الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٧

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٧

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٧

قالوا : لمّا سمعنا بمخرج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من مكّة وتوكّفنا (١) قُدومه كنّا نخرج إذا صلّينا الصبح إلى ظاهر حرّتنا ننتظر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فو الله ما نبرح حتى تغلبنا الشمس على الظلال ، فإذا لم نجد ظلاّ دخلنا ، وذلك في أيّام حارّة.

فلمّا قدم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة وصلّى الجمعة أتاه عتبان بن مالك وعبّاس بن عبادة بن نضلة في رجال من بني سالم بن عوف ، فقالوا : يا رسول الله أقم عندنا في العدد والعُدّة والمنعة. قال : «خلّوا سبيلها فإنّها مأمورة» ـ يعني ناقته ـ فخلّوا سبيلها. فانطلقت ، حتى إذا وازنت دار بني بياضة ، تلقّاه زياد بن لبيد ، وفروة بن عمرو في رجال من بني بياضة ، فقالوا : يا رسول الله هلمّ إلينا إلى العَدَد والعدّة والمنعة. قال : «خلّوا سبيلها فإنّها مأمورة» ، فخلّوا سبيلها. فانطلقت ، حتى إذا مرّت بدار بني ساعدة ، اعترضه سعد بن عبادة ، والمنذر بن عمرو في رجال من بني ساعدة ، فقالوا : يا رسول الله هلمّ إلينا إلى العَدَد والعُدّة والمنعة. قال : «خلّوا سبيلها فإنّها مأمورة» ، فخلّوا سبيلها. فانطلقت ، حتى إذا وازنت دار بني الحرث بن الخزرج اعترضه سعد ابن الربيع ، وخارجة بن زيد ، وعبد الله بن رواحة في رجال من بني الحرث بن الخزرج ، فقالوا : يا رسول الله هلمّ إلينا إلى العَدَد والعُدّة والمنعة. قال : «خلّوا سبيلها فإنّها مأمورة». فخلّوا سبيلها. فانطلقت ، حتى إذا مرّت بدار بني عديّ بن النجار اعترضها سليط بن قيس ، وأبو سليط أسيرة بن أبي خارجة في رجال من بني عديّ فقالوا : يا رسول الله هلمّ إلى أخوالك إلى العَدَد والعُدّة والمنعة. قال : «خلّوا سبيلها ، فإنّها مأمورة». فخلّوا سبيلها. فانطلقت ، حتى إذا أتت دار بني مالك بن النجار ، بركت على باب مسجده صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو يومئذ مربد (٢) لغلامين يتيمين من بني النجّار : سهل وسهيل ابني عمرو ، فلمّا بركت ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عليها لم ينزل وثبَتْ ، فسارت غير

__________________

(١) استشعرناه وانتظرناه. (المؤلف)

(٢) بكسر الميم وفتح الباء بينهما مهملة ساكنة أصله الموضع الذي يجفّف فيه التمر. (المؤلف)

٣٦١

بعيد ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم واضع لها زمامها لا يثنيها به ، ثمّ التفتت إلى خلفها فرجعت إلى مبركها أوّل مرّة ، فبركت فيه ، ثمّ تحلحلت (١) ورزمت (٢) ووضعت جرانها (٣) فنزل عنها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فاحتمل أبو أيّوب خالد بن زيد رحله فوضعه في بيته ونزل عليه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وسأل عن المربد لمن هو؟ فقال له معاذ بن عفراء : هو يا رسول الله لسهل وسهيل ابني عمرو وهما يتيمان لي ، وسأرضيهما منه فاتّخذه مسجداً.

راجع (٤) سيرة ابن هشام (٢ / ٣١ ـ ١١٤) ، تاريخ الطبري (٢ / ٢٣٣ ـ ٢٤٩) ، طبقات ابن سعد (١ / ٢٠١ ـ ٢٢٤) ، عيون الأثر (١ / ١٥٢ ـ ١٥٩) ، الكامل لابن الأثير (٢ / ٣٨ ، ٤٤) ، تاريخ ابن كثير (٣ / ١٣٨ ـ ٢٠٥) ، تاريخ أبي الفدا (١ / ١٢١ ـ ١٢٤) ، الإمتاع للمقريزي (ص ٣٠ ـ ٤٧) ، السيرة الحلبيّة (٢ / ٣ ـ ٦١).

ـ ١١ ـ

أبو بكر أسنّ من النبيّ

عن يزيد (٥) بن الأصم : أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال لأبي بكر : أنا أكبر أو أنت؟ قال : لا بل أنت أكبر منّي وأكرم وخير منّي ، وأنا أسنّ منك.

__________________

(١) تحلحلت : تحركت. وقد يقال : تلحلحت. أي لزمت مكانها. (المؤلف)

(٢) وعند ابن الأثير : أرزمت. أي رغت ورجعت في رغائها. (المؤلف)

(٣) الجران ، ككتاب : قال السهيلي : أي عنقها. وقال غيره : الجران. ما يصيب الأرض من صدرها وباطن حلقها. (المؤلف)

(٤) السيرة النبويّة : ٢ / ٦٣ ـ ١٤١ ، تاريخ الأُمم والملوك : ٢ / ٣٥٢ ـ ٣٨٣ ، الطبقات الكبرى : ١ / ٢٢٥ ـ ٢٣٨ ، عيون الأثر : ١ / ٢٥٣ ـ ٢٥٩ ، الكامل في التاريخ : ١ / ٥٢٠ حوادث السنة الأولى للهجرة ، البداية والنهاية : ٣ / ٢٤٠ ـ ٢٤٨ ، تاريخ أبي الفداء : ١٢٦ ـ ١٢٧ ، السيرة الحلبيّة : ٢ / ٤١ ـ ٦٠ ، الروض الأُنف : ٤ / ١٨١ ـ ٢٣٣.

(٥) في الرياض [ ١ / ١٦٠ ] : زيد. والصحيح : يزيد. (المؤلف)

٣٦٢

أخرجه ابن الضحّاك ، وذكره أبو عمر في الاستيعاب (٢ / ٢٢٦) ، والمحبّ الطبري في الرياض النضرة (١) (١ / ١٢٧) ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء (٢) (ص ٧٢) نقلاً عن خليفة بن خيّاط ، وأحمد بن حنبل ، وابن عساكر (٣).

قال الأميني : أو لا تعجب من أُكذوبة تُعدّ أُكرومة؟ متى تصحّ رواية يزيد بن الأصم عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يُدركه ، فإنّ الرجل توفّي سنة (١٠١ ، ١٠٣ ، ١٠٤) وهو ابن ثلاث وسبعين سنة ، فولادته بعد وفاة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بدهر.

ثمّ متى كان أبو بكر أسنّ من النبيّ وقد وُلد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في عام الفيل ، ووُلد أبو بكر بعد عام الفيل بثلاث سنين. وقال سعيد بن المسيب : استكمل أبو بكر بخلافته سنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فتوفّي وهو بسنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ابن ثلاث وستين سنة. راجع :

المعارف (٤) لابن قتيبة (ص ٧٥) وقال : اتّفقوا على أنّ عمره ثلاث وستون سنة ، فكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسنّ من أبى بكر بمقدار سنّي خلافته. صحيح الترمذي (٥) (٢ / ٢٨٨) وفيه : أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم توفّي وهو ابن خمس وستين سنة ، سيرة ابن هشام (١ / ٢٠٥) ، تاريخ الطبري (٦) (٢ / ١٢٥ و ٤ / ٤٧) ، الاستيعاب (٧) (١ / ٣٣٥) وقال : لا يختلفون أنّ سنّه انتهت إلى حين وفاته ثلاثاً وستّين سنة إلاّ ما لا يصحّ ، وأنّه استوفى بخلافته بعد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وقال في الجزء الثاني (ص ٦٢٦) بعد ذكر حديث يزيد الأصم : هذا الخبر لا يعرف إلاّ بهذا الإسناد ، وأحسبه وهماً لأنّ

__________________

(١) الرياض النضرة : ١ / ١٦٠.

(٢) تاريخ الخلفاء : ص ٩٩.

(٣) تاريخ مدينة دمشق : ٣٠ / ٢٥ رقم ٣٣٩٨.

(٤) المعارف : ص ١٧٢.

(٥) سنن الترمذي : ٥ / ٥٦٤ ح ٣٦٥٠ ، ٣٦٥١.

(٦) تاريخ الأُمم والملوك : ٢ / ١٥٥ ، ٣ / ٢١٦ حوادث سنة ١٣ ه‍.

(٧) الاستيعاب : القسم الثالث / ٩٧٧ رقم ١٦٣٣.

٣٦٣

جمهور أهل العلم بالأخبار والسير والآثار يقولون : إنّ أبا بكر استوفى بمدّة خلافته سنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. توفّي وهو ابن ثلاث وستين سنة (١). الكامل (١ / ١٨٥ و ٢ / ١٧٦) ، أُسد الغابة (٣ / ٢٢٣) ، مرآة الجنان (١ / ٥٦ ، ٦٩) ، مجمع الزوائد (٩ / ٦٠) ، عيون الأثر (١ / ٤٣) ، الإصابة (٢ / ٣٤١ ، ٣٤٤) ، السيرة الحلبيّة (٣ / ٣٩٦).

نعم : هذه المساءلة وقعت بينه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين سعيد بن يربوع المخزومي كما رواها البغوي وابن مندة (٢) ، وابن يربوع توفّي سنة (٥٤) وله (١٢٠) سنة. وقيل : وزيادة أربع. ولمّا كانت شيبة أبي بكر وكبر سنّه هي الحجّة الوحيدة على مخالفيه يوم السقيفة فأيّدها المغالون في فضائله بأمثال هذه المخاريق المفتعلة ، وتحريف التاريخ عن مواضعه والله يعلم إنَّهم لكاذبون.

ـ ١٢ ـ

إسلام أبي بكر قبل ولادة عليّ

عن شبابة عن فرات بن السائب قال : قلت لميمون بن مهران : أبو بكر الصدّيق أوّل إيماناً بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أم عليّ بن أبي طالب؟ قال : والله لقد آمن أبو بكر بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زمن بحيرا الراهب ، واختلف فيما بينه وبين خديجة حتى أنكحها إيّاه ، وذلك كلّه قبل أن يولد عليّ بن أبي طالب.

وعن ربيعة بن كعب (٣) قال : كان إسلام أبي بكر شبيهاً بالوحي من السماء وذلك أنّه كان تاجراً بالشام فرأى رؤيا فقصّها على بحيرا الراهب ، فقال له : من أين أنت؟ فقال : من مكّة. فقال : من أيّها؟ قال : من قريش. قال : فأيّ شيء أنت؟ قال :

__________________

(١) الكامل في التاريخ : ٢ / ٧٥ حوادث سنة ١٣ ه‍ ، أُسد الغابة : ٣ / ٣٣٤ رقم ٣٠٦٤ ، عيون الأثر : ١ / ٦٤ ، السيرة الحلبيّة : ٣ / ٣٦٧.

(٢) الإصابة : ٢ / ٥١ [ رقم ٣٢٩١ ]. (المؤلف)

(٣) في الخصائص الكبرى [ ١ / ٥٠ ] : عن كعب. وهو الصحيح. (المؤلف)

٣٦٤

تاجر. قال : إن صدّق الله رؤياك فإنّه يُبعث نبيّ من قومك تكون وزيره في حياته وخليفته من بعد وفاته. فأسرّ ذلك أبو بكر في نفسه حتى بُعث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فجاءهُ فقال : يا محمد ما الدليل على ما تدّعي؟ قال : الرؤيا التي رأيت بالشام ، فعانقه وقبّل بين عينيه وقال : أشهد أن لا إله إلاّ الله ، وأشهد أنّك رسول الله.

وقال الإمام النووي : كان أبو بكر أسبق الناس إسلاماً ، أسلم وهو ابن عشرين سنة ، وقيل : خمس عشرة سنة.

راجع (١) الرياض النضرة (١ / ٥١ ، ٥٤) ، أُسد الغابة (١ / ١٦٨) ، تاريخ ابن كثير (٩ / ٣١٩) ، الصواعق المحرقة (ص ٤٥) ، تاريخ الخلفاء للسيوطي (ص ٢٤) ، الخصائص الكبرى (١ / ٢٩) ، نزهة المجالس (٢ / ١٨٢).

قال الأميني : هلمّ معي ننظر إلى هذه المراسيل هل توجد فيها مسحة من الصدق؟ أمّا رواية ابن مهران سنداً :

١ ـ فشبابة بن سوار (٢) أبو عمرو المدائني : قال أحمد : تركته لم أكتب عنه للإرجاء وكان داعية ، وقال ابن خراش : كان أحمد لا يرضاه وهو صدوق في الحديث ، وقال الساجي وابن عبد الله وابن سعد (٣) والعجلي (٤) وابن عدي (٥) : إنّه كان يقول بالإرجاء.

وقبل هذه كلّها يظهر ممّا رواه أبو علي المدائني : أنّه كان يبغض أهل بيت

__________________

(١) الرياض النضرة : ١ / ٧٤ ، أُسد الغابة : ٣ / ٣١٠ رقم ٣٠٦٤ ، البداية والنهاية : ٩ / ٣٤٨ حوادث سنة ١٣ ه‍ ، الصواعق المحرقة : ص ٧٦ ، تاريخ الخلفاء : ص ٣٢ ، الخصائص الكبرى : ١ / ٥٠.

(٢) في ميزان الاعتدال : سواد [ ٢ / ٢٦٠ رقم ٣٦٥٣ ، وفي الطبعة التي بين أيدينا : سوار ]. (المؤلف)

(٣) الطبقات الكبرى : ٧ / ٣٢٠.

(٤) تاريخ الثقات : ص ٢١٤ رقم ٦٥١.

(٥) الكامل في ضعفاء الرجال : ٤ / ٤٥ رقم ٩٠٥.

٣٦٥

النبيّ صلوات الله عليهم ، وضربه الله بالفالج لدعاء من دعا عليه بقوله : اللهمّ إن كان شبابة يبغض أهل نبيّك فاضربه الساعة بالفالج ، ففلج في يومه ومات. ميزان الاعتدال (١ / ٤٤٠). تهذيب التهذيب (١) (٤ / ٣٠٢).

٢ ـ فرات بن السائب الجزري : قال البخاري : منكر الحديث. وقال يحيى بن معين (٢) : ليس بشيء ، منكر الحديث. وقال الدارقطني (٣) وغيره : متروك. وقال أحمد بن حنبل : قريب من محمد بن زياد الطحان في ميمون يتّهم بما يتّهم به ذاك. ومحمد بن زياد هو اليشكري أحد الكذّابين الوضّاعين كما مرّ في (٥ / ٢٥٨) ، ففرات عند إمام الحنابلة كذّاب وضّاع. وقال أبو حاتم (٤) : ضعيف الحديث ، منكر الحديث. وقال الساجي : تركوه. وقال النسائي : متروك الحديث. وقال أبو أحمد الحاكم : ذاهب الحديث. وقال ابن عدي (٥) : له أحاديث غير محفوظة وعن ميمون مناكير. ميزان الاعتدال (٦) (٢ / ٣٢٥) ، لسان الميزان (٧) (٤ / ٤٣٠).

٣ ـ ميمون بن مهران : حسبه ما مرّ في رواية فرات عنه ، أضف إلى ذلك قول العجلي : إنّه كان يحمل على عليّ. كما في تهذيب ابن حجر (٨) (١٠ / ٣٩١). هب أنّه وثَّقه من وثّقه ، فما قيمته وقيمة حديثه بعد تحامله على عليّ أمير المؤمنين صلوات الله عليه.

ثمّ قد أتى ميمون في حديثه بأمرين : إسلام أبي بكر زمن بحيرا ، واختلافه في

__________________

(١) تهذيب التهذيب : ٤ / ٢٦٤.

(٢) التاريخ : ٤ / ٤٢١ رقم ٥٠٨٠.

(٣) الضعفاء والمتروكون : ص ٣٢٥ رقم ٤٣٣.

(٤) الجرح والتعديل : ٧ / ٨٠ رقم ٤٥٥.

(٥) الكامل في ضعفاء الرجال : ٦ / ٢٢ رقم ١٥٧٠.

(٦) ميزان الاعتدال : ٣ / ٣٤١ رقم ٦٦٨٩.

(٧) لسان الميزان : ٤ / ٥٠٣ رقم ٦٥٢٢.

(٨) تهذيب التهذيب : ١٠ / ٣٤٩.

٣٦٦

زواج رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من خديجة. أمّا اختلافه بينه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبين خديجة فلم ينبّئ عنه قطّ خبير. وليس من الجائز أن يكون الوسيط في قران رجل عظيم كمحمد وامرأة من بيت مجد وسؤدد ورئاسة كخديجة ، شابّ حدث ابن اثنتين وعشرين سنة وللزوج أعمام أشراف أعاظم كالعبّاس وحمزة وأبي طالب وهو بينهم وفي بيتهم ، وكان عمّه أبو طالب كما يأتي يحبّه حبّا شديداً لا يحبّ أولاده مثله ، وكان لا ينام إلاّ إلى جنبه ، ويخرجه معه حين يخرج (١) وكان هو الذي كلّم خديجة حتى وكّلت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتجارتها ، كما في الامتاع للمقريزي (ص ٨).

والذي جاء في السير والتاريخ في أمر هذا القِران أنّ خديجة بعثت إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورغبت في زواجه لقرابته وأمانته وحسن خلقه وصدق حديثه ، وعرضت نفسها عليه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فذكر ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لأعمامه فخرج معه عمّه حمزة وفي لفظ ابن الأثير : خرج معه حمزة وأبو طالب وغيرهما من عمومته. حتى دخل على خويلد بن أسد ، أو على عمرو بن أسد عمّ خديجة فخطبها إليه فتزوّجها عليه وآله الصلاة والسلام ، وخطب أبو طالب عليه‌السلام خطبة النكاح ، فقال :

الحمد لله الذي جعلنا من ذريّة إبراهيم ، وزرع إسماعيل ، وضئضئ (٢) معد ، وعنصر مضر ، وجعلنا حضنة بيته ، وسوّاس حرمه ، وجعل لنا بيتاً محجوجاً ، وحرماً آمناً ، وجعلنا الحكّام على الناس ، ثمّ إنّ ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن برجل إلاّ رجح به شرفاً ونبلاً وفضلاً وعقلاً ، فإن كان في المال قلّ فإنّ المال ظلّ زائل ، وأمر حائل ، ومحمد من قد عرفتم قرابته ، وقد خطب خديجة بنت خويلد ، وبذل لها من الصداق ما آجله وعاجله من مالي كذا ، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم ، وخطر جليل. فزوّجها.

__________________

(١) يأتي تفصيل ذلك في الكلام عن أبي طالب عليه‌السلام. (المؤلف)

(٢) الضئضئ : الأصل والمعدن.

٣٦٧

راجع (١) طبقات ابن سعد (١ / ١١٣) ، تاريخ الطبري (٢ / ١٢٧) ، أعلام الماوردي (ص ١١٤) ، الصفوة لابن الجوزي (١ / ٢٥) ، الكامل لابن الأثير (٢ / ١٥) ، تاريخ ابن كثير (٢ / ٢٩٤) ، تاريخ الخميس (١ / ٢٩٩) ، عيون الأثر (١ / ٤٩) ، أُسد الغابة (٥ / ٤٣٥) ، الروض الأنف (١ / ١٢٢) ، تاريخ ابن خلدون (٢ / ١٧٢) ، المواهب اللدنيّة (١ / ٥٠) ، السيرة الحلبيّة (١ / ١٤٩ ، ١٥٠) ، شرح المواهب للزرقاني (١ / ٢٠٠) ، سيرة زيني دحلان هامش الحلبيّة (١ / ١١٤).

فأين مزعمة ابن مهران من هذا التاريخ الصحيح المتواتر؟

وأمّا إسلام أبي بكر قبل ولادة عليّ أمير المؤمنين زمن بحيرا الراهب فإنّه مأخوذ ممّا أخرجه ابن مندة (٢) من طريق عبد الغني بن سعيد الثقفي عن ابن عبّاس : أنّ أبا بكر الصدّيق صحب النبيّ وهو ابن ثماني عشرة سنة والنبيّ ابن عشرين وهم يريدون الشام في تجارة ، حتى إذا نزل منزلاً فيه سدرة قعد في ظلّها ومضى أبو بكر إلى راهب يقال له : بحيرا يسأله عن شيء.

هذه الرواية ضعّفها غير واحد من الحفّاظ. قال الذهبي في ميزان الاعتدال (٣) (٢ / ٢٤٣) : عبد الغني ضعّفه ابن يونس. وأقرّ ضعفه ابن حجر في لسانه (٤) (٤ / ٤٥) ، وقال في الإصابة (١ / ١٧٧) : أحد الضعفاء المتروكين.

__________________

(١) الطبقات الكبرى : ١ / ١٣١ ، تاريخ الأمم والملوك : ٢ / ٢٨١ ، أعلام النبوة : ص ١٨٠ ، صفة الصفوة : ١ / ٧٣ ـ ٧٤ رقم ١ ، الكامل في التاريخ : ١ / ٤٧١ ، البداية والنهاية : ٢ / ٣٥٨ ، تاريخ الخميس : ١ / ٢٦٣ ، عيون الأثر : ١ / ٧١ ، أُسد الغابة : ٧ / ٨٠ رقم ٦٨٦٧ ، الروض الأُنف : ٢ / ٢٣٨ ، تاريخ ابن خلدون : ٢ / ٤٠٩ ، المواهب اللدنيّة : ١ / ١٩٢ ، السيرة الحلبيّة : ١ / ١٣٧ ـ ١٣٩ ، السيرة النبويّة : ١ / ٥٥.

(٢) أبو عبد الله محمد بن إسحاق الأصبهاني الحافظ الرحّال : المتوفّى ٣٥٥. (المؤلف)

(٣) ميزان الاعتدال : ٢ / ٦٤٢ رقم ٥٠٥١.

(٤) لسان الميزان : ٤ / ٥٣ رقم ٥٢٣٦.

٣٦٨

وذكره السيوطي في الخصائص الكبرى (١) (١ / ٨٦) فقال : سند ضعيف ، وضعّفه القسطلاني في المواهب (٢) (١ / ٥٠) ، والحلبي في السيرة النبويّة (٣) (١ / ١٣٠)

وأفظع من هذا رواية أخرجها الحفّاظ من طريق أبي نوح قراد عن يونس بن أبي إسحاق عن أبيه عن أبي بكر بن أبي موسى الأشعري عن أبي موسى قال : خرج ، أبو طالب إلى الشام ومعه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في أشياخ من قريش ، فلمّا أشرفوا على الراهب ـ يعني بحيرا ـ هبطوا فحلّوا رحالهم فخرج إليهم الراهب ، وكانوا قبل ذلك يمرّون به فلا يخرج ولا يلتفت إليهم ، قال : فنزل وهم يحلّون رحالهم ، فجعل يتخلّلهم حتى جاء فأخذ بيد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : هذا سيّد العالمين ، هذا رسول ربّ العالمين ، هذا يبعثه الله رحمةً للعالمين ، إلى أن قال :

فبايعوه وأقاموا معه عنده ، فقال الراهب : أنشدكم الله أيّكم وليّه؟ قالوا : أبو طالب. فلم يزل يناشده حتى ردّه ، وبعث معه أبو بكر بلالاً ، وزوّده الراهب من الكعك والزيت.

أخرجه (٤) الترمذي في صحيحه (٢ / ٢٨٤) فقال : حسن غريب لا نعرفه إلاّ من هذا الوجه ، والحاكم في المستدرك (٢ / ٦١٦) ، وأبو نعيم في الدلائل (١ / ٥٣) ، والبيهقي في الدلائل ، والطبري في تاريخه (٢ / ١٩٥) ، وابن عساكر في تاريخه (١ / ٢٦٧) ، وابن كثير في تاريخه (٢ / ٢٨٤) ، نقلاً عن الحافظ أبي بكر الخرائطي والحفّاظ المذكورين ،

__________________

(١) الخصائص الكبرى : ١ / ١٤٥.

(٢) المواهب اللدنيّة : ١ / ١٨٩.

(٣) السيرة الحلبيّة : ١ / ١٢١.

(٤) سنن الترمذي : ٥ / ٥٥٠ ح ٣٦٢٠ ، المستدرك على الصحيحين : ٢ / ٦٧٢ ح ٤٢٢٩ ، دلائل النبوّة : ١ / ٢١٧ ح ١٠٩ ، دلائل النبوّة للبيهقي : ٢ / ٢٤ ، تاريخ الأمم والملوك : ٢ / ٢٧٨ ، تاريخ مدينة دمشق : ٣ / ٤ ـ ٨ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٢ / ٦ ، البداية والنهاية : ٢ / ٣٤٧ ، عيون الأثر : ١ / ٦٣ ، المواهب اللدنيّة : ١ / ١٨٧.

٣٦٩

وابن سيّد الناس في عيون الأثر (١ / ٤٢) ، والقسطلاني في المواهب (١ / ٤٩).

رجال الرواية :

١ ـ أبو نوح قراد عبد الرحمن بن غزوان : قال عبّاس الدوري : ليس في الدنيا أحد يحدّث بهذا الحديث غير قراد أبي نوح ، وقد سمعه منه أحمد ويحيى لغرابته وانفراده. تاريخ ابن كثير (١) (٢ / ٢٨٥).

وقال الذهبي في الميزان (٢) (٢ / ١١٣) : كان يحفظ ، قوله مناكير ، وأنكر ما له حديث عن يونس ـ وذكر شطراً من الحديث ـ فقال : وممّا يدلّ على أنّه باطل قوله : وبعث معه أبو بكر بلالاً ، وبلال لم يكن خُلق بعد ، وأبو بكر كان صبيّا.

وقال في تلخيص المستدرك تعليقاً على تصحيحه : قلت : أظنّه موضوعاً فبعضه باطل. وقال ابن حجر في التهذيب (٣) (٦ / ٢٤٨) : ذكره ابن حبّان في الثقات (٤) وقال : كان يخطئ يتخالج في القلب منه لروايته عن الليث قصّة المماليك. وقال أحمد : هذا ـ يعني حديث المماليك ـ باطل ممّا وضع الناس. وقال الدارقطني : قال أبو بكر : أخطأ فيه قراد.

٢ ـ يونس بن أبي اسحاق : ضعّف أحمد (٥) حديثه عن أبيه ، وقال : حديثه عن أبيه مضطرب. وقال أبو حاتم (٦) : كان صدوقاً إلاّ أنّه لا يُحتجّ بحديثه. وقال أبو أحمد الحاكم : ربّما وهم في روايته. تهذيب التهذيب (٧) (١١ / ٤٣٤). وقال أبو حاتم : صدوق

__________________

(١) البداية والنهاية : ٢ / ٣٤٨.

(٢) ميزان الاعتدال : ٢ / ٥٨١ رقم ٤٩٣٤.

(٣) تهذيب التهذيب : ٦ / ٢٢٤.

(٤) الثقات : ٨ / ٣٧٥.

(٥) العلل ومعرفة الرجال : ٢ / ٥١٩ رقم ٣٤٢٤ وفيه : حديثه حديث مضطرب.

(٦) الجرح والتعديل : ٩ / ٢٤٤ رقم ١٠٢٤.

(٧) تهذيب التهذيب : ١١ / ٣٨١.

٣٧٠

لا يحتج به. وقال ابن خراش : في حديثه لين. وقال ابن حزم في المحلّى : ضعّفه يحيى وأحمد جداً. وقال أحمد : حديثه مضطرب. ميزان الاعتدال (١) (٣ / ٣٣٩).

٣ ـ أبو إسحاق السبيعي : قال ابن حبّان (٢) : مدلّس ، وذكره الكرابيسي في المدلّسين ، وقال معن : أفسد حديث أهل الكوفة الأعمش وأبو إسحاق للتدليس. تهذيب التهذيب (٣) (٨ / ٦٦) (٤).

٤ ـ أبو بكر بن أبي موسى توفّي سنة (١٠٦) ، ضعّفه ابن سعد (٥) ، وقال أحمد (٦) : لم يسمع من أبيه. تهذيب التهذيب (٧) (١٢ / ٤١).

٥ ـ أبو موسى الأشعري المتوفّى سنة (٤٢ ، ٥٠ ، ٥١ ، ٥٣) : وهو ابن (٦٣) سنة بلا خلاف أجده ، وقد وقعت الواقعة بعد عام الفيل بتسع سنين أو اثني عشر عاماً قبل ولادة أبي موسى الأشعري (١٧ ، ٢٢ ، ٢٣ ، ٢٥) عاماً ، فإن كان أبو موسى هو الشاهد للقصّة قبل مولده فحبّذا ، وإن كان يرويها عمّن شاهدها فمن هو حتى ننظر في حاله؟ هذا شأن الرواية سنداً.

أهذه كلّها تخفى على مثل الترمذي ومن بعده من الحفّاظ فيحكمون فيها بالحسن؟ أو بالصحّة كما فعله ابن حجر والحلبي؟ أنا لا أدري. نعم ؛ الحبّ يُعمي أو يُصمّ.

__________________

(١) ميزان الاعتدال : ٤ / ٤٨٢ رقم ٩٩١٤.

(٢) الثقات : ٥ / ١٧٧.

(٣) تهذيب التهذيب : ٨ / ٥٩.

(٤) ميزان الاعتدال : ٢ / ٢٧٠ رقم ٦٣٩٣.

(٥) الطبقات الكبرى : ٦ / ٢٦٩.

(٦) العلل ومعرفة الرجال : ١ / ٥٤١ رقم ١٢٨٠.

(٧) تهذيب التهذيب : ١٢ / ٤٢.

٣٧١

وأمّا متن الرواية فهو يكفي في تكذيبها ، إذ سفر أبي طالبعليه‌السلام إلى الشام وأخذه معه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان وقد مضى من عمره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تسع سنين على ما قاله أبو جعفر الطبري والسهيلي وغيرهما ، أو اثنا عشر عاماً على ما قاله آخرون (١) وكان أبو بكر يوم ذاك ابن ستّ أو تسع سنين ، فأين كان هو؟ وما ذا كان يصنع بالشام؟ وأيّ اختيار كان له بين شيوخ قريش؟ ولم تكن تنعقد نطفة بلال يوم ذاك أخذاً بقول من قال : إنّه توفّي سنة (٢٥) وله بضع وستون سنة (٢) أو أنّه ولد في تلكم السنين أخذاً بقول ابن الجوزي في الصفوة (٣) (١ / ١٧٤) من أنّه مات سنة عشرين وهو ابن بضع وستّين سنة. كأنّ أبا بكر وُلد وهو شيخ وبلال عتيقه ، وكان معه من أوّل يومه ، وكان من يوم ولد له الحلّ والعقد!

ثمّ أيّ بيعة كانت يوم ذاك؟ وما معنى قول أبي موسى الأشعري : فبايعوه وأقاموا معه عنده؟ وأيّ إيمان وإسلام على زعم رواة هذه الأفيكة ، وكان قبل البعثة بإحدى وثلاثين سنة ، أو ثمانية وعشرين عاماً ، أو اثنين وعشرين ، أو سبع عشرة سنة على زعم النووي؟ ولم تكن للنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يومئذٍ دعوة ، ولا كلّف أحداً بالإيمان به ، فلا يُقال لمن عرف شيئاً من إرهاصات النبوّة إنّه أسلم يوم عرف وإلاّ لكان بحيرا الراهب ونسطور وأمثالهما من الرهبان والكهنة أقدم إسلاماً من أبي بكر ، وكم هنالك أُناس عرفوا أمر الرسالة قبلها وبشّروا بها ثمّ بعد البعثة عاندوا وحسدوا ، فمنهم من مات مشركاً ، ومنهم من أدركته الهداية بعد حين كما يأتي في كعب الأحبار بُعيد هذا. وكيف أثبت ذلك اليوم إيماناً لأبي بكر وصار بذلك أقدم الناس إسلاماً ولم يُثبت لأبي

__________________

(١) طبقات ابن سعد : ١ / ١٠٢ [ ١ / ١٢١ ] ، تاريخ الطبري : ٢ / ٢٧٨ ، تاريخ ابن عساكر : ١ / ٢ ، ٢٦٩ [ ٣ / ٩ ] ، تاريخ ابن كثير : ٢ / ٢٨٥ [ ٢ / ٣٤٨ ] ، الروض الأُنف : ١ / ١١٨ [ ٢ / ٢٢١ ] ، إمتاع المقريزي : ص ٨ ، عيون الأثر : ١ / ٤٣ [ ١ / ٦٤ ] ، شرح المواهب للزرقاني : ١ / ١٩٦. (المؤلف)

(٢) تهذيب التهذيب : ١ / ٥٠٣ [ ١ / ٤٤١ ]. (المؤلف)

(٣) صفة الصفوة : ١ / ٤٤٠ رقم ٢٤.

٣٧٢

طالب لا ذاك ولا غيره؟ وأبو موسى لم يستثنِ أبا طالب من أولئك الذين بايعوا يوم ذاك نظراء أبي بكر وبلال الخيالي.

قال الحافظ الدمياطي : في هذا الحديث وهمان : الأوّل : قوله : فبايعوه وأقاموا معه. والثاني : قوله : وبعث معه أبو بكر بلالاً ، ولم يكونا معه ، ولم يكن بلال أسلم ولا ملكه أبو بكر ، بل كان أبو بكر حينئذ لم يبلغ عشر سنين ، ولم يملك أبو بكر بلالاً إلاّ بعد ذلك بأكثر من ثلاثين سنة. وكذا ضعّفه الذهبي (١).

وقال الزركشي في الإجابة (ص ٥٠) : هذا من الأوهام الظاهرة لأنّ بلالاً إنّما اشتراه أبو بكر بعد مبعث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وبعد أن أسلم بلال وعذّبه قومه ، ولمّا خرج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الشام مع عمّه أبي طالب كان له من العمر اثنتا عشرة سنة وشهران وأيّام ، ولعلّ بلالاً لم يكن بعدُ ولد.

وقال ابن كثير في تاريخه (٢) (٢ / ٢٨٥) : إنّ قوله : وبعث أبو بكر معه بلالاً إن كان عمره عليه الصلاة والسلام إذ ذاك اثنتي عشرة سنة فقد كان عمر أبي بكر إذ ذاك تسع سنين أو عشراً ، وعمر بلال أقلّ من ذلك ، فأين كان أبو بكر إذ ذاك؟ ثمّ أين كان بلال؟ كلاهما غريب ، اللهمّ إلاّ أن يقال : إنّ هذا كان ورسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كبير ، إمّا بأن يكون سفره بعد هذا ، أو إن كان القول بأنّ عمره كان إذ ذاك اثنتي عشرة سنة غير محفوظ ، (٣) فإنّه إنّما ذكره مقيّداً بهذا الواقدي ، وحكى السهيلي عن بعضهم أنّه كان عمره عليه الصلاة والسلام إذ ذاك تسع سنين ، والله أعلم.

قال الأميني : إنّ ابن كثير غضّ البصر عمّا في الرواية من خرافة البيعة كأن لم

__________________

(١) حياة الحيوان للدميري : ٢ / ٢٧٥ [ ٢ / ٢٤٦ ] ، تاريخ الخميس : ١ / ٢٩٢ [ ١ / ٢٥٨ ] ، [ وضعّفه الذهبي في تاريخ الإسلام : ٥٥ ـ ٥٧ ]. (المؤلف)

(٢) البداية والنهاية : ٢ / ٣٤٨.

(٣) أي غير مذكور في كتب التاريخ.

٣٧٣

يكن شيئاً مذكوراً. ثمّ أتى في تصحيح بعث أبي بكر بلالاً بما لا يخفى عليه فساده ، إذ لم يزد سفر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الشام مع أبي طالب عليه‌السلام على المرّة الواحدة ، وكون عمره صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثني عشر عاماً محفوظ عند ابن سعد وابن جرير وابن عساكر وابن الجوزي ، ولم ينحصر بالواقدي كما حسبه. وقد سافر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى الشام مرّة ثانية سنة خمس وعشرين من عام الفيل مع ميسرة غلام السيّدة خديجة سلام الله عليها ، وليس هناك أيّ ذكر عن بحيرا وإنّما فيه قضيّة نسطور الراهب (١).

وقال ابن سيّد الناس في عيون الأثر (٢) (١ / ٤٣) مثل مقالة الدمياطي المذكورة ، وكذلك الحلبي في السيرة النبويّة (٣) (١ / ١٢٩) ، والحديث أخرجه ابن الجوزي في صفة الصفوة (٤) (١ / ٢١) من طريق داود بن الحصين وليس فيه أثر من الوهمين ولا ذكر عن أبي بكر.

نظرة في حديث كعب :

وأمّا رواية كعب ؛ فإنّي لم أجدها في أصل من أصول الحديث ، ولم أرَ لها سنداً قطّ ، وفي ذكر كعب وهو كعب الأحبار من رجال سندها كفاية ، وحسبنا في كعب ما أخرجه البخاري من حديث الزهري عن حميد بن عبد الرحمن أنّه سمع معاوية يحدّث رهطاً من قريش بالمدينة وذكر كعب الأحبار ، فقال : إن كان لمن أصدق هؤلاء المحدّثين الذين يحدّثون عن أهل الكتاب وإن كنّا مع ذلك لنبلو عليه الكذب (٥).

__________________

(١) تاريخ ابن عساكر : ١ / ٢٦٧ ، ٢٧٢ [ ٣ / ٣ ، ١٤ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٢ / ٥ ، ٩ ] ، دلائل النبوّة لأبي نعيم : ١ / ٥٤ [ ١ / ٢١٩ ح ١١٠ ] ، صفة الصفوة لابن الجوزي : ١ / ٢٤ [ ١ / ٧١ رقم ١ ] ، تاريخ أبي الفداء : ١ / ١١٤ ، الإجابة للزركشي : ص ٥٠ ، تاريخ الخميس : ١ / ٢٦٢. (المؤلف)

(٢) عيون الأثر : ١ / ٦٤.

(٣) السيرة الحلبية : ١ / ١٢١.

(٤) صفة الصفوة : ١ / ٦٧ رقم ١.

(٥) تهذيب التهذيب : ٨ / ٤٣٩ [ ٨ / ٣٩٤ ] ، الإصابة : ٣ / ٣١٦ [ رقم ٧٤٩٦ ]. (المؤلف)

٣٧٤

وقال ابن أبي الحديد في شرحه (١) (١ / ٣٦٢) : روى جماعة من أهل السير أنّ عليّا كان يقول في كعب الأحبار : «إنّه الكذّاب» وكان كعب منحرفاً عن عليّ عليه‌السلام.

وأخرج ابن أبي خيثمة ، بإسناد حسّنه ابن حجر ، عن قتادة قال : بلغ حذيفة أنّ كعباً يقول : إنّ السماء تدور على قطب كالرحى. فقال : كذب كعب ، إنّ الله يقول : (إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّماواتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولا) (٢).

على أنّ كعباً لو كان يصدّق نفسه فيما أخبره من الإرهاصات والبشائر لما كان يبقى على دين اليهود طيلة حياة النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وما كان يؤخّر إسلامه إلى عهد عمر بن الخطّاب ، ولما كان يتعلّل عندما سُئل عمّا منعه عن إسلامه في العهد النبويّ بقوله : إنّ أبي كان كتب لي كتاباً من التوراة فقال : اعمل بهذا ، وختم على سائر كتبه ، وأخذ عليّ بحقّ الوالد على الولد أن لا أفضّ الختم عنها. فلمّا رأيت ظهور الإسلام قلت : لعلّ أبي غيّب عنّي علماً ، ففتحتها فإذا صفة محمد وأمّته ، فجئت الآن مسلماً (٣). وكان له يوم توفّي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم اثنان وثمانون عاماً (٤) ، وأثر الكذب لائح في جلّ ما جاء به كعب ، وحسبه ما أخرجه ابن عساكر في تاريخه (٥) (٥ / ٢٦٠) من حديث ذي قربات الذي حكم الحفّاظ بعدم صحّته ، وما جاء به السيوطي في الخصائص الكبرى (٦) (١ / ٣١) من حديث إخباره عمر وعثمان بأنّهما مذكوران بالخلافة في التوراة ، وفيها أنّ

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ٤ / ٧٧ خطبة ٥٦.

(٢) الإصابة : ٣ / ٣١٦ [ رقم ٧٤٩٦ ]. (المؤلف)

(٣) الإصابة : ٣ / ٣١٦ [ رقم ٧٤٩٦ ]. (المؤلف)

(٤) راجع الإصابة : [ ٣ / ٣١٦ رقم ٧٤٩٦ ] ، أُسد الغابة : [ ٤ / ٤٨٧ رقم ٤٤٧٧ ] ، تهذيب التهذيب [ ٨ / ٣٩٣ ]. (المؤلف)

(٥) تاريخ مدينة دمشق : ١٧ / ٣٦٥ رقم ٢١٠٨ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٢١ / ١٨١.

(٦) الخصائص الكبرى : ١ / ٥٤.

٣٧٥

عثمان يُقتل مظلوماً. ومع هذه كلّها لم يُعلم صدور هذه البشارة منه في أيّام إسلامه ، ولعلّه كان قبله فلا يُقبل قوله ولا يصدّق في حديثه.

على أنّ الأحلام إن صحّت وصدقت فلم لم يحدّث أبو بكر أحداً من الصحابة بما أخبره بحيرا من البشارة في نفسه من أنّه يكون وزيراً وخليفة لرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى يدور حديثه في دور النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ألسنتهم ، وتخبت إليه أفئدتهم ، وتزهر بمذاكرته أنديتهم؟ أو أنّه حدّث بها لكن الصحابة ضربوا عنها صفحاً فلم تُنْهَ إلى المحدّثين ، ولا انتهت إلى أحد من أرباب الصحاح والمسانيد حتى انتهت النوبة إلى الغلاة في الفضائل من المتأخّرين فأرسلوها إرسال المسلّم تجاه الحقائق الراهنة.

ولو كان أبو بكر أوّل من أسلم بتلكم التقاريب فأين كان هو إلى منتهى سبع سنين من البعثة التي يقول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها : «لقد صلّت الملائكة عليّ وعلى عليّ سبع سنين ، لأنّا كنّا نصلّي وليس معنا أحد يصلّي غيرنا» (١)؟

في أوّليّة أمير المؤمنين في الإسلام أحاديث صحيحة عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعن مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام قدّمناها في الجزء الثالث ، وأسلفنا هناك ما يربو على ستّين حديثاً من الصحابة والتابعين في أنّ عليّا أوّل الناس إسلاماً وأوّل من صلّى وآمن من ذَكر. وقد مرّت هناك صحيحة الطبري أنّ أبا بكر أسلم بعد أكثر من خمسين رجلاً ، ولو كان أبو بكر أوّل من أسلم وقد آمن به صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قبل ولادة عليّ عليه‌السلام فأين كان هو يوم قال العبّاس لعبد الله بن مسعود : ما على وجه الأرض أحد يعبد الله بهذا الدين إلاّ هؤلاء الثلاثة : محمد وعليّ وخديجة؟ تاريخ ابن عساكر (٢) (١ / ٣١٨).

فلا يحق آنئذ لأيّ مُغالٍ في الفضائل أن يدع تلكم الصحاح عن النبيّ الأعظم ووصيّه الأقدس والصحابة الأوّلين والتابعين لهم بإحسان ، ويأخذ تجاهها برواية

__________________

(١) راجع الجزء الثالث من كتابنا هذا : ص ٢٢٠ ـ ٢٢٤. (المؤلف)

(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٣ / ٢٦٦ مختصر تاريخ دمشق : ٢ / ٦٨.

٣٧٦

كعب ، وإن هو إلاّ كعب ليس إلاّ ، ولا يثبت الحقّ بالكعاب! (لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ) (١) ، (وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ) (٢).

ـ ١٣ ـ

أبو بكر أسنّ أصحاب النبيّ

أخرج ابن سعد (٣) والبزّار بسند حسن ، عن أنس قال : كان أسنّ أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبو بكر الصدّيق وسهيل بن عمرو بن بيضاء.

وأخرجه أبو عمر في الاستيعاب (٤) (١ / ٥٧٦) ، وابن الأثير في أُسد الغابة (٥) (٢ / ٣٧٠) وذكره الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد (٩ / ٦٠) فقال : رواه البزّار وإسناده حسن ، ورواه ابن حجر في الإصابة (٢ / ٨٥). وفيه : سهل ، بدل : سهيل ، وهو أخوه أو هو هو ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء (٦) (ص ٧٣) نقلاً عن ابن سعد والبزّار.

قال الأميني : كنّا نعتقد أنّ المغالاة يمكن أن تقع في النفسيّات التي لا تدرك بالحواس الظاهرة كالعلم والتقوى وأمثالهما ، وأمّا الغلوّ في المشهودات فلم يَدَع المنطق له مساغاً ، فسرعان ما يظهر فيه كذب الغالي ، ويفتضح به المائن حتى أوقفنا السير على أمثال هذه الأقاويل ، فرأينا الرجل يقول بملء فيه : إنّ أبا بكر أسنّ أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو يجد في معاجم الصحابة كثيرين هم أسنّ منه بكثير ، وإليك أسماء أمّة منهم :

__________________

(١) النساء : ١٢٣.

(٢) المائدة : ٤٩.

(٣) الطبقات الكبرى : ٣ / ٢٠٢.

(٤) الاستيعاب : القسم الثاني / ٦٦٨ رقم ١١٠٠.

(٥) أُسد الغابة : ٢ / ٤٧٨ رقم ٢٣١٥.

(٦) تاريخ الخلفاء : ص ١٠٠.

٣٧٧

١ ـ أماناة بن قيس بن شيبان الكندي : أسلم وقد عاش دهراً ، ويقال : إنّه عاش ثلاثمائة وعشرين سنة. كما في الإصابة (١ / ٦٣).

٢ ـ أمد بن أبد الحضرمي : أدرك هشام بن عبد مناف وأُميّة بن عبد شمس ويقال : إنّه كان في عهد معاوية له ثلاثمائة سنة. الإصابة (١ / ٦٣).

٣ ـ أنس بن مدرك أبو سفيان الخثعمي : قتل مع عليّ ، كان سيّد خثعم في الجاهليّة عاش مائة وأربعاً وخمسين سنة. الإصابة (١ / ٧٢).

٤ ـ أوس بن حارثة الطائي والد خريم ، صاحب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : عاش مائتي سنة ، وأكثر هذه المدّة من أيّام الجاهليّة. الإصابة (١ / ٨٢).

٥ ـ ثور ـ ثوب ـ بن تلدة : أنشد له ابن الكلبي :

وإن امرأً قد عاش تسعين حجّة

إلى مائتين كلّما هو ذاهب

قال : ولا أدري ما عاش بعد ما أنشد هذا لمعاوية. وقد يقال : إنّه كان له يوم بدر عشرون ومائة عامٍ. الإصابة (١ / ٢٠٦).

٦ ـ الجعد بن قيس المرادي : أسلم ، وكان قد بلغ مائة سنة. الإصابة (١ / ٢٣٥).

٧ ـ حسّان بن ثابت الأنصاري : عاش في الجاهليّة ستّين وفي الإسلام ستّين عاماً. الإصابة (١ / ٣٢٦).

٨ ـ حكيم بن حزام الأسدي ابن أخي خديجة زوج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : ولد قبل عام الفيل بثلاث وعشرين سنة ، وتوفّي وهو ابن عشرين ومائة سنة. الإصابة (١ / ٣٤٩).

٩ ـ حمزة بن عبد المطلّب عمّ النبيّ الأعظم : ولد قبله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بسنتين أو بأربع. الإصابة (١ / ٣٥٣).

٣٧٨

١٠ ـ حنيفة بن جبير بن بكر التميمي : أدرك أحفاده النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولهم صحبة وكانوا يوم ذاك ذا لحى ، كما في الإصابة (١ / ٣٥٩).

١١ ـ حويطب بن عبد العزّى بن أبي قيس العامري ، المتوفّى سنة (٥٤) : له مائة وعشرون عاماً. الإصابة (١ / ٣٦٤).

١٢ ـ حيدة بن معاوية العامري ، مات وهو عمّ ألف رجل وأمرأة وأدرك عبد المطّلب بن هاشم جدّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان بالغاً مبلغ الرجال. الإصابة (١ / ٣٦٥).

١٣ ـ خنابة بن كعب العبسي : كان له على عهد معاوية بن أبي سفيان مائة وأربعون سنة ، وله قوله في الإصابة (١ / ٤٦٣):

حويت من الغايات تسعين حِجّة

وخمسين حتى قيل أنت المقزّع

١٤ ـ خويلد بن مرّة الهذلي ، أبو خراش : أدرك الاسلام شيخاً كبيراً. الإصابة (١ / ٤٦٥).

١٥ ـ ربيعة بن الحارث بن عبد المطّلب بن هاشم ، أبو أروى الهاشمي. كان أسنّ من عمّه العبّاس الآتي ذكره. الإصابة (١ / ٥٠٦).

١٦ ـ سعيد بن يربوع القرشي المخزومي ، المتوفّى (٥٤) : وله (١٢٠ ، ١٢٤) عاماً. الإصابة (٢ / ٥٢).

١٧ ـ سلمة السلمي : أقبل إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأسلم وهو شيخ كبير.

١٨ ـ سلمان أبو عبد الله الفارسي ، مات سنة (٣٢ ، ٣٣ ، ٣٦) : روى أبو الشيخ عن العباس بن يزيد أنّه قال : أهل العلم يقولون : عاش سلمان ثلاثمائة وخمسين سنة ، فأمّا مائتان وخمسون فلا يشكّون فيها. الإصابة (٢ / ٦٢).

١٩ ـ أبو سفيان القرشي الأموي : كان أسنّ من أبي بكر باثني عشر عاماً وعدّة أشهر. الإصابة (٢ / ١٧٩).

٣٧٩

٢٠ ـ صرمة بن أنس أبو قيس الأوسي : أدرك الإسلام فأسلم وهو شيخ كبير ، عاش نحواً من مائة وعشرين عاماً ، وهو القائل كما في الإصابة (٢ / ١٨٣):

بدا ليَ أنّي عشت تسعين حِجّةً

وعشراً وما بعدها لي ثمانيا

فلم ألفها لمّا مضت وعددتها

يحسّبها (١) في الدهر إلاّ لياليا

٢١ ـ صرمة بن مالك الأنصاري : أدرك الإسلام فأسلم وهو شيخ كبير. الإصابة (٢ / ١٨٣).

٢٢ ـ طارق بن المرقع الكناني : كان في حجّة الوداع شيخاً كبيراً. الإصابة (٢ / ٢٢١).

٢٣ ـ الطفيل بن زيد الحارثي : هو الذي أخبر عمر بأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الجاهليّة ، وكان يوم ذاك قد أتت عليه مائة وستون سنة. الإصابة (٢ / ٢٢٤).

٢٤ ـ عاصم بن عديّ العجلاني : توفّي سنة خمس وأربعين ، وله مائة وعشرون سنة. الإصابة (٢ / ٢٤٦).

٢٥ ـ العبّاس بن عبد المطّلب عمّ النبيّ الأعظم : ولد قبل رسول الله بسنتين أو ثلاث. الإصابة (٢ / ٢٧١).

٢٦ ـ عبد الله بن الحارث بن أُميّة : أدرك الاسلام وهو شيخ كبير. الإصابة (٢ / ٢٩١).

٢٧ ـ عدي بن حاتم الطائي : مات بعد الستّين وبلغ مائة وثمانين كما قاله أبو حاتم السجستاني ، أو مائة وعشرين كما في قول خليفة. الإصابة (٢ / ٤٦٨).

٢٨ ـ عدي بن وداع الدوسي : من رجال الجاهليّة ، أدرك الإسلام فأسلم

__________________

(١) كذا في المصدر.

٣٨٠