الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٨

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٨

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مؤسسة دائرة معارف الفقه الإسلامي
المطبعة: محمّد
الطبعة: ٥
الصفحات: ٥٤٠

حرّم القينة وبيعها وثمنها وتعليمها والاستماع إليها» ثمّ قرأ : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ) ، الدرّ المنثور (٥ / ١٥٩) ، تفسير الشوكاني (٤ / ٢٢٨) ، تفسير الآلوسي (٢١ / ٦٨).

وعن ابن مسعود أنّه سُئل عن قوله : (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَشْتَرِي لَهْوَ الْحَدِيثِ).

قال : هو والله الغناء. وفي لفظ : هو الغناء والله الذي لا إله إلاّ هو ، يردّدها ثلاث مرّات. وعن جابر في الآية قال : هو الغناء والاستماع له. ومعنى يشتري يستبدل ، كما في قوله تعالى (أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى) (١) أي استبدلوه منه واختاروه عليه ، وقال مطرف : شراء لهو الحديث استحبابه. وقال قتادة : سماعه شراؤه.

وبالغناء فسّر لهو الحديث في الآية الشريفة وأنّها نزلت فيه : ابن عبّاس ، وعبد الله بن عمر ، وعكرمة ، وسعيد بن جبير ، ومجاهد ، ومكحول ، وعمرو بن شعيب ، وميمون بن مهران ، وقتادة ، والنخعي ، وعطاء ، وعليّ بن بذيمة ، والحسن ، كما أخرجه : ابن أبي شيبة ، ابن أبي الدنيا ، ابن جرير ، ابن المنذر ، الحاكم ، البيهقي في شعب الإيمان (٢) ، ابن أبي حاتم ، ابن مردويه ، الفريابي ، ابن عساكر.

راجع (٣) : تفسير الطبري (٢١ / ٣٩ ، ٤١) ، سنن البيهقي (١٠ / ٢٢١ ، ٢٢٣ ، ٢٢٥) ، مستدرك الحاكم (٢ / ٤٤١) ، تفسير القرطبي (١٤ / ٥١ ، ٥٢ ، ٥٣) ، نقد العلم والعلماء

__________________

(١) البقرة : ١٦.

(٢) شعب الإيمان : ٤ / ٢٧٨ ح ٥٠٩٦.

(٣) جامع البيان : مج ١١ / ج ٢١ / ٦١ ، المستدرك على الصحيحين : ٢ / ٤٤٥ ح ٣٥٤٢ ، الجامع لأحكام القرآن : ١٤ / ٣٦ ـ ٣٧ ، (نقد العلم والعماء) تلبيس إبليس : ص ٢٣١ ، إرشاد الساري : ١٣ / ٣٥٠ ، تفسير الخازن : ٣ / ٤٣٨ ، تفسير النسفي : ٣ / ٢٧٨ ، الدرّ المنثور : ٦ / ٥٠٤ ، فتح القدير : ٤ / ٢٣٦ ، نيل الأوطار : ٨ / ١١٣.

١٠١

لابن الجوزي (ص ٢٤٦) ، تفسير ابن كثير (٣ / ٤٤١ ، ٤٤٢) ، إرشاد الساري للقسطلاني (٩ / ١٦٣) ، تفسير الخازن (٣ / ٤٦٠) ، تفسير النسفي هامش الخازن (٣ / ٤٦٠) ، تفسير الدرّ المنثور (٥ / ١٥٩ ، ١٦٠) ، تفسير الشوكاني (٤ / ٢٢٨) ، تفسير الآلوسي (٢١ / ٦٧) ، نيل الأوطار (٨ / ٢٦٣).

٢ ـ ينذر الله تعالى أُمّة محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الكتاب العزيز بقوله : (وَأَنْتُمْ سامِدُونَ) (١) ، قال عكرمة عن ابن عبّاس ، إنّه قال : هو الغناء بلغة حِميَر. يُقال : سمّد لنا. أي غنّ لنا ، ويقال للقينة : اسمدينا. أي : ألهينا بالغناء.

أخرجه : سعيد بن منصور ، عبد بن حميد ، ابن جرير ، عبد الرزّاق ، الفريابي ، أبو عبيد ، ابن أبي الدنيا ، البزّار ، ابن المنذر ، ابن أبي حاتم ، البيهقي.

راجع (٢) : تفسير الطبري (٢٨ / ٤٨) ، تفسير القرطبي (١٧ / ١٢٢) ، نقد العلم والعلماء لابن الجوزي (ص ٢٤٦) ، نهاية ابن الأثير (٢ / ١٩٥) ، الفائق للزمخشري (١ / ٣٠٥) ، تفسير ابن كثير (٤ / ٢٦٠) ، تفسير الخازن (٤ / ٢١٢) ، الدرّ المنثور (٦ / ١٣٢) ، تاج العروس (٢ / ٣٨١) ، تفسير الشوكاني (٥ / ١١٥) ، تفسير الآلوسي (٢٧ / ٧٢) ، نيل الأوطار (٨ / ٢٦٣).

٣ ـ وفي خطاب الله العزيز قوله تعالى لإبليس : (وَاسْتَفْزِزْ مَنِ اسْتَطَعْتَ مِنْهُمْ بِصَوْتِكَ) (٣).

__________________

(١) النجم : ٦١.

(٢) جامع البيان : مج ١٣ / ج ٢٧ / ٨٢ ، الجامع لأحكام القرآن : ١٧ / ٨٠ ، تلبيس إبليس (نقد العلم والعلماء) : ص ٢٣١ ، النهاية لابن الأثير : : ٢ / ٣٩٨ ، الفائق للزمخشري : ٢ / ١٩٩ ، تفسير الخازن : ٤ / ٢٠١ ، الدرّ المنثور : ٧ / ٦٦٧ ، فتح القدير : ٥ / ١١٨.

(٣) الإسراء : ٦٤.

١٠٢

قال ابن عبّاس ومجاهد : إنّه الغناء والمزامير واللهو (١). كما في تفسير الطبري (١٥ / ٨١) ، تفسير القرطبي (١٠ / ٢٨٨) ، نقد العلم والعلماء لابن الجوزي (ص ٢٤٧) ، تفسير ابن كثير (٣ / ٤٩) ، تفسير الخازن (٣ / ١٧٨) ، تفسير النسفي (٣ / ١٧٨) ، تفسير ابن جزي الكلبي (٢ / ١٧٥) ، تفسير الشوكاني (٣ / ٢٣٣) ، تفسير الآلوسي (١٥ / ١١١).

الغناء والمعازف في السنّة

[١ ـ] قد جاء في السنّة الشريفة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «ما من رجل يرفع صوته بالغناء إلاّ بعث الله عليه شيطانين أحدهما على هذا المنكب والآخر على هذا المنكب ، فلا يزالان يضربانه بأرجلهما حتى يكون هو الذي يسكت».

وفي لفظ ابن أبي الدنيا وابن مردويه : «ما رفع أحد صوته بغناء إلاّ بعث الله تعالى إليه شيطانين يجلسان على منكبيه يضربان بأعقابهما على صدره حتى يمسك».

راجع (٢) : تفسير القرطبي (١٤ / ٥٣) ، تفسير الزمخشري (٢ / ٤١١) ، نقد العلم والعلماء لابن الجوزي (ص ٢٤٨) ، تفسير الخازن (٣ / ٤٦٠) ، تفسير النسفي هامش الخازن (٣ / ٤٦٠) ، إرشاد الساري (٩ / ١٦٤) ، الدرّ المنثور (٥ / ١٥٩) ، تفسير الشوكاني (٤ / ٢٢٨) ، تفسير الآلوسي (٢١ / ٦٨).

٢ ـ عن عبد الرحمن بن عوف : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «إنّما نهيت عن صوتين أحمقين فاجرين : صوت عند نغمة لهو ومزامير الشيطان ، وصوت عند مصيبة خمش وجوه ، وشقّ جيوب ، ورنّة شيطان».

__________________

(١) جامع البيان : مج ٩ / ج ١٥ / ١١٨ ، ١٠ / ١٨٧ ، الجامع لأحكام القرآن : تلبيس إبليس (نقد العلم والعلماء) : ص ٢٣٢ ، تفسير الخازن : ٣ / ١٧٠ ، تفسير النسفي : ٢ / ٣٢٠ ، فتح القدير : ٣ / ٢٤١.

(٢) الجامع لأحكام القرآن : ١٤ / ٣٧ ، الكشّاف : ٣ / ٤٩٠ و ٤٩١ ، تلبيس إبليس (نقد العلم والعلماء) : ص ٢٣٢ ، تفسير الخازن : ٣ / ٤٣٨ ، تفسير النسفي : ٣ / ٢٧٨ ، إرشاد الساري : ١٣ / ٣٥١ ، الدرّ المنثور : ٦ / ٥٠٦ ، فتح القدير : ٤ / ٢٣٦.

١٠٣

وفي لفظ الترمذي (١) وغيره (٢) من حديث أنس مرفوعاً : «صوتان ملعونان فاجران أنهى عنهما : صوت مزمار ورنّة شيطان عند نغمة ومرح ، ورنّة عند مصيبة ، لطم خدود ، وشقّ جيوب».

تفسير القرطبي (١٤ / ٥٣) ، نقد العلم والعلماء (ص ٢٤٨) ، الدرّ المنثور (٥ / ١٦٠) ، كنز العمّال (٧ / ٣٣٣) ، تفسير الشوكاني (٤ / ٢٢٩) ، نيل الأوطار (٨ / ٢٦٨) (٣).

٣ ـ عن عمر بن الخطّاب مرفوعاً : «ثمن القينة سحت ، وغناؤها حرام ، والنظر إليها حرام ، وثمنها من ثمن الكلب وثمن الكلب سحت».

أخرجه (٤) الطبراني كما في إرشاد الساري للقسطلاني (٩ / ١٦٣) ونيل الأوطار للشوكاني (٨ / ٢٦٤).

٤ ـ عن أبي موسى الأشعري مرفوعاً : «من استمع إلى صوت غناء لم يؤذن له أن يسمع الروحانيّين» فقيل : ومن الروحانيون يا رسول الله؟ قال : «قرّاء أهل الجنّة».

أخرجه (٥) : الحكيم الترمذي في نوادر الأصول ، والقرطبي في تفسيره (١٤ / ٥٤)

٥ ـ مرفوعاً : «ليكوننّ في أُمّتي قوم يستحلّون الخزّ والخمر والمعازف» (٦).

__________________

(١) سنن الترمذي : ٣ / ٣٢٨ ح ١٠٠٥.

(٢) أنظر : شرح معاني الآثار : ٤ / ٢٩٣ ح ٦٩٧٥ ، المصنّف لابن أبي شيبة : ٣ / ١٧٥ ح ٧.

(٣) الجامع لأحكام القرآن : ١٤ / ٣٧ ، تلبيس إبليس (نقد العلم والعلماء) : ص ٢٣٣ ، الدرّ المنثور : ٦ / ٥٠٧ ، كنز العمّال : ١٥ / ٢١٩ ح ٤٠٦٦١ ، فتح القدير : ٤ / ٢٣٦ ، نيل الأوطار : ٨ / ١١٧.

(٤) المعجم الكبير : ١ / ٧٣ ح ٨٧ ، إرشاد الساري : ١٣ / ٣٥١ ، نيل الأوطار : ٨ / ١١٣.

(٥) نوادر الأصول : ١ / ٣٣٣ الأصل ١٢١ ، الجامع لأحكام القرآن : ١٤ / ٣٧.

(٦) في حواشي الدمياطي : المعازف : الدفوف وغيرها ممّا يضرب به. ويطلق على الغناء عزف وعلى كل لعب. نيل الأوطار : ٨ / ٢٦١ [٨ / ١٠٩]. (المؤلف)

١٠٤

أخرجه (١) : أحمد ، وابن ماجة ، وأبو نعيم ، وأبو داود بأسانيد صحيحة لا مطعن فيها ، وصحّحه جماعة آخرون من الأئمّة ، كما قاله بعض الحفّاظ. قاله الآلوسي في تفسيره (٢١ / ٧٦) ، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى (١٠ / ٢٢١) فقال : أخرجه البخاري في الصحيح.

٦ ـ عن ابن عبّاس وأنس وأبي أمامة مرفوعاً : «ليكونن في هذه الأمّة خسف وقذف ومسخ ، وذلك إذا شربوا الخمور ، واتّخذوا القينات ، وضربوا بالمعازف».

أخرجه (٢) : ابن أبي الدنيا ، وأحمد ، والطبراني ، كما في الدرّ المنثور (٢ / ٣٢٤) وتفسير الآلوسي (٢١ / ٧٦).

٧ ـ عن عبد الله بن عمر ـ عمرو ـ قال : إنّ قوله تعالى (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصابُ وَالْأَزْلامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطانِ) (٣) هي في التوراة : إنّ الله أنزل الحقّ ليذهب به الباطل ، ويبطل به اللعب ، والزفن ، والمزامير ، والكبارات يعني البرابط ، والزمارات يعني الدف ، والطنابير.

أخرجه ابن أبي حاتم ، وأبو الشيخ ، والبيهقي في سننه (١٠ / ٢٢٢) ، وراجع تفسير ابن كثير (٢ / ٩٦) ، والدرّ المنثور (٤) (٢ / ٣١٧).

٨ ـ عن أنس وأبي أمامة مرفوعاً : «بعثني الله رحمة وهدى للعالمين ؛ وبعثني بمحق المعازف والمزامير وأمر الجاهليّة» (٥). كتاب العلم لابن عبد البرّ (١ / ١٥٣) ، الدرّ

__________________

(١) سنن ابن ماجة : ٢ / ١٣٣٣ ح ٤٠٢٠ ، سنن أبي داود : ٤ / ٤٦ ح ٤٠٣٩ ، صحيح البخاري : ٥ / ٢١٢٣ ح ٥٢٦٨.

(٢) مسند أحمد : ٢ / ٣٤٧ ح ٦٤٨٥ ، المعجم الكبير : ٦ / ١٥٠ ح ٥٨١٠ ، الدرّ المنثور : ٣ / ١٧٩.

(٣) المائدة : ٩٠.

(٤) الدرّ المنثور : ٣ / ١٦٣.

(٥) جامع بيان العلم : ص ١٨٣ ح ٩٣٧ ، الدرّ المنثور : ٣ / ١٧٨.

١٠٥

المنثور (٢ / ٣٢٣) ، نيل الأوطار (١) (٨ / ٢٦٢).

٩ ـ عن عليّ مرفوعاً : «تمسخ طائفة من أُمّتي قردة ، وطائفة خنازير ، ويُخسف بطائفة ، ويرسل على طائفة الريح العقيم بأنّهم شربوا الخمر ، ولبسوا الحرير ، واتّخذوا القيان ، وضربوا بالدفوف». الدرّ المنثور (٢) (٢ / ٣٢٤).

١٠ ـ عن أبى هريرة مرفوعاً : «يُمسخ قوم من هذه الأُمّة في آخر الزمان قردةً وخنازير» قالوا : يا رسول الله أليس يشهدون أن لا إله إلاّ الله وأنّ محمداً رسول الله؟ قال : «بلى ويصومون ويصلّون ويحجّون» ، قالوا : فما بالهم؟ قال : «اتّخذوا المعازف والدفوف والقينات ، وباتوا على شربهم ولهوهم ، فأصبحوا قد مسخوا قردة وخنازير».

وقريب من هذا حديث عبد الرحمن بن سابط ، والغازي بن ربيعة ، وصالح بن خالد ، وأنس بن مالك ، وأبو أمامة ، وعمران بن حصين.

أخرجها (٣) : ابن أبي الدنيا ، ابن أبي شيبة ، ابن عدي ، الحاكم ، البيهقي ، أبو داود ، ابن ماجة. راجع الدرّ المنثور (٢ / ٣٢٤).

١١ ـ عن أنس بن مالك مرفوعاً : «من جلس إلى قينة يسمع منها صُبّ في أذنه الآنك (٤) يوم القيامة» (٥). تفسير القرطبي (١٤ / ٥٣) ، نيل الأوطار (٨ / ٢٦٤).

__________________

(١) نيل الأوطار : ٨ / ١١١.

(٢) الدرّ المنثور : ٣ / ١٧٩.

(٣) المصنّف : ٧ / ١٠٧ ح ٣٨١٠ ، المستدرك على الصحيحين : ٤ / ٥٦٠ ـ ٥٦١ ح ٨٥٧٢ ، السنن الكبرى : ٨ / ٢٩٥ ، سنن أبي داود : ٤ / ٤٦ ح ٤٠٣٩ سنن ابن ماجة : ٢ / ١٣٣٣ ح ٤٠٢٠ ، الدرّ المنثور : ٣ / ١٧٩.

(٤) الآنك : الرصاص. (المؤلف)

(٥) الجامع لأحكام القرآن : ١٤ / ٣٧ ، نيل الأوطار : ٨ / ١١٣.

١٠٦

١٢ ـ عن عائشة مرفوعاً : «من مات وعنده جارية مغنية فلا تصلّوا عليه». تفسير القرطبي (١) (١٤ / ٥٣).

١٣ ـ أخرج الترمذي (٢) من حديث عليّ مرفوعاً : «إذا فعلت أمّتي خمس عشرة خصلة حلّ بها البلاء ـ فذكر منها ـ : إذا اتّخذت القينات والمعازف». وفي لفظ أبي هريرة : «ظهرت القيان والمعازف» (٣).

نقد العلم والعلماء لابن الجوزي (ص ٢٤٩) ، تفسير القرطبي (ص ١٤ / ٥٣) ، نيل الأوطار (٨ / ٢٦٣).

١٤ ـ عن ابن المنكدر : بلغنا أنّ الله تعالى يقول يوم القيامة : أين عبادي الذين كانوا ينزّهون أنفسهم وأسماعهم عن اللهو ومزامير الشيطان؟ أحلّوهم رياض المسك وأخبروهم أنّي قد أحللت عليهم رضواني. تفسير القرطبي (٤) (١٤ / ٥٣).

١٥ ـ عن ابن مسعود : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سمع رجلاً يتغنّى من الليل فقال : «لا ١٥ ـ صلاة له ، لا صلاة له ، لا صلاة له» نيل الأوطار (٥) (٨ / ٢٦٤).

١٦ ـ قال رسول الله عليه‌السلام يوم فتح مكّة : «إنّما بعثت بكسر الدفّ والمزمار» ، فخرج الصحابة رضوان الله عليهم يأخذونها من أيدي الولدان ويكسرونها. بهجة النفوس شرح مختصر صحيح البخاري لأبي محمد بن أبي جمرة الأزدي (٢ / ٧٤).

١٧ ـ في حديث من طريق معاوية : يا أيّها الناس إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن تسع

__________________

(١) الجامع لأحكام القرآن : ١٤ / ٣٧.

(٢) سنن الترمذي : ٤ / ٤٢٨ ح ٢٢١٠.

(٣) تلبيس إبليس (نقد العلم والعلماء) : ص ٢٣٣ ـ ٢٣٤ ، الجامع لأحكام القرآن : ١٤ / ٣٧ ، نيل الأوطار : ٨ / ١١٢.

(٤) الجامع لأحكام القرآن : ١٤ / ٣٧.

(٥) نيل الأوطار : ٨ / ١١٣.

١٠٧

وأنا أنهى عنهنّ. وعدّ منها : الغناء. تاريخ البخاري (٤ قسم ١ / ٢٣٤).

الغناء في المذاهب الأربعة

١ ـ حرّمه إمام الحنفيّة وعدّه وسماعه من الذنوب ، وهذا مذهب مشايخ أهل الكوفة : سفيان ، وحمّاد ، وإبراهيم ، والشعبي ، وعكرمة.

٢ ـ عن مالك إمام المالكية أنّه نهى عن الغناء وعن استماعه وقال : إذا اشترى أحد جارية فوجدها مغنّية فله أن يردّها بالعيب. وهو مذهب سائر أهل المدينة إلاّ إبراهيم بن سعد وحده.

وسُئل مالك : ما ترخّص فيه أهل المدينة من الغناء؟ فقال : إنّما يفعله عندنا الفسّاق. وسُئل مالك عن الغناء؟ فقال : قال الله تعالى : (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلاَّ الضَّلالُ) (١). أفحقّ هو؟

٣ ـ ونقل التحريم عن جمع من الحنابلة على ما حكاه شارح المقنع ، وعن عبد الله ابن الإمام أحمد أنّه قال : سألت أبي عن الغناء. فقال : ينبت النفاق في القلب لا يعجبني ، ثمّ ذكر قول مالك : إنّما يفعله عندنا الفسّاق.

٤ ـ وصرّح أصحاب الشافعي العارفون بمذهبه بتحريمه ، وأنكروا على من نسب إليه حلّه كالقاضي أبي الطيّب ، وله في ذم الغناء والمنع عنه كتاب مصنّف ، والطبري والشيخ أبي إسحاق في التنبيه.

وقال أبو الطيّب الطبري : أمّا سماع الغناء من المرأة التي ليست بمحرم فإنّ أصحاب الشافعي لا يجوّزونه سواء كانت حرّة أو مملوكة. قال : وقال الشافعي : وصاحب الجارية إذا جمع الناس لسماعها فهو سفيه تردّ شهادته ، ثمّ غلّظ القول فيه

__________________

(١) يونس : ٣٢.

١٠٨

فقال : فهي دياثة. وإنّما جعل صاحبها سفيهاً لأنّه دعا الناس إلى الباطل ، ومن دعا الناس إلى الباطل كان سفيهاً.

وقال ابن الصلاح : هذا السماع حرام بإجماع أهل الحلّ والعقد من المسلمين.

وقال الطبري : أجمع علماء الأمصار على كراهة الغناء والمنع منه ، وإنّما فارق الجماعة إبراهيم بن سعد ، وعبيد الله العنبري.

وسُئل القاسم بن محمد عن الغناء فقال : أنهاك عنه وأكرهه لك. فقال السائل : أحرام هو؟ قال : أُنظر يا ابن أخي إذا ميّز الله تعالى الحقّ من الباطل في أيّهما يجعل سبحانه الغناء؟ وقال : لعن الله المغنّي والمغنّى له.

وقال المحاسبي في رسالة الإنشاء : الغناء حرام كالميتة.

وفي كتاب التقريب : إنّ الغناء حرام فعله وسماعه.

وقال النحّاس : ممنوع بالكتاب والسنّة.

وقال القفّال : لا تقبل شهادة المغنّي والرقّاص.

راجع (١) : سنن البيهقي (١٠ / ٢٢٤) ، نقد العلم والعلماء لابن الجوزي (ص ٢٤٢ ـ ٢٤٦) ، تفسير القرطبي (١٤ / ٥١ ، ٥٢ ، ٥٥ ، ٥٦) ، الدرّ المنثور (٥ / ١٥٩) ، عمدة القاري للعيني (٥ / ١٦٠) ، تفسير الآلوسي (٢١ / ٦٨ ، ٦٩).

وفي مفتاح السعادة (٢) (١ / ٣٣٤) : وقد قيل : التلذّذ بالغناء وضرب الملاهي كفر.

قال الأميني : لعلّ القائل أخذ بما أخرجه أبو يعقوب النيسابوري من حديث

__________________

(١) تلبيس إبليس (نقد العلم العلماء) : ص ٢٢٨ ـ ٢٣١ ، الجامع لأحكام القرآن : ١٤ / ٣٦ ـ ٣٩ ، الدرّ المنثور : ٦ / ٥٠٤ ـ ٥٠٧ ، عمدة القاري : ٦ / ٢٧١.

(٢) مفتاح السعادة : ١ / ٣٧٦.

١٠٩

أبي هريرة مرفوعاً : «استماع الملاهي معصية ، والجلوس عليها فسق ، والتلذّذ بها كفر». نيل الأوطار(١) (٨ / ٢٦٤).

وعن إبراهيم بن مسعود : الغناء باطل والباطل في النار. وعنه : الغناء ينبت النفاق في القلب كما ينبت الماء البقل. وعنه : إذا ركب الرجل الدابّة ولم يسمّ ردفه شيطان فقال : تغنّه. فإن كان لا يحسن قال : تمنّه (٢).

ومرّ ابن عمر رضى الله عنه بقوم محرمين وفيهم رجل يغنّي ، قال : ألا لا سمع الله لكم. ومرّ بجارية صغيرة تغنّي فقال : لو ترك الشيطان أحداً لترك هذه.

وقال الضحّاك : الغناء منفدة للمال ، مسخطة للربّ ، مفسدة للقلب.

وقال يزيد بن الوليد الناقص : يا بني أُميّة إيّاكم والغناء فإنّه ينقص الحياء ، ويزيد في الشهوة ، ويهدم المروءة ، وأنّه لينوب عن الخمر ، ويفعل ما يفعل السكر ، فإن كنتم لا بدّ فاعلين فجنّبوه النساء فإنّ الغناء داعية الزنا.

وفيما كتب عمر بن عبد العزيز إلى سهل مولاه : بلغني عن الثقات من حملة العلم أنّ حضور المعازف واستماع الأغاني واللهج بهما ، ينبت النفاق في القلب ، كما ينبت الماء العشب.

وقيل : الغناء جاسوس القلب ، وسارق المروءة والعقول ، يتغلغل في سويداء القلوب ، ويطّلع على سرائر الأفئدة ، ويدبّ إلى بيت التخييل ، فينشر ما غرز فيها الهوى والشهوة والسخافة والرعونة ، فبينما ترى الرجل وعليه سمت الوقار ، وبهاء العقل ، وبهجة الإيمان ، ووقار العلم ، كلامه حكمة ، وسكوته عبرة ، فإذا سمع الغناء نقص عقله وحياؤه ، وذهبت مروءته وبهاؤه ، فيستحسن ما كان قبل السماع يستقبحه ، ويبدي من أسراره ما كان يكتمه ، وينتقل من بهاء السكوت والسكون إلى

__________________

(١) نيل الأوطار : ٨ / ١١٣.

(٢) الهاء في تغنّه وتمنّه للسكت وليست ضميراً.

١١٠

 كثرة الكلام والهذيان والاهتزار كأنّه جانّ وربّما صفق بيديه ، ودقّ الأرض برجليه ، وهكذا تفعل الخمر إلى غير ذلك.

راجع (١) : سنن البيهقي (١٠ / ٢٢٣) ، نقد العلم والعلماء لابن الجوزي (ص ٢٥٠) ، تفسير الزمخشري (٢ / ٤١١) ، تفسير القرطبي (١٤ / ٥٢) ، إرشاد الساري (٩ / ١٦٤) ، الدرّ المنثور (٥ / ١٥٩ ، ١٦٠) ، كنز العمّال (٧ / ٣٣٣) ، تفسير الخازن (٣ / ٤٦) ، تفسير الشوكاني (٤ / ٢٢٨) ، نيل الأوطار (٨ / ٢٦٤) ، تفسير الآلوسي (٢١ / ٦٧ ، ٦٨).

نظرة في الأحاديث المعنونة :

هذا شأن الغناء والملاهي ، وتلك ما يؤثر عن نبيّ الإسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أفمن المعقول إذاً أن تعزى إليه تلك المسامحة المزرية بعصمته ، المسقطة لمحلّه ، المسفّة به إلى هوّة الجهل؟ ثمّ يُحسب أنّ الذي تذمّر منهما وتجهّم أمام الباطل ودحضه هو عمر فحسب دون رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ وما هذا الشيطان الذي كان يفرَقُ (٢)من عمر وما كان يخاف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟

أيّ نبيّ هذا وهو يسمع الملاهي ، وترقص بين يديه الرقّاصة الأجنبيّة ، وتضرب بالدفّ وتغنّي ، أو يوقِف هو حليلته على تلك المواقف المخزية ، ثمّ يقول : «لست من ددٍ ولا الدد (٣) منّي. أو يقول : لست من ددٍ ولا ددٌ منّي. أو يقول : لست من الباطل ولا الباطل منّي» (٤)؟

__________________

(١) تلبيس إبليس (نقد العلم والعلماء) : ص ٢٣٥ ـ ٢٣٦ ، الكشّاف : ٣ / ٤٩١ ، الجامع لأحكام القرآن : ١٤ / ٣٦ ـ ٣٩ ، إرشاد الساري : ١٣ / ٣٥١ ، الدرّ المنثور : ٦ / ٥٠٦ ، كنز العمّال : ١٥ / ٢١٩ ح ٤٠٦٥٩ ، تفسير الخازن : ٣ / ٤٣٨ ، فتح القدير : ٤ / ٢٣٦ ، نيل الأوطار : ٨ / ١١٣ ـ ١١٩.

(٢) يفرَق : يخاف.

(٣) الدّد : اللهو واللعب.

(٤) أخرجه البخاري في الأدب [الأدب المفرد : ص ٢١٦ ح ٨٠٦] ، والبيهقي [في سننه : ١٠ / ٢١٧] ، والخطيب ، وابن عساكر. راجع كنز العمّال : ٧ / ٣٣٣ [١٥ / ٢١٩ ح ٤٠٦٦٤] ، فيض القدير : ٥ / ٢٦٥ [ح ٧٢٤١]. (المؤلف)

١١١

أيّ عظيم هذا يرى في بيته غناء الجواري وضربهنّ بالدف ولا ينبس ببنت شفة غير أنّ عمر يغضبه ذلك ويقول : أمزمار الشيطان في بيت رسول الله؟ أليس هذا النبيّ هو الذي كان إذا سمع مزماراً يضع إصبعيه على أذنيه ونأى عن الطريق؟

قال نافع : سمع عبد الله بن عمر مزماراً فوضع إصبعيه على أُذنيه ونأى عن الطريق وقال لي : يا نافع هل تسمع شيئاً؟ فقلت : لا ، فرفع إصبعيه من أُذنيه وقال : كنت مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فسمع مثل هذا فصنع مثل هذا (١). أليس ابن عبّاس قال أخذاً بالسنّة الشريفة : الدّفُ حرام ، والمعازف حرام ، والكوبة حرام ، والمزمار حرام؟

ألا تعجب من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والحبشة تلعب في مسجده الشريف أشرف بقاع الدنيا وتزفن وتغنّي وهو صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وحليلته ينظران إليها ، وعمر ينهاهنّ ، ويقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : دعهنّ يا عمر؟

أصحيح ما جاء عن النبيّ الأقدس صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من قوله بعدّة طرق : «جنّبوا مساجدكم صبيانكم ، ومجانينكم ، وشراءكم ، وبيعكم ، وخصوماتكم ، ورفع أصواتكم ، وإقامة حدودكم»؟

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من سمع رجلاً ينشد ضالّة في المسجد فليقل : لا ردّها الله عليك. فإنّ المساجد لم تبن لهذا»؟ أخرجه (٢) مسلم وأبو داود وابن ماجة والترمذي.

وما أخرجه (٣) مسلم والنسائي وابن ماجة عن بريدة : أنّ رجلاً نشد في

__________________

(١) سنن أبي داود : ٢ / ٣٠٤ [٤ / ٢٨١ ح ٤٩٢٤] ، سنن البيهقي : ١٠ / ٢٢٢ ، تاريخ ابن عساكر : ٧ / ٢٠٦ ، ٢٨٤ [٢٦ / ١٦٩ رقم ٣٠٦٨ ، ٢٧ / ٣٥ رقم ٣١٥٣]. (المؤلف)

(٢) صحيح مسلم : ٢ / ٣٩ ح ٧٩ كتاب المساجد ، سنن أبي داود : ١ / ١٢٨ ح ٤٧٣ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٢٥٢ ح ٧٦٧ ، سنن الترمذي : ٢ / ١٣٩ ح ٣٢٢.

(٣) صحيح مسلم : ٢ / ٣٩ ح ٨٠ ، ص ٤٠ ح ٨١ كتاب المساجد ، السنن الكبرى : ١ / ٢٦٣ ح ٧٩٦ ، سنن ابن ماجة : ١ / ٢٥٢ ح ٧٦٥.

١١٢

المسجد الجمل ،فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا وجدت ، إنّما بنيت المساجد لِما بنيت له»؟

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «سيكون في آخر الزمان قوم يكون حديثهم في مساجدهم ليس لله فيهم حاجة»؟ أخرجه ابن حبّان في صحيحه (١).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا تتّخذوا المساجد طرقاً إلاّ لذكر أو صلاة» (٢)؟

وما ظنّك بنبيّ العصمة يحول المولى سبحانه بينه وبين ما يهمّه من سماع المعازف والمزامير قبل بعثته تشريفاً وتعظيماً لمكانته من القداسة ، ويخلّيه واسع السرب رخيّ البال بعد مبعثه الشريف يسمع غناء الأجنبيّات وهي تزفن (٣)؟ أخرج الحفّاظ بالإسناد عن أمير المؤمنين عليه‌السلام قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : ما هممت بشيء ممّا كان في الجاهليّة يعملون به غير مرّتين ، كلّ ذلك يحول الله تعالى بيني وبين ما أريد ، فإنّي قلت ليلة لغلام من قريش كان يرعى معي بأعلى مكة : لو أبصرت إلى غنمي حتى أدخل مكة فأسمر بها ما يسمر الشباب. فقال : ادخل. فخرجت أُريد ذلك حتى إذا جئت أوّل دار من دور مكّة سمعت عزفاً بالدفوف والمزامير ، فقلت : ما هذا؟ قالوا : فلان ابن فلان تزوّج فلانة ابنة فلان ، فجلست أنظر إليهم فضرب الله على أُذني فنمت فما أيقظني إلاّ مسّ الشمس ، قال : فجئت صاحبي فقال : ما فعلت؟ فقلت : ما صنعت شيئاً ، وأخبرته الخبر. قال : ثمّ قلت له ليلة أخرى مثل ذلك ، فقال : افعل ، فخرجت فسمعت حين جئت مكة مثل ما سمعت ودخلت مكة تلك الليلة فجلست أنظر فضرب الله على أُذني فو الله ما أيقظني إلاّ مسّ الشمس ، فرجعت إلى صاحبي

__________________

(١) الإحسان في صحيح ابن حبّان : ١٥ / ١٦٢ ح ٦٧٦١.

(٢) جمع هذه الأحاديث وأمثالها الحافظ المنذري في الترغيب والترهيب : ١ / ٨٩ ـ ٩٢ [١ / ١٩٦ ـ ٢٢٥]. (المؤلف)

(٣) الزّفن : الرقص.

١١٣

فأخبرته الخبر ، ثمّ ما هممت بعدهما بسوء حتى أكرمني الله برسالته (١).

قال الماوردي في أعلام النبوّة (٢) (١٤٠) : هذه أحوال عصمته قبل الرسالة ، وصدّه عن دنس الجهالة ، فاقتضى أن يكون بعد الرسالة أعظم ، ومن الأدناس أسلم ، وكفى بهذه الحال أن يكون من الأصفياء الخيرة إن أمهل ، ومن الأتقياء البررة إن أغفل ، ومن أكبر الأنبياء عند الله تعالى من أرسل مستخلص الفطرة ، عليّ النظرة ، وقد أرسله الله تعالى بعد الاستخلاص ، وطهّره من الأدناس ، فانتفت عنه تهم الظنون ، وسلم من ازدراء العيون ، ليكون الناس إلى إجابته أسرع ، وإلى الانقياد له أطوع. انتهى.

وإليّ نسائل ذلك الحكيم المتأوّل الذي مرّ كلامه (ص ٦٥) عن أنّه كيف خصّ محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالنبوّة ، وأبا بكر بالرحمة ، وعمر بالحقّ ، وحسب أنّه فتح باباً مُرتجاً من المعضلات ، أو أتى بقرني حمار ، أيّ نبوّة تفارق الحقّ؟ وأيّ نبيّ هو أوضع من صاحب الحقّ؟ وأيّ حقٍّ اقتناه عمر لنفسه وعزب عن الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عرفانه؟

وهلمّ معي إلى طامّة أُخرى من الزركشي في الإجابة (٣) (ص ٦٧) ، الذي عدّ فيها من خصائص عائشة : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يتبع رضاها كلعبها باللعب ، ووقوفه في وجهها لتنظر إلى الحبشة يلعبون. فقال : واستنبط العلماء من ذلك أحكاماً كثيرة فما أعظم بركتها! انتهى.

__________________

(١) دلائل النبوّة لأبي نعيم : ١ / ٥٨ [١ / ٢٣٦ ح ١٢٨]. أعلام النبوّة للماوردي : ص ١٤٠ [ص ٢١١ باب ١٩]. تاريخ الطبري : ٢ / ١٩٦ [٢ / ٢٧٩] ، الكامل لابن الأثير : ٢ / ١٤ [١ / ٤٧١] ، عيون الأثر لابن سيّد الناس : ١ / ٤٤ [١ / ٦٥] ، تاريخ ابن كثير : ٢ / ٢٨٧ [٢ / ٣٥٠] ، الخصائص الكبرى : ١ / ٨٨ [١ / ١٤٩] ، السيرة الحلبية : ١ / ١٣٢ [١ / ١٢٢]. (المؤلف)

(٢) أعلام النبوّة : ص ٢١٢ باب ١٩.

(٣) الإجابة : ص ٦٣ باب ١.

١١٤

أو هل يريد هذا الرجل إثبات مأثرة لعائشة؟ أو ذكر مَزلّة لبعلها؟ وهل كان صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتّبع رضاها في المشروع؟ أو كان اتّباعه أعمّ من ذلك؟ ـ معاذ الله ـ وهل من الممكن أن يتّبع رضاها حتى في نقض ما جاء به هو من الشريعة الالهيّة؟ وأيّ حكم يستنبط من مثل هذا المدرك الساقط؟ فمرحباً بالكاتب ، وزهٍ بالعلماء المستنبطين ، وكثّر الله أمثال هذه البركات ـ لاكثّرها.

ثمّ هل النذر يبيح المحظور؟ وفي الحديث الشريف قوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا نذر في معصية ولا نذر فيما لا يملك ابن آدم» (١).

وقوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من نذر أن يطيع الله فليطعه ، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصه» (٢).

وقال عقبة بن عامر : إنّ أخته نذرت أن تمشي حافية غير مختمرة وأنّه ذكر ذلك لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «مرها فلتركب ولتختمر» (٣).

وعن ابن عبّاس قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مرّ برجل بمكة وهو قائم في الشمس فقال : «ما هذا؟» قالوا : نذر أن يصوم ولا يستظلّ إلى الليل ولا يتكلّم ولا يزال

__________________

(١) صحيح مسلم : ٢ / ١٧ [٣ / ٤٦٢ ح ٨ كتاب النذر] ، سنن أبي داود : ٢ / ٨١ [٣ / ٢٢٨ ح ٣٢٧٤] ، سنن ابن ماجة : ١ / ٦٥٢ [١ / ٦٨٦ ح ٢١٢٤] ، سنن النسائي : ٧ / ١٩ ، ٢٩ [٣ / ١٣٦ ح ٤٧٥٤]. (المؤلف)

(٢) صحيح البخاري : ٩ / ٢٤٥ ، ٢٤٦ [٦ / ٢٤٦٣ ح ٦٣١٨ ، ص ٢٤٦٤ ح ٦٣٢٢] ، صحيح الترمذي : ١ / ٢٨٨ [٤ / ٨٨ ح ١٥٢٦] ، سنن ابن ماجة : ١ / ٦٥٣ [١ / ٦٨٧ ح ٢١٢٦] ، سنن أبي داود : ٢ / ٧٨ [٣ / ٢٣٣ ح ٣٢٨٩] ، سنن النسائي : ٧ / ١٧ [٣ / ١٣٤ ح ٤٧٤٩ ، ٤٧٥٠] ، سنن البيهقي : ١٠ / ٧٥. (المؤلف)

(٣) سنن ابن ماجة : ١ / ٦٥٤ [١ / ٦٨٩ ح ٢١٣٤] ، سنن النسائي : ٧ / ٢٠ [٣ / ١٣٦ ح ٤٧٥٧] ، صحيح الترمذي : [٤ / ٩٤ ح ١٥٣٦] كما في تيسير الوصول : ٤ / ٢٧٩ [٤ / ٣٣٥] ، سنن البيهقي : ١٠ / ٨٠. (المؤلف)

١١٥

قائماً. قال : «ليتكلّم وليستظلّ وليجلس وليتمّ صومه» (١).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لا نذر إلاّ فيما يُبتغى به وجه الله تعالى» (٢).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «النذر نذران ، فمن كان نذره في طاعة الله فذلك لله وفيه الوفاء ، ومن كان نذره في معصية الله فذلك للشيطان ولا وفاء فيه» (٣).

أوَليس من شرط انعقاد النذر على هذا الرجحان في متعلّقه وكونه ممّا يُبتغى به وجه الله ليكون مقرّباً إليه سبحانه زلفى ، فيصحّ للناذر أن يقول : لله عليّ كذا؟ فأيّ رجحان في ضرب المرأة الأجنبيّة الدفّ بين يدي الرجل الأجنبيّ وفي غنائها ورقصها أمامه؟ إلاّ أن يقول القائل : إنّ تلك الجارية أو مسجد النبيّ الأعظم أباحا تلكم المحظورات. أو الغلوّ في الفضائل ـ فضائل الخليفة ـ أباح أن تستساغ.

رأي عمر في الغناء

إن تعجب فعجب أنّ هذه المهازئ تشعر بكراهة عمر للغناء وقد عدّه العيني في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (٤) (٥ / ١٦٠) نقلاً عن كتاب التمهيد لأبي عمر صاحب الاستيعاب ممّن ذهب إلى إباحته في عداد عثمان ، وعبد الرحمن بن عوف ، وسعد بن أبي وقّاص ، وعبد الله بن عمر ، ومعاوية ، وعمرو بن العاصي ، والنعمان بن بشير ، وحسّان بن ثابت.

__________________

(١) سنن ابن ماجة : ١ / ٦٥٥ [١ / ٦٩٠ ح ٢١٣٦] ، صحيح البخاري : ٩ / ٢٤٧ [٦ / ٢٤٦٥ ح ٦٣٢٦] ، سنن أبي داود : ٢ / ٧٩ [٣ / ٢٣٥ ح ٣٣٠٠] ، سنن البيهقي : ١٠ / ٧٥. (المؤلف)

(٢) أخرجه أبو داود [في سننه : ٢ / ٢٥٨ ح ٢١٩٢] كما في تيسير الوصول : ٤ / ٢٨١ [٤ / ٣٣٧] ، وأخرجه البيهقي في السنن الكبرى : ١٠ / ٧٥. (المؤلف)

(٣) أخرجه النسائي [في سننه : ٧ / ٢٩ طبعة دار الكتاب العربي] كما في التيسير : ٤ / ٢٨١ [٤ / ٣٣٨]. (المؤلف)

(٤) عمدة القاري : ٦ / ٢٧٢.

١١٦

وقال الشوكاني في نيل الأوطار (١) (٨ / ٢٦٦) : قد روي الغناء وسماعه عن جماعة من الصحابة والتابعين ، فمن الصحابة : عمر. كما رواه ابن عبد البرّ (٢) وغيره ، ثمّ عدّ جمعاً منهم : عثمان ، عبد الرحمن بن عوف ، أبو عبيدة الجرّاح ، سعد بن أبي وقّاص ، عبد الله بن عمر.

وروى المبرّد والبيهقي في المعرفة كما في نيل الأوطار (٣) (٨ / ٢٧٢) عن عمر : أنّه إذا كان داخلاً في بيته ترنّم بالبيت والبيتين. واستدلال الشوكاني بهذا على إباحة الغناء في بعض المواقف يومي إلى أنّ المراد من الترنّم : التغنّي.

وقال ابن منظور في لسان العرب (٤) (١٩ / ٣٧٤) : قد رخّص عمر رضى الله عنه في غناء الأعراب.

ويُعرب عن جليّة الحال حديث خوات بن جبير الصحابي ، قال : خرجنا حجّاجاً مع عمر ، فسرنا في ركب فيهم أبو عبيدة بن الجرّاح وعبد الرحمن بن عوف ، فقال القوم : غنّنا من شعر ضرار ، فقال عمر : دعوا أبا عبد الله فليغنّ من بنيّات فؤاده (٥). فما زلت أُغنّيهم حتى كان السحر ، فقال عمر : ارفع لسانك يا خوات فقد أسحرنا (٦).

وزاد ابن عساكر في تاريخه (٧) (٧ / ١٦٣) : فقال أبو عبيدة : هلمّ إلى رجل أرجو

__________________

(١) نيل الأوطار : ٨ / ١١٥.

(٢) الاستيعاب : القسم الثاني / ٤٥٧ رقم ٦٨٦.

(٣) نيل الأوطار : ٨ / ١٢٠.

(٤) لسان العرب : ١٠ / ١٣٥.

(٥) يعني : من شعره.

(٦) سنن البيهقي : ١٠ / ٢٢٤ ، الاستيعاب : ١ / ١٧٠ [القسم الثاني / ٤٥٧ رقم ٦٨٦] ، الإصابة : ١ / ٤٥٧ [رقم ٢٢٩٨] ، كنز العمّال : ٧ / ٣٣٥ [١٥ / ٢٢٨ ح ٤٠٦٩٧]. (المؤلف)

(٧) تاريخ مدينة دمشق : ٢٥ / ٤٨٣ رقم ٣٠٥١.

١١٧

أن لا يكون شرّا من عمر. قال : فتنحّيت أنا وأبو عبيدة فما زلنا كذلك حتى صلّينا الفجر.

وفي كنز العمّال (١) (٧ / ٣٣٦) : كلّم أصحاب النبيّ خوات بن جبير أن يغنّيهم فقال : حتى أستأذن عمر. فاستأذنه فأذن له ، فغنّى خوات ، فقال عمر : أحسن خوات ، أحسن خوات.

وفي حديث رباح بن المعترف : قال : إنّه كان مع عبد الرحمن بن عوف يوماً في سفر ، فرفع صوته رباح يغنّي غناء الركبان ، فقال له عبد الرحمن : ما هذا؟ قال : غير ما بأس نلهو ونقصّر عنّا السفر. فقال عبد الرحمن : إن كنتم لا بدّ فاعلين فعليكم بشعر ضرار بن الخطّاب ، ويقال : إنّه كان معهم في ذلك السفر عمر بن الخطّاب وكان يغنّيهم غناء النصب (٢). في تاج العروس (٣) : النصب ضرب من أغاني الأعراب.

وعن عثمان بن نائل عن أبيه قال : قلنا لرباح بن المعترف : غنّنا بغناء أهل بلدنا ، فقال : مع عمر؟ قلنا : نعم ، فإن نهاك فانته.

وذكر الزبير بن بكار : أنّ عمر مرّ به ورباح يغنّيهم غناء الركبان (٤) فقال : ما هذا؟ قال عبد الرحمن : غير ما بأس يقصّر عنّا السفر ، فقال : إذا كنتم فاعلين فعليكم بشعر ضرار بن الخطّاب. الإصابة (١ / ٥٠٢).

وعن السائب بن يزيد قال : بينا نحن مع عبد الرحمن بن عوف في طريق مكّة إذ

__________________

(١) كنز العمّال : ١٥ / ٢٢٩ ح ٤٠٧٠٠.

(٢) سنن البيهقي : ١٠ / ٢٢٤ ، الاستيعاب : ١ / ١٨٦ [القسم الثاني / ٤٨٦ رقم ٧٤٦]. (المؤلف)

(٣) تاج العروس : ١ / ٤٨٥.

(٤) قال ابن الأعرابي : كانت العرب تتغنّى بالركباني إذا ركبت وإذا جلست في الأفنية وعلى أكثر أحوالها ، فأحبّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يكون هِجّيراهم [أي : عادتهم ودأبهم] بالقرآن مكان التغنّي بالركباني. لسان العرب : ١٩ / ٣٣٧ [١٠ / ١٣٥] ، تاج العروس : ١٠ / ٢٧٣. (المؤلف)

١١٨

قال عبد الرحمن لرباح : غنّنا. فقال له عمر : إن كنت آخذاً فعليك بشعر ضرار بن الخطّاب. الإصابة (٢ / ٢٠٩).

وفي لفظ ابن عساكر في تاريخه (١) (٧ / ٣٥) : فقال عمر : ما هذا؟ فقال عبد الرحمن : ما بأس بهذا اللهو ونقصّر عنّا سفرنا. فقال عمر : إن كنت ... إلى آخره.

وعن العلاء بن زياد : أنّ عمر كان في مسير فتغنّى فقال : هلا زجرتموني إذا لغوت. كنز العمّال (٢) (٧ / ٣٣٥).

وعن الحارث بن عبد الله بن عباس : أنّه بينا هو يسير مع عمر في طريق مكّة في خلافته ومعه المهاجرون والأنصار فترنّم عمر ببيت ، فقال له رجل من أهل العراق ليس معه عراقيّ غيره : غيرك فليقلها يا أمير المؤمنين ، فاستحيا عمر وضرب راحلته حتى انقطعت من الركب. أخرجه الشافعي والبيهقي كما في الكنز (٣) (٧ / ٣٣٦).

هذا عمر وهذا رأيه وهذه سيرته في الغناء ، فهل من المعقول أن يهابه المغنّون فيجفلون عمّا كانوا يقترفونه ، ويسمعه النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا يتحرّج؟ ويرى أنّ الشيطان يفرق من عمر ، ولا يفرق منه؟ المستعاذ بك يا الله.

وقد تروى هذه المنقبة الموهومة لعثمان فيما أخرجه أحمد في مسنده (٤) (٤ / ٣٥٣) من طريق ابن أبي أوفى قال : استأذن أبو بكر رضى الله عنه على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وجارية تضرب بالدُّف فدخل ، ثمّ استأذن عمر رضى الله عنه فدخل ، ثمّ استأذن عثمان رضى الله عنه فأمسكت. قال : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : إن عثمان رجل حيي.

وأخرجه في (ص ٣٥٤) بإسناد آخر بلفظ : كانت جارية تضرب بالدفّ عند

__________________

(١) تاريخ مدينة دمشق : ٢٤ / ٤٠٠ رقم ٢٩٣٢.

(٢) كنز العمّال : ١٥ / ٢٢٨ ح ٤٠٦٩٦.

(٣) كنز العمّال : ١٥ / ٢٢٨ ح ٤٠٦٩٨.

(٤) مسند أحمد : ٥ / ٤٧٠ ح ١٨٦٣٤ ، ص ٤٧١ ح ١٨٦٣٨.

١١٩

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجاء أبو بكر ثمّ جاء عمر ، ثمّ جاء عثمان فأمسكت ، فقال : إلى آخره. وسنوقفك على حياء عثمان حتى تعرف صحّة هذا الحديث أيضاً.

ثمّ لنتوجّه إلى شاعر النيل المشبّه دِرّة عمر بعصا موسى التي كانت معجزة قاهرة لنبيٍّ معصوم أبطل بها الباطل ، وأقام الحقّ ، فقال كما مرّ في (ص ٦٦):

أغنتْ عن الصارمِ المصقولِ درّتهُ

فكم أخافت غويَّ النفسِ عاتيها

كانت له كعصا موسى لصاحبِها

لا ينزلُ البُطْلُ مجتازاً بواديها

فنسأل الرجال عن وجه الشبه بين تلك العصا وبين هذه الدِرّة التي قيل فيها : لعلّ درّته لم يسلم من خفقتها إلاّ القلائل من كبار الصحابة ، وكانت الدرّة في يده على الدوام أنّى سار ، وكان الناس يهابونها أكثر ممّا تخيفهم السيوف ، وكان يقول : أصبحت أضرب الناس ليس فوقي أحد إلاّ ربّ العالمين (١) ، فقيل بعده : لدرّة عمر أهيب من سيف الحجّاج كما في محاضرة السكتواري (ص ١٦٩).

فما وجه الشبه بين عصا نبيّ معصوم وبين درّة إنسان لم يسلم منها إلاّ القلائل من كبار الصحابة؟ أهي تشبهها حين ضرب صاحبها النساء الباكيات على بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأخذ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بيده وقال : «مه يا عمر»؟ (غ) (٦ / ١٥٩) (٢).

أم حين ضرب أمّ فروة بنت أبي قحافة حين بكت على أبيها؟ (غ) (٦ / ١٦١)

أم حين ضرب تميم الداري لإتيانه الصلاة بعد العصر وهي سنّة؟ (غ) (٦ / ١٨٣ ـ ١٨٤).

أم حين ضرب المنكدر وزيد الجهني وآخرين للصلاة بعد العصر؟ (غ) (٦ / ١٨٤).

__________________

(١) محاضرات الخضري : ٢ / ١٥ ، الخلفاء للنجّار : ص ١١٣ ، ٢٣٩. (المؤلف)

(٢) غ : رمز كتابنا هذا (الغدير) في جميع الأجزاء. (المؤلف)

١٢٠