إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ٦

محيي الدين الدرويش

إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ٦

المؤلف:

محيي الدين الدرويش


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٦٨٨

وهذا من عالي الشعر ثم وفقت في كتاب الأغاني لأبي الفرج على هذا البيت في أصوات معبد وهو :

لهفي على فتية ذل الزمان لهم

فما أصابهم إلا بما شاءوا

وما أعلم كيف هذا».

أما توليد المعاني فهو مستحسن على إطلاقه كقول أبي الطيب المتنبي :

همام إذا ما فارق الغمد سيفه

وعاينته لم تدر أيهما النصل

أخذه من قول أبي تمام :

يمدون بالبيض القواطع أيديا

فهن سواء والسيوف القواطع

وقال المتنبي أيضا :

وما هي إلا لحظة بعد لحظة

إذا نزلت في قلبه رحل العقل

أخذه من قول أبي نواس في وصف الخمرة :

إذا ما أتت دون اللهاة من الفتى

دعا همه من صدره برحيل

وجميل أخذ المتنبي من أبي تمام قوله :

ومن الخير بطء سيبك عني

أسرع السحب في المسير الجهام

وبيت أبي تمام :

هو الصنع إن تعجل فخير وإن ترث

فللريث في بعض المواضع أنفع

٣٨١

وبيت المتنبي أجمل وأرشق وفيه زيادة ضرب المثل :وولد أحد الشعراء المولدين بيتا فارسيا فقال :

كأن عذاره في الخد لام

ومبسمه الشهيّ العذب صاد

وطرة شعره ليل بهيم

فلا عجب إذا سرق الرقاد

فقد ولد هذا الشاعر من تشبيه العذار باللام وتشبيه الفم بالصاد لفظة لص وولد من معناها ومعنى تشبيه الطرة بالليل ذكر سرقة النجوم فحصل في البيت توليد وإغراب وادماج.

وقد أطلنا عنان القول ولكن الحسن غير مملول.

الفوائد :

التعليق :

للأفعال التي تنصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر أحكام عديدة منها التعليق وهو إبطال العمل لفظا لا محلا لمجيء ما له صدر الكلام بعده والمعلقات عن العمل هي :

١ ـ لام الابتداء نحو «لَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَراهُ ما لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلاقٍ» فمن مبتدأ وهو موصول اسمي وجملة اشتراه صلة من وعائدها فاعل اشتراه المستتر فيه وما نافية وله وفي متعلقان بالاستقرار خبر خلاق ومن زائدة وجملة ماله في الآخرة من خلاق خبر من والرابط بينهما الضمير المجرور باللام وجملة من وخبره في محل نصب معلق عنها العامل بلام الابتداء لأن لها الصدارة فلا يتخطاها عامل وانما تخطاها

٣٨٢

في باب إن فرفع الخبر لأنها مؤخرة من تقديم لاصلاح اللفظ وأصلها التقديم على إن.

٢ ـ لام القسم كقول لبيد :

ولقد علمت لتأتين منيتي

إن المنايا لا تطيش سهامها

فاللام في لتأتين لام القسم وتسمى جواب القسم ، والقسم وجوابه في محل نصب معلق عنها العامل بلام القسم لا جملة الجواب فقط ، فسقط ما قيل ان جملة جواب القسم لا محل لها وان الجملة المعلق عنها العامل لها محل فيتنافيان ولهذا قال أبو حيان «أكثر أصحابنا لا يذكرون لام القسم في المعلقات وفي العزة ، ولام القسم لا تعلق كقوله :

لقد علمت أسد أننا

لهم يوم نصر لنعم النصير

بفتح أن فهذه لام القسم ولم تعلق وتقول علمت أن زيدا ليقومن بفتح أن» ا ه وفي المغني أن أفعال القلوب لإفادتها التحقيق تجاب بما يجاب به القسم كقوله :ولقد علمت لتأتين منيتي إلخ» ا ه.

فأخرج لام لتأتين عن كونها للقسم.

٣ ـ ما النافية نحو «لقد علمت ما هؤلاء ينطقون» فما نافية وهؤلاء مبتدأ وجملة ينطقون خبره والجملة الاسمية في موضع نصب بعلمت وهي معلق عنها العامل في اللفظ بما النافية.

٤ ـ لا وإن النافيتان الواقعتان في جواب قسم ملفوظ به أو

٣٨٣

مقدر فالملفوظ به نحو علمت والله لا زيد في الدار ولا عمرو وعلمت والله أن زيد في الدار والمقدر نحو علمت لا زيد في الدار ولا عمرو.

٥ ـ الاستفهام كالآية التي نحن بصددها وهي «وإن أدري أقريب إلخ» وقول كثير :

وما كنت أدري قبل عزة ما البكا

ولا موجعات القلب حتى تولت

فعطف موجعات بالنصب على الكسرة على محل قوله : ما البكا الذي علق عن العمل فيه قوله أدري.

٣٨٤

سورة الحجّ

مدنيّة وآياتها ثمان وسبعون

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ

(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ (١) يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ (٢) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ (٣) كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلاَّهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ (٤))

اللغة :

(مَرِيدٍ) : عات متجرّد للفساد قال الزجاج : المريد والمارد المرتفع الأملس وقال في القاموس وشرحه : المارد : العاتي المرتفع يقال بناء مارد أي مرتفع وهو مجاز وجمعه مردة وماردون ومرّاد ، والمريد : الشديد المرادة والخبيث الشرير وجمعه مرد ومؤنثه مرداء يقال : مرد على جرد أي شبان مرد على خيول جرد.

٣٨٥

الاعراب :

(يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمْ إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ) يا أداة نداء وأيها منادى نكرة مقصودة مبني على الضم والهاء للتنبيه والناس بدل من أي على اللفظ واتقوا فعل أمر مبني على حذف النون والواو فاعل وإن زلزلة الساعة إن واسمها وشيء خبرها وعظيم صفة لشيء وجملة إن زلزلة الساعة إلخ تعليلية لا محل لها من الاعراب وذلك لقوله اتقوا ربكم. وزلزلة الساعة من إضافة المصدر الى فاعله أو الى مفعوله فعلى الأول كأنها هي التي تزلزل الأشياء على المجاز الحكمي وعلى الثاني على طريقة الاتساع في الظرف وإجرائه مجرى المفعول به كقوله تعالى «بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ». (يَوْمَ تَرَوْنَها تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذاتِ حَمْلٍ حَمْلَها) الظرف متعلق بتذهل وجملة ترونها مضاف إليها الظرف وأجازوا فيه أوجها أخرى منها أن يكون متعلقا بعظيم أو باذكر مقدرة أو انه بدل اشتمال من زلزلة لأن كلا من الحدث والزمان يصدق عليه انه مشتمل على الآخر والضمير في ترونها عائد على الساعة أي القيامة ولأنها بهذه المثابة التي تقطع نياط القلوب ، ويجوز أن يعود على الزلزلة ولعله أقرب لأنه في الدنيا ، وتذهل فعل مضارع مرفوع وكل مرضعة فاعل والجملة في محل نصب على الحال من ضمير ترونها أي الهاء فإن الرؤية هنا بصرية حتما هذا إذا لم نجعل يوم متعلقا بتذهل فإن تعلق به لم تجز الحال وصارت الجملة مستأنفة أو أنها حال من الزلزلة أو من الضمير المستتر في عظيم أو من الساعة وان كانت مضافا إليها لأنها إما فاعل واما مفعول به ، كما تقدم ، ولا بد عندئذ من تقدير ضمير محذوف أي تذهل فيها والمرضعة هي التي باشرت الإرضاع بأن ألقمت الرضيع ثديها والمرضع هي التي من شأنها أن ترضع سواء باشرت

٣٨٦

الإرضاع أم لم تباشره ففرقوا بينهما بالتاء المربوطة وسيأتي مزيد تفصيل لهذا السر في باب البلاغة وعما أرضعت متعلقان بتذهل وما موصولة أو مصدرية أي عن الذي أرضعته أو عن إرضاعها وتضع كل فعل مضارع وفاعل والجملة معطوفة على جملة تذهل وذات حمل مضاف لكل وحملها مفعول به لتضع والحمل بفتح الحاء المهملة ما كان في بطن أو على شجرة وبالكسرة ما كان على ظهر. (وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى وَلكِنَّ)

(عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ) الواو عاطفة وترى فعل مضارع معطوف على ترونها وإنما جمع في الأول وأفرد في الثاني لأن الرؤية الأولى علقت بالزلزلة أو الساعة وكل الناس يرونها أما الثانية فهي متعلقة بكون الناس سكارى فلا بد من جعل كل أحد رائيا للباقي بقطع النظر عن اتصافه بالسكر وفاعل ترى مستتر تقديره أنت والناس مفعول به وسكارى حال والواو للحال وما نافية حجازية وهم اسمها والباء حرف جر زائد وسكارى مجرور لفظا منصوب محلا على أنه خبر ما والجملة في محل نصب على الحال من الناس ، ويجوز في سكارى ضم السين وفتحها فهما لغتان وبهما قرىء ، ولكن الواو عاطفة على محذوف مخالفة لما بعد لكن وهذا حكم مطرد لها والتقدير كما في البحر لأبي حيان : «فهذه الأحوال وهي الذهول والوضع ورؤية الناس شبه السكارى هينة لينة ولكن عذاب الله شديد أي ليس لينا وسهلا فما بعد لكن مخالف لما قبلها» وسيأتي مزيد بحث لهذه الآية في باب البلاغة. (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ) الواو استئنافية والجملة مستأنفة مسوقة لذكر من غفل عن الجزاء في ذلك وكذب به والمناسبة بينها وبين ما تقدم من ذكر أهوال الساعة وزلزلتها واضحة ومن الناس خبر مقدم ومن نكرة موصوفة حتما وهي مبتدأ مؤخر أي ناس موصوفة بالجدل واللجاج والسفسطة والمكابرة لا تنفع فيهم

٣٨٧

العظات ولا تؤثر فيهم الدلائل وجملة يجادل في الله صفة لمن وأفرد الضمير مراعاة للفظ من ولو جمع مراعاة لمعناها لجاز وفي الله متعلقان بيجادل على حذف مضاف أي قدرته وصفاته ودينه وبغير علم حال من الضمير الفاعل في يجادل أي جاهلا متخبطا في متاهات الضلالة العمياء والجهالة النكراء (وَيَتَّبِعُ كُلَّ شَيْطانٍ مَرِيدٍ) ويتبع عطف على يجادل وكل مفعول به وشيطان مضاف اليه ومريد صفة لشيطان ولا بد من تقدير مضاف أي خطوات كل شيطان. (كُتِبَ عَلَيْهِ أَنَّهُ مَنْ تَوَلَّاهُ فَأَنَّهُ يُضِلُّهُ وَيَهْدِيهِ إِلى عَذابِ السَّعِيرِ) كتب فعل ماض مبني للمجهول وعليه متعلقان به وأن وما في حيزها في محل رفع نائب فاعل ومن اسم شرط جازم مبتدأ ويجوز أن تكون من اسم موصول مبتدأ وفأنه الخبر ودخلت الفاء لما في الموصول من رائحة الشرط وجملة يضله خبر انه وجملة الشرط أو الموصول خبر أنه وأجاز الزمخشري أن تكون فأنه معطوفة على الأولى وتعقبه أبو حيان فقال : وهذا لا يجوز لأنك إذا جعلت فأنه عطفا على انه بقيت انه بلا استيفاء خبر على أن كثيرين أيدوا الزمخشري في إعرابه ونرى أن ما اخترناه هو الأقرب للصواب ، ويهديه عطف على يضله والى عذاب السعير متعلقان بيهديه.

البلاغة :

١ ـ في قوله تعالى «وَتَرَى النَّاسَ سُكارى وَما هُمْ بِسُكارى» تشبيه بليغ فقد شبه الناس في ذلك اليوم العصيب بحالة السكارى الذين فقدوا التمييز وأضاعوا الرشد ، والعلماء يقولون : إن من أدلة المجاز صدق نقيضه كقولك زيد حمار إذا وصفته بالبلادة والغباء ثم يصدق أن تقول وما هو بحمار فتنفي عنه الحقيقة فكذلك الآية بعد

٣٨٨

أن أثبتت السكر المجازي نفى الحقيقة أبلغ نفي مؤكد بالباء والسر في تأكيده التنبيه على أن هذا السكر الذي هو بهم في تلك الحالة ليس من المعهود في شيء وإنما هو أمر لم يعهدوا قبله مثله والاستدراك بقوله «وَلكِنَّ عَذابَ اللهِ شَدِيدٌ» راجع الى قوله وما هم بسكارى وكأنه تعليل لاثبات السكر المجازي كأنه قيل : إذا لم يكونوا سكارى من الخمر وهو السكر المعهود فما هذا السكر الغريب؟ وما سببه؟ فقيل شدة عذاب الله تعالى.

٢ ـ وفي عدوله عن مرضع الى مرضعة سرّ قل من يتفطّن له وهو ان المرضعة هي التي باشرت الإرضاع فعلا فنزعها الثدي من فم طفلها عند حدوث الهول ، ووقوع الارتباك أدل على الدهشة وأكثر تجسيدا لمواطن الذهول الذي استولى عليها وهناك فرق آخر وهو أن وروده على النسب أي مرضع لا يلاحظ فيه حدوث الصفة المشتق منها ولكن مقتضاه انه موصوف بها وعلى غير النسب أي مرضعة يلاحظ فيه حدوث الفعل وخروج الصفة عليه وهذا من أسرار لغتنا التي تندر في اللغات.

وقال في المفصل : «إن مذهب الكوفيين ان حذف التاء من حائض للاستغناء عنها وهذا يوجب إثبات التاء في محل الالتباس كضامر وعاشق وأيم وثيب وعانس» وهذا الاعتراض بيّن ، وأما الاعتراض بإثبات التاء في الصفات المختصة بالإناث من امرأة معيبة وكلبة مجرية على ما في الصحاح فليس بسديد لأن ما ذكروه مجوز لا موجب لأنهم يقولون الإتيان بالتاء في صورة الاستغناء على الأصل كحاملة في المرأة قال في الصحاح : يقال امرأة حامل وحاملة إذا كانت حبلى فمن قال

٣٨٩

حامل قال هذا نعت ومن قال حاملة بناه على حملت فهي حاملة وأنشد لعمرو بن حسان :

تمخضت المنون له بيوم

أتى ولكل حاملة تمام

فإذا حملت شيئا على ظهرها أو على رأسها فهي حاملة لا غير.

(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ (٥) ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٦) وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ (٧))

اللغة :

(النطفة) : ماء الرجل أو المرأة والجمع نطاف ونطف وهو ما يعرف بالمني كفني والمني كإلي والمنية كرمية ويجمع على مني كقفل.

٣٩٠

ومنى وأمنى ومنّى بمعنى واحد. والنطفة أيضا الماء الصافي قل أو كثر وسيأتي المزيد من الكلام عنه.

(عَلَقَةٍ) : العلقة : هي الدم الجامد وهو المراد هنا والذي يعلق باليد وكل ما يعلّق وما تتبلّغ به الماشية من الشجر ودويبة سوداء تمتص الدم والجمع علق.

(مُضْغَةٍ) : لحمة قدر ما يمضغ.

(مُخَلَّقَةٍ) : المخلقة المسواة الملساء من النقصان والعيب يقال خلق السواك والعود إذا سواه وملسه من قولهم صخرة خلقاء كأن الله تعالى يخلق المضغ متفاوتة متباينة منها ما هو كامل الخلقة أملس من العيوب ومنها ما هو على عكس ذلك وعلى حسب ذلك التفاوت تتفاوت المخلوقات في الصور والخلق.

(طِفْلاً) : الطفل بكسر الطاء يطلق على الولد من حين الانفصال الى حين البلوغ وأما الطفل بالفتح فهو الناعم والمرأة طفلة وأما الطفل بفتح الطاء والفاء فهو وقت ما بعد العصر من قولهم طفلت الشمس إذا مالت للغروب وأطفلت المرأة أي صارت ذات طفل وفي المختار : الطفل يستعمل مفردا وجمعا وفي الحديث سئل صلى الله عليه وسلم عن أطفال المشركين. وقال في الأساس واللسان ما خلاصته : هو طفل بين الطفولة ، وفعل ذلك في طفولته وامرأة وظبية مطفل وطفّلت ولدها :رشحته. قال الأخطل يصف سحابا :

إذا زعزعته الريح جرّ ذيولها

كما زحفت عوذ ثقال تطفّل

وامرأة طفلة ، وطفلة الأنامل : ناعمة وبنان طفل ناعمة

٣٩١

قال ذو الرمة :

أسيلة مستنّ الوشاحين قانىء

بأطرافها الحناء في سبط طفل

وقد طفل طفولة وطفالة وآتيه في طفل الغداة وطفل العشي وهو بعيد طلوع الشمس وقبيل غروبها قال :

باكرتها طفل الغداة بغارة

والمبتغون خطار ذاك قليل

وقال لبيد :

فتدليت عليه قافلا

وعلى الأرض غيابات الطّفل

وطفّلت الشمس إذا دنت للغروب وطفّل الليل أقبل وأظلّ وطفّل علينا وتطفّل وهو طفيلي وتقول : ما زال يطفّل على الناس ، حتى نسخ طفيل الأعراس وهو رجل من الكوفة نسب اليه التطفيل.

(أشده) : تقدم بحثه ونقول هنا : الأشد كمال القول والعقل والتمييز وهو من ألفاظ الجمع التي لم يستعمل لها واحد وهو ما بين الثلاثين الى الأربعين.

(هامِدَةً) : الهمود السكون والخشوع وهمدت الأرض يبست ودرست وهمد الثوب بلي.

(اهْتَزَّتْ) : تحركت وتجوز به هنا عن إنبات الأرض نباتها بالماء.

(رَبَتْ) : زادت وارتفعت من ربا يربو.

٣٩٢

الاعراب :

(يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِنَ الْبَعْثِ فَإِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ تُرابٍ) يا أيها الناس تقدم إعرابها وإن شرطية وكنتم فعل ماض ناقص فعل الشرط والتاء اسمها وفي ريب خبرها ومن البعث متعلقان بمحذوف صفة لريب فإنا الفاء رابطة وان واسمها وجملة خلقناكم خبرها ومن تراب متعلقان بخلقناكم وانما ساغ وقوع قوله فانا خلقناكم جوابا على تأويل فمزيل ريبكم أن تنظروا في بدء خلقكم. (ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ مِنْ عَلَقَةٍ ثُمَّ مِنْ مُضْغَةٍ مُخَلَّقَةٍ وَغَيْرِ مُخَلَّقَةٍ) عطف بثم للدلالة على وجود تراخ في تطور الخلق وتدرجه من حال الى حال وقوله مخلقة صفة لمضغة وغير مخلقة عطف على مخلقة والمراد تفصيل حال المضغة وكونها أولا قطعة لم يظهر فيها من الأعضاء شيء ثم ظهرت بعد ذلك شيئا فشيئا.

(لِنُبَيِّنَ لَكُمْ وَنُقِرُّ فِي الْأَرْحامِ ما نَشاءُ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى) لنبين اللام للتعليل ونبين مضارع منصوب بأن مضمرة بعد لام التعليل واللام مع مدخولها متعلقة بخلقناكم أو اللام للصيرورة والعاقبة أي أن أفعاله هذه يتبين بها من قدرته وعلمه مالا يمكن اكتناهه أو الإحاطة به ولذلك حذف مفعول نبين ، وذلك للاستدلال بهذه القدرة على ان من قدر على بدء الخلق قادر على إعادته فلا مجال للانكار ولا مساغ للتشكك ، ونقر الواو استئنافية ونقر فعل مضارع مرفوع وفاعله مستتر تقديره نحن وفي الأرحام متعلقان بنقر وما مفعول به وجملة نشاء صلة والى أجل مسمى متعلقان بمحذوف حال وانما استأنف لأنه ليس المعنى خلقناكم لنقر ، ومسمى صفة لأجل حرف أي ممتد الوقت خروجه. (ثُمَّ نُخْرِجُكُمْ طِفْلاً ثُمَّ لِتَبْلُغُوا أَشُدَّكُمْ) ثم حرف عطف وتراخ أيضا ونخرجكم عطف على نقر وفاعل نخرجكم ضمير مستتر تقديره نحن والكاف مفعول به

٣٩٣

وطفلا حال من مفعول نخرجكم ثم لتبلغوا لا بد من تقدير فعل وهو نعمركم ، ولتبلغوا اللام للتعليل أو الصيرورة وتبلغوا منصوب بأن مضمرة بعد اللام والواو فاعل وأشدكم مفعول به. (وَمِنْكُمْ مَنْ يُتَوَفَّى وَمِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ) الواو عاطفة ومنكم خبر مقدم ومن مبتدأ مؤخر وجملة يتوفى صلة ومنكم خبر مقدم ومن مبتدأ مؤخر وجملة يرد صلة والى أرذل العمر متعلقان بيرد ، ونسب الى علي بن أبي طالب قوله أرذل العمر خمس وسبعون سنة وقيل ثمانون ، وقال قتادة تسعون والصواب انه الهرم والخرف ووصول الإنسان الى مرحلة الاعياء والوهن أو يرتد إلى مرحلة الطفولة ضعيف البنية والعقل ، بليد الفهم. (لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً) لكيلا متعلقان بيرد ويعلم منصوب بأن مضمرة بعد اللام وكي مصدرية ومن بعد علم متعلقان بمحذوف حال لأن علم بمعنى عرف وشيئا مفعول به ليعلم. (وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ) وهذه الجملة مستأنفة مسوقة لتقرير الدليل الثاني لأن الدليل الأول منه ما هو مرئي مشاهد ومنه ما ليس كذلك فعبر عنه بالخلق أما هذا الدليل فهو داخل في حيز النظر ومندرج في سلك المرئيات فلذلك عبر عنه بقوله وترى ، والأرض مفعول به وهامدة حال من الأرض فإذا الفاء عاطفة وإذا ظرف مستقبل متضمن معنى الشرط وجملة أنزلنا مضافة الى الظرف وعليها متعلقان بأنزلنا والماء مفعول به وجملة اهتزت لا محل لها لأنها جواب شرط غير جازم وربت عطف على اهتزت وكذلك قوله وأنبتت ومن كل زوج صفة لمفعول به محذوف أي أشياء وأصنافا كائنة من كل صنف وبهيج صفة لزوج. (ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّهُ يُحْيِ الْمَوْتى وَأَنَّهُ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) ذلك مبتدأ وبأن الله خبر وقيل ذلك خبر لمبتدأ محذوف أي الأمر ذلك وعندئذ تكون الباء

٣٩٤

مع مدخولها في محل نصب على الحال وان واسمها وهو ضمير فصل أو مبتدأ والحق خبر ان أو خبر هو والمبتدأ الثاني وخبره خبر ان وانه عطف على بأن وان واسمها وجملة يحيي الموتى خبرها وانه على كل شيء قدير عطف أيضا ولا بأس هنا بأن نورد ملاحظة لأبي حيان خلاصتها أن الباء ليست للسببية وانما هي متعلقة بمحذوف تقديره شاهد بأن وهو ينطبق على ما ذكرنا من الوجهين المتقدمين. (وَأَنَّ السَّاعَةَ آتِيَةٌ لا رَيْبَ فِيها) وان الساعة خبر لمبتدأ محذوف أي والأمر أن الساعة ، وان واسمها وآتية خبرها ولا نافية للجنس وريب اسمها وفيها خبرها والجملة حالية أو خبر ثان لأن. (وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ) عطف على ما تقدم وان واسمها وجملة يبعث خبرها ومن مفعول به وفي القبور متعلقان بمحذوف صلة من.

البلاغة :

في قوله تعالى «وَتَرَى الْأَرْضَ هامِدَةً فَإِذا أَنْزَلْنا عَلَيْهَا الْماءَ اهْتَزَّتْ وَرَبَتْ وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ» فنون لا يكاد يتسع لها صدر هذا الكتاب وسنحاول تلخيصها جهد المستطاع فأول ما فيها :

١ ـ ائتلاف الطباق والتكافؤ :

لمجيء أحد الضدين أو أحد المتقابلين حقيقة والآخر مجازا فهمود الأرض واهتزازها ضدان لأن الهمود سكون فالاهتزاز هنا حركة خاصة وهما مجازان والربو والإنبات ضدان وهما حقيقتان وإنما قلنا ذلك لأن الأرض تربو حالة نزول الماء عليها وهي لا تنبت في تلك الحالة ، فإذا انقطعت مادة السماء ، وجفف الهواء رطوبة الماء خمد الربو وعادت الأرض الى حالها من الاستواء وتشققت وأنبتت فصدر الآية تكافؤ وما قابله في عجزها طباق.

٣٩٥

٢ ـ الارداف :

وفيها مع هذين الفنين فن الارداف وهو كما ذكر قدامة في نقد الشعر أن يريد المتكلم معنى فلا يعبر عنه بلفظه الموضوع له ولا بلفظ الاشارة الدال على المعاني الكثيرة بل بلفظ هو ردف المعنى الخاص وتابعه قريب من لفظ المعنى الخاص قرب الرديف من الردف وقد تقدمت الاشارة اليه في هود ، وهنا في هذه الآية عدل عن لفظي الحركة والسكون الحقيقيين الى أردافهما من لفظي الهمود والاهتزاز لما في لفظي الارداف من الملاءمة للمعنى المراد لأن الهمود يراد به الموت ، والأرض في حال عطلها من السقي والنبات موات فكان العدول الى لفظ الهمود المعبر به عن الموت أولى من لفظ السكون والاهتزاز المجازي مشعر بالعطالة كاهتزاز الممدوح للمدح فلأجل ذلك عدل عن لفظ الحركة العام الى لفظ الحركة الخاص لما يشعر أن الأرض ستعطي عند سقيها ما يرضي من نباتها بتنزل السقي لها منزلة ما يسرها فاهتزت لتشعر بالعطاء فقد ظهرت فائدة العدول الى لفظ الارداف لما يعطيه من هذه المعاني التي لا يعطيها لفظ الحقيقة.

٣ ـ التهذيب :

وقد جاء نظم هذه الآية مع ما تضمن من التكافؤ والطباق والارداف والائتلاف منعوتا بالتهذيب لما فيه من حسن الترتيب حيث تقدم فيه لفظ الاهتزاز على لفظ الربو ولفظ الربو على الإنبات لأن الماء إذ نزل على الأرض فرق أجزاءها ودخل في خلالها ، وتفريق أجزاء الجواهر الجمادية هو حركتها حالة تفرق الاتصال لأن انقسام الجوهر يدل على انتقال قسميه أو أحدهما عن حيزه ولا معنى للحركة إلا هذا

٣٩٦

فالاهتزاز يجب أن يذكر عقيب السقي كما جاء الربو بعد الاهتزاز فإن التراب إذا دخله الماء ارتفع بالنسبة الى حاله قبل ذلك وهذا هو الربو بعينه وقد تقدم شرح كون الإنبات انما يكون بعد الربو وجفاف رطوبة الماء وعود التراب الى حاله وتشققه فحصل التهذيب في نظم هذه الآية بحصول حسن الترتيب واقترن بذلك حسن النسق لتقدم كل ما يجب أن يكون معطوفا عليه على كل ما يجب أن يكون معطوفا.

٤ ـ المذهب الكلامي :

وفي قوله تعالى من أول سورة الحج الى قوله «وَأَنَّ اللهَ يَبْعَثُ مَنْ فِي الْقُبُورِ» فن المذهب الكلامي ففي هذه الآيات خمس نتائج تستنتج من عشر مقدمات وسياقها مفصلة على الترتيب :

آ ـ قوله تعالى «ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ» ذلك لأنه قد ثبت عندنا بالخبر المتواتر أنه سبحانه أخبر بزلزلة الساعة معظما لها وذلك مقطوع بصحته لأنه خبر أخبر به من ثبت صدقه عمن ثبتت قدرته منقول إلينا بالتواتر فهو حق ولا يخبر بالحق عما سيكون إلا الحق فالله هو الحق.

ب ـ أخبر سبحانه أنه يحيي الموتى لأنه تعالى أخبر عن أهوال الساعة بما أخبر ، وحصول فائدة هذا الخبر موقوفة على إحياء الموتى ليشاهدوا تلك الأهوال التي فعلها سبحانه من أجلهم وقد ثبت أنه قادر على كل شيء ، ومن الأشياء إحياء الموتى فهو يحيي الموتى.

ج ـ وأخبر أنه على كل شيء قدير لأنه أخبر أنه من يتبع الشياطين ومن يجادل فيه بغير علم يذقه عذاب السعير ولا يقدر على ذلك إلا من هو على كل شيء قدير ، فهو على كل شيء قدير.

٣٩٧

د ـ وأخبر أن الساعة آتية لا ريب فيها ، لأنه أخبر بالخبر الصادق أنه خلق الإنسان من تراب الى قوله «لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً» وضرب سبحانه لذلك مثلا بالأرض الهامدة التي ينزل عليها الماء فتهتز وتربو وتنبت من كل زوج بهيج ، ومن خلق الإنسان على ما أخبر به فأوجده بالخلق ثم أعدمه بالموت ثم يعيده بالبعث وأوجد الأرض بعد العدم فأحياها بالخلق ثم أماتها بالمحل ثم أحياها بالخصب ، وصدق خبره في ذلك كله بدلالة الواقع الشاهد على المتوقع الغائب حتى انقلب الخبر عيانا صدق خبره.

ه ـ في الإتيان بالساعة ولا تأتي الساعة إلا ببعث من في القبور ، إذ هي عبارة عن مدة تقوم فيها الأموات للمجازاة فالساعة آتية لا ريب فيها وهو سبحانه يبعث من في القبور.

٥ ـ المجاز :

في قوله تعالى «وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ» فقد أسند الإنبات للأرض وهو مجاز عقلي لأن المنبت في الحقيقة هو الله تعالى وقد تقدم القول غير مرة في المجاز ونزيد هنا أن المجاز خلاف الحقيقة والحقيقة فعيلة بمعنى مفعولة من أحق الأمر يحقه إذا أثبته أو من حققته إذا كنت على يقين وانما سمي خلاف المجاز بذلك لأنه شيء مثبت معلوم بالدلالة والمجاز مفعل من جاز الشيء يجوزه إذا تعداه فإذا عدل باللفظ عما يوجبه أصل اللغة وصف بأنه مجاز على أنهم جازوا به موضعه الأصلي أو جاز هو مكانه الذي وضع فيه أولا.

شرطا المجاز :

المجاز لا يكون إلا بشرطين :

آ ـ أن يكون اللفظ منقولا عن معنى وضع اللفظ بإزائه أولا

٣٩٨

وبهذا يتميز عن اللفظ المشترك وعن الكذب الذي ادعي فيه أنه مجاز.

ب ـ والشرط الثاني أن يكون النقل لمناسبة بين الأصل والفرع وعلاقته ، ولأجل ذلك لا توصف الأعلام المنقولة بأنها مجاز مثال ذلك تسميتك رجلا بالحجر ويقال ان ذلك مجاز وان كنت نقلت اسم الحجر الى الإنسان إلا أنه نقل لغير مناسبة إذ لا مناسبة بين حقيقة الحجر وحقيقة الإنسان ومتى تحقق هذان الشرطان في لفظ كان ذلك اللفظ مجازا.

قسما المجاز :

والمجاز مجازان : مجاز استعارة ، ومجاز حذف. والأول قائم على التشبيه لأنها جعل الشيء للشيء للمبالغة في التشبيه كقولك لقيت أسدا ، وأنت تعني أنك لقيت شجاعا ولكن ليس فيها نقل كما تقدم وسيأتي مزيد بسط لهذا البحث ، فقوله تعالى «وَأَنْبَتَتْ مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ» نقل الإنبات الى الأرض وجعل خضرتها ونضرتها وتعاشيبها وتعاجيب ألوانها لها والحقيقة أن كل ذلك لله.

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ (٨) ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ لَهُ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَنُذِيقُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ عَذابَ الْحَرِيقِ (٩) ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ يَداكَ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلاَّمٍ لِلْعَبِيدِ (١٠) وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَعْبُدُ اللهَ عَلى حَرْفٍ

٣٩٩

فَإِنْ أَصابَهُ خَيْرٌ اطْمَأَنَّ بِهِ وَإِنْ أَصابَتْهُ فِتْنَةٌ انْقَلَبَ عَلى وَجْهِهِ خَسِرَ الدُّنْيا وَالْآخِرَةَ ذلِكَ هُوَ الْخُسْرانُ الْمُبِينُ (١١) يَدْعُوا مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُ وَما لا يَنْفَعُهُ ذلِكَ هُوَ الضَّلالُ الْبَعِيدُ (١٢) يَدْعُوا لَمَنْ ضَرُّهُ أَقْرَبُ مِنْ نَفْعِهِ لَبِئْسَ الْمَوْلى وَلَبِئْسَ الْعَشِيرُ (١٣))

اللغة :

(ثانِيَ عِطْفِهِ) : الثني : اللي وفي القاموس ثنى يثني الشيء عطفه وطواه ورد بعضه على بعض وكفه والعطف : الجانب يعطفه الإنسان ويلويه ويميله عند الاعراض عن الشيء وهو تعبير يراد به التكبر.

(حَرْفٍ) : طرف وسيأتي تفصيل معناه في باب البلاغة.

الاعراب :

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُجادِلُ فِي اللهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلا هُدىً وَلا كِتابٍ مُنِيرٍ) ومن الناس من يجادل في الله بغير علم : تقدم القول فيها مفصلا فجدد به عهدا ، ولا هدى عطف على علم ولا كتاب منير عطف أيضا وسيأتي القول في تكرير هذه الآية في باب البلاغة. (ثانِيَ عِطْفِهِ لِيُضِلَّ عَنْ سَبِيلِ اللهِ) ثاني حال من فاعل يجادل وانما نصبه على الحال والحال من شرطها أن تكون نكرة لأن إضافته بنية الانفصال والتنوين مراد كالمنطوق به وعطفه مضاف وثني العطف سيأتي بحثه في باب البلاغة ،

٤٠٠