الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ١

آية الله ناصر مكارم الشيرازي

الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - ج ١

المؤلف:

آية الله ناصر مكارم الشيرازي


الموضوع : القرآن وعلومه
الناشر: مدرسة الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام
المطبعة: أمير المؤمنين عليه السلام
الطبعة: ١
ISBN: 964-6632-49-1
ISBN الدورة:
964-6632-53-X

الصفحات: ٥٦٠

٢ ـ كتمان الحق في الأحاديث

حملت الأحاديث بشدّة أيضا على كاتمي الحق ، فروي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال:«من سئل عن علم يعلمه فكتم ألجم يوم القيامة بلجام من نار»(١).

ونعيد هنا القول أن ابتلاء الناس بمسألة والحاجة الى بيانها يحل محل السّؤال. وبيان الحقائق في هذه الحالة واجب.

وسئل الامام أمير المؤمنين عليه‌السلام : «من شرّ خلق الله بعد إبليس وفرعون؟ قال:العلماء إذا فسدوا ، هم المظهرون للأباطيل ، الكاتمون للحقائق ، وفيهم قال الله عزوجل:(أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ) (٢)

٣ ـ معنى اللعن

اللعن في الأصل : الطرد والإبعاد الممزوج بالغضب والاستياء. فاللعن الإلهي إذن إبعاد الإنسان عن رحمة الله ، وعن جميع المواهب المغدقة على عباده.

وما قيل بشأن تقسيم اللعن إلى : لعن في الآخرة ، وهو العذاب والعقوبة ، ولعن في الدنيا وهو سلب التوفيق ، إنما هو من قبيل بيان المصداق ، لا حصر اللعن بهذين القسمين.

وكلمة (اللاعنون) لها معنى واسع لا يقتصر على الملائكة والمؤمنين ، بل يشمل كل الموجودات التي تتحدث بلسان القال أو الحال. وفي بعض الروايات نرى أن كل الموجودات تدعو لطلب العلم كقول المعصوم : «وإنّه يستغفر لطالب العلم من في السّماء ومن في الأرض حتّى الحوت في البحر»(٣)

__________________

(١) مجمع البيان ، في تفسير الآية.

(٢) الاحتجاج للطبرسي ، نقلا عن نور الثقلين ، ج ٢ ، ص ١٣٩.

(٣) أصول الكافي ، ج ١ ، باب ثواب العالم والمتعلم.

٤٦١

وإن استغفرت هذه الموجودات لطالب العالم ، فمن الطبيعي أن تلعن كاتمه.

٤ ـ كلمة (توّاب) صيغة مبالغة من تاب : عاد ، وتبين حقيقة انفتاح باب التوبة أمام الإنسان ، حتى ولو انخدع الإنسان بوساوس الشيطان بعد توبته ، فيستطيع أن يتوب ثانية ويعود إلى الله ويكشف ما عنده من الحق ، فالله توّاب ، ولا يجوز اليأس من رحمته وعفوه.

* * *

٤٦٢

الآيات

(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١) خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢) وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ لا إِلهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ (١٦٣))

التّفسير

الّذين ماتوا وهم كفّار

تحدثت الآيات السابقة عن نتيجة كتمان الحقائق ، وهذه الآيات تكمل الموضوع السابق ، وتتناول جزاء الذين يواصلون طريق الكفر والكتمان والعناد إلى آخر عمرهم.

تقول الآية : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَماتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).

هؤلاء أيضا مثل كاتمي الحق ، مستحقون للعنة الله والملائكة وجميع النّاس ، مع اختلاف هو أن هؤلاء المصرّين على الكفر حتى نهاية حياتهم لا رجعة لهم طبعا ولا توبة.

ثم تقول الآية التالية إن هؤلاء الكفار المصرّين على كفرهم حتى اللحظات

٤٦٣

الأخيرة من حياتهم : (خالِدِينَ فِيها لا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْظَرُونَ).

ولما كان التوحيد ينهي كل هذه المصائب ، فالآية الثالثة تطرح هذا الأصل وتقول:(وَإِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ).

ثم تؤكد هذا الأصل وتقول : (لا إِلهَ إِلَّا هُوَ).

بعد ذلك تصف الآية الله بأنه (الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) لتقول إن الله الذي تشمل رحمته العامة كل الموجودات ، ورحمته الخاصة المؤمنين ، هو اللائق بالعبودية لا الموجودات المحتاجة.

* * *

بحوث

١ ـ يوضح القرآن في مواضع متعدّدة

، أن الذين ماتوا على كفرهم لا نجاة لهم ، وهذا أمر طبيعي ، لأن سعادة الحياة الآخرة وشقاءها نتيجة مباشرة لما ادّخره الإنسان من أعمال في هذه الحياة. ومن أحرق جناحيه في الحياة الدنيا بنار الكفر والانحراف لا يستطيع طبعا أن يحلّق في الآخرة ، ولا بدّ من سقوطه في درك الجحيم. وواضح أيضا أن هذا الفرد سيبقى على وضعه هذا في عالم الآخرة ، لأن ذلك العالم ليس عالم الحصول على وسيلة.

هذا يشبه إنسانا فقد عينيه بسبب جنوحه واتباعه الشهوات والأهواء عالما عامدا ، فلا بدّ له أن يعيش أعمى طول حياته.

وبديهي أن هذا مصير الكافرين الذين سلكوا طريق الكفر عن علم وعمد.

(وسنوضح مسألة الخلود أكثر في تفسير الآيتين ١٠٧ و ١٠٨ من سورة هود ، في المجلد السابع من هذا التّفسير).

٢ ـ الآية الثالثة في بحثنا هذا تبين أحدية الله بشكل ينفي كل شرك وانحراف.

قد نرى أحيانا موجودات منفردة في صفة من صفاتها ، لكن هذه الموجودات

٤٦٤

تتفرد في صفة أو عدّة صفات. أمّا الله فهو أحد في ذاته ، وأحد في صفاته ، وأحد في أفعاله، أحديته لا تقبل التعدد عقلا ، إنه أحد أزلي وأبدي لا تؤثر الحوادث على أحديته. إنه أحد في الذهن وخارج الذهن. إنه أحد في أحديته!

٣ ـ ألا يكفي لعن الله؟!

الآية أعلاه ذكرت أن الذين ماتوا وهم كفار ، مشمولون بلعنة الله والملائكة والنّاس أجمعين. وهنا قد يسأل سائل : أليست لعنة الله كافية؟

الجواب واضح ، فلعنة الملائكة والنّاس زيدت على لعنة الله للتأكيد ، ولبيان كراهة النّاس لمثل هؤلاء المذنبين.

ولو قيل لم ذكرت الآية (النّاس) بشكل عام ، بينما يوجد بين النّاس من هم شركاء في الجريمة ، وهؤلاء لا يلعنون أولئك المجرمين؟

والجواب : إن هؤلاء أيضا كارهون لأعمال أولئك ، فهؤلاء يكرهون مثلا كتمان الحقائق عنهم ، ويلعنون من يستر عنهم الحقيقة ، لكنهم يفعلون هم أيضا هذه السيئة إن اقتضت مصلحتهم ذلك.

* * *

٤٦٥

الآية

(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ (١٦٤))

التّفسير

مظاهر عظمة الله في الكون

آخر آية في المبحث الماضي دارت حول توحيد الله ، وهذه الآية تقدم الدليل على وجود الله ووحدانيته.

قبل أن ندخل في تفسير الآية ، لا بدّ من مقدمة موجزة. حيثما كان «النظم والانسجام» ، فهو دليل على وجود العلم والمعرفة ، وأينما كان «التنسيق» فهو دليل على الوحدة. من هنا ، حينما نشاهد مظاهر النظم والانسجام في الكون من جهة ، والتنسيق ووحدة العمل فيه من جهة اخرى ، نفهم وجود مبدأ واحد للعلم والقدرة صدرت منه كل هذه المظاهر.

حينما نمعن النظر في الأغشية الستة للعين الباصرة ونرى جهازها البديع ،

٤٦٦

نفهم أن الطبيعة العمياء الصماء لا يمكن إطلاقا أن تكون مبدأ مثل هذا الأثر البديع ، ثم حينما ندقق في التعاون والتنسيق بين هذه الأغشية ، والتنسيق بين العين بكل أجزائها وبين جسم الإنسان ، والتنسيق الفطري الموجود بين الإنسان وبين سائر البشر ، والتنسيق بين بني البشر وبين كل مجموعة نظام الكون ، نعلم أن كل ذلك صادر من مبدأ واحد ، وكل ذلك من آثار وقدرة ذات مقدسة واحدة.

ألا تدل القصيدة الجميلة العميقة المعنى على ذوق الشاعر وقريحته؟!

 ألا يدلّ التنسيق الموجود بين قصائد الديوان الواحد على أنها جميعا صادرة من قريحة شاعر مقتدر واحد؟

بعد هذه المقدمة نعود إلى تفسير الآية ، هذه الآية الكريمة تشير إلى ستة أقسام من آثار النظم الموجود في عالم الكون ، وكل واحد آية تدل على وحدانية المبدأ الأكبر.

١ ـ (إِنَّ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ...

من العلامات الدالة على ذات الله المقدسة وعلى قدرته وعلمه ووحدانيته ، السماء وكرات العالم العلوي ، أي هذه المليارات من الشموس المشرقة والنجوم الثابتة والسيارة ، التي ترى بالعين المجردة أو بالتلسكوبات ، ولا يمكن رؤية بعضها بأقوى أجهزة الإرصاد لبعدها الشاسع ... الشاسع للغاية ، والتي تنتظم مع بعضها في نظام دقيق مترابط.

وهكذا الأرض بما على ظهرها من حياة ، تتجلّى بمظاهر مختلفة وتتلبس بلباس آلاف الأنواع من النبات والحيوان.

ومن المدهش أن عظمة هذا العالم وسعته وامتداده تظهر أكثر كلما تقدّم العلم ، ولا ندري المدى الذي سيبلغهالعلم في فهم سعة هذا الكون!

 يقول العلم لنا اليوم : إن في السماء آلافا مؤلفة من المجرات، ومنظومتنا الشمسية جزء من واحدة من المجرات،وفي مجرتنا وحدها مئات الملايين من

٤٦٧

الشموس والنجوم السّاطعة ، وحسب دراسات العلماء يوجد بين هذه الكواكب مليون كوكب مسكون بمليارات الموجودات الحيّة!

حقا ما أعظم هذا الكون! وما أعظم قدرة خالقه!!

٢ ـ (وَاخْتِلافِ اللَّيْلِ وَالنَّهارِ ...)

من الدّلائل الاخرى على ذاته المقدسة وصفاته المباركة تعاقب الليل والنهار ، والظلمة والنور بنظام خاص ، فينقص أحد هما بالتدريج ليزيد في الآخر ، وما يتبع ذلك من تعاقب الفصول الأربعة ، وتكامل النباتات وسائر الأحياء في ظل هذا التكامل.

لو انعدم هذا التغيير التدريجي ، أو انعدم النظام في هذا التدريج ، أو انعدم تعاقب الليل والنهار لانمحت الحياة من وجه الكرة الأرضية ، ولو بقيت واستمرت ـ فرضا ـ لأصابتها الفوضى والخبط (١).

٣ ـ (وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِما يَنْفَعُ النَّاسَ)

 الإنسان يمخر عباب البحار والمحيطات بالسفن الكبيرة والصغيرة ، مستخدما هذه السفن للسفر ولنقل المتاع. وحركة هذه السفن خاصة الشراعية منها تقوم على عدّة أنظمة:

الأوّل ، نظام هبوب الرياح على سطح مياه الكرة الأرضية ، فهناك الرياح القارية التي تهبّ من القطبين الشمالي والجنوبي نحو خطّ الإستواء وبالعكس وتدعى «اليزه» و «كنتراليزه»؟؟. وهناك الرياح الإقليمية التي تهب وفق نظام معين ، وتعتبر قوة طبيعية لتحريك السفن نحو مقاصدها.

__________________

(١) «الاختلاف» قد يعني التعاقب أي مجيء شيء وذهاب آخر ، وقد يعني الزيادة والنقصان في الليل والنهار ، وعلى المعنيين تتحدث الآية عن نظام خاص للّيل والنهار لا يمكن أن يكون قائما على الصدفة. ومن دون تدخل وجود عالم وقادر في ذلك. ولهذا ورد في القرآن الكريم ، هذا المعنى في موارد متعددة كدليل على الذات المقدسة.

٤٦٨

وهكذا خاصية الخشب ، أو خاصية القوّة الدافعة التي يسلطها الماء على الأجسام الغاطسة فيه ، فيجعل هذه السفن تطفو على سطح الماء.

أضف إلى ذلك خاصية القطبين المغناطيسيين للكرة الأرضية ، التي تساعد البحارة باستخدام البوصلة أن يعرفوا اتجاههم في وسط البحار ، إضافة إلى استفادتهم من نظام حركة الكواكب في معرفة جهة السير.

كل هذه الأنظمة تساعد على الاستفادة من الفلك (١) ، وتعطي دليلا محسوسا على قدرة الله وعظمته ، وتعتبر آية من آيات وجوده.

استعمال المحركات الوقودية بدل الأشرعة في السفن اليوم ، لم يقلل أهمية هذه الظاهرة، بل زادها عجبا ودهشة ، إذ نرى اليوم السفن العملاقة التي تشبه مدينة بجميع مرافقها، تطفو على سطح الماء وتتنقل بفنادقها وساحات لعبها وأسواقها ، بل ومدارج للطائرات فيها...على ظهر البحار والمحيطات.

٤ ـ (وَما أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّماءِ مِنْ ماءٍ فَأَحْيا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِها وَبَثَّ فِيها مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ) ....

من مظاهر قدرة الله وعظمته المطر الذي يحيي الأرض ، فتهتز ببركته وتنمو فيها النباتات وتحيا الدواب بحياة هذه النباتات ، وكل هذه الحياة تنتشر على ظهر الأرض من قطرات ماء لا حياة فيها.

٥ ـ (وَتَصْرِيفِ الرِّياحِ) ... ، لا على سطح البحار والمحيطات لحركة السفن فحسب، بل على الجبال والهضاب والسهول أيضا لتلقيح النباتات فتخرج لنا ثمارها اليانعة.

وتارة تعمل على تحريك أمواج المحيطات بصورة مستمرة ومخضها مخض السقاء لإيجاد محيط مستعد لنمو وحياة الكائنات البحرية.

__________________

(١) الفلك ، هي السفينة أو السفن ، فاللفظ مفرد وجمع.

٤٦٩

واخرى تقوم بتعديل حرارة الجو وتلطيف المناخ بنقلها حرارة المناطق الاستوائية إلى المناطق الباردة ، وبالعكس.

وأحيانا تقوم بنقل الهواء الملوّث الفاقد للاوكسجين من المدن إلى الصحاري والغابات لمنع تراكم السموم في الفضاء.

أجل فهبوب الرياح مع كل تلك البركات والفوائد علامة اخرى على حكمة الباري ولطفه الدائم.

٦ ـ (وَالسَّحابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّماءِ وَالْأَرْضِ) والسحب المتراكمة في أعالي الجو، المحمّلة بمليارات الأطنان من المياه خلافا لقانون الجاذبية ، والمتحركة من نقطة إلى اخرى دون إيجاد خطر ، من مظاهر عظمة الله سبحانه.

إضافة إلى أن هذا الودق (المطر) الّذي يخرج من خلال السحاب يحيي الأرض ، وبحياة الأرض تحيا النباتات والحيوانات والإنسان ، ولو لا ذلك لتحولت الكرة الأرضية إلى أرض مقفرة موحشة. وهذا مظهر آخر لعلم الله سبحانه وقدرته.

وكل تلك العلامات والمظاهر (لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) ، لا للغافلين الصم البكم العمي.

* * *

٤٧٠

الآيات

(وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ (١٦٥) إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الْأَسْبابُ (١٦٦) وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ (١٦٧))

التّفسير

أئمّة الكفر يتبرّءون من أتباعهم!

تناولت الآيات السابقة دلائل وجود الله سبحانه وإثبات وحدانيته ، عن طريق عرض مظاهر لنظام الكون. وهذه الآيات تتحدث عن أولئك الذين أعرضوا عن كل تلك الدلائل الواضحة ، وساروا على طريق الشرك والوثنية وتعدّد الآلهة .. عن أولئك الذين يحنون رؤوسهم تعظيما أمام الآلهة المزيقة ، ويتعشقونها ويشغفون بها حبّا لا يليق إلّا بالله سبحانه مصدر كل الكمالات وواهب جميع النعم.

٤٧١

تقول الآية : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَتَّخِذُ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْداداً) (١).

ولم يتخذ المشركون هؤلاء الأنداد للعبادة فحسب ، بل (يُحِبُّونَهُمْ كَحُبِّ اللهِ).

(وَالَّذِينَ آمَنُوا أَشَدُّ حُبًّا لِلَّهِ) ، لأنهم أصحاب عقل وإدراك ، يفهمون أن الله سبحانه مصدر كل الكمالات ، وهو وحده اللائق بالحبّ ، ولا يحبون شيئا آخر إلّا من أجله. وقد غمر الحبّ الإلهي قلبهم حتى أصبحوا يرددون مع أمير المؤمنين عليّ عليه‌السلام:«فهبني صبرت على عذابك ، فكيف أصبر على فراقك»؟!(٢).

الحبّ الحقيقي يتجه دائما نحو نوع من الكمال ، فالإنسان لا يحبّ العدم والنقص ، بل يسعى دوما وراء الوجود والكمال ، ولذلك كان الأكمل في الوجود والكمال أحق بالحبّ.

الآية أعلاه تؤكد أن حبّ المؤمنين لله أشدّ من حبّ الكافرين لمعبوداتهم.

ولم لا يكون كذلك؟! فلا يستوي من يحبّ عن عقل وبصيرة ، ومن يحبّ عن جهل وخرافة وتخيّل.

حبّ المؤمنين ثابت عميق لا يتزلزل ، وحبّ المشركين سطحي تافه لا بقاء له ولا استمرار.

لذلك تقول الآية : (وَلَوْ يَرَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ، إِذْ يَرَوْنَ الْعَذابَ ، أَنَّ الْقُوَّةَ لِلَّهِ جَمِيعاً وَأَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعَذابِ) لرأوا سوء فعلهم وسوء عاقبتهم (٣).

في هذه اللحظات تزول حجب الجهل والغرور والغفلة من أمام أعينهم ، وحين يرون أنفسهم دون ملجأ أو ملاذ ، يتجهون إلى قادتهم ومعبوديهم ، ولات حين ملاذ بغير الله (إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُوا مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا ، وَرَأَوُا الْعَذابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ

__________________

(١) الأنداد جمع (ند) وهو (المثل) ، وقال جمع من علماء اللغة ، هو المثل المشابه في الجوهر ، أي إن المشركين كانوا يعتقدون بأن هذه الأنداد تحمل الصفات الإلهية!

(٢) من دعاء علي عليه‌السلام المروي على لسان كميل بن زياد. المعروف بدعاء (كميل).

(٣) هذا على تفسير «لو» شرطية وجوابها محذوف ، ومن المفسرين من قال إن (لو) هنا للتمني.

٤٧٢

الْأَسْبابُ)

واضح أن المعبودين هنا ليسوا الأصنام الحجرية أو الخشبية ، بل الطغاة الجبابرة الذين استعبدوا النّاس ، فقدم لهم المشركون فروض الولاء والطاعة ، واستسلموا لهم دون قيد أو شرط.

هؤلاء الغافلون المغفّلون حين يروا ما حلّ بهم يمنّون أنفسهم : (وَقالَ الَّذِينَ اتَّبَعُوا لَوْ أَنَّ لَنا كَرَّةً فَنَتَبَرَّأَ مِنْهُمْ كَما تَبَرَّؤُا مِنَّا) لكنها أمنية لا تتحقق ، وعبرت آية اخرى عن مثل هذا التمني على لسان كافر يقول لمعبوده المزيف : (حَتَّى إِذا جاءَنا قالَ يا لَيْتَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ بُعْدَ الْمَشْرِقَيْنِ فَبِئْسَ الْقَرِينُ) (١).

ثم تقول الآية : (كَذلِكَ يُرِيهِمُ اللهُ أَعْمالَهُمْ حَسَراتٍ عَلَيْهِمْ ، وَما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ).

ليس لهم إلّا أن يتحسّروا ، يتحسّرون على أموالهم التي كنزوها واستفاد منها غيرهم...وعلى فرصة الهداية والنجاة التي هيئت لهم فلم يستثمروها ... وعلى عبادتهم لآلهة زائفة بدل عبادة الله الواحد الأحد.

لكنّها حسرة غير نافعة ... فاليوم الجزاء على ما جنته يد الإنسان من أخطاء ، وليس يوم تلافي الأخطاء.

* * *

__________________

(١) الزخرف ، ٣٨.

٤٧٣

الآيتان

(يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ (١٦٨) إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ (١٦٩))

سبب النّزول

عن ابن عباس أن طوائف من العرب مثل ثقيف وخزاعة ، حرموا على أنفسهم بعض النباتات والحيوانات دونما دليل ، (ونسبوا التحريم إلى الله أيضا) ، فنزلت الآيتان تنهاهم عن ذلك.

التّفسير

خطوات الشيطان!

ذمّت الآيات السابقة الشرك والمشركين ، وأحد أنواع الشرك إيكال أمر التقنين والتشريع وتقرير الحلال والحرام إلى غير الله.

الآية أعلاه اعتبرت هذا العمل شيطانيا وقالت : (يا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً ، وَلا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ).

تكرر في القرآن طلب الاستفادة من الأطعمة ، وورد الطلب عادة مقيّدا

٤٧٤

بالحلال وبالطيّب.

و «الحلال» ما أبيح تناوله ، والطيب ما طاب ووافق الطبع السليم ، ويقابله «الخبيث» الذي يشمأز منه الإنسان.

و «الخطوات» جمع «خطوة» وهي المرحلة التي يقطعها الشيطان للوصول إلى هدفه وللتغرير بالنّاس.

عبارة (لا تَتَّبِعُوا خُطُواتِ الشَّيْطانِ) تكررت خمس مرات في القرآن الكريم ، وكانت في موضعين بشأن الاستفادة من الأطعمة والرزق الإلهي. وهي تحذير من استهلاك هذه النعم الإلهية في غير موضعها. وحثّ على الاستفادة منها على طريق العبودية والطاعة لا الفساد والطغيان في الأرض.

النهي عن اتباع خطوات الشيطان في استثمار مواهب الطبيعة ، توضحه آيات اخرى تنهى أيضا عن الإفساد في استثمار ما وهبه الله للناس ، كقوله تعالى : (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (١) ، وكقوله سبحانه (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ) (٢).

هذه المواهب والإمكانات ينبغي أن تكون طاقة دافعة نحو الطاعة لا وسيلة لارتكاب الذنوب.

عبارة (إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ) تكررت في القرآن الكريم عشر مرات بعد الحديث عن الشيطان ، كي تحفّز الإنسان ، وتجعله متأهبا لمجابهة هذا العدوّ اللدود الظاهر.

الآية التالية تؤكد على عداء الشيطان ، وعلى هدفه المتمثل في شقاء الإنسان ، وتقول: (إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ).

منهج الشيطان يتلخص في ثلاثة أبعاد هي : السوء ، والفحشاء ، والتّقول على الله.

__________________

(١) البقرة ، ٦٠.

(٢) طه ، ٨١.

٤٧٥

الفحشاء من «الفحش» ، وهو كل عمل خارج عن حدّ الاعتدال ، ويشمل كل المنكرات والقبائح المبطنة والعلنية. واستعمال هذه المفردة حاليا بمعنى الأعمال المنافية للعفّة هو من قبيل استعمال اللفظ الكلي في بعض مصاديقه.

عبارة (تَقُولُوا عَلَى اللهِ ما لا تَعْلَمُونَ) قد تشير إلى تحريم بعض الأطعمة المحللة ، كما مرّ بنا في سبب النّزول. وهو عمل بعض القبائل العربية في الجاهلية ، وقيل : إن رواسبه كانت باقية في ذهن بعض المسلمين الجدد (١).

وقد يتسع معناها ليشمل الشرك والتشبيه بالله أيضا.

على أية حال ، العبارة تشير إلى القول غير القائم على العلم ، وهو قول شيطاني مذموم ، خاصة إذا كان متضمنا نسبة شيء إلى الله.

الإسلام يحثّ دوما على الانطلاق من العقل والمنطق في اتخاذ المواقف وفي إصدار الأحكام ، ولو كان دأب أفراد المجتمع ذلك لزال من المجتمع الشقاء.

كل ما دخل في الأديان الإلهية من تحريف ومسخ إنما كان على يد أفراد بعيدين عن المنطق ، والجانب الأكبر من الانحرافات العقائدية يعود إلى عدم رعاية هذا الأصل ، لذلك كان محورا من محاور النشاط الشيطاني بعنوان مستقل ـ في مقابل السوء والفحشاء ـ في الآية المذكورة.

* * *

بحوث

١ ـ أصل الحليّة :

هذه الآية تدل على أنّ الأصل في كل الأغذية الموجودة على ظهر الأرض

__________________

(١) الميزان ، ج ١ ، ص ٤٢٥.

٤٧٦

الحليّة ، والمستثناة هي الأغذية المحرمة. من هنا فإن الحرمة تحتاج إلى دليل لا الحلية. وهذا ما يقتضيه أيضا طبيعة الخليقة. إذ لا بدّ من وجود تنسيق بين القوانين التشريعية والقوانين التكوينية.

بعبارة أوضح ما خلقه الله لا بدّ أن ينطوي على فائدة لعباده. من هنا فلا معنى أن يكون الأصل الأوّلي للأطعمة على ظهر الأرض التحريم. فكل غذاء إذن حسب هذه الآية الكريمة حلال ما لم تثبت حرمته بدليل صحيح ، وما دام لا يشكل ضررا على الفرد والمجتمع.

٢ ـ الانحرافات التدريجية

عبارة (خُطُواتِ الشَّيْطانِ) قد تشير إلى مسألة تربوية دقيقة ، هي إنّ الانحرافات تدخل ساحة الإنسان بشكل تدريجي ، لا دفعي فوري. فتلوّث شاب بالقمار ، أو شرب الخمر ، أو بالمخدرات مثلا يتم على مراحل :

يشترك أوّلا متفرجا في جلسة من جلسات الخمارين أو المقامرين ، ظانا أنه عمل اعتيادي لا ضير فيه.

ثم يشترك في القمار للترويح عن النفس (دون ربح أو خسارة) ، أو يتناول شيئا من المخدرات بحجة رفع التعب أو المعالجة أو أمثالها من الحجج.

وفي الخطوة الاخرى يمارس العمل المحرم قاصدا أنه يمارسه مؤقتا.

وهكذا تتوالى الخطوات واحدة بعد اخرى ويصبح الفرد مقامرا محترفا أو مدمنا خطرا.

وساوس الشيطان تدفع بالفرد على هذه الصورة التدريجية نحو هاوية السقوط، وليست هذه طريقة الشيطان الأصلي فحسب ، بل كل الأجهزة الشيطانية تنفذ خططها المشؤومة على شكل «خطوات» لذلك يحذّر القرآن كثيرا من اتّخاذ الخطوة الاولى على طريق الانزلاق.

٤٧٧

جدير بالذكر أن الأعمال الخرافية غير القائمة على أساس منطقي اعتبرتها النصوص الإسلامية من «خطوات الشّيطان».

وقد ورد في رجل أقسم أن يذبح ابنه ، قال الإمام جعفر بن محمّد الصادق عليه‌السلام : «ذلك من خطوات الشّيطان»(١).

وعن الإمام محمّد بن علي الباقر عليه‌السلام : «كلّ يمين بغير الله فهو من خطوات الشّيطان».(٢)

وعن الامام الصادق أيضا : «إذا حلف الرّجل على شيء والّذي حلف عليه إتيانه خير من تركه فليأت الّذي هو خير ولا كفّارة له وإنّما ذلك من خطوات الشّيطان» (٣).

٣ ـ الشّيطان عدوّ قديم

الآية الكريمة وصفت الشّيطان أنّه (عَدُوٌّ مُبِينٌ) ، وذلك إمّا لعدائه لآدم بعد أن أبى السجود له ، وخسر كل شيء على أثر ذلك. وإما بسبب إغوائه الواضح لبني البشر ودفعهم على طريق الإجرام. وواضح أن هذا الدفع لا يصدر إلّا من عدوّ لدود.

أو لأن الشيطان أعلن عداءه صراحة للإنسان ، وعاهد نفسه على إغوائهم إذ قال:(لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ).

٤ ـ طريقة الوسوسة الشّيطانية

الآية الكريمة تحدثت عن أمر الشيطان : فقالت : (إِنَّما يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشاءِ)... وهذا الأمر هو الوسوسة الشيطانية. وقد يطرح سؤال بشأن هذه الأوامر الشيطانية إذ لا يحسّ الإنسان بأمر خارجي يصدر إليه حين يرتكب

__________________

(١) تفسير الميزان ، ج ١ ، ص ٤٢٨.

(٢) نفس المصدر.

(٣) نفس المصدر.

٤٧٨

السيئات ، ولا يتلمس سعيا شيطانيا لإضلاله.

الجواب هو أن هذه «الوسوسة» تأثير خفي عبّرت عنه بعض الآيات بالإيحاء:(وَإِنَّ الشَّياطِينَ لَيُوحُونَ إِلى أَوْلِيائِهِمْ) (١). والإيحاء من «الوحي» الذي هو تأثير غيبي خفي أو التأثيرات اللاواعية أحيانا.

وثمّة فرق بين «الإلهام الإلهي» و «الوسوسة الشيطانية» هو إن الإلهام الإلهي لانسجامه مع الفطرة الإنسانية ومع تركيب الجسم والروح ، يترك في النفس حالة انبساط وانشراح.

بينما الوسوسة الشيطانية لتناقضها مع الفطرة الإنسانية السليمة ، تجعل القلب يحسّ بظلام وانزعاج وثقل. وإن لم يحدث فيه مثل هذا الإحساس قبل ارتكاب السيئة فإنه يحسّ بها بعد الارتكاب. هذا هو الفرق بين الإلهامات الشيطانية والإلهامات الإلهية.

* * *

__________________

(١) الأنعام ، ١٢١.

٤٧٩

الآيتان

(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ (١٧٠) وَمَثَلُ الَّذِينَ كَفَرُوا كَمَثَلِ الَّذِي يَنْعِقُ بِما لا يَسْمَعُ إِلاَّ دُعاءً وَنِداءً صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ (١٧١))

التّفسير

التّقليد الأعمى

تشير الآية إلى منطق المشركين الواهي في تحريم ما أحلّ الله ، أو عبادة الأوثان وتقول:(وَإِذا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا ما أَنْزَلَ اللهُ قالُوا بَلْ نَتَّبِعُ ما أَلْفَيْنا عَلَيْهِ آباءَنا).

ويدين القرآن هذا المنطق الخرافي ، القائم على أساس التقليد الأعمى لعادات الآباء والأجداد ، فيقول : (أَوَلَوْ كانَ آباؤُهُمْ لا يَعْقِلُونَ شَيْئاً وَلا يَهْتَدُونَ).

أي إن اتباع الآباء صحيح لو أنهم كانوا على طريق العقل والهداية. أمّا إذا كانوا لا يعقلون ولا يهتدون ، فما اتباعهم إلّا تركيز للجهل والضلال.

الإنسان الجاهلي لا يستند إلى قاعدة ايمانية يحسّ معها بوجوده وبشخصيته وبأصالته، لذلك يستند إلى مفاخر الآباء وعاداتهم وتقاليدهم ، ليصطنع له شخصية

٤٨٠