الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ٢

آية الله ناصر مكارم الشيرازي

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ٢

المؤلف:

آية الله ناصر مكارم الشيرازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
المطبعة: أمير المؤمنين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-6632-43-2
ISBN الدورة:
964-6632-53-X

الصفحات: ٨٠٨

بينما يحشر الكافرون المتفرقون المتخاصمون سود الوجوه.

وتلك حقيقة أشارت إليها آيات اخرى في القرآن الكريم في شأن من يتمادى في المعصية ويأتي بالذنب تلو الذنب ، والإثم بعد الإثم إذ يقول سبحانه : (كَأَنَّما أُغْشِيَتْ وُجُوهُهُمْ قِطَعاً مِنَ اللَّيْلِ مُظْلِماً) (١).

ويقول في شأن الذين يفترون على الله الكذب (وَيَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ) (٢).

وكلّ هذه الأمور هي المردودات والآثار الطبيعية لما يأتيه الإنسان في عالم الدنيا من الأعمال.

* * *

__________________

(١) يونس : ٢٧.

(٢) الزمر : ٦٠.

٦٤١

الآيتان

(تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ (١٠٨) وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ (١٠٩))

التّفسير

هذه الآية إشارة إلى ما تعرضت الآيات السابقة له حول الإيمان والكفر ، والاتحاد ، والاختلاف ، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، وآثارها وعواقبها ، إذ تقول : (تِلْكَ آياتُ اللهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) فكلّ هذه الآيات تحذيرات عن تلك العواقب السيئة التي تترتب على أفعال الناس أنفسهم (وَمَا اللهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ) وإنما هي آثار سيئة يجنيها الناس بأيديهم.

ويدلّ على ذلك أن الله لا يحتاج إلى ظلم أحد ، كيف وهو القوي المالك لكلّ شيء وإنما يحتاج إلى الظلم الضعيف ، وإلى هذا يشير قوله سبحانه (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ).

فالآية ـ في الحقيقة ـ تشتمل على دليلين على عدم صدور الظلم منه سبحانه:

الأوّل: إن الله مالك الوجود كلّه فله ما في السماوات وما في الأرض ، فلا

٦٤٢

معنى للظلم ولا موجب له عنده ، وإنما يظلم الآخرين ويعتدي عليهم من يفقد شيئا ، وإلى هذا يشير المقطع الأول من الآية وهو قوله تعالى : (وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ).

الثاني : إن الظلم يمكن صدوره ممّن تقع الأمور دون إرادته ورضاه ، أما من ترجع إليه الأمور جميعا ، وليس لأحد أن يعمل شيئا بدون إذنه فلا يمكن صدور الظلم منه ، وإلى هذا يشير قوله سبحانه : (وَإِلَى اللهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ).

* * *

٦٤٣

الآية

(كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ (١١٠))

التّفسير

مكافحة الفساد والدعوة إلى الحقّ أيضا :

في هذه الآية تطرح مرّة أخرى مسألة «الأمر بالمعروف» و «النهي عن المنكر» ، وتعتبر الآية الحاضرة هاتين المسألتين واجبين عموميين كما مرّ في تفسير الآية (١٠٤) ، بينما تبين الآية السابقة مرحلة خاصّة ، وهي مرحلة الوجوب الكفائي أي الخاصّ بجماعة معينة ، كما مرّ تفصيله.

فالآية السابقة تشير إلى القسم الخاصّ ، وهذه الآية تشير إلى القسم العام من هاتين الفريضتين.

والجدير بالذكر أن القرآن الكريم يصف المسلمين ـ في هذه الآية ـ بأنهم خير أمة هيئت وعبئت لخدمة المجتمع الإنساني ، والدليل على أن هذه الأمة خير أمة

٦٤٤

رشحت لهذه المهمة الكبرى هو «قيامها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وإيمانها بالله» وهذا يفيد أن إصلاح المجتمع البشري لا يمكن بدون الإيمان بالله والدعوة إلى الحقّ، ومكافحة الفساد ، كما ويستفاد من ذلك أن هاتين الوظيفتين مع ما هما عليه من السعة في الإسلام ممّا تفرد بهما هذا الدين من دون بقية الشرائع السابقة.

أما لماذا يجب أن تكون هذه الأمة خير الأمم ، فسببه واضح كذلك. لأنها تختص بآخر الأديان الإلهية والشرائع السماوية ، ولا شكّ أن هذا يقتضي أن يكون أكمل الشرائع وأتمها في سلم الأديان.

وقفتان عند هذه الآية :

ثمّ إنه يتعين علينا أن ننتبه إلى نقطتين أخريين في هذه الآية وهما :

الأولى : التعبير بلفظ الماضي «كنتم» يعني أنكم كنتم كذلك في السابق ، ومفهوم هذا التعبير وإن كان موضع احتمالات كثيرة بين المفسّرين ، إلّا أن ما يترجح عند النظر هو أن التعبير بالمضي إنما هو لأجل التأكيد ، والتلويح بأن الشيء محقّق الوقوع ، ولذلك نظائر كثيرة في الكتاب العزيز حيث عبّر عن القضايا المحقّقة الوقوع بصيغة الفعل الماضي ، لإفادة أن ذلك ممّا يقع حتما حتّى أنه نزل منزلة الماضي الذي قد تحقّق فعلا.

الثانية : أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر قدّما ـ في هذه الآية ـ على الإيمان بالله ، وذلك خير شاهد على أهمية هاتين الفريضتين الإلهيتين ـ وخطورتهما ـ مضافا إلى أن القيام بهذين الواجبين المقدسين ممّا يوجب انتشار الإيمان ، واتساع رقعته ، وتعميق جذوره في النفوس ، وتنفيذ كلّ القوانين الفردية والاجتماعية ، ولا ريب أن ما يضمن تنفيذ القانون وتطبيقه مقدّم على نفس القانون.

٦٤٥

بل إن تعطيل هذين الواجبين يوجب ضعف العقائد في القلوب ، وانهيار قواعد الإيمان في النفوس ، ولهذا كلّه كان طبيعيا أن يقدّما على الإيمان.

من هذا البيان يتضح أن المسلمين «خير أمة» ما داموا يدعون إلى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر ، فإذا نسوا هاتين الفريضتين وأهملوهما لم يعودوا خير أمة ، كما لم يعودوا في خدمة المجتمع البشري أبدا.

على أن المخاطب في هذه الآية هم عموم المسلمين في جميع العصور كما هو الحال في كلّ الخطابات القرآنية ، فما احتمله البعض من أنه خاص بالمهاجرين أو المسلمين الأوائل لا دليل عليه ، بل الدليل على خلافه.

ثم إن الآية تشير إلى أن دينا بمثل هذا الوضوح ، وتشريعا بمثل هذه العظمة ، وتعاليم تنطوي على مثل هذه الفوائد التي لا تنكر ، ينبغي أن يؤمن به أهل الكتاب من اليهود والنصارى لأن في ذلك صلاحهم ، وخيرهم إذ يقول سبحانه : (وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ).

ولكن ـ وللأسف ـ لم يؤمن به إلّا قلّة ممّن نبذ التعصب الأعمى ، واعتنق الإسلام برغبة صادقة ، واستقبل هذا الدين برحابة صدر ، فيما أعرض الأكثرون منهم ، وفضلوا البقاء على ما هم عليه من الكفر والعصبية على إتباع هذا الأمر الإلهي ، متجاهلين حتّى تلك البشائر التي نطقت بها كتبهم حول هذا الدين وإلى هذا يشير سبحانه بقوله (مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ) الخارجون عن هذا الأمر الإلهي.

* * *

٦٤٦

الآيتان

(لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ (١١١) ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلاَّ بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ (١١٢))

سبب النّزول

عند ما أقدم بعض ذوي الضمائر المستيقظة من كبار اليهود مثل عبد الله ابن سلام على ترك دينهم واعتناق الإسلام عمد جمع من رؤوس اليهود إليهم وأنّبوهم لإسلامهم ، بل وهددوهم لتركهم دين الآباء ، واعتناق الإسلام ، فنزلت هذه الآيات لتثبيتهم ، وتبشيرهم وتبشير المسلمين بالظفر.

التّفسير

تبشر الآية الأولى المسلمين الذين يواجهون ضغوطا شديدة وتهديدات

٦٤٧

أحيانا من جانب قومهم الكافرين بسبب اعتناق الإسلام ، تبشرهم وتعدهم بأنهم منصورون،وأن أهل الكتاب لا يقدرون عليهم ولا تنالهم من جهتهم مضرة ، وأن ما سيلحقهم من الأذى من جانبهم لن يكون إلّا طفيفا وعابرا : (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ).

إن هاتين الآيتين تحتويان ـ في الحقيقة ـ على عدّة أخبار غيبية ، وبشائر مهمة للمسلمين قد تحقق جميعها في زمن النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحياته الشريفة وهي :

١ ـ إن أهل الكتاب لا يقدرون على إلحاق أي ضرر مهم بالمسلمين ، وأن ما يلحقونه بهم لن يكون إلّا أضرارا بسيطة ، وعابرة (لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً).

٢ ـ إنهم لن يثبتوا ـ في القتال ـ أمام المسلمين ، بل ينهزمون ويكون الظفر للمسلمين ، ولا يجدون ناصرا ولا معينا : (وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ).

٣ ـ إنهم لن يستطيعوا الوقوف على أقدامهم ولن يتمكنوا من العيش مستقلين ، بل سيبقون أذلاء دائما ، إلّا أن يعيدوا النظر في سلوكهم ، ويسلكوا طريق الله ، أو أن يعتمدوا على الآخرين ويستعينوا بقوتهم إلى حين : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ).

ولم يمض على هذه الوعود الإلهية والبشائر المساوية زمن حتّى تحققت برمّتها في حياة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وخاصّة بالنسبة إلى اليهود القاطنين في الحجاز (بني قريظة ، وبني النضير،وبني قينقاع ، ويهود خيبر وبني المصطلق) الذين آل أمرهم إلى الهزيمة في جميع ميادين القتال والاندحار أمام القوى الإسلامية بعد أن اقترفوا سلسلة من التحرشات والمؤامرات ضد الإسلام والمسلمين.

٦٤٨

اليهود والمصير الخطير :

إن الآيات المذكورة وإن لم تصرح باسم اليهود ولكن بقرينة القرائن الموجودة في هذه الآية والآيات السابقة وكذا بقرينة الآية ٦١ من سورة البقرة ونظائرها ممّا صرّح فيه باسم اليهود يستفاد أن قوله تعالى : (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) يرتبط باليهود ، ويعنيهم.

ففي هذا المقطع من الآية يقول سبحانه : أن أمام اليهود طريقين يستطيعون بهما أن يتخلصوا من لباس الذلة : إما أن يعودوا إلى الله ، ويعقدوا حبلهم بحبله ، وإما أن يتمسكوا بحبل من الناس ، ويعتمدوا على هذا وذاك ، ويعيشوا ذيولا وأتباعا للآخرين.

وتعني لفظة «ثقفوا» المأخوذة من «ثقف» على وزن «سقف». الحذق في إدراك الشيء ، والظفر به بمهارة.

ويقصد القرآن من ذلك : أن اليهود أينما وجدوا فإنهم يوجدون وقد ختموا بخاتم الذلة على جباههم مهما حاولوا إخفاء ذلك ـ وكان ذلك هي الصفة البارزة لهم بسبب مواقفهم المشينة من تعاليم السماء ، ورسالات الأنبياء العظام ، إلّا إذا عادوا إلى منهج السماء ، أو استعانوا بهذا أو ذاك من الناس لتخليصهم من هذا الذل. وإنقاذهم من هذا الهوان.

وأما التعبير (بِحَبْلٍ مِنَ اللهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ) وإن ذهب المفسّرون فيه إلى احتمالات عديدة ، بيد أن ما قد ذكر قريبا يمكن أن يقال بأنه أنسب إلى الآية من بقية الاحتمالات ، لأنه عند ما يوضع «حبل الله» في قبال «حبل من الناس» يتبين أن هناك معنى متقابلا متفاوتا لهما لا أن الأول بمعنى الإيمان بالله ، والثاني بمعنى العهد المعطى لهم من جانب المسلمين على وجه الأمان والذمة.

٦٤٩

وعلى هذا تكون خلاصة المفهوم من هذه الآية هي : إن على اليهود أن يعيدوا النظر في برنامج حياتهم ، ويعودوا إلى الله ، ويمسحوا عن أدمغتهم كلّ الأفكار الشيطانية ، وكلّ النوايا الشريرة ، ويطرحوا النفاق والبغضاء للمسلمين جانبا ، أو أن يستمروا في حياتهم النكدة المزيجة بالنفاق ، مستعينين بهذا أو ذاك. فأما الإيمان بالله والدخول تحت مظلته وفي حصنه الحصين ، وأما الاعتماد على معونة الناس الواهية. والاستمرار في الحياة التعسة.

اليهود والمسكنة الدائمة :

لقد كان أمام اليهود طريقان : إما أن يعودوا إلى منهج الله ، وإما أن يبقوا على سلوكهم فيعيشوا أذلاء ما داموا ، ولكنهم اختاروا الثاني ولهذا لزمتهم الذلة (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ).

ولفظة «باءوا» تعني في الأصل المراجعة واتخاذ السكنى ، وقد استخدمت هنا للكناية عن الاستحقاق فيكون المعنى : أن اليهود بسبب إقامتهم على المعاصي استحقوا الجزاء الإلهي ، واختاروا غضب الله كما يختار الإنسان مسكنا ومنزلا للإقامة.

وأمّا لفظة «مسكنة» فتعني الذلة والانقطاع الشديد الذي لا تكون معه حيلة أبدا ، وهي مأخوذة من السكون أصلا ، لأن المساكين لشدة ما بهم من الفقر والضعف لا يقدرون على أية حركة ، بل هم سكون وجمود.

ثمّ إنه لا بدّ من الالتفات إلى أن المسكين لا يعني المحتاج والمعدم من الناحية المالية خاصّة ، بل يشمل هذا الوصف كلّ من عدم الحيلة والقدرة على جميع الأصعدة ، فيدخل فيه كلّ ضعف وعجز وافتقار شديد.

٦٥٠

ويرى البعض أن الفرق بين الذلة والمسكنة هو أن الذلة ما كان مفروضا على الإنسان من غيره ، بينما تكون المسكنة ناشئة من عقدة الحقارة وازدراء الذات ، أي أن المسكين هو من يستهين بشخصيته ومواهبه وذاته ، فتكون المسكنة نابعة من داخله ، بينما تكون الذلة مفروضة من الخارج.

وعلى هذا الأساس يكون مفاد قوله تعالى (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ) هو : أن اليهود بسبب إقامتهم على المعاصي وتماديهم في الذنوب أصيبوا بأمرين : أولا : طردوا من جانب المجتمع وحل عليهم غضب الله سبحانه ، وثانيا : إن هذه الحالة «أي الذلة» أصبحت تدريجا صفة ذاتية لازمة لهم حتّى أنهم رغم كلّ ما يملكون من امكانيات وقدرات مالية وسياسية ، يشعرون بحقارة ذاتية ، وصغار باطني ، ولهذا لا نجد أي استثناء في ذيل هذه الجملة من الآية.

وهذا هو ما يشير إليه قوله سبحانه إذ يقول : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ* وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) وبذلك يشير سبحانه إلى علة هذا المصير الأسود الذي يلازم اليهود ، ولا يفارقهم.

إنهم لم يصابوا بما أصيبوا به من ذلة ومسكنة ، وحقارة وصغار لأسباب قومية عنصرية أو ما شابه ذلك ، بل لما كانوا يرتكبونه من الأعمال فهم :

أولا : كانوا ينكرون آيات الله ويكذبون بها.

ثانيا : يصرون على قتل الأنبياء الهداة الذين ما كانوا يريدون سوى إنقاذ الناس من الجهل والخرافة ، وتخليصهم من الشقاء والعناء.

ثالثا : إنهم كانوا يرتكبون كلّ فعل قبيح ، ويقترفون كلّ جريمة نكراء ، ويمارسون كلّ ظلم فظيع ، وتجاوز على حقوق الآخرين ، ولا شكّ أن أي قوم يرتكبون مثل هذه الأمور يصابون بمثل ما أصيب به اليهود ، ويستحقون ما

٦٥١

استحقوه من العذاب الأليم والمصير الأسود.

مصير اليهود المظلم :

إن التاريخ اليهودي الزاخر بالأحداث والوقائع يؤيد ما ذكرته الآيات السابقة تأييدا كاملا ، كما أن وضعهم الحاضر هو الآخر خير دليل على هذه الحقيقة ، أي أن الذلة اللازمة لليهود والصغار الملتصق بهم أينما حلوا ونزلوا ، ليس حكما تشريعيا كما قال بعض المفسّرين ، بل هو قضاء تكويني ، وهو حكم التاريخ الصارم الذي يقضي بأن يلازم الذلة ، ويصاب بالصغار كلّ قوم يتمادون في الطغيان ، ويغرقون في الآثام ، ويتجاوزون على حقوق الآخرين وحدودهم ، ويسعون في إبادة القادة المصلحين والهداة المنقذين ، إلّا أن يعيد هؤلاء القوم النظر في سلوكهم ، ويغيروا منهجهم وطريقتهم ، ويرجعوا ويعودوا إلى الله ، أو يربطوا مصيرهم بالآخرين ليعيشوا بعض الأيام في ظل هذا أو ذاك كما هي حال الصهيونية اليوم.

فإن الصهيونية التي تعادي المسلمين اليوم وتحارب الإسلام نجدها لا تستطيع الوقوف أمام الأخطار التي تهددها إلّا بالاعتماد على الآخرين ، وحمايتهم رغم كلّ ما تملك من الثروات والقدرات الذاتية ، وكلّ هذا يؤكد ويؤيد ما ذكرته هذه الآيات وما يستفاد منها من الحقائق ، ولا شكّ أن هذا الوضع سيستمر بالنسبة إلى اليهود إلّا إذا تخلوا عن سلوكهم العدواني وأعادوا الحقوق إلى أهلها ، وعاشوا إلى جانب الآخرين على أساس من الوفاق لا الغصب والعدوان والاحتلال.

* * *

٦٥٢

الآيات

(لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ (١١٣) يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُسارِعُونَ فِي الْخَيْراتِ وَأُولئِكَ مِنَ الصَّالِحِينَ (١١٤) وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ (١١٥))

سبب النّزول

يقال : لما أسلم «عبد الله بن سلام» وهو من علماء اليهود وجماعة منهم ، انزعجت اليهود ، وبخاصة أحبارهم من هذا الحادث ، وصاروا بصدد اتهامهم بالخيانة ، وعيبهم بالشر فقال أحبارهم : «ما آمن بمحمّد إلّا شرارنا» وهم بذلك يهدفون إلى إسقاطهم من أعين اليهود حتّى لا يقتدى بهم الآخرون. فنزلت الآيات أعلاه للدفاع عن هذه الفئة المؤمنة.

التّفسير

الإسلام وخصيصة البحث عن الحقّ :

بعد كلّ ذلك الذم لليهود ، الذي تضمنته الآيات السابقة بسبب مواقفهم المشينة

٦٥٣

وأفعالهم الذميمة نجد القرآن ـ كما هو شأنه دائما ـ يراعي جانب العدل والإنصاف ، فيحترم كلّ من تنزه عن ذلك السلوك الذميم الذي سار عليه اليهود ، ويعلن بصراحة أنه لا يعمم ذلك الحكم ، وإنه لا يمكن النظر إلى الجميع بنظرة واحدة دون التفريق بين من أقام على تلك الفعال ، وبين من غادرها وطلب الحقّ ، ولهذا يقول :

(لَيْسُوا سَواءً مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ أُمَّةٌ قائِمَةٌ يَتْلُونَ آياتِ اللهِ آناءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ)(١).

أجل ليس أهل الكتاب سواء ، فهناك جماعة تطيع الله وتخافه ، وتؤمن به وتهابه ، وتؤمن بالآخرة وتعمل لها ، وتقوم بواجب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

وبهذا يتورع القرآن الكريم عن إدانة العنصر اليهودي كافة ، بل يركز على أفعالهم وأعمالهم وممارساتهم ، ويحترم ويمدح كلّ من انفصل عن أكثريتهم الفاسدة ، وخضع للحقّ والإيمان ، وهذا هو أسلوب الإسلام الذي لا يعادي أحدا على أساس اللون والعنصر ، بل إنما يعاديه على أساس اعتقادي محض ، ويكافحه إذا كانت أعماله لا تنطبق مع الحقّ والعدل والخير ، لا غير.

ثمّ إنه يستفاد من بعض الأحاديث أن الممدوحين في هذه الآية لم ينحصروا في «عبد الله بن سلام» وجماعته الذين أسلموا معه ، بل شمل هذا المدح (٤٠) من نصارى نجران و (٣٢) من نصارى الحبشة و (٨) أشخاص من أهل الروم كانوا قد أسلموا قبل ذلك ، ويدل على ذلك أن الآية استخدمت لفظة «أهل الكتاب» وهو كما نعرف تعبير يعم اليهود وغيرهم.

ثمّ إنّه سبحانه قال : (وَما يَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ فَلَنْ يُكْفَرُوهُ) معقبا بذلك على العبارات السابقة ومكملا للآية ، ويعني بقوله أن هؤلاء الذين أسلموا واتخذوا

__________________

(١) الآناء جمع أنا (على وزن وفا) وأنا (على وزن غنا) بمعنى الأوقات.

٦٥٤

مواقعهم في صفوف المتقين لن يضيع الله لهم عملا ، وإن كانوا قد ارتكبوا في سابق حالهم ما ارتكبوه من الآثام ، وما اقترفوه من المعاصي ، ذلك لأنهم قد أعادوا النظر في سلوكهم وأصلحوا مسارهم ، وغيروا موقفهم.

والمراد من كلمة «الكفر» هنا هو ما يقابل الشكر ، لأن الشكر يعني أصلا الاعتراف بالنعمة والجميل ، والكفر يعني إنكار ذلك ، فيكون المراد في هذه الآية هو أن الله لن ينكر أعمالهم الصالحة ، ولن يتنكر لها.

كيف (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالْمُتَّقِينَ) وكأن هذه العبارة التي يختم بها سبحانه الآية الحاضرة تشير إلى حقيقة من الحقائق الهامة وهي : أن المتقين وإن كانوا قلة قليلة في الأغلب ، وخاصة في جماعة اليهود الذين عاصروا النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حيث كان المسلمون المهتدون منهم قلة ضعيفة ، ومن شأن ذلك أن لا تلفت كميتهم النظر ، ولكنهم مع ذلك يعلمهم الله بعلمه الذي لا يعزب عنه شيء ، فلا موجب للقلق ، ولا داعي للاضطراب ما دام سبحانه يعلم بالمتقين على قلتهم ، ويعلم بأعمالهم ، فلا يضيعها أبدا قليلة كانت أو كثيرة.

* * *

٦٥٥

الآيتان

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (١١٦) مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (١١٧))

التّفسير

في مقابل العناصر التي تبحث عن الحقّ ، وتؤمن به من الذين وصفتهم الآية السابقة، هناك عناصر كافرة ظالمة وصفهم الله سبحانه في هاتين الآيتين بقوله :(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً) لأنه لا ينفع في الآخرة سوى العمل الصالح والإيمان الخالص لا الامتيازات المادية ، في هذه الحياة : (يَوْمَ لا يَنْفَعُ مالٌ وَلا بَنُونَ إِلَّا مَنْ أَتَى اللهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) (١).

يبقى أن نعرف لما ذا أشير في هذه الآية إلى الثروة والأولاد من بين بقية

__________________

(١) الشعراء : ٨٨ و ٨٩.

٦٥٦

الإمكانات؟ وجه ذلك أن أهم الإمكانات المادية تنحصر في أمرين :

الأول : الطاقة البشرية وقد ذكرت الأولاد كأفضل نموذج لها.

الثاني : الثروة الاقتصادية.

وأما بقية الإمكانات المادية الاخرى فتتفرع من هاتين.

إن القرآن ينادي بصراحة بأن الامتيازات المالية والقدرة البشرية الجماعية لا تعد امتيازا في ميزان الله ، وأن الاعتماد عليها وحدها هو الخطأ الجسيم إلّا إذا قرنت بالإيمان والعمل الصالح ، واستخدمت في سبيلهما ، وإلّا فستؤول بأصحابها إلى الجحيم وعذابها الخالد.(أُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ).

ولما كان الكلام عن الثروة والمال كان لا بدّ من الإشارة إلى مسألة الإنفاق فيقول سبحانه : (مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ فِي هذِهِ الْحَياةِ الدُّنْيا كَمَثَلِ رِيحٍ فِيها صِرٌّ أَصابَتْ حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ فَأَهْلَكَتْهُ).

و «الصرّ» مأخوذ من «الإصرار» لغة ، وتعني الشد بقوّة وشدّة ، والمراد بها هنا هي الريح الشديدة سواء كانت مصحوبة بالبرد القارص ، أو الحر اللافح.

إنفاق الكفّار :

وفي هذه الآية إشارة إلى كيفية إنفاق الكفّار وبذلهم المصحوب بالرياء ، ضمن إعطاء مثل رائع يجسد مصير هذا الإنفاق والبذل ، ويصوره في أبلغ تصوير.

القرآن يمثل إنفاق الكفّار بالريح الشديدة الباردة أو اللافحة جدّا التي إذا هبت على الزرع لا تبقي منه شيئا ولا تذر ، بل تترك الزرع حطاما والأرض بلاقع.

إنه لا شكّ أن النسائم الخفيفة تنعش الزرع وتحيي الطبيعة ، فنسائم الربيع تفتح الأزهار ، وتصب في عروق الأشجار والنباتات روحا جديدة وحياة ونشاطا ، وتساعد على لقاحها ، وكذلك يكون الإنفاق الصحيح والبذل الذي ينبع

٦٥٧

من الإخلاص والإيمان. إنه يعالج مشاكل المجتمع كما يكون له أثر حسن وعميق في نفس الباذل المنفق ، لأنه يرسخ فيها السجايا الإنسانية ويعمق مشاعر العطف واللطف والرفق والحبّ بما يستشعره من آثار إيجابية لإنفاقه ، وبما يسببه الإنفاق في رفع الآلام الاجتماعية ، وتوفير السعادة للآخرين.

أما إذا تبدلت هذه النسائم الرقيقة إلى رياح عاصفة لافحة ، أو زوبعة شديدة البرودة،فسوف تؤدي إلى إحراق جميع النباتات والأزهار أو تجميدها.

وهذا هو حال غير المؤمن في إنفاقه ، فإنه لا ينفق ماله بدافع صحيح ، بل ينفقه رياء وسمعة وأهواء وأهداف شريرة ، وبذلك يكون كالريح العاتية ، اللافحة أو الباردة ، تأتي على كلّ ما أنفقه كما تأتي على الزرع ، فتصيبه بالجفاف والفناء ، والدمار والهلاك.

إن مثل هذا الإنفاق لا يعالج أية مشكلة اجتماعية (لأنه صرف للمال في غير محله في الأغلب) كما لا ينطوي على أي أثر أخلاقي ونفسي للمنفق الباذل.

والذي يلفت النظر أن القرآن الكريم يقول في هذه الآية (حَرْثَ قَوْمٍ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ) وهو يشير إلى أن هؤلاء المزارعين تعرضوا لما تعرضوا له لأنهم تساهلوا في إختيار مكان الزرع وزمانه ، ولأنهم زرعوا في أرض معرضة للرياح الشديدة ، أو أنهم اختاروا للزرع وقتا يكثر فيه هبوب رياح السموم ، وبهذا ظلموا أنفسهم ، وكذلك حال غير المؤمن في إنفاقه ، فإنه ظلم نفسه بإنفاقه غير الصحيح وغير المناسب من حيث الزمان والمكان والهدف، وبهذا عرض أمواله وثرواته للرياح.

من كلّ ما أشرنا إليه ، وبملاحظة القرائن الموجودة في الآية تبين أن هذا التمثيل لإنفاق الكفّار بالزرع الذي أهلكته الرياح العاصفة تمثيل به من ناحيتين :

الأولى : تشبيه لإنفاق الكافر بالزرع في غير محله وموسمه المناسب.

الثانية : تشبيه لنواياه وأهدافه من الإنفاق بالرياح العاصفة الباردة أو

٦٥٨

السموم ، ولهذا فإن المقام لا يخلو عن تقدير شيء محذوف وأن معنى قوله : (مَثَلُ ما يُنْفِقُونَ) أن مثل نوايا الكافر في الإنفاق مثل الرياح الباردة أو السموم التي تهب على الزرع فتفنيه.

قال جماعة من المفسّرين : إن هذه الآية إشارة إلى الأموال التي يستخدمها الكفّار للإيقاع بالإسلام وصد حركته ، والتي يحركون بها الأعداء ضد النبي الكريم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. أو الأموال التي يعطيها اليهود لأحبارهم ليحرفوا آيات الله عن مواضعها ويزيدوا أو ينقصوا في الكتب السماوية.

ولكن من الواضح جدّا أن هذه الآية تنطوي على معنى واسع يشمل هذا الرأي وغيره.

ثمّ إنه سبحانه يعقب على ما قال بشأن إنفاق الكفّار الذي لا يعود عليهم إلّا بالوبال والويل بقوله : (وَما ظَلَمَهُمُ اللهُ وَلكِنْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).

أجل ، إن العمل الفاسد لا يجر على صاحبه إلّا النتيجة الفاسدة ، فما يحصده الكفّار من إنفاقهم من الوبال والبطلان ، إنما هو بسبب نواياهم الباطلة الفاسدة من هذا الإنفاق.

* * *

٦٥٩

الآيات

(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّخِذُوا بِطانَةً مِنْ دُونِكُمْ لا يَأْلُونَكُمْ خَبالاً وَدُّوا ما عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضاءُ مِنْ أَفْواهِهِمْ وَما تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآياتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ (١١٨) ها أَنْتُمْ أُولاءِ تُحِبُّونَهُمْ وَلا يُحِبُّونَكُمْ وَتُؤْمِنُونَ بِالْكِتابِ كُلِّهِ وَإِذا لَقُوكُمْ قالُوا آمَنَّا وَإِذا خَلَوْا عَضُّوا عَلَيْكُمُ الْأَنامِلَ مِنَ الْغَيْظِ قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ بِذاتِ الصُّدُورِ (١١٩) إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِها وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لا يَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئاً إِنَّ اللهَ بِما يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ (١٢٠))

سبب النّزول

عن ابن عباس أن هذه الآيات نزلت عند ما أقدم بعض المسلمين ـ بسبب ما كان بينهم وبين اليهود من الصداقة أو القرابة أو الجوار أو الحلف أو الرضاع ـ على

٦٦٠