موصل الطلاب

الشيخ خالد الأزهري

موصل الطلاب

المؤلف:

الشيخ خالد الأزهري


المحقق: الدكتور البدراوي زهران
الموضوع : اللغة والبلاغة
الطبعة: ٠
الصفحات: ١٩٦

(ومن مثلها) : بضم المثلثة جمع مثال أى ومن أمثلة الجملة المستأنفة الجملة الواقعة بعد حتى الابتدائية فى

(قوله) : وهو جرير :

فما زالت القتلى تمج دماءها

بدجلة حتى ماء دجلة أشكل (١)

أى أبيض يخالطة حمرة فماء دجلة مبتدأ أو مضاف إليه وأشكل خبره وجملة المبتدأ وخبره مستأنفة هذا مذهب الجمهور

(و) : نقل

(عن) : أبى اسحق

(الزجاج و) : أبى محمد بن عبد الله بن جعفر

(ابن درستويه أن الجملة) : الواقعة

(بعد حتى الابتدائية) : وهى التى تبتدأ بعدها الجملة أي تستأنف

(فى موضع جر بحتى وخالفهما الجمهور) : فقالوا ليست حتى هذه حرف جر بدليلين أحدهما أنها لو كانت حرف جر لقيل حتى ماء بالجر والرواية بالرفع على الابتداء والخبر والعدول إلى العمل فى محل الجملة نوع من التعليق وهو غير مناسب

(لأن حروف الجر لا تعلّق) : بفتح اللام

(عن العمل) : بدخولها على الجمل وانما تدخل على المفردات أو ما فى تأويلها

(و): الثانى أن حتى

(هذه ليست حرف جر لوجوب كسر همزة إن بعدها فى نحو قولك مرض زيد حتى إنهم لا يرجونه) : بكسر إن ولو كانت حرف جر لفتحت الهمزة وفاء بالقاعدة

(و) : هى أنه

(إذا دخل) : الحرف

(الجار على أن فتحت همزتها نحو) : قوله تعالى : "ذلِكَ بِأَنَّ اللهَ هُوَ الْحَقُّ" (٢) فلما لم تفتح الهمزة علمنا أنها ليست جارة وفى كل من هذين الدليلين نظر ، أما الأول :

__________________

(١) هذا بيت جرير كما هو واضح غير أن تحليله على هذه الصورة مبنى على تحليل حدى الحدث اللغوى جانب الشكل وجانب الدلالة معا على نحو ما يتضح من خلاف وجهات النظر المتعددة حتى نهاية القول فى هذا البيت.

(٢) سورة الحج آية ٦٢.

٨١

فلأنهما لا يسميان ذلك تعليقا وانما يقولان الجملة بعد حتى فى محل جر على معنى أن تلك الجملة فى تأويل مفرد مجرور بها لا على معنى أن تلك الجملة باقية على جملتها غير مؤوله بالمفرد لا يقال حقيقة التعليق أن يمنع من العمل لفظا ماله صدر الكلام وهو مفقود هنا لأنا نقول ذاك فى أفعال القلوب ؛ وأما تعليق حروف الجر فبأن تدخل على غير مفرد أو ما فى تأويلة أو تدخل على مفرد ولا تعمل فيه (١) ، وأما الثانى : فلأن مدعاهما أنها عاملة فى المحل لا فى اللفظ ولذلك لم تفتح همزة إن بعدها (٢)

الجملة (الثانية) : مما لا محل له

(الواقعة صلة لاسم موصول نحو) : قام أبوه من قولك

(جاء الذى قام أبوه): فجملة قام أبوه لا محل لها لأنها صلة الموصول والموصول وحده له محل بحسب ما يقتضية العامل بدليل ظهور الإعراب فى نفس الموصول نحو: "لَنَنْزِعَنَّ مِنْ كُلِّ شِيعَةٍ" (٣) أيهم أشد فى قراءة النصب ونحو : "رَبَّنا أَرِنَا الَّذَيْنِ أَضَلَّانا" (٤) وذهب أبو البقاء إلى أن المحل للموصول وصلته معا كما أن المحل للموصول الحرفى مغ صلته وفرق الأول بأن الاسم يستقل بالعامل والحرف لا يستقل (٥)

(أو) : الواقعة صلة

(لحرف) : يؤول مع صلته بمصدر

(نحو) : عجبت مما قمت أى من قيامك

(فما) : موصول حرفى على الأصح

(وقمت) : صلته والموصول وصلته

(فى موضع جر بمن وأما) : الصلة وهى

__________________

(١ و ٢) لو أعدنا النظر على ما سبق من قوله : "لأن حروف الجر لا تعلق وتابعنا ما جاء من أن حتى هذه ليست حرف جر لوجود كسر همزة (إن) بعدها .. الخ لرأينا أننا أمام منهج يتخذ من المادة اللغوية المنطوقة مدار بحثه وأنه يحتكم إلى قواعد مقررة .. ثم هو بعد ذلك عندما يقدم اعتراضا على ما جاء فإنه ينطلق من هذا المنهج ويبنى عليه تابع ما جاء من وجهة نظر إزاء الدليلين وتلك مبادئ منهجية فى دراسة اللغة وهى غاية ما يرجوه الدارسون المحدثون فى دراساتهم.

(٣) سورة مريم آية ٦٩.

(٤) سورة فصلت آية ٢٩.

(٥) المنهج شكل أيضا ويقوم على مراعاة أشكال اللغة دون النظر إلى المضمون فالمنهج أصيل عند علمائنا ومستفاد من أعمالهم.

٨٢

(قمت وحدها فلا محل لها) : من الإعراب لأنها صلة موصول وكذا الموصول الحرفى وحده لا محل له لانتفاء الإعراب فى الحرف

الجملة (الثالثة المعترضة بين شيئين) : متلازمين وهى

(إما للتسديد) : بالسين المهملة أى التقوية

(أو التبيين) : وهو الإيضاح ولا يعترض بها إلا بين الأجزاء المنفصل بعضها من بعض المقتضى كل منها الآخر فتقع بين الفعل وفاعلة كقوله (١) :

وقد أدركتنى والحوادث جمة

أسنة قوم لاضعاف ولا عزل

أو مفعوله كقوله :

وبدلت والدهر ذو تبدل

هيفا دبورا بالصبا والشمال

وبين المبتدأ والخبر كقوله :

وفيهن والأيام يعثرون بالفتى

نوادب لا يمللنه ونوائح

أو ما هما أصلة كقوله :

إن سليمى والله يكلؤها

ضنت بشئ ما كان برزؤها

وبين الشرط وجوابه نحو قوله تعالى : "فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا فَاتَّقُوا النَّارَ" (٢)وبين الموصول وصلته كقوله :

 ... أن الذى وأبيك يعرف مالكا

 ... وبين أجزاء الصلة

نحو جاء الذى جوده والكرم زين مبذول ، وبين المجرور وجاره اسما كان نحو : هذا غلام والله زيدا ، وحرفا نحو : اشتريته بوا الله ألف درهم وبين الحرف وتوكيده نحو :

ليت وهل ينفع شيئا

ليت ليت شبابا بوع فاشتريت

وبين قد والفعل نحو ... أخالد قد والله أوطأت عشوة ... وبين الحرف النافى ومنفية كقوله: ... فلا وأبى دهماء زالت عزيزة ... وبين القسم وجوابه والموصوف وصفته ويجمعها: (نحو : "فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ" الآية (٣)) : وهى وإنه لقسم لو تعلمون عظيم

__________________

(١) نجد هنا أيضا قمة ما يرتجى عند تطبيق منهج الدراسة الوصفية الشكلية والحديث هنا عن بينات شكلية تدخل ضمن قوالبها أية مضامين مع الاعتماد الكامل فى التطبيق على ما نطقه الناطقون باللغة وهذا غاية ما ترجوه أسس المنهج وتتطلبه اتجاهاته التطبيقية ويدهشك أن توصم هذه الأعمال بالضعف وأنها شروح أو حواش إلى آخره وأنهم يقولون : إن لدينا مادة وأن الذى ينقصنا هو المنهج وهذا خلاف ما نرى.

(٢) سورة البقرة آية ٢٤.

(٣) سورة الواقعة آية ٧٥.

٨٣

وفى هذه الآية اعتراض فى ضمن اعتراض

(وذلك لأن قوله) : تعالى

("إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ" جواب) (١) : القسم وهو قوله تعالى

("فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ" وما بينهما) : أى لا أقسم وجوابه والذى بينهما هو وأنه لقسم لو تعلمون عظيم

(اعتراض لا محل له) : من الإعراب

(وفى أثناء هذا الاعتراض) : الذى هو وإنه لقسم لو تعلمون عظيم

(اعتراض آخر وهو) : قوله تعالى

"لَوْ تَعْلَمُونَ" فإنه معترض بين الموصوف وصفته وهما قسم وعظيم) :

على طريق اللف والنشر على الترتيب فالاعتراض فى هذه الآية بجملة واحدة فى ضمنها جملة

(ويجوز الاعتراض بأكثر من جملة) : خلافا لأبى على الفارسى (٢) فى منعه من ذلك ومن الاعتراض بأكثر من جملة قوله تعالى : "قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى وَإِنِّي سَمَّيْتُها" (٣) مريم فالجملة الاسمية وهى : "وَاللهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ" بإسكان التاء والفعلية وهى : "وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثى" معترضتان بين الجملتين المصدرتين بإنى

(وليس منه) : أى وليس من الاعتراض بأكثر من جملة

(هذه الآية) : وهى "فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ إلى آخرها" (٤) من سورة الواقعة

(خلافا للزمخشرى) : ذكره فى تفسير سورة آل عمران فى قولة تعالى : "قالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى" إلى قوله "وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ" فقال : فإن قلت علام عطف قوله تعالى "وَإِنِّي سَمَّيْتُها مَرْيَمَ" قلت : هذه معطوفة على قوله : "إِنِّي وَضَعْتُها أُنْثى" وما بينهما جملتان معترضتان كقوله "وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ" انتهى

ووجه الرد عليه أن الذى فى آيه آل عمران اعتراضان لا اعتراض واحد بجملتين ويدفع بأن الزمخشرى إنما قصد تشبيه الآية بالآية فى عدد الجمل المعترض بها لا فى

__________________

(١) سورة الواقعة آية ٧٧.

(٢) أبو على الفارسى من العمد التي تقيم عليها هذه المدرسة اتجاهاتها فهو صاحب فكر متميز له جذوره وله فروعه على نحو ما سبق أن أوضحنا.

(٣) سورة آل عمران آية ٣٦.

(٤) سورة الواقعة آية ٧٥.

٨٤

عدد الاعتراض بدليل قوله فى تفسير سورة الواقعة : "وَإِنَّهُ لَقَسَمٌ لَوْ تَعْلَمُونَ عَظِيمٌ" اعتراض بين القسم وجوابه وقوله : لو تعلمون اعتراض بين الموصوف والصفة انتهى

الجملة (الرابعة التفسيرية): وتسمى المفسرة

(و) : المفسرة التى لا محل لها

(هى الكاشفة لحقيقة ما تليه) : من مفرد أو مركب (١)

(وليست عمدة) : فخرج بقوله لحقيقة ما تليه صلة الموصول فإنها وإن كانت كاشفة وموضحة للموصول لكنها لا توضح حقيقته بل تشير إليه بحال من أحوالها وخرج بقوله وليست عمدة ، الجملة المخبر بها عن ضمير الشأن كما سيأتى ولو قال وهى الفضلة كما قال فى المغنى لكان أولى لأن الفصول العدمية مهجورة فى الحدود ثم مثل بأربعة أمثلة الأول ما يحتمل التفسير والبدل

(نحو) : "هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ" (٢) من قوله تعالى :(وَأَسَرُّوا النَّجْوَى الَّذِينَ ظَلَمُوا هَلْ هذا إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ) فجملة الاستفهام) (٣) : الصورى وهى هل هذا إلا بشر مثلكم؟

(مفسرة للنجوى) : فلا محل لها والنجوى اسم للتناجى الخفى وهل هنا للنفى بمعنى ما ولذلك دخلت إلا بعدها

(وقيل) : إن جملة الاستفهام الصورى

(يدل منها) : أى من النجوى فيكون محلها نصبا بناء على أن ما فيه معنى القول يعمل فى الجمل وهو رأى الكوفيين وهو إيدال جملة من مفرد نحو عرفت زيدا أبو من هو.

(و) : الثانى ما يحتمل التفسير والحال نحو قوله تعالى :(مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ)(٤) فإنه تفسير لمثل الذين خلوا) : من قبلكم فلا محل له

(وقيل) : إن "مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ"

__________________

(١) مفرد أو مركب اتجاه شكلى غير أنه يهتم هنا بتوضيح التعريفات الكاشفة عن حدود الفكر المنهجى كما أنه هنا يضع فى اعتباره الاتجاه التعليمى التربوى فهو لا يغفل أنه يقدم عمله لدارسين يبسر لهم ويفهمهم ولا يغيب عن بالنا أنه اختار لكتابه عنوان : موصل الطلاب إلى قواعد الإعراب.

(٢) سورة الأنبياء آية ٣.

(٣) سورة الأنبياء آية ٣.

(٤) سورة البقرة آية ٢١٤.

٨٥

(حال من الذين خلوا) : على تقدير قد قاله أبو البقاء ، قال فى المغنى : والحال لا تأتى من المضاف إليه فى مثل هذا وتعقبه بعض المتأخرين بأن مثل صفة فيصح عمله فى الحال فيجوز مجئ الحال مما أضيف هو إليه وفيه نظر فإن المراد بالعمل عمل الأفعال والمضاف إليه مثل ليس فاعلا ولا مفعولا فلا يصح أن يعمل فى الحال

(و) : الثالث نحو قوله تعالى :

("كَمَثَلِ آدَمَ خَلَقَهُ مِنْ تُرابٍ" (١) الآية) : بعد قوله تعالى : ("إِنَّ مَثَلَ عِيسى عدن اللهِ")

(فجملة خلقه من تراب تفسير لمثل) : فلا محل له

(و) : الرابع ما يحتمل التفسير والاستئناف نحو قوله تعالى : (تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ)(٢) : بعد قوله تعالى : "هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلى تِجارَةٍ تُنْجِيكُمْ مِنْ عَذابٍ أَلِيمٍ"

(فجملة تؤمنون بالله وما عطف عليها مفسرة) : للتجارة فلا محل لها

(وقيل) : هى

(مستأنفه) : استئنافا بيانيا كأنهم قالوا كيف نفعل؟ فقال لهم : تؤمنون. وهو خبر ومعناه الطلب

(والمعنى آمنوا بدليل) : قراءة ابن مسعود : "آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ" (٣)

و (مجئ يغفر بالجزم) : فى جوابه على حد قولهم : اتقى الله امرؤ فعل خيرا يثب عليه، أى ليتق وليفعل خيرا يثب.

(وعلى الأول) : وهو أن يكون تؤمنون تفسيرا للتجارة

(هو) : أى يغفر بالجزم

(جواب الاستفهام) : وهو هل أدلكم واستشكله الزجاج فقال : الجواب مسبب عن الطلب وغفران الذنوب لا يتسبب عن نفس الدلالة بل عن الإيمان والجهاد وأشار المصنف إلى جوابه بقوله

(وضح ذلك) : الجزم فى جواب الاستفهام

(على إقامة سبب السبب) : وهو الدلالة على التجارة

(مقام السبب) : وهو الامتثال قال المصنف :

__________________

(١) سورة آل عمران آية ٥٩.

(٢) سورة الصف آية ١١.

(٣) سورة النساء آية ١٣٦.

٨٦

(وخرج بقولى) : فى تعريف الجملة التفسرية التى لا محل لها

(وليست عمدة الجملة المخبر بها عن ضمير الشأن) : نحو هو زيد قائم ، وهى هند قائمة.

(فإنها) : أى الجملة المخبر بها عن ضمير الشأن

(مفسرة له ولها محل) : من الإعراب

(بالاتفاق) : وإنما أجمعوا على أن لها محلا

(لأنها) : خبر الخبر

(وعمدة فى الكلام) : كالمبتدأ ، والعمدة

(لا يصح الاستغناء عنه) : فوجب أن يكون لها محل

(وهى) : من حيث كونها خبرا

(حالة محل المفرد) : لأن الأصل فى الخبر الإفراد لا من حيث كونها خبرا عن ضمير الشأن لأن ضمير الشأن لا يخبر عنه بفرد

(وكون الجملة) : الفضلة

(المفسرة لا محل لها) : من الإعراب

(هو المشهور) : سواء كان ما تفسره له محل أم لا

(وقال أبو على الشلوبين) : بفتح المعجمة واللام

(التحقيق أن الجملة المفسرة) : تكون

(بحسب ما تفسره فإن كان ما تفسره له محل) : من الإعراب

(فهى) : لها محل

(كذلك وإلا) : أى وإن لم يكن لما تفسره محل

(فلا) : محل لها

(فالثانى) : وهو الذى لا محل لما تفسره

(نحو) : ضربته من نحو قولك :

(زيدا ضربته) : فإنه مفسر لجملة مقدرة

(والتقدير ضربت زيدا ضربته ولا محل للجملة المقدرة) : التى هى ضربت (لأنها مستأنفة) : والمتسأنفة لا محل لها

(فكذلك تفسيرها) : لا محل له وإنما قدم الثانى على الأول لكونه من صور الوفاق (والأول) : وهو الذى لما تفسره محل

٨٧

(نحو) : خلقنا من قوله تعالى

(إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ)(١) : بنصب كل فجملة خلقناه مفسرة للجملة المقدرة العامل فعلها فى كل (والتقدير إنا خلقنا كل شى خلقناه فخلقناه المذكورة مفسره لخقلنا المقدرة وتلك):الجملة المقدرة

(فى موضع رفع لأنها خبر لأن فكذلك) : جملة خلقناه

(المذكورة) : تكون فى موضع رفع لأنها بحسب ما تفسره (٢)

(ومن ذلك) : ما مثل به الشّلو بين من قوله

(زيد الخبز يأكله فيأكله) : جملة واقعة

(فى محل رفع لأنها مفسرة للجملة المحذوفة وهى) : يأكل العامل فعلها فى الخبز النصب والمحذوفة

(فى محل رفع على الخبريه لزيد) : والأصل زيد يأكل الخبز يأكله فكذلك المذكورة لها محل بحسب ما تفسره

(واستدل) : على ذلك التحقيق

(بعضهم بقول الشاعر :

فمن نحن نؤمنه يبت وهو آمن

 ... ومن لا نجره يمس منا مروعا):

وجه الدليل منه أن نؤمنه مفسره لنؤمن قبل نحن محذوفا مجزوما بمن

(فظهر الجزم فى الفعل) : المذكور وهو نؤمنة المفسر للفعل المحذوف والأصل من نؤمن نؤمنه فلما حذف نؤمن برز ضميره وانفصل وفى كل من أمثلة التحقيق (٣) نظر لأنها ترجع عند التحقيق إلى تفسير المفرد بالمفرد وهو تفسير الفعل بالفعل لا الجملة بالجملة بدليل ظهور الجزم فى الفعل المفسر ولأن جملة الاشتغال ليست من الجمل التى تسمى فى الاصطلاح جملة تفسيرية وإن حصل بها التفسير كما قال المصنف فى المغنى

(الجملة الخامسة) : مما لا محل لها

__________________

(١) سورة القمر آية ٤٩.

(٢) المنهج التحويلى التوليدى بأسسه التطبيقية فى أجلى صورها .. فنحن أمام مناهج ذات أسس ومبادئ تطبق فى أجلى صورها ثم يبهرنا ما نطالعه عند الغربيين المحدثين ولا نعود لأعمال علمائنا الذين أخذ عنهم هؤلاء القليل وتركوا الكثير مما لا يعرفون ومما لا يجدون له مجال تطبيق فى لغاتهم.

(٣) القول الفصل فى قضية ما بعد تتبعها يسمى تحقيق القضية ـ فمصطلح (تحقيق) من المشترك الذى يحمل دلالات متعددة.

٨٨

(الواقعة جوابا للقسم) : سواء ذكر فعل القسم وحرفه أم الحرف فقط أم لم يذكر فالأول نحو : أقسم الله لأفعلن والثانى :

(نحو : "إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ" (١) بعد قوله تعالى : "يس وَالْقُرْآنِ الكريم" و) : الثالث نحو قوله تعالى :

(إِنَّ لَكُمْ لَما تَحْكُمُونَ)(٢) بعد) : قوله تعالى :

(أَمْ لَكُمْ أَيْمانٌ عَلَيْنا بالِغَةٌ) : والأيمان جمع يمين بمعنى القسم ونحو : "وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ" (٣) لأن أخذ الميثاق بمعنى الاستحلاف

(قيل ومن هنا) : أى ومن أجل أن الجملة الواقعة جواب القسم لا محل لها

(قال) : أحمد بن يحيى

(ثعلب لا يجوز) : أن يقال

(زيد ليقومن) : على أن ليقومن خبر عن زيد

(لأن الجملة المخبر بها لها محل) : من الإعراب

(وجواب القسم لا محل له) : فيتنافيان

(ورد قول ثعلب والراد له ابن مالك) : قال فى شرح التسهيل وقد ورد السماع بما منعه ثعلب من وقوع جملة جواب القسم خبرا

(واستشهد له بقوله تعالى : "وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ لنبوئتنهم" (٤)):فجملة لنبوئتهم جواب القسم وهى خبر الذين

(والجواب عما قال) : ابن مالك

(أن التقدير والذين آمنوا وعملوا الصالحات أقسم بالله لنبوئنهم وكذلك التقدير فيما أشبه ذلك) : من نحو قوله تعالى : "وَالَّذِينَ جاهَدُوا فِينا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنا" (٥)

(والخبر) : فى الحقيقة

(هو مجموع جملة القسم المقدرة) : وهى أقسم بالله

(وجملة الجواب المذكورة) : وهى لنبوئتهم ولنهدينهم

__________________

(١) سورة يس آية ١.

(٢) سورة القلم آية ٣٩.

(٣) سورة آل عمران آية ١٨٧.

(٤) سورة العنكبوت آية ٥٨.

(٥) سورة العنكبوت آية ٦٩.

٨٩

(لا مجرد) : جملة

(الجواب) : فقط فلا يلزم التنافى إذ لا يلزم من عدم محليه الجزء عدم محلية الكل هذا تقرير كلامه هنا وقال فى المغنى

(مسألة) : قال ثعلب لا تقع جملة القسم خبرا فقيل فى تعليله لأن نحو لا فعلن لا محل له فإذا بنى على مبتدأ فقيل زيد ليفعلن صار له موضع وليس بشئ لأنه أنما منع وقوع الخبر جملة قسمية لا جملة هى الجواب ، والقسم ومراده أن القسم وجوابه لا يكون خبرا إذ لا تنفك أحداهما عن الأخرى وجملتا القسم والجواب يمكن أن يكون لهما محل كقولك : قال زيد : أقسم بالله لأفعلن اه وفى بعض النسخ (١)

(تنبيه يحتمل قول همام الفرزدق) : يخاطب ذئبا عرض له فى سفره : تعش (فإن عاهدتنى لا تخوننى) ... نكن مثل من يا ذئب يصطحبان

(كون) : جملة لا

(تخوننى) : جوابا لعاهدتنى فإنه بمنزله القسم

(كقوله) : وهو الفرزدق أيضا

(أرى محرزا عاهدته ليوافقن

 ... فكان كمن أغربته بخلافى):

فجملة ليوافق جواب لعاهدته فيكون لا تخوننى جوابا لعاهدتنى

(فلا محل له) : من الإعراب لأنه جواب القسم

(ويحتمل كونه) : أى كون لا تخوننى

(حالا من الفاعل) : وهو تاء المخاطب من عاهدتنى والتقدير حال كونى غير خائن

(أو) : حالا

(من المفعول) : وهو ياء المتكلم من عاهدتنى والتقدير حال كونى غير خائن

(أو) : حالا

(من المفعول) : وهو ياء المتكلم من عاهدتنى والتقدير حال كونى غير خائن

(أو) : حالا

(منهما) : أى من الفاعل وهو التاء الفوقانية ومن المفعول وهو الياء التحتانية والتقدير حال كوننا غير خائنين وعلى التقادير الثلاثة

__________________

(١) لأن هذا العمل كان يقدمه الشيخ خالد الأزهرى لطلابه ظهرت بعض الاختلافات فى بعض النسخ وهى اختلافات قد يكون مبعثها الشيخ خالد نفسه وقد يكون مبعثها فهم بعض الطلاب ـ وقد وجدنا مثل هذه الخلافات فى بعض نسخ ابن مالك وابن الحاجب ووجدنا إشارات فى مواطن كثيرة من الكتب المطبوعة طبعات قديمة وفى هذا ما يؤكد دقة منهج السابقيين والدقة فى أعمالهم.

٩٠

(يكون فى محل نصب) : والاحتمال الأول أرجح قال فى المغنى والمعنى شاهد لكونها جوابا

(الجملة السادسة) : من الجمل التى لا محل لها

(الواقعة جوابا لشرط غير جازم) : مطلقا

(كجواب إذا الشرطية) : نحو إذا جاء زيد أكرمتك

(وجواب لو) : الشرطية نحو لو جاء زيد أكرمتك وجواب لو لا الشرطية نحو :

لو لا زيد أكرمتك فجملة أكرمتك فى جواب الثلاثة لا محل لها

(أو الواقعة جوابا لشرط جازم ولم يقترن بالفاء ولا بإذا الفجائية نحو قولك : إن جاءنى زيد أكرمته) : فجملة أكرمته وقعت جوابا لشرط جازم ولم تقترن بالفاء الفجائية فلا محل لها فإن اقترنت بأحدهما كانت فى محل جزم كما تقدم

(الجملة السابعة التابعة لما لا موضع له) : من الإعراب (نحو قام زيد وقعد عمرو): فجملة قعد عمرو لا محل لها من الإعراب معطوفة على جملة قام زيد وهى لا محل لها لأنها مستأنفة هذا

(إن لم تقدر الواو) : الداخلة على قعد

(للحال) : فإن قدرتها للحال كانت قد مقدرة والجملة بعدها محلها نصب على الحال من زيد

٩١

المسألة الرابعة

من المسائل الأربع من الباب الأول

(الجمل الخبرية) : وهى المحتملة للتصديق والتكذيب مع قطع النظر عن قائلها

(التى لم يطلبها العامل لزوما) : ويصح الاستغناء عنها بخلاف الجملة التى يطلبها العامل لزوما كجملة الخبر والمحكية بالقول وبخلاف التى لا يصح الاستغناء عنها كجملة الصفة

(إن وقعت بعد النكرات المحضة) : أى الخالصة من المعرفة

(فصفات) : أى فهى صفات

(فإن وقعت بعد المعارف المحضة) : أى الخالصة من شائبة التنكير

(فأحوال) : أى فهى أحوال

(أو وقعت بعد غير المتمحض) : أى التى فيها شائبة تعريف من وجه وشائبه تنكير من وجه

(منهما) : أى من النكرات والمعارف

(فمحتملة لهما) : أى فهى محتملة للصفات والأحوال وذلك مع وجود المقتضى وانتفاء المانع والمقتضى للوصفية تمحض التنكير والمقتضى للحالية تمحض التعريف والمقتضى لهما عدم تمحض التعريف والتنكير والمانع للوصفية الاقتران بالواو ونحوها والمانع للحالية الاقتران بحرف الاستقبال ونحوه والمانع للوصفية والحالية فساد المعنى (١)

(مثال الواقعة) : حال كونها

(صفة) : قوله تعالى : ("حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً تقرؤه" (٢) فجملة نقرؤه) : من الفعل والفاعل والمفعول فى موضع نصب

(صفة لكتابا لأنه) : أى كتابا

__________________

(١) منهج التحليل القائم على الدراسة الوصفية الشكلية مع الاهتمام بحدى الحدث اللغوى وعدم فصل جانب المضمون عن جانب الشكل أى الاهتمام فى التحليل بما يمكن أن يتمخض عنه ولا يكون ذلك إلا بإدخال سياق الحال ـ ومراعاة ما يجب أن يكون عليه حال المتكلمين عند تحليل الحدث اللغوى.

(٢) سورة الاسراء آية ٩٣.

٩٢

(نكره محضة وقد مضت أمثلة) : ثلاثة

(من ذلك) : أى من وقوع الجملة صفة للنكرة المحضة

(فى المسألة) (١)

(فى المسألة الثانية) : عند الكلام على الجملة التابعة للمفرد

(ومثال) : الجملة

(الواقعة) : بعد المعارف المحضة حال كونها

(حالا) : قوله تعالى :

(وَلا) تمتن (تَسْتَكْثِرُ)(٢) : بالرفع

(فجملة تستكثر) : من الفعل والفاعل

(حال من الضمير المستتر فى تمتن المقدر) : ذلك الضمير

(بأنت) : وهو معرفة محضة

(لأن الضمائر كلها معارف) : محضة

(بل هى أعرف المعارف ومثال) : الجملة

(المحتملة للوجهين) : الصفة والحال الواقعة

(بعد النكرة) : غير المحضة نحو قولك

(مررت برجل صالح يصلى فإن شئت قدرت يصلى) : من الفعل والفاعل

(صفة ثانية) : لرجل لأنه نكرة وقد وصف أولا بصالح

(وأن شئت قدرته) : أى يصلى وفاعله

(حالا منه) : أى من رجل

(لأنه قد قرب من المعرفة باختصاصه بالصفة) : الأولى وهى صالح

(ومثال) : الجملة

(المحتملة للوجهين) : الصفة والحال الجملة

(الواقعة بعد المعرفة غير المحضة قوله تعالى : (كَمَثَلِ الْحِمارِ يَحْمِلُ أَسْفاراً)(٣) : فإن المراد بالحمار هنا الجنس من حيث هو لا حمار بعينه

__________________

(١) (قوله وفى بعض النسخ الخ) : هو المتعين وأما زيادة الهاء فهى مخله بالوزن اه مصححه جاء هذا فى هامش النسخة المطبوعة من الكتاب وهذه تضاف إلى ما أشرنا إليه سابقا فى هذا الصدد.

(٢) سورة المدثر آية ٦.

(٣) سورة الجمعة آية ٥.

٩٣

(وذو التعريف الجنسى يقرب من النكرة) : فى المعنى

(فتحتمل الجملة من قوله تعالى يحمل أسفارا) : من الفعل والفاعل والمفعول

(وجهين أحدهما الحالية لأن الحمار وقع بلفظ المعرفة) : الوجه

(الثانى الصفة لأنه) : أى الحمار

(كالنكرة فى المعنى) : من حيث الشيوع (١)

__________________

(١) هذا التحليل اللغوى القائم على منهج علمى دقيق يدخل فى اعتباره حدى الحدث اللغوى ـ فهو يقيم اعتبارا للجانب الشكلى ـ فلفظ (الحمار وقع بلفظ المعرفة) غير أن التعريف هنا تعريف جنسى ـ فالتعريف الجنسى يقرب من النكرة فى المعنى من حيث الشيوع ـ ومن هنا صح أن تقع الجملة ـ صفة ـ وحالا ـ أى محتملة للوجهين ـ لأن المعرفة هنا غير محضة. فهو أقام التحليل على الجانب الشكلى والجانب المعنوى.

٩٤

الباب الثانى

(فى) : ذكر أحكام

(الجار والمجرور) : هذا الباب

(فيه أربع مسائل أيضا إحداها أنه لا بد من تعلق الجار) : والمجرور

(بفعل) : ماض أو مضارع أو أمر ولو كان ناقصا على الأصح

(أو بما فى معناه) : من مصدر أو صفة أو نحوهما والمراد بالتعلق العمل فى محل الجار والمجرور نصبا أو رفعا مثال تعلق الجار والمجرور بالفعل نحو مررت بزيد فالجار والمجرور فى محل نصب بمررت ومثال تعلق الجار والمجرور بما فى معنى الفعل نحو زيد ممرور به فالجار والمجرور فى محل رفع على النيابة عن الفاعل بمرور

(وقد اجتمعا) : أى التعليق بالفعل والتعليق بما فى معناه

(فى قوله تعالى : "أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ" (١)) : فعليهم الأول متعلق بفعل وهو أنعمت ومحله نصب وعليهم الثانى متعلق بما فى معنى الفعل وهو المغضوب ومحله رفع على النيابه عن الفاعل

(وقد اجتمعا أيضا فى قول أبى بكر بن دريد) : فى مقصورته :

(واشتعل المبيض فى مسوده ...

مثل اشتعال النار فى جزل الغضى) :

ففى مسوده متعلق بفعل وهو اشتعل وفى جزل متعلق بما فى معنى الفعل وهو اشتعال (وإن علقت الجار والمجرور الأول) : وهو فى مسوده

(بالمبيض أو جعلته حالا منه متعلقا بكائنا) : محذوفا

(فلا دليل فيه) : على اجتماعهما لأن الجار والمجرور الأول والثانى متعلقان بما فى معنى الفعل وهو المبيض أو كائنا ، واشتعل : معناه انتشر ، والمبيض البياض والضمير فى مسودة والغضى عائد على الرأس فى البيت قبله ومثل بالنصب مفعول مطلق والجزل الغليظ من الحطب اليابس والغضى : شجر معروف إذا وقع فيه النار يشتعل سريعا : ويبقى زمانا

شبه بياض المشيب وانتشاره فى رأسه باشتعال النار فى الحطب الغليظ وانتشارها فيه

(ويستثنى من حروف الجر أربعة فلا تتعلق بشئ أحدها) : الحرف

(الزائد) : كالباء الزائده فى الفاعل

__________________

(١) ـ سورة الفاتحة آية ٧.

٩٥

(نحو : "كَفى بِاللهِ شَهِيداً" (١) ونحو : أحسن بزيد عند الجمهور) : والأصل كفى الله شهيدا وأحسن زيد بالرفع فزيدت الباء فى الفاعل وأحسن بكسر السين فعل تعجب (و) : الزائدة فى المفعول (٢)

(نحو) : "وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ" (٣) وفى المبتدأ نحو :

(بحسبك درهم) : وفى خبر الناسخ المنفى نحو : ("أَلَيْسَ اللهُ بِكافٍ عَبْدَهُ" (٤) "وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا تَعْمَلُونَ" (٥) وكمن الزائدة) : فى الفاعل نحو : "أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ" (٦) وفى المفعول نحو : "ما تَرى فِي خَلْقِ الرَّحْمنِ مِنْ تَفاوُتٍ" (٧) وفى المبتدأ (نحو : "ما لَكُمْ مِنْ إِلهٍ غَيْرُهُ" (٨)هَلْ مِنْ خالِقٍ غَيْرُ اللهِ" (٩)) : واستفيد من الأمثلة أن الباء تزاد فى الإثبات والنفى وتدخل على المعارف والنكرات وأن من لا تزاد فى الإثبات ولا تدخل على المعارف على الصحيح وإنما لم يتعلق الزائد بشئ لأن التعلق هو الارتباط المعنوى والزائد لا معنى له يرتبط بمعنى مدخوله وإنما يؤتى به فى الكلام تقوية وتوكيدا(١٠)

__________________

(١) سورة النساء آية ٧٩.

(٢) وهو يتحدث هنا عن حروف الجر التى لا تتعلق بشىء ينتهج المنهج الوصفى الشكلى ـ الحرف الزائد كالباء فى الفاعل ... الخ ـ والباء الزائدة فى المفعول وفى المبتدأ وفى خبر الناسخ المنفى مع التطبيق من منطوق فصيح القول. ثم يدع الظاهرة بعد أن تعقبها فى مواطنها المختلفة.

ثم ينتقل إلى من كظاهرة فى دراسة وصفية شكلية استقصائية مع التطبيق الموضح وفى النهاية يضع القاعدة المستفادة من الاتجاه التطبيقى حيث يأتى قوله : واستفيد من الأمثله ... الخ.

(٣) سورة البقرة آية ١٩٥.

(٤) سورة الزمر آية ٣٦.

(٥) سورة البقرة آية ٧٤.

(٦) سورة المائدة آية ١٩.

(٧) سورة الملك آية ٣.

(٨) سورة هود آية ٥٠.

(٩) سورة فاطر آية ٣.

(١٠) وانظر إلى قوله : وإنما لم يتعلق الزائد بشىء لأن التعلق هو الارتباط المعنوى والزائد لا معنى له وإنما يرتبط بمعنى مدخوله إنما يؤتى به فى للكلام تقوية الكلام وتوكيدا .. والمنهج الشكلى هنا لم يغفل دور الإدراك العقلى لمراكز الكلام فى الرأس فالباء مثلا تجئ لخمسة عشر معنى ترتبط الباء فيه بمعنى مدخوله .. (انظر شرح العوامل المانه حرف الباء على سبيل التمثيل) (تحقيقنا ونشر دار المعارف).

غير أن فى الأمثله التى جاءت فيها زائدة هنا لا معنى لها ترتبط بمعنى مدخوله وإنما جاءت فى هذه الأمثلة هنا تقوية وتوكيدا. وهذا هو تمام المنهج وهو الجانب الجديد الذى حاول تشومسكى أن يضيفة إلى المنهج الوصفى ـ وهو القصور الذى وقع فيه الوصفيون المحدثون.

٩٦

(و) : الحرف

(الثانى) : مما لا يتعلق بشئ

(لعل) : الجارة (١)

(فى لغة من يجر بها) : المبتدأ

(وهم عقيل) : بالتصغير

(ولهم فى لامها الأولى الإثبات والحذف) : فهاتان لغتان (٢)

(و) : لهم

(فى لأمها الأخيره الفتح والكسر) : فهاتان لغتان أيضا إذا ضربت أثنتين (٣) فى مثلهما تحصل من ذلك أربع لغات وهى لعل أربع لغات وهى لعلّ وعلّ عل وعل بفتح اللام الأخيره وكسرها فيهن واشتهر أن عقيلا يجرون بلعل

(قال شاعرهم) : وهو كعب بن سعد الغنوى :

وداع دعا يا من يجيب إلى الندى

 ... فلم يستجيبه عند ذاك مجيب

فقلت أدع أخرى وأرفع الصوت جهرة ... (لعل أبى المغوار منك قريب) :

فجر بها أبى المغوار تنبيها على أن الأصل فى الحروف المختصة بالاسم أن تعمل العمل الخاص به وهو الجر

وإنما قيل بعدم التعليق فيها لأنها بمنزله الحرف الزائد الداخل على المبتدأ

(و) : الحرف

(الثالث) : مما لا يتعلق بشئ

(لو لا) : الا متناعية

(إذا وليها ضمير متصل لمتكلم أو مخاطب أو غائب

__________________

(١) يتحدث هنا عن ظاهرة لهجية خاصة بينى عقيل ومثل هذه الظاهرة ندرس ضمن لهجتها فهى ليست من ظواهر الفصحى التى نزل بها القرآن الكريم ـ ومن المطلوب أن تقام لكل لهجة من اللهجات العربية القديمة دراسة خاصة بها على مختلف مستويات التحليل اللغوى أنظر ما كتبناه بخصوص الدراسة المعجمية فى كتابنا : «مصادر عربية وقراءات فى مراجع تراثية. (نشر دار المعارف).

(٢ و ٣) هذه اللغات التى يذكرها يقصد بها لهجات نطق مختلفة لقبائل عربية متعددة وكما قلنا من المطلوب دراسة كل لهجة من هذه اللهجات على حده.

٩٧

(فى قول بعضهم لولاى ولولاك ولولاه) : كقول زيد بن الحكم : ... وكم موطن لولاى طحت ...

وكقول الآخر : لولاك فى ذا

 ... ك العام لم أحجج

أنشده الفراء وكقول جحدر ... ولولاه ما قلت لدى الدراهم ...

(فذهب سيبويه إلى أن لو لا فى ذلك) : كله جاره للضمير وأنها

(لا تتعلق بشئ) : وأنها بمنزلة لعل الجارة فى أن ما بعدها مرفوع المحل بالابتداء وذهب الأخفش إلى أن لو لا فى ذلك غير جارة وأن الضمير بعدها مرفوع المحل على الابتداء ولكنهم استعاروا ضمير الجر مكان ضمير الرفع

(والأكثر أن يقال لو لا أنا ولو لا أنت ولو لا هو) : بانفصال الضمير فيهن

(كما قال الله تعالى (لَوْ لا أَنْتُمْ لَكُنَّا مُؤْمِنِينَ)(١) و) : الحرف

(الرابع كاف التشبيه نحو قولك : زيد كعمرو : فزعم الأخفش) : الأوسط وهو سعيد بن مسعده

(و) : أبو الحسن

(ابن عفصور أنها) : أى كاف التشبية

(لا تتعلق بشئ) : محتجين بأن المتعلق به إن كان استقر فالكاف لا تدال عليه وإن كان فعلا مناسبا للكاف وهو أشبه فهو متعد بنفسه لا بالحرف

(وفى ذلك بحث) : وفى بعض النسخ (٢) نظر وبيّنه المصنف فى المغنى بمنع انتفاء دلالة الكاف على الاستقرار فقال : والحق أن جميع الحروف الجارة الواقعة فى موضع الخبر ونحوه تدل على الاستقرار وهو فى ذلك تابع لأبى حيان (٣)

__________________

(١) سورة سبأ آية ٣١.

(٢) جاء فى النسخة المطبوعة قوله (وفى بعض النسخ نظر).

(٣) المحققون فى عصرنا هذا لا يصنعون أكثر مما يقوم به الشيخ خالد الأزهرى فى هذا المجال فهو يضع أكثر من نسخة ويتتبع الخلاف ويتعقبه ويعود لكتب المؤلف التى عرضت لنقطة الخلاف ويرى رأيه فيها ـ ثم يبحث عن أصالة هذا الرأى إن كان للمؤلف أو تبع فيه غيره ـ وسنده فيما يذهب إليه ـ وهذا المنهج الدقيق فى التحقيق يسير عليه المحدثون اليوم وينسبه بعضهم لنفسه والواقع أن علماءنا فيه رواد ـ وأن الشيخ خالد فيه رأس مدرسة.

٩٨

(المسألة الثانية)

من المسائل الأربع فى بيان حكم الجار والمجرور بعد المعرفة والنكرة ، أخرها عن الأول لأنها منها بمنزله الجزء من الكل

(حكم الجار والمجرور) : إذا وقع

(بعد المعرفة أو) : بعد

(النكرة) : مع التمحض وغيره

(حكم الجملة الخبرية) : المشروطة بالشروط المتقدمة

(فهو) : أى الجار والمجرور

(صفة فى نحو قولك رأيت طائرا على غصن لأنه) : أى على غصن وقع (بعد نكرة محضة وهو طائر أو) : هو

(حال فى نحو) : قوله تعالى حكاية عن قارون :

(فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ)(١) : ففى زينته فى موضع الحال

(أى متزنيا) : على تفسير المعنى وكائنا فى زينته على تفسير الإعراب.

(لأنه) : أى فى زينته وقع

(بعد معرفة محضة وهى الضمير المستتر فى خرج وهو محتمل لهما) :

أى للوصفية والحالية بعد غير المحض منهما وذلك

(فى نحو : يعجبنى الزهر فى أكمامة و) : فى نحو :

(هذا ثمر يانع على أغصانه) : وذلك

(لأن الزهر) : فى المثال الأول

(معرف بأل الجنسية فهو قريب من النكرة وقولك ثمر) : فى المثال الثانى (موصوف): بيانه

(فهو قريب من المعرفة) : فيجوز فى كل من الجار والمجرور فى المثالين أن يكون صفة وأن يكون حالا ، والأكمام : جميع كم بكسر الكاف وهو وعاء الطلع والأغصان جمع غصن بضم الغين

__________________

(١) سورة القصص الآية ٧٩.

٩٩

(المسألة الثالثة)

من المسائل الأربع فى بيان متعلق الجار والمجرور المحذوف فى هذه المواضع اعلم أنه (متى وقع الجار والمجرور صفة) : لموصوف

(أو صلة) : لموصول

(أو خبرا) : لمخبر عنه

(أو حالا) : لذى حال

(تعلق) : الجار والمجرور

(بمحذوف) : وجوبا (تقديره كائن) : لأن الأصل فى الصفة والحال والخبر الإفراد (أو) : تقديره (استقر) : لأن الأصل فى العمل للأفعال ويعضده الاتفاق عليه فى الصلة المشار إليه بقوله (إلا الواقعة صلة فيتعين فيها تقدير استقر) : اتفاقا (لأن الصلة لا تكون إلا جملة والوصف مع مرفوعه) : المستتر فيه مفرد حكما (وقد تقدم مثالا الصفة والحال) : فى قوله : رأيت طائرا على غصن ، "فَخَرَجَ عَلى قَوْمِهِ فِي زِينَتِهِ" (١) (ومثال الخبر : "الْحَمْدُ لِلَّهِ" (٢) و) : مثال (الصلة : "وَلَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ" (٣)) : ويسمى الجار والمجرور فى هذه المواضع الأربعة بالظرف (٤) المستقر بفتح القاف لاستقرار الضمير فيه بعد حذف عامله وفى غيرها بالظرف اللغو لإلغاء الضمير فيه (٥)

__________________

(١) سورة القصص آية ٧٩.

(٢) سورة الفاتحة آية ٢.

(٣) سورة الروم آية ٢٦.

(٤) فى اعتباره الجار والمجرور ظرفا تعميم حيث جعل كل ما هو شبه جملة ظرفا ـ وهذا مذهب الكوفيين ـ وفى هذا ما يؤكد استقلال أصحاب هذا الاتجاه وهو عند المدرسة المصرية فى ذلك الحين وأصحابها يسيرون فى اتجاه أبى على الفارسى ومن تبعه من نحو ابن جنى وعبد القاهر وغيرهما.

(٥) انظر ما جاء بخصوص مصطلح الظرف اللغو فى شرح العوامل المائة النحوية للشيخ خالد الأزهرى تحقيقتنا ـ ونشر دار المعارف.

وانظر كذلك ما جاء بخصوصه فى كتاب شرح الأزهرية للشيخ خالد الأزهرى حواشى الشيخ حسن العطار وتقريرات الإمبانى ـ تحقيقنا.

وقد جاء للشيخ خالد الأزهرى فى كتابه : شرح العوامل المائة النحوية فى أصول علم العربية (السابق) نص قوله الآتى : ـ الظرف اللغو هو ما كان متعلقة مذكورا خاصا به : زيد يقرأ فى المسجد أو محذوفا إما جائز الحذف نحو : بسم الله الرحمن الرحيم أى أقرأ. أو واجب الحذف نحو يوم الجمعة صمت فيه وسمى لغوا لأنهم ألغوه ـ حيث لم يجعلوه محتملا لضمير ـ لعدم استقرار الضمير فيه.

١٠٠