الأشباه والنظائر في النحو - ج ١

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

الأشباه والنظائر في النحو - ج ١

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


المحقق: غريد الشيخ
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٠

الاسم والحرف ، وذلك اشتراك فيهما ، والاشتراك فرع ، والضمير يرد الأشياء إلى أصولها ولا أصل لها ، ولهذه العلة امتنع دخول (حتى) أيضا على المضمر.

ومنها : قال ابن فلاح في (المغني) : بني المضارع مع ضمير جمع المؤنث على السكون منبهة على أن أصل الأفعال البناء على السكون ، لأن الضمير يرد الشيء إلى أصله.

ومنها : قال ابن يعيش (١) : فائدة الاتّساع في الظرف تظهر إذا كنيت عنه فإن كان ظرفا لم يكن بد من ظهور (في) مع مضمره نحو : اليوم قمت فيه ، لأن الإضمار يرد الأشياء إلى أصولها ، وإن اعتقدت أنه مفعول به على السعة لم تظهر (في) معه لأنها لم تكن منوية مع الظاهر ، فتقول : اليوم قمته ، قال الشاعر (٢) : [الطويل]

ويوم شهدناه

لم يظهر (في) حين أضمره ، لأنه جعله مفعولا به مجازا. ولو جعله ظرفا على أصله لقال : شهدنا فيه.

تنبيه : إضافة أل إلى الضمير

قال السهيلي (٣) : قول عبد المطلب : [مجزوء الكامل]

١٨٧ ـ وانصر على آل الصّليب

وعابديه اليوم آلك

فيه ردّ على ابن النحاس والزبيدي ومن قال بقولهما ، حيث منعا إضافة آل إلى الضمير لأنه يرد الشيء إلى أصله ، وأصله أهل وما وجدنا قط مضمرا يرد معتلّا إلى أصله إلا أعطيتكموه ، وليس من هذا الباب في ورد ولا صدر.

تنبيه : لا يدخل على المقسم به غير الباء إذا كان مضمرا

قال السخاوي في (سفر السعادة) (٥) : لا يدخل على المقسم به غير الباء إذا كان مضمرا لأنها الأصل ، وقال أبو الفتح : لأن الإضمار يرد الأشياء إلى أصولها في كثير من المواضع ، تقول : أعطيتكم درهما ثم تقول : الدرهم أعطيتكموه. وما

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٤٦).

(٢) مرّ الشاهد رقم (٥).

(٣) انظر الروض الأنف (١ / ٧٠).

١٨٧ ـ الشاهد لعبد المطلب بن هاشم في الدرر (٥ / ٣١) ، وشرح الأشموني (١ / ٥) ، وتاج العروس (أهل) ، وبلا نسبة في الممتع في التصريف (١ / ٣٤٩) ، وهمع الهوامع (٢ / ٥٠).

(٤) انظر سفر السعادة (٢ / ٧٢٦) تح. محمد الدالي.

٢٤١

حكاه يونس من قولهم : أعطيتكمه شاذ. وقال أبو بكر محمد بن عبد الملك النحوي : إنما يرد الإضمار الأشياء إلى أصولها لأسباب توجب الرد لا لأجل الإضمار ، فلا يقاس عليه ما لا سبب فيه مع أن الشيء إذا جاء على أصله ولم يمنعه مانع فلا سؤال فيه ولا يحتاج إلى تعليل ، إلا أن يخالف الاستعمال فقوله : أعطيتكم درهما ، أصله : أعطيتكمو فأسكنوا الميم تخفيفا وكرهوا الإسكان مع الهاء لخفائها وقربها من الساكن ولذلك كان : عليه مال ، أحسن من قولك : عليهي مال ، وكذلك : اليوم سرت فيه ، لأن الإضمار يبطل كونه ظرفا فاحتاجوا فيه إلى (في) كسائر الأسماء التي ليست ظروفا.

قال السخاوي (١) : قوله : «إنما يرد الإضمار الأشياء إلى أصولها لأسباب توجب الرد لا لأجل الإضمار» كلام متناقض يقتضي أن الإضمار يرد ولا يرد. وقوله : مع أن الشيء إذا جاء على أصله ولم يمنعه مانع فلا سؤال فيه ، فأقول : بلى فيه سؤال لأن قولنا : بك لأفعلن ، قد جاء على أصله وفيه من السؤال لم لم يجز أن يقول : وك ولا تك ، فاختصاص الباء بهذا لا بد له من سبب ولا سبب إلا أن الباء الأصل ، ولهذا تقول : أقسم بالله ، ولا تقول : أقسم والله ، ولا أقسم تالله ، انتهى.

تنبيه : المضمر لا يرد كل شيء إلى أصله

قال ابن عصفور في شرح (المقرب) : خرج قول الفرزدق : [البسيط]

١٨٨ ـ [فأصبحوا قد أعاد الله نعمتهم

إذ هم قريش] وإذا ما مثلهم بشر

على أن (مثلهم) مرفوع إلا أنه بني على الفتح لإضافته إلى مبني كقوله تعالى : (مِثْلَ ما أَنَّكُمْ تَنْطِقُونَ) [الذاريات : ٢٣] فإن قيل : كيف يسوغ ذلك والمبني الذي أضفت إليه مضمر والمضمر يرد الأشياء إلى أصولها فكيف يكون سببا في إخراج (مثل) عن أصلها من الإعراب إلى البناء؟

__________________

(١) انظر سفر السعادة (٢ / ٧٢٧).

١٨٨ ـ الشاهد للفرزدق في ديوانه (ص ١٨٥) ، وتخليص الشواهد (ص ٢٨١) ، والجنى الداني (ص ١٨٩) ، والكتاب (١ / ١٠٣) ، وخزانة الأدب (٤ / ١٣٣) ، والدرر (٢ / ١٠٣) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ١٦٢) ، وشرح التصريح (١ / ١٩٨) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٢٣٧) ، ومغني اللبيب (ص ٣٦٣) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٩٦) ، والمقتضب (٤ / ١٩١) ، وهمع الهوامع (١ / ١٢٤) ، وبلا نسبة في رصف المباني (ص ٣١٢) ، وشرح الأشموني (١ / ١٢٢) ، ومغني اللبيب (ص ٨٢) ، والمقرّب (١ / ١٠٢).

٢٤٢

فالجواب : أنّ المضمر لا يلزم ردّه الأشياء إلى أصولها في جميع المواضع ألا ترى أن التاء بدل من الواو في تكأة لأنه من توكأ ، ثم إذا أضافوها إلى مضمر قالوا : هذه تكأتك ولم يردوها إلى أصلها.

تنبيه : القول في بناء أي في (أيهم أشد)

قال الأبذي في (شرح الجزوليّة) : بنيت (أيّ) في نحو قوله تعالى : (أَيُّهُمْ أَشَدُّ) [مريم : ٦٩] عند سيبويه (١) لخروجها عن نظائرها ، وكان حقها أن تعرب لتمكنها بالإضافة ، ولا سيما وهي مضافة إلى مضمر ، والمضمرات ترد الأشياء إلى أصولها ولذلك تقول : زيد ضربتم أخاه ثم تقول : وضربتموه ، ولا تقول : وضربتمه.

مسألة : القول في عساي وأخواتها

قال ابن النحاس في (التعليقة) : أجمع النحاة على أنك إذا قلت : عساي وعساك وعساه ، ولولاي ولولاك ولولاه ، أن هنا شيئا قد تجوز فيه باستعماله على غير أصله ، واختلف فيما وقع المجاز فقال سيبويه (٢) : إن (عسى) خرجت عن عمل (كان) وعملت عمل (لعلّ) لشبهها بلعلّ في الطمع ، فالضمير منصوب على أنه اسمها ، ولو لا قد صارت حرف جر والضمير معها مجرور ، وقال الأخفش : إن عسى على بابها من عملها عمل كان ، ولو لا على بابها من أنها غير عاملة ، واستعرنا في عسى ضمير المنصوب للمرفوع ، فالضمير عنده في (عسى) في موضع رفع (لا) في موضع نصب ، والضمير في (لو لا) أيضا وإن كان صورة ضمير الجر مستعار للرفع ، فهو عنده أيضا في لو لا في موضع رفع على الابتداء لا في موضع جرّ.

وقال ابن النحاس : والوجه ما ذكره سيبويه لأن التجوز في الفعل أو الحرف أحسن من التجوز في الضمير ، لأن المضمرات تردّ الأشياء إلى أصولها فلا أقل من أن لا تخرج هي عن أصلها وموضعها.

الضمير أطلب بالإضافة من الظاهر

بدليل جواز الإضافة والنصب في ضارب زيدا في الحال والاستقبال والاقتصار على الإضافة في نحو ضاربك وضاربه على مذهب سيبويه أنه مضاف ليس إلا ، ذكره الشلوبين في (شرح الجزولية).

__________________

(١) انظر الكتاب (٢ / ٤١٩).

(٢) انظر الكتاب (٢ / ٣٩٦).

٢٤٣

حرف الطاء

الطارئ يزيل حكم الثابت

عقد له ابن جنّي بابا في (الخصائص) (١) وفيه فروع :

منها : لام التعريف والإضافة إذا دخلت على المنون حذف لها تنوينه.

ومنها : ياء النسبة إذا دخلت على ما فيه تاء التأنيث حذفت لها التاء ، وإذا دخلت على ما فيه ياء مثلها نحو : كرسي وبختي ، حذفت لأجلها.

ومنها : علامة الجمع بالألف والتاء ، إذا دخلت على ما فيه التاء حذفت لأجلها نحو : تمرة وتمرات ، ولو سميت رجلا أو امرأة بهندات لقلت في الجمع أيضا هندات بحذف الألف والتاء الأوليين لا الأخريين.

ومن ذلك نقض الأوضاع إذا طرأ عليها طارئ ، كلفظ الاستفهام إذا طرأ عليه معنى التعجب استحال خبرا ، كقولك : مررت برجل أي رجل ، أو أيما رجل ، فأنت الآن مخبر بتناهي الرجل في الفضل ولست مستفهما ، وإنما كان كذلك لأن أصل الاستفهام الخبر والتعجب ضرب من الخبر ، فكأن التعجّب لما طرأ على الاستفهام إنما أعاده إلى أصله من الخبرية.

ومن ذلك أيضا لفظ الواجب إذا لحقته همزة التقرير صار نفيا ، وإذا لحقه لفظ النفي عاد إيجابا نحو : (آللهُ أَذِنَ لَكُمْ) [يونس : ٥٩] أي لم يأذن (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ) [الأعراف : ١٧٢] أي : أنا كذلك. ومن ذلك أن تصف العلم ، فإذا أنت فعلت ذلك فقد أخرجته به عن حقيقة ما وضع له فأدخلته معنى لو لا الصفة لم تدخله إياه ، وذلك أن وضع العلم أن يكون مستغنيا بلفظه عن عدة من الصفات ، فإذا أنت وصفته فقد سلبته الصفة له ما كان في أصل وضعه مرادا فيه من الاستغناء بلفظه عن كثير من صفاته ، انتهى.

وقال ابن يعيش (٢) : فإن قيل : هل التعريف الذي في (يا زيد) في النداء

__________________

(١) انظر الخصائص (٣ / ٦٢).

(٢) انظر شرح المفصّل (١ / ١٢٩).

٢٤٤

تعريف العلمية بقي على حاله بعد النداء كما كان قبل النداء أم تعريف حدث فيه غير تعريف العلمية.

فالجواب : أن المعارف كلها إذا نوديت تنكرت ثم تكون معارف بالنداء ، هذا قول المبرد ، وهو الصواب كإضافة الأعلام وخالفه ابن السراج.

وقال الشلوبين : إذا جمع المؤنث الحقيقي جمع تكسير ، جاز ترك التاء من فعله نحو : قام الهنود ، لأنه ذهب منه لفظ المفرد فكان الحكم للطارئ.

وقال ابن الدهان في الغرة : المقصور المنصرف يلحقه التنوين وهو ساكن ، والألف ساكنة ، فيستحيل الجمع بينهما ويجحف الأمر بحذفهما ، ولم نر ساكنين التقيا حذفا معا ، ولا يجوز تحريك التنوين لأنه تحريك للساكن إذا كان بعده لا له إذا كان قبله ، ولا تحريك الألف لأنها تغير عن صورتها فيقع اللبس بين المقصور وغيره من المهموز ولا يجوز حذف التنوين لأنه لمعنى فإذا زال زال المعنى ، وأيضا فإن الطارئ يزيل حكم الثابت لأنه لو علم أنه إذا جيء به حذف لم يجأ به فلم يبق إلا حذف الألف.

طرد الباب

قال أبو البقاء في (التبيين) : إذا ثبت الحكم لعلّة اطّرد حكمها في الموضع الذي امتنع فيه وجود العلة ، ألا ترى أنك ترفع الفاعل وتنصب المفعول في موضع يقطع بالفرق بينهما من طريق المعنى كما لو قلت : (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً) [إبراهيم : ٢٤] فإنك ترفع الفاعل وتنصب المفعول ، مع أن الفاعل والمفعول معقول قطعا.

قال : ونظيره من المشروع أن الرّمل في الطواف شرع في الابتداء لإظهار الجلد ثم زالت العلّة ، وبقي الحكم.

ومثل ذلك العدّة عن النكاح شرعت لبراءة الرّحم ، ثم ثبتت في مواضع ليس فيها شغل الرحم ، قال : وسبب ذلك أن النفوس تأنس بثبوت الحكم فلا ينبغي أن يزول ذلك الأنس.

قال : ونظيره في التصريف أن الواو في مضارع وعد ، ووزن حذفت منه لوقوعها بين ياء وكسرة نحو يعد ثم حذفت مع بقية حروف المضارعة مع عدم العلة ليكون الباب على سنن واحد وله نظائر أخر ، انتهى.

وقال ابن عصفور في (شرح الجمل) : الإعراب أصل في الأسماء لأنه يفتقر إليه

٢٤٥

للتفرقة بين المعاني نحو : ما أحسن زيدا ، بنصب زيد إن أردت التعجب من حسنه ، وبرفعه إن أردت نفي الإحسان عنه ، وبرفع أحسن وخفض زيد إن أردت الاستفهام عن الأحسن ألا ترى أن هذه المعاني لو لا الإعراب لالتبست.

فإن قيل : إن الإعراب قد يوجد في الأسماء غير مفتقر إليه نحو : شرب محمد الماء ، وركب الفرس عمرو ، وأشباه ذلك ، ألا ترى أن الفاعل هاهنا لا يلتبس بالمفعول إذا أزيل الإعراب؟ فالجواب أن الإعراب لما افتقر إليه في بعض الأسماء حمل سائرها على ذلك ، كما أن العرب لما حذفت الواو من (يعد) لوقوعها بين ياء وكسرة ، حذفت من أعد ونعد وتعد حملا على ذلك.

وقال أبو البقاء في التبيين : إذا جرى اسم الفاعل والصفة المشبهة على غير ذلك من هما له ، وجب إبراز الضمير فيهما مطلقا عند البصريين لأن ترك إبرازه يفضي إلى اللبس في بعض المواضع نحو : زيد عمرو ضاربه هو ، واللبس يزول بإبراز الضمير فيجب أن يبرز نفيا للبس. ثم يطرد الباب فيما لا يلبس نحو : زيد هند ضاربته هي ، كما فعلوا ذلك في كثير من المواضع نحو : نعد وتعد وأعد ، فإنهم حذفوا منها الواو كما حذفوها من يعد ، وكذلك يكرم ونكرم وتكرم ، محمولة على أكرم.

وقال ابن القواس في (شرح ألفية ابن معط) : قدر الكسر في المنقوص لاجتماع الأمثال إذ الياء بكسرتين والضم حمل على الكسر للمناسبة فيهما بدليل اجتماع أصليهما ردفين دون الألف ، ولأن الضمة أثقل من الكسرة بدليل قلب الواو ياء إذا اجتمعتا مطلقا ، وظهر النصب لخفة الفتحة ، ولم تعد الواو في : رأيت غازيا وداعيا فيقال : غازوا وداعوا ، لثبوت القلب رفعا وجرا تغليبا للحالتين وطردا للباب.

وقال عبد القاهر : هذا أقيس من حمل أعد ونعد وتعد لأن الحمل المؤدي لإعلال اللام أولى من المؤدي لإعلال الفاء ، لأن اللام محل التغيير ، ولأن المنقوص حمل فيه حالة على حالتين ، وباب يعد حمل فيه ثلاثة أشياء على شيء واحد.

وقال ابن النحاس في (التعليقة) : من أجاز تقديم خبر ليس عليها ، ودليله أن ليس فعل ناقص مثل أخواتها ، فإذا جوزنا في كان وأخواتها يجوز في ليس أيضا طردا للباب.

وقال ابن يعيش في (شرح المفصّل) (١) : الأصل في نرى ويرى وترى : نرأى

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٩ / ١١٠).

٢٤٦

ويرأى وترأى لأن الماضي منه رأى ، وإنما حذفت الهمزة لكثرة الاستعمال تخفيفا لأنه إذا قيل : أرأى ، اجتمع همزتان بينهما ساكن ، والساكن حاجز غير حصين ، فكأنهما قد توالتا فحذفت الثانية على حد حذفها في أكرم ، ثم اتبع سائر الباب وفتحت الراء لمجاوزة الألف التي هي لام الكلمة ، وغلب كثرة الاستعمال هنا الأصل حتى هجر ورفض.

وقال ابن فلاح في (المغني) : قلبت الهمزة في (صحراء) واوا في الجمع نحو صحراوات كراهة الجمع بين علامتي تأنيث ، وقلبت في التثنية طردا للباب على سنن واحد.

وقال ابن عصفور في (شرح المقرب) : لما ألحقوا نون الوقاية لتقي الفعل من الكسر حملوا على ذلك : يضربانني ويضربونني ، كما حملوا تعد وأخواته غير ذي الياء ، وأكرم وأخواته غير ذي الهمزة على يعد وأكرم.

وقال بعضهم : إنما بنيت المضمرات لشبهها بالحرف وضعا في كثير منها ، ثم حمل ما ليس كذلك طردا للباب على سنن واحد ، وبهذا بدأ ابن مالك في شرح التسهيل.

وعبارة ابن إياز : لأن وضع المضمر بالأصالة وضع الحرف الواحد ألا تراه على حرف واحد في ضربت وضربك ، ثم حمل على ذلك في البناء ما هو على أكثر نحو : نحن وإياك ، لأن الجميع من باب واحد.

وقال ابن فلاح في (المغني) : إنما سكنوا آخر الفعل عند اتصال تاء الفاعل به ، نحو ضربت فرارا من اجتماع أربع حركات (لوازم ، ثم طرد الباب في ما لم يجتمع فيه أربع حركات نحو دحرجت ، تعميما للحكم ، لأن الأفعال شرع واحد بدليل تعميم الحكم في حذف الواو من أعد ونحوه والهمزة من نكرم ونحوه وإن انتفت علة الحذف.

وقال ابن القواس : ذهب الأكثرون إلى أن متعلق الظرف والمجرور إذا كان خبرا يقدر بفعل لأنه إذا وقع صلة أو صفة يقدر بالفعل اتفاقا فيجب أن يقدر في محل الخلاف طردا للباب.

وقال ابن إياز : المضاف لا يكون إلا اسما ، لأن الغرض الأهم بالإضافة تعريف المضاف والفعل لا يتعرف.

فإن قيل : هلا أضيف الفعل للتخصيص إذ قد يصح ذلك فيه ، ألا ترى أن سوف والسين يخصصانه بالحال؟

٢٤٧

فالجواب : أنه لما امتنع منه الغرض الأهم وهو التعريف امتنع الآخر طردا للباب وهذا من قواعدهم.

وقال الأندلسي في شرح المفصل : الموجب لبناء أسماء الإشارة تضمنها معنى الحرف وذلك أن الإشارة معنى كالاستفهام وغيره ، فحقه أن يوضع له حرف ، فلما أدى هذا الاسم هذا المعنى نيابة عن الحرف في ذلك ناسب الحرف فبني ، ويدل على أنه تضمن هذا المعنى أنهم لم يضعوا للإشارة حرفا ، وكان هذا الاسم المسموع مبنيا يفيد معنى الحرف ، فوجب اعتقاد تضمينهم إياه هذا المعنى طردا لأصولهم وإقامة سبب لبنائه.

قال ابن جنّي : بني أولاء لأنه تضمن حرف الإشارة ، لأن الإشارة معنى لم يستعملوا لها حرفا فتضمنها هذا الاسم فبني.

وقال ابن إياز : وأما اسم الإشارة فبني لتضمنه معنى حرف الإشارة إذ الإشارة معنى ، والموضوع لإفادة المعاني الحروف ، فلما أفادت هذه الأسماء الإشارة علم أنها كان القياس يقتضي أن يكون لها حرف فلمّا تضمنت معناه بنيت ، وهذا قول السيرافي.

قال الأصفهاني : فلو قيل : إن ذلك إنما يتصور في أولاء دون هؤلاء لظهور الحرف وهو (ها) لأمكن أن يقال فيه : إن الحرف الذي هو (ها) غير ذلك الذي تضمن معناه وإن هذا زائد ، كما أن الألف واللام في (الأمس) عند من بناه زائدة ، وإن الاسم بني لتضمنه معنى ألف ولام أخرى.

٢٤٨

حرف الظاء

الظرف والمجرور

فيها مباحث (١) :

الأول : لا بدّ من تعلقهما بالفعل ، أو ما يشبهه ، أو ما أوّل بما يشبهه أو ما يشير إلى معناه ، فإن لم يكن شيء من هذه الأربعة موجودا قدر.

مثال الأول والثاني : (أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) [الفاتحة : ٧ ـ ٨].

والثالث : (وَهُوَ الَّذِي فِي السَّماءِ إِلهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلهٌ) [الزخرف : ٨٤] لأنه مؤول بمعبود.

والرابع : نحو : (فلان حاتم في قومه) ، تعلق بما في حاتم من معنى الجود.

ومثال المتعلق بالمحذوف : (وَإِلى ثَمُودَ أَخاهُمْ صالِحاً) [الأعراف : ٧٣] بتقدير وأرسلنا ولم يتقدّم ذكر الإرسال ، ولكنّ ذكر النبي والمرسل إليهم يدل على ذلك ، وهل يتعلقان بالفعل الناقص؟ فيه خلاف.

والثاني (٢) : يستثنى من قولنا : لا بد لحرف الجر من متعلق ستة أمور :

أحدها : الحرف الزائد كالباء ومن في (وَكَفى بِاللهِ شَهِيداً) [النساء : ١٦٦] (هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ) [فاطر : ٣] وذلك لأن معنى التعلق الارتباط المعنوي ، والأصل أن أفعالا قصرت عن الوصول إلى الأسماء فأعينت على ذلك بحروف الجر ، والزائد إنما دخل في الكلام تقوية وتوكيدا ولم يدخل للربط.

الثاني والثالث (٣) : (لعلّ) ، و (لو لا) ، عند من جرّ بهما.

الرابع (٤) : (ربّ) ، في قول الرماني وابن طاهر.

الخامس : كاف التشبيه عند الأخفش وابن عصفور.

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٢ / ٤٨٤).

(٢) انظر مغني اللبيب (٢ / ٤٩١).

(٣) انظر مغني اللبيب (٢ / ٤٩٢).

(٤) انظر مغني اللبيب (٢ / ٤٩٣).

٢٤٩

السادس : حرف الاستثناء وهو : (خلا ، وعدا ، وحاشا) إذا خفضن فإنهن لتنحية الفعل عما دخلن عليه ، كما أن (إلا) كذلك ، وذلك عكس معنى التعدية الذي هو إيصال معنى الفعل إلى الاسم.

الثالث (١) : يجب تعلقهما بمحذوف في ثمانية مواضع :

١ ـ أن يقعا صفة نحو : (أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ) [البقرة : ١٩].

٢ ـ أو حالا نحو : (فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ) [القصص : ٧٩].

٣ ـ أو صلة نحو : (وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَمَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ) [الأنبياء : ١٩].

٤ ـ أو خبرا : نحو : زيد عندك أو في الدار.

٥ ـ أو مثلا : نحو قولهم للمعرّس : (بالرفاء والبنين) بإضمار أعرست.

٦ ـ أو يرفعا الاسم الظاهر نحو : (أَفِي اللهِ شَكٌ) [إبراهيم : ١٠] أعندك زيد.

٧ ـ أو يكون المتعلق محذوفا على شريطة التفسير نحو : أيوم الجمعة صمت.

٨ ـ الثامن : القسم بغير الباء نحو : (وَاللَّيْلِ إِذا يَغْشى) [الليل : ١] ، (وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ) [الأنبياء : ٥٧].

الرابع (٢) : هل المتعلق الواجب الحذف فعل أو وصف؟ لا خلاف في تعيين الفعل في بابي القسم والصلة ، لأن القسم والصلة لا يكونان إلا جملتين. واختلف في الخبر والصفة والحال فمن قدر الفعل ـ وهم الأكثرون ـ فلأنه الأصل في العمل ، ومن قدر الوصف فلأن الأصل في الثلاثة الإفراد ، وأما في الاشتغال فيقدر بحسب المفسر ، فيقدر الفعل في نحو : أيوم الجمعة يعتكف فيه ، الوصف في : أيوم الجمعة أنت معتكف فيه.

وقال ابن النحاس في (التعليقة) : إذا وقع الظرف والمجرور خبرين فلا بدّ لهما من عامل واختلف النحاة في تقدير العامل ما هو؟ فذهب بعضهم إلى أن العامل المقدر فعل تقديره استقرّ أو كان أو وجد أو ثبت.

قالوا : لأن بنا حاجة إلى تقدير عامل ، وتقدير ما هو أصل في العمل ـ وهو الفعل ـ أولى من تقدير ما ليس بأصل.

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٢ / ٤٩٦).

(٢) انظر مغني اللبيب (٢ / ٤٩٨).

٢٥٠

قالوا : ولأن لنا موضعا يجب فيه تقدير الظرف والمجرور بالفعل ، وهو ما إذا وقع الظرف أو المجرور صلة لأن الصلة لا تكون مفردا ، فإذا وجب هنا تقديره بالفعل فإن لم يكن في الخبر واجبا فلا أقل من رجحانه.

وذهب بعضهم إلى أن العامل المقدر هنا اسم لا فعل تقديره كائن أو مستقر أو موجود أو ثابت.

قالوا : لأن بنا حاجة إلى جعل الظرف أو المجرور خبرا ، والأصل في الخبر المفرد ، فيقدر العامل الذي وقع الظرف موقعه مفردا على ما هو الأصل في الخبر.

قالوا : ولأن لنا موضعا يتعين فيه تقدير الظرف والمجرور بالمفرد ، وهو ما إذا وقع الظرف أو المجرور بين أما وفائها نحو : أما عندك فزيد ، وأما في الدار فزيد ، فهنا يجب تقديره بالمفرد ، لأن : (أما وفاءها) لا يفصل بينهما بجملة ، وإذا وجب تقديره هنا بالمفرد فلا أقل من الرجحان فيما إذا وقع خبرا وهو رأي ابن عصفور ، ويترجح هذا بأن تقديره بالفعل لزم في حال كونه غير خبر ، وتقديره بالمفرد لزم في حال كونه خبرا فكان تقديره بالمفرد أولى.

وقال : واعلم أنه على كل تقدير سواء قلنا : العامل فيه فعل أو اسم ، أنا نعتقد أنا حذفنا ذلك العامل لما اعتزمنا أن نجعل الخبر في اللفظ نفس الظرف والمجرور لا الاستقرار ، ولذلك التزمنا حذف العامل بعد نقل الضمير الذي كان في العامل إلى الظرف أو المجرور واستتاره فيه ويبقى الضمير مرتفعا بالظرف أو بالجار والمجرور كما كان مرتفعا بذلك العامل لنيابة الظرف أو المجرور عن ذلك العامل ، ولا يجوز إظهار ذلك العامل حينئذ ، قال أبو علي : إظهار عامل الظرف شريعة منسوخة.

الخامس : في كيفية تقديره ، أما في القسم فتقديره أقسم ، وأما في الاشتغال فتقديره كالمنطوق به ، وأما في المثل فيقدر بحسب المعنى وأما في البواقي فيقدر كونا مطلقا وهو كائن أو مستقر أو مضارعهما إن أريد الحال أو الاستقبال.

قال ابن هشام (١) : ويقدر كان أو استقر أو وصفهما إن أريد المضي ، هذا هو الصواب وقد أغفلوه مع قولهم في نحو : ضربي زيدا قائما ، إنّ التقدير : إذ كان ، إن أريد المضيّ و (إذا كان) إن أريد المستقبل ولا فرق ، وإذا جهل المعنى قدر الوصف فإنه صالح في الأزمنة كلها ، وإن كانت حقيقته الحال ، ولا يجوز تقدير الكون الخاص كقائم وجالس إلا لدليل ويكون الحذف حينئذ جائزا لا واجبا.

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٢ / ٤٩٩).

٢٥١

قال ابن هشام (١) : وتوهّم جماعة امتناع حذف الكون الخاص ، ويبطله أنا متفقون على جواز حذف الخبر عند وجود الدليل وعدم وجود معمول فكيف يكون وجود المعمول مانعا من الحذف مع أنه إما أن يكون هو الدليل أو مقويا للدليل ، واشتراط النحويين الكون المطلق إنما هو لوجوب الحذف لا لجوازه.

ومما خرّج على ذلك قوله تعالى : (فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) [الطلاق : ١] أي : مستقبلات (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ) [المائدة : ٤٥] الآية ، أي : تقتل وتفقأ وتصلم وتقلع ، أو مقتولة ، ومفقوءة ومصلومة ومقلوعة.

قال : ويلزم من قدّر المتعلق فعلا أن يقدره مؤخرا في جميع المسائل لأن الخبر إذا كان فعلا لا يتقدم على المبتدأ.

قال : ومن هنا لا نحتاج إلى ما ذكره ابن مالك وجماعة أنه يتعين تقديره وصفا بعد (أما) نحو : أما في الدار فزيد ، وإذا الفجائية نحو : (إِذا لَهُمْ مَكْرٌ) [يونس : ٢١] لأن (إذا) الفجائية لا يليها الفعل ، و (أما) لا يليها فعل إلا مقرونا بحرف لشرط نحو : (فَأَمَّا إِنْ كانَ مِنَ الْمُقَرَّبِينَ) [الواقعة : ٨٨] قال : وهذا على ما بيناه غير وارد لأن الفعل يقدر مؤخرا.

تنبيه : تقدير عامل الظرف والمجرور إذا قدما على اسم إن

قال : ابن النحاس في (التعليقة) : اختلف النحاة في تقدير عامل الظرف والمجرور إذا قدّما على اسم إن ، فقال قوم : يقدر الاستقرار بعد اسم إن لئلا نكون قد فصلنا بين إن واسمها بغير الظرف والمجرور. وقال قوم : لا ، بل نقدره قبل الظرف والمجرور ولا نعتدّ بهذا فصلا لكونها لازم الإضمار ولا يجوز إظهاره.

السادس : في الفرق بين الظرف المستقر والظرف اللغو : قال الشيخ سعد الدين التفتازاني في حاشية (الكشاف) وفي (شرح المفصّل) للأندلسي : قال الخوارزمي : في الظرف المستقر ـ بفتح القاف ـ كذا سماها في (المفصّل) وفي (الكشاف) ، والمراد به الموضع ولفظ ابن السراج (٢) : إذا كان الظرف غير محل سماه الكوفيون الصفة الناقصة وجعله البصريون لغوا ، ويريدون بالمستقر ما كان خبرا محتاجا إليه ، وسمّي مستقرّا لأنه يتعلق بالاستقرار والاستقرار فيه ، فهو مستقر فيه ، ثم حذف

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٢ / ٥٠٠).

(٢) انظر الأصول (١ / ٢٤٧).

٢٥٢

(فيه) اختصارا ، وباللغو ما كان فضلة ، وسمي لغوا لأنه لو حذف لكان الكلام مستغنيا عنه لا حاجة به إليه ، انتهى.

السابع (١) : أنهم يتسعون في الظرف والمجرور ما لا يتّسعون في غيرهما ، فلذلك فصلوا بهما الفعل الناقص من معموله نحو : كان في الدار ـ أو عندك ـ زيد جالسا ، وفعل التعجب من المتعجب منه نحو : ما أحسن ـ في الهيجاء ـ لقاء زيد ، وما أثبت عند الحرب زيدا وبين الحرف الناسخ ومنسوخه نحو : [الطويل]

١٨٩ ـ فلا تلحني فيها فإنّ بحبّها

أخاك مصاب القلب جم بلابله

وبين الاستفهام والقول الجاري مجرى الظن كقوله : [البسيط]

١٩٠ ـ أبعد بعد تقول الدّار جامعة

[شملي بهم أم تقول البعد محتوما]

وبين المضاف وحرف الجرّ ومجرورهما نحو : [السريع]

١٩١ ـ [لمّا رأت ساتيدما استعبرت]

لله درّ اليوم من لامها

واشتريته ـ بو الله ـ درهم ، وهذا غلام ـ والله ـ زيد. وبين إذن ولن ومنصوبها نحو : [الوافر]

 ١٩٢ ـ إذن والله نرميهم بحرب

[يشيب الطّفل من قبل المشيب]

وقوله : [الكامل]

١٩٣ ـ لن ما رأيت أبا يزيد مقاتلا

أدع القتال وأشهد الهيجاء

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٢ / ٧٧٣).

١٨٩ ـ الشاهد بلا نسبة في خزانة الأدب (٨ / ٤٥٣) ، والدرر (٢ / ١٧٢) ، وشرح الأشموني (١ / ١٣٧) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٩٦٩) ، ومغني اللبيب (٢ / ٦٩٣) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٣٠٩) ، والمقرب (١ / ١٠٨) ، وهمع الهوامع (١ / ١٣٥) ، والكتاب (٢ / ١٣٢).

١٩٠ ـ الشاهد بلا نسبة في أوضح المسالك (٢ / ٧٧) ، وتخليص الشواهد (ص ٤٥٧) ، والدرر (٢ / ٢٧٥) ، وشرح الأشموني (١ / ١٦٤) ، وشرح التصريح (١ / ٢٦٣) ، وشرح شذور الذهب (ص ٤٨٩) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٩٦٩) ، ومغني اللبيب (٢ / ٦٩٢) ، والمقاصد النحوية (٢ / ٤٣٨) ، وهمع الهوامع (١ / ١٥٧).

١٩١ ـ الشاهد لعمرو بن قميئة في ديوانه (ص ١٨٢) ، والكتاب (١ / ٢٣٦) ، وخزانة الأدب (٤ / ٤٠٥) ، وشرح المفصّل (٣ / ٢٠) ، ومعجم البلدان (ساتيدما) ، وبلا نسبة في اللامات (ص ١٠٧) ، ومجالس ثعلب (١٥٢) ، والمقتضب (٤ / ٣٧٧).

١٩٢ ـ الشاهد لحسان بن ثابت في ملحق ديوانه (ص ٣٧١) ، والدرر (٤ / ٧٠) ، وشرح شواهد المغني (ص ٩٧) ، والمقاصد النحوية (٤ / ١٠٦) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (٤ / ١٦٨) ، وشرح الأشموني (٣ / ٥٥٤) ، وشرح التصريح (٢ / ٢٣٥) ، وشرح شذور الذهب (ص ٣٧٦) ، وشرح قطر الندى (ص ٥٩) ، ومغني اللبيب (ص ٦٩٣) ، وهمع الهوامع (٢ / ٧).

١٩٣ ـ الشاهد بلا نسبة في شرح الأشموني (٣ / ٢٨٤) ، والمغني (٢ / ٧٧٤).

٢٥٣

وقدموهما خبرين على الاسم في باب إن نحو : (إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً) [المزمل : ١٢] ، (إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً) [آل عمران : ١٣] ومعمولين للخبر في باب (ما) نحو : [الطويل]

١٩٤ ـ [وقالوا تعرّفها المنازل من منى]

وما كلّ من وافى منى أنا عارف

وما في الدار زيد جالسا ، وصلة أل نحو : (وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ) [يوسف : ٢٠].

وعلى الفعل المنفي بما نحو : [الرجز]

١٩٥ ـ ونحن عن فضلك ما استغنينا

وعلى (إن) معمولا لخبرها نحو : أما بعد فإني أفعل كذا. وعلى العامل المعنوي في قولهم : أكل يوم لك ثوب.

وقال الخفاف في (شرح الإيضاح) : الظرف والمجرور اتّسع فيهما ، ووجه ذلك أن جميع الأفعال وما كان على معانيها يدل على الزمان والمكان دلالة قائمة وإن لم يذكرا ، فإذا ذكرا فعلى التأكيد ، وما كان بهذه الصفة فهو كالمستغنى عنه أو في حكمه ، فكأنك إذا فصلت بظرف أو مجرور لم تفصل بشيء.

فائدة : رأي التميميين في التلفظ بخبر لا

قال الجزولي : بنو تميم لا تلفظ بخبر (لا) إلا أن يكون ظرفا.

قال الشلوبين : هذا استثناء طريف لا أعلمه عن أحد ولا نقله أحد ولا أدري من أين نقله وإن كان له وجه من اتساعهم في الظروف ما لم يتسع به في غيرها ، ولكنه غير منقول وهذا ليس موضع القياس لأنه اتساع والاتساع إنما هو منقول.

الثامن : في تذكرة ابن الصائغ قال : نقلت من مجموع بخطّ ابن الرمّاح : وينبغي أن يكون الظرف الذي يلزم به الرفع لما بعده ما كان صفة أو صلة كمررت برجل ، أو

__________________

١٩٤ ـ الشاهد لمزاحم بن الحارث العقيلي في الكتاب (١ / ١٢٠) ، وخزانة الأدب (٦ / ٢٦٨) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٤٣) ، وشرح التصريح (١ / ١٩٨) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ١٥٤) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٩٧٠) ، ولسان العرب (غطرف) والمقاصد النحوية (٢ / ٩٨) ، وبلا نسبة في الخصائص (٢ / ٣٥٤) ، وشرح الأشموني (١ / ١٢٢) ، ولسان العرب (عرف) ، ومغني اللبيب (٢ / ٦٩٤).

١٩٥ ـ الرجز لعبد الله بن رواحة في سيرة ابن هشام (٢ / ٣٢٨) ، ومغني اللبيب (١ / ١٠٣).

٢٥٤

بالذي معه صقر ، لما بين الصفة والصلة من المناسبة ، لا يكونان إلا بالفعل أو المشتقّ منه ، فأما الخبر والحال ، كزيد في الدار أبوه ، ومررت بزيد في الدار أبوه ، فإنه يجوز في الأدب الابتداء والفاعلية ، كونه فاعلا لأنه يرفع الضمير كاسم الفاعل بل أقوى عند أبي علي ، وكونه مبتدأ ، لأن اسم الفاعل نفسه يصح فيه ذلك ، كزيد قائم أبوه ، على أنّ أبا عليّ جعل الجميع شيئا واحدا ولم يفرق بين الصفة والخبر والحال ، لأنه يجعل الظرف إذا اعتمد مقدرا بالفعل دون الاسم ، وكذا ينبغي أن يكون قياسه ، وأما ابن جنّي فلا يرى ذلك إلا في الصفة والصلة ، وهو الظاهر من كلام سيبويه.

٢٥٥

حرف العين

العامل

فيه مباحث :

الأول : العمل أصل في الأفعال فرع في الأسماء والحروف ، فما وجد من الأسماء والحروف عاملا فينبغي أن يسأل عن الموجب لعمله ، كذا في شرح الجمل.

وقال صاحب (البسيط) : أصل العمل للفعل ثم لما قويت مشابهته له وهو اسم الفاعل واسم المفعول ، ثم لما شبّه بهما من طريق التثنية والجمع والتذكير والتأنيث وهي الصفة المشبهة. وأما افعل التفضيل : فإنه إذا صحبته من ، امتنعت منه هذه الأحكام فيبعد لذلك عن شبه الفعل ، فلذلك لم يعمل في الظاهر.

وقال ابن السراج في (الأصول) (١) : إنما أعملوا اسم الفاعل لما ضارع الفعل ، وصار الفعل سببا له وشاركه في المعنى وإن افترقا في الزمان ، كما أعربوا الفعل لما ضارع الاسم ، فكما أعربوا هذا أعملوا ذاك والمصدر أعمل كما أعمل اسم الفاعل إذا كان الفعل مشتقا منه.

ثم قال (٢) : واعلم أن الاسم لا يعمل في الفعل ولا في الحرف ، بل هو المعرّض للعوامل من الأفعال والحروف ، قال : والأصل عندنا أن الأسماء لا تعمل في الأسماء إلا ما ضارع الفعل منها ، ولو لا معنى الحرف ما جر الثاني إذا أضيف إليه الأول.

وقال الجرجاني : الأصل في الأسماء أن لا تكون عاملة ، وباعتمادها لا يذهب عنها بوصف الاسمية ، فإن قيل : إذا كان الاعتماد لا يوجب لها صفة زائدة فلم عملت؟ أو لم اشتراط الاعتماد؟. قيل : الاسم الصريح الذي هو يصحّ أن يحدث عنه بوجه من الوجوه ، والصفة إذا اعتمدت لم يصح أن يخبر عنها بل هي بمنزلة خبر ، لأن الاسم الصريح ليس فيه إلا تمييز ذات عن ذات ، وإذا عرفت ذلك تبين أن الاسم يكتسب بهذا الاعتماد تحقيقا في شبه الفعل ، إذ هو واقع في موضع هو خاص

__________________

(١) انظر الأصول (١ / ٥٥).

(٢) انظر الأصول (١ / ٥٧).

٢٥٦

بالفعل ، والاستفهام والنفي أيضا من حيث أنهما يطلبان الفعل وهما أخص به ، حتى بلغ من قوة طلبه للفعل أن قدروا قبل الاسم فعلا يعمل في الاسم كقوله تعالى : (أَبَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ) [القمر : ٢٤] والنفي أخو الاستفهام.

وقال ابن النحاس في (التعليقة) : الأفعال أصل في العمل من حيث كان كل فعل يقتضي العمل أقله في الفاعل وللحروف المختصة أصالة في العمل من حيث كانت ، إنما تعمل لاختصاصها بالقبيل الذي تعمل فيه ، وإنما كان الاختصاص موجبا للعمل ليظهر أثر الاختصاص كما أن الفعل لما اختص بالاسم كان عاملا فيه ، فعرفنا أن الاختصاص موجب للعمل وأنه موجود في الحرف المختص فكان الحرف المختصّ عاملا بأصالته في العمل لذلك ، ولا كذلك الاسم لأنه لا يعمل منه شيء إلا بشبه الفعل أو الحرف وهو المضاف إذا قلنا إنه هو العامل ومعنى الأصالة أن يعمل بنفسه لا بسبب غيره ، انتهى.

الثاني : عوامل الاسماء لا تعمل في الأفعال وإلا لبطل الاختصاص الموجب للعمل ، ومن ثم كان الأصح في (كي) أنها حرف مشترك ، تارة يكون حرف جرّ بمعنى اللام ، وتارة يكون حرفا موصولا ينصب المضارع ، لا أنها حرف واحد يجر وينصب ، وكان الأصح في (حتى) أنها حرف جر فقط وأن نصب المضارع بعدها إنما هو بأن مضمرة لا بها لما ذكر.

الثالث : العامل المعنوي قيل به في مواضع :

أحدها : الابتداء عامل في المبتدأ على الصحيح واختلف في تفسيره فقيل هو التعري من العوامل اللفظية ، وقيل : هو التعري وإسناد الفعل إليه.

قال (١) ابن يعيش : والقول على ذلك أن التعرّي لا يصلح أن يكون سببا ولا جزءا من السبب ، وذلك أن العوامل توجب عملا ، إذ لا بدّ للموجب والموجب من اختصاص يوجب ذلك ، ونسبة العدم إلى الأشياء كلها نسبة واحدة.

فإن قيل : العوامل في هذه الصناعة ليست مؤثرة تأثيرا حسيا كالإحراق للنار ، والبرد للماء ، وإنما هي أمارات ودلالات ، والأمارة قد تكون بعدم الشيء كما تكون بوجوده.

قيل : هذا فاسد لأنه ليس الغرض من قولهم : إن التعرّي عامل أنه معرف للعامل إذ لو زعم أنه معرف لكان اعترافا بأن العامل غير التعري. وكان أبو إسحاق يجعل

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٨٤).

٢٥٧

العامل في المبتدأ ما في نفس المتكلم يعني من الإخبار عنه ، قال لأن الاسم لما كان لا بد له من حديث يحدث به عنه ، صار هذا المعنى هو الرافع للمبتدأ.

قال (١) ابن يعيش : والصحيح أن الابتداء اهتمامك بالاسم وجعلك إياه أولا لثان يكون خبرا عنه ، والأولية معنى قائم به يكسبه قوّة إذ كان غيره متعلقا به ، وكانت رتبته مقدمة على غيره ، وقيل : إنه عامل في الخبر أيضا.

ثم قال ابن يعيش : والذي أراه أن العامل في الخبر : هو الابتداء وحده كما كان عاملا في المبتدأ إلا أن عمله في المبتدأ بلا واسطة ، وعمله في الخبر بواسطة المبتدأ ، فالابتداء يعمل في الخبر عند وجود المبتدأ ، وإن لم يكن للمبتدأ أثر في العمل ، إلا أنه كالشرط في عمله كما لو وضعت ماء في قدر ووضعتها على النار فإن النار تسخن الماء ، فالتسخين حصل بالنار عند وجود القدر لا بها فكذلك هاهنا.

الثاني : عامل الرفع في الفعل المضارع معنوي على الصحيح ، بل ادعى بدر الدين بن مالك في تكملة شرح التسهيل : أنه لا خلاف فيه وليس كذلك ، بل الخلاف فيه موجود فقد ذهب الكسائي إلى أن عامله لفظي وهو حروف المضارعة ، وعلى أنه معنوي اختلف فيه فقيل : هو تجرده من الناصب والجازم وعليه الفراء.

وقيل : هو تعريه من العوامل اللفظية مطلقا وعليه جماعة من البصريين منهم الأخفش.

وقال الأعلم : ارتفع بالإهمال ، قال أبو حيان : وهو قريب من الأول.

وقال جمهور البصريين : هو وقوعه موقع الاسم كقولك : زيد يقوم ، كونه وقع موقع قائم هو الذي أوجب له الرفع.

وقال ثعلب : ارتفع بنفس المضارعة.

وقال بعضهم : ارتفع بالسبب الذي أوجب له الإعراب لأن الرفع نوع من الإعراب.

قال أبو حيان : فهذه سبعة مذاهب في الرافع للفعل المضارع ، واحد منها لفظي وثلاثة معنوية ثبوتية وهي الأخيرة ، وثلاثة عدمية وهي التي قبلها.

قال : وليس لهذا الخلاف فائدة ولا ينشأ عنه حكم نطقي.

الثالث : الخلاف ، جعله الفراء وبعض الكوفيين عاملا للنصب في الفعل المضارع بعد (أو) ، وبعد (الفاء) ، وبعد (الواو) ، في الأجوبة الثمانية ، يريدون بذلك مخالفة الثاني للأول من حيث لم يكن شريكا له في المعنى ولا معطوفا عليه ، فهو عندهم

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٨٥).

٢٥٨

نظير : لو تركت والأسد لأكلك ، نصبت لما لم ترد عطف الأسد على الضمير ، إذ لا يتصور أن يكون التقدير لو تركت وترك الأسد ، لأن الأسد لا يقدر عليه فيترك وكذلك عندهم : زيد أمامك وخلفك ، إنما انتصب بالخلاف لأن الظرف خلاف المبتدأ ، ولذلك لم يرفع كما يرفع قائم من قولك : زيد قائم ، وقد يرفعون أيضا على المخالفة كقوله : [الطويل]

١٩٦ ـ على الحكم المأتيّ يوما إذا قضى

قضيّته أن لا يجور ويقصد

قال الفراء : هو مرفوع على المخالفة.

قال (٢) ابن يعيش : معنى الخلاف عندهم عدم المماثلة.

قال (٣) ابن يعيش : ذهب الكوفيون إلى أن المفعول معه منصوب على الخلاف ، وذلك أنا إذا قلنا : (استوى الماء والخشبة) لا يحسن تكرير الفعل فيقال : استوى الماء واستوت الخشبة ، لأن الخشبة لم تكن معوجة فتستوي ، فلما خالفه ولم يشاركه في الفعل نصب على الخلاف ، قالوا : وهذه قاعدتنا في الظرف نحو : زيد عندك. الرابع : عامل قالوا : وهذه قاعدتها في الظرف نحو : زيد عندك.

الرابع : عامل الفاعل (٤) : ذهب قوم من الكوفيين إلى أن الفاعل ارتفع بإحداثه الفعل ، وذهب خلف الأحمر إلى أن العامل في الفاعل معنى الفاعلية ، كذا نقله عنه ابن عمرون وابن النحاس في التعليقة ، وذهب هشام إلى أنه يرتفع بالإسناد.

قال ابن فلاح : وردّ ذلك بأن العامل اللفظي مجمع عليه ، والمعنوي مختلف فيه. والمصير إلى المجمع عليه أولى من المصير إلى المختلف فيه.

الخامس : عامل المفعول ، ذهب خلف الأحمر إلى أن العامل في المفعول معنى المفعولية (٥) نقله ابن فلاح في المغني.

السادس : عامل الصفة والتأكيد وعطف البيان ، ذهب الأخفش (٦) إلى أنه معنوي ، وهو كونها تابعة بمنزلة عامل المبتدأ ، أو الفعل المضارع ، ذكره في (البسيط).

__________________

١٩٦ ـ الشاهد لأبي اللحام التغلبي في خزانة الأدب (٨ / ٥٥٥) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ١٨٢) ، وشرح المفصّل (٧ / ٣٨) ، ولعبد الرحمن بن أم الحكم في الكتاب (٣ / ٦٢) ، ولأبي اللحام أو لعبد الرحمن في لسان العرب (قصد) وبلا نسبة في جواهر الأدب (ص ١٦٩) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧٧٨) ، والمحتسب (١ / ١٤٩).

(١ ـ ٢) انظر شرح المفصّل (٢ / ٤٩).

(٣) انظر شرح المفصّل (١ / ٧٤) ، وشرح الكافية (١ / ٦٢).

(٤) انظر شرح الكافية (١ / ١١٦).

(٥) انظر شرح الكافية (١ / ٢٧٦).

٢٥٩

فائدة : العوامل اللفظية

قال ابن الحاجب في (أماليه) : العوامل اللفظية مطلقة على كان وأخواتها ، وعلى ظننت وأخواتها ، وإن وأخواتها وما الحجازية. وحروف الجر ، وإن كانت لفظية أيضا إلا أنها لما كانت تقتضي شيئا واحدا لم تعدّ مع تيك بخلاف ما ذكر أولا.

المبحث الرابع : كلّ حرف اختصّ بشيء ولم ينزل منزلة الجزء منه فإنه يعمل ، ذكره الجزولي في حواشيه ونقله ابن الخباز في (شرح الدرة الألفية) ، قال : وقوله : ولم ينزل ... إلى آخره ، يحترز به من قد ، والسين ، وسوف ، ولام التعريف ، فإنهن مختصات ولم يعملن لأنهن كالجزء مما يلينه ، وسبقه إلى ذلك ابن السراج في (الأصول) (١) : وفي بعض شروح الجمل مثله ، وزاد : إن الدليل على ذلك في (سوف) دخول اللام عليها في قوله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ) [الضحى : ٥] فلو لا أنها بمنزلة حرف من حروف الفعل لما جاز الفصل بها بين اللام والفعل ، قال : فإن وأخواتها وحروف الجر إنما عملت في الأسماء لانفرادها بها ، والنواصب والجوازم ، إنما عملت في الأفعال لانفرادها بها ، وكان القياس في (ما) النافية أن لا تعمل إلا أنها لما كان لها شبهان : شبه عام وشبه خاص عملت ، فشبهها العام شبهها بالحروف غير المختصة في كونها تلي الأسماء والأفعال. وشبهها الخاص شبهها بليس وذلك أنها للنفي كما أن ليس كذلك ، وداخلة على المبتدأ والخبر كما أن ليس كذلك ، وتخلص الفعل المحتمل للحال كما أن ليس كذلك ، فمن راعى الشبه العام لم يعملها ، وهم بنو تميم ، ومن راعى الشبه الخاص أعملها وهم الحجازيون.

وقال النيلي : الحق أن يقال : الحرف يعمل فيما يختص به ولم يكن مخصصا له ، كلام التعريف وقد والسين وسوف ، لأن المخصص للشيء كالوصف له ، والوصف لا يعمل في الموصوف وهذا أولى من قولهم : ولم ينزل منزلة الجزء منه لأن (أن) المصدرية تعمل في الفعل المضارع وهي بمنزلة الجزء منه لأنها موصولة.

وفي شرح التسهيل لأبي حيان : إنما أعملت (إذن) وإن كانت غير مختصة بالمضارع لشبهها بأن ، كما أعمل أهل الحجاز (ما) إعمال ليس ، وإن كانت غير مختصة بالأسماء لشبهها بها ، ووجه الشبه أن كل واحد منهما حرف آخره نون ساكنة قد دخل على مستقبل ، وبعض العرب ألغى (إذن) مراعاة لعدم الاختصاص ألغى بنو تميم (ما) فلم يعملوها لعدم الاختصاص.

__________________

(١) انظر شرح الأصول (١ / ٦٠).

٢٦٠