الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٧

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٧

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٥٧

ويظهر من لفظ الحديث كما في الخصائص الكبرى (١) (٢ / ٨٦) ؛ أنّ السباب بين أبي بكر وعقيل كان بمحضر من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وكان ذلك في أخريات أيّامه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

ومن شواهد كونه سبّاباً ـ وسباب المسلم فسوق (٢) ـ ما مرّ في صفحة (١٥٣) من قوله للسائل عن القدر : يا ابن اللخناء. وقوله لعمر : ثكلتك أمّك وعدمتك يا ابن الخطّاب ، لمّا بلّغه طلب الأنصار أن يولّي عليهم رجلاً أقدم سنّا من أسامة ، فأخذ بلحيته فقال : استعمله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتأمرني أن أنزعه (٣).

على أنّه وهم في قوله هذا من ناحيتين :

إحداهما : أنّ الذي يجب أن لا يعزل من منصوبي رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هو الخليفة فحسب لا يتسرّب إليه الرأي والمقاييس ، كما لا يتطرّقان إلى الأحكام والسنن المشرّعة ، لأنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نصبه يوم نصب بأمر من المولى سبحانه رئيساً عالميّا مدى أمد حياته ، كما أنّه شرّعها أحكاماً عالميّة مدى أمد الدهر. بخلاف أُمراء الجنود والولاة والعمّال فإنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يولّيهم الأمر لمصالح وقتيّة بعد الفراغ من تأهّلهم للإمارة والولاية والعمل ، وإذا انقضى ظرف المصلحة أو تبدّلت بأخرى أو سلب التأهّل من أحدهم كان يزحزحه من عمل إلى عمل ، أو يسقطه عن الوظيفة نهائيّا ، أو إلى أمد تعود بعده إليه جدارته ، وكذلك شأن الخليفة من بعده فإنّه قائم مقامه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وله

__________________

(١) الخصائص الكبرى : ٢ / ١٤٥.

(٢) مسند أحمد : ١ / ٤١١ [ ١ / ٦٧٩ ح ٣٨٩٣ ] ، سنن ابن ماجة : ٢ / ٤٦١ [ ٢ / ١٢٩٩ ـ ١٣٠٠ ح ٣٩٣٩ ـ ٣٩٤١ ] ، تاريخ الخطيب : ٥ / ١٤٤ [ رقم ٢٥٧٧ ] ، وصحّحه السيوطي في الجامع الصغير [ ٢ / ٤٠ ـ ٤١ ح ٤٦٣٣ ، ٤٦٣٤ ] ، وقال النووي في رياض الصالحين : ص ٣٢٣ [ ص ٥١٨ ح ١٥٦٢ ] متّفق عليه. (المؤلف)

(٣) التمهيد للباقلاني : ص ١٩٣ ، تاريخ الطبري : ٣ / ٢١٢ [ ٣ / ٢٢٦ حوادث سنة ١١ ه‍ ] ، تاريخ ابن عساكر : ١ / ١١٧ [ ٢ / ٥٠ ] ، وفي مختصر تاريخ دمشق [ ١ / ١٧١ ] ، الكامل لابن الاثير : ٢ / ١٣٩ [ ٢ / ١٧ حوادث سنة ١١ ه‍ ] ، تاريخ ابي الفداء : ١ / ١٥٦ ، الروض الأُنف : ٢ / ٣٧٥ [ ٧ / ٥٨٣ ]. (المؤلف)

٣٠١

النصب والنزع ، والخفض والرفع ، ولذلك أمّر أبو بكر نفسه خالد بن سعيد على مشارق الشام في الردّة ، وكان قد استعمله النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على ما بين زمع وزبيد إلى حدّ نجران أو على صدقات مذحج ومات صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو على عمله.

واستعمل أبو بكر نفسه أيضاً يعلى بن أُميّة على حلوان ، ثمّ عمل لعمر على بعض اليمن ، ثمّ استعمله عثمان على صنعاء ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد استعمله على الجند وتوفّي وهو على عمله.

واستعمل أبو بكر عكرمة على عمان ثمّ عزله واستعمل عليها حذيفة بن محصن وكان قد استعمل رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عمرو بن العاص على عمان فمات رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو أميرها ، واستعمل عكرمة على صدقات هوازن عام وفاته.

واستعمل عمر عثمان بن أبي العاص على عمان والبحرين سنة (١٥) ، وكان قد استعمله النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على الطائف وأقرّه أبو بكر بعد وفاته صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

واستعمل عمر عبد الله بن قيس أبا موسى الأشعري على البصرة ، ثمّ عزله عثمان وأقرّه على الكوفة ، ثمّ عزله عليّ عليه‌السلام عنها ، وكان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولاّه مخاليف اليمن.

وقال أبو الفدا في تاريخه (١ / ١٦٦) : أقرّ عثمان ولاة عمر سنةً ؛ لأنّه كان أوصى بذلك ثمّ عزل المغيرة بن شعبة عن الكوفة ، وولاّها سعد بن أبي وقاص ثمّ عزله ، وولّى الكوفة الوليد بن عقبة وكان أخا عثمان من أُمّه.

راجع (١) : تاريخ الطبري ، والكامل لابن الأثير ، والاستيعاب ، وأُسد الغابة ، وتاريخ أبي الفداء ، وتاريخ ابن كثير ، والإصابة ، وغيرها من كتب التاريخ ومعاجم التراجم.

__________________

(١) تاريخ الأمم والملوك : ٤ / ٢٤٤ حوادث سنة ٢٤ ه‍ ، الكامل في التاريخ : ٢ / ٢٢٩ حوادث سنة ٢٤ ه‍ ، الاستيعاب : القسم الثاني / ٦٤٠ رقم ٩٦٣ ، أُسد الغابة : ٥ / ٤٥٢ رقم ٥٤٦٨ ، البداية والنهاية : ٧ / ١٦٨ حوادث سنة ٢٤ ه‍ ، الإصابة : ٢ / ٣٤ رقم ٣١٩٤.

٣٠٢

وكم وكم لهؤلاء الولاة المذكورين من نظير ، فليس أُسامة ببدع من هؤلاء ، وإنّما هو كأحدهم ، له مالهم وعليه ما عليهم.

فاقتصار الخليفة في الحِجاج بنصب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أسامة في غير محلّه ، إلاّ أن يقيّده بأنّ ما ارتآه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من المصلحة يوم ذلك باقية بعد من غير حاجة إلى أيّ من القول والفعل اللذين ارتكبهما.

الناحية الثانية : أنّ طلبة الأنصار هذه متّخذه عن عمل الخليفة نفسه وصاحبيه ، حيث قدّماه يوم السقيفة بكبر سنّه وشيبته كما مرّ في صفحة (٩١ ، ٩٢) فلا غضاضة على الأنصار إذن أن يتحرّوا للإمارة عليهم من هو أقدم سنّا من أُسامة تأسّيا بالخلافة.

وإذا كان تولية الرسول صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أُسامة للقيادة مانعة عن نزعه فما بال منصوبه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم للخلافة يوم غدير خمّ بمشهد من مائة ألف أو يزيدون ، وفي مواقف أُخرى متكثّرة يعزل عن الأمر؟ ولا منكر يصاخ إليه ، ولا وازع يسمع منه ، هب أنّ قيساً أخذ بلحية عمر يوم ذاك كما أخذ بها أبو بكر يوم أُسامة ، واحتجّ آخرون لأمير المؤمنين عليه‌السلام واحتدم الحوار ، لكن : لا رأي لمن لا يطاع.

نعم ، أخرج ابن حبّان (١) في خلق الخليفة من طريق إسماعيل بن محمد الكذّاب الوضّاع مرفوعاً عن جبرئيل أنّه قال : أبو بكر لفي السماء أشهر منه في الأرض ، فإنّ الملائكة لتسمّيه حليم قريش. انتهى. وقد أسلفناه في الجزء الخامس (ص ٣٤٤) وبينّا هناك بأنه كذب موضوع.

ولو كان الخليفة حليم قريش أو كان يرث النبيّ الأعظم شيئاً في خلقه العظيم ؛ لما توفّيت بضعته الطاهرة سلام الله عليها وهي واجدة علية من جرّاء ما تلقّت منه من

__________________

(١) كتاب المجروحين : ١ / ١٣١.

٣٠٣

غلظةٍ وعنف في كشفِ بيتها الذي تمنّى تركه عند وفاتهِ ولم يكن يأمر بقتال من فيه (١) ، الى هناتٍ وهنات.

أخرج البخاري في باب فرض الخمس (٢) (٥ / ٥) ، عن عائشة : أنّ فاطمة عليها‌السلام ابنة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم سألت أبا بكر الصدّيق رضى الله عنه بعد وفاة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يقسم لها ميراثها ، ما ترك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ممّا أفاء الله عليه ، فقال لها أبو بكر : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : لا نُورَث ، ما تركنا صدقة. فغضبت فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فهجرت أبا بكر ، فلم تزل مهاجرتهُ حتى توفّيت.

وأخرج في الغزوات باب غزوة خيبر (٣) (٦ / ١٩٦) ، عن عائشة قالت : إنّ فاطمة ... إلى أن قالت : فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئاً ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك ، فهجرته فلم تكلّمه حتى توفّيت ، وعاشت بعد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ستّة أشهر ، فلمّا توفّيت دفنها زوجها عليّ ليلاً ، ولم يؤذِن بها أبا بكر ، وصلّى عليها.

ويوجد الحديث (٤) في صحيح مسلم (٢ / ٧٢) ، مسند أحمد (١ / ٦ ، ٩) ، تاريخ الطبري (٣ / ٢٠٢) ، مشكل الآثار للطحاوي (١ / ٤٨) ، سنن البيهقي (٦ / ٣٠٠ ، ٣٠١) ، كفاية الطالب (ص ٢٢٦) ، تاريخ ابن كثير (٥ / ٢٨٥). وقال في (٦ / ٣٣٣) : لم تزل فاطمة تبغضه مدّة حياتها ، وذكره بلفظ الصحيحين الدياربكري في تاريخ الخميس (٢ / ١٩٣).

ولأيّ الأُمورِ تُدفنُ ليلاً

بَضعةُ المصطفى ويُعفى ثراها

__________________

(١) راجع صفحة : ٧٧ و ١٧٤. (المؤلف)

(٢) صحيح البخاري : ٣ / ١١٢٦ ح ٢٩٢٦.

(٣) صحيح البخاري : ٤ / ١٥٤٩ ح ٣٩٩٨.

(٤) صحيح مسلم : ٤ / ٢٩ ح ٥٢ ، مسند أحمد : ١ / ١٣ ح ٢٦ ، وص ١٨ ح ٥٦ ، تاريخ الأمم والملوك : ٣ / ٢٠٨ حوادث سنة ١١ ه‍ ، كفاية الطالب : ص ٣٧٠ ، البداية والنهاية : ٥ / ٣٠٦ حوادث سنة ١١ ه‍ و ٦ / ٣٦٦ حوادث سنة ١١ ه‍.

٣٠٤

بلغت من موجدتها أنّها أوصت بأن تُدفَن ليلاً ، وأن لا يدخل عليها أحد ، ولا يصلّي عليها أبو بكر ، فدفنت ليلاً ولم يشعر بها أبو بكر ، وصلّى عليها عليّ وهو الذي غسّلها مع أسماء بنت عميس (١).

وقال الواقدي كما في السيرة الحلبيّة (٢) (٣ / ٣٩٠) : ثبت عندنا أنّ عليّا ـ كرّم الله وجهه دفنها ليلاً وصلّى عليها ومعه العبّاس والفضل ، ولم يُعلموا بها أحداً.

وقال ابن حجر في الإصابة (٤ / ٣٧٩) ، والزرقاني في شرح المواهب (٣ / ٢٠٧) : روى الواقدي من طريق الشعبي قال : صلّى أبو بكر على فاطمة. وهذا فيه ضعف وانقطاع ، وقد روى بعض المتروكين عن مالك عن جعفر بن محمد عن أبيه نحوه ووهّاه الدارقطني وابن عدي (٣) ، وقد روى البخاري عن عائشة : أنّها لمّا توفّيت دفنها زوجها عليّ ليلاً ، ولم يؤذن بها أبا بكر ، وصلّى عليها.

قال الأميني : حديث مالك عن جعفر بن محمد أسلفناه في الجزء الخامس صحيفة (٣٥٠) ولفظه : توفّيت فاطمة ليلاً ، فجاء أبو بكر وعمر وجماعة كثيرة ، فقال أبو بكر لعليّ : تقدّم فصلِّ. قال : لا والله لا تقدّمت وأنت خليفة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فتقدّم أبو بكر فصلّى أربعاً. وقد بيّنا هنالك أنّه من موضوعات عبد الله بن محمد القدامي المصّيصي كما عدّه الذهبي في الميزان (٤) (٢ / ٧) من مصائبه.

__________________

(١) طبقات ابن سعد : ٨ / ٢٩ ـ ٣٠ ، رسائل الجاحظ : ص ٣٠٠ [ ص ٤٦٧ الرسائل السياسية ] ، حلية الأولياء : ٢ / ٤٣ ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٦٣ [ ٣ / ١٧٨ ـ ١٧٩ ح ٤٧٦٤ و ٤٧٦٩ ] ، طرح التثريب : ١ / ١٥٠ ، أُسد الغابة : ٥ / ٢٥٤ [ ٧ / ٢٢٦ رقم ٧١٧٥ ] ، الاستيعاب : ٢ / ٧٥١ [ القسم الرابع / ١٨٩٧ ـ ١٨٩٨ رقم ٤٠٥٧ ] ، مقتل الخوارزمي : ١ / ٨٣ ، إرشاد الساري للقسطلاني : ٦ / ٣٦٢ [ ٨ / ٢٧٩ ] ، الإصابة : ٤ / ٣٧٨ ، ٣٨٠ [ رقم ٨٣٠ ] ، تاريخ الخميس : ١ / ٣١٣ [ ١ / ٢٧٧ ـ ٢٧٨ ]. (المؤلف)

(٢) السيرة الحلبيّة : ٣ / ٣٦١.

(٣) الكامل في ضعفاء الرجال : ٤ / ٢٥٨ رقم ١٠٩٢.

(٤) ميزان الاعتدال : ٢ / ٤٨٨ رقم ٤٥٤٤.

٣٠٥

ومن جرّاء تلك الموجدة منعت عن أن تدخلها يوم ذاك عائشة كريمة أبي بكر فضلاً عن أبيها ، فجاءت تدخل فمنعتها أسماء فقالت : لا تدخلي. فشكت إلى أبي بكر وقالت : هذه الخثعميّة تحول بيننا وبين بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فوقف أبو بكر على الباب وقال : يا أسماء ما حملك على أن منعت أزواج النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن يدخلن على بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وقد صنعتِ لها هودج العروس؟ قالت : هي أمرتني أن لا يدخل عليها أحد ، وأمرتني أن أصنع لها ذلك.

راجع (١) : الاستيعاب (٢ / ٧٧٢) ، ذخائر العقبى (ص ٥٣) ، أُسد الغابة (٥ / ٥٢٤) ، تاريخ الخميس (١ / ٣١٣) ، كنز العمّال (٧ / ١١٤) ، شرح صحيح مسلم للسنوسي (٦ / ٢٨١) ، شرح الآبي لمسلم (٦ / ٢٨٢) ، أعلام النساء (٣ / ١٢٢١)

اعتذار الخليفة إلى الصدّيقة :

هذه المذكورات كلّها وبعض سواها تكذّب ما اختلقته رماة القول على عواهنه من رواية الشعبي أنّه قال : جاء أبو بكر إلى فاطمة وقد اشتدّ مرضها فاستأذن عليها فقال لها عليّ : هذا أبو بكر على الباب يستأذن فإن شئت أن تأذني له؟ قالت : أوَذاك أحبّ إليك؟ قال : نعم. فدخل فاعتذر إليها وكلّمها فرضيت عنه.

وعن الأوزاعي قال : بلغني أنّ فاطمة بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غضبت على أبي بكر فخرج أبو بكر حتى قال على بابها في يوم حارّ ، ثمّ قال : لا أبرح مكاني حتى ترضى عنّي بنت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فدخل عليها عليّ فأقسم عليها لترضى ، فرضيت (٢).

__________________

(١) الاستيعاب : القسم الرابع / ١٨٩٧ ـ ١٨٩٨ رقم ٤٠٥٧ ، أُسد الغابة : ٧ / ٢٢٦ رقم ٧١٧٥ ، تاريخ الخميس : ١ / ٢٧٧ ، كنز العمّال : ١٣ / ٦٨٦ ح ٣٧٧٥٦ ، أعلام النساء : ٤ / ١٣١.

(٢) الرياض النضرة : ٢ / ١٢٠ [ ١ / ١٥٢ ] ، تاريخ ابن كثير : ٥ / ٢٨٩ [ ٥ / ٣١٠ حوادث سنة ١١ ه‍ ]. (المؤلف)

٣٠٦

ما قيمة هذه الرواية تجاه تلكم الصحاح؟ ولا يوجد لها أثر في أيّ أصل من أصول الحديث ومسانيد الحفّاظ ، وقد بلغت إلى الأوزاعي المتوفّى (١٥٧) وأرسل بها الشعبي المتوفّى (١٠٤ ، ١٠٧ ، ١٠٩ ، ١١٠) ولا يعرف من بلّغها ، ومن أتى بها ، ومن أوحاها إلى الرجلين.

نعم ؛ تساعد نصوص الصحاح ما أتى به ابن قتيبة والجاحظ ؛ قال الأوّل : إنّ عمر قال لأبي بكر : انطلق بنا إلى فاطمة ، فإنّا قد أغضبناها ، فانطلقا جميعاً فاستأذنا على فاطمة فلم تأذن لهما فأتيا عليّا فكلّماه ، فأدخلهما عليها ، فلمّا قعدا عندها حوّلت وجهها إلى الحائط ، فسلّما عليها ، فلم تردّ عليهما‌السلام ، فتكلّم أبو بكر فقال : يا حبيبة رسول الله والله إنّ قرابة رسول الله أحبّ إليّ من قرابتي ، وإنّكِ لأحبّ إليّ من عائشة ابنتي ، ولوددت يوم مات أبوكِ أنّي متّ ولا أبقى بعده ، أفتُراني أعرفكِ وأعرف فضلكِ وشرفكِ وامنعكِ حقّكِ وميراثكِ من رسول الله؟ إلاّ أنّي سمعت أباك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : لا نُورَث ، ما تركنا فهو صدقة. فقالت : «أرأيتكما إن حدّثتكما حديثاً عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم تعرفانه وتفعلان به؟» فقالا : نعم : فقالت : «نشدتكما الله ألم تسمعا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : رضا فاطمة من رضاي ، وسخط فاطمة من سخطي ، فمن أحبّ فاطمة ابنتي فقد أحبّني ، ومن أرضى فاطمة فقد أرضاني ، ومن أسخط فاطمة فقد أسخطني؟» قالا : نعم سمعناه من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. قالت : «فإنّي أُشهدُ الله وملائكته أنّكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبيّ لأشكونّكما إليه». فقال أبو بكر : أنا عائذ بالله تعالى من سخطه وسخطك يا فاطمة. ثمّ انتحب أبو بكر يبكي حتى كادت نفسه أن تزهق ، وهي تقول : «والله لأدعونّ عليك في كلّ صلاة أُصلّيها» ، ثمّ خرج باكياً فاجتمع الناس إليه ، فقال لهم : يبيت كلّ رجل [ منكم ] (١) معانقاً حليلته مسروراً بأهله وتركتموني وما أنا

__________________

(١) ما بين المعقوفين أثبتاه من المصدر.

٣٠٧

فيه ، لا حاجة لي في بيعتكم ، أقيلوني بيعتي (١).

وقال الجاحظ في رسائله (٢) (ص ٣٠٠): وقد زعم أناس أنّ الدليل على صدق خبرهما ـ يعني أبا بكر وعمر ـ في منع الميراث وبراءة ساحتهما ترك أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم النكير عليهما .. قد يقال لهم : لئن كان ترك النكير دليلاً على صدقهما ، إنّ ترك النكير على المتظلّمين والمحتجّين عليهما والمطالبين لهما دليل على صدق دعواهم ، أو استحسان مقالتهم ، ولا سيّما وقد طالت المناجاة وكثرت المراجعة والملاحاة ، وظهرت الشكيّة ، واشتدّت الموجدة ، وقد بلغ ذلك من فاطمة أنّها أوصت أن لا يصلّي عليها أبو بكر. ولقد كانت قالت له حين أتته مطالبة بحقّها ومحتجّة لرهطها : «من يرثك يا أبا بكر إذا متّ؟» قال : أهلي وولدي. قالت : «فما بالنا لا نرث النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟» (٣) فلمّا منعها ميراثها ، وبخسها حقّها واعتلّ عليها ، وجلح أمرها ، وعاينت التهضّم ، وأيست في التورّع ، ووجدت نشوة الضعف وقلّة الناصر ، قالت : «والله لأدعونّ الله عليك». قال : والله لأدعونّ الله لك. قالت : «والله لا كلّمتك أبداً» قال : والله لا أهجركِ أبداً. فإن يكن ترك النكير على أبي بكر دليلاً على صواب منعها ، فإنّ في ترك النكير على فاطمة دليلاً على صواب طلبها؟ وأدنى ما كان يجب عليهم في ذلك تعريفها ما جهلت ، وتذكيرها ما نسيت ، وصرفها عن الخطأ ، ورفع قدرها عن البذاء ، وأن تقول هجراً ، وتجوّر عادلاً ، أو تقطع واصلاً ، فإذا لم تجدهم أنكروا على الخصمين جميعاً فقد تكافأت الأُمور واستوت الأسباب ، والرجوع إلى أصل حكم الله في المواريث أولى بنا وبكم ، وأوجب علينا وعليكم.

فإن قالوا : كيف تظنّ به ظلمها والتعدّي عليها ، وكلّما ازدادت عليه غلظة ازداد

__________________

(١) الإمامة والسياسة : ١ / ١٤ [ ١ / ٢٠ ] ، أعلام النساء : ٣ / ٢١٤ [ ٤ / ١٢٣ ـ ١٢٤ ].(المؤلف)

(٢) رسائل الجاحظ [ ص ٤٦٧ / الرسائل السياسية ].

(٣) هذا الحديث أخرجه أحمد في المسند : ١ / ١٠ [ ١ / ١٩ ح ٦١ ] ، والبلاذري في فتوح البلدان : ص ٣٨ [ ص ٤٤ ] ، وابن كثير في تاريخه : ٥ / ٢٨٩ [ ٥ / ٣٠٩ حوادث سنة ١١ ه‍ ]. (المؤلف)

٣٠٨

لها ليناً ورقّةً؟ حيث تقول له : «والله لا أكلّمك أبداً» فيقول : والله لا أهجركِ أبداً. ثمّ تقول : «والله لأدعونّ الله عليك». فيقول : والله لأدعُوَنّ الله لكِ. ثمّ يتحمّل منها هذا الكلام الغليظ والقول الشديد في دار الخلافة وبحضرة قريش والصحابة مع حاجة الخلافة إلى البهاء والتنزيه وما يجب لها من الرفعة والهيبة ، ثمّ لم يمنعه ذلك عن أن قال معتذراً متقرّباً كلام المعظّم لحقّها ، المكبّر لمقامها ، الصائن لوجهها ، المتحنّن عليها : ما أحد أعزّ عليّ منك فقراً ، ولا أحبّ إليّ منكِ غنى ، ولكن سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : إنّا معاشر الأنبياء لا نُورَث ما تركناه فهو صدقة.

قيل لهم : ليس ذلك بدليل على البراءة من الظلم والسلامة من الجور ، وقد يبلغ من مكر الظالم ودهاء الماكر إذا كان أرباً وللخصومة معتاداً أن يظهر كلام المظلوم ، وذلّة المنتصف ، وحدب الوامق ، ومقت المحقّ. وكيف جعلتم ترك النكير حجّة قاطعة ودلالةً واضحة؟ وقد زعمتم أنّ عمر قال على منبره : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : متعة النساء ومتعة الحجّ ، أنا أنهى عنهما وأُعاقب عليهما (١) ، فما وجدتم أحداً أنكر قوله ، ولا استشنع مخرج نهيه ، ولا خطّأه في معناه ، ولا تعجّب منه ولا استفهمه.

وكيف تقضون بترك النكير؟ وقد شهد عمر يوم السقيفة وبعد ذلك أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «الأئمّة من قريش» (٢) ثمّ قال في شكايته : لو كان سالم حيّا ما تخالجني فيه الشكّ (٣) ، حين أظهر الشكّ في استحقاق كلّ واحد من الستّة الذين

__________________

(١) راجع الجزء السادس من كتابنا هذا : ص ٢١١. (المؤلف)

(٢) أخرجه غير واحد من الحفّاظ وصحّحه ابن حزم في الفصل : ٤ / ٨٩ فقال : هذه رواية جاءت مجيء التواتر ، ورواها أنس بن مالك وعبد الله بن عمر ومعاوية ، وروى جابر بن عبد الله وجابر بن سمرة وعبادة بن الصامت معناها ، ومما يدلّ على صحة ذلك إذعان الأنصار له يوم السقيفة. (المؤلف)

(٣) أخرجه ابن سعد [ في الطبقات الكبرى : ٣ / ٣٤٣ ] ، والباقلاّني [ في التمهيد : ص ٢٠٤ ] ، وأبو عمر [ في الاستيعاب : القسم الثاني / ٥٦٨ رقم ٨٨١ ] ، والحافظ العراقي [ في طرح التثريب : ١ / ٤٩ ] كما مرّ : ص ١٤٤. (المؤلف)

٣٠٩

جعلهم شورى وسالم عبد لامرأة من الأنصار وهي أعتقته وحازت ميراثه ، ثمّ لم ينكر ذلك من قوله منكر ، ولا قابل إنسان بيّن قوله ولا تعجّب منه ، وإنّما يكون ترك النكير على من لا رغبة ولا رهبة عنده دليلاً على صدق قوله وصواب عمله ، فأمّا ترك النكير على من يملك الضعة والرفعة والأمر والنهي والقتل والاستحياء والحبس والإطلاق فليس بحجّة تشفي ولا دلالة تضيء. انتهت كلمة الجاحظ.

نظرة في كلمة قارصة :

لا يسعنا أن نفوه في الدفاع عن الخليفة بما قال ابن كثير في تاريخه (١) (٥ / ٢٤٩) من أنّ فاطمة حصل لها ـ وهي امرأة من البشر ليست بواجبة العصمة ـ عتب وتغضّب ، ولم تكلّم الصدّيق حتى ماتت. وقال في (ص ٢٨٩) : وهي امرأة من بنات آدم تأسف كما يأسفون ، وليست بواجبة العصمة ، مع وجود نصّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومخالفة أبي بكر الصدّيق رضى الله عنه.

أنّى لنا السرف والمجازفة في القول بمثل هذا تجاه آية التطهير في كتاب الله العزيز النازلة فيها وفي أبيها وبعلها وبنيها؟

أنّى لنا بذلك وبين يدينا هتاف النبيّ الأقدس صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «فاطمة بضعة منّي فمن أغضبها أغضبني».

وفي لفظة : «فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها ، ويغضبني ما أغضبها».

وفي لفظة : «فاطمة بضعة منّي يقبضني ما يقبضها ، ويبسطني ما يبسطها».

وفي لفظة : «فاطمة بضعة منّي يؤذيني ما آذاها ، وينصبني ما أنصبها» في تاج العروس (٢) : أي يتعبني ما أتعبها.

__________________

(١) البداية والنهاية : ٥ / ٢٧٠ ، ٣١٠ حوادث سنة ١١ ه‍.

(٢) تاج العروس : ١ / ٤٨٥.

٣١٠

وفي لفظة : «فاطمة بضعة منّي يريبني ما رابها ، ويؤذيني ما آذاها».

وفي لفظة : «فاطمة بضعة منّي يسعفني ما يسعفها» ، في تاج العروس (١) : أي ينالني ما ينالها ، ويلمّ بي ما يلمّ بها.

وفي لفظة : «فاطمة شجنة منّي يبسطني ما يبسطها ، ويقبضني ما يقبضها».

وفي لفظة : «فاطمة مضغة منّي فمن آذاها فقد آذاني».

وفي لفظة : «فاطمة مضغة منّي يقبضني ما قبضها ، ويبسطني ما بسطها».

وفي لفظة : «فاطمة مضغة منّي يسرّني ما يسرّها».

أخرجها على اختلاف ألفاظها أئمّة الصحاح الستّة ، وعدّة أخرى من رجال الحديث في السنن والمسانيد والمعاجم ، وإليك جملة ممّن رواها :

١ ـ ابن أبي مليكة : المتوفّى (١١٧) ، كما في رواية البخاري ومسلم وابن ماجة وأبي داود وأحمد والحاكم (٢).

٢ ـ عمرو بن دينار المكي : المتوفّى (١٢٥ ، ١٢٦) كما في صحيحي البخاري ومسلم (٣).

٣ ـ الليث بن سعد المصري : المتوفّى (١٧٥) ، كما في إسناد ابن ماجة وابن داود وأحمد (٤).

__________________

(١) تاج العروس : ٦ / ١٣٩.

(٢) صحيح البخاري : ٣ / ١٣٧٤ ح ٣٥٥٦ ، صحيح مسلم : ٥ / ٥٣ ـ ٥٤ ح ٩٣ ، ٩٤ كتاب فضائل الصحابة ، سنن ابن ماجة : ١ / ٦٤٣ ـ ٦٤٤ ح ١٩٩٨ ، سنن أبي داود : ٢ / ٢٢٦ ح ٢٠٧١. ، مسند أحمد : ٥ / ٤٣٠ ح ١٨٤٤٧ ، مستدرك الحاكم : ٣ / ١٧٣ ح ٤٧٥١.

(٣) صحيح البخاري : ٣ / ١٣٧٤ ح ٣٥٥٦ ، صحيح مسلم : ٥ / ٥٤ ح ٩٤ كتاب فضائل الصحابة.

(٤) سنن ابن ماجة : ١ / ٦٤٣ ح ١٩٩٨ ، سنن أبي داود : ٢ / ٢٢٦ ح ٢٠٧١ ، مسند أحمد : ٥ / ٤٣٠ ح ١٨٤٤٧

٣١١

٤ ـ أبو محمد بن عيينة الكوفي : المتوفّى (١٩٨) ، كما في الصحيحين (١).

٥ ـ أبو النضر هاشم البغدادي : المتوفّى (٢٠٥ ، ٢٠٧) وأبي كما في مسند أحمد (٢).

٦ ـ أحمد بن يونس اليربوعي : المتوفّى (٢٢٧) ، كما في صحيح مسلم وسنن أبي داود (٣).

٧ ـ الحافظ أبو الوليد الطيالسي : المتوفّى (٢٢٧) ، كما في صحيح البخاري (٤).

٨ ـ أبو المعمر الهذلي : المتوفّى (٢٣٦) كما في صحيح مسلم (٥).

٩ ـ قتيبة بن سعيد الثقفي : المتوفّى (٢٤٠) ، روى عنه مسلم وأبو داود (٦).

١٠ ـ عيسى بن حمّاد المصري : المتوفّى (٢٤٨ ، ٢٤٩) ، روى عنه ابن ماجة (٧)

١١ ـ إمام الحنابلة أحمد : المتوفّى (٢٤١) في مسنده (٨) (٤ / ٣٢٣ ، ٣٢٨).

١٢ ـ الحافظ البخاري أبو عبد الله : المتوفّى (٢٥٦) ، في صحيحه في المناقب (٩) (٥ / ٢٧٤).

١٣ ـ الحافظ مسلم القشيري : المتوفّى (٢٦١) ، في صحيحه في الفضائل (١٠) (٢ / ٢٦١).

__________________

(١) صحيح مسلم : ٥ / ٥٤ ح ٩٤ كتاب فضائل الصحابة ، صحيح البخاري : ٣ / ١٣٧٤ ح ٣٥٥٦.

(٢) مسند أحمد : ٥ / ٤٣٠ ح ١٨٤٤٧.

(٣) صحيح مسلم : ٥ / ٥٣ ح ٩٣ كتاب فضائل الصحابة ، وسنن أبي داود : ٢ / ٢٢٦ ح ٢٠٧١.

(٤) صحيح البخاري : ٣ / ١٣٧٤ ح ٣٥٥٦.

(٥) صحيح مسلم : ٥ / ٥٤ ح ٩٤ كتاب فضائل الصحابة.

(٦) صحيح مسلم : ٥ / ٥٣ ح ٩٣ كتاب فضائل الصحابة ، سنن أبي داود : ٢ / ٢٢٦ ح ٢٠٧١.

(٧) سنن ابن ماجة : ١ / ٦٤٣ ح ١٩٩٨.

(٨) مسند أحمد : ٥ / ٤٢٣ ح ١٨٤٢٨ ، وص ٤٣٠ ح ١٨٤٤٧.

(٩) صحيح البخاري : ٣ / ١٣٧٤ ح ٣٥٥٦.

(١٠) صحيح مسلم : ٥ / ٥٣ ح ٩٣ ، ٩٤ كتاب فضائل الصحابة.

٣١٢

١٤ ـ الحافظ أبو عبد الله بن ماجة : المتوفّى (٢٧٢) ، في سننه (١) (١ / ٢١٦).

١٥ ـ الحافظ أبو داود السجستاني : المتوفّى (٢٧٥) ، في سننه (٢) (١ / ٣٢٤).

١٦ ـ الحافظ أبو عيسى الترمذي : المتوفّى (٢٧٥) ، في جامعه (٣) (٢ / ٣١٩).

١٧ ـ الحكيم أبو عبد الله الترمذي ، المحدّث : المتوفّى (٢٨٥) ، في نوادر الأصول (٤) (٣٠٨).

١٨ ـ الحافظ أبو عبد الرحمن النسائي : المتوفّى (٣٠٣) ، في خصائصه (٥) (ص ٣٥).

١٩ ـ أبو الفرج الأصبهاني : المتوفّى (٣٥٦) ، في الأغاني (٦) (٨ / ١٥٦).

٢٠ ـ الحاكم أبو عبد الله النيسابوري : المتوفّى (٤٠٥) ، في المستدرك (٧) (٣ / ١٥٤ ، ١٥٨ ، ١٥٩).

٢١ ـ الحافظ أبو نعيم الأصبهاني : المتوفّى (٤٣٠) ، في حلية الأولياء (٢ / ٤٠)

٢٢ ـ الحافظ أبو بكر البيهقي : المتوفّى (٤٥٨) ، في السنن الكبرى (٧ / ٣٠٧)

٢٣ ـ أبو زكريّا الخطيب التبريزي : المتوفّى (٥٠٢) ، في مشكاة المصابيح (٨) (ص ٥٦٠).

__________________

(١) سنن ابن ماجة : ١ / ٦٤٣ ح ١٩٩٨.

(٢) سنن أبي داود : ٢ / ٢٢٦ ح ٢٠٧١.

(٣) سنن الترمذي : ٥ / ٦٥٥ ح ٣٨٦٧ و ٦٥٦ ح ٣٨٦٩.

(٤) نوادر الأصول : ٢ / ١٨٧ الأصل ٢٤١.

(٥) السنن الكبرى : ٥ / ١٤٧ ح ٨٥١٨ ـ ٨٥٢٢ كتاب الخصائص.

(٦) الأغاني : ٩ / ٣٠١.

(٧) المستدرك على الصحيحين : ٣ / ١٦٨ ح ٤٧٣٤ ، ص ١٧٢ ح ٤٧٤٧ ، ص ١٧٣ ح ٤٧٤٩ ـ ١٧٥١.

(٨) مشكاة المصابيح : ٣ / ٣٦٩ ح ٦١٣٩.

٣١٣

٢٤ ـ الحافظ أبو القاسم البغوي : المتوفّى (٥١٠ ، ٥١٦) ، في مصابيح السنّة (١) (٢ / ٢٧٨).

٢٥ ـ القاضي أبو الفضل عياض : المتوفّى (٥٤٤) ، في الشفا (٢) (٢ / ١٩).

٢٦ ـ أخطب الخطباء الخوارزمي : المتوفّى (٥٦٨) ، في مقتله (١ / ٥٣).

٢٧ ـ الحافظ أبو القاسم ابن عساكر : المتوفّى (٥٧) ، في تاريخه (٣) (١ / ٢٩٨)

٢٨ ـ أبو القاسم السهيلي : المتوفّى (٥٨١) ، في الروض الأُنف (٤) (٢ / ١٩٦)

وقال : إنّ أبا لبابة رفاعة بن عبد المنذر ربط نفسه في توبته ، وإنّ فاطمة أرادت حلّه حين نزلت توبته فقال : قد أقسمت ألا يحلّني إلاّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ فاطمة مضغة منّي».

فصلّى الله عليه وعلى فاطمة ، فهذا حديث يدلّ على أنّ من سبّها فقد كفر ، ومن صلّى عليها فقد صلّى على أبيها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

٢٩ ـ ابن أبي الحديد المعتزلي : المتوفّى (٥٨٦) ، في شرح النهج (٥) (٢ / ٤٥٨)

٣٠ ـ أبو الفرج بن الجوزي المتوفّى (٥٩٧) ، في صفة الصفوة (٦) (٢ / ٥).

٣١ ـ الحافظ أبو الحسن بن الأثير الجزري : المتوفّى (٦٣٠) ، في أُسد الغابة (٧) (٥ / ٥٢١).

٣٢ ـ أبو سالم بن طلحة الشافعي : المتوفّى (٦٥٢) ، في مطالب السؤول (ص ٦ ـ ٧).

__________________

(١) مصابيح السنّة : ٤ / ١٨٥ ح ٤٧٩٩.

(٢) الشفا بتعريف حقوق المصطفى : ٢ / ٦٠ ، ٥٦٠ ، ٦٥٢.

(٣) تاريخ مدينة دمشق : ١ / ١٥٦ ، وفي مختصر تاريخ دمشق : ٢ / ٢٦٩.

(٤) الروض الأنف : ٢ / ٤٣٠.

(٥) شرح نهج البلاغة : ٩ / ١٩٣ خطبة ١٥٦.

(٦) صفة الصفوة : ٢ / ١٣ رقم ٧١٧٥.

(٧) اسد الغابة : ٧ / ٢٢٢ رقم ٧١٧٥.

٣١٤

٣٣ ـ سبط ابن الجوزي الحنفي : المتوفّى (٦٥٤) ، في التذكرة (١) (ص ١٧٥).

٣٤ ـ الحافظ الكنجي الشافعي : المتوفّى (٦٥٨) ، في الكفاية (٢) (ص ٢٢٠).

٣٥ ـ الحافظ محبّ الدين الطبري : المتوفّى (٦٩٤) ، في ذخائر العقبى (ص ٣٧)

٣٦ ـ الحافظ أبي محمد الأزدي الأندلسي : المتوفّى (٦٩٩) ، في شرح مختصر صحيح البخاري (٣ / ٩١).

٣٧ ـ الحافظ الذهبي الشافعي : المتوفّى (٧٤٧) ، في تلخيص المستدرك (٣).

٣٨ ـ القاضي الإيجي: المتوفّى (٧٥٦) ،في المواقف كما في شرحه (٤)(٣ / ٢٦٨).

٣٩ ـ جمال الدين محمد الزرندي الحنفي : المتوفّى في (بضع و ٧٥٠) ، في درر السمطين (٥).

٤٠ ـ أبو السعادات اليافعي : المتوفّى (٧٦٨) ، في مرآة الجنان (١ / ٦١).

٤١ ـ الحافظ زين الدين العراقي : المتوفّى (٨٠٦) ، في طرح التثريب (١ / ١٥٠).

٤٢ ـ الحافظ نور الدين الهيثمي : المتوفّى (٨٠٧) ، في مجمع الزوائد (٩ / ٢٠٣)

٤٣ ـ الحافظ ابن حجر العسقلاني : المتوفّى (٨٥٢) ، في تهذيب التهذيب (٦) (١٢ / ٤٤١).

٤٤ ـ الحافظ جلال الدين السيوطي : المتوفّى (٩١١) ، في الجامع الصغير والكبير (٧).

__________________

(١) تذكرة الخواص : ص ٣١٠.

(٢) كفاية الطالب : ص ٣٦٥.

(٣) تلخيص المستدرك : ٣ / ١٧٢ ح ٤٧٤٧.

(٤) المواقف : ص ٤٠٢ وشرح المواقف للجرجاني : ٨ / ٣٥٥.

(٥) نظم درر السمطين : ص ١٧٦.

(٦) تهذيب التهذيب : ١٢ / ٤٦٩.

(٧) جامع الأحاديث : ٥ / ٢٥٨ ح ١٤٧٢٤ و ١٤٧٢٥.

٣١٥

٤٥ ـ الحافظ أبو العبّاس القسطلاني : المتوفّى (٩٢٣) ، في المواهب اللدنيّة (١) (١ / ٢٥٧).

٤٦ ـ القاضي الديار بكري المالكي : المتوفّى (٩٦٦ ، ٩٨٢) ، في الخميس (٢) (١ / ٤٦٤).

٤٧ ـ ابن حجر الهيتمي : المتوفّى (٩٧٤) ، في الصواعق (٣) (ص ١١٢ ، ١١٤)

٤٨ ـ صفيّ الدين الخزرجي : المتوفّى (٠٠٠) ، في الخلاصة (٤) (ص ٤٣٥).

٤٩ ـ زين الدين المناوي : المتوفّى (١٠٣١ ، ١٠٣٥) ، في كنوز الدقائق (٥) (ص ٩٦).

وقال في شرح الجامع الصغير (٤ / ٤٢١) : استدلّ به السهيلي على أنّ من سبّها كفر ، لأنّه يغضبه ، وأنّها أفضل من الشيخين ، قال الشريف السمهودي : ومعلوم أنّ أولادها بضعة منها فيكونون بواسطتها بضعة منه ، ومن ثمّ لمّا رأت أمّ الفضل في النوم أنّ بضعة منه وضعت في حجرها أوّلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بأن تلد فاطمة غلاماً فيوضع في حجرها ، فولدت الحسن فوضع في حجرها ، فكلّ من يشاهد الآن من ذرّيتها بضعة من تلك البضعة ، وإن تعدّدت الوسائط ، ومن تأمّل ذلك انبعث من قلبه داعي الإجلال لهم وتجنّب بغضهم على أيّ حال كانوا عليه.

قال ابن حجر : وفيه تحريم أذى من يتأذّى المصطفى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بتأذّيه ، فكلّ من وقع منه في حقّ فاطمة شيء فتأذّت به ، فالنبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يتأذّى به بشهادة هذا الخبر ،

__________________

(١) المواهب اللدنيّة : ٢ / ٦٥.

(٢) تاريخ الخميس : ١ / ٤١٢.

(٣) الصواعق المحرقة : ص ١٨٨ ، ١٩٠.

(٤) خلاصة الخزرجي : ٣ / ٣٨٩ رقم ١٢٢.

(٥) كنوز الدقائق : ٢ / ٢٤.

٣١٦

ولا شيء أعظم من إدخال الأذى عليها من قِبَل ولدها ، ولهذا عرف بالاستقراء معاجلة من تعاطى ذلك بالعقوبة في الدنيا ، ولعذاب الآخرة أشدّ.

٥٠ ـ الشيخ أحمد المغربي المالكي : المتوفّى (١٠٤١) في فتح المتعال (١) (ص ٣٨٥). قال في قصيدة كبيرة يمدح بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم :

فما كسبطَي رسولِ اللهِ من أحدٍ

ولا يضاهيهما في الفخرِ مفتخرُ

وهل كفاطمةَ الزهراءِ أُمِّهما

بنتِ النبيِّ المصطفى بشرُ

فإنّها بَضعةٌ منه وما أحدٌ

كبَضعةِ المصطفى إن حُقّقَ النظرُ

٥١ ـ الشيخ أحمد با كثير المكي الشافعي : المتوفّى (١٠٤٧) في وسيلة المآل (٢).

٥٢ ـ أبو عبد الله الزرقاني المالكي : المتوفّى (١١٢٢) في شرح المواهب (٣ / ٢٠٥) فقال : استدلّ به السهيلي على أنّ من سبّها كفر ، وتوجيهه أنّها تغضب ممّن سبّها وقد سوّى بين غضبها وغضبه ومن أغضبه كفر.

٥٣ ـ الزبيدي الحنفي : المتوفّى (١٢٠٥) ، في تاج العروس (٥ / ٢٢٧ و ٦ / ١٣٩).

٥٤ ـ القندوزيّ الحنفي : المتوفى (١٢٩٣) ، في ينابيع المودّة (٣) (ص ١٧١).

٥٥ ـ الحمزاوي المالكي : المتوفّى (١٣٠٣) ، في النور الساري هامش البخاري (٥ / ٢٧٤).

٥٦ ـ الشيخ مصطفى الدمشقي (٤) في مرقاة الوصول (ص ١٠٩).

٥٧ ـ السيّد حميد الدين الآلوسي : المتوفّى (١٣٢٤) ، في نثر اللآلئ (ص ١٨١)

__________________

(١) فتح المتعال : ص ٣٨٣.

(٢) وسيلة المال : ص ٨٥.

(٣) ينابيع المودّة : ١ / ١٦٩ باب ٥٥.

(٤) هو الشيخ مصطفى بن إسماعيل الإمام ، توفّي بعد ١٢٩٤ ه‍.

٣١٧

٥٨ ـ السيّد محمود القراغولي البغدادي الحنفي ، في جوهرة الكلام (ص ١٠٥).

٥٩ ـ عمر رضا كحالة ، في أعلام النساء (١) (٣ / ١٢١٦).

ثمّ أنّى لنا القول بمقال ابن كثير وملء الأسماع قول رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «فاطمة قلبي وروحي التي بين جنبيّ فمن آذاها فقد آذاني» (٢). وقوله : «إنّ الله يغضب لغضب فاطمة ويرضى لرضاها». أو : «إنّ الله يغضب لغضبك ويرضى لرضاك» قاله لفاطمة؟

راجع (٣) : معجم الطبراني ، مستدرك الحاكم (٣ / ١٥٤) وصحّحه ، مسند ابن النجّار ، مقتل الخوارزمي (١ / ٥٢) ، تذكرة السبط (ص ١٧٥) ، كفاية الطالب للكنجي (ص ٢١٩) ، ذخائر العقبى للمحبّ الطبري (ص ٣٩) ، ميزان الاعتدال (٢ / ٧٢) ، مجمع الزوائد (٩ / ٢٠٣) ، تهذيب التهذيب (١٢ / ٤٤٣) ، كنز العمّال (٧ / ١١١) ، أخبار الدول هامش الكامل (١ / ١٨٥) ، كنوز الدقائق للمناوي (ص ٣٠) ، شرح المواهب للزرقاني (٣ / ٢٠٥) ، الإسعاف (ص ١٧١) ، ينابيع المودّة (ص ١٧٣ ، ١٧٤) ، الشرف المؤبّد (ص ٥٩).

هذه مطلقات تشمل جميع موجبات الرضا والغضب من الصدّيقة ـ سلام الله عليها ـ حتى المباحات شأن أبيها الأقدس كما فهمه القسطلاني والحمزاوي في شرح البخاري ، وذلك يكشف عن أنّها ـ صلوات الله عليها ـ لا ترضى إلاّ لما فيه مرضاة

__________________

(١) أعلام النساء : ٤ / ١١٢.

(٢) راجع الجزء الثالث من كتابنا هذا : ص ٢٠. (المؤلف)

(٣) المعجم الكبير : ١ / ١٠٨ ح ١٨٢ ، المستدرك على الصحيحين ٣ / ١٦٧ ح ٤٧٣٠ ، ذيل تاريخ بغداد : ١٧ / ٢٠٣ رقم ٤٢٧ ، تذكرة الخواص : ص ٣١٠ ، كفاية الطالب : ص ٣٦٤ ، ميزان الاعتدال : ١ / ٥٣٥ رقم ٢٠٠٢ ، تهذيب التهذيب : ١٢ / ٤٦٩ ، كنز العمّال : ١٣ / ٦٧٤ ح ٣٧٧٢٥ ، أخبار الدول : ١ / ٢٥٧ ، كنوز الدقائق : ١ / ٥٧ ، ينابيع المودّة : ١ / ١٦٩ باب ٥٥ ، الشرف المؤبّد : ص ١٢٥.

٣١٨

المولى سبحانه ، ولا تغضب إلاّ على ما يغضبه ، حتى إنّها لو رضيت أو غضبت على أمر مباح فإنّ هناك جهة شرعيّة تدخله في الراجحات ، أو يجعله من المكروهات ، فلن تجد منها في أيّ من الرضا والغضب وجهة نفسيّة أو صيغة شهويّة ، وذلك معنى العصمة التي نفاها المتحذلق ـ ابن كثير ـ بعد أن تصامم أو تعامى عن دلالة آية التطهير النازلة فيها وفي أبيها وبعلها وبنيها : (إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (١)

__________________

(١) الأحزاب : ٣٣.

٣١٩

بِسمِ اللهِ الرَّحمن الرَّحيم

أحاديث الغلوّ أو قصص الخرافة

هذه أبحاث مجملة تمثّل لنا نفسيّات الخليفة ، وملكاته الفاضلة ، نقتصر بها في هذه العجالة وإن لم تزحفنا (١) ولم يتأتّ بها القصوى ، غير أنّ فيها بلغة في إيقاف الباحث على حدّ الخليفة ، ومقياساً يُعرف به القالي له من الغالي فيه ، والمقتصد فيه من القاسط عليه ، ويمتاز به سرف القول في امتداحه عن جزاف الامتداح عليه ، فيهمُّنا عندئذ ذكر نزرٍ يسير ممّا سرده القوم من فضائله التي فيها من الغلوّ الفاحش ما لا يخفى على أيّ أحد ، ثمّ نشفعه بما جاء في غيره حتى يُعرف أهل الغلوّ في الفضائل.

ـ ١ ـ

الشمس على العجلة

ذكر الشيخ إبراهيم العبيدي المالكي في كتابه عمدة التحقيق في بشائر آل الصدّيق (٢) نقلاً عن كتاب العقائق ، والصفوري في نزهة المجالس (٢ / ١٨٤) نقلاً عن عيون المجالس ، قالوا :

روي أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال يوماً لعائشة : إنّ الله تعالى لمّا خلق الشمس خلقها من لؤلؤة بيضاء بقدر الدنيا مائة وأربعين مرّة وجعلها على عجلة ، وخلق

__________________

(١) كذا.

(٢) ص ١٨٤ [ ص ٣٠٩ ] هامش روض الرياحين لليافعي المطبوع بمصر سنة : ١٣١٥. (المؤلف)

٣٢٠