إثارة التّرغيب والتّشويق إلى المساجد الثّلاثة والبيت العتيق

محمّد بن إسحاق الخوارزمي

إثارة التّرغيب والتّشويق إلى المساجد الثّلاثة والبيت العتيق

المؤلف:

محمّد بن إسحاق الخوارزمي


المحقق: دكتور مصطفى محمّد حسين الذّهبي
الموضوع : العرفان والأدعية والزيارات
الناشر: مكتبة نزار مصطفى الباز
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٠٠

وعن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه قال : إن سليمان بن داود ـ عليه‌السلام ـ لما فرغ من بيت المقدس قرب قربانا فتقبل الله منه ، ودعا الله تعالى بدعوات منهن :اللهم أيما عبد مؤمن بك زار فى هذا البيت تائبا إليك إنما جاء ينفصل من خطاياه وذنوبه أن تتقبل منه وتتركه من خطاياه وذنوبه كيوم ولدته أمه (١).

وفى رواية : أن تنزعه من خطاياه.

وعن عبد الله بن عمر ـ رضى الله عنهما ـ عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «لما فرغ سليمان ـ عليه‌السلام ـ من بناء بيت المقدس سأل الله عزّ وجلّ ثلاث خصال : حكما يوافق حكمه ، وملكا لا ينبغى لأحد من بعده ، ولا يأتى هذا البيت أحد لا ينزعه إليه إلا الصلاة فيه أن يخرجه من ذنوبه كيوم ولدته أمه» فقال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أما اثنتين فقد أعطاهما الله تعالى ، وأما الثالثة فأنا أرجو أن يكون قد أعطاه إياها» وقال : «دعاء نبى ورجاء نبى» (٢).

وفى رواية : عن عبد الله ـ أيضا ـ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أن سليمان بن داود ـ عليه‌السلام ـ لما فرغ من بناء مسجد بيت المقدس سأل الله عزّ وجلّ حكما يصادف حكمه ، وملكا لا ينبغى لأحد من بعده ، ولا يأتى هذا المسجد أحد لا يريد إلا الصلاة فيه إلا خرج من خطيئته كيوم ولدته أمه». فقال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «فأما اثنتان فقد أعطيهما إياه ، وأنا أرجو أن يكون قد أعطى الثالثة» (٣) رواه النسائى وابن ماجه.

وعن أبى العوام أنه قال : ذكر لنا أن سليمان ـ عليه‌السلام ـ لما فرغ من بنائه ذبح ثلاثة آلاف بقرة وسبعة آلاف شاة ، ثم قال : اللهم من أتاه من ذى ذنب فاغفر له ذنبه ، أو ذى ضر فاكشف له ضره. قال : ولا يأتيه أحد إلا أصاب من دعوة

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ٣ / ١٤٩ ، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور أيضا للحكيم الترمذى فى نوادر الأصول والبيهقى فى الشعب ٤ / ٢٩١.

(٢) سبل الهدى والرشاد ٣ / ١٤٩ ، وإعلام الساجد (٢٨٢) ، ابن ماجه ١ / ٤٥١.

(٣) المرجع السابق ٣ / ١٤٩.

٤٠١

سليمان بن داود عليهما‌السلام خيرا كبيرا (١).

وروى الإمام البيهقى فى باب الإسراء من كتاب «دلائل النبوة» بسنده عن شداد ابن أوس ـ رضى الله عنه ـ قال : قلنا يا رسول الله : كيف أسرى بك؟ قال :

«صليت لأصحابى صلاة العتمة بمكة معتما ، قال : فأتانى جبريل بدابة أبيض فوق الحمار ، ودون البغل ، فقال : اركب ، فاستصعب علىّ ، فدارها بأذنها ثم حملنى عليها. فانطلقت تهوى بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها حتى بلغنا أرضا ذات نخل فأنزلنى ، فقال : صلّ ، فصليت ، ثم ركبنا فقال : أتدرى أين صليت؟ قلت : الله أعلم. قال : صليت بيثرب ، قال : صليت بطيبة. فانطلقت تهوى بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها حتى بلغنا أرضا ، فقال : انزل فصلّ ـ أو قال : انزل ، فنزلت ، ثم قال : صلّ ، فصليت ، ثم ركبنا ، فقال : أتدرى أين صليت؟ قلت : الله أعلم ، قال : صليت بمدين عند شجرة موسى عليه‌السلام ، ثم انطلقت تهوى بنا يقع حافرها حيث أدرك طرفها ، ثم بلغنا أرضا بدت لنا قصورها ، فقال : انزل ، فنزلت فقال : صلّ ، فصليت ، ثم ركبنا ، فقال : أتدرى أين صليت؟ قلت : الله أعلم ، قال : صليت ببيت اللحم حيث ولد فيه أخوك عيسى المسيح ابن مريم عليه‌السلام ، ثم انطلق بى حتى دخلنا المدينة من بابها اليمانى ، فأتى قبلة المسجد فربط دابته ، ودخلنا المسجد من باب تميل فيه الشمس والقمر ، فصليت فى المسجد حيث شاء الله ، وأخذ بى من العطش ما أخذ بى ، فأتيت بإناءين فى أحدهما لبن وفى الآخر عسل أرسل إلىّ بهما جميعا ، فعدلت عنهما ، ثم هدانى الله عزّ وجلّ فأخذت اللبن فشربت حتى فرغت وبين يدى شيخ متكئ على مثراة له ، فقال :أخذ صاحبك اللبن الفطرة ؛ إنه ليهدى ، ثم انطلق بى حتى أتينا الوادى الذى فيه المدينة ؛ فإذا جهنم تنكشف عن مثل الزرابى» ، قلت : يا رسول الله كيف وجدتها؟

قال : «مثل اللحمة السخنة ، ثم انصرف بى ، فمررنا بعير لقريش بمكان كذا وكذا قد أضلوا بعيرا لهم وقد جمعه فلان ، فسلمت عليهم ، فقال بعضهم : هذا صوت محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ثم أتيت أصحابى قبل الصبح بمكة ، فأتانى أبو بكر وقال : يا رسول الله

__________________

(١) سبل الهدى والرشاد ٣ / ١٤٩ ، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور ٤ / ٢٩٢ للواسطى فى فضل بيت المقدس عن كعب ، بنحوه.

٤٠٢

أين كنت الليلة فقد التمستك فى مظانك؟ فقال : علمت أنى أتيت بيت المقدس الليلة ، فقال : يا رسول الله إنه مسيرة شهر. صفه لى. قال : ففتح لى صراط كأنى أنظر إليه لا يسألنى عن شىء إلا أنبأته عنه. قال أبو بكر : أشهد أنك رسول الله».

فقال المشركون : انظروا إلى ابن أبى كبشة يزعم أنه أتى بيت المقدس الليلة. قال : فقال : «من آية ما أقول لكم أنى قد مررت بعير لكم بمكان كذا قد أضلوا بعيرا لهم فجمعه فلان ، وإن مسيرهم ينزلون بكذا ثم كذا ويأتونكم يوم كذا وكذا يقدمهم جمل أدم عليه مسح أسود وغرارتان سوداوان» ، فلما كان ذلك اليوم انصرف الناس ينتظرون حتى كان قريبا من نصف النهار أقبلت العير يقدمهم ذلك الجمل الذى وصفه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم. هذا رأيته فى رواية الإمام البيهقى ـ رحمه الله ـ ثم قال عقيبه : هذا إسناد صحيح (١).

__________________

(١) أخرجه : البيهقى فى دلائل النبوة ٢ / ٣٥٥ ـ ٣٥٧ ، أحمد فى مسنده ٢ / ٢٨٢.

٤٠٣

الفصل الثالث

فى ذكر فضل الصلاة فى بيت المقدس

وفضل الحج والصلاة فى مسجد المدينة

والمسجد الأقصى فى عام واحد

روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص ـ رضى الله عنه ـ أنه قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «صلاة فى بيت المقدس أفضل [من ألف صلاة] فيما سواه إلا المسجد الحرام ، ومسجدى هذا» (١).

وعن أبى الدرداء ـ رضى الله عنه ـ عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «الصلاة فى المسجد الحرام تزيد على غيره بمائة ألف صلاة ، وفى مسجدى ألف صلاة ، وفى مسجد بيت المقدس خمسمائة صلاة» (٢).

وفى حديث آخر عن أبى المهاجر ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الصلاة فى بيت المقدس بخمس مائة ، الجماعة فيها تضاعف خمسا وعشرين درجة» (٣).

وعن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من صلى فى بيت المقدس غفرت له ذنوبه كلها» (٤).

وعن أنس بن مالك ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «صلاة الرجل فى بيته بصلاة [واحدة] ، وصلاته فى مسجد القبائل بخمس وعشرين صلاة ، وصلاته فى المسجد الذى يجمع فيه بخمس مائة صلاة ، وصلاته فى

__________________

(١) ذكره المنذرى فى الترغيب والترهيب ٢ / ٢١٦.

(٢) أخرجه : مسلم ٤ / ١٢٥ ، النسائى فى المناسك ٥ / ٢١٣ ، ابن ماجه (١٤٠٥) ، وذكره السيوطى فى الجامع الكبير ، وعزاه للبيهقى فى الشعب ، والخطيب فى المتفق والمفترق ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٤٥).

(٣) إتحاف الأخصا ١ / ١٣٩ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٤٥).

(٤) إتحاف الأخصا ١ / ١٣٨ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٤٥).

٤٠٤

المسجد الأقصى بخمسين ألف صلاة ، [وصلاته على الساحل ألف صلاة ، وصلاته بسواك بأربعمائة صلاة] ، وصلاته فى مسجدى هذا بخمسين ألف صلاة ، وصلاته فى المسجد الحرام بمائة ألف صلاة» (١).

وعن أنس ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من صلى فى البيت المقدس [خمس] صلوات نافلة كل صلاة أربع ركعات يقرأ فى خمس صلوات عشرة آلاف مرة : قل هو الله أحد فقد اشترى نفسه من الله تعالى وليس للنار عليه سلطان» (٢).

وفى حديث آخر عن ابن عباس ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «صلاة فى المسجد الحرام بمائة ألف صلاة ، وصلاة فى مسجدى بخمسين ألف صلاة ، وصلاة فى مسجد بيت المقدس بخمس وعشرين ألف صلاة» (٣).

وعن أبى أمامة الباهلى (٤) ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من حج واعتمر ، وصلى فى بيت المقدس ، وجاهد ورابط ، فقد استكمل جميع سنتى».

وعن مكحول ـ رضى الله عنه ـ قال : من خرج إلى بيت المقدس لغير حاجة إلا إلى الصلاة فيه ؛ فصلى فيه خمس صلوات صبحا وظهرا وعصرا ومغربا وعشاء خرج من خطيئته كيوم ولدته أمه (٥).

__________________

(١) إعلام الساجد (ص : ١١٧) ، فضل بيت المقدس للواسطى (١١ ، ١٢) ، مسالك الأبصار ١ / ١٣٥ ، إتحاف الأخصا ١ / ١٧ ، باعث النفوس (ص : ٥٩) ، مجمع الزوائد ٤ / ٧ وعزاه للطبرانى فى الكبير. وما بين المعقوفتين من الزيادات المنكرة.

(٢) الأنس الجليل ١ / ٢٠٨ ، إتحاف الأخصا ١ / ١٣٩ ، ١٤٠ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٤٦) ، فضل بيت المقدس للواسطى (٤٠).

(٣) ذكره السيوطى فى الدر المنثور ٢ / ٥٣ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٤٦).

(٤) هو : أبو أمامة الباهلى : الصدى بن عجلان بن وهب الباهلى ، صحابى جليل. سكن الشام وتوفى بحمص سنة (٨١ ه‍) (انظر ترجمته فى : شذرات الذهب ١ / ٩٦ ، تهذيب التهذيب ٤ / ٤٢٠).

والحديث فى فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٤٦).

(٥) ذكره السيوطى فى إتحاف الأخصا ١ / ١٤١ ، ولم يعزه ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٤٦).

٤٠٥

وفى رواية أخرى عنه : من صلى ببيت المقدس ظهرا وعصرا ومغربا وعشاء ، ثم صلى الغداة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه (١).

وعن مكحول أيضا ـ رضى الله عنه ـ أنه قال : من زار بيت المقدس شوقا إليه دخل الجنة مدللا ، وزاره جميع الأنبياء عليهم الصلاة والسلام فى الجنة ، وغبطوه بمنزلته من الله عزّ وجلّ. وأيما رفقة خرجوا يريدون بيت المقدس شيعتهم عشرة آلاف من الملائكة يستغفرون لهم ويصلون عليهم ، ولهم مثل أعمالهم إذا انتهوا إلى بيت المقدس ، ولهم بكل يوم يقيمون فيه صلاة سبعين ملكا ، ومن دخل بيت المقدس طاهرا من الكبائر تلقاه مائة رحمة ما منها رحمة إلا لو قسمت على جميع الخلائق لوسعتهم ، ومن صلى فى بيت المقدس ركعتين يقرأ فيهما فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه ، وكان له بكل شعرة من جسده حسنة. ومن صلى فى بيت المقدس أربع ركعات : مر على الصراط كالبرق ، وأعطى أمانا من الفزع الأكبر يوم القيامة. ومن صلى فى بيت المقدس ست ركعات : أعطى مائة دعوة مستجابة أدناها براءة من النار ، ووجبت له الجنة. ومن صلى فى بيت المقدس ثمان ركعات : كان رفيق إبراهيم خليل الرحمن ـ عليه‌السلام ـ فى الجنة. ومن صلى فى بيت المقدس عشر ركعات : كان رفيق داود وسليمان عليهما‌السلام فى الجنة. ومن استغفر للمؤمنين والمؤمنات فى بيت المقدس ثلاث مرات : كان له مثل أجورهم وحسناتهم ، ووصل إلى كل مؤمن ومؤمنة من دعائه سبعون مغفرة ، وغفرت له ذنوبه كلها (٢).

وعن محمد بن شعيب قال : قلت لعثمان بن عطاء الخراسانى : ما تقول فى الصلاة فى بيت المقدس؟ قال : ونعمت ، ائته فصلّ فيه فإن داود عليه‌السلام أسسه وسليمان عليه‌السلام بناه وبلطه بالذهب لبنة ذهبا ولبنة فضة ، وليس فيه شبر من الأرض إلا سجد عليه ملك أو نبى ؛ فلعل جبهتك توافق موضع جبهة ملك أو

__________________

(١) أخرجه : الكنجى (ص : ٢٧٦) ، والسيوطى فى الدر المنثور ٤ / ١٦١ ، كلاهما عن الواسطى رقم (٣٨) ، وأخرجه أيضا أبو المعالى (ص : ٣٤) ، الأنس الجليل ١ / ٢٠٣.

(٢) إتحاف الأخصا ١ / ١٣٨ ، ١٣٩ ، الأنس الجليل ١ / ٢٠٨ ، فضل بيت المقدس للواسطى (٣٩) ، باعث النفوس (ص : ٦٠).

٤٠٦

جبهة نبى (١).

وعن سفيان الثورى رحمه الله : أنه سأله رجل بمكة فقال : يا أبا عبد الله ما تقول فى الصلاة فى هذه البلدة؟ قال : بمائة ألف صلاة ، قال : ففى مسجد بيت المقدس ، قال : بأربعين ألف صلاة ، قال : ففى مسجد دمشق؟ قال : بثلاثين ألف صلاة (٢).

وروى عن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ أنه قال : من حج وصلى فى مسجد المدينة والمسجد الأقصى فى عام واحد خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه (٣).

__________________

(١) إعلام الساجد (٢٨١) ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٤٧).

(٢) إتحاف الأخصا ١ / ١٤٢ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٤٧).

(٣) ذكره الصالحى فى سبل الهدى والرشاد ٣ / ١٥٧ ، ولم يعزه ، وعزاه الزركشى فى إعلام الساجد (٢٩٦) لابن المرجى فى «فضائل القدس».

٤٠٧

الفصل الرابع

فى ذكر فضل الإحرام من بيت المقدس والأذان فيه

عن أم سلمة ـ رضى الله عنها ـ قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من أهلّ بحج أو عمرة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر ووجبت له الجنة» (١). رواه الدارقطنى.

وفى رواية عنها قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من أحرم من بيت المقدس بحج أو عمرة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه» (٢).

وفى رواية أخرى : «غفر له ما تقدم من ذنبه» (٣) رواه أبو داود والقزوينى.

وعن أم حكيم قالت : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من أهل بحج من بيت المقدس غفر له» (٤).

وعن ابن عمر ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من أحرم معتمرا فى شهر رمضان من بيت المقدس عدلت عشر غزوات مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم» (٥).

وعن جابر ـ رضى الله عنه ـ أن رجلا قال : يا رسول الله ، أى الخلق أول دخولا الجنة؟ قال : «الأنبياء» ، قال : يا نبى الله ، ثم من؟ قال : «ثم الشهداء» ، قال : يا نبى الله ، ثم من؟ قال : «ثم مؤذنوا بيت المقدس» ، قال : يا نبى الله ، ثم

__________________

(١) أخرجه : أحمد فى مسنده ٦ / ٢٩٩ ، وأبو داود ٢ / ١٩٦ ، وابن ماجه ٢ / ٩٩٩ ، إعلام الساجد (٢٨٩) ، فضل بيت المقدس (٩٢) ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٤٩).

(٢) أخرجه : أحمد فى مسنده ٦ / ٢٩٩ ، ابن حبان فى موارد الظمآن (ص : ٢٥١ ، ٢٥٢) ، الدارقطنى ٢ / ٢٨٣ ـ ٢٨٤ ، البيهقى فى السنن ٥ / ٣٠.

(٣) سنن أبى داود ٢ / ١٤٤ (باب فى المواقيت) ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٤٩).

(٤) أخرجه : ابن ماجه (٣٠٠١ ، ٣٠٠٢) ، أبو داود (١٧٤١) ، البيهقى فى السنن ٥ / ٣٠ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٤٩).

(٥) إتحاف الأخصا ١ / ١٤٩) ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٤٩).

٤٠٨

من؟ قال : «مؤذنوا المسجد الحرام» ، قال : يا نبى الله ، ثم من؟ قال : «ثم مؤذنوا مسجدى هذا» ، قال : يا نبى الله ، ثم من؟ قال : «ثم سائر المؤذنين على قدر أعمالهم» (١).

__________________

(١) ذكره الصالحى فى سبل الهدى والرشاد ٣ / ١٥٦ ، وعزاه للخطيب فى الموضح. إتحاف الأخصا ١ / ١٤٧ ، والزركشي فى إعلام الساجد (٢٩٤) ، الأنس الجليل ١ / ٢٠٨ ، وقال الخطيب : غريب.

٤٠٩

الفصل الخامس

فى ذكر فضل الصدقة والصيام ببيت المقدس وشهود الموسم بمكة

عن الحسن البصرى (١) ـ رضى الله عنه ـ أنه قال : من تصدق فى بيت المقدس بدرهم كان فداءه من النار ، ومن تصدق برغيف كان كمن تصدق بجبال الأرض ذهبا (٢).

وعن مقاتل ـ رحمه الله ـ أنه قال : من صام يوما فى بيت المقدس كان له براءة من النار (٣).

وفى كتاب ابن الرجاء عن السرى ـ رحمه الله ـ أنه قال : إلياس والخضر يصومان شهر رمضان فى بيت المقدس ويوافيان الموسم ـ الحج ـ كل عام (٤).

__________________

(١) هو : أبو سعيد الحسن بن أبى الحسن بن يسار البصرى ، من سادات التابعين كان إمام أهل البصرة (انظر ترجمته فى : وفيات الأعيان ١ / ٣٥٤ ، شذارات الذهب ١ / ١٣٨) ، والخبر فى فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٥٠).

(٢) إتحاف الأخصا ١ / ١٥٠ ، والخبر فى فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٥١).

(٣) ذكره الصالحى فى سبل الهدى والرشاد ٣ / ١٥٤ ، ولم يعزه ، والخبر فى فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٥٠).

(٤) حديث منكر (وانظر : المقاصد ٢٧ ، كشف الخفاء ١١٠ ، التذكرة ٢٠٧ ، الموضوعات ١ / ١٩٦ ، الفوائد المجموعة ٤٩٥ ، الشذرة ٢٦).

٤١٠

الفصل السادس

فى ذكر فضيلة الصخرة وأنها من الجنة

عن رافع بن عمرو المزنى ـ رضى الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول : «الصخرة والعجوة من الجنة» (١).

وعن على بن أبى طالب ـ رضى الله عنه ـ قال : سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم يقول :«سيد البقاع بيت المقدس ، وسيد الصخور صخرة بيت المقدس» (٢).

وعن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال : صخرة بيت المقدس من صخور الجنة (٣).

وعن كعب ـ رضى الله عنه ـ قال : إن الكعبة بميزان البيت المعمور فى السماء السابعة الذى يحجه ملائكة الله تعالى لو وقعت منه أحجار لوقعت على أحجار الكعبة ، وإن الجنة فى السماء السابعة بميزان بيت المقدس والصخرة ولو وقع منها حجر لوقع على الصخرة ، ولذك دعيت أورشليم ـ يعنى : بيتا مباركا وهو اسم لبيت المقدس ـ ودعيت الجنة دار السلام (٤).

وعن وهب ـ رضى الله عنه ـ قال : قال الله تعالى : الصخرة بيت المقدس ، فيك جنتى ونارى ، وفيك جزائى وعقابى ، فطوبى لمن زارك ، ثم طوبى لمن زارك ، ثم طوبى لمن زارك (٥).

__________________

(١) أخرجه : الحاكم فى المستدرك ٣ / ٥٨٨ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٥٣) ، وعزاه السيوطى فى جامع الأحاديث لأحمد وابن ماجه (١٤٤٩٢).

(٢) فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٥٣).

(٣) إتحاف الأخصا بفضائل المسجد الأقصى ١ / ١٣٠ ، أنس الجليل ١ / ٢٠٨ ، إعلام الساجد (٢٨٩) ، فضل بيت المقدس للواسطى (١٢٨) ، والله أعلم بصحته.

(٤) إتحاف الأخصا ١ / ١٣٢ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٥٣).

(٥) فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٥٣).

٤١١

وعن عبادة بن الصامت ـ رضى الله عنه ـ قال : قال النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «الصخرة صخرة بيت المقدس على نخلة ، والنخلة على نهر من أنهار الجنة ، وتحت النخلة آسية امرأة فرعون ومريم ابنة عمران ينظمان سموط أهل الجنة إلى يوم القيامة» (١).

وعن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ عن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «الأنهار كلها والسحاب والرياح من تحت صخرة بيت المقدس» (٢).

وفى رواية : قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «إن المياه العذبة والرياح اللواقح تخرج من أصل صخرة بيت المقدس» (٣).

وعن أبى بن كعب ـ رضى الله عنه ـ أنه قال : ما من ماء عذب إلا ويخرج من تلك الصخرة التى فى بيت المقدس (٤).

وعن نوف البكالىّ ـ رحمه الله ـ قال : الصخرة تخرج من تحتها أربعة أنهار : سيحان ، وجيحان ، والفرات ، والنيل (٥).

وعن كعب ـ رضى الله عنه ـ قال : قال الله عزّ وجلّ لصخرة بيت المقدس : أنت عرشى الأدنى ، ومن تحتك بسطت الأرض ، ومنك ارتفعت السماء ، ومن تحتك جعلت كل ماء عذب يطلع على رؤوس الجبال (٦).

وعن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «لما أسرى بى إلى بيت المقدس أتانى جبريل ـ عليه‌السلام ـ إلى الصخرة فقال : من هاهنا عرج ربك

__________________

(١) أورده الهيثمى فى مجمع الزوائد ٩ / ٢١٨. وفيه : محمد بن مخلد الرعينى يحدث بالأباطيل ، وذكره الهندى فى كنز العمال (٣٤٤٠٧). وعزاه للطبرانى فى الكبير ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٥٣) ، السيرة الحلبية ٢ / ١٨ ، تنزيه الشريعة ٢ / ١٧٦ ، وقال الذهبى : إسناده مظلم وهو كذب ظاهر.

(٢) فضل بيت المقدس (ص : ٥٤).

(٣) أخرجه : ابن الجوزى (ص : ٣٩) عن الواسطى ، وأخرجه أبو المعالى فى كتابه (ص : ٣٨) ، نهاية الأرب ١ / ٣٣٦ ، مسالك الأبصار ١ / ١٣٨ ، إتحاف الأخصا ١ / ١٥٥.

(٤) إتحاف الأخصا ١ / ١٥٦ ، الدر المنثور وعزاه لعبد بن حميد ٤ / ٥٨١.

(٥) إتحاف الأخصا ١ / ١٥٦ ، الدر المنثور وعزاه لعبد بن حميد ٤ / ٥٨١ ، الأنس الجليل ١ / ٢٠٥.

(٦) الأسرار المرفوعة لعلى القارى (٤٥٧) ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٤١) ، نهاية الأرب ١ / ٣٣٨ وفى إسناده : إبراهيم بن أعين منكر الحديث.

٤١٢

إلى السماء ، فألهمنى الله تعالى أن قلت : نحن بموضع عرج منه ربى ، فصليت بالنبيين ، ثم عرج بى إلى السماء (١).

وقوله : «عرج ربك» ليس المراد منه ما يفهم مثله فى حقنا ؛ بل أمر يليق بجلال الله تعالى.

وعن إدريس الخولانى ـ رحمه الله ـ قال : يحوّل الله تعالى صخرة بيت المقدس يوم القيامة مرجانة بيضاء كعرض السماء والأرض ، ثم يضع عليها عرشه ، ويضع ميزانه ويقضى بين عباده ويصيرون منها إلى الجنة أو إلى النار (٢).

وعن ابن البحترى القاضى ـ رضى الله عنه ـ قال : تكره الصلاة فى سبع مواطن : على الكعبة ، وعلى صخرة بيت المقدس ، وعلى طور زيتا ، وعلى طور سيناء ، وعلى الصفا والمروة ، وعلى الجمرة ، وعلى جبل عرفة (٣).

وعن أبى الحسن على بن أحمد الواحدى قال فى قوله تعالى : (ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ)(٤) : يدعو إسرافيل ـ عليه‌السلام ـ من صخرة بيت المقدس من حين ينفخ فى الصور بأمر الله تعالى للمبعث بعد الموت.

وعن أبى سعيد الخدرى ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «صليت ليلة أسرى بى إلى بيت المقدس غربى الصخرة» (٥).

وعن عبد الله بن سلام ـ رضى الله عنه ـ قال : من صلى فى بيت المقدس ألف ركعة عن يمين الصخرة وعن يسارها دخل الجنة قبل موته ؛ يعنى : يراها فى منامه (٦).

__________________

(١) فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٥٤) ، وفى المطالب العالية (١٢٦٣) موقوفا على كعب أن الرّب عرج من وجّ ، وفى إسناده مجهول.

(٢) إتحاف الأخصا ١ / ١٣٢ ، إعلام الساجد ، بنحوه (٢٩٢) ، وعزاه لأبى نعيم.

(٣) إتحاف الأخصا ١ / ١٦٢ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٥٤).

(٤) سورة الروم : آية ٣٠ ، والخبر فى فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٥٤).

(٥) إتحاف الأخصا ١ / ١٦٠ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٥٥).

(٦) إتحاف الأخصا ١ / ١٦٢ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٥٥).

٤١٣

وعن كعب ـ رضى الله عنه ـ أنه قال : أحبّ الشام إلى الله تعالى : بيت المقدس : وأحب القدس إلى الله تعالى : الصخرة والطور.

وروى أبو المعالى ـ أيضا ـ عن محمد بن شهاب الزهرى ـ رحمه الله ـ قال : لم يبعث الله تعالى نبيا منذ أهبط الله تعالى آدم إلى الدنيا إلا جعل قبلته صخرة بيت المقدس ، ولقد صلى إليها نبينا محمد صلى‌الله‌عليه‌وسلم ، ستة عشر أو سبعة عشر شهرا.

* * *

٤١٤

الفصل السابع

فى ذكر فضل الساهرة وفضل من مات فى بيت المقدس

عن حذيفة وابن عباس وعلى بن أبى طالب ـ رضى الله عنهم ـ قالوا : كنا جلوسا ذات يوم عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم فقال : «يحشر الناس ...» الحديث. يقولوا :وفيه : «فينتهون إلى أرض يقال لها الساهرة ، وهى فى ناحية بيت المقدس ، تسع الناس وتحملهم بإذن الله» (١).

وعن أبى عبلة فى قول الله عزّ وجلّ : (فَإِذا هُمْ بِالسَّاهِرَةِ)(٢) قال : هى البقيع الذى إلى جانب الطور طور زيتا (٣).

وعن أبى بكر بن إبراهيم قال : حديث مستفاض معروف ببيت المقدس : أن الساهرة على جبل طور زيتا موضع فيه مقابر مصلى عمر ـ رضى الله عنه ـ معروف بالساهرة (٤).

وعن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «من مات فى بيت المقدس فكأنما مات فى السماء» (٥).

وعن كعب قال : يقول الله عزّ وجلّ فى التوراة لبيت المقدس : من مات فيك فكأنما مات فى السماء ، ومن مات حولك فكأنما مات فيك (٦).

__________________

(١) إتحاف الأخصا ١ / ٢٢٢ ، الأنس الجليل ١ / ١٥٧ ، ولم يعزياء لأحد.

(٢) سورة النازعات : آية ١٤.

(٣) الأنس الجليل ١ / ١٥٧ ، فضل بيت المقدس للواسطى ٧١ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٦٥) ، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور لعبد بن حميد وابن المنذر ، بنحوه (٦ / ٥١٢).

(٤) إتحاف الورى ١ / ٢٢٢.

(٥) ذكره الهيثمى فى مجمع الزوائد ٢ / ٣١٩ ، وعزاه للبزار وفيه : يوسف بن عطية البصرى ، وهو ضعيف ، وأخرجه الواسطى ٦٤ ، ابن الجوزى فى فضل بيت المقدس (ص : ٦٥) ، أنس الجليل ٢ / ٤١٠ ، تنزيه الشريعة ٢ / ١٦٧ ، مختصر تاريخ دمشق ٢٠ / ٧٢.

(٦) ابن الجوزى فى فضل بيت المقدس (ص : ٦٥) ، وعزاه السيوطى فى الدر المنثور للواسطى ، بنحوه ٤ / ٢٩٤.

٤١٥

وعن كعب الأحبار ـ رضى الله عنه ـ قال : من دفن فى بيت المقدس فقد جاز الصراط (١).

وعنه أنه قال : مقبور ببيت المقدس لا يعذب (٢).

وعن وهب بن منبّه قال : من دفن فى بيت المقدس نجا من فتنة القبر وضيقه (٣).

وعن خليد بن دعلج قال : سمعت الحسن يقول : من دفن فى بيت المقدس فى زيتون الملة فكأنما دفن فى سماء الدنيا ، قال الخليد : فما عرفت الملة حتى قدمت بيت المقدس (٤).

وعن عبد الرحمن بن عدى المازنى قال : سألنى عبد الرزاق عن منزلى فأخبرته أنى من بيت المقدس ، قال لى : هل تعرفون زيتون الملة؟ قال : قلت : نعم ، قال : بلغنى أنها روضة من رياض الجنة (٥).

__________________

(١) إعلام الساجد (ص : ٢٩٤) ، ابن الجوزى فى فضل بيت المقدس (ص : ٦٥) ، فضل بيت المقدس للواسطى ٦٥.

(٢) فضل بيت المقدس للواسطى ٦٦ ، نهاية الأرب ١ / ٣٣٣.

(٣) الأنس الجليل ١ / ٢٠٨ ، إعلام الساجد (ص : ٢٩٤) ، ابن الجوزى فى فضل بيت المقدس (ص : ٦٥).

(٤) إعلام الساجد (ص : ٢٩٤) ، ابن الجوزى فى فضل بيت المقدس (ص : ٦٧).

وزيتون الملة أو ما ملا : مقبرة كبيرة من مقابر بيت المقدس. وأصلها : «مما من الله. وقيل : باب الملة. وقيل : زيتون الملة».

(٥) الأنس الجليل ٢ / ٤١٣ ، ابن الجوزى فى فضل بيت المقدس (ص : ٦٨).

٤١٦

الفصل الثامن

فى ذكر جامع فضائل بيت المقدس

عن أبى أمامة ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : أنزل القرآن فى ثلاثة أمكنة : مكة ، والمدينة ، والشام ، قال الوليد : يعنى بيت المقدس.

وعن أبى الفتح سليم الرازى ـ رحمه الله ـ أنه قال فى قوله تعالى : (وَسْئَلْ مَنْ أَرْسَلْنا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنا أَجَعَلْنا مِنْ دُونِ الرَّحْمنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ)(١). جاء فى التفسير أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم ليلة أسرى به جمع له الأنبياء ـ عليهم‌السلام ـ فى بيت المقدس فأمهم وقيل له : سلهم ، فلم يشكل ولم يسأل.

وعن عائشة ـ رضى الله عنها ـ أن النبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم قال : «إن مكة بلد عظّمه الله تعالى وعظّم حرمته ؛ خلق مكة وحفها بالملائكة قبل أن يخلق شيئا من الأرض يومئذ كلها بألف عام ووصلها بالمدينة ، ووصل المدينة ببيت المقدس ، ثم خلق الأرض كلها بعده بألف عام خلقا واحدا» (٢).

وعن على بن أبي طالب ـ رضى الله عنه ـ قال : كانت الأرض ماء فبعث الله تعالى ريحا فمسحت الماء ، فظهرت على الأرض زبدة فقسمها أربع قطع : خلق من قطعة مكة ، ومن الثانية المدينة ، ومن الثالثة بيت المقدس ، ومن الرابعة الكوفة.

وعن عبد الله بن عمر ـ رضى الله عنه ـ قال : إن لهذا الحرم لحرم فى السموات السبع بمقداره من الأرض ، وإن بيت المقدس [لمقدس] فى السموات السبع بمقداره فى الأرض (٣).

وعن أبى هريرة ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «أربع مدائن فى

__________________

(١) سورة الزخرف : آية ٤٥.

(٢) فضل بيت المقدس للواسطى ١٨ ، الدر المنثور ١ / ١٢٤ ، وهو حديث واه منكر كما قال شهاب الدين المقدسى فى «مثير الغرام».

(٣) عزاه السيوطى فى الدر المنثور لابن أبى شيبة والواسطى ٥ / ٢٩٣.

٤١٧

الدنيا من الجنة : مكة ، والمدينة ، وبيت المقدس ، ودمشق» (١).

وعن معاذ ـ رضى الله عنه ـ قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وسلم : «يقول الله تعالى يا أورشليم أنت صفوتى من بلادى ، وأنا سائق إليك صفوتى من عبادى ، من كان مولده فيك فاختار عليك فبذنب يصيبه ، ومن كان مولده فى غيرك واختارك على مولده فبرحمة منى ، وفيه : يا أورشليم أنت مقدّس بنورى ، وفيك محشر عبادى ، أزفك يوم القيامة كالعروس إلى بعلها ، ومن دخلك استغنى من القمح والزيت» (٢).

وأورشليم : اسم لبيت المقدس.

وعن كعب ـ رضى الله عنه ـ قال : قال الله عزّ وجلّ لبيت المقدس : أنت جنتى وقدسى وصفوتى من بلادى ، من سكنك فبرحمة منى ، ومن خرج منك فبسخط منى عليه (٣).

وعن وهب بن منبّه ـ رضى الله عنه ـ قال : أهل بيت المقدس جيران الله ، وحق على الله عزّ وجلّ أن لا يعذب جيرانه (٤).

وعن ابن عباس ـ رضى الله عنهما ـ قال : باب مفتوح من أبواب الجنة تخرج الرحمة من خلاله من جنان الجنة فتسقط على مسجدها وجبالها وصخورها ، وصخرة بيت المقدس من صخور الجنة (٥).

وعن كعب ـ رضى الله عنه ـ قال : باب مفتوح من السماء من أبواب الجنة تنزل من الجنان الرحمة على بيت المقدس كل صباح حتى تقوم الساعة ، والظل الذى ينزل على بيت المقدس شفاء من كل داء ؛ لأنه من جنان الجنة (٦).

وعن مقاتل رضى الله عنه : أن كل ليلة ينزل سبعون ألف ملك من السماء إلى مسجد بيت المقدس ؛ يهللون الله ، ويسبحون الله ، ويقدسون الله ، ويحمدون الله ،

__________________

(١) رواه ابن عدى مرفوعا ، وفى إسناده الوليد بن محمد المنقرى ، كذاب (الفوائد المجموعة (ص : ٤٢٨) ، تنزيه الشريعة ٢ / ٤٨ ، وذكره ابن الجوزى فى الموضوعات فأصاب).

(٢) فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٧٠)

(٣) فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٢٧) ، أنس الجليل ١ / ٢٠٣ ، نهاية الأرب ١ / ٣٣٣.

(٤) إتحاف الأخصا ١ / ١٠٢ فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٦٩).

(٥) إتحاف الأخصا ١ / ١٠١ فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٧٠).

(٦) إتحاف الأخصا ١ / ١٠١ فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٧٠).

٤١٨

ولا يعودون إلى أن تقوم الساعة (١).

وعن أنس بن مالك ـ رضى الله عنه ـ أنه قال : إن الجنة تحن شوقا إلى بيت المقدس ، وصخرة بيت المقدس من جنة الفردوس ، وهى سرة الأرض (٢).

وروى الحافظ بهاء الدين عن مقاتل ـ رضى الله عنه ـ أنه قال : صخرة بيت المقدس وسط الأرض ، وإذا قال العبد لصاحبه : انطلق بنا إلى بيت المقدس ، يقول الله تعالى : يا ملائكتى اشهدوا أنى قد غفرت لهما قبل أن يخرجا ، هذا إذا كانا لا يصران على الذنوب (٣).

وقال : إن الله تعالى تكفل [لمن سكن] ببيت المقدس بالرزق إن فاته المال ، ومن مات سقيما محتسبا فى بيت المقدس فكأنما مات فى السماء ، ومن مات حول بيت المقدس فكأنما مات فى بيت المقدس ، وما نقص من الأرضين زيد فى الأرض التى حول بيت المقدس ، والمياه العذبة كلها تخرج من تحت صخرة بيت المقدس ، والأرض التى بارك الله تعالى فيها أرض بيت المقدس ، ويجعل الرب جل جلاله مقامه يوم القيامة فى أرض بيت المقدس ، وجعل صفوته من الأرضين كلها أرض بيت المقدس ، والأرض المقدسة التى ذكرها الله تعالى فى القرآن بيت المقدس ، فقال : (إِلَى الْأَرْضِ الَّتِي بارَكْنا فِيها لِلْعالَمِينَ) هى أرض بيت المقدس (٤).

وقال الله تعالى لموسى عليه‌السلام : انطلق إلى بيت المقدس ؛ فإن فيه نورى ونارى وتنورى ـ يعنى : (وَفارَ التَّنُّورُ) ـ وكلم الله موسى تكليما فى أرض بيت المقدس ، وتجلى الله تعالى للجبل فى أرض بيت المقدس ، ورأى موسى ـ عليه‌السلام ـ نور رب العزة فى أرض بيت المقدس ، وصخرة بيت المقدس من صخور الجنة وهى وسط الأرضين كلها ، فإذا قال الرجل للرجل : انطلق بنا إلى بيت المقدس ففعلا يقول الله تعالى : طوبى للقائل والمقول له (٥).

وروى أيضا عن مقاتل (٦) ـ رضى الله عنه ـ أنه قال : تاب الله تعالى على داود

__________________

(١) إتحاف الأخصا ١ / ١٠٣ فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٧٠).

(٢) إتحاف الأخصا ١ / ١٠١ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٧٠).

(٣) إتحاف الأخصا ١ / ١٠٤ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٧٠).

(٤) إتحاف الأخصا ١ / ١٠٥ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٧٠).

(٥) إتحاف الأخصا ١ / ١٠٥ ، ١٠٦ ، فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٧٠).

(٦) فضل بيت المقدس لابن الجوزى (ص : ٧٠ ـ ٧٤).

٤١٩

وسليمان ـ عليهما‌السلام ـ فى أرض بيت المقدس.

وغفر الله تعالى خطايا بنى إسرائيل فى بيت المقدس.

ورد الله تعالى على سليمان ـ عليه‌السلام ـ ملكه فى بيت المقدس.

وبشر الله إبراهيم وسارة بإسحاق فى بيت المقدس.

وبشر الله تعالى زكريا بيحيى فى بيت المقدس.

وسخر الله تعالى لداود عليه‌السلام الجبال والطير فى بيت المقدس.

وتسورت الملائكة على داود المحراب فى بيت المقدس.

وكانت الأنبياء ـ عليهم‌السلام ـ تقرب القربان فى بيت المقدس.

وتهبط الملائكة كل ليلة إلى بيت المقدس.

وأوتيت مريم ـ عليها‌السلام ـ فاكهة الشتاء فى الصيف وفاكهة الصيف فى الشتاء وأجرى الله تعالى لها نهرا من الأردن إلى بيت المقدس ، وأنبت الله تعالى النخلة لمريم ـ عليها‌السلام ـ فى بيت المقدس ، وأثمرت فى الحال رطبا جنيا فى بيت المقدس.

وتكلم عيسى فى المهد صبيا فى بيت المقدس ، وولد عيسى ـ عليه‌السلام ـ فى بيت المقدس ، ورفعه الله تعالى إلى السماء من بيت المقدس ، وينزل عيسى ـ عليه‌السلام ـ من السماء إلى أرض بيت المقدس ، ويقتل الدجال ببيت المقدس.

ويغلب يأجوج ومأجوج على الأرض كلها غير بيت المقدس ، ويهلكهم الله تعالى فى أرض بيت المقدس.

وينظر الله تعالى فى كل يوم بخير إلى بيت المقدس.

وأعطى الله تعالى البراق للنبى صلى‌الله‌عليه‌وسلم فحمله إلى بيت المقدس.

وأوصى آدم ـ عليه‌السلام ـ حين مات بأرض الهند أن يدفن ببيت المقدس.

وأوصى إبراهيم وإسحاق ـ عليهما‌السلام ـ إذا ماتا أن يدفنا فى أرض بيت المقدس.

٤٢٠