الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٧

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٧

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٧

الطبري والسيوطي ومن لفّ لفّهما من فضيلة إسلام والد أبي بكر أو والديه دون سائر الصحابة وعزوه إلى مولانا أمير المؤمنين ليس إلا مجهلة ومخرقة نشأت من الغلوّ الفاحش في الفضائل.

إسلام والدي أبي بكر :

هلمّ معي نحاسب إسلام والدي أبي بكر أحقّا هما أسلما؟ فضلاً عن أن يخصّ بهما الإسلام من بين آباء المهاجرين وأُمّهاتهم ، أم لم ينبّأ به خبير؟ بل هو نبأ كنبإ إسلام والدَي غيره من المهاجرين يناقش فيه وإنّما ولّده الغلوّ في الفضائل. أمّا إسلام أبي قحافة فيقال : إنّه أسلم يوم الفتح وقد أتى به ابنه أبو بكر إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يؤثر إتيانه إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طيلة حياته غير مرّة واحدة في تلك السنة يوم ذاك. وها نحن نذكر جميع ما ورد في إتيانه ذاك ، ونجعل تلكم الروايات المرويّة فيه قسمين : الأوّل ما لم يذكر فيه إيعاز إلى إسلامه. والثاني ما يوعز فيه إلى إسلامه.

القسم الأوّل :

١ ـ أخرج الحاكم في المستدرك (١) (٣ / ٢٤٥) عن أبي عبد الله محمد بن أحمد القاضي ابن القاضي ، قال : حدّثني أبي ، حدّثنا محمد بن شجاع ، حدّثنا الحسين (٢) بن زياد عن أبي حنيفة ، عن يزيد بن أبي خالد ، عن أنس رضى الله عنه قال : كأنّي أنظر إلى لحية أبي قحافة كأنّه ضرام عرفج من شدّة حمرته ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه تكرمةً لأبي بكر.

سكت الحاكم عمّا في سند هذه الرواية ولم يصحّحه على عادته في الكتاب ،

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٢٧٣ ح ٥٠٧٠.

(٢) الصحيح : الحسن بن زياد. (المؤلف)

٤٢١

وتبعه في ذلك الذهبي في تلخيصه (١) ، كلّ ذلك تكرمةً لأبي بكر ، وإن بخسا الحقّ والحقيقة. فيه :

١ ـ محمد بن شجاع البغدادي أبو عبد الله بن الثلجي الفقيه : قال أحمد إمام الحنابلة : مبتدع صاحب هوى. وقال عبد الله بن أحمد : سمعت القواريري قبل أن يموت بعشرة أيّام وذكر ابن الثلجي فقال : هو كافر. فذكرت ذلك لإسماعيل القاضي فسكت ، فقلت : ما أكفره إلاّ بشيء سمعه منه. قال : نعم.

وقال زكريا الساجي : فأمّا ابن الثلجي فكان كذّاباً احتال في إبطال حديث رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وردّه نصرة لمذهبه ، وفي المنتظم (٢) : نصرةً لأبي حنيفة ورأيه.

وقال ابن عدي (٣) : كان يضع أحاديث في التشبيه وينسبها إلى أصحاب الحديث يبليهم (٤) بذلك.

وقال الأزدي : كذّاب لا تحلّ الرواية عنه لسوء مذهبه ، وزيغه عن الدين.

وقال الجوزجاني : قال موسى بن القاسم الأشيب : كان كذّاباً خبيثاً (٥). وفيه :

٢ ـ الحسن ابن اللؤلؤي الكوفي : قال يحيى بن معين : كذّاب.

وقال ابن المديني : لا يكتب حديثه.

وقال محمد بن عبد الله بن نمير : يكذب على ابن جريج.

__________________

(١) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٢٧٣ ح ٥٠٧٠.

(٢) المنتظم : ١٢ / ٢١٠ رقم ١٧٢٤.

(٣) الكامل في ضعفاء الرجال : ٦ / ٢٩١ رقم ١٧٧٦.

(٤) كذا في تهذيب التهذيب ، وفي الكامل في الضعفاء : يثلبهم.

(٥) ميزان الاعتدال : ٣ / ٧١ [ ٣ / ٥٧٧ رقم ٧٦٦٤ ] ، المنتظم لابن الجوزي : ٥ / ٥٧ [ ١٢ / ٢٠٩ رقم ١٧٢٤ ] ، تهذيب التهذيب : ٩ / ٢٢٠ [ ٩ / ١٩٥ ]. (المؤلف)

٤٢٢

وقال أبو داود : كذّاب غير ثقة.

وقال أبو حاتم (١) : ليس بثقة. وقال الدارقطني (٢) : ضعيف متروك.

وقال نضر بن شميل لرجل كتب كُتب الحسن : لقد جلبت إلى بلدك شرّا.

وقال أبو ثور : ما رأيت أكذب من اللؤلؤي ، كان على طرف لسانه : ابن جريح عن عطاء.

وقال أحمد بن سليمان : رأيته يوماً في الصلاة وغلام أمرد إلى جانبه في الصفّ ، فلمّا سجد مدّ يده إلى خدّ الغلام فقرصه فلا أحدّث عنه.

وقال ابن أبي شيبة : كان أبو أُسامة يسمّيه الخبيث.

وقال يعقوب بن سفيان ، والعقيلي ، والساجي : كذّاب.

وقال النسائي (٣) : ليس بثقة ولا مأمون (٤). إقرأ واحكم. أتخفى هذه كلّها على مثل الحاكم والذهبي؟ لاها الله.

٢ ـ أخرج الحاكم في المستدرك (٥) (٣ / ٢٤٤) عن أبي العبّاس محمد بن يعقوب ، قال : حدّثنا محمد بن إسحاق الصغاني ، حدّثنا حسين بن محمد المروزي ، حدّثنا عبد الله بن عبد الملك الفهري ، حدّثنا القاسم بن محمد بن أبي بكر ، عن أبيه ، عن أبي بكر قال : جئت بأبي أبي قحافة إلى رسول الله ، فقال : هلاّ تركت الشيخ

__________________

(١) الجرح والتعديل : ٣ / ١٥ رقم ٤٩١.

(٢) الضعفاء والمتروكون : ص ١٩٢ رقم ١٨٧.

(٣) كتاب الضعفاء والمتروكين : ص ٨٩ رقم ١٥٨.

(٤) ميزان الاعتدال : ١ / ٢٢٨ [ ١ / ٤٩١ رقم ١٨٤٩ ] ، لسان الميزان : ٢ / ٢٠٨ [ ٢ / ٢٦٠ رقم ٢٤٤٩ ]. (المؤلف)

(٥) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٢٧٢ ح ٥٠٦٥.

٤٢٣

حتى آتيه. فقلت : بل هو أحقّ أن يأتيك. قال : إنّا لنحفظه لأيادي ابنه عندنا.

وذكره الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (٩ / ٥٠) فقال : رواه البزّار وفيه عبد الله ابن عبد الملك الفهري ولم أعرفه. وقال الذهبي في تلخيص المستدرك (١) : عبد الله منكر الحديث.

وقال الذهبي في الميزان (٢) (٢ / ٥٥) ، وابن حجر في لسانه (٣) (٢ / ٣١١) : قال ابن حبّان (٤) : عبد الله لا يشبه حديثه حديث الثقات يروي العجائب. وقال العقيلي (٥) : منكر الحديث لا يتابع عليه ، وقال أبو زرعة : هو ضعيف يضرب على حديثه. وقال البرقاني : سألت أبا الحسن عنه قلت : ثقة؟ قال : لا ولا كرامة. انتهى ما في الميزان ولسانه. وفي السند : القسام بن محمد عن أبيه عن أبي بكر ، توفّي القاسم بن محمد سنة (١٠٨ ، ١٠٩) وهو ابن (٧٠ ـ ٧٢) سنة كما في صفة الصفوة لابن الجوزي (٦) (٢ / ٥٠) وتوفّي والده محمد سنة (٣٨) فتكون ولادة القاسم سنة وفاة أبيه محمد ، وإن أخذنا قول ابن سعد (٧) من أنّ القاسم توفّي سنة (١١٢) وهو ابن سبعين سنة فيكون القاسم عند وفاة والده ابن أربع سنين فأنّى له الرواية عن أبيه؟!!

وأمّا رواية محمد عن أبيه أبي بكر فلا يصحّ ؛ إذ محمد ولد عام حجّة الوداع سنة عشرة من الهجرة وتوفّي والده في جمادى الآخرة عام ثلاثة عشر ، فأين يكون مقيل هذه الرواية من الصحّة؟ قال الذهبي في تلخيص المستدرك في تعقيب هذه

__________________

(١) تلخيص المستدرك : ٣ / ٢٧٢ ح ٥٠٦٥.

(٢) ميزان الاعتدال : ٣ / ٤٥٧ رقم ٤٤٣٣.

(٣) لسان الميزان : ٣ / ٣٨٤ رقم ٤٦٥٣.

(٤) كتاب المجروحين : ٢ / ١٧.

(٥) الضعفاء الكبير : ٢ / ٢٧٥ رقم ٨٣٩.

(٦) صفة الصفوة : ٢ / ٩٠ رقم ١٦٢.

(٧) الطبقات الكبرى : ٥ / ١٩٤.

٤٢٤

الرواية : القاسم لم يدرك أباه ولا أبوه أبا بكر (١).

٣ ـ أخرج الحاكم في المستدرك (٢) (٣ / ٢٤٤) عن القاضي أبو بكر محمد بن عمر ابن سالم بن الجعابي الحافظ الأوحد ، حدّثنا أبو شعيب عبد الله بن الحسن الحرّاني ، بإسناده عن أنس قال : جاء أبو بكر رضى الله عنه يوم فتح مكة بأبيه أبي قحافة إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : لو أقررت الشيخ في بيته لأتيناه.

ليت شعري ما الذي دعا الذهبي إلى تسليم رواية الجعابي هذه وترك الغمز فيها وقد ترجمه في ميزانه (٣) (٣ / ١١٣) وقذفه بقوله : إنّه فاسق رقيق الدين ، وقال الخطيب : كثير الغرائب ، ومذهبه في التشيّع معروف ، ونسب إليه ابن الجوزي ما هو بريء منه ، وحكي عن الحاكم أنّه قال : قلت للدارقطني : بلغني أنّ ابن الجعابي تغيّر بعدنا. فقال : وأيّ تغيّر؟ فقلت : هذا فهمه في الحديث. قال : إي والله حدّث عن الخليل بن أحمد صاحب العروض بعشرين حديثاً بأسانيد ليس له فيها أصل. إلى آخر ما أتى به القوم في ترجمته. راجع : تاريخ الخطيب (٣ / ٢٦) ، المنتظم لابن الجوزي (٤) (٧ / ٣٨) ، لسان الميزان (٥) (٥ / ٣٢٢).

ثمّ كيف خفي عليه وعلى الحاكم أنّ الجعابي ولد سنة (٢٨٥) وتوفّي (٣٥٥) باتفاق المؤرّخين ، فأنّى تصحّ روايته عن أبي شعيب عبد الله بن الحسن المتوفّى (٢٩٢)؟ كما أرّخه الذهبي في ميزان الاعتدال ، هذا أخذاً بما في لفظ الذهبي في تلخيصه من حذف حرف (ألا وَ) من السند وأمّا على ما في لفظ الحاكم من (ألا وَ) فيكون

__________________

(١) وقبلها : عبد الله بن عبد الملك منكر الحديث.

(٢) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٢٧٢ ح ٥٠٦٤.

(٣) ميزان الاعتدال : ٣ / ٦٧٠ رقم ٨٠٠٦.

(٤) المنتظم : ١٤ / ١٧٩ رقم ٢٦٥٢.

(٥) لسان الميزان : ٥ / ٣٦٣ رقم ٧٨٤٨.

٤٢٥

الراوي عن أبي شعيب المتوفّى (٢٩٢) هو نفس الحاكم المولود سنة (٣٢١) (١).

على أنّ الذهبي قال في الميزان (٢) (٢ / ٣٠) : كان أبو شعيب غير متّهم لكنه أخذ الدراهم على الحديث ؛ وحكى ابن حجر عن ابن حبّان (٣) في لسان الميزان (٤) (٣ / ٢٧١) أنّه قال : كان يخطئ ، ويهم.

٤ ـ أخرج الحاكم في المستدرك (٥) (٣ / ٢٤٤) عن أبي العبّاس محمد بن يعقوب ، حدّثنا بحر بن نصر ، حدّثنا عبد الله بن وهب ، أخبرني ابن جريج عن أبي الزبير عن جابر أنّ عمر بن الخطّاب أخذ بيد أبي قحافة فأتى به النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلمّا وقف به على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : غيّروه (٦) ولا تقرّبوه سوادا.

متن هذه الرواية يكذّبه كلّ ما ورد في إتيان أبي قحافة إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فإنّ في الجميع أنّ الآتي به هو أبو بكر. ثمّ مرّ في حديث أنس أنّه نظر إلى لحية أبي قحافة كأنّها ضرام عرفج من شدّة حمرتها ، فما معنى ما ورد في هذا الرواية من قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : غيّروه ولا تقرّبوه سوادا؟

__________________

(١) لم يذكر مترجمو ابن الجعابي أنّه حدّث عن أبي شعيب الحرّاني ، ولا الذين ترجموا لأبي شعيب أنّ ابن الجعابي روى عنه. وبما أنّ الطبقة لا تسمح بأن يروي القاضي ابن الجعابي عن أبي شعيب ، فالظاهر أنّ سند الرواية منقطع بمجهولية أحد رجاله. أمّا لفظ (ألا وَ) فهو ليس زائداً ، بل هو جزء كلمة (الأوحد) التي وصف الحاكم بها القاضي ابن الجعابي بقوله : الحافظ الأوحد ، وحذفها الذهبي في تلخيصه. لأنّ الحاكم يختصر كلمة (حدّثنا) ب (ثنا) ولا يكتبها كاملة إلاَّ في أول السند. وعلى هذا السهو أسس المؤلف رحمه‌الله تعليقته ، وكأنّه يرى تجزئة كلمة (الأوحد) إلى جزءين. ولا يوجد هذا الالتباس في الطبعة المعتمدة لدينا من المستدرك.

(٢) ميزان الاعتدال : ٢ / ٤٠٦ رقم ٤٢٦٦ وفيه : مات سنة (٢٩٥).

(٣) الثقات : ٨ / ٣٦٩.

(٤) لسان الميزان : ٣ / ٣٣٨ رقم ٤٥٢٧.

(٥) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٢٧٣ ح ٥٠٦٨.

(٦) قال الذهبي في تلخيص المستدرك : غيّروه ، يعني الشيب. (المؤلف)

٤٢٦

وأمّا سندها ففيها عبد الله بن وهب ؛ قال ابن معين : ابن وهب ليس بذاك. وفي ابن جريج كان يستصغر. ميزان الاعتدال (١) (٢ / ٨٦).

وفيها أبو الزبير محمد بن مسلم الأسدي المكي ، ففي الميزان (٢) (٣ / ١٢٥) : يردّ ابن حزم من حديث أبي الزبير ما يقول : عن جابر ونحوه ، لأنّه عندهم ممّن يدلّس ، فإذا قال : سمعت وأخبرنا احتُجّ به.

قال الأميني : هذا الحديث ممّا قال فيه أبو الزبير : عن جابر فهو يُردّ على ما قاله ابن حزم.

وقال أبو زرعة وأبو حاتم : أبو الزبير لا يحتجُّ به. وقال يونس بن عبد الأعلى : سمعت الشافعي واحتجّ عليه رجل بحديث عن أبي الزبير فغضب وقال : أبو الزبير محتاج إلى دعامة. وعن ورقاء قال : قلت لشعبة : مالك تركت حديث أبي الزبير؟ قال : رأيته يزن ويسترجح في الميزان ، وقال شعبة : قدمت مكة فسمعت من أبي الزبير ، فبينا أنا جالس عنده إذ جاءه رجل يوماً فسأله عن مسألة فردّ عليه ، فقلت له : يا أبا الزبير تفتري على رجل مسلم ، قال : إنّه أغضبني. قلت : من يغضبك تفتري عليه؟! لا رويت عنك حديثاً أبداً. وذكره ابن حجر في تهذيب التهذيب (٣) (٩ / ٤٤٠) وحكى تضعيف أيّوب وأحمد وغيرهما إيّاه.

وعن أبي الزبير هذا أخرج الحاكم في المستدرك (٤) (٣ / ٢٤٥) عن جابر أنّه قال : أُتي النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يوم الفتح بأبي قحافة ورأسه ولحيته كالثغامة (٥) فقال

__________________

(١) ميزان الاعتدال : ٢ / ٥٢٢ رقم ٤٦٧٧.

(٢) ميزان الاعتدال : ٤ / ٣٧ رقم ٨١٦٩.

(٣) تهذيب التهذيب : ٩ / ٣٩١.

(٤) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٢٧٣ ح ٥٠٦٩.

(٥) الثغامة : نبت أبيض الثمر والزهر ، يشبّه بياض الشيب به.

٤٢٧

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : اخضبوا لحيته.

٥ ـ أخرج ابن حجر من طريق محمد بن زكريا العلائي (١) عن العبّاس بن بكّار ، عن أبي بكر الهذلي ، عن الكلبي ، عن أبي صالح ، عن ابن عبّاس قال : جاء أبو بكر بأبي قحافة وهو شيخ قد عمي ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا تركت الشيخ حتى آتيه؟ قال : أردت أن يؤجره الله ، والذي بعثك بالحقّ لأنا كنت أشدّ فرحاً بإسلام أبي طالب منّي بإسلام أبي ، ألتمس بذلك قرّة عينك. الإصابة (٤ / ١١٦).

رجال الإسناد :

١ ـ محمد بن زكريّا الغلابي البصري : قال الذهبي : ضعيف. وقال ابن حبّان (٢) : يعتبر بحديثه إذا روى عن ثقة. وقال ابن مندة : تكلّم فيه. وقال الدارقطني (٣) : يضع الحديث. وذكر الصولي بإسناده حديثاً فقال : هذا كذب من الغلابي. ميزان الاعتدال (٤) (٣ / ٥٨).

٢ ـ العباس بن بكّار البصري : قال الدارقطني (٥) : كذّاب. وقال العقيلي (٦) : الغالب على حديثه الوهم والمناكير. ميزان الاعتدال (٧) (٢ / ١٨).

٣ ـ أبو بكر الهذلي البصري : قال الدوري : ليس بشيء ، وقال أيضاً : ليس بثقة. وقال ابن معين (٨) : ليس بشيء. وقال غندر : كان يكذب. وقال أبو زرعة :

__________________

(١) الصحيح : الغلابي. (المؤلف)

(٢) كتاب الثقات : ٩ / ١٥٤.

(٣) الضعفاء والمتروكون : ص ٣٥٠ رقم ٤٨٣.

(٤) ميزان الاعتدال : ٣ / ٥٥٠ رقم ٧٥٣٧.

(٥) الضعفاء والمتروكون : ص ٣٢١ رقم ٤٢٣.

(٦) الضعفاء الكبير : ٣ / ٣٦٣ رقم ١٣٩٩.

(٧) ميزان الاعتدال : ٢ / ٣٨٢ رقم ٤١٦٠.

(٨) التاريخ : ٤ / ٨٨ رقم ٣٢٨١.

٤٢٨

ضعيف. وقال أبو حاتم (١) : ليّن الحديث يكتب حديثه ولا يحتجّ بحديثه. وقال النسائي (٢) : ليس بثقة ولا يُكتب حديثه. وقال ابن الجنيد : متروك الحديث. وقال ابن المديني : ضعيف ليس بشيء ، ضعيف جدّا ، ضعيف ضعيف. وقال الجوزجاني : يضعف حديثه. وقال الدارقطني (٣) : منكر الحديث متروك. وقال يعقوب بن سفيان : ضعيف ليس حديثه بشيء. وقال المروزي : كان أبو عبد الله يضعّف أمره. وقال ابن عمّار : بصريّ ضعيف. وقال أبو إسحاق : ليس بحجّة. وقال أبو أحمد الحاكم : ليس بالقويّ عندهم. وقال ابن عدي (٤) : عامّة ما يرويه لا يُتابع عليه.

وقال الذهبي (٥) : ضعّفه أحمد وغيره. وقال غندر وابن معين (٦) : لم يكن بثقة. وقال يزيد بن زريع : عدلت عنه عمداً. وقال النسائي : ليس بثقة. وقال البخاري (٧) : ٧ / ٣١٨ ليس بالحافظ عندهم.

راجع : ميزان الاعتدال (٨) (٣ / ٣٤٥) ، تهذيب التهذيب (١٢ / ٤٦) ، وقال ابن حجر في الإصابة بعد ذكر الحديث : إسناد واهٍ.

٦ ـ قال ابن حجر في الإصابة (٤ / ١١٧) : أخرج أبو قرة موسى بن طارق ، عن موسى بن عبيدة ، عن عبد الله بن دينار ، عن ابن عمر قال : جاء أبو بكر بأبي قحافة يقوده يوم فتح مكة فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ألا تركت الشيخ حتى نأتيه؟ قال أبو بكر : أردت أن يؤجره الله ، والذي بعثك بالحقّ لأنا كنت أشدّ فرحاً بإسلام أبي

__________________

(١) الجرح والتعديل : ٤ / ٣١٣.

(٢) كتاب الضعفاء والمتروكين : ص ١١٦ رقم ٢٤٥.

(٣) الضعفاء والمتروكون : ص ٢٢٣ رقم ٢٤٥.

(٤) الكامل في ضعفاء الرجال : ٣ / ٣٢٥ رقم ٧٧٨.

(٥) ميزان الاعتدال : ٤ / ٤٩٧ رقم ١٠٠٠٥.

(٦) التاريخ : ٤ / ٢٣٨ رقم ٤١٤١.

(٧) التاريخ الكبير : ٤ / ١٩٨ رقم ٢٤٧٨.

(٨) ميزان الاعتدال : مرَّ تخريجه ، تهذيب التهذيب : ١٢ / ٤٧ ، الإصابة : ٤ / ١١٦.

٤٢٩

طالب لو كان أسلم (١) منّي بأبي.

هذا الحديث كسابقه لا يدلّ على إسلام أبي قحافة وهو نظير قول عمر للعبّاس : أنا بإسلامك إذا أسلمت أفرح منّي بإسلام الخطّاب ، يعني لو كان أسلم (٢).

وأمّا رجال إسناده ففيه :

١ ـ موسى بن طارق. قال أبو حاتم (٣) : يُكتب حديثه ولا يُحتجّ به كما قاله الذهبي في الميزان (٤) (٣ / ٢١١).

٢ ـ موسى بن عبيدة : قال الذهبي : قال أحمد (٥) : لا يُكتب حديثه ، وقال النسائي (٦) وغيره (٧) : ضعيف. وقال ابن عدي (٨) : الضعف على روايته بيّن. وقال ابن معين : ليس بشيء. وقال مرّة : لا يُحتجّ بحديثه. وقال يحيى بن سعيد : كنّا نتّقي حديثه. وقال يعقوب بن شيبة : صدوق ضعيف الحديث جدّا. ميزان الاعتدال (٩) (٣ / ٢١٤).

٣ ـ عبد الله بن دينار : قال العقيلي (١٠) : روى عنه موسى بن عبيدة ونظراؤه أحاديث مناكير ، الحمل فيها عليهم. تهذيب التهذيب (١١) (٥ / ٢٠٢).

__________________

(١) هذه الجملة أعني : «لو كان أسلم» دخيل من المتأخرين نظراء ابن حجر ولا توجد في الأصول القديمة. راجع الرياض النضرة : ١ / ٤٥ [ ١ / ٦٦ ]. (المؤلف)

(٢) الإصابة : ٤ / ١١٧ [ رقم ٦٨٥ ]. (المؤلف)

(٣) الجرح والتعديل : ٨ / ١٤٨ رقم ٦٦٩.

(٤) ميزان الاعتدال : ٤ / ٢٠٧ رقم ٨٨٨٢.

(٥) راجع الكامل في ضعفاء الرجال : ٦ / ٣٣٤ ، تهذيب الكمال : ٢٩ / ١٠٤ ـ ١٠٩.

(٦) كتاب الضعفاء والمتروكين : ص ٢٢٤ رقم ٥٨١.

(٧) التاريخ الكبير : ٧ / ٢٩١ رقم ١٢٤٢.

(٨) الكامل في ضعفاء الرجال : ٦ / ٣٣٧ رقم ١٨١٣.

(٩) ميزان الاعتدال : ٤ / ٢١٣ رقم ٨٨٩٥.

(١٠) الضعفاء الكبير : ٢ / ٢٤٩ رقم ٨٠٢.

(١١) تهذيب التهذيب : ٥ / ١٧٧ رقم ٣٥٠.

٤٣٠

القسم الثاني :

لا يوجد في كتب الحديث ومعاجم التراجم ما يدلّ على إسلام أبي قحافة إلاّ ما أخرجه أحمد في مسنده (١) (٦ / ٣٤٩) من طريق ابن إسحاق عن أسماء بنت أبي بكر قالت : لمّا وقف رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بذي طوى قال أبو قحافة لابنة له من أصغر ولده : أي بنيّة اظهري بي على أبي قبيس. قالت : وقد كفّ بصره ، قالت : فأشرفت به عليه ، فقال : يا بنيّة ما ذا ترين؟ قالت : أرى سواداً مجتمعاً. قال : تلك الخيل. قالت : وأرى رجلاً يسعى بين ذلك السواد مقبلاً ومدبراً. قال : يا بنيّة ذاك الوازع يعني الذي يأمر الخيل ويتقدّم اليها. ثمّ قالت : قد والله انتشر السواد. فقال : قد والله إذا دفعت الخيل فاسرعي بي إلى بيتي ، فانحطّت به وتلقّاه الخيل قبل أن يصل إلى بيته وفي عنق الجارية طوق لها من ورِق فتلقّاها رجل فاقتلعه من عنقها. قالت : فلمّا دخل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكة ودخل المسجد أتاه أبو بكر بأبيه يقوده. فلمّا رآه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : هلاّ تركت الشيخ في بيته حتى أكون أنا آتيه فيه. قال أبو بكر : يا رسول الله هو أحقّ أن يمشي إليك من أن تمشي أنت إليه. قال : فأجلسه بين يديه ثمّ مسح صدره ثمّ قال له : أسلم ، فأسلم ودخل به أبو بكر رضى الله عنه على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورأسه كأنّه ثغامة ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : غيّروا هذا من شعره. ثمّ قام أبو بكر فأخذ بيد أُخته فقال : أنشد بالله وبالإسلام طوق أُختي فلم يجبه أحد ، فقال : يا أُخيّة : احتسبي طوقك.

وفي لفظ المحبّ الطبري في الرياض (٢) (١ / ٤٥) : احتسبي طوقك ، فو الله إنّ الأمانة في الناس اليوم قليل.

قال الأميني : هذه الرواية لا تصحّ لمكان محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار

__________________

(١) مسند أحمد : ٧ / ٤٨٩ ح ٢٦٤١٦.

(٢) الرياض النضرة : ١ / ٦٥ ـ ٦٦.

٤٣١

المدني نزيل العراق ، وليست هي إلاّ من موضوعاته. قال سليمان التيمي : ابن إسحاق كذّاب. وقال هشام بن عروة : كذّاب.

وقال مالك : دجّال من الدجاجلة.

وقال يحيى القطّان : أشهد أنّ محمد بن إسحاق كذّاب.

وقال الجوزجاني : الناس يشتهون حديثه ، وكان يرمى بغير نوع من البدع.

وقال ابن نمير : يحدّث عن المجهولين أحاديث باطلة.

وقال أيّوب بن إسحاق : سألت أحمد فقلت له : يا أبا عبد الله إذا انفرد ابن إسحاق بحديث تقبله؟ قال : لا والله إنّي رأيته يحدّث عن جماعة بالحديث الواحد ولا يفصل كلام ذا من كلام ذا.

وقال أبو داود : سمعت أحمد ذكر محمد بن إسحاق فقال : كان رجلاً يشتهي الحديث فيأخذ كتب الحديث فيضعها في كتبه ، وكان يدلّس ، وكان لا يبالي عمّن يحكي عن الكلبي وغيره.

وقال عبد الله بن أحمد : ما رأيت أبي أتقن حديثه قطّ ، وكان يتتبّعه بالعلوّ والنزول ، قيل له : يحتجّ به؟ قال : لم يكن يحتجّ في السنن.

وقال ابن معين (١) : ليس بذاك ، ضعيف ، ليس بقويّ.

وقال النسائي (٢) : ليس بقويّ.

وقال ابن المديني : كذّبه سليمان التميمي ، ويحيى القطّان ، ووهيب بن خالد.

وقال الدارقطني : لا يحتجّ به. وقال : اختلفت الأئمّة فيه وليس بحجّة إنّما يعتبر به.

وقال هشام بن عروة : يحدّث ابن إسحاق عن امرأتي فاطمة بنت المنذر ، والله إن رآها قطّ.

__________________

(١) التاريخ : ٣ / ٢٤٧ رقم ١١٥٨.

(٢) كتاب الضعفاء والمتروكين : ص ٢١١ رقم ٥٣٨.

٤٣٢

وقال وهيب : سألت مالكاً عنه ، فاتّهمه.

وقال أحمد : هو كثير التدليس جدّا (١).

وأخرج الحاكم في المستدرك (٢) (ج ٣) : من طريق الحديث الرابع المذكور عن عبد الله بن وهب ، عن عمر بن محمد ، عن زيد بن أسلم رضى الله عنه : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هنّأ أبا بكر بإسلام أبيه.

وفيه ـ مضافاً إلى ما أسلفناه في الحديث الرابع ـ أنّ زيد بن أسلم توفّي سنة (١٣٦) وعُدّ ممّن لقي ابن عمر (٣) ، فلا تصحّ روايته عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقد ولد بعده بكثير.

على أنّ ابن حجر قال في تهذيب التهذيب (٤) (٣ / ٣٩٧) : ذكر ابن عبد البرّ في مقدّمة التمهيد ما يدلّ على أنّه كان يدلّس. وقال في موضع آخر : لم يسمع من محمود ابن لبيد وحكى عن ابن عيينة أنّه قال : كان زيد رجلاً صالحاً وكان في حفظه شيء. ونقل عن غيره قوله : لا أعلم به بأساً إلاّ أنّه يفسّر برأيه القرآن ويكثر منه ، وفي ميزان الاعتدال (٥) (١ / ٣٦١) : إنّه كان يفسّر القرآن برأيه.

هذا إسلام أبي قحافة وحديثه وليس إلاّ دعوى مجرّدة مدعومة بالواهيات ، ولا يثبت بها إسلام أيّ أحد ، ويظهر من نفس رواية أحمد أنّ إتيانهُ إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ على فرض تسليمه ـ لم يكن إلاّ لاسترداد ما أخذه المسلمون من ابنته من الطوق ، ولو كان له إسلام ثابت وكان إتيانه للإسلام لكان يعيد زيارته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) راجع ميزان الاعتدال : ٣ / ٢١ ـ ٢٤ [ ٣ / ٤٦٨ رقم ٧١٩٧ ] ، تهذيب التهذيب : ٩ / ٣٨ ـ ٤٦ [ ٩ / ٣٤ ـ ٤٠ ]. (المؤلف)

(٢) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٢٧٣ ح ٥٠٦٨.

(٣) تاريخ ابن كثير : ١٠ / ٦١ [ ١٠ / ٦٦ حوادث سنه ١٣٦ ه‍ ] ، مرآة الجنان : ١ / ٢٨٤. (المؤلف)

(٤) تهذيب التهذيب : ٣ / ٣٤٢.

(٥) ميزان الاعتدال : ٢ / ٩٨ رقم ٢٩٨٩.

٤٣٣

مرّة بعد أُخرى ، وكان ينتهز الفرص أيّام إقامته تلك في مكة ويستفيد من نمير علمه ، ويأخذ منه معالم دينه ، وكان حقّا عليه أن يزوره في حجّة الوداع ، ولو كان له إسلام لكان يروي عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولو حديثاً واحداً ، أو كان يروي عن أصحابه ولو عن واحد منهم ، ولو كان قد أسلم لكان تُنقل عنه كلمة في الإسلام ، أو قول في الذبّ عنه ، أو حرف واحد في الدعوة إليه أو كان له في التاريخ ذكر عن أيّام إسلامه ، ونبأ عن آثار إيمانه بالله وبرسوله ، ولا أقلّ من روايته هو لحديث إسلامه.

ثمّ إن صحّ الخبر وقد أكرمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقوله : هلاّ تركت الشيخ في بيته. إلى آخر. وكان ذلك ـ كما مرّ ـ تكرمةً لأبي بكر فما بال الصحابة تردّ شفاعة مثل هذا الرجل العظيم؟ الذي عظّمه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتلك الكلمة القيّمة التي لم تُؤثر عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أحد من الصحابة حتى في أعمامه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وفيهم العبّاس الذي يستسقى به الغمام ، وهم يسمعونها منه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ما بالهم يصفحون عن شفاعته في والده بإعادة الطوق إليه وهو شيخ كبير حديث العهد بالإسلام حريّ بأن يُكرَم؟ وما بال أبي بكر الذي أنفق جلّ ماله لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على زعم القوم يأخذ بيد أُخته ويأتي بها إلى مجتمع الثويلة (١) وينشد الحضور بالله وبالإسلام ويسألهم ردّ طوقها إليها؟ وما الطوق وما قيمته والصحابة لم تقبل فيه شفاعة شيخهم يوم ذاك وخليفتهم في الغد؟ وكيف يستعظم أبو بكر أمر الطوق ويأمر أُخته بالاحتساب ويرى الأمانة قليلة في الصحابة يوم ذاك مع حضور نبيّهم فيهم؟ فما كان محلّهم من الأمانة بعد يومهم ذاك بثلاث سنين وقد ارتحل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من بين ظهرانيهم؟ وكيف صاروا بعد فقدهم نبيّهم عدولاً؟ أنا لا أدري!

إسلام أمّ أبي بكر :

ليس إسلام أمّ الخير أُمّ أبي بكر إلاّ كإسلام أبيه أبي قحافة ، لا يُدعم بدليل ولا تقوّمه البرهنة.

__________________

(١) الثويلة من الناس : الجماعة تجيء من كلّ وجه. يقال : انثال عليه الناس أي انصبّوا عليه من كلّ جانب.

٤٣٤

أخرج الحافظ أبو الحسن خيثمة بن سليمان الأطرابلسي قال : حدّثنا عبيد الله ابن محمد بن عبد العزيز العمري قاضي المصيصة ، حدّثنا أبو بكر عبد الله بن عبيد الله ابن إسحاق بن محمد بن عمران بن موسى بن طلحة بن عبيد الله ، حدّثني أبي عبيد الله ، حدّثني عبد الله بن محمد بن عمران بن إبراهيم بن محمد بن طلحة ، قال : حدّثني أبي محمد بن عمران عن القاسم بن محمد بن أبي بكر عن عائشة قالت : لمّا اجتمع أصحاب النبيّ وكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً ألحّ أبو بكر على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الظهور ، فقال : يا أبا بكر إنّا قليل. فلم يزل أبو بكر يلحّ حتى ظهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتفرّق المسلمون في نواحي المسجد ، كلّ رجل في عشيرته ، وقام أبو بكر في الناس خطيباً ، ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جالس ، فكان أوّل خطيب دعا إلى الله وإلى رسوله ، وثار المشركون على أبي بكر وعلى المسلمين فضُرِبوا في نواحي المسجد ضرباً شديداً ، ووُطئ أبو بكر وضُرب ضرباً شديداً ، ودنا منه الفاسق عتبة بن ربيعة فجعل يضربه بنعلين مخصوفين ويحرّفهما لوجهه ، وأثّر ذلك حتى ما يُعرف أنفه من وجهه ، وجاءت بنو تيم تتعادى فأجلوا المشركين عن أبي بكر ، وحملوا أبا بكر في ثوب حتى أدخلوه بيته ولا يشكّون في موته ، ورجع بنو تيم فدخلوا المسجد وقالوا : والله لئن مات أبو بكر لنقتلنّ عتبة. ورجعوا إلى أبي بكر فجعل أبو قحافة وبنو تيم يكلّمون أبا بكر حتى أجابهم فتكلّم آخر النهار : ما فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ فنالوه بألسنتهم وعذلوه ثمّ قاموا وقالوا لأُمّ الخير بنت صخر : انظري أن تطعميه شيئاً أو تسقيه إيّاه ، فلمّا خلت به وألحّت جعل يقول : ما فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قالت : والله ما أعلم بصاحبك. قال : فاذهبي إلى أُمّ جميل بنت الخطّاب فاسأليها عنه ، فخرجت حتى جاءت إلى أُمّ جميل فقالت : إنّ أبا بكر يسألك عن محمد بن عبد الله. قالت : ما أعرف أبا بكر ولا محمد بن عبد الله ، وإن تحبّي أن أمضي معك إلى ابنك فعلت. قالت : نعم. فمضت معها حتى وجدت أبا بكر صريعاً دنفاً ، فدنت منه أُمّ جميل وأعلنت بالصياح ، وقالت : إنّ قوماً نالوا منك هذا لأهل فسق وإنّي لأرجو أن ينتقم الله لك. قال : ما فعل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قالت : هذه أُمّك تسمع.

٤٣٥

قال : فلا عين عليك منها. قالت : سالم صالح. قال : فأنّى هو؟ قالت : في دار الأرقم. قال : فإنّ لله عليّ آليت لا أذوق طعاماً ولا شراباً أو آتي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأمهلتاه حتى إذا هدأت الرِّجل وسكن الناس خرجتا به يتّكئ عليهما حتى دخلتا على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : فانكبّ عليه فقبّله وانكبّ عليه المسلمون ورقّ له رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رقّةً شديدة ، فقال أبو بكر : بأبي أنت وأمّي ليس بي إلاّ ما نال الفاسق من وجهي ، هذه أُمّي برّة بوالديها ، وأنت مبارك ، فادعها إلى الله وأدع الله عزّ وجلّ لها عسى أن يستنقذها بك من النار. فدعاها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأسلمت (١).

قال الأميني : تفرّد بهذا الحديث عبيد الله بن محمد العمري ، رماه النسائي بالكذب ، وحكاه عنه الذهبي وابن حجر (٢) ، وقال الدارقطني في حديث آخر تفرّد به العمري أيضاً : ليس بصحيح تفرّد به العمري وكان ضعيفاً.

وبقيّة رجال السند كلّهم تيميّون ، فيهم عبد الله وعبيد الله من أولاد طلحة بن عبيد الله مجهولان لا يعرفان. وعبد الله ومحمد بن عمران من أولاد طلحة بن عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي بكر ، أو : من أولاد طلحة بن عبيد الله أيضاً وهما مجهولان كسابقيهما ، على أنّ أبا بكر لا يعدّ من المعذّبين في الإسلام ، ولو كان له هذا الموقف في ذلك اليوم العصبصب وكانت على النبأ مسحة من الصحّة لكان يُذكر في صفحة كلّ تاريخ ، ولم يكن يهمله أيّ مؤرّخ ، أمن المعقول أن يحفظ التاريخ في طيّاته تعذيب الموالي ولم يكن في صفحته ذكر عن مثل هذا الموقف لمثل أبي بكر؟

ثمّ لو لم يكن الحفّاظ عدّوا هذه الرواية من موضوعات عبيد الله العمري وكان عندهم ثقة برجالها ولو بالعلاج ولو بقيل قائل ، لما أعرضوا عنها في تلكم القرون

__________________

(١) الرياض النضرة : ١ / ٤٦ [ ١ / ٦٦ ] ، تاريخ ابن كثير : ٣ / ٣٠ [ ٣ / ٤٠ ]. (المؤلف)

(٢) ميزان الاعتدال : ٢ / ١٨٠ [ ٣ / ١٥ رقم ٥٣٩٢ ] ، لسان الميزان : ٤ / ١١٢ [ ٤ / ١٣٠ رقم ٥٤٣٥ ]. (المؤلف)

٤٣٦

الخالية كلّها ، وكان يتلّقاها حافظ عن حافظ وإمام عن إمام ولم تكن تخصّ روايتها بالمحبّ الطبري وابن كثير المتخصّصين لذكر الموضوعات والأحاديث المفتعلة أو من يحذو حذوهما. وفي نفس الرواية ما يكذّبها من شتّى النواحي :

١ ـ إنّ عائشة ولدت في السنة الرابعة أو الخامسة من البعثة (١) ، والقضيّة على تسليم قبولها قد وقعت في السادسة من البعثة ، فأين كانت عائشة يوم ذاك؟ أشاهدت موقف أبيها وهي على ثدي أُمّها بنت سنة أو سنتين؟ لما ذا لم يُرو ذلك عن أبيها أو عن أُمّها أو عن أُمّ جميل؟ لعلّ الرواية من ولائد القرون المتأخّرة عنهم ، ولدتها أمّ الفضائل بعد قضاء الدهر على حياة من خُلقت لأجله.

٢ ـ إنّ في لفظ الرواية : لمّا اجتمع أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكانوا ثمانية وثلاثين رجلاً. فعلى هذا لم يكن أبو بكر يوم ذاك مسلماً أخذاً بقول النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم «صلّت الملائكة عليّ وعلى عليّ سبع سنين لأنّا كنا نصلّي وليس معنا أحد يصلّي غيرنا» (٢). وما مرّت من الصحيحة عن أمير المؤمنين عليه‌السلام : «لقد صلّيت مع رسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل الناس بسبع سنين» (٣). وما أسلفنا من صحيحة الطبري : أنّ أبا بكر أسلم بعد أكثر من خمسين رجلاً (٤).

٣ ـ في الرواية : ألحّ أبو بكر على رسول الله في الظهور ، فقال : يا أبا بكر إنّا قليل ، فلم يزل أبو بكر يلحّ حتى ظهر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. إلخ. يكذّبه ما في السير من أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أظهر الدعوة قبل ذلك اليوم بثلاث سنين.

وروى ابن سعد وابن هشام والطبري وغيرهم : أنّ الله عزّ وجلّ أمر نبيّه

__________________

(١) طرح التثريب : ١ / ١٤٧ ، الإصابة : ٤ / ٣٥٩ [ رقم ٧٠٤ ]. (المؤلف)

(٢) راجع الجزء الثالث : ص ٢٢٠. (المؤلف)

(٣) راجع الجزء الثالث : ص ٢٢١. (المؤلف)

(٤) تاريخ الطبري : ٢ / ٢١٥ [ ٢ / ٣١٦ ]. (المؤلف)

٤٣٧

محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد مبعثه بثلاث سنين أن يصدع بما جاءه منه ، وأن ينادي الناس بأمره ويدعو إليه فقال له : (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ) (١) وكان قبل ذلك في السنين الثلاث من مبعثه إلى أن أُمر بإظهار الدعوة إلى الله مستسرّا مخفياً أمره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنزل عليه : (وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ* وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ* فَإِنْ عَصَوْكَ فَقُلْ إِنِّي بَرِيءٌ مِمَّا تَعْمَلُونَ) (٢) (٣).

فإظهار النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم دعوته كان بأمر من المولى سبحانه من دون سبق أيّ إلحاح من أيّ أحد عليه من أبي بكر أو غيره سواء كان أسلم أبو بكر يوم ذاك أو لم يسلم.

على أنّ أبا بكر عُدّ ممّن كان يدعو سرّا بعد ذلك اليوم بعد ظهور الدعوة من المسلمين ، فأين مقيل إلحاحه على رسول الله في الظهور من الصحّة يوم ذاك؟ قال ابن سعد في طبقاته (٤) (١ / ١٨٥) : كان أبو بكر يدعو ناحية سرّا ، وكان سعد بن زيد مثل ذلك ، وكان عثمان مثل ذلك ، وكان عمر يدعو علانية وحمزة بن عبد المطلب. فإسرار أبي بكر في الدعوة يوم إعلان عمر كان بعد ذلك اليوم ، إذ أسلم عمر بعد خروج المهاجرين إلى أرض الحبشة بعد أربعين رجلاً (٥). وقد مرّ في الرواية أنّ القضيّة وقعت والمسلمون ثمان وثلاثون نسمة.

__________________

(١) الحجر : ٩٤.

(٢) الشعراء : ٢١٤ ـ ٢١٦.

(٣) تاريخ الطبري : ٢ / ٢١٦ [ ٢ / ٣١٨ ] ، طبقات ابن سعد : ١ / ١٨٣ [ ١ / ١٩٩ ] ، سيرة ابن هشام : ١ / ٢٧٤ [ ١ / ٢٨٠ ] ، الكامل : ٢ / ٢٣ [ ١ / ٤٨٦ ] ، تفسير القرطبي : ١٠ / ٦٢ [ ١٠ / ٤١ ] ، عيون الأثر لابن سيّد الناس : ١ / ٩٩ [ ١ / ١٣١ ] ، تاريخ أبي الفدا : ١ / ١١٦ ، تفسير ابن كثير : ٢ / ٥٥٩ ، تفسير الخازن : ٣ / ١٠٩ [ ٣ / ٣٧١ ] ، تفسير الشوكاني : ٣ / ١٣٩ [ ٣ / ١٤٤ ]. (المؤلف)

(٤) الطبقات الكبرى : ١ / ٢٠٠.

(٥) الاستيعاب ـ هامش الإصابة ـ : ٢ / ٤٥٩ [ الاستيعاب : القسم الثالث / ١١٤٥ رقم ١٨٧٨ ] ، تاريخ ابن كثير : ٣ / ٣١ [ ٣ / ٤٢ ]. (المؤلف)

٤٣٨

وذكر الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (٩ / ٢٥٩) حديثين في إسلام أمّ أبي بكر ؛ أحدهما عن ابن عبّاس قال : أسلمت أمّ أبي بكر وأُمّ عثمان وأُمّ طلحة وأُمّ الزبير وأُمّ عبد الرحمن بن عوف وأُمّ عمّار. فقال :

فيه : خازم بن الحسين وهو ضعيف. وقال الذهبي في الميزان (١) (١ / ٣١٥) : قال ابن معين (٢) : خازم ليس بشيء. وقال أبو داود : روى مناكير. وقال ابن عدي (٣) : عامّة ما يرويه لا يُتابَع عليه.

والحديث الثاني للهيثمي عن طريق الهيثم بن عدي قال : هلك أبو بكر فورثاه أبواه جميعاً وكانا أسلما. ثمّ قال : إسناده منقطع.

قال الأميني : كأنّ الحافظ الهيثمي يوهم بكلمته الأخيرة أنّ علّة الحديث هي انقطاعه فحسب ، ولم يذكر بقيّة رجاله حتى تقف عليها نظّارة التنقيب ، غير أنّ في ذكر الهيثم بن عدي الكذّاب كفاية. قال البخاري : ليس بثقة كان يكذب. وقال أبو داود : كذّاب. وقال النسائي (٤) وغيره : متروك الحديث. وقالت جارية الهيثم : كان مولاي يقوم عامّة الليل يصلّي فإذا أصبح جلس يكذب ، وقال النسائي أيضاً : منكر الحديث. وذكر حديثاً وعدّه من افتراء الهيثم على هشام بن عروة. وقال أبو حاتم (٥) : متروك الحديث. وقال أبو زرعة : ليس بشيء. وقال العجلي (٦) : كذّاب وقد رأيته. وقال الساجي : سكن مكة وكان يكذب. وقال إمام الحنابلة أحمد : كان صاحب أخبار وتدليس. وقال الحاكم النقّاش : حدّث عن الثقات بأحاديث منكرة. وعدّ

__________________

(١) ميزان الاعتدال : ١ / ٦٢٦ رقم ٢٣٩٨.

(٢) التاريخ : ٤ / ٥٧ رقم ٣١٣٠.

(٣) الكامل في ضعفاء الرجال : ٣ / ٧٥ رقم ٦٢١.

(٤) كتاب الضعفاء والمتروكين : ص ٢٤١ رقم ٦٣٧.

(٥) الجرح والتعديل : ٩ / ٨٥ رقم ٣٥٠.

(٦) تاريخ الثقات : ص ٤٦٢ رقم ١٧٥٧.

٤٣٩

البيهقي والنقّاش والجوزجاني الحديث من الموضوعات لكون الهيثم فيه. وقال أبو نعيم : يوجد في حديثه المناكير (١).

فإسلام أُمّ أبي بكر كإسلام والده أبي قحافة قطّ لا يثبت. والذي ذكر إسلامهما من المؤرّخين كابن كثير والدياربكري والحلبي وغيرهم لا يعوّل على قولهم بعد ما عرفت الحال في مستند أقوالهم ، فلا قيمة للدعوى المجرّدة والتقوّل بلا دليل.

ويُعرب عن جليّة الحال بقاء أُمّ الخير ـ أُمّ أبي بكر ـ في حبالة أبي قحافة في مكة ، وقد أسلمت هي على قول من يقول بإسلامها في السادسة من البعثة ، وأسلم أبو قحافة في الثامنة من الهجرة سنة الفتح كما سمعت ، فتخلّل بين إسلامهما خمسة عشر عاماً ، فبأيّ كتاب أم بأيّة سنّة بقيت تلك المسلمة أُمّ مثل أبي بكر تلك السنين المتطاولة في نكاح أبي قحافة الذي لم يسلم بعد؟ وما الذي جمع بينهما؟ والفراق بينهما كان أوّل شعار الإسلاميّة. فأين إسلامها؟ وبما ذا يثبت والحال هذه؟

ـ ٢٨ ـ

أبو بكر وأبواه في القرآن

لعبت أيدي الهوى بكتاب الله ، وحرّفت الكلم عن مواضعها ، وجاء من يؤلّف في التفسير وقد أعماه الحبّ وأصمّه ، يخبط خبط عشواء ، فتراه كحاطب ليل يروي في كتابه أساطير السلف الأوّلين من الوضّاعين مرسلاً إيّاها إرسال المسلّم من دون أيّ تحقيق وتثبّت وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعاً ، ومع ذلك يرون أنفسهم أئمّة وقادة في علم القرآن العزيز. حتى يروون أنّ قوله تعالى في الأحقاف (١٥) : (وَوَصَّيْنَا الْإِنْسانَ بِوالِدَيْهِ إِحْساناً حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً قالَ رَبِّ أَوْزِعْنِي أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِي أَنْعَمْتَ عَلَيَ

__________________

(١) ميزان الاعتدال : ٣ / ٢٦٥ [ ٤ / ٣٢٤ رقم ٩٣١١ ] ، لسان الميزان : ٦ / ٢٠٩ [ ٦ / ٢٥١ رقم ٨٩٧٧ ] ، الغدير : ٥ / ٢٧٠. (المؤلف)

٤٤٠