الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٨

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٨

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي
المطبعة: محمّد
الطبعة: ٥
الصفحات: ٥٤٠

الدماء وينهاه عن فتياه؟ غير أنّه يفتي بما هو لدة رأيه الأوّل في البعد عن السنّة ، ويسكت عنه الزبير وأناس نهوا الخليفة عمّا ارتآه أوّلاً ، واكتفوا بحقن دم المسلم وما راقهم مخالفة الخليفة مرّة ثانية ، وهذه النصوص النبويّة صريحة في أنّ المسلم لا يُقتل بالكافر ، وأنّ عقل الكتابي الذمّي نصف عقل المسلم ، وإليك لفظ تلكم النصوص في المسألتين :

أمّا الأولى منهما فقد جاء :

١ ـ عن أبي جحيفة قال : قلت لعليّ بن أبي طالب : هل عندكم شيء من العلم ليس عند الناس؟ قال : لا والله ما عندنا إلاّ ما عند الناس ، إلاّ أن يرزق الله رجلاً فهماً من القرآن أو ما في هذه الصحيفة ، فيها الديات عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأن لا يُقتل مسلم بكافر.

وفي لفظ الشافعي : لا يقتل مؤمن بكافر. فقال : لا يُقتل مؤمن عبد ولا حرّ ولا امرأة بكافر في حال أبدا ، وكلّ من وصف الإيمان من أعجميّ وأبكم يعقل ويشير بالإيمان ويصلّي فقتل كافراً فلا قود عليه ، وعليه ديته في ماله حالة ، وسواء أكثر القتل في الكفار أو لم يكثر ، وسواء قتل كافراً على مال يأخذه منه أو على غير مال ، لا يحلّ ـ والله أعلم ـ قتل مؤمن بكافر بحال في قطع طريق ولا غيره.

راجع (١) : صحيح البخاري (١٠ / ٧٨) ، سنن الدارمي (٢ / ١٩٠) ، سنن ابن ماجة (٢ / ١٤٥) ، سنن النسائي (٨ / ٢٣) ، سنن البيهقي (٨ / ٢٨) ، صحيح الترمذي (١ / ١٦٩) ، مسند أحمد (١ / ٧٩) ، كتاب الأُم للشافعي (٦ / ٣٣ ، ٩٢) ، أحكام القرآن للجصّاص (١ / ١٦٥) ، الاعتبار لابن حازم (ص ١٩٠) ، تفسير ابن كثير (١ / ٢١٠) فقال : ذهب

__________________

(١) صحيح البخاري : ٦ / ٢٥٣٤ ح ٦٥١٧ ، سنن ابن ماجة : ٢ / ٨٨٧ ح ٢٦٥٨ ، السنن الكبرى ٤ / ٢٢٠ ح ٦٩٤٦ ، سنن الترمذي : ٤ / ١٧ ح ١٤١٢ ، مسند أحمد : ١ / ١٢٨ ح ٦٠٠ ، كتاب الأُم : ٦ / ٣٨ ، ١٠٥ ، أحكام القرآن : ١ / ١٤٢ ، الاعتبار : ص ٤٥٣.

٢٤١

الجمهور إلى أنّ المسلم لا يُقتل بالكافر لما ثبت في البخاري عن عليّ قال : «قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لا يُقتل مسلم بكافر». ولا يصح حديث ولا تأويل يخالف هذا ، وأمّا أبو حنيفة فذهب إلى أنّه يُقتل به لعموم آية المائدة.

قال الأميني : يعني من آية المائدة قوله تعالى : (وَكَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَالْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَالْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَالسِّنَّ بِالسِّنِّ وَالْجُرُوحَ قِصاصٌ) (١). وقد خفي على المجتهد تجاه النصوص الصحيحة الثابتة أنّ عموم الآية لا يأباها عن التخصيص ، وقد خصّصها هو نفسه بمخصّصات. أجاب عن هذا الاستدلال الواهي كثير من الفقهاء وفي مقدّمهم الإمام الشافعي ، قال في كتاب الأُم (٢) (٧ / ٢٩٥) في مناظرة وقعت بينه وبين بعض أصحاب أبي حنيفة : قلنا : فلسنا نريد أن نحتجّ عليك بأكثر من قولك إنّ هذه الآية عامّة ، فزعمت أنّ فيها خمسة أحكام مفردة وحكماً سادساً جامعاً ، فخالفت جميع الأربعة الأحكام التي بعد الحكم الأوّل والحكم الخامس والسادس جماعتها (٣) في موضعين : في الحرّ يقتل العبد. والرجل يقتل المرأة. فزعمت أن عينه ليس بعينها ولا عين العبد ، ولا أنفه بأنفها ولا أنف العبد ، ولا أُذنه بأُذنها ، ولا أُذن العبد ، ولا سنّه بسنّها ولا سنّ العبد ، ولا جروحه كلّها بجروحها ولا جروح العبد ، وقد بدأت أوّلاً بالذي زعمت أنّك أخذت به فخالفته في بعض ووافقته في بعض ، فزعمت أنّ الرجل يقتل عبده فلا تقتله به ، ويقتل ابنه فلا تقتله به ، ويقتل المستأمن فلا تقتله به ، وكلّ هذه نفوس محرّمة.

قال ـ يعني المدافع عن أبي حنيفة ـ : اتّبعت في هذا أثراً. قلنا : فتخالف الأثر الكتاب؟ قال : لا. قلنا : فالكتاب إذاً على غير ما تأوّلت ، فلم فرّقت بين أحكام الله عزّ وجلّ على ما تأوّلت؟ قال بعض من حضره : دع هذا فهو يلزمه كلّه.

__________________

(١) المائدة : ٤٥.

(٢) كتاب الأُم : ٧ / ٣٢٥.

(٣) كذا في المصدر.

٢٤٢

قال : والآية الأُخرى : قال الله عزّ وجلّ : (وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُوماً فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً فَلا يُسْرِفْ فِي الْقَتْلِ) (١) دلالة على أنّ من قُتل مظلوماً فلوليّه أن يقتل قاتله. قيل له : فيُعاد عليك ذلك الكلام بعينه في الابن يقتله أبوه ، والعبد يقتله سيده ، والمستأمن يقتله المسلم.

قال : فلي من كلّ هذه مخرج. قلت : فاذكر مخرجك. قال : إنّ الله تبارك وتعالى لمّا جعل الدم إلى الوليّ كان الأب وليّا فلم يكن له أن يقتل نفسه. قلنا : أفرأيت إن كان له ابن بالغ أتخرج الأب من الولاية وتجعل للابن أن يقتله؟ قال : لا أفعل. قلت : فلا تخرجه بالقتل من الولاية؟ قال : لا. قلت : فما تقول في ابن عمّ لرجل قتله وهو وليّه ووارثه لو لم يقتله وكان له ابن عمّ هو أبعد منه ، أفتجعل للأبعد أن يقتل الأقرب؟ قال : نعم. قلنا : ومن أين وهذا وليّه وهو قاتل؟ قال : القاتل يخرج بالقتل من الولاية. قلنا : والقاتل يخرج بالقتل من الولاية؟ قال : نعم. قلنا : فلم لم تخرج الأب من الولاية وأنت تخرجه من الميراث؟ قال : اتّبعت في الأب الأثر. قلنا : فالأثر يدلّك على خلاف ما قلت. قال : فاتّبعت فيه الإجماع. قلنا : فالإجماع يدلّك على خلاف ما تأوّلت فيه القرآن ، فالعبد يكون له ابن حرّ فيقتله مولاه أيخرج القاتل من الولاية ويكون لابنه أن يقتل مولاه؟ قال : لا ، بالإجماع. قلت : فالمستأمن يكون معه ابنه أيكون له أن يقتل المسلم الذي قتله؟ قال : لا ، بالإجماع. قلت : أفيكون الإجماع على خلاف الكتاب؟ قال : لا. قلنا : فالإجماع إذاً يدلّك على أنّك قد أخطأت في تأويل كتاب الله عزّ وجلّ ، وقلنا له : لم يجمع معك أحد على أن لا يقتل الرجل بعبده إلاّ من مذهبه أن لا يُقتل الحرّ بالعبد ولا يُقتل المؤمن بالكافر ، فكيف جعلت إجماعهم حجّة ، وقد زعمت أنّهم أخطأوا في أصل ما ذهبوا إليه؟ والله أعلم.

٢ ـ عن قيس بن عباد قال : انطلقت أنا والأشتر إلى عليّ فقلنا : هل عهد إليك

__________________

(١) الإسراء : ٣٣.

٢٤٣

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شيئاً لم يعهده إلى الناس عامّة؟ قال : لا إلاّ ما في كتابي هذا. فأخرج كتاباً فإذا فيه : لا يقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده.

أخرجه (١) : أبو عاصم في الديات (ص ٢٧) ، وأحمد في المسند (١ / ١١٩ ، ١٢٢) ، وأبو داود في سننه (٢ / ٢٤٩) ، والنسائي في سننه (٨ / ٢٤) ، والبيهقي في السنن الكبرى (٨ / ٢٩ ، ١٩٤) ، والجصّاص في أحكام القرآن (١ / ٦٥) ، وابن حازم في الاعتبار (ص ١٨٩) ، وذكره الشوكاني في نيل الأوطار (٧ / ١٥٢) وقال :

هو دليل على أنّ المسلم لا يُقاد بالكافر ، أمّا الكافر الحربيّ فذلك إجماع كما حكاه البحر. وأمّا الذمّي فذهب إليه الجمهور لصدق اسم الكافر عليه ، وذهب الشعبي والنخعي وأبو حنيفة وأصحابه إلى أنّه يُقتل المسلم بالذميّ. ثمّ بسط القول في أدلّتهم وزيّفها بأحسن بيان. فراجع.

٣ ـ عن عائشة قالت : وجد في قائم سيف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كتابان وفي أحدهما : «لا يُقتل مسلم بكافر ولا ذو عهد في عهده».

أخرجه أبو عاصم في الديات (ص ٢٧) ، والبيهقي في سننه الكبرى (٨ / ٣٠).

٤ ـ عن معقل بن يسار مرفوعاً : «لا يُقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عهد في عهده ، والمسلمون يد على من سواهم تتكافأ دماؤهم».

أخرجه البيهقي في السنن الكبرى (٨ / ٣٠).

٥ ـ عن ابن عبّاس مرفوعاً : «لا يُقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عهد في عهده».

أخرجه ابن ماجة في سننه (٢) (٢ / ١٤٥).

__________________

(١) مسند أحمد : ١ / ١٩١ ح ٩٦٢ ، ص ١٩٦ ح ٩٩٤ ، سنن أبي داود : ٤ / ١٨٠ ح ٤٥٣٠ ، السنن الكبرى : ٤ / ٢٢٠ ح ٦٩٤٨ ، أحكام القرآن : ١ / ١٤٢ ، الاعتبار : ص ٤٥١ ، نيل الأوطار : ٧ / ١٠.

(٢) سنن ابن ماجة : ٢ / ٨٨٨ ح ٢٦٦٠.

٢٤٤

٦ ـ عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جدّه عبد الله بن عمرو بن العاصي مرفوعاً : «لا يُقتل مسلم بكافر».

وفي لفظ أحمد : «لا يُقتل مؤمن بكافر ولا ذو عهد في عهده».

أخرجه (١) : أبو عاصم الضحّاك في الديات (ص ٥١) ، وأبو داود في سننه (٢ / ٢٤٩) ، وأحمد في مسنده (٢ / ٢١١) ، والترمذي في سننه (١ / ١٦٩) ، وابن ماجة في سننه (٢ / ١٤٥) ، والجصّاص في أحكام القرآن (١ / ١٦٩) بلفظ أحمد ، وذكره الشوكاني في نيل الأوطار (٧ / ١٥٠) فقال : رجاله رجال الصحيح. وقال في (ص ١٥٢):

هذا في غاية الصحّة فلا يصحّ عن أحد من الصحابة شيء غير هذا إلاّ ما رويناه عن عمر أنّه كتب في مثل ذلك أن يُقاد به ثمّ ألحقه كتاباً فقال : لا تقتلوه ولكن اعتقلوه (٢).

٧ ـ عن عمران بن الحصين مرفوعاً : «لا يُقتل مؤمن بكافر».

قال الشافعي في كتاب الأُم (٣) (٦ / ٣٣): سمعت عدداً من أهل المغازي ، وبلغني عن عدد منهم أنّه كان في خطبة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الفتح : «لا يُقتل مؤمن بكافر». وبلغني عن عمران بن الحصين رضي الله تعالى عنه أنّه روى ذلك عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

أخبرنا مسلم بن خالد عن ابن أبي حسين ، عن مجاهد وعطاء وأحسب طاوساً والحسن أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال في خطبة عام الفتح : «لا يُقتل مؤمن بكافر».

وأخرجه البيهقي في السنن (٨ / ٢٩) فقال : قال الشافعي رحمه‌الله : وهذا عامّ

__________________

(١) سنن أبي داود : ٤ / ١٨١ ح ٤٥٣٠ ، مسند أحمد : ٢ / ٤٢٦ ح ٦٩٣١ ، سنن الترمذي : ٤ / ١٨ ح ١٤١٣ ، سنن ابن ماجة : ٢ / ٨٨٨ ح ٢٦٦٦٠ ، أحكام القرآن : ١ / ١٤٢ ، نيل الأوطار : ٧ / ١٠ ، ١١.

(٢) أسلفنا في : ٦ / ١٣٣ ، ١٣٤ ما يعرب عن عدم وقوف الخليفة على حكم المسألة. (المؤلف)

(٣) كتاب الأُم : ٦ / ٣٨.

٢٤٥

عند أهل المغازي أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تكلّم به في خطبته يوم الفتح ، وهو يروي عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مسنداً من حديث عمرو بن شعيب وحديث عمران بن الحصين.

وذكره الشوكاني في نيل الأوطار (١) (٧ / ١٥٣) فقال : إنّ السبب في خطبته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الفتح بقوله : «لا يُقتل مسلم بكافر». ما ذكره الشافعي في الأُم (٢) ، حيث قال : وخطبته يوم الفتح كانت بسبب القتيل الذي قتلته خزاعة وكان له عهد فخطب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «لو قتلت مسلماً بكافر لقتلته به». وقال : «لا يُقتل مؤمن بكافر». إلخ.

٨ ـ عن عبد الله بن عمر مرفوعاً : «لا يُقتل مؤمن بكافر ، ولا ذو عهد في عهده».

أخرجه الجصّاص في أحكام القرآن (٣) (١ / ١٦٥).

أمّا الثانية ففيها :

عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جدّه : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قضى أنّ عقل أهل الكتابين نصف عقل المسلمين وهم اليهود والنصارى (٤).

وفي لفظ أبي داود : كانت قيمة الدية على عهد رسول الله ثمانمائة دينار أو ثمانية آلاف درهم ، ودية أهل الكتاب يومئذٍ النصف من دية المسلمين ، قال : فكان ذلك كذلك حتى استخلف عمر فقام خطيباً فقال : إنّ الإبل قد غلت. [قال :] (٥) ففرضها

__________________

(١) نيل الأوطار : ٧ / ١٢.

(٢) كتاب الأُم : ٧ / ٣٢١.

(٣) أحكام القرآن : ١ / ١٤٢.

(٤) سنن ابن ماجة : ٢ / ١٤٢ [٢ / ٨٨٣ ح ٢٦٤٤] ، سنن النسائي : ٨ / ٤٥ [٤ / ٢٣٥ ح ٧٠٠٩]. (المؤلف)

(٥) من المصدر.

٢٤٦

عمر على أهل الذهب ألف دينار. الحديث. سنن أبي داود (١) (٢ / ٢٥١).

وفي لفظ آخر لأبي داود : دية المعاهد نصف دية الحرّ (٢ / ٢٥٧).

وفي لفظ أبي عاصم الضحّاك في الديات (ص ٥١) : دية الكافر على النصف من دية المسلم ، ولا يُقتل مسلم بكافر.

قال الخطابي في شرح سنن ابن ماجة في ذيل الحديث (٢ / ١٤٢) : ليس في دية أهل الكتاب شيء أثبت من هذا ، وإليه ذهب مالك وأحمد ، وقال أصحاب أبي حنيفة : ديته كدية المسلم. وقال الشافعي : ثلث دية المسلم. والوجه الأخذ بالحديث ولا بأس بإسناده.

وأخرج النسائي في سننه (٢) (٨ / ٤٥) من طريق عبد الله بن عمر [وابن العاص] (٣) مرفوعاً : «عقل الكافر نصف عقل المؤمن». وأخرجه الترمذي في سننه (٤) (١ / ١٦٩).

هذه سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإليها ذهب الجمهور ، وعليها جرت الفقهاء من المذاهب ، غير أنّ لأبي حنيفة شذوذاً عنها في المسألتين أخذاً بما يعرب عن قصوره عن فهم السنّة ، وعرفان الحديث ، وفقه الكتاب ، وقد ذكر غير واحد من أعلام المذاهب أدلّته في المقامين وزيّفها ، وبسط القول في بطلانها ، وحسبك في المقام كلمة الإمام الشافعي في كتاب الأُم (٥) (٧ / ٢٩١) فإنّه فصّل القول فيها تفصيلاً وجاء بفوائد جمّة. فراجع. وعمدة ما ركن إليه أبو حنيفة في المسألة الأولى تجاه تلكم الصحاح

__________________

(١) سنن أبي داود : ٤ / ١٨٤ ح ٤٥٤٢ ، ص ١٩٤ ح ٤٥٨٣.

(٢) السنن الكبرى : ٤ / ٢٣٥ ح ٧٠١٠.

(٣) من المصدرين.

(٤) سنن الترمذي : ٤ / ١٨ ح ١٤١٣.

(٥) كتاب الأُم : ٧ / ٣٢٠.

٢٤٧

مرسلة عبد الرحمن بن البيلماني ، وقد ضعّفها الدارقطني (١) وابن حازم في الاعتبار (٢) (ص ١٨٩) وغيرهما ، وذكر البيهقي في سننه (٨ / ٣٠) : باب بيان ضعف الخبر الذي روي في قتل المؤمن بالكافر. وذكر لها طرقاً وزيّفها بأسرها.

ـ ١٣ ـ

رأي الخليفة في القراءة

قال ملك العلماء في بدائع الصنائع (١ / ١١١) : إنّ عمر رضى الله عنه ترك القراءة في المغرب في إحدى الأُوليين فقضاها في الركعة الأخيرة وجهر ، وعثمان رضى الله عنه ترك القراءة في الأوليين من صلاة العشاء فقضاها في الأُخريين وجهر.

وقال في صفحة (١٧٢) : روي عن عمر رضى الله عنه أنّه ترك القراءة في ركعة من صلاة المغرب فقضاها في الركعة الثالثة وجهر. وروي عن عثمان رضى الله عنه أنّه ترك السورة في الأُوليين فقضاها في الأُخريين وجهر.

قال الأميني : إنّ ما ارتكبه الخليفتان مخالف للسنّة من ناحيتين ، الأولى : الاجتزاء بركعة لا قراءة فيها. والثانية : تكرير الحمد في الأخيرة أو الأُخريين بقضاء الفائتة مع صاحبة الركعة ، وكلاهما خارجان عن السنّة الثابتة لا يجتزأ بالصلاة التي يكونان فيها ، أمّا الناحية الأولى فإليك نبذة ممّا ورد فيها :

١ ـ عن عبادة بن الصامت مرفوعاً : «لا صلاة لمن لم يقرأ بأمّ القرآن فصاعداً».

وفي لفظ : «لا صلاة لمن لم يقرأ بفاتحة الكتاب إمام أو غير إمام».

وفي لفظ الدارمي : «من لم يقرأ بأمّ الكتاب فلا صلاة له».

__________________

(١) سنن الدارقطني : ٣ / ١٣٥ ح ١٦٥.

(٢) الاعتبار : ص ٤٥٢.

٢٤٨

راجع (١) : صحيح البخاري (١ / ٣٠٢) ، صحيح مسلم (١ / ١٥٥) ، صحيح أبي داود (١ / ١٣١) ، سنن الترمذي (١ / ٣٤ ، ٤١) ، سنن النسائي (٢ / ١٣٧ ، ١٣٨) ، سنن الدارمي (١ / ٢٨٣) ، سنن ابن ماجة (١ / ٢٧٦) ، سنن البيهقي (٢ / ٣٨ ، ٦١ ، ١٦٤) ، مسند أحمد (٥ / ٣١٤ ، ٣٢١) ، كتاب الأُمّ (١ / ٩٣) ، المحلّى لابن حزم (٣ / ٢٣٦) ، المصابيح للبغوي (١ / ٥٧) وصحّحه ، المدوّنة الكبرى (١ / ٧٠).

٢ ـ عن أبي هريرة مرفوعاً : «لا صلاة لمن لا يقرأ فيها بأمّ القرآن فهي خداج ، فهي خداج ، فهي خداج ، غير تمام».

وفي لفظ : «من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب ، فهي خداج ـ ثلاثاً ـ غير تمام».

وفي لفظ الشافعي : «كلّ صلاة لم يقرأ فيها بأمّ القرآن فهي خداج». الحديث.

وفي لفظ أحمد : «أيّما صلاة لا يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج ، ثمّ هي خداج ، ثمّ هي خداج».

راجع (٢) : مسند أحمد (٢ / ٢٤١ ، ٢٨٥) ، كتاب الأُمّ للشافعي (١ / ٩٣) ، موطّأ مالك (١ / ٨١) المدوّنة الكبرى (١ / ٧٠) ، صحيح مسلم (١ / ١٥٥ ، ١٥٦) ، سنن أبي داود (١ / ١٣٠) ، سنن ابن ماجة (١ / ٢٧٧) ، سنن الترمذي (١ / ٤٢) ، سنن النسائي (٢ / ١٣٥) ،

__________________

(١) صحيح البخاري : ١ / ٢٦٣ ح ٧٢٣ ، صحيح مسلم : ١ / ٣٧٥ ح ٣٤ كتاب الصلاة ، سنن أبي داود : ١ / ٢١٧ ح ٨٢٢ ، سنن الترمذي : ٢ / ٢٥ ح ٢٤٧ ، السنن الكبرى : ١ / ٣١٦ ح ٩٨٢ ـ ٩٨٣ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٢٧٣ ح ٨٣٧ ، مسند أحمد : ٦ / ٤٢٧ ح ٢٢١٦٩ ، ص ٤٣٩ ح ٢٢٢٣٧ ، كتاب الأُم : ١ / ١٠٧ ، مصابيح السنّة : ١ / ٣١٩ ح ٥٧٧ ، المدوّنة الكبرى : ١ / ٦٧.

(٢) مسند أحمد : ٢ / ٤٧٩ ح ٧٢٤٩ ، ص ٥٥٥ ح ٧٧٧٧ ، كتاب الأُم : ١ / ١٠٧ ، موطّأ مالك : ١ / ٨٤ ح ٣٩ ، المدوّنة الكبرى : ١ / ٦٨ ، صحيح مسلم : ١ / ٣٧٥ ـ ٣٧٧ ح ٣٨ ـ ٤١ كتاب الصلاة ، سنن أبي داود : ١ / ٢١٦ ح ٨٢١ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٢٧٣ ح ٨٣٨ ، سنن الترمذي : ٢ / ١٢١ ح ٣١٢ ، السنن الكبرى : ٦ / ٢٨٣ ح ١٠٩٨٢ ، مصابيح السنّة ١ / ٣١٩ ح ٥٧٨.

٢٤٩

سنن البيهقي (٢ / ٣٨ ، ٣٩ ، ٤٠ ، ١٥٩ ، ١٦٧) ، مصابيح السنّة (١ / ٥٧).

٣ ـ عن أبي هريرة قال : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أمره أن يخرج فينادي : لا صلاة إلاّ بقراءة فاتحة الكتاب. فما زاد.

أخرجه (١) أحمد في المسند (٢ / ٤٢٨) ، الترمذي في صحيحه (١ / ٤٢) ، أبو داود في سننه (١ / ١٣٠) ، البيهقي في سننه (٢ / ٣٧ ، ٥٩) ، والحاكم في المستدرك (١ / ٢٣٩) وقال : صحيح لا غبار عليه.

٤ ـ عن عائشة مرفوعاً : «من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأمّ القرآن فهي خداج».

أخرجه (٢) أحمد في مسنده (٦ / ١٤٢ ، ٢٧٥) ، وابن ماجة في سننه (١ / ٢٧٧). ويوجد في كنز العمّال (٤ / ٩٥ ، ٩٦) من طريق عائشة ، وابن عمر ، وعليّ ، وأبي أمامة نقلاً عن أحمد ، وابن ماجة ، والبيهقي ، والخطيب ، وابن حبّان ، وابن عساكر ، وابن عدي.

٥ ـ عن أبي سعيد الخدري مرفوعاً : «لا صلاة لمن لم يقرأ في كلّ ركعة الحمد وسورة في فريضة أو غيرها» (٣). صحيح الترمذي (١ / ٣٢) ، سنن ابن ماجة (١ / ٢٧٧) ، كنز العمّال (٥ / ٩٥).

٦ ـ عن أبي سعيد قال : أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن نقرأ بفاتحة الكتاب وبما تيسّر (٤)

__________________

(١) مسند أحمد : ٣ / ١٦٣ ح ٩٢٤٥ ، سنن الترمذي : ٢ / ١٢١ ح ٣١٢ ، سنن أبي داود : ١ / ٢١٦ ح ٨٢٠ ، المستدرك على الصحيحين : ١ / ٣٦٥ ح ٨٧٢.

(٢) مسند أحمد : ٧ / ٢٠٥ ح ٢٤٥٧٥ ، ص ٣٩١ ح ٢٥٨٢٤ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٢٧٤ ح ٨٤٠ ، كنز العمّال : ٧ / ٤٣٧ ح ١٩٦٦٣ ، ص ٤٣٨ ح ١٩٦٦٨ ، سنن البيهقي : ٢ / ١٦٧ ، الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان : ٥ / ٨٤ ح ١٧٨٤ ، الكامل في ضعفاء الرجال : ٦ / ٢٨٤ رقم ١٧٦٩.

(٣) سنن الترمذي : ٢ / ٣ ح ٢٣٨ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٢٧٤ ح ٨٣٩ ، كنز العمّال : ٧ / ٤٣٧ ح ١٩٦٦٦.

(٤) سنن أبي داود : ١ / ٢١٦ ح ٨١٨ ، تيسير الوصول : ٢ / ٢٧٢. وانظر كنز العمّال : ٨ / ١١٢ ح ٢٢١٤١.

٢٥٠

سنن البيهقي (٢ / ٦٠) ، سنن أبي داود (١ / ١٣٠) ، تيسير الوصول (٢ / ٢٢٣).

٧ ـ عن أبي قتادة قال : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقرأ في الركعتين الأُوليين من الظهر والعصر بفاتحة الكتاب وسورة ، وفي الأُخريين بفاتحة الكتاب.

وفي لفظ لمسلم وأبي داود : كان يصلّي بنا فيقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأُوليين بفاتحة الكتاب وسورتين.

راجع (١) : صحيح البخاري (٢ / ٥٥) ، صحيح مسلم (١ / ١٧٧) ، سنن الدارمي (١ / ٢٩٦) ، سنن أبي داود (١ / ١٢٨) ، سنن النسائي (٢ / ١٦٥ ، ١٦٦) ، سنن ابن ماجة (١ / ٢٧٥) ، سنن البيهقي (٢ / ٥٩ ، ٦٣ ، ٦٦ ، ١٩٣) ، مصابيح السنّة (١ / ٥٧) وصحّحه.

٨ ـ عن سمرة بن جندب قال : حفظت سكتتين في الصلاة. وفي لفظ : حفظت سكتتين عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : سكتة إذا كبّر الإمام حتى يقرأ ، وسكتة إذا فرغ من فاتحة الكتاب وسورة عند الركوع (٢).

سنن أبي داود (١ / ١٢٤) ، صحيح الترمذي (١ / ٣٤) ، سنن الدارمي (١ / ٢٨٣) ، سنن ابن ماجة (١ / ٢٧٨) ، سنن البيهقي (٢ / ١٩٦) ، مستدرك الحاكم (١ / ٢١٥) ، مصابيح السنّة (١ / ٥٦) ، تيسير الوصول (٢ / ٢٢٩).

٩ ـ عن رفاعة بن رافع قال : جاء رجل يصلّي في المسجد قريباً من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ جاء فسلّم على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال له النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أعد صلاتك

__________________

(١) صحيح البخاري : ١ / ٢٧٠ ح ٧٤٥ ، صحيح مسلم : ١ / ٤٢٠ ح ١٥٤ كتاب الصلاة ، سنن أبي داود : ١ / ٢١٢ ح ٧٩٨ ، السنن الكبرى : ١ / ٣٣٦ ح ١٠٤٩ ـ ١٠٥٠ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٢٧١ ح ٨٢٩ ، مصابيح السنّة : ١ / ٣٢١ ح ٨٥٢.

(٢) سنن أبي داود : ١ / ٢٠٦ ح ٧٧٧ ، سنن الترمذي : ٢ / ٣١ ح ٢٥١ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٢٧٥ ح ٨٤٥ ، المستدرك على الصحيحين : ١ / ٣٣٥ ح ٧٨٠ ، مصابيح السنّة : ١ / ٣١٨ ح ٥٧٥ ، تيسير الوصول : ٢ / ٢٧٩.

٢٥١

فإنّك لم تصلّ». فعاد فصلّى كنحو ممّا صلّى ، فقال النبيّ ، صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أعد صلاتك فإنّك لم تصلّ». فقال : علّمني يا رسول الله كيف أُصلّي؟ قال : «إذا توجّهت إلى القبلة فكبّر ثمّ اقرأ بأمّ القرآن وما شاء الله أن تقرأ ، فإذا ركعت فاجعل راحتيك على ركبتيك ومكّن ركوعك وامدد ظهرك فإذا رفعت فأقم صلبك ، وارفع رأسك حتى ترجع العظام إلى مفاصلها ، فإذا سجدت فمكّن سجودك ، فإذا رفعت فاجلس على فخذك اليسرى ، ثمّ اصنع ذلك في كلّ ركعة وسجدة حتى تطمئنّ» وفي لفظ أحمد : «فإذا أتممت صلاتك على هذا فقد أتممتها ، وما انتقصت من هذا من شيء فإنّما تنقصه من صلاتك» (٣).

سنن أبي داود (١ / ١٣٧) ، سنن البيهقي (٢ / ٣٤٥) ، مسند أحمد (٤ / ٣٤٠) ، كتاب الأُم للشافعي (١ / ٨٨) ، مستدرك الحاكم (١ / ٢٤١ ، ٢٤٢) ، المحلّى لابن حزم (٣ / ٢٥٦).

وأخرج البخاري مثله من طريق أبي هريرة في صحيحه (١ / ٣١٤) ، وكذلك مسلم في صحيحه (١ / ١١٧) ، وذكره البيهقي في سننه (٢ / ٣٧ ، ٦٢ ، ١٢٢) نقلاً عن الشيخين.

١٠ ـ عن وائل بن حجر قال : شهدت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأُتي بإناء ـ إلى أن قال : فدخل في المحراب فصفّ الناس خلفه وعن يمينه وعن يساره ثمّ رفع يديه حتى حاذتا شحمة أذنيه ، ثمّ وضع يمينه على يساره وعند صدره ، ثمّ افتتح القراءة فجهر بالحمد ، ثمّ فرغ من سورة الحمد فقال : آمين. حتى سمع من خلفه ، ثمّ قرأ سورة أخرى ، ثمّ رفع يديه بالتكبير حتى حاذتا بشحمة أُذنيه ، ثمّ ركع فجعل يديه على ركبتيه ـ إلى أن قال : ثمّ صلّى أربع ركعات يفعل فيهنّ ما فعل في هذه. مجمع الزوائد (٢ / ١٣٤).

١١ ـ عن عبد الرحمن بن أبزي قال : ألا أريكم صلاة رسول الله؟ فقلنا : بلى.

__________________

(٣) سنن أبي داود : ١ / ٢٢٧ ح ٨٥٩ ، مسند أحمد : ٥ / ٤٤٩ ح ١٨٥١٨ ، كتاب الأُم : ١ / ١١٠ ، المستدرك على الصحيحين : ١ / ٣٦٨ ح ٨٨١ ، ص ٣٦٩ ح ٨٨٤ ، صحيح البخاري : ١ / ٢٦٣ ح ٧٢٤ ، صحيح مسلم : ١ / ٣٧٨ ح ٤٥ كتاب الصلاة.

٢٥٢

فقام فكبّر ثمّ قرأ ، ثمّ ركع فوضع يديه على ركبتيه حتى أخذ كلّ عضو مأخذه ، ثمّ رفع حتى أخذ كلّ عضو مأخذه ، ثمّ سجد حتى أخذ كلّ عضو مأخذه ، ثمّ رفع حتى أخذ كلّ عضو مأخذه ، ثمّ سجد حتى أخذ كلّ عضو مأخذه ، ثمّ رفع فصنع في الركعة الثانية كما صنع في الركعة الأولى. ثمّ قال : هكذا صلاة رسول الله.

أخرجه أحمد في المسند (١) (٣ / ٤٠٧) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٢ / ١٣٠) فقال : رجاله ثقات.

١٢ ـ عن عبد الرحمن بن غنم قال : إنّ أبا مالك الأشعري قال لقومه : قوموا حتى أُصلّي بكم صلاة النبيّ ، صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فصففنا خلفه وكبّر ثمّ قرأ بفاتحة الكتاب فسمع من يليه ، ثمّ كبّر فركع ، ثمّ رفع رأسه فكبّر ، فصنع ذلك في صلاته كلّها.

صورة مفصّلة بلفظ أحمد :

إنّ أبا مالك الأشعري جمع قومه فقال : يا معشر الأشعريّين اجتمعوا واجمعوا نساءكم وأبناءكم أعلّمكم صلاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم صلّى لنا بالمدينة. فاجتمعوا وجمعوا نساءهم وأبناءهم ، فتوضّأ وأراهم كيف يتوضّأ ، فأحصى الوضوء إلى أماكنه حتى لمّا أن فاء الفيء وانكسر الظلّ قام فأذّن ، وصفّ الرجال في أدنى الصفّ ، وصفّ الولدان خلفهم ، وصفّ النساء خلف الولدان ، ثمّ أقام الصلاة فتقدّم فرفع يديه وكبّر فقرأ بفاتحة الكتاب وسورة يسرّ بهما (٢) ، ثمّ كبّر فركع فقال : سبحان الله وبحمده. ثلاث مرّات ثمّ قال : سمع الله لمن حمده ، واستوى قائماً ، ثمّ كبّر وخرّ ساجداً ، ثمّ كبّر فرفع رأسه ، ثمّ كبّر فسجد ، ثمّ كبّر فانتهض قائماً ، فكان تكبيره في أوّل ركعة ستّ تكبيرات وكبّر حين قام إلى الركعة الثانية ، فلمّا قضى صلاته أقبل على قومه بوجهه

__________________

(١) مسند أحمد : ٤ / ٤١٢ ح ١٤٩٤٦.

(٢) في المصدر : يسرّهما.

٢٥٣

فقال : احفظوا تكبيري وتعلّموا ركوعي وسجودي ؛ فإنّها صلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم التي كان يصلّي لنا كذي الساعة من النهار.

أخرجه (١) أحمد في المسند (٥ / ٣٤٣) ، وعبد الرزّاق والعقيلي كما في كنز العمّال (٤ / ٢٢١) ، وذكره الهيثمي في المجمع (٢ / ١٣٠).

١٣ ـ أخرج أبو حنيفة وأبو معاوية وابن فضيل وأبو سفيان عن أبي نضرة ، عن سعيد ، عن النبيّ عليه‌السلام قال : «لا تجزي صلاة لمن لم يقرأ في كلّ ركعة بالحمد لله وسورة في الفريضة وغيرها». أحكام القرآن للجصّاص (٢) (١ / ٢٣).

١٤ ـ عن أنس بن مالك : كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبو بكر وعمر يستفتحون القراءة بالحمد لله ربّ العالمين. كتاب الأُمّ للشافعي (٣) (١ / ٩٣).

١٥ ـ عن عليّ بن أبي طالب قال : «من السنّة أن يقرأ الإمام في الركعتين الأُوليين من صلاة الظهر بأمّ الكتاب وسورة سرّا في نفسه ، وينصت من خلفه ويقرءون في أنفسهم ، ويقرأ في الركعتين الأُخريين بفاتحة الكتاب في كلّ ركعة ويستغفر الله ويذكره ويفعل في العصر مثل ذلك».

بهذا اللفظ حكاه السيوطي عن البيهقي كما في كنز العمّال (٤) (٤ / ٢٥١) وفي السنن الكبرى للبيهقي (٢ / ١٦٨) لفظه : إنّه كان يأمر أو يحثّ أن يقرأ خلف الإمام في الظهر والعصر في الركعتين الأُوليين بفاتحة الكتاب وسورة ، وفي الركعتين الأُخريين بفاتحة الكتاب. وقريباً من هذا اللفظ أخرجه الحاكم في المستدرك (٥) (١ / ٢٣٩).

__________________

(١) مسند أحمد : ٦ / ٤٧٠ ح ٢٣٩٩ ، المصنّف : ٢ / ٦٣ ح ٢٤٩٩ ، كنز العمّال : ٨ / ١٦٢ ح ٢٢٣٩٩.

(٢) أحكام القرآن : ١ / ٢٢.

(٣) كتاب الأم : ١ / ١٠٧.

(٤) كنز العمّال : ٨ / ٢٨٤ ح ٢٢٩٣٢.

(٥) المستدرك على الصحيحين : ١ / ٣٦٥ ح ٨٧٤.

٢٥٤

١٦ ـ عن عائشة قالت : كان النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يفتتح الصلاة بالتكبير والقراءة بالحمد لله ربّ العالمين.

راجع (١) : صحيح مسلم (١ / ١٤٢) ، سنن أبى داود (٢ / ١٢٥) ، سنن ابن ماجة (١ / ٢٧١) ، سنن البيهقي (٢ / ١١٣).

١٧ ـ عن أبي هريرة قال : في كلّ الصلاة يُقرأ ، فما أسمعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسمعناكم ، وما أخفى علينا أخفينا عليكم. وفي لفظ : في كلّ صلاة قراءة (٢).

مسند أحمد (٢ / ٣٤٨) ، صحيح مسلم (١ / ١١٦) ، سنن أبي داود (١ / ١٢٧) ، سنن النسائي (٢ / ١٦٣) ، سنن البيهقي (٢ / ٤٠) عن مسلم ، وفي (ص ٦١) عن البخاري ، تيسير الوصول (٢ / ٢٢٨).

١٨ ـ عن أبي هريرة قال : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يفتتح القراءة بالحمد لله ربّ العالمين. أخرجه (٣) ابن ماجة في سننه (١ / ٢٧١).

وأخرجه الدارمي من طريق أنس بن مالك مع زيادة في سننه (١ / ٢٨٣) ، والنسائي في سننه (٢ / ١٣٣) ، والشافعي في كتاب الأمّ (١ / ٩٣).

١٩ ـ عن عمرو بن شعيب ، عن أبيه ، عن جدّه عبد الله بن عمرو بن العاصي مرفوعاً : «كلّ صلاة لا يُقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج ، فهي خداج ، فهي خداج». وفي لفظ أحمد : «فهي خداج ، ثمّ هي خداج ، ثمّ هي خداج».

__________________

(١) صحيح مسلم : ١ / ٤٤٩ ح ٢٤٠ كتاب الصلاة ، سنن أبي داود : ١ / ٢٠٨ ح ٧٨٣ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٢٦٧ ح ٨١٢.

(٢) مسند أحمد : ٣ / ٢٤ ح ٨٣٧٨ ، صحيح مسلم : ١ / ٣٧٧ ح ٤٣ كتاب الصلاة ، سنن أبي داود : ١ / ٢١١ ح ٧٩٧ ، السنن الكبرى : ١ / ٣٣٤ ح ١٠٤١ ، تيسير الوصول : ٢ / ٢٧١.

(٣) سنن ابن ماجة : ١ / ٢٦٧ ح ٨١٤ ، السنن الكبرى : ١ / ٣١٤ ح ٩٧٥ ، كتاب الأُم : ١ / ١٠٧.

٢٥٥

أخرجه (١) : أحمد في المسند (٢ / ٢٠٤ ، ٢١٥) ، وابن ماجة في سننه (١ / ٢٧٨).

٢٠ ـ أخرج أبو داود في سننه (٢) (١ / ١١٩) من طريق عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه كان إذا قام إلى الصلاة كبّر ورفع يديه حذو منكبيه ، ويصنع [مثل] (٣) ذلك إذا قضى قراءته وإذا أراد أن يركع.

٢١ ـ كان أبو حميد الساعدي في عشرة من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منهم أبو قتادة ، فقال أبو حميد : أنا أعلمكم بصلاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، كان رسول الله إذا قام إلى الصلاة يرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ، ثمّ يكبّر حتى يقرّ كلّ عظم في موضعه معتدلاً ، ثمّ يقرأ ثمّ يكبّر فيرفع يديه حتى يحاذي بهما منكبيه ثمّ يركع ـ ثمّ ذكر كيفيّة الركوع والسجدتين ـ فقال : ثمّ يصنع في الركعة الأخرى مثل ذلك (٤).

سنن أبي داود (١ / ١١٦) ، سنن الدارمي (١ / ٣١٣) ، سنن ابن ماجة (١ / ٢٨٣) وذكر شطراً منه ، سنن البيهقي (٢ / ٧٢) ، مصابيح السنّة (١ / ٥٤).

٢٢ ـ عن جابر بن عبد الله قال : يقرأ في الأُوليين بفاتحة الكتاب وسورة وفي الأُخريين بفاتحة الكتاب. قال : وكنّا نحدّث أنّه لا صلاة إلاّ بفاتحة الكتاب فما فوق ذاك. وفي لفظ الطبراني : سنّة القراءة في الصلاة أن يقرأ في الأُوليين بأُمّ القرآن وسورة ، وفي الأخريين بأُمّ القرآن.

سنن البيهقي (٢ / ٦٣) فقال : وروينا ما دلّ على هذا عن عليّ بن أبي طالب وعبد الله بن مسعود وعائشة. وأخرجه (٥) ابن أبي شيبة كما في كنز العمّال : (٤ / ٢٠٩

__________________

(١) مسند أحمد : ٢ / ٤١٥ ح ٦٨٦٤ ، ص ٤٣٣ ح ٦٩٧٧ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٢٧٤ ح ٨٤١.

(٢) سنن أبي داود : ١ / ١٩٨ ح ٧٤٤.

(٣) من المصدر.

(٤) سنن أبي داود : ١ / ١٩٤ ح ٧٣٠ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٢٨٠ ح ٨٦٢ ، مصابيح السنّة : ١ / ٣٠٩ ح ٥٥٦.

(٥) مصنّف ابن أبي شيبة : ١ / ٢٧١ ، كنز العمّال : ٨ / ١٠٩ ح ٢٢١٢٥ ، ص ٢٨١ ح ٢٢٩٢٤.

٢٥٦

٢٥٠) ، ورواه الطبراني باللفظ المذكور كما في مجمع الزوائد (٢ / ١١٥).

٢٣ ـ عن جابر بن عبد الله : من صلّى ركعة لم يقرأ فيها بأُمّ القرآن فلم يصلّ ، إلاّ وراء إمام (١).

صحيح الترمذي (٢ / ٤٢) ، وصحّحه ، موطّأ مالك (١ / ٨٠) ، المدوّنة الكبرى لمالك (١ / ٧٠) ، سنن البيهقي (٢ / ١٦٠) ، تيسير الوصول (٢ / ٢٢٣).

٢٤ ـ عن عبد الله بن عمر مرفوعاً : «من صلّى مكتوبة أو سبحة فليقرأ بأُمّ القرآن وقرآن معها ، ومن صلّى صلاة لم يقرأ فيها فهي خداج ـ ثلاثا ـ».

أخرجه (٢) عبد الرزاق كما في كنز العمّال (٤ / ٩٦) وحسّنه.

٢٥ ـ عن أبي هريرة مرفوعاً : «لا تجزئ صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحةالكتاب».

وفي لفظ الدارقطني (٣) وصحّحه : «لا تجزئ صلاة لا يقرأ الرجل فيها فاتحة الكتاب». وفي لفظ أحمد (٤) : «لا تُقبل صلاة لا يُقرأ فيها بأمّ الكتاب».

كنز العمّال (٥) (٤ / ٩٦) نقلاً عن جمع من الحفّاظ.

٢٦ ـ عن أبي الدرداء : أقرأ في الركعتين الأُوليين من الظهر والعصر والعشاء الآخرة في كلّ ركعة بأمّ القرآن وسورة ، وفي الركعة الآخرة من المغرب بأمّ القرآن. كنز العمّال (٦) (٤ / ٢٠٧).

__________________

(١) سنن الترمذي : ٥ / ١٢٣ ح ٣١٢ ، موطّأ مالك : ١ / ٨٤ ح ٣٨ ، المدوّنة الكبرى : ١ / ٦٨ ، تيسير الوصول : ٢ / ٢٧٢.

(٢) المصنّف : ٢ / ١٣٣ ح ٢٧٨٧ ، كنز العمّال : ٧ / ٤٤٢ ح ١٩٦٨٨.

(٣) سنن الدارقطني : ١ / ٣٢٢.

(٤) مسند أحمد : ٦ / ٧٧ ح ٢٠٢١٧.

(٥) كنز العمّال : ٧ / ٤٤٢ ح ١٩٦٨٩ و ٤٤٣ ح ١٩٦٩٧ و ١٩٦٩٨.

(٦) كنز العمّال : ٨ / ١١٠ ح ٢٢١٣٢.

٢٥٧

٢٧ ـ عن حسين بن عرفطة مرفوعاً : «إذا قمت في الصلاة فقل : بسم الله الرحمن الرحيم ، ألحمد لله ربّ العالمين. حتى تختمها ، قل هو الله أحد إلى آخرها». أخرجه الدارقطني (١) كما في كنز العمّال (٢) (٤ / ٩٦).

٢٨ ـ عن ابن عبّاس : «لا تصلّينّ صلاة حتى تقرأ بفاتحة الكتاب وسورة ، ولا تدع أن تقرأ بفاتحة الكتاب في كلّ ركعة» (٣). أخرجه عبد الرزّاق كما في الكنز (٤ / ٢٠٨).

٢٩ ـ عن ابن سيرين قال : إنّ ابن مسعود كان يقرأ في الظهر والعصر في الركعتين الأُوليين بفاتحة الكتاب وسورة في كلّ ركعة ، وفي الأُخريين بفاتحة الكتاب.

ذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٢ / ١١٧) فقال : رجاله ثقات إلاّ أنّ ابن سيرين لم يسمع من ابن مسعود.

٣٠ ـ عن زيدين ثابت قال : القراءة سنّة ، لا تخالف الناس برأيك. أخرجه الطبراني في الكبير (٤). كما في مجمع الزوائد (٢ / ١١٥).

هذه سنّة نبيّ الإسلام في قراءة الفاتحة في كلّ ركعة من الفرائض والنوافل ، وعلى هذه فتاوى أئمّة المذاهب ، وإليك نصوصها :

رأي الشافعي :

قال إمام الشافعية في كتاب الأُم (٥) (١ / ٩٣) : سنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقرأ

__________________

(١) لم نجده عند الدارقطني بهذا الإسناد ، ولكنه أخرج مضمونه بأسانيد كثيرة أخرى. أنظر سنن الدارقطني ١ / ٣١٧ ـ ٣٢٣.

(٢) كنز العمّال : ٧ / ٤٤٢ ح ١٩٦٨٧.

(٣) المصنّف : ٢ / ٩٤ ح ٢٦٢٨ ، كنز العمّال : ٨ / ١١٤ ح ٢٢١٥٣.

(٤) المعجم الكبير : ٥ / ١٣٣ ح ٤٨٥٥.

(٥) كتاب الأُم : ١ / ١٠٧ ، ١٠٢ ـ ١٠٣.

٢٥٨

القارئ في الصلاة بأُمّ القرآن ، ودلّ على أنّها فرض على المصلّي إذا كان يحسن أن يقرأها. فذكر عدّة من الأحاديث فقال : فواجب على من صلّى منفرداً أو إماماً أن يقرأ بأمّ القرآن في كلّ ركعة لا يجزيه غيرها ، وإن ترك من أمّ القرآن حرفاً واحداً ناسياً أو تساهياً لم يعتدّ بتلك الركعة ، لأنّ من ترك منها حرفاً لا يقال له قرأ أمّ القرآن على الكمال.

وقال في صفحة (٨٩) فيمن لا يحسن القراءة : فإن لم يحسن سبع آيات وأحسن أقلّ منهنّ لم يجزه إلاّ أن يقرأ بما أحسن كلّه إذا كان سبع آيات أو أقلّ ، فإن قرأ بأقلّ منه أعاد الركعة التي لم يكمل فيها سبع آيات إذا أحسنهنّ. وقال : ومن أحسن أقلّ من سبع آيات ، فأمّ أو صلّى منفرداً ردّد بعض الآي حتى يقرأ به سبع آيات أو ثمان آيات وإن [لم يفعل] (١) لم أر عليه إعادة ، ولا يجزيه في كلّ ركعة إلاّ قراءة ما أحسن ممّا بينه وبين أن يكمل سبع آيات أو ثمان آيات من أحسنهنّ.

وقال (٢) : وأقلّ ما يجزئ من عمل الصلاة أن يحرم ويقرأ بأم القرآن يبتدئها ب (بسم الله الرحمن الرحيم) إن أحسنها ، ويركع حتى يطمئنّ راكعاً ، ويرفع حتى يعتدل قائماً ، ويسجد حتى يطمئنّ ساجداً على الجبهة ، ثمّ يرفع حتى يعتدل جالساً ، ثمّ يسجد الأخرى كما وصفت ، ثمّ يقوم حتى يفعل ذلك في كلّ ركعة ، ويجلس في الرابعة ويتشهّد ويصلّي على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويسلّم تسليمة يقول : السلام عليكم ، فإذا فعل ذلك أجزأته صلاته وضيّع حظّ نفسه فيما ترك ، وإن كان لا يحسن أمّ القرآن فيحمد الله ويكبّره مكان أمّ القرآن لا يجزئه غيره ، وإن كان لا يحسن غير أمّ القرآن قرأ بقدرها سبع آيات لا يجزئه دون ذلك ، فإن ترك من أمّ القرآن حرفاً وهو في الركعة رجع إليه وأتمّها ، وإن لم يذكر حتى خرج من الصلاة وتطاول ذلك أعاد.

__________________

(١) من المصدر ، وهي موجودة في طبعة الغدير الأولى.

(٢) ذكره المزني في مختصره هامش كتاب الأم : ١ / ٩٠ ، ٩١ [ص ١٧ ـ ١٨]. (المؤلف)

٢٥٩

وقال في كتاب الأُم (١) (١ / ٢١٧) : إنّ من ترك أُمّ القرآن في ركعة من صلاة الكسوف في القيام الأوّل أو القيام الثاني لم يعتدّ بتلك الركعة ، وصلّى ركعة أخرى وسجد سجدتي السهو ، كما إذا ترك أمّ القرآن في ركعة واحدة من صلاة المكتوبة لم يعتدّ بها.

رأي مالك :

وقال إمام المالكية كما في المدوّنة الكبرى (٢) (١ / ٦٨) : ليس العمل على قول عمر حين ترك القراءة (٣) فقالوا له : إنّك لم تقرأ؟ فقال : كيف كان الركوع والسجود؟ قالوا حسن. قال : فلا بأس إذن. وأرى أن يعيد من فعل هذا (٤) وإن ذهب الوقت.

وقال في رجل ترك القراءة في ركعتين من الظهر أو العصر أو العشاء الآخرة : لا تجزئه الصلاة وعليه أن يعيد ، ومن ترك القراءة في جلّ ذلك أعاد ، وإن قرأ في بعضها وترك بعضها أعاد أيضاً ، وإذا قرأ في ركعتين وترك القراءة في ركعتين ، فإنّه يعيد الصلاة من أيّ الصلوات كانت.

وقال : من نسي قراءة أُمّ القرآن حتى قرأ السورة فإنّه يرجع فيقرأ أُمّ القرآن ثمّ يقرأ سورة أيضاً بعد قراءته أُمّ القرآن. وقال : لا يقضي قراءة نسيها من ركعة في ركعة أخرى. وقال فيمن ترك أُمّ القرآن في الركعتين وقد قرأ بغير أُمّ القرآن : يعيد صلاته. وقال في رجل ترك القراءة في ركعة في الفريضة : يلغي تلك الركعة بسجدتيها ولا يعتدّ بها.

__________________

(١) كتاب الأُم : ١ / ٢٤٥.

(٢) المدوّنة الكبرى : ١ / ٦٥ ، ٦٦.

(٣) مرّ حديثه في الجزء السادس صفحة : ١٠٠ الطبعة الأولى و ١٠٨ الطبعة الثانية. (المؤلف)

(٤) في المصدر : ذلك ، بدلاً من : هذا.

٢٦٠