إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ١٠

محيي الدين الدرويش

إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ١٠

المؤلف:

محيي الدين الدرويش


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٢٩

أَعْبُدُ ما تَعْبُدُونَ) لا نافية وأعبد فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره أنا وما موصول بمعنى الذي في محل نصب مفعول به وجملة تعبدون صلة لا محل لها والعائد محذوف أي تعبدونه ويجوز أن تكون مصدرية فتكون مؤولة مع ما بعدها بمصدر مفعول مطلق (وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) الواو عاطفة ولا نافية وأنتم مبتدأ وعابدون خبر وما اسم موصول ووقعت للعقلاء على سبيل التعظيم مفعول به وجملة أعبد صلة أو ما مصدرية فتكون مع ما في حيّزها مفعولا مطلقا (وَلا أَنا عابِدٌ ما عَبَدْتُّمْ وَلا أَنْتُمْ عابِدُونَ ما أَعْبُدُ) عطف أيضا ويتحصل مما أورده المعربون في ما أنها بمعنى الذي فإن ان المراد بها الأصنام كما في الأولى والثالثة فالأمر واضح لأنهم غير عقلاء وما أصلها أن تكون لغير العقلاء وإذا أريد بها البارئ تعالى كما في الثانية والرابعة فاستدل به من جوّز وقوعها على أولي العلم ومن منع جعلها مصدرية والتقدير ولا أنتم عابدون عبادتي وقال أبو مسلم : «ما في الأوليين بمعنى الذين والمقصود المعبود وما في الأخريين مصدرية أي لا أعبد عبادتكم المبنية على الشك وترك النظر ولا أنتم تعبدون مثل عبادتي المبنية على اليقين فتحصل من مجموع ذلك ثلاثة أقوال : ١ ـ أنها كلها بمعنى الذي ٢ ـ أنها كلها مصدرية ٣ ـ أو الأوليان بمعنى الذي والأخريان مصدريتان ، ولقائل أن يقول لو قيل بأن الأولى والثالثة بمعنى الذي والثانية والرابعة مصدرية لكان حسنا حتى لا يلزم وقوع ما على أولي العلم. وسيأتي معنى التكرار في باب البلاغة (لَكُمْ دِينُكُمْ وَلِيَ دِينِ) لكم خبر مقدّم ودينكم مبتدأ مؤخر ولي دين عطف على ما تقدم.

البلاغة :

اختلف علماء البلاغة والنحو : هل التكرار في هذه السورة للتأكيد

٦٠١

أم لا وإذا لم يكن للتأكيد فبأي طريق حصلت المغايرة حتى انتفى التأكيد ، وسنورد أقوالهم مع إلماع لا بدّ منه إليها.

١ ـ فقال جماعة : التكرار للتأكيد فقوله : ولا أنا عابد ما عبدتم تأكيد لقوله : لا أعبد ما تعبدون ، وقوله : ولا أنتم عابدون ما أعبد ، تأكيد لقوله : ولا أنتم عابدون ما أعبد ، ومثله : فبأي آلاء ربكما تكذبان ، وويل يومئذ للمكذبين ، وكلا سوف تعلمون ثم كلا سوف تعلمون ، وكلا سيعلمون ثم كلا سيعلمون ، وفائدة هذا التأكيد هنا قطع أطماع الكفار وتحقيق الإخبار بموافاتهم الكفر وأنهم لا يسلمون أبدا.

٢ ـ وقال جماعة : ليس التكرار للتوكيد ، قال الأخفش : «لا أعبد الساعة ما تعبدون ولا أنتم عابدون الساعة ما أعبد ولا أنا عابد في المستقبل ما عبدتم ولا أنتم عابدون في المستقبل ما أعبد فزال التوكيد وحصل التأسيس حيث تقيدت كل جملة بزمان غير الزمان الآخر» وفي هذا القول نظر ؛ كيف يقيد رسول الله صلّى الله عليه وسلم نفي عبادته لما يعبدون ، هذا مما لا يصحّ.

٣ ـ وقال ابن عطية : «لما كان قوله لا أعبد محتملا أن يراد به الآن ويبقى المستقبل منتظرا ما يكون فيه جاء البيان بقوله : ولا أنا عابد ما عبدتم أي أبدا ثم جاء قوله ولا أنتم عابدون ما أعبد الثاني حتما عليهم أنهم لا يؤمنون أبدا فهذا معنى الترديد في هذه السورة وهو بارع الفصاحة وليس بتكرار فقط بل فيه ما ذكرته».

٤ ـ وقال الزمخشري : لا أعبد أريد به العبادة فيما يستقبل لأن «لا» لا تدخل إلا على مضارع بمعنى الاستقبال كما أن «ما» لا تدخل إلا على مضارع بمعنى الحال والمعنى لا أفعل في المستقبل ما تطلبونه مني من عبادة آلهتكم ولا أنتم فاعلون فيه ما أطلبه منكم من عبادة إلهي ولا أنا

٦٠٢

عابد ما عبدتم أي وما كنت قطّ عابدا فيما سلف ما عبدتم فيه يعني ما عهد منّي قطّ عبادة صنم في الجاهلية فكيف يرجى منّي في الإسلام ، ولا أنتم عابدون ما أعبد أي وما عبدتم في وقت ما أنا على عبادته الآن.

٥ ـ وقال أبو حيان : والذي اختاره في هذه الجمل أنه نفى عبادته في المستقبل لأن الغالب في «لا» أن تنفي المستقبل ثم عطف عليه : ولا أنتم عابدون ما أعبد ، نفيا للمستقبل على سبيل المقابلة ثم قال : ولا أنا عابد ما عبدتم نفيا للحال لأن اسم الفاعل العامل الحقيقة فيه دلالته على الحال ثم عطف عليه ولا أنتم عابدون ما أعبد نفيا للحال على سبيل المقابلة فانتظم المعنى أنه عليه الصلاة والسلام لا يعبد ما يعبدون حالا ولا مستقبلا وهم كذلك إذ ختم الله موافاتهم على الكفر ، ولما قال : لا أعبد ما تعبدون وأطلق على الأصنام ما قابل الكلام بما في قوله ما أعبد وإن كان المراد بها الله تعالى لأن المقابلة يسوغ فيها ما لا يسوغ في الانفراد وهذا على مذهب من يقول إن ما لا تقع على آحاد أولي العلم أما من يجوّز ذلك وهو سيبويه فلا يحتاج إلى الاعتذار بالتقابل.

٦ ـ وقال القرطبي : «وقيل هذا أي التكرار مطابقة لقولهم تعبد آلهتنا ونعبد إلهك ثم تعبد آلهتنا ونعبد إلهك فنجري على هذا أبدا سنة وسنة فأجيبوا عن كل ما قالوه بضده أي إن هذا لا يكون أبدا ، وقال ابن عباس قالت قريش للنبي صلّى الله عليه وسلم نحن نعطيك من المال ما تكون به أغنى رجل بمكة ونزوّجك من شئت ونطأ عقبك أي نمشي خلفك وتكفّ عن شتم آلهتنا فإن لم تفعل فنحن نعرض عليك خصلة واحدة وهي لنا ولك صلاح تعبد آلهتنا اللّات والعزّى سنة ونحن نعبد إلهك سنة ثم تعبد آلهتنا ونعبد إلهك فنجري على هذا أبدا سنة وسنة

٦٠٣

فنزلت السورة فكان التكرار في لا أعبد ما تعبدون لأن القوم كرروا مقالتهم مرة بعد مرة».

٧ ـ وقال ابن الأثير في مثله السائر : «وقد ظن قوم أن هذه الآية تكرير لا فائدة فيه وليس الأمر كذلك فإن معنى قوله لا أعبد يعني في المستقبل من عبادة آلهتكم ولا أنتم فاعلون فيه ما أطلبه منكم من عبادة إلهي ولا أنا عابد ما عبدتم أي وما كنت عابدا قطّ فيما سلف ما عبدتم فيه يعني أنه لم يعهد منّي عبادة صنم في الجاهلية في وقت ما فكيف يرجى ذلك منّي في الإسلام ولا أنتم عابدون في الماضي في وقت ما ما أنا على عبادته الآن» وهذا ترديد لما قاله الزمخشري بنصّه وفصه.

٨ ـ وقال ابن خالويه : «فإن سأل سائل فقال : ما وجه التكرير في هذه السورة فقل معناه أن قوما من كفّار قريش صاروا إلى النبي فقالوا أنت سيد بني هاشم وابن ساداتهم ولا ينبغي أن تسفّه أحلام قومك ولكن نعبد نحن ربك سنة وتعبد أنت آلهتنا سنة فأنزل قل يا أيّها الكافرون إلخ فإن قال قائل : فقد كان فيهم من أسلم بعد ذلك الوقت فلم قيل : ولا أنتم عابدون؟ فالجواب في ذلك أن هذا نزل في قوم بأعيانهم ماتوا على الكفر وعلم الله تعالى ذلك منهم فأخبر أنهم لا يؤمنون أبدا كما قال تعالى : سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون في قوم بأعيانهم وقد نفعت الموعظة قوما وفيه جواب آخر : أن يكون الخطاب عاما ويراد به الخاص لمن لا يؤمن وإن كان فيهم من قد آمن».

٦٠٤

(١١٠) سورة النصر

مدنيّة وآياتها ثلاث

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ (١) وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً (٢) فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً (٣))

الإعراب :

(إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ) إذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط متعلق بسبّح الذي هو جوابها وجملة جاء في محل جر بإضافة الظرف إليها ونصر الله فاعل جاء والفتح عطف على نصر والمصدر مضاف لفاعله ومفعوله محذوف أي إياك والمؤمنين. وقال أبو حيان : ولا يصح إعمال فسبّح في إذا لأجل الفاء لأن الفاء في جواب الشرط لا يتسلط الفعل الذي بعدها على اسم الشرط ، فلا يعمل فيه بل العامل في إذا الفعل الذي بعدها على الصحيح (وَرَأَيْتَ النَّاسَ يَدْخُلُونَ فِي دِينِ اللهِ أَفْواجاً) الواو عاطفة ورأيت الناس فعل ماض وفاعل ومفعول به والرؤية يجوز أن تكون بصرية فتكون جملة يدخلون حالية ويجوز أن تكون علمية فتكون الجملة مفعولا به ثانيا لرأيت وفي دين الله متعلقان

٦٠٥

بيدخلون وأفواجا حال من الواو في يدخلون وهو جمع فوج بسكون الواو وقد تقدم شرحها (فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَاسْتَغْفِرْهُ إِنَّهُ كانَ تَوَّاباً) الفاء رابطة لجواب الشرط وسبّح فعل أمر وفاعله مستتر فيه وجوبا تقديره أنت وبحمد ربك حال ، وقد اختلف في الباء فقيل : للمصاحبة والحمد مضاف للمفعول أي فسبّحه حامدا له أي نزهه عمّا لا يليق به وأثبت له ما يليق به فهي داخلة في حيّز الأمر ، فإن قلت من أين يلزم بالحمد وهو إنما وقع حالا مقيدة للتسبيح ولا يلزم من الأمر بالشيء الأمر بحاله المقيد له وأجيب بأنه إنما يلزم ذلك إذا لم يكن الحال من نوع الفعل المأمور به ولا من فعل الشخص المأمور نحو اضرب هندا ضاحكة وإلا لزم نحو ادخل مكة محرما فهي مأمور بها وهنا من هذا القبيل وقيل للاستعانة والحمد مضاف إلى الفاعل أي سبّحه بما حمد به نفسه كقوله الحمد لله. واستغفره : الواو حرف عطف واستغفره فعل أمر وفاعل مستتر ومفعول به وجملة إنه كان توّابا تعليلية وإن واسمها وجملة كان خبرها وتوّابا خبر كان.

البلاغة :

في قوله «إذا جاء نصر الله والفتح» استعارة مكنية تبعية ؛ شبّه المقدور وهو النصر والفتح بكائن حيّ يمشي متوجها من الأزل إلى وقته المحتوم ، فشبّه الحصول بالمجيء وحذف المشبّه به وأخذ شيئا من خصائصه وهو المجيء.

هذا وقد أورد الإمام الرازي فصلا ممتعا نورده لك فيما يلي لنفاسته وفائدته ، قال : «اتفق الصحابة على أن هذه السورة دلّت على نعي رسول الله صلّى الله عليه وسلم وذلك لوجوه :أولا : أنهم عرفوا ذلك لما خطب رسول الله صلّى الله عليه وسلم

٦٠٦

عقب السورة وذكر التخيير وهو قوله صلّى الله عليه وسلم في خطبته لما نزلت هذه السورة : إن عبدا خيّره الله تعالى بين الدنيا وبين لقائه فاختار لقاء الله تعالى فقال أبو بكر فدنياك بأنفسنا وأموالنا وآبائنا وأولادنا.

ثانيها : أنه لما ذكر حصور النصر والفتح ودخول الناس في الدين أفواجا دلّ ذلك على حصول الكمال ، والتمام يعقبه الزوال والنقصان كما قيل :

إذا تمّ أمر بدا نقصه

توقع زوالا إذا قيل تم

ثالثها : أنه تعالى أمره بالتسبيح والحمد والاستغفار واشتغاله بذلك يمنعه من اشتغاله بأمر الأمة فكان هذا كالتنبيه على أن أمر التبليغ قد تمّ وكمل وذلك يقتضي إنجاز الأجل إذ لو بقي صلّى الله عليه وسلم بعد ذلك لكان كالمعزول من الرسالة وذلك غير جائز».

٦٠٧

(١١١) سورة المسد

مكيّة وآياتها خمس

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ (١) ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ (٢) سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ (٣) وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ (٤) فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ (٥))

اللغة :

(تَبَّتْ) خسرت قال الزمخشري «والتباب الهلاك ومنه قولهم : أشابة أم تابة أي هالكة من الهرم والتعجيز والمعنى هلكت يداه لأنه فيما يروى أخذ حجرا ليرمي به رسول الله صلّى الله عليه وسلم» وعبارة ابن خالويه «ومعناه خسرت يداه والمصدر تبّ يتبّ تبّا فهو تاب والمفعول به متبوب والأمر تبّ وإن شئت كسرت وللمرأة تبي وتبا وأتبين لما خرج التضعيف سكن أول الفعل فجئت بألف الوصل ويقال امرأة تابّه أي عجوز قد هلك شبابها والتباب الهلاك ، قال الله : وما كيد فرعون إلا في تباب ، قال عدي :

اذهبي إنّ كل دنيا ضلال

والأمانيّ عقرها للتباب

٦٠٨

لا يروقنك صائر لفناه

كل دنيا مصيرها للتراب

وقال جرير :

عرادة من بقية قوم لوط

ألا تبّا لما عملوا تبابا

وقال كعب بن مالك يمدح النبي صلّى الله عليه وسلم :

الحق منطقه والعدل سيرته

فمن يعنه عليه ينج من تبب

والتاء الثانية تاء التأنيث لأن اليد مؤنثة ومعن تبّت يداه أي تب هو لأن العرب تنسب الشدة والقوة والأفعال إلى اليدين إذ كان بهما يقع كل الأفعال».

(سَيَصْلى) أي يحترق بها وصلي من باب تعب ، وعبارة ابن خالويه جيدة وهي : «ويقال : صليت الشاة إذا شويتها فأنا صال والشاة مصلية ومن ذلك حديث رسول الله صلّى الله عليه وسلم أنه أهديت إليه شاة مصلية ، وأجاز الفراء شاة مصلاة لأنك تقول أصليتها أيضا ويقال للشّواء : الصّلاء والمضهّب والرّشراش والرّوذق والمشنّط والمرموض والرّميض والمحنوذ والحنيذ والسّويد أو الشويذ والمحسوس والمحاش والسحساح والأنيض والمفلّس والمخدّع كله الشواء».

(جِيدِها) الجيد : العنق وجمعه أجياد والجيد بفتح الياء طول العنق.

(مَسَدٍ) المسد الذي فتل من الحبال فتلا شديدا من ليف كان أو جلد أو غيرهما ، وفي القاموس : «المسد بسكون السين مصدر بمعنى الفتل وبفتحها المحور من الحديد أو حبل من ليف أو كل حبل محكم الفتل والجمع مساد وأمساد يقال مسد حبله يمسده مسدا من باب نصر أي أجاد فتله».

٦٠٩

الإعراب :

(تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) تبت فعل ماض والتاء للتأنيث ويدا أبي لهب فاعل وتب عطف على تبت أي وكان ذلك وحصل كقوله :

جزاني جزاه الله شرّ جزائه

جزاء الكلاب العاويات وقد فعل

والجملة دعائية لا محل لها ، روي في الصحيحين وغيرهما واللفظ لمسلم عن ابن عباس قال : لما نزلت : وأنذر عشيرتك الأقربين خرج صلّى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا فهتف يا صباحاه فقالوا من هذا الذي يهتف؟ قالوا محمد فاجتمعوا إليه فقال : يا بني فلان يا بني عبد مناف يا بني عبد المطلب فاجتمعوا إليه فقال : أرأيتم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح الجبل أكنتم مصدقيّ؟ قالوا ما جربنا عليك كذبا قال : فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد ، فقال أبو لهب : تبا لك ما جمعتنا إلا لهذا ثم قام فنزلت السورة ، وقال الزمخشري : «فإن قلت :لم كناه والكنية تكرمة؟ قلت : فيه ثلاثة أوجه أحدها أن يكون مشتهرا بالكنية دون الاسم فقد يكون الرجل معروفا بأحدهما ولذلك تجري الكنية على الاسم والاسم على الكنية عطف بيان فلما أريد تشهيره بدعوة السوء وأن تبقى سمة له ذكر الأشهر من علميه ويؤيد ذلك قراءة من قرأ يدا أبو لهب كما قيل علي بن أبو طالب ومعاوية بن أبو سفيان لئلا يغيّر منه شيء فيشكل على السامع» إلى أن يقول : «والثاني أنه كان اسمه عبد العزّى فعدل عنه إلى كنيته والثالث أنه لما كان من أهل النار ومآله إلى نار ذات لهب وافقت حاله كنيته فكان جديرا بأن يذكر بها ، ويقال أبو لهب كما يقال أبو الشر للشرير وأبو الخير للخيّر وكما كنّى رسول الله صلّى الله عليه وسلم أبا المهلب أبا صفرة بصفرة كانت في وجهه وقيل كني بذلك لتلهب وجنتيه وإشراقهما فيجوز أن يذكر ذلك تهكما به وبافتخاره بذلك» (ما أَغْنى عَنْهُ مالُهُ وَما كَسَبَ) ما يجوز فيها

٦١٠

النفي والاستفهام وعلى الثاني تكون منصوبة المحل بما بعدها والتقدير أي شيء أغنى عنه المال ومن الغريب أن ابن خالويه أعربها رفعا على الابتداء ، وعنه متعلقان بأغنى وماله فاعل والواو حرف عطف وما يجوز فيها أن تكون مصدرية أو موصولة بمعنى كسبه أو مكسوبه ويجوز أن تكون استفهامية منصوبة المحل بما بعدها أي أيّ شيء كسب؟ وعبارة ابن هشام «تحتمل ما الأولى النافية أي لم يغن والاستفهامية فتكون مفعولا مطلقا التقدير أي إغناء أغنى عنه ماله ويضعف كونه مبتدأ» (سَيَصْلى ناراً ذاتَ لَهَبٍ) السين حرف استقبال ويصلى فعل مضارع وفاعله هو أي أبو لهب ونارا مفعول به وذات لهب نعت لنارا لأنها مآل كنيته ومثابتها (وَامْرَأَتُهُ حَمَّالَةَ الْحَطَبِ فِي جِيدِها حَبْلٌ مِنْ مَسَدٍ) وامرأته عطف على ضمير يصلى سوغه الفصل بالمفعول وصفته وهي أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب وكانت عوراء وماتت مخنوقة بحبلها ، قالوا :«كانت تحمل حزمة من الشوك والحسك والسعدان فتنثرها بالليل في طريق رسول الله صلّى الله عليه وسلم وقيل كانت تمشي بالنميمة ويقال للمشاء بالنمائم المفسد بين الناس يحمل الحطب بينهم أي يوقد النائرة بينهم ويؤرث الشر ، قال :

من البيض لم تصطد على ظهر لأمة

ولم تمش بين الحي بالحطب الرطب

وجعل الحطب رطبا ليدل على التدخين الذي هو زيادة في الشر ، وحمّالة الحطب قرىء بالنصب على الشتم ، قال الزمخشري : «وأنا أستحب هذه القراءة» وقرىء بالرفع على النعت لامرأته وجاز ذلك لأن الإضافة حقيقته إذ المراد المضي أو على أنها بدل لأنها تشبه الجوامد بسبب تمحض الإضافة أو على أنها خبر لمبتدأ محذوف ، وقال ابن خالويه : «وفي حرف ابن مسعود مريئته مصغرا والعرب تقول هذه مرأتي وامرأتي وزوجي وزوجتي وحنّتي وطلّتي وشاعتي وإزاري ومحل إزاري

٦١١

وفضلتي وحرثي ، قال الشاعر :

إذا أكل الجراد حروث قوم

فحرثي همّه أكل الجراد

وتسمى المرأة بينا والعرب تكنّي عن المرأة باللؤلؤة والبيضة والسّرحة والأثلة والنخلة والشاة والبقرة والنعجة والودعة والعيبة والقوارير والرّبض والفراش والريحانة والظبية والدّمية وهي الصورة والنعل والغلّ والقباء والجارة والمزخّة والقومدّة ، وكنى الفرزدق عن المرأة بالجفن فجعلها جفنا لسلاحه ، وكانت ماتت وهي حبلى فقال :

وجفن سلاح قد رزئت ولم أنح

عليه ولم أبعث عليه البواكيا

وفي جوفه من دارم ذو حفيظة

لو أن المنايا أنسأته لياليا

وكنى عنها آخر بموضع السرج من الفرس فقال يخاطب امرأته :

فإما زال سرج عن معدّ

فأجدر بالحوادث أن تكونا

يقول : ربما متّ فزلت عنك فانظري كيف تكونين بعدي». وفي جيدها خبر مقدّم وحبل مبتدأ مؤخر ومن مسد نعت لحبل.

البلاغة :

في قوله «في جيدها حبل من مسد» فن التهكم وقد تقدم ذكره ، فقد صوّرها تصويرا فيه منتهى الخسّة والقماءة ، والمعنى في جيدها حبل من مسد : من الحبال وأنها تحمل تلك الحزمة وتربطها في جيدها تخسيسا لحالها وتصويرا لها بصورة بعض الحطابات من المواهن جمع ماهن وهي الخادم لتمتعض من ذلك ويمتعض زوجها وهما في بيت العز والشرف وفي منصب الثروة والجدّة ، وقد تعلق الشعراء بأذيال هذه

٦١٢

السخرية فعيّر أحدهم الفضل بن العباس ، ابن عتبة بن أبي لهب بحمالة الحطب فقال :

ماذا أردت إلى شتمي ومنقصتي

أم ما تعير من حمّالة الحطب

غراء شادخة في المجد عزّتها

كانت سليلة شيخ ثاقب الحسب

والغراء البيضاء ، والشادخة المتسعة وذلك مجاز عن الظهور وارتفاع المقدار ، والسليلة من سلّ من غيره ، والمراد بالشيخ أبوها حرب لأنها أم جميل أخت أبي سفيان بن حرب. وقيل حمل الحطب حقيقة وقيل مجاز عن إثارة الفتنة لأنها كانت نمّامة. وإلى شتمي متعلق بمحذوف أو بأردت على طريق التضمين أي أيّ شيء أردته مائلا أنت إلى شتمي أو منضما هو إلى شتمي أو ما الذي أردته من شتمي أو مع شتمي هل أردت أنك شريف لا عيب فيك ويجوز أن إلى بمعنى من كما قال النحاة ويمكن أنها للمصاحبة كما قالوا أيضا في قوله تعالى :ولا تأكلوا أموالهم إلى أموالكم. وتعير أصله تتعير فحذف منه إحدى التاءين.

٦١٣

سورة الإخلاص

مكيّة وآياتها أربع

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ (١) اللهُ الصَّمَدُ (٢) لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ (٣) وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ (٤))

اللغة :

(أَحَدٌ) تقدم القول فيه ونضيف إليه ما أورده ابن خالويه وهو كلام لطيف قال : «والأصل في أحد وحد أي واحد فانقلبت الواو ألفا وليس في كلام العرب واو قلبت همزة وهي مفتوحة إلا حرفان أحد وقولهم امرأة أناة أي رزان لأن الواو إنما تستثقل عليها الكسرة والضمة فأما الفتحة فلا تستثقل وهذان الحرفان شاذّان وزاد ابن دريد ثالثا : إن المال إذا زكّي ذهبت أبلته أي وبلته» قلت : قال أبو عبيدة أراد وبلته أي فساده وثقله من قولهم كلأ وبيل أي لا يمرىء الراعية ثم قال : «وزاد محمد بن القاسم رابعا : واحد آلاء الله ألى والأصل ولى من أولاه الله معروفا فإن جمعت بين واوين قلبتها همزة وإن كان مفتوحة مثل قولك في فوعل من وعد أوعد وكان الأصل ووعد فقلبوا الأولى همزة كراهية لاجتماع واوين».

٦١٤

(الصَّمَدُ) المقصود في الحوائج فهو فعل بمعنى مفعول كالقبض بمعنى المقبوض وقيل الصمد هو الذي لا جوف له وفي القاموس :«والصمد بالتحريك السيد لأنه يقصد والدائم» وعبارة ابن خالويه «واختلف الناس في تفسير الصمد فأجود ما قيل في الصمد : السيد الذي قد انتهى سؤدده ويصمد إليه الناس في حوائجهم فهو قصد الناس والخلائق مفتقرون إلى رحمته وأنشد :

ألا بكر الناعي بخيري بني أسد

بعمرو بن مسعود وبالسيد الصّمد

وقال آخرون : الصمد الذي لا يطعم والصمد الذي لا يخرج منه شيء :

من كان ذا خوف يخاف من الردى

فإن خوفي صمد مصمت

والصمد الباقي بعد فناء خلقه» وفي البخاري : «باب قوله «الله الصمد» والعرب تسمّي أشرافها الصمد قال أبو وائل : هو السيد الذي انتهى سؤدده» وفي العيني : أشار بهذا إلى أن المعنى الصمد عند العرب الشرف ولهذا يسمّون رؤساءهم الأشراف بالصمد ، وعن ابن عباس : هو السيد الذي قد تكمل بأنواع الشرف والسؤدد وقيل هو السيد المقصود في الحوائج.

(كُفُواً) وكفيئا على وزن فعيل وكفاء بالكسر على وزن فعال بمعنى واحد والكفء المثل والنظير وقال أبو حيان : بضم الكاف وكسرها وفتحها مع سكون الفاء وبضم الكاف مع ضم الفاء وقرأ حمزة وحفص بضم الكاف وهمز حمزة وأبدلها حفص واوا وباقي السبعة بضمها والهمز ، وسهّل الهمزة الأعرج وأبو جعفر وشيبة ونافع وفي رواية عن نافع كفاء بكسر الكاف وفتح الفاء والمد.

٦١٥

الإعراب :

(قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ) قل فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت يا محمد وهو فيه وجهان : ١ ـ أنه ضمير الشأن لأنه موضع تعظيم كأنه قيل الشأن هو وهو أن الله واحد لا ثاني له والجملة بعده خبر مفسّرة له ٢ ـ أنه ضمير عائد على ما يفهم من السياق لأنه يروى في الأسباب التي دعت إلى نزولها أنهم قالوا صف لنا ربك وانسبه وقيل قالوا له أمن نحاس هو أم من حديد فنزلت وحينئذ يجوز أن يكون الله مبتدأ وأحد خبره والجملة خبر الأول ويجوز أن يكون أحد خبر مبتدأ محذوف أي هو أحد ، وعبارة الزمخشري «هو ضمير الشأن كقولك هو زيد منطلق كأنه قيل : الشأن هذا وهو أن الله واحد لا ثاني له فإن قلت ما محل هو؟ قلت الرفع على الابتداء والخبر الجملة فإن قلت فالجملة الواقعة خبرا لا بدّ فيها من راجع إلى المبتدأ فأين الراجع قلت : حكم هذه الجملة حكم المفرد في قولك زيد غلامك في أنه هو المبتدأ في المعنى وذلك أن قوله الله أحد هو الشأن الذي هو عبارة عنه وليس كذلك زيد أبوه منطلق فإن زيدا والجملة يدلّان على معنيين مختلفين فلا بدّ مما يصل إليهما» وأحد بدل من قوله الله أو على هو أحد أو خبر ثان (اللهُ الصَّمَدُ) مبتدأ وخبر (لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُواً أَحَدٌ) ارتبطت هذه الجمل الثلاث بالواو دون الثلاث الأولى لأن قوله الله الصمد محقق ومقرر لما قبله وكذلك ترك العطف في قوله لم يلد لأنه مؤكد للصمدية لأن الغنى عن كل شيء المحتاج إليه كل ما سواه لا يكون والدا ولا مولودا ، وقد أشار صاحب الجوهر المكنون إلى مواضع الفصل بقوله :

الفصل ترك عطف جملة أتت

من بعد أخرى عكس وصل قد ثبت

فافصل لدى التوكيد والإبدال

لنكتة ونيّة السؤال

وعدم التشريك في حكم جرى

أو اختلاف طلبا وخبرا

٦١٦

وفقد جامع ومع إيهام

عطف سوى المقصود في الكلام

ووصل بين الثلاث المتأخرة لأنها سيقت لغرض ومعنى واحد وهو نفي المماثلة والمناسبة عنه تعالى بوجه من الوجوه ، قال صاحب الجوهر المكنون :

وصل لدى التشريك في الإعراب

وقصد رفع اللّبس في الجواب

وفي اتفاق مع الاتصال

في عقل أو في وهم أو خيال

ولم حرف نفي وقلب وجزم ويلد فعل مضارع مجزوم بلم ، ولم يولد عطف عليه ، ولم عطف ويكن فعل مضارع مجزوم بلم وله حال أو متعلقان بكفوا وكفوا خبر يكن المقدم وأحد اسمها المؤخر ، وفيما يلي مناظرة ممتعة بين الزمخشري وأبي حيان حول تقديم له ، قال الزمخشري : «فإن قلت الكلام العربي الفصيح أن يؤخر الظرف الذي هو لغو غير مستقر ولا يقدم وقد نصّ سيبويه على ذلك في كتابه فما باله مقدما في أفصح الكلام وأعربه قلت : هذا الكلام إنما سيق لنفي المكافأة عن ذات البارئ سبحانه وتعالى وهذا المعنى مصبه ومركزه هو هذا الظرف فكان لذلك أهم شيء وأغناه ، وأحقّه بالتقديم وأحراه» وقال أبو حيان : «هذه الجملة ليست من هذا الباب وذلك أن قوله ولم يكن له كفوا أحد ليس الجار والمجرور فيه تاما إنما هو ناقص لا يصلح أن يكون خبرا لكان بل هو متعلق بكفوا وقدم عليه فالتقدير ولم يكن أحد كفوا له أي مكافئه فهو في معنى المفعول متعلق بكفوا وتقدم على كفوا للاهتمام به إذ فيه ضمير البارئ سبحانه وتوسط الخبر وإن كان الأصل التأخير لأن تأخر الاسم هو فاصلة فحسن ذلك وعلى هذا الذي قررنا يبطل إعراب مكّي وغيره أن له الخبر وكفوا حال من أحد لأنه ظرف ناقص لا يصلح أن يكون خبرا ويبطل سؤال الزمخشري وجوابه وسيبويه إنما تكلم في الظرف الذي يصلح أن يكون خبرا ويصلح أن

٦١٧

يكون غير خبر ، قال سيبويه : وتقول ما كان فيها أحد خير منك وما كان أحد مثلك فيها وليس فيها أحد خير منك إذا جعلت فيها مستقرا ولم تجعله على قولك زيد قائم أجريت الصفة على الاسم فإن جعلته على فيها زيد قائم نصبت فتقول ما كان فيها أحد خيرا منك وما كان أحد خيرا منك فيها إلا أنك إذا أردت الإلغاء فكلما أخّرت الملغى كان أحسن وإذا أردت أن يكون مستقرا فكلما قدّمته كان أحسن والتقديم والتأخير والإلغاء والاستقرار عربي جيد كثير قال تعالى «ولم يكن له كفوا أحد» وقال الشاعر : «ما دام فيهنّ فصيل حيّا» انتهى ، وما نقلناه ملخصا هو بألفاظ سيبويه فأنت ترى كلامه وتمثيله بالظرف الذي يصلح أن يكون خبرا ، ومعنى قوله مستقرا أي خبرا للمبتدأ ولكان ، فإن قلت فقد مثّل بالآية الكريمة قلت : هذا الذي أوقع مكيا والزمخشري وغيرهما فيما وقعوا فيه وإنما أراد سيبويه أن الظرف التام وهو في قوله : ما دام فيهنّ فصيل حيّا أجري فضلة لا خبرا كما أن له في الآية أجري فضلة فجعل الظرف القابل أن يكون خبرا كالظرف الناقص في كونه لم يستعمل خبرا ولا يشك من له ذهن صحيح أنه لا ينعقد من قوله : ولم يكن له أحد بل لو تأخر كفوا وارتفع على الصفة وجعل له خبرا لم ينعقد منه كلام بل أنت ترى أن النفي لم يتسلط إلا على الخبر الذي هو كفوا وله متعلق به والمعنى ولم يكن له أحد مكافئه» هذا وقد أورد ابن المنير بهذا الصدد نكتة عن سيبويه تدل على ألمعية هذا الرجل وثقوب ذهنه قال : «نقل عن سيبويه أن سمع بعض الجفاة من العرب يقرأ ولم يكن أحد كفوا له وجرى هذا الجلف على عادته فجفا طبعه عن لطف المعنى الذي لأجله اقتضى تقديم الظرف مع الخبر على الاسم وذلك أن الغرض الذي سيقت له الآية نفي المكافأة والمساواة عن ذات الله تعالى فكان تقديم المكافأة المقصود بأن يسلب عنه أولى ثم لما قدّمت لتسلب ذكر معها الظرف ليبيّن الذات المقدسة بسلب المكافأة».

٦١٨

البلاغة :

وأبرز ما تتميز به سورة الإخلاص هو الإيجاز وقد تقدمت أمثلة منه وسنحاول الآن جلاء الأغراض الكامنة في إيجازها وحصر متنها وتقارب طرفيها ، وسنحاول أن نبسط ذلك بسطا يوضّح المقصود ويدرك به الهدف المنشود :

١ ـ اشتملت هذه السورة على اسمين من أسماء الله تعالى يتضمنان جميع أوصاف الكمال وهما الأحد والصمد لأنهما يدلان على أحدية الذات المقدسة الموصوفة بجميع أوصاف الكمال وبيان ذلك أن الأحد يشعر بوجوده الخاص الذي لا يشاركه فيه غيره والصمد يشعر بجميع أوصاف الكمال لأنه الذي انتهى إليه سؤدده فكان مرجع الطلب منه وإليه ولا يتم ذلك على وجه التحقيق إلا لمن حاز جميع صفات الكمال وذلك لا يصلح إلا لله تعالى.

٢ ـ تضمنت توجيه الاعتقاد وصدق المعرفة وما يجب إثباته لله من الأحدية المنافية لمطلق الشركة والصمدية المثبتة له جميع صفات الكمال الذي لا يلحقه نقص.

٣ ـ نفي الولد والوالد المقرر لكمال المعنى.

٤ ـ نفي الكفء المتضمن لنفي الشبيه والنظير.

٥ ـ قالوا : سورة الإخلاص ثلث القرآن لأن القرآن خبر وإنشاء والإنشاء أمر ونهي وإباحة والخبر خبر عن الخالق وخبر عن خلقه فأخلصت سورة الإخلاص الخبر عن الله وخلصت قارئها من الشرك الاعتقادي.

٦ ـ كثرت أسماؤها وزيادة الأسماء تدل على شرف المسمى وهذا

٦١٩

جدول بأسمائها العشرين مع شرح سريع لكل اسم :

١ ـ الإخلاص : وقد تقدم معناه وأنها أخلصت الخبر عن الله وخلصت قارئها من الشرك.

٢ ـ التنزيل : لأنها أدّت أكمل الأغراض بتنزيلها.

٣ ـ التجريد : لأنها تجرد قارئها من الشرك وبواعثه ومن تعلق بها تجرد عن الانحياز.

٤ ـ التوحيد : لاحتوائها على صفات الله تعالى وعدله وتوحيده ، وعلم التوحيد من الله بمكان وكيف لا يكون كذلك والعلم تابع للمعلوم يشرف بشرفه ويتضع بضعته ، ومعلوم هذا العلم هو الله تعالى وصفاته وما يجوز عليه وما لا يجوز وناهيك بشرف منزلته وجلالة محله وإنافته على كل علم واستيلائه على قصب السبق.

٥ ـ النجاة : لأنها تنجي قائلها من النار.

٦ ـ الولاية : لأن من تعلق بها أعطاه الله الولاية.

٧ ـ الجمال : لدلالتها على جمال الله تعالى أي اتصافه بالكمالات وتنزيهه عن النقائص.

٨ ـ المعرفة : لأن من فهمها وسبر أغوارها عرف الله تعالى حق المعرفة.

٩ ـ المقشقشة : من قشقشه من الجرب أو الجدري أبرأه فبرىء وسمّيت بذلك لأنها تبرئ قارئها من الأوضار ومن جميع دواعي الشرك والنفاق.

١٠ ـ المعوذة : لأنها تحصن قارئها من فتن الدنيا والآخرة.

١١ ـ الصمد : وقد تقدم القول فيه مطولا.

١٢ ـ النسبة : لقول المشركين انسب لنا ربك.

١٣ ـ الأساس : لأنها أصل الدين وعماده.

١٤ ـ المانعة : لأنها تمنع فتنة القبر وعذاب النار.

١٥ ـ المحتضر : لأن الملائكة تحضر لاستماعها.

٦٢٠