البلاغة الواضحة

علي الحازم ومصطفى أمين

البلاغة الواضحة

المؤلف:

علي الحازم ومصطفى أمين


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الصادق عليه السلام للطباعة والنشر
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٥
الصفحات: ٣٠٦

(٣) أنا السّيف إلا أنّ للسّيف نبوة

ومثلى لا تنبو عليك مضاربه (١)

(٤) «ثُمَّ قَسَتْ قُلُوبُكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ فَهِيَ كَالْحِجارَةِ أَوْ أَشَدُّ قَسْوَةً».

(٥) وإنّ صخرا لتأتمّ الهداة به

كأنّه علم فى رأسه نار (٢)

(٦) أنا غرس يديك.

(٧) أسد علىّ وفى الحروب نعامة

ربداء تجفل من صفير الصّافر! (٣)

(٧)

اشرح قول ابن سنان الخفاجىّ (٤) فى وصف حمامة ، ثم بيّن ما فيه من البيان :

وهاتفة فى البان تملى غرامها

علينا وتتلو من صبابتها صحفا (٥)

ولو صدقت فيما تقول من الأسى

لما لبست طوقا وما خضبت كفّا (٦)

__________________

(١) نبوة السيف : عدم قطعه ، يقول : أنا سيف لا ينبو عند مقاتلتك وإن نبا السيف الحقيقى.

(٢) العلم : الجبل ، وكان العرب يوقدون نارا بأعلى الجبال لهداية السارين.

(٣) ربداء : أى ذات لون مغبر ، تجفل : أى تسرع فى الهرب.

(٤) شاعر ، أديب كان يرى رأى الشيعة ، وقد ولى قلعة من قلاع حلب من قبل الملك محمود بن صالح فشق عصا الطاعة بها ؛ فاحتال عليه الملك حتى سمه فمات سنة ٤٦٦ ه‍.

(٥) هتفت الحمامة : مدت صوتها ، والبان : ضرب من الشجر ، وفى قوله (تتلو من صبابتها صحفا) حسن وإبداع.

(٦) الأسى : الحزن.

٨١

(٢) تقسيم الاستعارة إلى أصليّة وتبعيّة

الأمثلة :

(١) قال المتنبى يصف قلما.

يمجّ ظلاما فى نهار لسانه

ويفهم عمّن قال ما ليس يسمع

(٢) وقال يخاطب سيف الدولة :

أحبك يا شمس الزّمان وبدره

وإن لامنى فيك السّها والفراقد (١)

(٣) وقال المعرّى فى الرّثاء :

فتى عشقته البابليّة حقبة

فلم يشفها منه برشف ولا لثم (٢)

* * *

(٤) قال تعالى :

«وَلَمَّا سَكَتَ عَنْ مُوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْواحَ وَفِي نُسْخَتِها هُدىً وَرَحْمَةٌ لِلَّذِينَ هُمْ لِرَبِّهِمْ يَرْهَبُونَ».

(٥) وقال المتنبى فى وصف الأسد :

ورد إذا ورد البحيرة شاربا

ورد الفرات زئيره والنّيلا (٣)

البحث :

فى الأبيات الثلاثة الأولى استعارات مكنية وتصريحية ، ففى البيت الأول شبّه القلم (وهو مرجع الضمير فى لسانه) بإنسان ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو اللسان ، فالاستعارة مكنية ، وشبّه المداد

__________________

(١) السها : نجم خفى يمتحن الناس به أبصارهم ، والفراقد جمع فرقد : وهو نجم قريب من القطب ، وفى السماء فرقدان ليس غير.

(٢) الحقبة : المدة من الزمان ويراد بها المدة الطويلة ، ورشف الماء : مصه ، واللثم : التقبيل.

(٣) الورد : الذى يضرب لونه إلى الحمرة ، والمراد بالبحيرة بحيرة طبرية ، أى أن زئير الأسد شديد فإذا زأر فى طبرية سمع زئيره من فى العراق ومصر.

٨٢

بالظلام بجامع السواد واستعير اللفظ الدال على المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التصريحية. وشبّه الورق بالنهار بجامع البياض ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التصريحية.

وفى البيت الثانى شبّه سيف الدولة مرّة بالشمس ، ومرّة بالبدر بجامع الرفعة والظهور ، ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به وهو الشمس والبدر للمشبه على سبيل الاستعارة التصريحية فى الكلمتين ، وشبّه من دونه مرّة بالسّها ومرّة بالنجوم بجامع الصّغر والخفاء ، ثم استعير اللفظ الدالّ على المشبه به وهو السّها والفراقد للمشبه على سبيل الاستعارة التصريحية فى الكلمتين.

وفى البيت الثالث شبّهت البابلية وهى الخمر بامرأة ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو «عشقته» على سبيل الاستعارة المكنية.

وإذا رجعت إلى كل إجراء أجريناه للاستعارات السابقة ، رأيت أننا فى التصريحية استعرنا اللفظ الدال على المشبه به للمشبه وأننا لم نعمل عملا آخر ، ورمزنا إليه بشىء من لوازمه ، وأن الاستعارة تمّت أيضا بهذا العمل ، وإذا تأملت ألفاظ الاستعارات السابقة رأيتها جامدة غير مشتقة. ويسمى هذا النوع من الاستعارة بالاستعارة الأصلية.

انظر إذا إلى المثالين الأخيرين تجد بكل منهما استعارة تصريحية ، وفى إجرائها نقول : شبّه انتهاء الغضب بالسكوت بجامع الهدوء فى كلّ ، ثم استعير اللفظ الدالّ على المشبه به وهو السكوت للمشبه وهو انتهاء الغضب ثم اشتق من السكوت بمعنى انتهاء الغضب سكت بمعنى انته.

وشبّه وصول صوت الأسد إلى الفرات بوصول الماء بجامع أن كلّا ينته إلى غاية ثم استعير اللفظ الدالّ على المشبه به وهو الورود للمشبه وهو وصول الصوت ثم اشتقّ من الورود بمعنى وصول الصوت ورد بمعنى وصل.

٨٣

فإذا أنت وازنت بين إجراء هاتين الاستعارتين وإجراء الاستعارات الأولى رأيت أن الإجراء هنا لا ينته عند استعارة المشبه به للمشبه كما انته فى الاستعارات الأولى ، بل يزيد عملا آخر وهو اشتقاق كلمة من المشبه به ، وأن ألفاظ الاستعارة هنا مشتقة لا جامدة ، ويسمى هذا النوع من الاستعارة بالاستعارة التبعية ، لأن جريانها فى المشتق كان تابعا لجريانها فى المصدر.

ارجع بنا ثانيا إلى المثالين الأخيرين لنتعلم منهما شيئا جديدا ، ففى الأول وهو «ولما سكت عن موسى الغضب» يجوز أن يشبّه الغضب بإنسان ثم يحذف المشبه به ويرمز إليه بشىء من لوازمه وهو سكت فتكون فى «الغضب» استعارة مكنية. وفى الثانى وهو «ورد الفرات زئيره» يجوز أن يشبّه الزئير بحيوان ثم يحذف ويرمز إليه بشىء من لوازمه وهو ورد فيكون فى «زئيره» استعارة مكنية ، وهكذا كل استعارة تبعية يصحّ أن يكون فى قرينتها استعارة مكنية غير أنه لا يجوز لك إجراء الاستعارة إلا فى واحدة منهما لا فى كلتيهما معا.

القواعد :

(١٤) تكون الاستعارة أصليّة إذا كان اللفظ الذى جرت فيه اسما جامدا.

(١٥) تكون الاستعارة تبعيّة إذا كان اللفظ الذى جرت فيه مشتقّا أو فعلا (١).

(١٦) كلّ تبعيّة قرينتها مكنيّة ، وإذا أجريت الاستعارة فى واحدة منهما امتنع إجراؤها فى الأخرى.

__________________

(١) تقسيم الاستعارة إلى أصلية وتبعية عام فى الاستعارة سواء أكانت تصريحية أم مكنية ، ومثال الاستعارة المكنية التبعية أعجبنى إراقة الضارب دم الباغى ، فقد شبه الضرب الشديد بالقتل بجامع الإيذاء فى كل ، واستعير القتل للضرب الشديد ، واشتق منه قاتل بمعنى ضارب ضربا شديدا ، ثم حذف ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو الإراقة على طريق الاستعارة المكنية التبعية.

٨٤

نموذج

قال الشاعر :

(١) عضّنا الدّهر بنابه

ليت ما حلّ بنا به

(٢) وقال المتنبى :

حملت إليه من لسانى حديقة

سقاها الحجا سقى الرّياض السّحائب (١)

(٣) وقال آخر يخاطب طائرا :

أنت فى خضراء ضاحكة

من بكاء العارض الهتن (٢)

الإجابة

(١) شبّه الدهر بحيوان مفترس بجامع الإيذاء فى كلّ ، ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو «عض» فالاستعارة مكنية أصلية.

(٢) شبّه الشّعر بحديقة بجامع الجمال فى كلّ ، ثم استعير اللفظ الدالّ على المشبه به للمشبه فالاستعارة تصريحية أصلية ، وشبّه الحجا وهو العقل بالسحاب بجامع التأثير الحسن فى كلّ وحذف المشبه به ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو «سقى» فالاستعارة مكنية أصلية.

(٣) شبّه الإزهار بالضحك بجامع ظهور البياض فى كلّ ، ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به للمشبه ، ثم اشتقّ من الضحك بمعنى الإزهار ضاحكة بمعنى مزهرة ؛ فالاستعارة تصريحية تبعية.

ويجوز أن نضرب صفحا عن هذه الاستعارة ، وأن نجريها فى قرينتها فنقول : شبّهت الأرض الخضراء بالآدمىّ ، ثم حذف المشبه به ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو ضاحكة فتكون الاستعارة مكنية.

__________________

(١) الرياض مفعول به للمصدر وهو سقى ، سقى مضاف والرياض مضاف إليه ، وأصل الكلام سقى السحائب الرياض.

(٢) فى خضراء : أى فى روضة خضراء ، والعارض الهتن : السحاب الكثير الأمطار.

٨٥

وشبّه نزول المطر بالبكاء بجامع سقوط الماء فى كلّ ، ثم استعير اللفظ الدال على المشبه به للمشبه ، فالاستعارة تصريحية أصلية ، ويجوز أن تجرى الاستعارة مكنية فى العارض.

تمرينات

(١)

بيّن الاستعارة الأصلية والتبعية فيما يأتى :

(١) قال السّرىّ الرّفاء يصف شعره :

إذا ما صافح الأسماع يوما

تبسّمت الضّمائر والقلوب

(٢) وقال ابن الرّومىّ :

بلد نجبت به الشّبيبة والصّبا

ولبست ثوب اللهو وهو جديد

(٣) وقال :

حيّتك عنّا شمال طاف طائفها

بجنّة نفحت روحا وريحانا (١)

هبّت سحيرا فناجى الغصن صاحبه

سرّا بها وتداعى الطير إعلانا (٢)

(٤) وقال البحترى فى وصف جيش :

وإذا السّلاح أضاء فيه رأى العدا

برّا تألّق فيه بحر حديد (٣)

(٥) وقال ابن نباتة السّعدىّ (٤) فى وصف مهر أغرّ (٥) :

وأدهم يستمدّ الليل منه

وتطلع بين عينيه الثّريا

(٦) وقال التّهامىّ فى رثاء ابنه :

يا كوكبا ما كان أقصر عمره

وكذاك عمر كواكب الأسحار

__________________

(١) الشمال : الريح التى تهب من ناحية القطب ، ونفحت روحا وريحانا : أولت راحة وطيبا.

(٢) الضمير فى هبت يعود على الشمال. سحيرا : قبيل الصبح ، وناجى : حدث سرا ، وتداعى : دعا بعضه بعضا.

(٣) تألق البرق : لمع.

(٤) هو أبو نصر عبد العزيز ، كان شاعرا مجيدا جمع بين حسن السبك وجودة المعنى ، ومعظم شعره جيد ، وله ديوان كبير ، توفى سنة ٤٠٥ ه‍.

(٥) الغرة : بياض فى جبهة الفرس.

٨٦

(٧) وقال الشريف فى الشّيب :

ضوء تشعشع فى سواد ذوائبى

لا أستضىء به ولا أستصبح (١)

بعت الشباب به على مقة له

بيع العليم بأنّه لا يربح (٢)

(٨) وقال البحترى فى وصف قصر :

ملأت جوانبه الفضاء وعانقت

شرفاته قطع السّحاب الممطر

(٩) وقال فى وصف روضة :

يضاحكها الضحى طورا وطورا

عليها الغيث ينسجم انسجاما (٣)

(١٠) وقال فى الشّيب :

ولمّة كنت مشغوفا بجدّتها

فما عفا الشّيب لى عنها ولا صفحا

(١١) وقال ابن التّعاويذى فى وصف روضة :

وأعطاف الغصون لها نشاط

وأنفاس النسيم بها فتور (٤)

(١٢) وقال مهيار (٥) :

ما لسارى اللهو فى ليل الصّبا

ضلّ فى فجر برأسى وضحا

(٢)

اجعل الاستعارات التبعية الآتية أصليّة :

(١) إن أمطرت عيناى سحّا فعن

بوارق فى مفرقى تلمغ (٦)

(٢) إنّ التّباعد لا يض

رّ إذا تقاربت القلوب

__________________

(١) تشعشع الضوء : انتشر ، واستصبح : استضاء بالمصباح.

(٢) المقة : الحب.

(٣) ينسجم : يسيل.

(٤) الأعطاف : جمع عطف وهو الجانب ، الفتور : الضعف.

(٥) هو أبو الحسن مهيار بن مرزويه الكاتب الفارسى الديلمى ، كان مجوسيا وأسلم على يد الشريف الرضى وتخرج فى الشعر عليه ، ويمتاز فى شعره بجزالة القول ورقة الحاشية وطول النفس ، وتوفى سنة ٤٢٨ ه‍.

(٦) سحّا : صبّا ، والبوارق جمع بارق وهو البرق ، والمفرق : وسط الرأس وهو الموضع الذى يفرق فيه الشعر.

٨٧

(٣) وقال ابن المعتز يصف سحابة :

باكية يضحك فيها برقها

موصولة بالأرض مرخاة الطّنب (١)

(٣)

اجعل الاستعارات الأصلية تبعية فيما يأتى :

(١) شرّ الناس من يرضى بهدم دينه لبناء دنياه.

(٢) شراء النفوس بالإحسان خير من بيعها بالعدوان.

(٣) إن خوض المرء فيما لا يعنيه وفراره من الحق من أسباب عثاره

(٤) خير حلية للشباب كبح النفس عند جموحها.

(٤)

هات ست استعارات منها ثلاث أصلية وثلاث تبعية.

(٥)

اشرح قول السرىّ الرّفاء فى وصف دولاب (٢) وبيّن ما فيه من استعارات :

فمن جنان تريك النّور مبتسما

فى غير إبّانه والماء منسكبا (٣)

كأنّ دولابها إذ أنّ مغترب

نأى فحنّ إلى أوطانه طربا (٤)

باك إذا عقّ زهر الروض والده

من الغمام غدا فيه أبا حدبا (٥)

مشمّر فى مسير ليس يبعده

عن المحلّ ولا يبدى له تعبا (٦)

ما زال يطلب رفد البحر مجتهدا

للبرّ حتّى ارتدى النّوّار والعشبا (٧)

__________________

(١) الطنب : الحبل تشد به الخيمة ، يقول : إن السحابة لثقلها بالماء تقرب أطرافها من الأرض.

(٢) الدولاب : آلة كالناعورة يستقى بها الماء وهى المعروفة «بالساقية».

(٣) إبان الشىء بالكسر والتشديد : وقته ، يقال كل الفاكهة فى إبانها : أى فى وقتها.

(٤) أنين الدولاب : صوته عند دورانه ، وحنين المغترب : شوقه وبكاؤه عند ذكر الوطن ، والطرب : خفة تصيب الإنسان لشدة حزن أو سرور.

(٥) عقه : ضد بره ، والأب الحدب : الأب الذى يتعلق بابنه ويعطف عليه ، ويقول إذا جفا الغمام زهر الروض فلم يمطره قام الدولاب مقامه فكان للزهر بمنزلة الأب الحانى على ولده فتعهده وسقاه.

(٦) يقول : إن الدولاب مجد فى سيره ومن العجب أنه لا يبتعد عن مكانه ولا تبدو عليه علامات التعب.

(٧) الرفد : العطاء ، يقول : إن الدولاب ما برح يستجدى البحر للبر فيأخذ من مائه ويسقيه حتى ارتوى البر ونما زرعه واكتسى أثوابا من الأزهار والنبات.

٨٨

(٣) تقسيم الاستعارة إلى مرشّحة ومجرّدة ومطلقة

الأمثلة :

__________________

(١) الإيوان : مكان مرتفع فى البيت يجلس عليه.

(٢) الجارية : السفينة.

(٣) النبل المتواتر : الكثير المتوالى.

(٤) هو قريظ بن أنيف من شعراء الحماسة وهو شاعر إسلامى.

(٥) الناجذان : النابان ، وإبداء الشر ناجذيه كناية عن شدته وصعوبته. يصفهم بالإقدام على المكاره والإسراع إلى الشدائد وأنهم لا يتواكلون ولا يتخاذلون.

٨٩

البحث :

فى الأمثلة الأولى استعارات تصريحية فى «اشتروا» بمعنى اختاروا ، وفى «قمر» الذى يراد به شخص الممدوح ، وفى «طغى» بمعنى زاد ، وقد استوفت كلّ استعارة قرينتها ، فقرينة الأولى «الضلالة» ، وقرينة الثانية «يؤدون التحية» وقرينة الثالثة «الماء» ، وإذا تأملت الاستعارة الأولى رأيت أنها قد ذكر معها شىء يلائم المشبه به ، وهذا الشىء هو «فما ربحت تجارتهم» ، وإذا نظرت إلى الاستعارة الثانية رأيت بها شيئا من ملائمات المشبه ، وهو «من الإيوان باد» ، وإذا تأملت الاستعارة الثالثة رأيتها خالية مما يلائم المشبه به أو المشبه.

والأمثلة الثلاثة الثانية تشتمل على استعارات مكنية هى «الضمير» فى رأت الذى يعود على المنايا التى شبّهت بالإنسان. و «القلم» الذى شبّه بالإنسان أيضا و «الشر» الذى شبّه بحيوان مفترس ، وقد تمّت لكل استعارة قرينتها ، إذ هى فى الأولى إثبات الرؤية للمنايا ، وفى الثانية إثبات الشرب والغناء للقلم ، وفى الثالثة إثبات إبداء الناجذين للشر.

وإذا تأملت رأيت أن الاستعارة الأولى اشتملت على ما يلائم المشبه به وهو «جعلتك مرمى نبلها» ، وأنّ الاستعارة الثانية اشتملت على ما يلائم المشبه وهو «دواته وقرطاسه» ، وأنّ الاستعارة الثالثة خلت مما يلائم المشبه أو المشبه به ، والاستعارة التى من النوع الأول تسمى مرشحة ، والتى من النوع الثانى تسمى مجردة ، والتى من النوع الثالث تسمى مطلقة.

القواعد :

(١٧) الاستعارة المرشّحة : ما ذكر معها ملائم المشبّه به.

(١٨) الاستعارة المجرّدة : ما ذكر معها ملائم المشبّه.

٩٠

(١٩) الاستعارة المطلقة : ما خلت من ملائمات المشبّه به أو المشبّه (١).

(٢٠) لا يعتبر الترشيح أو التجريد إلا بعد أن تتمّ الاستعارة باستيفائها قرينتها لفظية أو حاليّة ، ولهذا لا تسمّى قرينة التصريحية تجريدا ، ولا قرينة المكنية ترشيحا.

نموذج

(١) خلق فلان أرقّ من أنفاس الصّبا إذا غازلت أزهار الرّبا (٢).

(٢) فإن يهلك فكلّ عمود قوم

من الدّنيا إلى هلك يصير

(٣) إنّى شديد العطش إلى لقائك.

(٤) وليلة مرضت من كلّ ناحية

فما يضىء لها نجم ولا قمر

(٥) سقاك وحيّانا بك الله إنّما

على العيس نور والخدور كمائمه (٣)

الإجابة

(١) فى كلمة الصّبا ـ وهى الريح التى تهبّ من مطلع الشمس ـ استعارة مكنية لأنها شبّهت بإنسان وحذف المشبه به ورمز إليه بشىء من لوازمه وهو أنفاس الذى هو قرينة المكنية ، وفى «غازلت» ترشيح.

(٢) فى عمود استعارة تصريحية أصلية ، شبّه رئيس القوم بالعمود بجامع أنّ كلّا يحمل ، والقرينة «يهلك» ، وفى «إلى هلك يصير» تجريد.

__________________

(١) من نوع الاستعارة المطلقة الاستعارة التى تشمل على ترشيح وتجريد معا ، مثالها فى التصريحية ، نطق الخطيب بالدرر ، براقة ثمينة ، فارتاحت لها الأسماع. ومثالها فى المكنية ، قصف الموت شبابه قبل أن يزهر ويصل إلى الكهولة.

(٢) الربا : الأماكن العالية.

(٣) الخطاب فى سقاك لمحبوبته ، يدعو لها بالسقيا وأن يحيّا بها كما يحيّا الناس بالأزهار. والعيس الإبل. والكمائم جمع كمامة : وهى غلاف الزهرة.

٩١

(٣) شبّه الاشتياق بالعطش بجامع التطلع إلى الغاية. فالاستعارة تصريحية أصلية ، والقرينة «إلى لقائك» وهى استعارة مطلقة.

(٤) فى مرضت استعارة تبعية شبّهت الظلمة بالمرض والجامع خفاء مظاهر النشاط ، ثم اشتق من المرض مرضت ، فالاستعارة تصريحية تبعية ، وفى «ما يضىء لها نجم ولا قمر» تجريد.

(٥) النور : الزّهر ، أو الأبيض منه ، والمراد به هنا النساء ، والجامع الحسن ؛ فالاستعارة تصريحية أصلية ، وفى ذكر الخدور تجريد ، وفى ذكر الكمائم ترشيح فالاستعارة مطلقة.

تمرينات

(١)

بيّن نوع كل استعارة فيما يأتى ، وعيّن الترشيح الذى بها :

(١) قال السرىّ الرفاء :

وقد كتبت أيدى الرّبيع صحائفا

كأنّ سطور السّرو حسنا سطورها (١)

(٢) إذا ما الدّهر جرّ على أناس

كلاكله أناخ بآخرينا (٢)

(٣) وقال المتنبى فى ذمّ كافور :

نامت نواطير مصر ثعالبها

وقد بشمن وما تفنى العناقيد (٣)

(٤) وقال آخر فى وصف موقعة :

والموت يخطر فى الجموع وحوله

أجناده من أنصل وعوالى (٤)

(٥) رأيت حبال الشمس كفة حابل

تحيط بنا من أشمل وجنوب (٥)

نروح بها والموت ظمان ساغب

يلاحظنا فى جيئة وذهوب (٦)

__________________

(١) السرو : شجر عال.

(٢) الكلكل : الصدر ، يقول : إن عادة الدهر تكدير العيش فهو يصيب قوما بأذاه ثم ينتقل إلى إصابة غيرهم.

(٣) الناطور : حارس الزرع ، وبشم : أخذته تخمة وثقل من كثرة الأكل ، يقول : إن سادات مصر غفلوا عن العبيد فعبثوا بالأموال حتى أكلوا فوق الشبع.

(٤) الأنصل جمع نصل : وهو حديدة السيف ، والعوالى : الرماح.

(٥) المراد بحبال الشمس أشعتها ، وكفة الحابل : فخ الصياد ، وأشمل جمع شمال.

(٦) ساغب : أى جائع.

٩٢

(٦) وقال المتنبى :

أتى الزّمان بنوه فى شبيبته

فسرّهم وأتيناه على الهرم (١)

(٧) وقال أبو تمام :

نامت همومى عنّى حين قلت لها

هذا أبو دلف حسبى به وكفى!

(٨) حاذر أن تقتل وقت شبابك ؛ فإنّ لكلّ قتل قصاصا

(٩) وقال بعضهم فى وصف الكتب :

لنا جلساء لا نملّ حديثهم

ألبّاء مأمونون غيبا ومشهدا

(١٠) وقال أبو تمام :

لمّا انتضيتك للخطوب كفيتها

والسّيف لا يكفيك حتى ينتضى (٢)

(١١) تلطّخ فلان بعار لن يغسل عنه أبدا.

(٢)

ما نوع الاستعارات الآتية وأين التجريد الذى بها؟ :

(١) رحم الله امرأ ألجم نفسه بإبعادها عن شهواتها.

(٢) اشتر بالمعروف عرضك من الأذى.

(٣) أضاء رأيه مشكلات الأمور.

(٤) انطلق لسانه عن عقاله فأوجز وأعجز.

(٥) ما اكتحلت عينه بالنوم أرقا وتسهيدا.

(٦) قال المسبى :

وغيّبت النّوى الظّبيات عنّى

فساعدت البراقع والحجالا (٣)

__________________

(١) الهرم : الشيخوخة ، يقول : إن بنى الزمان من الأمم السالفة جاءوا فى حداثة الدهر ونضرته فسرهم ، ونحن أتيناه وقد هرم فلم يبق عنده ما يسرنا.

(٢) انتضى السيف : جرده من غمده.

(٣) النوى : البعد والفراق ، والمقصود بالظبيات هنا الحسان ، والحجال : الخدور ومفردها حجلة.

٩٣

(٧) لا تخض فى حديث ليس من حقّك سماعه.

(٨) لا تتفكّهوا بأعراض الناس ؛ فشرّ الخلق الغيبة.

(٩) بين فكّيه حسام مهنّد ، له كلام مسدّد.

(١٠) اكتست الأرض بالنبات والزهر.

(١١) تبسّم البرق فأضاء ما حوله.

(٣)

بيّن لم كانت الاستعارات الآتية مطلقة واذكر نوعها :

(١) قال أعرابى فى الخمر : لا أشرب ما يشرب عقلى.

(٢) وقال المتنبى يخاطب ممدوحه :

يا بدر يا بحر يا غمامة يالي

ث الشّرى يا حمام يا رجل (١)

(٣) ووصف أعرابى قحطا فقال : التراب يابس والمال عابس (٢)

(٤) وقال تعالى : «أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى وَالْعَذابَ بِالْمَغْفِرَةِ ، فَما أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ».

(٥) رأيت جبالا تمخر العباب.

(٦) طار الخبر فى المدينة.

(٧) غنى الطير أنشودته فوق الأغصان.

(٨) برزت الشمس من خدرها.

(٩) يهجم علينا الدهر بجيش من أيامه ولياليه.

__________________

(١) الشرى : مكان فى بلاد العرب يوصف بكثرة الأسود.

(٢) المال : ما ملكته من كل شىء ، وعند أهل البادية الإبل.

٩٤

(٤)

بيّن الاستعارات الآتية وما بها من ترشيح أو تجريد أو إطلاق :

(١) قال المتنبى :

فى الخدّ إن عزم الخليط رحيلا

مطر تزيد به الخدود محولا (١)

(٢) قال التّهامىّ يعتذر لحسّاده :

لا ذنب لى قد رمت كتم فضائلى

فكأنّما برقعت وجه نهار

(٣) قال أبو تمام فى المديح :

نال الجزيرة إمحال فقلت لهم

شيموا نداه إذا ما البرق لم يشم (٢)

(٤) وقال بدر الدين يوسف الذهبى (٣) :

هلم يا صاح إلى روضة

يجلو بها العانى صدا همّه (٤)

نسيمها يعثر فى ذيله

وزهرها يضحك فى كمّه

(٥) قال ابن المعتز :

ما ترى نعمة السّماء على الأر

ض وشكر الرّياض للأمطار (٥)؟

(٦) قال سعيد بن حميد (٦) :

وعد البدر بالزيارة ليلا

فإذا ما وفى قضيت نذورى

(٧) زارنى جبل ضقت ذرعا بثرثرته (٧).

__________________

(١) الخليط : الرفيق المعاشر ، والمحول : الجدب ، والمراد به هنا الشحوب وزوال النضرة بسبب الحزن.

(٢) الإمحال : الجدب ، وشام البرق : نظر إليه منتظرا مطره ، والمعنى اطلبوا نداه إذا يئستم من صدق البرق.

(٣) من الشعراء المعدودين بالشام فى طليعة عصر المماليك ، وكان سهل الشعر عذبه مولعا بالمحسنات اللفظية ، وتوفى سنة ٦٨٠ ه‍.

(٤) العانى : المتعب الحزين.

(٥) فى البيت استفهام محذوف ، أى أما ترى إلخ ، والمراد بشكر الرياض ازدهارها.

(٦) كاتب مترسل وشاعر رقيق الشعر نحا فيه منحى ابن أبى ربيعة ، وقلده المستعين العباسى ديوان رسائله ، وتوفى سنة ٢٥٠ ه‍ ،

(٧) ضاق به ذرعا : ضعفت طاقته عنه ولم يجد منه مخلصا ، والثرثرة : كثرة الكلام وترديده.

٩٥

(٨) قال أعرابى : ما أشدّ جولة الرأى عند الهوى ، وأشقّ فطام النفس عند الصّبا (١).

(٩) ووصف أعرابى بنى برمك فقال : رأيتهم وقد لبسوا النعمة كأنها من ثيابهم.

(٥)

اجعل الاستعارات الآتية مرّة مرشحة ومرة مجردة :

لا تلبس الرياء ، ولا تجر وراء الطيش ، ولا تعبث بمودة الإخوان ، ولا تصاحب الشرّ ، ولا تنخدع إذا نظرت فى الأمور ـ بسراب (٢) بل اتبّع النور دائما فى هذه الدنيا ، واجتنب الظلام ، وإذا عثرت فقم غير يائس. وإذا حاربك الدهر ، فتجمّل غير عابس.

(٦)

(ا) هات ستّ استعارات تصريحية فيها المرشحة والمجردة والمطلقة.

(ب) هات ستّ استعارات مكنية فيها المرشحة والمجردة والمطلقة.

(٧)

اشرح الأبيات الآتية وبيّن ما فيها من ضروب الحسن البيانى :

قال الشريف فى وصف ليلة :

وليلة خضتها على عجل

وصبحها بالظّلام معتصم (٣)

تطلّع الفجر فى جوانبها

وانفلتت من عقالها الظلم (٤)

كأنما الدّجن فى تزاحمه

خيل ، لها من بروقه لجم (٥)

__________________

(١) الصبا : الميل إلى الجهل والفتوة.

(٢) السراب : ما تراه نصف النهار كأنه ماء.

(٣) معتصم : أى مستمسك بالظلام متحصن به.

(٤) العقال : قيد الدابة.

(٥) الدجن : الغيم يملأ أقطار السماء ، واللجم : جمع لجام.

٩٦

(٤) الاستعارة التمثيليّة

الأمثلة :

(١) عاد السّيف إلى قرابه ، وحلّ اللّيث منيع غابه.

(لمجاهد عاد إلى وطنه بعد سفر)

(٢) قال المتنبى :

ومن يك ذا فم مرّ مريض

يجد مرّا به الماء الزّلالا

(لمن لم يرزق الذّوق لفهم الشعر الرائع)

(٣) قطعت جهيزة قول كلّ خطيب.

(لمن يأتى بالقول الفصل)

البحث :

حينما عاد الرجل العامل إلى وطنه لم يعد سيف حقيقىّ إلى قرابه ، ولم ينزل أسد حقيقىّ إلى عرينه ، وإذا كل تركيب من هذين لم يستعمل فى حقيقته ، فيكون استعماله فى عودة الرجل العامل إلى بلده مجازا ، والقرينة حاليّة ، فما العلاقة بين الحالين يا ترى ، حال رجوع الغريب إلى وطنه ، وحال رجوع السيف إلى قرابه؟ العلاقة المشابهة ، فإن حال الرجل الذى نزح عن الأوطان عاملا مجدّا ماضيا فى الأمور ثم رجوعه إلى وطنه بعد طول الكدّ ، تشبه حال السيف الذى استلّ للحرب والجلاد حتى إذا ظفر بالنصر عاد إلى غمده. ومثل ذلك يقال فى : «وحلّ الليث منيع غابه».

وبيت المتنبى يدل وضعه الحقيقىّ على أن المريض الذى يصاب بمرارة فى فمه إذا شرب الماء العذب وجده مرّا ، ولكنه لم يستعمله فى هذا المعنى بل استعمله فيمن يعيبون شعره لعيب فى ذوقهم الشعرىّ. وضعف فى إدراكهم الأدبىّ ؛ فهذا التركيب مجاز قرينته حاليّة ، وعلاقته المشابهة ،

٩٧

والمشبه هنا حال المولعين بذمه والمشبه به حال المريض الذى يجد الماء الزلال مرّا.

والمثال الثالث مثل عربىّ ، أصله أن قوما اجتمعوا للتشاور والخطابة فى الصلح بين حيين قتل رجل من أحدهما رجلا من الحى الآخر ، وإنهم لكذلك إذا بجارية تدعى جهيزة أقبلت فأنبأتهم أنّ أولياء المقتول ظفروا بالقاتل فقتلوه ، فقال قائل منهم : «قطعت جهيزة قول كلّ خطيب» ، وهو تركيب يتمثل به فى كل موطن يؤتى فيه بالقول الفصل.

فأنت ترى فى كل مثال من الأمثلة السابقة أن تركيبا استعمل فى غير معناه الحقيقىّ ، وأنّ العلاقة بين معناه المجازى ومعناه الحقيقىّ هى المشابهة. وكل تركيب من هذا النوع يسمّى استعارة تمثيلية (١).

القاعدة :

(٢١) الاستعارة التمثيلية تركيب استعمل فى غير ما وضع له لعلاقة المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة معناه الأصلىّ.

نموذج

(١) من أمثال العرب :

قبل الرّماء تملأ الكنائن (٢) (إذا قلته لمن يريد بناء بيت مثلا قبل أن يتوافر لديه المال).

(٢) أنت ترقم على الماء (إذا قلته لمن يلحّ فى شأن لا يمكن الحصول منه على غاية).

__________________

(١) لا بد أن يكون كل من المشبه والمشبه به فى الاستعارة التمثيلية صورة منتزعة من متعدد كما تراه واضحا فى الأمثلة.

(٢) الرماء : رمى السهام ، والكنائن جمع كنانة وهى وعاء السهام.

٩٨

الإجابة

(١) شبّهت حال من يريد بناء بيت قبل إعداد المال له ، بحال من يريد القتال وليس فى كنانته سهام ، بجامع أن كلا منهما يتعجل الأمر قبل أن يعدّ له عدته. ثم استعير التركيب الدال على حال المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التمثيلية ، والقرينة حاليّة

(٢) شبّهت حال من يلحّ فى الحصول على أمر مستحيل ، بحال من يرقم على الماء ، بجامع أن كلّا منهما يعمل عملا غير مثمر ، ثم استعير التركيب الدال على المشبه به للمشبه على سبيل الاستعارة التمثيلية ، والقرينة حاليّة.

تمرينات

(١)

افرض حالا تجعلها مشبها لكلّ من التراكيب الآتية. ثم أجر الاستعارة فى خمسة تراكيب.

(١) إنّك لا تجنى من الشّوك العنب.

(٩) لكل صارم نبوة (٢).

(٢) أنت تنفخ فى رماد.

(١٠) لا يلدغ المؤمن من جحر مرّتين.

(٣) لا تنثر الدّر أمام الخنازير.

(١١) المورد العذب كثير الزّحام.

(٤) يبتغى الصّيد فى عرّيسة الأسد (١)

(١٢) اعقلها وتوكل (٣).

(٥) أخذ القوس باريها.

(١٣) أنت تحصد ما زرعت.

(٦) استسمنت ذا ورم.

(١٤) ألق دلوك فى الدّلاء.

(٧) أنت تضرب فى حديد بارد.

(١٥) يخرّبون بيوتهم بأيديهم.

(٨) هو يبنى قصورا بغير أساس.

(١٦) إنّ الحديد بالحديد يفلح (٤).

__________________

(١) العريسة : مأوى الأسد.

(٢) النبوة : عدم قطع السيف.

(٣) الضمير فى اعقلها يعود على الناقة : أى قيدها ثم توكل على الله ، أما أن تتركها بلا عقال ثم تتوكل على الله ، فى حفظها فلا يجوز.

(٤) يفلح : يقطع.

٩٩

(١٧) لا بدّ للمصدور أن ينفث (١)

(١٩) ومن قصد البحر استقلّ السّواقيا (٣)

(١٨) لكلّ جواد كبوة (٢).

(٢٠) أحشفا وسوء كيلة (٤).

 (٢)

بيّن نوع كل استعارة من الاستعارات الآتية وأجرها :

(١) قال المتنبى :

غاض الوفاء فما تلقاه فى عدة

وأعوز الصّدق فى الأخبار والقسم (٥)

(٢) قال البحترى :

إذا ما الجرح رمّ على فساد

تبيّن فيه إهمال الطّبيب (٦)

(٣) وقال الشاعر :

متى يبلغ البنيان يوما تمامه

إذا كنت تبنيه وغيرك يهدم؟

(٤) وقال تعالى : «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ».

(٥) وقال تعالى : (وَتَرَكْنا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَجَمَعْناهُمْ جَمْعاً)

(٦) وقال البارودى (٧) :

فى لجّة البحر ما يغنى عن الوشل (٨)!

(٧) وقال آخر :

ومن ملك البلاد بغير حرب

يهون عليه تسليم البلاد

__________________

(١) المصدور : المصاب بمرض فى صدره ، والنفث النفخ ، ورمى النفاثة.

(٢) كبوة الجواد : عثرته.

(٣) السواقى : الأنهار الصغيرة.

(٤) الحشف : ردىء التمر ، والكيلة اسم بمعنى الكيل.

(٥) غاض الماء : قل ونقص ، والعدة : الوعد ، وأعوز : عز وقل.

(٦) رم الجرح : أصلح وعولج.

(٧) هو محمود سامى البارودى حامل لواء النهضة الشعرية الحديثة ، شعره يشاكل شعر الفحول فى صدر العصر العباسى ، مات سنة ١٣٢٢ ه‍.

(٨) اللجة : معظم الماء ، والوشل : القليل.

١٠٠