الأشباه والنظائر في النحو - ج ١

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

الأشباه والنظائر في النحو - ج ١

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


المحقق: غريد الشيخ
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٠

وقال أيضا : إنما عدل عن طلب التعيين بأي إلى الهمزة وأم طلبا للاختصار لأن قولك : أزيد عندك أم عمرو؟ أخصر من قولك ، أيّ الرجلين عندك زيد أم عمرو؟

وقال ابن يعيش (١) : فصّل سيبويه (٢) بين ألقاب حركات الإعراب وألقاب حركات البناء فسمّى الأولى : رفعا ونصبا وجرا وجزما ، والثانية : ضما وفتحا وكسرا ووقفا ، للفرق والإغناء عن أن يقال : ضمّة حدثت بعامل ونحوه ، فكان في التسمية فائدة الإيجاز والاختصار.

اختصار المختصر لا يجوز

لأنه إجحاف به ، ومن ثم لم يجز حذف الحرف قياسا. قال ابن جني في (المحتسب) (٣) : أخبرنا أبو علي قال : قال أبو بكر : حذف الحرف ليس بقياس لأن الحروف إنما دخلت الكلام لضرب من الاختصار ، فلو ذهبت تحذفها لكنت مختصرا لها هي أيضا واختصار المختصر إجحاف به ، ومن ثم أيضا لم يجز حذف المصدر والحال إذا كانا بدلا من اللفظ بفعلهما ، ولا الحال النائبة عن الخبر ، ولا اسم الفعل دون معموله لأنه اختصار للفعل.

وفي (شرح التسهيل) لأبي حيان : لا يجوز حذف (لا) من (لا سيما) ، لأن حذف الحرف خارج عن القياس فلا ينبغي أن يقال لشيء منه إلا حيث سمع ، وسبب ذلك أنهم يقولون : حروف المعاني إنما وضعت بدلا من الأفعال طلبا للاختصار ، ولذلك أصل وضعها أن تكون على حرف أو حرفين ، وما وضع مؤدّيا معنى الفعل واختصر في حروف وضعه لا يناسبه الحذف لها.

وقال ابن هشام في (حواشي التسهيل) : لا يجوز حذف جواب (إما) لأن شرطها حذف ، فلو حذف الجواب أيضا لكان إجحافا بها.

وقال صاحب (البسيط) : القياس يقتضي عدم حذف حروف المعاني وعدم زيادتها لأن وضعها للدلالة على المعاني ؛ فإذا حذفت أخلّ حذفها بالمعنى الذي وضعت له ، وإذا حكم بزيادتها نافى ذلك وضعها للدلالة على المعنى ، ولأنهم جاؤوا بالحروف اختصارا عن الجمل التي تدلّ معانيها عليها ، وما وضع للاختصار لا يسوغ

__________________

(١) انظر شرح المفصل (١ / ٧٢).

(٢) انظر الكتاب (١ / ٤١).

(٣) انظر المحتسب (١ / ٥١).

٤١

حذفه ولا الحكم بزيادته ، فلهذا مذهب البصريين : المصير إلى التأويل ما أمكن صيانة عن الحكم بالزيادة أو الحذف.

وقال ابن جني في (الخصائص) (١) : تفسير قول أبي بكر أنها دخلت الكلام لضرب من الاختصار : أنك إذا قلت ما قام زيد ، فقد أغنت (ما) عن (أنفي) وهي جملة فعل وفاعل ، وإذا قلت : قام القوم إلّا زيدا فقد نابت (إلا) عن (أستثني) ، وإذا قلت : قام زيد وعمرو فقد نابت (الواو) عن (أعطف) ، وكذا (ليت) نابت عن (أتمنى) ، و (هل) عن (أستفهم) ، والباء في قولك : ليس زيد بقائم ، نابت عن (حقّا) ، و (البتة) و (غير ذي شكّ) ، وفي قولك : أمسكت بالحبل ، نابت عن المباشرة وملاصقة يدي له ، (ومن) في قولك : أكلت من الطعام ، نابت عن البعض أي : أكلت في بعض الطعام ، وكذا بقية ما لم نسمّه ، فإذا كانت هذه الحروف نوائب عما هو أكثر منها من الجمل وغيرها لم يجز من بعد ذلك أن تنتهك ويجحف بها.

قال : ولأجل ما ذكرناه من إرادة الاختصار فيها لم يجز أن تعمل في شيء من الفضلات : الظرف والحال والتمييز والاستثناء وغير ذلك ، وعلّته أنهم قد أنابوها عن الكلام الطويل لضرب من الاختصار ، فلو أعملوها لنقضوا ما أجمعوه وتراجعوا عما التزموه.

وقال ابن يعيش (٢) : حذف الحرف يأباه القياس لأن الحروف إنما جيء بها اختصارا ونائبة عن الأفعال ، فـ (ما) النافية نائبة عن أنفي ، وهمزة الاستفهام نائبة عن أستفهم ، وحروف العطف عن أعطف ، وحروف النداء نائبة عن أنادي ، فإذا أخذت تحذفها كان اختصارا لمختصر وهو إجحاف. إلا أنه ورد حذف حرف النداء كثيرا لقوة الدلالة على المحذوف فصارت القرائن الدالّة على المحذوف كالتلفّظ به. وقال أيضا : ليس الأصل في الحروف الحذف إلا أن يكون مضاعفا فيخفّف نحو : إنّ ولكن وربّ.

إذا اجتمع مثلان وحذف أحدهما فالمحذوف الأول أو الثاني؟ فيه فروع :

أحدها : إذا اجتمع نون الوقاية ونون الرفع جاز حذف إحداهما تخفيفا نحو : (أَتُحاجُّونِّي) [الأنعام : ٨٠] ، و (تَأْمُرُونِّي) [الزمر : ٦٤] ، وهل المحذوف نون الرفع أو نون الوقاية؟ خلاف. ذهب سيبويه (٣) إلى الأول ، ورجّحه ابن مالك ؛ لأن نون الرفع قد تحذف بلا سبب.

__________________

(١) انظر الخصائص (٢ / ٢٧٣).

(٢) انظر شرح المفصل (٢ / ١٥).

(٣) انظر الكتاب (٤ / ٣).

٤٢

كقوله : [الرجز]

٢٣ ـ أبيت أسري وتبيتي تدلكي

[شعرك بالعنبر والمسك الذكي]

ولم يعهد ذلك في نون الوقاية ، وحذف ما عهد حذفه أولى ، ولأنها نائبة عن الضمة ، وقد عهد حذفها تخفيفا في نحو : (إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ) [البقرة : ٦٧] ، (وَما يُشْعِرُكُمْ) [الأنعام : ٦] ، في قراءة من سكّن ، ولأنها جزء كلمة ونون الوقاية كلمة ، وحذف الجزء أسهل.

وذهب المبرد والسيرافي والفارسي وابن جني وأكثر المتأخرين منهم : صاحب (البسيط) ، وابن هشام إلى الثاني ، لأنها لا تدلّ على إعراب فكانت أولى بالحذف ، لأنها دخلت لغير عامل ، ونون الرفع دخلت لعامل ، فلو كانت المحذوفة لزم وجود مؤثر بلا أثر مع إمكانه ، ولأن الثقل نشأ من الثانية فهي أحق بالحذف.

الثاني : إذا اجتمع نون الوقاية ونون إنّ وأنّ وكأنّ ولكنّ ، جاز حذف أحدهما (٢) ، وفي المحذوفة قولان : أحدهما نون الوقاية وعليه الجمهور ، وقيل نون (أنّ) لأن نون الوقاية دخلت للفرق بين أنني وأني ، وما دخل للفرق لا يحذف ، ثم اختلف ، هل المحذوفة الأولى المدغمة لأنها ساكنة والساكن يسرع إلى الحذف؟ أو الثانية المدغم فيها لأنها طرف؟ على قولين ، صحح أبو البقاء في (اللّباب) أولهما.

الثالث : إذا اجتمع نون الضمير ونون الحروف الأربعة المذكورة جاز حذف أحدهما نحو ، أنّا ولكنّا ، وهل المحذوفة الأولى المدغمة أو الثانية المدغم فيها؟ القولان السابقان ، ولم يجز هنا القول بأن المحذوف نون الضمير لأنها اسم فلا تحذف. ثم رأيت ابن الصائغ قال في (تذكرته) : في كلا أبي علي في الأغفال ما يدلّ على أن المحذوف نون ضمير النصب في قولنا : كأنا ، وتاء تفعل في قولنا : هل تكلّم ، قال ذلك على لسان أبي العباس نقلا عن أبي بكر تقوية لمن يذهب في أن المحذوف من (لاه) اللّام الأصلية لا لام الإضافة كما ذهب إليه سيبويه (٣) ، وقال : لأنّ ما يحذف من المكرّرات إنما يحذف للاستثقال وإنما يقع الاستثقال فيما يتكرّر لا في المبدوء به الأول. ثم قال عقب ذلك : والذي رجّحه أبو علي أن المحذوف من

__________________

٢٣ ـ الشاهد بلا نسبة في الخصائص (١ / ٣٨٨) ، والمحتسب (٢ / ٢٢) ، والخزانة (٣ / ٥٢٥) ، والتصريح (١ / ١١١) ، والهمع (١ / ٥١) ، والدرر (١ / ٢٧).

(١) انظر الكتاب (٢ / ٣٩١).

(٢) انظر الكتاب (٤ / ٣).

٤٣

أنّنا وكأنّنا إنما هو النون الوسطى دون نون الضمير ، قال : لأنه عهد حذفها دون حذف نون الضمير.

الرابع : إذا اجتمع نون الوقاية ونون الإناث.

نحو : [الوافر]

٢٤ ـ [تراه كالثّغام يعلّ مسكا]

يسوء الفاليات إذا فليني

والأصل فلينني ، فحذف إحدى النونين ، واختلف في المحذوفة فقال المبرد : هي نون الوقاية لأن الأولى ضمير فاعل لا يليق بها الحذف ، ورجّحه ابن جنّي والخضراوي وأبو حيان وابن هشام. وفي (البسيط) أنه مجمع عليه. وقال سيبويه : هي نون الإناث. واختاره ابن مالك قياسا على (تأمروني) ، وردّه أبو حيان لأنه قياس على مختلف فيه.

الخامس : المضارع المبدوء بالتاء إذا كان ثانيه تاء نحو : تتعلم وتتكلم ، يجوز الاقتصار فيه على إحدى التاءين ، وهل المحذوف الأولى أو الثانية؟ قولان أصحهما الثاني وعليه البصريون ، لأنّ الأولى دالّة على معنى وهي المضارعة ، ورجّحه ابن مالك في (شرح الكافية) (٢) بأن الاستثقال في اجتماع المثلين ، إنما يحصل عند النطق بثانيهما فكان هو الأحقّ بالحذف. قال : وقد يفعل ذلك بما صدر فيه نونان كقراءة بعضهم (وَنُزِّلَ الْمَلائِكَةُ تَنْزِيلاً)(٣) [الفرقان : ٢٥] قال : وفي هذه القراءة دليل على أن المحذوف من التاءين هي الثانية لأن المحذوف من النونين في القراءة المذكورة إنما هي الثانية ، ورجّحه الزنجاني في (شرح الهادي) : بأن الثانية هي التي تعلّ فتسكن وتدغم في (تذكرون) ، فلما لحقها الإعلال دون الأولى لحقها الحذف دون الأولى ، إذ الحذف مثل الإعلال.

السادس : الفعل المضاعف على وزن فعل نحو : ظلّ ومسّ وأحسّ إذا أسند إلى الضمير المتحرّك نحو ظللت ومسست وأحسست ، جاز حذف أحد حرفي التضعيف

__________________

٢٤ ـ الشاهد لعمر بن معد يكرب في ديوانه (ص ١٨٠) ، والكتاب (٤ / ٤) ، وخزانة الأدب (٥ / ٣٧١) ، والدرر (١ / ٢١٣) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٣٠٤) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٢١٣) ، ولسان العرب (خلا) ، والمقاصد النحوية (١ / ٣٧٩) ، وبلا نسبة في جمهرة اللغة (ص ٤٥٩) ، وشرح المفصل (٣ / ٩١) ، ولسان العرب (حيج) ، والمنصف (٢ / ٣٣٧) ، وهمع الهوامع (١ / ٦٥).

(١) انظر شرح الكافية الشافية (٤ / ٢١٨٨) ، تح : عبد المنعم أحمد هريدي.

(٢) قرأ ابن كثير (وننزل) بنونين الثانية ساكنة وتخفيف الزاي ورفع اللام (تيسير الداني ١٣٣).

٤٤

فيقال : ظلت ومست وأحست ، وهل المحذوف الأول وهو العين أو الثاني وهو اللام؟ قولان أصحهما الأول ، وبه جزم في (التسهيل) (١) ، وقال أبو علي في (الأغفال) (٢) : قد حذف الأول من الحروف المتكررة كما حذف من الثاني وذلك قولهم : ظلت ومست ونحو ذلك.

فإن قيل : ما الدليل على أن المحذوف الأول؟ قيل : قول من قال : ظلت ومست ، فألقى حركة العين المحذوفة على الفاء ، كما ألقاها عليها في خفت وهبت وظلت ، ولو كان المحذوف اللام دون العين لتحرك ما قبل الضمير ، وكذلك قلب الأول من المتكرّرة نحو : (دينار) كما قلب الثاني نحو : تظنّيت وتقضّيت : وخفّفت الهمزة الأولى كما خفّفت الثانية نحو (جاءَ أَشْراطُها) [محمد : ١٨].

السابع : لا سيما إذا خفّفت ياؤها كقوله : [البسيط]

٢٥ ـ فـ بالعقود وبالأيمان لا سيما

عقد وفاء به من أعظم القرب

فهل المحذوف الياء الأولى وهي العين أو الثانية وهي اللام؟ اختار ابن جنّي الثانية وأبو حيان الأولى.

قال ابن إياز في (شرح الفصول) : واعلم أنه قد جاء تخفيف (سي) من لا سيما ، إلا أنهم لم ينصّوا على المحذوف منها هل هو عينها أو لامها ، والذي يقتضيه القياس أن يكون المحذوف اللام لأن الحذف منها هل هو عينها أو لامها ، والذي يقتضيه القياس أن يكون المحذوف اللام لأن الحذف إعلال ، والإعلال في اللام شائع كثير بخلافه في العين ، وبعضهم يزعم أنهم حذفوا الياء الأولى لأمرين ، أحدهما : سكونها والثانية متحرّكة والمتحرك أقوى من الساكن ، فكانت الأولى أولى بالحذف لضعفها ، والثاني : أنها زائدة والأولى منقلبة عن واو أصلية ، والزائد أولى من الأصلي بالحذف ، ولما حذفت الياء الأخيرة لم تردّ الياء إلى أصلها لإرادة المحذوف. انتهى ، وفي الكلام الأخير نظر.

الثامن : باب الأمثلة الخمسة إذا أكد بالنون الشديدة نحو : والله لتضربنّ ، فإنه يجتمع فيه ثلاثة نونات : نون الرفع والنون المشدّدة فتحذف واحدة وهي نون الرفع كما جزموا به ولم يحكوا فيه خلافا.

__________________

(١) انظر التسهيل (٣١٤).

(٢) الأغفال (١ / ٤٠).

٢٥ ـ الشاهد بلا نسبة في خزانة الأدب (٣ / ٤٤٧) ، والدرر (٣ / ١٨٦) ، وشرح الأشموني (١ / ٢٤١) ، وشرح شواهد المغني (ص ٤١٣) ، ومغني اللبيب (ص ١٤٠) ، وهمع الهوامع (١ / ٢٣٥).

٤٥

التاسع : ذو بمعنى صاحب ، أصله عند الخليل ذوو ، بوزن فعل (١) ، وعند ابن كيسان ذوو بالفتح فحذف إحدى الواوين ، قال أبو حيان : وفي المحذوف قولان أحدهما : الثانية وهي اللام وعليه أهل الأندلس وهو الظاهر ، والثاني : الأولى وهي العين وعليه أهل قرطبة.

العاشر : قال الشمس بن الصائغ في قوله : [المديد]

٢٦ ـ أيّها السّائل عنهم وعني

لست من قيس ولا قيس مني

الذي ذكروه أن المحذوف من (منّي) و (عنّي) نون الوقاية ، ويحتمل أن تكون باقية ونون من وعن هي المحذوفة ، إلا أن يقال : إن الحروف بعيدة عن الحذف منها.

الحادي عشر : ذا المشار بها عند البصريين ثلاثية الوضع (٣) ، وألفها منقلبة عن ياء عند الأكثرين وعن واو عند آخرين ، ولامها عن ياء باتفاق ، وجزموا بأن المحذوف اللام ولم يحكوا فيه خلافا ، ثم رأيت الخلاف فيه محكيّا في (البسيط) : قال أكثر النحاة على أن المحذوف لامه ، لأنها طرف فهي أحقّ بالحذف قياسا على الإعلال. ولأن حذف اللام أكثر من حذف العين فتعليق الحكم بالأعمّ أولى. ومنهم من قال : المحذوف عينه والموجود لامه ؛ لأن العين ساكنة والساكن أضعف من المتحرّك فهو أحقّ بالحذف ، ولأنه لو كان المحذوف لامه لعدمت علّة قلب الياء ألفا ، لأن العين تكون ساكنة فلا توجد فيها علّة القلب ، وأما اللام فمتحركة ، فإذا حذفت العين وجدت علّة الإعلال وهو تحرّك حرف العلّة وانفتاح ما قبله.

الثاني عشر : قال بدر الدين بن مالك في قوله تعالى : (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ فَرَوْحٌ) [الواقعة : ٨٨ ـ ٨٩] : إنّ أصل الفاء داخلة على (إن كان) وأخّرت للزوم الفصل بين أمّا والفاء ، فالتقى فاء إن فاء أما ، وفاء جواب (إن) ، فحذفت الثانية حملا على أكثر الحذفين نظائر.

الثالث عشر : إذا صغّرت كساء قلت كسيي ، وقد اجتمع فيه ثلاث ياءات : ياء

__________________

(١) انظر الكتاب (٣ / ٢٩٢).

٢٦ ـ الشاهد بلا نسبة في أوضح المسالك (١ / ١١٨) ، وتخليص الشواهد (ص ١٠٦) ، والجنى الداني (ص ١٥١) ، وجواهر الأدب (١٥٢) ، وخزانة الأدب (٥ / ٣٨٠) ، ورصف المباني (ص ٣٦١) ، والدرر (١ / ٢١٠) ، وشرح الأشموني (١ / ٥٦) ، وشرح التصريح (١ / ١١٢) ، وشرح ابن عقيل (ص ٦٣) ، وشرح المفصّل (٣ / ١٢٥) ، والمقاصد النحوية (١ / ٣٥٢) ، وهمع الهوامع (١ / ٦٤).

(٢) انظر الإنصاف المسألة (٩٥).

٤٦

التصغير والياء المنقلبة عن الألف ، والياء التي هي لام الكلمة فتحذف أحدها ، وهل المحذوف الياء الأخيرة التي هي لام الكلمة أو الياء المنقلبة عن الألف؟ قولان : نصّ سيبويه (١) على الأول ، كذا نقله أبو حيان بعد أن جزم بالثاني.

الرابع عشر : إذا نسبت إلى نحو طيّب وسيّد وميّت حذفت إحدى الياءين فقلت طيبي وسيدي تخفيفا ، وقد جزموا بأن المحذوف الثانية لا الأولى ، كذا جزم به ابن مالك (٢) وأبو حيان في كتبهما ، وعلّله أبو حيان بأن موجب الحذف توالي الحركات واجتماع الياءات فكان حذف المتحرّكة أولى ، وقال الزمخشري في (الفائق) : هين ولين مخفّفان من هيّن وليّن (٣). والمحذوف من ياءيهما الأولى ، وقيل الثانية.

الخامس عشر : يجوز حذف إحدى الياءين من أيّ ، قال الشاعر : [الطويل]

٢٧ ـ تنظّرت نسرا والسّماكين أيهما

[عليّ من الغيث استهلّت مواطره]

وقد جزم ابن جنّي في ذا بأن المحذوف الثانية ، وهي اللام لقلة حذف العين ، قال ولهذا بقيت الأخرى ساكنة كما كانت (٥).

السادس عشر : إذا اجتمعت همزة الاستفهام مع همزة قطع نحو (أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ) [الملك : ١٦] ، فإنها ترسم بألف واحدة وتحذف الأخرى كذا في خطّ المصحف ، واختلف في المحذوفة فقيل : الأولى وعليه الكسائي ، لأن الأصلية أولى بالثبوت ، وقيل : الثانية وعليه الفراء وثعلب وابن كيسان لأن بها حصل الاستثقال ولأنها تسهل والمسهل أولى بالحذف ، ولأن الأولى حرف معنى فهي الأولى بالثبوت.

السابع عشر : إذا وقف على المقصور المنوّن نحو : رأيت عصا ، وقف عليه بالألف ، قال ابن الخباز : وكان في التقدير ألفان ، لام الكلمة والألف التي هي بدل من التنوين ، كما في : رأيت زيدا في الوقف ، قال : وحذفت إحدى الألفين لأنه لا يمكن اجتماع ألفين ، قال : والمحذوفة هي الأولى عند سيبويه (٦) والباقية التي هي بدل من

__________________

(١) انظر الكتاب (٣ / ٥٢٤).

(٢) انظر التسهيل (٢٦٢).

(٣) انظر الفائق (٣ / ١٢٣).

٢٧ ـ الشاهد للفرزدق في ديوانه (٢٨١) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٣٩٣) ، ولسان العرب (حير) و (أيا) ، والمحتسب (١ / ٤١) ، وبلا نسبة في الجنى الداني (ص ٢٣٤) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٢٣٦) ، ومغني اللبيب (١ / ٧٧) ، وفي رواية (نصرا) وهو نصر بن سيّار.

(٤) انظر المحتسب (١ / ١٠٨).

(٥) انظر الكتاب (٣ / ٣٤٣).

٤٧

التنوين ، قال : وكانت الأولى أولى بالحذف لأن الطارئ يزيل حكم الثابت ، قال : فإن كان المقصور غير منوّن نحو : رأيت العصا فالألف هي لام الكلمة اتفاقا. وفي (شرح الإيضاح) لأبي الحسين بن أبي الربيع : اختلف النحويون في هذه الألف الموجودة في الوقف في الأحوال الثلاثة : في الرفع والنصب والجرّ ، فرجعت الألف الأصلية لزوال ما أزالها. وذهب المازني إلى أنها بدل من التنوين لأن قبل التنوين فتحة في اللفظ فصار (عصا) في الأحوال الثلاثة بمنزلة زيد في قولك رأيت زيدا. وذهب أبو علي الفارسي إلى أنها في الرفع والخفض بدل عن الألف الأصلية لزوال التنوين ، وفي النصب بدل من التنوين.

الثامن عشر : تحيّة وتئيّة إذا نسبت إليهما قلت : تحويّ وتأويّ بحذف إحدى الياءين وقلب الأخرى واوا ، والياء المحذوفة هي الأولى التي هي عين الكلمة ، والباقية المنقلبة هي الثانية وهي لام الكلمة ، جزم به أبو حيان.

التاسع عشر : باب رميّة ينسب إليه رمويّ كذلك ، والمحذوف الياء الأولى وهي الياء المدغمة في لام الكلمة جزم به أيضا. وكذلك باب (مرميّ) إذا قيل فيه (مرموي) ، المحذوف منه الياء الأولى وهي الزائدة المنقلبة عن واو مفعول ، والباقية المنقلبة هي لام الكلمة جزموا به.

العشرون : قال صاحب (الترشيح) (١) : إذا صغّرت أسود وعقابا وقضيبا وحمارا قلت أسيّد وعقيّب وقضيّب وحميّر ، بياء مشدّدة مكسورة ، فإذا نسبت إلى هذه حذفت الياء المتحركة التي آخر الاسم فقلت أسيدي وقضيبي بياء ساكنة.

الحادي والعشرون : قال أبو حيان : إذا صغّرت مبيطر ومسيطر ومهيمن ، أسماء فاعل من بيطر وسيطر وهيمن ، تحذف الياء الأولى لأنها أولى بالحذف وتثبت ياء التصغير.

الثاني والعشرون : إذا اجتمعت همزتان متفقتان في كلمتين نحو (جاءَ أَجَلُهُمْ) [الأعراف : ٣٤] ، و (الْبَغْضاءَ إِلى) [المائدة : ١٤] ، أولياء أولئك ، جاز حذف إحداهما تخفيفا ، ثم منهم من يقول : المحذوف الأولى لأنها وقعت آخر الكلمة

__________________

(١) صاحب الترشيح هو ابن الطّراوة النحوي : هو سليمان بن محمد بن عبد الله السبائي المالقي ، أبو الحسين ، أديب من كتّاب الرسائل ، له شعر ، وله آراء في النحو تفرّد بها. من مؤلّفاته : «الترشيح» في النحو ، و «المقدّمات على كتاب سيبويه» و «مقالة في الاسم والمسمّى». (ت ٥٢٨ ه‍ / ١١٣٤ م). ترجمته في : بغية الوعاة (٢٦٣) ، وإنباه الرواة (٤ / ١٠٧).

٤٨

محل التغيير ، ومنهم من يقول : المحذوف الثانية لأن الاستثقال إنما جاء عندها. حكاه السيد ركن الدين في (شرح الشافية).

الثالث والعشرون : باب الإفعال والاستفعال مما اعتلّت عينه كإقامة واستقامة أصلهما قوام واستقوام ، نقلت حركة الواو فيهما وهي العين إلى الفاء فانقلبت ألفا لتجانس الفتحة ، فالتقى ألفان فحذفت إحداهما لالتقاء الساكنين ثم عوض منها تاء التأنيث.

واختلف النحويون أيتهما المحذوفة ، فذهب الخليل وسيبويه (١) إلى أن المحذوف ألف إفعال واستفعال لأنها الزائدة ولقربها من الطرف ، ولأن الاستثقال بها حصل ، وإليه ذهب ابن مالك (٢). وذهب الأخفش (٣) والفراء إلى أن المحذوف عين الكلمة.

الرابع والعشرون : باب مفعول المعتلّ العين نحو مبيع ومصون ، أصلهما مبيوع ومصوون ، ففعل بهما ما فعل بإقامة واستقامة من نقل حركة الياء والواو إلى الساكن قبلهما ، فالتقى ساكنان : الأول عين الكلمة ، والثاني واو مفعول الزائدة ، فوجب حذف أحدهما ، واختلف في أيّهما حذف ، فذهب الخليل وسيبويه إلى أن المحذوف واو مفعول لزيادتها ولقربها من الطرف (٤). وذهب الأخفش إلى أنّ المحذوف عين الكلمة لأن واو مفعول لمعنى ، ولأن الساكنين إذا التقيا في كلمة حذف الأول (٥).

الخامس والعشرون : (يَسْتَحْيِي) [البقرة : ٢٦] بياءين في لغة الحجاز ، وأما تميم فتقول : (يستحي) بياء واحدة ، قال في (التسهيل) (٦) : فيحذفون إحدى الياءين ، قال أبو حيان : إما التي هي لام الكلمة ، وإما التي هي عين الكلمة ، أما حذف لام الكلمة فلأن الأطراف محلّ التغيير ، فلما حذفت بقيت يستحي كحاله مجزوما ، فنقل حركة الياء إلى الحاء التي هي فاء الكلمة وسكنت الياء ، أما حذف عين الكلمة فقيل : نقل حركة الياء التي هي عين إلى الحاء فالتقى ساكنان : الياء التي هي عين

__________________

(١) انظر الكتاب (٤ / ٤٨٨).

(٢) انظر تسهيل الفوائد (٣١٢).

(٣) انظر المقتضب (١ / ١٠٥) ، والمنصف (١ / ٢٩١).

(٤) انظر الكتاب (٤ / ٤٩١).

(٥) انظر المقتضب (١ / ١٠٠) ، والمنصف (١ / ٢٨٧).

(٦) انظر تسهيل الفوائد (٣١٤).

٤٩

الكلمة ، والياء التي هي لام ، فحذف الأولى لالتقاء الساكنين. فعلى التقدير الأول يكون وزن الكلمة : يستفع ، وعلى الثاني يكون وزنها : يستفل.

السادس والعشرون : باب صحارى وعذارى فيه لغات : التشديد وهو الأصل ، والتخفيف هروبا من ثقل الجمع مع ثقل التشديد ، ثم الأولى بالحذف الياء التي هي بدل من ألف المدّ ، لأنه قد عهد حذفها ، ولأن الكلمة خماسية ، والمبدلة من ألف التأنيث بمنزلة الأصلي فهي أحقّ بالثبوت ، وما قبلها أحقّ بالحذف. قاله في (البسيط).

السابع والعشرون : قراءة ابن محيصن سواء عليهم أنذرتهم [البقرة : ٦] بحذف إحدى الهمزتين. قال (١) ابن جنّي في (المحتسب) : المحذوف الأولى وهي همزة الاستفهام ، قال : فإن قيل : فلعلّ المحذوف الثانية ، قيل : قد ثبت جواز حذف همزة الاستفهام ، وأما حذف همزة أفعل في الماضي فبعيد.

الثامن والعشرون : باب جاء وشاء اسم فاعل من جاء وشاء أصله جائي وشائي لأن لام الفعل همزة ، فمذهب الخليل (٢) أن الهمزة الأولى هي لام الفعل قدّمت إلى موضع العين كما قدّمت في شاك وهار ، ومذهب سيبويه (٣) هي عين الفعل ، استثقل اجتماع الهمزتين فقلبت الأخيرة ياء على حركة ما قبلها وهي لام الفعل عنده ثم فعل به ما فعل بقاض ، فوزنه على هذا فاعل. وعلى قول الخليل : فالع لأنه مقلوب ، وآل هذا إلى أن في المحذوف قولين : قول سيبويه اللام ، وقول الخليل العين.

التاسع والعشرون : نحو : [الرجز]

٢٨ ـ يا زيد زيد اليعملات [الذّبّل

تطاول اللّيل عليك فانزل]

و : [المنسرح]

__________________

(١) المحتسب (١ / ٥٠) ، والإتحاف (١٢٨).

(٢) انظر الكتاب (٤ / ٥٢٠).

(٣) انظر الكتاب (٤ / ٥٢٠).

٢٨ ـ الشاهد لعبد الله بن رواحة في ديوانه (ص ٩٩) ، وخزانة الأدب (٢ / ٣٠٢) ، والدرر (٦ / ٢٨) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٢٧) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٤٣٣) ، ولبعض بني جرير في الكتاب (٢ / ٢٠٩) ، وشرح المفصّل (٢ / ١٠) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٢٢١) ، وبلا نسبة في شرح الأشموني (٢ / ٤٥٤) ، واللامات (ص ١٠٢) ، ولسان العرب (عمل) ، ومغني اللبيب (٢ / ٤٥٧) ، والمقتضب (٤ / ٢٣٠) ، والممتع في التصريف (١ / ٩٥) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٢٢).

٥٠

٢٩ ـ [يا من رأى عارضا أسرّ به]

بين ذراعي وجبهة الأسد

وفي المحذوف خلاف ، قال المبرد : الأول ، وقال سيبويه : الثاني ، ورجّحه ابن هشام.

قال ابن النحاس في (التعليقة) : قولهم قطع الله يد ورجل من قالها ، أجمعوا على أن هنا مضافا إليه محذوفا من أحدهما ، واختلفوا من أيّهما حذف ، فمذهب سيبويه حذف من الثاني وهو أسهل لأنه ليس فيه وضع ظاهر موضع مضمر ، وليس فيه أكثر من الفصل بين المضاف والمضاف إليه بغير الظرف ، وحسّن ذلك وشجعه كون الدليل يكون مقدّما على المدلول عليه ، ومذهب المبرّد أن الحذف من الأول وأن (رجل) مضاف إلى (من) المذكورة و (يد) مضافة إلى (من قالها) أخرى محذوفة ، ويلزمه أن يكون قد وضع الظاهر موضع المضمر ، إذ الأصل : يد من قالها ورجله ، وحسّن ذلك عنده كون الأوّل معدوما في اللّفظ ، فلم يستنكره لذلك ، انتهى.

الثلاثون : نحو : زيد وعمرو قائم ، ومذهب سيبويه (٢) أن الحذف فيه من الأول ، مع أن مذهبه في نحو :

زيد زيد اليعملات (٣)

أن الحذف من الثاني (٤) ، قال ابن الحاجب : إنما اعترض بالمضاف الثاني بين المتضايفين ليبقى المضاف إليه المذكور في اللفظ عوضا مما ذهب ، وأما هنا فلو كان (قائم) خبرا عن الأول لوقع في موضعه ، إذ لا ضرورة تدعو إلى تأخيره ، إذا كان الخبر بحذف بلا عوض نحو : زيد قائم وعمرو ، من غير قبح في ذلك ، انتهى.

وقيل أيضا : كلّ من المبتدأين عامل في الخبر ، فالأولى إعمال الثاني لقربه ، قال ابن هشام (٥) : ويلزم من هذا التعليل أن يقال بذلك في مسألة الإضافة ، قال : والخلاف إنما هو عند التردّد ، وإلا فلا تردد في أن الحذف من الأول في قوله : [المنسرح]

__________________

٢٩ ـ الشاهد للفرزدق في خزانة الأدب (٢ / ٣١٩) ، والكتاب (١ / ٢٣٩) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٩٩) ، وشرح المفصّل (٣ / ٢١) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٤٥١) ، والمقتضب (٤ / ٢٢٩) ، وبلا نسبة في تخليص الشواهد (٨٧) ، وخزانة الأدب (١٠ / ١٨٧) ، والخصائص (٢ / ٤٠٧) ، ورصف المباني (ص ٣٤١) ، وسرّ صناعة الإعراب (ص ٢٩٧) ، وشرح الأشموني (٢ / ٣٣٦) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٥٠٢) ، ولسان العرب (بعد) و (يا).

(١) انظر الكتاب (١ / ١٢٣).

(٢) مرّ الشاهد رقم (٢٨).

(٣) انظر الكتاب (٢ / ٢١١).

(٤) انظر مغني اللبيب (٢ / ٦٨٧).

٥١

٣٠ ـ نحن بما عندنا وأنت بما

عندك راض والرّأي مختلف

ومن الثاني قوله : [الطويل]

٣١ ـ [فمن يك أمسى بالمدينة رحله]

فإنّي وقيّارا بها لغريب

الحادي والثلاثون : ذات أصلها (ذويه) ، تحركت الواو والياء فقلب كل منهما ألفا فالتقى ألفان فحذف أحدهما.

قال ابن هشام في (تذكرته) : وينبغي أن ينظر هل المحذوف فيها الألف الأولى أو الثانية؟ فقياس قول سيبويه والخليل في إقامة واستقامة أن يكون المحذوف الأولى ؛ وقياس قولهما في مثل (مصون) أن يكون المحذوف الثانية.

الثاني والثلاثون : قولهم : (لاه أبوك) ، في (لله أبوك) (٣). قال الشّلوبين في تعليقه على كتاب سيبويه : مذهبنا أن المحذوف حرف الجرّ واللام التي للتعريف ، وزعم المبرد أن المحذوف اللام المعرّفة ولام الله الأصلية ، والمبقاة لام الجرّ فتحت ردّا إلى أصلها ، كما تفتح مع المضمر ، قال : وهذا أولى لأن في مذهبكم حذف الجارّ ، وإبقاء عمله وهو مع ذلك حرف معنى ، وأما أنا فلم أحذف حرف المعنى بل حذفت ما لا معنى له.

قال الشلوبين : وهذا المذهب قد وافق في حذف اللام المعرفة ، وبقي الترجيح بين حرف الجرّ وحرف الأصل ، فزعمنا أن المحذوف حرف الجرّ ، وزعم أن المحذوف اللام الأصلية ورجح مذهبه بأن حرف الجرّ لمعنى وفيه إبقاء عمله.

__________________

٣٠ ـ الشاهد لقيس بن الخطيم في ملحق ديوانه ص ٢٣٩) ، والكتاب (١ / ١٢٣) ، وتخليص الشواهد (ص ٢٠٥) ، والدرر (٥ / ٣١٤) ، والمقاصد النحوية (١ / ٥٥٧) ، ولعمرو بن امرئ القيس الخزرجي في الدرر (١ / ١٤٧) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٢٧٩) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ١٢٨) ، وبلا نسبة في شرح الأشموني (١ / ٤٥٣) ، والصاحبي في فقه اللغة (ص ٢١٨) ، ومغني اللبيب (٢ / ٦٢٢) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٠٩).

٣١ ـ الشاهد لضابئ بن الحارث البرجميّ في الكتاب (١ / ١٢٤) ، والأصمعيات (١٨٤) ، والإنصاف (ص ٩٤) ، وتخليص الشواهد (ص ٣٨٥) ، وخزانة الأدب (٩ / ٣٢٦) ، والدرر (٦ / ١٨٢) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٣٦٩) ، وشرح التصريح (١ / ٢٢٨) ، وشرح شواهد المغني (ص ٨٦٧) ، وشرح المفصّل (٨ / ٨٦) ، ولسان العرب (قير) ، وبلا نسبة في رصف المباني (ص ٢٦٧) ، وسرّ صناعة الإعراب (ص ٣٧٢) ، وشرح الأشموني (١ / ١٤٤) ، ومجالس ثعلب (ص ٣١٦) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٤٤).

(١) انظر الكتاب (٢ / ١٦٣).

٥٢

وينبغي أن يترجّح مذهبنا لأنه قد ثبت حرف الجرّ محذوفا وعمله مبقى في نحو (خير عافاك الله) وفي مذهبه ادّعاء فتح اللام ، ونحن نبقي الكلام على ظاهره ، وأيضا فإن الذين يفتحون اللام الجارة قوم بأعيانهم ، لا يفعل ذلك غيرهم. وجميع العرب يقولون : (لاه أبوك) بالفتح فدلّ على أنها ليست الجارة ، إذ لو كانت الجارة لما فتحها إلا من لغته أن يقول : المال لزيد ولعمرو فهذا يؤيّد ما ذهبنا إليه ، انتهى.

الثالث والثلاثون : (الآن) أصله : أوان ، ثم قيل : حذفت الألف بعد الواو وقلبت الواو ألفا ، وقيل : بل حذفت الواو وبقيت الألف بعدها فوقعت بعد الهمزة.

حكاهما في (البسيط).

فصل من نظائر ذلك وهو عكس القاعدة

قال أبو حيان : اختلف النحويون في أي الحرفين من المضاعف هو الزائد ، فذهب الخليل إلى أن الزائد هو الأول فاللام الأولى من (سلّم) هي الزائدة ، وكذلك الزاي الأولى من (فلّز) (١) ، وذهب يونس فيما ذكره الفارسي عنه إلى أن الثاني هو الزائد.

حجّة الخليل : أن المثل الأول قد وقع موقعا يكثر فيه أمهات الزوائد وهي الياء والواو والألف ، ألا ترى أنها تقع زائدة ساكنة ثانية نحو : حوقل وصيقل وكاهل ، وثالثة نحو : كتاب وعجوز وقضيب ؛ فإذا جعلنا الأولى من سلم وفلز زائدة كانت واقعة موقع هذه الحروف ، وكذلك في قردد وما أشبه مما تحرك فيه المضاعفان ، الأول هو الزائد عند الخليل.

وحجة يونس : أن المثل الثاني يقع موقعا يكثر فيه أمهات الزوائد ، ألا ترى أن الواو والياء تزادان متحركتين نحو : جهور وعثير ، ورابعين نحو : كنهور وعفرية ، فإذا كان الثاني من سلّم وفلز زائدا كان واقعا موقع هذين الحرفين.

قال أبو حيان : ولا حجّة فيما استدلّ به الخليل ويونس لأنه ليس فيه أكثر من التأنيس وبالإتيان بالنظير ، وأما سيبويه فقد حكم بأن الثاني هو الزائد ، ثم قال بعد ذلك : وكلا الوجهين صواب ومذهب ، فهذا يدلّ على احتمال الوجهين.

واختلف في الصحيح ، فذهب الفارسي إلى أن الصحيح مذهب سيبويه ، واستدلّ على ذلك بوجود اسحنكك واقعنسس وشبههما في كلامهم ، قال : وذلك أن النون في افعنلل من الرباعي لم توجد قطّ إلا بين أصلين نحو : احرنجم ، فينبغي أن

__________________

(١) في نسخة (بلّز).

٥٣

يكون ما ألحق به من الثلاثي بين أصلين لئلا يخالف الملحق به ، ولا يمكن ذلك إلا بجعل الأول هو الأصل والثاني هو الزائد ، وإذا ثبت ذلك في هذا حملت سائر المضاعفات عليه. وذهب ابن عصفور إلى أن الصحيح مذهب الخليل بدليلين :

أحدهما : قول العرب في تصغير (صمحمح) صميح ، فحذفوا الحاء الأولى ، فثبت أنها الزائدة ، لأنه لا يجوز حذف الأصلي وإبقاء الزائد.

والثاني : أن العين إذا تضعّفت وفصل بينهما حرف ، فذلك الحرف لا يكون إلّا زائدا نحو : (عثوثل وعقنقل) ، ألا ترى أن الواو والنون الفاصلتين بين العينين زائدتان ، فإذا ثبت ذلك تبيّن أن الزائد من الحاءين في (صمحمح) هي الأولى لأنها فاصلة بين العينين ، فلا ينبغي أن تكون أصلا ، لئلا يكون في ذلك كسر لما استقرّ في كلامهم من أنه لا يجوز الفصل بين العينين إلا بحرف زائد ، وإذا ثبت أن الزائد من المثلين في هذين الموضعين هو الأول حملت سائر المواضع عليهما.

وذهب ابن خروف والشّلوبين إلى التسوية بين مذهب الخليل ومذهب سيبويه.

وذهب ابن مالك إلى تفصيل ، فحكم بزيادة الثاني والثالث في صمحمح ونحوه ، والثالث والرابع في مرمريس ، وأن الثاني في نحو : اقعنسس والأول في نحو : (علّم) أولى بالزيادة. قال أبو حيان : وهذا التفصيل الذي ذكره ليس مذهبا لأحد ، وإنما هو إحداث قول ثالث جريا على عادته.

وفي (البسيط) : اختلف في (مغدودن) هل الزائد فيه الدال الأولى أو الثانية؟ فعلى الأول يقال في تصغيره مغيدن بحذف الواو مع الدال ، لأن الواو وقعت ثالثة ، وعلى الثاني مغيدين بقلبها ياء لأنها رابعة فلا تحذف.

[تنبيه]

باب اقعنسس : قال ابن مالك (١) : ثاني المثلين فيه أولى بالزيادة لوقوعه موقع ألف (احرنبى) ، قال أبو حيان : جهة الأولوية ، أنه لمّا ألحق احرنبى باحرنجم ، واحرنبى من باب الثلاثة لم يأتوا بالزائد الذي للإلحاق إلا أخيرا وهي الألف ، وكذلك ما جيء به للإلحاق في هذا النوع هو مقابل لهذه الألف ، والمقابل لها في (اقعنسس) إنما هي السين الثانية ، فلذلك حكم عليها بأنها الزائدة ليجري باب الثلاثي في

__________________

(١) انظر التسهيل (٢٩٧).

٥٤

الإلحاق بالرباعي مجرى واحدا ، ألا ترى أنهما مشتقّان من الحرب والقعس ، فلذلك كان الأولى أن تكون السين الثانية هي الزائدة.]

ومن ذلك أيضا قال أبو حيان : سألني شيخنا بهاء الدين بن النحاس عن قولهم هاذانّ بالتشديد : ما النون المزيدة؟

قلت له : الأولى ، فقال : قال الفارسي في (التذكرة) : هي الثانية لئلا يفصل بين ألف التثنية ونونها ولا يفصل بينهما ، قلت له : يكثر العمل في ذلك لأنّا نكون زدنا نونا متحركة ثم أسكنّا الأولى وأدغمنا أو زدناها ساكنة ، ثم أسكنا الأولى وأدغمنا فتحركت لأجل الإدغام بالكسر على أصل التقاء الساكنين ، وعلى ما ذكرته نكون زدنا نونا ساكنة وأدغمنا فقط فهذا أولى عندي لقلّة العمل ، ثم ظهر لي تقويته أيضا بأنّ الألف والنون ليستا متلازمتين فيكره الفصل بينهما ، ألا ترى إلى انفكاكها منها بالحذف والإضافة وتقصير الصلة ، انتهى.

وقال الشلوبين : قال بعض النحويين (١) : إنّ النون الثانية بدل من اللام المحذوفة من ذا ومن ذلك قول زهير : [الطويل]

٣٢ ـ أراني إذا ما بتّ بتّ على هوى

فثمّ إذا أصبحت أصبحت غاديا

وقول الآخر : [الكامل]

٣٣ ـ فرأيت ما فيه فثمّ رزئته

[فلبثت بعدك غير راض معمري]

قال السخاوي في (شرح المفصل) : أحد الحرفين فيهما زائد (الفاء) أو (ثم) ، قال : وزيادة الفاء قد وقعت كثيرا ولم تقع زيادة (ثم) إلا نادرا فالقضاء بزيادة الفاء أولى.

وقال صاحب (البسيط) : زاد الفاء مع (ثم) ، وقيل : (ثم) هي الزائدة دون الفاء لحرمة التصدّر.

__________________

(١) انظر المقتضب (٣ / ٢٧٥)

٣٢ ـ الشاهد لزهير في ديوانه (٢٨٥) ، وخزانة الأدب (٨ / ٤٩٠) ، والدرر (٦ / ٨٩) ، ورصف المباني (ص ٢٧٥) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٢٨٢) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٦٥٤) ، وشرح المفصّل (٨ / ٩٦) ، ومغني اللبيب (١ / ١١٧) ، وبلا نسبة في سرّ صناعة الإعراب (١ / ٢٦٤) ، وشرح الأشموني (٢ / ٤١٨) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٣٥٨) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٣١).

٣٣ ـ الشاهد لأبي كبير الهذليّ في خزانة الأدب (٨ / ٤٩١) ، وشرح أشعار الهذليين (ص ١٠٨٢) ، ولسان العرب (عمر).

٥٥

فصل ما يناظر ما نحن فيه

ويناظر ما نحن فيه مسألة ، قال الشيخ بهاء الدين بن النحاس في (التعليقة) : أجمع النّحاة على أن ما فيه تاء التأنيث يكون في الوصل تاء وفي الوقف هاء على اللغة الفصحى ، واختلفوا أيّهما بدل من الأخرى ، فذهب البصريون إلى أن التاء هي الأصل وأن الهاء بدل عنها ، وذهب الكوفيون إلى عكس ذلك.

واستدلّ البصريون بأن بعض العرب يقول التاء في الوصل والوقف كقوله : [الرجز]

٣٤ ـ الله نجاك بكفي مسلمت

ولا كذلك الهاء ، فعلمنا أن التاء هي الأصل ، وأن الهاء بدل عنها ، وبأن لنا موضعا قد ثبتت فيه التاء للتأنيث بالإجماع وهو في الفصل نحو : قامت وقعدت ، وليس لنا موضع قد ثبتت الهاء فيه ، فالمصير إلى أن التاء هي الأصل ، أولى لما يؤدّي قولهم إليه من تكثير الأصول.

واستدلّوا أيضا بأن التأنيث في الوصل الذي ليس بمحلّ التغيير ، والهاء إنما جاءت في الوقف الذي هو محلّ التغيير ، فالمصير إلى أن ما جاء في محل التغيير هو البدل أولى من المصير إلى أن البدل ما ليس في محل التغيير.

إذا اجتمع النكرة والمعرفة غلبت المعرفة : تقول : هذا زيد ورجل منطلقين ، فتنصب منطلقين على الحال تغليبا للمعرفة ؛ ولا يجوز الرفع. ذكره الأندلسي في (شرح المفصل).

إذا اجتمع المذكّر والمؤنّث : غلّب المذكّر وبذلك استدلّ على أنه الأصل والمؤنّث فرع عليه ، وهذا التغليب يكون في التثنية وفي الجمع وفي عود الضمير وفي الوصف وفي العدد.

إذا اجتمع طالبان روعي الأول : فيه فروع :

ـ منها : إذا اجتمع القسم والشّرط جعل الجواب للأول منهما ، إذا لم يتقدّمهما شيء.

ـ ومنها : أن العرب راعت المتقدّم في قولهم : عندي ثلاثة ذكور من البطّ

__________________

٣٤ ـ الرجز لأبي النجم في شرح التصريح (٢ / ٣٤٤) ، ولسان العرب (ما) ، ومجالس ثعلب (١ / ٣٢٦) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (٤ / ٣٤٨) ، وخزانة الأدب (٤ / ١٧٧) ، والخصائص (١ / ٣٠٤) ، ورصف المباني (١٦٢) ، وسرّ صناعة الإعراب (١ / ١٦٠) ، وشرح الأشموني (٣ / ٧٥٦) ، وشرح شافية ابن الحاجب (٢ / ٢٨٩) ، وشرح المفصّل (٥ / ٨٩).

٥٦

وعندي ثلاثة من البطّ ذكور ، فأتوا بالتاء مع ثلاثة لما تقدّم لفظ ذكور ، وحذفوها لما تقدّم لفظ البطّ.

ـ ومنها : قال الكوفيون : إذا تنازع عاملان فالأولى إعمال الأول جريا على هذه القاعدة ، إذا أمكن أن يكون حرف موجود في الكلمة أصليا فيها أو غير أصليّ ، فكونه أصليا أو منقلبا عنه أولى ، ذكر هذه القاعدة الشلوبين في (شرح الجزولية) ، وبنى عليها أن الواو والألف والياء في الأسماء الستة لا مات للكلمة لا زائدة للإشباع.

إذا اجتمع الواو والياء : غلبت الياء نحو طويت طيّا والأصل طويا. ذكره ابن الدهان في (الغرة).

إذا اجتمع ضميران متكلم ومخاطب : غلب المتكلّم نحو : قمنا ، وإذا اجتمع مخاطب وغائب غلب المخاطب نحو : قمتما.

إذا تمّ الفعل بفاعله : أشبها حينئذ الحرف فلذلك لم يستحقّا الإعراب ذكره ابن جنّي في (الخاطريات). قال : وجه شبه الفعل وفاعله بالحرف أنهما جزما الفعل عند أبي الحسن في نحو قولنا : إن تقم أقم ، وأيضا فإن الفعل بفاعله قد ألغيا كما يلغى الحرف ، وذلك نحو : زيد ظننت قائم.

إذا دار الأمر بين الاشتراك والمجاز فالمجاز أولى : ومن ثم رجّح أبو حيّان وغيره قول البصريين : إن اللام ، في نحو : (فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا) [القصص : ٨] هي لام السبب على جهة المجاز ، لا لام أخرى تسمّى لام الصيرورة ، أو لام العاقبة ، لأنه إذا تعارض المجاز ووضع الحرف لمعنى متجرّد ، كان المجاز أولى ؛ لأن الوضع يؤول فيه الحرف إلى الاشتراك ، والمجاز ليس كذلك.

وقال ابن فلاح في (المغني) اختلف هل المضارع مشترك بين الحال والاستقبال أو حقيقة في الحال مجاز في الاستقبال؟ قال : والثاني أرجح ، لأنه إذا تعارض الاشتراك والمجاز فالمجاز أولى على المختار.

وقال ابن القواس في (شرح الدرة) : الكلمة تطلق مجازا على الجمل المركّبة.

فإن قيل : هلّا كان إطلاقها عليها حقيقة فتكون مشتركة؟

أجيب : بأنه إذا أمكن الحمل على المجاز كان أولى إذا دار الأمر بين الترادف والحذف لا لعلّة ؛ فادّعاء الترادف أولى ؛ لأن باب الترادف أكثر من باب الحذف لا لعلّة ، مثاله قولهم : سبط وسبطر ودمث ودمثر وهندي وهندكي ، فهذه ألفاظ بمعنى واحد وتعارض أمران : أحدهما : أن يكونا أصلين ويصير هذا من الترادف ، والآخر أن

٥٧

تقول : حذفت الراء من سبط ودمث شذوذا ، إذ لا يمكن أن يدعي أن الراء زائدة لأنها ليست من حروف الزيادة ، فكان ادّعاء الأصالة في كلّ من الكلمتين أولى من ادّعاء أن أصلهما واحد وأنه حذفت لام الكلمة شذوذا وأنهما لفظ واحد.

إذا دار الاختلال بين أن يكون في اللفظ أو في المعنى كان في اللفظ أولى : لأن المعنى أعظم حرمة إذ اللفظ خدم المعنى ، وإنما أتي باللفظ من أجله. ذكره ابن الصائغ في (تذكرته) وبنى عليه ترجيح زيادة (كان) في قوله : [الوافر]

٣٥ ـ [فكيف إذا رأيت ديار قوم]

وجيران لنا ـ كانوا ـ كرام

على القول بأنّها تامّة ، لأن المعنى حينئذ : وجدوا فيما مضى ، وذلك معلوم ، فتصير الجملة حينئذ حشوا لا معنى لها.

إذا نقل الفعل إلى الاسم لزمته أحكام الأسماء : ذكر هذه القاعدة ابن يعيش (٢) في (شرح المفصل) ومن ثم قطعت همزة (إصمت) (٣) اسما للفلاة وأصله فعل أمر.

إذا وقع (ابن) بين علمين فله خصائص : أحدها : أنه يحذف التنوين من الأول ، لأن العلمين مع (ابن) كشيء واحد نحو : جاء زيد بن عمرو ، قال ابن يعيش : وسواء في ذلك الاسم والكنية واللقب كقوله : [البسيط]

٣٦ ـ ما زلت أغلق أبوابا وأفتحها

حتّى أتيت أبا عمرو بن عمّار

قال : فحذف التنوين من أبي عمرو بمنزلة حذفه من جعفر بن عمار.

الثاني : يجوز حكاية العلم الموصوف به كقولك لمن قال : رأيت زيد بن

__________________

٣٥ ـ الشاهد للفرزدق في ديوانه (٢ / ٩٠) ، والأزهية (ص ١٨٨) ، والكتاب (٢ / ١٥٥) ، وتخليص الشواهد (ص ٢٥٢) ، وخزانة الأدب (٩ / ٢١٧) ، وشرح الأشموني (١ / ١١٧) ، وشرح التصريح (١ / ١٩٢) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٦٩٣) ، ولسان العرب (كنن) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٤٢) ، والمقتضب (٤ / ١١٦) ، وبلا نسبة في أسرار العربية (ص ١٣٦) ، وشرح ابن عقيل (ص ١٤٦) ، والصاحبي في فقه اللغة (ص ١٦١) ، ولسان العرب (كون) ، ومغني اللبيب (١ / ٢٨٧).

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٣١).

(٢) إصمت : اسم علم لبريّة بعينها. انظر معجم البلدان (١ / ٢١٢).

٣٦ ـ الشاهد للفرزدق في الكتاب (٣ / ٥٦٣) ، وأدب الكاتب (ص ٤٦١) ، وسرّ صناعة الإعراب (٢ / ٤٥٦) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٢٦١) ، وشرح شافية ابن الحاجب (١ / ٩٣) ، ولسان العرب (غلق) ، ومراتب النحويين (ص ٣٤) ، وليس في ديوانه ، وبلا نسبة في شرح المفصّل (١ / ٢٧).

٥٨

عمرو ، ومن زيد بن عمرو؟ لأنهما صارا بمنزلة واحدة ، ولا يجوز حكاية العلم الموصوف بغيره ، بل ولا المتبع لشيء من التوابع أصلا.

الثالث (١) : إذا نودي نحو : (يا زيد بن عمرو) ، كانت الصفة منصوبة على كل حال وجاز في المنادى وجهان ، أحدهما : الضم على الأصل ، والثاني : الإتباع ، فتفتح الدال من زيد إتباعا لفتحة النون. قال ابن يعيش : وهو غريب ، لأنّ حقّ الصفة أن تتبع الموصوف في الإعراب ، وهنا قد تبع الموصوف الصفة ، والعلّة في ذلك أنّهما جعلا لكثرة الاستعمال كالاسم الواجد ، ولذلك لا يحسن الوقوف على الاسم الأول ويبتدأ بالثاني فيقال : ابن فلان.

الرابع (٢) : يحذف ألف ابن في الخطّ لكثرة الاستعمال ولأنه لا ينوي فصله مما قبله.

أسبق الأفعال

قال الزجاجي في كتاب (إيضاح علل النحو) (٣) : اعلم أن أسبق الأفعال في التقدّم الفعل المستقبل ؛ لأنّ الشيء لم يكن ثم كان ، والعدم سابق ، ثم يصير في الحال ، ثم يصير ماضيا فيخبر عنه بالماضي ، فأسبق الأفعال في الرتبة المستقبل ، ثم فعل الحال ، ثم فعل الماضي.

فإن قيل : هلّا كان لفعل الحال لفظ ينفرد به عن المستقبل لا يشركه فيه غيره ليعرف بلفظه أنه للحال كما كان للماضي لفظ يعرف به أنه ماض؟.

فالجواب : قالوا : لما ضارع الفعل المستقبل الأسماء بوقوعه موقعها وبسائر الوجوه المضارعة المشهورة قوي فأعرب ، وجعل بلفظ واحد يقع بمعنيين حملا له على شبه الأسماء ، كما أن من الأسماء ما يقع بلفظ لمعان كثيرة كالعين ونحوها ، كذلك جعل الفعل المستقبل بلفظ واحد يقع لمعنيين ليكون ملحقا بالأسماء حين ضارعها ، والماضي لم يضارع الأسماء فيكون له قوّتها فبقي على حاله.

الاستغناء

هو باب واسع فكثيرا ما استغنت العرب عن لفظ بلفظ ، من ذلك استغناؤهم عن

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٥).

(٢) انظر شرح المفصّل (٢ / ٥).

(٣) انظر الإيضاح في علل النحو (٨٥).

٥٩

تثنية سواء بتثنية (سي) فقالوا : سيّان ولم يقولوا سواءان ، وتثنية ضبع الذي هو اسم لمؤنّث عن تثنية ضبعان الذي هو اسم لمذكر فقالوا : ضبعان ولم يقولوا : ضبعانان.

قال أبو حيان : العرب تستغني ببعض الألفاظ عن بعض ، ألا ترى استغناءهم بترك وتارك عن ، وذر ، وواذر ، وبقولهم رجل آلي عن أعجز وامرأة عجزاء عن ألياء في أشهر اللغات.

وقد عقد ابن جنّي في (الخصائص) بابا في الاستغناء بالشيء عن الشيء ، قال (١) فيه : قال سيبويه (٢) : اعلم أن العرب قد تستغني بالشيء عن الشيء حتى يصير المستغنى عنه مسقطا من كلامهم البتّة ، فمن ذلك استغناؤهم بترك عن (وذر) و (ودع) ، وبلمحة عن ملمحة وعليها كسرت ملامح ، وبشبه عن مشبه ، وعليه جاء مشابه ، وبليلة عن ليلاة ، وعليها جاءت ليالي ، على أن ابن الأعرابي قد أنشد : [الرجز]

٣٧ ـ في كلّ يوم ما وكل ليلاه

وهذا شاذّ لم يسمع إلا من هذه الجهة ، وكذلك استغنوا بأنيق عن أن يأتوا به والعين في موضعها ، فألزموه القلب أو الإبدال فلم يقولوا : (أنوق) إلا في شيء شاذّ حكاه الفراء ، وكذلك استغنوا (بقسيّ) عن قووس ، فلم يأت إلا مقلوبا ، ومن ذلك استغناؤهم بجمع القلّة عن جمع الكثرة نحو قولهم : (أرجل) فلم يأتوا فيه بجمع الكثرة.

وكذلك (آذان) جمع أذن لم يأتوا فيه بجمع الكثرة ، وكذلك (شسوع) لم يأتوا فيه بجمع القلّة ، وكذلك (أيام) لم يستعملوا فيه جمع الكثرة ، كذلك استغناؤهم بقولهم : ما أجود جوابه ، عمن هو أفعل منه في الجواب ، واستغناؤهم باشتدّ وافتقر عن قولهم : فقر وشدّ ، وعليه جاء فقير ، ومن ذلك استغناؤهم عن الأصل مجرّدا عن الزيادة بما استعمل منه حاملا للزيادة ، وهو صدر صالح من اللغة كقولهم : (حوشب) لم يستعمل منه (حشب) عارية من الواو الزائدة ، ومثله (كوكب) لم يستعمل منه (ككب) ، ومنه قولهم (دودري) لأنا لا نعرف دردر ، ومثله كثير في ذوات الأربعة وهو في الخمسة أكثر منه في الأربعة ، فمن الأربعة : فلنقس ، وصرنفح ، وسميدع ، وعميثل ، وسرومط ، وجحجبا ، وقسقبّ ، وقسحبّ ، وهرشف ، ومن ذوات

__________________

(١) انظر الخصائص (١ / ٢٦٦).

(٢) انظر الكتاب (٣ / ١٨٠).

٣٧ ـ الرجز بلا نسبة في المخصّص (٩ / ٤٤) ، وشرح المفصّل (٥ / ٧٣) ، وشرح الشافية (١٠٢) ، والدرر (٦ / ٢٨١) ، ومغني اللبيب رقم (٦٦) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٨٢) ، والخصائص (١ / ٢٦٧) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٤١١) ، ونسب لدلم أبي زغيب في اللسان (دلم) ، والتاج (دلم).

٦٠