الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٦

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٦

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٤

وهوى إليك العذقُ ثمَّ رددتَهُ

في نخلةٍ تزهى به وتزانُ

والدوحتانِ وقد دعوتَ فأقبلا

حتى تلاقت منهما الأغصانُ

وشكا إليك الجيشُ من ظمأ به

فتفجّرت بالماءِ منك بنانُ

ورددتَ عينَ قتادةٍ من بعدِ ما

ذهبتْ فلم ينظرْ بها إنسانُ

وحكى ذراعُ الشاةِ مودعَ سمِّه

حتى كأنَّ العضوَ منه لسانُ

وعرجتَ في ظهرِ البُراقِ مجاوز ال

سبعِ الطباقِ كما يشَا الرحمنُ

والبدرُ شُقَّ وأشرقت شمسُ الضحى

بعدَ الغروب وما بها نقصانُ

وفضيلةٌ شهدَ الأنامُ بحقِّها

لا يستطيعُ جحودَها الإنسانُ

في الأرض ظلُّ الله كنتَ ولم يلُحْ

في الشمسِ ظلُّكَ إن حواك مكانُ

نُسختْ بمظهرِك المظاهرُ بعد ما

نُسختْ بملّةِ دينِك الأديانُ

وعلى نبوّتِكَ المعظَّمِ قدرُها

قامَ الدليلُ وأوضح البرهانُ

وبك استغاثَ الأنبياءُ جميعُهم

عند الشدائدِ ربَّهم ليُعانوا

أخذ الإلهُ لك العهودَ عليهمُ

من قبلِ ما سمحتْ بك الأزمانُ

وبك استغاثَ اللهَ آدمُ عندما

نُسب الخلافُ إليه والعصيانُ

وبك التجا نوحٌ وقد ماجت به

دُسُرُ السفينةِ إذ طغى الطوفان

وبك اغتدى أيّوبُ يسأل ربَّه

كشفَ البلاءِ فزالتِ الأحزانُ

وبك الخليلُ دعا الإلهَ فلم يخف

نمرودَ إذ شبّت له النيرانُ

وبك اغتدى في السجنِ يوسفُ سائلاً

ربَّ العباد وقلبه حيرانُ

وبك الكليمُ غداةَ خاطبَ ربَّهُ

سأل القبولَ فعمّه الإحسانُ

وبك المسيحُ دعا فأحيا ربُّهُ

ميتاً وقد بُليت به الأكفانُ

وبك استبانَ الحقُّ بعد خفائِهِ

حتى أطاعَكَ إنسُها والجانُ

ولو انَّني وفَّيتُ وصفَكَ حقَّه

فَنيَ الكلامُ وضاقتِ الأوزانُ

فعليك من ربِّ السلامِ سلامُهُ

والفضلُ والبركاتُ والرضوانُ

٦١

وعلى صراطِ الحقِّ آلُكَ كلّما

هبَّ النسيمُ ومالتِ الأغصانُ

وعلى ابنِ عمِّك وارثِ العلمِ الذي

ذلَّت لسطوةِ بأسِه الشجعانُ

وأخيكَ في يومِ الغديرِ وقد بدا

نورُ الهدى وتآختِ الأقرانُ

وعلى صحابتِكَ الذين تتبّعوا

طرقَ الهدى فهداهم الرحمنُ

وشروا بسعيِهمُ الجنانَ وقد دروا

أنَّ النفوسَ لبيعِها أثمانُ

يا خاتمَ الرسلِ الكرامِ وفاتح ال

نعم الجسامِ ومن له الإحسانُ

أشكو إليك ذنوبَ نفسٍ هفوها

طبعٌ عليهِ رُكّبَ الإنسانُ

فاشفع لعبدٍ شانَهُ عصيانُه

إنَّ العبيدَ يشينها العصيانُ

فلك الشفاعةُ في محبِّكمُ إذا

نُصبَ الصراطُ وعُلّقَ الميزانُ

فلقد تعرّضَ للإجازةِ طامعاً

في أن يكون جزاءه الغفرانُ (١)

وله قوله (٢) :

توالِ عليّا وأبناءه

تفُز في المعادِ وأهوالهِ

إمامٌ له عقد يوم الغدير

بنصِّ النبيِّ وأقوالهِ

له في التشهدِ بعد الصلاة

مقامٌ يخبِّر عن حالهِ

فهل بعد ذكرِ إلهِ السما

وذكرِ النبيِّ سوى آلهِ

الشاعر

صفيُّ الدين عبد العزيز بن سرايا بن عليّ بن أبي القاسم بن أحمد بن نصر بن عبد العزيز بن سرايا بن باقي بن عبد الله بن العريض الحلّي الطائي السنبسي من بني سنبس بطن من طيِّ.

__________________

(١) توجد في ديوانه : ص ٤٧ وفي طبعة : ص ٥٢ [ديوان صفي الدين الحلّي : ص ٧٩] يمدح بها النبيّ الأعظم صلّي الله عليه وآله وسلّم. (المؤلف)

(٢) توجد في ديوانه : ص ٥٢ وفي طبعة أخرى : ص ٥٨ [ص ٩٠]. (المؤلف)

٦٢

كان في الطراز الأوّل من شعراء لغة الضاد ، فاق شعره بجزالة اللفظ ، ورقّة المعنى ، وأشفّ بحسن الأُسلوب والانسجام ، وقد تفنّن بمحاولة المحسّنات اللفظيّة مع المحافظة على المزايا المعنويّة ، فجاء مقدّماً في فنون الشعر ، إماماً من أئمّة الأدب كما أنّه كان معدوداً من علماء الشيعة المشاركين في الفنون.

في مجالس المؤمنين (١) (ص ٤٧١) عن بعض تآليف صاحب القاموس مجد الدين الفيروزآبادي الشافعي أنه قال : اجتمعت سنة (٧٤٧) بالأديب الشاعر صفيِّ الدين بمدينة بغداد فرأيته شيخاً كبيراً وله قدرة تامّة على النظم والنثر ، وخبرة بعلوم العربيّة والشعر ، فقرضه أرقُّ من سحر النسيم ، وأورق من المحيّا الوسيم ، وكان شيعيّا قحّا ، ومن رأى صورته لا يظنُّ أنّه ينظم ذلك الشعر الذي هو كالدرِّ في الأصداف.

وقال ابن حجر في الدرر الكامنة (٢ / ٣٦٩) : تعانى الأدب فمهر في فنون الشعر كلّها ، وتعلّم المعاني والبيان وصنّف فيهما ، وتعانى التجارة فكان يرحل إلى الشام ومصر وماردين وغيرها في التجارة ثمّ يرجع إلى بلاده ، وفي غضون ذلك يمدح الملوك والأعيان ، وانقطع مدّة إلى ملوك ماردين وله في مدائحهم الغرر ، وامتدح الناصر محمد بن قلاوون والمؤيّد إسماعيل بحماة. وكان يُتّهم بالرفض وفي شعره ما يشعر به ، وكان مع ذلك يتنصّل بلسان قاله وهو في أشعاره موجود وإن كان فيها ما يناقض ذلك ، وأوّل ما دخل القاهرة سنة بضع وعشرين ، فمدح علاء الدين بن الأثير فأقبل عليه وأوصله إلى السلطان ، واجتمع بابن سيّد الناس وأبي حيّان وفضلاء ذلك العصر ، فاعترفوا بفضائله ، وكان الصدر شمس الدين عبد اللطيف ... يعتقد أنّه ما نظم الشعر أحد مثله مطلقاً ، وديوان شعره مشهور يشتمل على فنونٍ كثيرةٍ ، وبديعيّته مشهورة وكذا شرحها ، وذكر فيه أنّه استمدّ من مائة وأربعين كتاباً.

قال الأميني : وممّن اجتمع المترجم به الصفدي سنة (٧٣١) يروي عن المترجم

__________________

(١) مجالس المؤمنين : ٢ / ٥٧٦.

٦٣

في الوافي بالوفيات (١) ، وأخذ العلم عن شيخنا المحقّق نجم الدين الحلّي ، وأخذ عنه الشريف النسّابة تاج الدين بن معيّة.

قولنا : وأخذ العلم عن شيخنا المحقّق ... إلخ ، أخذناه من أمل الآمل ، وتبعه في ذلك جلّ من ترجم شاعرنا صفيّ الدين نظراء صاحب الروضات ، وأعيان الشيعة (٢) ، وشيخا القمي (٣) ؛ وهذا لا يصحّ جدّا لأنّ شيخنا المحقّق نجم الدين توفّي سنة (٦٧٦) ، وصفيّ الدين الحلّي ولد (٦٧٧) بعد وفاة الشيخ بسنة ، وصفيّ الدين الذي تلمّذ لشيخنا المحقّق هو صفيّ الدين محمد ابن الشيخ نجيب الدين يحيى ، وهو الذي كان من مشايخ السيّد تاج الدين بن معيّة كما في معاجم التراجم.

بالغ في الثناء عليه الكتبي في فوات الوفيات (١ / ٢٧٩) وذكر كثيراً من شعره ، وترجمه القاضي التستري في مجالس المؤمنين (ص ٤٧٠) ، وشيخنا الحرّ العاملي في أمل الآمل ، وابن أبي شبانة في تتميم الأمل ، والسيّد اليماني في نسمة السحر ، والشوكاني في البدر الطالع (١ / ٣٥٨) ، وفريد وجدي في دائرة المعارف (٥ / ٥٢٥) ، وصاحب رياض العلماء ، والسيّد الزنوزي في رياض الجنّة ، والسيّد صاحب الروضات (ص ٤٤٢) ، والزركلي في الأعلام (٢ / ٥٢٥) ، ومؤلّف تاريخ آداب اللغة العربية (٣ / ١٢٨) (٤)

وكلّ من هؤلاء وصفه بما هو أهله من جمل المدح وعقود الإطراء ونسائج الحمد ، وأفرد العلاّمة الشيخ محمد علي الشهير بالشيخ علي الحزين المتوفّى ببنارس الهند سنة (١١٨١) تأليفاً في أخباره ونوادر شعره.

__________________

(١) الوافي بالوفيات : ١٨ / ٤٨٢.

(٢) أعيان الشيعة : ٨ / ٢٢.

(٣) سفينة البحار : ٥ / ١٢٨.

(٤) فوات الوفيات : ٢ / ٣٣٥ رقم ٢٨٦ ، مجالس المؤمنين : ٢ / ٥٧٥ ، أمل الآمل : ٢ / ١٤٩ رقم ٤٤٣ ، رياض العلماء : ٣ / ١٣٧ : روضات الجنّات : ٥ / ٨٠ رقم ٤٤٤ ، الأعلام : ٤ / ١٧ ، مؤلفات جرجي زيدان الكاملة ـ تاريخ آداب اللغة العربية ـ : مج ١٤ / ٤١٢.

٦٤

آثاره ومآثره :

١ ـ منظومة في علم العروض ، ذكرها له صاحب رياض العلماء.

٢ ـ العاطل الحالي ، رسالة في الزجل والموالي.

٣ ـ الخدمة الجليلة ، رسالة في وصف الصيد بالبندق.

٤ ـ درر النحور في مدائح الملك المنصور ، وهي القصائد الأُرتقيّات تحوي (٢٩) قصيدة مرتّبة على حروف المعجم ، وأوّل أبياتها كآخرها من الحروف ، وكلّ قصيدة منها (٢٩) بيتاً.

٥ ـ ديوان شعره : قال الكتبي في الفوات (١) : إنّه دوّن شعره في ثلاث مجلّدات وكلّه جيّد. والمطبوع مجلّد واحد ولعلّه بعض شعره أو ديوانه الصغير الذي ذكره له بعض المتأخّرين من المؤلّفين بعد ذكر ديوان كبير له.

٦ ـ رسالة الدار عن محاورات الفار.

٧ ـ الرسالة المهملة ، كتبها إلى الملك الناصر محمد بن قلاوون سنة (٧٣٢).

٨ ـ الرسالة الثوميّة ، أنشأها بماردين سنة (٧٠٠).

٩ ـ الكافية ، هي بديعيّته الشهيرة الحاوية لمائة وواحد وخمسين نوعاً من محاسن البديع في (١٤٥) بيتاً في بحر البسيط ، يمدح بها النبيّ الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم طبعت في ديوانه ، مستهلّها :

إن جئت سلعاً فسل عن جيرة العلمِ

وأقر السلام على عرب بذي سلمِ

__________________

(١) فوات الوفيات : ٢ / ٣٥٠ رقم ٢٨٦.

٦٥

شرحها ابن زاكور أبو عبد الله محمد بن قاسم بن زاكور الفاسي المالكي المتوفّى (١١٢٠).

١٠ ـ شرح الكافية المذكورة ، طبع في مصر سنة (١٣١٦) ، وفي غير واحد من المعاجم : إنّ له فضل السبق فى نظم البديعيّة على من نظمها ، غير أنّا نقول : إنّ المترجم وإن أبدع في نظم بديعيّته إلاّ أنّ السابق إليها هو أمين الدين عليّ بن عثمان بن عليّ بن سليمان الإربلي الشاعر الصوفي المتوفّى (٦٧٠) ، المترجم في الوافي بالوفيات (١) ، وله فضل السبق كما ذكره السيّد علي خان في أنوار البديع (٢) وذكر قصيدته ، والبقيّة ممّن نظم محاسن البديع ببديعيّة تبع في ذلك لهذين الشاعرين منهم :

١ ـ شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي الهواري المالكي : المتوفّى (٧٨٠) ، أحد شعراء الغدير يأتي ذكره في هذا الجزء. له البديعيّة الشهيرة ببديعيّة العميان ، يمدح بها النبيّ الأعظم ، أوّلها :

بطيبة انزل ويمِّم سيّد الأُممِ

عاصر المترجم وشرح بديعيّته زميله الشاعر أبو جعفر أحمد بن يوسف البصير الألبيري المعروف بالأعمى الطليطلي المتوفّى (٧٧٩).

٢ ـ الشيخ عزّ الدين عليّ بن الحسين بن عليّ بن أبي بكر محمد بن أبي الخير الموصلي : المتوفّى (٧٨٩). له بديعيّة ، مطلعها :

براعة تستهلُّ الدمع في العلمِ

عبارة عن نداء المفرد العلمِ

وله شرحها الموسوم : التوصّل بالبديع إلى التوسّل بالشفيع.

__________________

(١) الوافي بالوفيات : ٢١ / ٣٠٠ رقم ٢٠١.

(٢) أنوار البديع : ١ / ٣١.

٦٦

٣ ـ الشيخ وجيه الدين اليمني : المتوفّى سنة (٨٠٠). له بديعيّة كما في علم الأدب (١ / ٢٤٤).

٤ ـ شرف الدين عيسى بن حجّاج السعدي المصري الحنبلي المعروف بعُويس العالية (١) : المتوفّى (٨٠٧). له بديعيّة في مدح النبيّ الأعظم كما في شذرات الذهب (٢) (٧ / ٧١) ، مطلعها :

سل ما حوى القلبُ في سلمى من العبرِ

فكلّما خطرتْ أمسى على خطرِ

٥ ـ السيّد جمال الدين عبد الهادي بن إبراهيم الحسيني الصنعانيّ اليمانيّ الزيديّ : المتوفّى (٨٨٢) كما في إيضاح المكنون ذيل كشف الظنون (١ / ١٧٣) ، مطلعها :

سرى طيفُ ليلى فابتهجت به وجدا

٦ ـ الأديب شعبان بن محمد القرشي المصري : المتوفّى (٨٢٨). له بديعيّة ذكرها له صاحب كشف الظنون (٣) (١ / ١٩١).

٧ ـ شرف الدين إسماعيل بن أبي بكر المقري اليمني : المتوفّى (٨٣٧). له بديعيّة وشرحها كما في كشف الظنون (١ / ١٩١) ، وبغية الوعاة (ص ١٩٣) ، وشذرات الذهب (٤) (٧ / ٢٢١).

٨ ـ تقيّ الدين أبو بكر بن عليّ بن عبد الله الحموي المعروف بابن حجّة : المتوفّى (٨٣٧). له بديعيّة يمدح بها النبيّ الأعظم سمّاها بالتقديم ، تشتمل على (١٣٦)

__________________

(١) سمّي به لأنه كان عالية في لعب الشطرنج. (المؤلف)

(٢) شذرات الذهب : ٩ / ١٠٩ حوادث سنة ٨٠٧ ه‍.

(٣) كشف الظنون : ١ / ٢٣٤.

(٤) كشف الظنون ، بغية الوعاة : ١ / ٤٤٤ رقم ٩٠٩ ، شذرات الذهب : ٩ / ٣٢٢ حوادث سنة ٨٣٧ ه‍.

٦٧

نوعاً في (١٤١) بيتاً وشرحها شرحاً يُسمّى بخزانة الأدب ، طبع في (٥٧١) صفحة ، مطلعها :

لي في ابتدا مدحِكم يا عربَ ذي سَلَمِ

براعةٌ تستهلُّ الدمعَ في العلَمِ

٩ ـ ابن الخرّاط زين الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن محمد بن سليمان الحموي الشافعي : المتوفّى (٨٤٠). له بديعيّة وشرحها ، إيضاح المكنون (١ / ١٧٣).

١٠ ـ الشيخ محمد المقري ابن الشيخ خليل الحلبي : المتوفّى (٨٤٩). له بديعيّة ، أوّلها :

عجبي عراقيٌ فعُجْ بي نحو ذي سلم

واجنح لسكّانِها بالسِّلمِ والسَّلَمِ

١١ ـ الشيخ بدر الدين الحسن بن مخزون الطحّان. له بديعيّة ذكرها له شيخنا الكفعمي في كتابه فرج الكرب ، وقال : إنّها مخمّسة لبديعيّة الشيخ صفيِّ الدين المترجم.

١٢ ـ الشيخ إبراهيم الكفعمي الحارثي ، أحد شعراء الغدير الآتي ذكره في هذا الجزء. له بديعيّة وشرحها المعرب عن تضلّعه في فنون الأدب ، مستهلّها :

إن جئت سلمى فسل من في خيامِهمُ

١٣ ـ جلال الدين أبو بكر السيوطي : المولود (٨٤٩) والمتوفّى (٩١١). له بديعيّة موسومة بنظم البديع في مدح خير الشفيع ، وله شرحها ، أوّلها :

من العقيقِ ومن تذكارِ ذي سلَمِ

براعة العين في استهلالها بدمِ

١٤ ـ الباعونيّة عائشة بنت يوسف بن أحمد بن ناصر بن خليفة الدمشقيّة الشافعيّة : المتوفّاة (٩٢٢) (١). لها بديعيّة ، أوّلها :

__________________

(١) الدرّ المنثور في طبقات ربّات الخدور : ص ٢٩٣. (المؤلف)

٦٨

في حسن مطلعِ أقمارٍ بذي سلمِ

أصبحتُ في زمرةِ العشّاقِ كالعلَمِ

وشرحتها وأسمتها بالفتح المبين في مدح الأمين ، طبعت بهامش خزانة الأدب لابن حجّة.

١٥ ـ الشيخ عبد الرحمن بن أحمد الحميدي : المتوفّى (١٠٠٥) ، أحد شعراء الغدير يأتي ذكره في شعراء القرن الحادي عشر. له بديعيّة تسمّى بتمليح البديع بمديح الشفيع ، أوّلها :

رِدْ ربعَ أسما وأسمى ما يُرامُ رُمِ

وحيِّ حيّا حواها معدن الكرمِ

عدد أنواعها (١٦٨) ، وعدد أبياتها (١٤٠) ، وتاريخ نظمها (٩٩٢) ، أشار إلى كلّ ذلك بقوله :

جا نوعه مصلحٌ أبياته مننٌ

أرَّخته ناظماً للحاسب الفهمِ

توجد في ديوانه الدرّ المنظّم في مدح النبيِّ الأعظم ، المطبوع في مصر سنة (١٣٢٢) في (١٤٩) صفحة.

١٦ ـ شمس الدين محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن الحموي المكي الحنفي نزيل مصر : المتوفّى (١٠١٧). له بديعيّة كما في الإيضاح (١ / ١٧٣).

١٧ ـ السيّد علي خان صاحب سلافة العصر : المتوفّى (١٠١٨ ـ ١٠٢٠) ، أحد شعراء الغدير يأتي ذكره. له بديعيّة في (١٤٨) بيتاً وله شرحها الدائر السائر الموسوم بأنوار الربيع ، مطلعها :

حسن ابتدائي بذكرى جيرةِ الحرمِ

له براعةُ شوقٍ يستهلُّ دمي

١٨ ـ الشيخ عبد القادر بن محمد الطبري المكي الشافعي : المتوفّى (١٠٣٢). له بديعيّة ذكرها له الشوكاني في البدر الطالع (١ / ٣٧١) ، مستهلّها :

٦٩

حسن ابتداء مديحي حيّ ذي سلمِ

أبدى براعة الاستهلال في العلَمِ

أسماها : عليّ الحجّة بتأخير أبي بكر بن حجّة ، وله شرحها.

١٩ ـ الشيخ أحمد بن محمد المقري التلمساني : المتوفّى (١٠٤١). له بديعيّة ، مطلعها :

شارفت ذرعاً فذر عن مائِها الشبمِ

وجزت نملَى فنم لا خوف في الحرمِ (١)

٢٠ ـ الشيخ محمد بن عبد الحميد بن عبد القادر المعروف بحكيم زاده. له بديعيّة نظمها سنة (١٠٥٩) ، مستهلّها :

حسنُ ابتدائي بذكرِ البانِ والعلمِ

حلا لمطلع أقمارٍ بذي سلَم

وله بديعيّة أخرى موسومة باللمعة المحمديّة في مدح خير البرية ، أوّلها :

إن رُمتَ صنعاً فَصُن عن مدحِ غيرِهمُ

يا قلب سرّا وجهراً جوهرَ الكَلِمِ

وله شرحها الكبير المخطوط في (٣٣٨) صحيفة يوجد عند العلاّمة السيّد جعفر بحر العلوم في النجف الأشرف.

٢١ ـ الشيخ أبو الوفاء العرضي الحلبي. له بديعيّة يمدح بها النبيّ الأعظم ذكرها له الشيخ قاسم بن البكره چي في شرح بديعيّته ، أوّلها :

براعتي في ابتدا مدحي بذى سلَمِ

قد استهلّت لدمعٍ فاض كالعلَمِ

٢٢ ـ الشيخ عبد الغني بن إسماعيل بن عبد الغني الحنفي النابلسي الدمشقي : المولود سنة (١٠٥٠) والمتوفّى (١١٤٣). له بديعيّة يمدح بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أوّلها :

يا منزلَ الركبِ بين البانِ والعلَمِ

من سفحِ كاظمةٍ حييتَ بالديَمِ

__________________

(١) نملى : اسم ماء قرب المدينة. معجم البلدان : ٥ / ٣٠٥.

٧٠

وأرّخها بقوله وهو آخر القصيدة :

وقلت للربع لمّا الفكر أرّخها

يا ربعُ قد تمَّ مدحي سيّدَ الأُممِ

وله شرحها الموسوم بنفحات الأزهار على نسمات الأسحار في مدح النبيِّ المختار ، طبع في (٣٤٨) صحيفة ، وله بديعيّة أخرى طبعت بهامش الشرح المذكور ، أوّلها :

يا حسنَ مطلعِ من أهوى بذي سلَمِ

براعةُ الشوقِ في استهلالِها ألمي

٢٣ ـ الشيخ قاسم بن محمد البكره چي الحلبي الحنفي : المتوفّى (١١٦٩). له بديعيّة في مدح النبيِّ الأمين صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أوّلها :

من حسنِ مطلعِ أهلِ البان والعلَمِ

براعتي مستهلٌّ دمعها بدمِ

وله شرحها المطبوع الموسوم بحلية البديع في مدح النبيِّ الشفيع ، فرغ منه سنة (١١٤٨).

٢٤ ـ السيّد حسين بن مير رشيد الرضوي الهندي : المتوفّى (١١٥٦). له بديعيّة يمدح بها النبيّ وآله عليه وعليهم‌السلام ، توجد في ديوانه المخطوط في (١٤٣) بيتاً ، مطلعها :

حَيّا الحيا عهد أحبابٍ بذي سلَمِ

وملعبَ الحيِّ بين البان والعلَمِ

٢٥ ـ الشيخ عبد الله بن يوسف بن عبد الله الحلبي : المتوفّى (١١٩٤). له بديعيّة وشرحها كما في الإيضاح (١ / ١٧٤).

٢٦ ـ الخوري يوسف بن أرسانيوس بن إبراهيم المسيحي الفاخوري : المولود سنة (١٢١٨) والمتوفّى (١٣٠١). له بديعيّة يمدح بها النبيَّ المسيح عليه‌السلام تشتمل على مائة وثمانين نوعاً مع التزام تسمية النوع ، أوّلها :

٧١

براعةُ المدح في نجمٍ ضياه سمي

تهدي بمطلعها من عن سناه عمي

وآخرها :

واختم ختامي بأن أحظى بمطلعك ال

ـباهي بخدر السنا يا مرشد الأُممِ

طبعت بتمامها في علم الأدب (١ / ٢٤٥).

٢٧ ـ الشيخ عبد القادر الحسيني الأزهري الطرابلسي. له بديعيّة تسمّى بترجمان الضمير في مدح الهادي البشير ، نظمها سنة (١٣٠٨) طبعت في جريدة بيروت.

٢٨ ـ الشيخ محمد بن عبد الله الضرير الأزهري : المتوفّى (١٣١٣). له بديعيّة مسمّاة بالغرر في أسانيد الأئمّة الأربعة عشر ، مطبوعة ذكرها له صاحب معجم المطبوعات (١).

٢٩ ـ الشيخ أحمد بن صالح بن ناصر البحراني : المولود (١٢٥٤) والمتوفّى (١٣١٥). له بديعيّة يمدح بها مولانا أمير المؤمنين عليه‌السلام توجد في ديوانه المطبوع الموسوم بالمراثي الأحمديّة وله شرحها ، مطلعها :

بديعُ مدحِ عليٍّ مذ علا قلمي

براعةٌ تستهلُّ الفيضَ من كلمي

٣٠ ـ الشيخ محمد بن حمزة التستري الحلّي الشهير بابن الملاّ : المتوفّى (١٣٢٢) من شعراء الغدير يأتي ذكره. له بديعيّة يمدح بها النبيّ الأعظم صلوات الله عليه وآله ، تمتاز عن البديعيّات بأنواع من البديع.

٣١ ـ المولى داود ابن الحاج قاضي الخراساني المعروف بملاّ باشي : المتوفّى حدود (١٣٢٥) المترجم في مطلع الشمس. له بديعيّة شرحها ولده ميرزا فضل الله

__________________

(١) معجم المطبوعات العربية : ٢ / ١٦١٧.

٧٢

المتوفّى أواخر سنة (١٣٤٣) أسماه بأزهار الربيع.

٣٢ ـ الشيخ طاهر بن صالح بن أحمد الجزائري الدمشقي المولود سنة (١٢٦٨) والمتوفّى سنة (١٣٣٨) ، وله شرحها المطبوع بسوريا ، أوّلها :

بديعُ حسنِ بدورٍ نحو ذي سلمِ

قد راقني ذكرُه في مطلع الكلمِ

٣٣ ـ الشيخ محمد صالح بن ميرزا فضل الله المازندراني الحائري المولود سنة (١٢٩٧) ، أحد شعراء الغدير يأتي ذكره في شعراء القرن الرابع عشر. له بديعيّة وله شرحها ، مطلعها :

من حسنِ مطلعِ سلمى مستهلُّ دمي

لله من دمِ ذي سلْمٍ بذي سلَمِ

٣٤ ـ الشيخ عبد الله محمد (١) بن أبي بكر أحد شعراء العامّة. له بديعيّة يمدح بها النبيّ الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عدد أبياتها مائة وتسعة وثلاثون بيتاً ، أوّلها :

يا عامل اليعملات الكوم في الأكمِ

بالعيس بالعيس عرِّج نحو ذي سلمِ

وآخر أبياتها :

صلّى عليه إلهُ العرشِ ما لمعت

بيضُ الكواعبِ في سودٍ من الظلمِ

ذكرها برمّتها سيّدنا العلاّمة السيّد أحمد العطّار في كتابه الرائق في الجزء الثاني.

٣٥ ـ الواردي المقري. له بديعيّة في مدح سيّد البشر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ذكرها السيّد أحمد العطّار طاب ثراه في الجزء الثاني من كتابه الرائق ، عدد أبياتها (١٤٥) أوّلها :

إن زرتَ سلمى فسل ما حلّ بالعلَمِ

وحيّ سلعاً وسل عن حيّ ذي سلَم

__________________

(١) كذا. ولعله في الأصل : أبو عبد الله أو عبد الله بن محمد.

٧٣

ويقول في آخرها :

وآلهُ وهمُ الآلُ الهداةُ ومن

بهل أتى قد أتى تنكيتُ مدحهم

آل الرسول وأعلام الأصول

وآمال الوصول وأهل الحلم والكرم

مُطهَّرون زَكَوا فرعاً وأصلهم

السامي «عليٌّ» سما من نور جدِّهم

جادوا وجالوا وطالوا في الفخار فهم

سحبٌ وقضبٌ وشهبٌ في علائهم

همُ صدور مقامات العلى فلذا

تطأطأت وغدت مأوى نعالهم

همُ الرجالُ رجالُ الله فضلُهمُ

لم يُحصَ إن يُحص يوماً فضل غيرهم

خيرُ الورى سادةُ الدنيا وخيرُهم

طه النبيُّ وكلٌّ في ذرى النعم

باعوا بنصرهمُ الدينَ النفيسَ

نفوسَهم وكم بذلوها بذل زادهم

خضرٌ مرابعهم حمرٌ صوارمهم

بيضٌ وجوهُهمُ غرٌّ ذوو شمم

كفّوا العتاةَ كما كفّوا العناةَ عطا

بالنبل والنيل في كرٍّ وفي كرم

صالوا وكم وخزوا بالسمر يوم وغىً

صدراً ونهداً وكم أكبوه في الصدم

منزّهون عن الأرجاسِ أنفسهم

من مثلُها نقلتْ في أنفسِ الرحم

والصحبُ صحبُ رسولِ اللهِ ما القمرُ

السامي بأحسنَ مرأىً من وقارهم

لا عيبَ فيهم بوصفٍ غير أنَّهم

قد أرخصوا بالتقى غالي نفوسهم

يا أبهجَ الخلقِ في خلقٍ وفي خُلقٍ

وفي فخارِ وفي حُكمٍ وفي حِكَم

ومَن إذا طال ذنبي فامتدحت له

نجوت فالمدح ذخري فالولا عصمي

كن شافعي مالكي يا أحمد بغدٍ

وانقذ حنيف هوى من زلّة القدم

هذا مديحيَ بالتقصيرِ معترفاً

فاقبله منّي ودع مَن لام بالندم

ففي الحديث اندماجٌ من يقل بِكمُ

بيتاً فبيت علاهُ جنّةُ النِّعم

فامنن عليَّ بفضلٍ في قبولِكمُ

من غيرِ طردٍ وأنتم معدنُ الكرم

وأنت تعلمُ ما يبغي محبُّك في

غدٍ ومثلُك لم يحتج إلى كلمي

فلا تردّ يدي حاشاك خائبةً

وارحم فديتُكَ عبداً في حماك حمي

٧٤

بيانُ مدحِكَ في فنِّ البديعِ له

دقيقُ معنىً به نطقي زكى وفمي

وقد جعلت بحمد الله ساعة دنيا

العمر طاعة مدحٍ فيك منتظم

فاصفح وإن تصفحِ الصفحَ الجميلَ فلن

يضيقَ جاهُك عند اللهِ في جُرمي

وفيك إن فاز كعبٌ يوم بُردتِهِ

ففي غدٍ منك ألقى خيرَ مغتنمي

ومطلب الواردي المقري ريُّ ظماً

وهل سواك مغيثٌ في غدٍ لظمي

فخذ بديعَ مديحٍ في علاكَ حلا

عن حُسن مبتدئٍ في حُسن مختتم

ولادته ووفاته :

أطبقت المعاجم على أنّ المترجم الصفيّ ولد في ٥ ربيع الآخر سنة (٦٧٧) (١) وعلى أنّه توفّي ببغداد غير أنّ الخلاف في تاريخ وفاته بين سنة (٧٥٠ و ٧٥٢) فأرّخها بكلٍّ فريق وتردّد جمع بينهما ، والمصدر الوحيد ـ على ما أحسب ـ على القول الأوّل هو زين الدين طاهر بن حبيب ، وعلى الثاني هو الصفدي والله العالم.

كتب إلينا الدكتور مصطفى جواد البغدادي : إنّ الذي أرّخ صفيّ الدين الحلّي من بني حبيب الحلبيِّين هو بدر الدين حسن بن زين الدين عمر بن حبيب المتوفّى سنة (٧٧٩) ذكره في درّة الأسلاك في دولة الأتراك في وفيات سنة (٧٥٠) ، ولعلّه ذكره أيضاً في تاريخه الثاني تاريخ الملوك ، الذي أنهاه بسنة وفاته (٧٧٩) ، وقد ذيّل عليه ابنه زين الدين طاهر المتوفّى سنة (٨٠٨) ، ومن المعلوم أنّ وفاة صفيّ الدين الحلّي داخلة في تاريخ بدر الدين بن حبيب لا في ذيل ابنه ، ثمّ إنّ الوارد في الدرر الكامنة (٢) على وجهين هما : زين الدين بن حبيب في المتن ، وابن رجب في إحدى النسخ ، والثاني

__________________

(١) كتب إلينا الدكتور مصطفى جواد البغدادي ، أن ابن تغري بردى ذكر في كتابه المنهل الصافي والمستوفي بعد الوافي ، نقلاً عن تاريخ العلاّمة البرزالي أنَّه سأل المترجم له عن مولده فقال : في جمادى الآخرة سنة ثمان وسبعين وستمائة. (المؤلف)

(٢) الدرر الكامنة : ٢ / ٣٧١ رقم ٢٤٣٠.

٧٥

ممكن أن يكون صحيحاً ؛ لأنّ زين الدين بن رجب ترجم لعشرات أمثال صفيّ الدين الحلّي في مشيخته إن كانوا شيوخاً له ، وفي طبقات الحنابلة إن كانوا حنابلة.

وقد ترجم ابن قاضي شهبة صفيّ الدين الحلّي في ذيل تاريخ الذهبي ، ولم يقتصر الصفدي على ترجمته في الوافي بالوفيات بل ترجمه أيضاً في أعيان العصر وأعوان النصر ، ومن كلتا الترجمتين نقل ابن شاكر الكتبي في فوات الوفيات (١).

وكتب نجم الدين سعيد بن عبد الله الدهلي الحافظ المورّخ جزءاً لطيفاً في ترجمة صفيِّ الدين الحلّي ، ونقل منه ابن قاضي شهبة في ذيل تاريخ الذهبي المذكور ، وتوفّي في سنة وفاته (٧٤٩) وهي سنة الطاعون العامّة التي مات فيها كثير من الأعيان وغيرهم.

ومن شعر المترجم قوله وقد أجاب به قصيدة ابن المعتز العبّاسي التي مستهلّها :

ألا من لعينٍ وتسكابِها

تشكّى القذى وبكاها بها

ترامت بنا حادثاتُ الزمانِ

ترامي القسيِّ بنشّابِها

ويا رُبّ ألسنةٍ كالسيوفِ

تقطّعُ أرقابَ أصحابِها

ويقول فيها :

ونحن ورثنا ثيابَ النبيِ

فكم تجذبون بأهدابِها

لكم رحمٌ يا بني بنتِهِ

ولكن بنو العمّ أولى بها

ومنها :

قتلنا أُميّةَ في دارِها

ونحن أحقُّ بأسلابِها

إذا ما دنوتم تلقّيتمُ

زبوناً أقرّت بجلاّبِها

__________________

(١) فوات الوفيات : ٢ / ٣٣٥ ـ ٣٥٠ رقم ٢٨٦.

٧٦

فأجابه الصفيُّ المترجم بقوله :

ألا قل لشرِّ عبيدِ الإلهِ

وطاغي قريشٍ وكذّابِها

وباغي العبادِ وباغي العنادِ

وهاجي الكرامِ ومغتابِها

أأنت تُفاخرُ آلَ النبيِ

وتجحدُها فضلَ أحسابِها

بكم باهلَ المصطفى أم بهم

فردّ العداةَ بأوصابِها

أعنكم نفى الرجسَ أم عنهمُ

لطهر النفوسِ وألبابِها

أما الرجسُ والخمرُ من دابِكمْ

وفرطُ العبادةِ من دابِها

وقلتَ ورثنا ثيابَ النبيِ

فكم تجذبون بأهدابِها

وعندكَ لا يورثُ الأنبيا

فكيف حظيتم بأثوابِها

فكذّبت نفسَكَ في الحالتين

ولم تعلمِ الشهدَ من صابِها

أجدُّكَ يرضى بما قلتَهُ

وما كان يوماً بمرتابِها

وكان بصفِّينَ من حزبِهمْ

لحربِ الطغاةِ وأحزابِها

وقد شمَّر الموتُ عن ساقِه

وكشَّرتِ الحربُ عن نابِها

فأقبلَ يدعو إلى حيدرٍ

بإرغابها وبإرهابِها

وآثرَ أن ترتضيه الأنامُ

من الحكمينِ لأسبابِها

ليعطي الخلافَة أهلاً لها

فلم يرتضوه لإيجابِها

وصلّى مع الناسِ طولَ الحياةِ

وحيدر في صدر محرابِها

فهلاّ تقمّصها جدُّكم

إذا كان إذ ذاك أحرى بِها

إذا جعل الأمر شورى لهم

فهل كان من بعضِ أربابِها

أخامسَهم كان أم سادساً

وقد جليت بين خطّابِها

وقولك أنتم بنو بنتِهِ

ولكن بنو العمِّ أولى بِها

بنو البنتِ أيضاً بنو عمِّه

وذلك أدنى لأنسابِها

فدع في الخلافةِ فصلَ الخلافِ

فليست ذلولاً لركّابِها

٧٧

وما أنت والفحص عن شأنِها

وما قمّصوك بأثوابِها

وما ساورتْكَ سوى ساعةٍ

فما كنتَ أهلاً لأسبابِها

وكيف يخصّوك يوماً بها

ولم تتأدّبْ بآدابِها

وقلت بأنَّكمُ القاتلون

أُسود أُميّةَ في غابِها

كذبتَ وأسرفتَ فيما ادَّعيت

ولم تنهَ نفسَك عن عابِها

فكم حاولتْها سراةٌ لكمْ

فرُدّت على نكص أعقابِها

ولولا سيوفُ أبي مسلمٍ

لعزّتْ على جهد طلاّبِها

وذلك عبدٌ لهم لا لكم

رعى فيكمُ قربَ أنسابِها

وكنتم أسارى ببطنِ الحبوسِ

وقد شفّكم لثمُ أعتابِها

فأخرجَكمْ وحباكمْ بها

وقمّصكمْ فضلَ جلبابِها

فجازيتموهُ بشرِّ الجزاء

لطغوى النفوسِ وإعجابِها

فدع ذكرَ قومٍ رضوا بالكفافِ

وجاؤوا الخلافةَ من بابِها

هم الزاهدون هم العابدون

هم الساجدونَ بمحرابِها

هم الصائمون هم القائمون

هم العالمون بآدابِها

همُ قطبُ ملّةِ دينِ الإلهِ

ودورِ الرحى حول أقطابِها

عليك بلهوِكَ بالغانياتِ

وخلِّ المعالي لأصحابِها

ووصفِ العذارى وذاتِ الخمارِ

ونعتِ العقار بألقابِها

وشعرِك في مدحِ تركِ الصلاةِ

وسعي السقاة بأكوابِها

فذلك شأنك لا شأنُهمْ

وجري الجيادِ بأحسابِها (١)

__________________

(١) ديوان صفيّ الدين الحلّي : ص ٩٢.

٧٨

ـ ٦٩ ـ

الإمام الشيباني الشافعي

المولود (٧٠٣)

المتوفّى (٧٧٧)

سأحمدُ ربِّي طاعةً وتعبّدا

وأنظم عقداً في العقيدةِ أوحدا

أفادتكمُ النعماءَ منّي ثلاثةٌ

يدي ولساني والضميرَ محجَّبا

وأشهد أنَّ الله لا ربَّ غيرهُ

تعزّز قدماً بالبقا وتفرّدا

هو الأوّلُ المبدي بغيرِ بدايةٍ

وآخر من يبقى مقيماً مؤبَّداً

سميعٌ بصيرٌ عالمٌ متكلّمٌ

قديرٌ يعيدُ العالمينَ كما بدا

مريدٌ أراد الكائنات لوقتِها

قديمٌ فأنشا ما أرادَ وأوجدا

حياةٌ وعلمٌ قدرةٌ وإرادةٌ

كلامٌ وإبصارٌ وسمعٌ مع البقا

إلهٌ على عرشِ السماءِ قد استوى

وباينَ مخلوقاتِه وتوحّدا

فلا جهةٌ تحوي الإلهَ ولا لَه

مكانٌ تعالى عنهما وتمجّدا

إذ الكونُ مخلوقٌ وربِّيَ خالقٌ

لقد كان قبلَ العرشِ مولىً وسيِّدا

إلى أن قال بعد ذكر أُصول العقائد ومدح الخلفاء الثلاثة :

ولا تنس صهرَ المصطفى وابنَ عمِّهِ

فقد كان بحراً للعلوم مُسدَّدا

وأفدى رسولَ اللهِ حقّا بنفسه

عشيّةَ لمّا بالفراش توسَّدا

ومن كان مولاه النبيُّ فقد غدا

عليٌّ له بالحق مولىً ومنجدا

ولا تنس باقي صحبِه واهل بيته

وأنصاره والتابعين على الهدى

٧٩

فكلُّهمُ أثنى الإلهُ عليهمُ

وأثنى رسولُ اللهِ أيضاً وأكّدا

فلا تكُ عبداً رافضيّا فتعتدي

فويلٌ وويلٌ في الورى لمن اعتدى

فحبُّ جميعِ الآل والصحبِ مذهبي

غداً بهمُ أرجو النعيم المؤبدا

وتسكت عن حرب الصحابة فالذي

جرى بينهم كان اجتهاداً مجرّدا

وقد صحَّ في الأخبار أنَّ قتيلَهم

وقاتلَهم في جنّة الخلد خُلّدا

فهذا اعتقادُ الشافعيِّ إمامِنا

ومالك والنعمان أيضاً وأحمدا

ما يتبع الشعر

هذه الأبيات أخذناها من القصيدة الكبيرة الألفيّة المطبوعة للإمام أبي عبد الله محمد الشيباني الشافعي ذكرها له صاحب كشف الظنون (١) ، وشرحها جمع من أعلام الشافعيّة ، منهم :

١ ـ نجم الدين محمد بن عبد الله الأذرعي العجلوني الشافعي : المتوفّى (٨٧٦) ، فرغ من شرحه (١١) رجب سنة (٨٥٩) وسمّاه ببديع المعاني في شرح عقيدة الشيباني. وهو أوّل شرح أُلِّف عليها كما ذكره في أوّل الشرح. قال في (ص ٧٥) : أشار الناظم بقوله :

ومن كان مولاه النبيُّ فقد غدا

عليٌّ له بالحقِّ مولىً ومنجدا

إلى ما ورد في الحديث الصحيح : أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه». قال الشيخ محيي الدين النووي : معناه (٢) عند علماء هذا الشأن وعليهم الاعتماد في تحقيق هذا ونظائره ، من كنت ناصره ومولاه ومحبّه ومصافيه فعليٌّ كذلك.

__________________

(١) كشف الظنون : ٢ / ١٣٤٠.

(٢) قد عرفت معنى الحديث في المجلد الأول فلا يغرّنك بعدئذٍ أمثال هذه اللهجات. (المؤلف)

٨٠