الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ٢

آية الله ناصر مكارم الشيرازي

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ٢

المؤلف:

آية الله ناصر مكارم الشيرازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
المطبعة: أمير المؤمنين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-6632-43-2
ISBN الدورة:
964-6632-53-X

الصفحات: ٨٠٨

الفراق أهداف تلك الأعمال ، وأنّه قصد إلى تخليص السفينة من الوقوع في يد سلطان غاصب وظالم ، ختم شرحه بقوله : (ذلِكَ تَأْوِيلُ ما لَمْ تَسْطِعْ عَلَيْهِ صَبْراً) (١).

كذلك إذا رأى الإنسان رؤيا لا تتّضح له نتيجتها ، ثمّ تبيّن له تعبيرها بمراجعة شخص أو مشاهدة واقعة ، فذلك هو تأويل الرؤيا ، مثل يوسف عليه‌السلام الذي قال حين تحقّقت رؤياه الشهيرة عمليا ، أو بعبارة اخرى حين وصلت مرحلتها النهائية (هذا تَأْوِيلُ رُءْيايَ مِنْ قَبْلُ) (٢).

وهكذا إذا صدر عن الإنسان كلام فيه مفاهيم وأسرار خاصّة تشكّل الهدف النهائي لذلك الكلام ، فذلك هو التأويل.

هذا هو معنى التأويل في الآية. أي أنّ في القرآن آيات ذات أسرار ومعان عميقة غير أنّ ذوي الأفكار المنحرفة والمقاصد الفاسدة يضعون من عندهم تفسيرا لا أساس له من الصحّة ويستندون إليه لخداع أنفسهم أو غيرهم.

وعليه ، فإنّ المقصود من (ابْتِغاءَ تَأْوِيلِهِ) هو أنّ هؤلاء يريدون أن يؤولوا الآيات بصورة تخالف حقيقتها ، أي ابتغاء تأويله على خلاف الحقّ.

وكما قرأنا في سبب نزول هذه الآية أنّ بعض اليهود أوّلوا تلك الحروف المقطّعة في القرآن تأويلا لا يتّفق مع الحقيقة ، فقالوا إنّها تحدّد عمر الإسلام. وهكذا المسيحيّون أساؤوا تأويل «روح منه» ليثبتوا ألوهيّة المسيح عليه‌السلام. هذه كلّها من قبيل «التأويل بخلاف الحقّ» ، وإرجاعها إلى مقاصد بعيدة عن الحقيقة.

٤ ـ من هم الراسخون في العلم؟

هذا التعبير القرآني ورد في موضعين. هذا أحدهما هنا والآخر في سورة

__________________

(١) سورة الكهف : ٨٢.

(٢) سورة يوسف : ١٠٠.

٤٠١

النساء ، إذ يقول : (لكِنِ الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ مِنْهُمْ وَالْمُؤْمِنُونَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ) (١).

وبحسب المعنى اللغوي لهذه الكلمة ، فإنّها تعني الذين لهم قدم ثابتة في العلم والمعرفة.

طبيعي أن يكون معنى الكلمة واسعا يضمّ جميع العلماء والمفكّرين ، إلّا أن بين هؤلاء أفرادا متميّزين لهم مكانتهم الخاصّة ، ويأتون على رأس مصاديق الراسخين في العلم وتنصرف إليهم الأذهان عند استعمال هذه الكلمة قبل غيرهم.

وهذا هو الذي تقول به بعض الأحاديث التي تفسّر الراسخين في العلم بأنّهم النبيّصلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأئمّة الهدى عليهم‌السلام ، فقد سبق أن قلنا إنّ لكلمات القرآن ومفاهيمه معاني واسعة ، ومن مصاديقها البارزة الشخصيّات النموذجية السامية التي تذكر أحيانا وحدها في تفسير تلك الكلمات والمفاهيم.

عن بريد بن معاوية قال : قلت لأبي جعفر «الباقر» عليه‌السلام : قول الله (وَما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) قال : «يعني تأويل القرآن كلّه ، إلّا الله والراسخون في العلم ، فرسول الله أفضل الراسخين ، وقد علّمه جميع ما أنزل عليه من التنزيل والتأويل ، وما كان الله منزلا عليه شيئا لم يعلّمه تأويله وأوصياؤه من بعده يعلمونه كلّه» (٢).

وهناك أحاديث كثيرة أخرى في أصول الكافي (٣) وسائر كتب الحديث بهذا الشأن،جمعها صاحبا تفسير «نور الثقلين» وتفسير «البرهان» في ذيل هذه الآية. وكما قلنا فإنّ تفسير الراسخين بالعلم بأنّهم النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأئمّة الهدى عليهم‌السلام

__________________

(١) النساء : ١٦٢.

(٢) تفسير العيّاشي : ج ١ ص ١٦٤.

(٣) اصول الكافي : ج ١ ص ٢١٣.

٤٠٢

لا يتعارض مع المفهوم الواسع الذي يشمله هذا التعبير ، فقد نقل عن ابن عبّاس أنّه قال «أنا أيضا من الراسخين في العلم» إلّا أنّ كلّ امرئ يتعرّف على أسرار تأويل آيات القرآن بقدر سعته العلمية ، فالذين يصدرون في علمهم عن علم الله اللامتناهي لا شكّ أعلم بأسرار تأويل القرآن ، والآخرون يعلمون جزءا من تلك الأسرار.

٥ ـ الراسخون في العلم يعرفون معنى المتشابهات

ثمّة نقاش هامّ يدور بين المفسّرين والعلماء حول ما إذا كانت عبارة (الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) بداية جملة مستقلّة ، أم أنّها معطوفة على (إِلَّا اللهَ). وبعبارة أخرى : هل أنّ معنى الآية وأنّه (ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ)؟ أم أنّه (ما يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا)؟ إنّ لكلّ فريق من مؤيّدي هذين الاتجاهين أدلّته وبراهينه وشواهده. أمّا القرائن الموجودة في الآية والأحاديث المشهورة المنسجمة معها فتقول إنّ (وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) معطوفة على «الله» ، وذلك :

أوّلا : يستبعد كثيرا أن تكون في القرآن آيات لا يعلم أسرارها إلّا الله وحده.

ألم تنزل هذه الآيات لهداية البشر وتربيتهم؟ فكيف يمكن أن لا يعلم بمعانيها وتأويلها حتّى النبيّ الذي نزلت عليه؟ هذا أشبه بمن يؤلّف كتابا لا يفهم معاني بعض أجزائه سواه! وثانيا : كما يقول المرحوم الطبرسي في «مجمع البيان» : لم يسبق أن رأينا بين علماء الإسلام والمفسّرين من يمتنع عن تفسير آية بحجّة أنّها من الآيات التي لا يعرف معناها سوى الله ، بل كانوا جميعا يجدّون ويجتهدون لكشف أسرار القرآن ومعانيه.

٤٠٣

وثالثا : إذا كان القصد هو أنّ الراسخين في العلم يسلّمون لما لا يعرفونه ، لكان الأولى أن يقال : والراسخون في الإيمان يقولون آمنّا به. لأنّ الرسوخ في العلم يتناسب مع العلم بتأويل القرآن ، ولا يتناسب مع عدم العلم به والتسليم له.

ورابعا : أنّ الأحاديث الكثيرة التي تفسّر هذه الآية تؤكّد كلّها أنّ الراسخين في العلم يعلمون تأويله ، وعليه فيجب أن تكون معطوفة على «الله». الشيء الوحيد الباقي هو إنّ خطبة «الأشباح» للإمام علي عليه‌السلام في نهج البلاغة يستفاد منها أنّ الراسخين في العلم لا يعلمون تأويل الآيات ويعترفون بعجزهم.

«وأعلم أنّ الراسخين في العلم هم الذين أغناهم عن اقتحام السدد المضروبة دون الغيوب ، الإقرار بجملة ما جهلوا تفسيره من الغيب الحجوب»(١).

ولكن فضلا عن كون هذه العبارة تناقض بعض الأحاديث المنقولة عنه عليه‌السلام التي قال فيها : إنّ الراسخين في العلم معطوفة على «الله» وإنّهم عالمون بتأويل القرآن ، فإنّها لا تنسجم أيضا مع الأدلّة التي سبق ذكرها (٢). وعليه فيلزم تفسير هذه الجملة من خطبه «الأشباح» بما يتّفق والأساتيد الأخرى التي بين أيدينا.

٦ ـ نتيجة الكلام في تفسير الآية

من كلّ ما مرّ قوله تفسيرا لهذه الآية نستنتج أنّ آيات القرآن قسمان : قسم معانيها واضحة جدّا بحيث لا يمكن إنكارها ولا إساءة تأويلها وتفسيرها ، وهذه هي الآيات «المحكمات». وقسم آخر مواضيعها رفيعة المستوى ، أو أنّها تدور حول عوالم بعيدة عن متناول أيدينا ، كعلم الغيب ، وعالم يوم القيامة ، وصفات الله ، بحيث إنّ معرفة معانيها النهائية وإدراك كنه أسرارها يستلزم مستوى عاليا من

__________________

(١) نهج البلاغة : الخطبة ٩١.

(٢) انظر تفسير نور الثقلين : ج ١ ص ٣١٥.

٤٠٤

العلم ، وهذه هي الآيات «المتشابهات».

المنحرفون والشواذ من الناس يسعون لاستخدام إبهام هذه الآيات لتفسيرها بحسب أهوائهم وبخلاف الحقّ ، لكي يثيروا الفتنة بين الناس ويضلّوهم عن الطريق المستقيم. بيد أنّ الله والراسخين في العلم يعرفون أسرار هذه الآيات ويشرحونها للناس ، فهم بعلمهم الواسع يفهمون المتشابهات كما يفهمون المحكمات ، ولذلك فإنّهم يسلّمون بها قائلين إنّها جميعا من عند الله : (يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنا).

وعلى هذا يكون الرسوخ في العلم سببا في أن يزداد الإنسان معرفة بأسرار القرآن. ولا شكّ أنّ الذين رسخوا في العلم أكثر من غيرهم ـ كالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأئمّة الهدى ـ يعلمون جميع أسرار القرآن ، بينما الآخرون يعلمون منها كلّ بقدر سعة علمه. وهذه الحقيقة هي التي تدفع الناس ، وحتّى العلماء منهم ، للبحث عن المعلّمين الإلهيّين ليتعلّموا منهم أسرار القرآن.

٧ ـ (وَما يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُوا الْأَلْبابِ).

تشير هذه الجملة في ختام الآية إلى أنّ هذه الحقائق يعرفها المفكّرون وحدهم ، فهم الذين يدركون لماذا ينبغي أن يكون في القرآن «محكمات» و «متشابهات» ، وهم الذين يعلمون أنّه يجب وضع المتشابهات إلى جانب المحكمات لكشفها. لذلك فقد نقل عن الإمام علي بن موسى الرضا عليه‌السلام أنه قال : «من ردّ متشابه القرآن إلى محكمه هدي إلى صراط مستقيم» (١)

__________________

(١) تفسير الصافي في تفسير الآية.

٤٠٥

الآيتان

(رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا بَعْدَ إِذْ هَدَيْتَنا وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ (٨) رَبَّنا إِنَّكَ جامِعُ النَّاسِ لِيَوْمٍ لا رَيْبَ فِيهِ إِنَّ اللهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ (٩))

التّفسير

النجاة من الزيغ :

بالنظر لاحتمال أن تكون الآيات المتشابهات وأسرارها موضع زلل الناس ، فإنّ الراسخين في العلم المؤمنين يلجأون إلى ربّهم إضافة إلى استعمال رأسمالهم العلمي في إدراك حقيقة الآيات. وهذا ما تبيّنه هاتان الآيتان على لسان الراسخين في العلم ، وتقولان إنّ الراسخين في العلم والمفكّرين من ذوي البصيرة لا يفتأون يراقبون أرواحهم وقلوبهم لئلّا ينحرفوا نحو الطرق الملتوية ، فيطلبون لذلك العون من الله. فالغرور العلمي يخرج بعض العلماء عن مسيرهم إلى متاهات الضلال ، لأنّهم يلتفتون إلى عظمة الخلق والخالق وتفاهة ما عندهم من علم ، فيحرمون من هداية الله. أمّا العلماء المؤمنون فيقولون : (رَبَّنا لا تُزِغْ قُلُوبَنا) ....

٤٠٦

وليس أشدّ تأثيرا في السيطرة على الميول والأفكار من الاعتقاد بيوم القيامة والمعاد. إنّ الراسخين في العلم يصحّحون أفكارهم عن طريق الاعتقاد بالمبدأ والمعاد ، ويحولون دون التأثّر بالميول والأحاسيس المتطرّفة التي تؤدّي إلى الزلل ، ونتيجة لذلك يستقيمون على الصراط المستقيم بأفكار سليمة ودون عائق. نعم هؤلاء هم القادرون على الاستفادة من آيات الله كلّ الاستفادة.

في الحقيقة تشير الآية الأولى إلى إيمان هؤلاء الكامل «بالمبدأ» ، وتشير الآية الثانية إلى إيمانهم الراسخ «بالمعاد».

* * *

٤٠٧

الآيتان

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَنْ تُغْنِيَ عَنْهُمْ أَمْوالُهُمْ وَلا أَوْلادُهُمْ مِنَ اللهِ شَيْئاً وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ (١٠) كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ (١١))

التّفسير

بعد بيان مواقف الكفّار والمنافقين والمؤمنين من الآيات «المحكمات» و «المتشابهات» في الآيات السابقة ، تقول هذه الآية : إذا كان الكفّار المعاندون يحسبون أنّهم بثرواتهم وأبنائهم قادرون على الدفاع عن أنفسهم في الآخرة فهم على خطأ كبير ، فهذه الوسائل قد يكون لها تأثيرها المؤقت في هذه الدنيا ، ولكنّها عند الله لن يكون لها أيّ تأثير، لا في هذه الدنيا ولا في الآخرة. لذلك ينبغي ألّا يغترّ الإنسان بهذه الأمور فتحمله على ارتكاب الإثم ، وإلّا فإنّه يصلى نارا سيكون هو حطبها.

٤٠٨

(وَأُولئِكَ هُمْ وَقُودُ النَّارِ) (١)

يفيد هذا التعبير أنّ نار الجحيم مستعرة بوجود المذنبين ، وهؤلاء المذنبون هم الذين يديمون أوارها ولهيبها. نعم ثمّة آيات تقول إنّ الحجارة أيضا تكون وقود نار جهنم بالإضافة إلى المذنبين. ولكن ـ كما قلنا في تفسير الآية ٢٤ من سورة البقرة في الجزء الأول ـ يمكن أن تكون هذه الحجارة هي الأصنام التي كانوا ينحتونها من الحجر. وعليه فإنّ نار جهنّم تستعر بأعمال المذنبين وبمعبوداتهم الباطلة.

ثمّ تشير الآية إلى نموذج من الأمم السالفة التي كانت قد أوتيت الثروة الإنسانية والمادية الكثيرة ، ولم تستطيع هذه الثروة أن تكون مانع من هلاكهم.

(كَدَأْبِ آلِ فِرْعَوْنَ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذَّبُوا بِآياتِنا فَأَخَذَهُمُ اللهُ بِذُنُوبِهِمْ وَاللهُ شَدِيدُ الْعِقابِ).

«الدأب» إدامة السير ، والعادة المستمرّة دائما على حالة واحدة. فهذه الآية تشبّه حال الكفّار المعاصرين لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بما كان آل فرعون قد اعتادوا عليه ـ وكذلك الأقوام السابقة ـ من تكذيب آيات الله ، فأخذهم الله بذنبهم وأنزل بهم عقابه الصارم في هذه الدنيا.

هذا في الواقع إنذار للكافرين المعاندين على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لكي يعتبروا بمصير الفراعنة والأقوام السالفة ، ويصحّحوا أعمالهم.

صحيح أنّ الله «أرحم الراحمين» ولكنه في المواضع ومن أجل تربية عبيده «شديد العقاب» أيضا ، ولا ينبغي أن يغترّ العبيد برحمة مولاهم الواسعة أبدا.

يستفاد أيضا من «الدأب» أنّ هذه الاتّجاه الخطأ ـ أي العناد إزاء الحقيقة

__________________

(١) سبق أن قلنا إنّ «الوقود» هو ما تشتعل به النار كالحطب ، لا ما تشتعل به النار كالكبريت.

٤٠٩

وتكذيب آيات الله ـ أصبح عادة ثابتة فيهم ، ولهذا يهدّدهم بعذاب شديد ، وذلك لأنّه ما دام الإثم لم يصبح عادة ونهجا في الحياة فإنّ الرجوع عنه ميسور وعقابه خفيف ، ولكنّه إذا نفذ إلى داخل أعماق الإنسان فالرجوع عنه متعذّر ، والعقاب عليه شديد. فخير للكافرين أن ينتهزوا الفرصة قبل فوات الأوان ويرجعوا عن طريق الضلال.

* * *

٤١٠

الآية

(قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ (١٢))

سبب النّزول

بعد حرب بدر وانتصار المسلمين قال فريق من اليهود : إنّ النبيّ الأميّ الذي بشرنا به موسى ، ونجده في كتابنا بنعته وصفته ، وأنّه لا تردّ له راية ، ثمّ قال بعضهم لبعض : لا تعجلوا حتّى تنظروا إلى واقعة اخرى.

فلمّا كان يوم احد ، ونكبّ أصحاب رسول الله ، شكّوا وقالوا : لا والله ما هو به ، فغلب عليهم الشقاء فلم يسلموا. وقد كان بينهم وبين رسول الله عهد إلى مدّة لم تنقض ، فنقضوا ذلك العهد قبل أجله ، وانطلق كعب بن الأشرف إلى مكّة في ستين راكبا ، فواقفوهم واجمعوا أمرهم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لتكونن كلمتنا واحدة ، ثمّ رجعوا إلى المدينة. عندئذ نزلت الآية المذكورة تقول لهم إنّ الحساب قريب وأنكم جميعا ستكونون عمّا قريب من المغلوبين (١).

__________________

(١) مجمع البيان : ج ١ ص ٤١٣.

٤١١

التّفسير

مع ما تقدّم في سبب النزول يتضح أن الكفّار المغرورين بأموالهم وأولادهم ، وعددهم وعدّتهم يتوقعون هزيمة الإسلام ، ولكن القرآن الكريم يصرح في هذه الآية بأنهم سيغلبون ، ويخاطب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن يخبرهم بذلك وأن عاقبتهم في الدنيا والآخرة ليست سوى الهزيمة والذلّ والعذاب الأليم : (قُلْ لِلَّذِينَ كَفَرُوا سَتُغْلَبُونَ وَتُحْشَرُونَ إِلى جَهَنَّمَ وَبِئْسَ الْمِهادُ)(١).

تنبّؤ صريح

هناك أخبار غيبية كثيرة في القرآن الكريم تعتبر من أدلة عظيمته وإعجازه. والآية أعلاه واحدة من هذه الأخبار الغيبية.

وفي هذه الآية يبشّر الله نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالانتصار على جميع الأعداء ، وينذر الكافرين بأنّهم فضلا عن اندحارهم في هذه الدنيا ، فإنّ لهم في الآخرة شرّ مصير.

إذا لا حظنا سبب نزول الآية ، وكونها نزلت بعد فشل المسلمين في أحد ، وظهور ضعفهم الظاهري ، وازدياد قوّة الأعداء باتّحادهم وتكاتفهم فإنّ هذا التنبّؤ الصريح وعلى الأخصّ عن المستقبل القريب : (سَتُغْلَبُونَ) يكون أمرا مثيرا للانتباه. ومن هنا يمكن اعتبار هذه الآية من آيات إعجاز القرآن ، لوجود هذا التنبّؤ عن المستقبل فيه ، في الوقت الذي لا تشير فيه الظواهر إلى احتمال انتصار المسلمين على الكفّار واليهود.

ولم تمض فترة طويلة حتّى تحقّقت نبوءة الآية وهزم يهود المدينة «بنو قريضة ، وبنو النضير» ، وفي خيبر ـ أهم معقل من معاقلهم ـ اندحروا وتلاشت قواهم. كما هزم المشركون في فتح مكّة هزيمة نكراء.

* * *

__________________

(١) «مهاد» بمعنى المكان المهيأ ، كما يقول الراغب ، وهي في الأصل من مادة (مهد) وهو محل استراحة الطفل.

٤١٢

الآية

(قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا فِئَةٌ تُقاتِلُ فِي سَبِيلِ اللهِ وَأُخْرى كافِرَةٌ يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ (١٣))

سبب النّزول

نزلت هذه الآية بشأن حرب «بدر». يقول المفسّرون إنّ عدد المسلمين يوم بدر كان ٣١٣ شخصا ، منهم ٧٧ من المهاجرين و ٢٣٦ من الأنصار. كان لواء المهاجرين بيد عليّ عليه‌السلام ، وكان سعد بن عبادة صاحب لواء الأنصار. وكانت عدّتهم لا تتجاوز ٧٠ بعيرا، وفرسين ، وستة دروع ، وثمانية سيوف ، خاضوا بها تلك الحرب الكبيرة ، في وجه عدوّ يزيد عدده على الألف ، مع الكثير من السلاح ومائة فرس. ومع ذلك فقد انتصر المسلمون بتقديم ٢٢ شهيدا «١٤ من المهاجرين و ٨ من الأنصار» ، في مقابل ٧٠ قتيلا و ٧٠ أسيرا من الأعداء ، وعادوا إلى المدينة تزيّنهم أكاليل النصر. وهذه الآية تحكي جانبا من معركة بدر (١).

__________________

(١) ما ذكر أعلاه ورد في مجمع البيان ولكن ورد في «الكامل» لابن الأثير : ج ٣ ص ١٣٦ أنه «وكان جميع من قتل من المسلمين ببدر أربعة عشر رجلا ستة من المهاجرين وثمانية من الأنصار».

٤١٣

التّفسير

معركة بدر والتأييد الإلهي :

تعقيبا على الآيات السابقة التي حذّر القرآن فيها الكافرين من الاغترار بالمال والأبناء والأتباع ، جاءت هذه الآية شاهدا حيّا على هذا الأمر ، فتدعوهم إلى الاعتبار بما جرى في معركة بدر التاريخية.

(قَدْ كانَ لَكُمْ آيَةٌ فِي فِئَتَيْنِ الْتَقَتا).

كيف لا تكون لهم عبرة ، وهم يرون أنّ جيشا صغيرا لا يملك شيئا من العدّة ، سوى الإيمان الراسخ ، ينتصر على جيش يفوقه أضعافا في العدد والعدّة. فلو كان المال والعدد ـ بغير إيمان ـ قادرين على شيء لظهر مفعولهما في معركة بدر ، ولكن النتيجة كانت معكوسة.

(يَرَوْنَهُمْ مِثْلَيْهِمْ رَأْيَ الْعَيْنِ).

تقول الآية : إنّ الكفّار كانوا يرون جند المسلمين ضعف عددهم. أي أنّهم إذا كانوا ٣١٣ شخصا كان الكفّار يرونهم أكثر من ٦٠٠ شخص (١). ليزيد من خوفهم ، وكان هذا أحد أسباب هزيمة الكفّار.

وهذا ـ فضلا عن كونه إمدادا غيبيا من الله انتصر به المسلمون ، لأنّ الله يمدّ عباده المجاهدين المؤمنين بمختلف السبل ـ كان أمرا طبيعيا من حيث جانبه الظاهري ، وذلك لأنّ الضربات الشديدة التي أنزلها المسلمون ـ بقوة إيمانهم وتربيتهم الإسلامية ـ على الأعداء ، أثارت فيهم الرعب والهلع فظنّوا أنّ هناك قوّة

__________________

(١) هذا التفسير يعتمد على إرجاع الضمير في «يرون» إلى الكفّار ، والضمير «هم» إلى المسلمين. وهذا أوضح التفاسير العديدة للآية.

وسنشرح معركة بدر شرحا وافيا عند تفسير الآيات ٤١ ـ ٤٥ من سورة الأنفال.

٤١٤

أخرى التحقت بالمسلمين ، ولذلك ظنّوا أنّ المسلمين يحاربون بضعف قوّتهم الأولى ويسيطرون على ميدان الحرب سيطرة تامّة ، مع أنهم قبل الدخول لم يكن يخطر لهم ذلك أبدا، بل كانوا يرون المسلمين أقلّ ممّا كانوا عليه. في الآية ٤٤ من سورة الأنفال إشارة إلى ذلك أيضا (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً).

تذكّروا يوم لقائكم بهم في ميدان الحرب ، فقد أظهرناكم في أعينهم قلّة لكي لا يتجنّبوا حربا ستؤدّي إلى هزيمتهم ـ كما أظهرناهم في أعينكم قلّة لكي لا تضعف معنوياتكم في حرب مصيرية ـ. وما أن بدأ الحرب حتّى تبدّلت المشاهد ، وظهر المسلمون في أعين الأعداء بأعداد مضاعفة ، فكان هذا واحدا من أسباب هزيمتهم.

وجاء في بعض الروايات أن أحد المسلمين قال : قبل نشوب القتال في بدر قلت لرفيق لي : ألّا تظن أن عدد الكفّار سبعون نفرا؟ فقال : إني احسبهم مائة نفر ، ولكن عند ما انتصرنا في الحرب وأسرنا منهم عددا غفيرا سمعنا أن عددهم ألف نفر (١).

(وَاللهُ يُؤَيِّدُ بِنَصْرِهِ مَنْ يَشاءُ).

تشير الآية إلى حقيقة أنّ الله ينصر من يشاء. لقد سبق أن قلنا إنّ مشيئة الله وإرادته لا تكون بغير حساب ، بل هي تكون بموجب حكمته وفي حدود لياقة الأفراد ، أي أنّ الله يؤيّد الذين يستحقّون ذلك.

جدير بالذكر أنّ النصر الإلهي للمسلمين في الحادثة التاريخية كان ذا جانبين ، فقد كان «نصرا عسكريا» و «نصرا منطقيا». فمن الناحية العسكرية :

__________________

(١) تفسير القرطبي : ج ٢ ص ١٢٦٨.

٤١٥

انتصر جيش صغير مفتقر إلى المعّدات الحربية على جيش يبلغ أضعافه عددا وإمكانات. ومن الناحية المنطقية : فإنّ الله كان قد أخبر المسلمين صراحة بهذا النصر قبل بدء الحرب.

(إِنَّ فِي ذلِكَ لَعِبْرَةً لِأُولِي الْأَبْصارِ).

في ختام الآية يؤكّد سبحانه أنّ الذين وهبوا البصيرة بحيث يرون الحقائق كما هي، يعتبرون بهذا الانتصار الذي أحرزه أناس مؤمنون ، ويدركون أنّ أساس هذا الانتصار هو الإيمان ... الإيمان وحده (١).

* * *

__________________

(١) «عبرة» في الأصل من مادة «عبور» بمعنى الانتقال من مرحلة إلى اخرى أو من مكان إلى آخر ويقال لدمع العين «عبرة» على وزن «حسرة» لأنه يعبر من العين ، ويقال للكلمات التي تمر من خلال اللسان والاذن «عبارات» أيضا وكذلك يقال للحوادث «عبرة» لأجل أن الإنسان عند ما يراها يعلم بمخلفاتها من الحقائق.

٤١٦

الآية

(زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ مِنَ النِّساءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَناطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعامِ وَالْحَرْثِ ذلِكَ مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ (١٤))

التّفسير

جاذبية المتاع الدنيوي :

تعقيبا على الآيات السابقة التي اعتبرت الإيمان رأس المال الحقيقي للإنسان ـ لا المال والبنين والأنصار ـ تشير هذه الآية إلى حقيقة أنّ الزوجة والأبناء والأموال إنّما هي ثروات تنفع في الحياة المادّية هذه ، ولكنّها لا يمكن أن تشكّل هدف الإنسان الأصيل. صحيح أنّه بغير هذه الوسائل لا يمكن السير في طريق السعادة والتكامل المعنوي ، إلّا أنّ الاستفادة منها في هذا السبيل شيء وحبّها وعبادتها ـ بغير أن تكون مجرّد وسيلة يستفاد منها ـ شيء آخر.

في هذه الآية بضع نقاط ينبغي الالتفات إليها :

٤١٧

١ ـ من الذي جعل المادّيات زينة؟

في تعبير (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَواتِ) ... (١) جاء الفعل مبنيّا للمجهول ، أي أنّ الفاعل المجهول قد زيّن للناس حبّ الزوجة والأولاد والأموال. في هذه الحالة يخطر للمرء هذا السؤال : ترى من هو الذي زيّن هذه الأمور للناس؟

بعض المفسّرين يرون أنّ هذه المشتهيات من عمل الشيطان الذي يزيّنها في أعين الناس ، ويستدلّون على ذلك بالآية ٢٤ من سورة النمل : (وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطانُ أَعْمالَهُمْ) وأمثالها. إلّا أنّ هذا الاستدلال لا يبدو صحيحا ، لأنّ الكلام في الآية التي نبحث فيها لا تتكلّم عن «الأعمال» ، بل عن الأموال والنساء والأبناء.

إنّ التفسير الذي يبدو صحيحا هو أنّ الله هو الذي زيّن للناس ذلك عن طريق الخلق والفطرة والطبيعة الإنسانية.

إنّ الله هو الذي جعل حبّ الأبناء والثروة في جبلّة الإنسان لكي يختبره ويسير به في طريق التربية والتكامل ، كما يقول القرآن (إِنَّا جَعَلْنا ما عَلَى الْأَرْضِ زِينَةً لَها لِنَبْلُوَهُمْ أَيُّهُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً) (٢).

ممّا يثير الالتفات في الآية أنّ الزوجة أو المرأة قد وردت أوّلا ، وهذا هو ما يقول به علماء النفس اليوم ، بأنّ الغريزة الجنسية من أقوى الغرائز في الإنسان ، كما أنّ التاريخ المعاصر والقديم يؤيّد أنّ كثيرا من الحوادث الاجتماعية ناشئة عن طغيان هذه الغريزة.

وينبغي القول أيضا إنّ هذه الآية والآيات المشابهة لا تذمّ العلائق المعتدلة مع المرأة والأولاد والمال ، لأنّ التقدّم نحو الأهداف المعنوية غير ممكن بدون الوسائل المادّية ، وهي لا تتعارض مع نواميس الخلق الطبيعية. إنّما المذموم هو

__________________

(١) الشهوات : جمع شهوة ، أي حبّ شيء من الأشياء حبّا شديدا ، ولكنها في هذه الآية بمعنى المشتهيات.

(٢) الكهف : ٧.

٤١٨

الإفراط في هذه العلائق ، وبعبارة أخرى : المذموم هو عبادة هذه الأمور.

٢ ـ ما هي «القناطير المقنطرة» و «الخيل المسوّمة»؟

«قناطير» جمع قنطار ، وهو الشيء المحكم ، ثمّ أطلق على المال الكثير.

وإطلاق «القنطرة» على الجسر ، و «القنطر» على الشخص الذكي إنّما هو لإحكام البناء أو الفكر. و «المقنطرة» اسم مفعول يدلّ على الكثرة والمضاعفة ، وذكرهما متتاليين يعني التوكيد ، كقولنا «آلاف مؤلّفة» ونقصد به الكثرة الكاثرة.

هناك من حدّد وزن القنطار بأنّه يساوي سبعين ألف دينار ذهبا ، وقال بعض إنّه مائة ألف دينار ، وقال آخرون إنّه يساوي اثني عشر ألف درهم ، ويقول بعض إنّ القنطار كيس مملوء ذهبا أو فضة.

وفي رواية عن الإمام الباقر والإمام الصادق عليهما‌السلام أنّ القنطار مقدار من الذهب الذي يملأ جلد بقرة. إلّا أنّ كلّ هذه تشير إلى المال الوفير.

«الخيل» اسم جمع للفرس ، وتطلق على الفرسان أيضا. والمقصود في الآية هو المعنى الأول طبعا.

و «المسوّمة» بمعنى المعلّمة أي ذات العلامة ، فقد تعلّم الخيل لإبراز جمال هيكلها ورشاقتها ، أو لمعرفة أنّها مدرّبة ومعدّة للركوب في ميادين القتال.

وعليه ، فإنّ الآية تعدّد ستة من ثروات الحياة وهي : المرأة ، والولد ، والمال ، والخيول الأصيلة ، والمواشي والإبل ، والزراعة ، وهي أركان الحياة المادّية.

٣ ـ ما هو المراد ب (مَتاعُ الْحَياةِ الدُّنْيا)؟

«المتاع» هو الانتفاع بالشيء بعض الوقت. والحياة الدنيا هي الحياة الواطئة الحقيرة. فيكون معنى الآية : إذا عشق أحد هذه الأشياء الستة وحدها باعتبارها الهدف النهائي للحياة ، ولم يستفد منها كسلّم للصعود في مسيرة حياته ، يكون قد اختار لنفسه حياة منحطّة.

٤١٩

وفي الحقيقة أنّ تعبير «الحياة الدنيا» إشارة إلى سير الحياة التكاملي ، إذ أنّ هذه الحياة الدنيا تعتبر المرحلة الأولى في ذلك السير. لذلك تشير الآية في النهاية إلى الحياة السامية التي تنتظر الإنسان فتقول : (وَاللهُ عِنْدَهُ حُسْنُ الْمَآبِ).

٤ ـ كما تقدّم في تفسير الآية ، فقد اشارت الآية إلى النساء من بين النعم المادّية وقدّمتها على الجميع ، لأنّها بالقياس الى النعم الاخرى أقوى تأثيرا واشدّ جاذبية لأهل الدنيا وقد تدعوهم إلى ارتكاب أعظم الجنايات في هذا السبيل.

* * *

٤٢٠