بحوث في الملل والنّحل - ج ٧

الشيخ جعفر السبحاني

بحوث في الملل والنّحل - ج ٧

المؤلف:

الشيخ جعفر السبحاني


الموضوع : الفرق والمذاهب
الناشر: مؤسسة الإمام الصادق عليه السلام
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٠

مهلاً بني عمنا ظلامتنا

إنّ بنا سورة من الفلق

لمثلكم نحمل السيوف ولا

تغمز أحسابنا من الدقق

إنّي لأنمي إذا انتميت إلى

عز عزيز ومفتر صدق

بيض بساط كان أعينهم

تكحل يوم الهياج بالعلق (١)

لما خرج زيد بن علي كتب للكميت : اخرج عنّا يا أعيمش ألست القائل :

ما أُبالي إذا حفظت أبا القا

سم فيكم ملامة اللوام

فكتب إليه الكميت :

تجود لكم نفسي بما دون وثبة

تظل بها الغربان حولي تحجل (٢)

* * *

هذا زيد ، وهذه كلمه وخطبه ، وحججه ومناظراته ، وشعره وقريضه وعند ذاك تقف على صدق ما رواه الخوارزمي في مقتله عن خالد بن صفوان قال : انتهت الفصاحة والخطابة والزهادة والعبادة في بني هاشم إلى زيد بن علي ـ رضي اللّه عنه ـ (٣).

أمّا الفصاحة والخطابة فقد عرفت نماذج من كلامه ، وأمّا العبادة ، فيكفي في

____________

١ ـ الأغاني : ١٩ / ١٩١.

٢ ـ الأغاني : ١٧ / ٣٤.

٣ ـ الخوارزمي : المقتل : ٢ / ١١٩.

١٠١

تهالكه فيها : ما رواه فرات بن إبراهيم عن رجل : قال صحبت زيداً ما بين مكّة والمدينة وكان يصلّـي الفريضة ثم يصلّي ما بين الصلاة إلى الصلاة ويصلّـي الليل كلّه ويكثر التسبيح ويكرر هذه الآية : « وجَاءَتْ سَكْرَةُ المَوْتِ بِالحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنتَ مِنْهُ تَحِيد » ، فصلّـى ليلة معي وقرأ هذه الآية إلى قريب نصف الليل فانتبهت من نومي فإذا أنا به مادّ يديه نحو السماء وهو يقول :

إلهي عذاب الدنيا أيسر من عذاب الآخرة ، ثم انتحب ، فقمت إليه وقلت : يا بن رسول اللّه لقد جزعت في ليلتك هذه جزعاً ما كنت أعرفه ، فقال : ويحك يا نازلي أنّي نمت هذه الليلة وأنا ساجد فرأيت جماعة عليهم لباس لم أر أحسن منه فجلسوا حولي وأنا ساجد فقال رئيسهم : هل هو هذا؟ فقالوا : نعم. فقال : أبشر يا زيد فإنّك مقتول في اللّه ومصلوب ومحروق بالنار ولا تمسّك النار بعدها أبداً ، فانتبهت وأنا فزع (١).

روى الخزاز عن يحيى بن زيد أنّه قال له في حديث : يا أبا عبد اللّه إنّي أُخبرك عن أبي عليه‌السلام وزهده وعبادته إنّه كان يصلّـي في نهاره ما شاء اللّه ، فإذا جنّ الليل عليه نام نومة خفيفة ثم يقوم فيصلي في جوف الليل ما شاء اللّه ، ثم يقوم قائماً على قدميه يدعو اللّه تبارك وتعالى ويتضرع له ويبكي بدموع جارية حتى يطلع الفجر ، فإذا طلع الفجر سجد سجدة ثم يصلّـي الفجر ثم يجلس للتعقيب حتى يرتفع النهار ، ثم يذهب لقضاء حوائجه ، فإذا كان قريب الزوال أتى وجلس في مصلاّه واشتغل بالتسبيح والتمجيد للرب المجيد ، فإذا صار الزوال صلى الظهر وجلس ، ثم يصلي العصر ثم يشتغل بالتعقيب ساعة ثم يسجد سجدة ، فإذا غربت الشمس صلّى المغرب والعشاء ، فقلت : هل كان يصوم دائماً؟ قال : لا

____________

١ ـ فرات بن إبراهيم : التفسير : ٤٣٥. والآية ١٩ من سورة ق.

١٠٢

ولكنّه يصوم في كل سنة ثلاثة أشهر ، وفي كل شهر ثلاثة أيام ثم أخرج إليّ صحيفة كاملة فيها أدعية علي بن الحسين عليه‌السلام (١).

روى أبو الفرج بسند عن محمد بن الفرات : رأيت زيد بن علي وقد أثر السجود بوجهه أثّراً خفيفاً وكان في خاتمه « اصبر تُوَجر وتوقّ تنج » (٢).

__________________

١ ـ الخزاز القمي : كفاية الأثر : ٣٠٤ ـ ٣٠٥.

٢ ـ أبو الفرج : مقاتل الطالبيين : ٨٧ و ٨٩.

١٠٣
١٠٤

الفصل الرابع

مشايخه وتلاميذه

في الحديث والتفسير

إنّ أئمة أهل البيت عليهم‌السلام كانوا في غنى عن الحضور لدى الغير ، والرجوع إليهم في مجال العقائد والأصول ، والأحكام والفروع ، والأخلاق والسلوك وكل ما يمتّ إلى الدين بصلة ، وتحتاج إليه الأمّة. وذلك لا للمبالغة في مقامهم ، أو الغلو في علومهم. بل لأجل تنصيص النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليهم ، حيث إنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تارة يصوّرهم بأنّهم أعدال القرآن وقرناوَه ، من تمسك بهما لن يضل أبداً (١) ، وأُخرى بأنّ مثلهم كسفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق (٢) ، وثالثة بأنّهم كالنجوم ، فكما أنّ الكواكب أمان لأهل الأرض من الغرق ، فكذلك أئمة أهل البيت عليهم‌السلام أمان للأمّة من الاختلاف (٣) ، إلى غير ذلك من الأحاديث المتواترة أو المتضافرة الدالة على أنّ أئمة أهل البيت مراجع الأمّة ، ومصادر الأحكام ، وهم عن

__________________

١ ـ حديث الثقلين : اتفق الفريقان على نقله وتصحيحه لايشك فيه إلاّ العدو الغاشم.

٢ ـ تلويح إلى قول النبي الأكرم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « مثل أهل بيتي فيكم مثل سفينة نوح من ركبها نجا ومن تخلّف عنها غرق ».

٣ ـ قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمّتي من الاختلاف في الدين » لاحظ في الوقوف على مصادرها المراجعات للسيد شرف الدين العاملي المراجعة الثانية : ٤٠ ـ ٤٦ طبعة الأعلمي ، لبنان.

١٠٥

علومهم ومعارفهم يصدرون ، وإلى أقوالهم وأفعالهم يسكنون. ومن كان هذا وصفه ومقامه فيحتلّ من مخروط الأمّة مكان الرأس والقمة ، ونعم ما قال القائل :

فَوال أُناساً قولهم وكلامهم

روى جدنا عن جبرئيل عن الباري

وما ربّما يرى من أنّ أحد الأئمّة ، يروي حديثاً عن صحابي أو تابعي كالاِمام الباقر عليه‌السلام إذا روى مثلاً عن جابر ، فإنّما هو لأجل إقناع السائل الذي اعتاد بقبول الرواية إذا أُسند إلى النبي الأكرم وإلاّ فالاِمام الباقر عليه‌السلام في غنى عن الاِسناد إليه وهو معدن علم النبي وموئله وهكذا أبناوَه المعصومون.

هذا هو حال أئمة أهل البيت وأمّا العلماء المنتمون إليهم بالنسب كالحسنيّين والحسينيّين فيصدرون عن معارفهم ويحتجون بأقوالهم وأفعالهم أيضاً وربّما ينقلون عن الغير ويسكنون إليهم وذلك لا للاِعراض عن أئمتهم ، بل اقتداء بقول نبيهم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « الحكمة ضالة الموَمن أين وجدها أخذها » ولأجل ذلك نرى أنّ زيد الثائر أخذ الحديث عن غيرهم ، كما أخذ عنه الكثيرون من المحدّثين والفقهاء. وإليك بيان هذا الفصل من فصول حياته.

مشايخه :

كان لزيد الثائر تنقلات وسفرات كثيرة بين المدن الاِسلامية بين المدينة ومكّة ، والحجاز والشام والعراق ، ففي هذه الرحلات أخذ العلم والحديث عن لفيف ، وإليك أسماء مشايخه أوّلاً ، ثم تلامذته.

روى عن : أبان بن عثمان بن عفان ، وعبيد اللّه بن أبي رافع ، وعروة بن الزبير ، وأبيه علي بن الحسين زين العابدين عليه‌السلام ، وأخيه أبي جعفر محمد بن علي الباقر عليه‌السلام (١).

__________________

١ ـ المزي : تهذيـب الكمال : ١٠ / ٩٦ ، الذهبي : سير أعلام النبلاء : ٥ / ٣٨٩ ، تاريخ الاسلام القسم المختص بحوادث (سنة ١٢١ ـ ١٤١)ص ١٠٥ ، ابن حجر العسقلاني : تهذيب التهذيب : ٣ / ٤١٩.

١٠٦

تلامذته :

روى عنه : الأجلح بن عبد اللّه الكندي ، وآدم بن عبد اللّه الخثعمي ، وإسحاق بن سالم ، وإسماعيل بن عبد الرحمان السدي ، وبسام الصيرفي ، وأبو حمزة ثابت بن أبي صفية الثمالي ، وابن أخيه جعفر بن محمد بن علي الصادق ، وابنه حسين بن زيد بن علي ، وخالد بن صفوان ، وأبو سلمة راشد بن سعد الصائغ الكوفي ، وزبيد اليامي ، وزكريا بن أبي زائدة ، وزياد بن علاقة ، أبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني ، وسعيد بن خثيم الهلالي ، وسعيد بن متصور المِشرفي الكوفي ، وسليمان الأعمش ، وشعبة بن الحجاج ، وعباد بن كثير ، وعبد اللّه بن عمر بن معاوية ، وعبد اللّه بن عيسى بن عبد الرحمان بن أبي ليلى ، وعبد الرحمان بن الحارث ابن عياش بن أبي ربيعة المخزومي ، وعبد الرحمان بن أبي الزناد ، وعبيد اللّه بن محمد ابن عمر بن علي بن أبي طالب ، وعبيد بن اصطفى ، وأبو هريرة عُريف بن درهم ، وعمر بن موسى ، وأبو خالد عمرو بن خالد الواسطي ، وابنه عيسى بن زيد بن علي ، وفضيل بن مرزوق ، وكثير النواء ، وكيسان أبو عمر القصار الكوفي ، ومحمد ابن سالم ، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري ، والمطّلب بن زياد ، وأبو الزناد موح ابن علي الكوفي ، وهارون بن سعد العجلي ، وهاشم بن البريد (١).

ثم إنّ علاّمة صنعاء السياغي فصل من يروي عنه من أولاده عمّن ليس منهم ، فقال :

تلامذته : أولاده السادة الأبرار :

عيسى بن زيد ، ومحمد بن زيد ، وحسين بن زيد ، ويحيى بن زيد.

__________________

١ ـ جمال الدين المزي : تهذيب الكمال : ١٠ / ٩٦. هذا ما ذكره جمال الدين ، ونذكر المشهورين منهم في قائمة خاصة.

١٠٧

فعيسى بن زيد الأوحد الذي أخذ عنه سفيان الثوري ، وكان زاهد أهل زمانه وهو جد العراقيين.

ومحمد بن زيد ، جد الذين ببلاد العجم.

وحسين بن زيد ، جد المشهورين من ذرية زيد بن علي.

ويحيى بن زيد هو القائم بالاِمامة بعده.

مشاهير أصحابه الذين أخذوا عنه العلم :

ما نقلناه عن جمال الدين المزّي يهدف إلى مطلق من أخذ عنه العلم ، سواء اشتهر بالأخذ عنه أم لا وفي هذه القائمة نخص المشهورين وبين المذكورين في القائمتين من النسب الأربع عموم وخصوص من وجه.

١ ـ منصور بن المعتمر بن عبد اللّه السلمي الكوفي مات سنة ١٣٢ هـ احتج به البخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي.

٢ ـ هارون بن سعد العجلي أو الجعفي الكوفي وهو من شيوخ مسلم.

٣ ـ معاوية بن إسحاق بن زيد بن حارثة الأنصاري استشهد مع الاِمام زيد وصلب معه.

٤ ـ أبو الجارود زياد بن المنذر الهمداني وهو الذي تنسب إليه الجارودية الزيدية.

٥ ـ الحسن بن صالح وأخوه.

٦ ـ علي بن صالح وكلاهما بتريان ، لاحظ رجال الكشي برقم ١٠٨.

٧ ـ هاشم صاحب البريد وقد جاء في سند الكافي في باب معرفة الأئمّة يروي عن الصادق عليه‌السلام لاحظ تنقيح المقال : ٣ / ٢٨٨.

١٠٨

٨ ـ محمد بن عبد الرحمان بن أبي ليلى من أصحاب الاِمام الصادق عليه‌السلام لاحظ تنقيح المقال : ٣ / ١٣٦.

٩ ـ سلمة بن كهيل أحد المبايعين لزيد له ترجمة في رجال الكشي برقم : ٢٠٥.

١٠ ـ عمرو بن خالد الواسطي راوي مسنده وستوافيك ترجمته عند البحث عن آثار زيد العلمية.

١١ ـ إسماعيل بن عبد الرحمان السدّي من كبار علماء الكوفة مات سنة ١٢٧ هـ.

١٢ ـ أبو الزناد : موح بن علي الكوفي. له ترجمة في تهذيب الكمال : ١ / ٤٥٦.

١٣ ـ سليمان بن مهران الأعمش من كبار علماء الكوفة ولد سنة ستين وتوفي عام ١٤٨ هـ.

١٤ ـ الأجلح بن عبد اللّه الكندي. لاحظ تنقيح المقال : ١ / ٢٦٦.

١٥ ـ معمر بن خثيم الهلالي له ترجمة في تنقيح المقال : ٣ / ٢٣٤.

١٦ ـ سعيد بن خثيم الهلالي له ترجمة في تنقيح المقال : ٢ / ٢٦.

١٧ ـ شعبة بن الحجاج بن ورد (٨٣ ـ ١٦٠ هـ) من العلماء كان ينتقل بين الكوفة والبصرة وواسط.

١٨ ـ قيس بن الربيع من أصحاب الصادقين عليهما‌السلام. تنقيح المقال : ٣ / ٣١.

١٩ ـ سفيان بن أبي السمط ، اقـرأ ترجمتـه في تنقيح المقال : ٢ / ٣٨ ، بسقوط « أبي » من العبارة.

٢٠ ـ محمد بن الفرات الجرمي. له ترجمة في رجال الكشي ، برقم : ٤٢٨.

١٠٩

٢١ ـ فضيل بن الزبير الرسان له ترجمة في تنقيح المقال : ٢ / ١٣.

٢٢ ـ عبد اللّه بن الزبير : أخو فضيل بن الزبير لاحظ رجال الكشي برقم : ٢٨٧.

٢٣ ـ سالم بن أبي حفصة ترجمه الكشي برقم ١٠٩.

٢٤ ـ عبد اللّه بن عتيبة.

٢٥ ـ زبيد اليامي (١) وهو من صغار التابعين توفي عام ٢٢١أو ٤٢١ هـ.

هوَلاء مشاهير تلامذته ، وأمّا غيره فقد أتى بأسمائهم العلاّمة السياغي في كتابه ، فمن أراد فليرجع إليه ، وقد تعرفت على ما ذكره جمال الدين المزّي في ذلك المجال (٢).

ثم إنّ أولاد عبد اللّه بن الحسن بن الحسن المثنى الذين أخذوا من زيد عبارة عن :

١ ـ محمد بن عبد اللّه : النفس الزكية.

٢ ـ إبراهيم بن عبد اللّه : النفس الرضية.

٣ ـ إدريس بن عبد اللّه.

٤ ـ يحيى بن عبد اللّه.

٥ ـ السيد موسى بن عبد اللّه.

فهوَلاء أخذوا العلم عن أبيهم وعن زيد وبعض أصحابه أيضاً (٣).

* * *

__________________

١ ـ السياغي : الروض النضير : ١ / ١١٤ ـ ١١٥.

٢ ـ جمال الدين المزّي : تهذيب الكمال : ١٠ / ٩٦.

٣ ـ السياغي : الروض النضير : ١ / ١١٥.

١١٠

إنّ العلاّمة السياغي وغيره عدّوا كثيراً من فقهاء أهل السنّة ونسّاكهم من أتباع الاِمام زيد ، وحاولوا بذلك شيوع إمامته والاقتداء به يوم ظهوره وخروجه ، ولكن الموَيد لثورة زيد ، غير كونه تابعاً لزيد في الأصول والفروع.

وهناك كلمة قيّمة لنشوان الحميري قد رفع بها الستر عن وجه الحقيقة وقال : « اجتمع طوائف الناس على اختلاف آرائهم على مبايعته ، فلم يكن المعتزلي أسرع إليها من المرجىَ ، ولا المرجىَ من الخارجي ، فكانت بيعته عليه‌السلام مشتملة على فرق الأمّة على اختلافها (١).

إنّ أبا حنيفة إمام السنّة دعم خروج زيد بالمال ، وأفتى بوجوب نصرة زيد وقد أرسل المال إليه ، كما هو مذكور في غير واحد من المعاجم ، مع أنه لم يكن تابعاً لزيد لا في الأصول ولا في الفروع.

حديث المنتمين إلى زيد :

إنّ لفيفاً من فقهاء أهل السنّة ، كانوا يعانون من جور بني أُمية وطغيانهم ، لمّا وقفوا على خروج زيد قاموا بدعمه وإمداده بالقول والعمل ، فصاروا معروفين بالزيدية وما هم من الزيدية بشيء إلاّ تصويب خروج زيد ، وإمداده ، والزيدي عندنا ، من يقتفيه في العقيدة والعمل.

وبذلك يظهر التأمل في بعض ما ذكره الحاكم الجشمي البيهقي (٤١٣ ـ ٤٩٤ هـ) في جلاء الأبصار.

قال : وعن محمد بن زيد قال : بعث أبو حنيفة ـ رحمه‌الله ـ إلى زيد بن علي عليهما‌السلام بمال ، وقال : استعن به على ما أنت فيه. وعن فضيل ابن الزبير قال : كنت رسول زيد بن علي إلى أبي حنيفة ، فسألني من يأتيه من الفقهاء؟ فقلت :

____________

١ ـ نشوان الحميري : الحور العين : ١٨٥. ولكلامه صلة سيوافيك.

١١١

سلمة بن كهيل ويزيد بن أبي زياد وهارون بن سعد وأبو هاشم الرماني وحجاج ابن دينار وغيرهم كثير. وعن شعبة قال : سمعت الأعمش يقول : واللّه لولا ضرارة بي لخرجت معه ، واللّه ليُخذُلنَّه واللّه ليُسلمُنَّه كما فعلوا بجده وعمه. وعن عقبة بن إسحاق السلمي قال : كان منصور بن المعتمر يدور على الناس يأخذ البيعة لزيد ابن علي. وعن ليث قال : جاءنا منصور يدعونا إلى الخروج مع زيد بن علي. وعن حماد بن زيد وذكر سفيان الثوري فقال : كان ذاك زيدياً ، وعن أبي معاوية وذكر عنده سفيان فقال : نحن أعرف بهذا منكم ، كان سفيان من هذه الشيعة وكان منصور يأخذ البيعة لزيد بن علي. وذكر السيد أبو طالب بإسناده عن أبي عوانة قال : كان سفيان زيدياً ، وكان إذا ذكر زيد بن علي يقول : بذل مهجته لربّه ، وقام بالحقّ لخالقه ، ولحق بالشهداء المرزوقين من آبائه. وقال أبو عوانة : كان زيد بن علي يرى الحياة غراماً ، وكان ضجراً بالحياة. وعن الواقدي قال : كان سفيان زيدياً. وعن النضر بن حميد الكندي قال : شهدت سعد بن إبراهيم بالمدينة حين نعي إليه زيد بن علي عليهما‌السلام ، فبكى واشتد حزنه واشتد جزعه ، وتخلف في منزله يعزّى بعد سبعة أيام ، فسمعته يقول : ما خلف مثله. وعن الصادق ـ يعني جعفر بن محمد عليهما‌السلام ـ : « عمي زيد خرج على ما خرج عليه آباوَه ، ووددت أنّي استطعت أن أصنع كما صنع عمي ، فأكون مثل عمي ، من قتل مع زيد كمن قتل مع الحسين ابن علي عليهما‌السلام » (١).

وعلى هذا الغرار قول ابن العماد الحنبلي ، قال : وكان ممن بايعه منصور بن المعتمر ، ومحمد بن عبد الرحمان بن أبي ليلى ، وهلال بن خباب بن الأرت وابن شبرمة ومسعر بن كدام وغيرهم (٢).

__________________

١ ـ السياغي : الروض النضير : ١ / ١٠٤.

٢ ـ ابن العماد الحنبلي : شذرات الذهب : ١ / ١٥٨.

١١٢

إنّ القول بالتشيع يجمعه الاعتقاد ، بخلافة الاِمام علي أمير الموَمنين عن النبي الأكرم نصاً جليّاً أو خفياً كما يدّعيه بعض الزيدية ، ولم يكن هوَلاء متشيعين بهذا المعنى نعم كانوا موَيدين ثورة زيد ومدعمين لها بألوان مختلفة.

حتى إنّ بعض الموَيدين لثورته ، والمبايعين له ، قد استقال بعد البيعة كما روى في حق كثير النواء حيث بايع فاستقال وأقاله زيد وقال :

للحرب أقوام لها خلقوا

وللتجارة والسلطان أقوام

خير البرية من أمسى تجارته

تقوى الاِله ، وضرب يجتلي الهام (١)

الثناء عليه ممزوجاً مع المغالاة :

١ ـ روى المقريزي عن أحمد بن محمد بن الحسيـن بن زيد بن علي ، قال : حدثنا أهلي أنّ زيداً عليه‌السلام ماتوسد القرآن منذ احتلم حتى قتل ، وأمّا الصيام فكان يصوم يوماً ويفطر يوماً.

ولعله أراد بقوله : « ماتوسد القرآن » الكناية عن قيام الليل واستكمال قراءة القرآن في صلاة التهجد (٢).

٢ ـ قال نشوان الحميري في شرح « رسـالة الحور العين » : فلمّا شهر فضله وتقدمه وبراعته وعرف كماله الذي تقدم به أهل عصره اجتمع طوائف الناس على اختلاف رأيهم على مبايعته ، فلم يكن الزيدي أحرص عليها من المعتزلي ، ولا المعتزلي أسرع إليها من المرجىَ ، ولا المرجىَ من الخارجي ، فكانت بيعته عليه‌السلام مشتملة على فرق الأمّة مع اختلافهم. ولم يشذ عن بيعته إلاّ هذه الفرقة القليلة

__________________

١ ـ المفيد : الاختصاص : ١٢٨ ، ط ١٣٧٩ ؛ المجلسي : البحار : ٤٦ / ١٨١.

٢ ـ المقريزي : الخطط : ٢ / ٤١٩ ، كما في الروض النضير : ١ / ٩٩.

١١٣

التوفيق ـ أخزاهم اللّه تعالى ـ قال : ومن الواضح الذي لا أشكال فيه أنّ زيد بن علي عليه‌السلام يُذكر مع المتكلمين إن ذكروا ، ويُذكر مع الزهاد ، ويُذكر مع الشجعان ، وأهل المعرفة بالضبط والسياسة ، فكان أفضل العترة لأنّه كان مشاركاً لجماعتهم في جميع خصال الفضل ، ومتميزاً عنهم بوجوه لم يشاركوه فيها ، فمنها اختصاصه بعلم الكلام (١) ، الذي هو أجلّ العلوم ، وطريق النجاة ، والعلم الذي لا ينتفع بسائر العلوم إلاّ معه ، والتقدم فيه والاشتهار عند الخاص والعام. هذا أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ يصفه في صنعه الكلام ويفتخر به ويشهد له بنهاية التقدم ، وجعفر بن حرب في كتاب « الديانة » وكثير من معتزلة بغداد كمحمد بن عبد اللّه الاِسكافي وغيره ينتسبون إليه في كتبهم ، ويقولون نحن زيدية ، وحسبك في هذا الباب انتساب المعتزلة إليه ، مع أنّهاتنظر إلى سائر الناس بالعين التي تنظر بها ملائكة السماء إلى أهل الأرض مثلاً. فلولا ظهور علمه وبراعته وتقدمه على كل أحد في فضيلته لما انقادت إليه المعتزلة (٢).

المغالاة في علمه وفقهه :

إنّ الغلو هو الخروج عن الحد ، قال سبحانه : « يا أهْلَ الكِتابِ لأ تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلا تَقُوُُلوا على اللّهِ إلاّ الحَق » (النساء ـ ١٧١). وقال سبحانه : « قُلْ يا أهْلَ الكِتابِ لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الحَق » (المائدة ـ ٧٧). وقال الاِمام علي عليه‌السلام وهو يصف الغلوّ وخلافه يقول : الثناء بأكثر من الاستحقاق ملق ، والتقصير عن الاستحقاق عي أو حسد » (٣).

__________________

١ ـ سيوافيك أنّه لم يوَثر من زيد ، أي رأي كلامي وإنّ تتلمذه على واصل غير ثابت.

٢ ـ السياغي : الروض النضير : ١ / ١٠١ ، لاحظ شرح رسالة الحور العين : ١٨٥.

٣ ـ الرضي : نهج البلاغة : قسم الحكم ، برقم ٣٤٧.

١١٤

المغالا ة في أي موضوع من الموضوعات تلازم الكذب أوّلاً ، والاِغراء بالجهل ثانياً ، وبخس الحق ثالثاً إلى غير ذلك من المضاعفات ، من غير فرق بين أن يتعلق بأمر ديني أو غيره ، وهنا نذكر شيئاً مما قيل في حقّه من المغالاة :

١ ـ اتفقت كلمة أصحاب المعاجم على أنّ زيداً ، أخذ عن والده وأخيه محمد الباقر عليهما‌السلام ولم ينكر أحد ذلك وقد تخرج من مدرسة أخيه عشرات المحدثين والفقهاء والمتكلمين ، لا يشق غبارهم ولا يدرك شأوهم غير أنّ هناك من يروقه الحط عن مكانة أئمة أهل البيت ، أو الخضوع للعاطفة ، أو الحسد لمنزلة أبي جعفر الباقر عليه‌السلام فلا يرضى إلاّ بترفيع زيد عليه ، يقول : لقد علم زيد ، القرآن من حيث لم يعلمه أبو جعفر ، قلت : وكيف ذلك؟ قال : لأنّ زيداً علم القرآن ، وأُوتي فهمه. وأبو جعفر أخذ من أفواه الرجال. قال الديلمي : وقد قيل لأبي جعفر : باقر علم الأنبياء والعالم ورأس الشيعة في زمانه. وعنه : واللّه لقد علمت أهل بيتي فما علّمت أفضل من زيد بن علي ولقد استوسقت له الفضائل ، واجتمع له الخير ، وكمل فيه الحقّ فما يساميه أحد إلاّ والحقّ ينكسه ويزهقه (١).

يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ زيداً من علماء أهل البيت وأفاضلهم ، وهو علم القرآن وأُوتي فهمه ، ولكنه من أين أخذ علمه هل أخذ عن أبيه زين العابدين ، وأخيه باقر العلوم عليهما‌السلام فإذاً تنتفي المغالاة ، أو من غيرهما ، ومن هو ذاك الغير الذي علّم زيداً ، وصار زيد في علم القرآن عيالاً عليه ، وبرع وترعرع وتقدم على أئمة أهل البيت عليهم‌السلام؟!

وثانياً : ما مصدر هذه الأكذوبة من أنّ أبا جعفر عليه‌السلام أخذ من أفواه الرجال ، إذ لم يأت في أي مصدر من المصادر ، إنّ الأئمّة الاثني عشر عليهم‌السلام

__________________

١ ـ الروض النضير : ١ / ١٠١ وهذا القضاء الجائر نسبه الديلمي في مشكاة الأنوار إلى عبد اللّه بن محمد ابن علي بن الحنفية.

١١٥

حضروا مجلس درس أحد من الصحابة والتابعين والعلماء ، نعم ربّما روى بعضهم حديثاً عن الرسول مسنداً إلى بعض الصحابة أو التابعين وهو غير الدراسة والتعلّم لديهم. وقد مضى وجه النقل عنهم.

هذا هو ابن سعد يعرّفه بقوله : « محمّد الباقر من الطبقة الثالثة من التابعين كان عالماً عابداً ثقة ، روى عنه الأئمّة أبو حنيفة وغيره. وقال عطاء : ما رأيت العلماء عند أحد أصغر علماً منهم عند أبي جعفر ، لقد رأيت الحكم عنده كأنّه مغلوب ، ويعني بالحكم ، الحكم بن عتيبة ، وكان عالماً نبيلاً جليلاً في زمانه » (١).

أفمن يسلم عليه النبي عن طريق جابر يقول جابر : كنت جالساً عند رسول اللّه والحسين في حجره وهو يداعبه فقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : « ياجابر يولد مولود اسمه علي إذا كان يوم القيامة نادى مناد ليقوم سيد العابدين فيقوم ولده ، ثم يولد له ولد اسمه محمد ، فإن أدركته يا جابر فاقرأه منّي السلام » (٢).

يقول المفيد : لم يظهر عن أحد من ولد الحسن والحسين عليهما‌السلام في علم الدين والآثار والسنّة وعلم القرآن والسيرة وفنون الآداب ما ظهر من أبي جعفر الباقر عليه‌السلام وروى عنه معالم الدين ، بقايا الصحابة ووجوه التابعين وفقهاء المسلمين ، وسارت بذكر كلامه الأخبار وانشدت في مدائحه الأشعار (٣).

وبذلك يظهر حال ما رواه الذهبي وغيره عن الاِمام الصادق عليه‌السلام أنّه عرف عمه بقوله : « كان واللّه أقرأنا لكتاب اللّه وأفقهنا في دين اللّه ، وأوصلنا للرحم

__________________

١ ـ سبط ابن الجوزي : تذكرة الخواص : ١ / ٣٠٢.

٢ ـ المصدر نفسه : ٣. ٣ ، أخرجه أيضاً ابن حجر في لسان الميزان : ٥ / ١٩٨ ، وابن حجر الهيثمي في الصواعق المحرقة : ١٩٩ ، والمناوي في الكواكب الدّريّة : ١ / ١٦٤ وغير ذلك.

٣ ـ المفيد : الارشاد : ٢٦١ ـ ٢٦٢.

١١٦

ما تركنا وفينا مثله » (١) ولو صح الحديث لحمل على التفضيل النسبي بالنسبة إلى سائر الهاشميين.

تطرف بعد تطرف :

ومن ذلك ما يرويه حميد بن أحمد المحلي قال : روينا بالاسناد الموثوقة أيضاً أنّ زيد بن علي عليهما‌السلام سأل محمد بن علي الباقر عليهما‌السلام كتاباً كان لأبيه ، قال : فقال له محمد بن علي : نعم ، ثم نسي ولم يبعث إليه ، فمكث سنة ثم ذكر ، فلقى زيداً فقال : أي أخي ألم تسأل كتاب أبيك؟ قال : بلى. قال : واللّه ما منعني أن أبعث به إلاّ النسيان. قال : فقال له زيد : وقد استغنيتُ عنه. قال : تستغني عن كتاب أبيك؟ قال : نعم استغنيت عنه بكتاب اللّه ، قال : فاسألك عما فيه؟ قال له زيد : نعم ، قال : فبعث محمداً إلى الكتاب ، ثم أقبل فسأله عن حرف حرف وأقبل زيد يجيبه حتى فرغ من آخر الكتاب ، فقال له محمد : واللّه ما حرمت منه حرفاً واحداً (٢).

يلاحظ عليه أوّلاً : أنّ ظاهر الحديث أنّ اللقاء بين الأخوين كان بعيداًبشهور غير متقارب كما هو ظاهر قوله : فمكث سنة ثم ذكر فلقى زيداً ، وهذا ما لا تعطيه ظروف الحياة في المدينة المنورة.

وثانياً : أنّ ما نقله عن زيد من حديث الاستغناء إنّما يصح لو كان الكتاب ، كتاباً عادّياً غير مرتبط بتفسير القرآن وحل معضلاته ومشكلاته ، أو مبيّناً لمخصصاته ومقيداته ، ولكن الظاهر أنّ الكتاب كان على خلاف ذلك ومع ذلك كيف يمكن الاستغناء عنه بالقرآن.

__________________

١ ـ جمـال الدين المزي ، تهذيب الكمال في أسماء الرجال : ١٠ / ٩٨ ، الذهبي : سير أعلام النبلاء : ٥ / ٣٩٠ وتاريخ الاِسلام (حوادث ـ ١٢١ ـ ١٤٠ هـ) ص ١٠٦.

٢ ـ الحدائق الوردية : ١٤٠.

١١٧
١١٨

الفصل الخامس

الآثار العلمية الباقية عن زيد

كان وليد البيت العلوي ، مفسّراً للقرآن ، عارفاً بالسنّة ، ترك آثاراً علمية إمّا أملاها على تلاميذه ، أو حرّرها بقلمه ويراعه ونأتي في المقام بما وقفنا عليه من الآثار :

١ ـ المجموع الفقهي.

٢ ـ المجموع الحديثي.

نسب إلى زيد المجموع الفقهي تارة والحديثي أُخرى ، والمسند ثالثة. روى الجميع أبو خالد عمرو بن خالد الواسطي غير أنّ الكتب الثلاثة هي المطبوعة باسم المسند ، وأمّا تسميته بالحديثي والفقهي فلأجل أنّ الكتاب يتضمّن روايات عن زيد عن آبائه كما يتضمن آراء له فلو كان الكتابان في بدء الأمر مختلفين فهو في المطبوع كتاب واحد ، وأمّا توصيفه بالمسند لأنّ ما في الكتاب يحتوي رواياته عن آبائه ، وقد جمع ـ ما رواه أبو خالد عن زيد ـ عبد العزيز بن إسحاق بلا تبويب شأنَ المسانيد ، وبوبّه بعد قرون الحسين بن يحيى بن إبراهيم الديلمي في سنة ١٢٠١ هـ وكان قبل التبويب مجزّأ على ستة أبواب على أصل الجامع له ، والمطبوع

١١٩

هو ما بوبّه الديلمي.

والناظر في المجموع الحديثي يميز الحديث عن المجموع الفقهي فنرى في كتاب الطهارة باب ذكر الوضوء لونين من الكلام.

أ : حدثني زيد بن علي بن الحسين (عن أبيه سقط عن المطبوع) عن جده الحسين بن علي إلى أن قال : رأيت رسول اللّه توضّأ فغسل وجهه.

ب : وسألت زيداً بن علي عن الرجل ينسى مسح رأسه حتى يجفّ وضووَه.

ومثل الثاني إذا قال : وقال زيد بن علي رضي اللّه عنه « المضمضة والاستنشاق سنّة ... »

والقسم الأوّل حديث ، ولكن الثاني وما يليه ، من المجموع الفقهي.

وأخبار المجموع النبويةُ المرفوعة مائتا حديث وثمانية وعشرون حديثاً.

والعلوية ثمانمائة وعشرون خبراً.

وقد تلقاها أئمة الزيدية بالقبول وقالوا : هو أوّل كتاب جمع في الفقه وقال منهم :

زيد يزيد على الورى

في أصله وفروعه

فالفضل مجموع به

والعلم في مجموعه

وقد شرحه لفيف من الزيدية أوسعها شرح القاضي العلامة شرف الدين الحسين بن أحمد السياغي الحيمي اليمني الصنعاني ، ولد بصنعاء سنة ١١٨٠ هـ وتوفي سنة ١٢٢١ هـ ، أسماه « الروض النضير في شرح مجموع الفقه الكبير » ، وقد طبع طبعتين ، الطبعة الثانية محقّقة طبع عام ١٣٨٨ هـ ، وشرحه هذا يشتمل على تخريج الأحاديث وشرحها واستنباط الأحكام المأخوذة منها مع ذكر أقوال العلماء

١٢٠