الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ١

آية الله ناصر مكارم الشيرازي

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ١

المؤلف:

آية الله ناصر مكارم الشيرازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
المطبعة: أمير المؤمنين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-6632-49-1
ISBN الدورة:
964-6632-53-X

الصفحات: ٥٦٠

وكل واحدة منها تمثل جانبا من صفات البشر!! (١).

والكلدانيّون اعتقدوا بإله الماء وإله القمر وإله الشمس وإله الزهرة ، وأطلقوا على كل واحد منها اسما معينا ، واتخذوا فوق ذلك «مردوخ» إلها أكبر لهم.

والروم تعددت آلهتهم أيضا ، وراج سوق الشرك عندهم أكثر من أية أمّة اخرى. فقد قسموا الآلهة إلى مجموعتين : آلهة الأسرة وآلهة الحكومة. ولم يكونوا يكنون ولاء لآلهة الحكومة، (لعدم ارتياحهم من حكومتهم!).

وقد ورد في التاريخ أن الروم اتخذوا لهم ثلاثين ألف إلها حتى قال أحد رجالهم مازحا:إن عدد الهتنا من الكثرة إلى درجة أنها اكثر من المارّة في الأزقة والطرقات ، وكلّ واحد منها مظهر من مظاهر الكون المشهودة ، إله مثل إله الزراعة ، وإله المطبخ ، وإله مستودع الطعام، وإله البيت ، وإله النار ، وإله الفاكهة ، وإله الحصاد ، وإله شجرة العنب ، وإله الغابة ، وإله الحريق ، وإله بوابة روما ، وإله بيت النار (٢).

وللخلاصة ، أن البشرية كانت غارقة في وحل الخرافات كما أنها تعاني الآن أيضا من ذلك الموروث السقيم.

وفي عصر نزول القرآن كان في الجزيرة العربية وفي كثير من مناطق العالم ، آلهة تعبد من دون الله ، كما كانت عبادة الأفراد رائجة ، وإلى ذلك يشير القرآن في خطابه لليهود والنصارى إذ يقول : (اتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ) (٣).

بعبارة موجزة : حين تنحرف البشرية عن خط التوحيد ، وتتورط في شراك الخرافات وفخاخ الأوهام. فمضافا الى أنها تساهم في تغريب العقل وانحطاط الفكر ، تؤدي الى تشتت المجتمع وتعمل على تمزيقه.

خط التوحيد الذي دعا إليه الأنبياء يتميز بنبذ الآلهة المتعددة ، وهداية

__________________

(١) أعلام قرآن ، ص ٢٠٢.

(٢) تاريخ «آلبرماله» ، ج ١ ، الفصل الرابع.

(٣) التوبة ، ٣١.

٤١

البشرية نحو الإله الواحد الأحد ، وانطلاقا من هذه الأهمية القصوى للقضاء على الآلهة المتعددة جاء التأكيد القرآني بعد آية البسملة بقوله : (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ).

وبهذا يرسم القرآن الكريم خط البطلان على جميع الآلهة المزيفة وارباب النوع ويلقي بها في وادي العدم مكانها الاوّلي ، ويغرس محلّها أزهار التوحيد والاتحاد.

هذا التأكيد يتلوه الإنسان المسلم عشر مرات في صلواته اليومية ـ على الأقل ـ لتترسخ فكرة التوحيد ، وفكرة رفض ربوبية كل الأرباب والآلهة ، غير ربوبيّة الله ربّ العالمين.

٢ ـ ربوبية الله طريق لمعرفة الله

كلمة (الربّ) ، وإن كانت تعني في الأصل المالك والصاحب ، تتضمّن معنى الصاحب المتعهّد بالتربية.

إمعان النظر في المسيرة التكاملية للموجودات الحيّة ، وفي التغييرات والتحولات التي تجري في عالم الجماد ، وفي الظروف التي تتوفّر لتربية الموجودات ، وفي تفاصيل هذه الحركات والعمليات ، هو أفضل طريق لمعرفة الله.والتنسيق اللاإرادي بين أعضاء جسدنا هو نموذج حيّ لذلك.

لو واجهنا في حياتنا ـ مثلا ـ حادثة هامّة تتطلب منّا أن ننهض أمامها بقوة وحزم ، فإنّ أوامر منسّقة تصدر خلال لحظة قصيرة إلى جميع أجزاء جسدنا بشكل لا إرادي. وبسرعة خاطفة يشتد ضربان قلبنا وتنفسنا ، وتتجهز كل قوانا ، وتتدفق المواد الغذائية والأوكسجين ـ المحمولة عن طريق الدم ـ إلى جميع الخلايا ، وتتأهب الأعصاب والعضلات للعمل والحركة السريعة ، وترتفع قدرة تحمّل الإنسان للمتاعب والآلام ، ويغادر النوم العيون ، ويزول التعب من الأعضاء ،

٤٢

ويزول الإحساس بالجوع.

من الذي أوجد هذا التنسيق العجيب في هذه اللحظة الحساسة ، وبهذه السرعة ، بين جميع أجزاء وجود الإنسان؟ هل هذه العناية والتربية ممكنة من غير الله العالم القادر؟!

 آيات القرآن الكريم تكثر من عرض نماذج لهذه التربية الإلهية ، سنتعرض لها في مكانها إن شاء الله تعالى ، وكل واحدة منها دليل واضح على معرفة الله.

* * *

٤٣

الآية

(الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (٣))

التّفسير

معنى (الرّحمن) و (الرّحيم) واتساع مفهومهما والفرق بينهما ، شرحناه في تفسير البسملة ، ولا حاجة إلى التكرار. وما نضيفه هنا هو أن هاتين الصفتين تتكرران في البسملة والحمد ، «والملتزمون» بذكر البسملة في السّورة بعد الحمد يكررون هاتين الصفتين فى صلواتهم اليومية الواجبة ثلاثين مرّة. وبذلك يصفون الله برحمته ستين مرّة يوميا.

وهذا في الواقع درس لكل جماعة بشرية سائرة على طريق الله ، وتواقة للتخلق بأخلاق الله. إنه درس يبعد البشرية عن تلك الحالات التي شهدها تاريخ الرق في ظل القياصرة والأكاسرة والفراعنة.

القرآن يركز على علاقة الرحمة والرأفة بين ربّ العباد والعباد ، حيث يقول : (قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ إِنَّ اللهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً) (١).

هذه العلاقة نستحضرها مرات يوميا إذ نقول : (الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) ، لنربّي أنفسنا تربية صحيحة في علاقتنا بالله ، وفي علاقتنا بأبناء جنسنا.

* * *

__________________

(١) الزمر ، ٥٣.

٤٤

الآية

(مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (٤))

التّفسير

الرّكيزة الثّانية : الإيمان بيوم القيامة

هذه الآية تلفت الأنظار إلى أصل هامّ آخر من أصول الإسلام ، هو يوم القيامة : (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) ، وبذلك يكتمل محور المبدأ والمعاد ، الذي يعتبر أساس كل إصلاح أخلاقي واجتماعي في وجود الإنسان.

تعبير (مالك) يوحي بسيطرة الله التامة وهيمنته المستحكمة على كل شيء وعلى كل فرد في ذلك اليوم ، حيث تحضر البشرية في تلك المحكمة الكبرى للحساب ، وتقف أمام مالكها الحقيقي للحساب ، وترى كل ما فعلته وقالته ، بل وحتى ما فكرت به ، حاضرا ، فلا يضيع أي شيء ـ مهما صغر ـ ولا ينسى ، والإنسان ـ وحده ـ يحمل أعباء نتائج أعماله ، بل نتائج كل سنّة استنّها في الأرض أو مشروع أقامه.

مالكية الله في ذلك اليوم دون شك ليست ملكية اعتبارية ، نظير ملكيتنا للأشياء في هذا العالم ، ملكيتنا هذه عقد يبرم بموجب تعامل ووثائق ، وينفسخ بموجب تعامل آخر ووثائق اخرى ، لكن ملكية الله لعالم الكون ملكية حقيقية ،

٤٥

تتمثل في ارتباط الموجودات ارتباطا خاصا بالله. ولو انقطع هذا الارتباط لحظة لزالت الموجودات تماما مثل زوال النور من المصابيح الكهربائية ، حين ينقطع اتصالها بالمولّد الكهربائي.

بعبارة اخرى : مالكية الله نتيجة خالقيته وربوبيته. فالذي خلق الموجودات ورعاها وربّاها ، وأفاض عليها الوجود لحظة بلحظة ، هو المالك الحقيقي للموجودات.

نستطيع أن نرى نموذجا مصغرا للمالكية الحقيقية ، في مالكيتنا لأعضاء بدننا ، نحن نملك ما في جسدنا من عين وأذن وقلب وأعصاب ، لا بالمعنى الاعتباري للملكية ، بل بنوع من المعنى الحقيقي القائم على أساس الارتباط والإحاطة.

وقد يسأل سائل فيقول : لماذا وصفنا الله بأنه (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) بينما هو مالك الكون كله؟

والجواب هو أنّ الله مالك لعالم الدنيا والآخرة ، لكن مالكيته ليوم القيامة أبرز وأظهر، لأن الارتباطات المادية والملكيات الاعتبارية تتلاشى كلها في ذلك اليوم ، وحتى الشفاعة لا تتم يومئذ إلا بأمر الله : (يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) (١).

بتعبير آخر : قد يسارع الإنسان في هذه الدنيا لمساعدة إنسان آخر ، ويدافع عنه بلسانه ، ويحميه بأمواله ، وينصره بقدرته وأفراده ، وقد يشمله بحمايته من خلال مشاريع ومخططات مختلفة ، لكن هذه الألوان من المساعدات غير موجودة في ذلك اليوم. من هنا حين يوجه هذا السؤال إلى البشر : (لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ) يجيبون : (لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ)(٢).

الإيمان بيوم القيامة ، وبتلك المحكمة الإلهية الكبرى التي يخضع فيها كل

__________________

(١) الانفطار ، ١٩.

(٢) المؤمن ، ١٦.

٤٦

شيء للاحصاء الدقيق ، له الأثر الكبير في ضبط الإنسان أمام الزلات ، ووقايته من السقوط في المنحدرات ، وأحد أسباب قدرة الصلاة على النهي عن الفحشاء والمنكر هو أنها تذكر الإنسان بالمبدأ المطلّع على حركاته وسكناته وتذكّره أيضا بمحكمة العدل الإلهي الكبرى.

التركيز على مالكية الله ليوم القيامة يقارع من جهة اخرى معتقدات المشركين ومنكري المعاد ، لأن الإيمان بالله عقيدة فطرية عامة ، حتى لدى مشركي العصر الجاهلي ، وهذا ما يوضحه القرآن إذ يقول : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللهُ) (١) بينما الإيمان بالمعاد ليس كذلك ، فهؤلاء المشركون كانوا يواجهون مسألة المعاد بعناد واستهزاء ولجاج : (وَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا هَلْ نَدُلُّكُمْ عَلى رَجُلٍ يُنَبِّئُكُمْ إِذا مُزِّقْتُمْ كُلَّ مُمَزَّقٍ إِنَّكُمْ لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ ، أَفْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَمْ بِهِ جِنَّةٌ) (٢).

وروي عن علي بن الحسين السجاد عليه‌السلام : «أنّه كان إذا قرأ (مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ) يكرّرها حتّى يكاد أن يموت» (٣).

أما تعبير (يَوْمِ الدِّينِ) ، فحيثما ورد في القرآن يعني يوم القيامة ، وتكرر ذلك في أكثر من عشرة مواضع من كتاب الله العزيز ، وفي الآيات ١٧ و ١٨ و ١٩ من سورة الإنفطار ورد هذا المعنى بصراحة.

وأما سبب تسمية هذا اليوم بيوم الدين ، فلأن يوم القيامة يوم الجزاء ، و (الدين) في اللغة (الجزاء) ، والجزاء أبرز مظاهر القيامة ، ففي ذلك اليوم تكشف السرائر ويحاسب النّاس عما فعلوه بدقة ، ويرى كل فرد جزاء ما عمله صالحا أم طالحا.

وفي حديث عن الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام يقول : «يوم الدّين هو يوم

__________________

(١) لقمان ، ٢٥.

(٢) سبأ ، ٧ و ٨.

(٣) تفسير نور الثقلين ، ج ١ ، ص ١٩.

٤٧

الحساب» (١) (والدين) استنادا إلى هذه الرواية يعني (الحساب) ، وقد يكون هذا التعبير من قبيل ذكر العلّة وإرادة المعلول. لأن الحساب دوما مقدمة للجزاء.

من المفسّرين من يعتقد أن سبب تسمية (يَوْمِ الدِّينِ) يعود إلى أن كل إنسان يوم القيامة يجازى إزاء دينه ومعتقده. لكن المعنى الأول (الحساب والجزاء) يبدو أقرب إلى الصحة.

* * *

__________________

(١) مجمع البيان ، ذيل الآية : مالك يوم الدين.

٤٨

الآية

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (٥))

التّفسير

الإنسان بين يدي الله

في هذه الآية يتغيّر لحن السّورة ، إذ يبدأ فيها دعاء العبد لربّه والتضرّع إليه. الآيات السابقة دارت حول حمد الله والثناء عليه ، والإقرار بالإيمان والاعتراف بيوم القيامة ، وفي هذه الآية يستشعر الإنسان ـ بعد رسوخ أساس العقيدة ومعرفة الله في نفسه حضوره بين يدي الله ... يخاطبه ويناجيه ، يتحدث إليه أولا عن تعبّده ، ثم يستمد العون منه وحده دون سواه : (إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ).

بعبارة اخرى : عند ما تتعمق مفاهيم الآيات السابقة في وجود الإنسان ، وتتنّور روحه بنور ربّ العالمين ، ويدرك رحمة الله العامة والخاصة ، ومالكيته ليوم الجزاء ، يكتمل الإنسان في جانبه العقائدي. وهذه العقيدة التوحيدية العميقة ، ذات عطاء يتمثّل أوّلا : في تربية الإنسان العبد الخالص لله ، المتحرر من العبودية للآلهة الخشبية والبشرية والشهوية ، ويتجلّى ثانيا : في الاستمداد من ذات الله تبارك وتعالى.

الآيات السابقة تحدثت في الحقيقة عن توحيد الذات والصفات ، وهذه الآية

٤٩

تتحدّث عن توحيد العبادة وتوحيد الأفعال.

توحيد العبادة : يعني الاعتراف بأن الله سبحانه هو وحده اللائق بالعبادة والطاعة والخضوع ، وبالتشريع دون سواه ، كما يعني تجنب أيّ نوع من العبودية والتسليم ، لغير ذاته المقدسة.

وتوحيد الأفعال : هو الإيمان بأن الله هو المؤثّر الحقيقي في العالم (لا مؤثّر في الوجود إلّا الله). وهذا لا يعني إنكار عالم الأسباب ، وتجاهل المسببات ، بل يعني الإيمان بأن تأثير الأسباب ، إنّما كان بأمر الله ، فالله سبحانه هو الذي يمنح النار خاصية الإحراق ، والشمس خاصية الإنارة ، والماء خاصية الإحياء.

ثمرة هذا الاعتقاد أن الإنسان يصبح معتمدا على (الله) دون سواه ، ويرى أن الله هو القادر العظيم فقط ، ويرى ما سواه شبحا لا حول له ولا قوّة ، وهو وحده سبحانه اللائق بالاتكال والاعتماد عليه في كل الأمور.

هذا التفكير يحرر الإنسان من الانشداد بأي موجود من الموجودات ، ويربطه بالله وحده. وحتى لو تحرك هذا الإنسان في دائرة استنطاق عالم الأسباب ، فإنما يتحرّك بأمر الله تعالى ، ليرى فيها تجلّي قدرة الله ، وهو «مسبّب الأسباب».

هذا المعتقد يسمو بروح الإنسان ويوسّع آفاق فكره ، ليرتبط بالأبدية واللانهاية ، ويحرر الكائن البشري من الأطر الضيقة الهابطة.

* * *

بحوث

١ ـ هو المستعان وحده

تقدم المفعول على الفاعل يفيد الحصر ـ كما يذكر أصحاب اللغة ـ وتقدم «إيّاك» على «نعبد» يدلّ على الحصر ، أي أننا نعبدك دون سواك ، ونتيجة هذا

٥٠

الحصر ، هو توحيد العبادة وتوحيد الأفعال.

نعم ، نحن محتاجون إلى عونه حتى في العبودية والطاعة ، ولذلك ينبغي أن نستعين به في ذلك أيضا ، كي لا تتسرب إلى أنفسنا أوهام العجب والرياء وأمثالها من الانحرافات التي تجهض عبوديتنا.

بعبارة اخرى : حين نقول (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) فان هذه الجملة يشم منها رائحة الاستقلالية، لذلك نتبعها مباشرة بعبارة (إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ، كي نجسّم حالة الأمر بين الأمرين (لا جبر ولا تفويض) ، في عباداتنا ، ومن ثمّ في كل أعمالنا.

٢ ـ استعمال صيغ الجمع في تعبير الآيات

كلمة «نعبد» و «نستعين» بصيغة الجمع تشير إلى أن العبادة ـ خاصة الصلاة ـ تقوم على أساس الجمع والجماعة. وعلى العبد أن يستشعر وجوده ضمن الجمع والجماعة ، حتى حين يقف متضرّعا بين يدي الله ، فما بالك في المجالات الاخرى!

وهذا الاتجاه في العبادة يعني رفض الإسلام لكل ألوان الفردية والانعزال.

الصلاة خاصة ـ ابتداء من اذانها وإقامتها حتى تسليمها ـ تدل على أن هذه العبادة هي في الأصل ذات جانب اجتماعي ، أي أنها ينبغي أن تؤدّى بشكل جماعة ، صحيح أن الصلاة فرادى صحيحة في الإسلام ، لكن العبادة الفردية ذات طابع فرعي ثانوي.

٣ ـ الاستعانة به في كل الأمور

يواجه الإنسان في مسيرته التكاملية قوى مضادة داخلية (في نفسه) ، وخارجية (في مجتمعه) ، ويحتاج في مقاومة هذه القوى المضادة إلى العون والمساعدة ، ومن هنا يلزم على الإنسان عند ما ينهض صباحا أن يكرر عبارة

٥١

(إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) ليعترف بعبوديته لله سبحانه ، وليستمد العون منه في مسيرته الطويلة الشاقة. وعند ما يجنّ عليه الليل لا يستسلم للرقاد إلّا بعد تكرار هذه العبارة أيضا. والإنسان المستعين حقّا ، هو الذي تتضاءل أمام عينيه كلّ القوى المتجبّرة المتغطرسة. وكل الجواذب المادية الخادعة ، وذلك ما لا يكون إلّا حينما يرتفع الإنسان إلى مستوى القول:(إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيايَ وَمَماتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) (١).

* * *

__________________

(١) الأنعام ، ١٦٢.

٥٢

الآية

(اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (٦))

التّفسير

السير على الصراط المستقيم

بعد أن يقرّ الإنسان بالتسليم لربّ العالمين ، ويرتفع إلى مستوى العبودية لله والاستعانة به تعالى ، يتقدّم هذا العبد بأول طلب من بارئه ، وهو الهداية إلى الطريق المستقيم ، طريق الطّهر والخير ، طريق العدل والإحسان ، طريق الإيمان والعمل الصالح ، ليهبه الله نعمة الهداية كما وهبه جميع النعم الاخرى.

الإنسان في هذه المرحلة مؤمن طبعا وعارف بربّه ، لكنه معرّض دوما بسبب العوامل المضادة إلى سلب هذه النعمة والانحراف عن الصراط المستقيم. من هنا كان عليه لزاما أن يكرر عشر مرات في اليوم على الأقل طلبه من الله أن يقيه العثرات والانحرافات.

أضف إلى ما تقدم أن الصراط المستقيم هو دين الله ، وله مراتب ودرجات لا يستوي في طيّها جميع النّاس ، ومهما سما الإنسان في مراتبه ، فثمّة مراتب اخرى أبعد وأرقى،والإنسان المؤمن توّاق دوما إلى السير الحثيث على هذا السلّم الارتقائي ، وعليه أن يستمد العون من الله في ذلك.

٥٣

ثمة سؤال يتبادر إلى الأذهان عن سبب طلبنا من الله الهداية إلى الصراط المستقيم ، ترى هل نحن ضالون كي نحتاج إلى هذه الهداية؟ وكيف يصدر مثل هذا الأمر عن المعصومين وهم نموذج الإنسان الكامل؟!

وفي الجواب نقول :

أوّلا : الإنسان معرض في كل لحظة إلى خطر التعثر والانحراف عن مسير الهداية ـ كما أشرنا إلى ذلك ـ ولهذا كان على الإنسان تفويض أمره إلى الله ، والاستمداد منه في تثبيت قدمه على الصراط المستقيم.

ينبغي أن نتذكر دائما أن نعمة الوجود وجميع المواهب الإلهية ، تصلنا من المبدأ العظيم تعالى لحظة بلحظة. وذكرنا من قبل أننا وجميع الموجودات (بلحاظ معين) مثل مصابيح كهربائية ، النور المستمر في هذه المصابيح يعود إلى وصول الطاقة إليها من المولد الكهربائي باستمرار. فهذا المولّد ينتج كل لحظة طاقة جديدة ويرسلها عن طريق الأسلاك إلى المصابيح لتتحول إلى نور.

وجودنا يشبه نور هذه المصابيح. هذا الوجود ، وإن بدا ممتدا مستمرا ، هو في الحقيقة وجود متجدّد يصلنا باستمرار من مصدر الوجود الخالق الفيّاض.

هذا التجدّد المستمر في الوجود ، يتطلب باستمرار هداية جديدة ، فلو حدث خلل في الأسلاك المعنوية التي تربطنا بالله ، كالظلم والإثم و... فإن ارتباطنا بمنبع الهداية سوف ينقطع ، وتزيغ أقدامنا فورا عن الصراط المستقيم.

نحن نتضرّع إلى الله في صلواتنا أن لا يعتري ارتباطنا به مثل هذا الخلل ، وأن نبقى ثابتين على الصراط المستقيم.

ثانيا : الهداية هي السير على طريق التكامل ، حيث يقطع فيه الإنسان تدريجيا مراحل النقصان ليصل إلى المراحل العليا. وطريق التكامل ـ كما هو معلوم ـ غير محدود،وهو مستمر الى اللانهاية.

ممّا تقدّم نفهم سبب تضرّع حتى الأنبياء والأئمة عليهم‌السلام لله تعالى أن يهديهم

٥٤

(الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) ، فالكمال المطلق لله تعالى ، وجميع ما سواه يسيرون على طريق التكامل ، فما الغرابة في أن يطلب المعصومون من ربّهم درجات أعلى؟!

 نحن نصلّي على محمّد وآل محمّد ، والصلاة تعني طلب رحمة إلهية جديدة لمحمّد وآل محمّد ، ومقام أعلى لهم.

والرّسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : (رَبِّ زِدْنِي عِلْماً) (١).

والقرآن الكريم يقول : (وَيَزِيدُ اللهُ الَّذِينَ اهْتَدَوْا هُدىً) (٢).

ويقول : (وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَآتاهُمْ تَقْواهُمْ) (٣).

ولمزيد من التوضيح نذكر الحديثين التاليين :

١ ـ عن أمير المؤمنين علي عليه‌السلام ، قال في تفسير (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ):أي: «أدم لنا توفيقك الّذي أطعناك به في ما مضى من أيّامنا ، حتّى نطيعك في مستقبل أعمارنا» (٤).

٢ ـ وقال الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام : «يعني أرشدنا للزوم الطّريق المؤدّي إلى محبّتك ، والمبلّغ إلى جنتّك ، والمانع من أن نتّبع أهواءنا فنعطب ، أو أن نأخذ بآرائنا فنهلك» (٥).

* * *

ما هو الصّراط المستقيم؟

هذا الصّراط كما يبدو من تفحص آيات الذكر الحكيم هو دين التوحيد

__________________

(١) طه ، ١١٤.

(٢) مريم ، ٧٦.

(٣) محمّد ، ١٧.

(٤) معاني الاخبار ، وتفسير الإمام الحسن العسكري ، نقلا عن تفسير الصافي ذيل الآية المذكورة.

(٥) معاني الاخبار ، وتفسير الإمام الحسن العسكري ، نقلا عن تفسير الصافي.

٥٥

والالتزام بأوامر الله. ولكنه ورد في القرآن بتعابير مختلفة.

فهو الدين القيم ونهج إبراهيم عليه‌السلام ونفي كل أشكال الشّرك كما جاء في قوله تعالى:(قُلْ إِنَّنِي هَدانِي رَبِّي إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ دِيناً قِيَماً مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ) (١) ، فهذه الآية الشريفة عرّفت الصراط المستقيم من جنبة ايديولوجية.

وهو أيضا رفض عبادة الشيطان والاتجاه إلى عبادة الله وحده ، كما في قوله :(أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يا بَنِي آدَمَ أَنْ لا تَعْبُدُوا الشَّيْطانَ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ وَأَنِ اعْبُدُونِي هذا صِراطٌ مُسْتَقِيمٌ) (٢) ، وفيها إشارة إلى الجنبة العملية للدين.

أمّا الطريق إلى الصراط المستقيم فتمّ من خلال الاعتصام بالله : (وَمَنْ يَعْتَصِمْ بِاللهِ فَقَدْ هُدِيَ إِلى صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ) (٣).

يلزمنا أن نذكر أنّ الطريق المستقيم هو طريق واحد لا أكثر ، لأنه لا يوجد بين نقطتين أكثر من خطّ مستقيم واحد ، يشكل أقصر طريق بينهما. من هنا كان الصراط المستقيم في المفهوم القراني ، هو الدين الإلهي في الجوانب العقائدية والعملية ، ذلك لأن هذا الدين أقرب طريق للارتباط بالله تعالى. ومن هنا أيضا فإن الدين الحقيقي واحد لا أكثر (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (٤).

وسنرى فيما بعد ـ إن شاء الله ـ أن للإسلام معنى واسعا يشمل كل دين توحيدي في عصره ، أي قبل أن ينسخ بدين جديد.

من هذا يتضح أن التفاسير المختلفة للصراط المستقيم ، تعود كلها إلى معنى واحد.

فقد قالوا : إنه الإسلام.

وقالوا : إنه القرآن.

__________________

(١) الأنعام ، ١٦١.

(٢) يس ، ٦١ و ٦٢.

(٣) آل عمران ، ١٠١.

(٤) آل عمران ، ١٩.

٥٦

وقالوا : إنه الأنبياء والأئمة.

وقالوا : إنه دين الله ، الذي لا يقبل سواه.

وكل هذا المعاني تعود إلى نفس الدين الإلهي في جوانبه الاعتقادية والعملية.

والروايات الموجودة في المصادر الإسلامية في هذا الحقل ، تشير إلى جوانب متعددة من هذه الحقيقة الواحدة ، وتعود جميعا إلى أصل واحد منها :

عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «اهدنا الصّراط المستقيم صراط الأنبياء ، وهم الّذين أنعم الله عليهم (١).

وعن جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام في تفسير الاية : (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ)، قال : «الطّريق هو معرفة الإمام» (٢).

وعنه أيضا : «والله نحن الصّراط المستقيم» (٣).

وعنه أيضا : «الصّراط المستقيم أمير المؤمنين عليه‌السلام» (٤).

ومن الواضح أن النّبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأئمّة أهل البيت عليهم‌السلام ، دعوا جميعا إلى دين التوحيد الإلهي ، والالتزام به عقائديا وعمليا.

واللافت للنظر ، أنّ «الراغب» يقول في مفرداته في معنى الصراط : إنّه الطريق المستقيم ، فكلمة الصراط تتضمّن معنى الاستقامة. ووصفه بالمستقيم كذلك تأكيد على هذه الصفة.

* * *

__________________

(١ ، ٢ ، ٣ ، ٤) ـ تفسير نور الثقلين ، ج ١ ، ص ٢٠ و ٢١.

٥٧

الآية

(صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلا الضَّالِّينَ (٧))

التّفسير

خطّان منحرفان!

هذه الآية تفسير واضح للصراط المستقيم المذكور في الآية السابقة ، إنّه صراط المشمولين بأنواع النعم (مثل نعمة الهداية ، ونعمة التوفيق ، ونعمة القيادة الصالحة ، ونعمة العلم والعمل والجهاد والشهادة) لا المشمولين بالغضب الإلهي بسبب سوء فعالهم وزيغ قلوبهم، ولا الضائعين التائهين عن جادة الحق والهدى : (صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَلَا الضَّالِّينَ).

ولأننا لسنا على معرفة تامّة بمعالم طريق الهداية ، فإن الله تعالى يأمرنا في هذه الكريمة أن نطلب منه هدايتنا إلى طريق الأنبياء والصالحين من عباده : (الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ)، ويحذّرنا كذلك بأن أمامنا طريقين منحرفين ، وهما طريق (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) ، وطريق (الضَّالِّينَ) ، وبذلك يتبين للإنسان طريق الهداية بوضوح.

* * *

٥٨

بحثان

١ ـ من هم (الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ)؟

الذين أنعم الله عليهم ، تبيّنهم الآية الكريمة من سورة النساء إذ يقول : (وَمَنْ يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَداءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولئِكَ رَفِيقاً) (١).

والآية ـ كما هو واضح ـ تقسم الذين أنعم الله عليهم على أربع مجاميع : الأنبياء، والصديقين ، والشهداء ، والصالحين.

لعل ذكر هذه المجاميع الأربع ، إشارة إلى المراحل الأربع لبناء المجتمع الإنساني السالم المتطوّر المؤمن.

المرحلة الاولى : مرحلة نهوض الأنبياء بدعوتهم الإلهية.

المرحلة الثانية : مرحلة نشاط الصديقين ، الذين تنسجم أقوالهم مع أفعالهم ، لنشر الدعوة.

المرحلة الثالثة : مرحلة الكفاح بوجه العناصر المضادة الخبيثة في المجتمع.وفي هذه المرحلة يقدم الشهداء دمهم لإرواء شجرة التوحيد.

المرحلة الرابعة : هي مرحلة ظهور «الصالحين» في مجتمع طاهر ينعم بالقيم والمثل الانسانية باعتباره نتيجة للمساعي والجهود المبذولة.

نحن ـ إذن ـ في سورة الحمد نطلب من الله ـ صباحا ومساء ـ أن يجعلنا في خط هذه المجاميع الأربع : خط الأنبياء ، وخط الصديقين ، وخط الشهداء ، وخط الصالحين. ومن الواضح أنّ علينا أن ننهض في كل مرحلة زمنيّة بمسؤوليتنا ونؤدّي رسالتنا.

* * *

__________________

(١) النساء ، ٦٩.

٥٩

٢ ـ من هم (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) ، ومن هم (الضَّالِّينَ)؟

يتضح من الآية الكريمة أن (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) و (الضَّالِّينَ) مجموعتان لا مجموعة واحدة ، وأما الفرق بينهما ففيه ثلاثة أقوال :

١ ـ يستفاد من استعمال التعبيرين في القرآن أنّ «المغضوب عليهم» أسوأ وأحطّ من «الضّالّين» ، أي إنّ الضّالين هم التائهون العاديّون ، والمغضوب عليهم هم المنحرفون المعاندون ، أو المنافقون ، ولذلك استحقوا لعن الله وغضبه.

قال تعالى : (وَلكِنْ مَنْ شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْراً فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللهِ) (١).

وقال سبحانه : (وَيُعَذِّبَ الْمُنافِقِينَ وَالْمُنافِقاتِ وَالْمُشْرِكِينَ وَالْمُشْرِكاتِ الظَّانِّينَ بِاللهِ ظَنَّ السَّوْءِ ، عَلَيْهِمْ دائِرَةُ السَّوْءِ وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَلَعَنَهُمْ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ) (٢).

(الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) إذن يسلكون ـ إضافة إلى كفرهم ـ طريق اللجاج والعناد ومعاداة الحق ، ولا يألون جهدا في توجيه ألوان التنكيل والتعذيب لقادة الدعوة الإلهية.

يقول سبحانه : (وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللهِ) (... ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ) (٣).

٢ ـ ذهب جمع من المفسرين إلى أن المقصود من (الضَّالِّينَ) المنحرفون من النصارى،و (الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) المنحرفون من اليهود.

هذا الفهم ينطلق من مواقف هذين الفريقين تجاه الدعوة الإسلامية. فالقرآن يصرّح مرارا أنّ المنحرفين من اليهود كانوا يكنون عداءا شديدا وحقدا دفينا للإسلام.

مع أن علماء اليهود كانوا من مبشّري ظهور الإسلام ، لكنهم تحوّلوا إلى أعداء ألدّاء للإسلام لدى انتشار الدعوة لأسباب عديدة لا مجال لذكرها ، منها تعرّض

__________________

(١) النحل ، ١٠٦.

(٢) الفتح ، ٦.

(٣) آل عمران ، ١١٢.

٦٠