الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٩

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٩

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٤٣

بحديثه. وقال ابن سعد (١) : كان كثير الحديث وكان يضعف لروايته عن أبيه.

تهذيب التهذيب (٢) (٦ / ١٧١).

وبعد ذلك كلّه فإنّي أستغرب هذه الرفاقة وأنّ الرجل بما ذا اختصّ بها وحصل عليها من دون الصحابة المقدّمين ذوي الفضائل والمآثر ، وفي مقدّمهم صنوه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمير المؤمنين عليّ صلوات الله عليه وهو نفسه في الذكر الحكيم ، وأخوه المخصوص به في حديث المواخاة المعربة عن المجانسة بينهما في النفسيّات ، وهو الذابّ الوحيد عنه في حروبه ومغازيه ، ومثله الأعلى في العصمة والقداسة بصريح آية التطهير ، وباب مدينة علمه في الحديث المتواتر.

فبما ذا اختصّ عثمان بهذه الرفاقة دون عليّ أمير المؤمنين ، ألمشاكلته مع صاحب الرسالة العظمى في النسب أو الحسب في العلم والتقوى والملكات الفاضلة؟ أو لاتّباعه ما جاء به صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من كتاب أو سنّة؟ وأنت متى استشففت ما تلوناه في هذا الكتاب من موارد الخليفة ومصادره ، وأخذه وردّه ، وأفعاله وتروكه ، تعلم مبوّأه من كلّ هاتيك الفضائل وتجد من المستحيل ما أثبتته له هذه الرواية الواهية بإسنادها الساقط ، تعالى نبيّ العظمة عن ذلك علوّا كبيراً.

ولست أدري لما ذا ردّ الله دعاء نبيّه الأعظم في أبي بكر الوارد فيما أخرجه ابن عدي (٣) من طريق الزبير بن العوام قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اللهمّ إنّك جعلت أبا بكر رفيقي في الغار فاجعله رفيقي في الجنّة (٤).

نعم ؛ هذا كحديث ابن ماجة هما سواسية في البطلان ، في إسناده محمد بن

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ٥ / ٤١٦.

(٢) تهذيب التهذيب : ٦ / ١٥٥.

(٣) الكامل في ضعفاء الرجال : ٦ / ٢٨٦ رقم ١٧٧١.

(٤) لسان الميزان : ٥ / ٤١٨ [٥ / ٤٧٣ رقم ٨١٦٠]. (المؤلف)

٤٠١

الوليد القلانسي البغدادي ، كذّاب ، يضع الحديث كما مرّ في سلسلة الكذّابين (٥ / ٢٥٦) ، ومصعب بن سعيد يحدّث عن الثقات بالمناكير ويصحّف (١) ، وكان مدلّساً لا يدري ما يقول وستوافيك ترجمته ، وعيسى بن يونس مجهول لا يعرف (٢).

١٠ ـ أخرج الحاكم في المستدرك (٣) (٣ / ٩٧) ، من طريق عبيد الله بن عمرو القواريري البصري ، عن القاسم بن الحكم بن أوس الأنصاري ، عن أبي عبادة الزرقي ، عن زيد بن أسلم ، عن أبيه قال : شهدت عثمان يوم حُصر في موضع الجنائز ، فقال : أنشدك الله يا طلحة أتذكر يوم كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في مكان كذا وكذا وليس معه من أصحابه غيري وغيرك فقال لك : يا طلحة إنّه ليس من نبيّ إلاّ وله رفيق من أُمّته معه في الجنّة وإنّ عثمان رفيقي ومعي في الجنّة؟ فقال طلحة : اللهمّ نعم. قال : ثمّ انصرف طلحة.

وفي لفظ أحمد في مسنده (٤) (١ / ٧٤) ، بالإسناد نفسه ، عن أسلم قال : شهدت عثمان رضى الله عنه يوم حُوصر في موضع الجنائز ، ولو أُلقي حجر لم يقع إلاّ على رأس رجل ، فرأيت عثمان رضى الله عنه أشرف من الخوخة التي تلي مقام جبريل عليه‌السلام ، فقال : أيّها الناس أفيكم طلحة؟ فسكتوا. ثمّ قال : أيّها الناس أفيكم طلحة؟ فسكتوا. ثمّ قال : يا أيّها الناس أفيكم طلحة؟ فقام طلحة بن عبيد الله ، فقال له عثمان رضى الله عنه : ألا أراك هاهنا! ما كنت أرى أنّك تكون في جماعة تسمع ندائي آخر ثلاث مرات ثم لا تجيبني ، أنشدك الله يا طلحة تذكر يوم كنت أنا وأنت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في موضع كذا وكذا ليس معه أحد من أصحابه غيري وغيرك؟ قال : نعم. فقال لك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : يا طلحة إنّه ليس من نبيّ إلاّ ومعه من أصحابه رفيق من أُمّته معه في الجنّة ، وإنّ عثمان بن

__________________

(١) لسان الميزان : ٦ / ٥١ رقم ٨٤٠٤.

(٢) لسان الميزان : ٤ / ٤٧٤ رقم ٦٤٦٠.

(٣) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١٠٤ ح ٤٥٣٧.

(٤) مسند أحمد : ١ / ١١٩ ح ٥٥٣.

٤٠٢

عفّان رضى الله عنه هذا يعنيني ـ رفيقي معي في الجنّة. قال طلحة : اللهمّ نعم. ثمّ انصرف.

صحّحه الحاكم (١) وعقّبه الذهبي ، فقال : قلت : قاسم هذا ، قال البخاري : لا يصحّ حديثه ، وقال أبو حاتم (٢) : مجهول. وذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب (٣) (٨ / ٣١٢) وحكى عن البخاري وأبي حاتم ما ذكره الذهبي.

وفي الإسناد عبيد الله القواريري ، روى عنه البخاري خمسة أحاديث فحسب ، ومسلم أربعين حديثاً (٤) وقد سمع منه أحمد بن يحيى مائة ألف حديث (٥). فما حكم ذلك الحوش الحائش ممّا جاء به القواريري بعد ما لم يأخذ البخاري ومسلم منه إلاّ عدّة أحاديث وضربا عن كلّ ذلك صفحاً؟ ومن المستبعد جدّا عدم وقوفهما عليها.

وفيه : أبو عبادة الزرقي عيسى بن عبد الرحمن الأنصاري ، قال أبو زرعة : ليس بالقويّ. وقال أبو حاتم (٦) : منكر الحديث ضعيف الحديث شبيه بالمتروك لا أعلمه روى عن الزهري حديثاً صحيحاً. وقال البخاري والنسائي (٧) : منكر الحديث. وقال ابن حبّان (٨) : يروي المناكير عن المشاهير فاستحقّ الترك. وقال العقيلي (٩) : مضطرب الحديث. وقال الأزدي : منكر الحديث مجهول. وقال ابن عدي (١٠) : عامّة ما يرويه لا يُتابع عليه. وقال ابن حبّان أيضاً : لا ينبغي أن يحتجّ بما انفرد به (١١).

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١٠٤ ح ٤٥٣٧ ، وكذا في تلخيصه.

(٢) الجرح والتعديل : ٧ / ١٠٩ رقم ٦٢٨.

(٣) تهذيب التهذيب : ٨ / ٢٨٠.

(٤) و (٥) ذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب : ٧ / ٤١ [٧ / ٣٦]. (المؤلف)

(٦) الجرح والتعديل : ٦ / ٢٨١ رقم ١٥٥٩.

(٧) التاريخ الكبير : مج ٦ / ٣٩١ رقم ٢٧٤١ ، كتاب الضعفاء والمتروكين : ص ١٧٦ رقم ٤٤٣.

(٨) كتاب المجروحين : ٢ / ١١٩.

(٩) الضعفاء الكبير : ٣ / ٣٨١ رقم ١٤١٨.

(١٠) الكامل في ضعفاء الرجال : ٥ / ٢٤٥ رقم ١٣٩٠.

(١١) تهذيب التهذيب : ٨ / ٢١٨ [٨ / ١٩٥] ، لسان الميزان : ٤ / ٤٠٠ [٤ / ٤٦٢ رقم ٦٤٢٧]. (المؤلف)

٤٠٣

قال الأميني : ولا يكاد يصحّ انصراف طلحة مع إصراره الثابت في التشديد على عثمان إلى آخر نفس لفظه الرجل ، ولم يقنعه الإجهاز عليه حتى إنّه منعه عن الدفن في مقابر المسلمين ، وجعل ناساً هناك أكمنهم كميناً ورموا حملة جنازته بالحجارة وصاحوا : نعثل نعثل. وقال طلحة : يُدفن بدير سلع يعني مقابر اليهود ، ولذلك قال مروان لمّا قتل طلحة لأبان بن عثمان : قد كفيتك بعض قتلة أبيك ، ومروان كان شاهداً عليه من كثب (١).

ومن العجيب أنّ هذه المناشدة كانت في ذلك المحتشد الرحيب بمسمع من أُولئك الجمّ الغفير وكان لو أُلقي الحجر لم يقع إلاّ على رأس رجل لكنّها لم تكفئ أحداً منهم ، فهل كانوا معترفين بها معرضين عنها؟ فأين العدالة المزعومة فيهم؟ أو أنّهم عرفوا بطلانها وما صدّقوا الرجلين في دعواهما فتركوها في مدحرة الإعراض؟ أو لم تكن هنالك مناشدةً قطّ؟ وهو أقرب الوجوه إلى الحقّ.

ولو فرضنا أنّها أكفأت طلحة كما يحسبه مختلق هذه الرواية ، فإنّه لم يكن إلاّ إكفاءً وقتيّا ثمّ راجع طلحة رشده فعرف أنّها حجّة داحضة فاستمرّ على ما ثار له ، وثبت عنه من الثبات على عمله وتضييقه.

هذه غاية ما يمكن أن يقال متى تجشّمنا لوضع هذه المزعمة في بقعة الإمكان ، ومن المستصعب ذلك أو المتعذّر ، وقد أسلفنا أنّ الرفاقة المزعومة ليس من السهل تصديقها لعدم المجانسة بين الرفيقين قطّ ولو كانت من جهة.

والرفاقة كالأخوّة والصحبة ـ المنبعثة ثلاثتها عن التجانس في الخلل والمزايا ـ تخصّ بعليّ أمير المؤمنين عليه‌السلام كما جاء مرفوعاً : «يا عليّ أنت أخي وصاحبي ورفيقي في الجنّة» (٢) ، وهذا التخصّص تعاضده البرهنة الثابتة ، ويؤيّد بالاعتبار.

__________________

(١) راجع ما مرّ في هذا الجزء : ص ٩١ ـ ١٠١. (المؤلف)

(٢) تاريخ الخطيب : ١٢ / ٢٦٨ [رقم ٦٧١٢]. (المؤلف)

٤٠٤

١١ ـ أخرج (١) أبو يعلى وأبو نعيم وابن عساكر في تاريخه (٧ / ٦٥) ، والحاكم في المستدرك (٣ / ٩٧) من طريق شيبان بن فروخ ، عن طلحة بن زيد الدمشقي ، عن عبيدة (٢) بن حسان ، عن عطاء الكيخاراني ، عن جابر بن عبد الله قال : بينما نحن في بيت ابن حشفة في نفر من المهاجرين فيهم : أبو بكر ، وعمر ، وعثمان ، وعلي ، وطلحة ، والزبير ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقاص ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لينهض كلّ رجل منكم إلى كفئه ، فنهض النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى عثمان فاعتنقه ، وقال : أنت وليّي في الدنيا والآخرة.

صحّحه الحاكم وعقّبه الذهبي في تلخيصه وقال : قلت : بل ضعيف ، فيه طلحة ابن زيد ، وهو واهٍ عن عبيدة بن حسان شُوَيخ مقلّ عن عطاء. وقال السيوطي في اللآلئ (١ / ٣١٧) : موضوع ، طلحة لا يحتجّ به ، وعبيدة يروي الموضوعات عن الثقات. انتهى.

وذكره (٣) المحبّ الطبري في رياضه النضرة (٢ / ١٠١) ، وابن كثير في تاريخه (٧ / ٢١٢) ساكتين عمّا في إسناده من الغمز شأنهما في فضائل من يحبّانه ويواليانه ، ولا يخفى عليهما قول أحمد : طلحة بن زيد ليس بذاك قد حدّث بأحاديث مناكير. وقوله : ليس بشيء كان يضع الحديث لا يعجبني حديثه. وقول (٤) البخاري والنسائي : منكر الحديث. وقول النسائي أيضاً : ليس بثقة متروك. وقول صالح بن محمد : لا يكتب حديثه. وقول ابن حبّان (٥) : منكر الحديث لا يحلّ الاحتجاج بخبره. وقول

__________________

(١) مسند أبى يعلى : ٤ / ٤٤ ح ٢٠٥١ ، تاريخ مدينة دمشق : ٢٥ / ٢٥ رقم ٢٩٧٨ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١١ / ١٨٤ ، المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١٠٤ ح ٤٥٣٦ وكذا في تلخيصه.

(٢) في النسخة هاهنا وفيما يأتي : عبيد. والصحيح ما ذكرناه. (المؤلف)

(٣) الرياض النضرة : ٣ / ٢٧ ، البداية والنهاية : ٧ / ٢٣٩ حوادث سنة ٣٥ ه‍.

(٤) التاريخ الكبير : ٤ / ٣٥١ رقم ٣١٠٥ ، كتاب الضعفاء والمتروكين : ص ١٤٣ رقم ٣٣٢.

(٥) كتاب المجروحين : ١ / ٣٨٣.

٤٠٥

الدارقطني (١) والبرقاني : ضعيف. وقول أبي نعيم : حدّث بالمناكير لا شيء. وقول الآجري عن أبي داود : يضع الحديث. ونسبة ابن المدائني إيّاه إلى وضع الحديث. وقول الساجي : منكر الحديث (٢).

كما لا يخفى على الرجلين رأي الحفّاظ في عبيدة بن حسان ، قال أبو حاتم (٣) : منكر الحديث ، وقال ابن حبّان (٤) : يروي الموضوعات عن الثقات ، وقال الدارقطني : ضعيف. لسان الميزان (٥) (٤ / ١٢٥).

والغرابة في هذه المماثلة والولاية المنبعثة عنها في الدنيا والآخرة ، وهي ليست بأقلّ من الرفاقة التي أسلفنا القول فيها قُبيل هذا ، وإنّ من المؤسف جدّا المقارنة بين رسول العظمة وبين من لم يقم الصحابة الأوّلون ـ العدول كلّهم فيما يرتئون ـ له وزناً ولا رأوا لحياته قيمة ، ولا حسبوه لتسنّم عرش الخلافة مؤهّلاً ، فلم يزل ممقوتاً عندهم حتى كبت به بطنته ، وأجهز عليه عمله ، كما قاله مولانا أمير المؤمنين (٦) ولم يفتأ الصحابة مصرّين على مقته حتى أوردوه حياض المنيّة ، ولم تبرح أعماله مؤكدّة لعقائد الملأ الديني في همزه ولمزة حتى وقع من الأمر ما وقع.

ولا يسع قطّ لعارف عرفان وجه المكافأة بين نبيّ العظمة وبين عثمان ، فإنّها إن كانت من ناحية النسب فأنّى هي؟ هذا من شجرة طيّبة أصلها ثابت وفرعها في السماء ، وذلك من شجرة ملعونة في القرآن.

__________________

(١) الضعفاء والمتروكون : ص ٢٥٥ رقم ٣٠٤.

(٢) تاريخ ابن عساكر : ٧ / ٦٥ [٢٥ / ٢٦ ـ ٢٩ رقم ٢٩٧٨ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١١ / ١٨٤] ، تهذيب التهذيب : ٤ / ١٦ [٥ / ١٥] ، اللآلئ المصنوعة : ١ / ٨١ ، ٣١٧ [١ / ١٥٦ ، ٣١٧]. (المؤلف) [وأنظر أيضاً تهذيب الكمال للحافظ المزّي : ١٣ / ٣٩٥ رقم ٢٩٦٨].

(٣) الجرح والتعديل : ٦ / ٩٢ رقم ٤٧٥.

(٤) كتاب المجروحين : ٢ / ١٨٩.

(٥) لسان الميزان : ٤ / ١٤٥ رقم ٥٤٨٥.

(٦) راجع ما أسلفناه في الجزء السابع : ص ٨٢. (المؤلف)

٤٠٦

وإن كانت من حيث الحسب ففرق بينهما فيه بعد المشرقين ولا حرج ، هذا حسيب. وذلك مُقشَّب (١) الحسب؟ وإن كان من جهة الملكات الفاضلة والنفسيّات الكريمة فالمشاكلة منتفية وهما طرفا نقيض ، هذا ناصح الجيب ، واري الزند (٢) لعلى خلق عظيم ، والآخر يحمل منها بين جنبيه ما عرّفناك حديثه.

ونحن إن أخذنا ما جاء به القوم من قضايا الملكات فالبون بينهما شاسع أيضاً ، فالنبيّ الأقدس مثلاً عندهم كما مرّ كان يكشف في الملأ عن ركبتيه وعن فخذيه وعمّا هو بينهما وبين سرّته ولم يكن يبالي. وعثمان إن كان ليكون في البيت والباب عليه مغلق ، فما يضع عنه الثوب ليفيض عليه الماء ، يمنعه الحياء أن يقيم صلبه ، كما مرّ في حديث الحسن (ص ٢٨٧).

وإن فرضت المشاكلة من جانب الأخذ بالدين والعمل بما فيه من أفعال أو تروك ، فالتباين بينهما ظاهر وأيّ تباين (ضَرَبَ اللهُ مَثَلاً رَجُلاً فِيهِ شُرَكاءُ مُتَشاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَماً لِرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيانِ مَثَلاً) (٣) هذا رسول التوحيد أسلم وجهه لله وهو محسن ، يعبد ربّه مخلصاً له الدين تحت راية لا إله إلاّ الله ، وقرط أُذنه قوله تعالى (قُلِ اللهُ ثُمَّ ذَرْهُمْ) (٤) ، وورد لسانه : (وَما تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ) (٥) ، وأمّا عثمان فهو أسير هوى مروان ومعاوية وسعيد ومن شاكلهم من أبناء بيته ، يسير مع ميولهم وشهواتهم ، حتى قال مولانا أمير المؤمنين : «ما رضيت من مروان ولا رضي منك إلاّ بتحويلك عن دينك وعقلك ، وإنّ مثلك مثل جمل الظعينة سار حيث يُسار

__________________

(١) المقشَّب : الممزوج الحسب باللؤم.

(٢) رجل ناصح الجيب أي صادق أمين ، نقيّ القلب لا غشّ فيه. ويقال : واري الزند. في المبالغة في الكرم والخصال المحمودة. (المؤلف)

(٣) الزمر : ٢٩.

(٤) الأنعام : ٩١.

(٥) هود : ٨٨.

٤٠٧

به (٦)» قدم ربّه وقد خلط عملاً صالحاً وآخر سيّئاً ، كسب سيّئة وأحاطت به خطيئته.

إيه إيه يا نبيّ العظمة أنزلك الدهر ثمّ أنزلك حتى جعلك كُفو عثمان بعد ما اختارك ربّك واصطفاك من بريّته وجعلك لسان صدق نبيّا! هذا جزاؤك من أُمّتك جزاء سنمّار (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ) (٧).

لفت نظر :

وضعت يد الأمانة الخائنة على ودائع الإسلام المقدّس هذه الرواية تجاه ما صحّ عن النبيّ الأقدس في صنوه الطاهر أمير المؤمنين في حديث طويل عن ابن عبّاس من قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لعليّ عليه‌السلام : «أنت وليّي في الدنيا والآخرة».

أخرجه أحمد في مسنده (٨) (١ / ٣٣١) بإسناد صحيح رجاله كلّهم ثقات كما مرّ الإيعاز إليه في الجزء الأوّل (ص ٥٠) ، وفي الجزء الثالث (ص ١٩٥) ، رجاله :

١ ـ يحيى بن حماد أبو بكر البصري ، أحد رجال الصحيحين ، وثّقه (٩) ابن سعد وأبو حاتم وابن حبّان والعجلي.

٢ ـ أبو عوانة الوضّاح اليشكري ، من رجال الصحيحين. وثّقه (١٠) أبو زرعة

__________________

(٦) راجع ما مرّ في هذا الجزء : ص ١٧٤. (المؤلف)

(٧) الشعراء : ٢٢٧.

(٨) مسند أحمد : ١ / ٥٤٤ ح ٣٠٥٢.

(٩) الطبقات الكبرى : ٧ / ٣٠٦ ، الجرح والتعديل : ٩ / ١٣٧ رقم ٥٨٣ ، الثقات : ٩ / ٢٥٧ ، تاريخ الثقات للعجلي : ص ٤٧٠ رقم ١٨٠٠.

(١٠) الجرح والتعديل : ٩ / ٤٠ رقم ١٧٣ ، العلل ومعرفة الرجال : ٣ / ٩٢ رقم ٤٣٢٩ ، الثقات : ٧ / ٥٦٢ ، الطبقات الكبرى : ٧ / ٢٨٧ ، تاريخ الثقات للعجلي : ص ٤٦٤ رقم ١٧٦٨ ، تاريخ أسماء الثقات : ص ٣٣٩ رقم ١٤٤٣. وانظر تهذيب التهذيب : ١١ / ١٠٤.

٤٠٨

وأبو حاتم وأحمد وابن حبّان وابن سعد والعجلي وابن شاهين. وقال ابن عبد البرّ : أجمعوا على أنّه ثقة ثبت حُجّة.

٣ ـ أبو بلج يحيى بن سليم الواسطي ، وثّقه ابن معين وابن سعد (١) والنسائي والدارقطني وابن حبّان وأبو الفتح الأزدي.

٤ ـ عمرو بن ميمون أبو عبد الله الكوفي ، أدرك الجاهليّة ولم يلق النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. وثّقه (٢) العجلي وابن معين والنسائي وغيرهم ، عن ابن عبّاس.

وأخرجه جمع من الحفّاظ وذكره غير واحد من المؤلّفين ، ومنهم (٣) :

١ ـ الحافظ أبو عبد الرحمن النسائي المتوفّى (٣٠٣) ، في الخصائص (ص ٧).

٢ ـ الحافظ أبو القاسم الطبراني المتوفّى (٣٦٠) ، كما في الفرائد والمجمع وغيرهما.

٣ ـ الحافظ أبو يعلى النيسابوري المتوفّى (٣٧٤) (٤) كما في البداية والنهاية.

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ٧ / ٣١١ ، وانظر تهذيب الكمال للمزّي : ٣٣ / ١٦٢ رقم ٧٢٦٩.

(٢) تاريخ الثقات : ص ٣٧١ رقم ١٢٩٠ ، التاريخ : ٣ / ٥٠٦ رقم ٢٤٧.

(٣) خصائص أمير المؤمنين : ص ٤٥ ح ٢٣ ، المعجم الكبير : ١٢ / ٧٧ ح ١٢٥٩٢ ، المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١٤٥ ح ٤٦٥٥ ، المناقب : ص ١٢٥ ح ١٤٠ ، ترجمة الامام علي بن أبي طالب من تاريخ ابن عساكر ـ الطبعة المحققة ـ : رقم ٢٤٩ ـ ٢٥١ وفي مختصر تاريخ دمشق : ١٧ / ٣٢٩ ، كفاية الطالب : ص ٢٤٢ باب ٦٢ ، الرياض النضرة : ٣ / ١٥٣ ، فرائد السمطين : ١ / ٣٢٧ ح ٢٥٥ باب ٥٩. البداية والنهاية : ٧ / ٣٧٤ حوادث سنة ٤٠ ه‍ ، وسيلة المآل : ص ١٢٩ ، نُزُل الأبرار : ص ٤٩ ، مفتاح النجا : ص ٤٠ ، مرآة المؤمنين : ص ٨٥.

(٤) قال ابن كثير : وقال أبو يعلى : حدّثني يحيى بن عبد الحميد ... الخ. ويحيى متوفّى سنة ٢٢٨ ، ولهذا يبعد رواية أبي يعلى ـ المتوفى ٣٧٤ ـ عنه مباشرة ، لأن هذا يعني أنّه عمّر بعد سماعه عنه مائة وستاً وأربعين سنة على الأقل ويبدو أنّ أبا يعلى هذا راوٍ لا مؤلف ، وهو غير الحافظ أبي يعلى الموصلي صاحب المسند ، لأننا لم نعثر على هذا الحديث في مسنده فضلاً عن أنه توفّي سنة (٣٠٧) أما كلمة (النيسابوري) فلم نجدها في تاريخ ابن كثير ، ولا في غيره من المصادر التي ذكرت الحديث.

٤٠٩

٤ ـ الحافظ أبو عبد الله الحاكم المتوفّى (٤٠٥) في المستدرك (٣ / ١٣٢) وصحّحه.

٥ ـ الحافظ أبو بكر البيهقي المتوفّى (٤٥٨) كما في المناقب للخوارزمي.

٦ ـ أخطب خوارزم أبو المؤيّد المتوفّى (٥٦٨) في المناقب (ص ٧٥).

٧ ـ الحافظ أبو القاسم بن عساكر المتوفّى (٥٧١) في الأربعين الطوال والموافقات.

٨ ـ الحافظ أبو عبد الله الكنجي المتوفّى (٦٥٨) في كفاية الطالب (ص ١١٥)

٩ ـ الحافظ المحبّ الطبري المتوفّى (٦٩٤) في الرياض النضرة (٢ / ٢٠٣) وذخائر العقبى (ص ٨٧).

١٠ ـ شيخ الإسلام الحمّوئي المتوفّى (٧٢٢) في فرائد السمطين.

١١ ـ الحافظ ابن كثير الدمشقي المتوفّى (٧٧٤) في البداية والنهاية (٧ / ٣٣٧)

١٢ ـ الحافظ أبو الحسن الهيثمي المتوفّى (٨٠٧) في مجمع الزوائد (٩ / ١٠٨) وصحّحه من طريق أحمد.

١٣ ـ الحافظ ابن حجر العسقلاني المتوفّى (٨٥٢) في الإصابة (٢ / ٥٠٩).

١٤ ـ أبو حامد محمود الصالحاني (١) كما في توضيح الدلائل لشهاب الدين أحمد.

١٥ ـ السيّد شهاب الدين أحمد (٢) في توضيح الدلائل على ترجيح الفضائل.

١٦ ـ الشيخ أحمد بن الفضل با كثير المتوفّى (١٠٤٧) في وسيلة المآل.

__________________

(١) هو محمود بن محمد ، أبو حامد سعد الدين الصالحاني المتوفّى ٦١٢ ه‍. أديب ، سكن شيراز وبها حدّث. له تصانيف. أنظر معجم المؤلفين : ١٢ / ١٩٦.

(٢) هو السيد شهاب الدين أحمد بن عبد الله الحسيني الشيرازي.

٤١٠

١٧ ـ ميرزا محمد البدخشاني المتوفّى (١١٢٣) (١) في نُزُل الأبرار (ص ١٦) ومفتاح النجا.

١٨ ـ شاه وليّ الله الهندي المتوفّى (١١٢٦) (٢) في إزالة الخفاء (٢ / ٢٦١).

١٩ ـ الأمير محمد بن إسماعيل اليمني الصنعاني في الروضة النديّة.

٢٠ ـ المولوي وليّ الله الهندي المتوفّى (١٢٧٠) (٣) في مرآة المؤمنين. وغيرهم.

هذا ما صحّ عن النبيّ الأعظم من قوله : «أنت وليّي في الدنيا والآخرة» ، (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ) (٤).

١٢ ـ أخرج البزّار (٥) من طريق خارجة بن مصعب ، عن عبد الله بن عبيد الحميري البصري ، عن أبيه قال : كنت عند عثمان حين حُصر فقال : هاهنا طلحة؟ فقال طلحة : نعم. فقال : أنشدتك الله أما علمت أنّا كنّا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال : ليأخذ كلّ رجل منكم بيد جليسه فأخذت بيد فلان ، وأخذ فلان بيد فلان ، حتى

__________________

(١) الميرزا محمد خان ابن رستم خان المعتمد البدخشي المتوفّى بعد سنة ١١٢٤ ، ذكر ذلك العلاّمة السيد عبد العزيز الطباطبائي ; في تعليقته في الجزء الأول ص ٢٩٨ من هذا الكتاب. وقد ذكرنا في هامش ٦ / ٤٨٠ سهواً أنّه توفي سنة ٩٢٢.

(٢) اسمه أحمد بن عبد الرحيم ، أبو عبد العزيز الفاروقي الدهلوي الهندي ، الملقّب شاه وليّ الله. أرخ الزركلي في الأعلام : ١ / ١٤٩ وفاته بسنة ١١٧٦ ه‍ ، وقال : قيل في وفاته : سنة ١١٧٩. ونقل المغفور له العلاّمة المحقّق السيد عبد العزيز الطباطبائي طيّب الله ثراه في هامش الغدير : ١ / ٢٩٩ نقلاً عن نزهة الخواطر أنّ وفاته سنة ١٢٣٩ ه‍. وكأنّه حدث خلط بين وليّ الله أحمد وبين ابنه عبد العزيز المولود سنة ١١٥٩ والمتوفّى ١٢٣٩ ه‍. فالمترجَم في الجزء الأول المراد منه أبو عبد العزيز وليّ الله أحمد المتوفّى ١١٧٦ ه‍ وليس ابنه عبد العزيز ، وهو نفسه المقصود هنا.

(٣) مرّ ذكره في الجزء الأول ص ٣٠٣.

(٤) الأعراف : ١٦٢.

(٥) البحر الزخّار : ٣ / ١٧١ ح ٩٥٩.

٤١١

أخذ كلّ رجل بيد صاحبه وأخذ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيدي وقال : هذا جليسي في الدنيا ووليّي في الآخرة؟ قال : اللهمّ نعم.

وذكره ابن حجر في فتح الباري (١) (٥ / ٣١٥) عن ابن مندة من طريق عبيد الحميري المذكور ساكتاً عمّا في إسناده من العلّة ، كأنّه ليس هو الذي حكى تلكم الآراء الواردة في جرح خارجة بن مصعب عن الحفّاظ وأئمّة الجرح والتعديل. قال في تهذيب التهذيب (٢) (٣ / ٧٨) : قال الأثرم عن أحمد : لا يكتب حديثه. وقال عبد الله بن أحمد : نهاني أبي أن أكتب عنه شيئاً من الحديث. وقال الدوري ومعاوية وعبّاس عن ابن نمير : ليس بثقة ، ليس بشيء ، كذّاب ضعيف. وقال ابن معين (٣) : ليس بشيء. وقال يحيى بن يحيى : يدلّس. وقال النسائي (٤) : متروك الأحاديث ، ليس بثقة ، ضعيف. وقال ابن سعد (٥) : اتّقى الناس حديثه فتركوه. وقال ابن خراش وأبو أحمد : متروك الحديث. وقال الدارقطني (٦) : ضعيف. وقال يعقوب : ضعيف الحديث عند جميع أصحابنا. وقال ابن المديني : هو عندنا ضعيف. وقال أبو داود : ضعيف ليس بشيء. وقال ابن حبّان (٧) : وقع في حديثه الموضوعات عن الأثبات لا يجوز الاحتجاج بخبره. وذكره ابن الجارود والعقيلي (٨) وابن السكن وأبو زرعة وأبو العرب وغيرهم في الضعفاء.

وقال السيوطي في اللآلئ (١ / ٣١٧) : قال ابن حبّان : خارجة يدلّس عن

__________________

(١) فتح الباري : ٥ / ٤٠٨.

(٢) تهذيب التهذيب : ٣ / ٦٧.

(٣) معرفة الرجال : ١ / ٦٨ رقم ١٤٣ ، التاريخ : ٣ / ٢٥٣ رقم ١١٨٨.

(٤) كتاب الضعفاء والمتروكين : ص ٩٧ رقم ١٨٢.

(٥) الطبقات الكبرى : ٧ / ٣٧١.

(٦) الضعفاء والمتروكون : ص ٢٠١ رقم ٢٠٤.

(٧) كتاب المجروحين : ١ / ٢٨٨.

(٨) الضعفاء الكبير : ٢ / ٢٥ رقم ٤٤٦.

٤١٢

الكذّابين ووقع في حديثه الموضوعات.

ولعلّنا أوقفناك على مقياس صحيح في أمثال هذه الرواية في ذيل الروايتين اللتين تُشبهانها قُبيل هذا ، فإنّك إذن لا تجد مقيلاً لها من الصحة والاعتبار نظراً إلى متنها قبل أن تقف على ضعف إسنادها ، فدعها ومُرّ بها كريماً ، وذر الوضّاعين في غلوائهم يرمون القول على عواهنه.

ولو كان طلحة سمع هذه المزعمة منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واعترف بها يوم الحصار في ملأ الصحابة لما كان يأخذ بخناق الرجل ويشدّد عليه ، وما كان يثير عليه نقع الفتن حتى يورده مورد المنيّة ، ولم يك يمنع عنه إيصال الماء إليه ، ولم يرض بإنهاء أمره إلى القتل الذريع ، ولم يُرضه دفنه في مقابر اليهود.

لو كان طلحة يعرف شيئاً من هذه الرواية لما استسهل ركوب ذلك المركب الصعب الجموح وهو صحابّي عادل أحد العشرة المبشّرة كما يحسبون.

١٣ ـ أخرج ابن ماجة في سننه (١) (١ / ٥٣) ، عن أبي مروان محمد بن عثمان الأموي العثماني ، عن أبيه عثمان بن خالد حفيد عثمان بن عفّان ، عن عبد الرحمن بن أبي الزناد ، عن أبيه ، عن الأعرج ، عن أبي هريرة : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقي عثمان عند باب المسجد فقال : يا عثمان هذا جبريل أخبرني أنّ الله قد زوّجك أُم كلثوم بمثل صداق رقيّة على مثل صحبتها. ورواه ابن عساكر (٢) كما في تاريخ ابن كثير (٣) (٧ / ٢١١).

قال الأميني : أسلفنا فيما مرّ صفحة (٢٩٠) أنّ محمد بن عثمان يخطئ ويخالف ويروي عن أبيه مناكير ، وأنّ أباه ليس بثقة وأحاديثه غير محفوظة ، وأنّه حدّث بأحاديث موضوعة لا يجوز الاحتجاج به ، ومرّ في صفحة (٢٩٥) أنّ عبد الرحمن بن

__________________

(١) سنن ابن ماجة : ١ / ٤٠ ح ١١٠.

(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٣٩ / ٣٩ ـ ٤٠ رقم ٤٦١٩ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١٦ / ١٢٠.

(٣) البداية والنهاية : ٧ / ٢٣٨ حوادث سنة ٣٥ ه‍.

٤١٣

أبي الزناد ليس ممّن يحتجّ به أصحاب الحديث ، وأنّه ضعيف مضطرب الحديث لا يُحتجّ بحديثه ، وعليك بمراجعة ما فصّلناه في الجزء الثامن (ص ٢٣١ ـ ٢٣٤).

١٤ ـ أخرج ابن عدي (١) ، قال : حدّثنا محمد بن داود بن دينار ، حدّثنا أحمد ابن محمد بن الحباب البصري ، حدّثنا عمرو بن فائد البصري ، عن موسى بن سيّار البصري ، عن الحسن البصري ، عن أنس مرفوعاً : إنّ لله تعالى سيفاً مغموداً في غمده ما دام عثمان بن عفّان حيّا ، فإذا قُتل جُرّد ذلك السيف فلم يُغمد إلى يوم القيامة ، ورواه ابن عساكر (٢) بالإسناد.

قال السيوطي في اللآلئ (١ / ٣١٦) : موضوع آفته عمرو بن فائد ، وشيخه كذّاب أيضاً.

قال الأميني : ألا تعجب من السيوطي؟ يحكم هاهنا على الرواية بالوضع ويكذّب راويها ويذكرها في تاريخ الخلفاء (٣) (ص ١١٠) في عدّ فضائل عثمان ويقتصر على قوله : تفرّد به عمرو بن فائد وله مناكير. نعم ؛ هكذا يموّهون على الحقائق ويغرون الناس بالجهل ، كان على الرجل أن يلغيها عن سياق عدّ الفضائل ـ التي من طبعها أن يُحتجّ بها ـ بعد ما رآها موضوعة رواها كذّاب عن كذّاب ، غير أنّه لو اقتصر على ما يحتجّ به في باب الفضائل ، وألغى مالا يصحّ منها سنداً أو متناً ، لما يجد هو وغيره فضيلة قطّ لعثمان ، وهذا ممّا لا يروقه هو ولا يحبّذه قومه.

وللدارقطني ، وابن المديني ، والعقيلي ، وابن عدي ، والنسائي ، والذهبي ، كلمات

__________________

(١) الكامل في ضعفاء الرجال : ٥ / ١٤٨ رقم ١٣١٢.

(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٣٩ / ٤٤٤ رقم ٤٦١ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١٦ / ٢٤٩.

(٣) تاريخ الخلفاء : ص ١٥١ ـ ١٥٢.

٤١٤

في جرح عمرو بن فائد وبطلان حديثه. راجع (١) لسان الميزان (٤ / ٣٧٢).

وليحيى القطّان ، وأبي حاتم ، وابن عدي ، وابن معين ، والذهبي ، أقوال في تفنيد موسى بن سيّار البصري وتكذيبه وبطلان حديثه.

راجع (٢) : ميزان الاعتدال (٣ / ٢١١) ، ولسان الميزان (٦ / ١٢٠).

وفي الإسناد محمد بن داود الفارسي ، قال الذهبي في الميزان (٣) (٣ / ٥٤) : من شيوخ ابن عدي ، ذكره فقال : كان يكذب. وذكر ابن حجر في اللسان (٤) (٥ / ١٦١) حديثاً في فضل عليّ أمير المؤمنين فقال : هو من وضع محمد بن داود بن دينار.

هذا شأن هذه المكذوبة ، غير أنّ أُناساً من الغالين في الفضائل كالسيوطي والقرماني (٥) وأحمد زيني دحلان (٦) اتّخذوها حجّة عند ذكرهم فضائل عثمان مرسلين إيّاها إرسال المسلّم شأنهم في الموضوعات المفتعلة في الثناء على رجالاتهم.

١٥ ـ وأخرج الحاكم في المستدرك (٧) (٣ / ١٠٣) من طريق أحمد بن كامل القاضي ، عن أحمد بن محمد بن عبد الحميد الجعفي ، عن الفضل بن جبير الورّاق ، عن خالد بن عبد الله الطحّان المزني ، عن عطاء بن السائب ، عن سعيد بن جبير ، عن ابن

__________________

(١) الضعفاء والمتروكون : ص ٣٠٧ رقم ٣٩٩ ، الضعفاء الكبير : ٣ / ٢٩٠ رقم ١٢٩٢ ، الكامل في ضعفاء الرجال : ٥ / ١٤٨ رقم ١٣١٢ ، ميزان الاعتدال : ٣ / ٢٨٣ رقم ٦٤٢١ ، لسان الميزان : ٤ / ٤٢٩ رقم ٦٣٠٧.

(٢) الجرح والتعديل : ٨ / ١٤٦ رقم ٦٥٩ ، الكامل في ضعفاء الرجال : ٦ / ٣٤٥ رقم ١٨٢٥ ، ميزان الاعتدال : ٤ / ٢٠٦ رقم ٨٨٧٤ ، لسان الميزان : ٦ / ١٤٠ رقم ٨٦٥٢.

(٣) ميزان الاعتدال : ٣ / ٥٤٠ رقم ٧٤٩٩.

(٤) لسان الميزان : ٥ / ١٨٢ رقم ٧٣٣٠.

(٥) في أخبار الدول هامش الكامل لابن الأثير : ١ / ٢١٤ [١ / ٣٠١]. (المؤلف)

(٦) في الفتوحات الإسلاميّة : ٢ / ٤٩٨ [٢ / ٣٢٨]. (المؤلف)

(٧) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١١٠ ح ٤٥٥٥ ، وكذا في تلخيصه.

٤١٥

عبّاس قال : كنت قاعداً عند النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ أقبل عثمان بن عفّان رضى الله عنه ، فلمّا دنا منه ، قال : يا عثمان تُقتل وأنت تقرأ سورة البقرة ، فتقع قطرة من دمك على (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ) (١) وتُبعث يوم القيامة أميراً على كلّ مخذول ، يغبطك أهل الشرق والغرب ، وتشفع في عدد ربيعة ومضر.

قال الأميني : سكت الحاكم عن صحّة الحديث ، وأنصف الذهبي فقال في تلخيصه : كذب بحت ، وفي الإسناد أحمد بن محمد بن عبد الحميد الجعفي ، وهو المتّهم به. انتهى.

وشيخ الجعفي أيضاً لا يتابع على حديثه ، كما قاله (٢) العقيلي وحكاه عنه الذهبي في الميزان وابن حجر في لسانه (٤ / ٤٣٨).

إنّ ممّا يُقضى منه العجب أنّ أحداً من الصحابة العدول لم يسمع هذا الحديث عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كأنّ المجلس الذي ألقى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيه هذه الكلمة كان خلواً عنهم جميعاً ، ومن العجيب أيضاً أنّه لم يروه أحد منهم لصاحبه ـ إن كان سمعه أحد ـ حتى تتداوله الألسن ، فعسى أن يكون رادعاً عن التجمهر على عثمان والاتّفاق على نبذه والجرأة على قتله ، نعم ؛ لم يسمعه أحد منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عدا ابن عبّاس الذي كان صبيّا في عهد النبوّة لم يبلغ الحلم ، وقد توفّي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وابن عبّاس ابن ثلاث عشرة سنة كما قاله الواقدي والزبير ، وصحّحه أبو عمر في الاستيعاب ، أو عشر سنين كما روي عن ابن عبّاس نفسه من وجوه (٣) أو أكثر منها ، وربما يُشكّ في أنّه هل كان يحسن التحمّل عندئذٍ أو لا؟ ولعلّه هو أيضاً كان شاكّا في تحمّله هذا الحديث حيث جاءته استغاثة

__________________

(١) البقرة : ١٣٧.

(٢) الضعفاء الكبير : ٣ / ٤٤٤ رقم ١٤٩٢ ، ميزان الاعتدال : ٣ / ٣٥٠ رقم ٦٧١٦ ، لسان الميزان : ٤ / ٥١٢ رقم ٦٥٤٦.

(٣) راجع : مسند أحمد : ١ / ٢٥٣ [١ / ٤١٩ ح ٢٢٨٣] ، الاستيعاب : ١ / ٣٧٢ [القسم الثالث / ٩٣٣ رقم ١٥٨٨]. (المؤلف)

٤١٦

عثمان (١) وهو يخطب الحاجّ يوم عرفة فتلاها نافع بن طريف ، فلمّا أتمّها مضى ابن عبّاس في خطبته غير مكترث لاستغاثة الخليفة وهو بين الناب والمخلب ، على حين أنّه كان منصوباً من قبله لإمارة الحاجّ ، فلم يعرض لشيء من شأنه ولا للزوم الدفاع عنه ، وما ذلك إلاّ لإصفاقه مع المجهزين عليه في الرأي وإلاّ لكان من واجبه الحثّ على الذبّ عنه ، وبيان وجوب إغاثته ، وملء سمعه هذا الحديث الذي عُزي إليه وملء فيه روايته ـ وحاشاه عن روايته ـ وكأنّ الحضرة النبويّة نصب عينيه يتلقّى منه الرواية ، وهو الذي يقتضيه عدله وتقواه.

وهناك شاهد آخر لعدم إخباته إلى مضمون هذه الرواية وهو أنّه لمّا بعثه عثمان أميراً على الحاجّ لقيته عائشة في بعض المنازل فقالت له : يا ابن عبّاس إنّ الله قد آتاك عقلاً وفهماً وبياناً فإيّاك أن تردّ الناس عن هذا الطاغية (٢) تعني عثمان ، فلم يُبد ابن عبّاس لها تجاه تلك الشدّة تجهّماً ولا قولاً ليّناً كمن يوافقها على النزعة ، كما ردّ عليها في حثّها على عدم التخذيل عن طلحة وجنوحها إلى تولّيه الأمر ، فلو كان ابن عباس يعرف في شأن عثمان شيئاً من هذه الرواية لرواه لها واتّخذه مستنداً في الدفاع عنه ، فجامع القول أنّ الحبر لم يسمع ممّا تُقوّل عليه شيئاً ، وإنّما هو من مواليد العهد الأمويّ بعد عهد ابن عبّاس.

وليس من المستسهل الكشف عن إمارة المخذولين يوم القيامة ، كما أنّ من المستصعب جدّا عرفان أعيانهم وأشخاصهم ، أفيهم أُولئك الصفوة الأبرار من الصحابة والتابعين أمثال أبي ذر وعمّار وابن مسعود ومالك الأشتر وزيد وصعصعة ابني صوحان وكعب بن عبدة وعامر بن عبد قيس وآخرين من صلحاء المدينة والكوفة والبصرة الذين خذلهم عثمان وأبناء بيته؟

__________________

(١) راجع ما مضى في هذا الجزء : ص ١٣٤ ، ١٩٢. (المؤلف)

(٢) راجع ما مرّ في هذا الجزء صفحة : ٧٨. (المؤلف)

٤١٧

ولعلّ في المخذولين الحكم ومروان وآلهما وعبد الله بن أبي سرح وأبا سفيان وولده وأضرابهم الذين خذلهم الإسلام وآواهم عثمان وعزّزهم وسلّطهم على صلحاء الأمّة من الصحابة الأوّلين والتابعين لهم بإحسان.

ونحن على يقين من أنّ الشفاعة المزعومة التي لا تصدّقها سيرة عثمان ولا تساعدها البرهنة ويضادّها نداء الكتاب الكريم إن حقّقت تُدنّس ساحة الجنّة المقدّسة بإدخال عثمان أرجاس آل أُميّة فيها كما يعرب عنه قوله الثابت المذكور في الجزء الثامن (ص ٢٩١):

لو أنّ بيدي مفاتيح الجنّة لأعطيتها بني أُميّة حتى يدخلوا من عند آخرهم.

١٦ ـ أخرج الحاكم في المستدرك (١) (٣ / ١٠٣) ؛ عن عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم العدل (٢) ، عن يحيى بن أبي طالب ، عن بشّار بن موسى الخفاف البصري ، عن الحاطبي عبد الرحمن (٣) بن محمد ، عن أبيه ، عن جدّه ، قال : لمّا كان يوم الجمل خرجت أنظر في القتلى. قال : فقام عليّ والحسن بن علي وعمّار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر وزيد بن صوحان يدورون في القتلى. قال : فأبصر الحسن بن علي قتيلاً مكبوباً على وجهه فقلبه على قفاه ثمّ صرخ ثمّ قال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون فرخ قريش والله. فقال [له] (٤) أبوه : من هو يا بُنيّ؟ قال : محمد بن طلحة بن عبيد الله. فقال : إنّا لله وإنّا إليه راجعون ، أما والله لقد كان شابّا صالحاً ، ثمّ قعد كئيباً حزيناً ، فقال له الحسن : يا أبت قد كنت أنهاك عن هذا المسير فغلبك على رأيك فلان وفلان. قال : قد كان ذاك يا بُنيّ ولوددت أنّي متّ قبل هذا بعشرين سنة. قال محمد بن

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١١١ ح ٤٥٥٧ ، وكذا في تلخيصه.

(٢) كذا في النسخ ، والصحيح : المعدل. (المؤلف)

(٣) كذا في النسخ ، والصحيح : عبد الرحمن بن عثمان بن محمد. (المؤلف)

(٤) من المصدر.

٤١٨

حاطب : فقمت فقلت : يا أمير المؤمنين إنّا قادمون المدينة والناس سائلونا عن عثمان فما ذا نقول فيه؟ قال : فتكلّم عمّار بن ياسر ومحمد بن أبي بكر فقاما وقالا ، فقال لهما عليّ : يا عمّار ويا محمد تقولان : إنّ عثمان استأثر وأساء الأثرة وعاقبتم والله فأسأتم العقوبة ، وستقدمون على حكم عدل يحكم بينكم ، ثمّ قال : يا محمد بن حاطب إذا قدمت المدينة وسُئلت عن عثمان فقل : كان والله من الذين آمنوا وعملوا الصالحات ثمّ اتّقوا وآمنوا ثمّ اتّقوا وأحسنوا والله يحبّ المحسنين وعلى الله فليتوكّل المؤمنون.

قال الأميني : سكت الحاكم عمّا في إسناد هذه الأكذوبة من العلل ولم يصحّحه ولم ينبس فيه بكلمة غمز ولا تصحيح ، واكتفى الذهبي فيه بقوله : بشّار بن موسى واهٍ. ونحن نقول :

عبد الله بن إسحاق بن إبراهيم ، قال الدارقطني : فيه لين ، وذكره بذلك الخطيب البغدادي في تاريخه (٩ / ٤١٤).

ويحيى بن أبي طالب ، قال فيه موسى بن هارون : أشهد أنّه يكذب عنّي. وقال مسلمة بن قاسم : تكلّم فيه الناس. لسان الميزان (١) (٦ / ٢٦٢).

وبشّار بن موسى البصري ، قال ابن معين (٢) : ليس بثقة ، وقال : إنّه من الدجّالين. وقال أبو حفص : ضعيف الحديث. وقال البخاري (٣) : منكر الحديث ، وقد رأيته وكتبت عنه وتركت حديثه. وقال أبو داود : ضعيف. وقال النسائي (٤) : ليس بثقة. وقال أبو زرعة : ضعيف. وقال أبو أحمد الحاكم : ليس بالقويّ عندهم. وذكر

__________________

(١) لسان الميزان : ٦ / ٣٢٢ رقم ٩١٥٩.

(٢) معرفة الرجال : ١ / ٦٥ رقم ١٢٣.

(٣) التاريخ الكبير : ٢ / ١٣٠ رقم ١٩٣٥.

(٤) كتاب الضعفاء والمتروكين : ص ٦٣ رقم ٨٢.

٤١٩

عند الفضل بن سهل ، فأساء القول فيه (١).

وعبد الرحمن الحاطبي ، ضعّفه (٢) أبو حاتم الرازي كما في ميزان الاعتدال للذهبي. ووالده عثمان لم أقف على ثناء عليه في معاجم التراجم.

فأيّ عبرة بما يرويه أو يرتئيه أمثال هؤلاء الدجّالين؟ على أنّ مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام كان على بصيرة من مسيره إلى حروبه كلّها ومنقلبه عنها وفي جميع ما ارتكبه فيها أو تركه ، وكلّ ذلك كان بأمر من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعهد منه إليه عليه‌السلام ، وقد عُدّ ذلك من فضائله ، وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحثّ أصحابه على مناصرته يومئذ كما مرّ تفصيله في الجزء الثالث (ص ١٨٨ ـ ١٩٥) وكان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «سيكون بعدي قوم يقاتلون عليّا على الله جهادهم فمن لم يستطع جهادهم بيده فبلسانه ، فمن لم يستطع بلسانه فبقلبه ، ليس وراء ذلك شيء» (٣). وكان أبو أيّوب الأنصاري وغيره من الصحابة يقول : عهد إلينا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن نقاتل مع عليّ الناكثين (٤).

وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يحذّر أُمّ المؤمنين عائشة عن ذلك التبرّج تبرّج الجاهليّة الأُولى ويقول لها : «يا حميراء كأنّي بك تنبحك كلاب الحوأب تقاتلين عليّا وأنت له ظالمة» (٥). وقد صحّ عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما مرّ في (٣ / ١٩١) قوله للزبير : «إنّك تقاتل عليّا وأنت ظالم له».

فكان مولانا أمير المؤمنين صلوات الله عليه مندفعاً إلى ما ناء به من أعباء تلكم الحروب بالأمر النبويّ ، ولم يكن قطّ قد غلب على رأيه فلان وفلان ، ولم يكن

__________________

(١) تاريخ الخطيب : ٧ / ١١٩ [رقم ٣٥٦٠] ، تهذيب التهذيب : ١ / ١٤٤ [١ / ٣٨٦]. (المؤلف)

(٢) الجرح والتعديل : ٥ / ٢٦٤ رقم ١٢٤٩ ، ميزان الاعتدال : ٢ / ٥٧٨ رقم ٤٩١٧.

(٣) راجع الجزء الثالث : ص ١٩٠. (المؤلف)

(٤) راجع الجزء الثالث : ص ١٩٢ ـ ١٩٥. (المؤلف)

(٥) راجع الجزء الثالث : ص ١٨٩. (المؤلف)

٤٢٠