الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٦

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٦

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٤

ولصدره تطأ الخيولُ وطالما

بسريره جبريلُ كان موكّلا

عُقرتْ أما علمت لأيِّ معظّمٍ

وطأتْ وصدرٍ غادرته مفصّلا

ولثغرِهِ يعلو القضيبُ وطالما

شرفاً له كان النبيُّ مُقبّلا

وبنوه في أسرِ الطغاةِ صوارخٌ

ولهاءُ معولةٌ تجاوبُ معولا

ونساؤه من حولِه يندبنَهُ

بأبي النساءَ النادبات الثكّلا

يندبنَ أكرمَ سيّدٍ من سادةٍ

هجروا القصورَ وآنسوا وحش الفلا

بأبي بدوراً في المدينة طُلّعاً

أمست بأرضِ الغاضريّةِ أُفّلا

آسادُ حربٍ لا يمسُّ عفاتَها

ضرُّ الطوى ونزيلها لن يخذلا (١)

من تلقَ منهم تلقَ غيثاً مُسبلاً

كرماً وإن قابلت ليثاً مُشبلا

نزحتْ بهم عن عقرِهمْ أيدي العدا

بأبي الفريقَ الظاعنَ المترحّلا

ساروا حثيثاً والمنايا حولَهمْ

تسري فلن يجدون عنها معزلا

ضاقت بهم أوطانُهمْ فتبيّنوا

شاطي الفراتِ عن المواطنِ موئلا

ظفرت بهم أيدي البغاةِ فلم أَخَلْ

وأبيك تقتنص البغاثُ الأَجدَلا (٢)

منعوهمُ ماءَ الفراتِ ودونَه

بسيوفِهمْ دمُهمْ يُراق مُحلّلا

هجرت رءوسُهمُ الجسومَ فواصلتْ

زرقَ الأسنّةِ والوشيجَ الذبّلا

يبكي أسيرُهمُ لفقدِ قتيلهمْ

أسفاً وكلٌّ في الحقيقةِ مبتلى

هذا يميلُ على اليمينِ مُعفرّا

بدمِ الوريدِ وذا يُساق مغلّلا

ومن العجائبِ أن تقاد أُسودها

أسراً وتفترسُ الكلابُ الأشبلا

لهفي لزينِ العابدين يُقاد في

ثقلِ الحديدِ مقيّداً ومكبّلا

متقلقلاً في قيدِهِ متثقِّلاً

متوجّعاً لمصابِهِ متوجّلا

أفدي الأسيرَ وليت خدِّي موطئاً

كانت له بين المحامل محملا

__________________

(١) العفاة : جمع عافٍ وهو الفقير.

(٢) البغاث : كلّ طائر ليس من جوارح الطير ، وقيل : طائر أبغث بطيء الطيران. الأجدل : الصقر.

٥٤١

أقسمتُ بالرحمنِ حلفةَ صادقٍ

لو لا الفراعنةُ الطواغيتُ الأُلى

ما بات قلبُ محمدٍ في سبطِهِ

قلقاً ولا قلبُ الوصيِّ مقلقلا

خانوا مواثيقَ النبيِّ وأجّجوا

نيرانَ حربٍ حرُّها لن يصطلى

يا صاحبَ الأعرافِ يُعرَضُ كلُ

مخلوقٍ عليه محقّقاً أو مبطلا

يا صاحبَ الحوضِ المباحِ لحزبِهِ

حلٌّ ويمنعُه العصاةَ الضلّلا

يا خيرَ من لبّى وطاف ومن سعى

ودعا وصلّى راكعاً وتنفّلا

ظفرت يدي منكمْ بقسم وافرٍ

سبحانَ من وهبَ العطاءَ وأجزلا (١)

شُغِلتْ بنو الدنيا بمدحِ ملوكهمْ

وأنا الذي بسواكمُ لن أُشغلا

وتردّدوا لوفادةٍ لكنَّهم

ردّوا وقد كسبوا على القيل القلا

ومنحتُكمْ مدحي فرحتُ خزانتي

بنفائسِ الحسناتِ مفعمةٌ مَلا

وأنا الغنيُّ بكم ولا فقرٌ ومن

ملك الغنى لسواكمُ لن يسألا

مولاي دونك من عليٍّ مدحةً

عربيّةَ الألفاظِ صادقةَ الولا

ليس النضارُ نظيرَها لكنّها

درٌّ تكاملَ نظمُه فتفصّلا

فاستجلها منِّي عروساً غادةً

بكراً لغيرِك حسنها لن يجتلى

فصداقها منك القبولُ فكن لها

يا ابن المكارمِ سامعاً متقبِّلا

وعليكمُ منِّي التحيّةُ ما دعا

داعي الفلاحِ إلى الصلاةِ مهلّلا

صلّى عليك اللهُ ما سحَّ الحيا

وتبسّمت لبكائِهِ ثغُر الكلا (٢)

القصيدة الخامسة

حلّت عليك عقودُ المُزنِ يا حللُ (٣)

وصافحتكَ أكفُّ الطلِّ يا طللُ

وحاكتِ الوِرقُ في أعلى غصونِك إذ

حاكت بك الودقَ جلباباً له مثلُ

__________________

(١) وفي نسخة : سبحان من قسم العطاء الأجزلا. (المؤلف)

(٢) إلى هنا من أولها توجد في أعيان الشيعة : ٨ / ١٩٢ ـ ١٩٣.

(٣) الحلل جمع الحلة وهي : المحلّة ، المجلس والمجتمع. (المؤلف)

٥٤٢

يزهو على الربعِ من أنواره لمعٌ

ويشمل الربع من نوّاره حللُ

وافترَّ في ثغرِكَ المأنوسِ مبتسماً

ثغرُ الأقاح وحيّاك الحيا الهطلُ

ولا انثنت فيك بانات اللوى طرباً

إلاّ وللوِرقِ في أوراقها زَجَلُ

وقارن السعد يا سعدى وما حجبت

عن الجآذر فيك الحجب والكللُ

يروق طرفي بروقٌ منك لامعةٌ

تحت السحابِ وجنحُ الليلِ منسدلُ

يذكي من الشوقِ في قلبي لهيب جوىً

كأنَّما لمعُها في ناظري شُعلُ

فإن تضوّعَ من أعلى رباك لنا

ريّاك والروضُ مطلولٌ به خضِلُ

فهو الدواءُ لأدواءٍ مبرِّحةٍ

نعلُّ منها إذا أودت بنا العللُ

أقسمتُ يا وطني لم يهنني وطري

مذ بان عنِّي منك البانُ والأثلُ

لي بالربوعِ فؤادٌ منك مرتبعٌ

وفي الرواجلِ جسمٌ عنك مرتحلُ

لا تحسبنَّ الليالي حدّثت خلدي

بحادثٍ فهو عن ذكراك مشتغلُ

لا كنت إن قادني عن قاطنيك هوىً

أو مال بي مَلل أو حال بي حوَلُ

أنّى ولي فيك بين السربِ جاريةٌ

مقيدي في هواها الشكل والشكلُ (١)

غرّاءُ ساحرةُ الألحاظِ مانعةُ ال

ألفاظ مائسةٌ في مشيها ميلُ

في قدِّها هيفٌ في خصرها نحفٌ

في خدِّها صَلفٌ في ردفها ثقلُ (٢)

يرنّح الدلّ عطفيها إذا خطرتْ

كما ترنّح سكراً شاربٌ ثَملُ

تُريك حولَ بياضٍ حمرةً ذهبتْ

بنضرتي في الهوى خدٌّ لها صقلُ

ما خلتُ من قبلِ فتكٍ من لواحظِها

أن تَقتُل الأُسدَ في غاباتِها المقلُ

عهدي بها حينَ ريعانِ الشبيبةِ لم

يرعه شيبٌ وعيشي ناعمٌ خَضِلُ

وليلُ فوديَ ما لاح الصباحُ به

والدار جامعةٌ والشمل مشتملُ

__________________

(١) وفي نسخة : مقيدي في هواها الشكل لا الشكل. (المؤلف) الشكل ـ بفتح المعجمة ـ : الصورة. وبالفتح والكسر : دلال المرأة وغنجها. (المؤلف)

(٢) وفي نسخة : في طرفها كحل. (المؤلف)

٥٤٣

وربع لهويَ مأنوسٌ جوانبُه

تروق فيه ليَ الغزلان والغَزَلُ

حتى إذا خالط الليلُ الصباحَ وأض

ـحى الرأسُ وهو بشهبِ الشيبِ مشتعلُ

وخطَّ وخط مشيبي في صحيفتِهِ

لي أحرفاً ليس معنى شكلِها شكلُ

مالت إلى الهجرِ من بعدِ الوصالِ و

عهدُ الغانياتِ كفيء الظلِّ منتقلُ

من معشرٍ عدلوا عن عهدِ حيدرةٍ

وقابلوه بعدوانٍ وما قبلوا

وبدّلوا قولَهمْ يومَ الغديرِ له

غدراً وما عدلوا في الحبّ بل عدلوا

حتى إذا فيهمُ الهادي البشيرُ قضى

وما تهيّا له لحدٌ ولا غسلُ

مالوا إليه سراعاً والوصيُّ برز

ء المصطفى عنهمُ لاهٍ ومشتغلُ

وقلّدوها عتيقاً لا أبا لهم

أنّى تسودُ أُسودَ الغابةِ الهمَلُ

وخاطبوه أميرَ المؤمنين وقد

تيقّنوا أنّه في ذاك منتحلُ

وأجمعوا الأمرَ فيما بينهمْ وغوتْ

لهم أمانيّهم والجهلُ والأملُ

أن يحرقوا منزلَ الزهراءِ فاطمةٍ

فيا له حادثٌ مستصعبٌ جللُ

بيتٌ به خمسةٌ جبريلُ سادسُهمْ

من غيرِ ما سببٍ بالنارِ يشتعلُ

وأُخرِجَ المرتضى عن عقرِ منزلِهِ

بين الأراذل محتفٌّ بهم وَكلُ

يا للرجالِ لدينٍ قلَّ ناصرُه

ودولةٍ ملكتْ أملاكَها السفلُ

أضحى أجيرُ ابنِ جدعانٍ له خلفاً

برتبةِ الوحيِ مقرونٌ ومتّصلُ

فأين أخلافُ تيمٍ والخلافة وال

ـحكمُ الربوبيُّ لو لا معشر جهلوا

ولا فخارٌ ولا زهدٌ ولا ورعٌ

ولا وقارٌ ولا علمٌ ولا عملُ

وقال : منها أقيلوني فلست إذاً

بخيرِكمْ وهو مسرورٌ بها جذلُ

وفضّها وهو منها المستقيلُ على

الثاني ففي أيِّ قولٍ يصدق الرجلُ

ثمّ اقتفتها عديٌّ من عداوتِها

وافتضّ من فضّها العدوانُ والجدلُ

أضحى يسير بها عن قصدِ سيرتِها

فلم يسدَّ لها من حادثٍ خللُ

وأجمع الشور في الشورى فقلّدها

أُميّةً وكذا الأحقادُ تنتقلُ

٥٤٤

تداولوها على ظلمٍ وأرّثها

بعضٌ لبعضٍ فبئس الحكمُ والدولُ

وصاحبُ الأمرِ والمنصوصُ فيه بإذ

ن اللهِ عن حكمِهِ ناءٍ ومعتزلُ

أخو الرسولِ وخيرُ الأوصياءِ ومن

بزهده في البرايا يُضرَبُ المثلُ

وأقدمُ القومِ في الإسلام سابقةً

والناس باللاّتِ والعزى لهم شُغُلُ

ورافعُ الحقِّ بعد الخفضِ حين قنا

ةُ الدينِ واهيةٌ في نصبها مَيلُ

الأروعُ الماجدُ المقدامُ إذ نكصوا

والليثُ ليثُ الشرى والفارسُ البطلُ

من لم يعشْ في غواةِ الجاهلينَ ذوي

غيٍّ ولا مقتدى آرائه هَبلُ

عافوه وهو أعفُّ الناسِ دونهمُ

طفلاً وأعلى محلاّ وهو مكتهلُ

وإنّه لم يزل حلماً ومكرمةً

يقابلُ الذنبَ بالحسنى ويحتملُ

حتى قضى وهو مظلومٌ وقد ظُلم ال

حسينُ من بعدِهِ والظلمُ متّصلُ

من بعد ما وعدوه النصرَ واختلفت

إليه بالكتبِ تسعى منهمُ الرسلُ

فليته كفَّ كفّا عن رعايتِهمْ

يوماً ولا قرّبته منهمُ الإبلُ

قومٌ بهم نافقٌ سوقُ النفاقِ ومن

طباعِهمُ يُستمَدُّ الغدرُ والدخلُ

تالله ما وصلوا يوماً قرابتَه

لكن إليه بما قد ساءه وصلوا

وحرّموا دونه ماءَ الفراتِ ولل

كلابِ من سعةٍ في وردها عللُ

وبيّتوه وقد ضاقَ الفسيحُ به

منهم على موعدٍ من دونِهِ العطلُ

حتى إذا الحربُ فيهم من غدٍ كشفتْ

عن ساقِها وذكا من وقدِها شعلُ

تبادرت فتيةٌ من دونِه غررٌ

شمُّ العرانينِ ما مالوا ولا نكلوا

كأنّما يُجتنى حلواً لأنفسهم

دون المنون من العسّالة العسلُ

تسربلوا في متونِ السابقات دلا

ص السابغات وللخطّيّة اعتقلوا (١)

وطلّقوا دونه الدنيا الدنيّة وار

تاحوا إلى جنّة الفردوس وارتحلوا

__________________

(١) دلاص السابغات : اي الدروع الملساء اللينة ذات البريق.

٥٤٥

تراءت الحورُ في أعلى الجنانِ لهم

كشفاً فهان عليهم فيه ما بذلوا

سالت على البيضِ منهم أنفسٌ طهرت

نفيسةٌ فعلَوا قدراً بما فعلوا

إن يُقتلوا طالما في كلِّ معركةٍ

قد قاتلوا ولَكَم من مارقِ قتلوا

لهفي لسبطِ رسولِ اللهِ منفرداً

بين الطغاةِ وقد ضاقت به السُّبلُ

يلقى العداةَ بقلبٍ لا يُخامره

رهبٌ ولا راعه جبنٌ ولا فشلُ

كأنّه كلّما مرّ الجوادُ به

سيلٌ تمكّن في أمواجِه جبلُ

ألقى الحسام عليهم راكعاً فهوت

بالترب ساجدةً من وقعه القللُ

قدّت نعالاتُهُ هاماتِهمْ فبها

أخدى الجواد فأمسى وهو منتعلُ

وقد رواه حميدٌ نجلُ مسلم ذو ال

قولِ الصدوقِ وصدقُ القولِ ممتثلُ

إذ قال لم أرَ مكثوراً عشيرتُه

صرعى فمنعفرٌ منهم ومُنجدلُ

يوماً بأربطَ جاشاً من حسينِ وقد

حفّت به البيضُ واحتاطت به الأسَلُ

كأنّما قَسْورٌ ألقى على حُمرٍ

عطفاً فخامرها من بأسه ذَهلُ

أو أجدلٌ مرَّ في سربٍ فغادره

شطراً خموداً وشطرٌ خيفةً وجلُ

حتى إذا آن ما إن لا مردَّ له

وحان عند انقضاءِ المدّةِ الأجلُ

أَرْدَوه كالطودِ عن ظهرِ الجوادِ حمي

ـدَ الذكرِ ما راعه ذلٌّ ولا فشلُ

لهفي وقد راح ينعاه الجوادُ إلى

خبائِهِ وبه من أسهمٍ قَزلُ (١)

لهفي لزينبَ تسعى نحوه ولها

قلبٌ تزايد فيه الوجدُ والوجلُ

فمذ رأته سليباً للشمال على

معنى شمائله من نسجها سملُ

هوت مُقبِّلةً منه المحاسن وال

ـحسينُ عنها بكربِ الموتِ مشتغلُ

تُدافعُ الشمرَ عنه باليمين وبا

لشمال تسترُ وجهاً شأنهُ الخجلُ

تقولُ يا شمرُ لا تعجلْ عليه ففي

قتلِ ابنِ فاطمةٍ لا يُحمد العَجَلُ

__________________

(١) قزل قزلاناً وقزلاً : وثب ومشى مشية العرجان. القزل ـ محرّكة ـ : أسوأ العرج. (المؤلف)

٥٤٦

أليس ذا ابنَ عليٍّ والبتولِ ومن

بجدِّه خُتِمتْ في الأُمّة الرسلُ

هذا الإمامُ الذي يُنمى إلى شرفٍ

ذريّةٌ لا يُداني مجدَها زحلُ

إيّاك من زلّة تصلى بها أبداً

نارَ الجحيمِ وقد يردي الفتى الزللُ

أبى الشقيُّ لها إلاّ الخلافَ وهل

يجدي عتابٌ لأهل الكفرِ إن عُذلوا

ومرَّ يحتزُّ رأساً طالما لرسو

لِ الله مرتشفاً في ثغره قُبَلُ

حتى إذا عاينت منه الكريم على

لدنٍ يميل به طوراً ويعتدلُ

ألقت لفرطِ الأسى منها البنانَ على

قلبٍ تقلّب فيه الحزنُ والثكلُ

تقول يا واحداً كنّا نؤمِّله

دهراً فخاب رجانا فيه والأملُ

ويا هلالاً علا في سعدِهِ شرفاً

وغاب في التربِ عنّا وهو مكتملُ

أخي لقد كنت شمساً يُستضاء بها

فحلّ في وجهها من دوننا الطفلُ

وركن مجدٍ تداعى من قواعده

والمجد منهدمُ البنيان منتقلُ

وطرف سبق يفوت الطرفَ سرعتُه (١)

مذ أدرك المجدَ أمسى وهو معتقلُ

ما خلت من قبل ما أمسيت مرتهناً

بين اللئامِ وسدّت دونك السبلُ

أن يوغل البوم في البازيِّ إن ظفرت

ظفراً ولا أسداً يغتاله حملُ (٢)

كلاّ ولا خلت بحراً مات من ظمأ

ومنه رَيٌّ إلى العافين متّصلُ

فليت عينَكَ بعد الحجبِ تنظرنا

أسرى تجاذبَنا الأشرارُ والسفلُ

يسيّرونا على الأقتابِ عاريةً

وزاجرُ العيسِ لا رفقٌ ولا مَهلُ

فليت لم ترَ كوفاناً ولا وخدت

بنا إلى ابن زياد الأينق الذللُ (٣)

إيهاً على حسرةٍ في كلِّ جانحةٍ

ما عشت جائحة تعلو لها شعلُ

أيُقتلُ السبطُ ظمآناً ومن دمِهِ

تروى الصوارمُ والخطيّةُ الذبلُ

__________________

(١) الطرف : الكريم الطرفين من الناس والخيل. (المؤلف)

(٢) الحمل : الخروف أو الجذع من أولاد الضأن والجمع الحملان وأحمال. (المؤلف)

(٣) الوخد : ضرب من سير الإبل.

٥٤٧

ويسكن التربَ لا غسلٌ ولا كفنٌ

لكن له من نجيعِ النحرِ مغتسلُ

وتستباحُ بأرضِ الطفِّ نسوتُه

ودون نسوةِ حربٍ تُضرَبُ الكِللُ

بالله أُقسم والهادي البشيرِ وبيت

الله طاف به حافٍ ومنتعلُ

لو لا الأُلى نقضوا عهد الوصيِّ وما

جاءت به قدماً في ظلمِها الأُولُ

لم يُغلِ قوماً على أبناء حيدرة

من الموارد ما تروى به الغللُ

يا صاح طف بي إذا جئت الطفوفَ على

تلك المعالمِ والآثارِ يا رجلُ

وابك البدورَ التي في الترب آفلةً

بعد الكمالِ تغشّى نورَها الظللُ

وابك الشفاه التي لم تروَ من عطشٍ

لكن عليهنّ من سيل الدما بللُ

يا آلَ أحمدَ يا سفنَ النجاةِ ومن

عليهمُ بعد ربِّ العرش أتّكلُ

وحقِّكم ما بدا شهر المحرّم لي

إلاّ ولي ناظرٌ بالسهد مكتحلُ

ولا استهلَّ بنا إلاّ استهلّ من ال

أجفان لي مدمعٌ في الخدِّ منهملُ

حُزناً لكم ومواساةً وليس لمم

ـلوكٍ بدمعٍ على ملاّكه بُخلُ

فإن يكن فاتكم نصري فلي مِدَحٌ

بمجدكم أبداً ما عشت تتّصلُ

عرائسٌ حدت الحادون من طربٍ

بها تُعرّس أحياناً وترتحلُ

فدونكم من عليٍّ عبدِ عبدِكمُ

فريدةً طاب منها المدحُ والغزلُ

رقّت فراقتْ معانيها الحسانُ فلا

يُماثلُ الطولَ منها السبعة الطولُ

أعددتها جُنّةً من حرِّ نار لظىً

أرجو بها جنّةً أنهارُها عسلُ

صلّى الإله عليكم ما شدتْ طرباً

وِرْقٌ على وَرَقٍ والليلُ منسدلُ (١)

القصيدة السادسة

عسى موعدٌ إن صحَّ منك قبولُ

تؤدِّيه إن عزَّ الرسول قبولُ

فربّ صباً تهدي إليَّ رسالةً

لها منك إن عزَّ الوصولُ وصولُ

__________________

(١) أعيان الشيعة : ٨ / ١٩٦.

٥٤٨

تطاول عمرُ العتبِ يا عتبُ بيننا

وليس إلى ما نرتجيه سبيلُ

أفي كلِّ يومٍ للعتاب رسائلٌ

مجدّدةٌ ما بيننا ورسولُ

رسائلُ عتبٍ لا يُردّ جوابُها

ونفثُ صدورٍ في السطور يطولُ

يدلُّ عليها من وسائلِ سائلٍ

خضوعٌ ومن شكوى الفصال فصولُ

عسى مُسمَعٌ يصغي إلى قول مُسمِعٍ

فيعطف قاسٍ أو يرقّ ملولُ

وأعجبُ شيءٍ أن أراكِ غريّةً

بهجري وللواشي عليَّ قبولُ

سجيّة نفسي بالوعود مع القلى

وكلُّ سخيٍّ بالوعودِ بخيلُ

عذرتُكِ إن ميّلتِ أو مِلتِ أنّني

أخالك غصناً والغصونُ تميلُ

وما لظباءِ السربِ خلقُكِ إنّما

لخلقِكِ منها في العدولِ عدولُ

وقد كنت أبكي والديارُ أنيسةٌ

وما ظعنتْ للظاعنين قفولُ

فكيف وقد شطَّ المزار وروّعت

فريقَ التداني فُرقةٌ ورحيلُ

إذا غبتمُ عن ربعِ حلّةِ بابلٍ

فلا سحبت للسحب فيه ذيولُ

ولا ابتسمت للثغر فيه مباسمٌ

ولا ابتهجت للطلِّ فيه طُلولُ

ولا هبَّ معتلُّ النسيمِ ولا سرت

بليلٍ على تلك الربوع بَليلُ

ولا صدرت عنها السوام ولا غدا

بها راتعاً بين الفصولِ فصيلُ

ولا برزت في حُلّةٍ سُندسيّةٍ

لذات هديرٍ في الغصونِ هديلُ (١)

وما النفعُ فيها وهي غيرُ أواهلٍ

ومعهدُها ممّن عهدتِ مَحيلُ

تنكّر منها عرفُها فأُهيلُها

غريبٌ وفيها الأجنبيُّ أهيلُ

رعى الله أياماً بظلّ جنابها

ونحن بشرقيِّ الأثيلِ نزولُ

لياليَ لا عودُ الربيعِ يُجِفُّه

ذُبولٌ ولا عودُ الربوعِ هزيلُ

بها كنت أصبو والصبا ليَ مسعدٌ

وصعبُ الهوى سهلٌ لديَّ ذلولُ

__________________

(١) هدر الحمام : قرقر وكرّر صوته في حنجرته. الهديل : صوت الحمام. (المؤلف)

٥٤٩

وإذ نحن لا طرفُ الوعودِ عن اللقا

بطيّ ولا طرفُ السعودِ كليلُ

نبيتُ ولا غيرُ العفاف شعارُنا

وللأمنِ من واشٍ عليَّ شمولُ

كروحينِ في جسمٍ أقاما على الوفا

عفافاً وأبناءُ العفافِ قليلُ

إلى أن تداعى بالفراقِ فريقُكمْ

ولمَّ بكم حادٍ وأمَّ دليلُ

تقاضى الهوى منِّي فما لضلاله

مَقيلٌ ولا ممّا جناهُ مُقيلُ

فحسبيَ إذ شطّت بكم غربةُ النوى

علاجُ نحولٍ لا يكاد يحولُ

أروم بمعتلِّ الصبا برء علّتي

وأعجبُ ما يشفي العليلَ عليلُ

لعلَّ الصبا إن شطّتِ الدارُ أودنا

مثالُكمُ أو عزَّ منك مثيلُ

أُحيّي الحيا إن شطَّ من صوبِ أرضِكمْ

بناديه من لمعِ البروقِ زميلُ

تمرُّ بنا في الليل وهناً بريّها

يُبَلُ (١) غليلٌ أو يَبَلُ (٢) عليلُ

سرى وبريقُ الثغرِ وهناً كأنّما

لديَّ بريقُ الثغرِ منك بديلُ

وأنشا شمال الغور لي منك نشوةً

عساه لمعتلِّ الشمالِ شَمولُ (٣)

أمتّهمٌ قلبي من البينِ سلوةً

ومُتهِمةٌ (٤) في الركب ليس تؤولُ

أغرّك أنِّي ساترٌ عنكِ لوعةً

لها ألمٌ بين الضلوعِ دخيلُ

فلا تحسبي أنّي تناسيتُ عهدَكمْ

ولكنّ صبري يا أُمَيمُ جميلُ

ثقي بخليلٍ لا يغادرُ خلَّهُ

بغدرٍ ولا يثنيه عنك عذولُ

جميلُ خلالٍ لا يُراع خليلُه

إذا ريعَ في جنبِ الخليلِ خليلُ

خليقٌ بأفعالِ الجميلِ خلاقُه

وكلُّ خليقٍ بالجميلِ جميلُ

يزين مقالَ الصدق منه فعالُهُ

وما كلُّ قوّالٍ لديكِ فعولُ

__________________

(١) البلة : الندوة. (المؤلف)

(٢) بل من مرضه : برأ. (المؤلف)

(٣) الشمول : الخمر أو الباردة منها. (المؤلف)

(٤) من أتهم أي أتى تهامة أو نزل فيها. (المؤلف)

٥٥٠

غضيضٌ إذا البيضُ الحسانُ تأوّدتْ

لهنّ قدودٌ في الغلائلِ ميلُ

ففي الطرف دون القاصراتِ تقاصرٌ

وفي الكفِّ من طَولِ المكارم طُولُ

أما وعفافٍ لا يدنِّسه الخنا

وسرِّ عتابٍ لم يُزله مزيلُ

لأنتِ لقلبي حيث كنتِ مسرّةٌ

وأكرمُ مسؤولٍ لديَّ سؤولُ

يقصّر آمالي صدودُك والقِلى

وينشرُها منك الرجا فتطولُ

وتعلق آمالي غروراً بقربِكمْ

كما غُرَّ يوماً بالطفوفِ قتيلُ

قتيلٌ بكت حزناً عليه سماؤها

وصبَّ لها دمعٌ عليه همولُ

وزلزلت الأرضُ البسيطُ لفقدِهِ

وريعَ له حزنٌ بها وسهولُ

أأنسى حسيناً للسهامِ رميّةً

وخيلُ العدى بغياً عليه تجولُ

أأنساه إذ ضاقت به الأرضُ مذهباً

يشير إلى أنصارِه ويقولُ

أُعيذكمُ باللهِ أن ترِدوا الردى

ويطمعَ في نفسِ العزيزِ ذليلُ

ألا فاذهبوا فالليلُ قد مدَّ سجفَهُ

وقد وضحتْ للسالكين سبيلُ

فثابَ إليه قائلاً كلُّ أقيلٍ

نمته إلى أزكى الفروعِ أصولُ

يقولون والسمرُ اللدانُ شوارعٌ

وللبيضِ من وقعِ الصفاحِ صليلُ

أنُسلم مولانا وحيداً إلى العدى

وتسلمُ فتيانٌ لنا وكهولُ

ونعدل خوفَ الموت عن منهج الهدى

وأين عن العدل الكريم عدولُ

نودُّ بأن نبلى ونُنشَرَ للبلى

مراراً ولسنا عن علاكَ نحولُ

وثاروا لأخذِ الثارِ قدماً كأنّهم

أُسودٌ لها بين العرين شبولُ

مغاويرُ عرسٍ عرسُها يومَ غارةٍ

لها الخطُّ في يومِ الكريهةِ غيلُ

حماةٌ إذا ما خيف للثغرِ جانبٌ

كماةٌ على قبِّ الفحول فحولُ (١)

ليوثٌ لها في الدارعين وقائعٌ

غيوثٌ لها للسائلين سيولُ

__________________

(١) قبّ الأسد والفحل : إذا سمعت قعقعة أنيابه ، كنّى بها عن شدة البأس.

٥٥١

أدلّتُها في الليلِ أضواءُ نورِها

وفي النقعِ أضواءُ السيوف دليلُ

يؤمُّ بها قصدَ المغالب أغلبٌ

فروسٌ لأشلاءِ الكماةِ أكولُ

له الخطُّ كوبٌ والجماجمُ أكؤسٌ

لديه وآذيُّ الدماءِ شمولُ (١)

يرى الموتَ لا يخشاهُ والنبلُ واقعٌ

ولا يختشي وقعَ النبالِ نبيلُ

صئولٌ إذا كرَّ الكميُّ مناجزٌ

بليغُ إذا فاه البليغُ قؤولُ

له من عليٍّ في الخطوبِ شجاعةٌ

ومن أحمدٍ عند الخطابة قيلُ

إذا شمختْ في ذروةِ المجدِ هاشمٌ

فعمّاه منها جعفرٌ وعقيلُ

كفاه علوّا في البريّةِ أنّه

لأحمدَ والطهرِ البتولِ سليلُ

فما كلُّ جدٍّ في الرجالِ محمدٌ

ولا كلُّ أُمٍّ في النساءِ بتولُ

حسينٌ أخو المجدِ المنيفِ ومن له

فخارٌ إذا عُدَّ الفخارُ أثيلُ

أرى الموتَ عذباً في لهاك وصابُهُ

لغيرك مكروه المذاق وبيلُ

فما مرَّ ذو باس إلى مرِّ باسِهِ

على مهلٍ إلاّ وأنت عجولُ

كأنّ الأعاديَ حين صُلْتَ مبارزاً

كثيبٌ ذرته الريحُ وهو مهيلُ

وما نهل الخطيُّ منك ولا الظبا

ولا علَّ إلاّ وهو منك عليلُ

بنفسي وأهلي عافرَ الخطِّ حولَهُ

لدى الطفِّ من آل الرسولِ قبيلُ

كأنّ حسيناً فيهمُ بدرُ هالةٍ

كواكبُها حول السماكِ حلولُ

قضى ظامياً والماءُ طامٍ تصدّه

شرارُ الورى عن وردِهِ ونغولُ

وحُزَّ وريدُ السبطِ دون ورودِهِ

وغالته من أيدي الحوادثِ غولُ

وآب جواد السبط يهتف ناعياً

وقد ملأ البيداء منه صهيلُ

فلمّا سمعنَ الطاهراتُ نعيّه

لراكبه والسرجُ منه يميلُ

برزن سليباتِ الحليِّ نوادباً

لهنَّ على الندبِ الكريمِ عويلُ

__________________

(١) الآذيّ : الموج.

٥٥٢

بنفسيَ أُختَ السبطِ تعلنُ ندبَها

على ندبِها محزونةً وتقولُ

أخي يا هلالاً غابَ بعد طلوعِهِ

وحاق به عند الكمالِ أُفولُ

أخي كنت شمساً يكسفُ الشمسَ نورُها

ويخسأ عنها الطرفُ وهو كليلُ

وغصناً يروق الناظرين نضارةً

تغشّاه بعد الإخضرار ذبولُ

وربعاً يميرُ الوافدين ربيعُه

تعاهده غبَّ العهادِ مُحولُ (١)

وعضباً رماه الدهر في دار غربةٍ

وفي غربه للمرهفات (٢) فلولُ

وضرغام غيل غيلَ من دونِ عرسِهِ

ومخلبُه ماضي الغرارِ (٣) صقيلُ

فلم أر دون الخدر قبلك خادراً

له بين أشراكِ الضباعِ حصولُ

أصبت فلا ثوب المآثر صَيّبٌ

ولا في ظلال المكرمات مقيلُ

ولا الجودُ موجودٌ ولا ذو حميّةٍ

سواك فيحمى في حماه نزيلُ

ولا صافحت منك الصفاحُ محاسناً

ولا كاد حسن الحال منك يحولُ

ولا تربت منك الترائبُ في البلا

ولا غالها في القبرِ منك مغيلُ

لتنظرنا من بعد عزٍّ ومنعةٍ

تلوح علينا ذلّةٌ وخمولُ

تعالج سلبَ الحلي عنّا علوجُها

وتحكم فينا أعبدٌ ونغولُ

وتبتزُّ أهلُ اللبسِ عنّا لباسَنا

وتُنزعُ أقراطٌ لنا وحجولُ

ترى أوجهاً قد غاب عنها وجيهُها

وأعوزَها بعد الكفاةِ كفيلُ

سوافرُ بين السفرِ في مهمهِ الفلا

لنا كلَّ يومٍ رحلةٌ ونزولُ

تزيد خفوقاً يا ابن أُمّ قلوبُنا

إذا خفقتْ للظالمين طبولُ

فيا لكِ عيناً لا تجفُّ دموعُها

وناراً لها بين الضلوعِ دخيلُ

__________________

(١) يمير الوافدين : يمدّهم بالطعام.

(٢) العضب : السيف القاطع ، والرجل الحديد الكلام. الغرب : الحدّة. المرهف : المحدّد المرقّق الحدّ. (المؤلف)

(٣) الغرار : حدّ السيف. (المؤلف)

٥٥٣

أيُقتلُ ظمآناً حسينٌ وجدُّه

إلى الناسِ من ربِّ العباد رسولُ

ويُمنَعُ شربَ الماءِ والسربُ آمنٌ

على الشربِ منها صادرٌ ونهولُ

وآلُ رسولِ اللهِ في دار غربةٍ

وآلُ زيادٍ في القصورِ نزولُ

وآلُ عليٍّ في القيودِ شواحبٌ

إذا أنّ مأسورٌ بكته ثكولُ

وآلُ أبي سفيان في عزِّ دولةٍ

تسير بهم تحت البنود خيولُ

مصابٌ أُصيب الدينُ منه بفادحٍ

تكادُ له شمُّ الجبالِ تزولُ

عليك ابنَ خيرِ المرسلينَ تأسّفي

وحزني وإن طال الزمانُ طويلُ

جللتَ فجلّ الرزءُ فيك على الورى

كذا كلُّ رزءٍ للجليلِ جليلُ

فليس بمُجدٍ فيك وجدي ولا البكا

مفيدٌ ولا الصبرُ الجميلُ جميلُ

إذا خفّ حزنُ الثاكلاتِ لسلوةٍ

فحزني على مرِّ الدهورِ ثقيلُ

وإن سَئِمَ الباكون فيك بكاءَهم

ملالاً فإنِّي للبكاء مُطيلُ

فما خفَّ من حزني عليك تأسّفي

ولا جفَّ من دمعي عليك مسيلُ

وينكر دمعي فيك من باتَ قلبُهُ

خليّا وما دمعُ الخليِّ هطولُ

وما هيَ إلاّ فيك نفسٌ نفيسةٌ

يحلّلها حَرُّ الأسى فتسيلُ

تباينَ فيك القائلون فمعجبٌ

كثيرٌ وذو حزنٍ عليكَ قليلُ

فأجرُ بني الدنيا عليك لشأنِهمْ

دنيٌّ وأجرُ المخلَصين جزيلُ

فإن فاتني إدراكُ يومِك سيّدي

وأخّرني عن نصرِ جيلِكَ جيلُ

فلي فيك أبكارٌ لوفقِ جناسِها

أصولُ بها للشامتين نُصولُ

لها رقّةُ المحزونِ فيك وخطبُها

جسيمٌ على أهلِ النفاق مَهولُ

يهيمُ بها سرُّ الوليِّ مسرّةً

وينصب منها ناصبٌ وجهولُ

لها في قلوبِ الملحدين عواسلٌ

ووقعُ نصولٍ ما لهنَّ نصولُ

بها من عليٍّ في علاكَ مناقبٌ

يقوم عليها في الكتابِ دليلُ

ينمُّ عن الأعرافِ طيِّبُ عَرفِها

فتعلقُها للعاقلين عقولُ

٥٥٤

إذا نطقتْ آيُ الكتابِ بفضلِكمْ

فما ذا عسى فيما أقول أقولُ

لساني على التقصيرِ في شرحِ وصفِكمْ

قصيرٌ وشرحُ الاعتذارِ طويلُ

عليكم سلامُ اللهِ ما اتّضح الضحى

وما عاقبت شمسَ الأصيلِ أُفولُ (١)

وذكر له العلاّمة السيّد أحمد العطّار في الجزء الثاني من موسوعته الموسومة بالرائق ، وقال : قد قالها في مرض موته ، قوله :

آن الرحيلُ وحقَّ فينا ما ترى

وسرتْ لقطعِ مفازةِ البين البرى

وظعنتُ عمّن ودَّ يوم ترحّلي

لو أنّها بالروحِ لي عوضٌ تُرى

ونقلتُ من سعةِ القصورِ وروحِها

فرداً إلى ظلماتِ أطباقِ الثرى

وتصرّمتْ أيّامُنا فكأنّها

كانت وكنّا طيفَ أحلامِ الكرى

ومروعةٌ بالبينِ كاد فؤادُها

من هولِ يوم البين أن يتفطّرا

وتقول إذ آن الرحيلُ ودمعُها

قد خطَّ في الخدِ المخدّد أسطرا

يا نازلاً بحشاشتي ومخلّفي

عرَضَ المخافةِ والمجاعةِ والعرا

فإلى من الملجا سواك لنا إذا

شطّت صروفُ الدهرِ أو خطبٌ عرا

فأجبتُها والعينُ كوبُ فراقِها

تهمي على خدِّي نجيعاً أحمرا

أنتم وديعةُ ذي الجلالِ كما غدا

شخصي وديعةَ حيدرٍ خيرِ الورى

يا مونسي في وحدتي إذ عاينتْ

عيني نكيراً في اللحودِ ومنكرا

أنا واثقٌ بك لا أرى شخصيهما

إلاّ بشيراً سائلي ومبشّرا

فبحقِّ قوم ائتمنتَهمُ على

مكنونِ سرِّك عارفاً ومخبّرا

إلاّ غفرتَ ذنوبَ عبدٍ نازلٍ

بفناءِ من ألزمتَ طاعتَه الورى

لا زاهدٍ ورعٍ ولا متجنّبٍ

إثماً ولا يوماً بعسرٍ أيسرا

__________________

(١) أعيان الشيعة : ٨ / ١٩٤.

٥٥٥

لكن يدي علقت بحبلِ ولاكمُ

ثقةً بكم ولنا بذلك مفخرا (١)

يا ناصرَ الإسلامِ حين تأوّدتْ

منه الدعائمُ فاستقامَ بلا مرا

ومذلَّ عزِّ الكفرِ بعد حميّةٍ

خشناءَ عاليةِ الجوانبِ والذرى

الله في عبدٍ أتاك مجاوراً

متحصّناً بولائِكمْ متستّرا

إنّي أتيتُكَ وافداً ومجاوراً

ولكلِّ جارٍ وافدٍ حقُّ القِرى

انتهى الجزء السادس من كتاب الغدير

ويليه السابع إن شاء الله

وما توفيقي إلاّ بالله عليه توكّلت وإليه انيب

__________________

(١) كذا.

٥٥٦

محتويات الكتاب

شعراء الغدير في القرن الثامن

٩ ـ ٥٥٦

أبو محمد بن داود الحلي............................................. ١١ ـ ١٧

الشاعر.................................................................. ١٤

تأليفه القيّمة.............................................................. ١٦

جمال الدين الخلعي.................................................. ١٩ ـ ٣١

الشاعر.................................................................. ٢٢

لفت نظر................................................................ ٣١

السريجي الاوالي...................................................... ٣٣ ـ ٥٨

مايتبع الشعر............................................................. ٣٥

الشاعر.................................................................. ٥٨

صفيّ الدين الحلّي.................................................... ٥٩ ـ ٧٨

الشاعر.................................................................. ٦٢

آثاره ومآثره............................................................... ٦٥

٥٥٧

ولادته ووفاته............................................................. ٧٥

الامام الشيباني الشافعي............................................... ٧٩ ـ ٨٢

ما يتبع الشعر............................................................. ٨٠

الشاعر.................................................................. ٨١

شمس الدين المالكي............................................... ٨٣ ـ ٥٠١

مايتبع الشعر............................................................. ٨٦

١ ـ حديث تزويج المولى سبحانه فاطمة من علي............................ ٨٧

٢ ـ حديث (أنا مدينة العلم وعلي بابها) ومن أخرجه من الحفاظ.............. ٨٧

صحّة الحديث........................................................ ١١١

لفظ الحديث......................................................... ١١٣

ما عشت أراك الدهر عجباً................................................ ١١٨

نوادر الأثر في علم عمر................................................... ١٢٠

١ ـ رأي الخليفة في فاقد الماء............................................... ١٢٠

تحريف وتدجيل....................................................... ١٢١

الخليفة لايعرف حكم الشكوك......................................... ١٣٢

جهل الخليفة بكتاب الله............................................... ١٣٣

العجب العجاب...................................................... ١٣٥

امرأة اخرى وضعت لستة أشهر......................................... ١٣٦

٥ ـ كل الناس أفقه من عمر............................................... ١٣٦

جهل الخليفة بمعنى الاب............................................... ١٤٢

قضاء الخليفة على مجنونة قد زنت....................................... ١٤٥

لفت نظر............................................................ ١٤٨

٥٥٨

جهل الخليفة بتأويل كتاب الله.......................................... ١٤٨

جهل الخليفة بكفّارة بيض نعام.......................................... ١٤٩

١٠ ـ كل الناس افقه من عمر............................................. ١٥٠

امر الخليفة بضرب غلام خاصم امة...................................... ١٥٠

جهل الخليفة بمعاريض الكلم............................................ ١٥١

اجتهاد الخليفة في قراءة الصلاة.......................................... ١٥٥

راي الخليفة في الميراث.................................................. ١٥٧

١٥ ـ جهل الخليفة بطلاق الامة........................................... ١٥٨

لولا علي لهلك عمر................................................... ١٥٨

كل احد افقه من عمر................................................ ١٥٩

رأي الخليفة في الحائض بعد الافاضة..................................... ١٥٩

جهل الخليفة بالسنة................................................... ١٦٢

٢٠ ـ اجتهاد الخليفة في امراة تسرّرت غلامها................................ ١٦٤

الخليفة وامراة مغنية.................................................... ١٦٩

حكم الخليفة برجم مضطرّة............................................. ١٧١

الخليفة لايدري ما يقول................................................ ١٧٢

٢٥ ـ قضايا في عسّه وتجسّمه............................................. ١٧٢

راي الخليفة في حد الخمر............................................... ١٧٦

الخليفة وامراة احتالت على شابّ........................................ ١٨٠

الا أبقاني الله بعد أين ابي طالب........................................ ١٨٠

الخليفة والكلالة....................................................... ١٨١

٣٠ ـ رأي الخليفة في الأرنب.............................................. ١٨٦

٥٥٩

رأي الخليفة في القود................................................... ١٨٩

لولا معاد لهلك عمر................................................... ١٨٨

رأي الخليفة في القود................................................... ١٨٨

رأي الخليفة في ذمّي مقتول............................................. ١٨٩

٣٥ ـ قصّة اخرى في ذمّي مقتول........................................... ١٩٠

رأي الخليفة في قاتل معفو عنه.......................................... ١٩٠

راي الخليفة في الاصابع................................................ ١٩١

رأي الخليفة في دية الجنين.............................................. ١٩٢

رأي الخليفة في سارق.................................................. ١٩٤

٤٠ ـ اجتهاد الخليفة في هدية ملكة الروم.................................... ١٩٤

رأي الخليفة في جلد المغيرة.............................................. ١٩٦

كل افقه من عمر حتى العجائز......................................... ٢٠٤

استشارة الخليفة في متسابين............................................ ٢٠٥

رأي الخليفة في شجرة الرضوان.......................................... ٢٠٧

٤٥ ـ رأي الخليفة في آثار الأنبياء.......................................... ٢٠٨

الخليفة وقوم من أحبار اليهود........................................... ٢٠٩

رأي الخليفة في الزكاة................................................... ٢١٩

رأي الخليفة في ليلة القدر.............................................. ٢٢٠

ضرب الخليفة بالدّرة لغير موجب........................................ ٢٢٢

٥٠ ـ جهل الخليفة بالسنّة المشهورة......................................... ٢٢٣

اجتهاد الخليفة في البكاء على الميت..................................... ٢٢٤

اجتهاد الخليفة في الاضحية............................................. ٢٣٦

الخليفة في إرث الزوجة من الدية......................................... ٢٣٧

٥٦٠