الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي
المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٧
أنت الذي دقَّ معناه لمعتبرِ |
|
يا آيةَ اللهِ بل يا فتنةَ البشرِ |
وحجّةَ اللهِ بل يا منتهى القَدَرِ
عن كشفِ معناه ذو الفكر الدقيقِ وَهنْ |
|
وفيك ربُّ العلى أهلَ العقولِ فتنْ |
أنَّى بحدِّكَ يا نورَ الإله فطنْ |
|
يا من إليه إشارات العقولِ ومنْ |
فيه الألبّاءُ تحت العجزِ والخطرِ
ففي حدوثِكَ قومٌ في هواك غووا |
|
إن أبصروا منك أمراً معجزاً فغَلوا |
حيّرتَ أذهانَهمْ يا ذا العلى فعَلوا |
|
هيّمتَ أفكارَ ذي الأفكارِ حين رأوا |
آياتِ شأنِكَ في الأيّامِ والعصرِ
أوضحتَ للناسِ أحكاماً محرَّفةً |
|
كما أتيت أحاديثاً مصحّفةً |
أنت المقدّمُ أسلافاً وسالفةً |
|
يا أوّلاً آخراً نوراً ومعرفةً |
يا ظاهراً باطناً في العينِ والأثرِ
يا مطعمَ القرصِ للعافي الأسيرِ وما |
|
ذاقَ الطعامَ وأمسى صائماً كرما |
ومُرجع القرصِ إذ بحرُ الظلام طما |
|
لك العبارةُ بالنطقِ البليغِ كما |
لك الإشارةُ في الآيات والسورِ
أنوارُ فضلِك لا تطفى لهنَّ عدا |
|
ممّا يكتّمه أهلُ الضلال بدا |
تخالفت فيك أفكارُ الورى أبدا |
|
كم خاض فيك أناس وانتهى فغدا |
معناك محتجباً عن كلِّ مقتدرِ
لولاك ما اتّسقت للطُهرِ ملَّتُهُ |
|
كلاّ ولا اتّضحت للناسِ شرعتُهُ |
ولا انتفت عن أسيرِ الشكِّ شبهتُهُ |
|
أنت الدليلُ لمن حارتْ بصيرتُهُ |
في طيِّ مشتبكاتِ القولِ واعبرِ
أدركت مرتبةً ما الوهمُ يدركُها |
|
وخضتَ من غمراتِ الحرب مهلكَها |
مولاي يا مالكَ الدينا وتاركَها |
|
أنت السفينةُ مَن صِدقاً تمسّكَها |
نجا ومن حادَ عنها خاض في الشررِ
من نورِ فضلِكَ ذو الأفكارِ مقتبسُ |
|
ومن معالمِ ربِّ العلمِ مختلسُ |
لو لا بيانُكَ أمرُ الكلِّ ملتبسُ |
|
فليس قبلكَ للأفكارِ ملتمسُ |
وليس بعدك تحقيقٌ لمعتبرِ
جاءت بتأميرِكَ الآياتُ والصحفُ |
|
فالبعضُ قد آمنوا والبعضُ قد وقفوا |
لولاك ما اتّفقوا يوماً ولا اختلفوا |
|
تفرّق الناس إلاّ فيك وائتلفوا |
فالبعضُ في جنّةٍ والبعضُ في سقرِ
خيرُ الخليقةِ قومٌ نهجَكَ اتَّبعتْ |
|
وشرُّها من على تنقيصِك اجتمعتْ |
وفرقةٌ أوّلت جهلاً لما سمعتْ |
|
فالناسُ فيك ثلاثٌ فرقةٌ رفعتْ |
وفرقةٌ وقعت بالجهلِ والقذرِ
يا ويحَها فرقةً ما كان يمنعُها |
|
لو أنَّها اتَّبعت ما كان ينفعُها |
يا فرقةً غيُّها بالشوم موقِعُها |
|
وفرقةٌ وقعتْ لا النورُ يرفعُها |
ولا بصائرُها فيها بذي غورِ
بعظمِ شأنِك كلُّ الصحفِ تعترفُ |
|
ومن علومِك ربُّ العلمِ يقترفُ |
لولاك ما اصطلحوا يوماً وما اختلفوا |
|
تصالحَ الناسُ إلاّ فيك واختلفوا |
إلاّ عليك وهذا موضعُ الخطرِ
جاءت بتعظيمِكَ الآياتُ والسورُ |
|
فالبعضُ قد آمنوا والبعضُ قد كفروا |
والبعض قد وقفوا جهلاً وما اختبروا |
|
وكم أشاروا وكم أبدوا وكم ستروا |
والحقّ يظهر من بادٍ ومستترِ
أقسمتُ بالله باري خلقِنا قسما |
|
لولاك ما سمَكَ الله العليُّ سما |
يا من له اسمٌ بأعلى العرشِ قد رُسِما |
|
أسماءك الغرُّ مثل النيّرات كما |
صفاتك السبع كالأفلاك ذي الأكرِ
أنت العليمُ إذا ربُّ العلومِ جهلْ |
|
إذ كلُّ علمٍ فشا في الناس عنك نقلْ |
وأنت نجمُ الهدى تهدي لكلِّ مضلْ |
|
وولدك الغرُّ كالأبراج في فلك الْ |
معنى وأنتَ مثالُ الشمسِ والقمرِ
أئمّةٌ سورُ القرآن قد نطقتْ |
|
بفضلِهمْ وبهم طرقُ الهدى اتَّسقتْ |
طوبى لنفسٍ بهم لا غيرهم وثقتْ |
|
قومٌ هم الآلُ آلُ اللهِ من علقتْ |
بهم يداه نجا من زلّة الخطرِ
عليهمُ محكمُ القرآنِ قد نزلا |
|
مفصّلاً من معاني فضلهمْ جملا |
هم الهداةُ فلا تبغي لهم بدلا |
|
شطر الأمانة معراج النجاة إلى |
أوجِ العلومِ وكم في الشطرِ من غيرِ
بلطف سرِّك موسى فجّرَ الحجرا |
|
وأنت صاحبُه إذ صاحبَ الخضرا |
وفيك نوحٌ نجا والفُلْكُ فيه جرى |
|
يا سرَّ كلِّ نبيٍّ جاءَ مشتهرا |
وسرَّ كلِّ نبيٍّ غيرِ مشتهرِ
يلومني فيك ذو جهلٍ أخو سفهِ |
|
ولا يضرُّ محقّا قولُ ذي شُبَهِ |
ومن تنزَّه عن ندٍّ وعن شَبهِ |
|
أُجلُّ وصفَكَ عن قدرٍ لمشتبهِ |
وأنت في العينِ مثلُ العينِ في الصورِ
ولهُ قوله يمدح به أمير المؤمنين عليهالسلام :
يا منبعَ الأسرارِ يا |
|
سرَّ المهيمن في الممالكْ |
يا قطبَ دائرةِ الوجو |
|
د وعين منبعِهِ كذلكْ |
والعينَ والسرَّ الذي |
|
منه تلقّنتِ الملائكْ |
ما لاح صبحٌ في الدجى (١) |
|
إلاّ وأسفرَ عن جمالكْ |
يا ابن الأطايبِ والطوا |
|
هرِ والفواطم والعواتِكْ |
أنت الأمانُ من الردى |
|
أنت النجاةُ من المهالكْ |
أنت الصراطُ المستقي |
|
م قسيمُ جنّاتِ الأرائكْ |
والنارُ مفزعُها إلي |
|
ك وأنت مالكُ أمرِ مالكْ |
__________________
(١) ما لاح صبحٌ للهدى. كذا في بعض النسخ. (المؤلف)
يا من تجلّى بالجمالِ |
|
فشقَّ بردةَ كلِّ حالكْ |
صلّى عليكَ اللهُ من |
|
هادٍ إلى خيرِ المسالكْ |
والحافظ البرسيّ لا |
|
يخشى وأنت له هنالكْ |
وله أبيات في أهل البيت خمّسها الشاعر المفلق الشيخ أحمد بن الحسن النحوي نذكرها مع تخميسها :
ولائي لآلِ المصطفى وبنيهمُ |
|
وعترتهم أزكى الورى وذَويهمُ |
بهم سمةٌ من جدِّهم وأبيهمُ |
|
همُ القومُ أنوارُ النبوّةِ فيهمُ |
تلوحُ وآثارُ الإمامةِ تُلمَحُ
نجومُ سماءِ المجدِ أقمارُ تمِّهِ |
|
معالمُ دينِ اللهِ أطوادُ حلمهِ |
منازلُ ذكرِ اللهِ حكّامُ حكمهِ |
|
مهابطُ وحيِ اللهِ خزّانُ علمهِ |
وعندهمُ سرُّ المهيمن مودعُ
مديحُهمُ في محكمِ الذكرِ محكمُ |
|
وعندَهمُ ما قد تلقّاه آدمُ |
فدَع حكمَ باقي الناسِ فهو تحكّمُ |
|
إذا جلسوا للحكم فالكلُّ أبكمُ |
وإن نطقوا فالدهرُ أُذنٌ ومسمعُ
بحبِّهمُ طاعاتُنا تُتَقبّلُ |
|
وفي فضلِهمْ جاءَ الكتابُ المنزَّلُ |
يعمُّ شذاهمُ كلَّ أرضٍ ويشملُ |
|
وإن ذكروا فالكون نَدٌّ ومندلُ (١) |
لهم أرجٌ من طيبهم يتضوعُ
دعا بهمُ موسى ففُرِّجَ كربُهُ |
|
وكلّمه من جانب الطور ربُّهُ |
إذا حاولوا أمراً تسهّلَ صعبُهُ |
|
وإن برزوا فالدهرُ يخفقُ قلبُهُ |
لسطوتِهمْ والأُسدُ في الغابِ تفزعُ
فلولاهمُ ما سار فلكٌ ولا جرى |
|
ولا ذرأَ اللهُ الأنامَ ولا برا |
__________________
(١) الندّ بفتح المعجمة وكسرها : عود يُتبخّر به. المندل : العود الطيّب الرائحة. (المؤلف)
كرامٌ متى مازرتهم عجّلوا القِرى |
|
وإن ذُكر المعروفُ والجودُ في الورى |
فبحرُ نداهم زاخرٌ يتدفَّعُ
أبوهم أخو المختار طه ونفسُهُ |
|
وهم فرعُ دوحٍ في الجلالةِ غرسُهُ |
وأُمّهمُ الزهراءُ فاطمُ عرسُهُ |
|
أبوهم سماءُ المجدِ والأُمُّ شمسُهُ |
نجومٌ لها برجُ الجلالةِ مطلعُ
لهم نسبٌ أضحى بأحمدَ مُعرِقا |
|
رقا منه للعلياءِ أبعدَ مرتقى |
وزادهمُ من رونقِ القدسِ رونقا |
|
فيا نسباً كالشمسِ أبيضَ مشرقا |
ويا شرفاً من هامةِ النجمِ أرفعُ
كرامٌ نماهم طاهرٌ متطهِّرُ |
|
وبُثَّ بهم من أحمد الطهرِ عنصرُ |
وأُمُّهمُ الزهراءُ والأبُ حيدرُ |
|
فمن مثلُهم في الناس إن عُدّ مفخرُ |
أعد نظراً يا صاح إن كنت تسمعُ
عليٌّ أميرُ المؤمنين أميرُهمْ |
|
وشُبّرُهمْ أصلُ التُقى وشبيرُهمْ |
بَهاليلُ صوّامون فاحَ عبيرُهمْ |
|
ميامينُ قوّامون عزَّ نظيرُهمْ |
هداةٌ ولاةٌ للرسالةِ منبعُ
مناجيبُ ظلُّ اللهِ في الأرضِ ظلُّهمْ |
|
وهم معدنٌ للعلم والفضلِ كلُّهمْ |
وفضلهمُ أحيا البرايا وبذلهمْ |
|
فلا فضلَ إلاّ حين يُذكر فضلُهمْ |
ولا علم إلاّ علمُهم حين يرفعُ
إليهم يفرُّ الخاطئون بذنبهمْ |
|
وهم شفعاءُ المذنبين لربِّهمْ |
فلا طاعةٌ ترضى لغيرِ محبّهمْ |
|
ولا عملٌ ينجي غداً غيرُ حبِّهم |
إذا قام يومُ البعثِ للخلقِ مجمعُ
حلفتُ بمن قد أمّ مكّةَ وافدا |
|
لقد خابَ من قد كان للآلِ جاحدا |
ولو أنّه قد قطّع العمرَ ساجدا |
|
ولو أنَّ عبداً جاء للهِ عابدا |
بغيرِ ولا أهلِ العبا ليس ينفعُ
بني أحمدٍ مالي سواكم أرى غدا |
|
إذا جئتُ في قيدِ الذنوبِ مقيَّدا |
أُناديكمُ يا خيرَ من سمعَ الندا |
|
أيا عترةَ المختارِ يا رايةَ الهدى |
إليكم غداً في موقفي أتطلّعُ
فو الله لا أخشى من النارِ في غدِ |
|
وأنتم وُلاةُ الأمرِ يا آلَ أحمدِ |
وها أنا قد أدعوكمُ رافعاً يدي |
|
خذوا بيدي يا آلَ بيتِ محمدِ |
فمن غيرُكم يوم القيامة يشفعُ
وهذه القصيدة خمّسها الشيخ هادي المتوفّى (١٢٣٥) ، ابن الشيخ أحمد النحوي المخمِّس المذكور أوّل تخميسه :
بنو أحمدٍ قد فاز من يرتضيهمُ |
|
أئمّةُ حقٍّ للنجا يرتضيهمُ |
وطوبى لمن في هديه يقتضيهمُ |
|
همُ القومُ أنوارُ النبوّةِ فيهمُ |
تلوح وآثارُ الإمامة تلمعُ
وله في العترة الطاهرة صلوات الله عليهم قوله :
فرضي ونفلي وحديثي أنتمُ |
|
وكلُّ كلّي منكمُ وعنكمُ |
وأنتمُ عندَ الصلاةِ قبلتي |
|
إذا وقفتُ نحوكم أُيمّمُ |
خيالُكم نصبٌ لعيني أبداً |
|
وحبُّكم في خاطري مخيِّمُ |
يا سادتي وقادتي أعتابكم |
|
بجفنِ عيني لثراها ألثمُ |
وقفاً على حديثِكم ومدحِكم |
|
جعلتُ عمري فاقبلوه وارحموا |
مُنّوا على الحافظ من فضلِكمْ |
|
واستنقذوه في غدٍ وأنعموا |
وله في أهل البيت الطاهر سلام الله عليهم قوله :
يا آل طه أنتمُ أملي |
|
وعليكمُ في البعث متّكلي |
إن ضاق بي ذنبٌ فحبُّكمُ |
|
يوم الحساب هناك يوسع لي |
بولائكم وبطيبِ مَدحِكمُ |
|
أرجو الرضا والعفوَ عن زللي |
رجبُ المحدّثُ عبد عبدِكمُ |
|
والحافظ البرسيّ لم يزلِ |
لا يختشي في الحشرِ حرَّ لظى |
|
إذ سيِّداه محمدٌ وعلي |
سيثقلان وزان صالحه |
|
ويُبيِّضان صحيفة العملِ |
لم ينشعبْ فيكون منطلقاً |
|
من ضلّةٍ للشعبِ ذي الظللِ |
وله مسمِّطاً فيهم صلوات الله عليهم قوله :
سرُّكمُ لا تنالُه الفِكَرُ |
|
وأمرُكُم في الورى خطرُ |
مستصعبٌ فكُّ رمزِه خطرُ |
|
ووصفُكم لا يطيقُه البشرُ |
ومدحُكم شرُفت به السورُ
وجودُكم للوجودِ علّتُه |
|
ونورُكم للظُهورِ آيتُه |
وأنتمُ للوجودِ قبلتُه |
|
وحبُّكم للمحبِّ كعبتُه |
يسعى بها طائفاً ويعتمرُ
لولاكمُ ما استدارت الأكرُ |
|
ولا استنارت شمسٌ ولا قمرُ |
ولا تدلّى غصنٌ ولا ثمرُ |
|
ولا تندّى ورقٌ ولا خضرُ |
ولا سرى بارقٌ ولا مطرُ
عندكمُ في الإيابِ مجمعُنا |
|
وأنتمُ في الحسابِ مفزعُنا |
وقولُكم في الصراطِ مرجعُنا |
|
وحبُّكم في النشورِ ينفعُنا |
به ذنوبُ المحبِّ تُغتفرُ
يا سادةً قد زكت معارفهمْ |
|
وطاب أصلاً وساد عارفُهمْ |
وخاف في بعثِه مخالفهمْ |
|
إن يختبرْ للورى صيارفُهمْ |
فأصلُهم بالولاءِ يُختبرُ
أنتم رجائي وحبُّكم أملي |
|
عليه يوم المعاد متَّكلي |
فكيف يخشى حرَّ السعير ولي |
|
وشافعاه محمدٌ وعلي |
أو يعتريه من شرِّها شررٌ
عبدُكمُ الحافظُ الفقيرُ على |
|
أعتابِ أبوابِكمْ يروم فلا |
تخيّبوه يا سادتي أملا |
|
وأقسموه يوم المعاد إلى |
ظلٍّ ظليلٍ نسيمُه عَطرُ
صلّى عليكم ربُّ السماء كما |
|
أصفاكمُ واصطفاكمُ كرما |
وزاد عبداً والاكمُ نعما |
|
ما غرّد الطير في الغصونِ وما |
ناح حمامٌ وأورق الشجرُ
وله في العترة الطاهرة وسيّدهم صلوات الله عليه وعليهم قوله :
إذا رمتَ يومَ البعثِ تنجو من اللظى |
|
وَيُقبلُ منك الدينُ والفرضُ والسننْ |
فوالِ عليّا والأئمّةَ بعدَه |
|
نجومَ الهدى تنجو من الضيقِ والمحنْ |
فهم عترةٌ قد فوّضَ اللهُ أمرَه |
|
إليهم لما قد خصّهم منه بالمننْ |
أئمّةُ حقٍّ أوجبَ اللهُ حقَّهمْ |
|
وطاعتُهم فرضٌ بها الخلقُ تمتحنْ |
نصحتُكَ أن ترتاب فيهم فتنثني |
|
إلى غيرهم من غيرهم في الأنام منْ |
فحبُّ عليٍّ عدّةٌ لوليِّه |
|
يلاقيه عند الموتِ والقبر والكفنْ |
كذلك يومَ البعثِ لم ينجُ قادمٌ |
|
من النارِ إلاّ من تولّى أبا الحسنْ |
وله في رثاء الإمام السبط الشهيد صلوات الله عليه قوله :
يميناً بنا حادي السرى إن بدت نجدُ |
|
يميناً فللعاني العليل بها نجدُ |
وعُج فعسى من لاعجِ الشوقِ يشتفي |
|
غريمُ غرامٍ حشوُ أحشائِه وقدُ |
وسر بي لسربٍ فيه سربُ جآذر |
|
لسربيَ من جهد العهاد بهم عهدُ |
ومُر بي بليلٍ في بَليلِ عراصها |
|
لأروى بريّا تربةٍ تربُها نَدُّ |
وقف بي أُنادي واديَ الأيكِ علّني |
|
هناك أرى ذاك المساعدَ يا سعدُ |
فبالربع لي من عهد جَيرون جيرةٌ |
|
يُجيرون إن جارَ الزمانُ إذا استعدوا |
همُ الأهلُ إلاّ أنَّهم لي أهلّةٌ |
|
سوى أنَّهم قصدي وأنّي لهم عبدُ |
عزيزون رُبعُ العمر في ربعِ عزِّهمْ |
|
تقضّى ولا روعٌ عراني ولا جهدُ |
وربعيَ مُخضرٌّ وعيشيَ مُخضِلُ |
|
ووجهيَ مُبيضٌّ وفودي مُسودُّ |
وشمليَ مَشمولٌ وبُردُ شبيبتي |
|
قشيبٌ وبردُ العيش ما شانه نكدُ |
معالمُ كالأعلامِ معلمةُ الربى |
|
فأنهارُها تجري وأطيارها تشدو |
طوت حادثات الدهر منشور حسنها |
|
كما رسمت في رسمها شمألٌ تغدو |
وأضحت تجرُّ الحادثاتُ ذيولَها |
|
عليه ولا دَعدٌ هناك ولا هِندُ |
ولا غروَ إن جارت ومارت صروفها |
|
وغارت وأغرت واعتدت واغتدت تشدو |
فقد غدرتْ قِدماً بآل محمدٍ |
|
وطاف عليهم بالطفوفِ لها جندُ |
وجاشت بجيشٍ جاش طامٍ عرمرمٍ |
|
خميسٍ لهامٍ حامَ يحمومه أسدُ (١) |
وعمّت بأشرارٍ عن الرشدِ قد عَموا |
|
وهل يسمع الصمُّ الدعاءَ إذا صدّوا |
فيا أمّةً قد أدبرتْ حين أقبلتْ |
|
فرافقَها نحسٌ وفارقَها سعدُ |
أبت إذ أتت تنأى وتنهى عن النهى |
|
وولّت وألوتْ حين مال بها الجدُّ |
سرت وسرت بغياً وسرّت بِغيِّها |
|
بغيّا دعاها إذ عداها به الرشدُ |
عصابة عصبٍ (٢) أوسعت إذ سعت إلى |
|
خطاء خطاها والشقاءُ بها يحدو |
أثاروا وثاروا ثارَ بدرٍ وبادروا |
|
لحربِ بُدورٍ من سناها لهم رشدُ |
بغت فبغت عمداً قتالَ عميدِها |
|
صدورُ طغاةِ في الصدورِ لها حقدُ |
__________________
(١) طام من طمى يطمي الفرس : أي أسرع. ويقال : البحر الطامي : أي الغزير. العرمرم : الجيش الكثير. الخميس : الجيش ذو الخمس فرق : المقدمة ، القلب ، الميمنة ، الميسرة ، الساقة. اللهام : الجيش العظيم. حام : أي دار به. اليحموم : اسم فرس الإمام السبط الحسين عليهالسلام ، وفرس هشام ابن عبد الملك ، وفرس حسّان الطائي ، وفرس النعمان بن المنذر. (المؤلف)
(٢) العصابة : الجماعة من الرجال أو الخيل. العصب : الطي واللي ، والقبض على الشيء. (المؤلف)
وساروا يسنّون العنادَ وقد نسوا ال |
|
معادَ فهم من قومِ عادٍ إذا عُدّوا |
فيا قلبُ قلب الدينِ في يوم أقبلوا |
|
إلى قتلِ مأمولٍ هو العَلَمُ الفردُ |
فركنَ الهدى هدّوا وقدَّ العلى قدّوا |
|
وأزرَ الهوى شدّوا ونهجَ التقى سدّوا |
كأنِّي بمولاي الحسينِ ورهطِهِ |
|
حيارى ولا عونٌ هناك ولا عضدُ |
بكربِ البلا في كربلاء وقد رُمي |
|
بعادٍ وشطّت دارُهمْ وسطتْ جندُ |
وقد حدقتْ عينُ الردى حين أحدقت (١) |
|
عتاةُ عداةٍ ليس يُحصى لهم عدُّ |
وقد أصبحوا حِلاّ لهم حين أصبحوا |
|
حُلولاً ولا حَلٌّ لديهم ولا عقدُ |
فنادى ونادى الموتُ بالخطب خاطب |
|
وطير الفنا يشدو وحادي الردى يحدو |
يسائلهم هل تعرفوني مسائلاً |
|
وسائل دمع العين سالَ به الخدُّ |
فقالوا نعم أنت الحسين بن فاطمٍ |
|
وجدّك خير المرسلين إذا عُدّوا |
وأنت سليل المجد كهلاً ويافعاً |
|
إليك إذا عُدّ العلى ينتهي المجدُ |
فقال لهم إذ تعلمون فما الذي |
|
دعاكم إلى قتلي فما عن دمي بُدُّ |
فقالوا إذا رمتَ النجاة من الردى |
|
فبايع يزيداً إنَّ ذاك هو القصدُ |
وإلاّ فهذا الموت عبّ عبابه (٢) |
|
فخض ظامياً فيه تروحُ ولا تغدو |
فقال ألا بُعداً بما جئتمُ به |
|
ومن دونه بيضٌ وخطِّيةٌ مَلدُ (٣) |
فضربٌ لهشمِ الهامِ تترى بنظمِه |
|
فمن عقدِه حَلٌّ وفي حلِّه عقدُ |
فهل سيّدٌ قد شيّدَ الفخرُ بيتَهُ |
|
حذارَ الردى يشقى لعبدٍ له عبدُ |
وما عذرُ ليثٍ يرهبُ الموتُ بأسَهُ |
|
يذلُّ ويضحى السيد يرهبه الأُسدُ |
إذا سام منّا الدهرُ يوماً مذلّةً |
|
فهيهات يأبى ربُّنا وله الحمدُ |
وتأبى نفوسٌ طاهراتٌ وسادةٌ |
|
مواضيهمُ هامُ الكماةِ لها غمدُ |
__________________
(١) حدق : فتح عينيه وطرف بهما. أحدقت : أحاطت. (المؤلف)
(٢) عبّ عبابه : كثر موجه وارتفع. (المؤلف)
(٣) الملد ـ بالفتح ـ : الناعم الليّن. (المؤلف)
لها الدمُ وردٌ والنفوسُ قنائصٌ |
|
لها القَدم قِدمٌ والنفوس لها جندُ (١) |
ليوثُ وغىً ظِلُّ الرماح مقيلُها |
|
مغاويرُ طعمُ الموتِ عندهمُ شهدُ (٢) |
حماةٌ عن الأشبالِ يومَ كريهةٍ |
|
بدور دجىً سادوا الكهولَ وهم مُردُ |
إذا افتخروا في الناس عزَّ نظيرُهم |
|
ملوكٌ على أعتابِهم يسجدُ المجدُ |
أيادي عطاهم لا تُطاوَلُ في الندى |
|
وأيدي علاهم لا يطاقُ لها ردُّ |
مَطاعيمُ للعافي مَطاعينُ في الوغى |
|
مُطاعينَ (٣) إن قالوا لهم حججٌ لُدُّ (٤) |
مفاتيح للداعي مصابيح للهدى |
|
معاليمُ للساري بها يهتدي النجدُ (٥) |
نزيلهمُ حرمٌ مُنازلهم لقىً |
|
مَنازلهمْ أمنٌ بهم يُبلَغُ القصدُ |
فضائلُهمْ جلّتْ فواضلُهمْ جلتْ |
|
مدائحُهمْ شهدٌ منائحهمْ نَدُّ (٦) |
مَرابعُهم تسقى مُرابعُهم تُلقى |
|
مُطالعُهم يُكفى مَطالعهم سعدُ |
كرامٌ إذا عافٍ عفى منه معهدٌ |
|
وصَوّحَ من خضرائِه السَّبط والجَعدُ (٧) |
وآملُهم راجٍ وأمَّ لهم رجاً |
|
وحلَّ بناديهم أحلّ له الرفدُ |
زكوا في الورى أُمّا وجدّا ووالداً |
|
وطابوا فطاب الأُمُّ والأب والجدُّ |
بأسمائِهم يُستجلب البرُّ والرضا |
|
بذكرِهمُ يُستدفعُ الضرُّ والجهدُ |
__________________
(١) الورد : الماء الذي يورد. قنائص : الصيود. القدم بفتح القاف : الشرف القديم. القدم بكسر القاف : الزمان القديم. (المؤلف)
(٢) الوغى : الحرب. المقيل : موضع النوم والراحة. مغاوير جمع المغوار : كثير الغارة. (المؤلف)
(٣) كذا في أعيان الشيعة أيضاً ، فإن كان جمعاً سالماً ل (مُطاع) فهو منصوب بالياء ، ولا أرى وجهاً لنصبه ، وإن كان جمعاً ل (مطعان) فهو مرفوع بالضمة معطوف على (مطاعين) قبله.
(٤) لُدّ بضم اللام جمع الألد : الخصم الشديد الخصومة. (المؤلف)
(٥) النجد : الدليل الماهر. (المؤلف)
(٦) الند ـ بفتح النون وكسرها ـ عود يُتبخّر به. (المؤلف)
(٧) العافي : الوارد ، الضيف ، كلّ طالب فضل أو رزق. عفى : درس وبلى. صوّح : جفف يبس. السبط : ضدّ الجعد. الجعد : القبض خلاف المسترسل. (المؤلف)
ومال إلى فتيانهِ ورجالِه |
|
يقول لقد طاب الممات ألا اشتدّوا |
فسارَ لأخذِ الثارِ كلُّ شمردلٍ |
|
إذا هاج قدحٌ للهياج له زندُ (١) |
وكلُّ كميٍّ أريحيٍّ غشمشمٍ (٢) |
|
تجمّعَ فيه الفضلُ وانعدمَ الضدُّ |
إذا ما غدا يوم الندا أسر العدى |
|
ولمّا بدا يوم الندى أُطلق الوعدُ |
ليوثُ نزالٍ بل غيوثٌ نوازلٌ |
|
سراةٌ كأُسدِ الغابِ لا بل هم الأُسدُ |
إذا طُلبوا راموا وإن طَلبوا رموا |
|
وإن ضُربوا صَدّوا وإن ضَربوا قدّوا (٣) |
فوارس أُسد الغيل منها فرائسٌ |
|
وفتيان صدقٍ شأنها الطعن والطردُ |
وجوهُهُمُ بيضٌ وخضرٌ ربُوعهمْ |
|
وبيضُهمُ (٤) حمرٌ إذا النقعُ مُسودُّ |
إذا ما دُعوا يوماً لدفعِ مُلمّةٍ |
|
غدا الموتُ طوعاً والقضاءُ هو العبدُ |
بها كلُّ ندبٍ يسبق الطرفَ طِرفُه |
|
جوادٌ على ظهرِ الجوادِ له أفدُ (٥) |
كأنّهمُ نبتُ الربى في سروجِهمْ |
|
لشدّة حزمٍ لا بحُزمٍ لها شُدّوا (٦) |
لباسُهمُ نسجُ الحديدِ إذا بدوا |
|
جبالاً وأقيالاً تقلُّهمُ الجردُ (٧) |
إذا لبسوا فوقَ الدروعِ قلوبَهمْ |
|
وصالوا فَحرُّ الكرِّ عندهمُ بَردُ |
__________________
(١) الشمردل بالمهملة والشمرذل بالمعجمة : الفتيّ السريع من الإبل وغيره. هاج : ثار وتحرك. القدح : الفولاذة التي تقدح بها النار. الهياج : الحرب. زند النار : قدحها وأخرجها من الزند. (المؤلف)
(٢) الكميّ : الشجاع أو لابس السلاح. الغشمشم : المغشّم وهو الشجاع الذي يركب رأسه فلا يثنيه شيء عمّا يريد. (المؤلف)
(٣) في أعيان الشيعة : وإن ضربوا جدّوا.
(٤) البيض : السيوف.
(٥) الندب : السريع إلى الفضائل ، الظريف النجيب. الطرف بكسر المهملة مرّ [ الكريم الطرفين ، الأب والأم ] : ص ١٦. الأفد : العجلة والسرعة. (المؤلف)
(٦) الربى جمع الربوة : ما ارتفع من الأرض. الحزم بفتح المهملة : ضبط الأمر. الحزم بضم الأوّل والثاني جمع الحزام بالكسر : ما يشدّ به وسط الدابّة. (المؤلف)
(٧) أقيال جمع القيل : الرئيس. تقلّهم من قلّ الشيء قلاّ : أي حمله. وقلّه عن الأرض : رفعه. الجرد ؛ جمع الأجرد : السبّاق من الخيل. (المؤلف)
يخوضون تيّارَ الحِمام ظوامياً |
|
وبحرُ المنايا بالمنايا لها مدُّ |
يرون المنايا نيلُها غايةُ المنى |
|
إذا استشهدوا مُرُّ الردى عندهم شَهدُ |
إذا فُلّلتْ أسيافُهمْ في كريهةٍ |
|
غدا في رءوسِ الدارعين لها حَدُّ |
فمن أبيضٍ يلقى الأعادي بأبيضٍ |
|
ومن أسمرٍ في كفّه أسمرٌ صلدُ |
يذبّون عن سبط النبي محمدٍ |
|
وقد ثارَ عالي النقعِ واصطخب الوقدُ |
يُخال بَريقُ البيضِ برقاً سجالُه ال |
|
دماءُ وأصواتُ الكماةِ لها رعدُ |
إلى أن تدانى العمرُ واقترب الردى |
|
وشأنُ الليالي لا يدومُ لها عهدُ |
أعدّوا نفوساً للفناء وما اعتدوا |
|
فطوبى لهم نالوا البقاءَ بما عَدّوا |
أحلّوا جسوماً للمواضي وأحرموا |
|
فحلّوا جنانَ الخلدِ فيها لهم خلدُ |
أمامَ الإمامِ السبطِ جادوا بأنفسٍ |
|
بها دونه جادوا وفي نصرِهِ جدّوا |
شروا عندما باعوا نفوساً نفائساً |
|
ففي هجرِها وصلٌ وفي وصلِها نقدُ |
قضوا إذ قضوا حقَّ الحسينِ وفارقوا |
|
وما فرّقوا بل وافقوا السعدَ يا سعدُ |
فلمّا رأى المولى الحسينُ رجالَه |
|
وفتيانَه صرعى وشادي الردى يشدو |
غدا طالباً للموتِ كالليثِ مغضباً |
|
يُحامي عن الأشبالِ يشتدُّ إن شدّوا |
وإن جمعوا سبعين ألفاً لقتلِه |
|
فيحملُ فيهم وهو بينهمُ فردُ |
إذا كرَّ فرّوا من جريحٍ وواقعٍ |
|
ذبيحٍ ومهزومٍ به طوّح الهدُّ (١) |
ينادي ألا يا عصبةً عصت الهدى |
|
وخانت فلم يُرعَ الذمامُ ولا العهدُ |
فبعداً لكم يا شيعةَ الغدرِ إنَّكمْ |
|
كفرتم فلا قلبٌ يلين ولا وُدُّ |
ولايتنا فرضٌ على كلِّ مسلمٍ |
|
وعصيانُنا كفرٌ وطاعتنا رشدُ |
فهل خائفٌ يرجو النجاةَ بنصرنا |
|
ويخشى إذا اشتدّت سعيرٌ لها وَقدُ |
ويرنو لنحوِ الماء يشتاقُ وردَه |
|
إذا ما مضى يبغي الورودَ له رَدُّ |
فيحملُ فيهم حملةً علويّةً |
|
بها للعوالي في أعالي العدى قصدُ |
__________________
(١) طوّح به : حمله على ركوب المهالك وقذفه. الهدّ : الكسر ، الصوت الغليظ. (المؤلف)
كفعلِ أبيه حيدرٍ يومَ خيبرٍ |
|
كذلك في بدرٍ ومن بعدِها أُحدُ |
إذا ما هوى في لبّةِ الليثِ عضبُه |
|
فمن نحرِه بحرٌ ومن جزرِه مَدُّ |
وعادَ إلى أطفالهِ وعياله |
|
وغربُ المنايا لا يُفلُّ لها حَدُّ (١) |
يقول عليكنَّ السلام مودِّعاً |
|
فها قد تناهى العمر واقترب الوعدُ |
ألا فاسمعي يا أُخت إن مسّني الردى |
|
فلا تلطمي وجهاً ولا يُخمش الخدُّ |
وإن برحت فيك الخطوبُ بمصرعي |
|
وجلَّ لديك الحزنُ والثكلُ والفقدُ |
فأرضي بما يرضى إلهكِ واصبري |
|
فما ضاع أجرُ الصابرين ولا الوعدُ |
وأوصيكِ بالسجّاد خيراً فإنَّه |
|
إمامُ الهدى بعدي له الأمرُ والعهدُ |
فضجَّ عيالُ المصطفى وتعلّقوا |
|
به واستغاثَ الأهلُ بالندبِ والولدُ |
فقالَ وكربُ الموتِ يعلو كأنَّه |
|
ركامٌ ومن عظمِ الظما انقطع الجهدُ (٢) |
ألا قد دنا الترحالُ فاللهُ حسبُكمْ |
|
وخيرُ حسيبٍ للورى الصمَدُ الفردُ |
وعاد إلى حربِ الطغاةِ مجاهداً |
|
وللبيضِ والخرصانِ في قَدِّه قَدُّ |
إلى أن غدا مُلقىً على الترب عارياً |
|
يُصافح منه إذ ثوى للثرى خدُّ |
وشمّر شِمرُ الذيلَ في حزّ رأسه |
|
ألا قُطعتْ منه الأناملُ والزندُ |
فوا حزنَ قلبي للكريمِ علا على |
|
سِنانِ سنانٍ والخيولُ لها وَخدُ (٣) |
تزلزلت السبعُ الطباقُ لفقدِهِ |
|
وكادت لهُ شمُّ الشماريخِ تنهدُّ (٤) |
__________________
(١) الغرب يوصف به السيف أي قاطع حديد. المنايا جمع المنية : الموت. الفلّ : الثلمة في حدّ السيف. الحدّ من السيف : مقطعه. (المؤلف)
(٢) الركام : المتراكم بعضه فوق بعض. الجهد : الطاقة. (المؤلف)
(٣) الوخد من وخد البعير : أي أسرع وصار يرمي بقوائمه كالنعام. وهذا البيت في نسخة :
فوا لهفَ نفسي للمحيا علا على |
|
سنانِ سنانٍ والخيولُ به تعدو |
(المؤلف)
(٤) الشمراخ : رأس الجبل. تنهدّ : تقع وتنهدم. الأوصاب جمع الوصب : المرض والوجع الدائم ونحول الجسم. (المؤلف)
وأرجف عرشُ اللهِ من ذاك خيفةً |
|
وضجّت له الأملاكُ وانفجرَ الصلدُ |
وناحت عليه الطيرُ والوحشُ وحشةً |
|
وللجنِّ إذ جنَّ الظلامُ به وَجدُ |
وشمسُ الضحى أمستْ عليه عليلةً |
|
علاها اصفرارٌ إذ تروحُ وإذ تغدو |
فيا لك مقتولاً بكته السما دماً |
|
وثُلّ سريرُ العزِّ وانهدمَ المجدُ |
شهيداً غريباً نازحَ الدارِ ظامياً |
|
ذبيحاً ومن قاني الوريدِ له وردُ |
بروحي قتيلاً غسله من دمائِهِ |
|
سليباً ومن سافي الرياح له بُردُ |
ترضُّ خيولُ الشركِ بالحقدِ صدرَه |
|
وترضخ منه الجسم في ركضها جردُ (١) |
ومذ راحَ لمّا راحَ للأهلِ مهرُه |
|
خليّا يخدُّ الأرضَ بالوجهِ إذ يعدو |
برزن حيارى نادباتٍ بذلّةٍ |
|
وقلبٍ غدا من فارطِ الحزن ينقدُّ |
فحاسرةٌ بالردنِ تستر وجهَها |
|
وبرقعُها وَقدٌ ومدمعُها رفدُ |
ومن ذاهلٍ لم تدرِ أين مُعزُّها |
|
تضيقُ عليها الأرضُ والطرقُ تنسدُّ |
وزينب حسرى تندبُ الندبَ عندها |
|
من الحزنِ أوصابٌ يضيق بها العدُّ |
تنادي أخي يا واحدي وذخيرتي |
|
وعوني وغوثي والمؤمّلُ والقصدُ |
ربيعَ اليتامى يا حسينُ وكافلُ ال |
|
أيامى رمانا بعد بُعدكم البعدُ |
أخي بعد ذاك الصونِ والخدرِ والخبا |
|
يُعالجنا علجٌ ويسلبُنا وَغدُ |
بناتك يا ابن الطهر طه حواسرٌ |
|
ورحلُكَ منهوبٌ تقاسمه الجندُ |
لقد خابتِ الآمالُ وانقطع الرجا |
|
بموتك مات العلمُ والدينُ والزهدُ |
وأضحت ثغورُ الكفرِ تبسمُ فرحةً |
|
وعينُ العلى ينخدُّ من سحِّها الخدُّ (٢) |
وصوّح نبتُ الفضلِ بعد اخضرارِه |
|
وأصبح بدرُ التمِّ قد ضمّه اللحدُ |
تُجاذبنا أيدي العدا فضلةَ الرِّدا |
|
كأن لم يكن خير الأنام لنا جَدُّ |
فأين حصوني والأُسود الأُلى بهمْ |
|
يُصالُ على ريبِ الزمان إذا يعدو |
__________________
(١) الرضّ : الدقّ والجرش. الرضخ : الكسر. الجرد ، راجع : ص ٢٤. (المؤلف)
(٢) ينخدّ : ينشقّ. السحُّ : الصبّ المتتابع الغزير. (المؤلف)
إذا غربت يا ابن النبيِّ بدورُكمْ |
|
فلا طلعتْ شمسٌ ولا حلّها سعدُ |
ولا سحبت سحبٌ ذيولاً على الربى |
|
ولا ضحكَ النوّارُ وانبعق الرعدُ (١) |
وساروا بآلِ المصطفى وعيالِهِ |
|
حيارى ولم يُخش الوعيدُ ولا الوعدُ |
وتطوي المطايا الأرض سيراً إذا سرت |
|
تجوبُ بعيد البيدِ فيها لها وَخدُ |
تأمُّ يزيداً نجل هندٍ إمامَها |
|
ألا لُعنت هندٌ وما نجلت هندُ |
فيا لكَ من رزءٍ عظيمٍ مصابُه |
|
يُشقُّ الحشا منه ويُلتدمُ الخدُّ |
أيُقتل ظمآناً حسينٌ بكربلا |
|
ومن نحرِه البيضُ الصقالُ لها وردُ |
وتضحى كريماتُ الحسينِ حواسراً |
|
يلاحظُها في سيرِها الحرُّ والعبدُ |
فليس لأخذ الثارِ إلاّ خليفةٌ |
|
هو الخلفُ المأمولُ والعَلمُ الفردُ |
هو القائم المهديُّ والسيّد الذي |
|
إذا سار أملاكُ السماءِ له جُندُ |
يُشيِّد ركنَ الدين عند ظهورِهِ |
|
علوّا وركنُ الشركِ والكفرِ ينهدُّ |
وغصنُ الهدى يضحى وريقاً ونبته |
|
أنيقاً وداعي الحقِّ ليس له ضدُّ |
لعلَّ العيونَ الرمدَ تحظى بنظرةٍ |
|
إليه فتجلى عندها الأعينُ الرمدُ |
إليك انتهى سرُّ النبيّين كلِّهمْ |
|
وأنت ختامُ الأوصياءِ إذا عُدّوا |
بني الوحي يا أُمَّ الكتابِ ومن لهم |
|
مناقبُ لا تحصى وإن كثر العدُّ |
إليكم عروساً زفّها الحزنُ ثاكلاً |
|
تنوحُ إذا الصبُّ الحزينُ بها يشدو |
لها عبرةٌ في عشرِ عاشورَ أرسلت |
|
إذا أنشدتْ حادي الدموع بها تحدو |
رجا (رجبٌ) رَحب المقام بها غداً |
|
إذا ما أتى والحشرُ ضاقَ به الحشدُ |
بذلت اجتهادي في مديحِكمُ وما |
|
قدارُ مديحي بعد أن مَدح الحمدُ |
ولي فيكمُ نظمٌ ونثرٌ غَناؤه |
|
فقيرٌ وهذا جهد من لا له جهدُ |
مصابي وصوبُ الدمع فيكم مجدّد |
|
وصبري وسلواني به أخلق الجهدُ |
__________________
(١) سحبت ، من السحب : الجرّ على وجه الأرض. النوار : الزهر أو الأبيض منه. انبعق : انبعج المطر. (المؤلف)
تذكّرني يا ابن النبيِّ غداً إذا |
|
غدا كلُّ مولىً يستجير به العبدُ |
فأنتم نصيبُ المادحين وإنَّني |
|
مدحتُ وفيكم في غدٍ يُنجَزُ الوعدُ |
إذا أصبح الراجي نزيلَ ربوعِكمْ |
|
فقد نجحتْ منه المطالبُ والقصدُ |
فإن مالَ عنكم يا بني الفضلِ راغبٌ |
|
يظلُّ ويضحى عند من لا له عندُ |
فيا عدّتي في شدّتي يوم بعثتي |
|
بكم غلّتي من عِلّتي حرُّها بردُ |
عُبَيدكُمُ (البرسيُّ) مولى فخارِكم |
|
كفاه فخاراً أنَّه لكمُ عبدُ |
عليكم سلامُ الله ما سكبَ الحيا |
|
دموعاً على روضٍ وفاح لها نَدُّ |
وله في رثاء الإمام السبط الشهيد صلوات الله عليه قوله :
دمعٌ يبدّده مقيمٌ نازحُ |
|
ودمٌ يبدِّده مقيمٌ نازحُ |
والعين إن أمست بدمعٍ فجّرتْ |
|
فجرت ينابيعٌ هناك موانحُ |
أظهرت مكنونَ الشجون فكلّما |
|
شجّ الأمون سجا الحَرون الجامحُ (١) |
وعليَّ قد جعل الأسى تجديده |
|
وقفاً يُضاف إلى الرحيبِ الفاسحُ |
وشهود ذلِّي مع غريم صبابتي |
|
كتبوا غرامي والسقام الشارحُ |
أوهى اصطباري مطلقٌ ومقيّدٌ |
|
غربٌ وقلبٌ بالكآبة بائحُ (٢) |
فالجفنُ منسجمٌ غريقٌ سائحٌ |
|
والقلبُ مضطرم حريقٌ قادحُ |
والخدُّ خدّده طليقٌ فاترٌ |
|
والوجدُ جدّده مُجدٌّ مازحُ |
أصبحتُ تخفضني الهمومُ بنصبِها |
|
والجسمُ مُعتلٌّ مثالٌ لائحُ |
حلّتْ له حلل النحولِ فبردُهُ |
|
بُرد الذبولِ تحلُّ فيه صفائحُ |
وخطيبُ وجدي فوق منبرِ وحشتي |
|
لفراقِهمْ لهو البليغُ الفاصحُ |
__________________
(١) الشج من شجّ المفازة : قطعها. الأمون من الناقة : وثيقة الخلق ، القويّة. سجا يسجو سجواً : مدّحنينه. الحرون من الدابّة : الذي لا ينقاد ، وإذا استدبر جريه وقف. الجامح : المتغلّب على راكبه والذاهب به وهو لا ينثني. (المؤلف)
(٢) بائح من باح يبوح بوحاً بسرّه : أظهره كأباحه. (المؤلف)
ومحرّمٌ حزني وشوّال العنا |
|
والعيد عندي لاعجٌ ونوائحُ |
ومديد صبري في بسيط تفكّري |
|
هزجٌ ودمعي وافرٌ ومُسارحُ (١) |
ساروا فمعناهم ومغناهم عفا |
|
واليومَ فيه نوائحٌ وصوائحُ |
درس الجديدُ جديدَها فتنكّرت |
|
ورنا بها للخطبِ طرفٌ طامحُ (٢) |
نسج البلى منه محقّق حسنِه |
|
ففناؤه ماحي الرسوم الماسحُ |
فطفقتُ أندبه رهينَ صبابةٍ |
|
عدم الرفيقُ وغاب عنه الناصحُ |
وأقول والزفراتُ تذكي جذوةً |
|
بين الضلوعِ لها لهيبٌ لافحُ |
لاغروَ إن غدر الزمانُ بأهلِهِ |
|
وجفا وحان وخانَ طرفٌ لامحُ |
فلقد غوى في ظلمِ آلِ محمدٍ |
|
وعوى عليهم منه كلبٌ نابحُ |
وسطا على البازي غرابٌ أسحمٌ |
|
وشبا على الأشبالِ زنجٌ ضابحُ (٣) |
وتطاول الكلبُ العقورُ فصاول ال |
|
ليثَ الهصورَ وذاك أمرٌ فادحُ (٤) |
وتواثبت عرجُ الضباع وروّعت (٥) |
|
والسيد أضحى للأسود يكافحُ |
آلُ النبيِّ بنو الوصيِّ ومنبعُ |
|
الشرفِ العليِّ وللعلومِ مفاتحُ |
خزّانُ علمِ اللهِ مهبطُ وحيهِ |
|
وبحارُ علمٍ والأنامُ ضحاضحُ (٦) |
التائبونَ العابدونَ الحامدو |
|
نَ الذاكرونَ وجنحُ ليلٍ جانحُ |
__________________
(١) إشارة إلى أنواع الشعر. (المؤلف)
(٢) رنا إليه وله : أدام النظر إليه بسكون الطرف. الطامح من طبع البصر : ارتفع ونظر شديداً. (المؤلف)
(٣) البازي من طيور الصيد وله أنواع كثيرة. الأسحم : الأسود. شبا : علا. الزنج : قوم من السودان. الضابح : المتغيّر اللون كلون الضبح أي الرماد. (المؤلف)
(٤) صاوله : واثبه. الهصور من الأسد : الذي يهصر فريسته أي يكسرها كسراً. الفادح : الصعب المثقل. (المؤلف)
(٥) تواثبت من وثب وثباً : نهض وقام. عُرج جمع الأعرج : المصاب في رجله الماشي مشية غير متساوية. الضباع : جمع الضبع. (المؤلف)
(٦) الضحضاح : الماء اليسير أو القريب القعر. (المؤلف)
الصائمون القائمونَ المطعمو |
|
نَ المؤثرونَ لهم يدٌ ومَنائحُ |
عند الجدى سحبٌ وفي وقت الهدى |
|
سمتٌ وفي يوم النزال جَحاجحُ (١) |
هم قبلةٌ للساجدينَ وكعبةٌ |
|
للطائفينَ ومَشعرٌ وبَطائحُ |
طرقُ الهدى سُفنُ النجاة محبُّهمْ |
|
ميزانُه يومَ القيامةِ راجحُ |
ما تبلغُ الشعراءُ منهم في الثنا |
|
واللهُ في السبع المثاني مادحُ |
نسبٌ كمنبلجِ الصباحِ ومنتمىً |
|
زاكٍ له يعنو السماك الرامحُ (٢) |
الجدُّ خيرُ المرسلين محمدُ ال |
|
هادي الأمينُ أخو الختامِ الفاتحُ |
هو خاتمٌ بل فاتحٌ بل حاكمٌ |
|
بل شاهدٌ بل شافعٌ بل صافحُ |
هو أوّل الأنوارِ بل هو صفوة ال |
|
جبّارِ والنشرُ الأريج الفائحُ |
هو سيّدُ الكونين بل |
|
هو أشرف الثقلين حقّا والنذير الناصحُ |
لولاك ما خُلقَ الزمانُ ولا بدت |
|
للعالمين مساجدٌ ومصابحُ |
والأُمُّ فاطمةُ البتولُ وبضعةُ ال |
|
هادي الرسولِ لها المهيمنُ مانحُ |
حوريةٌ إنسيّةٌ لجلالِها |
|
وجمالِها الوحيُ المنزّلُ شارحُ |
والوالد الطهر الوصيُّ المرتضى |
|
عَلمُ الهدايةِ والمنارُ الواضحُ |
مولىً له النبأُ العظيمُ وحبُّه |
|
النهجُ القويمُ به المتاجرُ رابحُ |
مولىً له بغديرِ خمٍّ بيعةٌ |
|
خضعتْ لها الأعناقُ وهي طوامحُ |
القسوَرُ البتّاكُ والفتّاكُ والس |
|
فّاكُ في يومِ العراكِ الذابحُ |
أسدُ الإلهِ وسيفُهُ ووليُّه |
|
وشقيقُ أحمَد والوصيُّ الناصحُ |
وبعضدِهِ وبعضبِه وبعزمهِ |
|
حقّا على الكفّارِ ناحَ النائحُ |
__________________
(١) الجدى : العطيّة. السمت : المحجّة والطريق. الجحاجح جمع الجحجح : السيّد المسارع إلى المكارم ، المبادر. (المؤلف)
(٢) يعنو : يذلّ ويخضع. السماك الرامح : نجم معروف يسمّى بذلك لأنّه يقدمه كوكب يقولون : هو رمحه. (المؤلف)
يا ناصرَ الإسلامِ يا بابَ الهدى |
|
يا كاسرَ الأصنامِ فهي طوامحُ (١) |
يا ليتَ عينَكَ والحسينُ بكربلا |
|
بين الطغاةِ عن الحريمِ يكافحُ |
والعادياتُ صواهلٌ وجوائلٌ |
|
بالشوسِ في بحر النجيع سوابحُ (٢) |
والبيضُ والسمرُ اللدان بوارقٌ |
|
وطوارقٌ ولوامعٌ ولوائحُ (٣) |
يلقى الردى بحرُ الندى بين العدا |
|
حتى غَدا مُلقىً وليس مُنافحُ |
أفديه محزوزَ الوريدِ مرمّلاً |
|
ملقىً عليه التربُ سافٍ سافحُ (٤) |
والماءُ طامٍ وهو ظامٍ بالعرا |
|
فردٌ غريبٌ مستضامٌ نازحُ |
والطاهراتُ حواسرٌ وثواكلٌ |
|
بين العدا ونوادبٌ ونوائحُ |
في الطفّ يَسحبنَ الذُيولَ بذلّةٍ |
|
والدهرُ سهمَ الغدرِ رامٍ رامحُ (٥) |
يسترنَ بالأردانِ نورَ محاسنٍ |
|
صوناً وللأعداءِ طَرفٌ طامحُ |
لهفي لزينبَ وهي تندبُ نَدبَها |
|
في نَدبِها والدمعُ سارٍ سارحُ (٦) |
تدعو أخي يا واحدي ومؤمّلي |
|
من لي إذا ما ناب دهرٌ كالحٌ (٧) |
من لليتامى راحمٌ من للأيامى |
|
كافلٌ من للجفاة مناصحُ |
حزني لفاطمَ تلطمُ الخدّين من |
|
عظمِ المصابِ لها جوىً وتبارحُ (٨) |
__________________
(١) مرّ حديث كسره عليهالسلام الأصنام في صفحة : ٩ ـ ١٣ من هذا الجزء. (المؤلف)
(٢) الشوس جمع الأشوس. راجع : ص ٢٤. النجيع الدم المائل إلى السواد. سوابح جمع سابح : السريع غير المضطرب في جريه. (المؤلف)
(٣) البيض جمع الأبيض : السيف. السمر : الرماح. اللدان جمع لدن بفتح اللام : الليّن. (المؤلف)
(٤) ساف من سفى يسفي سفيا : التراب تذرّى وتبدّد. سافح : المصبوب الذي لا يحبسه شيء. (المؤلف)
(٥) يسحبن من سحب سحباً : جرّ على وجه الأرض. الرامح : الطاعن بالرمح. (المؤلف)
(٦) السارح : الجاري جريا سهلاً. (المؤلف)
(٧) ناب : نزل. الكالح من كلح وجهه : عبس وتكشّر فهو كالح. (المؤلف)
(٨) الجوى : شدّة الوجد من حزن أو عشق ، داء في الصدر. التبارح من البرح : الأذى والعذاب الشديد والمشقّة. (المؤلف)