البلاغة الواضحة

علي الحازم ومصطفى أمين

البلاغة الواضحة

المؤلف:

علي الحازم ومصطفى أمين


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الصادق عليه السلام للطباعة والنشر
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٥
الصفحات: ٣٠٦

الإجابة

تمرينات

(١)

لم كانت صيغ الأمر فى الأمثلة الآتية تفيد الإرشاد ، والالتماس ، والتعجيز ، والتمنى ، والدعاء على الترتيب؟ :

(١) وكن على حذر للنّاس تستره

ولا يغرّك منهم ثغر مبتسم

(٢) يا خليلىّ خلّيانى وما بى

أو أعيدا إلىّ عهد الشّباب

(٣) يا دار عبلة بالجواء تكلّمى

وعمى صباحا دار عبلة واسلمى (١)

(٢)

لم كانت صيغ الأمر فى الأمثلة الآتية تفيد الدعاء ، والتعجيز ، والتسوية ، على الترتيب؟ :

(١) اسلم يزيد فما فى الدّين من أود

إذا سلمت وما فى الملك من خلل (٢)

(٢) أرنى الذى عاشرته فوجدته

متغاضيا لك عن أقلّ عثار

(٣) اصبروا أو لا تصبروا.

__________________

(١) البيت لعنترة بن شداد ، وعبلة : اسم امرأة ، والجواء : واد فى ديار بنى عبس ، وعمى صباحا : أنعمى ، يقول للدار : أخبرينى عن أهلك أنعم الله حالك وسلمك من البلى.

(٢) الأود : العوج ، والخلل : الفساد فى الأمر.

١٨١

(٣)

بين صيغ الأمر وما يراد بها فيما يأتى :

(١) نصح أحد الخلفاء عاملا له فقال :

تمسّك بحبل القرآن واستنصحه ، وأحلّ حلاله وحرّم حرامه.

(٢) وقال حكيم لابنه :

يا بنىّ استعذ بالله من شرار النّاس ، وكن من خيارهم على حذر.

(٣) يا بنى زاحم العلماء بركبتيك ، وأنصت إليهم بأذنيك ، فإن القلب يحيا بنور العلم كما تحيا الأرض الميتة بمطر السماء.

(٤) وقال أبو الطيب يخاطب سيف الدولة :

أجزنى إذا أنشدت شعرا فإنما

بشعرى أتاك المادحون مردّدا (١)

ودع كلّ صوت غير صوتى فإنّنى

أنا الطائر المحكىّ والآخر الصّدى (٢)

(٥) وقال البحترى :

فاسلم سلامة عرضك الموفور من

صرف الحوادث والزّمان الأنكا

(٦) وقال أبو نواس :

فامض لا تمنن علىّ يدا

منّك المعروف من كدره (٣)

(٧) وقال الصّمة بن عبد الله :

قفا ودّعا نجد ومن حلّ بالحمى

وقلّ لنجد عندنا أن يودّعا (٤)

__________________

(١) أجزنى : كافئنى ، يقول : إذا أنشدك الشاعر شعرا فاجعل جائزته لى لأن الذى أنشدته هو شعرى أتاك به المادحون يرددونه عليك ، والمعنى أنهم يسلخون معانى أشعارى ويقتبسون ألفاظى ويمدحونك.

(٢) المعنى : لا يقال غير شعرى فإن شعرى هو الأصل وغيره حكاية له كالصدى الذى يحكى صوت الصائح.

(٣) لا تمنن : لا تمتن ، واليد : النعمة ، يقول : لا تمتن على بما أسديت إلى من النعم فإن المنة تهدم الصنيعة.

(٤) الحمى : موضع فيه ماء وكلأ يمنع الناس منه ، والنجد : كل ما ارتفع من تهامة إلى أرض العراق ، يقول : يا خليلى قفا حتى تودعا نجدا ومن سكن حماه والتوديع قليل عندى على نجد فإنه جدير بأكثر من ذلك.

١٨٢

(٨) وقال تعالى :

«يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنِ اسْتَطَعْتُمْ أَنْ تَنْفُذُوا مِنْ أَقْطارِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ فَانْفُذُوا لا تَنْفُذُونَ إِلَّا بِسُلْطانٍ».

(٩) وقال أبو الطيب :

أقلّ اشتياقا أيّها القلب ربّما

رأيتك تصفى الودّ من ليس جازيا (١)

(١٠) وقال مهيار الديلمى :

وعش إمّا قرين أخ وفىّ

أمين الغيب أو عيش الوحاد

(١١) وقال المعرى :

أبنات الهديل أسعدن أو عد

ن قليل العزاء بالإسعاد (٢)

إيه لله درّكنّ فأنت

نّ اللّواتى تحسنّ حفظ الوداد (٣)

(٤)

(١) هات أمثلة لصيغ الأمر الأربع ، بحيث يكون المعنى الحقيقى للأمر هو المراد فى كل صيغة.

(٢) هات مثالين لصيغة الأمر المفيد التخيير.

(٣) هات مثالين لصيغة الأمر المفيد التهديد.

(٤) هات مثالين لصيغة الأمر المفيد التعجيز.

(٥)

العب واهجر قراءة الدرس.

قد يكون الأمر فى الجملتين السابقتين للتوبيخ ، أو للإرشاد ، أو للتهديد. فبين حال المخاطب فى كل حال من الأحوال الثلاث.

__________________

(١) أقل فعل أمر من الإقلال ، وتصفى : تخلص ، يقول لقلبه : لا تشتق إلى من فارقته فإنك تخلص الود لمن لا يجزيك عليه بود مثله.

(٢) الهديل : الذكر من الحمام أو صوته أو هو اسم الفرخ من عهد نوح كما تزعم العرب.

(٣) إيه اسم فعل أمر ، ومعناه طلب الزيادة من حديث أو عمل.

١٨٣

(٦)

اسبح فى البحر.

قد يكون الأمر فى الجملة السابقة للدعاء ، أو للالتماس ، أو للتعجيز ، أو للإرشاد ، فبين حال المخاطب فى كل من الأحوال الأربع.

(٧)

حول الجمل الخبرية الآتية إلى جمل إنشائية أمرية واستوف جميع صيغ الأمر :

أنت تبكر فى عملك. يخرج علىّ إلى الرّياض. تصبر نفسى على الشدائد. يأخذ البطل سيفه. يثبت هشام فى مكانه. يترك محمد المزاح.

(٨)

اشرح ما يأتى وبيّن ما راعك من بلاغته وحسن تأديته المعنى :

كان أبو مسلم (١) يقول لقوّاده أشعروا قلوبكم الجراءة فإنها من أسباب الظفر ، وأكثروا ذكر الضغائن فإنها تبعث على الإقدام ، والزموا الطائفة فإنها حصن المحارب.

(٢) النّهى

الأمثلة :

(١) قال تعالى فى النهى عن أخذ مال اليتيم بغير حق :

«وَلا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ».

(٢) وقال فى النهى عن قطع الإنسان رحمه :

«وَلا يَأْتَلِ (٢) أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى».

__________________

(١) هو عبد الرحمن بن مسلم القائم بالدعوة العباسية ، وأحد كبار القادة ، كان فصيحا فى العربية والفارسية ، عالما بالأمور مقداما داهية حازما يروى الشعر ويقوله ، وبلغ فى عمره القصير منزلة عظماء العالم ، وقد قتله المنصور لما رأى منه طمعا فى الملك سنة ١٣٧ ه‍.

(٢) يأتل : يحلف ، والسعة : الغنى.

١٨٤

(٣) وقال فى النهى عن اتخاذ بطانة السوء :

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا) (١).

* * *

(٤) وقال مسلم بن الوليد فى الرشيد :

لا يعدمنك حمى الإسلام من ملك

أقمت قلّته من بعد تأويد (٢)

(٥) وقال أبو الطيب فى سيف الدولة :

فلا تبلغاه ما أقول فإنّه

شجاع متى يذكر له الطّعن يشتق

(٦) وقال أبو نواس فى مدح الأمين :

يا ناق لا تسأمى أو تبلغى ملكا

تقبيل راحته والرّكن سيّان (٣)

متى تحطّى إليه الرّحل سالمة

تستجمعى الخلق فى تمثال إنسان

(٧) وقال أبو العلاء :

ولا تجلس إلى أهل الدّنايا

فإنّ خلائق السّفهاء تعدى

__________________

(١) لا يألونكم خبالا : أى لا يقصرون فى إفساد شئونكم.

(٢) قلة كل شىء : أعلاه ، والتأويد : التعويج.

(٣) الراحة : الكف ، والركن : يريد به ركن الحطيم بالكعبة.

١٨٥

(٨) وقال أبو الأسود الدؤلى (١).

لا تنه عن خلق وتأتى مثله

عار عليك إذا فعلت عظيم

(٩) وقال آخر :

لا تعرضنّ لجعفر متشبّها

بندى يديه فلست من أنداده

(١٠) لا تمتثل أمرى (تقول ذلك لمن هو دونك)

(١١) قال أبو الطيب يهجو كاورا :

لا تشتر العبد إلّا والعصا معه

إنّ العبيد لأنجاس مناكيد (٢)

البحث :

إذا تأملت أمثلة الطائفة الأولى رأيت كلّا منها يشتمل على صيغة يطلب بها الكفّ عن الفعل : وإذا أنعمت النظر رأيت طالب الكفّ فيها أعظم وأعلى ممن طلب منه ، فإن الطالب فى أمثلة هذه الطائفة هو الله سبحانه وتعالى والمطلوب منهم هم عباده ؛ وهذا هو النهى الحقيقى ، وإذا تأملت صيغته فى كل مثال يرد عليك وجدتها واحدة لا تتغير ، وهى المضارع المقرون بلا الناهية.

انظر إذا إلى الطائفة الثانية تجد أن النهى فى جميعها لم يستعمل فى معناه الحقيقى. وهو طلب الكف من أعلى لأدنى ، وإنما يدل على معان أخرى يدركها السامع من السّياق وقرائن الأحوال.

فمسلم بن الوليد فى المثال الرابع لا يقصد من النهى إلّا الدعاء للخليفة الرشيد بالبقاء لتأييد الإسلام وإعلاء كلمته.

__________________

(١) هو ظالم بن عمرو بن ظالم من قبيلة الدئل ، كان شاعرا مجيدا وفقيها محدثا وفارسا شجاعا صحب عليا وشهد معه صفين ، وهو أول من وضع النحو بإشارة على رضى الله عنه ، وتوفى سنة ٦٥ ه

(٢) المناكيد : جمع منكود وهو قليل الخير : أى أن العبد لا يصلح إلا بالضرب والإهانة

١٨٦

وأبو الطيب فى المثال الخامس إنما يلتمس من صاحبيه أن يكتما عن سيف الدولة ما سمعاه فى وصف شجاعته وفتكه بالأعداء وحسن بلائه فى الحروب ؛ لأنه شجاع والشجعان يشتاقون إلى الحروب متى ذكرت لهم ، وهذا على ما جرت به عادة العرب فى شعرهم إذ يتخيل الشاعر أن له رفيقين يصطحبانه ويستمعان لإنشاده ، فيخاطبهما مخاطبة الأنداد ، وصيغة النهى متى وجّهت من ندّ إلى ندّه أفادت الالتماس.

وأبو نواس فى المثال السادس إنما يتمنى أن تتحمل ناقته مشاق السفر وألا ينزل بها السأم حتى تبلغ ديار الأمين ، فترى هناك كيف جمع الله العالم فى صورة إنسان.

وأبو العلاء فى بيته إنما ينصح مخاطبه ويرشده إلى الابتعاد عن السفهاء وأهل الدنايا.

وأبو الأسود إنما يقصد توبيخ من ينهى الناس عن السوء ولا ينته عنه ، ويقصد الآخرون فى الأمثلة الثلاثة الباقية إلى التيئيس ، والتهديد ، والتحقير على الترتيب.

القواعد :

(٤٠) النّهى طلب الكفّ عن الفعل على وجه الاستعلاء.

(٤١) للنّهى صيغة واحدة هى المضارع مع لا النّاهية.

(٤٢) قد تخرج صيغة النّهى عن معناها الحقيقىّ إلى معان أخرى تستفاد من السّياق وقرائن الأحوال ، كالدّعاء ، والالتماس ، والتمنّى ، والإرشاد ، والتّوبيخ ، والتّيئيس ، والتّهديد ، والتّحقير.

١٨٧

نموذج

بيّن صيغة النهى والمراد منها فى كل مثال من الأمثلة الآتية :

(١) قال تعالى : «وَلا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلاحِها».

(٢) وقال أبو العلا :

لا تحلفنّ على صدق ولا كذب

فما يفيدك إلّا المأثم الحلف

(٣) وقال تعالى : «لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ».

(٤) وقال : «لا تَعْتَذِرُوا قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ».

(٥) وقال البحترى يخاطب المعتمد على الله (١) :

لا تخل من عيش يكرّ سروره

أبدا ونوروز عليك معاد (٢)

(٦) وقال الغزّى :

ولا تثقلا جيدى بمنة جاهل

أروح بها مثل الحمام مطوّقا

(٧) وقال آخر :

لا تطلب المجد إن المجد سلّمه

صعب وعش مستريحا ناعم البال

(٨) وقالت الخنساء ترثى أخاها صخرا (٣) :

أعينىّ جودا ولا تجمدا

ألا تبكيان لصخر النّدى (٤)

(٩) قال خالد بن صفوان :

لا تطلبوا الحاجات فى غير حينها ، ولا تطلبوها من غير أهلها.

__________________

(١) هو الخليفة العباسى الخامس عشر ، بويع بالخلافة سنة ٢٥٦ ه‍ واشتهر بالحلم الواسع ، وتوفى سنة ٢٧٩ ه‍.

(٢) النوروز : أول يوم فى السنة الشمسية وهو من أعياد الفرس.

(٣) هو الشهم الكريم أخو الخنساء لأبيها ، وقد قتل قبل الإسلام بقليل فرثته أخته بقصائد غراء نالت من أجلها الصيت الذائع بين شعراء الجاهلية والمخضرمين.

(٤) لا تجمدا : أى لا تبخلا بالدموع.

١٨٨

الإجابة

الرقم

صيغه النهى

المعني المراد

الرقم

صيغه النهى

المعني المراد

١

ولاتُفسدوا

معني الحقيق النهى

٦

لاتثقلا

الالمّاس

٢

لاتحلفن

الإشاد

٧

لاتطلب

التحقير

٣

لايسخر

التوبيخ

٨

لاتجمدا

التمنى

٤

لاتعتذروا

التيئيس

٩

لاتطلبوا

الإرشاد

٥

لاتخل

الدعاء

ولاتطلبوا

الإشاد

تمرينات

(١)

لم كان النهى فيما يأتى للإرشاد ، والتمنى ، والتهديد ، والتحقير ، على الترتيب؟ :

(١) لا يخدعنك من عدوّ دمعه

وارحم شبابك من عدوّ ترحم

(٢) لا تمطرى أيّتها السّماء.

(٣) لا تقلع عن عنادك (تقوله لمن هو دونك).

(٤) لا تجهد نفسك فيما تعب فيه الكرام.

(٢)

بيّن صيغ النهى والمراد من كل صيغة فيما يأتى :

(١) قال أبو الطيب فى مدح سيف الدولة :

لا تطلبنّ كريما بعد رؤيته

إنّ الكرام بأسخاهم يدا ختموا

لا تحسب المجد تمرا أنت آكله

لن تبلغ المجد حتّى تلعق الصّبرا

(٣) وقال الطغرائى (١) :

لا تطمحنّ إلى المراتب قبل أن

تتكامل الأدوات والأسباب

__________________

(١) هو مؤيد الدين الأصبهانى المعروف بالطغرائى ، فاق أهل زمنه فى صنعة النظم والنثر ، وقد رمى بالإلحاد فقتل سنة ٥١٤ ه‍.

١٨٩

(٤) وقال الشريف الرّضى :

لا تأمننّ عدوّا لان جانبه

خشونة الصّلّ عقبى ذلك اللين (١)

(٥) وقال أبو الطيب :

فلا تنلك الليالى إنّ أيديها

إذا ضربن كسرن النّبع بالغرب (٢)

(٦) لا تلهينّك عن معادك لذّة

تفنى وتورث دائم الحسرات

(٧) لا تحسبوا من قتلتم كان ذا رمق

فليس تأكل إلّا الميتة الضّبع

(٨) قال أبو العلاء :

لا تطويا السرّ عنّى يوم نائبة

فإنّ ذلك ذنب غير مغتفر

والخلّ كالماء يبدى لى ضمائره

مع الصّفاء ويخفيها مع الكدر

(٩) وقال الله تعالى :

«وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ».

(١٠) وقال أبو الطيب :

ولا تشكّ إلى خلق فتشمته

شكوى الجريح إلى الغربان والرّخم (٣)

(١١) لا تطلب المجد واقنع

فمطلب المجد صعب

(٣)

(١) هات مثالين تفيد صيغة النهى فى كل منهما المعنى الأصلى للنهى.

(٢) هات ثلاثة أمثلة تكون صيغة النهى فى المثال الأول منها مفيدة الدعاء ، وفى الثانى الالتماس ، وفى الثالث التمنّى.

__________________

(١) الصل بالكسر : الحية التى لا تنفع منها الرقية.

(٢) تنلك : تصبك. والنبع : شجر صلب. والغرب : نبت ضعيف ، يقول : لا أصابتك الليالى بسوء فإنها تغلب القوى بالضعيف.

(٣) تشك مضارع من التشكى ، وشكوى مفعول مطلق ، الرخم : طائر ، يقول : لا تشك إلى أحد ما ينزل بك من ضر لئلا تشتمه بشكواك ، فيكون حالك كحال الجريح يشكو جراحه إلى الطيور التى ترقب موته لتأكله.

١٩٠

(٣) هات ثلاثة أمثلة تكون صيغة النّهى فى أولها للإرشاد. وفى الثانى للتيئيس ، وفى الثالث للتهديد.

(٤)

لا تفارق فراش نومك.

قد يكون النهى فى الجملة السابقة للإرشاد ، أو التهديد ، أو التوبيخ ؛ فبين حال المخاطب فى كل حال من الأحوال الثلاث.

(٥)

حول الجمل الخبرية الآتية إلى جمل إنشائية من باب النهى ، وعيّن المراد من صيغة النهى فى كل جملة تأتى بها :

(١) أنت تعتمد على غيرك.

(٥) أنتم تعتذرون اليوم.

(٢) أن تطيع أمرى.

(٦) أنت تؤاخذنى بكل هفوة.

(٣) أنت تكثر من عتاب الصديق.

(٧) يحضر علىّ مجلسنا.

(٤) أنت تنهى عن الشر وتفعله.

(٨) يهمل القرويون تعليم أبنائهم.

 (٦)

اشرح البيتين الآتيين وبيّن المراد من صيغتى النهى فيهما :

فلا تلزمنّ النّاس غير طباعهم

فتتعب من طول العتاب ويتعبوا

ولا تغترر منهم بحسن بشاشة

فأكثر إيماض البوارق خلّب (١)

__________________

(١) إيماض البرق : لمعانه ، والبوارق جمع بارقة : وهى البرق ، والخلب : الذى ليس بعده مطر.

١٩١

(٣) الاستفهام وأدواته

ا ـ الهمزة وهل

الأمثلة :

البحث :

الجمل السابقة جميعها تفيد الاستفهام ، وهو كما تعلم طلب العلم بشىء لم يكن معلوما من قبل ، وأداته فى أمثلة الطائفتين ا ، ب «الهمزة» وفى أمثلة الطائفة ح «هل». ونريد هنا أن نعرف الفرق بين الأداتين فى المعنى والاستعمال.

تدبر أمثال الطائفة «ا» حيث أداة الاستفهام هى الهمزة ، تجد أن المتكلم فى كل منها يعرف النسبة التى تضمنها الكلام ، ولكنه يتردد بين شيئين ويطلب تعيين أحدهما ؛ لأنه فى المثال الأول مثلا يعرف أن السفر واقع فعلا وأنه منسوب إلى واحد من اثنين ، المخاطب أو أخيه ؛ فهو لذلك

١٩٢

لا يطلب معرفة النسبة ، وإنما يطلب معرفة مفرد ، وينتظر من المسئول أن يعين له ذلك المفرد ويدله عليه ، ولذلك يكون جوابه بالتعيين فيقال له : «أخى» مثلا. وفى المثال الثانى يعلم السائل أن واحدا من شيئين : الشراء أو البيع قد نسب إلى المخاطب فعلا ، ولكنه متردد بينهما فلا يدرى أهو الشراء أم البيع ، فهو إذا لا يطلب معرفة النسبة لأنها معروفة له ، ولكنه يسأل عن مفرد ويطلب تعيينه ، ولذا يجاب بالتعيين فيقال له فى الجواب : «بائع» مثلا ، وهكذا يقال فى بقية أمثلة الطائفة «ا».

وإذا تدبرت المفرد المسئول عنه فى أمثلة هذه الطائفة ، وكذلك فى كل مثال آخر يعرض لك ، وجدته دائما يأتى بعد الهمزة مباشرة سواء أكان مسندا إليه كما فى المثال الأول ، أم مسندا كما فى الثانى ، أم مفعولا به كما فى الثالث ، أم حالا كما فى الرابع ، أم ظرفا كما فى الخامس ، أم غير ذلك ، ووجدت له معادلا يذكر بعد «أم» كما ترى فى الأمثلة. وقد يحذف هذا المعادل فتقول : أأنت المسافر؟ أمشتر أنت؟ وهلم جرّا.

* * *

انظر إلى أمثلة الطائفة «ب» حيث أداة الاستفهام هى الهمزة أيضا تجد الحال على خلاف ما كانت فى أمثلة الطائفة «ا» ، فإن المتكلم هنا متردد بين ثبوت النسبة ونفيها ، فهو يجهلها ولذلك يسأل عنها ويطلب معرفتها ، ففى المثال السادس مثلا يتردد المتكلم بين ثبوت الصّدإ للذهب ونفيه عنه ولذلك يطلب معرفة هذه النسبة ، ويكون جوابه بنعم إن أريد الإثبات ، وبلا إن أريد النفى ، وإذا تأملت الأمثلة هنا لم تجد للمسئول عنه وهو النسبة معادلا.

ومما تقدم ترى أن للهمزة استعمالين فتارة يطلب بها معرفة مفرد ، وتارة بطلب بها معرفة نسبة ، وتسمى معرفة المفرد تصورا ومعرفة النسبة تصديقا.

* * *

انظر إلى أمثلة الطائفة «ح» حيث أداة الاستفهام «هل» تجد أن

١٩٣

المتكلم فى كل منها لا يتردد فى معرفة مفرد من المفردات ، ولكنه متردد فى معرفة النسبة فلا يدرى أمثبتة هى أم منفية فهو يسأل عنها ، ولذلك يجاب بنعم إن أريد الإثبات ، وبلا إن أريد النفى ، ولو أنك تتبعت جميع الأمثلة التى يستفهم فيها بهل لوجدت المطلوب هو معرفة النسبة ليس غير ؛ «فهل» إذا لا تكون إلا لطلب التصديق ويمتنع معها ذكر المعادل.

القواعد :

(٤٣) الاستفهام طلب العلم بشىء لم يكن معلوما من قبل ، وله أدوات كثيرة منها : الهمزة ، وهل.

(٤٤) يطلب بالهمزة أحد أمرين :

(ا) التّصوّر وهو إدراك المفرد ، وفى هذه الحال تأتى الهمزة متلوّة بالمسئول عنه ويذكر له فى الغالب معادل بعد أم.

(ب) التّصديق وهو إدراك النّسبة ، وفى هذه الحال يمتنع ذكر المعادل (١).

(٤٥) يطلب بهل التّصديق ليس غير ، ويمتنع معها ذكر المعادل (٢).

__________________

(١) إن جاءت «أم» بعد همزة التصور تكون «متصلة» وإن جاءت بعد همزة التصديق أو هل قدرت «منقطعة» وتكون بمعنى «بل».

(٢) هل ، قسمان : بسيطة إن استفهم بها عن وجود الشىء أو عدمه ، نحو : هل الإنسان الكامل موجود؟ ومركبة إن استفهم بها عن وجود شىء لشىء ، نحو : هل النبات حساس؟

١٩٤

(ب) بقيّة أدوات الاستفهام

الأمثلة :

(١) من اختطّ القاهرة؟

(٣) ما الكرى؟

(٢) من حفر ترعة السّويس؟

(٤) ما الإسراف؟

* * *

* * *

(٥) متى تولّى الخلافة عمر؟

(٧) يسأل أيّان يوم القيامة؟

(٦) متى يعود المسافرون؟

(٨) يسألونك عن السّاعة أيّان مرساها؟

البحث :

الجمل المتقدمة جميعها استفهامية ، وإذا تأملت معانى أدوات الاستفهام هنا رأيت أن «من» يطلب بها تعيين العقلاء ، وأن «ما» تكون لغير العقلاء ، ويطلب بها تارة شرح الاسم كما إذا قلت : ما الكرى؟ فتجاب بأنه النوم ، وتارة يطلب بها حقيقة المسمى ، كما إذا قلت : ما الإسراف؟ فتجاب بأنه تجاوز الحد فى النفقة وغيرها ، ووجدت أن «متى» يطلب بها تعيين الزمان ماضيا أو مستقبلا ، «وأيان» للزمان المستقبل خاصة وتكون فى موضع التفخيم والتهويل.

وهناك أدوات أخرى للاستفهام هى : كيف ، وأين ، وأنّى ، وكم ، وأى ، «فكيف» يطلب بها تعيين الحال نحو : كيف جئتم؟ و «أين» يطلب بها تعيين المكان نحو : أين دجلة والفرات؟ و «أنّى» تكون بمعنى كيف ، نحو : أنى تسود العشيرة وأبناؤها متخاذلون؟ وبمعنى من أين نحو : أنى لهم هذا المال وقد كانوا فقراء؟ وبمعنى متى نحو : أنى يحضر الغائبون؟ و «كم» يطلب بها تعيين العدد نحو : كم جنديّا فى الكتيبة؟ وأما «أىّ» فيطلب بها تعيين أحد المتشاركين فى أمر يعمهما؟ نحو : أى

١٩٥

الأخوين أكبر سنّا؟ وتقع على الزمان ، والمكان ، والحال ، والعاقل ، وغير العاقل على حسب ما تضاف إليه. وجميع هذه الأدوات تأتى للتصور ليس غير ، ولذلك يكون الجواب معها بتعيين المسئول عنه.

القواعد :

(٤٦) للاستفهام أدوات أخرى غير الهمزة وهل ، وهى :

من ويطلب بها تعيين العقلاء.

ما ويطلب بها شرح الاسم أو حقيقة المسمّى.

متى ويطلب بها تعيين الزّمان ماضيا كان أو مستقبلا.

أيّان ويطلب بها تعيين الزّمان المستقبل خاصّة وتكون فى موضع التّهويل.

كيف ويطلب بها تعيين الحال.

أين ويطلب بها تعيين المكان.

أنّى وتأتى لمعان عدّة ، فتكون بمعنى كيف ، وبمعنى من أين ، وبمعنى متى.

كم ويطلب بها تعيين العدد.

أى ويطلب بها تعيين أحد المتشاركين فى أمر يعمّهما ، ويسأل بها عن الزّمان والحال والعدد والعاقل وغير العاقل على حسب ما تضاف إليه.

(٤٧) جميع الأدوات المتقدّمة يطلب بها التصوّر ، ولذلك يكون الجواب معها بتعيين المسئول عنه.

١٩٦

(ح) المعانى الّتى تستفاد من الاستفهام بالقرائن.

الأمثلة :

(١) قال البحترىّ :

هل الدّهر إلّا غمرة وانجلاؤها

وشيكا وإلّا ضيقة وانفراجها؟ (١)

(٢) وقال أبو الطيب فى المديح :

أتلتمس الأعداء بعد الّذى رأت

قيام دليل أو وضوح بيان؟ (٢)

(٣) وقال البحترى :

ألست أعمّهم جودا وأزكا

هم عودا وأمضاهم حساما؟ (٣)

(٤) وقال آخر :

إلام الخلف بينكم إلا ما؟

وهذى الضّجّة الكبرى علاما؟

(٥) وقال أبو الطيب فى الرثاء :

من للمحافل والجحافل والسّرى

فقدت بفقدك نيّر الا يطلع (٤)

ومن اتّخذت على الضّيوف خليفة

ضاعوا ومثلك لا يكاد يضيّع

(٦) وقال يهجو كافورا :

من أيّة الطّرق يأتى مثلك الكرم؟

أين المحاجم يا كافور والجلم؟ (٥)

__________________

(١) الغمرة : الشدة ، وانجلاؤها : زوالها ، ووشيكا : سريعا.

(٢) يقول : هل يطلب أعداؤك دليلا على أن الله يريد أن يجعل أمرك هو الغالب بعد ما رأوا الأدلة على ذلك.

(٣) أزكاهم عودا : أقواهم جسما.

(٤) المحافل : المجامع ، والجحافل : الجيوش ، والسرى : مشى الليل ، ويريد به الزحف على الأعداء.

(٥) المحاجم : جمع محجمة وهى القارورة يحجم بها الجلد ، ويقال لها كأس الحجامة ، الجلم : أحد شقى المقراض والمراد به المشراط. قيل إن كافورا كان عبدا لحجام بمصر ثم اشتراه الإخشيد.

١٩٧

(٧) وقال أيضا :

حتّام نحن نسارى النّجم فى الظلم

وما سراه على خفّ ولا قدم؟ (١)

(٨) وقال أيضا وقد أصابته الحمّى :

أبنت الدّهر عندى كلّ بنت

فكيف وصلت أنت من الزّحام؟ (٢)

(٩) وقال تعالى : «سَواءٌ عَلَيْنا أَوَعَظْتَ أَمْ لَمْ تَكُنْ مِنَ الْواعِظِينَ».

(١٠) وقال تعالى : فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا؟

(١١) وقال تعالى : هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ؟

البحث :

عرفت فيما مضى ألفاظ الاستفهام ومعانيها الحقيقية. وهنا نريد أن نبين لك أن هذه الألفاظ قد تخرج إلى معان أخرى تستفاد من السياق.

تدبر الأمثلة المتقدمة تجد البحترى فى المثال الأول لا يسأل عن شىء ، وإنما يريد أن يقول ما الدهر إلّا شدة سرعان ما تنجلى ، وما هو إلا ضيق يعقبه فرج ، فلفظة هل فى كلامه إنما جاءت للنفى لا لطلب العلم بشىء كان مجهولا.

وأبو الطيب فى المثال الثانى إنما ينكر على الأعداء ارتيابهم فى علا كافور والتماسهم البراهين على ما كتبه الله له من النصر واختصه به من الجدّ السعيد ، بعد أن رأوا كيف يتردى فى المهالك كل من أراد به شرّا ، وكيف يصيب الزمان كل من نوى له سوءا ، فالاستفهام فى البيت لا يفيد معنى سوى الإنكار.

__________________

(١) نسارى : من السرى وهو مشى الليل ، يقول : حتى متى نسرى مع النجم فى الليل ، وهو لا يسرى على خف كالإبل ولا على قدم كالناس ، فلا يتعب مثلنا ومثل مطايانا.

(٢) يريد ببنت الدهر : الحمى التى أصيب بها ، وبنات الدهر : شدائده ومصائبه. يقول للحمى : عندى كل نوع من أنواع الشدائد ، فكيف لم يمنعك ازدحامها من الوصول إلى.

١٩٨

والبحترى فى المثال الثالث إنما يريد أن يحمل الممدوح على الإقرار بما ادعاه له من الفوق على بقية الخلفاء فى الجود وبسطة الجسم والشجاعة ، وليس من قصده أن يسأل ، فالاستفهام فى كلامه للتقرير.

والشاعر فى المثال الرابع يلوم مخاطبيه على تماديهم فى الشقاق واستمرارهم فى التخاذل والتنافر. ويقرعهم على غلوهم فى الصخب والضجيج ، فهو قد خرج بأداة الاستفهام عن معناها الأصلى إلى التوبيخ والتقريع.

وأبو الطيب فى المثال الخامس يقصد إلى التعظيم والإجلال بإظهار ما كان للمرثى أيام حياته من صفات السيادة والشجاعة والكرم ، مع ما فى ذلك من إظهار التحسر والتفجع. أما فى المثال السادس حيث يهجو كافورا فإنه ينقصه ويعمد إلى تحقيره والحط من كرامته.

وإذا تدبرت بقية الأمثلة وجدت أدوات الاستفهام قد خرجت عن معانيها الأصلية إلى الاستبطاء ، والتعجب ، والتسوية ، والتمنى ، والتشويق ، على الترتيب.

القاعدة :

(٣٨) قد تخرج ألفاظ الاستفهام عن معانيها الأصليّة لمعان أخرى تستفاد من سياق الكلام كالنّفى ، والإنكار ، والتّقرير ، والتّوبيخ ، والتّعظيم ، والتّحقير ، والاستبطاء ، والتّعجّب ، والتّسوية ، والتّمنّى ، والتّشويق.

نموذج (١)

(١) شبّ فى المدينة حريق لم تره ، فسل صديقك عن رؤيته إيّاه.

(٢) سمعت أن أحد أخويك علىّ ونجيب أنقذ غريقا. فسل عليّا يعين لك المنقذ.

١٩٩

(٣) إذا كنت تعرف أن البنفسج يكثر فى أحد الفصلين الخريف أو الشتاء لا على التعيين ، فضع سوالا تطلب فيه تعيين أحد الفصلين.

الإجابة (١)

الرقم

السؤال المطلوب

شرح الإجابة

(١)

هل رأيت الحريق الذي شب في المدينة؟

السؤال هنا عن النسبة وهل الهمزة صالحتان للاستفهام عنها فتذكر إحداهما ويونى بعدها بالجملة.

(٢)

أأَنت الذي أنقذت الغريق أم النجيب

السؤال هنا عن المسند اليه فيستفهم بالهمزة وبؤتي بعدها بالمسئول عنه ثم يؤتي بمعادل أم.

(٣)

أَني الخريف يكثر البنفسج أم في الشئاء؟

السؤال عن الظرف ويتبع في تكوينه ما اتبع في مثال السابق.

نموذج (٢)

لبيان الأغراض التى يدل عليها الاستفهام فى الأمثلة الآتية :

(١) قال أبو تمام فى المديح :

هل اجتمعت أحياء عدنان كلّها

بملتحم إلّا وأنت أميرها (١)

(٢) وقال البحترى :

أأكفرك النّعماء عندى وقد نمت

علىّ نموّ الفجر والفجر ساطع؟

وأنت الّذى أعززتنى بعد ذلّتى

فلا القول مخفوض ولا الطرف خاشع؟ (٢)

(٣) وقال ابن الرومى فى المدح :

ألست المرء يجبى كلّ حمد

إذا ما لم يكن للحمد جاب؟ (٣)

(٤) وقال أبو تمام :

ما للخطوب طغت علىّ كأنها

جهلت بأنّ نداك بالمرصاد؟

__________________

(١) أحياء عدنان : بطونها ؛ الملتحم : مكان اشتداد القتال.

(٢) القول المخفوض : ما كان لينا ليست فيه شدة ، والطرف الخاشع : العين فيها إنكسار وذلة.

(٣) يجبى : يجمع.

٢٠٠