أسبابٌ في نيل السعادة الأبديّة ، وهو فيها على أمر يكون به على النهاية في جميعها ، من جودة الفهم والتصوّر لما يشار إليه ويومأ ، ومن جَودة الحفظ لما يراه الخاطر والعين على تباينه ، ويدركه السمع من الصوت على اختلافه ، ومن جودة الفِطنة والذكاء والتوقّد فيهما ، ومن جودة الذكر ، ومن جودة الأعضاء وسلامتها ، والقدرة على التأنّي بمعاناة أُمور الحرب ومباشرتها والصبر عليها ، ومن جودة الفطرة والطبع ، ومن جودة النحيزة ( الخير ) في السلامة والانقياد لكلّ خير ، فيكون خالياً من الرذائل ، التي هي الشره والطمع والرغبة في المأكول والمشروب والمنكوح زيادة على الحاجة ، واللعب واللهو ، وعاطلاً في الجملة ، من الأُمور التي تعوق على النفس سعادتها.
ويكون عظيم النفس كريماً ، محبّاً للعدل ، مبغضاً للظلم والجور ، مؤثراً لما يعود على النفس منفعته من العبادة ، مقداماً في الأُمور ، جسوراً عليها ، لا يروعه أمر في جنب ما يراه صواباً بجوهره. (١)
الرسول الناطق ، هو الأصل الذي يصدر عنه الدين بما فيه من علم وعمل ، وبمن فيه من أئمة يدعون إلى التحقّق بكمال العلم عن طريق العبادة الظاهرة. (٢)
وفي الحقيقة ، الرسولُ الناطق عندهم ، عبارة عن أُولي العزم من الرُّسل ، غير أنّهم يعدون آدم منهم ، والمشهور عند سائر المسلمين أنّه ليس منهم ، ويضيفون إليهم محمد بن إسماعيل باسم القائم ؛ وإليك أسماءهم : آدم ، نوح ، إبراهيم ، موسى ، عيسى ، محمد ، القائم.
______________________
١. راحة العقل : ٤٢١ ـ ٤٢٢.
٢. مصطفى غالب : في مقدمة كتاب الينابيع : ١٧.