إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ٤

محيي الدين الدرويش

إعراب القرآن الكريم وبيانه - ج ٤

المؤلف:

محيي الدين الدرويش


الموضوع : اللغة والبلاغة
الناشر: اليمامة للطباعة والنشر والتوزيع
الطبعة: ٣
الصفحات: ٥١٠

بعد النهي والكاف مفعول به والنار فاعل. (وَما لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ أَوْلِياءَ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ) الواو حالية أو استئنافية أيضا والجملة حالية أي تمسكم النار حال انتفاء ناصركم أو مستأنفة وما نافية ولكم خبر مقدم ومن دون الله حال لأنه كان في الأصل صفة لأولياء ومن حرف جر زائد وأولياء مجرور لفظا بالفتحة مرفوع محلا لأنه مبتدأ مؤخر وثم حرف عطف ولا نافية وتنصرون فعل مضارع ولم ينصبه نسقا على تركنوا لأنه من عطف الجمل عطف جملة فعلية على جملة اسمية (وَأَقِمِ الصَّلاةَ طَرَفَيِ النَّهارِ وَزُلَفاً مِنَ اللَّيْلِ) الواو عاطفة وأقم فعل أمر وفاعله مستتر تقديره أنت والصلاة مفعول به وطرفي النهار نصب على الظرفية بأقم والمراد بطرفي النهار الغداة والعشي وزلفا منصوب على الظرفية أيضا بأقم ومن الليل صفة. (إِنَّ الْحَسَناتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئاتِ ذلِكَ ذِكْرى لِلذَّاكِرِينَ) إن واسمها وجملة يذهبن خبرها والنون فاعل يذهبن والسيئات مفعول به وذلك مبتدأ وذكرى خبر وللذاكرين جار ومجرور متعلقان بمحذوف صفة لذكرى (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) واصبر عطف على أقم والفاء تعليلية وان واسمها وجملة لا يضيع خبرها وأجر المحسنين مفعول به. (فَلَوْ لا كانَ مِنَ الْقُرُونِ مِنْ قَبْلِكُمْ أُولُوا بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسادِ فِي الْأَرْضِ) الفاء استئنافية ولو لا تحضيضية ولعل اعراب كان تامة أولى إذا المعنى فهلا وجد أو حدث فيتعلق من القرون بها أو بمحذوف حال ومن قبلكم حال من القرون وأولو فاعلها وعلامة رفعه الواو لأنه ملحق بجمع المذكر السالم وبقية مضاف اليه وجملة ينهون عن الفساد صفة لأولو بقية وفي الأرض جار ومجرور متعلقان بالفساد وإذا جعلنا كان ناقصة فيكون من القرون متعلقان بمحذوف حال وتكون جملة ينهون خبرها وأولو بقية اسمها والمصدر المقترن بأل يعمل في المفاعيل

٤٤١

الصريحة فيكون في المؤولة والظروف أولى ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من الفساد. (إِلَّا قَلِيلاً مِمَّنْ أَنْجَيْنا مِنْهُمْ) إلا أداة استثناء وقليلا مستثنى منقطع لئلا يفسد المعنى وننقل هنا عبارة الزمخشري وهي : «معناه ولكن قليلا ممن أنجينا من القرون نهوا عن الفساد وسائرهم تركوا النهي» ثم قال : «فإن قلت هل لوقوع هذا الاستثناء متصلا وجه يحمل عليه؟ قلت : ان جعلته متصلا على ما هو عليه ظاهر الكلام كان المعنى فاسدا لأنه يكون تحضيضا لأولي البقية على النهي عن الفساد لا للقليل من الناجين منهم كما تقول : هلا قرأ قومك القرآن إلا الصلحاء منهم ، يريد استثناء الصلحاء من المحضضين على قراءة القرآن وإن قلت في تحضيضهم على النهي عن الفساد معنى نفيه عنهم فكأنه قيل : ما كان من القرون أولو بقية إلا قليلا كان استثناء متصلا ومعنى صحيحا وكان انتصابه على أصل الاستثناء وإن كان الأفصح أن يرفع على البدل» وممن صفة لقليلا وجملة أنجينا صلة ومنهم حال. (وَاتَّبَعَ الَّذِينَ ظَلَمُوا ما أُتْرِفُوا فِيهِ وَكانُوا مُجْرِمِينَ) واتبع عطف على مضمر دل عليه الكلام تقديره فلم ينهوا عن الفساد واتبع ، والذين فاعل وجملة ظلموا صلة وما مفعول به وجملة أترفوا صلة وفيه متعلقان بأترفوا وكانوا مجرمين كان واسمها وخبرها والجملة عطف على أترفوا. (وَما كانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرى بِظُلْمٍ وَأَهْلُها مُصْلِحُونَ) الواو استئنافية وما نافية وكان فعل ماض ناقص وربك اسمها وليهلك اللام للجحود وهي المسبوقة بكون منفي ويهلك منصوب بأن مضمرة بعد اللام والجار والمجرور متعلقان بالخبر المحذوف أي مريدا ليهلك وقد سبق تقرير ذلك والقرى مفعول به وبظلم حال من الفاعل وأهلها الواو حالية وأهلها مبتدأ ومصلحون خبر والجملة حالية من المفعول به أي القرى.

٤٤٢

البلاغة :

في قوله تعالى : «ولا تركنوا الى الذين ظلموا» الى آخر الآية فنون عديدة من البلاغة التي تتقطع دونها الأعناق وسنبسطها بما يلي :

١ ـ ائتلاف اللفظ مع المعنى :

إذ لما كان الركون الى الذين ظلموا دون فعل الظالمين وجب أن يكون العقاب عليه دون عقاب الظالمين ومسّ النار في الحقيقة دون الإحراق ولما كان الإحراق عقابا للظالم أوجب العدل أن يكون المسّ عقاب الراكن الى الظالم فلهذا عدل عز وجل عن قوله مثلا ...

فندخلوا النار ، لكون الدخول مظنة الإحراق وخصّ المسّ ليشير به الى ما يقتضي الركون من العقاب ويميز بين ما يستحق الظالم وبين ما يستحق الراكن له من العقاب وإن كان مس النار قد يطلق ويراد به الإحراق لكن هذا الإطلاق مجاز والحقيقة ما ذكرناه لأن حقيقة المس أول ملاقاة الجسم حرارة النار وإذا احتمل اللفظ احتمالات صرف منها الى ما تدل عليه القرائن والائتلاف في هذه الآية معنوي.

٢ ـ الادماج :

فقد أدمج الله سبحانه وصفه بالعدل فتعلق فن الفخر بفن الأدب إذ ظاهر الآية التأديب ومن أجله جاءت في هذا الباب الموعظة ووصف الحق عز وجل بالعدل.

٤٤٣

٣ ـ البسط :

فلم يقل الظالمين وعدل عن ذلك الى قوله «الذين ظلموا» لما يحتمل الاول من استمرار الظلم الذي لا يلائم المساس ولا تحصل به المبالغة التي تحصل من لفظ الثاني من وقوع الظلم على سبيل الندور ليلائم المعنى معنى الركون ومعنى المساس وتحصل المبالغة الحقة لأنه سبحانه إذا نهى عن الركون الى من استمر منه الظلم بطريق أولى وإذا نهى عن الركون إلى الظالم كان النهي عن فعل الظلم أحرى.

ونثبت هنا بهذه المناسبة كتاب آية في البلاغة وهو يتناسب مع المقام : لما خالط الزهري السلاطين كتب اليه أخ في الدين : عافانا الله وإياك أبا بكر من الفتن فقد أصبحت بحال ينبغي لمن عرفك أن يدعو لك الله ويرحمك ، أصبحت شيخا كبيرا وقد أثقلتك نعم الله بما فهمك الله من كتابه وعلمك من سنة نبيه وليس كذلك أخذ الله الميثاق على العلماء ، قال سبحانه : «لتبيننه للناس ولا تكتمونه» واعلم أن أيسر ما ارتكبت وأخف ما احتملت انك آنست وحشة الظالم ، وسهلت سبيل الغي ، بدنوك ممن لم يؤد حقا ، ولم يترك باطلا حين أدناك ، اتخذوك قطبا تدور عليه رحى باطلهم ، وجسرا يعبرون عليك الى بلائهم ، وسلما يصعدون فيك الى ضلالهم ، يدخلون الشك بك على العلماء ، ويقتادون بك قلوب الجهلاء ، فما أيسر ما عمروا لك في جنب ما خرّبوا عليك ، وما أكثر ما أخذوا منك في جنب ما أفسدوا عليك من دينك ، فما يؤمنك أن تكون ممن قال الله فيهم : «فخلف من بعدهم خلف أضاعوا الصلاة ، واتبعوا الشهوات فسوف يلقون غيّا» فانك تعامل من لا يجهل ويحفظ عليك من لا يغفل ، فدا ودينك فقد دخله سقم ،

٤٤٤

وهيء زادك فقد حضر السفر البعيد «وما يخفى على الله من شيء في الأرض ولا في السماء» والسلام.

(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ (١١٨) إِلاَّ مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١١٩) وَكُلاًّ نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ (١٢٠) وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ إِنَّا عامِلُونَ (١٢١) وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ (١٢٢) وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ (١٢٣))

الاعراب :

(وَلَوْ شاءَ رَبُّكَ لَجَعَلَ النَّاسَ أُمَّةً واحِدَةً) الواو استئنافية ولو شرطية امتناعية وشاء ربك فعل وفاعل واللام واقعة في جواب لو وجعل الناس أمة جعل ومفعوليها وواحدة صفة. (وَلا يَزالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبُّكَ)

٤٤٥

الواو عاطفة ولا يزالون فعل مضارع ناقص والواو اسمها ومختلفين خبرها وإلا من رحم ربك قال الزجاج استثناء منقطع على معنى لكن وتقديره لكن من رحم ربك فإنه غير مختلف واكتفى أبو البقاء بقوله هو مستثنى من ضمير الفاعل في يزالون. (وَلِذلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) لذلك متعلق بخلقهم والاشارة الى الاختلاف والرحمة وخلقهم فعل وفاعل مستتر ومفعول به وتمت كلمة ربك فعل وفاعل والمراد بكلمته قضاؤه الأزلي وحكمه المبرم. (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ) لأملأن جهنم جواب قسم مقدر تقديره يمينا لأملأن وأملأن فعل مضارع مبني على الفتح وجهنم مفعول به ومن الجنة جار ومجرور متعلقان بأملأن ، والجنة هي الجن والتاء للمبالغة وأجمعين تأكيد. (وَكُلًّا نَقُصُّ عَلَيْكَ مِنْ أَنْباءِ الرُّسُلِ ما نُثَبِّتُ بِهِ فُؤادَكَ) يجوز أن تنصب كلا نصبا على المصدر وتقديره وكل القصص نقص عليك وجملة نقص عليك في موضع الصفة لقوله وكلا ، ويجوز أن ينصب على المفعولية والمضاف اليه محذوف عوض منه التنوين تقديره كل نبأ نقص عليك ومن أنباء صفة لكلا وما اسم موصول في محل نصب بدل من كلا وقيل زائدة ، وعلى الوجه الاول تعرب مفعولا وجملة نثبت به فؤادك صلة ومعنى تثبيت القلب زيادة يقينه وما فيه طمأنينة قلبه. (وَجاءَكَ فِي هذِهِ الْحَقُّ وَمَوْعِظَةٌ وَذِكْرى لِلْمُؤْمِنِينَ) وجاءك فعل ومفعول به وفي هذه متعلقان بجاءك والاشارة الى السورة أو الأنباء المقتصة فيها والحق فاعل جاءك وما بعده عطف عليه. (وَقُلْ لِلَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ اعْمَلُوا عَلى مَكانَتِكُمْ) للذين جار ومجرور متعلقان بقل وجملة لا يؤمنون صلة واعملوا فعل أمر والواو فاعل والجملة مقول القول وعلى مكانتكم حال أي حال كونكم ثابتين على مكانتكم وقد سبق القول في المكانة. (إِنَّا عامِلُونَ) ان واسمها

٤٤٦

وخبرها. (وَانْتَظِرُوا إِنَّا مُنْتَظِرُونَ) انتظروا فعل أمر والواو فاعل وإنا منتظرون ان واسمها وخبرها والتهديد واضح. (وَلِلَّهِ غَيْبُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَإِلَيْهِ يُرْجَعُ الْأَمْرُ كُلُّهُ) لله خبر مقدم وغيب السموات مبتدأ مؤخر واليه متعلقان بيرجع والأمر نائب فاعله وكله تأكيد. (فَاعْبُدْهُ وَتَوَكَّلْ عَلَيْهِ وَما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ) الفاء الفصيحة واعبده فعل أمر وفاعل مستتر ومفعول به وتوكل عطف على اعبده وعليه متعلقان بتوكل وما حجازية وربك اسمها والباء حرف جر زائد وغافل مجرور لفظا منصوب محلا خبرها وعما متعلقان بغافل ويعملون صلة ما.

٤٤٧

سورة يوسف

مكية وآياتها احدى عشرة ومائة

(الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ (١) إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (٢) نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ (٣) إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ عَشَرَ كَوْكَباً وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ (٤) قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ (٥) وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (٦))

٤٤٨

اللغة :

(الْقَصَصِ) : على وجهين : أحدهما يكون مصدرا بمعنى الاقتصاص تقول قصّ الحديث يقصّه قصصا وثانيهما يكون فعلا بمعنى مفعول كالنفض بمعنى المنفوض واشتقاقه من قصّ أثره إذا تبعه لأن الذي يقصّ الحديث يتبع ما حفظ منه شيئا فشيئا.

الاعراب :

(الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ) الر : تقدم اعرابها والقول فيها وتلك مبتدأ وآيات خبر والكتاب مضاف اليه والمبين صفة للكتاب.

(إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ان واسمها وجملة أنزلناه خبرها وقرآنا حال من ضمير أنزلناه أي الهاء وقيل انتصب على البدلية من الضمير ، وعربيا صفة ولعلكم تعقلون : لعل واسمها وجملة تعقلون خبرها. (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ بِما أَوْحَيْنا إِلَيْكَ هذَا الْقُرْآنَ) نحن مبتدأ وجملة نقص خبر والفاعل مستتر تقديره نحن وعليك متعلقان بنقص وأحسن مفعول به إذا كان القصص مصدرا بمعنى المفعول ومفعول مطلق إذا كان القصص مصدرا غير مراد به المفعول والقصص مضاف اليه والباء للسببية وما مصدرية وهي مع ما في حيزها مجرورة بالباء والجار والمجرور متعلقان بنقص أيضا أي بسبب ايحائنا وإليك متعلقان بأوحينا وهذا مفعول به والقرآن بدل من اسم الاشارة. (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) الواو للحال وان مخففة من الثقيلة وكان واسمها ومن قبله حال واللام الفارقة ومن الغافلين خبر كنت. (إِذْ قالَ يُوسُفُ لِأَبِيهِ : يا أَبَتِ إِنِّي رَأَيْتُ أَحَدَ

٤٤٩

عَشَرَ كَوْكَباً) يجوز لك أن تعلق إذ الظرفية بفعل مضمر أي اذكر ولك أن تجعله بدل اشتمال من أحسن القصص ويجوز أن يتعلق بنقص ولكن في هذا إخراجا لاذ عن المضي ، وجملة قال يوسف مضاف إليها الظرف ولأبيه متعلقان بقال ويا حرف نداء وأبت منادى مضاف الى ياء المتكلم التي حذفت وعوضت عنها التاء المكسورة أو المفتوحة وسيرد المزيد عنها في باب الفوائد وكسرت همزة إن بعد القول والياء اسم ان وجملة رأيت خبرها وأحد عشر جزءان عدديان مبنيان على الفتح في محل نصب مفعول به لرأيت وكوكبا تمييز ورأيت من الرؤيا أي المنام وهي تنصب مفعولين. (وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ رَأَيْتُهُمْ لِي ساجِدِينَ) الواو حرف عطف والشمس والقمر معطوفان على أحد عشر كوكبا ورأيتهم فعل وفاعل ومفعول به وليست تأكيدا لرأيتهم الأولى ولي متعلقان بساجدين وساجدين مفعول به ثان لرأيتهم وأعربها أبو البقاء حالا وقال ان الرؤية عينية وسيأتي تحقيق هذا في باب البلاغة. (قالَ يا بُنَيَّ لا تَقْصُصْ رُؤْياكَ عَلى إِخْوَتِكَ) يا بني تقدم أعربها في هود ولا ناهية وتقصص فعل مضارع مجزوم بلا ورؤياك مفعول به وعلى إخوتك جار ومجرور متعلقان بتقصص. (فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْداً إِنَّ الشَّيْطانَ لِلْإِنْسانِ عَدُوٌّ مُبِينٌ) الفاء سببية ويكيدوا منصوب بأن مضمرة لأنه وقع جوابا للنهي والواو فاعل ولك متعلقان بيكيدوا وكيدا يحتمل أن يكون مفعولا مطلقا مؤكدا ويحتمل أن يكون مفعولا به أي يصنعوا لك كيدا وإن الشيطان إن واسمها وللانسان حال وعدو خبر إن ومبين صفة.

(وَكَذلِكَ يَجْتَبِيكَ رَبُّكَ وَيُعَلِّمُكَ مِنْ تَأْوِيلِ الْأَحادِيثِ) كذلك نعت لمصدر محذوف أي كما اجتباك واختارك لهذه الرؤيا العظيمة يجتبيك لأمور عظام ، والكاف مفعول يجتبيك وربك فاعل ويعلمك ليس عطفا على يجتبيك ولكنه كلام مستأنف كأنه قيل وهو يعلمك ويتم

٤٥٠

نعمته ، ومن تأويل جار ومجرور متعلقان بيعلمك والأحاديث مضاف اليه. (وَيُتِمُّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكَ وَعَلى آلِ يَعْقُوبَ) عطف على يعلمك ونعمته مفعول به وعليك جار ومجرور متعلقان بنعمته أو بيتم وعلى آل يعقوب عطف عليه. (كَما أَتَمَّها عَلى أَبَوَيْكَ مِنْ قَبْلُ إِبْراهِيمَ وَإِسْحاقَ إِنَّ رَبَّكَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) كما أنها نعت لمصدر محذوف أي إتماما مثل إتمامها على أبويك وعلى أبويك متعلقان بأتمها ومن قبل حال وابراهيم بدل من أبويك أو عطف بيان واسحق عطف على ابراهيم وان واسمها وخبراها.

البلاغة :

١ ـ في قوله تعالى «رأيتهم» تكرار يظنّه الناظر أنه تأكيد لأول وهلة وليس هو بالتأكيد وانما هو كلام مستأنف على تقدير سؤال وقع جوابا له ويجوز أن تكون للتوكيد باعتبار أن طول الفصل بالمفاعيل استدعى ذلك فجيء برأيتهم تطرية وتنويعا للحديث.

٢ ـ في قوله تعالى «ساجدين» أجرى الكواكب الأحد عشر والشمس والقمر مجرى العقلاء وهو الذي يسميه النحاة تغليبا وهذا الوصف صناعي ، أما السر البياني فأمر كامن وراء هذا الوصف ذلك لأنه لما وصف الكواكب والشمس والقمر بما هو خاص بالعقلاء وهو السجود أجرى عليها حكمهم كأنها عاقلة وهذا كثير شائع في كلامهم وسيأتي الكثير منه في القرآن.

٣ ـ براعة التخلص :

وهو فن مشهور ذائع في كلام البلغاء ، وهو امتزاج ما يقدمه الكاتب أو للشاعر من البسط بأول ما استهل به كلامه كالبيت

٤٥١

الاول من القصيدة والفقرة الاولى من المقالة على أن يختلس ذلك اختلاسا رشيقا دقيق المعنى بحيث لا يشعر السامع بالانتقال من المعنى الأول إلا وقد وقع في الثاني لشدة الممازجة والالتئام كأنهما أفرغا في قالب واحد ، أو يوطىء الكاتب فيه بفصل لفصل يريد أن يأتي به بعده وإما بنكتة تشير الى معنى الفصل المستقبل كقوله تعالى : «نحن نقص عليك أحسن القصص» فإنه سبحانه وطأ بهذا الفصل الى ما يأتي بعده من سرد قصة يوسف عليه السلام فتخلص به الى ذكر القصة تخلصا بارعا فإن النكتة التي أشارت الى وصف هذه القصة بنهاية الحسن دون سائر قصص الأنبياء المذكورة في القرآن وهي قوله : «أحسن القصص» فإن المخاطب إذا قرع سمعه هذا الوصف للقصة تنبه الى تأملها فيجد كل قضية فيها ختمت بخير وكل ضيق انتهى الى سعة ، وكل شدة آلت الى رخاء وذلك أمر عجيب يستحيل أن يأتي على القصة الحديثة «العقدة» تختم بالخير أو ما يسمّى في عرف القصة الحديثة بالحل :

١ ـ رمي يوسف في الجب واستحكمت عقدته فنجا.

٢ ـ بيع بالثمن البخس الذي يشير في مدلوله الى الضعة والمهانة واستحكمت العقدة ثانية فإذا الذي اشتراه يستصفيه وينزله منه بمنزلة الولد.

٣ ـ راودته التي هو في بيتها عن نفسه ووثبت الشهوة ، وصرخت اللذة ، وكاد العقل يقصف والرشد يغزب واستحكمت العقدة ثالثة فإذا هو يكبح جماح نفسه ويستعصم.

٤ ـ ودخل السجن ، ورانت عليه ظلمته واقتمت معالمه واستحكمت العقدة رابعة فخرج منه ملكا.

٤٥٢

٥ ـ وظفر بإخوته بعد أن عرف غدرهم به ومحاولتهم إهلاكه فلم يذهب مع هوى النفس التي تثأر وتنتقم وطأمن من غلوائه.

٦ ـ وسره الله بلقاء شقيقه بعد اليأس فأتنس به.

٧ ـ فارقه أبوه وحزن من أجله حتى عمي واستحكمت العقدة مرة أخرى ثم اجتمع به وسر بلقائه وارتد الوالد بصيرا.

٨ ـ جاء الله به من البدو وأحله بمصر على سرير الملك.

٩ ـ غضب هو وأبوه على بقية الأولاد ثم رضيا عنهم.

١٠ ـ ثم وأخيرا سجد له أبواه واخوته تحقيقا لرؤياه فناسب الختام البدء وكانت براعة التخلص من أجمل ما عرف في الكتابة.

حسن التخلص في الشعر :

على أنه لا يفوتنا أن نورد بعض ما ورد من حسن التخلص في شعرنا العربي ومن المؤسف أن ينتهي غالبا بالمديح ونحن لا نقر هذا المديح ولا نعترف به إلا من حيث انه تقليد بحث أو تسجيل لما جرى على يد الممدوح من نفع عام ، قال أبو تمام يمدح أبا دلف وهو بطل عربي اشتهر بجهاده :

ودع فؤادك توديع الفراق فما

أراه من سفر التوديع منصرفا

يجاذب الشوق طورا ثم يجذبه

جهاده للقوافي في أبي دلفا

ومن ألطف المخالص قول أبي العلاء المعري :

ولو أن المطيّ لها عقول

وجدك لم تشد لها عقالا

٤٥٣

مواصلة لها رحلي كأني

من الدنيا أريد بها ان

فصالا سألن فقلت مقصدنا سعيد

فكان اسم الأمير لهن فالا

الفوائد :

١ ـ «رأى» من الرؤيا :

اختلف النحاة واللغويون في «رأى» الحلمية ، والمحققون على أنها ملحقة برأى العلمية في التعدي لاثنين بجامع ادراك الحس في الباطن كقوله تعالى : «إني أراني أعصر خمرا» فأرى عملت في ضميرين متصلين لمسمى واحد وأحدهما فاعل والثاني مفعول أول وجملة أعصر حمرا المفعول الثاني وكقول عمرو بن أحمر الباهلي يذكر جماعة من قومه لحقوا بالشام فرآهم في منامه :

أراهم رفقتي حتى إذا ما

تجافى الليل وانخزل انخزالا

فالهاء مفعول أول ورفقتي بضم الراي وكسرها مفعول ثان والرؤيا هنا حليمة بدليل قوله : حتى إذا ما تجافى الليل وانخزل انخزالا أي انطوى وانقطع ، والى هذا أشار في الخلاصة :

ولرأى الرؤيا الم ما لعلما

طالب مفعولين من قبل انتمى

وذهب بعضهم الى أن رأى الحلمية لا تنصب مفعولين من قبل انتمى وذهب بعضهم الى أن الحلمية لا تنصب مفعولين وان ثاني المنصوبين حال ورد بوقوعه معرفة هنا كما هنا واعترض بأن الرفقة وهم المخالطون والمرافقون فهو بمعنى اسم الفاعل فالاضافة فيه غير محضة.

٤٥٤

٢ ـ حديث اليهودي وكواكب يوسف :

ونرى من المفيد التنبيه الى ما يرويه المفسرون من أحاديث عن كواكب يوسف فقد أخرج الحاكم في مستدركه أن يهوديا جاء الى النبي صلى الله عليه وسلم فقال أخبرني بأسماء الكواكب التي رآها يوسف عليه السلام فقال : إن أخبرتك بأسمائها أتسلم؟ قال : نعم.

قال صلى الله عليه وسلم : الذيال والوثاب والطارق والفيلق والصبح والقابس والضروح والخرثان والكتفان والعمودان وذو الفرع. قال : صدقت يا محمد ولم يسلم» والوضع ظاهر على هذا الحديث وفي سنده جماعة متكلم فيهم. وقال ابن الجوزي هو موضوع.

(لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ (٧) إِذْ قالُوا لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ (٨) اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ (٩) قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ (١٠) قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ

٤٥٥

لَناصِحُونَ (١١) أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ (١٢) قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ (١٣) قالُوا لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ (١٤))

اللغة :

(غَيابَتِ الْجُبِّ) : الغيابة : سدّ أو طاق في البئر قريب الماء يغيب ما فيه عن العيون وقال الزمخشري : هي غوره وما غاب منه عن عين الناظر وأظلم من أسفله قال المنخل :

إذا أنا يوما غيبتني غيابتي

فسيروا بسيري في العشيرة والأهل

أراد غيابة حفرته التي يدفن فيها ، والجب : البئر التي لم تطو وسمي بذلك إما لكونه محفورا في جيوب الأرض أي ما غلظ منها وإما لأنه قطع في الأرض ويجمع على أجباب وجباب وجببة.

(السَّيَّارَةِ) : جمع سيار أي المبالغ في السير وفي المختار والسيارة القافلة ، فتسميتهم السيارة المعروفة اليوم صحيح لا غبار عليه لأنه مؤنث سيار.

الاعراب :

(لَقَدْ كانَ فِي يُوسُفَ وَإِخْوَتِهِ آياتٌ لِلسَّائِلِينَ) اللام جواب قسم محذوف وقد حرف تحقيق وكان فعل ماض ناقص وفي يوسف خبر

٤٥٦

مقدم واخوته عطف على يوسف وآيات اسم كان المؤخر وللسائلين صفة لآيات. (إِذْ قالُوا : لَيُوسُفُ وَأَخُوهُ أَحَبُّ إِلى أَبِينا مِنَّا) إذ ظرف لما مضى من الزمن متعلق بمحذوف تقديره اذكر وقيل الظرف متعلق بكان وجملة قالوا مضاف إليها الظرف واللام للابتداء وفيها تأكيد لتحقيق مضمون الجملة وأخوه عطف على يوسف وهو بنيامين شقيقه وأحب خبر والى أبينا جار ومجرور متعلقان بأحب وقد تقدم أن الحب والبغض إذا بني منهما أفعل التفضيل أو فعلا التعجب تعدى الفعل منهما الى الفاعل المعنوي بإلى والى المفعول المعنوي باللام فاذا قلت زيد أحب إلي من بكر كان معناها أنك تحب زيدا أكثر من بكر ، ومنا متعلقان بأحب كذلك ولم يطابق أحب في الاثنين لأن أفعل التفضيل يلزم الافراد والتذكير إذا كان معه من ولا بد من الفرق مع ال وإذا أضيف جاز الأمران. (وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّ أَبانا لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) الواو للحال ونحن مبتدأ عصبة خبر وان واسمها واللام المزحلقة وفي ضلال خبرها ومبين صفة. والعصبة : الجماعة ، قيل : هي ما بين الواحد الى العشرة. (اقْتُلُوا يُوسُفَ أَوِ اطْرَحُوهُ أَرْضاً يَخْلُ لَكُمْ وَجْهُ أَبِيكُمْ) اقتلوا فعل أمر والواو فاعل ويوسف مفعول به أو اطرحوه عطف على اقتلوا وأرضا نصبت نصب الظروف المبهمة أي أرضا منكرة مجهولة بعيدة عن العمران. قال الزمخشري وقال ابن عطية : «وذلك خطأ لأن الظرف ينبغي أن يكون مبهما وهذه ليست كذلك بل هي أرض مقيدة بأنها بعيدة أو قاصية ونحو ذلك فزال بذلك ابهامها ومعلوم أن يوسف لم يخل من الكون في أرض فتبين أنهم أرادوا أرضا بعيدة غير التي هو فيها قريب من أبيه» وصحح أبو حيان هذا الرد.

ويجوز أن تنصب بنزع الخافض أي في أرض وهو بمعنى الظرف ، وقيل مفعول ثان لاطرحوه المتضمنة معنى أنزلوه ويخل جواب الأمر ولكم متعلقان بيخل ووجه فاعل وأبيكم مضاف اليه وسيأتي معنى يخل

٤٥٧

لكم وجه أبيكم في باب البلاغة ، (وَتَكُونُوا مِنْ بَعْدِهِ قَوْماً صالِحِينَ) وتكونوا عطف على يخل والواو اسم كان ومن بعده حال وقوما خبر وصالحين صفة. (قالَ قائِلٌ مِنْهُمْ لا تَقْتُلُوا يُوسُفَ وَأَلْقُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ) قال قائل فعل وفاعل ومنهم صفة ولا ناهية وتقتلوا فعل مضارع مجزوم بلا والواو فاعل ويوسف مفعول به وألقوه فعل أمر وفاعل ومفعول به وفي غيابة الجب متعلقان بألقوه. (يَلْتَقِطْهُ بَعْضُ السَّيَّارَةِ إِنْ كُنْتُمْ فاعِلِينَ) يلتقطه جزم لوقوعه جوابا للأمر وبعض السيارة فاعل وإن شرطية وكنتم فاعلين كان واسمها وخبرها وجواب ان محذوف أي ان كنتم على أن تفعلوا ما يحصل به الغرض فهذا هو الرأي الصواب (قالُوا يا أَبانا ما لَكَ لا تَأْمَنَّا عَلى يُوسُفَ) قالوا فعل وفاعل ويا أبانا منادى مضاف وما اسم استفهام مبتدأ ولك خبر ما ولا نافية وتأمنا فعل مضارع وفاعله مستتر تقديره أنت ونا مفعول به وقد أدغمت نون تأمن بنا وقد قرىء على أشكال مختلفة وعلى يوسف متعلقان بتأمنا وجملة لا تأمنا حال وجملة مالك لا تأمنا مقول القول والتقدير أي شيء ثبت لك منا. (وَإِنَّا لَهُ لَناصِحُونَ) الواو للحال وان واسمها وله متعلقان بناصحون واللام المزحلقة وناصحون خبر إنا والجملة حال من نا فيكون حالا من حال. (أَرْسِلْهُ مَعَنا غَداً يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحافِظُونَ) أرسله فعل أمر وفاعل مستتر ومفعول به ومعنا ظرف مكان متعلق بأرسله ونا مضاف اليه وغدا ظرف متعلق بأرسله أيضا ويرتع مجزوم لأنه جواب الأمر ويلعب عطف عليه وجملة إنا له لحافظون حالية وقد تقدم إعرابها. (قالَ إِنِّي لَيَحْزُنُنِي أَنْ تَذْهَبُوا بِهِ) إن واسمها واللام المزحلقة وجملة يحزنني خبر إن والياء مفعول به وأن وما في حيزها في تأويل مصدر فاعل يحزنني وبه جار ومجرور متعلقان بتذهبوا.

(وَأَخافُ أَنْ يَأْكُلَهُ الذِّئْبُ) أن وما في حيزها مفعول أخاف والذئب

٤٥٨

فاعل يأكله ولا يغرب عنك أنه لقّنهم العلة التي يعتلون بها على حد قول المثل «إن البلاء موكل بالمنطق». (وَأَنْتُمْ عَنْهُ غافِلُونَ) الواو للحال وأنتم مبتدأ وغافلون خبره وعنه متعلقان بغافلون (قالُوا : لَئِنْ أَكَلَهُ الذِّئْبُ وَنَحْنُ عُصْبَةٌ إِنَّا إِذاً لَخاسِرُونَ) اللام موطئة للقسم وان شرطية وأكله الذئب فعل ومفعول به وفاعل والواو حالية ونحن مبتدأ وعصبة خبر والجملة حالية وان واسمها وإذن حرف جواب وجزاء مهمل وخاسرون خبر إنا والجملة جواب

القسم وجملة جواب الشرط محذوفة لأن الجواب يعطى للمتقدم كما قررنا سابقا.

البلاغة :

١ ـ المجاز في قوله تعالى «يخل لكم وجه أبيكم» وانما ذكر الوجه لأن الرجل إذا أقبل على الشيء أقبل عليه بوجهه لأن أول ما يستقبل الإنسان الوجه فعبر به عن إقباله عليهم وعدم الالتفات الى غيرهم وانتفاء المشارك لهم في حب والدهم.

٢ ـ وفي قوله «لخاسرون» مجاز عن الضعف والعجز والعلاقة هي السببية.

(فَلَمَّا ذَهَبُوا بِهِ وَأَجْمَعُوا أَنْ يَجْعَلُوهُ فِي غَيابَتِ الْجُبِّ وَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ لَتُنَبِّئَنَّهُمْ بِأَمْرِهِمْ هذا وَهُمْ لا يَشْعُرُونَ (١٥) وَجاؤُ أَباهُمْ عِشاءً يَبْكُونَ (١٦) قالُوا يا أَبانا إِنَّا ذَهَبْنا نَسْتَبِقُ وَتَرَكْنا يُوسُفَ عِنْدَ مَتاعِنا فَأَكَلَهُ الذِّئْبُ وَما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا وَلَوْ كُنَّا صادِقِينَ (١٧) وَجاؤُ عَلى

٤٥٩

قَمِيصِهِ بِدَمٍ كَذِبٍ قالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللهُ الْمُسْتَعانُ عَلى ما تَصِفُونَ (١٨) وَجاءَتْ سَيَّارَةٌ فَأَرْسَلُوا وارِدَهُمْ فَأَدْلى دَلْوَهُ قالَ يا بُشْرى هذا غُلامٌ وَأَسَرُّوهُ بِضاعَةً وَاللهُ عَلِيمٌ بِما يَعْمَلُونَ (١٩) وَشَرَوْهُ بِثَمَنٍ بَخْسٍ دَراهِمَ مَعْدُودَةٍ وَكانُوا فِيهِ مِنَ الزَّاهِدِينَ (٢٠))

اللغة :

(أَجْمَعُوا) : يقال أجمعوا الأمر وأجمعوا عليه يتعدى بنفسه وبالباء أي عزموا عليه عزما مصمما.

(سَوَّلَتْ) : أصل التسويل تقدير معنى في النفس مع الطمع في إتمامه وقال الزمخشري سولت سهلت من السول وهو الاسترخاء وفي القاموس : سولت له نفسه كذا : زينته له وسهلته له وهوّنته وقيل هو من السول بفتحتين أي استرخاء العصب ونحوه فكأن المسول بذله فيما حرص عليه.

(دَلْوَهُ) : في المختار الدلو التي يستقى بها ودلا الدلو نزعها وبابه عدا وأدلاها أرسلها في البئر وفي القاموس ودلوت الدلو ودليتها أرسلتها في البئر ودلّاها جذبها ليخرجها والدلو مؤنث وقد يذكر.

٤٦٠