الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٨

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٨

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي
المطبعة: محمّد
الطبعة: ٥
الصفحات: ٥٤٠

قال : ولِمَ؟ قال : تقدم على قوم أهل شبه وطعن في الأُمّة؟ قال : فأخرج إلى مصر. قال : لا. قال : فإلى أين أخرج؟ قال : حيث شئت. قال أبو ذر : فهو إذن التعرّب بعد الهجرة أأخرج إلى نجد؟ فقال عثمان : الشرف الأبعد أقصى فأقصى ، امض على وجهك هذا ولا تعدونّ الربذة فسر إليها. فخرج إليها.

وقال اليعقوبي : وبلغ عثمان أنّ أبا ذر يقعد في مجلس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويجتمع إليه الناس فيحدّث بما فيه الطعن عليه ، وأنّه وقف بباب المسجد فقال : أيُّها الناس من عرفني فقد عرفني ، ومن لم يعرفني فأنا أبو ذر الغفاري ، أنا جندب بن جنادة الربذيّ ؛ (إِنَّ اللهَ اصْطَفى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْراهِيمَ وَآلَ عِمْرانَ عَلَى الْعالَمِينَ* ذُرِّيَّةً بَعْضُها مِنْ بَعْضٍ وَاللهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ) (١). محمد الصفوة من نوح ، فالأوّل من إبراهيم ، والسلالة من إسماعيل ، والعترة الهادية من محمد ، إنّه شرُف شريفهم واستحقّوا الفضل في قوم هم فينا كالسماء المرفوعة ، وكالكعبة المستورة ، أو كالقبلة المنصوبة ، أو كالشمس الضاحية ، أو كالقمر الساري ، أو كالنجوم الهادية ، أو كالشجر الزيتونيّة أضاء زيتها وبورك زيدها (٢) ومحمد وارث علم آدم وما فضّلت به النبيّون. إلى أن قال :

وبلغ عثمان أنّ أبا ذر يقع فيه ويذكر ما غيّر وبدّل من سنن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسنن أبي بكر وعمر فسيّره إلى الشام إلى معاوية ، وكان يجلس في المجلس (٣) فيقول كما كان يقول ، ويجتمع إليه الناس حتى كثر من يجتمع إليه ويسمع منه ، وكان يقف على باب دمشق إذا صلّى صلاة الصبح فيقول : جاءت القطار تحمل النار ، لعن الله الآمرين بالمعروف والتاركين له ؛ ولعن الله الناهين عن المنكر والآتين له. فقال :

وكتب معاوية إلى عثمان : إنّك قد أفسدت الشام على نفسك بأبي ذر. فكتب

__________________

(١) آل عمران : ٣٣ و ٣٤.

(٢) ولعلّ الصحيح زندها ، كما في بعض المصادر [وفي الطبعة المعتمدة لدينا : زبدها]. (المؤلف)

(٣) في المصدر : في المسجد.

٤٢١

إليه أن احمله على قتب بغير وطاء ، فقدم به إلى المدينة وقد ذهب لحم فخذيه ، فلمّا دخل إليه وعنده جماعة قال : بلغني أنّك تقول : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «إذا كملت بنو أميّة ثلاثين رجلاً اتّخذوا بلاد الله دولا ؛ وعباد الله خولا ؛ ودين الله دغلا» ، فقال : نعم سمعت رسول الله يقول ذلك. فقال لهم : أسمعتم رسول الله يقول ذلك؟ فبعث إلى عليّ بن أبي طالب فأتاه فقال : يا أبا الحسن أسمعت رسول الله يقول ما حكاه أبو ذر؟ وقصّ عليه الخبر فقال عليّ «نعم». فقال : فكيف تشهد؟ قال : «لقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء ذا لهجة أصدق من أبي ذر». فلم يقم بالمدينة إلاّ أيّاماً حتى أرسل إليه عثمان : والله لتخرجنّ عنها ، قال : أتُخرجني من حرم رسول الله؟ قال : نعم وأنفك راغم ، قال : فإلى مكة؟ قال : لا. قال : فإلى البصرة؟ قال : لا. قال : فإلى الكوفة؟ قال : لا. ولكن إلى الربذة التي خرجت منها حتى تموت فيها. يا مروان أخرجه ولا تدع أحداً يكلّمه حتى يخرج. فأخرجه على جمل ومعه امرأته وابنته ، فخرج عليّ والحسن والحسين وعبد الله بن جعفر وعمّار بن ياسر ينظرون ، فلمّا رأى أبو ذر عليّا قام إليه فقبّل يده ثمّ بكى وقال : إنّي إذا رأيتك ورأيت ولدك ذكرت قول رسول الله فلم أصبر حتى أبكي. فذهب عليّ يكلّمه ؛ فقال مروان : إنّ أمير المؤمنين قد نهى أن يكلّمه أحد. فرفع عليّ السوط فضرب وجه ناقة مروان وقال : «تنحّ نحّاك الله إلى النار». ثمّ شيّعه وكلّمه بكلام يطول شرحه ، وتكلّم كلُّ رجل من القوم وانصرفوا وانصرف مروان إلى عثمان ، فجرى بينه وبين عليّ في هذا بعض الوحشة وتلاحيا كلاماً.

وأخرج ابن سعد من طريق الأحنف بن قيس قال : أتيت المدينة ثمّ أتيت الشام فجمّعت (١) فإذا أنا برجل لا ينتهي إلى سارية إلاّ خرّ أهلها يصلّي ويخفُّ صلاته. قال : فجلست إليه فقلت له : يا عبد الله من أنت؟ قال : أنا أبو ذر. فقال لي :

__________________

(١) أي : حضرت الجمعة.

٤٢٢

فأنت من أنت؟ قال : قلت : أنا الأحنف بن قيس. قال : قم عنّي لا أعدك بشرّ. فقلت له : كيف تعدني بشرّ؟ قال : إنّ هذا ـ يعني معاوية ـ نادى مناديه ألاّ يجالسني أحد.

وأخرج أبو يعلى من طريق ابن عبّاس قال : استأذن أبو ذر عثمان فقال : إنّه يؤذينا ، فلمّا دخل قال له عثمان : أنت الذي تزعم أنّك خير من أبي بكر وعمر؟ قال : لا ، ولكن سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «إنّ أحبّكم إليّ وأقربكم منّي من بقي على العهد الذي عاهدته عليه وأنا باقٍ على عهده» (١) قال : فأمره أن يلحق بالشام ، وكان يحدّثهم ويقول : لا يبيتنّ عند أحدكم دينار ولا درهم إلاّ ما ينفقه في سبيل الله أو يعدُّه لغريم. فكتب معاوية إلى عثمان : إن كان لك بالشام حاجة فابعث إلى أبي ذر. فكتب إليه عثمان : أن اقدم عليّ فقدم.

راجع (٢) : الأنساب (٥ / ٥٢ ـ ٥٤) ، صحيح البخاري في كتابي الزكاة والتفسير ، طبقات ابن سعد (٤ / ١٦٨) ، مروج الذهب (١ / ٤٣٨) ، تاريخ اليعقوبي (٢ / ١٤٨) ، شرح ابن أبي الحديد (١ / ٢٤٠ ـ ٢٤٢) ، فتح الباري (٣ / ٢١٣) ، عمدة القاري (٤ / ٢٩١).

كلمة أمير المؤمنين

لمّا أُخرج أبو ذر إلى الربذة

«يا أبا ذر إنّك غضبت لله فارجُ من غضبت له ، إنّ القوم خافوك على دنياهم وخفتهم على دينك ، فاترك في أيديهم ما خافوك عليه ، واهرب منهم بما خفتهم عليه ، فما أحوجهم إلى ما منعتهم ، وما أغناك عمّا منعوك ، وستعلم من الرابح غداً ، والأكثر

__________________

(١) حديث العهد أخرجه أحمد في مسنده [١ / ٣٢١ ح ١٦٩٨]. (المؤلف) [والعيني في عمدة القاري : ٨ / ٢٦٢]

(٢) صحيح البخاري : ٢ / ٥٠٩ ح ١٣٤١ ، ٤ / ١٧١١ ح ٤٣٨٣ ، الطبقات الكبرى : ٤ / ٢٢٩ ، مروج الذهب : ٢ / ٣٥٧ ـ ٣٦٠ ، تاريخ اليعقوبي : ٢ / ١٧١ ـ ١٧٢ ، شرح نهج البلاغة : ٣ / ٥٢ ـ ٥٩ خطبة ٤٣ ، فتح الباري : ٣ / ٢٧٤ ، عمدة القاري : ٨ / ٢٦٢ ح ١١.

٤٢٣

حسداً ، ولو أنّ السماوات والأرضين كانتا على عبد رتقاً ثمّ اتّقى الله لجعل الله له منهما مخرجاً ، لا يؤنسنّك إلاّ الحقّ ، ولا يوحشنّك إلاّ الباطل ، فلو قبلت دنياهم لأحبّوك ، ولو قرضتَ منها لأمّنوك» (١).

ذكر ابن أبي الحديد في الشرح (٢) (٢ / ٣٧٥ ـ ٣٨٧) تفصيل قصّة أبي ذر ورآه مشهوراً متضافراً ، وإليك نصّه قال :

واقعة أبي ذر وإخراجه إلى الربذة أحد الأحداث التي نقمت على عثمان ، وقد روى هذا الكلام أبو بكر أحمد بن عبد العزيز الجوهري في كتاب السقيفة (٣) عن عبد الرزاق ، عن أبيه ، عن عكرمة ، عن ابن عبّاس ، قال : لمّا أُخرج أبو ذر إلى الربذة أمر عثمان فنودي في الناس : أن لا يكلّم أحد أبا ذر ولا يشيّعه ، وأمر مروان بن الحكم أن يخرج به فخرج به ، وتحاماه الناس إلاّ عليّ بن أبي طالب عليه‌السلام وعقيلاً أخاه وحسناً وحسيناً عليهما‌السلام وعمّاراً ، فإنّهم خرجوا معه يشيّعونه ، فجعل الحسن عليه‌السلام يكلّم أبا ذر ، فقال له مروان : إيهاً يا حسن ألا تعلم أنّ أمير المؤمنين قد نهى عن كلام هذا الرجل؟ فإن كنت لا تعلم فاعلم ذلك. فحمل عليّ عليه‌السلام على مروان فضرب بالسوط بين أُذني راحلته وقال : «تنحّ نحّاك الله إلى النار». فرجع مروان مغضباً إلى عثمان فأخبره الخبر فتلظّى على عليّ عليه‌السلام ، ووقف أبو ذر فودّعه القوم ومعه ذكوان مولى أُم هاني بنت أبي طالب ، قال ذكوان : فحفظت كلام القوم ـ وكان حافظاً ـ فقال عليّ عليه‌السلام :

«يا أبا ذر إنّك غضبت لله ، إنّ القوم خافوك على دنياهم ، وخفتهم على دينك ، فامتحنوك بالقلى ونفوك إلى الفلا ، والله لو كانت السموات والأرض على عبد رتقاً ثمّ

__________________

(١) نهج البلاغة : ١ / ٢٤٧ [ص ١٨٨ خطبة ١٣٠ وقرَضت منها : قطعت منها جزءاً]. (المؤلف)

(٢) نهج البلاغة : ٨ / ٢٥٢ ـ ٢٦٢ خطبة ١٣٠.

(٣) السقيفة وفدك : ص ٧٨ ـ ٨١.

٤٢٤

اتّقى الله لجعل له منها مخرجاً ؛ يا أبا ذر لا يؤنسنّك إلاّ الحقّ ، ولا يوحشنّك إلاّ الباطل».

ثمّ قال لأصحابه : «ودّعوا عمّكم». وقال لعقيل : «ودّع أخاك» ، فتكلّم عقيل فقال : ما عسى ما نقول يا أبا ذر؟ وأنت تعلم أنّا نحبّك وأنت تحبّنا ، فاتّق الله فإنّ التقوى نجاة ، واصبر فإنّ الصبر كرم ، واعلم أنّ استثقالك الصبر من الجزع ، واستبطاءك العافية من اليأس ، فدع اليأس والجزع.

ثمّ تكلّم الحسن فقال : «يا عمّاه لو لا أنّه لا ينبغي للمودّع أن يسكت وللمشيّع أن ينصرف لقصر الكلام وإن طال الأسف ، وقد أتى من القوم إليك (١) ما ترى ، فضع عنك الدنيا بتذكّر فراغها ، وشدّة ما اشتدّ منها برجاء ما بعدها ، واصبر حتى تلقى نبيّك صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو عنك راضٍ».

ثمّ تكلّم الحسين عليه‌السلام فقال : «يا عمّاه إنّ الله تعالى قادر أن يغيّر ما قد ترى ، والله كلّ يوم هو في شأن ، وقد منعك القوم دنياهم ومنعتهم دينك ، فما أغناك عمّا منعوك ، وأحوجهم إلى ما منعتهم! فاسأل الله الصبر والنصر ، واستعذ به من الجشع والجزع ، فإنّ الصبر من الدين والكرم ، وإنّ الجشع لا يُقدّم رزقاً ، والجزع لا يؤخّر أجلاً».

ثمّ تكلّم عمّار مغضباً فقال : لا آنس الله من أوحشك ، ولا آمن من أخافك. أما والله لو أردت دنياهم لأمّنوك ، ولو رضيت أعمالهم لأحبّوك ، وما منع الناس أن يقولوا بقولك إلاّ الرضا بالدنيا والجزع من الموت ، ومالوا إلى ما سلطان جماعتهم عليه ، والملك لمن غلب ، فوهبوا لهم دينهم ومنحهم القوم دنياهم ، فخسروا الدنيا والآخرة ، ألا ذلك هو الخسران المبين.

__________________

(١) في المصدر : وقد أتى القوم إليك.

٤٢٥

فبكى أبو ذر رحمه‌الله ـ وكان شيخاً كبيراً ـ وقال : رحمكم الله يا أهل بيت الرحمة إذا رأيتكم ذكرت بكم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، مالي بالمدينة سكن ولا شجن غيركم ، إنّي ثقلتُ على عثمان بالحجاز كما ثقلتُ على معاوية بالشام ، وكره أن أُجاور أخاه وابن خاله بالمصرين (١) فأفسد الناس عليهما ، فسيّرني إلى بلد ليس لي به ناصر ولا دافع إلاّ الله ، والله ما أُريد إلاّ الله صاحباً ، وما أخشى مع الله وحشة.

ورجع القوم إلى المدينة فجاء عليّ عليه‌السلام إلى عثمان فقال له : ما حملك على ردّ رسولي وتصغير أمري؟ فقال عليّ عليه‌السلام : «أمّا رسولك فأراد أن يردّ وجهي فرددته ، وأمّا أمرك فلم أصغّره» ، قال : أما بلغك نهيي عن كلام أبي ذر؟ قال : «أوَ كلّما أمرت بأمر معصية أطعناك فيه؟» قال عثمان : أقد مروان من نفسك. قال : «مِمّ ذا؟» قال : من شتمه وجذب راحلته. قال : «أمّا راحلته فراحلتي بها ، وأمّا شتمه إيّاي فو الله لا يشتمني شتمة إلاّ شتمتك مثلها لا أكذب عليك». فغضب عثمان وقال : لِمَ لا يشتمك؟ كأنّك خير منه؟ قال عليّ : «إي والله ومنك». ثمّ قام فخرج ، فأرسل عثمان إلى وجوه المهاجرين والأنصار وإلى بني أُميّة يشكو إليهم عليّا عليه‌السلام ، فقال القوم : أنت الوالي عليه وإصلاحه أجمل. قال : وددت ذاك. فأتوا عليّا عليه‌السلام فقالوا : لو اعتذرت إلى مروان وأتيته. فقال : «كلاّ أمّا مروان فلا آتيه ولا أعتذر منه ، ولكن إن أحبّ عثمان أتيته». فرجعوا إلى عثمان فأخبروه ، فأرسل عثمان إليه فأتاه ومعه بنو هاشم ، فتكلّم عليّ عليه‌السلام فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : «أمّا ما وجدت عليّ فيه من كلام أبي ذر ووداعه فو الله ما أردت مساءتك ولا الخلاف عليك ولكن أردت به قضاء حقّه. وأمّا مروان فإنّه اعترض يريد ردّي عن قضاء حقّ الله عزّ وجلّ فرددته ، ردّ مثلي مثله ، وأمّا ما كان منّي إليك فإنّك أغضبتني فأخرج الغضب منّي ما لم أرده».

__________________

(١) يعني مصر والبصرة ، كان والي مصر عبد الله بن سعد بن أبي سرح أخا عثمان من الرضاعة ، وكان على البصرة عبد الله بن عامر ابن خاله كما مرّ : ص ٢٩٠. (المؤلف)

٤٢٦

فتكلّم عثمان فحمد الله وأثنى عليه ثمّ قال : أمّا ما كان منك إليّ فقد وهبته لك ، وأمّا ما كان منك إلى مروان فقد عفا الله عنك ، وأمّا ما حلفت عليه فأنت البرُّ الصادق ، فأدنِ يدك. فأخذ يده فضمّها إلى صدره ، فلمّا نهض قالت قريش وبنو أُميّة لمروان : أأنت رجل جبهك عليُّ وضرب راحلتك؟ وقد تفانت وائل في ضرع ناقة ، وذبيان وعبس في لطمة فرس ، والأوس والخزرج في نسعة (١) أفتحمل لعليّ عليه‌السلام ما أتاه إليك؟ فقال مروان : والله لو أردت ذلك لما قدرت عليه.

فقال ابن أبي الحديد (٢) : واعلم أنّ الذي عليه أكثر أرباب السيرة وعلماء الأخبار والنقل أنّ عثمان نفى أبا ذر أوّلاً إلى الشام ثمّ استقدمه إلى المدينة لمّا شكا منه معاوية ، ثمّ نفاه من المدينة إلى الربذة لمّا عمل بالمدينة نظير ما كان يعمل بالشام.

أصل هذه الواقعة : أنّ عثمان لمّا أعطى مروان بن الحكم وغيره بيوت الأموال واختصّ زيد بن ثابت بشيء منها ، جعل أبو ذر يقول بين الناس وفي الطرقات والشوارع : بشّر الكانزين (٣) بعذاب أليم ، ويرفع بذلك صوته ويتلو قوله تعالى : (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَها فِي سَبِيلِ اللهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذابٍ أَلِيمٍ). فرفع ذلك إلى عثمان مراراً وهو ساكت. ثمّ إنّه أرسل إليه مولى من مواليه أن انتهِ عمّا بلغني عنك ، فقال أبو ذر : أينهاني عثمان عن قراءة كتاب الله تعالى ، وعيب من ترك أمر الله تعالى؟ فو الله لأن أُرضي الله بسخط عثمان أحبّ إليّ وخير لي من أن أُسخط الله برضا عثمان ، فأغضب عثمان ذلك وأحفظه فتصابر وتماسك ، إلى أن قال عثمان يوماً والناس حوله : أيجوز للإمام أن يأخذ من المال شيئاً قرضاً فإذا أيسر قضى؟ فقال كعب الأحبار : لا بأس بذلك. فقال أبو ذر : يا ابن اليهوديّين أتعلّمنا ديننا؟ فقال

__________________

(١) النسعة ـ بكسر النون ـ : حبل عريض طويل تشدّ به الرحال. (المؤلف)

(٢) شرح نهج البلاغة : ٨ / ٢٥٥ خطبة ١٣٠.

(٣) في النسخة : الكافرين. والصحيح كما مرّ عن البلاذري [في الأنساب : ٥ / ٥٢]. (المؤلف)

٤٢٧

عثمان : قد كثر أذاك لي وتولّعك بأصحابي ، الحق بالشام. فأخرجه إليها ، فكان أبو ذر ينكر على معاوية أشياء يفعلها فبعث إليه معاوية يوماً ثلاثمائة دينار ، فقال أبو ذر لرسوله : إن كانت من عطائي الذي حرمتمونيه عامي هذا أقبلها ، وإن كانت صلة فلا حاجة لي فيها. وردّها عليه. ثمّ بنى معاوية الخضراء بدمشق فقال أبو ذر : يا معاوية إن كانت هذه من مال الله فهي الخيانة ، وإن كانت من مالك فهي الإسراف ، وكان أبو ذر يقول بالشام : والله لقد حدثت أعمال ما أعرفها ، والله ما هي في كتاب الله ولا سنّة نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، والله إنّي لأرى حقّا يُطفأ ، وباطلاً يُحيا ، وصادقاً مكذّباً ، وأثرةً بغير تقى ، وصالحاً مستأثراً عليه. فقال حبيب بن مسلمة الفهري لمعاوية : إنّ أبا ذر لمفسد عليكم الشام فتدارك أهله إن كان لك فيه حاجة.

وروى شيخنا أبو عثمان الجاحظ في كتاب السفيانيّة عن جلام بن جندل الغفاري قال : كنت غلاماً لمعاوية على قنسرين والعواصم في خلافة عثمان ، فجئت إليه يوماً أسأله عن حال عملي إذ سمعت صارخاً على باب داره يقول : أتتكم القطار تحمل النار ، اللهمّ العن الآمرين بالمعروف والتاركين له ، اللهمّ العن الناهين عن المنكر المرتكبين له. فازبأرّ (١) معاوية وتغيّر لونه وقال : يا جلام أتعرف الصارخ؟ فقلت : اللهمّ لا. قال : من عَذيري من جندب بن جنادة يأتينا كلّ يوم فيصرخ على باب قصرنا بما سمعت ، ثمّ قال : ادخلوه عليّ ، فجيء بأبي ذر بين قوم يقودونه حتى وقف بين يديه ، فقال له معاوية : يا عدوّ الله وعدوّ رسوله تأتينا في كلّ يوم فتصنع ما تصنع ، أما إنّي لو كنت قاتل رجل من أصحاب محمد من غير إذن أمير المؤمنين عثمان لقتلتك ولكنّي أستأذن فيك. قال جلام : وكنت أُحبُّ أن أرى أبا ذر لأنّه رجل من قومي ، فالتفتّ إليه فإذا رجل أسمر ضرب (٢) من الرجال خفيف العارضين في ظهره

__________________

(١) ازبأرّ الرجل ازبئراراً : تهيّأ للشرّ. (المؤلف)

(٢) الضرب : الرجل الماضي الندب. (المؤلف)

٤٢٨

حناء (١) ، فأقبل على معاوية وقال : ما أنا بعدوّ لله ولا لرسوله ، بل أنت وأبوك عدوّان لله ولرسوله ، أظهرتما الإسلام وأبطنتما الكفر ، ولقد لعنك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعا عليك مرّات أن لا تشبع ، سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «إذا ولي الأُمّة الأَعْيَن (٢) الواسع البلعوم الذي يأكل ولا يشبع فلتأخذ الأُمّة حذرها منه» (٣). فقال معاوية : ما أنا ذاك الرجل. قال أبو ذر : بل أنت ذلك الرجل أخبرني بذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسمعته يقول وقد مررت به : «اللهمّ العنه ولا تشبعه إلاّ بالتراب». وسمعته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «است معاوية في النار». فضحك معاوية وأمر بحبسه ، وكتب إلى عثمان فيه ، فكتب عثمان إلى معاوية : أن احمل جندباً إليّ على أغلظ مركب وأوعره ، فوجّه به مع من سار به الليل والنهار وحمله على شارف ليس عليها إلاّ قتب حتى قدم به المدينة وقد سقط لحم فخذيه من الجهد.

فلمّا قدم بعث إليه عثمان : الحق بأيّ أرض شئت قال : بمكة؟ قال : لا. قال : بيت المقدس؟ قال : لا. قال : بأحد المصرين؟ قال : لا ، ولكني مسيّرك إلى الربذة ، فسيّره إليها ، فلم يزل بها حتى مات.

وفي رواية الواقدي : أنّ أبا ذر لمّا دخل على عثمان قال له :

لا أنعمَ اللهُ بقَينٍ عينا

نعم ولا لقّاه يوماً زينا

تحيّة السخط إذا التقينا

__________________

(١) كذا في الطبعة التي اعتمدها المؤلف ، وفي الطبعة المعتمدة لدينا : في ظهره جنأ. والجنأ : إشراف الكاهل على الصدر.

(٢) في لفظ الحديث سقط كما لا يخفى [والأَعْيَن هو واسع العين ، ويبدو أن سياق الحديث متماسك]. (المؤلف)

(٣) وفي حديث عليّ عليه‌السلام : «لا يذهب أمر هذه الأُمّة إلاّ على رجل واسع السرم ، ضخم البلعوم» ذكره ابن الأثير في النهاية : ١ / ١١٢ [٢ / ٣٦٢] ، لسان العرب : ١٤ / ٣٢٢ [٦ / ٢٤٨] ، تاج العروس : ٨ / ٢٠٦. (المؤلف)

٤٢٩

فقال أبو ذر : ما عرفت اسمي قيناً قطُّ. وفي رواية أخرى : لا أنعم الله بك عيناً يا جنيدب. فقال أبو ذر : أنا جندب وسمّاني رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عبد الله ، فاخترت اسم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الذي سمّاني به على اسمي ، فقال له عثمان : أنت الذي تزعم أنّا نقول : يد الله مغلولة وأنّ الله فقير ونحن أغنياء؟ فقال أبو ذر : لو كنتم لا تقولون هذا لأنفقتم مال الله على عباده ، ولكنّي أشهد أنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «إذا بلغ بنو أبي العاص ثلاثين رجلاً جعلوا مال الله دولاً ، وعباده خولاً ، ودينه دخلاً». فقال عثمان لمن حضر : أسمعتموها من رسول الله؟ قالوا : لا. قال عثمان : ويلك يا أبا ذر أتكذب على رسول الله؟ فقال أبو ذر لمن حضر : أما تدرون أنّي صدقت؟ قالوا : لا والله ما ندري. فقال عثمان : ادعوا لي عليّا. فلمّا جاء قال عثمان لأبي ذر : اقصص عليه حديثك في بني أبي العاص. فأعاده ، فقال عثمان لعليّ عليه‌السلام : أسمعت هذا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : «لا وقد صدق أبو ذر» فقال : كيف عرفت صدقه؟ قال : لأنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر» فقال من حضر : أمّا هذا فسمعناه كلّنا من رسول الله. فقال أبو ذر : أحدّثكم أنّي سمعت هذا من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتتّهمونني؟ ما كنت أظنُّ أنّي أعيش حتى أسمع هذا من أصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

وروى الواقدي في خبر آخر بإسناده عن صهبان مولى الأسلميين ، قال : رأيت أبا ذر يوم دخل به على عثمان فقال له : أنت الذي فعلت وفعلت؟ فقال أبو ذر : نصحتك فاستغشتني ونصحت صاحبك فاستغشّني. قال عثمان : كذبت ولكنّك تريد الفتنة وتحبّها وقد أنغلت الشام علينا. قال له أبو ذر : اتّبع سنّة صاحبيك لا يكن لأحد عليك كلام. فقال عثمان : مالك وذلك لا أُمّ لك؟ قال أبو ذر : والله ما وجدت لي عذراً إلاّ الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. فغضب عثمان وقال : أشيروا عليّ في هذا الشيخ الكذّاب ، إمّا أن أضربه أو أحبسه أو أقتله ، فإنّه قد فرّق جماعة المسلمين ، أو أنفيه من أرض الإسلام. فتكلّم عليّ عليه‌السلام وكان حاضراً فقال : «أُشير عليك بما

٤٣٠

قال مؤمن آل فرعون : (وَإِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَإِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ). فأجابه عثمان بجواب غليظ وأجابه عليّ عليه‌السلام بمثله ولم نذكر الجوابين تذمّماً منهما.

قال الواقدي : ثمّ إنّ عثمان حظر على الناس أن يقاعدوا أبا ذر ويكلّموه فمكث كذلك أيّاماً ثمّ أُتي به فوقف بين يديه ، فقال أبو ذر : ويحك يا عثمان أما رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورأيت أبا بكر وعمر؟ هل هديك كهديهم؟ أما إنّك لتبطش بي بطش جبّار. فقال عثمان : اخرج عنّا من بلادنا. فقال أبو ذر : ما أبغض إليّ جوارك! فإلى أين أخرج؟ قال : حيث شئت. قال : أخرج إلى الشام أرض الجهاد. قال : إنّما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها ، أفأردّك إليها؟ قال : أفأخرج إلى العراق؟ قال : لا إنّك إن تخرج إليها تقدم على قوم أُولي شقّة (١) وطعن على الأئمّة والولاة. قال : أفأخرج إلى مصر؟ قال : لا ، قال : فإلى أين أخرج؟ قال : إلى البادية. قال أبو ذر : أصير بعد الهجرة أعرابيّا؟ قال : نعم. قال أبو ذر : فأخرج إلى بادية نجد. قال عثمان : بل إلى الشرق الأبعد أقصى فأقصى ، امض على وجهك هذا فلا تَعدُوَنّ الربذة ، فخرج إليها.

وروى الواقدي أيضاً عن مالك بن أبي الرجال ، عن موسى بن ميسرة : أنّ أبا الأسود الدؤلي قال : كنت أُحبُّ لقاء أبي ذر لأسأله عن سبب خروجه إلى الربذة ، فجئته فقلت له : ألا تخبرني : أخرجت من المدينة طائعاً أم أُخرجت كرهاً؟ فقال : كنت في ثغرٍ من ثغور المسلمين أغني عنهم فأُخرجت إلى المدينة ، فقلت : دار هجرتي وأصحابي ، فأُخرجت من المدينة إلى ما ترى ، ثمّ قال : بينا أنا ذات ليلة نائم في المسجد على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ مرّ بي عليه‌السلام فضربني برجله وقال : «لا أراك نائماً في المسجد» فقلت : بأبي أنت وأُمّي غلبتني عيني

__________________

(١) في شرح النهج : أُولي شُبَه.

٤٣١

فنمت فيه. قال : «فكيف تصنع إذا أخرجوك منه؟» قلت : إذاً ألحق بالشام فإنّها أرض مقدّسة وأرض الجهاد. قال : «فكيف تصنع إذا أخرجت منها؟» قلت : أرجع إلى المسجد قال : «فكيف تصنع إذا أخرجوك منه؟» قلت : آخذ سيفي فأضربهم به ، فقال : «ألا أدلُّك على خير من ذلك؟ انسَق (١) معهم حيث ساقوك وتسمع وتطيع». فسمعت وأطعت وأنا أسمع وأُطيع ، والله ليلقينّ الله عثمان وهو آثم في جنبي.

ثمّ ذكر ابن أبي الحديد الخلاف في أمر أبي ذر ، وحكى عن أبي علي حديث البخاري الذي أسلفناه (ص ٢٩٥) فقال : ونحن نقول : هذه الأخبار وإن كانت قد رويت لكنّها ليست في الاشتهار والكثرة كتلك الأخبار ، والوجه أن يقال في الاعتذار عن عثمان وحسن الظنّ بفعله : إنّه خاف الفتنة واختلاف كلمة المسلمين فغلب على ظنّه أنّ إخراج أبي ذر إلى الربذة أحسم للشغب وأقطع لأطماع من يشرئبُّ إلى شقّ العصا ، فأخرجه مراعاةً للمصلحة ومثل ذلك يجوز للإمام ، هكذا يقول أصحابنا المعتزلة وهو الأليق بمكارم الأخلاق ، فقد قال الشاعر :

إذا ما أتت من صاحبٍ لك زلّةٌ

فكن أنت محتالاً لزلّته عذرا

وإنّما يتأوّل أصحابنا لمن يحتمل حاله التأويل كعثمان ، فأمّا من لم يحتمل حاله التأويل وإن كانت له صحبة سالفة كمعاوية وأضرابه فإنّهم لا يتأوّلون لهم ، إذا كانت أفعالهم وأحوالهم لا وجه لتأويلها ولا تقبل العلاج والإصلاح. انتهى.

من المستصعب جدّا التفكيك بين الخليفتين وبين أعمالهم ، فأنّهما من شجرةٍ واحدة ، وهما في العمل صنوان ، لا يشذّ أحدهما عن الآخر ، فتربّص حتى حين ، وسنوقفك على جليّة الحال.

__________________

(١) فعل أمر من : إنساق ينساق.

٤٣٢

هلمّ معي إلى نظارة التنقيب

قال الأميني : هل تعرف موقف أبي ذر الغفاري من الإيمان ، وثباته على المبدأ ، ومحلّه من الفضل ، ومبلغه من العلم ، ومقامه من الصدق ، ومُبوّأه من الزهد ، ومُرتقاه من العظمة ، وخشونته في ذات الله ، ومكانته عند صاحب الرسالة الخاتمة؟ فإن كنت لا تعرف فإلى الملتقى.

تعبّده قبل البعثة ، سبقه في الإسلام ، ثباته على المبدأ

١ ـ أخرج ابن سعد في الطبقات (١) (٤ / ١٦١) من طريق عبد الله بن الصامت قال : قال أبو ذر : صلّيت قبل الإسلام قبل أن ألقى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاث سنين. فقلت : لمن؟ قال : لله. فقلت : أين توجّه (٢)؟ قال : أتوجّه حيث يوجّهني الله.

وأخرج من طريق أبي معشر نجيح قال : كان أبو ذر يتألّه في الجاهليّة ويقول : لا إله إلاّ الله ، ولا يعبد الأصنام ، فمرّ عليه رجل من أهل مكة بعد ما أُوحي إلى النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا أبا ذر إنّ رجلاً بمكة يقول مثل ما تقول : لا إله إلاّ الله. ويزعم أنّه نبيّ. وذكر حديث إسلامه (٣) (ص ١٦٤).

وفي صحيح مسلم في المناقب (٤) (٧ / ١٥٣) ، بلفظ ابن سعد الأوّل ، وفي (ص ١٥٥) بلفظ : صلّيت سنتين قبل مبعث النبيّ ، قال : قلت : فأين كنت توجّه؟ قال : حيث وجّهني الله.

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ٤ / ٢٢٠. وفيه : صلّيت يا ابن أخي قبل أن ...

(٢) فعل مضارع للمفرد المخاطب ، وأصله : تتوجه ، فحذفت تاء المضارعة للتخفيف.

(٣) الطبقات الكبرى : ٤ / ٢٢٢ ـ ٢٢٣.

(٤) صحيح مسلم : ٥ / ٧٢ ح ١٣٢ كتاب فضائل الصحابة ص ٧٦.

٤٣٣

وفي لفظ أبي نعيم في الحلية (١ / ١٥٧) : يا ابن أخي صلّيت قبل الإسلام بأربع سنين. وذكره ابن الجوزي في صفوة الصفوة (١) (١ / ٢٣٨).

وفي حديث أخرجه ابن عساكر في تاريخه (٢) (٧ / ٢١٨) : أخذ أبو بكر بيد أبي ذر وقال : يا أبا ذر هل كنت تتألّه في جاهليّتك؟ قال : نعم ، لقد رأيتني أقوم عند الشمس ، فما أزال مصلّياً حتى يؤذيني حرّها فأخرّ كأنّي خفاء ، فقال : فأين كنت تتوجّه؟ قال : لا أدري إلاّ حيث وجّهني الله.

٢ ـ أخرج ابن سعد في الطبقات (٣) (٤ / ١٦١) من طريق أبي ذر قال : كنت في الإسلام خامساً. وفي لفظ أبي عمر وابن الأثير : أسلم بعد أربعة. وفي لفظ آخر : يقال : أسلم بعد ثلاثة. ويقال : بعد أربعة. وفي لفظ الحاكم : كنت ربع الإسلام ، أسلم قبلي ثلاثة نفر وأنا الرابع. وفي لفظ أبي نعيم : كنت رابع الإسلام ، أسلم قبلي ثلاثة وأنا الرابع. وفي لفظ المناوي : أنا رابع الإسلام. وفي لفظ ابن سعد من طريق ابن أبي وضّاح البصري : كان إسلام أبي ذر رابعاً أو خامساً.

راجع (٤) : حلية الأولياء (١ / ١٥٧) ، مستدرك الحاكم (٣ / ٣٤٢) الاستيعاب (١ / ٨٣ و ٢ / ٦٦٤) ، أُسد الغابة (٥ / ١٨٦) ، شرح الجامع الصغير للمناوي (٥ / ٤٢٣) ، الإصابة (٤ / ٦٣).

٣ ـ أخرج ابن سعد في الطبقات (٥) (٤ / ١٦١) من طريق أبي ذر قال : كنت أوّل

__________________

(١) صفة الصفوة : ١ / ٥٨٥ رقم ٦٤. وفيه : قبل أن القى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بثلاث سنين.

(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٢٦ / ٢٢٧ رقم ٣٠٧٥ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١١ / ٣٥١.

(٣) الطبقات الكبرى : ٤ / ٢٢٤.

(٤) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٣٨٥ ح ٥٤٥٩ ، الاستيعاب : القسم الأول / ٢٥٢ رقم ٣٣٩ ، والقسم الرابع / ١٦٥٣ رقم ٢٩٤٤ ، أُسد الغابة : ١ / ٣٥٧ رقم ٨٠٠.

(٥) الطبقات الكبرى : ٤ / ٢٢١.

٤٣٤

من حيّاه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتحيّة الإسلام فقلت : السلام عليك يا رسول الله ، فقال : وعليك ورحمة الله. وفي لفظ أبي نعيم : انتهيت إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حين قضى صلاته ، فقلت : السلام عليك ، فقال : «وعليك السلام».

وأخرجه مسلم في المناقب من الصحيح (١) (٧ / ١٥٤ ، ١٥٥) ، وأبو نعيم في الحلية (١ / ١٥٩) ، وأبو عمر في الاستيعاب (٢) (٢ / ٦٦٤).

٤ ـ أخرج ابن سعد والشيخان في الصحيحين من طريق ابن عبّاس واللفظ للأوّل قال : لمّا بلغه أنّ رجلاً خرج بمكة يزعم أنّه نبي أرسل أخاه فقال : اذهب فائتني بخبر هذا الرجل وبما تسمع منه. فانطلق الرجل حتى أتى مكة فسمع من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرجع إلى أبي ذر ، فأخبره أنّه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر ويأمر بمكارم الأخلاق. فقال أبو ذر : ما شفيتني. فخرج أبو ذر ومعه شنّة (٣) فيها ماؤه وزاده حتى أتى مكة ، ففرق أن يسأل أحداً عن شيء ولمّا يلقَ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأدركه الليل فبات في ناحية المسجد ، فلمّا أعتَمَ (٤) مرّ به عليّ فقال : ممّن الرجل؟ قال : رجل من بني غفار. قال : قم إلى منزلك. قال : فانطلق به إلى منزله ، ولم يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء. وغدا أبو ذر يطلب ، فلم يَلقَه وكره أن يسأل أحداً عنه ، فعاد فنام حتى أمسى ، فمرّ به عليّ فقال : أما آن للرجل أن يعرف منزله؟ فانطلق به فبات حتى أصبح لا يسأل واحد منهما صاحبه عن شيء ، فأصبح اليوم الثالث فأخذ على عليّ لئن أفشى إليه الذي يريد ليكتمنّ عليه وليسترنه ، ففعل فأخبره أنّه بلغه خروج هذا الرجل يزعم أنّه نبيّ ، فأرسلت أخي ليأتيني بخبره وبما سمع منه ، فلم يأتني بما يشفيني من حديثه ، فجئت بنفسي لألقاه ، فقال له عليّ : إنّي غادٍ فاتّبع أثري ، فإنّي إن

__________________

(١) صحيح مسلم : ٥ / ٧٤ ، ٧٦ ح ١٣٢ كتاب فضائل الصحابة.

(٢) الاستيعاب : القسم الرابع / ١٦٥٤ رقم ٢٩٤٤.

(٣) الشنّة : الخَلَقُ من كل آنية صُنعت من جلد.

(٤) من العتمة : وهي دخول الليل.

٤٣٥

رأيتُ ما أخاف عليك اعتللتُ بالقيام كأنّي أُهريق الماء فآتيك ، وإن لم أرَ أحداً فاتّبع أثري حتى تدخل حيث أدخل. ففعل حتى دخل على أثر عليّ على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأخبره الخبر وسمع قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأسلم من ساعته ، ثمّ قال : يا نبيّ الله ما تأمرني؟ قال : «ترجع إلى قومك حتى يبلغك أمري» قال : فقال له : والذي نفسي بيده لا أرجع حتى أصرخ بالإسلام في المسجد. قال : فدخل المسجد فنادى بأعلى صوته : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمداً عبده ورسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. قال : فقال المشركون : صبأ الرجل ، صبأ الرجل ، فضربوه حتى صرع ، فأتاه العبّاس فأكبّ عليه وقال : قتلتم الرجل ، يا معشر قريش أنتم تجّار وطريقكم على غفار فتريدون أن يقطع الطريق؟ فأمسكوا عنه. ثمّ عاد اليوم الثاني فصنع مثل ذلك ثمّ ضربوه حتى صُرع ، فأكبّ عليه العباس وقال لهم مثل ما قال في أوّل مرّة ، فأمسكوا عنه.

وذكر ابن سعد في حديث إسلامه : ضربه لإسلامه فتية من قريش فجاء إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : يا رسول الله أمّا قريش فلا أدعهم حتى أثأر منهم ، ضربوني. فخرج حتى أقام بعُسفان ، وكلّما أقبلت عِير لقريش يحملون الطعام ينفّر بهم على ثنيّة غزال (١) فتلقّى أحمالها فجمعوا الحِنَط (٢). فقال لقومه : لا يمسُّ أحد حبّة حتى تقولوا : لا إله إلا الله. فيقولون لا إله إلاّ الله ، ويأخذون الغرائر.

راجع (٣) طبقات ابن سعد (٤ / ١٦٥ ، ١٦٦) ، صحيح البخاري كتاب المناقب باب إسلام أبي ذر (٦ / ٢٤) ، صحيح مسلم كتاب المناقب (٧ / ١٥٦) ، دلائل النبوّة لأبي نعيم (٢ / ٨٦) ، حلية الأولياء له (١ / ١٥٩) ، مستدرك الحاكم (٣ / ٣٣٨) ، الاستيعاب (٢ / ٦٦٤).

__________________

(١) بينها وبين الجحفة ثلاثة أودية.

(٢) الحِنَط : جمع حنطة.

(٣) الطبقات الكبرى : ٤ / ٢٢٣ ـ ٢٢٥ ، صحيح البخاري : ٣ / ١٢٩٤ ح ٣٣٢٨ ، صحيح مسلم : ٥ / ٧٦ ح ١٣٢ ، دلائل النبوة : ١ / ٣٣٦ ح ١٩٧ ، المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٣٨٢ ح ٥٤٥٦ ، الاستيعاب : القسم الرابع / ١٦٥٣ رقم ٢٩٤٤.

٤٣٦

وأخرج أبو نعيم في الحلية (١ / ١٥٨) من طريق ابن عبّاس عن أبي ذر ، قال : أقمت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمكة فعلّمني الإسلام وقرأت من القرآن شيئاً ، فقلت : يا رسول الله إنّي أُريد أن أُظهر ديني. فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّي أخاف عليك أن تُقتل». قلت : لا بد منه وإن قُتلت. قال : فسكت عنّي ، فجئت وقريش حلق يتحدّثون في المسجد ، فقلت : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأنّ محمداً رسول الله. فانتقضت الحلق ، فقاموا فضربوني حتى تركوني كأنّي نصب أحمر ، وكانوا يرون أنّهم قد قتلوني. فأفقت فجئت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فرأى ما بي من الحال فقال لي : «ألم أنهك؟» فقلت : يا رسول الله كانت حاجة في نفسي فقضيتها ، فأقمت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «الحق بقومك فإذا بلغك ظهوري فأتِني».

وأخرج من طريق عبد الله بن الصامت قال : قال لي أبو ذر رضى الله عنه : قدمت مكة فقلت : أين الصابئ؟ فقالوا : الصابئ الصابئ. فأقبلوا يرمونني بكلّ عظم وحجر حتى تركوني مثل النصب الأحمر.

وأخرجه أحمد في المسند (١) (٥ / ١٧٤) بصورة مفصّلة ، ومسلم في المناقب (٢) ، والطبراني (٣) كما في مجمع الزوائد (٩ / ٣٢٨).

حديث علمه :

١ ـ أخرج ابن سعد في الطبقات الكبرى (٤) (٥ / ١٧٠) طبع ليدن من طريق زاذان سُئل عليّ عن أبي ذر فقال : «وعى علماً عجز فيه ، وكان شحيحاً حريصاً ، [شحيحاً] على دينه ، حريصاً على العلم ، وكان يكثر السؤال فيُعطى ويُمنَع ، أما أن قد

__________________

(١) مسند أحمد : ٦ / ٢٢١ ح ٢١٠١٥.

(٢) صحيح مسلم : ٥ / ٧٢ ح ١٣٢.

(٣) المعجم الأوسط : ٣ / ٣٦٧ ح ٢٧٨٥.

(٤) الطبقات الكبرى : ٤ / ٢٣٢. وما بين المعقوفين منه.

٤٣٧

ملئ له في وعائه حتى امتلأ».

وقال أبو عمر : روى عنه جماعة من الصحابة وكان من أوعية العلم المبرّزين في الزهد والورع والقول بالحقّ ، سُئل عليّ عن أبي ذر فقال : «ذلك رجل وعى علماً عجز عنه الناس ، ثمّ أوكأ فيه فلم يُخرج شيئاً منه». الاستيعاب (١) (١ / ٨٣ و ٢ / ٦٦٤).

وحديث عليّ عليه‌السلام ذكره ابن الأثير في أُسد الغابة (٢) (٥ / ١٨٦) ، والمناوي في شرح الجامع الصغير (٥ / ٤٢٣) ولفظه : «وعاء ملئ علماً ثمّ أوكأ عليه» ، وابن حجر في الإصابة (٤ / ٦٤) وقال : أخرجه أبو داود بسند جيّد.

٢ ـ أخرج (٣) المحاملي في أماليه والطبراني من طريق أبي ذر قال : ما ترك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئاً ممّا صبّه جبرئيل وميكائيل في صدره إلاّ وقد صبّه في صدري. الحديث. مجمع الزوائد (٩ / ٣٣٠) ، الإصابة (٣ / ٤٨٤).

قال أبو نعيم في الحلية (١ / ١٥٦) : العابد الزهيد ، القانت الوحيد ، رابع الإسلام ورافض الأزلام قبل نزول الشرع والأحكام ، تعبّد قبل الدعوة بالشهور والأعوام ، وأوّل من حيّا الرسول بتحيّة الإسلام ، لم يكن تأخذه في الحقّ لائمة اللوّام ، ولا تفزعه سطوة الولاة والحكّام ، أوّل من تكلّم في علم البقاء والفناء (٤) ، وثبت على المشقّة والعناء ، وحفظ العهود والوصايا ، وصبر على المحن والرزايا ، واعتزل مخالطة البرايا ، إلى أن حلّ بساحة المنايا ؛ أبو ذر الغفار يرضى الله عنه. خدم الرسول ، وتعلّم الأُصول ، ونبذ الفضول.

__________________

(١) الاستيعاب : القسم الاول / ٢٥٥ رقم ٣٣٩ ، والقسم الرابع / ١٦٥٥ رقم ٢٩٤٤. وفيه : ثم أوكأ عليه.

(٢) أُسد الغابة : ٦ / ١٠١ رقم ٥٨٦٢.

(٣) أمالي المحاملي : ص ١٠٠ ـ ١٠١ ح ٦٠ ، المعجم الكبير : ٢ / ١٤٩ ح ١٦٢٤.

(٤) هذه الكلمة غير موجودة في المصدر.

٤٣٨

وفي (ص ١٦٩) : قال الشيخ رحمه‌الله تعالى : كان أبو ذر رضي الله تعالى عنه للرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ملازماً وجليساً ، وعلى مساءلته والاقتباس منه حريصاً ، وللقيام على ما استفاد منه أنيساً ، سأله عن الأُصول والفروع ، وسأله عن الإيمان والإحسان ، وسأله عن رؤية ربّه تعالى ، وسأله عن أحبّ الكلام إلى الله تعالى ، وسأله عن ليلة القدر أترفع مع الأنبياء أم تبقى؟ وسأله عن كلّ شيء حتى [عن] (١) مسّ الحصى في الصلاة. ثمّ أخرج من طريق عبد الرحمن بن أبي ليلى عن أبي ذر قال : سألت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن كلّ شيء حتى سألته عن مسّ الحصى. فقال : «مسّه مرّة أودع».

وأخرج أحمد في المسند (٢) (٥ / ١٦٣) عن أبي ذر قال : سألت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عن كلّ شيء حتى سألته عن مسح الحصى فقال : «واحدة أو دع».

وقال ابن حجر في الإصابة (٤ / ٦٤) : كان يوازي ابن مسعود في العلم.

حديث صدقه وزهده :

١ ـ أخرج ابن سعد والترمذي من طريق عبد الله بن عمرو بن العاص ، وعبد الله بن عمر ، وأبي الدرداء مرفوعاً : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء أصدق من أبي ذر».

وأخرج الترمذي بلفظ : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق ولا أوفى من أبي ذر ، شبه عيسى بن مريم». فقال عمر بن الخطّاب كالحاسد : يا رسول الله أفنعرّف ذلك له؟ قال : «نعم فاعرفوه له».

وفي لفظ الحاكم : «ما تقلُّ الغبراء ولا تظلُّ الخضراء من ذي لهجة أصدق

__________________

(١) من الحلية.

(٢) مسند أحمد : ٦ / ٢٠٥ ح ٢٠٩٣٥.

٤٣٩

ولا أوفى من أبي ذر شبيه عيسى بن مريم». فقام عمر بن الخطّاب فقال : يا رسول الله فنعرف ذلك له؟ قال : «نعم فاعرفوه له».

وفي لفظ ابن ماجة من طريق عبد الله بن عمرو : «ما أظلّت الخضراء ، ولا أقلّت الغبراء بعد النبيّين أصدق من أبي ذر».

وفي لفظ أبي نعيم من طريق أبي ذر : «ما تظلُّ الخضراء ولا تقلُّ الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر شبيه ابن مريم».

وفي لفظ ابن سعد من طريق أبي هريرة : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، من سرّه أن ينظر إلى تواضع عيسى بن مريم فلينظر إلى أبي ذر».

وفي لفظ لأبي نعيم : «أشبه الناس بعيسى نسكاً وزهداً وبرّا».

وفي لفظٍ من طريق الهجنع بن قيس : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر ثمّ رجل بعدي ، من سرّه أن ينظر إلى عيسى بن مريم زهداً وسمتاً فلينظر إلى أبي ذر».

وفي لفظٍ من طريق عليّ عليه‌السلام : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر ، يطلب شيئاً من الزهد عجز عنه الناس».

وفي لفظٍ من طريق أبي هريرة : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر ؛ فإذا أردتم أن تنظروا إلى أشبه الناس بعيسى بن مريم هدياً وبرّا ونسكاً فعليكم به».

وفي لفظٍ من طريق أبي الدرداء : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت الغبراء من ذي لهجة أصدق من أبي ذر».

وفي لفظ ابن سعد من طريق مالك بن دينار : «ما أظلّت الخضراء ولا أقلّت

٤٤٠