الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٨

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٨

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي
المطبعة: محمّد
الطبعة: ٥
الصفحات: ٥٤٠

وبقوله تعالى : (وَقالَ الَّذِينَ فِي النَّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ ادْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنَّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ* قالُوا أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ قالُوا بَلى قالُوا فَادْعُوا وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ) غافر : ٤٩ ، ٥٠.

وبقوله تعالى : (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الْحَياةَ الدُّنْيا بِالْآخِرَةِ فَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذابُ وَلا هُمْ يُنْصَرُونَ) البقرة : ٨٦.

وبقوله تعالى : (وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِباً وَلَهْواً وَغَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَذَكِّرْ بِهِ أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما كَسَبَتْ لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللهِ وَلِيٌّ وَلا شَفِيعٌ وَإِنْ تَعْدِلْ كُلَّ عَدْلٍ لا يُؤْخَذْ مِنْها أُولئِكَ الَّذِينَ أُبْسِلُوا بِما كَسَبُوا لَهُمْ شَرابٌ مِنْ حَمِيمٍ وَعَذابٌ أَلِيمٌ بِما كانُوا يَكْفُرُونَ) الأنعام : ٧٠.

وبقوله تعالى : (كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ* إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ* فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ* عَنِ الْمُجْرِمِينَ* ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ) إلى قوله تعالى (فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ). المدّثّر : ٣٨ ـ ٤٨.

وبقوله تعالى : (وَأَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) غافر : ١٨.

وبقوله تعالى (وَنَسُوقُ الْمُجْرِمِينَ إِلى جَهَنَّمَ وِرْداً* لا يَمْلِكُونَ الشَّفاعَةَ إِلاَّ مَنِ اتَّخَذَ عِنْدَ الرَّحْمنِ عَهْداً) مريم : ٨٦ ، ٨٧.

الاستثناء في الآية الشريفة منقطع ، والعهد : شهادة أن لا اله إلاّ الله والقيام بحقّها. أي لا يشفع إلاّ للمؤمن.

راجع (١) : تفسير القرطبي (١١ / ١٥٤) ، تفسير البيضاوي (٢ / ٤٨) ، تفسير ابن كثير (٣ / ١٣٨) ، تفسير الخازن (٣ / ٢٤٣).

__________________

(١) الجامع لأحكام القرآن : ١١ / ١٠٢ ـ ١٠٣ ، تفسير البيضاوي : ٢ / ٤٠ ، تفسير الخازن : ٣ / ٢٣٢.

٤١

فرواية الضحضاح على تقدير أنّ أبا طالب عليه‌السلام مات مشركاً ـ العياذ بالله ـ وما فيها من الشفاعة لتخفيف العذاب عنه بجعله في الضحضاح منافية لكلّ ما ذكرناه من الآيات والأحاديث ، فحديث يخالف الكتاب والسنّة الثابتة يضرب به عرض الحائط ، وقد جاء في الصحيح مرفوعاً : «تكثر لكم الأحاديث من بعدي فإذا روي لكم حديث فاعرضوه على كتاب الله تعالى فما وافق كتاب الله فاقبلوه وما خالفه فردّوه» (١) (٢).

ولا يغرّنّك إخراج البخاري لها ، فإنّ كتابه المعبّر عنه بالصحيح هو علبة السفاسف وعيبة السقطات ، وسنوقفك على جليّة الحال في البحث عنه إن شاء الله تعالى.

نختم البحث هاهنا عن إيمان سيّدنا أبي طالب ـ سلام الله عليه ـ بقصيدة شيخ الفقه والفلسفة والأخلاق شيخنا الأكبر آية الله الشيخ محمد الحسين الأصبهاني النجفي (٣) قال :

نورُ الهدى في قلبِ عمِّ المصطفى

في غايةِ الظهور في عين الخفا

في سرِّه حقيقةُ الإيمانِ

سرٌّ تعالى شأَنُه عن شانِ

إيمانُه يمثِّلُ الواجبَ في

مقامِ غيبِ الذاتِ والكنزِ الخفي

إيمانه المكنون سام اسمه

إلاّ المطهّرون لا يمسّه

إيمانه بالغيب غيب ذاته

له التجلّي التامُ في آياته

آياتُه عند أُولي الأبصارِ

أجلى من الشمسِ ضحى النهارِ

__________________

(١) أخرجه البخاري في صحيحه. (المؤلف)

(٢) سنن الدارقطني : ٤ / ٢٠٨ ـ ٢٠٩ ح ١٧ ـ ٢٠ ، المعجم الكبير للطبراني : ٢ / ٩٧ ح ١٤٢٩ ، مجمع الزوائد : ١ / ١٧٠ ، كنز العمال : ١ / ١٧٩ و ١٩٦ ح ٩٠٧ و ٩٩٢ ـ ٩٩٤ بألفاظ مختلفة.

(٣) أحد شعراء الغدير في القرن الرابع عشر تأتي ترجمته إن شاء الله تعالى. (المؤلف)

٤٢

وهو كفيلُ خاتمِ النبوّه

وعنه قد حامى بكلِّ قوّه

ناصرُه الوحيدُ في زمانِه

وركنُه الشديدُ في أوانِه

عميدُ أهلِه زعيمُ أُسرتِه

وكهفُه الحصينُ يومَ عسرتِه

حجابهُ العزيزُ عن أعدائِه

وحرزُه الحريزُ في ضرّائِه

فما أجلّ شرفاً وجاها

من حرزِ ياسينَ وكهفِ طه

قام بنصرةِ النبيّ السامي

حتى استوت قواعدُ الإسلامِ

جاهد عنه أعظمَ الجهادِ

حتى علا أمرُ النبيِّ الهادي

حماه عن أذى قريشِ الكفره

بصولةٍ ذلّت لها الجبابره

صابرَ كلَّ محنةٍ وكربه

والشِّعبُ من تلك الكروبِ شُعبه

أكرم به من ناصرٍ وحامي

وكافلٍ لسيّدِ الأَنامِ

كفاه فخراً شرفُ الكفاله

لصاحبِ الدعوةِ والرساله

لسانُه البليغُ في ثنائِه

أمضى من السيفِ على أعدائه

له من المنظومِ والمنثورِ

ما جعل العالم ملء النورِ

ينبئ عن إيمانِه بقلبِه

وأنَّه على هدىً من ربِّه

وأشرقت أُمُّ القرى بنوره

وكلُّ نورٍ هو نورُ طورِه

وكيف لا وهو أبو الأنوارِ

ومطلعُ الشموسِ والأقمارِ

مبدأ كلِّ نيّرٍ وشارقِ

وكيف وهو مشرقُ المشارق

بل هو بيضاءُ سماءِ المجدِ

مليكُ عرشهِ أباً عن جدِّ

له السموّ كابراً عن كابرِ

فهو تراثُه من الأكابرِ

أزكى فروعِ دوحةِ الخليلِ

فيا له من شرفٍ أصيلِ

بل شرفُ الأشراف من عدنانِ

ملاذُها في نوبِ الزمانِ

له من السموِّ ما يسمو على

ذرى الصراحِ والسماوات العلى

وكيف لا وهو كفيل المصطفى

أبو الميامينِ الهداةِ الخلفا

٤٣

ووالدُ الوصيِّ والطيّارِ

وهو لعمري منتهى الفخارِ

بضوئِهِ أضاءتِ البطحاءُ

لا بل به أضاءتِ السماءُ

والنيِّر الأعظمُ في سمائه

مثلُ السها في النور من سيمائه

كيف ومن غرّته تجلّى

لأهله نورُ العليِّ الأعلى

ساد الورى بمكةَ المكرّمه

فحاز بالسؤددِ كلَّ مكرمه

بل هو فخرُ البلدِ الحرامِ

بل شرفُ المشاعرِ العظامِ

وقبلةُ الآمال والأماني

بل مستجارُ كعبةِ الإيمانِ

وفي حمى سؤددِه وهيبتِه

تمَّ لداع الحقِّ أمرُ دعوتهِ

ما تمّتِ الدعوةُ للمختارِ

لولاه فهو أصلُ دينِ الباري

كيف وظلُ اللهِ في الأنامِ

في ظلّهِ دعا إلى الإسلامِ

وانتشر الإسلامُ في حماهُ

مكرمةٌ ما نالها سواهُ

رايتُه علت بعالي همّتِه

كفاه هذا في علوِّ رتبتِه

مفاخرٌ يعلو بها الفخارُ

مآثرٌ تحلو بها الآثارُ

ذاك أبو طالبٍ المنعوتُ

من قَصُرتْ عن شأنِه النعوتُ

يجلُّ عن أيِّ مديحٍ قدرُهُ

لكنَّه يُحيي القلوبَ ذكرُهُ

القصيدة ومن قصيدة للعلاّمة الحجّة شيخنا الشيخ عبد الحسين صادق العاملي قدس‌سره قوله :

لولاه ما شُدَّ أزرُ المسلمين ولا

عين الحنيفة سالت في مجاريها

آوى وحامى وساوى قيدَ طاقتِهِ

عن خيرِ حاضرِها طرّا وباديها

ما كان ذاك الحفاظُ المرُّ أطّةَ أر

حامٍ وضربَ عروقٍ فار غاليها (١)

__________________

(١) أطيط الإبل : حنينها.

٤٤

بل للإلهِ كما فاهت روائعُه ال

ـعصماءُ في كلِّ شطرٍ من قوافيها

ضاقت بما رحبت أُمُّ القرى برسو

لِ اللهِ من بعدِه واسودّ ضاحيها

فانصاع يدعو له بالخيرِ مبتهلاً

بدعوةٍ ليس بالمجبوهِ داعيها

لو لم تكن نفسُ عمِّ المصطفى طهُرتْ

ما فاه فوه بما فيه يُنجّيها

عاماً قضى عمُّه فيه وزوجتُه

قضاهُ بالحزنِ يبكيه ويبكيها

أَعظِمْ بإيمانِ مبكيِّ المصطفى سنةً

أيّامُها البيضُ أدجى من لياليها

من صلبهِ انبثَّتِ الأنوارُ قاطبةً

فالمرتضى بدؤها والذخرُ تاليها

هذا أبو طالب شيخ الأباطح وهذه نبذة من آيات إيمانه الخالص. (ما كَتَبْناها عَلَيْهِمْ إِلاَّ ابْتِغاءَ رِضْوانِ اللهِ) (١) (لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ) (٢) (وَالَّذِينَ جاؤُ مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا وَلِإِخْوانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونا بِالْإِيمانِ وَلا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنا إِنَّكَ رَؤُفٌ رَحِيمٌ) (٣).

__________________

(١) الحديد : ٢٧.

(٢) المدّثر : ٣١.

(٣) الحشر : ١٠.

٤٥

عود إلى بدء

أحاديث الغلوّ في فضائل أبي بكر

ـ ٢٩ ـ

ملَك يردّ على شاتم الخليفة

أخرج يوسف بن أبي يوسف في الآثار (ص ٢٠٨) عن أبيه يعقوب بن إبراهيم القاضي عن أبي حنيفة قال : بلغني أنّ رجلاً شتم أبا بكر فحلم أبو بكر رضى الله عنه والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قاعد ، ثمّ إنّ أبا بكر ردّ عليه ، فقام النبيّ ، فقال أبو بكر : شتمني فلم تقم وقمت حين رددت عليه. فقال النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ ملَكاً كان يردّ عنك فلمّا رددت أنت ذهب فقمت.

وأخرجه أحمد في مسنده (١) (٢ / ٤٣٦) من طريق أبي هريرة : إنّ رجلاً شتم أبا بكر والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس ، فجعل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعجب ويتبسّم ، فلمّا أكثر ردّ عليه بعض قوله ، فغضب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقام فلحقه أبو بكر فقال : يا رسول الله كان يشتمني وأنت جالس فلمّا رددت عليه بعض قوله غضبت وقمت ، قال : إنّه كان معك ملك يردّ عنك ، فلما رددت عليه بعض قوله وقع الشيطان فلم أكن لأقعد مع الشيطان.

قال الأميني : لم نعرف طريق بلاغ الحديث أبا حنيفة حتى نقف على مبلغه من

__________________

(١) مسند أحمد : ٣ / ١٧٧ ح ٩٣٤١.

٤٦

الصحّة ، ولعلّ أبا يوسف القاضي بمفرده يكفيه وهناً نظراً إلى بعض ما قيل فيه كقول الفلاس : صدوق كثير الخطأ.

وقول أبي حفص : صدوق كثير الغلط.

وقول البخاري (١) : تركوه.

وقول يحيى بن آدم : شهد أبو يوسف عند شريك فردّه وقال : لا أقبل من يزعم أنّ الصلاة ليست من الإيمان.

وقول ابن عديّ (٢) : يروي عن الضعفاء.

وقول ابن المبارك بسند صحيح : إنّه وهّاه ، وقوله لرجل : إن كنت صلّيت خلف أبي يوسف صلوات تحفظها فأعدها. وقوله : لأن أخرّ من السماء إلى الأرض فتخطفني الطير أو تهوي بي الريح في مكان سحيق أحبّ إليّ من أن أروي عن ذلك. وقال رجل لابن المبارك : أيّهما أصدق أبو يوسف أو محمد؟ قال:لا تقل أيّهما أصدق. قل : أيّهما أكذب!

وقول عبد الله بن إدريس : كان أبو يوسف فاسقاً من الفاسقين.

وقول وكيع لرجل قال : أبو يوسف يقول كذا وكذا : أما تتّقي الله ، بأبي يوسف تحتجّ عند الله عزّ وجلّ؟

وقول أبي نعيم الفضل بن دكين : سمعت أبا حنيفة يقول لأبي يوسف : ويْحَكُم كم تكذبون عليّ في هذه الكتب ما لم أقل!

وقول يحيى بن معين : لا يكتب حديثه. وقوله : كان ثقة إلاّ أنّه كان ربّما غلط.

__________________

(١) التاريخ الكبير : ٨ / ٣٩٧ رقم ٣٤٦٣.

(٢) الكامل في ضعفاء الرجال : ٧ / ١٤٤ رقم ٢٠٥٥.

٤٧

وقول يزيد بن هارون : لا تحلّ الرواية عنه كان يُعطي أموال اليتامى مضاربة ويجعل الربح لنفسه.

وقول ابن أبي كثير مولى بني الحارث [بن كعب] أو النظام لمّا دفن أبو يوسف :

سقى جدثاً به يعقوبُ أمسى

من الوسميِّ منبجسٌ ركامُ

تلطّف في القياسِ لنا فأضحتْ

حلالاً بعد حرمتِها المدامُ

ولولا أنّ مدّتَهُ تقضّت

وعاجله بميتتِهِ الحِمامُ

لأعمل في القياسِ الفكرَ حتى

تحلَّ لنا الخريدةُ والغلامُ (١)

وأمّا طريق أحمد ففيه سعيد بن أبي سعيد المدني وقد اختلط قبل موته بأربع سنين كما في تهذيب التهذيب (٢) (٤ / ٣٩ ، ٤٠) ، ومتن الرواية يشهد على صدورها منه في أيّام اختلاطه.

وممّا لا ريب فيه إساءة الأدب من كلا المتسابَّين بحضرة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورفع أصواتهما بطبع من حال التشاتم ، فإنّه لا يؤتى به همساً والله يقول : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ) الآية وقد نزلت في أبي بكر وعمر لمّا تماريا عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كما مرّ حديثه في الجزء السابع (ص ٢٢٣).

وما ذا على أبي بكر لو بقي متحلّماً مراعياً لأدب حضرة النبيّ إلى آخر مجلسه؟ كما فعله أوّلاً لذلك ـ أو أنّ ما فعله أوّلاً كان منه رمية من غير رامٍ؟ ـ فلا ينقلب إلى الإساءة وإزعاج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى قام عنه.

__________________

(١) تاريخ الخطيب البغدادي : ١٤ / ٢٥٧ [رقم ٧٥٥٨] ، ميزان الاعتدال [٤ / ٤٤٧ رقم ٩٧٩٤] ، لسان الميزان : ٦ / ٣٠٠ [٦ / ٣٦٨ رقم ٩٣١٩]. (المؤلف)

(٢) تهذيب التهذيب : ٤ / ٣٤.

٤٨

وماذا عليه لو قام معه فيقطع مادّة البغضاء؟ وما ذا عليه لو سكت عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يُسىء الأدب بالاعتراض والنقد على قيامه؟

وما ذا عليه لو أبقى الملَك وهو يحسبه مظلوماً فيسبّ الرجل ردّا عليه؟ لكنّه رآه مكافئ الظالم فتركه.

وعجبي ممّا في لفظ أحمد من قول النبيّ لأبي بكر : فلمّا رددتَ عليه بعض قوله وقع الشيطان. إلى آخره. كيف كان ذلك المحفل خلواً من الشيطان إلى أن ردّ عليه أبو بكر والرجل كان يشتم أبا بكر ويُكثر ، ولمّا ردّ عليه وقع الشيطان؟ فكأنّ ردّ أبي بكر كان من همزات الشيطان دون سبّ الرجل إيّاه ، وكأنّ النبيّ الأعظم لم تكن له مندوحة عن سماع شتم الرجل أبا بكر ، أو لم تكن فيه مغضبة دون ردّ أبي بكر إيّاه؟ إنّ هذا لشيء عجاب!

ثمّ هل في عالم الملكوت من يقابل البذاءة بمثلها؟ أو أنّ هناك عالم القداسة لا يطرقه الفحش والسباب المقذع لقبحهما الذاتي؟ وهل لله سبحانه ملائكة قيّضهم لذلك العمل القبيح؟ وهل هذا التقييض مخصوص بأبي بكر فحسب؟ أو أنّه يكون لكلّ متسابّين من المؤمنين إذا سكت أحدهما؟ وهل قُيّضت الملائكة للردّ على من هجا رسول الله من المشركين؟ أنا لم أقف على أثر في هذه كلّها ، وليست المسألة عقليّة فتعضدها البرهنة ، مع قطع النظر عن استهجان العقل السليم لذلك ، والمتيقّن أنّ جزاء الشاتم إن كان ظالماً مُرجَأ إلى يوم الجزاء ، وأمّا ردّه بقول لا يسمعه الظالم فيتأدّب ويرتدع ، ولا المظلوم فيشفي غليله ، ولا أيّ أحد فيكون فضيحة لمرتكب القبيح فعساه يترك شنعته ، فمن التافهات (١) ، نعم ؛ أخرج الخطيب في تاريخه (٥ / ٢٨٠)

__________________

(١) من التافهات : متعلق بخبر لمبتدأ محذوف إذ التقدير : فهو من التافهات ، والجملة الاسمية خبر للمبتدإ في قوله وأما ردّه.

٤٩

من طريق سهل بن صقين عن أبي هريرة مرفوعاً : إنّ لله تعالى في السماء سبعين ألف ملَك يلعنون من شتم أبا بكر وعمر.

غير أنّ الخطيب نفسه أردفه بقوله : سهل يضع. راجع ما أسلفناه في الجزء الخامس صفحة (٣٢٨).

ـ ٣٠ ـ

خطبة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في فضل الخليفة

أخرج البخاري (١) في المناقب باب قول النبيّ : سدّوا الأبواب إلاّ باب أبي بكر (٥ / ٢٤٢) وباب الهجرة (٦ / ٤٤) من طريق أبي سعيد الخدري قال : خطب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الناس وقال : إنّ الله خيّر عبداً بين الدنيا وبين ما عنده فاختار ذلك العبد ما عند الله قال : فبكى أبو بكر فعجبنا لبكائه أن يخبر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن عبد خيّر فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو المخيّر ، وكان أبو بكر أعلمنا ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إنّ أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر ، ولو كنت متّخذاً خليلاً غير ربّي لاتّخذت أبا بكر ، ولكن أخوّة الإسلام ومودّته ، لا يبقين في المسجد باب إلاّ سُدّ إلاّ باب أبي بكر.

وزاد في لفظ ابن عساكر (٢) : فعلمنا أنّه مستخلفه. وفي لفظ الرازي في تفسيره (٣) (٢ / ٣٤٧) : ما من الناس أحد أمنّ علينا في صحبته ولا ذات يده من ابن أبي قحافة.

قال الأميني : راجع الجزء الثالث من كتابنا هذا صفحة (٢٠٢ ـ ٢١٥) تزدد

__________________

(١) صحيح البخاري : ٣ / ١٣٣٧ ح ٣٤٥٤ ، ص ١٤١٧ ح ٣٦٩١.

(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٣٠ / ٢٤٦ رقم ٣٣٩٨.

(٣) التفسير الكبير : ٧ / ٤٦.

٥٠

وثوقاً بما تضمّنته هذه الرواية من أُكذوبة حديث الأبواب وسدّها ، وما لابن تيميّة هنالك من مكاء وتصدية.

وأمّا بقيّة الحديث فممّا فيه قول أبي سعيد : وكان أبو بكر أعلمنا. لم يخصّ هذا العلم بأبي بكر وإنّما تحمّله كلّ من سمعه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ووعى أقواله في حجّة الوداع الذي كان يقول فيها : «يوشك أن أُدعى فأجيب».

إلى ما يقارب ذلك ممّا هو مذكور في الجزء الأوّل. وهب أنّ العلم بذلك كان مقصوراً على الخليفة لكنّه أيّ علم هذا يباهى به؟ أهو حلّ عويصة من الفقه؟ أو بيان مشكلة من الفلسفة؟ أو شرح غوامض من علوم الدين؟ أو كشف مخبّأ من أسرار الكون؟ لم يكن في هذا العلم شيء من ذلك كلّه وإنّما هو على فرض الصحّة تنبّه منه إلى أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يريد نفسه ، ولعلّه سمعه قبل ذلك فتذكّره عندئذٍ ، وقد أسلفناه في الجزء السابع عند البحث عن أعلميّة الرجل بما لا مزيد عليه. فراجع.

أمّا قوله : إنّ أمنّ الناس عليّ في صحبته وماله أبو بكر. فأيّ منٍّ لأيّ أحد في صحبته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنفاق ماله في دعوته؟ (مَنْ عَمِلَ صالِحاً فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَساءَ فَعَلَيْها) (١) ، (إِنْ أَحْسَنْتُمْ أَحْسَنْتُمْ لِأَنْفُسِكُمْ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَها) (٢) ، وكانت لرسول الله المنّة على البشر عامّة بالدعوة والهداية والتهذيب ، وإن صاحَبه أحد وناصَره فلنفسه نظر ولها نصح ، (يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٣) (لَقَدْ مَنَّ اللهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آياتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ) (٤).

__________________

(١) فصّلت : ٤٦.

(٢) الإسراء : ٧.

(٣) الحجرات : ١٧.

(٤) آل عمران : ١٦٤.

٥١

على أنّ منّة المال لأبي بكر سالبة بانتفاء الموضوع وسنوقفك على جليّة الحال ، وقصّة الخلّة في ذيل الرواية أوقفناك عليها في الجزء الثالث وأنّها موضوعة ، ويعارضها موضوع آخر أخرجه الحافظ السكري من طريق أبيّ بن كعب أنّه قال : إنّ أحدث الناس عهدي (١) بنبيّكم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل وفاته بخمس ليال ، دخلت عليه وهو يقلّب يديه وهو يقول : إنّه لم يكن نبيّ إلاّ وقد اتّخذ من أُمّته خليلاً وإنّ خليلي من أُمّتي أبو بكر بن أبي قحافة ، ألا وإنّ الله قد اتّخذني خليلاً كما اتّخذ إبراهيم خليلاً (٢).

وموضوع آخر أخرجه الطبراني (٣) من طريق أبي أمامة : إنّ الله اتّخذني خليلاً كما اتّخذ إبراهيم خليلاً وإنّ خليلي أبو بكر. كنز العمّال (٤) (٦ / ١٣٨).

وموضوع آخر أخرجه أبو نعيم من طريق أبي هريرة : لكلّ نبي خليل في أُمّته وإنّ خليلي أبو بكر. كنز العمّال (٥) (٦ / ١٤٠).

هكذا تعارض سلسلة الموضوعات بعضها بعضاً لجهل كلّ من واضعيها بما أتى به الآخر. ولكلّ مُنّته (٦) وسعة باعه في نسج الأكاذيب : (وَمَا اللهُ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ) (٧).

وقبل هذه كلّها ما في رجال سند الرواية من الآفة لمكان إسماعيل بن عبد الله أبي عبد الله بن أبي أويس ابن أُخت مالك ونسيبه والراوي عنه.

__________________

(١) كذا في الرياض النضرة ، وفي إرشاد الساري : إنّ أحدث عهدي بنبيّكم قبل موته بخمس.

(٢) الرياض النضرة للمحبّ الطبري : ١ / ٨٣ [١ / ١١٠] ، إرشاد الساري للقسطلاني : ٦ / ٨٣ [٨ / ١٦٩]. (المؤلف)

(٣) المعجم الكبير : ٨ / ٢٠١ ح ٧٨١٦.

(٤) كنز العمّال : ١١ / ٥٤٨ ح ٣٢٥٧٢.

(٥) كنز العمّال : ١١ / ٥٥٣ ح ٣٢٥٩٨.

(٦) المُنّة : القوّة.

(٧) البقرة : ١٤٤.

٥٢

قال ابن أبي خيثمة : صدوق ضعيف العقل ليس بذلك ، يعني أنّه لا يحسن الحديث ولا يعرف أن يؤدّيه أو يقرأ من غير كتابه.

وقال معاوية بن صالح : هو وأبوه ضعيفان.

وقال ابن معين (١) : هو وأبوه يسرقان الحديث. وقال إبراهيم بن الجنيد عن يحيى بن معين : مخلّط يكذب ليس بشيء.

وقال النسائي (٢) : ضعيف. وقال في موضع آخر : غير ثقة. وقال اللالكائي : بالغ النسائي في الكلام عليه إلى أن يؤدّي إلى تركه ، ولعلّه بانَ له ما لم يبِن لغيره لأنّ كلام هؤلاء كلّهم يؤول إلى أنّه ضعيف.

وقال ابن عدي (٣) : روى عن خاله أحاديث غرائب لا يتابعه عليها أحد.

قال الأميني : هذه الرواية التي رواها عن خاله من تلك الغرائب.

وذكره الدولابي في الضعفاء وقال : سمعت النصر بن سلمة المروزي يقول : ابن أبي أويس كذّاب كان يحدّث عن مالك بمسائل ابن وهب.

وقال العقيلي في الضعفاء (٤) عن يحيى بن معين أنّه قال : ابن أبي أويس لا يسوى فلسين (٥) وقال الدارقطني : لا أختاره في الصحيح.

وذكره الإسماعيلي في المدخل فقال : كان ينسب في الخفّة والطيش إلى ما أكره ذكره.

__________________

(١) معرفة الرجال : ١ / ٦٥ رقم ١٢١.

(٢) كتاب الضعفاء والمتروكين : ص ٥١ رقم ٤٤.

(٣) الكامل في ضعفاء الرجال : ١ / ٣٢٣ رقم ١٥١.

(٤) الضعفاء الكبير : ١ / ٨٧ رقم ١٠٠.

(٥) في الضعفاء الكبير : يسوى فلساً ، وفي تهذيب التهذيب : يسوى فلسين.

٥٣

وقال بعضهم : جانبناه للسنّة.

وقال ابن حزم في المحلّى : قال أبو الفتح الأزدي : حدّثني سيف بن محمد ، أنّ ابن أبي أويس كان يضع الحديث.

وأخرج النسائي من طريق سلمة بن شبيب أنّه قال : سمعت إسماعيل بن أبي أويس يقول : ربّما كنت أضع الحديث لأهل المدينة إذا اختلفوا في شيء فيما بينهم (١).

أليس من الجزاف وقول الزور ، قول النووي في مقدّمة شرح صحيح مسلم (٢) : اتّفق العلماء رحمهم‌الله على أنّ أصحّ الكتب بعد القرآن العزيز الصحيحان : البخاري ومسلم؟ أكتاب هذا حديثه وهذه ترجمة رجال إسناده وهو أخف ما فيه من الطامّات يصلح أن يكون أصحّ الكتب بعد القرآن؟ كبرت كلمة تخرج من أفواههم ، ولو كان هذا شأن الأصحّ المتّفق عليه فما قيمة غيره في سوق الاعتبار؟!

ـ ٣١ ـ

ثناء أمير المؤمنين عليه‌السلام على الخليفة

أخرج ابن الجوزي في صفة الصفوة (٣) (١ / ٩٧) من طريق الحسن قال : قال عليّ عليه‌السلام : لمّا قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نظرنا في أمرنا فوجدنا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد قدّم أبا بكر في الصلاة ، فرضينا لدنيانا من رضي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لديننا فقدّمنا أبا بكر.

وأخرجه مرسلاً أيضاً المحبّ الطبري في الرياض النضرة (٤) (١ / ١٥٠) فقال :

__________________

(١) تهذيب التهذيب : ١ / ٣١٢ [١ / ٢٧٢].

(٢) شرح صحيح مسلم : ١ / ١٤.

(٣) صفة الصفوة : ١ / ٢٥٧ رقم ٢.

(٤) الرياض النضرة : ١ / ١٨٨.

٥٤

وعنه (١) قال : قال عليّ : قدّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبا بكر يصلّي بالناس وقد رأى مكاني وما كنت غائباً ولا مريضاً ، ولو أراد أن يقدّمني لقدّمني ، فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لديننا.

وعن قيس بن عبادة ، قال : قال لي عليّ بن أبي طالب : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرض ليالي وأيّاماً ينادي بالصلاة فيقول : مروا أبا بكر فليصلّ بالناس ، فلمّا قبض رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نظرت فإذا الصلاة علم الإسلام ، وقوام الدين ، فرضينا لدنيانا من رضيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لديننا فبايعنا.

قال الأميني : ما أجرأ الحفّاظ على رواية هذه الأكاذيب الفاحشة ، وإغراء بسطاء الأُمّة المسكينة بالجهل ، والتمويه على الحقائق بأمثال هذه الأفائك! وهم مهرة الفنّ ، ولا يعزب عن أيّ أحد منهم عرفان ما في تلكم المختلقات من الغمز والاعتلال.

نعم ؛ وكم وكم يجد الباحث في طيّات أجزاء كتابنا هذا ممّا يكذّب هذه الأفيكة من التاريخ المتسالم عليه ، والحديث الصحيح ، والنصوص الصريحة من كلمات مولانا أمير المؤمنين ؛ وشتّان بينه وبين كلمات الحفّاظ والمؤرّخين حول تخلّف عليّ عليه‌السلام عن بيعة أبي بكر ؛ مثل قول القرطبي في المفهم شرح صحيح مسلم في شرح حديث منه ، قوله : كان لعليّ من الناس جهة حياة فاطمة. قال : جهة أي جاه واحترام ، كان الناس يحترمون عليّا في حياتها كرامةً لها كأنّها بضعة من رسول الله وهو مباشر لها ، فلمّا ماتت وهو لم يبايع أبا بكر. انصرف الناس عن ذلك الاحترام ليدخل فيما دخل فيه الناس ولا يفرّق جماعتهم.

نعم ؛ أكثر الوضّاعون في الكذب على سيّد العترة أمير المؤمنين وبان ذلك في الملأ حتى قال عامر بن شراحيل (٢) : أكثر من كُذِب عليه من الأُمّة الإسلاميّة هو

__________________

(١) أي : عن الحسن.

(٢) هو المعروف بالشعبي ، ونصُّ قوله : ما كُذب على أحد في هذه الأُمة ما كذب على عليّ رضى الله عنه.

٥٥

أمير المؤمنين عليه‌السلام (١). وإليك نماذج ممّا يُعزى إليه وهو سلام الله عليه بريء منه ، أضفها إلى أحاديث الغلوّ في فضائل أبي بكر.

ـ ٣٢ ـ

عن عليّ : أوّل من يدخل من الأُمّة الجنّة أبو بكر وعمر ، وإنّي لموقوف مع معاوية للحساب.

ـ ٣٣ ـ

عن عليّ مرفوعاً : يا عليّ لا تكتب جوازاً لمن سبّ أبا بكر وعمر فإنّهماسيّدا كهول أهل الجنّة بعد النبيّين. ويأتي بلفظ آخر.

ـ ٣٤ ـ

عن عليّ مرفوعاً : الخليفة بعدي أبو بكر وعمر ثمّ يقع الاختلاف.

ـ ٣٥ ـ

عن عليّ مرفوعاً : يا عليّ سألت الله ثلاثاً أن يقدّمك فأبى عَلَيَّ إلاّ أن يقدّم أبا بكر.

ـ ٣٦ ـ

عن عليّ : لم يمت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى أسرّ إليّ أنّ أبا بكر سيتولّى بعده ثمّ عمر ثمّ عثمان ثمّ أنا.

ـ ٣٧ ـ

عن عليّ : إنّ الله فتح هذه الخلافة على يدي أبي بكر وثنّاه عمر وثلّثه عثمان وختمها بي بخاتمة نبوّة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

__________________

(١) تذكرة الحفّاظ للذهبي : ١ / ٧٧ [١ / ٨٢ رقم ٧٦]. (المؤلف)

٥٦

ـ ٣٨ ـ

عن عليّ : ما خرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من الدنيا حتى عهد إليّ أنّ أبا بكر يلي الأمر بعده ثمّ عمر ثمّ عثمان ثمّ إليّ فلا يُجتمع عليَّ.

ـ ٣٩ ـ

عن عليّ مرفوعاً : أتاني جبرئيل فقلت : من يهاجر معي؟ قال : أبو بكر ، ويلي أمر أُمّتك من بعدك وهو أفضل أُمّتك من بعدك.

ـ ٤٠ ـ

عن عليّ مرفوعاً : أعزّ أصحابي إليّ ، وخيرهم عندي ، وأكرمهم على الله ، وأفضلهم في الدنيا والآخرة : أبو بكر الصدّيق. الحديث بطوله.

ـ ٤١ ـ

عن عليّ : إنّا نرى أبا بكر أحقّ الناس بها بعد رسول الله ، إنّه لصاحب الغار ، وثاني اثنين ، وإنّا لنعلم بشرفه وكبره. الحديث.

ـ ٤٢ ـ

عن عليّ مرفوعاً : يا عليّ إنّ الله أمرني أن اتّخذ أبا بكر وزيراً ، وعمر مشيراً ، وعثمان سنداً ، وإيّاك ظهيراً ، أنتم أربعة فقد أخذ الله ميثاقكم في أمّ الكتاب ، لا يحبّكم إلاّ مؤمن ولا يبغضكم إلاّ فاجر ، أنتم خلائف نبوّتي ، وعقدة ذمّتي ، وحجّتي على أمّتي لا تقاطعوا ، ولا تدابروا ، ولا تعافوا.

ـ ٤٣ ـ

قيل لعليّ : يا أمير المؤمنين من خير الناس بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : أبو بكر. قيل : ثمّ من؟ قال عمر. قيل : ثمّ من؟ قال : ثمّ عثمان. قيل : ثمّ من؟ قال : أنا.

٥٧

ـ ٤٤ ـ

خطب عليّ خطبة وقال في آخرها : واعلموا أنّ خير الناس بعد نبيّهم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبو بكر الصدّيق ، ثمّ عمر الفاروق ، ثمّ عثمان ذو النورين ، ثمّ أنا. وقد رميت بها في رقابكم وراء ظهوركم فلا حجّة لكم عليّ.

ـ ٤٥ ـ

سئل عليّ عن أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قالوا : أخبرنا عن أبي بكر بن أبي قحافة قال : ذاك امرؤ سمّاه الله الصدّيق على لسان جبريل عليه‌السلام وعلى لسان محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كان خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رضيه لديننا فرضيناه لدنيانا.

ـ ٤٦ ـ

عن عليّ : إنّه كان يحلف بالله إنّ الله تعالى أنزل اسم أبي بكر من السماء : الصدّيق.

ـ ٤٧ ـ

عن عليّ : أوّل من أسلم من الرجال أبو بكر ، وأوّل من صلّى إلى القبلة عليّ ابن أبي طالب.

ـ ٤٨ ـ

عن عبد الرحمن (١) بن أبي الزناد عن أبيه قال : أقبل رجل فتخلّص الناس حتى وقف على عليّ بن أبي طالب فقال : يا أمير المؤمنين ما بال المهاجرين والأنصار قدّموا

__________________

(١) قال ابن معين [في معرفة الرجال : ١ / ٧٣ رقم ١٨٣] : ليس ممّن يحتجّ به أصحاب الحديث ، ليس بشيء. وعن ابن المديني : كان عند أصحابنا ضعيفاً. وكان عبد الرحمن يخطّ على حديثه ، وضعّفه الساجي وابن شيبة ، وقال النسائي [في كتاب الضعفاء والمتروكين : ص ١٦٠ رقم ٣٨٧] : لا يحتجّ بحديثه. تهذيب التهذيب : ٦ / ١٧١ [٦ / ١٥٧]. (المؤلف)

٥٨

أبا بكر وأنت أورى منقبة ، وأقدم إسلاماً ، وأسبق سابقة؟ قال : إن كنت قرشيّا فأحسبك من عائذة ، قال نعم. قال : لو لا أنّ المؤمن عائذ الله لقتلتك. ويحك إنّ أبا بكر سبقني لأربع لم أوتهنّ ولم أعتض منهنّ : سبقني إلى الإمامة. أو : تقدّم الإمامة. وتقدّم الهجرة ، وإلى الغار ، وإفشاء الإسلام. الحديث بطوله وفي آخره : ثمّ قال : لا أجد أحداً يفضّلني على أبي بكر إلاّ جلدته جلد المفتري.

ـ ٤٩ ـ

عن عليّ : جاء جبريل عليه‌السلام إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له : من يهاجر معي؟ فقال : أبو بكر ، وهو الصدّيق. مرّ بلفظ آخر.

ـ ٥٠ ـ

جاء أبو بكر وعليّ يزوران النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد وفاته بستة أيّام فقال عليّ لأبي بكر : تقدّم يا خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال أبو بكر ؛ ما كنت لأتقدّم رجلاً سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : عليّ منّي كمنزلتي من ربّي. فقال عليّ : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ما منكم من أحد إلاّ وقد كذّبني غير أبي بكر ، وما منكم من أحد يصبح إلاّ على بابه ـ على باب قلبه ـ ظلمة إلاّ باب أبي بكر. فقال أبو بكر : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقوله؟ قال : نعم. فأخذ أبو بكر بيد عليّ ودخلا جميعاً.

ـ ٥١ ـ

عن عليّ مرفوعاً : ما طلعت شمس ولا غربت على أحد بعد النبيّين والمرسلين أفضل من أبي بكر.

ـ ٥٢ ـ

عن عليّ : دخلنا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقلنا : يا رسول الله ألا تستخلف؟

٥٩

فقال : إن يعلم الله فيكم خيراً استعمل عليكم خيركم. فعلم الله فينا خيراً فاستعمل علينا أبا بكر.

ـ ٥٣ ـ

عن عليّ قال : أفضلنا أبو بكر.

ـ ٥٤ ـ

عن عليّ مرفوعاً : ينادي منادٍ يوم القيامة : أين السابقون الأوّلون؟ فيقال : من؟ فيقول : أين أبو بكر الصدّيق؟ فيتجلّى الله لأبي بكر خاصّة وللناس عامّة.

ـ ٥٥ ـ

عن عليّ مرفوعاً : الخير ثلاثمائة وسبعون خصلة ، إذا أراد الله بعبد خيراً جعل فيه واحدةً منهنّ فدخل بها الجنّة ، قال : فقال أبو بكر : يا رسول الله هل فيّ شيء منها؟ قال : نعم جمع من كلّ.

ـ ٥٦ ـ

عن عليّ مرفوعاً : يا أبا بكر إنّ الله أعطاني ثواب من آمن به منذ خلق آدم إلى أن بعثني ، وإنّ الله أعطاك ثواب من آمن بي منذ بعثني إلى أن تقوم الساعة.

ـ ٥٧ ـ

التقى أبو بكر الصدّيق وعليّ بن أبي طالب ، فتبسّم أبو بكر في وجه عليّ فقال له عليّ : مالك تبسّمت؟ فقال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : لا يجوز أحد الصراط إلاّ من كتب له عليّ بن أبي طالب الجواز. فضحك عليّ وقال : ألا أُبشّرك يا أبا بكر. قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا تكتب الجواز إلاّ لمن أحبّ أبا بكر.

٦٠