البلاغة الواضحة

علي الحازم ومصطفى أمين

البلاغة الواضحة

المؤلف:

علي الحازم ومصطفى أمين


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الصادق عليه السلام للطباعة والنشر
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٥
الصفحات: ٣٠٦

تمرينات

(١)

بيّن أركان التشبيه فيما ياتى :

(١) أنت كالبحر فى السّماحة والشّم

س علوّا والبدر فى الإشراق (١)

(٢) العمر مثل الضّيف أو

كالطيف ليس له إقامه

(٣) كلام فلان كالشّهد فى الحلاوة (٢).

(٤) الناس كأسنان المشط فى الاستواء.

(٥) قال أعرابى فى رجل : ما رأيت فى التوقّد نظرة أشبه بلهيب النار من نظرته.

(٦) وقال أعرابى فى وصف رجل : كان له علم لا يخالطه جهل ، وصدق لا يشوبه كذب ، وكان فى الجود كأنه الوبل عند المحل (٣).

(٧) وقال آخر : جاءوا على خيل كأنّ أعناقها فى الشّهرة أعلام (٤) ، وآذانها فى الدّقّة أطراف أقلام ، وفرسانها فى الجرأة أسود آجام (٥).

(٨) أقوال الملوك كالسيوف المواضى فى القطع والبتّ (٦) فى الأمور.

(٩) قلبه كالحجارة قسوة وصلابة.

(١٠) جبين فلان كصفحة المرآة صفاء وتلألؤا.

(٢)

كوّن تشبيهات من الأطراف الآتية بحيث تختار مع كلّ طرف ما يناسبه : العزيمة الصادقة ، شجرة لا تثمر ، نغم الأوتار ، المطر للأرض. الحديث الممتع ، السيف القاطع ، البخيل ، الحياة تدبّ فى الأجسام.

__________________

(١) السماحة : الجود.

(٢) الشهد : العسل فى شمعه.

(٣) الوبل : المطر الشديد ، والمحل : القحط والجدب.

(٤) الأعلام : الرايات.

(٥) الآجام جمع أجمة : وهى الشجر الكثير الملتف.

(٦) البت فى الأمور : إنفاذها.

٢١

(٣)

كوّن تشبيهات بحيث يكون فيها كلّ مما يأتى مشبّها :

القطار الهرم الأكبر الكتاب الحصان

المصابيح الصّديق المعلّم الدّمع

(٤)

اجعل كلّ واحد مما يأتى مشبّها به :

بحر ـ أسد ـ أمّ رءوم (١) ـ نسيم عليل ـ مرآة صافية ـ حلم لذيذ

(٥)

اجعل كلّ واحد مما يأتى وجه شبه فى تشبيه من إنشائك ، وعيّن طرفى التشبيه :

البياض ـ السواد ـ المرارة ـ الحلاوة ـ البطء ـ السّرعة ـ الصلابة

(٦)

صف بإيجاز سفينة فى بحر مائج ، وضمّن وصفك ثلاثة تشبيهات.

(٧)

اشرح بإيجاز قول المتنبى فى المديح ، وبيّن جمال ما فيه من التشبيه :

كالبدر من حيث التفتّ رأيته

يهدى إلى عينيك نورا ثاقبا (٢)

كالبحر يقذف للقريب جواهرا

جودا ويبعث للبعيد سحائبا

كالشمس فى كبد السّماء وضوؤها

يغشى البلاد مشارقا ومغاربا

__________________

(١) الرءوم : العطوف.

(٢) الثاقب : المضىء.

٢٢

(٢) أقسام التشبيه

الأمثلة :

(١) أنا كالماء إن رضيت صفاء

وإذا ما سخطت كنت لهيبا

(٢) سرنا فى ليل بهيم (١) كأنّه البحر ظلاما وإرهابا.

(٣) قال ابن الرّومىّ (٢) فى تأثير غناء مغنّ :

فكأنّ لذّة صوته ودبيبها

سنة تمشّى فى مفاصل نعّس (٣)

(٤) وقال ابن المعتزّ :

وكأنّ الشّمس المنيرة دي

نار جلته حدائد الضّرّاب (٤)

(٥) الجواد فى السرعة برق خاطف.

(٦) أنت نجم فى رفعة وضياء

تجتليك العيون شرقا وغربا (٥)

(٧) وقال المتنبى وقد اعتزم سيف الدولة سفرا :

أين أزمعت أيّهذا الهمام؟

نحن نبت الرّبا وأنت الغمام (٦)

(٨) وقال المرقّش :

النّشر مسك والوجوه دنا

نير وأطراف الأكفّ عنم (٧)

__________________

(١) البهيم : المظلم

(٢) هو الشاعر المشهور صاحب النظم العجيب والتوليد الغريب ، كان إذا أتى بمعنى لا يتركه حتى يستوفيه ، وقد توفى سنة ٢٨٣ ه‍.

(٣) السنة : النعاس.

(٤) جلته : صقلته ، والضراب : الذى يطبع النقود.

(٥) تجتليك : تنظر إليك.

(٦) أزمعت : وطدت عزمك ، والربا : الأراضى العالية.

(٧) النشر : الرائحة الطيبة ، والعنم : شجر له ثمر أحمر يشبه به البنان المخضوب.

٢٣

البحث :

يشبه الشاعر نفسه فى البيت الأول فى حال رضاه بالماء الصافى الهادئ ، وفى حال غضبه بالنار الملتهبة ، فهو محبوب مخوف. وفى المثال الثانى شبّه الليل فى الظلمة والإرهاب بالبحر. وإذا تأمّلت التشبيهين فى الشطر الأول والمثال الثانى رأيت أداة التشبيه مذكورة بكل منهما ، وكلّ تشبيه تذكر فيه الأداة يسمى مرسلا. وإذا نظرت إلى التشبيهين مرة أخرى رأيت أن وجه الشبه بيّن وفصّل فيهما ، وكل تشبيه يذكر فيه وجه الشبه يسمى مفصلا.

ويصف ابن الرومى فى المثال الثالث حسن صوت مغنّ وجميل إيقاعه ، حتى كأنّ لذة صوته تسرى فى الجسم كما تسرى أوائل النوم الخفيف فيه ، ولكنه لم يذكر وجه الشبه معتمدا على أنك تستطيع إدراكه بنفسك

الارتياح والتلذذ فى الحالين. ويشبه ابن المعتز الشمس عند الشروق ودينار مجلوّ قريب عهده بدار الضرب ، ولم يذكر وجه الشبه أيضا وهو الاصفرار والبريق ، ويسمى هذا النوع من التشبيه ، وهو الذى لم يذكر فيه وجه الشبه ، تشبيها مجملا.

وفى المثالين الخامس والسادس شبّه الجواد بالبرق فى السرعة ، والممدوح بالنجم فى الرفعة والضياء من غير أن تذكر أداة التشبيه فى كلا التشبيهين ، وذلك لتأكيد الادعاء بأن المشبه عين المشبه به ، وهذا النوع يسمى تشبيها مؤكّدا.

وفى المثال السابع يسأل المتنبى ممدوحه فى تظاهر بالذعر والهلع قائلا : أين تقصد؟ وكيف ترحل عنا؟ ونحن لا نعيش إلا بك ، لأنك كالغمام الذى يحيى الأرض بعد موتها ، ونحن كالنّبت الذى لا حياة له بغير الغمام. وفى البيت الأخير يشبه المرقش النشر ، وهو طيب رائحة من يصف ، بالمسك ، والوجوه بالدنانير ، والأنامل المخضوبة بالعنم ، وإذا تأملت هذه التشبيهات رأيت أنها من نوع التشبيه الموكد ، ولكنها جمعت إلى حذف

٢٤

الأداة حذف وجه الشبه. وذلك لأن المتكلم عمد إلى المبالغة والإغراق فى ادعاء أن المشبه هو المشبه به نفسه ، لذلك أهمل الأداة التى تدل على أن المشبه أضعف فى وجه الشبه من المشبه به ، وأهمل ذكر وجه الشبه الذى ينمّ عن اشتراك الطرفين فى صفة أو صفات دون غيرها. ويسمى هذا النوع بالتشبيه البليغ ، وهو مظهر من مظاهر البلاغة وميدان فسيح لتسابق المجيدين من الشعراء والكتاب.

القواعد

(٣) التشبيه المرسل ما ذكرت فيه الأداة.

(٤) التشبيه المؤكّد ما حذفت منه الأداة.

(٥) التشبيه المجمل ما حذف منه وجه الشبه.

(٦) التشبيه المفصّل ما ذكر فيه وجه الشبه.

(٧) التشبيه البليغ ما حذفت منه الأداة ووجه الشبه (١).

نموذج

(١) قال المتنبى فى مدح كافور :

إذا نلت منك الودّ فالمال هيّن

وكلّ الّذى فوق التراب تراب

(٢) وصف أعرابى رجلا فقال :

كأنه النهار الزاهر والقمر الباهر الذى لا يخفى على كل ناظر.

(٣) زرنا حديقة كأنها الفردوس فى الجمال والبهاء.

(٤) العالم سراج أمّته فى الهداية وتبديد الظلام.

__________________

(١) من التشبيه البليغ المصدر المضاف المبين للنوع نحو راغ روغان الثعلب ، ومنه أيضا إضافة المشبه به للمشبه نحو لبس فلان ثوب العافية. ولاستيفاء صور التشبيه الذى لم تذكر فيه الأداة انظر هامش صفحة ٤٦.

٢٥

الإجابة

الشبه

الشبه به

نوع التشبيه

السبب

(١) كل الدي فوق التراب

تراب

بليغ

حلفت الأداة ووجه الشبه

مدلول الضمير في كأنه

النهار الزاهر

مرسل مجمل

ذكرت الأداة ولم يذكر وجه الشبه

مدلول الضمير في كأنه

القمر الباهر

مرسل مجمل

ذكرت الأداة ولم يذكر وجه الشبه

التفسير كأنه المائد في الحديقة

الفردوس

مرسل المفسل

ذكرت الأداة ووجه الشبه

العالم

سراج

مؤكد المفصل

حلفت الأداة وذكر وجه الشيه

تمرينات

(١)

بيّن كل نوع من أنواع التشبيه فيما يأتى :

(١) قال المتنبى :

إنّ السّيوف مع الّذين قلوبهم

كقلوبهنّ إذا التقى الجمعان (١)

تلقى الحسام على جراءة حدّه

مثل الجبان بكفّ كلّ جبان (٢)

(٢) وقال فى المديح :

فعلت بنا فعل السّماء بأرضه

خلع الأمير وحقّه لم نقضه (٣)

(٣) وقال :

ولا كتب إلا المشرفيّة عنده

ولا رسل إلّا الخميس العرمرم (٤)

__________________

(١) المعنى أن السيوف لا تفيد إذا التقى الجيشان إلا إذا جردها شجعان لهم قلوب قوية صلبة كصلابة السيوف.

(٢) إن السيف القاطع يصير كالجبان إذا استعمله الجبان.

(٣) زانتنا خلع الأمير بوشيها ونضارتها كما زينت السماء أرضه بالنبات ولم نقض حق الثناء عليه.

(٤) المشرفية : السيوف ، والخميس : الجيش ، والعرموم : الكثير ، أى أن سيف الدولة إذا بعث إلى أعدائه يدعوهم إلى الطاعة جعل كتبه إليهم السيوف ، والرسل الكتب الجيوش.

٢٦

(٤) وقال :

إذا الدولة استكفت به فى ملمّة

كفاها فكان السّيف والكفّ والقلبا (١)

(٥) وقال صاحب كليلة ودمنة :

الرجل ذو المروءة يكرم على غير مال كالأسد يهاب وإن كان رابضا (٢).

(٦) لك سيرة كصحيفة ال

أبرار طاهرة نقيّه (٣)

(٧) المال سيف نفعا وضرّا.

(٨) قال تعالى : (وَلَهُ الْجَوَارِ الْمُنشَآتُ فِي الْبَحْرِ كَالْأَعْلَامِ) (٤).

(٩) وقال تعالى : (فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ) (٥).

(١٠) وقال البحترىّ فى المديح :

ذهبت جدّة الشّتاء ووافا

نا شبيها بك الرّبيع الجديد

ودنا العيد وهو للنّاس حتى

يتقضى وأنت للعيد عيد

(١١) قال تعالى : «أَلَمْ تَرَ كَيْفَ ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً كَلِمَةً طَيِّبَةً كَشَجَرَةٍ طَيِّبَةٍ (٦) أَصْلُها ثابِتٌ وَفَرْعُها فِي السَّماءِ تُؤْتِي أُكُلَها كُلَّ حِينٍ (٧) بِإِذْنِ رَبِّها وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَذَكَّرُونَ. وَمَثَلُ كَلِمَةٍ خَبِيثَةٍ كَشَجَرَةٍ خَبِيثَةٍ اجْتُثَّتْ (٨) مِنْ فَوْقِ الْأَرْضِ ما لَها مِنْ قَرارٍ (٩)».

__________________

(١) استكفت : استعانت ، والملمة : النازلة من نوازل الدهر ، أى إذا استعانت الدولة به كان سيفا لها على أعدائها ، وكفا تضرب بها بذلك السيف ، وقلبا تجترئ به على اقتحام الأهوال.

(٢) رابضا : مقيما وساكنا.

(٣) أى أن ذكرك بين الناس ليس به ما يشين ، فهو كصحيفة الطاهرين الأتقياء لم يدون بها إلا حسنات.

(٤) الجوارى : السفن ، والأعلام : الجبال.

(٥) أى كأنهن جذور نخل خالية الجوف.

(٦) الشجرة الطيبة : كل شجرة مثمرة طيبة الثمار كالنخلة وشجرة التين.

(٧) تؤتى أكلها كل حين : أى تثمر دائما فى مواعيد إثمارها.

(٨) اجتثت : قطعت.

(٩) القرار : الاستقرار والثبات.

٢٧

(١٢) وقال تعالى : «اللهُ نُورُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ مَثَلُ نُورِهِ كَمِشْكاةٍ (١) فِيها مِصْباحٌ الْمِصْباحُ فِي زُجاجَةٍ الزُّجاجَةُ كَأَنَّها كَوْكَبٌ دُرِّيٌ (٢) يُوقَدُ مِنْ شَجَرَةٍ مُبارَكَةٍ زَيْتُونَةٍ لا شَرْقِيَّةٍ وَلا غَرْبِيَّةٍ (٣) يَكادُ زَيْتُها يُضِيءُ وَلَوْ لَمْ تَمْسَسْهُ نارٌ نُورٌ عَلى نُورٍ (٤) يَهْدِي اللهُ لِنُورِهِ مَنْ يَشاءُ وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ وَاللهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ».

(١٣) القلوب كالطير فى الألفة إذا أنست.

(١٤) مدح أعرابى رجلا فقال :

له هزّة كهزّة السيف إذا طرب ، وجرأة كجرأة الليث إذا غضب (٥).

(١٥) ووصف أعرابى أخا له فقال :

كان أخى شجرا لا يخلف ثمره ، وبحرا لا يخاف كدره.

(١٦) وقال البحترىّ :

قصور كالكواكب لامعات

يكدن يضئن للسّارى الظلاما

(١٧) رأى الحازم ميزان فى الدّقّة.

(١٨) وقال ابن التعاويذى (٦) :

إذا ما الرّعد زمجر خلت أسدا

غضابا فى السّحاب لها زئير (٧)

__________________

(١) المشكاة : فتحة فى الحائط غير نافذة ، والمراد الأنبوبة التى تجعل فيها الفتيلة ثم توضع فى القنديل.

(٢) درى : منسوب إلى الدر لفرط ضيائه وصفائه.

(٣) لا شرقية ولا غربية : أى لا يتمكن منها حر ولا برد.

(٤) يريد أن النور الذى شبه به الحق نور متضاعف قد تناصر فيه المشكاة والزجاجة والمصباح والزيت حتى لم تبق بقية مما يقوى النور.

(٥) الهزة : النشاط والارتياح.

(٦) هو الشاعر الأديب سبط بن التعاويذى ، جمع شعره بين جزالة الألفاظ وعذوبتها ، ورقة المعانى ودقتها ، وله ديوان شعر جمعه بنفسه ، وتوفى ببغداد سنة ٥٨٤ ه‍ ، وعمى قبل موته بخمس سنين.

(٧) زمجر : رعد.

٢٨

(١٩) وقال السّرىّ الرّفّاء (١) فى وصف شمعة :

مفتولة مجدولة

تحكى لنا قدّ الأسل (٢)

كأنّها عمر الفتى

والنار فيها كالأجل

(٢٠) وقال أعرابى فى الذم :

لقد صغّر فلانا فى عينى عظم الدنيا فى عينه ، وكأنّ السائل إذا أتاه ملك الموت إذا لاقاه.

(٢١) وقال أعرابى لأمير : اجعلنى زماما من أزمّتك التى تجرّ بها الأعداء (٣).

(٢٢) وقال الشاعر :

كم وجوه مثل النّهار ضياء

لنفوس كالليل فى الإظلام

(٢٣) وقال آخر :

أشبهت أعدائى فصرت أحبّهم

إذ كان حظّى منّك حظّى منهم

(٢٤) وقال البحترى فى المديح :

كالسيف فى إخذامه والغيث فى

إرهامه والليث فى إقدامه (٤)

(٢٥) وقال المتنبى فى وصف شعره :

إنّ هذا الشّعر فى الشّعر ملك

سار فهو الشّمس والدّنيا فلك (٥)

(٢٦) وقال فى المديح :

فلو خلق النّاس من دهرهم

لكانوا الظّلام وكنت النهارا

__________________

(١) السرى الرفاء : كان فى صباه يرفو ويطرز بدكان بالموصل ، وكان مع ذلك يتعلق بالأدب وينظم الشعر ، ولم يزل كذلك حتى جاد شعره ، وكان عذب الألفاظ كثير الافتنان فى التشبيه والوصف ، ومات ببغداد سنة ٣٦٠ ه‍.

(٢) مفتولة مجدولة : أى محكمة ، والقد : القامة ، الأسل : الرماح.

(٣) الزمام : حبل تقاد به الدابة.

(٤) الإخذام : القطع ، والإرهام : دوام سقوط المطر.

(٥) الملك : واحد الملائكة ، والفلك : مدار الشمس ، أى أن شعرى أعلى من سائر الشعر.

٢٩

(٢٧) وقال فى مدح كافور :

وأمضى سلاح قلّد المرء نفسه

رجاء أبى المسك الكريم وقصده

(٢٨) فلان كالمئذنة فى استقامة الظاهر واعوجاج الباطن.

(٢٩) وقال السّرىّ الرّفّاء :

برك تحلّت بالكواكب أرضها

فارتدّ وجه الأرض وهو سماء (١)

(٣٠) وقال البحترى :

بنت بالفضل والعلوّ فأصبح

ت سماء وأصبح النّاس أرضا (٢)

(٣١) وقال فى روضة :

ولو لم يستهلّ لها غمام

بريقه لكنت لها غماما (٣)

(٣٢) الدنيا كالمنجل استواؤها فى اعوجاجها (٤).

(٣٣) الحمية من الأنام ، كالحمية من الطعام (٥).

(٣٤) وقال المعرى :

فكأنّى ما قلت واللّيل طفل

وشباب الظّلماء فى عنفوان (٦)

ليلتى هذه عروس من الزّن

ج عليها قلائد من جمان (٧)

هرب النّوم عن جفونى فيها

هرب الأمن عن فؤاد الجبان

__________________

(١) أى أن خيال الكواكب ظهر فوق الماء الذى يغطى هذه البرك.

(٢) أى بعدت بفضلك وعلو منزلتك عن أن تشبه الناس.

(٣) استهل الغمام : انصب. مطره بشدة وصوت ، والريق من كل شىء أوله ، والمعنى : لو لم ينزل المطر بهذه الأرض لقمت مقام الغمام فى إحيائها.

(٤) المنجل : آلة من الحديد معوجة يقطع بها الزرع.

(٥) : الحمية الوقاية والابتعاد.

(٦) يقصد بطفولة الليل أوله ، وعنفو الشباب وعنفوانه أوله.

(٧) الزنج وتكسر الزاى : جيل من السودان واحدهم زنجى ، والحمان : حب من الفضة كاللؤلؤ.

٣٠

(٣٥) وقال ابن التعاويذى :

ركبوا الدّياجى والسروج أهلّة

وهم بدور والأسنّة أنجم (١)

(٣٦) وقال ابن وكيع :

سلّ سيف الفجر من غمد الدّجى

وتعرى اللّيل من ثوب الغلس (٢)

(٢)

اجعل كل تشبيه من التشبيهين الآتيين مفصّلا مؤكّدا ثم بليغا :

وكأنّ إيماض السيوف بوارق

وعجاج خيلهم سحاب مظلم (٣)

(٣)

اجعل كلّ تشبيه من التشبيهين الآتيين مرسلا مفصلا ثم مرسلا مجملا :

أنا نار فى مرتقى نظر الحا

سد ماء جار مع الإخوان (٤)

(٤)

اجعل التشبيه الآتى مؤكدا مفصلا ثم بليغا ، وهو فى وصف رجلين اتفقا على الوشاية بين الناس :

كشقّى مقص تجمّعتما

على غير شىء سوى التّفرقه (٥)

(٥)

كوّن تشبيهات مرسلة بحيث يكون كلّ مما يأتى مشبها.

الماء ـ القلاع (٦) ـ الأزهار ـ الهلال ـ السيارة ـ الكريم ـ الرعد ـ المطر

__________________

(١) ركبوا الدياجى : أى ركبوا الخيل السود ، والأسنة : أطراف الرماح.

(٢) الدجى : ظلام الليل ، والغلس : ظلام آخر الليل.

(٣) الإيماض : اللمعان ، والبوارق : جمع بارق وهو البرق ، والعجاج : الغبار.

(٤) المرتقى : موضع الارتقاء ، وفى ذلك إشارة إلى رفعة المحسود وضعة الحاسد.

(٥) الشق بكسر الشين : الجانب ، وقد يطلق على النصف من كل شىء.

(٦) جمع قلعة وهى الحصن.

٣١

(٦)

كوّن تشبيهات مؤكدة بحيث يكون فيها كلّ مما يأتى مشبها به :

نسيم ماء زلال جنّة الخلد برج بابل

درّ زهرة ناضرة نار موقدة البدر المتألّق

(٧)

كوّن تشبيهات بليغة يكون فيها كلّ مما يأتى مشبها :

اللسان ـ المال ـ الشرف ـ الأبناء ـ الملاهى ـ الذليل ـ الحسد ـ التعليم

(٨)

اشرح قول ابن التعاويذى بإيجاز فى وصف بطّيخة ، وبيّن أنواع التشبيه فيه :

حلوة الريق حلال

دمها فى كلّ ملّه

نصفها بدر وإن قسّ

متها صارت أهلّه

(٩)

وازن بين قولى أبى الفتح كشاجم (١) فى وصف روضتين ثم بيّن نوع كل تشبيه بهما :

وروض عن صنيع الغيث راض

كما رضى الصّديق عن الصّديق

يعير الرّيح بالنّفحات ريحا

كأنّ ثراه من مسك فتيق (٢)

كأنّ الطّلّ منتشرا عليه

بقايا الدّمع فى الخدّ المشوق

* * *

غيث أتانا مؤذنا بالخفض

متّصل الوبل سريع الرّكض (٣)

فالأرض تجلى بالنّبات الغضّ

فى حليها المحمرّ والمبيضّ (٤)

__________________

(١) شاعر مفتن مطبوع ومنشىء بارع ، كان يعد ريحانة الأدب فى زمانه ، أقام بمصر مدة فاستطابها وله تصانيف عدة ، وتوفى سنة ٣٣ ه‍.

(٢) المسك الفتيق : ما مزج بغيره لتظهر رائحته.

(٣) الخفض : الدعة وهناءة العيش ، والركض : الجرى.

(٤) الغض : الناضر الطرى ، الحلى : ما يتزين به.

٣٢

وأقحوان كاللجين المحض

ونرجس زاكى النّسيم بضّ (١)

مثل العيون رنّقت للغمض

ترنو فيغشاها الكرى فتغضى (٢)

(١٠)

صف بإيجاز ليلة ممطرة ، وهات فى غضون وصفك تشبيهين مرسلين مجملين ، وآخرين بليغين.

(٣) تشبيه التّمثيل

الأمثلة

(١) قال البحترىّ :

هو بحر السّماح والجود فازدد

منه قربا تزدد من الفقر بعدا (٣)

(٢) وقال امرؤ القيس :

وليل كموج البحر أرخى سدوله

علىّ بأنواع الهموم ليبتلى (٤)

* * *

(٣) وقال أبو فراس (٥) :

والماء يفصل بين روض ال

زّهر فى الشّطّين فصلا (٦)

كبساط وشى جرّدت

أيدى القيون عليه نصلا (٧)

__________________

(١) الأقحوان : نبت من نبات الربيع طيب الرائحة أبيض النور فى وسطه دائرة صغيرة صفراء ، وأوراق زهره مفلجة صغيرة ، يشبهون بها الأسنان ، واحدته أقحوانة والجمع أقاحى ، والمحض : الخالص ، والزاكى : الطاهر النقى ، والبض : الطرى الرخص.

(٢) رنقت : أخذت تميل للنعاس ، والغمض : الكرى والنوم ، والإغضاء : انطباق الجفنين.

(٣) السماح : الجود.

(٤) أرخى : أرسل وأسبل ، والسدول : جمع سدل وهو الحجاب والستر ، ويبتلى : من الابتلاء وهو الاختبار.

(٥) هو أبو فراس الحمدانى ، كان فريد عصره فى الأدب والكرم والشجاعة ، وكان شعره جيدا سهلا. قال الصاحب بن عباد : بدئ الشعر بملك وختم بملك ، يعنى امرأ القيس وأبا فراس. وكان المتنبى يشهد له ويخشاه ، ومات قتيلا سنة ٣٥٧ ه‍.

(٦) الشط : جانب النهر.

(٧) الوشى : نوع من الثياب المنقوشة ، وجرد السيف : سله ، والقيون : جمع قين وهو صانع الأسلحة ، والنصل : حديدة السيف أو السهم أو الرمح أو السكين.

٣٣

(٤) وقال المتنبى فى سيف الدولة :

يهزّ الجيش حولك جانبيه

كما نفضت جناحيها العقاب (١)

(٥) وقال السّرىّ الرّفّاء :

وكأنّ الهلال نون لجين

غرقت فى صحيفة زرقاء

البحث :

يشبّه البحترى ممدوحه بالبحر فى الجود والسماح ، وينصح للناس أن يقتربوا منه ليبتعدوا من الفقر ، ويشبه امرؤ القيس الليل فى ظلامه وهوله بموج البحر ، وأنّ هذا الليل أرخى حجبه عليه مصحوبة بالمهموم والأحزان ليختبر صبره وقوة احتماله. وإذا تأملت وجه الشبه فى كل واحد من هذين التشبيهين رأيت أنه صفة أو صفات اشتركت بين شيئين ليس غير ، هى هنا اشتراك الممدوح والبحر فى صفة الجود ، واشتراك الليل وموج البحر فى صفتين هما الظلمة والروعة. ويسمى وجه الشبه إذا كان كذلك مفردا ، وكونه مفردا لا يمنع من تعدد الصفات المشتركة ، ويسمى التشبيه الذى يكون وجه الشبه فيه كذلك تشبيها غير تمثيل.

انظر بعد ذلك إلى التشبيهات التالية :

يشبه أبو فراس حال ماء الجدول ، وهو يجرى بين روضتين على شاطئيه حلّاهما الزّهر ببدائع ألوانه منبثّا بين الخضرة الناضرة ، بحال سيف لماع لا يزال فى بريق جدّته ، وقد جرّده القيون على بساط من حرير مطرّز. فأين وجه الشبه؟ أتظنّ أن الشاعر يريد أن يعقد تشبيهين : الأول تشبيه الجدول بالسيف ، والثانى تشبيه الروضة بالبساط الموشّى؟

__________________

(١) العقاب : طائر كاسر معروف بالعز والمنعة ، ويضرب به المثل فى ذلك فيقال : «أمنع من عقاب الجو» وهو خفيف الجناح سريع الطير.

٣٤

لا ، إنه لم يرد ذلك ، إنما يريد أن يشبّه صورة رآها بصورة تخيلها ، يريد أن يشبه حال الجدول وهو بين الرياض بحال السيف فوق البساط الموشّى ، فوجه الشبه هنا صورة لا مفرد ، وهذه الصورة مأخوذة أو منتزعة من أشياء عدّة ، والصورة المشتركة بين الطرفين هى وجود بياض مستطيل حوله اخضرار فيه ألوان مختلفة.

ويشبه المتنبى صورة جانبى الجيش : ميمنته وميسرته ، وسيف الدولة بينهما ، وما فيهما من حركة واضطراب. بصورة عقاب تنفض جناحيها وتحركهما ، ووجه الشبه هنا ليس مفردا ولكنه منتزع من متعدد وهو وجود جانبين لشىء فى حال حركة وتموّج.

وفى البيت الأخير يشبه السّرىّ حال الهلال أبيض لمّاعا مقوّسا وهو فى السماء الزرقاء ، بحال نون من فضة غارقة فى صحيفة زرقاء ، فوجه الشبه هنا صورة منتزعة من متعدد ، وهو وجود شىء أبيض مقوّس فى شىء أزرق.

فهذه التشبيهات الثلاثة التى مرت بك والتى رأيت أن وجه الشبه فيها صورة مكوّنة من أشياء عدّة يسمّى كل تشبيه فيها تمثيلا.

القاعدة

(٨) يسمّى التشبيه تمثيلا إذا كان وجه الشبه فيه صورة منتزعة من متعدد ، وغير تمثيل إذا لم يكن وجه الشّبه كذلك.

٣٥

نموذج

(١) قال ابن المعتز :

قد انقضت دولة الصّيام وقد

بشّر سقم الهلال بالعيد

يتلو الثريّا كفاغر شره

يفتح فاه لأكل عنقود (١)

(٢) وقال المتنبى فى الرثاء :

وما الموت إلا سارق دقّ شخصه

يصول بلا كفّ ويسعى بلا رجل (٢)

(٣) وقال الشاعر :

وتراه فى ظلم الوغى فتخاله

قمرا يكرّ على الرّجال بكوكب

الإجابة

__________________

(١) الثريا : نجوم مجتمعة تشبه العنقود ، وفغر فاه : فتحه.

(٢) يقول : الموت أشبه بلص دقيق الشخص خفى الأعضاء يسعى إلينا من غير أن فشعر به ، ويسطو من حيث لا ندرى ، فلا سبيل لنا إلى الاحتراس منه.

٣٦

تمرينات

(١)

بيّن المشبه والمشبه به فيما يأتى :

(١) قال ابن المعتز يصف السماء بعد تقشّع سحابة :

كأن سماءنا لما تجلّت

خلال نجومها عند الصباح

رياض بنفسج خضل نداه

تفتّح بينه نور الأقاحى (١)

(٢) وقال ابن الرومى :

ما أنس لا أنس خبّازا مررت به

يدحو الرّقاقة وشك اللمح بالبصر (٢)

ما بين رؤيتها فى كفّه كرة

وبين رؤيتها قوراء كالقمر (٣)

إلّا بمقدار ما تنداح دائرة

فى صفحة الماء ترمى فيه بالحجر (٤)

(٣) وقال فى المشيب :

أوّل بدء المشيب واحدة

تشعل ما جاورت من الشعر

مثل الحريق العظيم تبدؤه

أول صول صغيرة الشّرر (٥)

(٤) وقال آخر :

تقلّدتنى الليالى وهى مدبرة

كأنّنى صارم فى كفّ منهزم (٦)

__________________

(١) الخضل : الرطب ، يقول : بعد أن انقشعت هذه الغمامة صارت السماء بين النجوم المنتثرة وقت الفجر كرياض من البنفسج المبتل بالماء تفتحت فى أثنائه أزهار الأقاحى.

(٢) يدحو : يبسط ، وشك اللمح : أى فى سرعة اللمح. واللمح : اختلاس النظر.

(٣) القوراء : المستديرة.

(٤) تنداح : تنبسط وتتسع

(٥) الصول : مصدر صال يصول بمعنى وثب وسطا.

(٦) الصارم : السيف القاطع.

٣٧

(٥) وقال تعالى : «إِنَّما مَثَلُ الْحَياةِ الدُّنْيا كَماءٍ أَنْزَلْناهُ مِنَ السَّماءِ فَاخْتَلَطَ بِهِ نَباتُ الْأَرْضِ مِمَّا يَأْكُلُ النَّاسُ وَالْأَنْعامُ حَتَّى إِذا أَخَذَتِ الْأَرْضُ زُخْرُفَها وَازَّيَّنَتْ وَظَنَّ أَهْلُها أَنَّهُمْ قادِرُونَ عَلَيْها (١) أَتاها أَمْرُنا (٢) لَيْلاً أَوْ نَهاراً فَجَعَلْناها حَصِيداً (٣) كَأَنْ لَمْ تَغْنَ بِالْأَمْسِ (٤)».

(٦) وقال صاحب كليلة ودمنة :

يبقى الصّالح من الرجال صالحا حتى يصاحب فاسدا فإذا صاحبه فسد ، مثل مياه الأنهار تكون عذبة حتى تخالط ماء البحر فإذا خالطته ملحت. وقال : من صنع معروفا لعاجل الجزاء فهو كملقى الحب للطير لا لينفعها بل ليصيدها به.

(٧) وقال البحترى :

وجدت نفسك من نفسى بمنزلة

هى المصافاة بين الماء والرّاح (٥)

(٨) وقال أبو تمّام فى مغنّية تغنّى بالفارسية :

ولم أفهم معانيها ولكن

ورت كبدى فلم أجهل شجاها (٦)

فبتّ كأنّنى أعمى معنّى

يحبّ الغانيات ولا يراها (٧)

(٩) وقال فى صديق عاق :

إنّى وإيّاك كالصادى رأى نهلا

ودونه هوّة يخشى بها التّلفا (٨)

رأى بعينيه ماء عزّ مورده

وليس يملك دون الماء منصرفا

__________________

(١) متمكنون من تثميرها.

(٢) أتاها أمرنا : أى أصبناها بآفة تهلك زرعها.

(٣) الحصيد : ما يحصد من الزرع ، والمراد جعل زرعها يابسا جافا.

(٤) كأن لم تغن بالأمس : أى كأن لم يكن بها زرع.

(٥) الراح : الخمر.

(٦) ورت كبدى : ألهبته ، والشجا مصدر شجى يشجى أى حزن ، والمعنى لم أجهل ما بعثته فى نفسى من الحزن.

(٧) المعنى : المتعب الحزين.

(٨) الصادى : الظمآن ، والمراد بالنهل هنا مورد الماء ، والهوة : ما انهبط من الأرض ...

٣٨

(١٠) وقال الله تعالى : «مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ وَاللهُ يُضاعِفُ لِمَنْ يَشاءُ وَاللهُ واسِعٌ عَلِيمٌ».

(١١) وقال تعالى : «اعْلَمُوا أَنَّمَا الْحَياةُ الدُّنْيا لَعِبٌ وَلَهْوٌ وَزِينَةٌ وَتَفاخُرٌ بَيْنَكُمْ وَتَكاثُرٌ فِي الْأَمْوالِ وَالْأَوْلادِ كَمَثَلِ غَيْثٍ (١) أَعْجَبَ الْكُفَّارَ (٢) نَباتُهُ ثُمَّ يَهِيجُ فَتَراهُ مُصْفَرًّا ثُمَّ يَكُونُ حُطاماً (٣) وَفِي الْآخِرَةِ عَذابٌ شَدِيدٌ وَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللهِ وَرِضْوانٌ وَمَا الْحَياةُ الدُّنْيا إِلَّا مَتاعُ الْغُرُورِ».

(١٢) وقال تعالى : «وَالَّذِينَ كَفَرُوا أَعْمالُهُمْ كَسَرابٍ (٤) بِقِيعَةٍ (٥) يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ ماءً حَتَّى إِذا جاءَهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللهَ عِنْدَهُ فَوَفَّاهُ حِسابَهُ وَاللهُ سَرِيعُ الْحِسابِ. أَوْ كَظُلُماتٍ فِي بَحْرٍ لُجِّيٍ (٦) يَغْشاهُ (٧) مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ مَوْجٌ مِنْ فَوْقِهِ سَحابٌ ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ (٨) إِذا أَخْرَجَ يَدَهُ لَمْ يَكَدْ يَراها وَمَنْ لَمْ يَجْعَلِ اللهُ لَهُ نُوراً فَما لَهُ مِنْ نُورٍ (٩)».

__________________

(١) الغيث : المطر

(٢) الكفار : الزراع

(٣) الحطام : الشجر اليابس المفتت. يشبه الله سبحانه وتعالى الحياة الدنيا ، وهى حياة اللعب واللهو والزينة والمباهاة بالأحساب والأنساب ، بمطر أنبت زرعا فنما حتى صار بهجة النفس وقرة العين ، ثم أصابته آفة فاصفر ثم صار شجرا يابسا لا ينفع.

(٤) السراب : هو ما يرى فى الفلوات والصحارى عند شدة الحر كأنه ماء وليس به.

(٥) القيعة : منبسط من الأرض.

(٦) اللجى : العميق.

(٧) يغشاه : يغطيه.

(٨) ظلمات بعضها فوق بعض : هى ظلمة السحاب وظلمة الموج وظلمة البحر.

(٩) ومن لم يجعل ... إلخ : أى من لم يهده الله فما له من هاد.

٣٩

(٢)

ميّز تشبيه التمثيل من غيره فيما يأتى :

(١) قال البوصيرى (١) :

والنّفس كالطّفل إن تهمله شبّ على

حب الرّضاع وإن تفطمه ينفطم

(٢) وقال فى وصف الصحابة :

كأنّهم فى ظهور الخيل نبت ربا

من شدّة الحزم لا من شدّة الحزم (٢)

(٣) وقال المتنبى فى وصف الأسد :

يطأ الثّرى مترفّقا من تيهه

فكأنه آس يجسّ عليلا (٣)

(٤) وقال فى وصف بحيرة فى وسط رياض :

كأنها فى نهارها قمر

حفّ به من جنانها ظلم (٤)

(٥) وقال الشاعر :

رب ليل قطعته كصدود

وفراق ما كان فيه وداع

موحش كالثّقيل تقذى به العي

ن وتأبى حديثه الأسماع (٥)

(٦) وقال تعالى : «مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ أَوْلِياءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كانُوا يَعْلَمُونَ».

__________________

(١) البوصيرى : كاتب شاعر متصوف حسن الديباجة مليح المعانى ، وأشهر شعره البردة والهمزية ، وقد نظمها فى مدح الرسول صلّى الله عليه وسلّم ، وتوفى بالإسكندرية سنة ٦٩٦ ه‍ وقبره بها مشهور يزار.

(٢) أى أن ثباتهم فوق خيولهم ناشئ من قوة حزمهم وحيطتهم لا من إحكام أحزمة السروج.

(٣) الثرى : الأرض ، والتيه : الكبرياء ، والآسى : الطبيب.

(٤) حف به : أحاط ، والجنان : جمع جنة وهى البستان.

(٥) تقذى به : تتأذى به.

٤٠