بحوث في الملل والنّحل - ج ٨

الشيخ جعفر السبحاني

بحوث في الملل والنّحل - ج ٨

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ٢
ISBN: 978-964-357-272-3
الصفحات: ٤٥٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

حينئذٍ ، فمضى به ، فحبسه عنده سنة.

ثمّ كتب إلى الرشيد أن خذه منّي وسلّمه إلى من شئت وإلّا خلّيت سبيله ، فقد اجتهدت بأن أجد عليه حجّة ، فما أقدر على ذلك ، حتى أنّي لأتسمّع عليه إذا دعا لعلّه يدعو عليّ أو عليك ، فما أسمعه يدعو إلّا لنفسه يسأل الرحمة والمغفرة.

فوجّه من تسلّمه منه ، وحبسه عند الفضل بن الربيع ببغداد فبقى عنده مدّة طويلة وأراد الرشيد على شيء من أمره فأبى.

فكتب بتسليمه إلى الفضل بن يحيى فتسلّمه منه ، وأراد ذلك منه فلم يفعل.

وبلغه انّه عنده في رفاهية وسعة ، وهو حينئذ بالرقة.

وقد أثار هذا الأمر غضبَ الرشيد إلى ان انتهى الأمر بتجريد الفضل بن يحيى وضربه بسياط وعقابين. (١)

هذا هو موقف الرشيد مع الرجل الذي كان يحترمه جلّ المسلمين وينظرون إليه بأنّه من أئمّة أهل البيت ، فكيف الحال مع سواد الناس إذا اتّهموا بالتشيّع وموالاة الإمام عليه‌السلام ؟!

قال ابن كثير : فلمّا طال سجن الإمام الكاظم عليه‌السلام كتب إلى الرشيد : « أمّا بعد يا أمير المؤمنين انّه لم ينقضِ عني يوم من البلاء إلّا انقضى عنك يوم من الرخاء ، حتى يفضي بنا ذلك إلى يوم يخسر فيه المبطلون ». (٢)

ولم يزل الإمام ينقل من سجن إلى سجن حتى انتهى به الأمر إلى سجن السندي بن شاهك ، فغال في سجن الإمام وزاد في تقييده ، حتى جاء أمر الرشيد بدس السم للكاظم فانبرى السندي إلى تنفيذ هذا الأمر ، وكانت نهاية حياة الإمام الطاهر على يده الفاجرة.

______________________

١. الطوسي : الغيبة : ٢٨ ـ ٣٠ بتلخيص.

٢. ابن كثير : البداية والنهاية : ١٠ / ١٩٠.

٣٨١
 &

قال أبو الفرج الاصفهاني : لمّا توفي الإمام مسموماً خشى الرشيد ردّة فعل المسلمين عند انتشار خبر موته ، فأدخل عليه الفقهاء ووجوه أهل بغداد وفيهم الهيثم بن علي وغيره ليشهدوا على أنّه مات حتف أنفه دون فعل من الرشيد وجلاوزته ، ولمّا شهدوا على ذلك اخرج بجثمانه الطاهر ، ووضع على الجسر ببغداد ، ونودي بوفاته. (١)

هذه لمحة خاطفة عن حياة الإمام موسى الكاظم عليه‌السلام توقفك على الوضع السياسي السائد آنذاك في العراق والحجاز ، وموقف الحكومة تجاه إمام الشيعة ، أفهل يمكن للإمام التصريح بالقائد من بعده ؟!

ومع ذلك كلّه فإنّ الإمام الكاظم له تنبوءات عن المستقبل المظلم الذي ينتظره بعض الشيعة ، وإليك بعض ما روي في ذلك :

روي عن ابن سنان قال : دخلت على أبي الحسن موسى الكاظم من قبل أن يقدم العراق بسنة ، وعليّ ابنه جالس بين يديه ، فنظر إليّ وقال : « يا محمد أما إنّه ستكون في هذه السنة حركة ، فلا تجزع لذلك » قال : قلت : وما يكون جعلني الله فداك فقد أقلقتني ؟ قال : « أصير إلى هذا الطاغية ، (٢) أما إنّه لا يبدأني منه سوء ومن الذي يكون بعده » (٣) قال : قلت : وما يكون جعلني الله فداك ؟ قال : « يضل الله الظالمين ويفعل الله ما يشاء » . قال : قلت : وما ذلك جعلني الله فداك ؟ قال : « من ظلم ابني هذا حقَّه ، وجحده إمامته من بعدي كان كمن ظلم عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام إمامته وجحده حقّه بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم » قال : قلت : والله لئن مدّ الله لي في العمر لأسلِّمن له حقّه ، ولأقرّن بإمامته.

قال : « صدقت يا محمد يمدّ الله في عمرك وتسلِّم له حقّه عليه‌السلام وتقرّ له بإمامته وإمامة من يكون بعده » ، قال : قلت : ومن ذاك ؟ قال : « ابنه محمد » ، قال :

______________________

١. أبو الفرج الاصفهاني : مقاتل الطالبيين : ٥٠٤.

٢. يريد به المهدي العباسي.

٣. يريد به موسى بن المهدي.

٣٨٢
 &

قلت : له الرضا والتسليم. (١)

روى الكشي عن الحكم بن عيص ، قال : دخلت مع خالي سليمان بن خالد على أبي عبد الله عليه‌السلام فقال : « يا سليمان من هذا الغلام ؟ » فقال : ابن اختي ، فقال : « هل يعرف هذا الأمر ؟ » فقال : نعم ، فقال : « الحمد لله الذي لم يخلقه شيطاناً ـ ثمّ قال : ـ يا سليمان عوِّذ بالله ولدك من فتنة شيعتنا » فقلت : جعلت فداك وما تلك الفتنة ؟! قال : « إنكارهم الأئمّة عليهم‌السلام ووقوفهم على ابني موسى عليه‌السلام ، قال : ينكرون موته ويزعمون أن لا إمام بعده ، أُولئك شرّ الخلق ». (٢)

إلى غير ذلك من الروايات التي جمعها الشيخ الطوسي في كتاب « الغيبة » ممّا تدل على تنصيص الإمام الكاظم عليه‌السلام على إمامة ولده علي بن موسى الرضا عليه‌السلام غير انّ حبَّ المال آل بالبعض إلى إنكار إمامته ، وقد رويت في ذلك روايات نذكر بعضها :

روى الطوسي في « الغيبة » بسنده عن يعقوب بن يزيد الأنباري ، عن بعض أصحابه ، قال : مضى أبو إبراهيم عليه‌السلام وعند زياد القندي سبعون ألف دينار ، وعند عثمان بن عيسى الرواسي ثلاثون ألف دينار وخمس جوار ، ومسكنه بمصر.

فبعث إليهم أبو الحسن الرضا عليه‌السلام أن احملوا ما قِبَلكم من المال ، وما كان اجتمع لأبي عندكم من أثاث وجوار ، فإنّي وارثه وقائم مقامه ، وقد اقتسمنا ميراثه ولا عذر لكم في حبس ما قد اجتمع لي ولوارثه ، قبلكم ، وكلام يشبه هذا.

فأمّا ابن أبي حمزة فإنّه أنكره ولم يعترف بما عنده ، وكذلك زياد القندي.

وأمّا عثمان بن عيسى فانّه كتب إليه إنّ أباك ـ صلوات الله عليه ـ لم يمت وهو حي قائم ، ومن ذكر أنّه مات فهو مبطل ، واعمل على أنّه قد مضى كما تقول : فلم يأمرني بدفع شيء إليك ، وأمّا الجواري فقد اعتقتهنّ وتزوجت بهنّ. (٣)

______________________

١. الطوسي : الغيبة : ٣٣ ـ ٣٤.

٢. الكشي : الرجال : ٣٨٩ ؛ البحار : ٤٨ / ٢٦٥ ، الحديث ٢٤.

٣. الطوسي : الغيبة : ٦٤ ـ ٦٥ ، الحديث ٦٧.

٣٨٣
 &

روى الكشي ، عن يونس بن عبد الرحمان ، قال : مات أبو الحسن وليس من قُوامه أحد إلّا وعنده المال الكثير ، فكان ذلك سبب وقوفهم وجحودهم موته ، وكان عند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار. (١)

روى الصدوق في « العلل » عن يونس بن عبد الرحمان قال : مات أبو الحسن عليه‌السلام وليس من قوّامه أحد إلّا وعنده المال الكثير ، فكان ذلك سبب وقفهم وجحودهم لموته ، وكان عند زياد القندي سبعون ألف دينار ، وعند علي بن أبي حمزة ثلاثون ألف دينار ، قال : فلمّا رأيت ذلك وتبيّن الحق وعرفت من أمر أبي الحسن الرضا عليه‌السلام ما علمتُ تكلّمت ودعوت الناس إليه ، قال : فبعثا إليّ ، وقالا : ما يدعوك إلى هذا ؟ إن كنتَ تريد المال فنحن نغنيك وضمِنا لي عشرة آلاف دينار ، وقالا لي : كف ، فأبيت وقلت لهم : إنّا رُوينا عن الصادقين عليهم‌السلام أنّهم قالوا : إذا ظهرت البدع فعلى العالم أن يُظهر علمَه ، فإن لم يفعل سُلب منه نور الإيمان ، وما كنت لأدع الجهاد في أمر الله على كلّ حال ، فناصباني وأضمرا لي العداوة.

وروى أيضاً عن أحمد بن حماد قال : أحد القَوّام ، عثمان بن عيسى الرواسي ، وكان يكون بمصر ، وكان عنده مال كثير وست جواري ، قال : فبعث إليه أبو الحسن الرضا عليه‌السلام فيهن وفي المال ، قال : فكتب إليه أنّ أباك لم يمت ، قال : فكتب إليه : إنّ أبي قد مات ، وقد اقتسمنا ميراثه ، وقد صحّت الأخبار بموته ، واحتج عليه فيه ، قال : فكتب إليه : إن لم يكن أبوك مات ، فليس لك من ذلك شيء ، وإن كان قد مات على ما تحكي ، فلم يأمرني بدفع شيء إليك ، وقد اعتقت الجواري وتزوجتهنّ. (٢)

إلى غيرها من الروايات الدالّة على أنّ سبب التوقف كان حبّ الجاه والمال.

______________________

١. الكشي : الرجال : ٣٤٥.

٢. الصدوق : علل الشرائع : ٢٣٥.

٣٨٤
 &

الواقفية في كتب الملل والنحل

جاءت الواقفية في كتب الملل والنحل على وجه الإجمال ، وهذا يعرب عن عدم وجود دور بارز لهم في عصر الغيبة ، وستوافيك القائمة التي ذكرنا فيها بعض أسماء الرواة من الواقفية.

قال النوبختي ـ بعدما بيّن أنّ الشيعة انقسمت بعد رحيل الإمام الكاظم عليه‌السلام إلى فرقتين ، وبيّن الفرقة الثانية بالبيان التالي ـ :

١. وقالت الفرقة الثانية : إنّ موسى بن جعفر لم يمت ، وإنّه حيّ ، ولا يموت حتى يملك شرق الأرض وغربها ، ويملأها كلها عدلاً كما ملئت جوراً ، وإنّه القائم المهدي ، وزعموا أنّه خرج من الحبس ولم يره أحد نهاراً ولم يعلم به ، وأنّ السلطان وأصحابه ادّعوا موته ، وموّهوا على الناس وكذبوا ، وأنّه غاب عن الناس واختفى ، ورووا في ذلك روايات عن أبيه جعفر بن محمد عليهما‌السلام أنّه قال : هو القائم المهدي فإن يدهده رأسه عليكم من جبل فلا تصدقوا فإنّه القائم.

وقال بعضهم : إنّه القائم وقد مات ، ولا تكون الإمامة لغيره حتى يرجع ، فيقوم ويظهر ، وزعموا أنّه قد رجع بعد موته إلّا أنّه مختف في موضع من المواضع حي يأمر وينهى ، وأنّ أصحابه يلقونه ويرونه ، واعتلّوا في ذلك بروايات عن أبيه ، أنّه قال : سمّي القائم قائماً ، لأنّه يقوم بعدما يموت.

وقال بعضهم : إنّه قد مات ، وإنّه القائم ، وإنّ فيه شبهاً من عيسى بن مريم ـ صلى الله عليه ـ وانّه لم يرجع ، ولكنّه يرجع في وقت قيامه فيملأ الأرض عدلاً كما ملئت جوراً ، وإنّ أباه قال : إنّ فيه شبهاً من عيسى بن مريم ، وإنّه يقتل في يدي ولد العباس فقد قتل.

وأنكر بعضهم قتله ، وقالوا : مات ورفعه الله إليه ، وإنّه يردّه عند قيامه ، فسمّوا هؤلاء جميعاً الواقفية لوقوفهم على موسى بن جعفر على أنّه الإمام القائم ،

٣٨٥
 &

ولم يأتمّوا بعده بإمام ولم يتجاوزوه إلى غيره.

وقد قال بعضهم ممّن ذكر أنّه حي : إنّ الرضا عليه‌السلام ومن قام بعده ليسوا بأئمّة ، ولكنّهم خلفاؤه واحداً بعد واحد إلى أوان خروجه ، وإنّ على الناس القبول منهم والانتهاء إلى أمرهم.

وقد لقّب الواقفةَ بعضُ مخالفيها ممّن قال بإمامة علي بن موسى « الممطورة » وغلب عليها هذا الاسم وشاع لها ، وكان سبب ذلك انّ عليّ بن إسماعيل الميثمي ويونس بن عبد الرحمان ناظرا بعضهم ، فقال له علي بن إسماعيل وقد اشتد الكلام بينهم : ما أنتم إلّا كلاب ممطورة ، أراد أنّكم أنتن من جيف ، لأنّ الكلاب إذا أصابها المطر فهي أنتن من الجيف ، فلزمهم هذا اللقب فهم يُعرفون به اليوم ، لأنّه إذا قيل للرجل انّه ممطور فقد عرف أنّه من الواقفة على موسى بن جعفر خاصة ، لأنّ كل من مضى منهم فله واقفة قد وقفت عليه ، وهذا اللقب لأصحاب موسى. (١)

٢. وقال الشيخ الأشعري ملخصاً لما قاله النوبختي ما هذا نصه :

الصنف الثاني والعشرون من الرافضة يسوقون الإمامة حتى ينتهوا إلى جعفر بن محمد ويزعمون أنّ جعفر بن محمد نصّ على إمامة ابنه موسى بن جعفر ، وأنّ موسى بن جعفر حيّ لم يَمت ولا يموتُ حتى يملك شرقَ الأرض وغربها ، حتى يملأ الأرض عدلاً وقسطاً كما ملئت ظلماً وجوراً ، وهذا الصنف يُدْعون « الواقفة » لأنّهم وقفوا على « موسى بن جعفر » ولم يتجاوزوه إلى غيره ، وبعض مخالفي هذه الفرقة يدعوهم « الممطورة » وذلك أنّ رجلاً منهم ناظر « يونس بن عبد الرحمان » ويونس من القطعية الذين قطعوا على موت موسى بن جعفر ، فقال له يونس : أنتم أهون عليّ من الكلاب الممطورة ، فلزمهم هذا النبز. (٢)

______________________

١. النوبختي : فرق الشيعة : ٨٠ ـ ٨٢ ، وفي ذيل كلامه إشارة إلى القسمين من الوقف كما ذكرناه.

٢. الأشعري : مقالات الإسلاميين : ٢٨ ـ ٢٩.

٣٨٦
 &

٣. وقال البغدادي معبّراً عن الواقفة بالموسوية : هؤلاء الذين ساقوا الإمامة إلى جعفر ، ثمّ زعموا أنّ الإمام بعد جعفر ، كان ابنه موسى بن جعفر ، وزعموا أنّ موسى بن جعفر حيّ لم يمت وانّه هو المهدي المنتظر ، وقالوا إنّه دخل دارَ الرشيد ولم يخرج منها ، وقد علمنا إمامته وشككنا في موته فلا نحكم في موته إلّا بيقين.

فقيل لهذه الفرقة الموسوية : إذا شككتم في حياته وموته ، فشُكُّوا في إمامته ولا تقطعوا القول بأنّه باق وأنّه هو المهديّ المنتظر ، هذا مع علمكم بأنّ مشهد موسى بن جعفر معروف في الجانب الغربي من بغداد ويُزار.

ويقال لهذه الفرقة موسوية لانتظارها موسى بن جعفر .

ويقال لها الممطورة أيضاً ، لأنّ يونس بن عبد الرحمان القمّي كان من القطعية ( الذين قطعوا على موت موسى بن جعفر ) وناظر بعض الموسوية فقال في بعض كلامه : أنتم أهون على عيني من الكلاب الممطورة. (١)

٤. وقال الشهرستاني ـ بعد أن ذكر الإمام موسى بن جعفر وانّه دفن في مقابر قريش ببغداد ـ : اختلفت الشيعة بعده ...

فمنهم من توقّف في موته ، وقال : لا ندري أمات أم لم يمت ؟ ويقال لهم الممطورة ، سمّاهم بذلك علي بن إسماعيل فقال : ما أنتم إلّا كلاباً ممطورة.

ومنهم من قطع بموته ويقال لهم القطعية.

ومنهم من توقّف عليه ، وقال : إنّه لم يمت ، وسيخرج بعد الغيبة ، ويقال لهم الواقفة. (٢)

إنّ ظاهرة الوقف بعد رحيل الإمام الكاظم عليه‌السلام كانت أمراً خطيراً يهدّد

______________________

١. البغدادي : الفرق بين الفرق : ٦٣.

٢. الشهرستاني : الملل والنحل : ١٦٩ ، ولاحظ التبصير للاسفرائيني : ٣٨ ، حيث عبّر عنهم بالموسوية.

٣٨٧
 &

كيان الشيعة ، وتماسكها وانسجامها ، وقد كانت الواقفة تتمسك بشبه ، ربما تغري البسطاء من الشيعة ، وتصدّهم عن القول بامتداد الإمامة إلى عصر الإمام المنتظر. ولعلّه لأجل خطورة الوقف ، ربما نرى وجود الحث المتزايد على زيارة الإمام الرضا عليه‌السلام من النبي والوصيّ والصادق والكاظم عليهم‌السلام ليلفتوا نظر الشيعة إليه ولا يغفلوا عنه.

فقد روي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : « ستدفن بضعة منّي بأرض خراسان ، لا يزورها مؤمن إلّا أوجب الله له الجنّة ، وحرّم جسده على النار ». (١)

كما توجد روايات كثيرة عن أئمّة أهل البيت عليهم‌السلام تؤكد وتحث على زيارة الإمام الرضا عليه‌السلام وتبيّن فضلها. (٢)

ولعلّ تلك الروايات تهدف إلى رفع الشبهات التي أوجدتها الواقفة في ذلك العصر ، ولولا انّ الرضا هو الإمام القائد بعد أبيه ، لما كان لهذا الحث وجه ، وقد جابه الإمام الرضا تلك الزوبعة بعظات بالغة ، ومناظرات قيّمة ، قام فيها بإزالة الالتباس عن شبههم.

وقد جمعها العالم الحجة الشيخ رياض محمد حبيب الناصري في كتابه « الواقفية » ، حيث بلغت ثماني مناظرات. ومن أراد الوقوف على مضامينها فعليه الرجوع إلى ذلك الكتاب القيّم الذي طرح فيه الواقفية ودرسها دراسة تحليلية رائعة. (٣)

______________________

١. الصدوق : الفقيه : ٢ / ٣٥١ ، الحديث ٣٦.

٢. راجع الكافي : ٤ / ٥٨٤ ؛ والفقيه : ٢ / ٣٤٨ ـ ٣٥١ ؛ والتهذيب : ٦ / ٨٤.

٣. الواقفية : ١ / ١٥١ ـ ١٦٣ ، ولقد رجعنا إلى ذلك الكتاب في دراسة هذه الطائفة فشكر الله مساعيه.

٣٨٨
 &

مشاهير الواقفية

يظهر من مراجعة الكتب الرجالية ، انّ عدد الواقفية لم يكن قليلاً ، وقد ذكر الشيخ الطوسي فيهم حوالي أربعة وستين شخصاً ، فمن مشاهيرهم :

١. سماعة بن مهران.

٢. جعفر بن سماعة.

٣. الحسن بن محمد بن سماعة.

٤. زرعة بن محمد الحضرمي.

٥. زياد بن مروان القندي.

٦. داود بن الحصين.

٧. درست بن أبي منصور.

٨. عثمان بن عيسى الرواسي.

٩. علي بن أبي حمزة البطائني.

١٠. علي بن الحسن الطاطري.

١١. حنان بن سدير الصيرفي.

١٢. يحيى بن القاسم الحذاء.

١٣. يحيى بن الحسين بن زيد.

١٤. سعد بن خلف. (١)

______________________

١. وقد استخرج محقّق رجال الطوسي ، أسماء الذين وصفوا بالوقف فيه ، تحت فهرست المنسوبين إلى المذاهب الفاسدة. رجال الطوسي : ٥٨٩ ـ ٥٩١.

٣٨٩
 &

ثمّ إنّ هناك لفيفاً آخر من الواقفية ذكرهم النجاشي في رجاله ، وليس فيهم اسم سماعة بن مهران ، ولا ولده جعفر ، ولا سبطه محمد ، وربما تردّد بعضهم في عدّ سماعة من الواقفية ، إذ لو كان كذلك لما خفي على مثل النجاشي ، ولا على ابن الغضائري.

وقد جمع الشيخ الناصري أسماء الموصوفين بالوقف من الكتب الرجالية وغيرها ، غير أنّ كثيراً منهم رجعوا عن الوقف.

ومن العجب العجاب انّ سبعة أشخاص من أصحاب الإجماع ، رُمُوا بالوقف ، وهؤلاء هم :

١. أحمد بن محمد بن أبي نصر.

٢. جميل بن دراج.

٣. حماد بن عيسى.

٤. صفوان بن يحيى.

٥. عثمان بن عيسى.

٦. يونس بن عبد الرحمان.

٧. عبد الله بن المغيرة.

وأظن أنّ اتّهامهم بالوقف ربما يعود إلى فحصهم وترّيثهم في الإمام الذي يعقب الإمام الكاظم عليه‌السلام بعد رحيله. ولو كان هذا هو المنطلق لوصفهم بالوقف فلا يوجد أي مبرر لهذا الرمي والوصف ، وعلى أية حال فإنّهم رجعوا عن الوقف ، حتّى أنّ يونس بن عبد الرحمان كان في الصف المقدّم لمكافحة الوقف وهو الذي وصف الواقفية بالكلاب الممطورة كما في بعض الروايات ، وهذا ما يثير الشكوك حول وصفه وزملائه بالوقف.

٣٩٠
 &

ثمّ إنّ هناك ردوداً بين الطائفتين ذكرها الطوسي في « الفهرست » و « الغيبة » فمن الكتب المؤلّفة في نصرة الواقفية :

١. « نصرة الواقفة » لعلي بن أحمد العلوي الموسوي ، ذكره الشيخ. (١)

٢. « الصفة في الغيبة على مذهب الواقفة » لعبد الله بن جبلة. (٢)

٣. رسالة لعلي بن الحسن الطاطري في نصرة مذهبه. (٣)

وهناك ردود من الأصحاب على تلك المؤلفات ، ذكرها النجاشي في رجاله ، نذكر منها ما يلي :

١. الرد على الواقفة لإسماعيل بن علي بن إسحاق بن سهل بن نوبخت. (٤)

٢. الرد على الواقفة للحسن بن موسى الخشاب. (٥)

٣. الرد على الواقفة للحسين بن علي البزوفري. (٦)

٤. الرد على الواقفة لفارس بن حاتم بن ماهويه القزويني. (٧)

بقي الكلام في رجال الواقفة الذين وردت أسماؤهم في الكتب الرجالية ، وكان لهم دور في نقل الحديث وتدوينه ، فإليك فهرس أسمائهم ، وأمّا الكلام عن تراجمهم وحالاتهم فموكول إلى محله.

______________________

١. الطوسي : الغيبة : ٢٩.

٢. النجاشي : الرجال : ٢ / ١٣ برقم ٥٦١.

٣. الطوسي : الفهرست : ١١٨ برقم ٣٩٢.

٤. النجاشي : الرجال : ١ / ١٢١ برقم ٦٧.

٥. النجاشي : الرجال : ١ / ١٤٣ برقم ٨٤.

٦. النجاشي : الرجال : ١ / ١٨٨ برقم ١٦٠.

٧. النجاشي : الرجال : ٢ / ١٧٤ برقم ٨٤٦.

٣٩١
 &

١. إبراهيم.

٢. أبو جبل.

٣. أبو جعدة.

٤. أبو جنادة الأعمىٰ.

٥. أحمد بن أبي بشر السرّاج.

٦. أحمد بن الحارث.

٧. أحمد بن الحسن بن إسماعيل بن شعيب بن ميثم التمّار.

٨. أحمد بن زياد الخزّاز.

٩. أحمد بن السري.

١٠. أحمد بن الفضل الخزاعي.

١١. أحمد بن محمد بن علي بن عمر بن رباح بن قيس بن سالم القلاء السوّاق.

١٢. إدريس بن الفضل بن سليمان الخولاني.

١٣. إسحاق بن جرير بن يزيد بن جرير بن عبد الله البجلي الكوفي.

١٤. إسماعيل بن أبي بكر محمد بن الربيع بن أبي السمّال الأسدي.

١٥. إسماعيل بن عمر بن أبان الكلبي.

١٦. أُمية بن عمرو الشعيري.

١٧. بكر بن محمد بن جناح.

١٨. جعفر بن المثنى الخطيب.

١٩. جعفر بن محمد بن سماعة بن موسى بن رويد.

٢٠. جندب بن أيوب.

٢١. جهم بن جعفر بن حيان.

٢٢. الحسن بن علي بن أبي حمزة سالم البطائني.

٢٣. الحسن بن محمد بن سماعة ، أبو محمد الكندي الصيرفي الكوفي.

٢٤. الحسين ( من أصحاب الإمام الكاظم عليه‌السلام ).

٢٥. الحسين بن أبي سعيد هاشم بن حيّان المكاري.

٢٦. الحسين بن قياما.

٢٧. الحسين بن كيسان.

٢٨. الحسين بن المختار ، أبو عبد الله القلانسي.

٣٩٢
 &

٢٩. الحسين بن مهران بن محمد ، أبو نصر السكوني.

٣٠. الحسين بن موسى.

٣١. حصين بن المخارق بن عبد الرحمان بن ورقاء بن حبشي بن جنادة.

٣٢. حميد بن زياد بن حمّاد بن حمّاد بن زياد هوار الدهقان.

٣٣. حنان بن سدير بن حكيم بن صهيب الصيرفي.

٣٤. داود بن الحصين الأسدي.

٣٥. دُرست بن أبي منصور محمد الواسطي.

٣٦. زرعة بن محمد الحضرمي.

٣٧. زكريا بن محمد ، أبو عبد الله المؤمن.

٣٨. زياد بن مروان الأنباري القندي.

٣٩. زيد بن موسىٰ.

٤٠. سعد بن أبي عمران الأنصاري.

٤١. سعد بن خلف.

٤٢. سلمة بن حيّان.

٤٣. سماعة بن مهران بن عبد الرحمان الحضرمي.

٤٤. عبد الله بن جبلة بن حيّان بن أبجر الكناني.

٤٥. عبد الله بن عثمان الحنّاط.

٤٦. عبد الله بن القاسم الحضرمي.

٤٧. عبد الله بن القصير.

٤٨. عبد الله النخّاس.

٤٩. عبد الكريم بن عمرو بن صالح الخثعمي.

٥٠ ـ عبيد الله بن أبي زيد أحمد بن عبيد الله بن محمد الانباري.

٥١. عثمان بن عيسى ، أبو عمرو العامري الكلابي الرواسي.

٥٢. عثمان بن عيسى الكلابي ، مولىٰ لبني عامر ، وليس بالرواسي.

٥٣. علي بن أبي حمزة البطائني.

٣٩٣
 &

٥٤. علي بن جعفر بن العباس الخزاعي المروزي.

٥٥. علي بن الحسن بن محمد الطائي الجرمي المعروف بالطاطري.

٥٦. علي بن الخطّاب.

٥٧. علي بن سعيد المكاري.

٥٨. علي بن عمر الأعرج الكوفي.

٥٩. علي بن محمد بن علي بن عمر بن رباح السوّاق ، ويقال : القلّاء.

٦٠ ـ علي بن وهبان.

٦١. عمر بن رباح الزهري القلا.

٦٢. عنبسة بن مصعب العجلي.

٦٣. عيسى بن عيسى الكلابي مولىٰ بني عامر ـ وليس بالرواسي ـ.

٦٤. غالب بن عثمان.

٦٥. الفضل بن يونس الكاتب البغدادي.

٦٦. القاسم بن إسماعيل القرشي ، أبو محمد المنذر.

٦٧. القاسم بن محمد الجوهري.

٦٨. محمد بن بكر بن جناح.

٦٩. محمد بن الحسن بن شمّون.

٧٠ ـ محمد بن عبد الله الجلّاب البصري.

٧١. محمد بن عبد الله بن غالب الأنصاري البزاز.

٧٢. محمد بن عبيد بن صاعد.

٧٣. محمد بن عمر.

٧٤. محمد بن محمد بن علي بن عمرو بن رباح.

٧٥. مقاتل بن مقاتل بن قياما.

٧٦. منصور بن يونس بزرج.

٧٧. موسى بن بكر الواسطي.

٧٨. موسى بن حماد الطيالسي الذرّاع.

٧٩. هاشم بن حيان ، أبو سعيد المكاري.

٨٠ ـ وهيب بن حفص ، أبو علي الجريري.

٨١. يحيى بن الحسين بن زيد بن علي بن الحسين عليه‌السلام.

٨٢. يزيد بن خليفة الحارثي.

٨٣. يوسف بن يعقوب.

٣٩٤
 &

بحوث في الملل والنحل الجزء الثامن لشيخ جعفر السبحاني

٣٩٥
 &

بحوث في الملل والنحل الجزء الثامن لشيخ جعفر السبحاني

٣٩٦
 &

الكتابة عن النصيرية كسائر الفرق الشيعية أمر صعب لا سيما وانّهم اضطروا إلى التخفّي والانطواء على أنفسهم ، وعاشوا في ظل التقية ، ومن يتصفّح التاريخ يجد أنّه لا مندوحة لهم من التكتّم والتحفّظ في عقائدهم ، فمعاجم الفرق مليئة بذمّهم وتفسيقهم وتكفيرهم ، وقد أخذ بعضهم عن بعض ، ولا يمكن الاعتماد على ما نقلوه عنهم إلّا بالرجوع إلىٰ كتب تلك الفرقة أو التعايش معهم في أوطانهم حتىٰ ينجلي الحقّ ليقف الإنسان على مكامن عقائدهم وخفايا أُصولهم ، ونحن نسرد قبل كلّ شيء ما ذكرته معاجم الفرق في هذا المقام من دون أيّ تعليق مسهب.

النصيرية في معاجم الملل والنحل

١. ولعلّ أوّل من ذكرهم من أصحاب المقالات هو الشيخ الحسن بن موسى النوبختي من أعلام القرن الثالث ، ويظهر منه أنّها نشأت بعد وفاة الإمام الهادي عليه‌السلام عام ٢٥٤ هـ ، فقال :

وقد شذّت فرقة من القائلين بإمامة علي بن محمد في حياته ، فقالت بنبوّة رجل يقال له محمد بن نصير النميري ، وكان يدّعي أنّه نبي ، بعثه أبو الحسن العسكري عليه‌السلام ، وكان يقول بالتناسخ والغلو في أبي الحسن ، ويقول فيه بالربوبية ، ويقول بالإباحة للمحارم ويحلّل نكاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم ، ويزعم أنّ ذلك من التواضع والتذلّل ، وأنّها إحدى الشهوات والطيبات ، وأنّ الله عزّ وجلّ لم يحرّم شيئاً من ذلك ، وكان يقوي أسباب هذا النميري ، محمد بن موسى بن

٣٩٧
 &

الحسن بن الفرات. (١)

أقول : ما ورد من النسب في هذا الكلام ممّا يستبعده العقل جداً ، إذ كيف يمكن أن يتبنىٰ أحد في حاضرة الخلافة الإسلامية هذه المنكرات التي لا يرتضيها أيّ إنسان ساذج ؟! ولو كان داعياً إلى هذه الأُمور في أجواء نائية بعيدة ربّما يسهل تصديقه.

٢. وقال الكشي ( من أعلام القرن الرابع ) : وقالت فرقة بنبوة محمد بن نصير الفهري النميري ، وذلك أنّه ، ادّعىٰ أنّه نبي ، وأنّ علي بن محمد العسكري أرسله ، وكان يقول بالتناسخ والغلو في أبي الحسن ، ويقول فيه بالربوبية ، ويقول بإباحة المحارم ويحلّل نكاح الرجال بعضهم بعضاً في أدبارهم ، ويقول : إنّه من الفاعل والمفعول به أحد الشهوات والطيبات ، وإنّ الله لم يحرّم شيئاً من ذلك. وكان محمد ابن موسى بن الحسن بن فرات يقوي أسبابه ويعضده ، وذكر أنّه رأى بعض الناس محمد بن نصير عياناً وغلام له على ظهره ، فرآه على ذلك ، فقال : إنّ هذا من اللذات وهو من التواضع لله وترك التجبّر ، وافترق الناس فيه بعده فرقاً. (٢)

٣. وقد ذكر الأشعري المتوفّى ( ٣٢٤ هـ ) من أصناف الغالية ، أصحاب الشريعي ، وقال : يزعمون أنّ الله حلّ في خمسة أشخاص ، ثمّ انتقل منه إلى ذكر النميرية ، وقال : إنّ فرقة من الرافضة يقال لهم النميرية أصحاب النميري يقولون إنّ الباري كان حالّاً في النميري. (٣)

٤. وقال البغدادي المتوفّى ( ٤٢٩ هـ ) ، في فصل عَقَده لبيان الفرقة الشُريعية أتباع الشريعي والنميرية أتباع محمد بن نصير النميري ، ونقل نفس ما نقله الأشعري في حقّ الرجلين ولم يزد عليه شيئاً.

______________________

١. فرق الشيعة : ٩٣.

٢. رجال الكشي : ٤٣٨.

٣. مقالات الإسلاميين : ١ / ١٥.

٣٩٨
 &

ومن قارن كتاب الفرق بين الفرق مع كتاب مقالات الإسلاميين يجد أنّه صورة ملخّصة من الثاني ، غير أنّه زاد في بيان الفرق سبّاً وذمّاً غير لائق بشأن الكاتب. (١)

٥. وقد عقد الشيخ الطوسي المتوفّى ( ٤٦٠ هـ ) فصلاً لمدّعي البابية عدّ منها الشريعي ، ومحمد بن نصير النميري.

قال : كان محمد بن نصير النميري من أصحاب أبي محمد الحسن بن علي عليهما‌السلام فلمّا توفي أبو محمد ، ادّعىٰ مقام أبي جعفر محمد بن عثمان أنّه صاحب إمام الزمان ، وادّعىٰ له البابية ، وفضحه الله تعالى بما ظهر منه من الإلحاد والجهل ، ولعن أبي جعفر محمد بن عثمان له وتبرّأه منه ، واحتجابه عنه وادّعى ذلك الأمر بعد الشُريعي.

ثمّ قال : قال أبو طالب الأنباري : لما ظهر محمد بن نصير بما ظهر لعنه أبو جعفر (رض) وتبرّأ منه فبلغه ذلك ، فقصد أبا جعفر (رض) ليعطف بقلبه عليه ، أو يعتذر إليه ، فلم يأذن له وحجبه وردّه خائباً.

ثمّ نقل عن سعد بن أبي عبد الله ما نقلناه آنفاً عن النوبختي.

ثمّ قال : فلمّا اعتلّ محمد بن نصير العلّة التي توفي فيها ، قيل له وهو مثقل اللسان : لمن هذا الأمر من بعدك ؟ فقال بلسان ضعيف ملجلج : أحمد ، فلم يدروا من هو ؟ فافترقوا بعده ثلاث فرق ، قالت فرقة : إنّه أحمد ابنه ، وفرقة قالت : هو أحمد ابن محمد بن موسى بن الفرات ، وفرقة قالت : إنّه أحمد بن أبي الحسين بن بشر بن يزيد ، فتفرّقوا فلا يرجعون إلىٰ شيء. (٢)

ثمّ إنّ الشيخ أخرج في أسماء أصحاب الهادي عليه‌السلام ، محمد بن حصين

______________________

١. انظر الفرق بين الفرق : ٢٥٢.

٢. الطوسي : الغيبة : ٣٩٨ ـ ٣٩٩.

٣٩٩
 &

الفهري ، وقال : ملعون ولعلّه محمد بن نصير ، فالحصين تصحيف لنصير. (١)

وأخرج في أصحاب الإمام العسكري محمد بن موسى الصريعي ، وقال المعلق : وفي بعض النسخ الشريعي ، وهو أوّل من ادّعى البابية حسب تنصيص الشيخ الطوسي في الغيبة ، ولم يذكر في أصحاب العسكري محمد بن نصير النميري. (٢)

٦. وقال الاسفرايني المتوفّى ( ٤٧١ هـ ) : الفرقة التاسعة منهم الشريعية والنميرية ، والشريعية أتباع رجل كان يدعىٰ شريعاً ، وكان يقول : إنّ الله تعالىٰ حلَّ في خمسة أشخاص في محمد ، وعلي ، وفاطمة ، والحسن والحسين ، وكانوا يقولون : إنّ هؤلاء آلهة ولهؤلاء الخمسة خمسة أضداد ، إلىٰ أن قال : وكان النميري ، خليفته وكان يدعي لنفسه مثله بعده وجملة النميرية والشريعية والخطابية وكانوا يدعون إلهيّة جعفر الصادق. (٣)

ولا يخفى وجود التناقض في كلامه حيث فسر الشريعية بالاعتقاد بالأُلوهية في الخمسة الطاهرة آخرهم الحسين عليه‌السلام وقال في ذيل كلامه : إنّ الطوائف الثلاث : النميرية ـ الشريعية ـ الخطابية كانوا يدّعون إلهية جعفر الصادق.

ومع ذلك كلّه فما ذكره مأخوذ من الفرق بين الفرق والمقالات وكأنّ الجميع عيال على الأشعري.

٨. وقال ابن أبي الحديد المتوفّى ( ٦٥٥ هـ ) في فصل عقده لذكر الغلاة من الشيعة والنصيرية وغيرهم : إنّ النصيرية : فرقة أحدثها محمد بن نصير النميري ، وكان من أصحاب الحسن العسكري عليه‌السلام ، إلىٰ أن قال : وكان محمد بن نصير من

______________________

١. الطوسي : الرجال : أصحاب الإمام الهادي عليه‌السلام برقم ٣٩.

٢. الطوسي : الرجال : أصحاب الإمام العسكري عليه‌السلام برقم ١٩.

٣. التبصير في الدين : ١٢٩.

٤٠٠