بحوث في الملل والنّحل - ج ٨

الشيخ جعفر السبحاني

بحوث في الملل والنّحل - ج ٨

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
المطبعة: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ٢
ISBN: 978-964-357-272-3
الصفحات: ٤٥٣
  نسخة مقروءة على النسخة المطبوعة
 &

التعليقات :

في هذا الدّور يبدو أنّه ظهر تطور جديد على قصة الإمامة ، فالأئمّة المستقرّون من ولد إسماعيل بن إبراهيم ، يدخلون كهف التقية والاستتار ويحل محلّهم الأئمة المستودعون ، الذين هم من ولد إسحاق بن إبراهيم ، وقد ظل هذا الوضع قائماً حتى ظهور الناطق السادس محمد ، الذي ينحدر من أُسرة الإمام المستقر إسماعيل ، بينما الرسولان الناطقان ، موسى وعيسى ، ينحدران من أُسرة إسحاق بن إبراهيم الخليل ، ومن الواضح أنّه في عهد محمد ينتهي دور الاستيداع ، وتعود الإمامة إلى الأئمّة المستقرين.

مما يجدر ذكره أنّ الرسول الناطق إبراهيم ، ولد في الأهواز ، ومنها جاء إلى حوران ، حيث اتخذها دار هجرة ، ودفن في بيت المقدس ، وقد عاش ١١٣ عاماً ، أمّا ولده الأكبر إسماعيل ، فوالدته هاجر وقد عاش ١٣٧ عاماً ، ودفن في بيت الله الحرام ، وأما إسحاق الابن الثاني ، فوالدته سارة ، وكان يقيم بين الشام والقدس ، وقد عاش ٢٨٠ عاماً ودفن في بيت المقدس ، ويأتي بعده ولده الذي عاش ٣٠٧ أعوام ، وقد دفن في القدس. وبعده يأتي أيضاً يوسف فقد عاش ١١٠ أعوام ، ودفن في مصر. أمّا أيّوب ، وهو الإمام الخامس فقد توفي في ( مسكنه ) وعاش ٩٣ عاماً ، ويأتي بعده ابنه يونان ، وهو يونس أو ذو النون ، كما هو معروف ، ومقامه في نينوى ، قرب الموصل ، على هذه الصفحة نلاحظ أنّ شعيب هو الإمام المستودع المتمّ للدور الثالث ، وكان يقيم في مديَن.

٢٤١
 &

الدور الرابع :

الإمام المستقر

عدنان بن أُد

معد بن عدنان

نزار بن معد

مضر بن نزار

الياس بن مضر

مدركة بن الياس

خزيمة بن مدركة

الإمام المستودع

أيليا بن بسباس

أليسع بن أخطف

صموئيل الرائي ٤٤٢ ـ ٢٤٩٤

داؤد بن بسي ٤١٩ ـ ٥٣٥

سليمان بن داؤد ٥٢٣ ـ ٥٧٥

عمران بن ماثان

زكريا بن برخيا ١٦١٦ ـ ١٧١٦

الإمام المتم

زكريا

أساس الدور المستودع

أساس الدور المستقر

هارون ٤٤٢

يوشع بن نون ٤٣٦ ـ ٢٨

الرسول الناطق

موسى ٤٢٥ـ٥٤٥

الإمام المقيم

أُد

العدد

١

٢

٣

٤

٥

٦

٧

٢٤٢
 &

التعليقات :

يلاحظ أنّه في هذا الدور لا يوجد أساس مستودع ، وأنّ الأساس المستقر هو هارون أخو موسى. ويبدو أنّه بعد وفاته تسلَّم يوشع بن نون رتبته الأساسيّة. من الواضح أنّ إيليا بن بسباس هو « إيليا النبي » ، وأنّ عمران بن ماثان هو « روبيل » وأنّ زكريا هو الإمام السابع المستودع المتمّ للدّور الرابع. في المصادر التاريخيّة أنّ موسى عاش ١٢٠ عاماً ونقل جثمانه من صحراء سيناء إلى القدس ، وولادته كانت في السابع من آذار سنة ٤٢٥ ، وأنّ صموئيل الرائي عاش ٥٣ عاماً ، وأنّ داؤد بن بسي عاش ١١٦ عاماً ، وأنّ سليمان بن داؤد عاش ٥٢ عاماً ، وأنّ زكرياء عاش ١٠٠ عام.

٢٤٣
 &

الدور الخامس :

« ويبتدئ من وقت ولادة عيسى حتى ظهور محمّد ، ومدّته ستمائة وسبعون سنة وستة عشر يوماً ».

الإمام المستقر

كنانة بن خزيمة

النضر بن كنانة

مالك بن النضر

فهر بن مالك

غالب بن فهر

لؤي بن غالب

كعب بن لؤي

مرة بن كعب

كلاب بن مرة

قصي بن كلاب

عبد مناف بن قصي

هاشم بن عبد مناف

عبد المطلب بن هاشم

عبد الله بن عبد الله

الإمام المستودع

مرقص أو عبد المسيح

فيلبس

اسطفانس

هرقل

أرميا

مروة الراهب

جرجس ـ بحيرا

الإمام المتم

جرس بحيرا

أساس الدور المستودع

أساس الدور المستقر

يحيى ١٧١٥ ـ ٣٠

شمعون الصفا ٣٣ ـ ١٧١٦

الرسول الناطق

عيسى

الإمام المقيم

خزيمة

العدد

١

٢

٣

٤

٥

٦

٧

٨

٩

١٠

١١

١٢

١٣

١٤

٢٤٤
 &

التعليقات :

في هذا الدّور يظهر على المسرح أربعة عشر إماماً مستقراً ، يقابلهم سبعة أئمّة مستودعين ، أيْ أنّ كلَّ إمام مستودع كان معاصراً لإمامين مستقرين ، ولم يجر مثل هذا في الأدوار السابقة. ويلاحظ أنّ ولادة عيسى كانت سنة ١٧١٦ موسوية ، أي بعد وفاة موسى ، وقد قتل صلباً (١) سنة ١٧٤٩ ، وعمّر ثلاثة وثلاثين عاماً ، أمّا أساس الدّور المستقر فكان يحيى ، وهو الذي ولد قبل ولادة عيسى بستة أشهر ، وهو يوحنا المعمدان نفسه ، ومن المعروف انّ هيرودس الروماني قتله سنة ١٧٤٦ ، وأنّ الأساس الثاني المستقر للدور الخامس الذي سلم إليه هو « شمعون الصفا » أو سمعان بن يونان ، أو بطرس الراهب ، ويعتبر مربي عيسى وحجّة عمران بن ماتان الذي ورد ترتيبه ، الإمام السادس المستودع في الدور الرابع.

ويلاحظ أنّ جرجس أو بحيرا الراهب هو الإمام السابع المستودع المتم للدور الخامس ، وكان دعاته في الجزيرة العربية هم : عمرو بن نفيل ، وورقة بن نوفل ، وزيد بن عمران ، وهو الذي سلّم وراثة الأنبياء المستودعين ، للإمام المستقر المقيم أبو طالب ، يوم جاء إليه من الجزيرة العربية إلى دير بصرى الشام مع النبي محمد. ويلاحظ أنّ الإمام المستقر النضر بن كنانة ، وكان يسمّى قيس ، ولُقّب النضر لنضارته ، وأنّ الإمام المستقر هو فهر بن مالك ، كان لقبه مجمع قريش ، وأنّ كلّاب بن مرة كان يلقب بالحكيم ، أو عروة ، وأنّ قصي بن كلاب هو زيد ، وسمّي قصي لأنّه أُقصي عن عشيرته ، وأنّ عبد مناف بن قصي اسمه المغيرة ، وأنّ هاشم بن عبد المناف اسمه عمران ، وأنّ عبد المطلب بن هاشم اسمه « شيبة الحمد ».

______________________

١. هذا الكلام تفنده الآية الشريفة : ( وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـٰكِن شُبِّهَ لَهُمْ ... ) ( النساء / ١٥٧).

٢٤٥
 &

الدور السادس :

« يبتدئ من تاريخ الهجرة المحمدية وينتهي بظهور القائم المنتظر ، ولا يمكن تحديد مدّته. إنّ الدور الكبير قد أصبح مقسماً إلى أدوار صغيرة ».

العدد

الإمام المقيم

الرسول الناطق

أساس الدور

الإمام المتم

الإمام المستقر

١

عمران

محمد

علي بن أبي طالب

علي بن أبي طالب

٢

أبو طالب

م ٥٧١ ـ ٦٣٤

الحسين بن علي

٣

علي بن الحسين « زين العابدين »

٤

محمد بن علي « الباقر »

٥

جعفر بن محمد « الصادق »

٦

إسماعيل بن جعفر

٧

محمد بن إسماعيل

محمد بن إسماعيل

التعليقات :

في هذا الدور يظهر أنّ عمران أبا طالب ، هو الإمام المقيم في عهد الرسول الناطق محمد ، وأنّ الإمام محمد بن إسماعيل هو الإمام السابع المتم. ويلاحظ أنّ الإمام الحسن بن علي لم يذكر في شجرة النسب لأنّه يعتبر إماماً مستودعاً لدى الإسماعيليين ، وهكذا محمد بن الحنفية ، وموسى بن جعفر ( الكاظم ).

٢٤٦
 &

تتمة الدور السادس :

« ويبتدئ من عهد معد بن إسماعيل « المعز لدين الله » ، ولا يمكن بعد الآن الحكم على الأئمّة المتمّين بعد أن ظهر الاختلاف وتشعبت الشجرات ».

العدد

العدد المتسلسل

الإمام المتم

الإمام المستقر

١

١٥

نزار بن معد « العزيز بالله »

٢

١٦

الحسين بن نزار « الحاكم بأمر الله »

٣

١٧

علي بن الحسن « الظاهر لإعزاز دين الله »

٤

١٨

معد بن علي « المستنصر بالله »

الإسماعيلية ، الإسماعيلية ، الإسماعيلية

المستعلية المؤمنية القاسمية ـ الآغاخانية

٥

١٩

أحمد المستعلي نزار بن معد نزار بن معد

٦

٢٠

الآمر بأحكام الله حسن بن نزار هادي

٧

٢١

الطيب بن الآمر محمد بن الحسن مهتدي

التعليقات :

من الملاحظ هنا أنّ الإسماعيليين قد افترقوا بعد الإمام الثامن عشر المستنصر بالله ، إلى ثلاث فرق هي : النزاريّة « القاسميّة » الآغاخانية ، والنزاريّة الإسماعيلية المؤمنيّة ، والإسماعيلية المستعلية ، ويلاحظ أنّ الفرقة المستعلية قد توقفت عند الطيّب بن الآمر الإمام الحادي والعشرين ، الذي دخل كهف التقيّة والاستتار ، كما يلاحظ أنّ الفرقة الدرزية قد توقفت عند الإمام السادس عشر الحاكم بأمر الله ، ومن الواضح أنّ النزاريّة نفسها قد انقسمت إلى فرقتين هما : المؤمنيّة ، والقاسميّة ( الآغاخانية ) ، كما سيظهر في الصفحات التالية.

٢٤٧
 &

تتمة الدور السادس

« ويبتدئ من الإمام النزاري المؤمني حسن بن محمد ، وينتهي برضي الدين ابن محمد ، وبقاهر النزاري القاسمي ، وينتهي بشمس الدين محمد وهو الإمام المتم السابع ».

العدد

العدد المتسلسل

أئمة النزارية المؤمنية

أئمّة النزارية القاسمية ـ الآغاخانية

١

٢٢

حسن بن محمد « جلال الدين »

قاهر

٢

٢٣

محمد بن الحسن « علاء الدين »

حسن على ذكره السلام

٣

٢٤

محمود بن محمد « ركن الدين »

أعلى محمد

٤

٢٥

محمد بن محمود « شمس الدين »

جلال الدين حسن

٥

٢٦

مؤمن شاه بن محمد « علاء الدين »

علاء الدين محمد

٦

٢٧

محمد بن مؤمن « خداوند »

ركن الدين خير شاه

٧

٢٨

رضي الدين بن محمد « ضياء الدين »

شمس الدين محمد

التعليقات :

يظهر أنّ الاختلاف لدى النزاريّة قد بدأ منذ عهد نزار بن المستنصر بالله الفاطمي ، ثمّ يظهر أنّ الفرقتين عادتا إلى الالتقاء مع أربعة أئمة هم : حسن بن محمد و « جلال الدين » ومحمد بن الحسن و « علاء الدين » ومحمود بن محمد « ركن الدين » ومحمد بن محمود « شمس الدين » وهؤلاء يشكّلون الأرقام : ٢٢ و ٢٣ و ٢٤ و ٢٥. أمّا لدى النزارية القاسمية الآغاخانية فيشكّلون الأرقام ٢٥ و ٢٦ و ٢٧ و ٢٨. وبعد الإمام محمد شمس الدين انقسمت النزارية انقساماً فعليّاً إلى فرقتين :

فالمؤمنية ساقت الإمامة بمؤمن « الابن الأكبر » ، والقاسمية ساقتها بقاسم « الابن الأصغر » ، وكلّ هذا جاء مفصّلاً في الصفحات التالية :

٢٤٨
 &

تتمة الدور السادس

« ويبتدئ من طاهر بن رضي الدين ، وينتهي بعطية الله ، وهو الخامس والثلاثون في شجرة المؤمنية ، أمّا لدى القاسمية فيبتدئ بقاسم شاه ورقمه ٢٩ ، وينتهي بالإمام أبي الذر علي ، وهو الإمام الخامس والثلاثون من شجرة قاسم ».

العدد

العدد المتسلسل

أئمة النزارية المؤمنية

أئمّة النزارية القاسمية ـ الآغاخانية

١

٢٩

طاهر بن رضي الدين « العزيز »

قاسم شاه

٢

٣٠

رضي الدين الثاني بن طاهر « شمس الدين »

إسلام شاه

٣

٣١

طاهر شاه بن رضي الدين الثاني « حجة الله »

محمد بن إسلام

٤

٣٢

حيدر بن طاهر « خداوند »

المستنصر بالله الثاني

٥

٣٣

صدر الدين بن حيدر « معز الدين »

عبد السلام

٦

٣٤

معين الدين بن صدر الدين « قاهر »

غريب ميرزا

٧

٣٥

عطية الله بن معين الدين « خداي بخش »

أبو الذر علي

التعليقات :

ما تزال الشجرتان النزاريتان قائمتين هنا ، وهما الوحيدتان بين فرق الشيعة الإماميّة اللتان ظلتا سائرتين على النهج الإمامي.

٢٤٩
 &

تتمة الدور السادس :

« ويبتدئ من عزيز بن عطية الله ورقمه ٣٦ ، وينتهي بالإمام محمد بن حيدر « الأمير الباقر » وهو الإمام الخامس لدى الفرقة المؤمنية ، وبعهده انقطعت الفرقة المؤمنيّة عن الاتصال ، أمّا لدى القاسميّة فيبتدئ من الإمام مراد ميرزا ، و ينتهي بحسن علي وهو متمٌّ وسابع.

العدد

العدد المتسلسل

أئمة النزارية المؤمنية

أئمّة النزارية القاسمية ـ الآغاخانية

١

٣٦

عزيز بن عطية الله « الشاه »

مراد ميرزا

٢

٣٧

معين الدين الثاني بن عزيز « خليل الله »

ذوالفقار علي

٣

٣٨

محمد بن معين الدين « الأمير المشرف »

نور الدين علي

٤

٣٩

حيدر بن محمد « المطهّر »

خليل الله علي

٥

٤٠

محمد بن حيدر « الأمير محمد الباقر »

نزار علي

٦

٤١

؟

السيد علي

٧

٤٢

؟

حسن علي

التعليقات :

يظهر أنّ الفرقة المؤمنية النزارية توقفت عن السير الإمامي في عهد الإمام محمد بن حيدر الأمير الباقر ، رقم ٤٠ ، وذلك سنة ١٢١٠ هـ. أمّا شقيقتها القاسميّة. فظلت سائرة على المنهج الإمامي حتى عهدنا الحاضر.

٢٥٠
 &

تتمة الدور السادس :

ويبتدئ من الإمام قاسم علي ، وينتهي بالإمام « كريم علي خان » ، وترتيبه التاسع والأربعون ، وهو متمم للدّور وسابع.

العدد

العدد المتسلسل

ائمة النزارية القاسمية ـ الآغاخانية

١

٤٣

قاسم علي

٢

٤٤

أبو الحسن علي

٣

٤٥

خليل الله علي

٤

٤٦

حسن علي « آغا خان الأوّل »

٥

٤٧

علي شاه « آغا خان الأوّل »

٦

٤٨

سلطان محمد شاه « آغا خان الأوّل »

٧

٤٩

كريم علي خان « آغا خان الأوّل »

التعليقات :

يظهر أنّ الفرقة المؤمنيّة النزارية ، قد اختفت عن المسرح الإمامي ، وأنّ النزارية القاسميّة الآغاخانية ظلّت وحدها سائرة دون انقطاع عن الركب الإمامي حتى يومنا هذا ، وهي الوحيدة بين الفرق الإمامية التي لم تتوقف.

ويلاحظ أنّ الإمام الأخير التاسع والأربعين « كريم خان » ليس هو ابن سلطان محمد شاه ، بل حفيده ، ويظهر أنّ اسم علي خان وهو النجل الأكبر لسلطان محمد شاه ، قد أسقط من الشجرة بموجب وصيّة عامّة من والده. إنّ الأمير علي خان توفي في باريس بحادث سيارة بتاريخ ١٢ أيار سنة ١٩٦٠ ، وكان يمثل باكستان في الأُمم المتحدة.

٢٥١
 &

تتمة الدور السادس :

« هذا الدّور الصغير يبتدئ من الإمام محمد إسماعيل حتى عهد الإمام معد ابن إسماعيل « المعز لدين الله » ويعتبر جزءاً من الدّور الكبير الذي يبتدئ من عهد محمد حتى القائم المنتظر ».

العدد

العدد المتسلسل

الإمام المتم

الإمام المستقر

١

٨

عبد الله بن محمد « الرضي »

٢

٩

أحمد بن عبد الله « الوفي »

٣

١٠

الحسين بن أحمد « التقي »

٤

١١

عبيد الله المهدي

٥

١٢

محمد بن علي « القائم »

٦

١٣

إسماعيل بن محمد « المنصور بالله »

٧

١٤

معد بن إسماعيل المعز لدين الله

معد بن إسماعيل « المعز لدين الله »

التعليقات :

يلاحظ هنا أنّه لم يعد هناك أيُّ وجود للناطق أو للأساس ، وأصبح الإمام هو الذي يحمل مهمات الناطقية ، كما أنّ مهمات الأساسيّة يحملها الحجّة أو الباب. في شجرات الدروز والمستعلية لا يرد اسم « عبيد الله المهدي » بين أسماء الأئمّة المستقرين ويرد مكانه اسم « علي بن الحسين » وهذا لم تحقّقه المصادر ولا الوقائع حتى الآن. ومهما يكن من أمر فنحن ما نزال نعتبر « عبيد الله المهدي » إماماً مستقراً منتظرين المزيد من المعلومات والمصادر والاكتشافات التاريخية. (١)

______________________

١. عارف تامر ، الإمامة في الإسلام : ١٤٥ ـ ١٦١ ، والتعليقات كلها له.

٢٥٢
 &

تأملات في أدوار الإمامة

إنّ ما ذكره الكاتب الإسماعيلي ، لا يخلو من تأمّلات ، وإشكالات ، نشير إليها :

الأوّل : انّ ما ذكره من الأدوار الستة للإمامة وانّ كلَّ رسول ناطق تتلوه أئمّة سبعة ، على النحو السابق ، أمر مبنيٌّ على الظن والتخمين ، لا على القطع واليقين ، فإنّ التحدُّثَ عن الأئمّة الذين قاموا بالأمر ، بعد الرسول الناطق ، آدم ، فنوح ، فإبراهيم ، فموسى ، فعيسى ، فمحمد ـ صلّى الله عليه وآله وعليهم السّلام ـ يبتني على أساطير ، لا يمكن الإذعان بها ، ولا أدري أنّ الكاتب إلى أيِّ كتابٍ ، وسند قطعيّ اعتمد عليه في استخراج هذه القوائم ، مع أنّه ـ حسب اعتراف الكاتب ـ يعترف بأنّ هذه الدرجات بالتفصيل ظلّت مجهولة لدى الباحثين ، ومقصورة على طبقة خاصة من العلماء. (١)

الثاني : أن تفسير الإمام المقيم ، بأنّه هو الذي يقيم الرسول الناطق ، ويعلمه ويربيه ، ويدرجه في مراتب رسالة النطق ، وينعم عليه بالإمدادات ، وأحياناً يطلقون عليه اسم « ربّ الوقت » و « صاحب العصر » وتعتبر هذه الرتبة أعلى مراتب الإمامة وأرفعها ، وأكثرها دقَّة وسرّية (٢) ، وعلى ما ذكره فـ « هُنيد » إمام مقيم لآدم ، وهود لنوح ، وتارح لإبراهيم ، و « أد » لموسى وخزيمة لعيسى ، وأبو طالب لمحمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. ومعنى ذلك أنّ هؤلاء أفضل من النطقاء الستة ، الذين هم أُولو العزم من الرسل.

وهل « هُنيد » أفضل من آدم الذي اختاره الله سبحانه بتعليم الأسماء ؟! أو أنّ هود أفضل من شيخ الأنبياء نوح ، وهو الذي بُدئت به الشرائع ؟! وهل تارح

______________________

١. عارف تامر : الإمامة في الإسلام : ١٤٢.

٢. المصدر السابق : ١٤٣.

٢٥٣
 &

أفضل من إبراهيم ، الذي وصفه الله سبحانه بصفات عظيمة في القرآن الكريم ولم يصف بها غيره ؟! وبالتالي يلزم أن يكون أبو طالب عليه‌السلام أفضل من محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم !!

الثالث : انّ الإمام المتمّ هو الإمام السابع ، المتم لرسالة الدور ، وأنّ قوته تكون معادلة لقوّة الأئمّة الستة الذين سبقوه في الدور نفسه بمجموعهم ، ومن جهة ثالثة يطلق عليه اسم ناطق الدور أيْ أنّ وجوده يشبه وجود الناطق بالنسبة للأدوار.

ومعنى ذلك أن يكون إسماعيل بن جعفر عليه‌السلام أو محمد بن إسماعيل ـ على القول بأنّه متمّ الدّور ـ أفضلُ من خاتم النبيين الذي هو أفضل الخليقة باعتراف الفريقين.

الرابع : أنّ الكاتب أخرج الحسن بن علي عليهما‌السلام عن قائمة الإمامة ، بحجّة أنّه لم يكن إماماً مستقراً ، بل إماماً مستودعاً ، ومعنى ذلك أنّ كلّ الأئمّة الذين جاءوا بعد كلّ رسول ناطق من زمان آدم إلى زمان الخاتم ، كانوا أئمّة مستقرين ، وليس للكاتب دليل على ذلك ، مع أنّ إخراجه ينافي قول الرسول الذي نقلته الإسماعيليّة في كتبهم من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « الحسن والحسين إمامان قاما أو قعدا » ، ومعنى كلامه أنّهما صنوان لا يتفاوتان.

الخامس : أنّ الكاتب بإخراجه الحسن بن علي عليهما‌السلام عن قائمة الإمامة ، جعل محمداً بن إسماعيل هو الإمام السابع الذي به يتم الدّور مع أنّ الإسماعيليّة يعتبرونه رسولاً ناطقاً ، والمتم في الأدوار السابقة من زمان آدم إلى زمان نبي الإسلام ، لم يكن رسولاً ناطقاً.

والكاتب في الوقت نفسه جعله بادئاً للدور حيث قال في ص ١٥٦ : هذا الدّور الصغير يبتدئ من الإمام محمد بن إسماعيل ، حتى عهد الإمام معد بن إسماعيل « المعز لدين الله » ، ولو كان الميزان هو الأدوار السابقة ، لا يكون متمَّ الدّور ، بادئ الدور باسم الرسول الناطق.

٢٥٤
 &

وبالجملة أنّ جعل محمد بن إسماعيل متمّاً للدّور من جانب ، وناطقاً سابعاً ، ناسخاً للشريعة ، التي سبقته من جانب آخر ، أمران متناقضان ، إذا كان الميزان هو الأدوار السابقة.

لكن الظاهر من كلام مصطفى غالب ، في كتابه « تاريخ الدعوة الإسماعيليّة » غير ذلك ، وأنّ متمَّ الدّور في الأدوار السابقة أيضاً ، هو الرسول الناطق ، وأنّ نوحاً كان متمَّ الدّور ، وفي الوقت نفسه رسولاً ناطقاً ، وأنّ محمّداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان متمَّ الدَّور وفي الوقت نفسه رسولاً ناطقاً. وقد استشهد على ما ذكره بكلام الداعي إدريس في كتابه « زهر المعاني » وإليك نصهما :

ويعتبر الإمام محمد بن إسماعيل أوّل الأئمّة المستورين ، والناطق السابع ، ومتمّ الدّور ، فقام بنسخ الشريعة التي سبقته ، وبذلك جمع بين النطق والإمامة ، ورفع التكاليف الظاهرة للشريعة ، ونادىٰ بالتأويل ، واهتمَّ بالباطن.

ولذلك قال فيه الداعي إدريس في كتابه « زهر المعاني » ص ٥٦ : « إنّما خُصَّ محمد بن إسماعيل بذلك لانتظامه في سلك مقامات دور الستر ، لأنّك إذا عددت آدم ووصيّه وأئمّة دوره ، كان خاتمهم الناطق وهو نوح عليه‌السلام ... وإذا عددت عيسى ووصيَّه وأئمّة دوره ، كان محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم متسلّماً لمراتبهم ، وهو الناطق خاتم للنطقاء ، وكان وصيُّه عليه‌السلام بالفضل منفرداً به ، وإذا عددت الأئمّة في دوره كان محمد بن إسماعيل سابعهم ، وللسابع قوّةٌ على من تقدَّمهُ ، فلذلك صار ناطقاً وخاتماً للاسبوع ، وقائماً ، وهو ناسخ شريعة صاحب الدّور السادس ، ببيان معانيها ، وإظهار باطنها المبطن فيها. (١)

فهذان الكاتبان اللّذان قاما في عصرنا هذا بنشر آثار الإسماعيليّة ، وتبيين عقائدها ، قد صوّرا الأدوار السابقة بصورتين متناقضتين.

فعارف تامر يصوّر الأئمّة سبعة سابعهم متمّمهم ، ويتلوه الرسول الناطق

______________________

١. مصطفى غالب : تاريخ الدعوة الإسماعيلية : ١٤٨.

٢٥٥
 &

بادئ الدّور الجديد ؛ ومصطفى غالب يصوّرهم سبعة ، سابعهم متمّمهم ، وفي الوقت نفسه الرسول الناطق.

وهناك وجه آخر ، وهو أن يختلف حكم الأدوار الستة ، مع الدَّور السابع ، فيكون الإمام المتمُّ في الدّور الأخير متمّاً ورسولاً ناطقاً على خلاف الأدوار الستة ، ووجه ذلك أنّ هذا الدّور ليس دوراً مستقلاً ، بل تتمّة للدور السادس ، ولذلك يقول عارف تامر في التعريف بهذا الدور بالشكل التالي :

تتمة الدور السادس

وهذا الدور الصغير يبتدئ من الإمام محمد بن إسماعيل حتى عهد الإمام « معد بن إسماعيل » المعز لدين الله ، ويعتبر جزءاً من الدّور الكبير الذي يبتدئ من عهد « محمد » حتى القائم المنتظر. (١)

وما ذكرنا من الوجه هو الظاهر من الحامدي في كتابه « كنز الولد » وسيوافيك نصّه في الفصل الخاص بترجمة أعلام الإسماعيليّة.

السادس : أنّ المعروف بين الإسماعليّة في العصور الأُولىٰ ، أنّ محمد بن إسماعيل هو الرسول الناطق ، وهو ناسخ للشريعة ، وقد نسبه النوبختي إلى طائفة من الإسماعيليّة باسم القرامطة وقال : وزعموا أنّ محمد بن إسماعيل حيٌّ لم يمت وأنّه في بلاد الروم ، وأنّه القائم المهدي ؛ ومعنى القائم عندهم أنّه يبعث بالرسالة وبشريعة جديدة ، ينسخ بها شريعة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأنّ محمد بن إسماعيل من أُولو العزم ، وأُولو العزم عندهم سبعة : نوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد ، وعلي ، ومحمد بن إسماعيل. (٢)

ولما كان القول بذلك يصادم إتفاق جمهور المسلمين على أنّ شريعة الإسلام هي الشريعة الخاتمة ، ونبيّها هو النبي الخاتم ، وكتابه خاتم الكتب ، تجد أنّ

______________________

١. الإمامة في الإسلام : ١٥٦.

٢. النوبختي : الفرق بين الفرق : ٧٣.

٢٥٦
 &

مصطفى غالب ، ينقل عن الداعي إدريس « عماد الدين » في كتابه « زهر المعاني » أنّ المراد أنّه يبيّن معاني الشريعة ، ويظهر باطنها المبطن فيها. (١)

ولكنّه تصرّف في العقيدة ، فإنّ الظاهر من عطف محمد بن إسماعيل على سائر النطقاء ، كنوح ، وإبراهيم ، وموسى ، وعيسى ، ومحمد ، أنّه ناسخ بالحقيقة ، وإلّا يلزم الاختلاف في معنى النسخ.

السابع : قد عرفت أنّ لازم القاعدة التي استنبطها الكاتب من بطون التاريخ ، في أدوار الإمامة أن تكون شريعة كلِّ رسول منتهية بظهور الإمام السابع ، ويكون الإمام اللاحق بادئاً للدّور الجديد ، مع أنّه يُرى انتقاض القاعدة في ظهور محمد بن إسماعيل ، حيث جعل الكاتب عارف تامر دوره متماً للدّور السادس لا بادئاً للدّور الجديد ، وأضاف بأنّه ينتهي بظهور الإمام القائم المنتظر ، ولا يمكن تحديدُ مدّته.

يلاحظ عليه : أنّ إدراج القائم المنتظر ، الذي هو من صميم عقائد الإماميّة الاثني عشريّة في عقائد الإسماعيليّة غريب جداً من وجهين :

١. إخراج محمد بن إسماعيل عن مقامه العظيم في العقيدة الإسماعيليّة ، وجعل الأدوار التالية حتى دور محمد بن إسماعيل من توابع دور محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٢. إنتظار الإسماعيليّة للقائم المنتظر ، فإنّ القائم المنتظر في عقيدة الشيعة الإماميّة أقلّ بكثير من صاحب الدور عند الإسماعيليّة.

وأظن أن جعل الدور الذي بدأ به محمد بن إسماعيل جزءاً من الدّور السادس ، لا دوراً مستقلاً لأجل استقطاب نظر جمهور المسلمين إلى أنفسهم حتى ينسلكوا في عداد المسلمين. (٢)

كلّ ذلك يُعرب عن عدم وجود نظام عقائدي منسق عندهم.

______________________

١. مصطفى غالب : تاريخ الدعوة الإسماعيلية : ١٤٨ ، نقلاً عن زهر المعاني : ٥٦.

٢. الإشكال السابع من إفادات العلّامة الروحاني ـ دام ظلّه ـ.

٢٥٧
 &

بحوث في الملل والنحل الجزء الثامن لشيخ جعفر السبحاني

٢٥٨
 &

بحوث في الملل والنحل الجزء الثامن لشيخ جعفر السبحاني

٢٥٩
 &

بحوث في الملل والنحل الجزء الثامن لشيخ جعفر السبحاني

٢٦٠