البلاغة الواضحة

علي الحازم ومصطفى أمين

البلاغة الواضحة

المؤلف:

علي الحازم ومصطفى أمين


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الصادق عليه السلام للطباعة والنشر
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٥
الصفحات: ٣٠٦

المعمور ، لا تعدل سارحتكم (١) ، ولا تعدّ فاردتكم (٢) ولا يحظر عليكم النّبات ، تقيمون الصلاة لوقتها وتؤدون الزكاة ، عليكم بذلك عهد الله وميثاقه».

وتكون مطابقة الكلام لمقتضى الحال أيضا فيما يتصرف فيه القائل من إيجاز وإطناب : فللإيجاز مواطنه ، وللإطناب مواقعه ، كل ذلك على حسب حال السامع وعلى مقتضى مواطن القول ؛ فالذكىّ الذى تكفيه اللّمحة يحسن له الإيجاز ، والغبىّ أو المكابر يجمل عند خطابه الإطناب والإسهاب.

وإذا تأملت القرآن الكريم رأيته إذا خاطب العرب والأعراب أوجز كلّ الإيجاز ، وأخرج الكلام مخرج الإشارة والوحى ، وإذا خاطب بنى إسرائيل أو حكى عنهم أسهب وأطنب فمما خاطب به أهل مكة قوله تعالى :

«إِنَّ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ لَنْ يَخْلُقُوا ذُباباً وَلَوِ اجْتَمَعُوا لَهُ وَإِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ ضَعُفَ الطَّالِبُ وَالْمَطْلُوبُ».

وقلما تجد خطابا لبنى إسرائيل إلّا وهو مسهب مطوّل ، لأن يهود المدينة كانوا يرون أنفسهم أهل علم وأهل كتاب فتجاوزوا الحد فى المكابرة والعناد ، وقد يكون القرآن الكريم نزّلهم منزلة قصار العقول فأطنب فى الحديث إليهم ، ويشهد لهذا الرأى ما حكاه عنهم وعن مقدار معرفتهم بما فى أسفارهم.

وللإيجاز مواطن يحسن فيها ، كالشكر والاعتذار والتعزية والعتاب إلى غير ذلك ، وللإطناب مواضع كالتهنئة والصلح بين فريقين والقصص والخطابة فى أمر من الأمور العامة ، وللذوق السليم القول الفصل فى هذه الشئون.

* * *

أما الأمر الثانى الذى يبحث فيه علم المعانى فهو دراسة ما يستفاد

__________________

(١) لا تعدل سارحتكم. السارحة : الماشية ، يريد أن ماشيتهم لا تصرف عن مرعى تريده.

(٢) لا تعد فاردتكم. الفاردة : الزائدة على الفريضة ، يقول : لا تضم فاردتكم إلى غيرها فتعد معها وتحسب.

٢٦١

من الكلام ضمنا بمعونة القرائن ، فإنه يريك أن الكلام يفيد بأصل وضعه معنى ولكنه قد يؤدى إليك معنى جديدا يفهم من السياق وترشد إليه الحال التى قيل فيها ، فيقول لك إن الخبر قد يفيد التحسر ، والأمر قد يفيد التعجيز ، والنهى قد يفيد الدعاء ، والاستفهام قد يفيد النفى ، إلى غير ذلك مما رأيته مفصّلا فى هذا الكتاب.

ويقول لك إن الخبر قد يلقى مؤكدا لخالى الذهن ، وقد يلقى غير مؤكد للمنكر الجاحد ، لغرض بلاغى بديع ، أراده المتكلم من الخروج عما يقتضيه ظاهر الكلام.

ويرشدك علم المعانى إلى أن القصر قد ينحو فيه الأديب مناحى شتى ، كأن يتجه إلى القصر الإضافى رغبة فى المبالغة ، فيقول المتفائل :

وما الدنيا سوى حلم لذيذ

تنبّهه تباشير الصّباح

ويقول المتشائم :

هل الدّهر إلّا ليلة طال سهدها

تنفّس عن يوم أحمّ عصيب

وقد يكون من مرامى القصر التعريض كقوله تعالى : «إِنَّما يَتَذَكَّرُ أُولُوا الْأَلْبابِ» إذ ليس الغرض من الآية الكريمة أن يعلم السامعون ظاهر معناها ، ولكنها تعريض بالمشركين وأنهم لفرط عنادهم وغلبة الهوى عليهم فى حكم من لا عقل له.

ويهديك علم المعانى إلى أن من أغراض الفصل فى بعض أنواعه تقرير المعنى وتثبيته فى ذهن السامع ، كما فى الفصل لكمال الاتصال وشبهه.

ولعل فى هذه الكلمة الموجزة مقنعا فى بيان ما لعلم المعانى من الأثر فى بلاغة الكلام ، وما يمدّ به الناشئ فى الأدب من أساليب ، وما يرسم له من طريق لحسن تأليفها واختيار الأحوال والمواطن التى تقال فيها.

٢٦٢

علم البديع

عرفت فيما سبق أن علم البيان وسيلة إلى تأدية المعنى بأساليب عدة بين تشبيه ومجاز وكناية ، وعرفت أن دراسة علم المعانى تعين على تأدية الكلام مطابقا لمقتضى الحال ، مع وفائه بغرض بلاغىّ يفهم ضمنا من سياقه وما يحيط به من قرائن.

وهناك ناحية أخرى من نواحى البلاغة ، لا تتناول مباحث علم البيان ، ولا تنظر فى مسائل علم المعانى ، ولكنها دراسة لا تتعدى تزيين الألفاظ أو المعانى بألوان بديعة من الجمال اللفظى أو المعنوىّ ، ويسمى العلم الجامع لهذه المباحث بعلم البديع. وهو يشتمل كما أشرنا على محسنات لفظية ، وعلى محسنات معنوية ، وإنا ذاكرون لك من كل قسم طرفا.

المحسّنات اللفظيّة

(١) الجناس

الأمثلة :

(١) قال تعالى : «وَيَوْمَ تَقُومُ السَّاعَةُ يُقْسِمُ الْمُجْرِمُونَ ما لَبِثُوا غَيْرَ ساعَةٍ».

(٢) وقال الشاعر فى رثاء صغير اسمه يحيى :

وسمّيته يحيى ليحيا فلم يكن

إلى ردّ أمر الله فيه سبيل

* * *

(٣) وقال تعالى : «فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلا تَقْهَرْ ، وَأَمَّا السَّائِلَ فَلا تَنْهَرْ».

٢٦٣

(٤) وقال ابن الفارض (١) :

هلّا نهاك نهاك عن لوم امرئ

لم يلف غير منعّم بشقاء (٢)

(٥) وقالت الخنساء من قصيدة ترثى فيها أخاها صخرا :

إنّ البكاء هو الشّفا

ء من الجوى بين الجوانح (٣)

(٦) وقال تعالى حكاية عن هرون يخاطب موسى :

«خَشِيتُ أَنْ تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرائِيلَ».

البحث :

تأمل الأمثلة السابقة تجد فى كل مثال كلمتين تجانس إحداهما الأخرى وتشاكلها فى اللفظ مع اختلاف فى المعنى ؛ وإيراد الكلام على هذا الوجه يسمى جناسا.

ففى المثال الأول من الطائفة الأولى تجد أن لفظ «الساعة» مكرر مرتين ، وأن معناه مرة يوم القيامة ، ومرة إحدى الساعات الزمانية ، وفى المثال الثانى ترى «يحيى» مكررا مع اختلاف المعنى. واختلاف كل كل كلمتين فى المعنى على هذا النحو مع اتفاقهما فى نوع الحروف وشكلها وعددها وترتيبها يسمى جناسا تامّا.

وإذا تأمّلت كلّ كلمتين متجانستين فى الطائفة الثانية رأيت أنهما اختلفتا فى ركن من أركان الوفاق الأربعة المتقدمة ، مثل تقهر وتنهر ، ونهاك ونهاك. والجوى والجوانح ، وبين وبنى ، على ترتيب الأمثلة ، ويسمى ما بين كل كلمتين. هنا من تجانس جناسا غير تام.

__________________

(١) هو أبو حفص عمر بن على بن مرشد ، أشعر المتصوفين ، أصله من حماة ، ومولده فى القاهرة ، وله ديوان شعر ، وتوفى بمصر سنة ٦٣٢ ه‍ وقبره معروف يزار.

(٢) النهى : جمع نهية وهى العقل ، ويلفى : يوجد.

(٣) الجوى : الحرقة وشدة الوجد ، الجوانح : الأضلاع التى تحت الترائب وهى مما يلى الصدر كالضلوع مما يلى الظهر ، والواحدة جانحة.

٢٦٤

والجناس فى مذهب كثير من أهل الأدب غير محبوب ؛ لأنه يؤدى إلى التعقيد ، ويحول بين البليغ وانطلاق عنانه فى مضمار المعانى ، اللهم إلا ما جاء منه عفوا وسمح به الطبع من غير تكلف.

القاعدة :

(٦٨) الجناس أن يتشابه اللفظان فى النّطق ويختلفا فى المعنى. وهو نوعان :

(ا) تامّ : وهو ما اتّفق فيه اللفظان فى أمور أربعة هى : نوع الحروف ، وشكلها ، وعددها ، وترتيبها.

(ب) غير تامّ : وهو ما اختلف فيه اللفظان فى واحد من الأمور المتقدّمة.

تمرينات

(١)

فى كل مثال من الأمثلة الآتية جناس تام ، فبيّن موضعه :

(١) قال أبو تمام :

ما مات من كرم الزمان فإنّه

يحيا لدى يحيى بن عبد الله

(٢) قال أبو العلاء المعرى :

لم نلق غيرك إنسانا يلاذ به

فلا برحت لعين الدهر إنسانا (١)

(٣) وقال البستىّ.

فهمت كتابك يا سيّدى

فهمت ولا عجب أن أهيما

__________________

(١) يلاذ به : يلجأ إليه ، وإنسان العين : المثال الذى يرى فى السواد.

٢٦٥

(٤) وقال يمدح :

بسيف الدّولة اتّسقت أمور

رأيناها مبدّدة النّظام (١)

سما وحمى بنى سام وحام

فليس كمثله سام وحام

(٥) وقال أبو نواس :

عبّاس عبّاس إذا احتدم الوغى

والفضل فضل والرّبيع ربيع (٢)

(٢)

فى كل مثال من الأمثلة الآتية جناس غير تام ، فوضحه وبيّن لم كان غير تام؟

(١) قال تعالى : (وَإِذَا جَاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذَاعُوا بِهِ) (٣).

(٢) وقال تعالى : «وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ».

(٣) وقال ابن جبير الأندلسى (٤) :

فياراكب الوجناء هل أنت عالم

فداؤك نفسى كيف تلك المعالم (٥)

(٤) وقال الحريرى (٦) يصف هيام الجاهل بالدنيا :

ما يستفيق غراما

بها وفرط صبابه (٧)

__________________

(١) اتسقت : انتظمت.

(٢) عباس فى أول البيت هو عباس بن الفضل الأنصارى ، قاض من رجال الحديث ، ولى قضاء الموصل فى عهد الرشيد وتوفى بها سنة ١٨٦ ه‍ ، وكلمة عباس الثانية صيغة مبالغة من عبس وجهه إذا كلح وتجهم. والفضل الأول هو الفضل بن الربيع بن يونس وزير الرشيد ثم وزير الأمين ، والفضل الثانى الشرف والرفعة. والربيع الأول هو الربيع بن يونس وزير المنصور العباسى ، والربيع الثانى الخصب والنماء.

(٣) يقول : إذا جاء ضعفاء الإيمان نبأ نصر أو هزيمة أفشوه ونشروه.

(٤) رحالة عنى بالأدب وبلغ الغاية فيه ، وتقدم فى صناعة القريض والكتابة ، وأولع بالأسفار ، ومات بالإسكندرية سنة ٦١٤ ه‍.

(٥) الوجناء : الناقة الشديدة.

(٦) هو أبو عبد الله محمد القاسم صاحب المقامات الحريرية ، كان أحد أئمة عصره ورزق الحظوة التامة فى عمل المقامات. ومن عرفها حق المعرفة استدل بها على فضل الرجل وغزارة مادته وكثرة اطلاعه. وله غيرها تآليف حسان ، توفى بالبصرة سنة ٥١٠ ه‍.

(٧) الصبابة بالفتح : حرارة الشوق.

٢٦٦

ولو درى لكفاه

ممّا يروم صبابه (١)

(٥) وقال عبد الله بن رواحة (٢) يمدح النّبىّ صلّى الله عليه وسلّم ، وقيل إنه أمدح بيت قالته العرب :

تحمله النّاقة الأدماء معتجرا

بالبرد كالبدر جلّى نوره الظّلما (٣)

(٣)

بيّن مواضع الجناس فيما يأتى وبين نوعه فى كل مثال :

(١) قال البحترى فى مطلع قصيدة :

هل لما فات من تلاق تلافى

أم لشاك من الصّبابة شافى

(٢) وقال النابغة فى الرثاء :

فيالك من حزم وعزم طواهما

جديد الرّدى بين الصّفا والصّفائح (٤)

(٣) وقال البحترى :

نسيم الرّوض فى ريح شمال

وصوب المزن فى راح شمول (٥)

(٤) وقال الحريرى :

لا أعطى زمامى من يخفر ذمامى (٦) ، ولا أغرس الأيادى فى أرض الأعادى.

(٥) وقال : لهم فى السير جرى السّيل ، وإلى الخير جرى الخيل.

(٦) قال البحترى :

فقف مسعدا فيهنّ إن كنت عاذرا

وسر مبعدا عنهنّ إن كنت عاذلا

__________________

(١) الصبابة بالضم : بقية الماء فى الإناء.

(٢) صحابى جليل وشاعر من الشعراء الراجزين ، شهد غزوات كثيرة ، واستخلفه النبى صلّى الله عليه وسلّم على المدينة فى إحدى غزواته ، ومات سنة ٨ ه‍.

(٣) الناقة الأدماء : الشديدة البياض ، والمعتجر : الملتف ، وجلى : كشف.

(٤) الصفا : الحجارة ، الواحدة صفاة ، والصفائح : حجارة رقاق تبلط بها الدور وتسقف بها القبور.

(٥) الصوب : نزول المطر ، والمزن : جمع مزنة وهى السحابة البيضاء ، والراح : الخمر ، والشمول : الخمر تنفحها ريح الشمال ، يصف البحترى بذلك أخلاق ممدوحه.

(٦) يخفر ذمامى : ينقض عهدى.

٢٦٧

(٧) وقال أبو تمام :

بيض الصفائح لا سود الصّحائف فى

متونهنّ جلاء الشّكّ والرّيب (١)

(٨) وقال تعالى :

(ذَٰلِكُم بِمَا كُنتُمْ تَفْرَحُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَبِمَا كُنتُمْ تَمْرَحُونَ) (٢).

(٩) وقال عليه الصلاة والسّلام :

«الخيل معقود بنواصيها الخير» (٣).

(١٠) وقال حسان بن ثابت رضى الله عنه :

وكنّا متى يغزو النبىّ قبيلة

نصل جانبيه بالقنا والقنابل (٤)

(١١) وقال أبو تمام :

يمدّون من أيد عواص عواصم

تصول بأسياف قواض قواضب (٥)

(١٢) لا تنال الغرر إلّا بركوب الغرر (٦).

(٤)

هات مثالين من إنشائك للجناس التام ، ومثالين آخرين لغير التام ، وراع ألّا يظهر فى كلامك أثر للتكلف.

(٥)

اشرح قول أبى تمام وبين نوع الجناس الذى فيه :

ولم أر كالمعروف تدعى حقوقه

مغارم فى الأقوام وهى مغانم (٧)

__________________

(١) بيض الصفائح : كناية عن السيوف ، وسود الصحائف : الكتب ، ومتن السيف : حده.

(٢) المرح : شدة الفرح.

(٣) النواصى : جمع ناصية وهى مقدم الرأس.

(٤) القنا : جمع قناة وهى الرمح.

(٥) عواص : جمع عاصية من عصاه ضربه بالسيف أو العصا ، وعواصم : من عصمه إذا حفظه وحماه ، وقواض من قضى عليه إذا حكم ، وقواضب : من قضبه إذا قطعه.

(٦) الغرر : بالضم جمع غرة ، وغرة كل شىء أوله ، والغرر بفتحتين : الخطر.

(٧) المغارم : جمع مغرم وهو ما يلزم أداؤه ، والمغانم : جمع مغنم وهو الغنيمة.

٢٦٨

(٢) الاقتباس

الأمثلة :

(١) قال عبد المؤمن الأصفهانىّ (١) :

لا تغرّنّك من الظّلمة كثرة الجيوش والأنصار «إِنَّما يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ (٢) فِيهِ الْأَبْصارُ».

(٢) وقال ابن سناء الملك (٣) :

رحلوا فلست مسائلا عن دارهم

أنا «باخع نفسى على آثارهم (٤)»

(٣) وقال أبو جعفر الأندلسىّ (٥) :

لا تعاد الناس فى أوطانهم

قلّما يرعى غريب الوطن (٦)

وإذا ما شئت عيشا بينهم

«خالق الناس بخلق حسن»

البحث :

العبارتان اللتان بين الأقواس فى المثالين الأولين مأخوذتان من القرآن الكريم ، والعبارة التى بين قوسين فى المثال الثالث من الحديث الشريف ، وقد ضمّن الكاتب أو الشاعر كلامه هذه الآثار الشريفة من غير أن يصرّح بأنها من القرآن أو الحديث وغرضه من هذا التضمين أن يستعير

__________________

(١) أديب مشهور متصوف وله كتاب يدعى أطباق الذهب رتبه على مائة مقالة عارض بها الزمخشرى.

(٢) يقال شخص بصره إذا فتح عينيه وجعل لا يطرف.

(٣) هو القاضى السعيد هبة الله ، كان من الرؤساء النبلاء ، وكان واسطة العقد فى مجالس الشعراء بمصر وهو أول من استكثر من الموشحات وأجاد فيها من المشارقة ، وله ديوان شعر ، وتوفى بالقاهرة سنة ٦٠٨ ه‍.

(٤) بخع نفسه : قتلها غما.

(٥) أديب قوى الإدراك ، أجاد فى فنى النظم والنثر ، وجرت له مع لسان الدين بن الخطيب مباحثات ومراسلات ، وله ديوان شعر ، وتوفى نحو سنة ٧٧٢ ه‍.

(٦) يرعى غريب الوطن : أى يلحظ بالإحسان.

٢٦٩

من قوتها قوة ، وأن يكشف عن مهارته فى إحكام الصلة بين كلامه والكلام الذى أخذه ، وهذا النوع يسمى اقتباسا ؛ وإذا تأملت رأيت أن المقتبس قد يغيّر قليلا فى الآثار التى يقتبسها كالمثال الثانى إذ الآية : «فَلَعَلَّكَ باخِعٌ نَفْسَكَ عَلى آثارِهِمْ».

القاعدة :

(٦٩) الاقتباس تضمين النّثر أو الشّعر شيئا من القرآن الكريم أو الحديث الشريف من غير دلالة على أنّه منهما ، ويجوز أن يغيّر فى الأثر المقتبس قليلا.

تمرينات

(١)

بيّن فى كل اقتباس مما يأتى حسن تأتّى البليغ فى إحكام الصلة بين كلامه والكلام المقتبس :

(١) اغتنم فودك (١) الفاحم (٢) قبل أن يبيضّ ، فإنما الدّنيا «جدار يريد أن ينقض» (٣).

(٢) وكتب القاضى الفاضل (٤) فى الرد على رسالة :

ورد على الخادم الكتاب الكريم فشكره «وقربه نجيّا (٥)» ورفعه «مكانا عليّا» وأعاد عليه عصر الشباب «وقد بلغ من الكبر عتيّا» (٦).

__________________

(١) الفود : معظم شعر الرأس مما يلى الأذن.

(٢) الفاحم : الأسود.

(٣) ينقض : يسقط.

(٤) كاتب من أئمة الكتاب ، كان من وزراء السلطان صلاح الدين ومن مقربيه ، وقد اشتهر بسرعة الخاطر فى الإنشاء ، وله طريقة فى الكتابة عمادها السجع والتورية تعرف بالطريقة الفاضلية ، حاكاه فيها من جاء بعده من الأدباء ، ولد بعسقلان ، وتوفى بالقاهرة ٥٩٦ ه‍.

(٥) النجى : الذى تساره ، ومعنى قربه نجيا : جعله مناجيا.

(٦) عتيا : مصدر عتا الشيخ إذا كبر وولى.

٢٧٠

وقال فى حمام الزّاجل :

وقد كادت أن تكون من الملائكة فإذا نيطت بها الرّقاع (١) صارت «أُولِي أَجْنِحَةٍ مَثْنى وَثُلاثَ وَرُباعَ».

(٤) ومن كتاب لمحيى الدين عبد الظاهر (٢) :

لا عدمت الدولة بيض سيوفه التى «تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ».

(٥) وقال الصاحب (٣) :

أقول وقد رأيت له سحابا

من الهجران مقبلة علينا

وقد سحّت غواديها بهطل

«حوالينا» الصّدود «ولا علينا» (٤)

(٦) رب بخيل لو رأى سائلا

لظنّه رعبا رسول المنون

لا تطمعوا فى النّزر من نيله

(هَيْهاتَ هَيْهاتَ لِما تُوعَدُونَ)

(٢)

اقتبس الآيات الكريمة الآتية مع إجادة الاقتباس وإحكامه :

(١) (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللهِ أَتْقاكُمْ.)

(٢) (وَلا يَحِيقُ الْمَكْرُ السَّيِّئُ إِلَّا بِأَهْلِهِ.)

(٣) (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ.)

(٤) (وَلا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ.)

(٥) (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ.)

__________________

(١) نيطت بها الرقاع : علقت فى أعناقها الرسائل.

(٢) كان من أعظم الكتاب المقدمين فى دولة المماليك ، ويمتاز ببراعته فى كتابة الدواوين فى ذلك العصر ، ولد سنة ٦٢٠ ه‍ وتوفى سنة ٦٩٢ ه‍.

(٣) وزير غلب عليه الأدب ، فكان من نوادر الدهر علما وفضلا وتدبيرا ، استوزره مؤيد الدولة بن بويه الديلمى ، وشعره عذب رقيق ، وتوقيعاته آية الإبداع فى الإنشاء ، وتوفى سنة ٣٨٥ ه‍.

(٤) سح المطر : سال ، والغوادى : السحب تنشأ صباحا جمع غادية ، والهطل : تتابع المطر وسيلانه ، يقول : جاءت سحبه بمطر متتابع.

٢٧١

(٣)

صغ عبارات تقتبس فى كلّ منها حديثا من الأحاديث الشريفة الآتية مع العناية بحسن وضعها :

(١) كلّ معروف صدقة.

(٢) إذا لم تستحى فاصنع ما شئت.

(٣) الظلم ظلمات يوم القيامة.

(٤) الأرواح جنود مجنّدة.

(٤)

اشرح قول ابن الرّومى فى الهجاء وبيّن حسن الاقتباس فيه :

لئن أخطأت فى مدحي

ك ما أخطأت فى منعى

لقد أنزلت حاجاتى

«بواد غير ذى زرع»

(٣) السّجع

الأمثلة :

(١) قال صلّى الله عليه وسلّم :

«اللهمّ أعط منفقا خلفا ، وأعط ممسكا تلفا».

(٢) وقال أعرابى ذهب بابنه السّيل :

اللهمّ إن كنت قد أبليت ، فإنّك طالما قد عافيت.

* * *

(٣) الحرّ إذا وعد وفى ، وإذا أعان كفى ، وإذا ملك عفا.

٢٧٢

البحث :

إذا تأملت المثالين الأولين وجدت كلّا منهما مركبا من فقرتين متحدتين فى الحرف الأخير ، وإذا تأملت المثال الثالث وجدته مركبا من أكثر من فقرتين متماثلتين فى الحرف الأخير أيضا ، ويسمى هذا النوع من الكلام سجعا (١). وتسمى الكلمة الأخيرة من كل فقرة فاصلة ، وتسكّن الفاصلة دائما فى النثر للوقف.

وأفضل السجع ما تساوت فقره ، ولا يحسن السجع إلّا إذا كان رصين التركيب ، سليما من التكلف ، خاليا من التكرار فى غير فائدة ، كما رأيت فى الأمثلة.

القاعدة :

(٧٠) السّجع توافق الفاصلتين فى الحرف الأخير (٢) ، وأفضله ما تساوت فقره.

تمرينات

(١)

بيّن السجع فى الأمثلة الآتية ، ووضّح وجوه حسنه :

(١) قال صلّى الله عليه وسلّم :

«رحم الله عبدا قال خيرا فغنم ، أو سكت فسلم».

(٢) وقال الثعالبىّ (٣) :

الحقد صدأ القلوب ، واللّجاج سبب الحروب (٤).

__________________

(١) تشبيها له بسجع الحمامة إذا هدرت.

(٢) السجع موطنه النثر ، وقد يجىء فى الشعر كقول أبى الطيب :

فنحن فى جذل والروم فى وجل

والبر فى شغل والبحر فى خجل

(٣) هو أبو منصور النيسابورى ، والثعالبى نسبة إلى خياطة جلود الثعالب وعملها ، وكان واحد عصره فى العلم والأدب ، وله تآليف كثيرة منها فقه اللغة ويتيمة الدهر ، وشعره جيد ، وتوفى سنة ٤٢٩ ه‍.

(٤) اللجاج : التمادى فى الخصومة.

٢٧٣

(٣) وقال الحريرى :

ارتفاع الأخطار ، باقتحام الأخطار (١).

(٤) وقال بعض البلغاء :

الإنسان بآدابه ، لا بزيّه وثيابه.

(٥) وقال أعرابى لرجل سأل لئيما :

نزلت بواد غير ممطور ، وفناء غير معمور ، ورجل غير ميسور ، فأقم بندم ، أو ارتحل بعدم.

(٦) وقال أعرابى :

باكرنا وسمىّ (٢) ، ثم خلفه ولىّ (٣) ، فالأرض كأنها (٤) ، وشى منشور ، عليه لؤلؤ منثور ، ثم أتتنا غيوم جراد ، بمناجل (٥) حصاد ، فجردت (٦) البلاد ، وأهلكت العباد ، فسبحان من يهلك القوىّ الأكول بالضعيف المأكول.

(٢)

(١) اقرأ الرسالة الآتية ، وبيّن جمال السجع فيها ، ثم حلّها وابنها بناء آخر لا سجع فيه. كتب ابن الرومى إلى مريض :

أذن الله فى شفائك ، وتلقّى داءك بدوائك ، ومسح بيد العافية عليك ، ووجّه وفد السلامة إليك ، وجعل علّتك ماحية لذنوبك ، مضاعفة لمثوبتك.

__________________

(١) خطر الرجل : قدره ومنزلته ، والخطر أيضا : الإشراف على الهلاك ، يقول : ارتفاع قدر الإنسان إنما يكون باقتحام المخاوف والمهالك.

(٢) الوسمى : مطر الربيع الأول لأنه يسم الأرض بالنبات.

(٣) الولى : المطر الثانى.

(٤) الوشى : نوع من الثياب ذو ألوان.

(٥) المناجل : جمع منجل وهو ما يحصد به.

(٦) جردت البلاد : جعلتها قاحلة جرداء.

٢٧٤

(٢) تفهم ما يأتى وهو مما ينسب إلى على بن أبى طالب كرم الله وجهه ، ثم حله وابنه بناء آخر مسجوعا :

اتق الله فى كلّ صباح ومساء ، وخف على نفسك الدنيا الغرور ، ولا تأمنها على حال. واعلم أنك إن لم تردع نفسك عن كثير مما تحبّ مخافة مكروهه ، سمت بك الأهواء إلى كثير من الضرر.

(٣)

بيّن أمن المسجوع أم من المرسل ما يأتى ووضّح السبب :

كتب هشام (١) لأخيه وكان أظهر رغبته فى الخلافة :

أما بعد ، فقد بلغنى استثقالك حياتى ، واستبطاؤك مماتى ، ولعمرى إنك بعدى لواهى الجناح ، أجذم الكفّ ، وما استوجبت منك ، ما بلغنى عنك.

__________________

(١) أحد ملوك الدولة الأموية فى الشام ، اجتمع فى خزائنه من المال ما لم يجتمع فى خزانة أحد من ملوك بنى أمية ، وتوفى سنة ١٢٥ ه‍.

٢٧٥

المحسنات المعنوية

(١) التّورية

الأمثلة :

(١) قال سراج الدين الورّاق (١) :

أصون أديم وجهى عن أناس

لقاء الموت عندهم الأديب

وربّ الشعر عندهم بغيض

ولو وافى به لهم «حبيب»

(٢) وقال نصير الدين الحمّامى (٢) :

أبيات شعرك كالقص

ور ولا قصور بها يعوق (٣)

ومن العجائب لفظها

حرّ ومعناها «رقيق»

(٣) وقال الشّابّ الظريف (٤) :

تبسّم ثغر اللّوز عن طيب نشره

وأقبل فى حسن يجلّ عن الوصف

هلمّوا إليه بين قصف ولذّة

فإنّ غصون الزّهر تصلح «للقصف»

__________________

(١) شاعر مصرى رقيق ، برع فى التورية وغيرها من أنواع البديع ، وله شعر كثير جيد ، ولد سنة ٦١٥ ه‍ ومات سنة ٦٩٥ ه‍.

(٢) كان يحترف باكتراء الحمامات بمصر ، فلما كبرت سنه اقتصر على الاستجداء بالشعر ، وشعره يدل على نبوغ وعبقرية ، مات سنة ٧١٢ ه‍.

(٣) يعوق : أى يمنع من إدراك جمالها.

(٤) هو شمس الدين بن العفيف التلمسانى ، كان نابغة عصره ، وقد فتن بشعره لرقته وجماله الفنى ، ولد سنة ٦٦٢ ه‍ ومات سنة ٦٨٧ ه‍ فكانت حياته خمسا وعشرين سنة.

٢٧٦

البحث :

كلمة «حبيب» فى المثال الأول لها معنيان : أحدهما المحبوب وهو المعنى القريب الذى يتبادر إلى الذهن بسبب التمهيد له بكلمة «بغيض».

والثانى اسم أبى تمام الشاعر وهو حبيب بن أوس ، وهذا المعنى بعيد ، وقد أراده الشاعر ولكنه تلطف فورّى عنه وستره بالمعنى القريب. وكلمة «رقيق» فى المثال الثانى لها معنيان : الأول قريب متبادر وهو العبد المملوك وسبب تبادره إلى الذهن ما سبقه من كلمة «حرّ». والثانى بعيد وهو اللطيف السهل. وهذا هو الذى يريده الشاعر بعد أن ستره فى ظل المعنى القريب. وكلمة «القصف» فى المثال الثالث معناها القريب الكسر ، بدليل تمهيده لهذا المعنى بقوله : «فإن غصون الزهر» ومعناها البعيد اللعب واللهو ، وهذا هو المعنى الذى قصد إليه الشاعر بعد أن احتال فى إخفائه ويسمى هذا النوع من البديع تورية ، وهو فنّ برع فيه شعراء مصر والشام فى القرن السابع والثامن من الهجرة ، وأتوا فيه بالعجيب الرائع الذى يدل على صفاء الطبع والقدرة على اللعب بأساليب الكلام.

القاعدة :

(٧١) التّورية أن يذكر المتكلّم لفظا مفردا له معنيا ، قريب ظاهر غير مراد ، وبعيد خفىّ هو المراد.

تمرينات

(١)

اشرح التورية فى كلّ مثال من الأمثلة شرحا وافيا :

(١) قال سراج الدين الورّاق :

كم قطع الجنود من لسان

قلّد من نظمه النحورا

فها أنا شاعر سراج

فاقطع لسانى أزدك نورا (١)

__________________

(١) قطع لسان الشاعر : أسكته بعطاياه عن هجائه ، ولسان السراج : فتيله.

٢٧٧

(٢) وقال :

يا خجلتى وصحائفى سود غدت

وصحائف الأبرار فى إشراق

ومؤنّب لى فى القيامة قال لى

أكذا تكون صحائف «الورّاق؟» (١)

(٣) وقال أبو الحسين الجزار :

كيف لا أشكر الجزارة ما عش

ت حفاظا وأهجر الآدابا؟

وبها صارت الكلاب ترجيّ

نى وبالشّعر كنت أرجو الكلابا (٢)

(٤) وقال بدر الدين الذهبىّ :

رفقا بخلّ ناصح

أبليته صدّا وهجرا

وافاك سائل دمعه

فرددته فى الحال نهرا (٣)

(٥) وقال :

يا عاذلى فيه قل لى

إذا بدا كيف أسلو؟

يمرّ بى كل وقت

وكلّما مرّ يحلو

(٦) وقال :

ورياض وقفت أشجارها

وتمشّت نسمة الصّبح إليها

طالعت أوراقها شمس الضّحا

بعد أن وقّعت الورق عليها (٤)

(٧) وقال الشاب الظريف :

قامت حروب الدهر ما

بين الرّياض السّندسيّه

وأتت بأجمعها لتغ

زو روضة الورد الجنيّه

لكنها انكسرت لأنّ

الورد شوكته قويّه

__________________

(١) من معانى الوراق بائع الورق أو الكتب.

(٢) قد يراد بالكلاب مجازا لئام الناس.

(٢) قد يراد بالكلاب مجازا لئام الناس.

(٤) الورق : جمع ورقاء وهى الحمامة ، ووقعت قد يكون من التوقيع وهو كتابة الاسم فى أسفل الكتاب.

٢٧٨

(٨) وقال نصير الدّين الحمّامى :

جودوا لنسجع بالمدي

ح على علاكم سرمدا

فالطير أحسن ما تغ

رّد عند ما يقع الندى (١)

(٩) وقال سراج الدين الورّاق :

وقفت بأطلال الأحبّة سائلا

ودمعى يسقى ثمّ عهدا ومعهدا

ومن عجب أنّى أروّى ديارهم

وحظّى منها حين أسألها الصّدى (٢)

(١٠) وقال ابن الظاهر :

شكرا لنسمة أرضكم

كم بلّغت عنّى تحيه

لا غرو إن حفظت أحا

ديث الهوى فهى الذّكيّة (٣)

(١١) وقال ابن نباتة المصرى (٤) :

والنّهر يشبه مبردا

فلأجل ذا يجلو الصّدى (٥)

(٢)

لكل من الألفاظ الآتية أكثر من معنى ، فاستعمل كل لفظ فى مثال للتورية :

الجد (٦). حكى. الراحة. القصور. عفا (٧). قضى (٨). الجفون (٩).

(٣)

فى أى شىء توافق التورية الجناس التام ، وفى أى شىء تخالفه؟ مثّل بمثال للتورية ، ثم حوله إلى الجناس التام.

__________________

(١) من معانى الندى : الجود ، وما يسقط من بلل آخر الليل.

(٢) من معانى الصدى : الظمأ ، وما يجيبك بمثل صوتك.

(٣) الذكى : سريع الفطنة أو ساطع الرائحة.

(٤) هو جمال الدين حامل لواء الشعر والنثر فى عصر المماليك ، وله ديوان شعر مطبوع ، ولد سنة ٦٨٦ ه‍. ومات سنة ٧٦٨ ه‍.

(٥) الصدا بتسهيل الهمزة : وسخ الحديد ونحوه ، والصدى : العطش.

(٦) الجد : الحظ أو أبو الأب أو أبو الأم.

(٧) عفا : صح ، وعفا المنزل : زال أثره.

(٨) قضى : مات أو حكم.

(٩) الحفون : أغطية العيون أو أغماد السيوف.

٢٧٩

(٤)

هل تستطيع أن تضع كلمة التورية فى العبارات الآتية :

(١) اشتدّ حزن الرياض على الربيع وجمدت ...

(٢) الحمام أبلغ من الكتّاب إذا ...

(٣) قلبى جارهم يوم رحلوا ودمعى ...

(٥)

اشرح قول ابن دانيال طبيب العيون (١) وبيّن ما فيه من حلاوة التورية :

يا سائلى عن حرفتى فى الورى

واضيعتى فيهم وإفلاسى!

ما حال من درهم إنفاقه

يأخذه من أعين الناس؟

(٢) الطّباق

الأمثلة :

(١) قال تعالى : (وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ)(٢).

(٢) وقال صلّى الله عليه وسلّم : «خير المال عين ساهرة لعين نائمة» (٣).

* * *

(٢) وقال تعالى : «يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ».

(٤) وقال السموءل :

وننكر إن شئنا على النّاس قولهم

ولا ينكرون القول حين نقول (٤)

__________________

(١) هو شمس الدولة الموصلى ، صاحب النظم الحلو والنثر العذب والنكت الغريبة ، وكان له دكان للكحل داخل باب الفتوح ، مات بمصر سنة ٧١٠ ه‍.

(٢) أيقاظا : جمع يقظ ككتف ، ورقود : نيام ، جمع راقد.

(٣) يعنى أن خير المال عين ماء ينام صاحبها وهى تظل فائضة تسقى له أرضه.

(٤) معنى الشطر الثانى أنهم لشدة بأسهم يخشاهم الناس فلا ينكرون عليهم ما يقولون.

٢٨٠