بحوث في الملل والنّحل - ج ٧

الشيخ جعفر السبحاني

بحوث في الملل والنّحل - ج ٧

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٠

الحسن بن علي بن عبد الرحمن الشجري : كان هذا الاِمام من أركان الناصر للحق الحسن بن علي الاطروش ، وكان يضرب بعدله المثل ، واستشهد سنة ست عشرة وثلاثمائة وله اثنتان وخمسون سنة ، وأقام أود الدين الحنيف في نيسابور والري ونواحيهما وفي الجبل والديلم.

وقال الموَيدي في الزلف :

كذا الحسن بن القاسم بن الفرد بعده

فلم يبق في جيلان للحقّ مانع (١)

٥ ـ محمـد بن الحسن بن القاسم بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط (ت ٣٦٠ هـ).

قال الموَيدي : هو الاِمام أبو عبد اللّه المهدي لدين اللّه محمد بن الاِمام الحسن بن القاسم بن علي بن عبد الرحمن الشجري بن القاسم بن الحسن بن زيد ابن الحسن السبط.

وهذا الاِمام الذي جمع بين القاسمية والناصرية بعد التباين العظيم بسبب الاختلاف في الاجتهاد فأظهر القول بأنّ كل مجتهد يصيب في الاجتهاديات وهو الذي قيل فيه لو مادت الأرض لشيء لعظمه لمادت لعلم أبي عبد اللّه الداعي ووالده الاِمام الحسن بن القاسم الذي تقدم بعد الاِمام الناصر الاطروش.

قام ببغداد ثم وصل الديلم وبايعه من علماء الأمّة أربعة آلاف ، سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة قبضه اللّه بـ « هوسم » سنة ٣٦٠ هـ ، روي عن الاِمام أبي طالب أنّه مات مسموماً (٢).

وبذهاب هوَلاء ، ذهبت الدولة الزيدية في طبرستان ولهم إلى الآن آثار وقبور تزار.

____________

١ ـ مجد الدين الموَيدي : التحف شرح الزلف : ٧٢ ـ ٧٣.

٢ ـ التحف شرح الزلف : ٨٣ ـ ٨٤.

٣٨١

الفصل الخامس

الدولة الزيدية في المغرب

الادارسة :

كان لعبد اللّه المحض أي عبد اللّه بن الحسن بن الحسن السبط عليه‌السلام ستة أبناء قد ذكرنا أسماءهم عند ذكر ثورة محمد بن عبد اللّه النفس الزكية ، منهم :

١ ـ إدريس بن عبد اللّه المحض :

قال المسعودي : لما خرج محمد بن عبد اللّه المحض المعروف بالنفس الزكية تفرق إخوته في البلاد ، يدعون إلى إمامته ، فكان فيمن توجه ، ابنه علي بن محمد إلى مصر ، فقتل هناك ، وسار ابنه الحسن إلى اليمن فحبس فمات في الحبس ، وسار إخوة موسى إلى الجزيرة ، ومضى أخوه يحيى إلى الريّ ، ثم إلى طبرستان ، ومضى أخوه إدريس بن عبد اللّه إلى المغرب فأجابه خلق من الناس فبعث المنصور من اغتاله بالسم فيما احتوى عليه من مدن المغرب (١).

قال العلوي العمري النسابة : كان إدريس بن عبد اللّه مع الحسين صاحب

__________________

١ ـ المسعودي : مروج الذهب : ٣ / ٣٩٦.

٣٨٢

الفخ (١) ، فلما قتل الحسين انهزم حتى لحق بالمغرب فسمّ هناك (٢).

وقال ابن عنبة : لما قتل الحسين انهزم إدريس حتى دخل المغرب فسمّ هناك بعد أن ملك ، وكان قد هرب إلى فاس وطنجة ومعه مولاه راشد ودعاهم إلى الدين فأجابوه وملكوه ، فاغتم الرشيد (هارون) لذلك حتى امتنع من النوم ودعا سليمان ابن جرير الرقي متكلم الزيدية وأعطاه سماً ، فورد سليمان بن جرير متوسماً بالمذهب فسرّ به إدريس بن عبد اللّه ثم طلب منه عزة ووجد خلوة من مولاه راشد فسقاه السم فهرب ، فخرج راشد خلفه فضربه على وجهه ضربة منكرة وفاته ، وعاد وقد مضى إدريس لسبيله.

كانت بيعة إدريس بن عبد اللّه في شهر رمضان سنة ١٧٢ هـ واستمر بالأمر إلى ست سنين إلاّ ستة شهر (٣).

وقال الزركلي : إدريس بن عبد اللّه بن الحسن المثنى بن الحسن بن علي بن أبي طالب : موَسس دولة الأدارسة في المغرب وإليه نسبتها ، أوّل ما عرف عنه أنّه كان مع الحسين بن علي بن الحسن المثلث ، في المدينة أيام ثورته على الهادي العباسي سنة ١٦٩ هـ ثم قتل الحسين ، فانهزم إدريس إلى مصر فالمغرب الأقصى سنة ١٧٢ هـ ، ونزل بمدينة وليلي (على مقربة من مكناس وهي اليوم مدينة قصر فرعون) وكان كبيرها يومئذ إسحاق بن محمد فعرّفه إدريس بنفسه ، فأجاره وأكرمه ، ثم جمع البربر على القيام بدعوته ، وخلع طاعة بني العباس ، فتم له الأمر (يوم الجمعة ٤ رمضان ١٧٢ هـ) فجمع جيشاً كثيفاً وخرج به غازياً فبلغ بلاد تادَلة

__________________

١ ـ فخ ـ بفتح أوّله وتشديد ثانيه ـ واد بمكة قتل فيه الحسين بن علي بن الحسن العلوي يوم التروية سنة ١٦٩ هـ وقتل معه جماعة من أهل بيته وفيه دفن عبد اللّه بن عمرو جماعة من الصحابة ، انظر مراصد الاِطلاع ، ما دة فخ.

٢ ـ النسابة العلوي العمرى : المجدي : ٦٢.

٣ ـ ابن عنبة : عمدة الطالب : ١٥٧ ـ ١٥٨.

٣٨٣

(قرب فاس) ففتح معاقلها ، وعاد إلى وليلي ، ثم غزا تلمسان فبايع له صاحبها ، وعظم أمر إدريس فاستمر إلى أن توفي مسموماً في وليلي في عام ١٧٧ هـ وهو أول من دخل المغرب من الطالبيين ، ومن نسله الباقي إلى الآن في المغرب شرفاء العلم (العلميون) والشرفاء الوزانيون ، والريسيون ، والشبيهيون ، والطاهريون الجوطيون ، والعمرانيون ، والتونسيون (أهل دار القيطون) والطالبيون ، والغالبيون ، والدباغيون ، والكتانيون ، والشفشاويون ، والوَدْغيريون ، والدرقاويون ، والزكاريون (١).

٢ ـ إدريس بن إدريس بن عبد اللّه المحض :

يقول ابن عنبة : وأعقب إدريس بن عبد اللّه المحض من ابنه إدريس وحده ، وكان إدريس بن إدريس لما مات أبوه حملاً ، وأُمه أم ولد بربرية ، ولما مات إدريس ابن عبد اللّه وضعت المغاربة التاج على بطن جاريته أُم إدريس فولدته بعد أربعة أشهر ، قال الشيخ أبو نصر البخاري : قد خفي على الناس حديث إدريس لبعده عنهم ونسبوه إلى مولاه راشد ، وقالوا : « إنّه احتال في ذلك لبقاء الملك له ، ولم يعقب إدريس بن عبد اللّه وليس الأمر كذلك فإنّ داود بن قاسم الجعفري وهو أحد كبار العلماء وممن له معرفة بالنسب ، حكى أنّه كان حاضراً قصة إدريس بن عبد اللّه وسمّه وولادة إدريس بن إدريس ، قال : وكنت معه بالمغرب فما رأيت أشجع منه ولا أحسن وجهاً ، وقال الرضا بن موسى الكاظم عليهما‌السلام : « إدريس بن إدريس ابن عبد اللّه من شجعان أهل البيت واللّه ماترك فينا مثله » وقال أبو هاشم داود بن القاسم بن إسحق بن عبد اللّه بن جعفر الطيار : أنشدني إدريس بن إدريس لنفسه ـ أبياتاً شعرية ـ.

__________________

١ ـ الزركلي : الأعلام : ١ / ٢٧٩.

٣٨٤

وكان لاِدريس بن إدريس بن عبد اللّه المحض أحد عشر رجلاً وبنتين : رقية وأُم محمد ، ولكنه أعقب من سبعة ، وهم :

١ ـ القاسم ٢ ـ عيسى ٣ ـ عمر ٤ ـ داود ٥ ـ يحيى ٦ ـ عبد اللّه ٧ ـ حمزة.

وقد قيل : إنّه أعقب من غير هوَلاء أيضاً ولكل منهم ممالك في بلاد المغرب هم بها ملوك إلى الآن (١).

وفي تعليقة الكتاب : والذي أولدهم إدريس بن إدريس أحد عشر رجلاً ، وبنتين : رقية وأُم محمد ، والذي أعقب فيهم سبعة ، والذي ملك الأمر منهم في بلاد المغرب محمد واستمر بالأمر ثماني سنين ثم توفي في شهر ربيع الأوّل سنة ٢٢١ هـ ، وقام بعده أولاده ثم أحفاده وكان آخرهم الحسن بن القاسم كنون بن محمد بن القاسم بن إدريس الذي تولى الملك سنة ٣٤٨ وقتل سنة ٣٧٥ وبموته انقرضت دولة الأدارسة من بلاد المغرب وقد ملكوا الأمر ٢٠٠ سنة تقريباً.

وقال ابن عذارى المراكشي : أخذت الهجرات العربية تنثال على مراكش من أفريقية والأندلس ، فقرر إدريس الثاني تأسيس عاصمة له وشرع في إنشاء مدينة فاس عام ١٩٢ هـ حيث سكن البربر المنطقة الشرقية والعرب المنطقة الغربية ، وقد أصبحت هذه المدينة مركزاً من أكبر مراكز الاِسلام علمياً ودينياً وتجارياً وصناعياً.

قام إدريس الثاني بحملات عسكرية في جبال أطلس وظل يتنقل بعدها بين فاس وتلمسان ووليله إلى أن مات مسموماً عام ٢١٣ هـ في ظروف غامضة.

ترك اثني عشر ولداً هم : محمد وأحمد وعبد اللّه وعيسى وإدريس وجعفر

__________________

١ ـ ابن عنبة : عمدة الطالب : ١٥٩ ومعنى ذلك بقاء حكمهم وسلطتهم إلى أوائل القرن التاسع.

٣٨٥

ويحيى وحمزة وعبد اللّه والقاسم وداود ويحيى ، ولّي منهم : محمد بن إدريس ، ففرّق البلاد على إخوته بأمر جدته البربرية « كنزة » ولكن الخلاف نشأ بين بعض الاِخوة ولم تستقرّ بعدها دولة الأدارسة بسبب منازعة الخوارج لهم برئاسة عبد الرزاق الخارجي الصفري إلى أنّ انتهت عام ٣٢٣ هـ (١).

وقال الزركلي : إدريس بن إدريس بن عبد اللّه بن الحسن المثنى ، أبو القاسم : ثاني ملوك الأدارسة في المغرب الأقصى ، وباني مدينة فاس. ولد في وليلي (بجبل زرهون. على نحو ٣٠ كم من مكناس) وتوفي أبوه وهو جنين ، فقام بشوَون البربر راشد (مولى أبيه إدريس الأوّل وأمينه) وقتل راشد سنة ١٨٦ هـ فقام بكفالة إدريس أبو خالد العبدي ، حتى بلغ الحادية عشر ، فبايعه البربر في جامع وليلي سنة ١٨٨ هـ فتولّى ملك أبيه وأحسن تدبيره وكان جواداً فصيحاً حازماً ، أحبته رعيته. واستمال أهل تونس وطرابلس الغرب والأندلس إليه (وكانت في يد العباسيين بالمشرق ، يحكمها ولاتهم) وغصت وليلي بالوفود والسكان فاختلط مدينة « فاس » سنة ١٩٢ هـ وانتقـل إليها. وغزا بلاد المصامدة فاستولى عليها ، وقبائل نفزة (من أهل المغرب الأوسط) فانقادت إليه ، وزار تلمسان ـ وكان أبوه قد افتتحها ـ فأصلح سورها وجامعها وأقام فيها ثلاث سنوات ، ثم عاد إلى فاس. وانتظمت له كلمة البربر وزناتة ، واقتطع المغربين (الأقصى والأوسط) عن دولة العباسيين من لدن السوس الأقصى إلى وادي شلف. وصفا له ملك المغرب وضرب السكة باسمه وتوفي بفاس (٢) في ٣١٢ هـ. وكان قد ولد عام ٧٧١ هـ وبذلك يكون عمره ٣٦ عاماً.

__________________

١ ـ ابن عذارى المراكشي : البيان المغرب في أخبار الأندلسي والمغرب : ٢١٠ كما في الزيدية للدكتور أحمد محمود صبحي : ١١٣.

٢ ـ الزركلي : الأعلام : ١ / ٢٧٨.

٣٨٦

الفصل السادس

الأعلام المجتهدون من الزيدية

إنّ أعلام الزيدية بين إمام جهاد واستشهاد وإمام فقه واجتهاد ، فمن الطبقة الأولى:

١ ـ يحيى بن زيد.

٢ ـ محمد النفس الزكية.

٣ ـ إبراهيم بن عبد اللّه.

٤ ـ عيسى بن زيد.

٥ ـ الحسين الفخيّ.

٦ ـ يحيى بن عبد اللّه.

٧ ـ ابن طباطبا.

٨ ـ محمد بن محمد بن زيد ، وغيرهم.

وقد تعرفت على موجز أحوالهم وجهادهم واستشهادهم.

نعم هناك أئمة فقه واجتهاد أشادوا هذا المذهب بتفكيرهم وبجهادهم العلمي المتواصل عبر القرون منضماً إلى حروبهم مع المتمردين والظالمين ، وها نحن

٣٨٧

نأتي على ذكر لفيف منهم مع الاِشارة إلى حياتهم وتأليفاتهم ، وأفضل مرجع لدراسة أحوالهم إلى القرن السابع ، كتاب « الحدائق الوردية في مناقب أئمة الزيدية » ، تأليف أبي الحسن حسام الدين حميد بن أحمد المحلي (٥٨٢ ـ ٦٥٢ هـ).

وقد ألّف في ذلك المجال كتب تتضمن حياة أئمة الزيدية نشير إلى أسمائها :

١ ـ « قرة العيون في أخبار اليمن الميمون » لوجيه الدين عبد الرحمن بن علي (ت ٩٤٤ هـ) نشرها القاضي محمد بن علي الأكوع.

٢ ـ « مصـادر الفكر العربي الاِسلامي » في اليمـن لعبد اللّه الحبشي ، طبع بيروت ـ ١٩٧٨ م.

٣ ـ « اتحاف المهتدين بذكر الأئمّة المجدّدين » لمحمد بن محمد بن يحيى « زبارة » (ت ١٣٨٠ هـ).

٤ ـ « البـدر الطالـع بمحاسن من بعد القرن السابع » للشوكاني (ت ١٢٥٠ هـ).

٥ ـ « حكام اليمن المجتهدون » لعبد اللّه محمد الحبشي ، طبع بيروت.

٦ ـ « مطلـع البدور ، ومجمـع البحور » لابن أبي الرجال صفـي الدين (ت ١٠٩٢ هـ) مخطوط.

٧ ـ « طبقات الزيديّة » تأليف إبراهيم بن القاسم الشهاري (ت ١١٥٣ هـ) مخطوط.

إلى غير ذلك ممّايقف عليه المتتبع في آثار الزيدية.

٣٨٨

١

أحمد بن عيسى بن زيد بن علي

(١٥٧ ـ ٢٤٧ هـ)

الاِمام أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام يكنّى أبا عبد اللّه ، وأُمّه عاتكة بنت الفضل بن عبد الرحمن بن العباس ابن ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب.

ولد يوم الثاني من شهر محرم الحرام سنة ١٥٧ هـ ، توفي والده وهو صغير السن.

قال أبو الفرج الأصفهاني : إنّه وُشيَ إلى هارون بأحمد بن عيسى والقاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين فأمر بإشخاصهما إليه من الحجاز فلمّا وصلا إليه ، أمر بحبسهما فحبسا في سعة عند الفضل بن الربيع مكاناً عنده قال : فاحتال بعض الزيدية فدسّ إليهما فالوذجاً في حاجات أحدهما مُبْنج فأطعما المُبْنج الموكّلين فلمّا علما إلى ذلك قد بلغ فيهم خرجا ، ـ إلى أن قال : ـ ولم يزل مدّة ببغداد مستتراً ، وقد بلغ الرشيد خبره ، فوضع الرصد في كل موضع ، وأمر بتفتيش كل دار ، يتّهم صاحبهما بالتشيع وطلب أحمد فيها ، فلم يزل ذلك دأبه حتى أمكنه التخلص فمضى إلى البصرة فأقام بها (١).

وقال الذهبي : أحمد بن عيسى بن زيد له كتاب « الصيام » روى عن حسين (يريد الحسين بن علوان) روى عنه محمد بن منصور الكوفي (٢).

وقال السيد الموَيّدي : الاِمام أبو عبد اللّه أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن

__________________

١ ـ أبو الفرج : مقاتل الطالبيين : ٤٠٨ ـ ٤٠٩.

٢ ـ الذهبي : ميزان الاعتدال : ١ / ١٢٧ برقم ٥١٢.

٣٨٩

الحسين السبط عليهم‌السلام فقيه آل محمد ، وله الأمالي المعروفة بعلوم آل محمد سمّاها الاِمام المنصور باللّه « بدائع الأنوار » توفي وقد جاوز الثمانين سنة ٢٤٧ هـ وقد كان حبسه الرشيد ثم أخرجه اللّه تعالى وبقي في البصرة إلى أن توفّي.

أولاده : محمد وعلي (١).

أقول : يروي عن حسين بن علوان كثيراً ومحمد بن بكر العلائي ، وعن محمد ابن بكر عن أبي الجارود عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام.

وروى عنه : ابناه : علي ومحمد ، ومحمد بن المنصور المرادي بواسطة ابنيه المذكورين وبلا واسطة ولم يرو عن أبيه.

وأمّا كتاب الأمالي فهو الذي طبع باسم « رأب الصدع » في ثلاثة أجزاء بتحقيق العلامة علي بن إسماعيل بن عبد اللّه الموَيد الصنعاني وصدر عن دار النفائس ببيروت عام ١٤١٠ هـ وقال محقق الكتاب إنّه كصحيح البخاري عند أهل البيت النبوي الشريف (٢).

وقد أخرج الموَلف فيه ٢٧٩٠ حديثاً عن الرسول وأئمة أهل البيت والباقر والصادق عليهم‌السلام ، وقد أكثر النقل عن النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن غير طريق علي وأبنائه عليهم‌السلام ، كما حدّث عن أبي جعفر الباقر عليه‌السلام والكتاب جدير بالمطالعة والدراسة والاستفادة والاعتماد عليه ، عند صحّة السند ، فلا يتمّ جامع حديثي للشيعة إلاّ بنقل ما ورد فيه عن أئمة أهل البيت عليهم‌السلام.

وقد استخرج المحقّق ـ المغفور له ـ مصادر ما رواه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن طريق الصحابة والتابعين ، وقصرت يده عن استخراج ما رواه عن أئمة أهل البيت عليهم‌السلام عن المصادر الحديثية الشيعيّة ، ليكون آية للصحة والاِتقان. وذيّل الجزء الثالث برسالة أسماها : « تعريف برواة الأحاديث والآثار الواردة في الكتاب » وهي ممتعة.

الجامع لأحاديثه هو أبو جعفر محمد بن منصور بن يزيد المرادي. وإليك

__________________

١ ـ الموَيدي : التحف شرح الزلف : ٤٥.

٢ ـ رأب الصدع : ١ / ١١.

٣٩٠

سند الحديث الأوّل :

أخبرنا أبو جعفر محمد بن منصور بن يزيد ، قال : حدثني أحمد بن عيسى بن زيد عن حسين بن علوان ، عن أبي خالد ، عن زيد عن آبائه عن علي عليه‌السلام وإليك ترجمتهم :

١ ـ محمد بن منصور بن يزيد (١) ولقد رجعت في ترجمة محمد بن منصور المرادي إلى العلامة بدر الدين أحد العلماء الكبار في اليمن والذي يزور حالياً الجمهورية الاِسلامية في إيران ، وحرّر شيئاً ما هذا ملخصه :

ترجمة محمد بن منصور الكوفي المرادي موَلف الامالي :

قال العلامة أحمد بن صالح ابن أبي الرجال أحد كبار علماء الزيدية في كتابه مطلع البدور :

شيخ العترة والشيعة ، عذب الشريعة ، لمن أراد بحار الشريعة محمد بن منصور المقري المرادي كان الأئمّة يجلّونه إجلال الأب الكريم وهو ينزلهم في منزلهم الشريف العظيم ، وكان شيخاً معمّراً قد ذكر في عمره بخط بعض الطلبة كلام لم يتفق عندي فانقله.

وهو الذي جمع أمالي أحمد بن عيسى ، وهو أحد الأربعة الذين اعتمد عليهم في الجامع الكافي ، لأنّ موَلف الجامع الكافي وهو صاحب « المقنع » وهو الذي قال الذهبي فيه : الامام المحدث الثقة العالم مسند الكوفة أبو عبد اللّه محمد بن علي بن الحسن بن عبد الرحمن العلوي جمع كتاباً فيه علم الأئمّة بالعراق فاجتمع فيه ما لم يجتمع في غيره.

وقال السيد العلاّمة صارم الدين إبراهيم بن محمد عليه‌السلام لمحمد بن منصور ، تفسير ، قلت : وذكر بعض شيوخنا رضي‌الله‌عنه أنّ لمحمد بن منصور

____________

١ ـ لم يترجمه الذهبي في سير أعلام النبلاء ، ولافي ميزان الاعتدال ، ولا جمال الدين المزّي في تهذيب الكمال.

٣٩١

كتاب التفسير الكبير ، وكتاب التفسير الصغير ، وكتاب أحمد بن عيسى عليه‌السلام لعله يريد الأمالي وسيرة الأئمّة العادلة ، وكتاب رسالة بخراسان ، وبعض ينسبها إلى الحسن بن زيد بطبرستان. انتهى.

وقال ابن النديم : المرادي من الزيدية وهو أبو جعفر محمد بن منصور المرادي الزيدي وله من الكتب : كتاب التفسير الكبير ، كتاب التفسير الصغير ، كتاب أحمد بن عيسى ، كتاب سيرة الأئمّة العادلة ، وله كتب في الاحكام مثل طهارة وصلاة وغير ذلك على تلاوة كتب الفقه ، وله كتاب الخميس. كتاب رسالته على لسان بعض الطالبيين إلى الحسن بن زيد بطبرستان (١).

٢ ـ أحمد بن عيسى بن زيد ، وقد مرت ترجمته.

٣ ـ حسين بن علوان ، قال النجاشي : الكلبي ولاءً كوفي عامي (غير شيعي) وأخوه الحسن يكنّى أبا محمد ، ثقة ، رويا عن أبي عبد اللّه عليه‌السلام وليس للحسن كتاب ، والحسن أخص بنا وأولى ، روى الحسين عن الأعمش ، وهشام بن عروة ، وللحسين كتاب تختلف رواياته (٢).

٤ ـ أبو خالد : قال النجاشي : عمرو بن خالد الواسطي عن زيد بن علي له كتاب كبير رواه عنه نصر بن مزاحم المنقري وغيره (٣) روى الصدوق في أماليه بإسناده عن عمرو بن خالد قال : قال لي زيد بن علي بن الحسين : في كل زمان رجل منّا أهل البيت يحتج اللّه به على خلقه ، وحجّة زماننا ابن أخي جعفر بن محمد عليه‌السلام لايضل من تبعه ولا يهتدي من خالفه (٤) وضعفه الذهبي تبعاً لعادته من تضعيف شيعة أهل البيت عليهم‌السلام ومواليهم (٥).

__________________

١ ـ ابن النديم : الفهرست : ٢٤٤.

٢ ـ النجاشي : الرجال : برقم ١١.

٣ ـ النجاشي : الرجال : برقم ٧٦٩.

٤ ـ المامقاني : تنقيح المقال : ٢ / ٣٣٠ برقم ٨٦٩١.

٥ ـ الذهبي : ميزان الاعتدال : ٣ / ٢٥٧ برقم ٦٣٥٩.

٣٩٢

٢

القاسم الرسي

(١٦٩ ـ ٢٤٦ هـ)

القاسم بن إبراهيم (طباطبا) بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن المثنى المعروف بالقاسم الرسي ، فهو الحجر الأساس لظهور الأئمّة في اليمن وهو جد الاِمام الهادي يحيى بن الحسين الذي خرج في اليمن وأسّس حكومة زيدية فيها طالت قروناً.

وممن ترجمه : أبو الحسن حسام الدين حميد الدين المحلي فقد ذكر نسبه ، وصفاته ، وطرفاً من مناقبه وأحواله وزهده وقسماً من الوصايا والحكم والآداب المنقولة منه ، ثم شرح دعوته وقال : لما استشهد أخوه محمد بن إبراهيم عليه‌السلام وهو بمصر دعا إلى نفسه وبثّ الدعاة وهو على حال الاستتار فأجابه عالَم من الناس من بلدان مختلفة ، وجاءته بيعة أهل مكة ، والمدينة ، والكوفة ، وأهل الريّ ، وقزوين ، وطبرستان وتخوم الديلم ، وكاتبه أهل العدل من البصرة والأهواز ، وحثّوه على الظهور وإظهار الدعوة.

وأقام عليه‌السلام بمصر نحو عشر سنين واشتد الطلب له هناك من عبد اللّه ابن طاهر فلم يمكنه المقام ، فعاد إلى بلاد الحجاز وتهامة وخرج جماعة من دعاته من بني عمه وغيرهم إلى بلخ والطالقان والجوزجان ، فبايعه كثير من أهلها وسألوه أن ينفذ إليهم بولد له ليظهروا الدعوة ، فانتشر خبره قبل التمكن من ذلك ، فوجهت الجيوش في طلبه فانحاز إلى حيّ من البدو ، واستخفى فيهم وأراد الخروج بالمدينة في وقت من الأوقات فأشار عليه أصحابه بأن لا يفعل ذلك ـ إلى أن قال : ـ ولم يزل على هذه الطريقة ، مثابراً على الدعوة ، صابراً على التغرّب والتردّد في النواحي والبلدان متحملاً للشدة مجتهداً في إظهار دين اللّه.

ولما تهيّأت مقدمات ظهوره وكانت له بيعات كثيرة في أوقات مختلفة أوّلها

٣٩٣

(سنة ١٩٩ هـ) والبيعة الجامعة كانت سنة ٢١٩ هـ في منزل محمد بن منصور المرادي بالكوفة. فشلت دعوته ولم تساعده المقادير إلى كل ما أراد ، فانتقل إلى الرسِّ في آخر أيامه ، وهي أرض اشتراها وراء جبل أسود بالقرب من ذي الحليفة ، وبنى هناك لنفسه ولولده وتوفي بها سنة ٢٤٦ هـ وله سبع وسبعون سنة ، ودفن فيها ومشهده معروف يزوره من يريد زيارته.

وله من الموَلفات :

١ ـ الدليل الكبير ، وقد بالغ فيه في الكلام على الفلاسفة.

٢ ـ الدليل الصغير.

٣ ـ كتاب العدل والتوحيد الكبير ، وفيه من أُصول العدل والتوحيد وتصديق الوعد والوعيد والمبالغة في الكلام على الجبرية على لطافة حجمه ، ما يشهد بغزارة علمه ، ووفور فهمه.

٤ ـ الرد على ابن المقفّع.

٥ ـ الرد على النصارى.

٦ ـ كتاب المسترشد.

٧ ـ كتاب الرد على المجبرة.

٨ ـ كتاب تأويل العرش والكرسي.

٩ ـ كتاب المسألة وفيها مناظرته مع الملحد

١٠ ـ كتاب تثبيت الاِمامة وتقديم أمير الموَمنين على المشايخ.

١١ ـ كتاب الفرائض والسنن.

١٢ ـ كتاب الطهارة.

١٣ ـ كتاب صلاة اليوم والليلة.

١٤ ـ كتاب مسائل علي بن جهشيار.

١٥ ـ كتاب الناسخ والمنسوخ.

١٦ ـ كتاب سياسة النفس (١).

__________________

١ ـ حسام الدين المحلي : الحدائق الوردية : ٢ / ٢ ـ ٦ ؛ ولاحظ الأعلام للزركلي : ٥ / ١٧١. التحف شرح الزلف ٦٣ ـ ٧٠.

٣٩٤

٣

يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي

(٢٤٥ ـ ٢٩٨ هـ)

هو الاِمام الهادي إلى الحقّ المبين ، أبو الحسين يحيى بن الحسين بن القاسم ابن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب. ولد بالمدينة المطهرة سنة ٢٤٥ هـ وحمل إلى جده القاسم فوضعه في حجره المبارك وعوّذه ، وقال لابنه : بم سمّيته؟ قال : يحيى ، وقد كان للحسين أخ يسمى يحيى توفي قبل ذلك ، فبكى القاسم حين ذكره وقال : هو واللّه ، يحيى صاحب اليمن. ـ إلى أن قال : ـ أقام اللّه به الدين في أرض اليمن وأحيا به رسوم الفرائض والسنن ، فجدد أحكام خاتم النبيين ، وآثار سيد الوصيين.

قيامه سنة ٢٨٠ هـ ، وله مع القرامطة الخارجين عن الاِسلام نيف وسبعون وقعة كانت له اليد فيها كلها ، ومع بني الحارث نيف وسبعون وقعة ـ إلى أن قال : ـ وخطب له بمكة المشرفة سبعة سنين كما ذكر ذلك في عمدة الطالب وغيره ، وقبضه اللّه إليه شهيداً بالسم وهو في ثلاث وخمسين سنة ليلة الأحد لعشر بقين من ذي الحجّة سنة ٢٩٨ هـ ، ودفن يوم الاِثنين في قبره الشريف المقابل لمحراب جامعه الذي أسّسه بصعدة (١).

ذكر حسام الدين المحلّـي طرفاً من مناقبه وأحواله وسيرته ، وأنّه الموَسس للدولة الزيدية في اليمن ، وإليك فهرساً من أسماء كتبه التي ذكرها المحلي وقال : وصنف التصانيف الفائقة والكتب البديعة :

__________________

١ ـ مجد الدين الموَيدي : شرح الزلف : ٦٢ ـ ٧٠ بتلخيص.

٣٩٥

١ ـ كتاب المنتخب في الفقه ، وهو من جلائل الكتب وفيه فقه واسع وعلم رائع. ٢ ـ كتاب الفنون في الفقه ، مهذب ملخص. ٣ ـ كتاب المسائل. ٤ ـ كتاب مسائل محمد بن سعيد. ٥ ـ كتاب الرضاع.٦ ـ كتاب المزارعة.٧ ـ كتاب أُمهات الأولاد. ٨ ـ كتاب الولاء. ٩ ـ كتاب القياس.

ومنها في التوحيد كتب جليلة القدر : ١ ـ كتاب التوحيد ٢ ـ كتاب المسترشد ٣ ـ كتاب الاِرادة والمشيئة ٤ ـ الرد على ابن الحنفية في الكلام على الجبرية ٥ ـ نوادر القرامطة ٦ ـ كتـاب أُصول الديـن ٧ ـ كتـاب الاِمـامـة ٨ ـ كتـاب إثبات النبوة والوصية ٩ ـ كتاب الرد على الاِمامية ١٠ ـ كتاب البالغ المدرك ١١ ـ كتاب المنزلة بين المنزلتين ١٢ ـ كتـاب الحملة ١٣ ـ كتـاب الديانة ١٤ ـ كتـاب الخشيـة ١٥ ـ كتاب تفسير خطايا الأنبياء ١٦ ـ كتـاب الرد على ابن جرير ١٧ ـ كتاب التفسير في ٦ أجزاء ١٨ ـ كتاب معان القرآن في ٩أجزاء ١٩ ـ كتاب الفوائد جزءان إلى غير ذلك ، وقد ذكر عبد اللّه بن محمد الحبشي له ٧٧ أثراً أتى بأسمائها وخصوصياتها ومحل نسخها المخطوطة.

وقد طبع منه كتابان :

الأوّل : كتاب الأحكام وقد طبع في جزأين وهو يشمل الكتب التالية :

١ ـ الطهـارة. ٢ ـ الصلاة. ٣ ـ الجنائـز. ٤ ـ الزكاة. ٥ ـ الصيام. ٦ ـ الحجّ. ٧ ـ النكاح. ٨ ـ الطلاق. ٩ ـ الرضاع. ١٠ ـ النفقات. ١١ ـ البيوع. ١٢ ـ الشفعة. ١٣ ـ الشركة. ١٤ ـ المضاربة. ١٥ ـ الرهن. ١٦ ـ الكفالة ، والضمان ، والحوالة ، والوكالة.١٧ ـ الغصب والاِقـرار. ١٨ ـ التفليس. ١٩ ـ الصلـح. ٢٠ ـ الاِيمـان ، والنذور ، والكفارات. ٢١ ـ الدعـوى. ٢٢ ـ المزارعـة. ٢٣ ـ الهبـة ، والصدقة ، والعمرى ، والرقبي ، والعارية ، والوديعة. ٢٤ ـ الضالة ، واللقطة ، واللقيط. ٢٥ ـ الحدود. ٢٦ ـ الديات ، والجراحة ، والجنايات. ٢٧ ـ الفرائض. ٢٨ ـ الصيد.

٣٩٦

٢٩ ـ الذبائح. ٣٠ ـ الأطعمة والأشربة واللباس. ٣١ ـ الوصايا. ٣٢ ـ القاضي ، والقضاء ، والشهادات. ٣٣ ـ السير. ٣٤ ـ الزهد ، والآداب ، وغيره من محاسن الأخلاق.

الثاني : كتاب الردّ والاحتجاج على الحسن بن محمد بن الحنفية أجاب فيه على ثلاث وأربعين سوَالاً وجهه الحسن على القائلين بالاختيار.

قال الاِمام ، في صدر الكتاب : فإنّه وقع إلينا كلام الحسن (١) بن الحنفية ، يوَكد فيه الجبر ، ويشدد في ذلك منه الأمر ، ويزعم فيه أنّ اللّه سبحانه جبر العباد أجمعين من الملائكة المقربين ، والأنبياء المرسلين ، وجميع الثقلين على كل الأعمال من صالح أو طالح فرأينا أن نجيبه في ذلك وننقض عليه ما جاء به من المهالك ونثبت عليه في ذلك كله لربنا وسيدنا وخالقنا ما هو أهله مما هو عليه وما لا يجوز لخلق اللّه ، أن يقول بغيره فيه ، فاختصرنا له في قوله الجواب ، وتركنا خشية التطويل ، كثيراً من الأسباب ، فلينظر من نظر في قولناوقوله ، وجوابنا لسوَاله بلب حاضر ورأيٍ حيٍّ صادر ، يبن له الحقّ إن شاء اللّه ويثبت في قلبة الصدق (٢).

طبعت الرسالة ضمن رسائل العدل والتوحيد في ١٧٧ صفحة.

وطبعته معها ، رسائل أُخر عام ١٤٠٠ هـ في بيروت بإشراف سيف الدين الكاتب المجاز من جامعة الأزهر.

وقد خرج مرتين ، مرة سنة ٢٨٠ هـ حتى بلغ موضعاً يقال له الشرفة بالقرب من صنعاء وأذعن له الناس بالطاعة ، وأقام مدّة يسيرة ، حتى خذله أهل البلاد ، فعاد إلى الحجاز ثم وصلت كتبهم إليه سنة ٢٨٣ هـ فأجاب طلبهم.

__________________

١ ـ وهو من أحفاد محمد الحنفية ، أعني : الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن محمد الحنفية ، ألّف رسالة يوَكّد فيها الجبر ، طبعت الرسالة في ضمن البدايات الكلامية من جانب المستشرقين.

٢ ـ الاِمام الهادي يحيى بن الحسين : الرد والاحتجاج ضمن رسائل العدل والتوحيد : ١٩.

٣٩٧

وقد ذكر الموَيدي قسماً من أشعاره وقصائده ، ومما قال :

نحن الفواطم لهونا طعن القنا

ومدامنا حرب يدور رحاها

ومما كتب إلى بني حرث مع كتاب :

خذوا حذركم مني فإنّي مسيِّر

إليكم جيوش اللّه واللّه غالب (١)

__________________

١ ـ حسام الدين المحلي : الحدائق الوردية : ٢ / ١٣ ـ ٢١ ، عبد اللّه محمد الحبشي : حكام اليمن الموَلفون المجتهدون ٢١ ـ ٤٥.

٣٩٨

٤

الناصر للحقّ ، الأطروش أبو محمد الحسن بن علي

(٢٣٠ ـ ٣٠٤ هـ)

هو أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن ، بن علي بن عمر الأشرف بن علي ابن الحسين بن علي بن أبي طالب عليهم‌السلام.

أحد الأئمّة الزيديين ، موَسس دولتها في طبرستان ، صاحب التآليف والتصانيف ، وقد كان مع محمد بن زيد إلى أن قتل محمد بجرجان فجرّه القضاء إلى بلاد الديلم وهم كفار فأسلموا على يديه ، وظهروا وذلك سنة ٢٨٧ هـ بعد ظهور الهادي في اليمن بسبع سنين (١) واستنقذهم من الضيم وبقي على هذه الحالة يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر إلى أن استولى على أهلها سنة ٣٠١ هـ.

ذكره حسام الدين المحلي وحكى طرفاً من مناقبه فقال : وحكي أنّه عليه‌السلام حضر لغذاء بعض الأشراف فلما سمع البكاء من داره ، قال : هذا الميت الذي يبكى عليه مات حتف أنفه على فراشه وبين أهله وعشيرته ، وإنّما الأسف على أُولئك النفوس الطاهرة التي قتلت تحت أديم السماء ، وفرّق بين الأجساد والروَوس ، وعلى الذين قتلوا في الحبوس وفي القيود والكبول.

وله تآليف نذكرها :

١ ـ كتاب « البساط » ٢ ـ كتاب في التفسير احتج فيه بألف بيت من الشعر

__________________

١ ـ التقدير بالسبع باعتبار القيام الأوّل ، لأنّه قام أوّلاً سنة ٢٨٠ هـ ولم يكن ناجحاً ، وقام ثانياً عام ٢٨٣ هـ.

٣٩٩

٣ ـ كتاب « الحجـاج الواضحـة » ، وفيه دلائـل حسنة على إمامة أمير الموَمنين. ٤ ـ كتاب « الأمالي » ، إلى غير ذلك مما يبلغ إلى أربعة عشر كتاباً واسع وأُلِّفَ في فقهه كتاب « الحاصر لفقه الناصر » للسيد الموَيد باللّه ، وكتاب « الناظم » للسيد أبي طالب ، وكتاب « الموجز » للشيخ أبي القاسم البستي ، وكتاب « الاِبانة » للشيخ العالم أبي جعفر محمد بن يعقوب الهوسمي ، (هذه الكتب الأربعة أُلفت في فقه الناصر وجميع أهل الجبل من الزيدية كلهم على مذهبه في الفروع) توفي ليلة الجمعة لخمس بقين من شعبان سنة ٣٠٤ هـ وله أربع وسبعون سنة. ومن أحسن شعره قصيدة أوّلها :

أناف على السبعين ذا الحول رابع

ولابـد لي إلاّ إلى اللّه راجع

وصرت تقومني العصا

أدبّ كأنّي كلما قمت راكع (١)

وكانت مدّة ظهوره بـ « آمل » ثلاث سنين وأشهراً ودفن فيها ومشهده هناك معروف. وعلى ضوء ذلك فلو كانت إمامته مختصة بهذه السنين الأخيرة فلا يكون في وقت واحد إمامان. ولكن المعروف أنّه دعا إلى نفسه قبل ذلك كما عرفت حيث دخل بلاد ديلم عام ٢٨٧ هـ داعياً إلى نفسه.

قال مجد الدين الموَيدي : وكان يرد بين الصفين متقلداً مصحفه وسيفه ، ويقول : أنا ابن رسول اللّه وهذا كتاب اللّه ، فمن أجاب إلى هذا وإلاّ فهذا. قال محمد بن جرير الطبري في تاريخه ، ولم ير الناس مثل عدل الأطروش وحسن سيرته وإقامته الحقّ. وقال ابن حزم : كان الأطروش ، فاضلاً حسن المذهب ، عدلاً في أحكامه ، ولى طبرستان ...

__________________

١ ـ حسام الدين المحلي : الحدائق الوردية : ٢ / ٢٨ ـ ٤٠. والتحف شرح الزلف : ٧٠ ـ ٧٣.

٤٠٠