الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ٢

آية الله ناصر مكارم الشيرازي

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ٢

المؤلف:

آية الله ناصر مكارم الشيرازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
المطبعة: أمير المؤمنين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-6632-43-2
ISBN الدورة:
964-6632-53-X

الصفحات: ٨٠٨

لأنفسهم حرّية العمل ، فاستندوا إلى هذا الزعم المزيّف للاعتداء على حقوق الآخرين بدون حقّ. حيث يتلاعبون بمصائر شعوب العالم ، ولا يتورّعون عن ارتكاب كلّ اعتداء على حقوق الإنسان ، ويرون القوانين مجرّد العوبة بيدهم لتحقيق مصالحهم ، فتقول : (بَلى مَنْ أَوْفى بِعَهْدِهِ وَاتَّقى فَإِنَّ اللهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ).

تقرر هذه الآية أنّ مقياس الشخصية والقيمة الإنسانية ومحبّة الله يتمثّل في الوفاء بالعهد وفي عدم خيانة الأمانة خاصّة ، وفي التقوى بشكل عامّ ، أجل ، إن الله يحب هؤلاء، لا الخوانة الكذابين الذين يبيحون لأنفسهم غصب حقوق الآخرين ويتجرءون كذلك على نسبتها إلى الله تعالى.

* * *

بحث

١ ـ اعتراض :

قد يقول قائل إنّ الإسلام قرّر أيضا مثل هذا الحكم بالنسبة لأموال الأجانب ، إذ أنّه يجيز الاستيلاء على أموالهم.

الجواب :

إنّ اتّهام الإسلام بهذا افتراء لا شكّ فيه ، إذ أنّ من أحكام الإسلام القاطعة الواردة في كثير من الأحاديث ، هو «ليس من الجائز خيانة الأمانة سواء أكانت الأمانة تخصّ مسلما أم غير مسلم ، وحتّى المشرك وعابد الأصنام».

في حديث معروف عن الإمام السجاد عليه‌السلام قال : «عليكم بأداء الأمانة ، فوالذي بعث محمّدا بالحقّ نبيا لو أنّ قاتل أبي الحسين بن علي بن أبي طالب ائتمنني على السيف الذي قتله به لأدّيته إليه» (١).

__________________

(١) أمالي الصدوق : ص ١٤٩.

٥٦١

وفي رواية اخرى عن الإمام الصادق عليه‌السلام أنّه قال : «إنّ الله لم يبعث نبيّا قط إلّا بصدق الحديث وأداء الأمانة مؤدّاه إلى البرّ والفاجر»(١).

بناء على ذلك فإنّ ما جاء في هذه الآية عن اليهود وخيانتهم الأمانة ومنطقهم في تسويغ تلك الخيانة لم يسمح به الإسلام بأيّ شكل من الأشكال ، فالمسلمون مكلّفون أن لا يخونوا الأمانة في جميع الأحوال.

٢ ـ كلمة «بلى» تستعمل في اللغة العربية ردّا على النفي أو جوابا على استفهام مقترن بالنفي ، كقوله تعالى : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) (٢) و (نِعْمَ) جوابا للاستفهام المثبت ، مثل (فَهَلْ وَجَدْتُمْ ما وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قالُوا نَعَمْ) (٣).

* * *

__________________

(١) مشكاة الأنوار : عن سفينة البحار.

(٢) الأعراف : ١٧٢.

(٣) الأعراف : ٤٤.

٥٦٢

الآية

(إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً أُولئِكَ لا خَلاقَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَلا يُزَكِّيهِمْ وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ (٧٧))

سبب النّزول

جمع من أحبار اليهود وعلمائهم مثل «أبي رافع» و «حي بن أخطب» و «كعب بن أشرف» حين لاحظوا أنّ مراكزهم الاجتماعية بين اليهود معرّضة للخطر ، عمدوا إلى العلامات الموجودة في التوراة بشأن خاتم الأنبياء والتي كانوا هم أنفسهم قد دوّنوها بأيديهم في نسخ التوراة ، فحرّفوها وأقسموا على أنّ تلك الكتابات المحرّفة من الله. لذلك نزلت هذه الآية وفيها إنذار شديد لهم.

وهناك مفسّرون آخرون ذهبوا إلى أنّ هذه الآية نزلت في «أشعث بن قيس» الذي كان يريد استملاك أرض لغيره عن طريق الكذب والتزوير. وعند ما تهيّأ لأداء اليمين لتوثيق ادّعائه نزلت الآية ، فاستولى الخوف على أشعث واعترف بالحقّ وأعاد الأرض لصاحبها.

٥٦٣

التّفسير

المحرفون للحقائق :

تشير الآية إلى جانب آخر من آثام اليهود وأهل الكتاب. ولكونها وردت بصيغة عامّة، فإنّها تشمل كلّ من تنطبق عليه هذه الصفات.

تقول الآية : (إِنَّ الَّذِينَ يَشْتَرُونَ بِعَهْدِ اللهِ وَأَيْمانِهِمْ ثَمَناً قَلِيلاً) أي الذين يجعلون عهودهم مع الله والقسم باسمه المقدّس موضع بيع وشراء لقاء مبالغ مادّية ، سيكون جزاءهم خمس عقوبات :

أحدها : أنّهم سوف يحرمون من نعم الله التي لا نهاية لها في الآخرة (أُولئِكَ لا خَلاقَ) (١) (لَهُمْ).

ثمّ إنّ الله يوم القيامة يكلّم المؤمنين ولكنّه لا يكلّم أمثال هؤلاء (وَلا يُكَلِّمُهُمُ اللهُ).

كما إنّ الله سوف لا ينظر إليهم بنظر الرحمة واللطف يوم القيامة (وَلا يَنْظُرُ إِلَيْهِمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ). ومن ذلك يعلم أن الله تعالى في ذلك اليوم يتكلم مع عباده المؤمنين (سواء مباشرة أو بتوسط الملائكة) ممّا يجلب لهم السرور والفرح ويكون دليلا على عنايته بهم ورعايته لهم ، وكذلك النظر إليهم ، فهو إشارة إلى العناية الخاصّة بهم ، وليس المقصود انظر الجسماني كما توهم بعض الجهلاء.

أمّا الأشخاص الذين باعوا آيات الله بثمن مادي فلا يشملهم الله تعالى بعنايته ، ولا بمحادثته.

ولا يطهّرهم من ذنوبهم (وَلا يُزَكِّيهِمْ).

__________________

(١) «خلاق» من مادة «خلق» بمعنى النصيب والفائدة. وذلك لأن الإنسان يحصل عليها بواسطة أخلاقه (وهو إشارة إلى أنهم يفتقدون الأخلاق الحميدة التي تؤهلهم للانتفاع في ذلك اليوم).

٥٦٤

وأخيرا سيعذّبهم عذابا شديدا (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ).

وليس المقصود من «الثمن القليل» أن الإنسان إذا باع العهد الإلهي بثمن كثير فيجوز له ذلك ، بل المقصود أي ثمن مادّي يعطى مقابل ارتكاب هذه الذنوب الكبيرة ، حتّى وإن كان هذا الثمن يتمثّل في رئاسات كبيرة وواسعة ، فهي مع ذلك قليلة.

بديهيّ أنّ كلام الله ليس نطق اللسان ، لأنّ الله منزّه عن التجسّد ، إنّما الكلام عن طريق الإلهام القلبي ، أو عن طريق إحداث أمواج صوتية في الفضاء ، كالكلام الذي سمعه موسى عليه‌السلام من شجرة الطور.

* * *

ملاحظة

تجدر الإشارة هنا إلى أنّ هذه العواقب الخمس المترتّبة على «نقض العهد» و «الأيمان الكاذبة» المذكورة في هذه الآية ربّما تكون إشارة إلى مراحل «القرب والبعد» من الله.

إنّ من يقترب من الله ويدنو من ساحة قربه تشمله مجموعة من النعم الإلهيّة المعنوية، فإذا ازداد اقترابا كلّمه الله ، وإن دنا أكثر نظر إليه الله نظرة الرحمة ، وإن اقترب أكثر طهّره الله من آثار ذنوبه ، وأخيرا ينجو من العذاب الأليم وتغمره نعم الله ، أمّا الذين يسيرون في طريق نقض العهود واستغلال اسم الله بشكل غير مشروع ، فيحرمون من كلّ تلك النعم ويتراجعون مرحلة بعد مرحلة. في تفسير الآية ١٧٤ من سورة البقرة ، المشابهة لهذه الآية ، شرح أوفى للموضوع.

* * *

٥٦٥

الآية

(وَإِنَّ مِنْهُمْ لَفَرِيقاً يَلْوُونَ أَلْسِنَتَهُمْ بِالْكِتابِ لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (٧٨))

التّفسير

هذه الآية التي تؤكّد ما بحثته الآيات السابقة بشأن خيانة بعض علماء أهل الكتاب وتقول : إنّ فريقا من هؤلاء يلوون ألسنتهم عند تلاوتهم الكتاب. وهذا كناية عن تحريفهم كلام الله. و «يلون» من مادة (ليّ) على وزن حيّ ، وهو الإمالة ، وهو تعبير بليغ عن تحريف كلام الله ، وكأنهم حين تلاوتهم للتوراة وعند ما يصلون إلى الآيات التي فيها صفات رسول الله والبشارة بظهوره يغيّرون لحن كلامهم.

وتضيف : إنّهم في تحريفهم هذا من المهارة بحيث إنّكم تحسبون ما يقرءونه آيات أنزلها الله ، وهو ليس كذلك (لِتَحْسَبُوهُ مِنَ الْكِتابِ وَما هُوَ مِنَ الْكِتابِ).

ولكنّهم لا يقنعون بذلك ، بل يشهدون علانية بأنّه من كتاب الله ، وهو ليس كذلك (وَيَقُولُونَ هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ وَما هُوَ مِنْ عِنْدِ اللهِ).

٥٦٦

مرّة أخرى يقول القرآن : إنّهم في عملهم هذا ليسوا ضحية خطأ ، بل هم يكذبون على الله بوعي وبتقصّد ، وينسبون إليه هذه التهم الكبيرة وهم عالمون بما يفعلون (وَيَقُولُونَ عَلَى اللهِ الْكَذِبَ وَهُمْ يَعْلَمُونَ).

* * *

٥٦٧

الآيتان

(ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ (٧٩) وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ (٨٠))

سبب النّزول

في سبب نزول هذه الآية روايتان :

الأولى ـ أنّ رجلا قال : يا رسول الله نحن نسلّم عليك كما يسلّم بعضنا على بعض ، ألا نسجد لك؟

قال : لا ينبغي أن يسجد لأحد من دون الله ، ولكن أكرموا نبيّكم واعرفوا الحقّ لأهله ، فأنزل الله الآية.

الثانية ـ أنّ أبا رافع من اليهود ومعه رئيس وفد نجران قالا للنبيّ : أتريد أن نعبدك ونتّخذك إلها؟

٥٦٨

(ولعلّهم ظنّوا أن مخالفة الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لالوهية المسيح عليه‌السلام لأنه ليس له نصيب من ذلك ، فلو أنهم رفعوا منزلته إلى مستوى الإله كما هو الحال بالنسبة إلى المسيح عليه‌السلام لترك الخلاف معهم ، ولعلّ هذا الاقتراح يستبطن مؤامرة دبّرت لتلويث سمعة النبيصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودفع الأنظار عنه) ولكن

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : معاذ الله أن أعبد غير الله أو آمر بعبادة غير الله ، ما بذلك بعثني،ولا بذلك أمرني ، فأنزل الله الآية.

التّفسير

الدعوة إلى عبادة غير الله مستحيلة :

سبق أن قلنا إنّ واحدة من عادات أهل الكتاب القبيحة ـ اليهود والنصارى ـ كانت تزييف الحقائق. من ذلك قولهم بألوهية عيسى ، زاعمين أنّه هو الذي أمرهم بذلك ، وكان هذا ما يريد بعضهم أن يحقّقه بشأن رسول الإسلام أيضا ، للأسباب التي ذكرناها في نزول الآية.

إنّ الآية ردّ حاسم على جميع الذين كانوا يقترحون عبادة الأنبياء. تقول الآية : ليس لكم أن تعبدوا نبيّ الإسلام ولا أيّ نبي آخر ولا الملائكة. ويخطئ من يقول إنّ عيسى قد دعاهم إلى عبادته.

(ما كانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللهُ الْكِتابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ ثُمَّ يَقُولَ لِلنَّاسِ كُونُوا عِباداً لِي مِنْ دُونِ اللهِ).

الآية تنفي نفيا مطلقا هذا الأمر. أي أنّ الذين أرسلهم الله وأتاهم العلم والحكمة لا يمكن ـ في أيّة مرحلة من المراحل ـ أن يتعدّوا حدود العبودية لله. بل إنّ رسل الله هم أسرع خضوعا له من سائر الناس ، لذلك فهم لا يمكن أن يخرجوا عن طريق العبودية والتوحيد ويجرّوا الناس إلى هوة الشرك.

٥٦٩

(وَلكِنْ كُونُوا رَبَّانِيِّينَ بِما كُنْتُمْ تُعَلِّمُونَ الْكِتابَ وَبِما كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ).

«الربّاني» هو الذي أحكم ارتباطه بالله. ولمّا كانت الكلمة مشتقّة من «ربّ» فهي تطلق أيضا على من يقوم بتربية الآخرين وتدبير أمورهم وإصلاحهم.

وعلى هذا يكون المراد من هذه الآية : إنّ هذا العمل (دعوة الأنبياء الناس إلى عبادتهم) لا يليق بهم ، إنّ ما يليق بهم هو أن يجعلوا الناس علماء إلهيّين فى ضوء تعليم آيات الله وتدريس حقائق الدين ، ويصيّروا منهم أفرادا لا يعبدون غير الله ولا يدعون إلّا إلى العلم والمعرفة.

يتّضح من ذلك أنّ هدف الأنبياء لم يكن تربية الناس فحسب ، بل استهدفوا أكثر من ذلك تربية المعلّمين والمرّبين وقادة الجماعة ، أي تربية أفراد يستطيع كلّ منهم أن يضيء بعلمه وإيمانه ومعرفته محيطا واسعا من حوله.

تبدأ الآية بذكر «التعليم» أوّلا ثمّ «التدريس». تختلف الكلمتان من حيث اتّساع المعنى ، فالتعليم أوسع ويشمل كلّ أنواع التعليم ، بالقول وبالعمل ، للمتعلّمين وللأمّيّين. أمّا التدريس فيكون من خلال الكتابة والنظر إلى الكتاب ، فهو أخصّ والتعليم أعمّ.

(وَلا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْباباً).

هذه تكلمة لما بحث في الآية السابقة ، فكما أنّ الأنبياء لا يدعون الناس إلى عبادتهم، فإنّهم كذلك لا يدعونهم إلى عبادة الملائكة وسائر الأنبياء. وفي هذا جواب لمشركي العرب الذين كانوا يعتقدون أنّ الملائكة هم بنات الله ، وبذلك يسبغون عليهم نوعا من الالوهية ، ومع ذلك كانوا يعتبرون أنفسهم من أتباع دين إبراهيم. كذلك هو جواب للصابئة الذين يقولون إنّهم أتباع «يحيى» ، وكانوا يرفعون مقام الملائكة إلى حدّ عبادتهم. وهو أيضا ردّ على اليهود الذين قالوا إنّ «عزيرا»

٥٧٠

ابن الله ، أو النصارى الذين قالوا إن «المسيح» ابن الله ، وأضفوا عليه طابعا من الربوبية ، فالآية تردّ هؤلاء جميعا وتقول إنّه لا يليق بالأنبياء أن يدعو الناس إلى عبادة غير الله.

وفي الختام تقول الآية (أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ). أيمكن أن يدعوكم النبيّ إلى الكفر بعد أن اخترتم الإسلام دينا؟

واضح أنّ «الإسلام» هنا يقصد به معناه الأوسع ، كما هي الحال في مواضع كثيرة من القرآن ، وهو التسليم لأمر الله والإيمان والتوحيد. أي كيف يمكن لنبيّ أن يدعو الناس أوّلا إلى الإيمان والتوحيد ، ثمّ يدلّهم على طريق الشرك؟ أو كيف يمكن لنبيّ أن يهدم ما بناه الأنبياء في دعوتهم الناس إلى الإسلام. فيدعوهم إلى الكفر والشرك؟

تنوّه الآية ضمنيّا بعصمة الأنبياء وعدم انحرافهم عن مسير إطاعة الله (١).

* * *

ملاحظة

منع عبادة البشر :

تدين هذه الآيات بصراحة كلّ عبادة ، وخاصّة عبادة البشر ، سوى عبادة الله، وتربّي في الإنسان روح الحرّية واستقلال الشخصية ، تلك الروح التي لا يكون بدونها جديرا بحمل اسم إنسان.

نعرف من خلال التاريخ العديد من الأشخاص الذين كانوا ، قبل الوصول إلى السلطة، يتميّزون بالبراءة ويدعون الناس إلى الحقّ والعدالة والحرّية والإيمان.

__________________

(١) في القراءة المعروفة التي اعتمدتها طبعة القرآن السائده ، تأتي «ولا يأمركم» في حالة نصب ـ بفتح الراء ـ وهي معطوفة على «أي يؤتيه الله» في الآية السابقة. و «لا» توكيد لـ «ما» النافية في الآية السابقة. وعليه تكون الآية بهذا المعنى : وما كان لبشر أن يأمركم أن تتّخذوا الملائكة والنبيّين أربابا.

٥٧١

ولكنّهم ما أن صعدوا عروش السلطة والهيمنة على المجتمع غيّروا سيرتهم شيئا فشيئا وانحازوا إلى فكرة عبادة الشخصية ودعوا الناس إلى عبادتهم.

في الواقع ، أنّ من أساليب تمييز «دعاة الحقّ» عن «دعاة الباطل» هو هذا.

فدعاة الحقّ ـ وعلى رأسهم الأنبياء والأئمّة ـ كانوا وهم في قمّة السلطة ، كما كانوا قبل أن تكون لهم أيّة سلطة ، يدعون إلى الأهداف الدينية المقدّسة والإنسانية والتوحيد والحرّية. أمّا دعاة الباطل ، فإنّ أوّل ما يبادرون إليه عند وصولهم السلطة هو الدعوة لأنفسهم وحثّ الناس على نوع من عبادتهم ، نتيجة تملّق الناس الضعفاء المحيطين بهم ، وكذلك نتيجة ضيق أفقهم وغرورهم.

هناك حديث عن الإمام علي عليه‌السلام تظهر من خلاله شخصيّته الكبيرة الفذّة ، ويعتبر دليلا وشاهدا على هذا البحث.

عند وصول الإمام عليه‌السلام إلى أرض الأنبار ـ إحدى مدن العراق الحدودية ـ خرّ جمع من الدهّاقين ساجدين أمامه ، بحسب التقاليد التي اعتادوا عليها ، فغضب الإمام من فعلتهم هذه وصرخ فيهم : «ما هذا الذي صنعتموه؟ فقالوا : خلق منّا نعظّم به أمراءنا. فقال:والله ما ينتفع بهذا أمراؤكم ، وأنّكم لتشقّون على أنفسكم في دنياكم وتشقّون به في آخرتكم ، وما أخسر المشقّة وراءها العقاب ، وأربح الدعة معها الأمان من النار».

* * *

٥٧٢

الآيتان

(وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ لَما آتَيْتُكُمْ مِنْ كِتابٍ وَحِكْمَةٍ ثُمَّ جاءَكُمْ رَسُولٌ مُصَدِّقٌ لِما مَعَكُمْ لَتُؤْمِنُنَّ بِهِ وَلَتَنْصُرُنَّهُ قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي قالُوا أَقْرَرْنا قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ (٨١) فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (٨٢))

التّفسير

الميثاق المقدس :

بعد أن أشارت الآيات السابقة الى وجود علائم لنبيّ الإسلام في كتب الأنبياء السابقين ، أشارت هذه الآية إلى مبدأ عام ، وهو أنّ الأنبياء السابقين وأتباعهم قد أبرموا مع الله ميثاقا بالتسليم للأنبياء الذين يأتون بعدهم ، وبالإضافة إلى الإيمان بهم ، لا يبخلون عليهم بشيء في مساعدتهم على تحقيق أهدافهم. تقول الآية : (وَإِذْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ النَّبِيِّينَ) ....

في الواقع ، مثلما أنّ الأنبياء والأمم التالية تحترم الأنبياء السابقين ودياناتهم ،

٥٧٣

فإنّ الأنبياء السابقين والأمم السابقة كانوا يحترمون الأنبياء الذين يأتون بعدهم.

وفي القرآن إشارات كثيرة على وحدة الهدف عند أنبياء الله. وهذه الآية نموذج حيّ على ذلك.

و «الميثاق» من «الوثوق» ، أي ما يدعو إلى الاطمئنان به والاعتماد عليه. و «الميثاق» هو الاتّفاق المؤكّد. وأخذ الميثاق من الأنبياء مصحوب بأخذ الميثاق من أتباعهم أيضا. كان موضوع هذا الميثاق هو أنّه إذا جاء نبيّ تنسجم دعوته مع دعوتهم (وهذا ما يثبت صدق دعوته) فيجب الإيمان به ونصرته. ثمّ لتوكيد هذا الموضوع جاءت الآية :(قالَ أَأَقْرَرْتُمْ وَأَخَذْتُمْ عَلى ذلِكُمْ إِصْرِي) (١).

هل اعترفتم بهذا الميثاق وقبلتم عهدي وأخذتم من أتباعكم عهدا بهذا الموضوع؟ وجوابا على ذلك (قالُوا أَقْرَرْنا).

ثمّ لتوكيد هذا الأمر المهمّ وتثبيته يقول الله : كونوا شهداء على هذا الأمر وأنا شاهد عليكم وعلى أتباعكم (قالَ فَاشْهَدُوا وَأَنَا مَعَكُمْ مِنَ الشَّاهِدِينَ).

وفي الآية الأخيرة يذم ويهدد القرآن الكريم ناقضي العهود ويقول : (فَمَنْ تَوَلَّى بَعْدَ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ).

فلو أن أحدا بعد كلّ هذا التأكيد على أخذ المواثيق والعهود المؤكّدة ـ أعرض عن الإيمان بنبيّ كنبيّ الإسلام الذي بشرت به الكتب القديمة وذكرت علائمه ، فهو فاسق وخارج على أمر الله تعالى. ونعلم أن الله لا يهدي الفاسقين المعاندين ، كما

__________________

(١) الإصر : العهد المؤكّد الذي يستوجب نقضه العقاب الشديد.

٥٧٤

مرّ في الآية ٨٠ من سورة التوبة : (وَاللهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ) ، ومن لا يكون له نصيب من الهداية الإلهيّة ، فإن مصيره إلى النار.

* * *

هنا ثلاث نقاط لا بدّ أن ننتبه لها :

١ ـ هل هذه الآية مقصورة على بشارة الأنبياء السابقين وميثاقهم بالنسبة لنبيّ الإسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أم أنّها تشمل كلّ نبيّ يبعث بعد نبيّ قبله؟

يظهر من الآية أنّها تعبّر عن مسألة عامّة ، وإن كان خاتم الأنبياء مصداقها البارز. كما أنّ هذا المعنى الواسع يتّسق مع روح مفاهيم القرآن. لذلك إذا ما رأينا في بعض الأخبار أنّ المقصود هو نبيّ الإسلام الكريم ، فما ذلك إلّا من قبيل تفسير الآية وتطبيقها على أجلى مصاديقها ، وليس لأنّ المعنى جاء على سبيل الحصر.

ينقل الفخر الرازي في تفسيره عن الإمام علي عليه‌السلام قال : «إنّ الله تعالى ما بعث آدم عليه‌السلام ومن بعده من الأنبياء عليهم الصلاة والسلام إلّا أخذ عليهم العهد لئن بعث محمّد عليه الصلاة والسلام وهو حي ، ليؤمننّ به ولينصرنّه» (١).

٢ ـ بعد أخذ مضمون الآية بنظر الإعتبار ، يبرز هذا السؤال : أيمكن أن يظهر نبيّ من أولى العزم في زمان نبيّ آخر من أولي العزم حتّى يتبعه؟

يمكن القول في جواب هذا السؤال : إنّ الميثاق لم يؤخذ من الأنبياء وحدهم ، بل ومن أتباعهم أيضا ، كما قلنا في تفسير الآية ، والواقع أنّ القصد من أخذ الميثاق من الأنبياء وأخذه من أممهم والأجيال التي تولد بعدهم وتدرك عصر النبيّ التالي. كما أنّ الأنبياء أنفسهم يؤمنون أيضا إذا أدركوا ـ فرضا ـ عهد الأنبياء التالين. أي أنّ أنبياء الله لا ينفصلون إطلاقا في أهدافهم وفي دعوتهم ولا صراع أو خلاف بينهم.

__________________

(١) التفسير الكبير : ج ٨ ص ١٢٣.

٥٧٥

٣ ـ والقول الأخير بشأن هذه الآية هو أنّها وإن تكن بخصوص الأنبياء ، فهي تصدق طبعا بحقّ خلفائهم أيضا ، إذ أنّ خلفائهم الصادقين لا ينفكّون عنهم ، وهم جميعا يسعون لتحقيق هدف واحد. ولذلك كان الأنبياء يعيّنون خلفائهم ، ويبشّرون الناس بهم ويدعونهم إلى الإيمان بهم وشدّ أزرهم.

ولئن وجدنا بعض الروايات الواردة في تفاسيرنا لهذه الآية وكتب أحاديثنا بشأن نزول عبارة «ولتنصرنّه» في علي عليه‌السلام وأنها تشمل قضية الولاية ، إنّما هو إشارة إلى هذا المعنى.

ولا بدّ أن نشير إلى أنّ هذه الآية ـ من حيث تركيبها النحوي ـ كانت موضع بحث بين المفسّرين ورجال الأدب (١).

٤ ـ التعصّب المقيت

يحدّثنا التاريخ أنّ أتباع دين من الأديان لا يتخلّون بسهولة عن دينهم ولا يستسلمون للأنبياء الجدد المبعوثين من قبل الله ، بل يتمسّكون بدينهم القديم تمسّكا جافّا جامدا ، ويدافعون عنه كأنّه جزء من وجودهم ، ويرون تركه إبادة لقوميّتهم.

لذلك يشقّ عليهم القبول بالدين الجديد. إنّ منشأ الكثير من الحروب الدينية التي وقعت على امتداد التاريخ ـ وهي من أفظع حوادث التاريخ ـ هو هذا التعصّب الجاف والجمود على الأديان القديمة.

غير أنّ قانون الارتقاء والتكامل يقول : هذه الأديان يجب أن تأتي الواحد تلو الآخر، وتتقدّم بالبشرية في سيرها نحو معرفة الله والحقّ والعدالة والإيمان والأخلاق والإنسانية والفضيلة ، حتّى تصل إلى الدين النهائي ، خاتم الأديان ،

__________________

(١) في «لما آتيتكم» يعتبر بعضهم «ما» موصولة ومبتدأ ، واللام موطئة للقسم ، وجملة «لتؤمننّ به» خبر.

وقال فريق آخر «ما» شرطية زمانية وجزاؤها «لتؤمننّ به ولتنصرنّه». وهذا الاحتمال الثاني أقرب إلى معنى الآية.

٥٧٦

كالطفل الذي يتدرّج في مراحل الدراسة ويطويها الواحدة بعد الأخرى حتّى يتخرّج من الكليّة والجامعة.

فإذا أحبّ التلاميذ جوّ مدرستهم الابتدائية ذلك الحبّ الذي يربطهم بمدرستهم إلى درجة أنّهم يرفضون الانتقال إلى المدرسة الثانوية ، فبديهيّ أنّ لا يكون نصيب هؤلاء سوى التخلّف عن ركب السائرين نحو التقدّم والارتقاء.

إنّ إصرار الآية على أخذ الميثاق والعهد المؤكّد من الأنبياء والأمم الماضية نحو الأنبياء التالين لهم قد يكون من أجل اجتناب أمثال هذا التعصّب والجمود والعناد.

ولكنّ الذي يؤسف له أنّنا ـ بعد كلّ هذا التأكيد ـ ما زلنا نرى أتباع الأديان القديمة لا يسلّمون بسهولة أمام الحقائق الجديدة. سوف نشرح إن شاء الله في تفسير الآية ٤٠ من سورة الأحزاب كيف يكون الإسلام آخر الأديان وخاتمها ولماذا؟

* * *

٥٧٧

الآيات

(أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً وَإِلَيْهِ يُرْجَعُونَ (٨٣) قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا وَما أُنْزِلَ عَلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَما أُوتِيَ مُوسى وَعِيسى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (٨٤) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ (٨٥))

التّفسير

الإسلام أفضل الأديان الإلهيّة :

مرّت بنا حتّى الآن بحوث مسهبة في الآيات السابقة عن الأديان الماضية.

وابتداء من هذه الآية يدور البحث حول الإسلام وفيها إلفات لأنظار أهل الكتاب وأتباع الأديان السابقة إلى الإسلام.

تبدأ الآية بالتساؤل : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) أيريد هؤلاء دينا غير دين الله؟

٥٧٨

وما دين الله سوى التسليم للشرائع الإلهية ، هي كلّها قد جمعت بصورتها الكاملة الشاملة في دين نبيّ الإسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. فإذا كان هؤلاء يبحثون عن الدين الحقيقي فعليهم أن يسلموا.

(وَلَهُ أَسْلَمَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ).

يبدأ القرآن بتفسير الإسلام بمعناه الأوسع ، فيقول : كلّ من في السماوات والأرض ، أو جميع الكائنات في السماوات والأرض ، مسلمون خاضعون لأوامره (طَوْعاً وَكَرْهاً). هذا الاستسلام والخضوع يكون «طوعا» أو اختياريا أحيانا ، إزاء «القوانين التشريعية» ، ويكون «كرها» أو إجباريا أحيانا أخرى ، إزاء «القوانين التكوينية».

ولتوضيح ذلك نقول : إنّ لله نوعين من الأمر في عالم الوجود. فبعض أوامره يكون بشكل (قوانين طبيعية وما وراء طبيعية) تحكم على مختلف كائنات هذا العالم ، فهي خاضعة لها خضوع إكراه وليس لها أن تخالفها لحظة واحدة ، فإن فعلت ـ فرضا ـ يكتب لها الفناء والزوال. هذا نوع من «الإسلام والتسليم» أمام أمر الله.

وبناء على هذا فإنّ أشعة الشمس التي تسطع على البحار ، وبخار الماء الذي يتصاعد منها ، وقطع السحاب التي تتواصل ، وقطرات المطر التي تنزل من السماء والنباتات التي تنمو بها ، والزهور التي تتفتح لها ، جميعها مسلّمة ، لأنّ كلّا منها قد أسلم للقوانين التي فرضها عليها قانون الخليقة.

والنوع الآخر من أوامر الله هي «الأوامر التشريعية» وهي القوانين التي ترد في الشرائع السماوية وتعاليم الأنبياء. إنّ التسليم أمامها تسليم «طوعي» أو اختياري. فالمؤمنون الذين يسلمون لها إنّما هم وحدهم المسلمون. إنّ مخالفة هذه القوانين والشرائع لا تقلّ ـ على كلّ حال ـ عن مخالفة القوانين التكوينية ، لأنّ مخالفتها تبعث على الانحطاط والتخلّف والعدم.

٥٧٩

ولمّا كانت «أسلم» مستعملة في هذه الآية بالمعنى الأوسع للإسلام ، أي المعنى الذي يشمل النوعين من أوامر الله ، لذلك فهي تقول إنّ فريقا يسلم طوعا ـ كالمؤمنين ـ وفريقا يسلم كرها ـ كالكافرين ـ أمام القوانين التكوينية. وهكذا نجد أنّ الكافرين الذين يمتنعون عن التسليم أمام بعض أوامر الله مجبرين على التسليم أمام بعض آخر من أوامر الله. فلما ذا إذا لا يسلمون لجميع قوانين الله ودين الحقّ؟

هناك احتمال آخر في تفسير هذه الآية ذكره كثير من المفسّرين ، وإن لم يتعارض مع ما قلناه آنفا ، وهو : أنّ المؤمنين وهم في حال من الرفاه والهدوء يسيرون نحو الله بملء اختيارهم. أمّا غير المؤمنين فلا يسيرون نحو الله إلّا عند ما تحيق بهم البلايا والمشكلات التي لا تطاق ، فيدعونه ويتوسّلون إليه ، فمع أنّهم في الظروف العادية يشركون به ، فإنّهم في الشدائد والملمّات لا يتوجّهون إلّا إليه.

ويتضح ممّا تقدّم أن «من» في جملة (مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) تشمل الموجودات العاقلة وغير العاقلة ، فبالرغم من كونها تستعمل عادة للعقلاء ، إلّا أنها قد تكون عامّة للتغليب. و «طوعا» إشارة إلى الموجودات العاقلة المؤمنة ، و «كرها» إشارة إلى الكفّار وغير العقلاء.

(قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَما أُنْزِلَ عَلَيْنا) .... في هذه الآية يأمر الله النبيّ والمسلمين بأنّهم ، فضلا عن إيمانهم بما أنزل على رسول الإسلام ، عليهم أن يظهروا إيمانهم بكلّ الآيات والتعليمات التي نزلت على الأنبياء السابقين ، وأن يقولوا : إنّنا لا نفرّق بينهم من حيث صدقهم وعلاقتهم بالله.

إنّنا نعترف بالجميع ، فهم جميعا كانوا قادة إلهيّين ، وهم جميعا بعثوا لهداية الناس.إنّا نسلم بأمر الله من جميع النواحي ، وبذلك نقطع أيدي المفرّقين.

٥٨٠