بحوث في الملل والنّحل - ج ٧

الشيخ جعفر السبحاني

بحوث في الملل والنّحل - ج ٧

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٠

وقدّسه ، فذلك عمك عيسى فقم إليه فسلّم عليه ، قال محمد بن محمد بن زيد فذهبت إلى الكوفة فلمّا وصلتها جلستُ حيث أمرني أبي فلم ألبث أن جاء الرجل الذي وصفه لي أبي وبين يديه جمل عليه راوية فقمت إليه وأكببت على يديه أُقبّلهما فذعر مني فقلت : أنا محمد بن زيد (١) فسكن ثم أناخ جمله وجلس إليَّ في ظل حائط هناك وحدثني ساعة ، وسألني عن أهلي وأصحابه ثم ودّعني وقال لي : يابني لاتعد إليّ بعد هذا فإنّي أخشى الشهرة (٢).

وقال صاحب المجدي : وكان من أصحاب محمد بن عبد اللّه قتيل « أحجار الزيت » فاختفى عيسى من يد المهدي ومات في الاستتار على أيام الرشيد وكان شيخنا أبو الحسن يقول : كان ابن دينار يزعم أنّه قتل زيد ولابنه الحسين أربع سنين ولابنه عيسى سنة ولابنه محمد أربعون يوماً (٣) وعلى ذلك فقد توفي عيسى حوالي عام ١٦٧ للهجرة.

__________________

١ ـ كذا في النسخة المطبوعة والصحيح محمد بن محمد بن زيد ولعل الحذف للسهولة.

٢ ـ ابن عنبة : عمدة الطالب ، في أنساب آل أبي طالب : ٢٨٦ ـ ٢٨٧.

٣ ـ أبو الحسن العلوي العمري : المجدي في أنساب الطالبيين : ١٨٦ ـ ١٨٧.

٣٦١

أصحاب الانتفاضة

٦

الحسين بن علي الفخيّ

( ... ـ ١٦٩ هـ)

هو الحسين بن علي بن الحسن المثلث أي الحسن بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه‌السلام قال صاحب المجدي : ومن ولد علي زين العابدين الحسن المثلث ، الحسين بن علي وهو الشهيد صاحب فخ ، خرج ومعه جماعة من العلويين زمن الهادي موسى بن المهدي بن المنصور بمكة ، وجاء موسى بن عيسى ابن على ومحمد بن سليمان بن المنصور فقتلاهم بفخ يوم التروية سنة تسع وستين ومائة. وقيل : سنة سبعين ، وحملا رأسه إلى الهادي ، فأنكر الهادي فعلهما وأمضاءهما حكم السيف فيهم دون رأيه ، ونقل أبو نصر البخاري عن محمد الجواد ابن علي الرضا عليهما‌السلام أنّه قال : لم يكن لنا بعد الطف مصرع أعظم من فخ (١).

__________________

١ ـ النسابة ابن عنبة : عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب : ١٨٢ ـ ١٨٣.

٣٦٢

أصحاب الانتفاضة

٧

محمد بن إبراهيم طباطبا

(١٧٣ ـ ١٩٩ هـ)

هو محمد بن إبراهيم (طباطبا) بن إسماعيل بن علي الغمر بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (١).

قال صاحب المجدي : أمّا إبراهيم بن إسماعيل بن الغمر فهو طباطبا ولقب بذلك لأنّه أراد أن يقول قبا فقال طبا ، لردّة في لسانه ، وكان له خطر وتقدم وأبرزَ صفحتَه ودعا إلى الرضا من آل محمد. فولد إبراهيم بن إسماعيل بن الغمر ثلاثة عشر ولداً ، منهم : بنتان وهما : لبابة وفاطمة ، والذكور : جعفر ، وإبراهيم ، وإسماعيل ، وموسى ، وهارون ، وعلي ، وعبداللّه ، ومحمد.

هذا هو الوالد وأمّا الولد أي محمد ، يقول في حقّه : « إنّه صاحب أبي السرايا يكنّى أبا عبد اللّه ، خرج بالكوفة فجأة وانقرض ولده غير انّ رجلاً منهم يقال له محمد بن الحسين بن جعفر بن محمد هذا ، صاحب أبي السرايا خرج إلى بلاد الحبشة فما نعرف له خبراً (٢).

__________________

١ ـ سيوافيك في الفصل القادم أنّ الاِمام يحيى موَسس الدولة الزيدية في اليمن عام ٢٨٤ من أحفاد إبراهيم إذ نسبه : يحيى بن الحسين ، بن القاسم بن إبراهيم طبا طبا.

٢ ـ النسابة العلوي العمري : المجدي : ٧٢.

٣٦٣

وقال ابن عنبة : ومن ولد إبراهيم طباطبا أيضاً محمد بن إبراهيم ويكنى أبا عبد اللّه أحد أئمة الزيدية ، خرج بالكوفة داعياً إلى الرضا من آل محمد ، وخرج معه أبو السرايا (السري بن منصور) الشيباني في أيام المنصور ، فغلب على الكوفة ودعا بالآفاق ولقّب بأمير الموَمنين وعظم أمره ثم مات فجأة ، وانقرض عقبه ، وكان من ولده محمد بن الحسين بن جعفر بن محمد هذا ، خرج إلى الحبشة فما يعرف له خبر. وفي بعض النسخ مات ١٩٩ هـ وقيل : سمّاه أبو السرايا سماً ومات منه واللّه أعلم (١).

وقال الطبري في حوادث سنة ١٩٩ هـ : وفيها خرج بالكوفة محمد بن إبراهيم ابن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب يوم الخميس لعشر خلون من جمادي الآخرة يدعو إلى الرضا من آل محمد والعمل بالكتاب والسنّة وهو الذي يقال له ابن طباطبا وكان القيم بأمره في الحرب وتدبيرها وقيادة جيوشه أبا السرايا واسمه السري بن منصور (٢).

وبما أنّ أبا السرايا جاء اسمه في ذكر لفيف من الثائرين ، نذكر عنه شيئاً.

يقول خير الدين الزركليّ : السري بن منصور الشيباني ثائر شجاع من الأمراء العصاميين فجمع عصابة كان يقطع بها الطريق ، ثم لحق بيزيد بن مزيد الشيباني بأرمينيا ومعه ثلاثون فارساً فجعله في القواد فاشتهرت شجاعته ، ولما نشبت فتنة الأمين والمأمون انتقل إلى عسكر هرثمة بن أعين وسار معه نحو ألفي مقاتل وخوطب بالأمير ، ولما قتل الأمين نقص هرثمة من أرزاقه وأرزاق أصحابه فخرج في نحو مائتي فارس فحصر عامل عين التمر وأخذ ما معه من المال ففرّقه في أصحابه ، ثم استولى على الأنبار وذهب إلى الرقة وقد كثر جمعه فلقيه بهما ابن

__________________

١ ـ ابن عنبة : عمدة الطالب : ١٧٢.

٢ ـ الطبري : التاريخ : ٧ / ١١٧.

٣٦٤

طباطبا العلوي (محمد بن إبراهيم) وكان قد خرج على بني العباس ، فبايعه أبو السرايا وتولّـى قيادة جنده ، واستوليا على الكوفة ، فضرب بها أبو السرايا الدرهم ، وسيّر الجيوش إلى البصرة ونواحيها ، وعمل على ضبط بغداد ، وامتلك المدائن وواسطاً ، واستفحل أمره ، وأرسل العمال والأمراء إلى اليمن والحجاز وواسط والأهواز ، وتوالت عليه جيوش العباسيين فلم تضعضعه إلى أن قتله الحسن بن سهل وبعث برأسه إلى المأمون ونصبت جثته على جسر بغداد (١).

وقد فصل أبو الفرج الكلام حول خروج أبو السرايا ولقائه مع محمد بن إبراهيم يرجع ملخصه إلى ما ذكره خير الدين ، ولذلك اقتصرنا عليه (٢).

و ليعلم أنّ القاسم الرسّي الذي يعتبر الاِمام الثاني للزيدية من فريق الأئمّة المجتهدين هو أخو محمد بن إبراهيم ، كما أنّ الاِمام الهادي الذي أسس دولة فيها هو حفيد القاسم الرسّي ، فالكل من أغصان الشجرة الطيبة العلوية.

__________________

١ ـ خير الدين الزركلي : الأعلام : ٣ / ٨٢ نقلاً عن البداية والنهاية : ١٠ / ٢٤٤ ومقاتل الطالبيين : ٣٣٨ ، والطبري : التاريخ : ١٠ / ٢٢٧.

٢ ـ انظر : أبو الفرج الأصفهاني ، مقاتل الطالبيين : ٥١٨ ـ ٥٣٦.تحقيق سيد أحمد صقر.

٣٦٥

أصحاب الانتفاضة

٨

محمد بن محمد بن زيد بن علي

(١٨٢ ـ ٢٠٢ هـ)

يحدّث صاحب المجدي عن أبيه فيقول : محمد بن زيد الشهيد بن علي بن الحسين عليه‌السلام وكان بليغاً ، وله أحد عشر ولداً ، منهم : محمداً الأكبر وكان على عهد المأمون وهو صاحب أبي السرايا بعد ابن طباطبا قبره بمرو ، وكان سقي سماً (١).

وقال ابن عنبة : وكان لمحمد بن زيد الشهيد عدّة بنين ، منهم محمد بن محمد ابن زيد. ولما خرج أبو السرايا وأخذ البيعة لمحمد بن إبراهيم بن إسماعيل (المذكور آنفاً) وتوفي « محمد » فجأة نصب أبو السرايا مكانه محمد بن محمد بن زيد هذا ، ولقبه « الموَيد » فندب الحسن بن سهل إليه هرثمة بن أعين ، فحاربه وأسره وحمله إلى الحسن بن سهل فحمله الحسن إلى المأمون ، فتعجب المأمون من صغر سنه وقال : كيف رأيت اللّه في الصنع بابن عمك؟ فقال محمد بن محمد بن زيد :

رأيت أمين اللّه في العفو والحلم

وكان يسيراً عنده أعظم الجرم

فأعرض عن جهلي وداوي سقامه

بعفو جرى عن جلده هبوه السقم

وتوفي محمد بن محمد بن زيد بمرو وسقاه المأمون السم ٢٠٢ هـ وهو ابن عشرين سنة ، فيقال : إنّه كان ينظر كبده يخرج من حلقه قطعاً فيلقيه في طشت ويقلبه بخلال في يده (٢).

__________________

١ ـ النسابة العلوي العمري : المجدي : ١٨٤.

٢ ـ ابن عنبة : عمدة الطالب : ٣٠٠ ، لاحظ أيضاً مقاتل الطالبيين : ٣٤٣ و ٥١٧ من الطبعة الأخرى.

٣٦٦

أصحاب الانتفاضة

٩

محمد بن القاسم بن علي بن عمر

ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب

( ... ـ بعد ٣١٩ هـ)

قال صاحب المجدي : أمّا الوالد أي القاسم بن علي بن عمر فهو يكنى بـ « أبي علي » وكان شاعراً وقد اختفى ببغداد ، وأمّا الولد فقد أشخصه الرشيد من الحجاز وحبسه وأفلت من الحبس (١).

وقال ابو الفرج : محمد بن القاسم يكنى أبا جعفر ، وكانت العامة تلقّبه الصوفي ، لاِنّه كان يُدْمِن لبس ثياب من الصوف الأبيض ، وكان من أهل العلم والفقه والدين والزهد وحسن المذهب ، وكان يذهب إلى القول بالعدل والتوحيد ويرى رأي الزيدية الجارودية ، خرج في أيام المعتصم بالطالقان ، فأخذه عبد اللّه بن طاهر ووجّه به الى المعتصم (٢).

يقول المسعودي : وفي هذه السنة أي ٢١٩ هـ أخاف المعتصم ، محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب رحمهم‌الله ، وكان بالكوفة من العبادة والزهد والورع في نهاية الوصف ، فلمّا خاف على نفسه هرب فصار إلى خراسان ، فتنقل في مواضع كثيرة من كورها كمرو ، وسرخس والطالقان ونسا ، فكانت له هناك حروب وكوائن وانقاد إليه وإلى إمامته خلق كثير من

__________________

١ ـ النسابة العلوي : المجدي : ١٤٩.

٢ ـ أبو الفرج الأصفهاني : مقاتل الطالبيين : ٣٨٢.

٣٦٧

الناس ، ثم حمله عبد اللّه بن طاهر إلى المعتصم ، فحبسه في أزج اتخذه في بستان بسر من رأى. وقد تنوزع في محمد بن القاسم ، فمن قائل يقول : إنّه قتل بالسم ، ومنهم من يقول : إنّ ناساً من شيعته من الطالقان أتوا ذلك البستان فتأتوا للخدمة فيه من غرس وزراعة ، واتخذوا سلالم من الجبال واللبود والطالقانية ونقبوا الأزج وأخرجوه ، فذهبوا به فلم يعرف له خبر إلى اليوم ، وقد انقاد إلى إمامته خلق كثير من الزيدية إلى هذا الوقت وهو سنة ٣٣٣ هـ (١).

__________________

١ ـ المسعودي : مروج الذهب : ٣ / ٤٦٤ ـ ٤٦٥.

٣٦٨

الفصل الثالث

أئمة الزيدية ودولتهم في اليمن

قد تعرفت على أسماء وحياة الثائرين بعد زيد الشهيد إجمالاً ، وهوَلاء الأماثل قاموا في

وجه الظلم في مناطق مختلفة ، بصورة انتفاضات ناجحة وغير ناجحة.

ويأتي الآن دور الثائرين الأفاضل ، الموَسسين دولاً في قطر كبير من الأقطار الثلاثة

وهوَلاء عبارة عن :

أئمة الزيدية وتأسيس الدولة في اليمن.

أئمة الزيدية وتأسيس الدولة في طبرستان.

أئمة الزيدية وتأسيس الدولة في المغرب.

وإليك البيان ابتداء من أئمتهم في اليمن وأوّل ثائرهم وفي الحقيقة موَسس دولتهم هو :

١

يحيى بن الحسين بن القاسم الرسي بن إبراهيم طباطبا

قال صاحب المجدي في حقّ والده : الحسين بن القاسم الرسّي كان سيداً كريماً ولد له يحيى ، وهو أبو الحسين الهادي ، الجليل ، الفارس ، الديّن ، إمام الزيدية وكان مصنفاً ، شاعراً ، ظهر باليمن مات سنة ٢٩٨ هـ وكان يتولى الجهاد بنفسه

٣٦٩

ويلبس جبة صوف وكان قشفاً رحمه‌الله (١).

وقال ابن عنبة : أمّا أبو عبد اللّه الحسين بن القاسم الرسي وكان سيداً كريماً ، فأعقب من رجلين :

١ ـ أبو الحسين يحيى الهادي.

٢ ـ أبو محمد عبد اللّه السيد العالم.

أمّا يحيى الهادي بن الحسين بن القاسم الرسّي يكنى أبا عبد اللّه ، كان إماماً من أئمة الزيدية ، جليلاً فارساً ، ورعاً ، مصنفاً ، شاعراً ، ظهر باليمن ويلقب بالهادي إلى الحقّ ، وكان يتولى الجهاد بنفسه ويلبس جبة صوف ، له تصانيف كبار في الفقه قريبة من مذهب أبي حنيفة ، وكان ظهوره باليمن أيام المعتضد سنة ٢٨٠ هـ وتوفي هناك عام ٢٩٨ هـ وخُطِبَ له بمكـة سبع سنين ، وأولاده أئمة الزيدية وملوك اليمن وقد ولي الحكومة بعد رحيل الهادي ولداه :

١ ـ أبو القاسم محمد المرتضى ، قام بالأمر بعد أبيه.

٢ ـ أحمد الناصر قام بالأمر بعد تنازل أخيه.

وسيوافيك ترجمة الوالد والولدين في الفصل السادس المختص ببيان أعلامهم المجتهدين ، وإليك أسماء الأئمّة الذين كان لهم الحكم إلى قيام الجمهورية عام ١٣٨٢ هـ.

وقد توالت الاِمامة من عقب الاِمام يحيى بعد الولدين إلى قيام الجمهورية العربية في أرض اليمن إلاّ في فترات قليلة ، فلأجل إيقاف القارىَ على أسمائهم نأتي بالقائمة التالية ومن أراد التفصيل فليرجع إلى الكتب المعدّة لذلك.

__________________

١ ـ النسابة العلوي العمري : المجدي : ٧٨.

٣٧٠

سلسلة أئمة الزيدية في اليمن :

قد قام غير واحد من الزيدية بذكر أئمتهم حسب التسلسل الزمني ، وتصدّيهم لأمر الاِمامة منهم :

أحمد بن يحيى بن المرتضى (ت ٨٤٠ هـ) في مقدمة البحـر الزخار قال : « باب في تعداد أئمة الزيدية » والمقصود الدعاة دون المقتصدين هو مرتب على مراتبهم في القيام عليهم‌السلام أولهم علي بن أبي طالب كرم اللّه وجهه بويع له في المدينة ...

ثم ولده الحسن بن علي قام يوم الاثنين لثمان بقين من شهر رمضان ...

ثم أخوه الحسين بن علي قام حين أتى نعي معاوية ...

ثم الحسن بن الحسن قام ودعا وبايعه خلق كثير ...

ثم زيد بن علي قام يوم الأربعاء ...

ثم يحيى بن زيد قام ودعا ...

ثم ساق أسماء الأئمّة إلى والده الاِمام المهدي علي بن محمد بن علي بن منصور بن يحيى بن مفضل بن الحجاج بن علي بن يحيى بن القاسم بن الاِمام يوسف الداعي بن يحيى بن أحمد الناصر بن الهادي إلى الحق ولد سنة ٧٠٥ هـ وتوفي سنة ٧٧٤ هـ. (١)

ولا تعجب من ذكر الاِمام علي بن أبي طالب والحسنين ، والحسن بن الحسن ، وزيد بن علي دون الاِمام زين العابدين ، من أئمة الزيدية مع أنّ زيداً تولد وقام بالدعوة بعد قرن وربع وذلك لأجل أنّ المراد من الزيدية هي يتَّبعُ المنهج

____________

١ ـ البحر الزخار : ٢٢٥ ـ ٢٣١ ، آخر كتاب الجواهر والدرر في سيرة سيد البشر.

٣٧١

الخاص في باب الاِمامة وهو الذي قام ودعا إلى إمامته وبويع وخرج ، وله من الموَهلات والمواصفات المذكورة في بابها ، والاِمام والسبطان مشوا على هذا الدرب دون الاِمام السجاد عليه‌السلام.

وممن قام بتدوين أسماء وحياة أئمة الزيدية موَلف كتاب « التحف شرح الزلف » فقد نظم أسماء الأئمّة نظماً وشرحها شرحاً ، والموَلف أُنموذج السلف السيد مجد الدين بن محمد بن منصور الحسن الموَيدي شيخ الزيدية في العصر الحاضر باليمن فقد أتى بأسمائهم وقليلاً من حياتهم إلى الاِمام المتوكل على اللّه يحيى بن الاِمام المنصور باللّه محمد بن يحيى الذي قام بعده وفاة أبيه سنة ١٣٢٢ هـ قال : فجنّد الجنود وخفقت له الرايات ، وصفت البنود ، وفي أيامه النعمة الكبرى والمنة العظمى إخراجه الأتراك وإجلاوَهم من اليمن وفي هذا التاريخ (١٣٦٥ هـ) أوامره ونواهيه في أرض اليمن جارية (١).

وقد سبق زمن تأليف الكتاب على دعوة الاِمامين بعد المتوكل ولم يذكر منهما شيئاً أعني :

١ ـ الناصر لدين اللّه أحمد بن يحيى حميد الدين (ت ١٣٨٢ هـ).

٢ ـ المنصور باللّه محمد البدر بن أحمد بن يحيى حميد الدين.

حيث لم يحكم الثاني إلاّ أياماً قلائل وأُزيل عن الحكم بقيام الثورة وإعلان الجمهورية بقيام أحد العسكريين باسم السلال عام ١٣٨٣ هـ.

وبما أنّا استوفينا ذكر الأئمّة الدعاة حتى عصر الاِمام يحيى الهادي نذكر سلسلة الزيدية بعد عصره إلى زماننا هذا ، وقد استخرجت القائمة من عدّة مصادر ولم نذكر فيها الدعاة الذين ليسوا بأئمة بل هم حسب مصطلح الزيدية

__________________

١ ـ التحف شرح الزلف : ١٩٤ ولاحظ أيضاً كتاب اليمن عبر التاريخ : ٢٥٠ ـ ٢٥٩ تأليف أحمد حسين شرف الدين وهو يذكر أئمّة الزيدية باليمن فقط.

٣٧٢

مقتصدون ، وقد عقد في البحر الزخار باباً لأسماء هوَلاء أيضاً (١).

وقد استعنت في تنظيم القائمة ، أحد الفضلاء أعني الشيخ علي اليمني دامت إفاضاته.

١ ـ الاِمـام المرتضى لديـن اللّه محمـد بن يحيى وهو ابن الهادي يحيى بن الحسين ، بويع له بالاِمامة في غرة محرم سنة ٢٩٩ هـ بعد وفاة الهادي واستمر في الحكم عشرة أشهر ثم تنازل عن الحكم لما رأى من تخاذل بعض الناس ، وتوفي في أيام أخيه الناصر أحمد سنة عشر وثلاثمائة وعمره اثنتان وثلاثون سنة ، وكان يلقب بجبريل الأرض لنسكه ، ودفن بجوار الهادي في مدينة صعدة في اليمن.

٢ ـ الاِمام الناصر أحمد بن الهادي يحيى بن الحسين ، بويع له بعد تنازل المرتضى محمد وكان حين وفاة الهادي في الحجاز ثم قدم بعد ذلك ، وكانت له حروب مع القرامطة وهزمهم في جميعها وصفت له أكثر اليمن ، واستمر في الحكم حتى توفي سنة ثلاثمائة وخمسة وعشرين ودفن بجوار أبيه وأخيه.

٣ ـ المنصور باللّه القاسم بن علي بن عبد اللّه العياني قام ببلاد خثعم من أرض الشام ثم خرج إلى اليمن وتوفي سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة بقرية عيان شمال اليمن وهو من ذرية محمدبن القاسم بن إبراهيم طباطبا.

٤ ـ الاِمام الناصر أبو الفتح الديلمي وهو أبو الفتح بن الحسين بن محمد من ذرية علي بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن أبي طالب ، قام في بلاد الديلم شمال إيران في عام ثلاثين وأربعمائة ، ثم خرج إلى اليمن فاستولى على أكثر اليمن واستشهد سنة نيف وأربعين أو خمسين وأربعمائة في وقعة بينه وبين علي بن محمد الصليحي.

__________________

١ ـ البحر الزخار : المقدمة / ٢٢٥ ، والمراد من المقتصدين هم الذين لم يتمكنوا من الخروج وإن كانت لهم دعوة.

٣٧٣

٥ ـ الاِمام المتوكل على اللّه أحمد بن سليمان من ذرية الناصر أحمد بن الهادي ، استولى على جميع اليمن وخطب له بينبع وخيبر وتوفي في ربيع سنة ست وخمسين وخمسمائة عن ست وستين سنة.

٦ ـ الاِمام المنصور باللّه عبد اللّه بن حمزة ينتهي نسبه إلى عبد اللّه بن الحسين ابن القاسم بن إبراهيم طباطبا ، دعوته سنة أربع وتسعين وخمسمائة ويعتبر مجدد المذهب الزيدي في القرن السابع الهجري ، توفي في محرم سنة أربع عشرة وستمائة عن عمر يناهز الثانية والخمسين.

٧ ـ الاِمام المهدي أحمد بن الحسين من ذرية محمد بن القاسم بن إبراهيم طباطبا ، دعا إلى اللّه سنة ست وأربعين وستمائة وقتل سنة ست وخمسين وستمائة.

٨ ـ الاِمام المنصور باللّه الحسن بن بدر الدين دعا في الخامس والعشرين من شوال سنة سبع وخمسين وستمائة وتوفي سنة سبعين وستمائة عن أربع وسبعين عاماً.

٩ ـ الاِمام المتوكل على اللّه المطهر بن يحيى وكانت دعوته سنة ست وسبعين وستمائة وتوفي في سنة سبع وتسعين وستمائة.

١٠ ـ الاِمام المهدي محمد بن المطهر وكانت دعوته سنة إحدى وسبعمائة وتوفي سنة ثمان وعشرين وسبعمائة عن سبعين عاماً ، ويعتبر من المجددين للمذهب الزيدي في القرن الثامن.

١١ ـ الاِمام الموَيد باللّه يحيى بن حمزة ينتهي نسبه إلى الاِمام علي بن موسى الرضا من جهة الاِمام الجواد عليه‌السلام ثم الاِمام علي الهادي عليه‌السلام وكان قيامه سنت تسع وعشرين وسبعمائة وتوفي سنة تسع وأربعين وسبعمائة.

١٢ ـ الاِمـام المهدي لدين اللّه علي بن محمد ، كانت ولادته سنـة سبعمائة وخمسة للهجرة ودعوته سنة سبعمائة وخمسين للهجرة وتوفي في جمادي الآخرة سنة

٣٧٤

سبعمائة وأربعة وسبعين للهجرة وقيل في ربيع الأوّل من نفس العام.

١٣ ـ الاِمـام الهادي لدين اللّه علي بن الموَيد ، كانت دعوتـه سنة سـت وسبعمائة وتوفي في العاشر من محرم سنة ست وثلاثين وثمانمائة عن ثمانين سنة ، ومدّة حكمه ما يقرب من أربعين سنة.

١٤ ـ الاِمام المهدي لدين اللّه أحمد بن يحيى المرتضى ، ولادته سنة سبعمائة وأربعة وستين وكانت دعوته سنة سبعمائة وثلاثة وتسعين فأُسر وحبس فلمّا آيس الهادي علي بن الموَيد من خروجه من الحبس دعا لنفسه ، وتوفي المهدي في سنة ثمانمائة وأربعين للهجرة.

١٥ ـ الاِمام المتوكـل على اللّه المطهـر بن محمد وهو من ذرية عبد اللّه بن الحسين بن القاسم بن إبراهيم طباطبا.

كان قيامه في سنة ثمانمائة وإحدى وأربعين وتوفي في صفر سنة تسع وسبعين وثمانمائة.

١٦ ـ الاِمام الهادي عز الدين بن الحسن ، كانت دعوته في تسعة شوال سنة ثمانين وثمانمائة ويعتبر مجدداً للدين في القرن التاسع الهجري ، وحكم اليمن ومكّة وكانت وفاته في رجب سنة تسعمائة عن خمس وخمسين عاماً.

١٧ ـ الاِمام المتوكل على اللّه يحيى شرف الدين بن شمس الدين بن الاِمام المهدي أحمد بن يحيى المرتضى ، كانت بيعته في جمادي الأولى سنة اثنتي عشرة وتسعمائة وفي أيامه خرج الجراكسة والأتراك من اليمن وتوفي سنة خمس وستين وتسعمائة وهو ابن سبع وثمانين سنة.

١٨ ـ الاِمام الهادي الحسن بن عز الدين ، كانت دعوته أواخر أيام الاِمام شرف الدين وذلك بإشارة من الاِمام شرف الدين بعد ذهاب بصره ، فبويع له سنة ثمان وخمسين وتسعمائة وتوفي سنة سبع وثمانين وتسعمائة عن سبع وسبعين سنة.

٣٧٥

١٩ ـ الاِمام الناصر لدين اللّه الحسن بن علي بن داود ، بويع له سنة أربع وثمانين وتسعمائة ، أسّره الأتراك سنة ثلاث وتسعين وتسعمائة في سادس عشر من شهر رمضان وسجن في اليمن سنة ثم أُرسل إلى القسطنطينية وبقي مسجوناً إلى أن توفي سنة أربع وعشرين وألف للهجرة.

٢٠ ـ الاِمام المنصور باللّه القاسم بن محمد بن علي ، بويع له في محرم سنة ألف وستة هجرية ، وهو مجدد القرن الحادي عشر ، وهو وأولاده الذين أخرجوا الأتراك من اليمن وتوفي سنة ألف وتسعة وعشرين هجرية.

٢١ ـ الاِمام الموَيد باللّه محمد بن القاسم بن محمد ، بويع له بعد وفاة أبيه القاسم بن محمد وتوفي بعد صلاة الجمعة في اليوم الثامن من شهر رجب في سنة ألف وأربع وخمسين للهجرة ، وفي أيامه تم خروج الأتراك نهائياً من اليمن.

٢٢ ـ الاِمام المتوكل على اللّه إسماعيل بن القاسم بن محمد ، بويع له بعد وفاة الموَيد سنة أربع وخمسين وألف وتوفي في جمادي الآخر سنة سبع وثمانين وألف وامتدّ حكمه إلى ظفار عمان.

٢٣ ـ الاِمام المنصور باللّه القاسم بن الموَيد باللّه محمد بن القاسم بن محمد ، بويع له بعد وفاة عمه المتوكل على اللّه إسماعيل وتوفي سنة ألف وسبعة وعشرين للهجرة النبوية على صاحبها وآله السلام.

٢٤ ـ الاِمام الموَيد باللّه محمد بن المتوكل على اللّه إسماعيل ، دعا بعد وفاة الموَيد وتوفي سنة سبع وتسعين وألف للهجرة.

٢٥ ـ الاِمام المتوكل على اللّه إسماعيل بن أحمد بن عبد اللّه الكبسي المغلس دعوته سنة إحدى وعشرين ومائتين وتوفي سنة ثمان وأربعين ومائتين ويعتبر مجدداً للمذهب الزيدي في القرن الثاني عشر.

٢٦ ـ الاِمـام المنصور باللّه أبو محمد أحمد بن هاشم بن المحسن ، كانت

٣٧٦

دعوته سنة ألف ومائتين وأربع وستين وتوفي سنة ألف ومائتين وتسع وستين.

٢٧ ـ الاِمام المنصور باللّه محمد بن عبد اللّه الوزير ، كانت دعوته سنة ألف ومائتين وسبعين ثم اعتزل بعد سنة من قيامه وتوفي سنة ألف وثلاثمائة وسبعة.

٢٨ ـ الاِمام المتوكل على اللّه المحسن بن أحمد الحوثي ، كانت دعوته في سنة ألف ومائتين وإحدى وسبعين وتوفي سنة ألف ومائتين وخمس وتسعين.

٢٩ ـ الاِمام المهدي لدين اللّه أبو القاسم محمد بن القاسم بن إسماعيل الحسيني يرجع نسبه إلى الاِمام يحيى بن حمزة الحسيني ، كانت دعوته سنة ألف ومائتين وثمان وتسعين للهجرة ثم أُخذ بعد ذلك وسجنه الأتراك وتوفي سنة ألف وثلاثمائة وتسعة عشر للهجرة.

٣٠ ـ الاِمام الهادي لدين اللّه شرف الدين بن محمد الحسيني ، يرجع نسبه إلى الاِمام يحيى بن حمزة الحسيني خرج أواخر القرن الثالث عشر أثناء سجن الاِمام المهدي وتوفي سنة ألف وثلاثمائة وسبعة.

٣١ ـ الاِمام المنصور باللّه محمد بن يحيى بن محمد حميد الدين وهو من ذرية الاِمام القاسم بن محمد ، دعا سنة سبع وثلاثمائة وهو وابنه الاِمام يحيى حميد الدين من أخرج الأتراك من اليمن وتوفي سنة ألف وثلاثمائة واثنين وعشرين.

٣٢ ـ الاِمام المتوكل على اللّه يحيى بن محمد حميد الدين ، دعا بعد وفاة والده المنصور باللّه محمد في سنة ألف وثلاثمائة واثنين وعشرين ، وهو الذي أخرج الأتراك نهائياً من اليمن وله المنة الكبرى في إبقاء اليمن بعيداً عن الاستعمار والأجانب ، واستمرّ حكم الاِمام يحيى حتى استشهد سنة ألف وثلاثمائة وسبع وستين.

هوَلاء هم الأئمّة الذين حكموا اليمن بعد الهادي يحيى بن الحسين وهم

٣٧٧

الذين أجمعوا على إمامتهم وكان هناك غيرهم ممن حكم اليمن إلاّ أنّهم لم يصلوا إلى درجة الاِمامة عندهم وهم إمّا دعاة أو محتسبون ، وجاء بعد الاِمام يحيى من أخذ بثأره الاِمام أحمد بن يحيى حميد الدين كان عالماً جليلاً وفارساً شجاعاً وكان عادلاً في حكمه إلاّ أنّه لم تكتمل شروط الاِمامة فيه واستمر حكمه إلى سنة ألف وثلاثمائة وثلاثة وثمانين للهجرة.

٣٧٨

الفصل الرابع

أئمة الزيدية ودولتهم في طبرستان

وقد أسّس بعض الثائرين على منهج زيد الثائر دولة زيدية في طبرستان ، وهم بين داع وإمام ، أو بين إمام جهاد ، وإمام اجتهاد ، نعم هنا مشكلة وهو اجتماع إمامين في عصر واحد وإن كانا في قطرين ، وسيوافيك أنّ الناصر الأطروش من أئمة الزيدية في طبرستان كان معاصراً مع الاِمام الهادي يحيى بن الحسين الذي توفي ٢٩٨ هـ ، وإليك أسماءهم وقليلاً من حياتهم :

١ ـ الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب (ت ٢٧٠ هـ).

قال المسعودى : وفي خلافة المستعين وذلك في سنة ٢٥٠ هـ ، ظهر ببلاد طبرستان الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل ، بن الحسن ، بن زيد بن الحسن بن الحسن بن علي بن أبي طالب ـ رضي اللّه عنهم ـ فغلب عليها وعلى جرجان بعد حروب كثيرة وقتال شديد وما زالت في يده إلى أن مات سنة سبعين ومائتين (١).

وقال الجزري : وفيها توفي الحسن بن زيد العلوي ، صاحب طبرستان ، في رجب وكانت ولايته تسع عشرة سنة وثمانية أشهر وستة أيام ، وولي مكانه أخوه

__________________

١ ـ المسعودي : مروج الذهب : ٤ / ٦٨.

٣٧٩

محمد بن زيد.

وكان الحسن جواداً مدحه رجل فأعطاه عشرة آلاف درهم ، وكان متواضعاً للّه تعالى.

حكى عنه أنّه مدحه شاعر فقال : اللّه فرد ، وابن زيد فرد ، فقال : بفيك الحجر ، ياكذاب ، هلا قلت اللّه فرد ، وابن زيد عبد. ثم نزل عن مكانه ، وخرّ ساجداً للّه تعالى ، وألصق خده بالتراب وحرم الشاعر (١).

٢ ـ أخوه : محمد بن زيد بن محمد بن إسماعيل ، فقام مكانه أخيه « الحسن » وحاربه رافع بن هرثمة ودخل محمد بن زيد إلى الديلم في سنة ٢٧٧ هـ ، فصارت في يده وبايعه بعد ذلك رافع بن هرثمة ، وصار في جملته وانقاد لدعوته والقول بطاعته ( إلى أن توفي سنة ٢٨٧ هـ بعد ما أُثخن في معركة الحرب مع السامانيين ) وكان الحسن بن زيد ومحمد بن زيد يدعوان إلى الرضا من آل محمد وكذلك من طرأ بعدهما ببلاد طبرستان (٢).

٣ ـ الاِمام الناصر للحقّ الأطروش ، أبو محمد : الحسن بن علي بن الحسن بن علي بن عمر الأشرف (٣) بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب ( ٢٣٠ ـ ٣٠٤ هـ ) وستوافيك ترجمته في الفصل القادم.

٤ ـ الحسن بن القاسم بن الحسن بن علي بن عبد الرحمن بن القاسم بن الحسن بن زيد بن الحسن السبط ( ت ٣١٦ هـ ).

قال الموَيدي : هو الاِمام الداعي إلى اللّه أبو محمد الحسن بن القاسم بن

__________________

١ ـ الجزري : الكامل : ٧ / ٤٠٧.

٢ ـ المسعودي : مروج الذهب : ٤ / ٦٨.

٣ ـ إنّما يوصف بالأشرف لكونه من جانب الأب والأمّ علوياً في مقابل عمر الأطرف إذ كان علوياً من جانب الأب.

٣٨٠