الأشباه والنظائر في النحو - ج ٢

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

الأشباه والنظائر في النحو - ج ٢

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


المحقق: غريد الشيخ
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٢٦٤

ذكر ما افترقت فيه أخوات (إنّ)

قال ابن هشام في (تذكرته) : لإنّ ، وأنّ ، ولكنّ أحكام خمسة ، هي فيها فوضى دون سائر أخواتها :

أحدها : العطف على الموضع.

والثاني : دخول الفاء في الخبر لتضمّن معنى الشرط.

والثالث : عدم جواز عملها في حال وظرف ومجرور ، بخلاف أخواتها الثلاث.

والرابع : عدم جواز الإعمال والإهمال إذا قرنت بما عند ابن السّراج والزّجاج محتجّين بأنّ ذلك جاز في ليت سماعا ، وفي كأنّ ولعلّ قياسا عليها لاشتراكهنّ في إزالة معنى الابتداء ، والحقّ خلاف قولهما ، لأنّه إنّما جاز في ليت لبقاء اختصاصها فلا يحمل عليها غيرها.

الخامس : دخول اللام في الخبر ، لكنّه في إن المكسورة باطراد ، وفيهما بندور ، هذا هو الإنصاف وأنّه لا تأويل في : [الطويل]

٣٢٨ ـ [يلومونني في حبّ ليلى عواذلي]

ولكنّني من حبّها لعميد

ولا في قراءة بعضهم (إِلَّا إِنَّهُمْ لَيَأْكُلُونَ الطَّعامَ) [الفرقان : ٢٠] ، كلّ ذلك لبقاء معنى الابتداء معهن ، انتهى.

ذكر ما افترق فيه (أنّ) الشديدة المفتوحة و (أن) الخفيفة

قال ابن هشام في (المغني) : شرّكوا بينهما في جواز حذف الجارّ ، وسدّهما مسدّ جزأي الإسناد في باب ظن ، وخصّوا أن الخفيفة وصلتهما بسدّهما مسدّهما في باب عسى ، وخصّوا الشديدة بذلك في باب لو. تقول : عسى أن تقوم ، ويمتنع عسى أنك قائم ، ولو أنك تقوم : ولا يجوز لو أن تقوم.

وفي (شرح المفصّل) للأندلسيّ : (أن) الخفيفة الناصبة للمضارع أشبهت أنّ الشديدة العاملة في الأسماء من أربعة أوجه :

أحدها : أنّ لفظها قريب من لفظها ، وإذا خفّفت صارت مثلها في اللفظ.

__________________

٣٢٨ ـ الشاهد بلا نسبة في الإنصاف (٢٠٩) ، وتخليص الشواهد (ص ٣٥٧) ، والجنى الداني (ص ١٣٢) ، وجواهر الأدب (ص ٨٧) ، وخزانة الأدب (١ / ١٦) ، والدرر (٢ / ١٨٥) ، ورصف المباني (ص ٢٣٥) ، وسرّ صناعة الإعراب (١ / ٣٨٠) ، وشرح الأشموني (١ / ١٤١) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٦٠٥) ، وشرح المفصّل (٨ / ٦٢) ، وكتاب اللامات (ص ١٥٨) ، ولسان العرب (لكن) ، ومغني اللبيب (١ / ٢٣٣) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٢٤٧) ، وهمع الهوامع (١ / ١٤٠).

١٨١

الثاني : أنّها وما عملت فيه مصدر مثل أنّ الثقيلة.

الثالث : أنّ لها ولما عملت فيه موضعا من الإعراب ، كالثقيلة.

الرابع : أنّ كلّ واحدة منهما تدخل على الجملة ، انتهى.

وقال ابن النحاس في (التعليقة) : أنّ الشديدة للحال ، وأن الخفيفة تصلح للماضي والمستقبل.

ذكر ما افترق فيه (لا) و (إنّ)

قال ابن هشام (١) : تخالف لا إنّ من سبعة أوجه :

أحدها : أنّ (لا) لا تعمل إلا في النكرات.

الثاني : أنّ اسمها إذا لم يكن عاملا بني.

الثالث : أنّ ارتفاع خبرها عند إفراد اسمها ، نحو : لا رجل قائم ، بما كان مرفوعا به قبل دخولها ، لا بها. وهذا قول سيبويه (٢) ، وخالفه الأخفش والأكثرون ، ولا خلاف أن ارتفاعه بها إذا كان اسمها عاملا.

الرابع : أنّ خبرها لا يتقدّم على اسمها ، ولو كان ظرفا أو مجرورا.

الخامس : أنه يجوز مراعاة محلّها مع اسمها قبل مضيّ الخبر وبعده فيجوز رفع النعت والمعطوف من نحو : لا رجل ظريف فيها ، ولا رجل وامرأة فيها.

السادس : أنه يجوز إلغاؤها إذا تكرّرت.

السابع : أنه يكثر حذف خبرها إذا علم.

ذكر الفرق بين الإلغاء والتعليق

قال ابن إياز : معنى التعليق في باب ظنّ أن يتصدّر على الاسمين حرف يكون حاميا للفعل عن العمل في لفظ الاسمين دون العمل في موضعهما. وهذا حكم بين حكم الإلغاء ـ وهو إبطال العمل بالكلية ـ وبين حكم كمال العمل ، فسمي ذلك تعليقا تشبيها بالمعلّقة ، وهي التي ليست ممسكة ولا مطلّقة. قال ابن الخشّاب : ولقد أجاد أهل الصناعة في وضع اللقب لهذا المعنى واستعارته له كلّ الإجادة.

وقال ابن يعيش في (شرح المفصّل) (٣) : التعليق ضرب من الإلغاء ، لأنّه إبطال

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٢٦٢).

(٢) انظر الكتاب (٢ / ٢٨٦).

(٣) انظر شرح المفصّل (٧ / ٨٦).

١٨٢

عمل العامل لفظا لا محلّا ، والإلغاء إبطال عمله بالكلّيّة. فكلّ تعليق إلغاء ، وليس كلّ إلغاء تعليقا ، قال ابن النحاس : في ادّعائه بين التعليق والإلغاء عموما وخصوصا نظر ، فإنه لا عموم ولا خصوص بينهما.

وفي (تذكرة ابن هشام) ، قال ابن أبي الربيع : لا يجوز الإلغاء إلا بشروط : التوسط أو التأخر ، وألّا يتعدى إلى مصدره ، وأن يكون قلبيا. قال : فأما التعليق فيكون في هذه الأفعال وفي أشباهها ، انتهى.

ذكر الفرق بين حذف المفعول اختصارا وبين حذفه اقتصارا

قال ابن هشام (١) : جرت عادة النحويين أن يقولوا : يحذف المفعول اختصارا واقتصارا ويريدون بالاختصار الحذف لدليل ، وبالاقتصار الحذف لغير دليل ، ويمثّلونه بنحو : (كُلُوا وَاشْرَبُوا) [البقرة : ٦٠] ، أي : أوقعوا هذين الفعلين ، وقول العرب فيما يتعدّى إلى اثنين : من يسمع يخل ، أي : تكن منه خيلة.

والتحقيق أن يقال : إنّه تارة يتعلّق الغرض بالإعلام بمجرّد وقوع الفعل من غير تعيين من أوقعه ومن أوقع عليه ، فيجاء بمصدره مسندا إلى فعل كون عامّ فيقال : حصل حريق أو نهب.

وتارة يتعلّق بالإعلام بمجرّد إيقاع الفاعل الفعل ، فيقتصر عليهما ، ولا يذكر المفعول ولا ينوى ، إذ المنويّ كالثابت ، ولا يسمى محذوفا ، لأن الفعل ينزل بهذا القصد منزلة ما لا مفعول له ، ومنه : (رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ) [البقرة : ٢٥٨] ، و (هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) [الزمر : ٩] ، (وَكُلُوا وَاشْرَبُوا وَلا تُسْرِفُوا) [الأعراف : ٣١] ، (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَ) [الدهر : ٢٠] إذا المعنى : ربّي الذي يفعل الإحياء والإماتة ، وهل يستوي من يتصف بالعلم ومن ينتفي عنه العلم ، وأوقعوا الأكل والشرب وذروا الإسراف ، وإذا حصلت منك رؤية هنالك.

وتارة يقصد إسناد الفعل إلى فاعله وتعليقه بمفعوله ، فيذكرون نحو : (لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا) [آل عمران : ١٣٠] ، (وَلا تَقْرَبُوا الزِّنى) [الإسراء : ٣٢] ، وقولك : ما أحسن زيدا!. وهذا النوع إذا لم يذكر مفعوله قيل : محذوف ، نحو : (ما وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَما قَلى) [الضحى : ٣] ، وقد يكون في اللفظ ما يستدعيه فيحصل الجزم بوجوب تقديره ، نحو : (أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً) [الفرقان : ٤١] ، (وَكُلًّا وَعَدَ اللهُ الْحُسْنى) [النساء : ٩٥]. [الوافر] :

__________________

(١) انظر المستقصى في الأمثال (٣٦٢) ، وفصل المقال (٤١٢).

١٨٣

٣٢٩ ـ [أبحت حمى تهامة بعد نجد]

وما شيء حميت بمستباح

ذكر ما افترق فيه باب ظنّ وباب أعلم

قال ابن إياز : لا يجوز في باب أعلم الإلغاء ولا التعليق ـ كما صرّح به ابن الورّاق في علله ـ لأنّك لو قلت : أعلمت لزيد عمرو قائم لم ينعقد من الكلام مبتدأ وخبر ، وكان غير مفيد لأنّ قولك : عمرو قائم ، لا يستقيم جعله خبرا عن زيد ، وكذا الحكم في الإلغاء. ولا يجوز في هذا الباب الاقتصار على المفعول الثاني دون الثالث ، ولا على الثالث دون الثاني ، وفي الاقتصار على المفعول الأول خلاف.

ذكر ما افترقت فيه المفاعيل

قال ابن يعيش (٢) : المصدر هو المفعول الحقيقيّ ، لأنّ الفاعل يحدثه ويخرجه من العدم إلى الوجود وصيغة الفعل تدلّ عليه ، والأفعال كلّها متعدّية إليه ، سواء كان يتعدّى الفاعل أو لم يتعدّ. نحو : ضربت زيدا ضربا ، وقام زيد قياما. وليس كذلك غيره من المفعولين ألا ترى أن زيدا من قولك : ضربت زيدا ، ليس مفعولا لك على الحقيقة ، إنما هو مفعول لله تعالى. وإنما قيل له على معنى : أن فعلك وقع به.

ذكر الفرق بين المصدر واسم المصدر

قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس : الفرق بينهما أنّ المصدر في الحقيقة هو الفعل الصادر عن الإنسان وغيره كقولنا : إنّ (ضربا) مصدر في قولنا : يعجبني ضرب زيد عمرا ، فيكون مدلوله معنى. وسمّوا ما يعبّر به عنه مصدرا مجازا ، نحو : ض ر ب في قولنا : إنّ (ضربا) مصدر منصوب إذا قلت : ضربت ضربا فيكون مسمّاه لفظا.

واسم المصدر اسم للمعنى الصادر عن الإنسان وغيره ، كسبحان المسمّى به التسبيح الذي هو صادر عن المسبّح لا لفظ : ت س ب ي ح ، بل المعنى المعبّر عنه بهذه الحروف ، ومعناه القراءة والتنزيه ، انتهى.

وقال ابن الحاجب في (أماليه) : الفرق بين قول النحويين ، مصدر واسم مصدر ، أنّ المصدر الذي له فعل ، يجري عليه ، كالانطلاق في انطلق ، واسم المصدر

__________________

٣٢٩ ـ الشاهد لجرير في ديوانه (٨٩) ، والكتاب (١ / ١٤١) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٧٥) ، وبلا نسبة في خزانة الأدب (٦ / ٤٢) ، وسرّ صناعة الإعراب (ص ٤٠٢) ، وشرح التصريح (٢ / ١١٢).

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ١١٠).

١٨٤

هو اسم المعنى ، وليس له فعل يجري عليه كالقهقرى ، فإنه لنوع من الرجوع ، ولا فعل له يجري عليه من لفظه. وقد يقولون : مصدر واسم مصدر في الشيئين المتغايرين لفظا : أحدهما للفعل والآخر للآلة التي يستعمل بها الفعل كالطّهور والطّهور ، والأكل والأكل. فالطّهور المصدر ، والطّهور اسم ما يتطّهر به ، والأكل المصدر ، والأكل كلّ ما يؤكل ، انتهى.

ذكر الفرق بين عند ولدى ولدن

قال ابن هشام (١) : يفترقن من ستّة أوجه : لا تكون (عند) و (لدن) إلا إذا كان المحلّ ابتداء غاية ، نحو : (آتَيْناهُ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنا وَعَلَّمْناهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْماً) [الكهف : ٦٥] ، ولا تكون (لدن) فضلة بخلافهما. وجرّ (لدن) بمن أكثر من نصبها ، وجرّ عند كثير ، وجرّ (لدى) ممتنع.

وهي مبنيّة ، وهما معربان. وهي قد تضاف للجملة كقوله : [الطويل]

٣٣٠ ـ [صريع غوان راقهنّ ورقنه]

لدن شاب حتّى شاب سود الذّوائب

وقد لا تضاف أصلا ، فإنّهم حكوا في غدوة الواقعة بعدها الجرّ بالإضافة ، والنصب على التمييز ، والرفع بإضمار كان تامّة.

ثم إن (عند) أمكن من لدى من وجهين :

أحدهما : أنّها تكون ظرفا للأعيان والمعاني ، نحو : عند فلان علم ، ويمتنع ذلك في لدى. ذكره (٣) ابن الشجريّ في (أماليه) ، ومبرمان في (حواشيه).

والثاني : أنّك تقول : عندي مال. وإن كان غائبا ، ولا تقول : لديّ مال إلا إذا كان حاضرا. قاله الحريريّ ، وأبو هلال العسكري ، وابن الشجري ، وزعم المعرّيّ أنه لا فرق بين (لدى) و (عند) ، وقول غيره أولى ، انتهى.

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (١٦٨).

٣٣٠ ـ الشاهد للقطامي في ديوانه (ص ٤٤) ، وخزانة الأدب (٧ / ٨٦) ، والدرر (٣ / ١٣٧) ، وسمط اللآلي (ص ١٣٢) ، وشرح التصريح (٢ / ٤٦) ، وشرح شواهد المغني (ص ٤٥٥) ، ومعاهد التنصيص (١ / ١٨١) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٤٢٧) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (٣ / ١٤٥) ، وتخليص الشواهد (ص ٢٦٣) ، وشرح الأشموني (٢ / ٣١٨) ، وهمع الهوامع (١ / ٢١٥).

(٢) انظر أمالي ابن الشجري (١ / ٢٢٤).

١٨٥

ذكر ما افترق فيه إذ وإذا وحيث

قال ابن هشام في (تذكرته) : اعلم أنّ (إذ) و (إذا) و (حيث) اشتركن في أمور ، وافترقن في أمور : فاشتركن في الظرفيّة ولزومها ، والإضافة ولزومها ، وكونها للجمل ، والبناء ولزومه ، وأنها لمعنى ، وقد تخرج عنه. فهذه ثمانية قد قيلت.

وتشترك إذ وإذا في أنّهما للزمان ولا يكونان للمكان ، وأنّهما يكفان بما عن الإضافة مفيدين معنى الشرط ، جازمين قياسا مطّردا ، وأنّهما يضافان للجملة الفعلية.

وانفردت (إذا) بإفادتها معنى الشرط دون ما ، وأنها لا تضاف إلا إلى الجمل الفعلية ، وانفردت (حيث) بأنها تكون للمكان والزمان ، والغالب كونها للمكان ، انتهى.

ذكر الفرق بين وسط بالسكون وبين وسط بالفتح

قال الجمال السرمري : [الخفيف]

فرق ما بين قولهم وسط الشي

ء ووسط تحريكا أو تسكينا

موضع صالح لبين فسكّن

ولفي حرّكا تراه مبينا

كجلسنا وسط الجماعة إذ هم

وسط الدّار كلّهم جالسينا

قال الفارسيّ في (القصريّات) : إذا قلت : حفرت وسط الدار بئرا بالسكون ، فوسط ظرف وبئرا مفعول به. وإذا قلت : حفرت وسط الدار بئرا بالتحريك ، فوسط مفعول به ، وبئرا حال.

ذكر الفرق بين واو المفعول معه وواو العطف

قال ابن يعيش (١) : فإن قيل : نحن متى عطفنا اسما على اسم بالواو دخل فيه الأول ، واشتركا في المعنى ، فكانت الواو بمعنى (مع) فلم اختصصتم باب المفعول معه بمعنى مع؟.

قيل : الفرق بين العطف بالواو وهذا الباب أنّ التي للعطف توجب الاشتراك في الفعل ، وليس كذلك الواو التي بمعنى مع ، إنما توجب المصاحبة فإذا عطفت بالواو شيئا على شيء دخل في معناه ، ولا يوجب بين المعطوف والمعطوف عليه ملابسة ومقاربة ، كقولك : قام زيد وعمرو ، فليس أحدهما ملابسا للآخر ولا مصاحبا له. وإذا

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٤٩).

١٨٦

قلت : ما صنعت وأباك؟ فإنما يراد ما صنعت مع أبيك ، وإذا قلت : استوى الماء والخشبة ، وما زلت أسير والنيل ، يفهم منه المصاحبة والمقارنة.

وقال الأبّذيّ : الفرق بين واو المفعول معه وواو العطف أنّك إذا قلت : قام زيد وعمرو ، ليس أحدهما ملابسا للآخر ، ولا فرق بينهما في وقوع الفعل من كلّ منهما على حدة. فإذا قلت : ما صنعت وأباك؟ وما أنت والفخر؟ فإنما تريد ما صنعت مع أبيك؟ وأين بلغت في فعلك به؟ وما أنت مع الفخر في افتخارك وتحقّقك به؟

باب الاستثناء

قال ابن يعيش (١) : الفرق بين البدل والنصب في قولك : ما قام أحد إلا زيدا ، أنك إذا نصبت جعلت معتمد الكلام النفي ، وصار المستثنى فضلة ، فتنصبه ، كما تنصب المفعول. وإذا أبدلته منه كان معتمد الكلام إيجاب القيام لزيد ، وكان ذكر الأول كالتوطئة كما ترفع الخبر لأنه معتمد الكلام ، وتنصب الحال لأنه تبع للمعتمد في نحو : زيد في الدار قائم وقائما ، انتهى.

فصل

قال ابن يعيش (٢) : الفرق بين (غير) إذا كانت صفة ، وبينها إذا كانت استثناء ، أنها إذا كانت صفة لم توجب للاسم الذي وصفته بها شيئا ، ولم تنفه عنه ، لأنّها مذكورة على سبيل التعريف ، فإذا قلت : جاءني غير زيد ، فقد وصفته بالمغايرة له ، وعدم المماثلة ، ولم تنف عن زيد المجيء. فإنّما هو بمنزلة قولك : جاءني رجل ليس بزيد. وأمّا إذا كانت استثناء فإنه إذا كان قبلها إيجاب فما بعدها نفي ، وإذا كان قبلها نفي فما بعدها إيجاب ، لأنّها هنا محمولة على إلا ، فكان حكمها كحكمها.

ذكر ما افترقت فيه (إلا) و (غير)

قال أبو الحسن الأبّذيّ في (شرح الجزوليّة) : افترقت (إلا) و (غير) في ثلاثة أشياء :

أحدها : أنّ غيرا يوصف بها ، حيث لا يتصوّر الاستثناء. وإلا ليست كذلك. فتقول : عندي درهم غير جيد ، ولو قلت : عندي درهم إلا جيّد ، لم يجز.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٨٧).

(٢) انظر شرح المفصّل (٢ / ٨٨).

١٨٧

والثاني : أنّ إلا إذا كانت مع ما بعدها صفة لم يجز حذف الموصوف وإقامة الصفة مقامه ، فتقول : قام القوم إلّا زيد : ولو قلت : قام إلا زيد لم يجز بخلاف غير ، إذ تقول : قام القوم غير زيد ، وقام غير زيد. وسبب ذلك أنّ الأحرف لم تتمكّن في الوصفيّة ، فلا تكون صفة إلا تابعا ، كما أنّ أجمعين لا تستعمل في التأكيد إلا تابعا.

الثالث : أنّك إذا عطفت على الاسم الواقع بعد إلا كان إعراب المعطوف على حسب المعطوف عليه ، وإذا عطفت على الاسم الواقع بعد غير جاز الجرّ والحمل على المعنى.

ذكر ما افترق فيه الحال والتمييز

قال ابن هشام في (المغني) (١) : اعلم أنّهما اجتمعا في خمسة أمور ، وافترقا في سبعة :

فأوجه الاتفاق أنهما اسمان ، نكرتان ، فضلتان ، منصوبتان ، رافعتان للإبهام ، وأمّا أوجه الافتراق :

فأحدها : أنّ الحال تكون جملة وظرفا وجارّا ومجرورا. والتمييز لا يكون إلا اسما.

والثاني : أنّ الحال قد يتوقف معنى الكلام عليها ، نحو : (وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً) [الإسراء : ٣٧] ، (لا تَقْرَبُوا الصَّلاةَ وَأَنْتُمْ سُكارى) [النساء : ٤٣] بخلاف التمييز.

والثالث : أنّ الحال مبيّنة للهيئات ، والتمييز مبيّن للذوات.

الرابع : أنّ الحال تتعدّد بخلاف التمييز.

الخامس : أنّه الحال تتقدّم على عاملها إذا كان فعلا متصرّفا ، أو وصفا يشبهه ، ولا يجوز ذلك في التمييز على الصحيح.

السادس : أنّ حقّ الحال الاشتقاق ، وحقّ التمييز الجمود ، وقد يتعاكسان.

السابع : أنّ الحال تكون مؤكّدة لعاملها ، ولا يقع التمييز كذلك ، انتهى.

قلت : وبقيت فروق أخرى تتبّعتها ، ولم أر من عدّها.

ذكر ما افترق فيه الحال والمفعول

قال ابن يعيش (٢) : الحال تشبه المفعول من حيث أنّها تجيء بعد تمام الكلام

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٥١٣).

(٢) انظر شرح المفصّل (٢ / ٥٥).

١٨٨

واستغناء الفعل بفاعله وأنّ في الفعل دليلا عليه ، كما كان فيه دليل على المفعول. ولهذا الشّبه استحّقت أن تكون منصوبة مثله.

وتفارقه في أنّها هي الفاعل في المعنى ، وليست غيره. فالراكب في : جاء زيد راكبا ، هو زيد. وليس المفعول كذلك ، بل لا يكون إلا غير الفاعل ، أو في حكمه ، نحو : ضرب زيد عمرا. ولذلك امتنع ضربتني وضربتك ، لاتّحاد الفاعل والمفعول. فأمّا قولهم : ضربت نفسي فالنفس في حكم الأجنبيّ ، ولذلك يخاطبها ربّها ، فيقول : يا نفس اقلعي ، مخاطبة الأجنبيّ.

ويعمل فيها الفعل اللازم ، وليس المفعول كذلك.

ولا تكون إلا نكرة ، والمفعول يكون نكرة ومعرفة. ولها شبه خاصّ بالمفعول فيه وخصوصا ظرف الزمان ، وذلك لأنّها تقدّر بفي كما يقدّر الظرف بفي. فإذا قلت : جاء زيد راكبا ، فتقديره : في حال الركوب ، كما أن جاء زيد اليوم تقديره : في اليوم. وخصّ الشبه بظرف الزمان. لأن الحال لا تبقى ، بل تنتقل إلى حال أخرى ، كما أن الزمان منقض لا يبقى ، ويخلفه غيره.

وقال الزمخشريّ في (المفصّل) (١) : يجوز إخلاء الجملة الحاليّة المقترنة بالواو عن الراجع إلى ذي الحال ، إجراء لها مجرى الظرف ، لانعقاد الشبه بينها وبينه.

وقال ابن النحاس في (التعليقة) : الحال تشبه الظرف في أنها مقدّرة بفي ، وتفارقه في أنّ (في) تدخل على لفظ الظرف ، وفي الحال تدخل على حال مضافة إلى مصدرها ، نحو : جاء زيد قائما أي في حال قيامه.

وقال السخاويّ في (شرح المفصّل) : الحال تشبه المفعول به ، وظرف الزمان ، والصّفة ، والتمييز والخبر.

أما شبهها بالمفعول به فلأنّ في الفعل دلالة على كلّ واحد منهما ، فإذا قلت : (ضربت) دلّ ذلك على مضروب وعلى حال. ولأنّ كلّ واحد من الحال والمفعول اسم جاء بعد استقلال الفعل بالفاعل.

وأما شبهها بالظرف فمن قبل أنها مفعل فيها ، وأنها تنتقل كانتقال الزمان وانقضائه ، ويحسن فيها دخول في.

وأما شبهها بالصفة فإنّ الصفة أصل الحال ، والحال منقولة من الصفة إلى

__________________

(١) انظر المفصّل (٦٤).

١٨٩

الظرفيّة ، ولهذا لا تكون الحال في الغالب إلّا اسم فاعل أو مفعول. وأسماء الفاعل والمفعول إنما كانت فيه ليوصف بها. لا لتكون مفعولا فيها.

وأما شبهها بالتمييز فلأنها لا تكون إلّا نكرة ، ولأنها تبيّن الهيئة التي وقع عليها الفعل ، كما يبيّن التمييز النوع.

وأما شبهها بالخبر فلأنها نكرة جاءت لتفيد ، وكذلك الخبر. والتنكير فيه هو الأصل.

والفرق بينها وبين المفعول به أنها يعمل فيها المتعدّي وغير المتعدّي والمعاني. والمفعول به يكون ظاهرا ومضمرا ومعرّفا ومنكّرا ومشتقّا وغير مشتقّ ، والحال لا تكون إلا اسما ظاهرا نكرة مشتقّة.

والفرق بينها وبين الظرف أن الحال هيئة الفاعل أو المفعول ، فهي في المعنى صاحب الحال بخلاف الظرف. وأيضا فإنّ الظرف يعمل فيه معنى الفعل متأخّرا ومتقدّما ، وأما الحال فلا يعمل فيها معنى الفعل إلا متقدّما عليها.

وقال ابن الشجريّ في (أماليه) (١) : الحال تفارق المفعول به من أربعة أوجه :

الأول : لزومها التنكير ، والمفعول يكون معرفة ونكرة.

والثاني : أنّ الحال في الأغلب هي ذو الحال ، وأنّ المفعول هو غير الفاعل.

والثالث : أنّ الحال يعمل فيها الفعل ، ومعنى الفعل ، والمفعول لا يعمل فيه المعنى.

والرابع : أنّ المفعول يبنى له الفعل فيرفع رفع الفاعل ، والحال لا يبنى لها الفعل.

ذكر الفرق بين الجملة الحالية والمعترضة

قال ابن هشام (٢) : كثيرا ما تشتبه المعترضة بالحالية. ويميّزها منها أمور :

أحدها : أنّ المعترضة تكون غير خبريّة كالأمريّة ، والدعائيّة والقسميّة والتنزيهيّة.

والثاني : أنّه يجوز تصديرها بدليل استقبال كلن والسين وسوف والشرط.

الثالث : أنّه يجوز اقترانها بالفاء.

الرابع : أنه يجوز اقترانها بالواو مع تصديرها بالمضارع المثبت.

__________________

(١) انظر الأمالي الشجرية (٢ / ٢٧٢).

(٢) انظر مغني اللبيب (٤٤١).

١٩٠

ذكر الفرق بين الإضافة بمعنى اللام وبينها بمعنى من

قال الأندلسيّ في (شرح المفصّل) : الفرق بينهما من وجوه :

أحدها : أنّ الثاني غير الأول في الإضافة التي بمعنى اللام ، سواء وافقه في اسمه ، أو لم يوافقه ، فإنه يتّفق أن يكون اسم الغلام والمالك واحدا ، فالمغايرة حاصلة وإن اتّحد اللفظ. وأما التي بمعنى من فالأول فيها بعض الثاني.

الثاني : أنّ التي بمعنى اللام لا يصحّ فيها أن يوصف الأول بالثاني ، والتي بمعنى من يصحّ ذلك فيها.

الثالث : أن التي بمعنى اللام لا يصحّ فيها أن يكون الثاني خبرا عن الأول ، والتي بمعنى من يصحّ فيها ذلك.

قال ابن برهان : إذا صحّ أن يكون الثاني خبرا عن الأوّل فالإضافة بمعنى (من) ، فإن امتنع ذلك فهي بمعنى اللام.

الرابع : أنّ التي بمعنى اللام لا يصحّ انتصاب المضاف إليه فيها على التمييز ويصحّ في التي بمعنى من.

ذكر الفرق بين حتى الجارّة وإلى

قال السخاويّ في (تنوير الدياجي) : (حتّى) إذا كانت جارّة وافقت (إلى) في أنها غاية ، وخالفتها في ثلاثة أشياء.

أحدها : أنها لا تدخل على المضمر ، فلا يقال : حتّاه ، كما يقال إليه.

الثاني : أنّ فيها معنى الاستثناء وليس ذلك في إلى.

الثالث : أنّ إلى تقع خبرا للمبتدأ ، كقوله تعالى : (وَالْأَمْرُ إِلَيْكِ) [النمل : ٣٣] ، وحتّى لا تكون كذلك.

وقال ابن القوّاس في (شرح ألفيّة ابن معط) : حتّى وإن شاركت إلى في الغاية تخالفها في أوجه :

أحدها : أنّ المجرور بها يجب أن يكون آخر جزء مما قبلها ، أو ملاقي الآخر. تقول (١) : (أكلت السمكة حتى رأسها ، ولا تقول حتى نصفها أو ثلثها ، كما تقول : إلى نصفها أو إلى ثلثها).

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٨ / ١٦) ، وهمع الهوامع (١ / ٢٣).

١٩١

الثاني : أنّ ما بعد حتّى لا يكون إلا من جنس ما قبلها ، فلا تقول : ركبت الخيل حتى الحمار ، ولا يلزم ذلك في إلى تقول : ذهب الناس إلى السوق.

والثالث : أنّ حتى لا تقع مع مجرورها خبرا لمبتدأ بخلاف إلى.

والرابع : أنها مختصة بالظاهر بخلاف إلى.

ذكر ما افترق فيه المصدر واسم الفاعل

قال ابن السّراج في (الأصول) : الفرق بين المصدر وبين اسم الفاعل أنّ المصدر يجوز أن يضاف إلى الفاعل وإلى المفعول. تقول : عجبت من ضرب زيد عمرا ، فيكون (زيد) هو الفاعل في المعنى ، ومن ضرب زيد عمرو فيكون (زيد) هو المفعول في المعنى ، ولا يجوز هذا في اسم الفاعل ، كما لا يجوز أن يقال : عجبت من ضارب زيد ، وزيد فاعل.

وقال المهلّبيّ : الفرق بينهما من ستّة أوجه :

١ ـ أنّ اسم الفاعل يتحمّل الضمير بخلاف المصدر.

٢ ـ وأنّ الألف واللام فيه تفيد شيئين : التعريف والموصوليّة ، وفي المصدر تفيد التعريف فقط.

٣ ـ وأنه يجوز تقديم معموله عليه ، نحو : هذا زيدا ضارب ، بخلاف المصدر.

٤ ـ وأنه يعمل بشبه الفعل ، والمصدر قائم بنفسه ، لا يعمل بشبه شيء لأنه الأصل.

٥ ـ وأنه لا يعمل إلا في الحال والاستقبال ، والمصدر يعمل في الأزمنة الثلاثة.

٦ ـ والسادس ما ذكره ابن السرّاج من الإضافة.

وقال نظما : [الوافر]

تنافى مصدر الأفعال واسم

لفاعلها بواحدة وخمس :

ضمير بعده ألف ولام

وتقديم لمعمول بنكس

وتحذوها الإضافة ثمّ وزن

وأزمنة تجلّت غير حدس

وقال ابن الشجريّ في (أماليه) (١) : ومن الفرق بينهما أنّ المصدر يعمل معتمدا وغير معتمد ، واسم الفاعل لا يعمل إلا معتمدا على موصوف أو ذي خبر أو حال.

__________________

(١) انظر الأمالي الشجرية (١ / ٣٧).

١٩٢

ذكر ما افترق فيه المصدر والفعل

قال أبو الحسين بن أبي الربيع في (شرح الإيضاح) : يحذف الفاعل من المصدر ، نحو : (أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً) [البلد : ١٤ ـ ١٥] بخلاف الفعل ، فإنه لا يحذف معه ، لأنّ في ذلك نقضا للغرض ، لأنه بني للإخبار عنه ، والمصدر لم يبن لفاعل ولا مفعول. وإنما يطلبهما من جهة المعنى ، فكما يحذف معه المفعول يحذف الفاعل ، لأن بنية المصدر لهما سواء.

ذكر ما افترق فيه المصدر و (أن) و (أنّ) وصلتهما

افترقا في أمور :

الأول والثاني : قال ابن مالك في (شرح العمدة) : إذا لم يشارك المصدر المعلّل في الفاعل والزمان معا فلا بدّ من حرف التعليل ، نحو : جئتك لرغبتك فيّ ، أو جئتك الساعة لوعدي إياك أمس. فلو كان المصدر أن وصلتها ، أو أنّ وصلتها لم يجب حرف التعليل ، فيجوز أن يقال : جئتك أن رغبت فيّ ، وجئتك الساعة أن وعدتك أمس ، وكذلك أنك رغبت فيّ ، لأنّ أن وأنّ قد اطّرد فيهما جواز الاستغناء عن حروف الجرّ في هذا الباب وغيره ، انتهى.

يشير بقوله : (وغيره) ، إلى قوله في الألفية في باب التعدّي واللزوم :

والحذف مع أنّ وأن يطّرد

مع أمن لبس ، كعجبت أن يدوا

فيقال : عجبت أن قمت ، وعجبت عن قيامك بإظهار الجارّ مع المصدر وجوبا ، وحذفه مع أن أو أنّ وصلتها.

الثالث : قال أبو حيّان : زعم ابن الطراوة أنه لا يجوز أن يضاف إلى أن ومعمولها. قال : لأنّ أن معناها التراخي ، فما بعدها في جهة الإمكان وليس بثابت ، والنيّة في المضاف إثبات عينه بثبوت عين ما أضيف إليه ، فإذا كان ما أضيف إليه غير ثابت في نفسه فأن يثبت غيره محال.

قال أبو حيّان : وهو مردود بالسماع ، فقد حكاها الثقات عن العرب في قولهم : مخافة أن تفعل. ويقال : أجيء بعد أن تقوم ، وقبل أن تخرج.

الرابع : قال ابن يعيش (١) : قالوا في التحذير : إيّاي وأن يحذف أحدكم الأرنب ،

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٢٦).

١٩٣

يعني يرميه بسيف أو نحوه. فأن في موضع نصب ، كأنّه قال : إياي وحذف أحدكم الأرنب ، ولو حذفت الواو لجاز مع أن ، فيقال : إيّاي أن يحذف أحدكم الأرنب ، ولو صرّح بالمصدر لم يجز حذف الواو ولا من. والفارق بينهما أنّ أن وما بعدها من الفعل ، وما يعمل فيه مصدر ، فلمّا طال جوّزوا فيه من الحذف ما لم يجز في المصدر الصريح.

الخامس : قال أبو حيّان في إعرابه : نصّوا على أنّ (أن) المصدرية لا ينعت المصدر المنسبك منها ومن الفعل ، فلا يوجد في كلامهم : يعجبني أن قمت السريع ، تريد (قيامك السريع) ولا عجبت من أن تخرج السريع ، أي : من خروجك السريع ، قال : وحكم باقي الحروف المصدرية حكم أن ، فلا يوجد في كلامهم وصف المصدر المنسبك من أنّ ، ولا من ما ، ولا من كي ، بخلاف صريح المصدر ، فإنه يجوز أن ينعت ، وليس لكلّ مصدر حكم المنطوق به ، وإنّما يتّبع في ذلك ما تكلّمت به العرب.

وقال ابن هشام في (المغني) : اعلم أنهم حكموا لأن وأنّ المقدّرتين بمصدر معرّف بحكم الضمير ، لأنه لا يوصف كما أنّ الضمير كذلك.

السادس والسابع والثامن : قال ابن هشام في (المغني) : لا يعطى المصدر حكم أن وأنّ وصلتهما في جواز حذف الجارّ ، ولا في سدّهما مسدّ جزأي الإسناد في باب ظنّ وعسى ، ولا في النيابة عن ظرف الزمان ، تقول : عجبت أن تقوم ، أو أنّك قائم. ولا يجوز عجبت قيامك. وتقول : حسبت أن تقوم وأنّك قائم ، ولا تقول : حسبت قيامك ، حتى تذكر الخبر ، وتقول : عسى أن تقوم ، ولا يجوز عسى قيامك. وتقول : جئتك صلاة العصر ، ولا يجوز جئتك أن تصلّي العصر ، خلافا لابن جنّي والزمخشري ، وقال ابن إياز : يجوز حذف حرف الجرّ مع أنّ وأن كثيرا ، ولا يجوز مع المصدر. لا تقول : رغبت لقاءك ، وتريد : في لقائك ، إذ المسوّغ للحذف معهما طول الكلام بصلتهما ، ولا طول هنا.

وقال ابن القوّاس : يجوز في باب التحذير مع أن من حذف حرف الجرّ وحذف حرف العطف ما لا يجوز في غيرها مصدرا كان أو غيره.

التاسع : قال ابن يعيش (١) : في قوله تعالى : (إِنَّهُ لَحَقٌّ مِثْلَ ما أَنَّكُمْ) [الذاريات : ٢٣] وقول الشاعر : [البسيط]

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٣ / ٨١).

١٩٤

٣٣١ ـ لم يمنع الشّرب منها غير أن نطقت

[حمامة في غصون ذات أو قال]

بنيت (مثل وغير) على الفتح لإضافتهما إلى غير متمكّن. فإن قيل : فأن والفعل في تأويل المصدر ، وكذلك أنّ المشددة مع ما بعدها. والمصدر اسم متمكن فحينئذ (مثل وغير) قد أضيفا إلى متمكّن ، فلم وجب البناء؟.

قيل : كون أن مع الفعل في تقدير المصدر شيء تقديريّ ، والاسم غير ملفوظ به ، وإنما الملفوظ به حرف وفعل ، فلما أضيفا إلى ما ذكرنا مع لزومهما الإضافة بنيا معها ، لأن الإضافة بابها أن تقع على الأسماء المفردة. فلما خرجت هنا عن بابها بني الاسم.

العاشر : يقال : ضربت زيدا ضربا ، ولا يقال ضربت زيدا أن ضربت ، على إيقاع أن والفعل موقع المصدر ، وأجازه الأخفش (٢).

وحجة الجمهور أنّ (أن) تخلّص الفعل للاستقبال والتأكيد إنما يكون بالمصدر المبهم ، وعلّله بعضهم بأنّ (أن تفعل) يعطي محاولة الفعل ، ومحاولة المصدر ليست بالمصدر ، فكذلك لم يسغ لها أن تقع مع صلتها موقع المصدر.

قال صاحب البديع : أجاز الأخفش مسألة لا يجيزها غيره : ضربت زيدا أن ضربت ، ويقول : هو في تقدير المصدر.

الحادي عشر : قد ينوب المصدر عن الظرف ، نحو : جئتك قدوم الحاجّ ، وانتظرتك حلب ناقة. ولا ينوب في ذلك المصدر المؤول ، وهو أن والفعل ، نحو : (وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَ) [النساء : ١٢٧] ، إذا قدّر بفي خلافا للزمخشري.

الثاني عشر : قال ابن مجاشع في كتاب (معاني الحروف) : الفرق بين كرهت خروجك ، وكرهت أن تخرج أنّ الأول مصدر غير موقّت ، والثاني مصدر موقّت لأنه بيّن فيه الوقت.

__________________

٣٣١ ـ الشاهد لأبي قيس بن الأسلت في ديوانه (ص ٨٥) ، وجمهرة اللغة (ص ١٣١٦) ، وخزانة الأدب (٣ / ٤٠٦) ، والدرر (٣ / ١٥٠) ، ولأبي قيس بن رفاعة في شرح أبيات سيبويه (٢ / ١٨٠). وشرح شواهد المغني (١ / ٤٥٨) ، وشرح المفصّل (٣ / ٨٠) ، وبلا نسبة في الكتاب (٢ / ٣٤٤) ، وخزانة الأدب (٦ / ٥٣٢) ، وسرّ صناعة الإعراب (٢ / ٥٠٧) ، وشرح التصريح (١ / ١٥) ، وشرح المفصّل (٣ / ٨١) ، ولسان العرب (نطق) و (وقل) ، ومغني اللبيب (١ / ١٥٩) ، وهمع الهوامع (١ / ٢١٩).

(١) انظر همع الهوامع (١ / ١٨٧).

١٩٥

وقال الأندلسيّ في (شرح المفصل) : الفرق بين ذكر (أن) مع الفعل بمعنى المصدر ، وبين الإفصاح بذكر المصدر من وجهين :

أحدهما : ذكره عليّ بن عيسى ، أن ذكر المصدر بمنزلة المجمل ، لأنه يحتمل الفعل الذي نسب إلى فاعله ، والفعل الذي فعل ، والفعل الذي فعله ، وإذا ذكرت (أن) مع الفعل فقد أفصحت بالمعنى الذي أردت من ذلك. مثال ذلك : أعجبني أن ضرب زيد ، وأن ضرب زيد ، وأن تضرب وأن يضرب زيد.

والآخر : أنّ ذكر المصدر لا يدلّ على زمان بعينه ، وذكر (أن) مع الفعل يدلّ على أنّ الفعل وقع من فاعله فيما مضى ، أو يقع فيما يأتي.

وفرق ثالث وهو أنّ (أن) وصلتها له شبه بالمضمر في أنّه لا يوصف ، ولذلك اختار الجرمي في البرّ من قوله تعالى : (لَيْسَ الْبِرَّ أَنْ تُوَلُّوا) [البقرة : ١٧٧] النصب لأنه إذا اجتمع مضمر ومظهر فالوجه أن يكون المضمر الاسم ، لأنه أذهب في الاختصاص ، انتهى.

وفي تذكرة ابن مكتوم عن تعاليق ابن جنّي : من قال (١) : [البسيط]

[ترتع ما رتعت حتى إذا ادّكرت]

فإنّما هي إقبال وإدبار

لم يقل : فإنما هي أن تقبل وأن تدبر. وإن كان هذا بمعنى المصدر ، وذلك لأن قوله إقبال مصدر دالّ على الأزمنة الثلاثة دلالة مبهمة غير مخصوصة ، فهو عامّ ، وقولك أن تقبل خاصّ ، لأنّ أن تخصّص الاستقبال. فلما كانوا توسّعوا في الأول ، وهو المصدر ، لم يتوسّعوا في هذا الثاني ، وإن كان معناه المصدر للمخالفة التي بينهما ، انتهى.

ذكر ما افترق فيه المصدر واسم الفاعل

في تذكرة ابن الصائغ قال : نقلت من مجموع بخطّ ابن الرماح :

يفارق المصدر اسم الفاعل في عمله مطلقا ، وعدم تقديم معموله ، وإضافته للفاعل ، وتعريفه بأل العهديّة والجنسية غير الموصولة ، وعدم الجمع بين أل والإضافة ، وعدم الاعتماد والعمل غير مفرد إلا في (٢) : [الطويل]

[وعدت وكان الخلف منك سجيّة]

مواعيد عرقوب أخاه [بيثرب]

__________________

(١) مرّ الشاهد رقم (٤٠).

(٢) مر الشاهد رقم (٢٣٢).

١٩٦

وتركته بملاحس البقر أولادها.

ذكر ما افترق فيه اسم الفاعل والفعل

قال في (البسيط) : اعلم أنّ اسم الفاعل ينقص عن الفعل ، ويفارقه بستّة أشياء :

أحدها : لا يعمل عند البصريين إلّا في الحال والاستقبال ، والفعل يعمل مطلقا.

الثاني : اشتراط اعتماده عند البصريين.

الثالث : إذا جرى على غير من هو له برز ضميره عند البصريين بخلاف الفعل.

الرابع : أنه يجوز تعديته بحرف الجرّ ، وإن امتنع ذلك في فعله ، نحو : (فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ) [هود : ١٠٧] ، وقال الشاعر : [الوافر]

٣٣٢ ـ ونحن التّاركون لما سخطنا

ونحن الآخذون لما رضينا

الخامس : أنّ اسم الفاعل مع فاعله يعدّ من المفردات بخلاف الفعل مع فاعله. ولذلك يعرب بخلاف الفعل مع فاعله عند التسمية به.

السادس : أنّ الألف والواو في : (ضاربان وضاربون) حرفان يدلّان على التثنية والجمع ، وهما في : (يضربان ويضربون) اسمان يدلّان على الفاعل المثنى والمجموع.

وقال في موضع آخر : اعلم أنّ الألف والياء والواو اللاحقة لاسم المفعول واسم الفاعل حروف دالّة على التثنية والجمع. والفاعل فيها ضمير لا يبرز ، بخلاف الفعل ، فإنّها فيه ضمائر دالة على المثنّى والمجموع والفاعلة المخاطبة عند سيبويه (٢). وإنما حكمنا بأنها حروف ، وليست بضمائر لتغيّرها بدخول العامل ، والضمائر في الفعل لا تتغيّر بدخوله. وإنما لم يبرز ضمير الفاعل في الصفات في تثنية ولا جمع لثلاثة أوجه :

أحدها : لتنحطّ رتبتها عن رتبة الفعل الذي هو أصلها في العمل ، فإنه يبرز فيه ضمير التثنية ، والجمع.

والثاني : أنه لو برز لكان بصورة الضمير الدالّ على التثنية والجمع في الفعل ، وحينئذ فيؤدي إلى اجتماع ألفين في التثنية ، أحدهما : ضمير ، والثاني : علامة التثنية ، واجتماع واوين في الجمع ، إحداهما : ضمير ، والثانية : علامة الجمع ، ولا يجوز الجمع بينهما لأنهما ساكنان ، فلا بدّ من حذف أحدهما. وإذا كان لا بدّ من الحذف حكمنا باستتار الضمير خيفة من الحذف ، لأن الموجود علامة التثنية والجمع ، وليس بضمير بدليل تغيّره ، والضمير لا يتغيّر.

__________________

٣٣٢ ـ الشاهد لعمرو بن كلثوم في ديوانه (ص ٨٣) ، وشرح المفصّل (٦ / ٧٨).

(١) انظر الكتاب (١ / ٤٤).

١٩٧

والثالث : أنّ الصفة لمّا كانت تثنّى وتجمع بحكم الاسميّة استغني عن بروز ضميرها بدليل علامة التثنية والجمع عليه ، بخلاف الفعل ، فإنه لا يثنّى ولا يجمع ، فلذلك برز ضميره ليدلّ على تثنية الفاعل وجمعه.

وذكر الأندلسيّ بدل الوجه الرابع في الفرق أنّ اسم الفاعل إذا ثنّي أو جمع ، واتّصل به ضمير وجب حذف نونه ، لاتصال الضمير ـ على المشهور ، وذلك لا يجب في الفعل ، بل يتّصل الضمير به. وقال المهلّبيّ : [الطويل]

مراتب ستّ لم تكن لاسم فاعل

تنزّل عنها ، واستبدّ بها الفعل

يحلّ إذا لم يعتمد في محلّه

ولا بدّ من إبراز مضمره يتلو

وإن كان معناه المضيّ فمبطل

وتسقط نوناه إذا مضمر يخلو

وتقديره فردا ، وجعلك واوه

وأختا لها في الجمع حرفا به يعلو

ذكر ما افترق فيه اسم الفاعل واسم المفعول

من ذلك أنّ اسم الفاعل يبنى من اللازم كما يبنى من المتعدّي ، كقائم وذاهب ، واسم المفعول إنما يبنى من فعل متعد ، لأنه جار على فعل ما لم يسمّ فاعله. فكما أنه لا يبنى إلا من متعدّ كذلك اسم المفعول. ذكره في (البسيط) قال : فإن عدّي اللازم بحرف جرّ أو ظرف جاز بناء اسم المفعول منه نحو : (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة : ٧] وزيد منطلق به.

ومن ذلك قال ابن مالك في (شرح الكافية) : انفرد اسم المفعول عن اسم الفاعل بجواز إضافته إلى ما هو مرفوع معنى ، نحو : الورع محمود المقاصد ، وزيد مكسوّ العبد ثوبا.

وقال الأندلسيّ في (شرح المفصّل) : الفرق بين اسم الفاعل المراد به الماضي وبين اسم الفاعل المراد به الحال أو الاستقبال من وجوه :

أحدها : أنّ الأول لا يعمل إلا إذا كان فيه اللام بمعنى الذي ، والثاني يعمل مطلقا.

ثانيها : أنّ الأول يتعرّف بالإضافة بخلاف الثاني.

ثالثها : أنّ الأول إذا ثنّي أو جمع لا يجوز فيه إلا حذف النون والجرّ ، والثاني يجوز فيه وجهان : هذا ، وبقاء النون والنصب.

١٩٨

ذكر ما افترق فيه الصفة المشبّهة واسم الفاعل

قال ابن القوّاس في (شرح الكافية) : الصفة المشبّهة تشبه اسم الفاعل من وجوه ، وتفارقه من وجوه. أما وجوه الشّبه فأربعة : التذكير ، والتأنيث ، والتثنية ، والجمع. وأما وجوه المفارقة فسبعة :

أحدها : أنها لا تعمل إلا في السببيّ دون الأجنبي ، نحو : زيد حسن وجهه ولا يجوز : حسن وجه عمرو كما يجوز ضارب وجه عمرو لنقصانها عن مرتبة اسم الفاعل.

والثاني : لا يتقدّم معمولها عليها ، فلا يقال : زيد وجها حسن ، كما يقال : زيد عمرا ضارب.

والثالث : عدم شبه الفعل ، ولذلك احتاجت في العمل إلى شبه اسم الفاعل.

الرابع : أنها لا توجد إلا ثابتة في الحال ، سواء كانت موجودة قبله أو بعده فإنها لا تتعرض لذلك ، بخلاف اسم الفاعل فإنه يدلّ على ما يدلّ عليه الفعل ، ويستعمل في الأزمنة الثلاثة ، ويعمل منها في الحال والاستقبال ، ولذلك إذا قصدنا بالصفة معنى الحدوث أتي بها على زنة اسم الفاعل فيقال في حسن : حاسن. فحسن هو الذي ثبت له الحسن مطلقا ، وحاسن الذي ثبت له الآن أو غدا. وفي التنزيل (وَضائِقٌ بِهِ صَدْرُكَ) [هود : ١٢] ، فعدل عن ضيّق إلى ضائق ، ليدلّ على عروض ضيق ، وكونه غير ثابت في الحال.

لا يقال فإذا دلّت على معنى ثابت كانت مأخوذة من الماضي ، لكونه قد ثبت ، وحينئذ فيلزم ألّا تعمل ، لكون اسم الفاعل المشبهّة به للماضي ، وهو لا يعمل. لأنّا نقول : إنما يلزم ذلك أن لو كان دلالتها على الثبوت ، وتعلّقها بالماضي يخرجها عن شبه اسم الفاعل للحال مطلقا ، وهو ممنوع. بل معنى الحال موجود فيها ، فإنك إذا قلت : مررت برجل حسن الوجه ، دلّ على أنّ الصفة موجودة لاتصال زمانها من إخبارك ، لا أنها وجدت ثمّ عدمت.

الخامس : أنها لا تؤخذ إلا من فعل لازم.

السادس : أنها إذا دخل عليها أل وعلى معمولها كان الأجود في معمولها الجرّ ، بخلاف اسم الفاعل فإن النصب فيه أجود.

السابع : أنه لا يجوز أن يعطف على المجرور بها بالنصب ، فلا يقال : زيد كثير المال والعبيد ، بنصب العبيد ، كما يقال : زيد ضارب عمرو ، وبكرا لأنه إنما يعطف على الموضع بالنصب إذا كان المعطوف عليه منصوبا في المعنى.

١٩٩

وليس معمولها كذلك ، بل هو مرفوع في المعنى ، لأن الأصل في : كثير المال ، كثير ماله.

وذكر ابن السرّاج في (الأصول) فرقا ثامنا ، وهو أنّ اسم الفاعل لا يجوز إضافته إلى الفاعل ، لا يجوز أن تقول : عجبت من ضارب زيد ، وزيد فاعل. ويجوز في الصفة المشبّهة إضافتها إلى الفاعل ، لأنها إضافة غير حقيقية ، نحو : الحسن الوجه والشديد اليد. فالحسن للوجه ، والشدّة لليد ، والمعنى حسن وجهه.

وزاد ابن هشام في (المغني) (١) فروقا أخرى :

أحدها : أنّ اسم الفاعل لا يكون إلا مجاريا للمضارع في حركاته وسكناته ، وهي تكون مجارية له ، كمنطلق اللسان ، ومطمئنّ النفس ، وطاهر العرض ، وغير مجارية له ، وهو الغالب.

والثاني : أنه لا يخالف فعله في العمل ، وهي تخالفه فإنها تنصب مع قصور فعلها.

والثالث : أنه لا يقبح حذف موصوف اسم الفاعل وإضافته إلى مضاف إلى ضميره ، نحو مررت بقاتل أبيه ، ويقبح مررت بحسن وجهه.

والرابع : أنه يفصل مرفوعه ومنصوبه كزيد ضارب في الدار أبوه عمرا ، ويمتنع عند الجمهور زيد حسن في الحرب وجهه ، رفعت أو نصبت.

والخامس : أنّه يجوز إتباع معموله بجميع التوابع ، ولا يتبع معمولها بصفة. قاله الزّجاج ومتأخرو المغاربة.

والسادس : أنّه يجوز حذفه وإبقاء معموله ، وهي لا تعمل محذوفة.

وقال الأندلسي في (شرح المفصّل) : الأمور التي ضارعت بها الصفة المشبّهة اسم الفاعل ستّة : الاشتقاق ، واتحاد المعنى ، والإفراد ، والتثنية ، والجمع والتذكير ، والتأنيث.

وأما الفرق بينها وبين اسم الفاعل فمن وجوه :

أحدها : أنّ هذه الصفات لا توجد إلا حالا ، واسم الفاعل يصلح للأزمنة الثلاثة.

ثانيها : أنّها لا تعمل إلا فيما كان من سبب موصوفها ، أعني الاسم الذي تجري عليه إعرابا.

ثالثها : لا يتقدّم معمولها عليها.

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٥١١).

٢٠٠