الأشباه والنظائر في النحو - ج ١

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي

الأشباه والنظائر في النحو - ج ١

المؤلف:

جلال الدين عبد الرحمن بن أبي بكر السيوطي


المحقق: غريد الشيخ
الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: دار الكتب العلميّة
الطبعة: ٢
الصفحات: ٣٥٠

ومحمرّ ألا ترى أن أصله هنا مشتدد ومحمرر ، فلو نقلت هنا لوجب أن تقول مشتد ومحمر ، فلما لم تقل ذلك وصح في المختلفين اللذين الثقل فيهما موجود لفظا امتنعت من الحكم به فيما تحصل الصيغة فيه تقديرا ووهما.

وسبب ترك النقل في المفتوح انفراد الفتح عن الضم والكسر في هذا النحو لزوال الضرورة فيه ومعه ، ألا ترى إلى صحة الواو والياء جميعا بعد الفتحة ، وتعذر صحة الياء الساكنة بعد الكسرة ، وذلك أنك لو حذفت الضمة في يرميون ولم تنقلها إلى الميم لصار التقدير إلى يرمون ؛ ثم وجب قلب الواو ياء وأن تقول : هم يرمين ، فيصير إلى لفظ جماعة المؤنث.

وكذلك لو لم تنقل كسرة الواو في تغزوين إلى الزاي لصار التقدير إلى تغزين ، ثم يجب قلب الياء واوا لانضمام الزاي قبلها فتقول للمرأة : أنت تغزون فيلتبس بجماعة المذكر ؛ فهذا حكم المضموم مع المكسور ، وليس كذلك المفتوح ؛ ألا ترى الواو والياء صحيحتين بعد الفتحة نحو هؤلاء يخشون ويسعون ، وأنت ترضين وتخشين ، فلما لم تغير الفتحة هنا في المختلفين اللذين تغييرهما واجب لم تغير الفتحتان اللتان إنما هما في التغيير محمولتان على الضمة مع الكسرة.

فإن قيل : قد يقع اللبس أيضا حيث رمت الفرق لأنك تقول للرجال : أنتم تغزون ؛ وللنساء : أنتن تغزون ، وتقول للمرأة : أنت ترمين ، ولجمع النساء : أنتن ترمين.

قيل : إنما احتمل هذا النحو في هذه الأماكن ضرورة ، ولو لا ذلك لما احتمل.

وكذلك : أنت (ترمين) ، أصله ترميين فالحركتان أيضا متفقتان ، فإذا أسكنت المضموم الأول ونقلت إليه ضمة الثاني وأسكنت المكسور الأول ونقلت إليه كسرة الثاني بقي اللفظ بحاله كأن لم تنقله ولم تغير شيئا منه فوقع اللبس ، فاحتمل لما يصحب الكلام من أوله وآخره كأشياء كثيرة يقع اللبس في لفظها فيعتمد في بيانها على ما يقارنها كالتحقير والتكسير وغير ذلك ؛ فلما وجدت إلى رفع اللّبس بحيث وجدته طريقا سلكتها ، ولما لم تجد إليه طريقا في موضع آخر احتملته ودللت بما يقارنه عليه.

الضرب الثاني : مما هجمت فيه الحركة على الحركة من غير قياس كقوله ، وقال (١) : [الرجز]

اضرب السّاقين إمّك هابل

أصله (أمك) فكسر الهمزة لانكسار ما قبلها على حدّ من قرأ : (فَلِأُمِّهِ

__________________

(١) وقد مرّ الشاهد رقم (٣).

١٨١

الثُّلُثُ) [النساء : ١١] فصار إمك ثم أتبع الكسر الكسر فهجمت كسرة الإتباع على ضمة الإعراب فابتزتها موضعها ، فهذا شاذّ لا يقاس عليه ، ألا تراك لا تقول : قدرك واسعة ، ولا عدلك ثقيلة ، ولا بنتك عاقلة. ونحو من ذلك في الشذوذ قراءة الكسائي : بما أنزليّك [البقرة : ٤] وقياسه في تخفيف الهمزة أن تجعل الهمزة بين بين ، فتقول بما أنزل «إليك» لكنه حذف الهمزة حذفا وألقى كسرتها على لام أنزل وقد كانت مفتوحة ، فغلبت الكسرة الفتحة على الموضع ، فصار تقديره بما أنزلليك فالتقت اللامان متحركتين فأسكنت الأولى وأدغمت في الثانية ، كقوله تعالى : (لكِنَّا هُوَ اللهُ رَبِّي) [الكهف : ٣٨].

ونحو منه ما حكاه لنا أبو علي عن أبي عبيدة أنه سمع : (دعه في حرامه) وذلك أنه نقل ضمة الهمزة بعد أن حذفها على الراء وهي مكسورة ، فنفى الكسرة وأعقب منها ضمة.

ومنه ما حكاه أحمد بن يحيى في خبر له مع ابن الأعرابي بحضرة سعيد بن مسلم ، عن امرأة قالت لبنات لها وقد خلون إلى أعرابي كان يألفهن : (أفي السو تنتنه) قال أحمد بن يحيى فقال لي ابن الأعرابي : تعال إلى هنا اسمع ما تقول ، قلت : وما في هذا أرادت استفهام إنكار : أفي السوأة أنتنه؟ فألقت فتحة أنتن عى كسرة الهاء ، فصارت تخفيف السوأة أفي السوء تنتنه ، فهذا نحو مما نحو بسبيله ، وجميعه غير مقيس ، لأنه ليس على حد التخفيف القياسي ، لأن طريق قياسه أن تقول في حر أمه فتقر كسرة الراء عليها وتجعل همزة أمه بين بين ، أي بين الهمزة والواو ولأنها مضمومة ، كقوله تعالى : (يَسْتَهْزِؤُنَ) [الأنعام : ٥] فيمن خفّف ، أو في حريمه فيبدلها ياء البتة على يستهزيون ، وهو رأي أبي الحسن ، فأما في حرمه فليس على قياس البتة وكذلك قياس تخفيف قولها : أفي السوأة أنتنه ، أن تقول : أفي السوء تنتنه فتخلص همزة أنتنه ياء البتة لانفتاحها وانكسار ما قبلها ، كقولك في تخفيف مئر : مير ، انتهى ما ذكره ابن جنّي.

ومن فروع هذا الباب كسرة شرب إذا بني للمفعول ، وكسرة زبرج إذا صغّر هل تبقى؟

ظاهر كلامهم نعم ، قال أبو حيان : ولو قيل إنها زالت وجاءت كسرة أخرى لكان وجها ، كما قالوا في (من زيد) في الحكاية على أحد القولين وفي (منص) إذا رخّمت منصورا على لغة من لا ينتظر ، فإنهم زعموا أنها ضمة بناء غير الضمة في منصور التي هي من حركات الكلمة الأصلية. قال : وإذا صغّرت فعلا على فعيل فضمة فعيل غير ضمة فعل ، وقيل : هي هي.

١٨٢

الحادية عشرة : قولهم حرف متحرك

قال ابن القيم في (بدائع الفوائد) (١) : قال السهيلي : قولهم حرف متحرك وتحركت الواو ونحو ذلك تساهل منهم ، فإن الحركة عبارة عن انتقال الجسم من حيّز إلى حيّز ، والحرف جزء من الصوت ، ومحال أن تقوم الحركة بالحرف لأنه عرض ، والحركة لا تقوم بالعرض ، وإنما المتحرك في الحقيقة هو العضو من الشفتين أو اللسان أو الحنك الذي يخرج منه الحرف ، فالضمة عبارة عن تحريك الشفتين بالضم عند النطق فيحدث من ذلك صوت خفيّ مقارب للحرف إن امتدّ كان واوا وإن قصر كان ضمة ، والفتحة عبارة عن فتح الشفتين عند النطق بالحرف وحدوث الصوت الخفي الذي يسمى فتحة ، وكذا القول في الكسرة.

والسكون عبارة عن خلوّ العضو من الحركات عند النطق بالحرف ، ولا يحدث بعد الحرف صوت ، فينجزم عند ذلك أي : ينقط ، فلذلك سمّي جزءا اعتبارا بانجزام الصوت وهو انقطاعه ، وسكونا اعتبارا ما لعضو الساكن ، فقولهم فتح وضم وكسر هو من صفة العضو ، وإذا سميت ذلك رفعا ونصبا وجرّا وجزما فهي من صفة الصوت ، لأنه يرتفع عند ضم الشفتين وينتصب عند فتحهما وينخفض عند كسرهما وينجزم عند سكونهما ، وعبّروا بهذه عن حركات الإعراب لأنها لا تكون إلا بسبب وهو العامل ، كما أن هذه إنما لا تكون بسبب وهو حركة العضو وعن أحوال البناء تلك ، لأنه لا يكون بسبب أعني بعامل ، كما أن هذه الصفات يكون وجودها بغير آلة.

قال ابن القيم : وعندي أن هذا ليس باستدراك على النحاة ، فإن الحرف وإن كان عرضا فقد يوصف بالحركة تبعا لحركة محله ، فإن الأعراض وإن لم تتحرك بأنفسها فهي تتحرك بحركة محالها فاندفع الإشكال جملة.

الثانية عشرة : الحركات هل هي مأخوذة من حروف المدّ

قال أبو حيان في (شرح التسهيل) : اختلف النحاة في الحركات الثلاث ، أهي مأخوذة من حروف المدّ واللّين أم لا؟ فذهب الأكثرون إلى أن الفتحة من الألف والضمة من الواو والكسرة من الياء اعتمادا على أن الحروف قبل الحركات ، والثاني مأخوذ من الأول.

وذهب بعض النحويين إلى أن هذه الحروف مأخوذة من الحركات الثلاث : الألف من الفتحة والواو من الضمة والياء من الكسرة ، اعتمادا على أن الحركات قبل

__________________

(١) انظر بدائع الفوائد (١ / ٣٤).

١٨٣

الحروف ، وبدليل أن هذه الحروف تحدث عند هذه الحركات إذا أشبعت ، وأن العرب قد استغنت في بعض كلامها بهذه الحركات عن هذه الحروف اكتفاء بالأصل على فرعه.

وذهب بعض النحويين إلى أنه ليست هذه الحروف مأخوذة من الحركات ، ولا الحركات مأخوذة من الحروف ، اعتمادا على أن أحدهما لم يسبق الآخر ، وصححه بعضهم ، انتهى.

الثالثة عشرة : تمكن النطق بالحرف أقوى من تمكنه بالحركة

قال في (البسيط) : تمكن النطق بالحرف أقوى من تمكنه بالحركة.

الرابعة عشرة : تقدير الحرف ساكنا

الأصل في تقدير الحرف أن يقدر ساكنا ، لأن الحركة أمر زائد فلا يقدم عليه إلا بدليل ، ومن ثم كان مذهب سيبويه في (شاة) أن الأصل فيها (شوهة) بسكون الواو كصفحة ، لا شوهة بالفتح ، وفي (دم) أن وزنه فعل بالسكون لا فعل بالتحريك.

الخامسة عشرة : قيام الحركة مقام الحرف

الحركة قد تقوم مقام الحرف وذلك في الثلاثي المؤنث بغيرها ، نحو : (سقر) ، فإنه يمنع الصرف كما لو كان فوق ثلاثة إقامة للحركة مقام حرف رابع ، بدليل تحتّم حذف ألف جمزيّ في النسب ؛ كتحتّم ألف (مصطفى) لا كتخيير ألف (حبلى) المشاركة لها في عدد الحروف.

قال في (البسيط) : فإن قيل : لو جرت الحركة مجرى الحرف الرابع لم تلحقه تاء التأنيث في التصغير كالرباعي ، ولا شك في لحوقها نحو (سقيرة).

قلت : نحن لا ندّعي أن الحركة تجري مجرى الحرف الرابع في كل حكم بل في موضع يثقل اللفظ بها ، وذلك في المكبّر بخلاف المصغّر.

السادسة عشرة : الحركة المنقولة في الوقف

قال أبو البقاء في (التبيين) : اعلم أنهم لا يريدون بالحركة المنقولة في الوقف في نحو : هذا بكر ومررت ببكر ؛ أن حركة الإعراب صارت في الكاف إذ الإعراب لا يكون قبل الطرف وإنما يريدون أنها مثلها.

السابعة عشرة : تسمية المتقدمين للحركات

قال ابن يعيش : كان المتقدّمون يسمون الفتحة الألف الصغيرة والضمة الواو الصغيرة والكسرة الياء الصغيرة ، لأن الحركات والحروف أصوات ، وإنما رأى النحويون صوتا أعظم من صوت فسموا العظيم حرفا والضعيف حركة ؛ وإن كانا في

١٨٤

الحقيقة شيئا واحدا ، ولذلك دخلت الإمالة على الحركة كما دخلت الألف إذ الغرض إنما هو تجانس الصوت وتقريب بعضها من بعض.

فائدة : السؤال عن مبادئ اللغات يؤدّي إلى التسلسل

قال بعض شرّاح الجمل : السؤال عن مبادئ اللغات يؤدي إلى التسلسل ، فلهذا لا ينبغي أن يسأل لأي شيء انفردت الأسماء بالجر وانفردت الأفعال بالجزم ، وإنما ينبغي أن يسأل عما كان يجب فامتنع ، وهو خفض الأفعال المضارعة بالإضافة ، لأن الفعل مرفوع ، وإن أضيف إليه كقوله تعالى : (هذا يَوْمُ يَنْفَعُ الصَّادِقِينَ صِدْقُهُمْ) [المائدة : ١١٩] وجزم الأسماء التي لا تنصرف وذلك أنها لما أشبهت الفعل المضارع وحكم لها بحكمه فلم تنون ولم تخفض كالفعل ، كان يجب أن يحمل فيها الخفض على جزم الفعل الذي أشبهته بدل حمله على النصب ، ويكون الاسم الذي لا ينصرف ساكنا في حال الخفض ويكون فيه ترك العلامة علامة.

والجواب على ذلك : ما ذكره الزجاجي أنه لم تخفض الأفعال المضارعة لأن الخفض لو كان فيها إنما كان يكون بالإضافة ، لأنه ليس من عوامل الخفض ما يدخل على الفعل إلا الإضافة إما للملك أو للاستحقاق ، والأفعال لا تملك شيئا ولا تستحقه فلا يكون فيها إضافة ، وإذا لم يكن فيها إضافة لم يكن فيها خفض ، فإن أضيف إلى الفعل فإنما يضاف إليه في اللفظ ولمصدره في المعنى ، ولذلك لا تؤثر الإضافة فيه ، ولم تجزم الأسماء التي لا تنصرف لأنها قد ذهب منها التنوين ، فلو ذهبت الحركة لأدى ذلك إلى ذهاب شيئين من جهة واحدة ، وذلك إخلال بالكلمة لتوالي الحذف على آخرها.

حكاية الحال من القواعد الشهيرة

قال ابن هشام في (المغني) (١) : القاعدة السادسة ، أنهم يعبرون عن الماضي والآتي كما يعبرون عن الشيء الحاضر قصدا لإحضاره في الذهن حتى كأنه مشاهد حالة الإخبار نحو : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَيَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ) [النمل : ١٢٤] لأن لام الابتداء للحال ونحو : (هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَهذا مِنْ عَدُوِّهِ) [القصص : ١٥] إذ ليس المراد تقريب الرجلين من الرسول عليه الصلاة والسّلام ، كما تقول : هذا كتابك فخذه ، وإنما الإشارة كانت إليهما في ذلك الوقت هكذا فحكيت ومثله : (وَاللهُ

__________________

(١) انظر مغني اللبيب (٢ / ٧٦٩).

١٨٥

الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى بَلَدٍ مَيِّتٍ فَأَحْيَيْنا بِهِ الْأَرْضَ) [فاطر : ٩] ألا ترى أنه تعالى قصد بقوله فتثير سحابا إحضار تلك الصورة البديعة الدالة على القدرة الباهرة من إثارة السحاب تبدو أولا قطعا ثم تتضام متقلبة بين أطوار حتى تصير ركاما ، ومنه (ثُمَّ قالَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [آل عمران : ٥٩] أي : فكان ، (وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللهِ فَكَأَنَّما خَرَّ مِنَ السَّماءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكانٍ سَحِيقٍ) [الحج : ٣١] ، (وَنُرِيدُ أَنْ نَمُنَّ عَلَى الَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) [القصص : ٥] إلى قوله : و (نُرِيَ فِرْعَوْنَ وَهامانَ) [القصص : ٦] ومنه عند الجمهور : (وَكَلْبُهُمْ باسِطٌ ذِراعَيْهِ) [الكهف : ١٨] ، أي : يبسط ذراعيه ، بدليل (وَنُقَلِّبُهُمْ ،) ولم يقل وقلبناهم ، وبهذا التقرير يندفع قول الكسائي وهشام أن اسم الفاعل الذي بمعنى الماضي يعمل ، ومثله : (وَاللهُ مُخْرِجٌ ما كُنْتُمْ تَكْتُمُونَ) [البقرة : ٧٢] إلا أن هذا على حكاية حال كانت مستقبلة وقت التدارئ ، وفي الآية الأولى حكيت الحال الماضية.

ومثلها قوله : [الرجز]

١٢٥ ـ جارية في رمضان الماضي

تقطع الحديث بالإيماض

ولو لا حكاية الحال في قول حسان : [الكامل]

١٢٦ ـ يغشون حتى لا تهرّ كلابهم

[لا يسألون عن السّواد المقبل]

لم يصح الرفع ، لأنه لا يرفع إلا وهو للحال ، ومنه قوله تعالى : (حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ) [البقرة : ٢١٤].

الحمل على ما له نظير أولى من الحمل على ما ليس له نظير

وفيه فروع :

منها : (مروان) ، يحتمل أن يكون وزنه فعلان أو مفعالا أو فعوالا ، والأول له نظير فيحمل عليه ، والآخران مثالان لم يجيئا ، ذكره ابن جنّي (٣).

ومنها : (فم) أصلها (فوه) بزنة (فوز) حذفت الهاء لشبهها بحرف العلة لخفائها وقربها في المخرج من الألف ، فحذفت كحذف حرف العلة ، فبقيت الواو

__________________

١٢٥ ـ الشاهد لرؤبة في ملحقات ديوانه (ص ١٧٦) ، والإنصاف (١٤٩) ، والخزانة (٣ / ٤٨١).

١٢٦ ـ الشاهد لحسان بن ثابت في ديوانه (ص ١٢٣) ، وخزانة الأدب (٢ / ٤١٢) ، والدرر (٤ / ٧٦) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٦٩) ، والكتاب (٣ / ١٨) ، وشرح شواهد المغني (١ / ٣٧٨) ، وهمع الهوامع (٢ / ٩) ، وبلا نسبة في شرح الأشموني (٣ / ٥٦٢).

(١) انظر الخصائص (٣ / ٦٧).

١٨٦

التي هي عين حرف الإعراب ، وكان القياس قلبها ألفا لتحرّكها بحركات الإعراب وانفتاح ما قبلها ، ثم يدخل التنوين على حد دخوله في نحو : عصا ورحى ، فتحذف الألف لالتقاء الساكنين فيبقى المعرب على حرف واحد ، وذلك معدوم النظير ، فلما كان القياس يؤدي إلى ما ذكر ، أبدلوا من الواو ميما ، لأن الميم حرف جلد يتحمل الحركات من غير استثقال وهما من الشفتين فهما متقاربان ، ذكره ابن يعيش (١).

ومنها : ألف (كلا) وليست زائدة لئلا يبقى الاسم الظاهر على حرفين وليس ذلك في كلامهم أصلا ، ذكره ابن يعيش أيضا.

ومنها : مذهب سيبويه أن التاء في (كلتا) بدل من لام الكلمة ، كما أبدلت منها في (بنت وأخت) ، وألفها للتأنيث ، ووزنها فعلى (كذكرى) ، وذهب الجرمي إلى أن التاء للتأنيث والألف لام الكلمة كما في (كلا) والوجه الأول ، لأنه ليس في الأسماء فعتل ، ولم يعهد أن تاء التأنيث تكون حشوا في كلمة ، ذكره ابن يعيش (٢).

ومنها : قال ابن الأنباري في (الإنصاف) (٣) : ذهب البصريون إلى أن الأسماء الستة معربة من مكان واحد ، والواو والألف والياء هي حروف الإعراب ، وذهب الكوفيون إلى أنها معربة من مكانين ، قال : والذي يدلّ على صحة ما ذهبنا إليه وفساد ما ذهبوا إليه ، أن ما ذهبنا إليه له نظير في كلام العرب ؛ فإن كل معرب في كلامهم ليس له إلا إعراب واحد وما ذهبوا إليه لا نظير له في كلامهم ، فإنه ليس في كلامهم ، معرب له إعرابان ، والمصير إلى ما له نظير أولى من المصير إلى ما ليس له نظير.

ومنها : قال ابن الأنباري (٤) : ذهب البصريون إلى أن الألف والواو والياء في التثنية والجمع حروف إعراب ، وذهب الجرمي إلى أن انقلابها هو الإعراب ، وقد أفسده بعض النحويين بأن هذا يؤدي إلى أن يكون الإعراب بغير حركة ولا حرف ، وهذا لا نظير له في كلامهم.

ومنها : قال ابن فلاح في (المغني) : صفة اسم (لا) المبني يجوز فتحه نحو : لا رجل ظريف في الدار ، وهي فتحة بناء ؛ لأن الموصوف والصفة جعلا كالشيء الواحد بمنزلة خمسة عشر ، ثم دخلت (لا) عليهما بعد التركيب ، ولا يجوز أن

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٥٣).

(٢) انظر شرح المفصّل (١ / ٥٥).

(٣) انظر الإنصاف المسألة رقم (٢).

(٤) انظر الإنصاف المسألة رقم (٣).

١٨٧

تكون دخلت عليهما وهما معربان فبنيا معها ؛ لأنه يؤدي إلى جعل ثلاثة أشياء كشيء واحد ولا نظير له.

ومنها : قال ابن فلاح : ذهب البصريون إلى أن (اللهمّ) أصله (يا ألله) حذفت يا وعوض منها الميم المشددة في آخره.

وقال (١) الكوفيون : ليست الميم بعوض بل أصله (يا ألله أمّ) أي أقصد ، فحذفت الهمزة من فعل الأمر واتصلت الميم المشددة باسم الله فامتزجا وصارا كلمة واحدة ، ولا يستنكر تركيب فعل الأمر مع غيره بدليل (هلمّ) ، فإنها مركبة عند البصريين من حرف التنبيه ولمّ ، وعندنا من (هل) و (أمّ) ، قالوا : فما صرنا إليه له نظير وما صرتم إليه دعوى بلا دليل.

وقال الأندلسي في (شرح المفصّل) : قال الكوفيون : ضمير الفصل إعرابه بإعراب ما قبله ، لأنه توكيد لما قبله ، وردّه البصريون بأن المكنّى لا يكون تأكيدا للمظهر في شيء من كلامهم ، والمصير إلى ما لا نظير له في كلامهم غير جائز.

وقال ابن جنّي في الخصائص (٢) : إذا دلّ الدليل لا يجب إيجاد النظير وذلك على مذهب الكتاب ، فإنه حكي مما جاء على فعل (إبلا) وحدها ، ولم يمنع الحكم بها عنده إن لم يكن لها نظير ، لأن إيجاد النظير بعد قيام الدليل إنما هو للأنس به لا للحاجة إليه ، فأما إن لم يقم دليل فإنك محتاج إلى النظير ، ألا ترى إلى عزويت لما لم يقم الدليل على أن واوه وتاءه أصلان ، احتجت إلى التعليل بالنظير ، فمنعت أن يكون مفويلا لما لم تجد له نظيرا وحملته على (فعليت) لوجود النظير وهو عفريت ونفريت.

وكذلك قال أبو عثمان في الردّ على من ادعى أن السين وسوف يرفعان الأفعال المضارعة : لم نر عاملا في الفعل تدخل عليه اللام ، وقد قال الله تعالى : (وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضى) [الضحى : ٥] فجعل عدم النظير ردا على من أنكر قوله ، فأما إن لم يقم الدليل ولم يوجد النظير ، فإنك تحكم مع عدم النظير ، وذلك قولك في الهمزة والنون من أندلس أنهما زائدتان ، وأن وزن الكلمة بهما (أنفعل) ؛ وإن كان هذا مثالا لا نظير له ، وذلك أن النون لا محالة زائدة لأنه ليس في ذوات الخمسة شيء على فعلل ، فتكون النون فيه أصلا لوقوعها موقع العين ، وإذا ثبت أن النون زائدة فقد

__________________

(١) انظر الإنصاف المسألة رقم (٤٧).

(٢) انظر الخصائص (١ / ١٩٧).

١٨٨

يرد في ذلك ثلاثة أحرف أصول ؛ وهي الدال واللام والسين وفي أول الكلمة همزة ، ومتى وقع ذلك حكمت يكون الهمزة زائدة من أوائلها إلا في الأسماء الجارية على أفعالها نحو : مدحرج وبابه. وقد وجب إذا أن الهمزة والنون زائدتان ، وأن الكلمة بهما على انفعل ؛ وإن كان هذا مثالا لا نظير له ، فإن ضام الدليل النظير فلا مذهب بك عن ذلك وهذا كنون عنتر فالدليل يقضي بكونها أصلا ، لأنها مقابلة لعين جعفر ؛ والمثال أيضا معك وهو فعلل.

وقال ابن يعيش (١) : ذهب المبرد إلى أن نحو : لا مسلمين لك ، ولا مسلمين لك معربان وليسا بمبنيين مع لا ، قال : لأن الأسماء المثناة والمجموعة بالواو والنون لا تكون مع ما قبلها اسما واحدا فلم يوجد ذلك.

وقال ابن يعيش : وهذا إشارة إلى عدم النظير ، قال : وإذا قال الدليل فلا عبرة بعدم النظير ، أما إذا وجد فلا شك أنه يكون مؤنسا ، وأما أن يتوقف ثبوت الحكم على وجوده فلا.

وقال الشلوبين : قول من قال : إن الحروف في الأسماء الستة دلائل إعراب وليست بإعراب ولا حروف إعراب ؛ يؤدي إلى أن يكون الاسم المعرب على حرف واحد في قولك ذو مال ، وهذه الحروف زوائد عليه للدلالة على الإعراب ؛ وذلك خروج عن النظائر ، فلا ينبغي أن يقال به.

قاعدة : تسمية الرجل بما لا نظير له في الكلام

قال (٢) ابن يعيش : يجوز أن يسمّى الرجل بما لا نظير له في كلام ولهذا لم يذكر سيبويه (دئل) في أبنية الأسماء لأنه اسم لقبيلة أبي الأسود ، والمعارف غير معوّل عليها في الأبنية.

حمل الشيء على نظيره

قال (٣) ابن الأثير في النهاية : الحدّاث جماعة يتحدّثون ؛ وهو جمع على غير قياس حملا على نظيره ، وهو سامر وسمّار ، فإن السمّار : المتحدثون.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ١٠٦).

(٢) انظر شرح المفصّل (٦ / ١١٣).

(٣) انظر النهاية : مادة (حدث) (١ / ٢٣٩).

١٨٩

الحمل على أحسن القبيحين

عقد له ابن جنّي بابا في الخصائص (١) قال : وذلك أن تحضرك الحال ضرورتين لا بدّ من ارتكاب إحداهما ، فينبغي حينئذ أن تحمل الأمر على أقربهما وأقلهما فحشا ؛ وذلك كواو (ورنتل) أنت فيها بين ضرورتين :

إحداهما : أن تدعى كونها أصلا في ذوات الأربعة غير مكررة ، والواو لا توجد في ذوات الأربعة إلا مع التكرير ، نحو : الوصوصة والوحوحة وضوضيت وقوقيت.

والأخرى : أن تجعلها زائدة أولا والواو لا تزاد أولا ، فإذا كان كذلك كان أن تجعلها أصلا أولى من أن تجعلها زائدة ، وذلك أن الواو قد تكون أصلا في ذوات الأربعة على وجه من الوجوه ، أعني حال التضعيف ؛ فأما أن تزاد أولا ، فإن هذا أمر لم يوجد على حال ، فإذا كان كذلك رفضته ولم تحمل الكلمة عليه ، ومثل ذلك فيها : قائما رجل ، لما كنت بين أن ترفع قائما فتقدم الصفة على الموصوف وهذا لا يكون ؛ وبين أن تنصب الحال من النكرة وهذا على قلته جائز ، حملت المسألة على الحال فنصبت ، كذلك : ما قام إلا زيدا أحد ، عدلت إلى النصب لأنك إذا رفعت لم تجد قبله ما تبدله منه ، وإن نصبت دخلت تحت تقديم المستثنى على ما استثني منه ، وهذا وإن كان ليس في قوة تأخيره عنه فقد جاء على كل حال ، فاعرف ذلك أصلا في العربية تحمل عليه غيره ، انتهى.

وقال ابن إياز ـ في نحو : فيها قائما رجل : أبو الفتح يسمّي هذا الحمل : أحسن القبيحين : لأن الحال من النكرة قبيح ، وتقديم الصفة على الموصوف أقبح ، فحمل على أحسنهما.

وقال (٢) ابن يعيش : إنما امتنع العطف على عاملين عند الخليل وسيبويه لأن حرف العطف خلف عن العامل ونائب عنه ، وما قام مقام غيره فهو أضعف منه في سائر أبواب العربية ، فلا يجوز أن يتسلّط على عمل الإعراب بما لا يتسلط ما أقيم مقامه ، فإذا أقيم مقام الفعل لم يجز أن يتسلط على عمل الجرّ ، فلذا لم يخرجوا قولهم في المثل (ما كلّ سوداء تمرة ولا بيضاء شحمة) (٣) على العطف على عاملين كما هو رأي الكوفيين ، حيث جعلوا جرّ بيضاء بالعطف على سوداء والعامل فيها

__________________

(١) انظر الخصائص (١ / ٢١٢).

(٢) انظر شرح المفصّل (٣ / ٢٧).

(٣) انظر المستقصى في الأمثال (٢ / ٣٢٨).

١٩٠

كلّ ، ونصب شحمة عطفا على خبر ما ، ومثله عندهم : ما زيد بقائم ولا قاعد عمرو ، ويخفضون قاعدا بالعطف على قائم المخفوض بالباء ، ويرفعون عمرو بالعطف على اسم (ما) بل يخرجونه على حذف المضاف وإبقاء عمله.

فإن قيل (١) : حذف المضاف وإبقاء عمله على خلاف الأصل وهو ضعيف والعطف على عاملين ضعيف أيضا ، فلم كان حمله على الجار أولى من حمله على العطف على عاملين؟!

قيل : لأن حذف الجار قد جاء في كلامهم وله وجه من القياس ، فأما مجيئه فنحو : [الرجز]

١٢٧ ـ وبلدة ليس بها أنيس

أي : وربّ بلدة ، وقولهم في القسم : (الله لأفعلن) وقول رؤبة لما قيل له كيف أصبحت (خير عافاك الله) أي : بخير.

وقد حمل أصحابنا قراءة حمزة (وَالْأَرْحامَ) [النساء : ١] على حذف الجار ، وأن التقدير فيه : وبالأرحام ، والأمر فيه ليس ببعيد ذلك البعد ، فقد ثبت بهذا جواز حذف الجار في الاستعمال ، وإن كان قليلا ؛ ولم يثبت في الاستعمال العطف على عاملين ، فكان حمله على ما له نظير أولى ، وهو من قبيل أحسن القبيحين.

وأما من جهة القياس فلأن الفعل لما كان يكثر فيه الحذف وشاركه الحرف الجار في كونه عاملا جاز فيه ما جاز في الفعل على سبيل الندرة.

حمل الشيء على الشيء

من غير الوجه الذي أعطى الأول ذلك الحكم

عقد له ابن جنّي بابا في (الخصائص) (٣) ، قال : اعلم أن هذا باب طريقه الشبه

__________________

(١) انظر شرح المفصل (٣ / ٢٧).

١٢٧ ـ الرجز لجران العود في ديوانه (ص ٩٧) ، وخزانة الأدب (١٠ / ١٥) ، والدرر (٣ / ١٦٢) ، والكتاب (١ / ٣٢١) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ١٤٠) ، وشرح التصريح (١ / ٣٥٣) ، وشرح المفصّل (٢ / ١١٧) ، والمقاصد النحوية (٣ / ١٠٧) ، وبلا نسبة في الإنصاف (١ / ٢٧١) ، وأوضح المسالك (٢ / ٢٦١) ، والجنى الداني (ص ١٦٤) ، وجواهر الأدب (ص ١٦٥) ، وخزانة الأدب (٤ / ١٢١) ، ورصف المباني (ص ٤١٧) ، وشرح الأشموني (١ / ٢٢٩) ، وشرح المفصّل (٢ / ٨٠) ، ولسان العرب (كنس) ومجالس ثعلب (ص ٤٥٢) ، والمقتضب (٢ / ٣١٩) ، وهمع الهوامع (١ / ٢٢٥).

(٢) انظر الخصائص (١ / ٢١٣).

١٩١

اللفظي ، وذلك كقولنا في النسب إلى ما فيه همزة التأنيث بالواو وذلك نحو : حمراويّ وصفراويّ وعشراويّ ، وإنما قلبت الهمزة فيه ولم تقرّر بحالها لئلا تقع علامة التأنيث حشوا فمضى هذا على هذا لا يختلف. ثم إنهم قالوا في النسب إلى علباء : علباويّ وإلى حرباء : حرباوي ، وأبدلوا هذه الهمزة وإن لم تكن للتأنيث لكنها لما شابهت همزة حمراء وبابها بالزيادة حملوا عليها همزة علباء ، ونحن نعلم أن همزة حمراء لم تقلب في حمراء لكونها زائدة فتشبه بها همزة علباء من حيث كانت زائدة مثلها. لكن لما اتفقتا في الزيادة حملت همزة علباء على همزة حمراء ؛ ثم إنهم تجاوزوا هذا إلى أن قالوا في كساء وقضاء : كساويّ وقضاويّ ، فأبدلوا الهمزة واوا حملا لها على همزة علباء من حيث كانت همزة قضاء وكساء مبدلة من حرف ليس للتأنيث ، فهذه علة غير الأولى ، ألا تراك لم تبدل همزة علباء واوا في علباوي لأنها ليس للتأنيث فتحمل عليها همزة كساء وقضاء من حيث كانتا لغير التأنيث ، ثم إنهم قالوا من بعد في قرّاء : قرّاويّ ، فشبّهوا همزة قرّاء بهمزة كساء من حيث كانت أصلا غير زائدة ، كما أن همزة كساء غير زائدة ، وأنت لم تكن أبدلت همزة كساء في كساويّ ، من حيث كانت غير زائدة ، لكن هذه أشباه لفظية يحمل أحدها على ما قبله تشبثا به وتصورا له.

وإليه وإلى نحوه أومأ سيبويه بقوله (١) : وليس شيء مما يضّطرون إليه إلا وهم يحاولون به وجها. وعلى ذلك قالوا : (صحراوات) فأبدلوا الهمزة واوا لئلا يجمعوا بين علمي تأنيث ، ثم حملوا التثنية عليه من حيث كان هذا الجمع على طريق التثنية ، ثم قالوا : (علباوان) حملا بالزيادة على حمراوان ، ثم قالوا : (كساوان) تشبيها له بعلباوان ، ثم قالوا : (قراوان) حملا له على كساوان على ما تقدم.

وسبب هذه الحمول والإضافات والإلحاقات كثرة هذه اللغة وسعتها وغلبة حاجة أهلها إلى التصرف بها والتركح (٢) في إثباتها لما يلابسونه ويكثرون استعماله من الكلام المنثور والشعر الموزون والخطب والسجوع ، ولقوة إحساسهم في كل شيء وتخيلهم ما لا يكاد يشعر به من لم يألف مذاهبهم. وعلى هذا ما منع الصرف من الأسماء للشبه اللفظي نحو : أحمر وأصفر وأصرم وأحمد ، وتألب وتنضب علمين ، لما في ذلك من شبه لفظ الفعل ، فحذفوا التنوين من الاسم لمشابهته ما لا حصة له في التنوين وهو الفعل ، قال : والشبه اللفظي كثير وفي هذا كفاية ، انتهى.

__________________

(١) انظر الكتاب (١ / ٦٥).

(٢) التركّح : التصرّف والتوسع.

١٩٢

الحمل على الأكثر أولى من الحمل على الأقل

ومن ثم قال الأكثرون : إن (رحمن) غير منصرف ، وإن لم يكن له (فعلى) ، لأن ما لا ينصرف من (فعلان) أكثر ، فالحمل عليه أولى ، قاله صاحب (البسيط).

وقال (١) ابن يعيش : ذهب بعضهم إلى أن ألف (كلا) منقلبة عن ياء وذلك لأنه رآها قد أميلت.

قال (٢) سيبويه : لو سمّيت بـ (كلا) وثنّيت لقلبت الألف ياء ، لأنه قد سمع فيها الإمالة ، والأمثل أن تكون منقلبة عن واو لأنها قد أبدلت تاء في (كلتا) ، وإبدال التاء من الواو أضعاف إبدالها من الياء ، والعمل إنما هو على الأكثر ، وإنما أميلت لكثرة الكاف.

وقال السخاوي (في تنوير الدياجي) : سأل سيبويه الخليل عن (رمان) فقال : لا أصرفه في المعرفة وأحمله على الأكثر إذا لم يكن له معنى يعرف به (٣).

قال السخاوي : أي إذا كان لا يعمل من أي شيء اشتقاقه حمل على الأكثر ، والأكثر زيادة الألف والنون.

وقال (٤) ابن يعيش : القياس يقتضي زيادة النون في (حسان) وأن لا ينصرف حملا على الأكثر.

وقال الشلوبين : المحذوف من (ذو) ياء أو واو لأن الغالب على الاسم الثنائي المحذوف منه لامه أن تكون اللام المحذوفة منه ياء أو واوا ، والأغلب فيها الواو ، وقلّ أن يكون المحذوف غيرهما كالحاء من (حر) فينبغي أن يحكم على (ذو) بأن المحذوف منه ياء أو واو لا غيرهما ، لأنهما أكثر من غيرهما وإن كان يمكن أن يكون المحذوف منه هاء.

وقال أيضا : قد تكون الصفة مجتمعة فيها شروط الجمع بالواو والنون ولا تجمع بهما إذا كانت محمولة على غيرهما مما لا يجمع بالواو والنون ، وذلك نحو : (ندمان) ، كان قياسه أن يقال في جمعه : (ندمانون) ، لأن مؤنثه (ندمانة) ، ولكن سيبويه قال (٥) : إنهم لا يقولون ذلك وإن كان قد أجازه هو بعد ذلك ، وتوجيه شذوذه

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (١ / ٥٤).

(٢) انظر الكتاب (٣ / ٤٠٠).

(٣) انظر الكتاب (٣ / ٢٤٠).

(٤) انظر شرح المفصّل (٩ / ١٥٥).

(٥) انظر الكتاب (٤ / ١١٧).

١٩٣

أن المطرد في باب فعلان أن لا يقال فيه فعلانة ، فحمل في ذلك على الأكثر ، ولكن مثل هذا يقل في الصفات التي اجتمعت فيها هذه الشروط حتى لا أذكر منه إلا هذا.

وقال أيضا : الألف المجهولة الأصل من الثلاثي إذا لم تمل تقلب في التثنية واوا وإذا أميلت تقلب ياء لأنه لا يمال من هذا النون إلا ما كانت ألفه منقلبة عن ياء ، ولا يميلون ذوات الواو إلا شاذا ، والأكثر مما يمال من هذا النوع أن تكون ألفه منقلبة عن ياء ، فحمل هذا المجهول عليه ، وما لم يمله المحيلون من هذا النوع فألفه منقلبة عن واو ، فحمل هذا المجهول عليه ، قال : فإن جهل أمر الإمالة أعني وجودها وعدمها في هذا النوع ، حمل على ما ألفه منقلبة عن الياء ، لأن الأكثر زعموا فيما لامه ألف أن يكون انقلابها عن الياء لا عن الواو لأن الياء أغلب على اللام من الواو ، ويقوّي ذلك أن ذوات الواو ترجع في الأربعة إلى الياء ، نحو : (ملهيان) و (مدعيان) ، ولا ترجع الياء إلى الواو ، نحو : (مرميان) ، انتهى.

وقال ابن عصفور : قول سيبويه : إن المرفوع بعد لو لا مبتدأ محذوف الخبر أولى من قول الكسائي : إنه فاعل بإضمار فعل ، لأن إضمار الخبر أكثر من إضمار الفعل ، والحمل على الأكثر أولى (١).

وقال ابن إياز : ذهب الكسائي إلى أن (حتى) حرف تنصب المضارع دائما وإذا وقع بعدها الاسم مجرورا كان بتقدير (إلى) وقول البصريين : إنها حرف يجرّ الاسم دائما ، وإذا نصب المضارع بعدها كان بتقدير أن أرجح ، لأنه إذا ترددت الكلمة بين أن تكون من عوامل الأسماء أو من عوامل الأفعال فجعلها من عوامل الأسماء أولى ، وذلك لأن عوامل الأسماء هي الأصول وعوامل الأفعال فروع ، وأيضا فعوامل الأسماء هي الأكثر ومن أصولهم الحمل على الأكثر.

وقال ابن النحاس في باب الاشتغال : إذا كان العطف على جملة فعلية فالمختار الحمل على إضمار فعل ، لأنك حينئذ تكون قد عطفت جملة فعلية على جملة فعلية فتنفق الجمل ، وإذا رفعت تكون قد عطفت جملة اسمية على جملة فعلية فتختلف الجمل ، وتوافق الجمل أولى من اختلافها.

فإن قيل : توافق الجمل يعارضه أنك إذا نصبت تحتاج إلى تقدير وإذا رفعت لم تحتج إلى تقدير شيء.

__________________

(١) انظر المقتضب (٣ / ٧٦) ، والإنصاف المسألة (١٠).

١٩٤

فالجواب : أنه إذا دار الأمر بين الاختلاف والتقدير كان التقدير أولى لكثرة التقدير في كلام العرب وقلة الاختلاف ، والحمل على الكثير أولى.

وقال ابن فلاح في (المغني) : لام (ذي) بمعنى صاحب ياء على الأصح ، حملا على الأكثر فيما عينه واو.

وقال (١) ابن يعيش : الهاء من (هذه) بدل الياء من (هذي) ، وإنما كسرت ووصلت بالياء لأنها في اسم غير متمكن مبهم فشبهت بها ، الإضمار الذي قبله كسرة نحو به وبغلامه.

وقال (٢) سيبويه : ولا أعلم أحدا يضمّها ، لأنها شبهوها بهاء الضمير وليست للضمير فحملوها على أكثر الكلام ، وأكثر الكلام كسر الهاء إذا كان قبلها كسرة ، ووصلوا بالياء كما وصلوا في به وبغلامه ، ومن العرب من يسكنها في الوصل ويجري على أصل القياس يقول : هذه هند.

وقال أيضا : الياء الثانية في (قوقيت) و (ضوضيت) أصل لأنها الأولى كررت ، وأصلها (قوقوت) و (ضوضوت) ، وإنما قلبوا الثانية ياء لوقوعها رابعة على حدّ : أغزيت وادعيت.

فإن قيل : فهلّا كانت زائدة عى حدّ زيادتها في : سعليت وجعييت؟

قيل : لو قيل ذلك لصارت من باب : سلس وقلق وهو قليل ، وباب : زلزلت وقلقلت أكثر والعمل إنما هو على الأكثر ، وقال : الميم من (منبج) ـ اسم لبلد ـ زائدة والنون أصل ، لأن زيادة الميم أولا أكثر من زيادة النون أولا ، والعمل إنما هو على الأكثر.

وقال المالقي في (رصف المباني) (٣) : (ألّا) المفتوحة المشددة حرف تحضيض وتبدل همزتها هاء ، فيقال : هلّا ، ولا تنعكس القضية فتقول إن الهمزة بدل من الهاء ، لأن بدل الهاء من الهمزة أكثر من بدل الهمزة من الهاء ، لأنها لم تبدل إلا في (ماء) و (أمواء) والأصل : ماه وأمواه ، وفي (أهل) قالوا : آل والأصل أأل ، فسهلوا الهمزة. والهاء قد أبدلت من الهمزة في (إيّاك) فقالوا : هياك ، وفي (أرحت) الماشية قالوا : هرحت ، وفي (أرقت) الماء قالوا : هرقت ، وفي أشياء غير هذه ، فالحمل على الأكثر أولى.

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٣ / ١٣١).

(٢) انظر الكتاب (٤ / ٣١٣).

(٣) انظر رصف المباني (ص ٨٤).

١٩٥

وقال أبو حيان في شرح (التسهيل) : (إلّا) إما أن تقترن بما بعدها قرينة تدلّ على أنه داخل في حكم ما قبلها أو خارج عنه ، إن اقترن بذلك قرينة كان على حسبها ، وإن لم تقترن به قرينة فالذي عليه أكثر المحققين أنه لا يدخل في حكم ما قبلها وهو الصحيح ، لأن الأكثر في كلامهم إذا اقترنت قرينة أن لا يدخل ما بعدها في حكم ما قبلها ، فإذا عرّي عن القرينة وجب الحمل على الأكثر.

الحمل على المعنى

قال في الخصائص (١) : اعلم أن هذا النوع غور من العربية بعيد ومذهب نازح فصيح ، وقد ورد به القرآن وفصيح الكلام منثورا ومنظوما ، كتأنيث المذكر وتذكير المؤنث ، وتصور معنى الواحد في الجماعة والجماعة في الواحد ، وفي حمل الثاني على لفظ قد يكون عليه الأول ، أصلا كان ذلك اللفظ أو فرعا ، وغير ذلك.

فمن تذكير المؤنث قوله تعالى : (فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بازِغَةً قالَ هذا رَبِّي) [الأنعام : ٧٨]. أي هذا الشخص (فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ) [البقرة : ٢٧٥] لأن الموعظة والوعظ واحد ، (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ) [الأعراف : ٥٦] أراد بالرحمة هنا المطر.

ومن تأنيث المذكّر قراءة من قرأ تلتقطه بعض السيارة [يوسف : ١٠] وقولهم : ذهبت بعض أصابعه ، أنّث ذلك ، لما كانت بعض السيارة سيارة في المعنى وبعض الأصابع إصبعا ، وقولهم : ما جاءت حاجتك ، لما كانت (ما) هي الحاجة في المعنى ، وأنشدوا : [الطويل]

١٢٨ ـ أتهجر بيتا بالحجاز تلفّعت

به الخوف والأعداء من كلّ جانب

ذهب بالخوف إلى المخافة ، وقال : [البسيط]

١٢٩ ـ يا أيّها الرّاكب المزجي مطيّته

سائل بني أسد ما هذه الصّوت

أنث على معنى الاستغاثة ، وحكى الأصمعي عن أبي عمرو أنه سمع رجلا من

__________________

(١) انظر الخصائص (٢ / ٤١١).

١٢٨ ـ الشاهد بلا نسبة في اللسان (خوف).

١٢٩ ـ الشاهد لرويشد بن كثير الطائي في الدرر (٦ / ٢٣٩) ، وسرّ صناعة الإعراب (ص ١١) ، وشرح ديوان الحماسة للمرزوقي (ص ١٦٦) ، وشرح المفصّل (٥ / ٩٥) ، ولسان العرب (صوت) وبلا نسبة في الإنصاف (ص ٧٧٣) ، والخصائص (٢ / ٤١٦) ، وتخليص الشواهد (ص ١٤٨) ، وخزانة الأدب (٤ / ٢٢١) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٥٧).

١٩٦

أهل اليمن يقول : (فلان لغوب جاءته كتابي فاحتقرها) فقلت له أتقول جاءته كتابي؟ فقال : نعم أليس بصحيفة ، قلت : فما اللّغوب قال : الأحمق ، وقال : [الكامل]

١٣٠ ـ لو كان في قلبي كقدر قلامة

حبّا لغيرك قد أتاها أرسلي

كسر رسولا ، وهو مذكّر على أرسل ، وهو من تكسير المؤنّث كأتان وأتن وعناق وأعنق ، لما كان الرسول هنا إنما يراد به المرأة ، لأنها في غالب الأمر مما تستخدم في هذا الباب ، وكذلك ما جاء عنهم من : جناح وأجنح قالوا ذهب بالتأنيث إلى الريشة ، وقال (١) : [الطويل]

١٣١ ـ فكان مجنّي دون من كنت أتّقي

ثلاث شخوص : كاعبان ومعصر

أنّث الشخص لأنه أراد به المرأة ، وقال : [الطويل]

١٣٢ ـ وإنّ كلابا هذه عشر أبطن

وأنت بريء من قبائلها العشر

وذهب بالبطن إلى القبيلة وأبان ذلك بقوله من قبائلها ، وأما قوله : [الطويل]

١٣٣ ـ [وتشرق القول الذي قد أذعته]

كما شرقت صدر القناة من الدّم

فإن شئت قلت أنث لأنه أراد القناة ، وإن شئت قلت إن صدر القناة قناة ، وقال : [الكامل]

١٣٤ ـ لمّا أتى خبر الزّبير تواضعت

سور المدينة والجبال الخشّع

__________________

١٣٠ ـ الشاهد لجميل بثينة في ديوانه (ص ١٧٨) ، والأغاني (٨ / ١٠٠) ، والبداية والنهاية (٩ / ٢٦٥) ، وبلوغ الأرب (٣ / ٢٠٩) ، وخزانة الأدب (٥ / ٢٢٢) ، وللهذلي في لسان العرب (رسل).

١٣١ ـ الشاهد لعمر بن أبي ربيعة في ديوانه (ص ١٠٠) ، والأغاني (١ / ٩٠) ، والكتاب (٤ / ٤٥) ، وأمالي الزجاجي (ص ١١٨) ، والإنصاف (٢ / ٧٧١) ، وخزانة الأدب (٥ / ٣٢٠) ، والخصائص (٢ / ٤١٧) ، وشرح التصريح (٢ / ٢٧١) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ٣١٣) ، ولسان العرب (شخص) والمقاصد النحوية (٤ / ٤٨٣) ، وبلا نسبة في شرح الأشموني (٣ / ٦٢٠) ، وشرح عمدة الحافظ (٢ / ١٧٤) ، والمقتضب (٢ / ١٤٨) ، والمقرّب (١ / ٣٠٧).

١٣٢ ـ الشاهد للنواح الكلبي في الدرر (ص ١١٨) ، والمقاصد النحوية (٤ / ٤٨٤) ، وبلا نسبة في أمالي الزجاجي (ص ١١٨) ، وخزانة الأدب (٧ / ٣٩٥) ، والخصائص (٢ / ٤١٧) ، وشرح الأشموني (٣ / ٦٢٠) ، وشرح عمدة الحافظ (ص ٥٢٠) ، ولسان العرب (كلب) ، والكتاب (٤ / ٤٣) ، والمقتضب (٢ / ١٤٨).

١٣٣ ـ الشاهد للأعشى في ديوانه (ص ١٧٣) ، والكتاب (١ / ٩٣) ، والأزهيّة (ص ٢٣٨) ، وخزانة الأدب (٥ / ١٠٦) ، والدرر (٥ / ١٩) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٥٤) ، ولسان العرب (صدر) و (شرق) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٣٨٧) ، وبلا نسبة في الخصائص (٢ / ٤١٧) ، والمقتضب (٢ / ٤١٧) ، والمقتضب (٤ / ١٩٧) ، وهمع الهوامع (٢ / ٤٩).

١٣٤ ـ الشاهد لجرير في ديوانه (ص ٩١٣) ، والكتاب (١ / ٩٤) ، وجمهرة اللغة (ص ٧٢٣) ، وخزانة ـ

١٩٧

وقال : [الرجز]

١٣٥ ـ طول اللّيالي أسرعت في نقضي

وقال تعالى : (وَمَنْ يَقْنُتْ مِنْكُنَّ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ) [الأحزاب : ١٣] لأنه أراد امرأة.

ومن باب الواحد والجماعة قولهم : (هو أحسن الصبيان وأجمله) ، أفرد الضمير لأن هذا موضع يكثر فيه الواحد كقولك : (هو أحسن فتى في الناس) ، وقال ذو الرمّة : [الوافر]

١٣٦ ـ وميّة أحسن الثّقلين وجها

وسالفة وأحسنه قذالا

فأفرد الضمير مع قدرته على جمعه ، وقال تعالى : (وَمِنَ الشَّياطِينِ مَنْ يَغُوصُونَ لَهُ) [الأنبياء : ٨٢] فحمل على المعنى ، وقال تعالى : (مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ) [البقرة : ١١٢] فأفرد على لفظ (من) ثم جمع من بعد ، والحمل على المعنى واسع في هذه اللغة جدا ، منه قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْراهِيمَ فِي رَبِّهِ) [البقرة : ٢٥٨] ، ثم قال : (أَوْ كَالَّذِي مَرَّ عَلى قَرْيَةٍ) [البقرة : ٢٥٩] قيل فيه : إنه محمول على المعنى ، حتى كأنه قال : أرأيت كالذي حاج إبراهيم ، وكالذي مرّ على قرية ، فجاء بالتالي على أن الأول قد سبق كذلك ، ومن ذلك قول امرئ القيس : [الطويل]

١٣٧ ـ ألا زعمت بسباسة اليوم أنّني

كبرت وأن لا تحسن السرّ أمثالي

بنصب يحسن ، والظاهر أنه يرفع لأنه معطوف على أنّ الثقيلة ، إلا أنه نصب

__________________

ـ الأدب (٤ / ٢١٨) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٥٧) ، ولسان العرب (حرث) و (سور) ، ولجرير أو للفرزدق في سمط اللآلي (ص ٣٧٩) ، وليس في ديوان الفرزدق ، وبلا نسبة في الخصائص (٢ / ٤١٨) ، ورصف المباني (ص ١٦٩) ، والمقتضب (٤ / ١٩٧).

١٣٥ ـ الرجز للأغلب العجليّ في الأغاني (٢١ / ٣٠) ، وخزانة الأدب (٤ / ٢٢٤) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ٣٦٦) ، وشرح التصريح (٢ / ٣١) ، والمقاصد النحوية (٣ / ٣٩٥) ، وله أو للعجاج في شرح شواهد المغني (٢ / ٨٨١) ، وللعجاج في الكتاب (١ / ٩٥) ، وبلا نسبة في الخصائص (٢ / ٤١٨) ، وشرح الأشموني (٢ / ٣١٠) ، ومغني اللبيب (٢ / ٥١٢) ، والمقتضب (٤ / ١٩٩).

١٣٦ ـ الشاهد لذي الرمة في ديوانه (ص ١٥٢١) ، وخزانة الأدب (٩ / ٣٩٣) ، والخصائص (٢ / ٤١٩) ، والدرر (١ / ١٨٣) ، وشرح المفصّل (٦ / ٩٦) ، ولسان العرب (ثقل) ، وبلا نسبة في أمالي ابن الحاجب (١ / ٣٤٩) ، ورصف المباني (ص ١٦٨) ، وشرح شذور الذهب (ص ٥٣٦) ، وهمع الهوامع (١ / ٥٩).

١٣٧ ـ الشاهد لامرئ القيس في ديوانه (ص ٢٨) ، وجمهرة اللغة (ص ١٢١) ، وبلا نسبة في لسان العرب (لها) ، وتاج العروس (لها).

١٩٨

لأن هذا موضع قد كان يجوز أن تكون فيه الخفيفة ، حتى كأنه قال ألا زعمت بسباسة أن يكبر فلان ، ومنه قوله : [مجزوء الكامل]

١٣٨ ـ يا ليت زوجك قد غدا

متقلّدا سيفا ورمحا

أي : وحاملا رمحا ، فهذا محمول على معنى الأول لا لفظه ، وكذا قوله : [السريع]

١٣٩ ـ علفتها تبنا وماء باردا

[حتّى شتت همّالة عيناها]

أي : وسقيتها ماء باردا ، وقوله : [الطويل]

١٤٠ ـ تراه كأنّ الله يجدع أنفه

وعينه إن مولاه ثاب له وفر

أي ويفقأ عينه.

ومنه باب واسع لطيف ظريف (٤)

وهو اتصال الفعل بحرف ليس مما يتعدّى به ، لأنه في معنى فعل يتعدى به كقوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ) [البقرة : ١٨٧] لما كان في معنى الإفضاء عدّاه بإلى ، ومثله قول الفرزدق (٥) : [السريع]

[كيف تراني قالبا مجنّي]

قد قتل الله زيادا عنّي

لأنه في معنى صرفه وقول الأعشى : [السريع]

١٤١ ـ [أقول لمّا جاءني فخره]

سبحان من علقمة الفاخر

__________________

١٣٨ ـ الشاهد بلا نسبة في أمالي المرتضى (١ / ٥٤) ، والإنصاف (٢ / ٦١٢) ، وخزانة الأدب (٢ / ٢٣١) ، والخصائص (٢ / ٤٣١) ، وشرح شواهد الإيضاح (ص ١٨٢) ، وشرح المفصّل (٢ / ٥٠) ولسان العرب (رغب) و (زجج) و (جمع) والمقتضب (٢ / ٥١).

١٣٩ ـ الشاهد بلا نسبة في الإنصاف (ص ٦١٣) ، وشرح المفصّل (٢ / ٨) ، والخزانة (١ / ٤٩٩) ، والمغني (٢ / ٧٠٣) ، وهو في الخزانة (١ / ٤٩٩) ، لذي الرمّة وليس في ديوانه.

١٤٠ ـ الشاهد لخالد بن الطيفان في الحيوان (٦ / ٤٠) ، والمؤتلف والمختلف (ص ١٤٩) ، وله أو للزبرقان بن بدر في الدرر (٦ / ٨١) ، والمقاصد النحوية (٤ / ١٧١) ، وبلا نسبة في أمالي المرتضى (٢ / ٢٥٩) ، والإنصاف (٢ / ٥١٥) ، والخصائص (٢ / ٤٣١) ، وكتاب الصناعتين (ص ١٨١) ، ولسان العرب (جدع) ، ومجالس ثعلب (٢ / ٤٦٤) ، وهمع الهوامع (٢ / ١٣٠).

(١) انظر الخصائص (٢ / ٤٣٥).

(٢) مرّ الشاهد رقم (٤٨).

١٤١ ـ الشاهد للأعشى في ديوانه (ص ١٩٣) ، والكتاب (١ / ٣٨٨) ، وأساس البلاغة (سبح) ، وجمهرة اللغة (ص ٢٧٨) ، وخزانة الأدب (١ / ١٨٥) ، والخصائص (٢ / ٤٣٥) ، والدرر (٣ / ٧٠) ، وشرح أبيات سيبويه (١ / ١٥٧) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٩٠٥) ، وشرح المفصّل (١ / ٣٧) ، ولسان العرب (سبح) ، وبلا نسبة في خزانة الأدب (٣ / ٣٨٨) ، والخصائص (٢ / ١٩٧) ، والدرر (٥ / ٤٢) ، ومجالس ثعلب (١ / ٢٦١) ، والمقتضب (٣ / ٢١٨) ، والمقرّب (١ / ١٤٩) ، وهمع الهوامع (١ / ١٩٠).

١٩٩

علق حرف الجر بسبحان وهو علم لما كان معناه براءة منه.

وقال (١) ابن يعيش : فإن قيل : قررتم أن العامل في الحال هو العامل في صاحبها ، والحال في : هذا زيد قائما ، من زيد ، العامل فيه الابتداء من حيث هو خبر والابتداء لا يعمل نصبا.

فالجواب : أن هذا كلام محمول على معناه دون لفظه ، والتقدير أشير إليه أو أنبه له فهو مفعول من جهة المعنى وصل إليه الفعل ، قال : وقولهم : نشدتك الله إلا فعلت ، كلام محمول على المعنى كأنه قال : ما أنشدك إلّا فعلك ، أي : ما أسألك إلا فعلك. ومثل ذلك : شرّ أهرّ ذا ناب (٢). وإذا ساغ أن يحمل : شرّ أهرّ ذا ناب ، على معنى النفي كان معنى النفي في : نشدتك الله إلا فعلت ، أظهر لقوة الدلالة على النفي لدخول إلا لدلالتها عليه ، ومثله من الحمل على المعنى قوله : [الطويل]

١٤٢ ـ [أنا الذائد الحامي الذمار] وإنما

يدافع عن أحسابهم أنا أو مثلي

والمراد : ما يدافع ، ولذلك فصل الضمير حيث كان المعنى : ما يدافع إلا أنا.

وقال أبو حيان في إعرابه (٤) : كلام العرب منه ما طابق اللفظ المعنى نحو : قام زيد ، وزيد قام ، وهو أكثر كلام العرب وهو وجه الكلام ومنه ما غلب فيه حكم اللفظ على المعنى نحو علمت أقام زيد أم قعد لا يجوز تقديم الجملة على علمت ، وإن كان ما بعد علمت ليس استفهاما بل الهمزة فيه للتسوية ، ومنه ما غلب فيه المعنى على اللفظ ، وذلك نحو : [الطويل]

١٤٣ ـ على حين عاتبت المشيب على الصّبا

[فقلت ألمّا أصح والشّيب وازع]

__________________

(١) انظر شرح المفصّل (٢ / ٥٨).

(٢) انظر مجمع الأمثال (١ / ٣٧٠) ، والخصائص (١ / ٣١٩).

١٤٢ ـ الشاهد للفرزدق في ديوانه (٢ / ١٥٣) ، وتذكرة النحاة (ص ٨٥) ، والجنى الداني (ص ٣٩٧) ، وخزانة الأدب (٤ / ٤٦٥) ، والدرر (١ / ١٩٦) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٧١٨) ، ولسان العرب (قلا) ، والمحتسب (٢ / ١٩٥) ، ومعاهد التنصيص (١ / ٢٦٠) ، ومغني اللبيب (١ / ٣٠٩) ، والمقاصد النحوية (١ / ٢٧٧) ، ولأميّة بن أبي الصلت في ديوانه (ص ٤٨) ، وبلا نسبة في أوضح المسالك (١ / ٩٥) ، ولسان العرب (أنن) ، وهمع الهوامع (١ / ٦٢) ، وتاج العروس (ما).

(٣) انظر البحر المحيط (١ / ٤٧).

١٤٣ ـ الشاهد للنابغة الذبياني في ديوانه (ص ٣٢) ، والأضداد (ص ١٥١) ، وجمهرة اللغة (ص ١٣١٥) ، وخزانة الأدب (٢ / ٤٥٦) ، والدرر (٣ / ١٤٤) ، وسرّ صناعة الإعراب (٢ / ٥٠٦) ، وشرح أبيات سيبويه (٢ / ٥٣) ، والكتاب (٢ / ٣٤٥) ، وشرح التصريح (٢ / ٤٢) ، وشرح شواهد المغني (٢ / ٨١٦) ، ولسان العرب (وزع) والمقاصد النحوية (٣ / ٤٠٦) ، وبلا نسبة في

٢٠٠