الحياتية والعبور من العقبة لا يتيسّر حتى لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلّا بتوفيق الله تعالى ، أي لا يتيسّر إلّا بعزم العبد وتأييد الباري ، ولذلك ورد في حديث آخر عن الرسول الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في تفسير الآيتين قوله : «أفلحت نفس زكّاها الله وخابت نفس خيبها الله من كلّ خير» (٣).

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ج ١٠ ، ص ٤٩٨.

(٢) المصدر السابق.

(٣) الدر المنثور ، ج ٦ ، ص ٣٥٧.

٢٣٩

ملاحظات

١ ـ ارتباط القسم القرآني بجواب القسم

ما الارتباط بين هذه الأقسام الأحد عشر المتتالية في السّورة ، وبين الحقيقة التي جاءت الأقسام لتأكيدها؟

يظهر أنّ الله سبحانه وتعالى يريد أن يقول لعباده : إنّي وفرت لكم كلّ الوسائل المادية والمعنوية لسعادتكم ، فبنور الشمس والقمر أضأت لكم الحياة وباركتها ونظمت لكم الليل والنهار والحركة والسكون ، ومهدّت الأرض لحياتكم.

ومن جهة اخرى ، خلقت أنفسكم بكلّ الكفاءات اللازمة ، ووهبتكم الضمير اليقظ ، وألهمتكم معرفة حسن الأمور وقبحها ، فلا ينقصكم شيء إذن لطيّ طريق السعادة ، لماذا إذن ـ مع كلّ هذا ـ لا تزكون أنفسكم وتستسلمون للدسائس الشيطانية؟

٢ ـ دور الشمس في عالم الحياة

الحديث عن الشمس ـ وهي مركز المنظومة الشمسية وأميرة كواكبها ـ يدور تارة حول عظمتها وهو ما تطرقنا إليه سابقا ، وتارة اخرى حول بركاتها وآثارها ، وهذا ما سنعرض له بتلخيص في النقاط التالية :

١ ـ حياة البشر وجميع الموجودات الحية الأخرى بحاجة في الدرجة الاولى إلى الحرارة والنور ، والحاجة إلى هذين الأمرين الحياتيين تؤمنها بشكل كامل متعادل هذه الكرة العظيمة المتوهجة.

٢ ـ جميع المواد الغذائية يتمّ إعدادها بوسيلة نور الشمس ، حتى الأحياء في قاع البحار والمحيطات تتغذى على النباتات التي تنمو على سطح المحيطات أو في خضمّ الأمواج مستفيدة من نور الشمس ثمّ تترسب إلى القيعان.

٣ ـ كل الألوان ومظاهر الجمال المشهودة في الطبيعة ترتبط بشكل من

٢٤٠