الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٧

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٧

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٧

مكتوب عليها : عليّ عليّ ، ولا أنّه هتف مخاطباً لجبرئيل بقوله : اسجد. وروّعه بذلك ، ليست فيها هذه كلّها لأنّ الشيعة في المنتأى عن الغلوّ في الفضائل.

ـ ٩ ـ

قصّة فيها كرامة لأبي بكر

أخبر أبو العبّاس بن عبد الواحد ، عن الشيخ الصالح عمر بن الزغبي (١) قال : كنت مجاوراً بالمدينة المشرّفة على مشرّفها أفضل الصلاة والسلام فخرجت يوم عاشوراء الذي تجتمع فيه الإمامية في قبّة العباس وقد اجتمعوا في القبّة. قال : فوقفت أنا على باب القبّة وقلت : أريد في محبّة أبي بكر شيئاً ، فخرج إليّ شيخ منهم ، وقال : اجلس حتى نفرغ ونعطيك ، فجلست حتى فرغوا ، ثمّ خرج إليّ ذلك الرجل وأخذ بيدي ومضى بي إلى داره وأدخلني الدار وأغلق ورائي الباب ، وسلّط عليّ عبدين فكتّفاني وأوجعاني ضرباً ، ثمّ أمرهما بقطع لساني فقطعاه ، ثمّ أمرهما فحلاّ كتافي ، وقال : اخرج إلى الذي طلبت في محبّته ليردّ إليك لسانك. قال : فخرجت من عنده إلى الحجرة الشريفة النبويّة وأنا أبكي من شدّة الوجع والألم ، فقلت في نفسي : يا رسول الله قد تعلم ما أصابني في محبّة أبي بكر ، فإن كان صاحبك حقّا فأحبّ أن يرجع إليّ لساني. وبتّ في الحجرة قلقاً من شدّة الألم فأخذتني سنة من النوم فنمت فرأيت في منامي أنّ لساني قد عاد إلى حاله كما كان ، فاستيقظت فوجدته في فيّ صحيحاً كما كان وأنا أتكلّم ، فقلت : الحمد لله الذي ردّ عليّ لساني ، وازددت محبّة في أبي بكر رضى الله عنه.

فلمّا كان العام الثاني في يوم عاشوراء اجتمعوا على عادتهم فخرجت إلى باب القبّة وقلت : أريد في محبّة أبي بكر ديناراً ، فقام إليّ شابّ من الحاضرين وقال لي : اجلس حتى نفرغ. فجلست ، فلمّا فرغوا خرج إليّ ذلك الشابّ وأخذ بيدي ومضى بي إلى تلك الدار فأدخلني فيها ووضع بين يديّ طعاماً ، فلمّا فرغنا قام الشابّ وفتح

__________________

(١) في المصدر : الزعني.

٣٤١

عليّ باباً على بيت في الدار وجعل يبكي ، فقمت لأنظر ما سبب بكائه فرأيت في البيت قرداً مربوطاً ، فسألته عن قضيّته فزاد بكاءً ، فسكّنته حتى سكن ، فقلت له : بالله أخبرني عن حالك. فقال : إن حلفت لي أن لا تخبر أحداً من أهل المدينة أخبرتك ، فحلفت له ، فقال : اعلم أنّه أتانا في عام أوّل رجل وطلب في محبّة أبي بكر رضى الله عنه شيئاً في قبّة العبّاس يوم عاشوراء ، فقام إليه أبي وكان من أكابر الإماميّة والشيعة ، فقال له : اجلس حتى نفرغ. فلمّا فرغوا أتى به إلى هذه الدار وسلّط عليه عبدين فضرباه ، وأمر بقطع لسانه فقطع ، وأخرجه فمضى لسبيله ولم نعرف له خبراً ، فلمّا كان الليل ونمنا صرخ أبي صرخة عظيمة فاستيقظنا من شدّة صرخته فوجدناه قد مسخه الله قرداً ففزعنا منه وأدخلناه هذا البيت وربطناه ، وأظهرنا للناس موته ، وهو ذا نبكي عليه بكرة وعشيّا. فقلت له : إذا رأيت الذي قطع أبوك لسانه تعرفه؟ قال : لا والله : فقلت : أنا هو والله ، أنا الذي قطع أبوك لساني ، وقصصت عليه القصّة فأكبّ عليّ يقبّل رأسي ويدي ، ثمّ أعطاني ثوباً وديناراً ، وسألني كيف ردّ الله عليّ لساني؟ فأخبرته وانصرفت.

مصباح الظلام للجرداني (١) (ص ٢٣) من الطبعة الرابعة المصريّة المطبوعة بمطبعة الرحمانيّة بمصر سنة (١٣٤٧ ه‍) ، ونزهة المجالس للصفوري (٢ / ١٩٥).

قال الأميني : ما أحوج القوم إلى اختلاق هذه الأساطير المشمرجة وهي لا يصدّقها أيّ قارٍ وبادٍ (٢) مهما يُقرّها قصّاص في أُذنيه ، ولا يصير بها الأمر إلى قراره مهما حبكت نسقه يد الإفك ، وأبدعت في نسجه مهرة الافتعال.

أنّى يصدّق ذو مسكة بأنّ رجلاً شهيراً يُعدّ من عِلْية قوم ومن أكابر أُمّة يُمسَخُ

__________________

(١) مصباح الظلام : ٢ / ٥٧ ح ٣٦٢.

(٢) قرا الأرض قرواً : تتبعها أرضاً أرضاً وسار فيها ينظر حالها وأمرها. البادي : الضارب في البادية.

٣٤٢

ويُربط في داره وهو بعدُ مجهول لا يعرف اسمه ، ولا ينبّئ عنه خبير ، ويسع لخلفه إخفاء أمره بدعوى موته ، ولم يُسأل أهله عن تجهيزه وتشييعه ودفنه ومقبره وسبب موته ، وتتأتّى لولده الغشية عليها عن أعين الناس وأسماعهم كأنّ في آذانهم صمماً وفي أبصارهم عمى.

ولما ذا أخذ ابن الجاني ـ الذي لم يُخلق بعد لا هو ولا أبوه ـ ضيفه إلى والده وهو لا يعرف الرجل ولم يخش من الفضيحة ، ولما ذا أوقفه على أمر أبيه وعواره وقد كان يستخفيه ويُظهر للناس موته؟

وأنّى يُصدَّق بأنّ رجلاً قُطع لسانه دون مبدئه وحبّه لخليفته قد استخفى قصّته ، وما أشاع بها ، وما صاح وما باح بمظلمته ، وما أبان أمره عند قومه ، وما أفاض عن شأنه بكلمة ، ولا يمّم قاضياً ولا حاكماً ولا الدوائر الحكوميّة الصالحة للنظر في مظلمته من عدليّة أو دائرة شرطة ، وعقيرته مرفوعة من شدّة الألم ، ولم يزل القوم يتربّص الدوائر على الشيعة ، ويختلق عليهم طامّات كهذه.

وأنّى يُصدّق أنّه لمّا خرج من دار من جنى عليه وهو مقصوص اللسان وقد ملأ فمه دمه ، ولاذ بالحجرة الشريفة باكياً قلقاً من شدّة الألم ، ما باه له أيّ أحد ، وما عرفت مع هذه كلّها من أمره قُذَعْمِلة (١) ، ولا تنبّه لأمره سدنة الحضرة الشريفة؟

وما بال الرجل لم يُمط الستر في وقته عن جناية عدوّ خليفته ، ولم يُفش سرّه ، ولم يُعلن كرامة الصدّيق ، ولم يفضح عدوّه ، ولم يُعرب عن هذه المكرمة الغالية ، ولم يقرّط الآذان بسماعها ، وينبس أمره ولم ينبشه ، كأنّ لسانه بعدُ مقطوع ، وأنّه لم يجده في فيه صحيحاً؟ أو رضي بأن يفشفش (٢) بعده أعلام قومه؟

وإن تعجب فعجب عود هذا الشحّاذ الجريء إلى سؤاله مرّة ثانية في سنته

__________________

(١) القُذَعْمِلة : الشيء اليسير.

(٢) فشفش : أفرط في الكذب ، وانتحل ما لغيره. (المؤلف)

٣٤٣

القابلة بعد أن رأى ما رأى قبل أن أعوم (١) ، ووقوفه في ذلك الموقف الخطر في قبّة العبّاس يوم عاشوراء ، ومضيّه من دون أيّ تحاشٍ إلى تلك الدار التي وقعت فيها واقعته الخطرة الهائلة ، ودخوله فيها رابطاً جأشه ، وإلقاؤهُ نفسه إلى التهلكة ، ولم يكن يعرف شيئاً من قصّة الشيعيّ ومسخه ، ولا من حنوّ الشابّ وعطفه ، وقد قال الله تعالى (وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) (٢).

ولعلّه كان في هذه كلّها على ثقة وطمأنينة من أنّه قطّ لا يبقى بلا لسان ، وأنّ لسانه مهما قُطع يُردّ إليه كما كان من بركة الخليفة ، وهو في حسبانه هذا وقدومه إلى المهالك مجتهد وله أجره وإن أخطأ كاجتهاد سلفه.

وقد أنصف الشيخ الصالح المدني في اختلاق هذه القصّة على شيعيّ كبير لم يولد بعد ولم تسمّه أُمّه. وجاء غيره بأسطورة معتوه قموص الحنجرة (٣) وافتجر (٤) في القول وأفجس (٥) ألا وهو الشيخ عليا المالكي ، قال الشيخ إبراهيم العبيدي المالكي في عمدة التحقيق (٦) المطبوع بمصر في هامش روض الرياحين (ص ١٣٣) : سمعت خالي العالم الشيخ عليا المالكي يقول : إنّ الرافضيّ إذا أشرف على الموت يقلب الله صورة وجهه وجه خنزير ، فلا يموت إلاّ إذا مسخ وجهه وجه خنزير ، ويكون ذلك علامة على أنّه مات على الرفض ، فيستبشرون بذلك الروافض ، وإن لم يقلب وجهه عند الموت يحزنون ويقولون : إنّه مات سنّياً. انتهى.

وتخرّق بعض الثقات في تاريخ حلب شاهداً على هذه المخرقة فقال : لمّا مات ابن

__________________

(١) أي قبل أن يمرّ عليه عام.

(٢) البقرة : ١٩٥.

(٣) يقال : فلان قموص الحنجرة ؛ أي كذّاب. (المؤلف)

(٤) افتجر في الكلام : أي اختلقه وذكره من غير أن يسمعه من أحد. (المؤلف)

(٥) أفجس : افتخر بالباطل. (المؤلف)

(٦) عمدة التحقيق : ص ٢٢٧.

٣٤٤

منير (١) خرج جماعة من شبّان حلب يتفرّجون ، فقال بعضهم لبعض : قد سمعنا أنّه لا يموت أحد ممّن كان يسبّ أبا بكر وعمر إلاّ ويمسخه الله تعالى في قبره خنزيراً ، ولا شكّ أنّ ابن منير كان يسبّهما ، فأجمعوا رأيهم على المضيّ إلى قبره ، فمضوا ونبشوه ، فوجدوا صورته خنزيراً ووجهه منحرفاً عن جهة القبلة إلى جهة الشمال ، فأخرجوه على قبره ليشاهده الناس ، ثمّ بدا لهم أن يحرقوه فأحرقوه بالنار وأعادوه في قبره وردّوا عليه التراب وانصرفوا.

وذكره العلاّمة الجرداني في مصباح الظلام (٢) المؤلّف سنّة (١٣٠١) والمطبوع بمصر سنة (١٣٤٧) وقرّظه جمع من الأعلام ألا وهم كما في آخر الكتاب : العالم العفيف السيّد محمود أنسي الشافعي الدمياطي ، والعلاّمة الشيخ محمد جودة ، والعلاّمة الأوحد الشيخ محمد الحمامصي ، وحضرة الفاضل اللبيب الشيخ عطية محمود قطارية ، والعالم العامل الشيخ محمد القاضي ، وحضرة الشاعر اللبيب محمد أفندي نجل العلاّمة الشيخ محمد النشّار.

ليست هذه النفثات إلاّ كتيت (٣) الإحن ، ونغران (٤) الشحناء. وإن شئت قلت : إنّها سكرة الحبّ ، وسرَف المغالاة. قد أعمت الأهواء بصائر أولئك الرجال فجاؤوا بهذه المخاريق المخزية ، والأفائك المزخرفة ، بيّتوها غير مكترثين لمغبّة صنيعهم ، ولا متحاشين عن معرّة قيلهم ، وشتّان بينها وبين أدب الدين ، أدب العلم ، أدب التأليف ، أدب العفّة ، أدب الدعاية والنشر : (وَإِنَّهُمْ لَيَقُولُونَ مُنْكَراً مِنَ الْقَوْلِ وَزُوراً) (٥)

__________________

(١) أحد شعراء الغدير ، مرّت ترجمته في الجزء الرابع : ص ٣٢٦ ـ ٣٣٧ مات في دمشق ثمّ نقل إلى حلب فدفن بها. (المؤلف)

(٢) مصباح الظلام : ٢ / ٥٧ ح ٣٦٢.

(٣) الكتيت : صوت غليان القدر والنبيذ ونحوهما. (المؤلف)

(٤) نغر الرجل على فلان نغراً ونغراناً : غلا جوفه عليه غضباً. (المؤلف)

(٥) المجادلة : ٢.

٣٤٥

(وَلا يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللهِ وَهُوَ مَعَهُمْ إِذْ يُبَيِّتُونَ ما لا يَرْضى مِنَ الْقَوْلِ) (١).

كأنّ هؤلاء يحدّثون عن أُمّة بائدة لم يُبقِ لها الملوان من يشاهده أحد من الأجيال الحاضرة ، أو ليست الشيعة هؤلاء الذين هم مبثوثون في أرجاء العالم وأجواء الأمم ، يشاهدهم كلّ ذي بصر وبصيرة أحياءً وأمواتاً؟ فمن ذا الذي شهد أحدهم أنّه انقلب عند موته خنزيراً غير أولئك الشبّان الموهومين الذين شاهدوا ابن منير في قبره؟ وهل الشيخ عليا المالكي هو وجد أحداً من الشيعة كما وصفه؟ أو رُوي له ذاك الإفك فوثق به كما وثق العبيدي؟ وهل كان يمكنه أن يقف على الموتى جميعاً أو أكثرهم وليس هو بمغسّل الموتى أو من حفّاري القبور ولا من نبّاشيها؟

على أنّ التشيّع ليس من ولائد تلكم العصور وإنّما بدأ به منذ العهد النبويّ ، فهل كان السلف الشيعيّ من الصحابة والتابعين يموتون كذلك وكان فيهم من يعرف بالتشيّع كأبي ذر وسلمان وعمّار والمقداد وأبي الطفيل؟ فهل يسحب هذا الرجل ذيل مزعمته إلى ساحة أُولئك الأعاظم؟ قطعت جهيزة قول كلّ خطيب (٢).

ـ ١٠ ـ

أبو بكر شيخ يُعرف والنبيّ شابّ لا يُعرف

عن أنس بن مالك قال : أقبل النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المدينة ، وأبو بكر شيخ يُعرف والنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم شابّ لا يُعرف ؛ فيلقى الرجل أبا بكر (٣) فيقول : يا أبا بكر من هذا الذي

__________________

(١) النساء : ١٠٨.

(٢) مثل يضرب لمن يقطع على الناس ما هم فيه بحماقة يأتي بها [ مجمع الأمثال : ٢ / ٤٧٤ رقم ٢٧٨٣٠ ]. (المؤلف)

(٣) في الانتقال من بني عمرو. كذا قاله القسطلاني في إرشاد الساري : ٦ / ٢١٤ [ ٨ / ٤٤٠ رقم ٣٩١١ ] وبنو عمرو بن عوف هم من الأنصار النازلين بقباء كان قد نزل عليهم رسول الله صلّي الله عليه وآله وسلّم في هجرته إلى المدينة كما يأتي تفصيله. (المؤلف)

٣٤٦

بين يديك؟ فيقول : يهديني السبيل ، فيحسب الحاسب أنّه يهديه الطريق وإنّما يعني سبيل الخير.

وفي لفظ : إنّ أبا بكر كان رديف النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وكان أعرف بذلك الطريق فيراه الرجل يعرفه فيقول : يا أبا بكر من هذا الغلام بين يديك؟ وفي لفظ أحمد : كانوا يقولون : يا أبا بكر ما هذا الغلام بين يديك؟ فيقول : هذا يهديني السبيل. وفي لفظ : قالوا : يا أبا بكر من هذا الذي تعظّمه هذا الإعظام؟ قال : هذا يهديني الطريق وهو أعرف به منّي.

وفي رواية : ركب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وراء أبي بكر ناقته. وفي التمهيد لابن عبد البرّ : أنّه لمّا أُتي براحلة أبي بكر سأل أبو بكر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يركب ويردفه ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : بل أنت اركب وأردفك أنا فإنّ الرجل أحقّ بصدر دابّته ، فكان إذا قيل له : من هذا وراءك؟ قال : هذا يهديني السبيل.

وفي لفظ : لمّا قدم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم المدينة تلقّاه المسلمون ، فقام أبو بكر للناس ، وجلس النبيّ صامتاً ، وأبو بكر شيخ والنبيّ شابّ ، فطفق من جاء من الأنصار ممّن لم ير رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يجيء (١) أبا بكر فيعرّفه بالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى أصابت الشمس رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فأقبل أبو بكر حتى ظلّل عليه برادئه ، فعرفه الناس عند ذلك.

صحيح البخاري باب هجرة النبيّ (٦ / ٥٣) ، سيرة ابن هشام (٢ / ١٠٩) ، طبقات ابن سعد (١ / ٢٢٢) ، مسند أحمد (٣ / ٢٨٧) ، معارف ابن قتيبة (ص ٧٥) ، الرياض النضرة (١ / ٧٨ ، ٧٩ ، ٨٠) ، المواهب اللدنيّة (١ / ٨٦) ، السيرة الحلبية (٢ / ٤٦ ، ٦١) (٢).

__________________

(١) كذا في السيرة الحلبية ، وفي غيرها من المصادر : يحيِّي.

(٢) صحيح البخاري : ٣ / ١٤٢١ ح ٣٦٩٤ ، سيرة ابن هشام : ٢ / ١٣٧ ، الطبقات الكبرى : ١ / ٢٣٥ ، مسند أحمد : ٤ / ٢٠٥ ح ١٣٦٤٩ ، المعارف : ص ١٧٢ ، الرياض النضرة : ١ / ١٠٣ ـ ١٠٥ ، المواهب اللدنيّة : ١ / ٣٠٦ ، السيرة الحلبيّة : ٢ / ٤١ ـ ٤٢ ، ٥٤.

٣٤٧

قال الأميني : ما أنزل الدهر نبيّ الإسلام حتى قيل : إنّه شابّ لا يُعرف. كأنّه غلام نكرة اتّخذه شيخ انتشر صوته كصيته بين الناس دليلاً في مسيره يرتدفه تارة ويمشّيه بين يديه أخرى ، ومهما سئل عنه يقول : هذا يهديني الطريق وهو أعرف به منّي ، كأنّ نبي الإسلام صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن ذلك الذي كان يعرض نفسه على القبائل في كلّ موسم فعرفوه على بَكرة أبيهم من آمن منهم ومن لم يؤمن ، خصوصاً الأنصار المدنيين منهم وفيهم رجال الأوس والخزرج ، وقد بايعوه عند العقبة الأولى مرة ، وبايعه منهم مرّة ثانية عند العقبة ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان.

وكأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن ذلك الذي أمر أصحابه بالهجرة إلى المدينة قبله ، وكان بتلك الهجرة غلّقت أبواب ، وخلت دور أُناس من السكنى وهاجر أهلها رجالاً ونساءً وكان في مقدّم المهاجرين ما يناهز ستّين رجلاً ، فلم يبق في مكة المعظّمة من أسلم معه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ أمير المؤمنين وأبو بكر وكأنّ المدينة ليست بدار بني النجّار وهم خؤولة النبيّ الأقدس.

وكأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لم يكن الذي اتّخذ المدينة قاعدة ملكه ، وعاصمة حكومته ، ومعسكر نهضته ، فبثّ فيها رجاله وخاصّته من أهلها ومن المهاجرين ، فكانوا يرقبون مقدمه الشريف في كلّ حين حتى إذا وافوه مقبلاً عليهم استقبلوه بقضّهم وقضيضهم وفيهم أهل البيعتين ومن تقدّمه من المهاجرين وكلّهم يعرفونه كما يعرفون أبناءهم ، وأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم مكث في قباء عند بني عمرو بن عوف أيّاماً وليالي حتى أسّس مسجده الشريف فيها ، فعرفه كلّ من في قباء ممّن لم يكن يعرفه قبل من رجال الأوس والخزرج ، واتّصل به كلّ من قدمها من المدينة فعرفوه جميعاً ، وقد صلّى الجمعة في قباء وفي بطن الوادي وادي رانونا وائتمّ به من حضر من المسلمين عامّة.

وبقضاء من الطبيعة أنّ الناس عند التطلّع إلى رؤيته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يومي إليه كلّ عارف ، ويسأل عنه كلّ جاهل ، ويتقدّم المبايعون إلى التعرّف به والتزلّف إليه ، فلا

٣٤٨

يبقى في المجتمع جاهل به حتى يسأل أبا بكر عنه في انتقاله من بني عمرو بقوله : من هذا الغلام بين يديك يا أبا بكر؟

فكأنّ القادم رجل عادي ما دوّخ صيته الأقطار ، ولم يره بشر من ذلك الجمع الحافل ، ولم يحتفل به ذلك الاحتفال ، ولا احتفي به تلك الحفاوة ، وما صعدت ذوات الخدور على الأجاجير (١) وما هزجت الصبيان والولائد بقولهنّ :

طلع البدر علينا

من ثنّيات الوداعِ

وجب الشكر علينا

ما دعا لله داع

أيُّها المبعوث فينا

جئت بالأمر المطاعِ

وكأنّه قدم في صورة منكرة بلا أيّ تقدمة إلى بلد لا يعرفه فيه أحد حتى خصّ السؤال عنه بأبي بكر فحسب.

ثمّ ما هذه التعمية في جواب أبي بكر بقوله : إنّه يهديني السبيل. يريد سبيل السعادة فيحسب الحاسب أنّه يهديه الطريق؟ ألخوف كانت ولم يَرِد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلاّ على العدّة والعدد والمتعة والعزّة ، وقد بايعته الأنصار على التفاني دونه؟ أو كان يخاف أبو بكر قريشاً وهو في حصن الدين المنيع ودرعه الحصينة؟ أم كانت لغير ذلك؟ فاسأل عنه خبيراً. والعجب كلّ العجب أنّ رجلاً هذه سيرته في التقيّة عن الناس في عاصمة الإسلام بين فرسان المهاجرين والأنصار كيف صحّ عنه ما جاء عن ابن مسعود وما روي عن مجاهد مرسلاً من قولهم : إنّ أوّل من أظهر الاسلام سبعة : رسول الله ، وأبو بكر إلى آخره (٢).

__________________

(١) جمع الإجّار بكسر الأول وتشديد الجيم : السطح. (المؤلف)

(٢) تاريخ ابن كثير : ٣ / ٥٨ [ ٣ / ٣٨ ] ، تاريخ ابن عساكر : ٦ / ٤٤٨ [ ٢٤ / ٢٢١ رقم ٢٩٠٥ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ١١ / ١١٣ ]. (المؤلف)

٣٤٩

على أنّ الحالة كانت تقتضي أن يُسأل كلّ قادم إلى المدينة يوم ذاك عن شخص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأوان نزوله بها لا عن الغلام بين أيدي أبي بكر.

والعجب أنّ الجهل برسول الله في مزعمة هذا الراوي كان مستمرّا بين مستقبليه ـ وكلّهم نفوسهم نزّاعة إلى عرفانه والتبرّك برؤيته ـ حتى ظلّله أبو بكر بردائه فعرفه الناس عند ذلك.

ومتى كان أبو بكر شيخاً والنبيّ شابّا وهو صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أكبر منه بسنتين وعدّة أشهر كما يأتي تفصيله إن شاء الله؟ وابن قتيبة أخذ هذا الحديث بظاهره فقال في المعارف (١) (ص ٧٥):

هذا الحديث يدلّ على أنّ أبا بكر كان أسنّ من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمدّة طويلة ، والمعروف عند أهل الأخبار ما حكيناه. انتهى. وحكى قبل هذا أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو أكبر سنّا من أبي بكر.

نعم ؛ عرف شرّاح البخاري من المتأخّرين موضع الغمز ، فأوّلوا كون أبي بكر شيخاً بظهور الشيب في لحيته ، وكون النبيّ شابّا بسواد كريمته ، والعارف بأساليب الكلام يعلم أنّه تمحّل محض ، وأنّ المفهوم من تلك كما فهمه ابن قتيبة ؛ كون أبي بكر شيخاً ورسول الله شابّا لا غير ذلك. وإلاّ فما معنى قولهم : ما هذا الغلام بين يديك؟ أو : من هذا الغلام بين يديك؟ ومن المعلوم أنّ الغلام لا يطلق على من عمره خمسون سنة تقريباً مهما اسودّ عارضه.

وعلى صحّة هذا التأويل أين المؤوّلون من صحيحة ابن عبّاس ، قال : قال أبو بكر : يا رسول الله قد شبت. قال : «شيّبتني هود والواقعة» الحديث. وروى مثله الحفّاظ عن ابن مسعود ، وفي لفظ أبي جحيفة : قالوا : يا رسول الله نراك قد شبت.

__________________

(١) المعارف : ص ١٧٢.

٣٥٠

قال : «شيّبتني هود وأخواتها» (١).

فهذه الصحيحة تعرب عن أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان قد بان فيه الشيب على خلاف الطبيعة ، وأسرع فيه حتى أصبح مسؤولاً عنه وعمّا أثّره فيه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فأين منها ذلك التأويل البارد؟

وربما يُقال في حلّ مشكلة ـ يُعرف ولا يُعرف ـ : إنّ أبا بكر كان تاجراً عرفه الناس في المدينة عند اختلافه إلى الشام ، لكنّه على فرض تسليم كونه تاجراً ، وعلى تقدير تسليم سفره إلى الشام ودون إثباته خرط القتاد ، مقابل بأنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أيضاً كان يحاول التجارة يستطرق المدينة إلى الشام ، فلو كانت التجارة بمجرّدها تستدعي معرفة الناس بالتاجر فهو في النبيّ الأعظم أولى لأنّ شرفه المكتسب ، وشهرته بالأمانة ، وعظمته في النفوس ، وتحلّيه بالفضائل ، وبروز عصمته وقداسته عند الناس من أوّل يومه ، وشرفه الطائل في نسبه ؛ أجلب لتوجّه النفوس إليه ، بخلاف التاجر الذي هو خلو من كلّ ذلك.

على أنّ التاجر متى هبط مصراً فعارفوه رجال معدودون ممّن شاركوه في الحرفة ، أو شارفوه في المعاملة ، وهذا التعارف يخصّ بأُناس تُعدّ بالأنامل لا عامّة الناس كما حسبوه. وأنّى هذا من سفر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إلى المدينة وأبو بكر يوم ذاك يرضع من ثدي أُمّه ، خرجت به صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم [ أمّه ] لمّا بلغ ستّ سنين من عمره إلى أخواله بني عدي بن النجّار بالمدينة تزور به أخواله ومعه أمّ أيمن ، فنزلت به في دار النابغة

__________________

(١) أخرجه الحافظ الترمذي في جامعه [ ٥ / ٣٧٥ ح ٣٢٩٧ ] ، والحكيم الترمذي في نوادر الأصول [ ٢ / ٢٨ الأصل ١٨٦ ] ، وأبو يعلى [ في المسند : ١ / ١٠٢ ح ١٠٧ ، ١٠٨ ، ٢ / ١٨٤ ح ٨٨٠ ] ، والطبراني [ في المعجم الكبير : ٦ / ١٤٨ ح ٥٨٠٤ ، ١٠ / ١٠٢ ح ١٠٠٩١ ] ، وابن أبي شيبة ، والحاكم في المستدرك : ٢ / ٣٤٣ [ ٢ / ٣٧٤ ح ٣٣١٤ ] وصحّحه هو وأقرّه الذهبي ، والقرطبي في تفسيره : ٧ / ١ [ ٩ / ٣ ] ، وأبو نصر في اللمع : ص ٢٨٠ [ ص ٣٥٢ ] ، وابن كثير في تفسيره : ٢ / ٤٣٥ ، والخازن في تفسيره : ٢ / ٣٣٥ [ ٢ / ٣١٩ ]. (المؤلف)

٣٥١

رجل من بني عديّ بن النجار فأقامت به شهراً. وممّا وقع في تلك السفرة :

قالت أُمّ أيمن : أتاني رجلان من اليهود يوماً نصف النهار بالمدينة فقالا : أخرجي لنا أحمد. فأخرجته ونظرا إليه وقلّباه مليّا ثمّ قال أحدهما لصاحبه : هذا نبيّ هذه الأُمّة ، وهذه دار هجرته ، وسيكون بهذه البلدة من القتل والسبي أمر عظيم. قالت أُمّ أيمن : وعيت ذلك كلّه من كلامهما (١). أبعد هذه كلّها ، وبعد تلكم الإرهاصات للنبوّة التي ملأت بين الخافقين ، وبعد ذلك الصيت الطائل الذي دوّخ الأقطار ، وبعد مضيّ خمسين سنة من عمره الشريف صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رسول الله شابّ لا يُعرف وأبو بكر شيخ يُعرف ، يُسأل عنه : من هذا الغلام بين يديك؟

ولإيضاح هذه الجمل من الحريّ أن نسرد كيفيّة هجرته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى تزيد بصيرة القارئ على موقع الإفك من هذه المجهلة المأثورة في الصحاح والمسانيد الصادرة عن الغلوّ في الفضائل عمياً وصمّا. فأقول :

الأنصار في البيعتين :

كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعرض نفسه على القبائل في المواسم إذ كان يدعوهم إلى الله ويخبرهم أنّه نبيّ مرسل فعرض نفسه على كندة ، وعلى بني عبد الله بطن من كلب ، وعلى بني حنيفة ، وعلى بني عامر بن صعصعة ، وعلى قوم من بني عبد الأشهل. فلمّا أراد الله عزّ وجلّ إظهار دينه ، وإعزاز نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنجاز موعده له ، خرج صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الموسم الذي لقي فيه النفر من الأنصار فعرض نفسه على قبائل العرب كما كان يصنع في كلّ موسم ، فبينما هو عند العقبة لقي رهطاً من الخزرج أراد الله بهم خيراً وفيهم : أسعد بن زرارة أبو أُمامة النجاري ، وعوف بن الحرث بن عفراء ، ورافع بن مالك ، وقطبة بن عامر بن حديدة ، وعقبة بن عامر بن نابي ، وجابر بن عبد الله.

__________________

(١) دلائل النبوّة لأبي نعيم : ١ / ٥٠ [ ١ / ٢٠٤ ح ٩٩ ] ، صفة الصفوة لابن الجوزي : ١ / ٢٠ [ ١ / ٦٤ رقم ١ ] ، تاريخ ابن كثير : ٢ / ٢٧٩ [ ٢ / ٣٤٠ ] ، بهجة المحافل : ١ / ٤٤. (المؤلف)

٣٥٢

فكلّمهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعاهم إلى الله ، وعرض عليهم الإسلام ، وتلا عليهم القرآن فأجابوه فيما دعا إليهم ثمّ انصرفوا عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم راجعين إلى بلادهم وقد آمنوا وصدّقوا.

فلمّا قدموا المدينة إلى قومهم ذكروا لهم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ودعوهم إلى الإسلام حتى فشا فيهم ، فلم تبق دار من دور الأنصار إلاّ وفيها ذكر من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، حتى إذا كان العام المقبل وافى الموسم من الأنصار إثنا عشر رجلاً فلقوه بالعقبة الأولى فبايعوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على بيعة النساء وذلك قبل أن يفترض عليهم الحرب ، وهم : أبو أُمامة أسعد بن زرارة ، وعوف بن عفراء ، ومعاذ بن عفراء ، ورافع بن مالك ، وذكوان بن عبد قيس ، وعبادة بن الصامت ، ويزيد بن ثعلبة ، والعبّاس بن عبادة ، وعقبة بن عامر ، وقطبة بن عامر ، وأبو الهيثم بن التيّهان ، وعويم بن ساعدة.

قال عبادة بن الصامت : بايعنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليلة العقبة الأولى : على أن لا نشرك بالله شيئاً ، ولا نسرق ، ولا نزني ، ولا نقتل أولادنا ، ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا ، ولا نعصيه في معروف.

فلمّا انصرف القوم عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعث رسول الله معهم مصعب بن عمير بن هاشم ابن عبد مناف (١) وأمره أن يقرئهم القرآن ، ويعلّمهم الإسلام ، ويفقّههم في الدين ، ويقيم فيهم الجمعة والجماعة ، وكان مصعب يسمّى بالمدينة : المقرئ ، وكان منزله على أسعد ابن زرارة أبي أُمامة النجاري. وكان يصلّي بهم الجمعة والجماعة فأقام عنده يدعوان الناس الى الإسلام حتى لم تبق دار من دور الأنصار إلاّ وفيها رجال ونساء مسلمون.

ثمّ إنّ مصعب بن عمير رجع إلى مكّة ، وخرج من خرج من الأنصار من المسلمين إلى الموسم مع حجّاج قومهم من أهل الشرك حتى قدموا مكّة فواعدوا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم العقبة من أوسط أيّام التشريق. قال كعب : فلمّا فرغنا من الحجّ وكانت الليلة التي واعدنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لها ومعنا عبد الله بن عمرو بن حرام

__________________

(١) ابن عبد الدار بن قُصيّ بن كلاب.

٣٥٣

أبو جابر سيّد من ساداتنا وشريف من أشرافنا أخذناه معنا ، ثمّ دعوناه إلى الإسلام فأسلم وشهد معنا العقبة ، وكان نقيباً ، فنمنا تلك الليلة مع قومنا في رحالنا ، حتى إذا مضى ثلث الليل خرجنا من رحالنا لميعاد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى اجتمعنا في الشعب عند العقبة ونحن ثلاثة وسبعون رجلاً ، ومعنا امرأتان من نسائنا : نسيبة بنت كعب أمّ عمارة ، وأسماء بنت عمرو أمّ منيع.

قال : فتكلّم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فتلا القرآن ودعا إلى الله ورغّب في الإسلام ثمّ قال : «أبايعكم على أن تمنعوني ممّا تمنعون منه نساءكم وأبناءكم». فأخذ البراء بن معرور بيده ثمّ قال : نعم والذي بعثك بالحقّ لنمنعنّك عمّا نمنع منه أُزُرَنا (١) فبايعنا يا رسول الله ، فنحن والله أهل الحروب ، وأهل الحلقة ، ورثناها كابراً عن كابر ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أخرجوا إليّ منكم اثني عشر نقيباً ليكونوا على قومهم بما فيهم». فأخرجوا منهم اثني عشر نقيباً تسعة من الخزرج وثلاثة من الأوس. وهم :

١ ـ أبو أمامة أسعد بن زرارة الخزرجي.

٢ ـ سعد بن الربيع بن عمرو الخزرجي.

٣ ـ عبد الله بن رواحة بن امرئ القيس الخزرجي.

٤ ـ رافع بن مالك بن العجلان الخزرجي.

٥ ـ البراء بن معرور بن صخر الخزرجي.

٦ ـ عبد الله بن عمرو بن حرام الخزرجي.

٧ ـ عبادة بن الصامت بن قيس الخزرجي.

٨ ـ سعد بن عبادة بن دُليم الخزرجي.

٩ ـ المنذر بن عمرو بن خنيس الخزرجي.

١٠ ـ أسيد بن حضير بن سماك الأوسي.

__________________

(١) أزرنا : يعني نساءنا ، والمرأة يُكنّى عنها بالإزار. (المؤلف)

٣٥٤

١١ ـ سعد بن خيثمة بن الحرث الأوسي.

١٢ ـ رفاعة بن عبد المنذر بن زنبر الأوسي. وقد يعدّ بمكانه أبو الهيثم بن التّيهان.

فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للنقباء : «أنتم على قومكم بما فيهم كفلاء ككفالة الحواريّين لعيسى بن مريم وأنا كفيل على قومي ـ يعني المسلمين ـ». قالوا : نعم.

قال العبّاس بن عبادة بن نضلة الأنصاري : يا معشر الخزرج هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل؟ قالوا : نعم. قال : إنّكم تبايعونه على حرب الأحمر والأسود من الناس ، فإن كنتم ترون أنّكم إذا نهكت أموالكم مصيبةً ، وأشرافكم قتلاً اسلمتموه فمن الآن ، فهو والله إن فعلتم خزي الدنيا والآخرة. وإن كنتم ترون أنكم وافون له بما دعوتموه إليه على نهكة الأموال وقتل الأشراف فهو والله خير الدنيا والآخرة. قالوا : فإنّا نأخذه على مصيبة الأموال وقتل الأشراف ، فما لنا بذلك يا رسول الله إن نحن وفينا؟ قال : «الجنّة». قالوا : ابسط يدك. فبسط يده فبايعوه.

فقال له العبّاس بن عبادة : والله الذي بعثك بالحقّ إن شئت لنميلنّ على أهل منى غداً بأسيافنا. قال : فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «لم نُؤمر بذلك ولكن ارجعوا إلى رحالكم». فرجعوا إلى مضاجعهم. فلمّا قدموا المدينة أظهروا الإسلام بها وفي قومهم بقايا من شيوخ لهم على دينهم من الشرك. وكان أهل بيعة العقبة الآخرة ثلاثة وسبعين رجلاً وامرأتين وهم :

أُسيد بن حُضير النقيب ، أبو الهيثم بن التيّهان النقيب ، سلمة بن سلامة الأسهلي ، ظهير بن رافع الخزرجي ، أبو بردة بن نِيار بن عمرو ، نُهَير بن الهيثم الحارثي ، سعد بن خيثمة النقيب ، رفاعة بن عبد المنذر النقيب ، عبد الله بن جبير

٣٥٥

ابن النعمان ، معن بن عديّ بن الجد ، عويم بن ساعدة الأوسي ، أبو أيّوب خالد الأنصاري ، معاذ بن الحارث الأنصاري ، أسعد بن زرارة النقيب ، سهيل بن عتيك النجاري ، أوس بن ثابت الخزرجي ، أبو طلحة زيد بن سهل ، قيس بن أبي صعصعة النجاري ، عمرو بن غزية الخزرجي ، سعد بن الربيع النقيب ، خارجة بن زيد الخزرجي ، عبد الله بن رواحة النقيب ، بشير بن سعد الخزرجي ، خلاّد بن سويد الخزرجي ، عقبة بن عمرو الخزرجي ، زياد بن لبيد الخزرجي ، فروة بن عمرو الخزرجي ، خالد بن قيس الخزرجي ، رافع بن مالك النقيب ، ذكوان بن عبد قيس الخزرجي ، عبادة بن قيس الخزرجي ، الحارث بن قيس الخزرجي ، البراء بن معرور النقيب ، بشر بن البراء الخزرجي ، سنان بن صيفي الخزرجي ، الطفيل بن النعمان الخزرجي ، معقل بن المنذر الخزرجي ، يزيد بن المنذر الخزرجي ، مسعود بن يزيد الخزرجي ، الضحّاك بن حارثة الخزرجي ، يزيد بن خزام الخزرجي ، جبار بن صخر الخزرجي ، الطفيل بن مالك الخزرجي ، كعب بن مالك الخزرجي ، سليم بن عمرو الخزرجي ، قطبة بن عامر الخزرجي ، يزيد بن عامر الخزرجي ، كعب بن عمرو الخزرجي ، صيفي بن سواد الخزرجي ، ثعلبة بن غنمة السلمي ، عمرو بن غنمة السلمي ، عبد الله بن أنيس السلمي ، خالد بن عمرو السلمي ، عبد الله بن عمر النقيب ، جابر بن عبد الله السلمي ، ثابت بن ثعلبة السلمي ، عمير بن الحارث السلمي ، خديج ابن سلامة بن الفرافر ، معاذ بن جبل الخزرجي ، أوس بن عباد الخزرجي ، عبادة بن الصامت النقيب ، غنم بن عوف الخزرجي ، العبّاس بن عبادة الخزرجي ، أبو عبد الرحمن بن يزيد الخزرجي ، عمرو بن الحرث الخزرجي ، رفاعة بن عمرو الخزرجي ، عقبة بن وهب الجشمي ، سعد بن عبادة النقيب ، المنذر بن عمرو النقيب ، عوف بن الحارث الأنصاري ، معوذ بن الحارث الأنصاري ، عمارة بن حزم الأنصاري ، عبد الله بن زيد مناة الخزرجي.

٣٥٦

نبأ الهجرة :

فلمّا عتت قريش على الله عزّ وجلّ ، وردّوا عليه ما أرادهم به من الكرامة ، وكذّبوا نبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وعذّبوا ونفوا من عبده ووحّده وصدّق نبيّه واعتصم بدينه أذن الله عزّ وجلّ لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في القتال فنزل قوله تعالى (أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا) (١) ثمّ الآية أنزل الله تعالى : (وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ) (٢).

فلمّا أذن الله تعالى له صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الحرب وتابعه هذا الحيّ من الأنصار على الإسلام والنصرة له ولمن اتّبعه ، وأوى إليهم من المسلمين ، أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أصحابه من المهاجرين من قومه ومن معه بمكّة من المسلمين بالخروج إلى المدينة والهجرة إليها ، واللحوق بإخوانهم من الأنصار ، وقال : إنّ الله عزّ وجلّ قد جعل لكم إخواناً وداراً تأمنون بها. فخرجوا أرسالاً (٣) وأقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمكة ينتظر أن يأذن له ربّه في الخروج من مكّة والهجرة إلى المدينة ، فهاجر بنو جحش فغلّقت دورهم هجرة تخفق أبوابها يَبابا ، ليس فيها ساكن خلاء من أهلها. وكان بنو غنم بن دودان أهل إسلام قد أوعبوا إلى المدينة هجرةً نساءهم ورجالهم ، ثمّ تتابع المهاجرون وفيهم :

أبو سلمة بن عبد الأسد ، عامر بن ربيعة الكعبي ، عبد الله بن جحش ، عبد بن جحش أبو أحمد ، عكاشة بن محصن ، شجاع بن وهب ، عقبة بن وهب ، عربد بن حمير ، منقذ بن نباتة ، سعيد بن رُقيش ، محرز بن نضلة ، يزيد بن رُقيش ، قيس بن

__________________

(١) الحج : ٣٩.

(٢) الانفاق : ٣٩.

(٣) أرسالاً : جماعة في إثر جماعة.

٣٥٧

جابر ، عمرو بن محصن ، مالك بن عمرو ، صفوان بن عمرو ، ثقف بن عمرو ، ربيعة بن أكثم ، الزبير بن عبيدة ، تمام بن عبيدة ، سخبرة بن عبيدة ، محمد بن عبد الله بن جحش ، عمر بن الخطّاب ، عياش بن أبي ربيعة ، زيد بن الخطّاب ، عمرو بن سراقة ، عبد الله بن سراقه ، خنيس بن حذافة ، إياس بن البكير ، عاقل بن البكير ، عامر بن البكير ، خالد بن البكير ، طلحة بن عبيد الله ، حمزة بن عبد المطّلب ، صهيب بن سنان ، زيد بن حارثة ، كنار بن حصين ، عبيدة بن الحارث ، الطفيل بن الحارث ، الحصين بن الحرث ، مسطح بن أثاثة ، سويبط بن سعد ، طليب بن عمير ، خبّاب مولى عتبة ، عبد الرحمن بن عوف ، الزبير بن عوام ، أبو سبرة بن أبي رهم ، مصعب بن عمير ، أبو حذيفة بن عتبة ، سالم مولى أبي حذيفة ، عتبة بن غزوان ، عثمان بن عفان ، أنسة مولى رسول الله ، أبو كبشة مولى رسول الله.

وأقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بمكة بعد أصحابه من المهاجرين ينتظر أن يؤذن له في الهجرة. ولم يتخلّف معه بمكّة أحد من المهاجرين إلاّ من حُبس أو فُتن ، إلاّ عليّ بن أبي طالب وأبو بكر بن أبي قحافة حتى إذا كان اليوم الذي أذن الله فيه لرسوله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في الهجرة والخروج من مكّة من بين ظهري قومه ، وما كان يعلم بخروجه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحد حين خرج إلاّ عليّ بن أبي طالب وأبو بكر الصدّيق وآل أبي بكر ، أما عليّ فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبره بخروجه وأمره أن يتخلّف بعده بمكّة ، حتى يؤدّي عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الودائع التي كانت عنده للناس ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ليس بمكّة أحد عنده شيء يخشى عليه إلاّ وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

فلمّا أجمع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الخروج خرج ومعه أبو بكر ثمّ عمدا إلى غارٍ بثور ـ جبل بأسفل مكّة ـ فدخلاه فأقام فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثلاثاً ومعه صاحبه.

ثمّ خرج بهما دليلهما عبد الله بن أرقط سلك بهما أسفل مكّة ثمّ مضى بهما على

٣٥٨

الساحل أسفل من عُسفان (١) ثمّ سلك بهما على أسفل أمج (٢) ثمّ استجاز بهما حتى عارض بهما الطريق بعد أن أجاز قُدَيداً (٣) ثمّ أجاز بهما من مكانه ذلك فسلك بهما الخرّار (٤) ثمّ سلك بهما ثنيّة (٥) المرة ، ثمّ سلك بهما لقفاً (٦) ، ثمّ استبطن بهما مدلجة مجاج (٧) ثمّ سلك بهما مرجح مجاج ثمّ تبطّن بهما مرجح (٨) من ذي العضوين ـ الغضوين ـ ثمّ بطن ذي كشر (٩) ثمّ أخذ بهما على الجداجد (١٠) ثمّ على الأجرد (١١) ثمّ سلك بهما ذا سلم من بطن أعدا مدلجة تعهن (١٢) ثمّ على العبابيد (١٣) ثمّ أجاز بهما الفاجة (١٤) ثمّ هبط بهما العرْج (١٥) ، فحمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رجل من أسلم يقال له أوس بن حجر على جمل له ـ يقال له : ابن الرداء ـ إلى المدينة ، وبعث معه غلاماً له ، يقال له مسعود بن هُنيدة ، ثمّ خرج بهما دليلهما من العرج فسلك بهما ثنيّة

__________________

(١) بضم الأوّل ثمّ السكون : محل من مكّة على مرحلتين [ معجم البلدان : ٤ / ١٢١ ]. (المؤلف)

(٢) بفتح الهمزة والميم : بلد من أعراض المدينة [ معجم البلدان : ٢٤٩ ]. (المؤلف)

(٣) بضم الأوّل وفتح الدال : موضع فيه ماء بين مكّة والمدينة. بها منازل خزاعة. (المؤلف)

(٤) بفتح المعجمة وتشديد الراء : موضع قرب الجحفة. (المؤلف)

(٥) ثنية المرة مخفف الراء. (المؤلف)

(٦) ويقال : لقف بالتحريك. وبفتح اللام وسكون الفاء. وبكسر اللام وسكون الفاء. (المؤلف)

(٧) بفتح الميم وكسره بجيمين وصحّحه بعض بفتح الميم ثمّ المعجمة وآخره مهملة. (المؤلف)

(٨) بفتح الميم وسكون الراء بعدها معجمة مكسورة وآخره مهملة. (المؤلف)

(٩) بفتح الكاف وسكون الشين وآخره مهملة. (المؤلف)

(١٠) بالمعجمتين والمهملتين بينهما ألف. من الآبار القديمة. (المؤلف)

(١١) اسم جبل هناك. (المؤلف)

(١٢) تعهن بكسر أوّله وهائه وتسكين العين وآخره نون : اسم عين ماء سمّي به على ثلاثة أميال من السقيا بين مكّة والمدينة ، ويقال في ضبطه غير هذا. (المؤلف)

(١٣) ويقال : العبابيب ، ويقال : العثيانة. (المؤلف)

(١٤) ويقال : الفاحة بالمهملة. والقاحة : مدينة على ثلاث مراحل من المدينة. (المؤلف)

(١٥) بفتح العين وسكون الراء : عقبة بين مكّة والمدينة. (المؤلف)

٣٥٩

العائر (١) عن يمين ركوبة (٢) حتى هبط بهما بطن رئم (٣) ثمّ قدم بهما قباء (٤) على بني عمرو بن عوف حين اشتدّ الضحاء وكادت الشمس تعتدل.

ولمّا دنوا من قباء بعثوا رجلاً من أهل البادية إلى أبي أمامة وأصحابه من الأنصار ، فثار المسلمون إلى السلاح واستقبله زهاء خمسمائة من الأنصار فوافوه وهو مع أبي بكر في ظلّ نخلة ، ثمّ قالوا لهما : اركبا آمنين مطاعين. فعدل بهم ذات اليمين حتى نزل بقباء في دار بني عمرو بن عوف ، فأقام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بقباء في بني عمرو بن عوف يوم الإثنين ويوم الثلاثاء ويوم الأربعاء ويوم الخميس وأسّس مسجده ، وقد يقال كما في سنن أبي داود (٥) (١ / ٧٤) : إنّه أقام في قباء أربع عشرة ليلة ، وحكى موسى ابن عقبة اثنتين وعشرين ليلة. وقال البخاري (٦) : بضع عشرة ليلة ، وبقباء كانت منازل الأوس والخزرج.

ثمّ أخرجه الله من بين أظهرهم يوم الجمعة فأدركت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم الجمعة في بني سالم بن عوف فصلاّها في المسجد الذي في بطن الوادي وادي رانوناء ، فكانت أوّل جمعة صلاّها بالمدينة.

قال عبد الرحمن بن عويم : حدّثني رجال من قومي من أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) قال محمد يحيى الدين المصري في حاشية سيرة ابن هشام : ٢ / ١٠٨ : لم يذكر ياقوت العائر لا بالعين المهملة ولا بالغين المعجمة. أقول : ذكره في العين المهملة : ٦ / ١٠٣ [ معجم البلدان : ٤ / ٧٣ ] وقال : جبل بالمدينة. وفي حديث الهجرة : ثنية العائر عن يمين رَكوبة. ويقال : ثنية الغائر ، بالغين المعجمة. انتهى ملخّصاً. (المؤلف)

(٢) بفتح الراء : ثنية صعبة عند العرج. (المؤلف)

(٣) بكسر الراء المهملة موضع على أربعة برد من المدينة. وقيل : ثلاثة برد. (المؤلف)

(٤) بضم أوّله : قرية على ميلين من المدينة. (المؤلف)

(٥) سنن أبي داود : ١ / ١٢٣ ح ٤٥٣.

(٦) صحيح البخاري : ٣ / ١٤٢١ ح ٣٦٩٤.

٣٦٠