البلاغة الواضحة

علي الحازم ومصطفى أمين

البلاغة الواضحة

المؤلف:

علي الحازم ومصطفى أمين


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: مؤسسة الصادق عليه السلام للطباعة والنشر
المطبعة: شريعت
الطبعة: ٥
الصفحات: ٣٠٦

(٨) وقال :

أضاءت لهم أحسابهم ووجوههم

دجى الليل حتى نظّم الجزع ثاقبه (١)

(٩) وقال الشاعر :

ومن خطب الحسناء لم يغله المهر (٢).

(١٠) وقال المتنبى :

إليك فإنّى لست ممّن إذا اتّقى

عضاض الأفاعى نام فوق العقارب (٣)

(١١) أنت كمستبضع التمر إلى هجر (٤).

(١٢) وقال المتنبى :

وتحيى له المال الصّوارم والقنا

ويقتل ما تحيى التّبسّم والجدا (٥)

(١٣) وقال يخاطب سيف الدولة :

ألا أيّها السّيف الذى ليس مغمدا

ولا فيه مرتاب ولا منه عاصم

(١٤) لا يضرّ السحاب نباح الكلاب.

(١٥) لا يحمد السيف كلّ من حمله (٦)

(١٦)وذى رحم قلّمت أظفار ضغنه

بحلمى عنه وهو ليس له حلم (٧)

(١٧) لا تعدم الحسناء ذاما (٨).

(١٨) «رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَتَوَفَّنا مُسْلِمِينَ».

__________________

(١) الجزع : الحرز. وتنظيم الجزع ضمه فى سلك ، وثقب الشىء : أوجد به ثقبا.

(٢) لم يغله المهر : أى لم يجده باهظا.

(٣) إليك : أى كفى ، يقول كفى عنى فإنى لست ممن إذا خاف من الهلاك صبر على الذل ، فجعل الأفاعى مثلا للهلاك لأنها تقتل دفعة واحدة ، والعقارب مثلا للذل لأنها إذا لم تقتل تكرر لسعها فكانت أطول عذابا.

(٤) هجر : قرية باليمن تشتهر بكثرة تمرها.

(٥) الصوارم : السيوف ، والقنا : الرماح ، والجدا : العطاء ، أى أن السيوف والرماح تجمع له غنائم الأعداء ، والكرم يفرق ما جمعت.

(٦) أى أن السيف لا يحمد كل حامل له فقد يكون حامله جبانا أو جاهلا بضروب القتال.

(٧) الضغن : الحقد.

(٨) الذام : العيب.

١٠١

(٣)

اجعل التشبيهات الضمنية الآتية استعارات تمثيلية بحذف المشبه وفرض حال أخرى مناسبة تجعلها مشبهة :

(١) قال المتنبى :

ولم أرج إلّا أهل ذاك ومن يرد

مواطر من غير السّحائب يظلم (١)

(٢)

فإن تزعم الأملاك أنك منهم

فخارا فإنّ الشّمس بعض الكواكب

(٣) وقال :

خذ ما تراه ودع شيئا سمعت به

فى طلعة البدر ما يغنيك عن زحل (٢)

(٤) وقال :

لعلّ عتبك محمود عواقبه

وربما صحّت الأجسام بالعلل

(٥) وقال بعضهم فى شريف لا يكاد يجد قوتا :

أيشكو لئيم القوم كظّا وبطنة

ويشكو فتى الفتيان مسّ سغوب (٣)

لأمر غدا ما حول مكّة مقفرا

جديبا وباقى الأرض غير جديب (٤)

(٤)

اجعل الاستعارات التمثيلية الآتية تشبيهات ضمنية بذكر حال مناسبة تجعلها مشبهة قبل كل استعارة :

(١) يمشى رويدا ويكون أوّلا (٥).

(٢) رضيت من الغنيمة بالإياب (٦)

(٣) أنت تضىء للناس وتحترق.

__________________

(١) المواطر جمع ماطر ، يقول أنت أهل لما رجوته منك ، وأنا أعلم أنى لم أضع رجائى فى غير محله فلست كمن يرجو المطر من غير السحاب.

(٢) امدحه بما تراه منه ، واترك ما سمعت به من شرف أجداده ؛ فإن من ظهر له البدر استغنى بنوره عن زحل : وهو نجم بعيد خفى.

(٣) الكظ والبطنة : الامتلاء الشديد من الطعام ، والسغوب : الجوع.

(٤) مقفرا : خاليا من النبات. والجديب : المكان لا خصب فيه.

(٥) يضرب للرجل يدرك حاجته فى تؤدة ودعة.

(٦) مثل يضرب عند القناعة بالسلامة.

١٠٢

(٤) كفى بك داء أن ترى الموت شافيا.

(٥) ليس التّكحّل فى العينين كالكحل (١).

(٦) ولا بدّ دون الشّهد من إبر النّحل (٢).

(٧) هو ينفخ فى غير ضرم (٣).

(٨) أنت تحدو بلا بعير (٤).

(٥)

اذكر لكل بيت من الأبيات الآتية حالا يستشهد فيها به ثم أجر الاستعارة وبيّن نوعها :

(١) قال المتنبى :

ومن يجعل الضّرغام للصيد بازه

تصيّده الضّرغام فيما تصيّدا (٥)

(٢) أرى خلل الرّماد وميض نار

ويوشك أن يكون لها ضرام (٦)

(٣) قدّر لرجلك قبل الخطو موضعها

فمن علا زلقا عن غرّة زلجا (٧)

(٤) وقال المتنبى :

وفى تعب من يحسد الشّمس ضوءها

ويجهد أن يأتى لها بضريب (٨)

(٥) وقال البوصيرى :

قد تنكر العين ضوء الشمس من رمد

وينكر الفم طعم الماء من سقم (٩)

__________________

(١) التكحل : وضع الكحل فى العين ؛ والكحل : سواد الجفون خلقة ، أى ليس المصنوع كالمطبوع.

(٢) الشهد : العسل فى شمعها ، وإبرة النحل : شوكتها ، يقول من طلب الشهد لم يصل إليه حتى يقاسى لسع النحل.

(٣) الضرم : الجمر.

(٤) الحدو : سوق الإبل والغناء لها.

(٥) الضرغام : الأسد يقول : من اتخذ الأسد بازا يصيد به لم يأمن أن يصيده الأسد.

(٦) الخلل منفرج ما بين الشيئين ، ووميض النار لمعانها ، والضرام : اشتعال النار فى الحطب.

(٧) الزلق : الأرض الملساء التى لا تثبت فيها قدم ، والغرة : الغفلة ، وزلج زل وسقط.

(٨) الضريب : المثيل ، يمثل الشاعر ممدوحه بالشمس ويمثل حساده بمن يريد أن يأتى للشمس بنظير فهو فى تعب دائم ، لأنه يجهد نفسه فى طلب المحال.

(٩) تنكر : تجهل ، والسقم : المرض.

١٠٣

(٦) وقال المتنبى :

إذا اعتاد الفتى خوض المنايا

فأيسر ما يمر به الوحول (١)

(٧) وقال :

ما الّذى عنده تدار المنايا

كالّذى عنده تدار الشّمول (٢)

(٨) قال كثيّر عزّة (٣) :

هنيئا مريئا غير داء مخامر

لعزّة من أعراضنا ما استحلّت (٤)

(٩) زعم الفرزدق (٥) أن سيقتل مربعا

أبشر بطول سلامة يا مربع (٦)

(١٠) ولا بدّ للماء فى مرجل

على النّار موقدة أن يفورا (٧)

(١١) إذا قالت حذام فصدّقوها

فإنّ القول ما قالت حذام (٨)

(١٢) لقد هزلت حتّى بدا من هزالها

كلاها وحتى سامها كلّ مفلس (٩)

(٢)

(ا) هات استعارة تمثيلية تضربها مثلا لمن يكسل ويطمع فى النجاح.

(ب) هات استعارة تمثيلية تضربها مثلا لمن ينفق أمواله فى عمل لا ينتج.

(ح) هات استعاره تمثيلية تضربها مثلا لمن يكتب ثم يمحو ثم يكتب ثم يمحو.

(د) هات مثلين عربيين وأجر الاستعارة التمثيلية فى كل منهما.

__________________

(١) يقول : إذا تعود الإنسان خوض معارك الحرب لم يبال الوحول ، يريد أن الوحل لا يمنعه من السفر لأنه متعود ما هو أشد من ذلك.

(٢) الشمول : الخمر ، أى ليس من يشتغل بالحرب كمن يشتغل باللهو.

(٣) شاعر متيم مشهور من أهل الحجاز ، وفد على عبد الملك بن مروان فازدرى منظره إلى أن عرف أدبه فرفع مجلسه ، وأخباره مع عزة بنت جميل كثيرة ، وكان عفيفا فى حبه ، توفى بالمدينة سنة ١٠٥ ه‍.

(٤) الداء المخامر : الدفين المستتر ، أى أن ما استحلته عزة من ثلب أعراضنا يحل لها حال كونه هنيئا غير مسبب لها داء ولا ألما.

(٥) هو أبو فراس همام بن غالب. تغلب على شعره فخامة الألفاظ. وكان بينه وبين جرير مهاجاة ومنافسة مات سنة ١١٠ ه‍.

(٦) مربع : اسم رجل ، وفى البيت من السخرية والهزؤ بالفرزدق ما فيه.

(٧) المرجل : القدر.

(٨) حذام : امرأة من العرب اشتهرت بصدق الحدس.

(٩) هزلت : أى ضعفت ونحف جسمها والضمير للشاة ، والكلى جمع كلية ، وسامها أراد شراءها ، والمفلس : من لم يبق له مال.

١٠٤

(٧)

اشرح قول المتنبى بإيجاز ، واذكر ما أعجبك فيه من التصوير البيانى :

رمانى الدّهر بالأرزاء حتى

فؤادى فى غشاء من نبال (١)

فصرت إذا أصابتنى سهام

تكسّرت النّصال على النصال (٢)

(٥) بلاغة الاستعارة

سبق لك أن بلاغة التشبيه آتية من ناحيتين : الأولى تأليف ألفاظه ، والثانية ابتكار مشبه به بعيد عن الأذهان ، لا يجول إلا فى نفس أديب وهب الله له استعدادا سليما فى تعرّف وجوه الشّبه. الدقيقة بين الأشياء ، وأودعه قدرة على ربط المغانى وتوليد بعضها من بعض إلى مدى بعيد لا يكاد ينته.

وسرّ بلاغة الاستعارة لا يتعدى هاتين الناحيتين ، فبلاغتها من ناحية اللفظ أنّ تركيبها يدل على تناسى التشبيه ، ويحملك عمدا على تخيّل صورة جديدة تنسيك روعتها ما تضمّنه الكلام من تشبيه خفى مستور.

انظر إلى قول البحترى فى الفتح بن خاقان :

يسمو بكف على العافين حانية

تهمى وطرف إلى العلياء طمّاح (٣)

ألست ترى كفه وقد تمثّلت فى صورة سحابة هتّانة تصبّ وبلها على العافين السائلين ، وأنّ هذه الصورة قد تملكت عليك مشاعرك فأذهلتك عما اختبأ فى الكلام من تشبيه؟

__________________

(١) الأرزاء : المصائب ، والغشاء : الغلاف ، والنبال : السهام العربية ، يقول : كثرت على مصائب الدهر حتى لم يبق من قلبى موضع إلا أصابه سهم منها فصار فى غلاف من السهام.

(٢) النصال : حدائد السهام ، يقول : صرت بعد ذلك إذا أصابتنى سهام من تلك المصائب لا تجد لها موضعا تنفذ منه إلى قلبى ، وإنما تقع نصالها على نصال السهام التى قبلها فتنكسر عليها.

(٣) العافين : سائلى المعروف ، وحانية : عاطفة شفيقة ، وتهمى : تسيل ، والطرف : البصر ، والطماح : الذى يغالى فى طلب المعالى والسعى وراءها.

١٠٥

وإذا سمعت قوله فى رثاء المتوكل وقد قتل غيلة :

صريع تقاضاه اللّيالى حشاشة

يجود بها والموت حمر أظافره (١)

فهل تستطيع أن تبعد عن خيالك هذه الصورة المخيفة للموت ، وهى صورة حيوان مفترس ضرّجت أظافره بدماء قتلاه؟

لهذا كانت الاستعارة أبلغ من التشبيه البليغ ؛ لأنه وإن بنى على ادعاء أن المشبه والمشبه به سواء لا يزال فيه التشبيه منويّا ملحوظا بخلاف الاستعارة فالتشبيه فيها منسىّ مجحود ؛ ومن ذلك يظهر لك أن الاستعارة المرشحة أبلغ من المطلقة ، وأن المطلقة أبلغ من المجردة.

أما بلاغة الاستعارة من حيث الابتكار وروعة الخيال ، وما تحدثه من أثر فى نفوس سامعيها ، فمجال فسيح للإبداع ، وميدان لتسابق المجيدين من فرسان الكلام.

انظر إلى قوله عزّ شأنه فى وصف النار : «تكاد تميّز من الغيظ كلّما ألقى فيها فوج سألهم خزنتها ألم يأتكم نذير (٢)»؟ ترتسم أمامك النار فى صورة مخلوق ضخم بطّاش مكفهرّ الوجه عابس يغلى صدره حقدا وغيظا.

ثم انظر إلى قول أبى العتاهية فى تهنئة المهدى بالخلافة :

أتته الخلافة منقادة

إليه تجرّر أذيالها

تجد أنّ الخلافة غادة هيفاء مدلّلة ملول فتن الناس بها جميعا ، وهى تأبى عليهم وتصدّ إعراضا ، ولكنها تأتى للمهدى طائعة فى دلال وجمال تجرّ أذيالها تيها وخفرا.

__________________

(١) الصريع : المطروح على الأرض ، وتقاضاه أصله تتقاضاه حذفت إحدى التاءين ؛ وهو من قولهم تقاضى الدائن دينه إذا قبضه ، والحشاشة : بقية الروح فى المريض والجريح ؛ يصفه بأنه ملقى على الأرض يلفظ النفس الأخير من حياته.

(٢) تتميز غيظا : تتقطع غضبا على الكفرة ، وهو تمثيل لشدة اشتعالها بهم ، والفوج : الجماعة ، والاستفهام فى قوله تعالى : «أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَذِيرٌ»؟ للتوبيخ.

١٠٦

هذه صورة لا شك رائعة أبدع أبو العتاهية تصويرها ، وستبقى حلوة فى الأسماع حبيبة إلى النفوس ما بقى الزمان.

ثم اسمع قول البارودى :

إذا استلّ منّا سيّد غرب سيفه

تفزّعت الأفلاك والتفت الدّهر (١)

وخبرنى عما تحسّ وعما ينتابك من هول مما تسمع. وقل لنا كيف خطرت فى نفسك صورة الأجرام السماوية العظيمة حيّة حساسة ترتعد فزعا ووهلا ، وكيف تصورت الدهر وهو يلتفت دهشا وذهولا؟

ثم اسمع قوله فى منفاه وهو نهب اليأس والأمل :

أسمع فى نفسى دبيب المنى

وألمح الشّبهة فى خاطرى

تجد أنه رسم لك صورة للأمل يتمشى فى النفس تمشيا محسّا يسمعه بأذنه. وأن الظنون والهواجس صار لها جسم يراه بعينه ؛ هل رأيت إبداعا فوق هذا فى تصويره الشك والأمل يتجاذبان؟ وهل رأيت ما كان للاستعارة البارعة من الأثر فى هذا الإبداع؟

ثم انظر قول الشريف الرضى فى الوداع :

نسرق الدّمع فى الجيوب حياء

وبنا ما بنا من الأشواق

هو يسرق الدمع حتى لا يوصم بالضعف والخور ساعة الوداع ، وقد كان يستطيع أن يقول : «نستر الدمع فى الجيوب حياء» ؛ ولكنه يريد أن يسمو إلى نهاية المرتقى فى سحر البيان ، فإن الكلمة «نسرق» ترسم فى خيالك صورة لشدة خوفه أن يظهر فيه أثر للضعف ، ولمهارته وسرعته فى إخفاء الدمع عن عيون الرقباء. ولو لا ضيق نطاق هذا الكتاب لعرضنا عليك كثيرا من صور الاستعارة البديعة ، ولكنا نعتقد أن ما قدمناه فيه كفاية وغناء.

__________________

(١) غرب السيف : حده ، وتفزعت : ذعرت أى أصابها الذعر وهو الخوف.

١٠٧

(٦) المجاز المرسل

الأمثلة :

(١) قال المتنبى :

له أياد علىّ سابغة

أعدّ منها ولا أعدّدها (١)

(٢) وقال تعالى : «وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً».

(٣) كم بعثنا الجيش جرّا

را وأرسلنا العيونا (٢).

(٤) وقال تعالى على لسان نوح عليه السّلام :

«وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ».

(٥) وقال تعالى : «وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ».

(٦) وقال تعالى على لسان نوح عليه السّلام :

(إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً)

(٧) وقال تعالى : «فَلْيَدْعُ نادِيَهُ سَنَدْعُ الزَّبانِيَةَ».

(٨) وقال تعالى : «إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ».

البحث :

عرفت أن الاستعارة من المجاز اللغوى ، وأنها كلمة استعملت فى غير معناها لعلاقة المشابهة بين المعنيين الأصلىّ والمجازى ، ونحن نطلب إليك هنا أن تتأمل الأمثلة السابقة ، وأن تبحث فيما إذا كانت مشتملة على مجاز.

__________________

(١) يقول : إن للمدوح على نعما شاملة ، فوجودى يعد من نعمه ، ولا أستطيع أن أحصر هذه النعم.

(٢) الجيش الجرار : الثقيل السير لكثرته.

١٠٨

انظر إلى الكلمة «أياد» فى قول المتنبى ؛ أتظن أنه أراد بها الأيدى الحقيقية؟ لا. إنه يريد بها النّعم ، فكلمة أياد هنا مجاز ، ولكن هل ترى بين الأيدى والنعم مشابهة؟ لا. فما العلاقة إذا بعد أن عرفت فيما سبق من الدروس أن لكل مجاز علاقة ، وأن العربى لا يرسل كلمة فى غير معناها إلا بعد وجود صلة وعلاقة بين المعنيين؟ تأمل تجد أنّ اليد الحقيقية هى التى تمنح النعم فهى سبب فيها ، فالعلاقة إذا السببية وهذا كثير شائع فى لغة العرب.

ثم انظر إلى قوله تعالى : «وَيُنَزِّلُ لَكُمْ مِنَ السَّماءِ رِزْقاً» ؛ الرزق لا ينزل من السماء ولكن الذى ينزل مطر ينشأ عنه النبات الذى منه طعامنا ورزقنا ، فالرزق مسبب عن المطر ، فهو مجاز علاقته المسببية. أما كلمة «العيون» فى البيت فالمراد بها الجواسيس ، ومن الهيّن أن تفهم أن استعمالها فى ذلك مجازىّ ، والعلاقة أن العين جزء من الجاسوس ولها شأن كبير فيه فأطلق الجزء وأريد الكل : ولذلك يقال إن العلاقة هنا الجزئية.

وإذا نظرت فى قوله تعالى : (وَإِنِّي كُلَّما دَعَوْتُهُمْ لِتَغْفِرَ لَهُمْ جَعَلُوا أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ) رأيت أن الإنسان لا يستطيع أن يضع إصبعه كلها فى أذنه ، وأن الأصابع فى الآية الكريمة أطلقت وأريد أطرافها فهى مجاز علاقته الكلية.

ثم تأمل قوله تعالى : (وَآتُوا الْيَتامى أَمْوالَهُمْ) تجد أن اليتيم فى اللغة هو الصغير الذى مات أبوه ، فهل تظن أن الله سبحانه يأمر بإعطاء اليتامى الصغار أموال آبائهم؟ هذا غير معقول ، بل الواقع أن الله يأمر بإعطاء الأموال من وصلوا سن الرّشد بعد أن كانوا يتامى ، فكلمة اليتامى هنا مجاز لأنها استعملت فى الراشدين والعلاقة اعتبار ما كان.

ثم انظر إلى قوله تعالى : (وَلا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً) تجد أن فاجرا وكفارا مجازان لأن المولود حين يولد لا يكون فاجرا ولا كفارا ،

١٠٩

ولكنه قد يكون كذلك بعد الطفولة فأطلق المولود الفاجر وأريد به الرّجل الفاجر والعلاقة اعتبار ما يكون.

أما قوله تعالى : (فَلْيَدْعُ نادِيَهُ) والأمر هنا للسخرية والاستخفاف ، فإننا نعرف أن معنى النادى مكان الاجتماع ، ولكن المقصود به فى الآية الكريمة من فى هذا المكان من عشيرته ونصرائه ، فهو مجاز أطلق فيه المحل وأريد الحال ، فالعلاقة المحلية

وعلى الضد من ذلك قوله تعالى : «إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ» والنعيم لا يحلّ فيه الإنسان لأنه معنى من المعانى ، وإنما يحلّ فى مكانه ، فاستعمال النعيم فى مكانه مجاز أطلق فيه الحالّ وأريد المحل فعلاقته الحالية.

وإذا ثبت كما رأيت أنّ كل مجاز مما سبق كانت له علاقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلى ، فاعلم أن هذا النوع من المجاز اللغوى يسمى المجاز المرسل (١)

القواعد :

(٢٢) المجاز المرسل كلمة استعملت فى غير معناها الأصلىّ لعلاقة غير المشابهة مع قرينة مانعة من إرادة المعنى الأصلىّ (٢).

(٢٣) من علاقات المجاز المرسل :

السّببيّة ـ المسبّبيّة ـ الجزئية ـ الكليّة ـ اعتبار

ما كان ـ اعتبار ما يكون ـ المحلّيّة ـ الحالّيّة.

__________________

(١) المرسل : المطلق ، وإنما سمى هذا المجاز مرسلا لأنه أطلق فلم يقيد بعلاقة خاصة.

(٢) ومن المجاز المرسل نوع يقال له المجاز المرسل المركب ، وهو كل تركيب استعمل فى غير ما وضع له لعلاقة غير المشابهة ، وذلك كالجمل الخبرية المستعملة فى الإنشاء للتحسر وإظهار الحزن كما فى قول ابن الرومى.

بان شبابى فعز مطلبه

وانبتّ بينى وبينه نسبه

فهذا البيت مجاز مرسل مركب علاقته السببية والقرينة حالية ، فإن ابن الرومى لا يريد الإخبار ، ولكنه ، يشير إلى ما استحوذ عليه من الهم والحزن بسبب فراق الشباب.

١١٠

نموذج

(١) شربت ماء النّيل.

(٢) ألقى الخطيب كلمة كان لها كبير الأثر.

(٣) واسأل القرية التى كنّا فيها.

(٤) يلبس المصريون القطن الذى تنتجه بلادهم.

(٥) والأعوجيّة ملء الطرق خلفهم

والمشرفية ملء اليوم فوقهم (١)

(٦) سأوقد نارا.

الإجابة

(١) ماء النيل يراد بعض مائه فالمجاز مرسل علاقته الكلية.

(٢) الكلمة يراد بها كلام فالمجاز مرسل علاقته الجزئية.

(٣) القرية يراد بها أهلها فالمجاز مرسل علاقته المحلية.

(٤) القطن يراد به نسيج كان قطنا فالمجاز مرسل علاقته اعتبار ما كان.

(٥) ملء اليوم يراد به ملء الفضاء الذى يشرق عليه النهار فالمجاز مرسل علاقته الحاليّة.

(٦) نارا يراد به حطب يئول إلى نار فالمجاز مرسل علاقته اعتبار ما يكون.

تمرينات

(١)

بين علاقة كل مجاز مرسل تحته خط مما يأتى :

(١) قال ابن الزّيات (٢) فى رثاء زوجه :

ألا من رأى الطّفل المفارق أمّه

بعيد الكرى عيناه تنسكبان

__________________

(١) الأعوجية : الخيل المنسوبة إلى أعوج وهو فرس كريم لبنى هلال ، والمشرفية : السيوف ، وملء فى الشطرين منصوب على الحال ، وخبر المبتدأ فى الشطر الأول الظرف خلفهم ، وفى الشطر الثانى الظرف فوقهم ؛ يصف المتنبى إحاطة جيوش سيف الدولة بأعدائه.

(٢) هو أبو جعفر محمد بن عبد الملك ، وإنما اشتهر بابن الزيات لأن جده كان يجلب الزيت من مواضعه إلى بغداد ، كان أديبا شاعرا بليغا ، وقد توزر للمعتصم ولابنه الواثق من بعده ، وتوفى سنة ٢٢٣ ه‍.

١١١

(٢) وينسب إلى السموءل :

تسيل على حدّ السّيوف نفوسنا

وليس على غير السّيوف تسيل

(٣) ألما على معن وقولا لقبره

سقتك الغوادى مربعا ثمّ مربعا (١)

(٤) لا أركب البحر إنّى

أخاف منه المعاطب (٢)

طين أنا وهو ماء

والطّين فى الماء ذائب

(٥) وما من يد إلا يد الله فوقها

ولا ظالم إلّا سيبلى بأظلم

(٦) وقال المتنبى فى دم كافور :

إنّى نزلت بكذابين ضيفهم

عن القرى وعن الترحال محدود (٣)

(٧) وقال :

رأيتك محض الحلم فى محض قدرة

ولو شئت كان الحلم منك المهنّدا (٤)

(٢)

بيّن كل مجاز مرسل وعلاقته فيما يأتى :

(١) سكن ابن خلدون مصر.

(٢) من الناس من يأكل القمح ومنهم من يأكل الذرة والشعير.

(٣) إنّ أمير المؤمنين نثر كنانته.

(٤) رعينا الغيث.

(٥) «فَفِي رَحْمَتِ اللهِ هُمْ فِيها خالِدُونَ».

__________________

(١) ألما : انزلا به ، الغوادى : جمع غادية وهى السحابة تنشأ غدوة أو مطرة الغداة. والأحسن فى مربع هنا أن تكون اسما مأخوذا من أربعة ؛ والمعنى سقتك الغوادى أربعة أيام متوالية ثم أربعة أخرى متوالية يدعو بكثرة السقيا للقبر.

(٢) المعاطب : المهالك.

(٣) محدود : أى ممنوع ، يعنى أن الذين نزل بساحتهم كذابون فى وعودهم ، ضيفهم ممنوع عن الطعام لبخلهم ، وهم يمنعونه الرحيل حتى يظن الناس فيهم الكرم.

(٤) المحض : الخالص ، والمهند : السيف الهندى ، والمراد به هنا الحرب ؛ يقول رأيتك خالص الحلم فى قدرة خالصة لا يشوبها عجز ، ولو شئت أن تجعل الحرب مكان الحلم لفعلت.

١١٢

(٦) حمى فلان غمامة واديه (أى عشبه)

(٧) قال تعالى فى شأن موسى عليه السّلام :

«فَرَجَعْناكَ إِلى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُها وَلا تَحْزَنَ».

(٨) وقال تعالى : «فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ». (أى هلال الشهر).

(٩) سأجازيك بما قدّمت يداك.

(١٠) وقال تعالى : (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ) (أى صلّوا).

(١١) وقال تعالى : «فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ».

(١٢) وقال تعالى : «يَقُولُونَ بِأَفْواهِهِمْ ما لَيْسَ فِي قُلُوبِهِمْ».

(١٣) أذلّ فلان ناصية فلان (١).

(١٤) سقت الدّلو الأرض.

(١٥) سال الوادى.

(١٦) قال عنترة :

فشككت بالرّمح الأصمّ ثيابه

ليس الكريم على القنا بمحرّم (٢)

(١٧) لا تجالسوا السفهاء على الحمق (أى الخمر).

(١٨) وقال أعرابى لآخر : هل لك بيت؟ (أى زوج).

(٣)

بيّن من المجازات الآتية ما علاقته المشابهة ، وما علاقته غيرها :

(١) الإسلام يحثّ على تحرير الرّقاب.

(٢) ملك شاد للكنانة مجدا

أحكمت وضع أسّه آباؤه

(٣) تفرّقت كلمة القوم.

__________________

(١) الناصية : الرأس.

(٢) الرمح الأصم : الصلب المصمت. والمراد بالثياب هنا القلب ، يصف نفسه بالإقدام ويقول : إن الكريم ليس بمحرم ولا بعزيز على الرماح.

١١٣

(٤) غاض الوفاء وفاض الغدر.

(٥) واجعل لى لسان صدق فى الآخرين.

(٦) أحيا المطر الأرض بعد موتها.

(٧) «كتب عليكم القصاص فى القتلى» : (أى فيمن سيقتلون).

(٨) قرر مجلس الوزراء كذا.

(٩) بعثت إلىّ بحديقة جلّت معانيها ، وأحكمت قوافيها.

(١٠) شربت البنّ.

(١١) لا تكن أذنا تتقبّل كل وشاية.

(١٢) سرق اللصّ المنزل.

(١٣) قال تعالى : «إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً».

(٤)

استعمل كل كلمة من الكلمات الآتية مجازا مرسلا للعلاقة التى أمامها :

(١) عين ـ الجزئية.

(٤) المدينة ـ المحلية.

(٢) الشام ـ الكلية.

(٥) الكتان ـ اعتبار ما كان.

(٣) المدرسة ـ المحلية.

(٦) رجال ـ اعتبار ما يكون.

 (٥)

ضع كل كلمة من الكلمات الآتية فى جملتين بحيث تكون مرة مجازا مرسلا ، ومرة مجازا بالاستعارة :

القلم ـ السيف ـ رأس ـ الصديق

(٦)

اشرح البيتين وبيّن ما فيهما من مجاز :

لا يغرّنك ما ترى من أناس

إنّ تحت الضلوع داء دويا (١)

فضع السّوط وارفع السّيف حتّى

لا ترى فوق ظهرها أمويّا

__________________

(١) الداء الدوى : الشديد.

١١٤

المجاز العقلىّ

الأمثلة :

(١) قال المتنبى يصف ملك الروم بعد أن هزمه سيف الدولة :

ويمشى به العكّاز فى الدّير تائبا

وقد كان يأبى مشى أشقر أجردا (١)

(٢) بنى عمرو بن العاص مدينة الفسطاط.

(٣) نهار الزاهد صائم وليله قائم.

(٤) ازدحمت شوارع القاهرة.

(٥) جدّ جدّك وكدّ كدّك.

(٦) قال الحطيئة :

دع المكارم لا ترحل لبغيتها

واقعد فإنك أنت الطّاعم الكاسى

(٧) وقال تعالى : «وَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ جَعَلْنا بَيْنَكَ وَبَيْنَ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ حِجاباً مَسْتُوراً».

(٨) وقال تعالى : «إِنَّهُ كانَ وَعْدُهُ مَأْتِيًّا».

__________________

(١) العكاز : عصا فى طرفها زج ، وقوله مشى أشقر أجرد : أى مشى جواد أشقر أجرد ، والأشقر من الخيل : الأحمر ، والأجرد : القصير الشعر ، يقول : إنه أقام فى دير الرهبان وصار يمشى على العكاز تائبا من الحرب بعد أن كان لا يرضى مشى الجواد الأشقر ، وهو أسرع الخيل عند العرب.

١١٥

البحث :

انظر إلى المثالين الأولين تجد أن الفعل فى كل منهما أسند إلى غير فاعله ، فإن العكاز لا يمشى ، والأمير لا يبنى ، وإنما يسير صاحب العكاز ، ويبنى عمّال الأمير ، ولكن لما كان العكاز سببا فى المشى والأمير سببا فى البناء أسند الفعل إلى كل منهما.

ثم انظر إلى المثالين التاليين تجد أن الصوم أسند إلى ضمير النهار ، والقيام أسند إلى ضمير الليل ، والازدحام أسند إلى الشوارع ، مع أن النهار لا يصوم ، بل يصوم من فيه ، والليل لا يقوم ، بل يقوم من فيه ، والشوارع لا تزدحم ، بل يزدحم الناس بها ، فالفعل أو شبهه فى هذين المثالين أسند إلى غير ما هو له ، والذى سوّغ ذلك الإسناد أن المسند إليه فى المثالين زمان الفعل أو مكانه.

وفى المثال الخامس أسند الفعلان «جدّ» و «كدّ» إلى مصدريهما ولم يسندا إلى فاعليهما. وفى المثال السادس يقول الحطيئة لمن يهجوه : «واقعد فإنك أنت الطاعم الكاسى» فهل تظن أنه بعد أن يقول : لا ترحل لطلب المكارم يقول له : إنك تطعم غيرك وتكسوه؟ لا. إنما أراد اقعد كلّا (١) على غيرك مطعوما مكسوّا فأسند الوصف المسند للفاعل إلى ضمير المفعول.

وفى المثالين الأخيرين جاءت كلمة «مستورا» بدل ساتر و «مأتيّا» بدل آت ، فاستعمل اسم المفعول مكان اسم الفاعل ، وإن شئت فقل أسند الوصف المبنىّ للمفعول إلى الفاعل.

فأنت ترى من الأمثلة كلها أنّ أفعالا أو ما يشبهها لم تسند إلى فاعلها الحقيقى ، بل إلى سبب الفعل أو زمانه أو مكانه أو مصدره ، وأنّ صفات كانت من حقها أن تسند إلى المفعول أسندت إلى الفاعل. وأخرى كان يجب أن تسند إلى الفاعل أسندت إلى المفعول ، ومن

__________________

(١) الكل : من يعوله غيره.

١١٦

الهيّن أن تعرف أن هذا الإسناد غير حقيقى ، لان الإسناد الحقيقىّ هو إسناد الفعل إلى فاعله الحقيقىّ ، فالإسناد إذا هنا مجازى ويسمى بالمجاز العقلى ؛ لأن المجاز ليس فى اللفظ كالاستعارة والمجاز المرسل ؛ بل فى الإسناد وهو يدرك بالعقل.

القواعد :

(٢٤) المجاز العقلىّ هو إسناد الفعل أو ما فى معناه إلى غير ما هو له لعلاقة مع قرينة مانعة من إرادة الإسناد الحقيقىّ.

(٢٥) الإسناد المجازىّ يكون إلى سبب الفعل أو زمانه أو مكانه أو مصدره ، أو بإسناد المبنى للفاعل إلى المفعول أو المبنىّ للمفعول إلى الفاعل.

نموذج

(١) قال أبو الطّيب :

أبا المسك أرجو منك نصرا على العدا

وآمل عزّا يخصب البيض بالدّم (١)

ويوما يغيظ الحاسدين وحالة

أقيم الشّقا فيها مقام التّنعّم (٢)

(٢) قال تعالى : «لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ».

(٣) ذهبنا إلى حديقة غنّاء.

(٥) بنت الحكومة كثيرا من المدارس بمصر.

(٥) وقال أبو تمّام :

تكاد عطاياه يجنّ جنونها

إذا لم يعوّذها برقية طالب (٣)

__________________

(١) أبو المسك : كنية كافور الإخشيدى ، والبيض : السيوف ، يقول : أرجو منك أن تنصرنى على أعدائى ، وأن تولينى عزا أتمكن به منهم وأخضب سيوفى بدمائهم.

(٢) يقول : وأرجو أن أبلغ بك يوما يغتاظ فيه حسادى لما يرون من إعظامك لقدرى وكذلك أرجو أن أبلغ بك حالة تساعدنى على الانتقام منهم فأتنعم بشقائى فى حربهم.

(٣) يعوذها : يحصنها ، والرقية : العوذة ، جمعها رقى.

١١٧

الإجابة

(ا) «ا» عزّا يخضب البيض بالدم.

إسناد خضب السيوف بالدم إلى ضمير العز غير حقيقى لأن العز لا يخضب السيوف ولكنّه سبب القوة وجمع الأبطال الذين يخضبون السيوف بالدم ، ففى العبارة مجاز عقلىّ علاقته السببية.

«ب» ويوما يغيظ الحاسدين.

إسناد غيظ الحاسدين إلى ضمير اليوم غير حقيقى ، غير أن اليوم هو الزمان الذى يحصل فيه الغيظ : ففى الكلام مجاز عقلىّ علاقته الزمانية.

(٢) لا عاصم اليوم من أمر الله.

المعنى لا معصوم (١) اليوم من أمر الله إلا من رحمه الله ، فاسم الفاعل أسند إلى المفعول ؛ وهذا مجاز عقلىّ علاقته المفعولية.

(٣) ذهبنا إلى حديقة غنّاء.

غنّاء مشتقة من الغنّ ؛ والحديقة لا تغنّ وإنما الذى بغنّ عصافيرها أو ذبابها ؛ ففى الكلام مجاز عقلى علاقته المكانية.

(٤) بنت الحكومة كثيرا من المدارس.

الحكومة لم تبن بنفسها ولكنها أمرت ؛ ففى الإسناد مجاز عقلى علاقته السببية.

(٥) تكاد عطاياه يجن جنونها.

إسناد الفعل إلى المصدر مجاز عقلى علاقته المصدرية.

__________________

(١) يجوز أن تكون «عاصم» مستعملة فى حقيقتها ، ويكون المعنى لا شىء يعصم الناس من قضاء الله إلا من رحمه الله منهم فإنه تعالى هو الذى يعصمه.

١١٨

تمرينات

(١)

وضّح المجاز العقلىّ فيما تحته خط وبيّن علاقته وقرينته :

(١) قال تعالى : «أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَماً آمِناً؟».

(٢) كان المنزل عامرا وكانت حجره مضيئة.

(٣) عظمت عظمته وصالت صولته (١).

(٤) لقد لمتنا يا أمّ غيلان فى السّرى

ونمت وما ليل المطىّ بنائم (٢)

(٥) ملكنا فكان العفو منّا سجية

فلمّا ملكتم سال بالدّم أبطح (٣)

(٦) ضرب الدهر بينهم وفرّق شملهم.

(٧) «يا هامانُ ابْنِ لِي صَرْحاً لَعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبابَ أَسْبابَ السَّماواتِ».

(٨) جلسنا إلى مشرب عذب ، ماؤه دافق.

(٩) قال طرفة بن العبد (٤) :

ستبدى لك الأيّام ما كنت جاهلا

ويأتيك بالأخبار من لم تزوّد (٥)

(١٠) يغنّى كما صدحت أيكة

وقد نبّه الصّبح أطيارها (٦)

(١١) إنّا لمن معشر أفنى أوائلهم

قيل الكماة ألا أين المحامونا (٧)

__________________

(١) صال عليه : وثب.

(٢) السرى : السير ليلا ، والمطى جمع مطية وهى الدابة تمطو : أى تسرع فى مشيها.

(٣) الأبطح : مسيل واسع فيه دقاق الحصى.

(٤) شاعر من شعراء الجاهلية يعد فى الطبقة الثانية منهم وهو من أجودهم طويلة ، فكلما طالت قصيدته حسنت ، وكان فى حسب من قومه ، جريئا على هجائهم وهجاء غيرهم ، وله المعلقة المشهورة.

(٥) من لم تزود : أى من لم تعطه زادا ، والزاد طعام المسافر ، يقول : إذا عشت فستعلمك الأيام ما لم تكن تعلم ، ويأتيك بالأخبار ما لم تكلفه ذلك.

(٦) صدح الطائر : رفع صوته بغناء ، الأيكة : الشجرة.

(٧) الكماة : جمع كمى وهو الشجاع المتكمى فى سلاحه أى المتغطى المتستر به ، يقول : إنا من قوم أفناهم الإقدام على الحروب وإغاثة المستغيثين.

١١٩

(٢)

بيّن كل مجاز عقلىّ وعلاقته فى أقوال العرب الآتية :

(١) طريق وارد صادر (يرده الناس ويصدرون عنه).

(٢) له شرف صاعد ، وجدّ مساعد (١).

(٣) ضرّسهم الزمان وطحنتهم الأيام.

(٤) يفعل المال ما تعجز عنه القوّة.

(٥) هم ناصب (٢). جدّ عثور (٣). يوم عاصف (٤). ريح عقيم (٥).

عجب عاجب.

(٦) أعمير إنّ أباك غيّر رأسه

مرّ اللّيالى واختلاف الأعصر

(٧) رمت به الأسفار أبعد مراميها. حرب غشوم (٦). موت مائت (أى شديد). شعر شاعر.

(٨) لها وجه يصف الحسن.

(٩) وضع فلانا الشحّ ودناءة النسب.

(١٠) أرضهم واعدة (إذا رجى خيرها).

(١١) بطشت بهم أهوال الدنيا.

(١٢) أعرنى أذنا واعية.

(٣)

بيّن المجاز العقلىّ والمجاز المرسل والاستعارة فيما يأتى :

كفى بالمرء عيبا أن تراه

له وجه وليس له لسان

__________________

(١) الجد : الحظ.

(٢) هم ناصب : أى ذو نصب وتعب على حد قولهم (رجل تامر ولابن) أى ذو تمر ولبن ، وقيل هو فاعل بمعنى مفعول فيه. لأنه ينصب فيه ويتعب.

كليل نائم : أى ينام فيه.

(٣) عثور : كثير العثار والزلل.

(٤) يوم عاصف : أى تعصف فيه الريح.

(٥) العقيم : هى التى لا تلقح سحابا ولا شجرا.

(٦) الغشوم : كثير الغشم وهو الظلم.

١٢٠