بحوث في الملل والنّحل - ج ٧

الشيخ جعفر السبحاني

بحوث في الملل والنّحل - ج ٧

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٠

في مسائل الخلاف والتكلّم في ما عارضها من الأحاديث بالجمع أو الترجيح ، والكتاب يدلّ على سعة باعه واتقانه الفقه والأصول (١).

والشارح وإن جعل المحور ، مسند الاِمام زيد ، لكنه يستدل على ما ورد فيه شيء بالطرق المألوفة في الفقه السنّي من الاحتجاج بما ورد في الصحاح والمسانيد من مراسيل وموقوفات للصحابة وبأُمور لا تعترف بها أئمّة أهل البيت من القياس وغيره ، ولذلك أصبح الكتاب أشبه بفقه أهل السنّة ، ولأجل ذلك يقول الشيخ محمّد بخيت المطيعي الحنفي المصري في تقريظه على الكتاب : « وهو موافق في معظم أحكامه لمذهب الاِمام الأعظم أبي حنيفة النعمان وماذا عنى أن تقول في كتاب يوافق ما فيه ، ما بكتبنا ومذاهبنا » (٢) وسوف ندرس المجموع من حيث الاعتبار في الفصل القادم.

* * *

٣ ـ تفسير غريب القرآن :

الغريب من الغرابة وهي الغموض والخفاء ، فالغريب هو الغامض من الكلام وكان النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والاِمام علي عليه‌السلام وتلميذه ابن عباس وغيرهم من الصحابة يفسّرون غريب القرآن الكريم وقد جاء في أسئلة نافع بن الأزرق ( ٢٧٧) سوَالاً وجّهها هو وزميله إلى ابن عباس ، وأجاب عنها (٣).

ولعل أوّل من ألّف في غريب القرآن هو أبان بن تغلب بن رياح البكري

__________________

١ ـ لاحظ ما كتب حول الكتاب بقلم عدّة من الأعلام في مقدمته ، ط ٢ ، مكتبة الموَيد ، الطائف ، ١٣٨٨ هـ ـ ١٩٦٨ م.

٢ ـ الروض النضير : ١٧ ، المقدمة.

٣ ـ السيوطي : الاتقان : ٢ / ٦٩ ـ ١٠٤.

١٢١

( ت ١٤١ هـ ) من أصحاب الاِمام السجاد والباقر والصادق عليهم‌السلام وكانت له عندهم منزلة ، وله قراءة مفردة مشهورة عند القراء (١).

لكن لو صحت نسبة تفسير غريب القرآن المطبوع حديثاً لزيد ، المحقّق على يد فضيلة الدكتور حسن محمد تقي الحكيم ، لَسبقه زيد في التأليف ، فهو أوّل باكورة في هذا النوع ظهر في الصعيد الاِسلامي ، ويظهر من مقارنة هذا الكتاب مع كتاب المجاز لأبي عبيدة (ت ٢١٢ هـ) الذي ألّفه في غريب القرآن أنّه كان لهذا الكتاب تأثير بالغ في كتاب أبي عبيدة مباشرة أو بالوساطة (٢).

والكتاب يبتدىَ من سورة الفاتحة وينتهي بسورة الناس ويركز في التفسير على الغريب ولذلك لا يذكر من آيات السورة إلاّ ما هو موضع نظره.

وردت نسبة الكتاب إليه في بعض الكتب مثلاً :

١ ـ جاء في كتاب الأمالي لابن الشجري : قال الاِمام أبو الحسين زيد بن علي عليهما‌السلام في تفسير الغريب.

٢ ـ جاء في طبقات الزيدية لصارم الدين في ترجمة حياة أبي خالد قوله : وروي عن أبي خالد تفسير الغريب للاِمام زيد بن علي ، عطاء بن السائب.

٣ ـ جاء في كتاب الروض النضير : روى عن أبي خالد تفسير الغريب للاِمام زيد بن علي ، عطاء بن السائب (٣).

ونستطيع أن نوَيد نسبة الكتاب إلى الاِمام الثائر بالرجوع إلى المواضع التي يمكن أن يظهر فيها مذهبه وعقيدته.

__________________

١ ـ النجاشي : الرجال : ١ / ٧٣ برقم ٦ ، السيوطي : بغية الوعاة : ٧٦.

٢ ـ عن مقدمة المحقّق ص ٥٥ ، ثم ذكر دلائل التأثير بشكل واضح.

٣ ـ تفسير غريب القرآن ، مقدّمة المحقّق ص ٤٨ وذكر مصادر ما نقل.

١٢٢

ومن تلك الآيات آية البلاغ ، فهو يقول في تفسير قوله : « يا أيُّـها الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إلَيْكَ مِن رَبِّكَ وإن لَم تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ واللّهُ يَعصِمُكَ مِنَ النّاس » قال زيد بن علي عليهما‌السلام : هذه لعلي بن أبي طالب صلوات اللّه عليه خاصة : « واللّه يعصمك من الناس » أي يمنعك منهم (١).

ومنها آية الذكر ، قال في تفسير قوله سبحانه : « فَسْئَلُوا أهْلَ الذِّكْر » (النحل ـ ٤٣) قال الاِمام زيد بن علي عليهما‌السلام : نحن أهل الذكر (٢).

فالتفسيران يوَيدان أنّ الكتاب لشيعي يرى النص لعليّ يوم الغدير ، ويرى أنّ المرجع بعد الكتاب والرسول ، هو عترته.

كما يعلم كونه نافياً للروَية التي كانت يوم ذاك عقيدة أصحاب الحديث. يقول في تفسير قوله : « وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ * إلى رَبِّها ناظِرَة » (القيامة : ٢٢ ـ ٢٣) معناه مشرقة وناضرة : منتظرة للثواب (٣).

هذه نظرة عابرة إلى التفسير ، ولو قرىَ بإمعان ودقة ، يتبين أن التفسير لمن تربّى في أحضان أئمة أهل البيت والعترة الطاهرة عليهم‌السلام.

٤ ـ الصفوة :

والكتاب ، دراسة قرآنية هادئة يتبنى بيان فضائل أهل البيت عليهم‌السلام ، وتقديمهم على سائر الناس في مختلف المجالات ، وإنّ السبب لدبيب الفساد بين المسلمين صرف القيادة عنهم ، ودفعها إلى غيرهم. حقّقه الكاتب ناجي حسن ، طبع في مطبعة الآداب في النجف الأشرف بلا تاريخ ، اعتمد في التصحيح على

__________________

١ ـ تفسير غريب القرآن ، ص ١٢٩ ، ط بيروت ، ١٤١٢ هـ.

٢ ـ تفسير غريب القرآن : ص ١٨ و ٣٥٩.

٣ ـ تفسير غريب القرآن : ص ١٨ و ٣٥٩.

١٢٣

تصوير نسخة واحدة محفوظة بمكتبة المتحف البريطاني تحت رقم ٢٠٣ زيدية.

رواها أبو الطيب علي بن محمد بن مخلد الكوفي :

قال : حدثني إسماعيل بن يزيد العطارد.

قال : حدثنا حسين بن نصر بن مزاحم المنقري

قال : حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن الحكم بن ظهير الفزاري

قال : حدثني أبي وحماد بن يعلى الثمالي

عن أبي الزناد ، وأصحاب زيد بن علي عن زيد بن علي عليه‌السلام أوّله :

أمّا بعد فإنّي أُوصيك بتقوى اللّه الذي خلقك ورزقك.

٥ ـ رسالته إلى علماء الأمّة :

نشرت ـ موَخراً ـ رسـالة بهذا الاسـم عن دار التراث اليمني في صنعـاء ، حقّقها محمد يحيى سالم غفران وهي الرسالة التي بعثها الاِمام الثائر إلى علماء الأمّة مبيّناً فيها تفاصيل دعوته وبيان أهدافه التي خرج مجاهداً من أجلها وهي تعطي صورة واضحة من روح ثورية للاِمام ، وتمرد على الحكم الأموي ، وصياح على علماء السوء الذين كان لهم الدور البارز في تخدير حماس الجماهير ، وتشويه مفاهيم الدين ، وتثبيت ملك الظالمين.

وبما أنّ للرسالة أثرها الرسالي الجهادي الحماسي وتمثل الهدف الأمثل لنضال الاِمام وكفاحه وتمرّده على الحكم الأموي نشرناها في الفصل الثالث مشفوعاً بالشكر للناشر والمحقّق ، وقد حقّقها عن نسخ أربع ، قدّم تفاصيلها في المقدمة ، وشفّعها بذكر موارد اقتبس العلماء من هذه الرسالة مع نسبة ما اقتبسوه إلى الاِمام.

١٢٤

٦ ـ منسك الحج أو مناسك الحج

رسالة في بيان أعمال الحجّ ومناسكه نشره العلاّمة السيد محمد علي الشهرستاني ببغداد سنة ١٣٤٢ هـ ويوجد من الكتاب نسخ مخطوطة في مكتبة برلين برقم ١٠٣٦٠ وغيرها (١).

هذه هي الآثار المنشورة التي وقفنا على نشرها وطبعها وقرأناها وهناك آثار له لم تنشر إلى الآن أو نشرت ولم نقف على نشرها ومنها نسخ في المكتبات والمتاحف ، وقد بذل الدكتور حسن محمد تقي الحكيم محقّق تفسير غريب القرآن لزيد جُهداً في الوقوف على تلك الآثار نقتبس من مقدمته ما يلي :

٧ ـ رسالـة في أثبات وصيـة أمير الموَمنين وإثبات إمامته وإمامة الحسن والحسين وذريتهما ، توجد نسخة منها في مكتبة برلين برقم ٩٦٨١ ( الأوراق ١٦ ب ـ ١٩ ب ، من سنة ٨٥٠ هـ تقريباً ) (٢) وقال : توجد عندي صورة منها.

٨ ـ رسالة في أجوبة زيد بن علي ، على مسائل لأخ له من أهل المدينة ، توجد في مكتبة وهبي٤٥٧ / ٤ ( الأوراق ٨١ ب ـ ٨٤ ب ، من القرن العاشر الهجري ) (٣).

٩ ـ رسالة في الاِمامة إلى واصل بن عطاء. توجد في مكتبة وهبي ٤٥٧ / ٢ ( الأوراق ٧٧ ب ـ ٧٨ ب من القرن العاشر الهجري ) (٤).

١٠ ـ تثبيت الاِمامـة. مخطوطة المتحف البريطاني ملحق ٣٣٦ ، مخطوطات شرقية رقم ٣٩٧١ (الأوراق ٢٥ ـ ٢٨ من سنة ١٢١٥ هـ) وتوجد أيضاً في مكتبة

__________________

١ ـ لاحظ مقدّمة تفسير غريب القرآن لمحقّقها الدكتور حسن محمد تقي الحكيم : ٤٣.

٢ ـ انظـر تاريخ الأدب العربي لبروكلمان : ٣ / ٣٢٤ ؛ وتاريخ التراث العربي : الجزء ٣ من المجلد ١ / ٣٢٤ ؛ والروض النضير : ١ / ١١٧.

٣ ـ انظر تاريخ التراث العربي : ج ٣ من المجلَّد ١ / ٣٢٦ ، منشورات مكتبة آية اللّه المرعشي النجفي.

٤ ـ انظر تاريخ التراث العربي : ج ٣ من المجلَّد ١ / ٣٢٦ ، منشورات مكتبة آية اللّه المرعشي النجفي.

١٢٥

أمبروزيانا في ميلانو بإيطاليا رقم ٧٤أ ( الأوراق ٧٨أ ـ ١٨٨ ب من سنة ١٠٣٥ هـ ) (١).

١١ ـ تفسير سورة الفاتحة وبعض آيات القرآن. يوجد في مكتبة برلين رقم ١٠٢٢٤( الأوراق ٩ ـ ١٦ من حوالي سنة ٨٥٠ هـ) (٢).

١٢ ـ رسالة في حقوق اللّه. توجد في مكتبة الفاتيكان رقم ١٠٢٧ (الورقتان ١٣٠ ـ ١٣١ ، من سنة ١٣٣٢ هـ) وتوجد أيضاً في مكتبة وهبي رقم ٤٥٧ / ٣ (الأوراق ٧٨ ب ـ ٨١أ ، القرن العاشر الهجري) (٣).

١٣ ـ الرد على المرجئة. يوجد هذا الكتاب مخطوطاً في مكتبة برلين رقم ١٠٢٦٥ (الأوراق من ١ ـ ١١٦ ، من حوالي سنة ٨٥٠ هـ) (٤).

١٤ ـ قراءة زيد بن علي. يوجد الكتاب في مكتبة امبروزيانا في (ميلانو) في إيطاليا ، رقم ٢٨٩ف.

هذه هي الكتب الباقية من ثائرنا ولعل اللّه سبحانه يقيض رجال العلم لنشر ما بقي من آثاره وربما يذكر له رسائل ، عفى عليها الزمان فالأولى عطف عنان البحث ، على دراسة مجموعه الفقهي والحديثي ، حتى نقوّمهما سنداً ومتناً في الفصل الآتي.

__________________

١ ـ أُنظر تاريخ الأدب العربي لبروكلمان : ٣ / ٣٢٤ ؛ وتاريخ التراث العربي : الجزء ٣ من المجلد ١ / ٣٢٤.

٢ ـ أُنظر تاريخ الأدب العربي لبروكلمان : ٣ / ٣٢٣ ؛ وتاريخ التراث العربي : الجزء ٣ من المجلد : ١ / ٣٢٣.

٣ ـ أُنظر تاريخ الأدب العربي لبروكلمان : ٣ / ٣٢٤ ؛ وتاريخ التراث العربي : المجلد ١ الجزء ٣ / ٣٢٦ و ٣٢٣ ؛ وتفسير غريب القرآن : ٤١ ، المقدمة.

٤ ـ أُنظر تاريخ الأدب العربي لبروكلمان : ٣ / ٣٢٤ ؛ وتاريخ التراث العربي : المجلد ١ الجزء ٣ / ٣٢٦ و ٣٢٣ ؛ وتفسير غريب القرآن : ٤١ ، المقدمة.

١٢٦

الفصل السادس

دراسة مسند الاِمام زيد

سنداً ومضموناً

لقد وقفت على الآثار الباقية من الاِمام زيد ، والمهُم منها هو مجموعه الفقهي والحديثي الذي اشتهر باسم المسند للاِمام زيد ، فتلزم علينا دراسته من حيث الاعتبار ، وما فيه بعض المخالفة لفقه أهل البيت ، أعني : الصادقين ومن بعدهم فنقول :

روي المجموعُ عن الاِمام زيد بالسند التالي :

١ ـ حدثني (١) عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر بن الهيثم القاضي البغدادي قال :

٢ ـ حدثنا أبو القاسم علي بن محمد النخعي الكوفي. قال :

٣ ـ حدثنا سليمان بن إبراهيم بن عبيد المحاربي. قال :

٤ ـ حدثني نصر بن مزاحم المنقري العطار قال :

٥ ـ حدثني إبراهيم بن الزبرقان التيمي قال :

٦ ـ حدثني أبو خالد الواسطي رحمهم اللّه تعالى قال :

____________

١ ـ والقائل هو علي بن العباس الذي هو أحد الرواة عن عبد العزيز جامع المجموع.

١٢٧

٧ ـ حدثني زيد بن علي بن الحسين عن أبيه : علي بن الحسين ، عن جده الحسين بن علي ، عن أمير الموَمنين علي بن أبي طالب عليهم‌السلام.

وقد وصلنا المجموع بهذا السند وهو مذكور في صدره (١) وفي الصفحة التي تلي آخر الكتاب (٢).

وقد ذكر شارح المجموع شرف الدين الحسين بن أحمد السياغي (١١٨٠ ـ ١٢٢١ هـ) سنده إلى الكتاب ، فأخذ أوّلاً بذكر أُستاذه وشيخه أبي يوسف الحسين ابن يوسف (٣) إلى أن انتهى إلى أبي القاسم علي بن محمد النخعي الآنف ذكره ، غير أنّ المهم دراسة وثاقة هوَلاء المشايخ الذين تنتهي إليهم رواية المسند في جميع الأعصار فنبتدىَ بدراسة حال من وقع في أوّل السند.

أ ـ عبد العزيز بن إسحاق بن البقال :

قال الذهبي : كان في حدود الستين وثلاثمائة قال ابن أبي الفوارس الحافظ : له مذهب خبيث ، ولم تكن في الرواية بذاك ، سمعت منه أحاديث رديّة.

قلت : له تصانيف على رأي الزيدية عاش تسعين عاماً. ثم روى الذهبي عنه بإسناده الحديث التالي :

قال : إنّ نزول اللّه إلى الشيء إقباله عليه من غير نزول ، ثم وصفه بأنّ إسناده مظلم ومتنه مختلق (٤).

لانستطيع أن نساير ابن أبي الفوارس في قوله : « له مذهب خبيث » ولم يكن مذهبه سوى محبته لآل البيت أو دعمه مبدأ الخروج على بني أُمية الذي لا يروق

____________

١ ـ مسند الاِمام زيد : ٢٤٧.

٢ ـ المصدر نفسه : ٢٨٢.

٣ ـ توفّي بصنعاء سنة ١٢٣١ هـ عن ثمانين سنة.

٤ ـ الذهبي : ميزان الاعتدال : ٢ / ٦٢٣ برقم ٥٠٨٣.

١٢٨

السلفيّين ومن لف لفّهم ، فإنّ مذهبهم هو المماشاة مع الظالمين والسكوت أمام ظلمهم ، وعدم الخروج عليهم.

كما لا نستطيع أن نساير الذهبي حيث وصف اسناد حديثه بالظلمة ومتنه بالاختلاق ، وما هذا إلاّ لأنّ الذهبي يتظاهر بالتنزيه ، ولكن يعتنق لبّاً التجسيم بشهادة أنّ كتبه تمدح المجسمةومن يثبت للّه الحركة والجهة من أوصاف الجسم وإذا ذكر المشبهة أطال الكلام فيهم بالمدح والوصف ، وربّما سود صحائف في حقهم خصوصاً في كتابه « سير أعلام النبلاء » وأمّا إذا بلغ إلى أهل التوحيد والتنزيه فلا يخرج إلاّ بالهمز واللمز وهو دأبه يلمسه كل دوَوب على مطالعة رجاله وتاريخه.

والحديث لما كان على طرف النقيض من عقيدته ، وصف اسناده بالظلمة ومتنه بالاختلاق ، صدق اللّه العلي العظيم حيث قال : ( كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُون ).

وأمّا الشيعة فقد ورد في كتبهم ذكر في حقّ عبد العزيز بن إسحاق البقال فعنونه الشيخ في رجاله في باب من لم يرو عنهم عليهم‌السلام قال : عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر الزيدي البقال الكوفي وكان زيدياً يكنى أبا القاسم سمع منه التلعكبري سنة ست وعشرين وثلاثمائة (١).

وقال في الفهرست : عبد العزيز بن إسحاق له كتاب في طبقات الشيعة ، وعنونه ابن داود في القسم الثاني (٢) من رجاله ، ومعنى كونه من القسم الثاني أنّه ممن ورد فيه ذم وإن كان ورد فيه مدح عن آخرين.كما عنونه العلاّمة في هذا القسم (٣) من كتابه الخلاصة ، ومعناه أنّه لا يعمل برواياته.

__________________

١ ـ الطوسي : الرجال : ٤٨٣ ، باب من لم يرو عنهم ، برقم ٣٧.

٢ ـ القسم الثاني من كتابه مختص بمن ورد فيه أدنى جرح ، ولو كان أوثق الثقات وعمل بخبره.

٣ ـ القسم الثاني : من كتابه مختص بمن لايعمل بروايته ومن لايعمل بروايته أعم من كونه مطعوناً أو لا.

١٢٩

ومع ذلك نرى أنّ الشيخ أبا زهرة يقول : إنّ الرجل موضع طعن جمهور المحدثين من أهل السنّة كما أنّه موضع طعن الاِمامية ، لكنه موضع تقدير وتوثيق الزيدية أجمعين (١).

وما ذكره أخيراً حقّ لا غبار عليه لكن ما نسبه إلى الاِمامية لا مصدر له سوى أنّه ورد في القسم الثاني من رجال العلاّمة وابن داود وقد عرفت في التعليقة معنى ذلك.

وأمّا الزيدية فقد اتفقوا على وثاقته وقالوا : أبو القاسم عبد العزيز بن إسحاق بن جعفر البغدادي البقال شيخ الزيدية ببغداد. قال في الطبقات : روى مجموع الاِمام زيد بن علي عليه‌السلام الفقهي الكبير المرتب المبوب عن علي بن محمد النخعي ، وقد سمع منه أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن الحسن الحسني سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة. وقال في مطلع البدور : هو شيخ الزيدية ببغداد ، والعراق ، وكان عالماً محدثاً حافظاً ، وقال في غيره : كان علاّمة كبيراً وفاضلاً شهيراً ، سمحاً ، عالماً زاهداً ، سعيداً ولياً لآل محمّد ، رأساً في العلوم ، مهيمناً على المظنون والعلوم ، له كتاب في إسناد مذهب الزيدية وتعدادهم ، وذكر تلامذة زيد بن علي وأصحابه الذين أخذوا عنه العلم (٢).

* * *

ب : أبو القاسم علي بن محمّد النخعي الكوفي :

وهو أُستاذ عبد العزيز بن إسحاق ، ولم نجد له عنواناً في كتب الرجال للشيعة ، وأمّا أهل السنة فقال الذهبي : علي بن محمد : أبو القاسم الشريف

__________________

١ ـ الاِمام زيد : ٢٦٢.

٢ ـ السياغي : الروض النضير : ١ / ٦١ ، ثم ذكر ترجمة الذهبي ونقده.

١٣٠

الزيدي الحراني شيخ القرّاء وتلميذ النقاش وثّقه أبو عمرو الداني ، واتّهمه عبد العزيز الكتاني ، ذكرته في طبقات القراء (١) وهل الترجمة للشيخ النخعي أو لغيره المشترك معه في الكنية والاسم واسم الأب؟ احتمالان ، نعم ذكر الذهبي في ترجمة عثمان بن أبي شيبة وقال : « يحيى » (٢) بن محمد بن كاس النخعي قال : حدّثنا : إبراهيم بن عبد اللّه الحصاف ، قال : قرأ علينا عثمان بن أبي شيبة تفسيره فقال : وجعل السفينة في رجل أخيه فقيل إنّما هو السقاية ، فقال : أنا وأخي أبو بكر لا نقرّ لعاصم (٣).

وقال في تذكرة الحفاظ : وفيها « سنة أربع وعشرين وثلاثمائة » توفي شيخ الحنفية علي بن كاس النخعي الكوفي (٤).

وذكره في طبقات الحنفية فقال : علي بن محمد بن الحسن بن كاس الكاسي النخعي القاضي الكوفي ، روى عن محمد بن علي بن عفان ، وعنه أبو القاسم المطرزي والمستكي أُستاذ الضميري وله « الأركان الخمسة » توفي أربع وعشرين وثلاثمائة (٥).

وعند ذلك يظهر لنا سر تلاقي الفقه الزيدي والفقه الحنفي إلى حد كبير ، فإنّ الفقه الموروث من زيد لم يكن على حد يتجاوب مع متطلبات المجتمع الاِسلامي آنذاك ، فلم يكن بدّ من بسطه في ضوء القواعد الأصولية ، فإذا كان المفتي حنفياً يبسطه حسب الضوابط التي يعتبرها دليلاً على الحكم فيدخل فيه القياس ، والاستحسان ، والمصالح المرسلة ، وسد الذرائع ، ولا تهمه مخالفة

____________

١ ـ الذهبي : ميزان الاعتدال : ٣ / ١٥٥ برقم ٥٩٣٥.

٢ ـ وفي التعليقة : علي وهو الصحيح.

٣ ـ الذهبي : ميزان الاعتدال : ٣ / ٣٧ ـ ٣٨ برقم ٥٥١٨.

٤ ـ الذهبي : تذكرة الحفاظ : ٣ / ٨٢١ في ضمن ترجمة ابن الشرقي.

٥ ـ السيّاغي : الروض النضير : ١ / ٦٤.

١٣١

أئمة أهل البيت ، الذين جاءوا إلى الساحة بعد مقتل زيد ، وقد بيّـن الشيخ الكوثري هذا التلاقي بشكل آخر فقال : « إنّ ذلك التوافق العظيم بين آل زيد وبين فقهاء العراق في ثلاثة أرباع المسائل إنّما نشأ من اتحاد مصدر علوم الفريقين ، لأنّ فقهاء الكوفة والعراق إنّما توارثوا الفقه طبقة فطبقة عن علي وابن مسعود وسائر كبار فقهاء الصحابة الذين نشروا العلم بالكوفة ولاسيما الذين تديّروها (١) بعد انتقال علي كرم اللّه وجهه إليها ، واستمروا بها في عهد الأمويين ثم عن فقهاء أصحابهم وأصحاب عمر ، وابن عباس ومعاذ الذين انتقلوا إليها واستقروا بها ابتعاداً عن معاقل الأمويين ، ثم عن أصحاب أصحابهم الفقهاء رضي اللّه عنهم الذين بهم صارت الكوفة مصدر العلم الناضج في ذلك العهد وكانت علوم الحجاز والمدينة المنورة يتشارك فيها فقهاء الأمصار لكثرة حجهم عاماً فعاماً في تلك الأعصار (٢).

ج ـ سليمان بن إبراهيم بن عبيد المحاربي :

هو جد علي بن محمد النخعي أبو أُمّه ، قال في الطبقات : يروي عن نصر بن مزاحم المنقري سمع منه مجموعي الاِمام زيد بن علي عليه‌السلام « الحديثي » و « الفقهي » وسمعهما عليه علي بن محمد بن كاس (أي النخعي) وكان سماعه عليه سنة خمس وستين ومائتين (٣) ولم أجد له عنواناً في كتب الرجال لأصحابنا الاِمامية.

د ـ نصر بن مزاحم المنقري العطار :

قال الذهبي : نصر بن مزاحم الكوفي ، عن قيس بن الربيع وطبقته ، رافضي ، جلد ، تركوه. مات سنة اثنتي عشرة ومائتين ، حدّث عنه : نوح بن حبيب وأبو

__________________

١ ـ من الدير : أخذوه مكاناً.

٢ ـ الروض النضير : ص ٢٨ ، المقدمة.

٣ ـ السياغي : الروض النضير : ١ / ٦٤.

١٣٢

سعيد الأشجّ وجماعة ، قال العقيلي : شيعي في حديثه اضطراب وخطأ كثير. وقال أبو خيثمة : كان كذاباً ، وقال أبو حاتم : واهي الحديث ، متروك ، وقال الدار قطني : ضعيف وروى أيضاً عن شعبة (١).

ما ذكره الذهبي وشيوخه ، شنشنة أعرفها من كل من يكنّ لأهل البيت غيظاً وعداء وإن كان يتجنب عن إظهاره ، فمن روى فضيلة فيهم أو أنشد قريضاً فهو عندهم رافضي ، كذاب ، خبيث ، متروك الحديث إلى غير ذلك ، وأمّا المجسّمة والمشبهة ومن يتولّى آل أُمية وسلاطينهم ، فهو جليل ، ثقة ، يكتب حديثه ويحتج به.

وأمّا أصحابنا فقد اتفقوا على وثاقته قال النجاشي : نصر بن مزاحم مستقيم الطريقة ، صالح الأمر ، غير أنّه يروي عن الضعفاء كتبه. حِسان ، منها : كتاب الجمل (٢) بل وذكره الشيخ الطوسي في رجاله من أصحاب الاِمام الباقر عليه‌السلام (٣).

إنّ الرجل مع كونه شيعياً ، علوي الولاء ، لكنه عندما يسرد وقائع صفين يسرده بشكل كاتب محايد فهو حين يذكر مثالب معاوية ، يذكر شعر الشاميّين في الطعن على الاِمام وحزبه ، وهذا يدل على أنّه كان رجلاً رحب الصدر لايستفزه المذهب إلى الاكتفاء بذكر كلام طرف واحد ، ويذكر كلام المبطل بتمامه أيضاً.

هـ ـ إبراهيم بن الزبرقان :

قال الذهبي : وثقه ابن معين. وقال أبو حاتم : لا يحتج به روى عنه أبو نعيم (٤).

__________________

١ ـ الذهبي : ميزان الاعتدال : ٤ / ٢٥٣ ـ ٢٥٤ ، لاحظ تاريخ بغداد : ج ١٣ برقم ٧٢٤٥.

٢ ـ النجاشي : الرجال : ٢ / ٣٨٤ برقم ١١٤٩.

٣ ـ الشيخ الطوسي : الرجال : برقم : ٣ باب أصحاب الاِمام الباقر عليه‌السلام ولكنه بعيد لأنّ الاِمام توفّي سنة ١١٤ هـ وتوفّي نصر عام ٢١٢ هـ.

٤ ـ ميزان الاعتدال : ١ / ٣١.

١٣٣

وقال في طبقات الزيدية : روى عن أبي خالد الواسطي مجموعي الاِمام زيد ابن علي ، وله رواية عن مجاهد ، وعنه نصر بن مزاحم ، وقال : حدثني المجموع الكبير المرتب جميعه ، عن أبي خالد ، وروى عنه أبو نعيم الحافظ ، واحتج به أئمتنا ، ووثقه الموَيد باللّه ووثقه من المحدثين ابن معين ، وقال نصر بن مزاحم : كان من خيار المسلمين ، وكان خاصاً بأبي خالد الواسطي ، وقال ابن أبي الحديد : هو في رجال الحديث وقال غيره من رجال الشيعة المحدثين ، وعيب عليه بالتشيع. وقال أبو حاتم : لا يحتج به (١).

وأمّا أصحابنا الاِمامية فذكره الشيخ في رجاله من أصحاب الاِمام الصادق عليه‌السلام وقال : إبراهيم بن الزبرقان التيمي الكوفي ، أسند عنه (٢) فقد أهملوه من حيث التوثيق وعدمه.

و ـ أبو خالد ، عمرو بن خالد :

لقد اضطربت كلمة الرجاليين في حقه فأهل السنّة على تضعيفه. قال الذهبي : عمرو بن خالد القرشي ، كوفي ، أبو خالد ، تحول إلى واسط.

قال وكيع : كان في جوارنا ، يضع الحديث ، فلما فطن له تحوّل إلى واسط.

وقال معلى بن منصور عن أبي عوانة : كان عمرو بن خالد يشتري الصحف من الصيادلة ويحدّث بها.

وروى عباس ، عن يحيى ، قال : كذاب غير ثقة. حدث عنه أبو حفص الأبـّار وغيره ، فروى عن زيد بن علي ، عن آبائه.

وروى عثمان بن سعيد ، عن يحيى ، قال : عمرو بن خالد الذي يروي عنه

__________________

١ ـ السياغي : الروض النضير : ١ / ٦٦.

٢ ـ الطوسي : الرجال : ١٤٤ برقم ٤٠.

١٣٤

الأبـّار كذاب. وروى أحمد بن ثابت ، عن أحمد بن حنبل ، قال : عمرو بن خالد الواسطي كذاب.

وقال النسائي : روى عن حبيب بن أبي ثابت ، كوفي ليس بثقة. وقال الدارقطني : كذاب.

وروى إبراهيم بن هراسة أحد المتروكين ، عن أبي خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن علي ، قال : لعن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذكرين أحدهما يلعب بصاحبه (١).

وأظن أن هذا الصخب والهياج حول الرجل لأجل أنّه من موالي أئمة أهل البيت والمجاهرين بولائهم ، وهذا يكفي في التضعيف وصب القارعات عليه.

وأعجب منه ما ذكره الذهبي في آخر كلامه من الحكم بوضع لعن رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذكرين أحدهما يلعب بصاحبه ، فإنّه مروي عن الفريقين.

كيف يشك الذهبي في صحة الحديث مع أنّ الكتاب يصدّقه حيث يخص جواز الالتذاذ بالجنس بموردين ويقول : « والّذِين هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ * إلاّ على أزْواجِهِمْ أو مَا مَلَكَتْ أيْمانُهُم » (الموَمنون : ٥ ـ ٦) وما ورد في الحديث ليس منهما فجاز لعنه.

روى السيوطي في مسنده من كتاب جمع الجوامع من قسم الأفعال فقال : عن الحرث ، عن علي : « قال رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سبعة لايكلمهم اللّه يوم القيامة ولاينظر إليهم ويقال لهم أدخلوا النار مع الداخلين إلاّ أن يتوبوا : الفاعل والمفعول به ، والناكح يده ... ».

أخرج البيهقي عن ابن عباس : « أنّ النبي قال : لعن اللّه من وقع على بهيمة ،

__________________

١ ـ الذهبي : ميزان الاعتدال : ٣ / ٢٥٧. وفي المتن يغلب أحدهما صاحبه.

١٣٥

ولعن اللّه من عمل عمل قوم لوط ، إلى غير ذلك من الروايات التي رواها أهل السنّة (١) وأمّا الشيعة فحدث عنه ولا حرج ، فقد عدّه الكشي في ترجمة الحسين بن علوان ، من رجال أهل السنّة الذين لهم ميل ومحبة شديدة (٢).

وظاهر النجاشي أنّه إمامي حيث ألّفه لذكر رجال الاِمامية ولو ذكر من غيرهم لأشار إلى مذهبه وهو عنونه وذكر سنده إلى كتابه من دون إيعاز إلى مذهبه (٣) إلاّ إذا قيل إنّه ترك ذكر مذهبه في المقام لكونه معروفاً.

وعده الشيخ في الفهرست من موَلفي الشيعة وقال : أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي له كتاب ذكره ابن النديم (٤) فعدّه من أصحاب الاِمام الباقر وعمرو بن خالد الواسطي بتري.

وستعرف كلامه عند سرد الروايات المروية عن زيد في الكتب الأربعة عند الكلام على رواية زيد أنّ رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غسل رجليه ، والقرائن تشهد أنّه شيعي زيدي ، ويدلّ عليه مضافاً إلى إطباق الزيدية عليه ما رواه الكشي في ذيل ترجمة محمد بن سالم بياع القصب : محمد بن مسعود ، قال : حدثني أبو عبد اللّه الشاذاني ـ وكتب به ـ إلى أن قال : حدثني الفضل ، قال : حدثني أبي ، قال : حدثنا أبو يعقوب المقري وكان من كبار الزيدية ، قال : أخبرنا عمرو بن خالد وكان من روَساء الزيدية عن أبي الجارود وكان رأس الزيدية قال : كنت عند أبي جعفر عليه‌السلام جالساً إذ أقبل زيد بن علي فلمّا نظر إليه أبو جعفر قال :

__________________

١ ـ السياغي : الروض النضير : ١ / ٨٥ ـ ٨٦ ؛ ولاحظ وسائل الشيعة : ١٨ ، الأبواب الستة من أبواب اللواط : ٤١٦ ـ ٤٢٤ ، والباب الثالث من أبواب نكاح البهائم ووطء الأموات والاستمناء : ٥٧٤. هذا إذا فهمنا من الحديث الناكح بيده أو لعب أحد الذكرين بالآخر ، وإلاّ يكون الحديث مجملاً.

٢ ـ الكشي : الرجال : ٣٣٣ ، برقم ٢٥٢ ، وما ذكره هنا ينافي ما ذكره برقم ١٠٦ من كونه من روَساء الزيدية.

٣ ـ النجاشي : الرجال : ٢ ، برقم ٧٦٢.

٤ ـ الطوسي : الفهرست : برقم ٨٤٩.

١٣٦

« هذا سيد أهل بيتي والطالب بأوتارهم » ومنزل عمرو بن خالد كان عند مسجد سماك وذكر ابن فضال أنّه ثقة (١).

وإذا كان لبعض هذه النقاشات في هوَلاء ، مظنة صدق ، غير أنّ الشيخ النجاشي ( ٣٧٢ ـ ٤٥٠ هـ) يرويـه بسنـد آخر نأتي بنصّه حتى يتبيّـن أنّ للكتاب سندين أو أكثر.

أخبرنا محمد بن عثمان (النصيبي) قال : حدثنا علي بن محمد بن الزبير ، عن علي بن الحسن بن فضال ، عن نصر بن مزاحم عنه (أبي خالد) بكتابه (٢).

ولأجل إيقاف القارىء على عناية الاِمامية بروايات زيد ، نأتي بما وقفنا عليه في الكتب الأربعة بعد حذف المكررات فنقول :

الرواية عن زيد بن علي في الكتب الأربعة :

احتجت الاِمامية بالروايات المروية عن زيد بن علي عن آبائه عليهم‌السلام إذا لم تكن مخالفة لما اتفقت عليه روايات أئمة أهل البيت عليهم‌السلام وروي عنه في الكتب الأربعة تسعة وثلاثون حديثاً ـ بعد حذف المكررات ـ وأكثر ما روي فيها موجود في مسنده كما سنشير إليه في مواضعه :

والراوي عنه :

إمّا عمرو بن خالد ـ غالباً ـ.

أو أبو خالد الواسطي.في موردين وكلاهما واحد.

أو هاشم بن يزيد. في مورد واحد.

أو الحسين بن علوان.

__________________

١ ـ الكشي : الرجال : ٢٣١ برقم ٤١٩.

٢ ـ النجاشي : الرجال : برقم ٧٦٩.

١٣٧

والظاهر وقوع السقط في الأخير والصحيح الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد فإنّ الحسين بن علوان يروي عن زيد بواسطة عمرو بن خالد كثيراً.

ولأجل إيقاف القارىَ على اهتمام محدثي الاِمامية بما روي عنه نأتي في هذا الفصل بخصوص ما روي عنه في الكتب الأربعة ونترك الباقي لوقت آخر ، وقد استعنّا في تخريج رواياته بالحاسب الآلي ، ورتبنا الروايات حسب ترتيب أبواب الفقه المألوف بين أصحابنا وربما يكون ، بين ما روي فيها والموجود في مسنده اختلاف يسير في اللفظ.

كتاب الطهارة

روى الشيخ الطوسي :

١ ـ روى محمد بن الحسن الصفار عن عبد اللّه بن المنبه (١) عن الحسين بن علوان عن عمرو بن خالد عن زيد بن علي عن آبائه عن علي عليهم‌السلام قال : « جلست أتوضأ وأقبل رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين ابتدأت في الوضوء فقال لي : تمضمض واستنشق واستن ، ثم غسلت وجهي ثلاثاً ، فقال : قد يخرجك من ذلك المرتان ، قال : فغسلت ذراعي ومسحت برأسي مرتين ، فقال : قد يجزيك من ذلك المرة ، وغسلت قدمي ، فقال لي : « يا علي خلّل ما بين الأصابع لا تخلل بالنار » (٢).

وعلّق عليه الشيخ قال : هذا الخبر موافق للعامة قد ورد مورد التقية ، لأنّ المعلوم من مذهب الأئمّة عليهم‌السلام مسح الرجلين في الوضوء دون غسلهما.

__________________

١ ـ والظاهر وقوع التصحيف في السند ، والصحيح المنبه بن عبيد اللّه كما في كثير من الأسانيد.

٢ ـ الطوسي : محمد بن الحسن : (ت ٤٦٠ هـ) ، التهذيب : ١ / ٩٣ ، الباب : ٤ باب صفة الوضوء الحديث ٩٧ ورواه الاِمام المهدي لدين اللّه محمد بن المطهر في المنهاج الجلي ، (لاحظ تعليقة مسند زيد ص ٥٣).

وراجع أيضاً : الطوسي : الاستبصار : ١ / ٦٥ ، الباب ٣٧ ، الحديث ٨.

١٣٨

روى الشيخ الطوسي :

٢ ـ أخبرني الشيخ (محمد بن النعمان) عن أبي القاسم جعفر بن محمد عن أبيه ، عن سعد بن عبد اللّه ، عن المنبه بن عبيد اللّه ، عن الحسين بن علوان الكلبي ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن أبيه ، عن جده ، عن علي عليهم‌السلام قال : « سألت رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن الجنب والحائض يعرقان في الثوب حتى يلصق عليهما؟فقال : إنّ الحيض والجنابة حيث جعلهما اللّه عزّ وجلّ ليس في العرق ، فلا يغسلان ثوبهما » (١).

روى الشيخ الطوسي :

٣ ـ سعد ، عن أبي الجوزاء المنبه بن عبيد اللّه ، عن الحسين بن علوان الكلبي ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : « الغسل من سبعة من الجنابة وهو واجب ، ومن غسل الميت وإن تطهرت أجزاك » وذكر غير ذلك (٢).

في غسل الميت والصلاة عليه :

روى الشيخ الطوسي :

٤ ـ سعد بن عبد اللّه ، عن أبي الجوزاء المنبه بن عبد اللّه (٣) عن الحسين

__________________

١ ـ الطوسي : التهذيب : ١ / ٢٦٩ ، الباب ١٢ (باب تطهير الثوب) الحديث : ٧٩ ، زيد بن علي : المسند : ص ٦١ وراجع : الطوسي : الاستبصار : ١ / ١٨٥ ، الباب ١١٠ ، الحديث : ٥.

٢ ـ الطوسي : التهذيب : ١ / ٤٦٤ ، الباب ٢٣ ، الحديث ١٦٢ ، وعلّق الشيخ والطوسي على قوله : وإن تطهّرت أجزاك ، أنّه محمول على التقية لوجوب الغسل وعدم كفاية التطهير.

٣ ـ هكذا في النسخة والظاهر عبيد اللّه بقرينة سائر الروايات.

١٣٩

بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه عن علي عليهم‌السلام قال : « إذا مات الرجل في السفر مع النساء ليس فيهن امرأته ولا ذو محرم من نسائه ، قال : يوزرنه إلى الركبتين ، ويصبن عليه الماء صباً ، ولا ينظرن إلى عورته ، ولا يلمسنه بأيديهن ويطهرنه ، فإذا كان معه نساء ذوات محرم يوزرنه ويصببن عليه الماء صباً ويمسسن جسده ولا يمسسن فرجه (١).

روى الشيخ الطوسي :

٥ ـ سعد بن عبد اللّه ، عن أبي الجوزاء ، عن الحسين بن علوان ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه عن علي عليهم‌السلام قال : أتى رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نفر فقالوا إنّ امرأة توفيت معنا وليس معها ذو محرم ، فقال : « كيف صنعتم؟ » فقالوا : صببنا عليها الماء صباً ، فقال : « أما وجدتم امرأة من أهل الكتاب تغسلها؟ » قالوا : لا ، قال : « أفلا يمّمتموها؟ » (٢).

روى الشيخ الطوسي :

٦ ـ وبهذا الاِسناد (٣) ، عن محمد بن أحمد بن يحيى ، عن أبي بصير ، عن أيوب ابن محمد الرقي ، عن عمرو بن أيوب الموصلي ، عن إسرائيل بن يونس ، عن أبي إسحاق السبيعي ، عن عمرو بن خالد ، عن زيد بن علي ، عن آبائه ، عن علي عليهم‌السلام قال : « إنّ قوماً أتوا رسول اللّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالوا : يارسول اللّه مات صاحب لنا وهو

__________________

١ ـ الطوسي : التهذيب : ١ / ٤٤١ ، الباب ٢٣ ، الحديث ٧١ : زيد بن علي : المسند : ص ١٤٥ ورواه أيضاً في التهذيب : ١ / ٣٤٣ ، الباب ١٣ ، الحديث ١٦٨ ، باختلاف يسير. والاستبصار : ٢ / ٢٠١ ، الباب ١١٨ ، الحديث ٧.

٢ ـ الطوسي : التهذيب : ١ / ٤٤٣ ، الباب ٢٣ ، الحديث ٧٨ ؛ والاستبصار : ١ / ٢٠٣ ، الباب ١١٨ ، الحديث ١٤.

٣ ـ أي أخبرني الشيخ المفيد عن أبي جعفر محمد بن علي عن محمد بن الحسن.

١٤٠