الأشباه والنظائر في النحو - ج ٢

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

الأشباه والنظائر في النحو - ج ٢

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


المحقق: غريد الشيخ
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٦٤

منها. فإذا قدّم بطل النعت ، وتعيّن النصب على الحال ضرورة. فصار ما كان مرجوحا مختارا ، انتهى.

(فائدة) قال ابن يعيش (١) : الاستثناء من الجنس تخصيص ، ومن غيره استدراك.

قاعدة : لا ينسق على حروف الاستثناء

قال ابن السراج في (الأصول) : لا ينسق على حروف الاستثناء. لا تقول : قام القوم ليس زيدا ولا عمرا ، ولا قام القوم غير زيد ولا عمرو. قال : والنفي في جميع العربية ينسق عليه بلا إلا في الاستثناء.

فائدة ـ إلا والواو التي بمعنى مع نظيرتان : قال ابن إياز : إلا والواو التي بمعنى مع نظيرتان. لأن كل واحدة منهما تعدّي الفعل الذي قبلها إلا الاسم الذي بعدها مع ظهور النصب فيه. ألا ترى أنك لو أسقطت إلا لكان الفعل غير مقتض للاسم؟

فائدة ـ الاستثناء المنقطع شبه بالعطف : قال عبد القاهر : الاستثناء المنقطع مشبّه بالعطف ، ولكن عطف الشيء على ما هو من غير جنسه كقولك : جاءني رجل لا حمار ، فشبّهت إلا بلا لأنّ الاستثناء والنفي متقاربان ، فقيل : ما مررت بأحد إلا حمارا ، كما قيل : مررت برجل لا حمار.

قاعدة : ما بعد إلا لا يعمل فيما قبلها

قال ابن إياز : لا يعمل ما بعد إلا فيما قبلها ، فلا يجوز : ما قومه زيدا إلا ضاربون. لأن تقديم الاسم الواقع بعد إلا عليها غير جائز. فكذا معموله ، لأن من أصولهم أن المعمول يقع حيث يقع العامل إذا كان تابعا ، وفرعا عليه. فإن جاء شيء يوهم خلاف ذلك أضمر له فعل ينصبه من جنس المذكور. وقيل : إنما امتنع ذلك في إلا حملا لها على واو مع ، ولا يتقدم ما بعد الواو عليها. فكذلك إلا.

ضابط : المنفي عند العرب في جمل الاستثناء

قال أبو الحسن الأبّذي في (شرح الجزولية) : المنفيّ عندهم هو :

١ ـ ما دخلت عليه أداة النفي ، نحو : ما قام القوم إلا زيدا.

٢ ـ وما كان خبرا لما دخلت عليه أداة النفي ، نحو : ما أحد يقوم إلا زيدا.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٨١).

٨١

٣ ـ وما كان في موضع المفعول الثاني من باب (ظننت) ، نحو : ما ظننت أحدا يقوم إلا زيدا.

٤ ـ وكذلك ما دخلت عليه أداة الاستفهام ، وأريد بها معنى النفي.

٥ ـ وكذلك ما كان من الأفعال بعد قلّ أو ما يقرب منها ، نحو (١) : قلّ رجل يقول ذاك إلا زيد ، وأقلّ رجل يقول ذاك إلا زيد ، وقلما يقوم إلا عمرو ، لأن العرب تستعمل قلّ بمعنى النفي.

فإذا قلت قلّ رجل يقول ذاك إلا زيد ، وأقلّ رجل يقول ذاك إلا زيد فالمبدل فيهما محمول على المعنى دون اللفظ ، لأن المعنى : ما رجل يقول ذاك إلا زيد. ولا يجوز أن يكون إلا زيد بدلا من أقل المرفوع ، لأنه لا يحلّ محلّه ، لأنه (إلا) لا يبتدأ بها ، ولا من الضمير ، لأنه لا يقال ، يقول إلا زيد ، وكذلك لا يكون بدلا من رجل في (قلّ) لأنه لا يقال : قلّ إلا زيد ، ولأن (قلّ) لا تعمل إلا في نكرة ، ولا يقع بعدها إلا زيد ، ولا من الضمير ، لأن الفعل في موضع الصفة ، ولا تنتفي الصفة. وأيضا فلا يقال : يقول ذاك إلا زيد ، ولا يجوز أقلّ رجل يقول ذاك إلا زيد بالخفض لأن أقلّ لا يدخل على المعارف ، فهي كربّ. وإنما هو بدل من رجل على الموضع ، لأنه في معنى : ما رجل يقول ذاك إلا زيد.

قاعدة : لا يجوز أن يستثنى بإلا اسمين

قال الأبّذيّ : ومن أصل هذا الباب أنه لا يجوز أن يستثنى بإلا اسمان ، كما لا يعطف بلا اسمان ، ولا تعمل واو المفعول معه في اسمين. فإذا قلت : أعطيت الناس المال إلا عمرا الدينار ، لم يجز. وكذلك النفي ، لا يجوز : ما أعطيت الناس المال إلا عمرا الدينار ، إذا أردت الاستثناء ، وإن أردت البدل جاز في النفي إبدال الاسمين ، وصار المعنى إلا عمرا الدينار.

ومن هنا منع الفارسي أن يقال : ما ضرب القوم إلا بعضهم بعضا ، لأنه لم يتقدم اسمان فتبدل منهما اسمين. وتصحيح المسألة عنده : ما ضرب القوم أحدا إلا بعضهم بعضا ، وتصحيحها عند الأخفش أن يقدّم بعضهم ، وأجاز غيرهما المسألة من غير تغيير اللفظ ، على أن يكون البعض المتأخّر منصوبا بضرب انتصاب المفعول به ، لا بدل ولا مستثنى ، وإنما هو بمنزلة : ما ضرب بعضا إلا بعض القوم.

__________________

(١) انظر الكتاب (٢ / ٣٢٦).

٨٢

باب الحال

تقسيم

الحال تنقسم باعتبارات :

آ ـ فتنقسم باعتبار انتقال معناها ولزومه إلى قسمين : منتقلة وهو الغالب. وملازمة ، وذلك واجب في ثلاث : الجامدة غير المؤوّلة بالمشتق ، نحو : هذا مالك ذهبا ، والمؤكّدة ، نحو : (وَلَّى مُدْبِراً) [النمل : ١٠] والتي دلّ عاملها على تجدد صاحبها ، نحو : (وَخُلِقَ الْإِنْسانُ ضَعِيفاً) [النساء : ٢٨].

ب ـ وتنقسم بحسب قصدها لذاتها وللتوطئة بها إلى قسمين : مقصودة ، وهو الغالب. وموطّئة ، وهي الجامدة الموصوفة ، نحو : (فَتَمَثَّلَ لَها بَشَراً سَوِيًّا) [مريم : ١٧] فإنما ذكر بشرا توطئة لذكر سويا.

ج ـ وتنقسم بحسب الزمان إلى ثلاثة : مقارنة ، وهو الغالب ، ومقدّرة ، وهي المستقبلة ، نحو : (فَادْخُلُوها خالِدِينَ) [الزمر : ٧٣] ومحكيّة وهي الماضية ، نحو : جاء زيد أمس راكبا.

د ـ وتنقسم بحسب التبيين والتوكيد إلى قسمين : مبيّنة ، وهو الغالب ، وتسمّى مؤسّسة أيضا ، ومؤكّدة وهي التي يستفاد معناها بدونها ، وهي ثلاثة :

١ ـ مؤكّدة لعاملها ، نحو : (وَلَّى مُدْبِراً) [النمل : ١٠].

٢ ـ ومؤكّدة لصاحبها ، نحو : جاء القوم طرّا.

٣ ـ ومؤكّدة لمضمون الجملة ، نحو : زيد أبوك عطوفا.

ومما يشكل قولهم : جاء زيد والشمس طالعة (١). فإن الجملة الاسمية حال مع أنها لا تنحلّ إلى مفرد يبيّن هيئة فاعل ولا مفعول ، ولا هي مؤكّدة ، فقال ابن جنّي تأويلها : جاء زيد طالعة الشمس عند مجيئه ، يعني : فهي كالحال والنعت السببيّين ، كمررت بالدار قائما سكانها ، وبرجل قائم غلمانه. وقال ابن عمرون : هي مؤوّلة بمنكّر ، أو نحوه.

قاعدة : ما يجوز أن يأتي حالا يجيء صفة للنكرة

قال ابن يعيش (٢) : كلّ ما جاز أن يكون حالا يجوز أن يكون صفة للنكرة ،

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٥٥٨).

(٢) انظر شرح المفصّل (٢ / ٦٧).

٨٣

وليس كلّ ما يجوز أن يكون صفة للنكرة يجوز أن يكون حالا. ألا ترى أن الفعل المستقبل يكون صفة للنكرة؟ نحو : هذا رجل سيكتب. ولا يجوز أن يقع حالا ...

ضابط : ما يعمل في الحال

جميع العوامل اللفظية تعمل في الحال إلا (كان) وأخواتها ، وعسى على الأصحّ فيهما.

قاعدة : الحال شبيهة بالظرف

الحال شبيهة بالظرف ، قال ابن كيسان : ولذا أغنت عن الخبر في : ضربي زيدا قائما.

باب التمييز

قال ابن الطراوة : الإبهام الذي يفسره التمييز إما في الجنس ، نحو : عشرون رجلا. أو البعض ، نحو : أحسن الناس وجها. أو الحال ، نحو : أحسنهم أدبا. أو السبب ، نحو : أحسنهم عبدا.

قال ابن هشام في (تذكرته) : فهو كالبدل في أقسامه الثلاثة : والقسمان الأخيران نظيرهما بدل الاشتمال ، ويوضّح الأول أن الإفراد في موضع الجمع ، فرجل في موضع رجال ، فالعشرون نفس الرجال.

ضابط : المواضع التي يأتي فيها التمييز المنتصب عن تمام الكلام

قال ابن الصائغ في (تذكرته) : التمييز المنتصب عن تمام الكلام يجوز أن يأتي بعد كل كلام منطو على شيء مبهم إلا في موضعين :

أحدهما : أن يؤدّي إلى تدافع الكلام ، نحو : ضرب زيد رجلا إذا جعلت رجلا تمييزا لما انطوى عليه الكلام المتقدم من إبهام الفاعل ، وذلك أن الكلام مبنيّ على حذف الفاعل فذكره تفسيرا آخره متدافع لأن ما حذف لا يذكر. وقد ذهب إلى إجازته بعض النحويين ، وقد يتخرّج عليه قول الراجز :

٢٩٦ ـ يبسط للأضياف وجها رحبا

بسط ذراعين لعظم كلبا

__________________

٢٩٦ ـ الرجز بلا نسبة في لسان العرب (صفح) و (قنن) ، وكتاب العين (٥ / ٢٧) ، والمخصّص (٩ / ١٧٥) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٨٩٠) ، ومغني اللبيب (٢ / ٥٢٨) ، وتاج العروس (صفح) و (قنن).

٨٤

فيكون قد نوي بالمصدر بناؤه للمفعول ، والتقدير : بسطا مثلما بسط ذراعان. ويحتمل هذا البيت غير هذا ، وهو أن يكون من باب القلب ، وهو كثير في كلامهم.

والموضع الثاني : أن يؤدّي إلى إخراج اللفظ عن أصل وضعه ، نحو قولك : ادّهنت زيتا ، لا يجوز انتصاب زيت على التمييز ، إذ الأصل ادّهنت بزيت. فلو نصب على التمييز لأدّى إلى حذف حرف الجرّ ، والتزام التنكير في الاسم ، ونصبه ، بعد أن لم يكن كذلك ، وكلّ ذلك إخراج للفظ عن أصل وضعه. ويوقف فيما ورد من ذلك على السماع ، والذي ورد منه قولهم : امتلأ الإناء ماء ، وتفقّأ زيد شحما (١). والدليل على أن ذلك نصب على التمييز التزام التنكير ، ووجوب التأخير بإجماع ، انتهى.

باب حروف الجر

تقسيم

قال ابن الخبّاز : حروف الجر ثلاثة أقسام :

قسم يلزم الحرفيّة وهو : من ، وفي ، وإلى ، وحتى ، وربّ ، واللام ، والواو ، والتاء ، والباء.

وقسم يكون اسما وحرفا وهو : على ، وعن ، والكاف ، ومذ ، ومنذ.

وقسم يكون فعلا وحرفا وهو : حاشا ، وعدا ، وخلا.

قال : ولو لا ، وكي من القسم الأول. ومع من القسم الثاني. وحكي عن أبي الحسن أنه قال : بله إذا جرت حرف جر ، انتهى.

وقال ابن عصفور في (شرح الجمل) : حروف الجر تنقسم أربعة أقسام :

١ ـ قسم لا يستعمل إلا حرفا.

٢ ـ وقسم يستعمل حرفا واسما وهو : مذ ، ومنذ ، وعن ، وكاف التشبيه.

٣ ـ وقسم يستعمل حرفا وفعلا ، وهو : حاشا ، وخلا.

٤ ـ وقسم يستعمل حرفا واسما وفعلا ، وهو : على.

قاعدة : الأصل في الجر

الأصل في الجرّ حرف الجرّ ، لأن المضاف مردود في التأويل إليه. ذكره ابن الخباز في شرح الدرة.

__________________

(١) انظر الكتاب (١ / ٢٦٦).

٨٥

ضابط : تقسيم حروف الجر بالنسبة إلى عملها

قال ابن هشام في (التعليقة) : حروف الجرّ عشرون حرفا :

أ ـ ثلاثة لا تجرّ إلا في الاستثناء ، وهي : حاشا ، وخلا ، وعدا.

ب ـ وثلاثة لا تجرّ إلا شذوذا ، وهي : لعلّ ، وكي ، ومتى.

ج ـ وسبعة تجرّ الظاهر والمضمر ، وهي : من ، وإلى ، وعن ، وعلى ، وفي ، والباء ، واللام. والسبعة الباقية لا تجرّ إلا الظاهر ، وهي تنقسم إلى أربعة أقسام :

١ ـ قسم لا يجرّ إلا الزمان وهو : مذ ومنذ.

٢ ـ وقسم لا يجرّ إلا النكرات ، وهو : رب.

٣ ـ وقسم لا يجرّ إلا لفظي الجلالة وربّ وهو التاء.

٤ ـ وقسم يجرّ كل ظاهر وهو الباقي.

(فائدة) الجرّ من عبارات البصريّين ، والخفض من عبارات الكوفيّين. ذكره ابن الخباز وغيره.

(فائدة) قال ابن الدهان في (الغرّة) : (من) أقوى حروف الجرّ ، ولهذا المعنى اختصت بالدخول على (عند).

قاعدة : الأصل في حروف القسم

قال : أصل حروف القسم الباء ، ولذلك خصّت بجواز ذكر الفعل معها ، نحو : أقسم بالله لتفعلنّ ، ودخولها على الضمير ، نحو : بك لأفعلنّ ، واستعمالها في القسم الاستعطافي في ، نحو : بالله هل قام زيد.

فائدة ـ تعلق حروف الجر بالفعل : قال ابن فلاح في (المغني) : تعلّق حروف الجرّ بالفعل يأتي لسبعة معان :

١ ـ تعلّق المفعول به.

٢ ـ وتعلّق المفعول له : كجئتك للسمن واللبن.

٣ ـ وتعلّق الظرف كأقمت بمكّة.

٤ ـ وتعلّق الحال : كخرج بعشيرته.

٥ ـ وتعلّق المفعول معه ، نحو : ما زلت بزيد حتى ذهب.

٦ ـ وتعلّق التشبيه بالمفعول به ، نحو : قام القوم حاشا زيد ، وخلا زيد لأنها نائبة عن إلا ، والاسم بعدها ينتصب على التشبيه بالمفعول به. فكذا المجرور بعد هذه على التشبيه بالمفعول به.

٧ ـ وتعلق التمييز ، نحو : [السريع]

٨٦

٢٩٧ ـ يا سيّدا ما أنت من سيّد

[موطّأ البيت رحيب الذّراع]

فائدة ـ القول في ربما : في (تذكرة) ابن الصائغ قال : نقلت من مجموع بخطّ ابن الرمّاح : ربّما على ثلاثة أوجه :

١ ـ أحدها أن (ما) كافّة. كما قال : [الطويل]

٢٩٨ ـ فإن يمس مهجور الفناء فربّما

أقام به بعد الوفود وفود

٢ ـ وغير كافّة : [السريع]

٢٩٩ ـ ماويّ يا ربّتما غارة

شعواء كاللّذعة بالميسم

٣ ـ ونكرة موصوفة : [الخفيف]

٣٠٠ ـ ربما تكره النفوس من الأم

ر [له فرحة كحلّ العقال]

ويحتمل الثلاثة قوله : [الطويل]

لقد رزئت كعب بن عوف وربّما

فتى لم يكن يرضى بشيء يضيمها

فتى مرفوع بما يفسّره يضيمها ، لأن ربما صارت مختصة بالفعل كإذا وإن ، تقديره : لم يرض فتى لم يكن يرضى ، أو لم يكن فتى يرضى ، أو مفعول بإضمار فعل تقديره : وربما رزئت فتى لم يكن يرضى ، أو مفعول برزئت المذكور. وفي هذه

__________________

٢٩٧ ـ الشاهد للسفاح بن بكير في خزانة الأدب (٦ / ٩٥) ، وشرح اختيارات المفضّل (١٣٦٣) ، وشرح التصريح (١ / ٣٩٩) ، وشرح شواهد الإيضاح (١٩٥) ، وبلا نسبة في الخزانة (٢ / ٣٠٨) ، وشرح شذور الذهب (٣٣٦) ، وشرح قطر الندى (٣٢٠) ، والدرر اللوامع رقم (٦٧٣).

٢٩٨ ـ الشاهد لمعن بن زائدة في أمالي المرتضى (١ / ٢٢٣) ، ولأبي عطاء السندي في خزانة الأدب (٩ / ٥٣٩) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (ص ٨٠٠) ، والشعر والشعراء (٢ / ٧٧٣) ، ولسان العرب (عهد) ، وجواهر الأدب (ص ٣٦٦).

٢٩٩ ـ الشاهد لضمرة بن ضمرة في الأزهيّة (ص ٢٦٢) ، وخزانة الأدب (٩ / ٣٨٤) ، والدرر (٤ / ٢٠٨) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٣٣٠) ، ونوادر أبي زيد (ص ٥٥) ، وبلا نسبة في الأشباه والنظائر (٣ / ١٨٦) ، والإنصاف (١ / ١٠٥) ، وخزانة الأدب (٩ / ٥٣٩) ، وشرح ابن عقيل (ص ٣٧١) ، وشرح المفصّل (٨ / ٣١) ، ولسان العرب (ربب) و (هيه) و (شعا) ، وهمع الهوامع (٢ / ٣٨).

٣٠٠ ـ الشاهد لأمية بن أبي الصلت في ديوانه (ص ٥٠) ، والأزهيّة (ص ٨٢) ، وحماسة البحتري (ص ٢٢٣) ، وخزانة الأدب (٦ / ١٠٨) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٣) ، والكتاب (٢ / ١٠٥) ، ولسان العرب (فرج) ، وله أو لحنيف بن عمير أو لنهار ابن أخت مسيلمة الكذاب في شرح شواهد المغني (٢ / ٧٠٧) ، والمقاصد النحوية (١ / ٤٨٤) ، وبلا نسبة في إنباه الرواة (٤ / ١٣٤) ، وأساس البلاغة (فرج) ، وأمالي المرتضى (١ / ٤٨٦) ، والبيان والتبيين (٣ / ٢٦٠) ، وجمهرة اللغة (ص ٤٦٣) ، وجواهر الأدب (ص ٣٦٩) ، وشرح الأشموني (١ / ٧٠) ، وشرح المفصّل (٤ / ٣٥٢).

٨٧

الأوجه كافة. أو تجعل زائدة ، وفتى محله جرّ ، أو نكرة موصوفة ، أي : ربّ شيء فتى لم يكن يرضى.

باب الإضافة

قاعدة

قال في (البسيط) : ما لا يمكّن تنكيره من المعارف كالمضمرات ، وأسماء الإشارة ، لا تجوز إضافته لملازمة القرينة الدالة على تعريفه وضعا.

وأما الأعلام فالقياس عدم إضافتها ، وعدم دخول اللام عليها لاستغنائها بالتعريف الوضعيّ عن التعريف بالقرينة الزائدة. والاشتراك الاتفاقيّ فيها لا يلحقها باشتراك النكرات الذي هو مقصود المواضع ، وليس الاشتراك في الأعلام مقصودا للواضع ، فإن النكرات تشترك في حقيقة واحدة ، والأعلام تشترك في اللفظ دون الحقيقة. وكلّ حقيقة تتميّز بوضع غير الوضع للحقيقة الأخرى ، بخلاف وضع اللفظ على النكرات. ولذلك كان (الزيدان) يدل على الاشتراك في الاسم دون الحقيقة ، (والرجلان) يدل على الاشتراك في الاسم والحقيقة ، وقد جاء إدخال اللام عليها وإضافتها إلحاقا للاشتراك الاتفاقيّ بالاشتراك الوضعيّ ، وكأنه تخيّل في تنكيرها اشتراكها في مسمّى هذا اللفظ.

فإذا اتفق جماعة ، اسم كلّ واحد منهم (زيد) فكلّ واحد منهم فرد من أفراد من يسمى بزيد ، فلهذا القدر من التنكير صحّ تعريفه باللام وإضافته في قوله : [الرجز]

٣٠١ ـ باعد أمّ العمرو من أسيرها

[حرّاس أبواب على قصورها]

وقوله : [الطويل]

٣٠٢ ـ علا زيدنا يوم النّقا رأس زيدكم

[بأبيض ماضي الشفرتين يمان]

__________________

٣٠١ ـ الرجز لأبي النجم في شرح المفصل (١ / ٤٤) ، والمخصّص (١٣ / ٢١٥) ، وبلا نسبة في الإنصاف (١ / ٣١٧) ، والجنى الداني (ص ١٩٨) ، والدرر (١ / ٢٤٧) ، ورصف المباني (ص ٧٧) ، وسرّ صناعة الإعراب (١ / ٣٦٦) ، وشرح شواهد المغني (١ / ١٧) ، وشرح شواهد الشافية (ص ٥٠٦) ، وشرح المفصّل (١ / ١٣٢) ، ولسان العرب (وبر) ، ومغني اللبيب (١ / ٥٢) ، والمقتضب (٤ / ٤٩) ، والمنصف (٣ / ١٣٤) ، وهمع الهوامع (١ / ٨٠).

٣٠٢ ـ الشاهد لرجل من طيّئ في شرح شواهد المغني (١ / ١٦٥) ، والمقاصد النحويّة (٣ / ٢٧١) ، وبلا نسبة في جواهر الأدب (٣١٥) ، وخزانة الأدب (٢ / ٢٢٤) ، وسرّ صناعة الإعراب (٢ / ٤٥٢) ، وشرح الأشموني (١ / ١٨٦) ، وشرح التصريح (١ / ١٥٣) ، وشرح المفصّل (١ / ٤٤) ، ولسان العرب (زيد) ، ومغني اللبيب (١ / ٥٢).

٨٨

واجتمع اللام والإضافة في قوله : [الطويل]

٣٠٣ ـ وقد كان منهم حاجب وابن مامة

أبو جندل والزّيد زيد المعارك

قال : والإضافة في الأعلام أكثر من تعريف اللام ، وإنما كثرت ، ولم يكن استقباحها كاستقباح دخول اللام لوجهين :

أحدهما : التأنيس بكثرة الأعلام المسماة بالمضاف والمضاف إليه ، كعبد الله وعبد الرحمن ، والكنى. فلم تكن الإضافة والعلم متنافيين.

والثاني : أنه قد عهد من الإضافة عدم التعريف بها في المنفصلة ، فلم تستنكر كاستنكار دخول اللام التي لا يكون ما تدخل عليه نكرة ، وإن وجد ك : [الوافر]

٣٠٤ ـ فأرسلها العراك [ولم يذدها

ولم يشفق على نغص الدّخال]

وادخلوا الأول فالأول. فهو قليل بالنسبة إلى الإضافة اللفظية التي لا تفيد التعريف.

قاعدة : إضافة العلم

قال ابن يعيش (٣) : إذا أضفت العلم سلبته تعريف العلمية ، وكسوته بعد تعريفا إضافيا ، وجرى مجرى أخيك وغلامك في تعريفهما بالإضافة ، كقوله (٤) : [الطويل]

علا زيدنا يوم النقا رأس زيدكم

قال : وإذا أضيف العلم إلى اللقب صار كالاسم الواحد وسلب ما فيه من تعريف العلمية ، كما إذا أضيف إلى غير اللقب ، وصار التعريف بالإضافة.

قاعدة : إضافة الأسماء إلى الأفعال

قال ابن السرّاج في (الأصول) : الأصل والقياس ألا يضاف اسم إلى فعل ، ولا

__________________

٣٠٣ ـ الشاهد للأخطل في ديوانه (ص ٢٧٥) ، وشرح المفصّل (١ / ٤٤).

٣٠٤ ـ الشاهد للبيد في ديوانه (ص ٨٦) ، وأساس البلاغة (نغص) ، والكتاب (١ / ٤٤٠) ، وخزانة الأدب (٢ / ١٩٢) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٢٠) ، وشرح التصريح (١ / ٣٧٣) ، وشرح المفصّل (٢ / ٦٢) ، ولسان العرب (نفص) و (عرك) ، والمعاني الكبير (ص ٤٤٦) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٢١٩) ، وبلا نسبة في الإنصاف (٢ / ٨٢٢) ، وجواهر الأدب (ص ٣١٨) ، ولسان العرب (ملك) ، والمقتضب (٣ / ٢٣٧).

(١) انظر شرح المفصل (١ / ٤٤).

(٢) مرّ الشاهد رقم (٣٠٢).

٨٩

فعل إلى اسم ، ولكنّ العرب اتسعت في بعض ذلك ، فخصت أسماء الزمان بالإضافة إلى الأفعال ، لأن الزمان مضارع للفعل ، لأن الفعل له بني ، وصارت إضافة الزمان إليه كإضافته إلى مصدره لما فيه من الدلالة عليهما.

ضابط : أقسام الأسماء في الإضافة

الأسماء في الإضافة أقسام :

الأول : ما يلزم الإضافة ، فلا يكاد يستعمل مفردا وذلك ظروف وغير ظروف :

أ ـ فمن الظروف الجهات الستّ. وهي : فوق ، وتحت ، وأمام ، وقدّام ، وخلف ، ووراء ، وتلقاء ، وتجاه ، وحذاء ، وحذة ، وعند ، ولدن ، ولدى ، وبين ، ووسط ، وسوى ، ومع ، ودون ، وإذ ، وإذا ، وحيث.

ب ـ ومن غير الظروف : مثل ، وشبه ، وغير ، وبيد ، وقيد ، وقدا ، وقاب ، وقيس ، وأيّ ، وبعض ، وكلّ ، وكلا ، وكلتا ، وذو ، ومؤنّثه ، ومثنّاه ومجموعه ، وأولو ، وأولات ، وقطّ ، وحسب ، ذكر ذلك كلّه في (المفصل) (١).

الثاني : ما لا يضاف أصلا : كمذ ، ومنذ ، إذا وليهما مرفوع أو فعل. والمضمرات وأسماء الإشارة ، والموصولات سوى أيّ ، وأسماء الأفعال ، وكم ، وكأيّن.

الثالث : ما يضاف ويفرد : وهو غالب الأسماء.

قاعدة : تصح الإضافة لأدنى ملابسة

الإضافة تصح بأدنى ملابسة نحو قولك لقيته في طريقي ، أضفت الطريق إليك بمجرّد مرورك فيه ، ومثله قول أحد حاملي الخشبة خذ طرفك ، أضاف الطرف إليه بملابسته إياه في حال الحمل ، وقول الشاعر : [الطويل]

٣٠٥ ـ إذا كوكب الخرقاء لاح بسحرة

سهيل أذاعت غزلها في القرائب

أضاف الكوكب إليها لجدّها في عملها عند طلوعه. ذكر ذلك في (المفصّل) (٣) وشروحه.

ضابط : ما يضاف إلى الجملة من ظروف المكان

قال ابن النحاس في (التعليقة) : ليس في ظروف المكان ما يضاف إلى الجملة

__________________

(١) انظر المفصّل (ص ٨٦) ، وشرح المفصّل (٢ / ١٢٦).

٣٠٥ ـ الشاهد بلا نسبة في خزانة الأدب (٣ / ١١٢) ، وشرح المفصّل (٢ / ٨) ، ولسان العرب (غرب) ، والمحتسب (٢ / ٢٢٨) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٣٥٩) ، والمقرّب (١ / ٢١٣).

(٢) انظر المفصّل (ص ٩٠).

٩٠

غير حيث ، لمّا أبهمت لوقوعها على كلّ جهة احتاجت في زوال إبهامها إلى إضافتها لجملة كإذ ، وإذا في الزمان.

ضابط : ما يكتسبه الاسم بالإضافة

قال ابن هشام في (المغني) (١) : الأمور التي يكتسبها الاسم بالإضافة عشرة :

أحدها : التعريف : كغلام زيد.

الثاني : التخصيص : كغلام رجل.

الثالث : التخفيف : كضارب زيد.

الرابع : إزالة القبح أو التجوز : كمررت بالرجل الحسن الوجه ، فإنّ الوجه إن رفع قبح الكلام ، لخلوّ الصفة لفظا عن ضمير الموصوف ، وإن نصب حصل التجوّز ، بإجرائك الوصف القاصر مجرى المتعدّي.

الخامس : تذكير المؤنّث : نحو : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ) [الأعراف : ٥٦].

السادس : تأنيث المذكّر : نحو : قطعت بعض أصابعه (٢).

السابع : الظرفية نحو : (تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ) [إبراهيم : ٢٥].

الثامن : المصدريّة : نحو : (أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) [الشعراء : ٢٢٧].

التاسع : وجوب الصدر : نحو : غلام من عندك ، وصبيحة أيّ يوم سفرك.

العاشر : البناء في المبهم : نحو : غير ، ومثل ، ودون ، والزمن المبهم المضاف إلى إذ أو فعل مبنيّ.

وهذا الفصل أخذه ابن هشام من كتاب (نظم الفرائد وحصر الشرائد) ، وقال المهلّبي في نظم ذلك : [الوافر]

خصال في الإضافة يكتسيها ال

مضاف من المضاف إليه عشر

بناء ، ثم تذكير ، وظرف

ومعنى الجنس ، والتأنيث ، تعرو

وتعريف ، وتنكير ، وشرط

والاستفهام ، والحدث المقرّ

وذكر في الشرح أنه أراد بالاستفهام مسألة (غلام من عندك؟). وبالحدث المصدرية. وبالجنس قولك : أيّ رجل يأتيني فله درهم. وبالشرط غلام من تضرب أضرب. وبالتنكير قولك : هذا زيد رجل ، وهذا زيد الفقيه لا زيد الأمير ، لأنك لم تضفه حتى سلبته التعريف في النية للاشتراك العارض في التسمية.

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٥٦٤).

(٢) انظر الخصائص (٢ / ٤١٥).

٩١

وهذه الثلاثة لم يذكرها ابن هشام ، وذكر بدلها : التخصيص ، والتخفيف وإزالة القبح والتجوّز.

ولم يذكر المهلبيّ هذه الثلاثة. ومسألة اكتساب التنكير من الإضافة في غاية الحسن ، وهي سلب تعريف العلميّة. وقد تقدّم تحقيق ذلك في أول الباب. وقلت أنا : [الوافر]

ويكتسب المضاف فخذ أمورا

أحلّتها الإضافة فوق عشر

فتعريف ، وتخصيص ، بناء

وتخفيف كضارب عبد عمرو

وترك القبح والتجويز شرط

والاستفهام فانتسبا لصدر

وتذكير ، وتأنيث ، وظرف

وسلب للمعارف شبه نكر

ومعنى الجنس والحدث المعزّى

فخذ نظما يحاكي عقد درّ

وقال ابن هشام في (تذكرته) : في اكتساب التأنيث قد بسط الناس هذا ، فقالوا : إنه منحصر في أربعة أقسام :

قسم : المضاف بعض المؤنّث وهو مؤنث في المعنى ، وتلفظ بالثاني وأنت تريده ، نحو : قطعت بعض أصابعه. و: [الوافر]

٣٠٦ ـ إذا بعض السّنين تعرّقتنا

[كفى الأيتام فقد أبي اليتيم]

وتلتقطه بعض السيّارة [يوسف : ١٠].

وقسم : هو بعض المؤنث ، وتلفظه بالثاني وأنت تريده ، إلا أنه ليس مؤنثا ، وذلك نحو (٢) : [الطويل]

[وتشرق بالقول الذي قد أذعته]

شرقت صدر القناة [من الدم]

وقلنا : إنه غير مؤنّث ، لأن صدر القناة ليس قناة ، بخلاف بعض الأصابع ، فإنه يكون أصابع.

وقسم : تلفظ بالثاني وأنت تريده إلا أنه لا بعض ولا مؤنث. نحو : اجتمعت أهل اليمامة (٣).

__________________

٣٠٦ ـ الشاهد لجرير في ديوانه (ص ٢١٩) ، وخزانة الأدب (٤ / ٢٢٠) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٥٦) ، والكتاب (١ / ٩٣) ، وبلا نسبة في شرح المفصّل (٥ / ٩٦) ، ولسان العرب (صوت) و (عرق) ، والمقتضب (٤ / ١٩٨).

(١) مرّ الشاهد رقم (١٣٣).

(٢) انظر الخصائص (١ / ٣٠٨).

٩٢

والقسم الرابع : زاده الفارسيّ. وهو أن يكون المضاف (كلّا) للمؤنث. كقوله : [الكامل]

٣٠٧ ـ ولهت عليه كلّ معصفة

هو جاء ليس للبّها زبر

فأنّث كلّا لأنه المعصفات في المعنى.

فائدة : قال بعضهم : [السريع]

ثلاثة تسقط هاءاتها

مضافة عند جميع النحاه

منها إذا قيل : أبو عذرها

وليت شعري ، وإقام الصلاه

باب المصدر

قال ابن هشام في (تذكرته) : المصدر الصريح يقع في موضع الفاعل ، نحو : (ماؤُكُمْ غَوْراً) [الملك : ٣٠] والمفعول ، نحو : (هذا خَلْقُ اللهِ) [لقمان : ١١] ، والمصدر المؤوّل كذلك في موضع الفاعل ، نحو : عسى زيد أن يقوم. والمفعول ، نحو : (ما كانَ هذَا الْقُرْآنُ أَنْ يُفْتَرى) [يوسف : ٣٧].

(فائدة) قال ابن هشام في (تذكرته) : قال الجرجانيّ : أقوى إعمال المصدر منوّنا ، لأنه نكرة كالفعل ، ثم مضافا ، لأنّ إضافته في نيّة الانفصال ، فهو نكرة أيضا ، ودونهما ما فيه (أل).

باب اسم الفاعل

قاعدة

قال ابن السرّاج في (الأصول) : كل ما كان يجمع بغير الواو والنون ، نحو : حسن وحسان ، فإن الأجود فيه أن نقول : مررت برجل حسان قومه ، من قبل أن هذا الجمع المكسّر هو اسم واحد ، صيغ للجمع ، ألا ترى أنه يعرب كإعراب الواحد المفرد.

وما كان يجمع بالواو والنون ، نحو : منطلقين ، فإن الأجود فيه أن تجعله بمنزلة الفعل المقدّم ، فتقول : مررت برجل منطلق قومه.

__________________

٣٠٧ ـ الشاهد لابن أحمر في ديوانه (ص ٨٧) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٢٢) ، والكتاب (٢ / ١٠٩) ، ولسان العرب (هوج) و (زبر).

٩٣

باب التعجّب

قول البصريين في : أحسن بزيد! يلزم منه شذوذ من أوجه :

أحدها : استعمال أفعل للصيرورة قياسا ، وليس بقياس. وإنما قلنا ذلك لأن عندهم أنّ أفعل أصله أفعل بمعنى صار كذا (١).

الثاني : وقوع الظاهر فاعلا لصيغة الأمر بغير لام.

الثالث : جعلهم الأمر بمعنى الخبر.

الرابع : حذف الفاعل في (أَسْمِعْ بِهِمْ وَأَبْصِرْ) [مريم : ٣٨] ، نقلته من تعاليق ابن هشام.

باب أفعل التفضيل

قاعدة : صح فيه ما أفعله صح فيه أفعل به

قال ابن السرّاج في (الأصول) : كلّ ما قلت فيه : ما أفعله قلت فيه أفعل به.

وهذا أفعل من هذا ، وما لم تقل فيه ما أفعله لم تقل فيه هذا أفعل من هذا ، ولا أفعل به.

ضابط : استعمال أفعل التفضيل

قال ابن هشام في (تذكرته) : قولهم إن أفعل التفضيل يستعمل مضافا وبأل وبمن يستثنى من استعماله بأل خير وشرّ. فإني لم أرهما استعملا بأل للتفضيل.

باب أسماء الأفعال

قال ابن هشام في (تذكرته) : اعلم أنّ هاؤما ، وهاؤم ، نادر في العربية ، لا نظير له ، ألا ترى أن غيره من صه ، ومه ، لا يظهر فيه الضمير البتّة ، وهو مع ندوره غير شاذّ في الاستعمال ، ففي التنزيل : (هاؤُمُ اقْرَؤُا كِتابِيَهْ) [الحاقة : ١٩].

باب النعت

ضابط : جملة ما يوصف به

قال في (البسيط) : جملة ما يوصف به ثمانية أشياء :

اسم الفاعل ، واسم المفعول ، والصفة المشبّهة. وهذه الثلاثة هي الأصل في

__________________

(١) انظر أوضح المسالك (٢ / ٢٧٣).

٩٤

الصفات لأنها تدخل في حدّ الصفة ، لأنها تدلّ على ذات باعتبار معنى هو المقصود ، وذلك لأن الغرض من الصفة الفرق بين المشتركين في الاسم. وإنما يحصل الفرق بالمعاني القائمة بالذوات ، والمعاني هي المصادر ، وهذه الثلاثة هي المشتقة من المصادر ، فهي التي توجد المعاني فيها.

والرابع : المنسوب : كمكيّ ، وكوفيّ. وهو في معنى اسم المفعول.

والخامس : الوصف بذي التي بمعنى صاحب.

والسادس : الوصف بالمصدر : كرجل عدل ، وهو سماعيّ.

والسابع : ما ورد من المسموع غيره : كمررت برجل أيّ رجل.

والثامن : الوصف بالجملة.

ضابط : أقسام الأسماء بالنسبة إلى الوصف

قال في (البسيط) : الأسماء في الوصف على أربعة أقسام :

ما يوصف ويوصف به : وهو اسم الإشارة والمعرّف بأل ، والمضاف إلى واحد من المعارف ، إذا كان متّصفا بالحدث.

وما لا يوصف ولا يوصف به : وهو ثواني الكنى ، و (اللهم) عند سيبويه (١) ، وما أوغل من الاسم في شبه الحرف ، كأيّن ، وكم ، وكيف ، والمضمرات. وما أحسن قول الشاعر : [السريع]

٣٠٨ ـ أضمرت في القلب هوى شادن

مشتغل بالنحو لا ينصف

وصفت ما أضمرت يوما له

فقال لي : المضمر لا يوصف

وما يوصف به : وهو الأعلام. وما لا يوصف ويوصف به : وهو الجمل.

وقال ابن عصفور في (شرح الجمل) : الأسماء تنقسم أربعة أقسام :

قسم لا ينعت ولا ينعت به ، وهو اسم الشّرط ، واسم الاستفهام والمضمر وكلّ اسم متوغّل في البناء ، وهو ما ليس بمعرب في الأصل ، ما عدا الأسماء الموصولة وأسماء الإشارة.

وقسم : ينعت به ، ولا ينعت : وهو ما لم يستعمل من الأسماء إلا تابعا ، نحو :

__________________

(١) انظر الكتاب (٢ / ٢٢٥).

٣٠٨ ـ البيتان لعلي بن داود القرشي الأسدي في بغية الوعاة (٢ / ١٦١).

٩٥

بسن ، وليطان ، ونائع ، من قولهم : حسن بسن ، وشيطان ليطان ، وجائع نائع ، وهي محفوظة لا يقاس عليها.

وقسم : ينعت ولا ينعت به : هو العلم ، وما كان من الأسماء ليس بمشتقّ ولا في حكمه ، نحو : ثوب وحائط وما أشبه ذلك.

وقسم : ينعت وينعت به : وهو ما بقي من الأسماء.

وقال ابن هشام في (تذكرته) : المعارف أقسام :

قسم : لا ينعت بشيء : وهو المضمر.

وقسم : ينعت بشيء واحد : هو اسم الإشارة خاصة. ينعت بما في (أل) خاصة.

وقسم : ينعت بشيئين : وهو ما فيه (أل) ، ينعت بما فيه (أل) ، أو بمضاف إلى ما فيه (أل).

وقسم ينعت بثلاثة أشياء : وهو شيئان : أحدهما العلم ينعت بما فيه (أل) وبمضاف ، وبالإشارة. والثاني المضاف : ينعت بمضاف مثله ، وبما فيه أل ، وبالإشارة.

تقسيم : تبعية الصفة لموصوفها في الإعراب

قال في (البسيط) : تبعيّة الصفة لموصوفها في الإعراب ثلاثة أقسام :

ما يتبع الموصوف على لفظه لا غير. وهو كلّ معرب ليس له موضع من الإعراب يخالف لفظه.

وما يتبع الموصوف على محلّه لا غير ، وهو جميع المبنيّات التي أوغلت في شبه الحرف ، كالإشارة ، وأمس ، والمركّب من الأعداد ، وما لا ينصرف في الجرّ.

وما يجوز أن يتبعه على لفظه وعلى محلّه ، وهو أربعة أنواع : اسم لا ، والمنادى ، وما أضيف إليه المصدر ، واسم الفاعل.

باب التوكيد

تأكيد الضمير بضمير

قاعدة : قال ابن النحاس في (التعليقة) : الضمير إذا أكّد بضمير كان الضمير الثاني المؤكّد من ضمائر الرفع لا غير ، سواء كان الضمير الأول المؤكّد مرفوعا أو منصوبا ، أو مجرورا ، نحو : قمت أنا ، ورأيتك أنت ، ومررت به هو.

٩٦

فائدة ـ موطن لا يجوز فيه التوكيد اللفظي : قال ابن هشام في (تذكرته) : لنا موطن لا يجوز فيه التوكيد اللفظيّ ، وذلك قولك : احذر الأسد ، لا يجوز لك في هذا الكلام أن تكرّر الاسم المحذّر منه ، لئلا يجتمع البدل والمبدل منه ، لأنهم جعلوا التكرار نائبا عن الفعل.

فائدة ـ التأكيد اللفظي أوسع من المعنوي : قال الأندلسيّ : التأكيد اللفظي أوسع مجالا من التأكيد المعنوي ، لأنه يدخل في المفردات الثلاث ، وفي الجمل ، ولا يتقيّد بمظهر أو مضمر ، معرفة أو نكرة ، بل يجوز مطلقا إلا أنّ السماع في بعضها أكثر ، فلا يكاد يسمع أو ينقل (أنّ أن زيدا قائم) ، وإنما أكثر ما يأتي في تكرير الاسم أو الجملة.

ضابط : أقسام الاسم بالنسبة إلى التوكيد

قال ابن الدهان في (الغرة) : الاسم ينقسم إلى ثلاثة أقسام :

قسم يوصف ويؤكّد ، وكزيد والرجل.

وقسم يوصف ولا يؤكّد ، كرجل.

وقسم يؤكّد ولا يوصف ، كالمضمر.

قاعدة : اجتماع ألفاظ التوكيد

قال ابن هشام في (تذكرته) : إذا اجتمعت ألفاظ التوكيد بدأت بالنفس ، فالعين ، فكلّ ، فأجمع ، فأكتع ، فأبصع ، فأبتع ، وأنت مخيّر بين أبتع وأبصع. فأيهما شئت قدمته. فإن حذفت النفس أتيت بما بعدها مرتّبا ، أو العين فكذلك ، أو كلّا فكذلك ، أو أجمع لم تأت بأكتع وما بعده ، لأن ذلك تأكيد لأجمع ، فلا يؤتى به دونها ، ذكره ابن عصفور في (شرح الجمل)

باب العطف

أقسام العطف

أقسام العطف ثلاثة :

أحدها : العطف على اللفظ ، وهو الأصل ، نحو : ليس زيد بقائم ولا قاعد ، بالخفض ، وشرطه إمكان توجّه العامل إلى المعطوف. فلا يجوز في نحو : ما جاءني من امرأة ولا زيد إلا الرفع عطفا على الموضع ، لأنّ من الزائدة لا تعمل في المعارف ، وقد يمتنع العطف على اللفظ وعلى المحلّ جميعا ، نحو : ما زيد قائما لكن أو بل

٩٧

قاعد ، لأن في العطف على اللفظ إعمال ما في الموجب ، وفي العطف على المحل اعتبار الابتداء مع زواله بدخول الناسخ ، والصواب الرفع على إضمار مبتدأ.

الثاني : العطف على المحلّ ، نحو : ليس زيد بقائم ولا قاعدا بالنصب ، وله ثلاثة شروط :

أحدها : إمكان ظهور ذلك المحل في الفصيح. فلا يجوز : مررت بزيد وعمرا ، لأنه لا يجوز مررت عمرا.

الثاني : أن يكون الموضع بحقّ الأصالة ، فلا يجوز هذا الضارب زيد وأخيه ، لأنّ الوصف المستوفي لشروط العمل الأصل إعماله لا إضافته ، لالتحاقه بالفعل.

الثالث : وجود المحرز ، أي الطالب لذلك المحلّ ، فلا يجوز : إنّ زيدا وعمرو قائمان ، لأن الطالب لرفع عمرو هو الابتداء ، والابتداء هو التجرّد ، والتجرد قد زال بدخول (إنّ).

الثالث : العطف على التوهم نحو : ليس زيد قائما ولا قاعد بالخفض على توهّم دخول الباء في الخبر ، وشرط جوازه صحة دخول ذلك العامل المتوهّم ، وشرط حسنه كثرة دخوله هناك.

قاعدة : انفراد الواو عن أخواتها بأحكام

الواو أصل حروف العطف ولهذا انفردت عن سائر حروف العطف بأحكام :

أحدها : احتمال معطوفها للمعيّة ، والتقدّم والتأخر.

الثاني : اقترانها بإمّا نحو : (إِمَّا شاكِراً ، وَإِمَّا كَفُوراً) [الإنسان : ٣].

الثالث : اقترانها بلا إن سبقت بنفي ، ولم يقصد المعيّة نحو : ما قام زيد ولا عمرو ، ليفيد أنّ الفعل منفيّ عنهما في حالة الاجتماع والافتراق. وإذا فقد أحد الشرطين امتنع دخولها فلا يجوز : قام زيد ولا عمرو ، ولا : ما اختصم زيد ولا عمرو.

الرابع : اقترانها بلكن ، نحو : (وَلكِنْ رَسُولَ اللهِ) [الأحزاب : ٤٠].

الخامس : عطف المفرد السببيّ على الأجنبيّ عند الاحتياج إلى الربط ، كمررت برجل قام زيد وأخوه.

السادس : عطف العقد على النيّف ، نحو : أحد وعشرون.

السابع : عطف الصفات المفرّقة مع اجتماع منعوتها ، نحو : [الوافر]

٩٨

٣٠٩ ـ [بكيت وما بكا رجل حليم]

على ربعين مسلوب وبال

الثامن : عطف ما حقّه التثنية أو الجمع ، نحو : [الكامل]

٣١٠ ـ [إن الرزيّة لا رزيّة مثلها]

فقدان مثل محمّد ومحمّد

التاسع : عطف ما لا يستغنى عنه ، كاختصم زيد وعمرو وجلست بين زيد وعمرو.

العاشر والحادي عشر : عطف العامّ على الخاص ، وبالعكس ، نحو : (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ) [نوح : ٣٨] ، (وَمَلائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكالَ) [البقرة : ٩٨] ، ويشاركها في هذا الحكم الأخير (حتّى) ، كمات الناس حتّى الأنبياء ، فإنها عاطفة خاصّا على عامّ.

الثاني عشر : عطف عامل حذف وبقي معموله على عامل آخر يجمعهما معنى واحد ، نحو : [الوافر]

٣١١ ـ [إذا ما الغانيات برزن يوما]

وزجّجن الحواجب والعيونا

أي : وكحّلن العيون ، والجامع بينهما التحسين.

الثالث عشر : عطف الشيء على مرادفه ، نحو : [الوافر]

٣١٢ ـ [وقدّدت الأديم لراهشيه]

وألفى قولها كذبا ومينا

__________________

٣٠٩ ـ الشاهد لابن ميادة في ديوانه (ص ٢١٤) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٧٤) ، وبلا نسبة في الكتاب (١ / ٤٩٦) ، وشرح التصريح (٢ / ١١٤) ، ومغني اللبيب (٢ / ٢٥٦) ، والمقتضب (٢ / ٢٩١) ، والمقرّب (١ / ٢٢٥).

٣١٠ ـ الشاهد للفرزدق في ديوانه (١٦١) ، والدرر (٦ / ٧٤) ، وشرح التصريح (٢ / ١٣٨) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٧٥) ، ومغني اللبيب (٢ / ٣٥٦) ، والمقرّب (٢ / ٤٤) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٢٩).

٣١١ ـ الشاهد للراعي النميري في ديوانه (ص ٢٦٩) ، والدرر (٣ / ١٥٨) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٧٥) ، ولسان العرب (زجج) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٩١) ، وبلا نسبة في الإنصاف (٢ / ٦١٠) ، وأوضح المسالك (٢ / ٤٣٢) ، وتذكرة النحاة (ص ٦١٧) ، والخصائص (٢ / ٤٣٢) ، والدرر (٦ / ٨٠) ، وشرح الأشموني (١ / ٢٢٦) ، وشرح التصريح (١ / ٣٤٦) ، وشرح شذور الذهب (ص ٣١٣) ، وشرح ابن عقيل (ص ٥٠٤) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٦٣٥) ، وكتاب الصناعتين (ص ١٨٢) ، ولسان العرب (رغب) ، ومغني اللبيب (١ / ٣٥٧) ، وهمع الهوامع (١ / ٢٢٢).

٣١٢ ـ الشاهد لعدي بن زيد في ذيل ديوانه (ص ١٨٣) ، وجمهرة اللغة (ص ٩٩٣) ، والدرر (٦ / ٧٣) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٧٦) ، والشعر والشعراء (١ / ٢٣٣) ، ولسان العرب (مين) ، ومعاهد التنصيص (١ / ٣١٠) ، وبلا نسبة في مغني اللبيب (١ / ٣٥٧) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٢٩)

٩٩

الرابع عشر : عطف المقدّم على متبوعه للضرورة ، كقوله : [الوافر]

٣١٣ ـ [ألا يا نخلة من ذات عرق]

عليك ورحمة الله السّلام

الخامس عشر : عطف المخفوض على الجوار ، نحو : (وَامْسَحُوا بِرُؤُسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ) [المائدة : ٦].

السادس عشر : ذكر أبو عليّ الفارسيّ أن عطف الجملة الاسمية على الفعلية وبالعكس يجوز بالواو فقط ، دون سائر الحروف ، نقله عنه ابن جني في (سرّ الصناعة).

وفي تذكرة ابن الصائغ عن (شرح الجمل) للأعلم : أصل حروف العطف الواو ، لأن الواو لا تدل على أكثر من الجمع والاشتراك ، وأما غيرها فيدلّ على الاشتراك ، وعلى معنى زائد كالترتيب والمهلة والشكّ والإضراب والاستدراك والنفي ، فصارت الواو بمنزلة الشيء المفرد ، وباقي الحروف بمنزلة المركّب ، والمفرد أصل المركب.

ضابط : حروف تعطف بشروط

قال ابن هشام في (تذكرته) : من حروف العطف ما لا يعطف إلا بعد شيء خاص ، وهو أم بعد همزة الاستفهام.

ومنها ما لا يعطف إلا بعد شيئين ، وهو لكن بعد النفي ، والنهي خاصة.

ومنها ما لا يعطف إلا بعد ثلاثة أشياء ، وهو لا بعد النداء والأمر ، والإيجاب.

ومنها ما لا يعطف إلا بعد أربعة ، وهو بل بعد النفي ، والنهي ، والإثبات والأمر.

ضابط : أقسام حروف العطف

قال ابن الخبّاز : حروف العطف أربعة أقسام :

قسم يشرك بين الأول والثاني في الإعراب والحكم ، وهو : الواو والفاء ، وثمّ ، وحتّى.

وقسم يجعل الحكم للأول فقط ، وهو : لا.

وقسم يجعل الحكم للثاني فقط ، وهو : بل ، ولكن.

وقسم يجعل الحكم لأحدهما ، لا بعينه ، وهو : إمّا ، وأو ، وأم.

__________________

٣١٣ ـ الشاهد للأحوص في حواشي ديوانه (ص ١٩٠) ، وخزانة الأدب (٢ / ١٩٢) ، والدرر (٣ / ١٩) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٧٧) ، ولسان العرب (شيع) ، ومجالس ثعلب (ص ٢٣٩) ، والمقاصد النحوية (١ / ٥٢٧) ، وبلا نسبة في الخصائص (٢ / ٣٨٦) ، وشرح التصريح (١ / ٣٤٤) ، ومغني اللبيب (٢ / ٣٥٦) ، وهمع الهوامع (١ / ١٧٣).

١٠٠