تربية الطفل في الاسلام

السيد شهاب الدين الحسيني

تربية الطفل في الاسلام

المؤلف:

السيد شهاب الدين الحسيني


الموضوع : علم‌النفس والتربية والاجتماع
الناشر: مركز الرسالة
المطبعة: ستاره
الطبعة: ٢
ISBN: 964-8629-55-2
الصفحات: ١١٥

وشجّع الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام علىٰ التفاهم لِتُجْتَنَب الخلافات الحادّة فقال : « خير نسائكم التي إنْ غضبت أو أغضبت قالت لزوجها : يدي في يدك لا أكتحل بغمضٍ حتىٰ ترضىٰ عني » (١).

وعن الإمام محمد الباقر عليه‌السلام : « وجهاد المرأة أن تصبر علىٰ ما ترىٰ من أذىٰ زوجها وغيرته » (٢).

ونهىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الزوجة عن الممارسات التي تؤدي إلىٰ حدوث الخلافات فقال : « من شرّ نسائكم الذليلة في أهلها ، العزيزة مع بعلها ، العقيم الحقود ، التي لا تتورع عن قبيح ، المتبرجة اذا غاب عنها زوجها ، الحصان معه اذا حضر ، التي لا تسمع قوله ، ولا تطيع أمره ، فاذا خلا بها تمنعت تمنع الصعبة عند ركوبها ولا تقبل له عذراً ولا تغفر له ذنباً » (٣).

ونهىٰ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الزوجة عن تكليف الزوج فوق طاقته فقال : « أيما أمرأة أدخلت علىٰ زوجها في أمر النفقة وكلّفته مالا يطيق لا يقبل الله منها صرفاً ولا عدلاً إلاّ ان تتوب وترجع وتطلب منه طاقته » (٤).

ونهىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن المنّ علىٰ الزوج فقال : « لو أن جميع ما في الارض من ذهب وفضة حملته المرأة إلىٰ بيت زوجها ثم ضربت علىٰ رأس زوجها يوماً من الأيام ، تقول : من أنت ؟ انّما المال مالي ، حبط عملها ولو كانت من أعبد الناس ، إلاّ ان تتوب وترجع وتعتذر الىٰ

__________________

(١) مكارم الاخلاق ٢٠٠.

(٢) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢٧٧ / ٤ باب حق الزوج علىٰ المرأة.

(٣) مكارم الاخلاق ٢٠٢.

(٤) مكارم الاخلاق ٢٠٢.

٢١

زوجها » (١).

وحذّر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مواجهة الزوجة لزوجها بالكلام اللاذع المثير لاعصابه فقال : « أيّما امرأة آذت زوجها بلسانها لم يقبل منها صرفاً ولا عدلاً ولا حسنة من عملها حتىٰ ترضيه.. » (٢).

ونهىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الهجران باعتباره مقدمة للانفصام وانقطاع العلاقات فقال : « أيّما امرأة هجرت زوجها وهي ظالمة حشرت يوم القيامة مع فرعون وهامان وقارون في الدّرك الاسفل من النار إلاّ أن تتوب وترجع » (٣). وهذه التوجيهات ان روعيت رعاية تامة فانها كفيلة بالحد من التوترات والتشنجات ، واذا لم يستطع الزوجان مراعاتها فالافضل ان يكون النقاش الحاد والمتشنج بعيداً عن مسامع الاطفال ، وان يكون تبادل النظرة السلبية ، وتبادل الاتهامات والإهانات بعيداً عن مسامعهم ، وأنْ يوضّح للاطفال ان الخلافات شيء طبيعي ، وانهما لا زالا يحبان بعضهم البعض ، ويجب عليهما حسم الخلافات وانهائها في أسرع وقت.

خامساً : التحذير من الطلاق

حذّر الاسلام من الطلاق وانهاء العلاقة الزوجية للآثار السلبية التي يتركها علىٰ الزوجين وعلىٰ الاطفال وعلىٰ المجتمع ، فالطلاق مصدر القلق عند الاطفال ومصدر للاضطراب النفسي والعاطفي والسلوكي ،

__________________

(١) مكارم الاخلاق ٢٠٢.

(٢) مكارم الاخلاق ٢١٤.

(٣) مكارم الاخلاق ٢٠٢.

٢٢

حيثُ ان الطفل بحاجة إلىٰ الحب والحنان من كلا الوالدين علىٰ حدٍّ سواء ، بل ان التفكير المجرد بالطلاق يولد القلق والاضطراب في أعماقه ، فيبقىٰ في دوامة من المخاوف والاضطرابات التي تنعكس سلبياً علىٰ ثباته العاطفي وعلىٰ شخصيته السويّة ، وقد وضع الإسلام منهجاً في العلاقات وإدامتها للحيلولة دون الوصول إلىٰ قرار فصم العلاقات الزوجية ، وتهديم الاسرة ، فحذّر من الطلاق في مواضع مختلفة ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أوصاني جبرئيل عليه‌السلام بالمرأة حتىٰ ظننت انه لا ينبغي طلاقها إلاّ من فاحشة مبيّنة » (١).

وقال الإمام جعفر الصادق عليه‌السلام : « ما من شيء ممّا أحلّه الله عزَّ وجلَّ أبغض اليه من الطلاق وان الله يبغض المطلاق الذوّاق » (٢).

وقال عليه‌السلام : « إنّ الله عزّ وجلّ يحب البيت الذي فيه العرس ، ويبغض البيت الذي فيه الطلاق ، وما من شيء أبغض إلىٰ الله عزّ وجل من الطلاق » (٣).

وحثّ الإسلام علىٰ اتخاذ التدابير الموضوعية للحيلولة دون وقوع الطلاق ، فدعا إلىٰ توثيق روابط المودّة والمحبّة ، ودعا إلىٰ حلّ المشاكل والخلافات التي تؤدي إلىٰ الطلاق ، فأمر بالعشرة بالمعروف ، قال الله تعالىٰ : ( .. وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰ أَن تَكْرَهُوا شَيْئًا وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا ) (٤).

__________________

(١) من لا يحضره الفقيه ٣ : ٢٧٨ / باب حق المرأة علىٰ الزوج.

(٢) الكافي ٦ : ٥٤ / ٢ باب كراهية طلاق الزوجة الموافقة ـ الذواق : السريع النكاح السريع الطلاق.

(٣) الكافي ٦ : ٥٤ / ٣ باب كراهية طلاق الزوجة الموافقة.

(٤) النساء ٤ : ١٩.

٢٣

وحثّ علىٰ الاصلاح واعادة التماسك الاسري ، قال الله تعالىٰ : ( وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزًا أَوْ إِعْرَاضًا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحًا وَالصُّلْحُ خَيْرٌ.. ) (١). فالصلح أولىٰ من عدمه ، وبما ان القلوب تتقلب وان المشاعر تتغير من وقت لآخر ومن ظرفٍ لآخر ، فإنّ الإسلام حثّ علىٰ إجراء مفاوضات الصلح قبل القرار بالانفصال ، قال تعالىٰ : ( وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُوا حَكَمًا مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَمًا مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلَاحًا يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيمًا خَبِيرًا ) (٢).

وإذا لم تنفع كل محاولات الاصلاح وإعادة العلاقات إلىٰ مجاريها ، وإذا لم تتوقف التشنجات والتوترات إلاّ بالطلاق ، فقد يكون الطلاق سعادة لكلا الزوجين ، ولكنّه يؤثر علىٰ نفسية الطفل ، وينعكس علىٰ سلوكه ، ولهذا منح الاسلام فرصة جديدة للعودة إلىٰ الحياة الزوجية فأعطى للرجل حق العودة اثناء العدّة دون عقد جديد ، وبعد العدّة بعقد جديد وجعل للرجل حق العودة بعد الطلاق الاول والثاني ، فاذا لم تنجح محاولات إعادة العلاقة الزوجية ، وتمّ انفصالها ، يجب علىٰ الوالدين مراعاة مشاعر الطفل ومنحه الحنان والحب ، ويجب عليهما توفير كل الظروف التي تساعده علىٰ الايمان بسلامة أخلاق والده أو والدته ، حيثُ حرّم الإسلام البهتان والغيبة وكشف المساوىء ، وبهذا الاسلوب يستطيع الطفل تحمّل صدمة الطلاق ، امّا اذا لم يُتّبع هذا الاسلوب وحاول كلٌّ من الوالدين كشف مساوىء الآخر أمام الطفل ، فانّ الطفل سوف يبغض الحياة ويحتقر نفسه ، وتنعكس علىٰ عواطفه اتجاه والديه فهو يحبهّما

__________________

(١) النساء ٤ : ١٢٨.

(٢) النساء ٤ : ٣٥.

٢٤

ويبغضهما في آن واحد بعد اطلاعه علىٰ مساوئهما ، فيبقىٰ يعيش في دوامة من القلق والاضطراب وتزداد همومه يوماً بعد يوم وتنعكس سلبياً علىٰ علاقاته الاجتماعية ، وعلاقاته الاسرية في المستقبل.

٢٥
٢٦



الفصل الثاني

المرحلة الاولىٰ : مرحلة ما قبل الاقتران ومرحلة الحمل

حرص الإسلام علىٰ العناية بالطفل ، والحفاظ علىٰ صحته البدنية والنفسية قبل ان يُولد بإعداد الاطار الذي يتحرك فيه ، وتهيئة العوامل اللازمة التي تقي الطفل من كثير من عوامل الضعف الجسدي والنفسي ، ابتداءً من انتقاء الزوج أو الزوجة ومروراً بالمحيط الأول للطفل وهو رحم الام ، الذي يلعب دوراً كبيراً ومؤثراً علىٰ مستقبل الطفل وحركته في الحياة ، وتتحدد معالم هذه المرحلة بما يأتي :

أولاً : مرحلة ما قبل الاقتران

أثبت الواقع الاجتماعي والواقع العلمي بدراساته المستفيضة الأثر الحاسم للوراثة والمحيط الاجتماعي في تكوين الطفل ونشوئه ، وانعكاسات الوراثة والمحيط عليه في جميع جوانبه الجسدية والنفسية (١) ، فأغلب الصفات تنتقل من الآباء والامهات والاجداد الىٰ الابناء ، كالذكاء والاضطراب السلوكي وانفصام الشخصية والامراض

__________________

(١) علم النفس التربوي ، للدكتور فاخر عاقل : ٤٥ ـ ٥٧ ( دار العلم للملايين ١٩٨٥ م ط ١١ ).

٢٧

العقلية والانضباط الذاتي ، وصفات التسامح والمرونة ، فيكونون وسطاً مساعداً للانتقال أو يكون في الابناء الاستعداد للاتصاف بها ، إضافة إلىٰ انعكاس العادات والتقاليد علىٰ الابناء ، نتيجة لتكرر الاعمال (١) ومن أكدّ الإسلام علىٰ الزواج الانتقائي ، أي بانتقاء الزوجين من اسرة صالحة وبيئة صالحة.

١ ـ انتقاء الزوجة :

راعىٰ الإسلام في تعليماته لاختيار الزوجة الجانبين ، الوراثي الذي انحدرت منه المرأة ، والجانب الاجتماعي الذي عاشته وانعكاسه علىٰ سلوكها وسيرتها ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اختاروا لنطفكم فان الخال أحد الضجيعين » (٢).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « تخيّروا لنطفكم فان العِرقَ دسّاس » (٣).

فالرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يؤكد علىٰ اختيار الزوجة من الأُسر التي تحمل الصفات النبيلة ، لتأثير الوراثة علىٰ تكوين المرأة وعلىٰ تكوين الطفل الذي تلده ، وكانت سيرته قائمة علىٰ هذا الاساس ، فاختار خديجة عليها‌السلام فأنجبت له أفضل النساء فاطمة عليها‌السلام ، وتبعه في السيرة هذه أهل البيت عليهم‌السلام فاختاروا زوجاتهم من الأُسر الكريمة وإلىٰ جانب الانتقاء علىٰ أُسس الوراثة ، أكّد الاسلام علىٰ انتقاء الزوجة من المحيط الاجتماعي الصالح الذي أكسبها الصلاح وحسن السلوك ، فحذّر من المحيط غير الصالح

__________________

(١) علم النفس العام ، للدكتور انطون حمصي ١ : ٩٤ ـ مطبعة ابن حبّان دمشق ١٤٠٧ ه‍.

(٢) الكافي ، للكليني ٥ : ٣٣٢ / ٢ باب اختيار الزوجة ـ دار التعارف ١٤٠١ ه‍ ط ٣.

(٣) المحجة البيضاء ، للفيض الكاشاني ٣ : ٩٣ ، جامعة المدرسين قم ط ٢.

٢٨

الذي تعيشه ، فحذّر من الزواج من الحسناء المترعرعة في منبت السوء فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إياكم وخضراء الدمن.. المرأة الحسناء في منبت السوء » (١).

وحذّر الإمام الصادق عليه‌السلام من المرأة الزانية قال : « لا تتزوجوا المرأة المستعلنة بالزنا » (٢). والسبب في ذلك أنّها تخلق في ابنائها الاستعداد لهذا العمل الطالح.

وحذّر الإمام الباقر عليه‌السلام من الزواج من المرأة المجنونة خوفاً من انتقال الصفات منها إلىٰ الطفل ، فسئل عن ذلك فقال : « لا ، ولكن ان كانت عنده أمة مجنونة فلا بأس بأن يطأها ولا يطلب ولدها » (٣).

وحذّر الإمام علي عليه‌السلام من تزوّج الحمقاء لانتقال هذهِ الصفة إلىٰ الطفل ، ولعدم قدرتها علىٰ تربية الطفل تربية سويّة فقال : « إياكم وتزويج الحمقاء فانّ صحبتها بلاء وولدها ضياع » (٤).

وأكدّت الروايات علىٰ ان يكون التديّن مقياساً لاختيار الزوجة ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يشجع علىٰ ذلك ، فقد أتاه رجل يستأمره في الزواج فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « عليك بذات الدين تربت يداك » (٥).

وقدّم الإمام الصادق عليه‌السلام اختيار التديّن علىٰ المال والجمال فقال : « اذا

__________________

(١) مكارم الاخلاق ، للطبرسي : ٣٠٤ ـ منشورات الشريف الرضي١٤١٠ ه‍ ط ٢.

(٢) مكارم الاخلاق ، للطبرسي : ٣٠٥ ـ منشورات الشريف الرضي ١٤١٠ ه‍ ط ٢.

(٣) وسائل الشيعة ، للحر العاملي ٢٠ : ٨٥ / ١ باب ٣٤ ـ مؤسسة آل البيت قم ١٤١٢ ه‍ ط ١.

(٤) الكافي ٥ : ٣٥٤ / ١ باب كراهية تزويج الحمقاء.

(٥) الكافي ٥ : ٣٣٢ / باب فضل من تزوج ذات دين.

٢٩

تزوّج الرجل المرأة لجمالها أو مالها وكّل إلىٰ ذلك واذا تزوجها لدينها رزقه الله الجمال والمال » (١).

فالمرأة المنحدرة من سلالة صالحة ومن أسرة صالحة ، وكان التديّن صفة ملازمة لها ، فانّ سير الحركة التربوية يتقدّم أشواطاً إلىٰ الإمام ، وتكون تربيتها للاطفال منسجمة مع القواعد التي وضعها الاسلام في شؤون التربية ، فيكون المنهج التربوي المتبع متفقاً عليه من قبل الزوجين ، لا تناقض فيه ولا تضاد ، وتكون الزوجة حريصة علىٰ إنجاح العملية التربوية وتعتبرها تكليفاً شرعياً قبل كل شيء ، هذا التكليف يجنبها عن أي ممارسة سلبية مؤثرة علىٰ النمو العاطفي والنفسي للاطفال.

٢ ـ انتقاء الزوج :

للأب الدور الاكبر في تنشئة الاطفال وإعدادهم نفسياً وروحياً ، ولذا أكّد الإسلام في أول المراحل علىٰ اختياره طبقاً للموازين الاسلامية التي يراعىٰ فيها الوراثة والمحيط الذي ترعرع فيه وما يتصف به من صفات نبيلة وصالحة ، لانه القدوة الذي يقتدي به الاطفال وتنعكس صفاته وأخلاقه عليهم ، اضافة إلىٰ اكتساب الزوجة ( الأم ) بعض صفاته واخلاقه من خلال المعايشة المستمرة. وقد أكد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علىٰ اختيار الزوج الكفؤ وعرّفه بقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « الكفؤ أن يكون عفيفاً وعنده يسار » (٢). والكفؤ هو الذي ينحدر من سلالة صالحة وذو دين وخُلق سامٍ.

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣٣٣ / ٣ باب فضل من تزوج ذات دين.

(٢) الكافي ٥ : ٣٤٧ / ١ باب الكفؤ.

٣٠

وحذّر الإمام الصادق عليه‌السلام من تزويج الرجل المريض نفسياً فقال : « تزّوجوا في الشكاك ولا تزوّجوهم ، لان المرأة تأخذ من أدب زوجها ويقهرها علىٰ دينه » (١).

وجعل الإسلام التديّن مقياساً في اختيار الزوج ، قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اذا جاءكم من ترضون خلقه ودينه فزوّجوه » (٢).

وحرّم الإسلام كما هو مشهور من تزويج غير المسلم حفاظاً علىٰ سلامة الاطفال وسلامة العائلة من جميع جوانب السلامة ، في العقيدة وفي السلوك وفي الظواهر الروحية والنفسية لتأثر الزوجة والاطفال بمفاهيم الزوج وسلوكه في الحياة.

ونهىٰ الإسلام عن تزويج غير المتديّن والمنحرف في سلوكه عن المنهج الاسلامي في الحياة ، لتحصين العائلة والاطفال من الانحراف السلوكي والنفسي ، فنهىٰ الإمام الصادق عليه‌السلام عن تزويج الرجل المستعلن بالزنا حيثُ قال عليه‌السلام : « لا تتزوجوا المرأة المستعلنة بالزنا ، ولا تزوجوا الرجل المستعلن بالزنا إلاّ أن تعرفوا منهما التوبة » (٣).

وحذّر الإمام الصادق عليه‌السلام من تزويج شارب الخمر فقال : « من زوّج كريمته من شارب خمر فقد قطع رحمها » (٤).

فالمنحرف يؤثر سلبياً علىٰ سلامة الاطفال السلوكية ، لانعكاس سلوكه

__________________

(١) الكافي ٥ : ٣٤٨ / ١ باب مناكحة النصاب والشكاك.

(٢) الكافي ٥ : ٣٤٧ / ٢ ، ٣ باب آخر منه.

(٣) مكارم الاخلاق : ٣٠٥.

(٤) وسائل الشيعة ٢٠ : ٧٩. الكافي ٥ : ٣٤٧ / ١ باب ٢٩.

٣١

عليهم وعدم حرصه علىٰ تربيتهم ، اضافة إلىٰ المشاكل التي يخلقها مع الزوجة التي تساعد علىٰ اشاعة الاضطراب والقلق النفسي في اجواء العائلة ، وجعل الحياة العائلية بعيدة عن الاطمئنان والاستقرار والهدوء الذي يحتاجه الاطفال في نموّهم الجسدي والنفسي والروحي.

وقد كانت سيرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسيرة أهل البيت عليهم‌السلام قائمة علىٰ أساس اختيار الاكفاء لابنائهم وبناتهم ، فرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يزوّج فاطمة لكبار الصحابة ، وكان جوابه لهم انه ينتظر بها نزول القضاء (١) ثم زوّجها بأمر من الله تعالىٰ إلىٰ عليّ بن أبي طالب (٢).

وشجّع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم احدىٰ المسلمات وهي الذلفاء المعروفة بانتسابها إلىٰ أُسرة عريقة ، والمتصفة بالجمال الفائق من الاقتران بأحد المسلمين وهو جويبر الذي لا يملك مالاً ولا جمالاً إلاّ التديّن (٣).

٣ ـ العلاقة قبل الحمل وتكوين الطفل

بعد عملية اختيار الزوج علىٰ أسس وموازين إسلامية نبيلة ، يستمر الإسلام في التدرج مع الطفل خطوة خطوة ، ويضع لكلِّ خطوة واقعة في طريق تكوين الطفل ونشوئه أسساً وقواعد واقعية لينشأ نشأة سليمة ، وما علىٰ الزوجين إلاّ العمل علىٰ ضوئها.

قال سبحانه وتعالىٰ : ( وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا

__________________

(١) مجمع الزوائد ، للهيثمي ٩ : ٢٠٦ ـ دار الكتاب العربي ١٤٠٢ ه‍ ط ٣.

(٢) مجمع الزوائد ٩ : ٢٠٤. المعجم الكبير للطبراني ٢٢ : ٤٠٨. الصواعق المحرقة ، لابن حجر الهيتمي.

(٣) الكافي ٥ : ٣٤٢ / ١ باب ان المؤمن كفؤ المؤمنة.

٣٢

لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً.. ) (١).

فجعل العلاقة بين الزوجين علاقة مودّة وحب ، وتبادل العواطف النبيلة والاحاسيس المرهفة ، ومن أجل إدامة هذه العلاقة دعا الإسلام إلىٰ ربط الزوجين بالقيم والموازين التي حدّدها المنهج الربّاني في الحياة ، ففي أول خطوات العلاقة والاتصال بين الزوج والزوجة وهي ليلة الزفاف ، أمر الإسلام بالتقيد بالقيم الربّانية ، لكي لا تكون العلاقة علاقة بهيمية جسدية فقط ، وأول هذه القيم هي استحباب الصلاة ركعتين لكلِّ منهما ، وحمد الله تعالىٰ والثناء عليه والصلاة علىٰ رسول الله وآله ، ثم الدعاء بإدامة الحب والودّ : ( اللّهم ارزقني إلفها وودّها ورضاها بي وأرضني بها واجمع بيننا بأحسن اجتماع وأيسر ائتلاف فانك تحب الحلال وتكره الحرام ) (٢).

والالتزام بذلك يخلق جواً من الاطمئنان والاستقرار والهدوء في أول خطوات اللقاء ، ولا يبقىٰ لقلق الزوجة واضطرابها مجالاً ، فتكون ليلة الزفاف ليلة أنس وحب وودّ.

ويستمر الدعاء عند الخطوة الثانية وهي مرحلة المباشرة ، فيستحب أن يقول : ( اللّهم ارزقني ولداً واجعله تقياً ذكياً ليس في خلقه زيادة ولا نقصان واجعل عاقبته إلىٰ خير ) ، وأفضل الذكر في أول المباشرة ( بسم الله الرحمن الرحيم ) (٣).

__________________

(١) الروم ٣٠ : ٢١.

(٢) مكارم الاخلاق : ٢٠٨.

(٣) مكارم الاخلاق : ٢٠٩.

٣٣

ثانياً : مرحلة الحمل

١ ـ انعقاد الجنين :

من أجل سلامة الجنين الجسدية والنفسية وضع الإسلام برنامجاً سهلاً يسيراً لا كلفة فيه ولا عسر ولا شدّة.

فقد أوصىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمنع الزوجة في اسبوعها الأول من ( الألبان والخلّ والكزبرة والتفاح الحامض ) ، لتأثير هذه المواد علىٰ تأخر الانجاب واضطرابه وعسر الولادة ، والاصابة ببعض الامراض (١) التي تؤثر سلبياً علىٰ الحمل وعلىٰ الوليد.

كما حذّر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل البيت عليهم‌السلام من المباشرة في أوقات معينة ، وهذا التحذير لا يصل مرتبة الحرمة ، ولكن فيه كراهة ؛ لانعكاساته السلبية علىٰ سلامة الجنين وصحته الجسدية والنفسية ، ومن هذه الاوقات : ما بين طلوع الفجر إلىٰ طلوع الشمس ، ومن مغيب الشمس إلىٰ مغيب الشفق ، وبعد الظهر مباشرة ، وفي أول الشهر ووسطه وآخره ، وفي الاوقات التي ينخسف فيها القمر ، وتنكسف فيها الشمس ، وفي أوقات الريح السوداء والحمراء والصفراء ، والاوقات التي تحدث فيها الزلازل ، وشجع صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم علىٰ غير هذه الاوقات ، فبعض الاوقات لها تأثير علىٰ الجانب العاطفي للطفل وخصوصاً الاوقات المخيفة ، فينشأ الطفل مضطرباً هيّاباً متردداً ، والاوقات الاخرىٰ قد تؤدي إلىٰ إصابة الطفل

__________________

(١) مكارم الاخلاق : ٢٠٩.

٣٤

بالجذم والحمق والجنون (١).

وهنالك بعض التوصيات المتعلقة في المباشرة.

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا تتكلم عند الجماع ، فانه ان قضىٰ بينكما ولد لا يؤمن ان يكون أخرس ، ولا ينظرنَّ أحد في فرج امرأته ، وليغض بصره عند الجماع ، فان النظر إلىٰ الفرج يورث العمىٰ في الولد » (٢).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « يكره أن يغشى الرجل المرأة وقد احتلم حتىٰ يغتسل من احتلامه الذي رأىٰ ، فان فعل ذلك فخرج الولد مجنوناً فلا يلومنَّ إلاّ نفسه » (٣).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا تجامع امرأتك من قيام ، فان ذلك من فعل الحمير ، وان قضىٰ بينكما ولد كان بوّالاً في الفراش.. » (٤).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « لا تجامع امرأتك بشهوة امرأة غيرك ، فاني أخشىٰ إن قضي بينكما ولد أن يكون مخنثاً ، مؤنثاً ، مخبلاً » (٥).

ويفهم من هذه الرواية الشريفة ان لا يتخيل الرجل امرأة أُخرىٰ في اثناء المباشرة.

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « إذا حملت امرأتك فلا تجامعها إلاّ وأنت علىٰ وضوء ،

__________________

(١) الكافي ٥ : ٤٩٨ / ١ باب الاوقات التي يكره فيها الباه. مكارم الاخلاق : ٢٠٨ ـ ٢٠٩.

(٢) مكارم الاخلاق : ٢٠٩.

(٣) مكارم الاخلاق : ٢٠٩.

(٤) مكارم الاخلاق : ٢١٠.

(٥) مكارم الاخلاق : ٢١١.

٣٥

فانه ان قضي بينكما ولد يكون أعمى القلب ، بخيل اليد » (١).

وفي كلِّ الاوقات يشجّع الإسلام علىٰ ذكر الله تعالىٰ قبل المباشرة والتسمية عندها ، اضافة إلىٰ استخدام الاساليب المعمقة لروابط الحب والودّ والرباط المقدس ، كالتقبيل والعناق ورقة الكلمات وعذوبتها (٢).

٢ ـ المحيط الأول للطفل :

رحم الأم هو المحيط الأول الذي ينشأ به الإنسان ، ولهذا المحيط تأثيراته الايجابية والسلبية علىٰ الجنين لانه الاطار الذي يتحرك فيه ، ويعتبر الجنين جزءاً من الأم ، تنعكس عليه جميع الظروف التي تعيشها الام ، وقد أثبتت الدراسات العلمية تأثير الأم علىٰ نمو الجنين الجسدي والنفسي ، فالاضطراب والقلق والخوف والكبت وغير ذلك يترك أثره في اضطراب الوليد عاطفياً (٣).

فالجنين يتأثر بالأم ومواصفاتها النفسية وما يطرأ عليها في مرحلة الحمل من عوامل ايجابية أو سلبية ، وإنّ ( الاضطرابات العصبية للأم توجه ضربات قاسية إلىٰ مواهب الجنين قبل تولده ، إلىٰ درجة أنها تحوله إلىٰ موجود عصبي لا أكثر ، ومن هنا يجب أن نتوصل إلىٰ مدىٰ أهمية التفات الأم في دور الحمل إلىٰ الابتعاد عن الافكار المقلقة ، والهمّ والغمّ ، والاحتفاظ بجو الهدوء والاستقرار ) (٤).

__________________

(١) مكارم الاخلاق : ٢١١.

(٢) مكارم الاخلاق : ٢١٢.

(٣) علم النفس التربوي ، للدكتور فاخر عاقل : ٤٦ ـ ٤٧.

(٤) الطفل بين الوراثة والتربية ، لمحمد تقي فلسفي ١ : ١٠٦ ـ دار التعارف ١٣٨١ ه‍ عن كتاب نحن والابناء ٢٧.

٣٦

وشهور فترة الحمل تؤثر في الثبات العاطفي للطفل (١) إيجاباً أو سلباً.

وقد أكّد الإسلام علىٰ هذهِ الحقيقة قبل أن يكتشفها علماء النفس في يومنا هذا فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « الشقي من شقى في بطن أمّه ، والسعيد من سعد في بطن أمه » (٢).

والمقصود من الشقاء والسعادة في بطن الام ، هو تلك الانعكاسات التي تطرأ علىٰ الجنين تأثراً بالحالة الصحية الجسدية والنفسية للأم ، فتولِّد فيه استعداداً للشقاء أو للسعادة ، فبعض الامراض الجسدية تؤثر علىٰ الجنين فيولد مصاباً ببعضها وتلازمه الاصابة إلىٰ الكبر فتكون مصدر الشقاء له ، أو يكون سالماً من الامراض فتكون السلامة ملازمة له ، وكذلك الحالة النفسية والعاطفية ، فالقلق أو الاطمئنان ، والاضطراب أو الاستقرار ، والخوف وعدمه ، وغير ذلك يؤثر في الجنين ويبقىٰ ملازماً له ما لم يتوفر له المحيط الاجتماعي المثالي لكي ينقذه من آثار الماضي أو يبعده عنه لأجل السلامة في صحته الجسدية والنفسية ، وفيما يلي الاجراءات الوقائية التي اتخذها الاسلام لابعاد الجنين عن الظواهر السلبية المؤثرة في نموه الجسدي والنفسي :

أ ـ الاهتمام بغذاء الأم :

من الحقائق الثابتة ان صحة الجنين الجسدية تتناسب طردياً مع صحة الام ، ومن العوامل المؤثرة في صحة الأُم الغذاء ، ونحن نلاحظ ان المجاعة في بعض البلدان كان لها تأثير واضح في صحة الوليد ، فالضعف

__________________

(١) مشاكل الآباء في تربية الابناء ، للدكتور سپوك : ٢٦٣ ـ ١٩٨٠ م ط ٣.

(٢) بحار الانوار ، للمجلسي ٣ : ٤٤ ـ مؤسسة الوفاء ١٤٠٣ ه‍ ط ٢.

٣٧

الجسدي والامراض الجسدية والتشوهات في الخلقة ترجع معظم أسبابها إلىٰ المجاعة وسوء التغذية ، والعكس صحيح.

لذا أوصىٰ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأهل البيت عليهم‌السلام بالاهتمام بغذاء الحامل ، وخصوصاً الغذاء الذي له تأثير علىٰ الصفات النفسية والروحية للجنين.

السفرجل :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « كلوا السفرجل فانه يجلو البصر وينبت المودّة في القلب ، وأطعموه حبالاكم فانه يحسّن أولادكم » (١).

اللبان :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « اطعموا نساءكم الحوامل اللبان ، فانّه يزيد في عقل الصبي » (٢).

وقال الامام علي بن موسى الرضا عليه‌السلام : « أطعموا حبالاكم اللبان ، فان يكن في بطنهنَّ غلام خرج ذكي القلب عالماً شجاعاً ، وان يكن جارية حسن خَلقها وخُلقها وعظمت عجيزتها وحظيت عند زوجها » (٣).

التمر :

قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « أطعموا المرأة في شهرها الذي تلد فيه التمر ، فان ولدها يكون حليماً نقياً » (٤).

__________________

(١) مكارم الاخلاق : ١٧٢.

(٢) مكارم الاخلاق : ١٩٤.

(٣) مكارم الاخلاق : ١٩٤.

(٤) مكارم الاخلاق : ١٦٩.

٣٨

وقد وضع أهل البيت عليهم‌السلام جدولاً متكاملاً في أنواع الاغذية المفيدة في صحة الجسم ، كما ورد في كتاب الاطعمة والاشربة من الكافي ومكارم الاخلاق ، كالرمّان والتين ، والعنب ، والزبيب ، والبقول ، والسلق ، والفواكه الاخرىٰ ، وكذلك اللحم والهريسة والخضروات.

إضافة إلىٰ منعهم من الغذاء المضرّ علىٰ الصحة الجسدية والنفسية ، كالميتة والدم ولحم الخنزير والخمر ، وكل ماورد في القرآن الكريم والسنة النبوية من الأطعمة والاشربة المحرمة.

ب ـ الاهتمام بالصحة النفسية للحامل :

اختيار المنزل الواسع :

قال الإمام الصادق عليه‌السلام : « من السعادة سعة المنزل » (١).

وقال عليه‌السلام : « للمؤمن راحة في سعة المنزل » (٢).

أثر سعة المنزل علىٰ سعادة الإنسان من الحقائق الثابتة. والإسلام يشجّع علىٰ ذلك ، فاذا كان المجتمع مجتمعاً اسلامياً يتبنىٰ الإسلام منهاجاً له في الحياة ، فسيكون للتكافل الاجتماعي دور في إشباع هذه الحاجة ، وفي غير ذلك ، وفي حالة عدم قدرة الرجل علىٰ شراء أو إيجار المنزل الواسع ، فيمكنه ان يطمئن المرأة الزوجة علىٰ العمل وبذل الجهد من أجل الحصول عليه ويؤملها بذلك ، أو تشجيعها علىٰ الصبر الجميل وما أعدّه الله تعالىٰ لهما من الثواب والحسنات علىٰ ما يعانونه من فقر ،

__________________

(١) مكارم الاخلاق ١٢٥.

(٢) مكارم الاخلاق : ١٣١.

٣٩

فإن ذلك يجعلها مطمئنة ومرتاحة البال وإن كان المنزل ضيقاً.

توفير المستلزمات الضرورية للمرأة :

عن عبدالله بن عطا قال : ( دخلت علىٰ أبي جعفر عليه‌السلام فرأيت في منزله نضداً ووسائد وانماطاً ومرافق ، فقلت ما هذا ؟ قال : « متاع المرأة » (١).

فالمستلزمات التي تحتاجها المرأة في المنزل ضرورية ، كالوسائد والمتّكآت ومفارش الصوف الملونة ، اضافة إلىٰ الملابس الجميلة وبعض الأثاث المنزلية تؤثر في راحتها وسعادتها ، فمن الضروري توفيرها لها حسب القدرة والامكانيات ، وفي حالة عدم القدرة عليها جميعاً أو علىٰ بعضها فيمكن للرجل إقناعها بما أعدّه الله تعالىٰ لها من النعيم في الدار الآخرة ، إضافة إلىٰ زرع الامل في نفسها بتحسين أوضاعها وإشباع حاجاتها.

حسن التعامل مع المرأة :

حسن التعامل مع المرأة وخصوصاً الحامل يجعلها تعيش حياة سعيدة مليئة بالارتياح والاطمئنان والاستقرار النفسي والروحي ، فلا يبقىٰ للقلق والاضطراب النفسي موضعاً في قلبها وروحها.

قال الإمام زين العابدين عليه‌السلام : « وأما حقّ رعيتك بملك النكاح ، فأنْ تعلم انّ الله جعلها سكناً ومستراحاً وأُنساً وواقية ، وكذلك كلّ واحد منكما يجب ان يحمد الله علىٰ صاحبه ، ويعلم ان ذلك نعمة منه عليه ، ووجب أن يحسن صحبة نعمة الله ويكرمها ويرفق بها ، فإنّ لها حق الرحمة

__________________

(١) مكارم الاخلاق : ١٣١.

٤٠