الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٦

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٦

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٤

كتاب الله بشيء أبداً (١).

وقد اقتفى أثر الخليفة جمع وذهبوا إلى المنع عن كتابة السنن خلافاً للسنّة الثابتة عن الصادع الكريم (٢).

ـ ٩٤ ـ

رأي الخليفة في الكتب

أضف إلى الحوادث الأربعة : حادث مشكلات القرآن ، وحادث السؤال عمّا لم يقع ، وحادث الحديث عن رسول الله ، وحادث كتابة السنن ، رأي الخليفة واجتهاده حول الكتب والمؤلّفات :

أتى رجل من المسلمين إلى عمر فقال : إنّا لمّا فتحنا المدائن أصبنا كتاباً فيه علم من علوم الفرس وكلام معجب. فدعا بالدرّة فجعل يضربه بها ثمّ قرأ : (نَحْنُ نَقُصُّ عَلَيْكَ أَحْسَنَ الْقَصَصِ) (٣) ويقول : ويلك أقصص أحسن من كتاب الله؟ إنّما هلك من كان قبلكم ، لأنّهم أقبلوا على كتب علمائهم وأساقفتهم وتركوا التوراة والإنجيل حتى درسا وذهب ما فيهما من العلم.

صورة أخرى :

عن عمرو بن ميمون ، عن أبيه قال : أتى عمر بن الخطّاب : رضى الله عنه رجل فقال : يا أمير المؤمنين إنّا لمّا فتحنا المدائن أصبت كتاباً فيه كلام معجب ، قال : أمن كتاب الله؟

__________________

(١) طبقات ابن سعد : ٣ / ٢٠٦ [٣ / ٢٨٧] ، مختصر جامع بيان العلم : ص ٣٣ [ص ٦٢ ح ٥٨]. (المؤلف)

(٢) راجع سنن الدارمي : ١ / ١٢٥ ، مستدرك الحاكم : ١ / ١٠٤ ـ ١٠٦ [١ / ١٨٦ ـ ١٨٧ ح ٣٥٧ ـ ٣٥٩] ، مختصر جامع العلم : ص ٣٦ ، ٣٧ [ص ٦٨ ـ ٧٢ ح ٦١ ـ ٦٣]. (المؤلف)

(٣) يوسف : ٣.

٤٢١

قال : لا. فدعا بالدرّة وجعل يضربه بها فجعل يقرأ : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ * إِنَّا أَنْزَلْناهُ قُرْآناً عَرَبِيًّا لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ) ، إلى قوله تعالى : (وَإِنْ كُنْتَ مِنْ قَبْلِهِ لَمِنَ الْغافِلِينَ) (١) ثمّ قال : إنّما أهلك من كان قبلكم أنّهم أقبلوا على كتب علمائهم وأساقفتهم وتركوا التوراة والإنجيل حتى درسا وذهب ما فيهما من العلم.

وأخرج عبد الرزاق (٢) ، وابن الضريس في فضائل القرآن والعسكري في المواعظ ، والخطيب عن إبراهيم النخعي ، قال : كان بالكوفة رجل يطلب كتب دانيال وذلك الضرب ، فجاء فيه كتاب من عمر بن الخطّاب أن يرفع إليه ، فلمّا قدم على عمر علاه بالدرّة ثمّ جعل يقرأ عليه : (الر تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْمُبِينِ ـ حتى بلغ ـ الْغافِلِينَ) قال : فعرفت ما يريد ، فقلت : يا أمير المؤمنين دعني فو الله لا أدع عندي شيئاً من تلك الكتب إلاّ أحرقته ، فتركه.

راجع (٣) سيرة عمر لابن الجوزي (ص ١٠٧) ، شرح ابن أبي الحديد (٣ / ١٢٢) ، كنز العمّال (١ / ٥٩).

وجاء في تاريخ مختصر الدول (٤) لأبي الفرج الملطي المتوفّى (٦٨٤) (ص ١٨٠) من طبعة بوك في اوكسونيا سنة (١٦٦٣ م) ما نصّه :

وعاش ـ يحيى الغراماطيقي ـ إلى أن فتح عمرو بن العاص مدينة الاسكندرية ودخل على عمرو وقد عرف موضعه من العلوم فأكرمه عمرو وسمع من ألفاظه الفلسفية التي لم تكن للعرب بها أُنسة ما هاله ، ففُتِن به وكان عمرو عاقلاً ، حسن

__________________

(١) يوسف : ١ ـ ٣.

(٢) المصنّف : ٦ / ١١٤ ح ١٠١١٦.

(٣) تاريخ عمر بن الخطّاب : ص ١١٦ ، شرح نهج البلاغة : ١٢ / ١٠١ الخطبة ٢٢٣ ، كنز العمّال : ١ / ٣٧٤ ح ١٦٣٢.

(٤) تاريخ مختصر الدول : ص ١٠٣.

٤٢٢

الاستماع ، صحيح الفكر ، فلازمه وكان لا يفارقه.

ثمّ قال له يحيى يوماً : إنّك قد أحطت بحواصل الإسكندرية وختمت على كلّ الأصناف الموجودة بها ، فما لك به انتفاع فلا نعارضك فيه ، وما لا انتفاع لك به فنحن أولى به. فقال له عمرو : ما الذي تحتاج إليه؟ قال : كتب الحكمة التي في الخزائن الملوكيّة. فقال عمرو : هذا ما لا يمكنني أن آمر فيه إلاّ بعد استئذان أمير المؤمنين عمر ابن الخطّاب. فكتب إلى عمر وعرّفه قول يحيى ، فورد عليه كتاب عمر يقول فيه : وأمّا الكتب التي ذكرتها ؛ فإن كان فيها ما وافق كتاب الله ، ففي كتاب الله عنه غنى ، وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله فلا حاجه إليه. فتقدّم بإعدامها. فشرع عمرو بن العاص في تفريقها على حمّامات الإسكندرية وإحراقها في مواقدها فاستنفدت في مدّة ستّة أشهر ، فاسمع ما جرى وأعجب.

هذه الجملة من كلام الملطي ذكرها جرجي زيدان في تاريخ التمدّن الإسلامي (١) (٣ / ٤٠) برمّتها ، فقال في التعليق عليها : النسخة المطبوعة في مطبعة الآباء اليسوعيين في بيروت قد حذفت منها هذه الجملة كلّها لسبب لا نعلمه.

وقال عبد اللطيف البغدادي المتوفّى (٦٢٩) هجري في الإفادة والاعتبار (٢) (ص ٢٨) : رأيت أيضاً حول عمود السواري من هذه الأعمدة بقايا صالحة بعضها صحيح وبعضها مكسور ، ويظهر من حالها أنّها كانت مسقوفة والأعمدة تحمل السقف وعمود السواري عليه قبّة هو حاملها. وأرى أنّه الرواق الذي كان يدرس فيه أرسطوطاليس وشيعته من بعده ، وأنّه دار المعلّم التي بناها الإسكندر حين بنى مدينته ، وفيها كانت خزانة الكتب التي أحرقها عمرو بن العاص بإذن عمر رضى الله عنه.

__________________

(١) مؤلّفات جرجي زيدان الكاملة ـ تاريخ التمدن الإسلامي : مج ١١ / ٦٣٥.

(٢) الإفادة والاعتبار : ص ١٣٢.

٤٢٣

صورة مفصّلة :

وقال القاضي الأكرم جمال الدين أبو الحسن عليّ بن يوسف القفطي المتوفّى (٦٤٦) في كتابه تراجم الحكماء (١) المخطوط (٢) في ترجمة يحيى النحوي :

وعاش ـ يحيى النحوي ـ إلى أن فتح عمرو بن العاص مصر والإسكندرية ، ودخل على عمرو وقد عرف موضعه من العلم واعتقاده وما جرى له مع النصارى فأكرمه عمرو ورأى له موضعاً ، وسمع كلامه في إبطال التثليث ، فأعجبه وسمع كلامه أيضاً في انقضاء الدهر ، ففتن به وشاهد من حججه المنطقيّة ، وسمع من ألفاظه الفلسفيّة التي لم يكن للعرب بها أنسة ما هاله ، وكان عمرو عاقلاً ، حسن الاستماع ، صحيح الفكر ، فلازمه وكاد لا يفارقه ، ثمّ قال له يحيى يوماً : إنّك قد أحطت بحواصل الإسكندرية وختمت على كلّ الأجناس الموصوفة الموجودة بها ، فأمّا ما لك به انتفاع فلا أُعارضك فيه ، وأمّا ما لا نفع لكم به فنحن أولى به ، فأمر بالإفراج عنه. فقال له عمرو : وما الذي تحتاج إليه؟ قال : كتب الحكمة في الخزائن الملوكيّة ، وقد أوقعت الحوطة عليها ونحن محتاجون إليها ولا نفع لكم بها ، فقال له : ومن جمع هذه الكتب؟ وما قصّتها؟ فقال له يحيى : إن بطولوماوس فيلادلفوس من ملوك الإسكندرية لمّا ملك حبّب إليه العلم والعلماء ، وفحص عن كتب العلم وأمر بجمعها وأفرد لها خزائن فجمعت ، وولّى أمرها رجلاً يعرف بابن زمرة ـ زميرة ـ ، وتقدّم إليه بالاجتهاد في جمعها وتحصيلها والمبالغة في أثمانها وترغيب تجّارها ففعل ، واجتمع من ذلك في مدّة خمسون ألف كتاباً ومائة وعشرون كتاباً.

__________________

(١) تراجم الحكماء : ص ٣٥٤.

(٢) توجد نسخة في دار الكتب الخديويّة مكتوبة سنة ١١٩٧ ، كما في تاريخ التمدّن الإسلامي : ٣ / ٤٢ [مج ١١ / ٦٣٥]. (المؤلف)

٤٢٤

ولمّا علم الملك باجتماعها وتحقّق عدّتها قال لزميرة : أترى بقي في الأرض من كتب العلم ما لم يكن عندنا؟ فقال له زميرة : قد بقي في الدنيا شيء في السند والهند وفارس وجرجان والأرمان وبابل والموصل وعند الروم. فعجب الملك من ذلك وقال له : دُم على التحصيل ، فلم يزل على ذلك إلى أن مات. وهذه الكتب لم تزل محروسة محفوظة يراعيها كلّ من يلي الأمر من الملوك وأتباعهم إلى وقتنا هذا ، فاستكثر عمرو ما ذكره يحيى وعجب منه وقال له : لا يمكنني أن آمر بأمرٍ إلاّ بعد استئذان أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب. وكتب إلى عمر وعرّفه بقول يحيى الذي ذكر ، واستأذنه ما الذي يصنعه فيها؟ فورد عليه كتاب عمر يقول فيه : وأمّا الكتب التي ذكرتها ؛ فإن كان فيها ما يوافق كتاب الله ، ففي كتاب الله عنه غنى ، وإن كان فيها ما يخالف كتاب الله تعالى ، فلا حاجة إليها فتقدّم بإعدامها. فشرع عمرو بن العاص في تفريقها على حمّامات الإسكندرية وإحراقها في مواقدها ، وذكرت عدّة الحمامات يومئذٍ وأنسيتها ، فذكروا أنّها استنفدت في مدّة ستّة أشهر ، فاسمع ما جرى وأعجب. انتهى.

وفي فهرست ابن النديم المتوفّى (٣٨٥) إيعاز إلى تلك المكتبة المحروقة ، قال في صحيفة : (٣٣٤) (١) ، وحكى إسحاق الراهب في تاريخه أنّ بطولوماوس فيلادلفوس من ملوك الإسكندرية لمّا ملك فحص عن كتب العلم ، وولّى أمرها رجلاً يعرف بزميرة ، فجمع من ذلك على ما حكي أربعة وخمسين ألف كتاب ومائة وعشرين كتاباً. وقال له : أيّها الملك قد بقي في الدنيا شيء كثير في السند والهند وفارس وجرجان والأرمان وبابل والموصل وعند الروم. انتهى.

ومؤسّس تلك المكتبة هو بطليموس الأوّل ، وهو الذي بنى مدرسة الإسكندريّة المعروفة باسم الرواق ، وجمع فيها جميع علوم تلك الأزمان من فلسفة ورياضيّات وطبّ وحكمة وآداب وهيئة ، وكانت المدرسة توصل للقصر الملكي ،

__________________

(١) فهرست النديم : ص ٣٠١.

٤٢٥

وبويع لولده بطليموس الثاني الملقّب بفيلادلفوس ـ أي محبّ أخيه ـ بالملك حياة أبيه قبل موته بسنتين سنة خمس وثمانين ومائتين قبل الميلاد أي سنّة سبع وتسعمائة قبل الهجرة وله من العمر أربع وعشرون سنة ، ومات سنة ستّ وأربعين ومائتين قبل الميلاد أي سنة ثمان وستّين وثمانمائة قبل الهجرة ، فكانت مدّة حكمه ثماني وثلاثين سنة ، وكان على سيرة أبيه في حبِّ العلم وأهله والعناية بخزانة كتب الاسكندريّة وجمع الكتب فيها (١).

وكان رأي الخليفة هذا عامّا على جميع الكتب في الأقطار التي فتحتها يد الإسلام. قال صاحب كشف الظنون (٢) (١ / ٤٤٦) : إنّ المسلمين لمّا فتحوا بلاد فارس وأصابوا من كتبهم ، كتب سعد بن أبي وقّاص إلى عمر بن الخطّاب يستأذنه في شأنها وتنقيلها للمسلمين ، فكتب إليه عمر رضى الله عنه : أن اطرحوها في الماء ، فإن يكن ما فيها هدىً فقد هدانا الله تعالى بأهدى منه ، وإن يكن ضلالاً فقد كفانا الله تعالى. فطرحوها في الماء وفي النار فذهبت علوم الفرس فيها.

وقال (٣) في (١ / ٢٥) في أثناء كلامه عن أهل الإسلام وعلومهم : إنّهم أحرقوا ما وجدوا من الكتب في فتوحات البلاد.

وقال ابن خلدون في تاريخه (٤) (١ / ٣٢) : فالعلوم كثيرة والحكماء في أُمم النوع الإنساني متعدّدون ، وما لم يصل إلينا من العلوم أكثر ممّا وصل ، فأين علوم الفرس التي أمر رضى الله عنه بمحوها عند الفتح؟

قال الأميني : ليس النظر في كتب الأوّلين على إطلاقه محظوراً ولا سيّما إذا كانت

__________________

(١) راجع الكافي في تاريخ مصر : ١ / ٢٠٨ ـ ٢١٠. (المؤلف)

(٢) كشف الظنون : ١ / ٦٧٩.

(٣) كشف الظنون : ١ / ٣٣ في المقدمة.

(٤) تاريخ ابن خلدون : ١ / ٥٠.

٤٢٦

كتباً علميّة أو صناعيّة أو حكميّة أو أخلاقيّة أو طبّية أو فلكيّة أو رياضيّة إلى أمثالها ، وأخصّ منها ما كان معزوّا إلى نبيٍّ من الأنبياء عليهم‌السلام كدانيال إن صحّت النسبة ولم يطرقه التحريف ، نعم ؛ إذا كان كتاب ضلال من دعاية إلى مبدأ باطلٍ ، أو دين منسوخ ، أو شبهةٍ موجّهة إلى مبادئ الإسلام يحرم النظر فيه للبسطاء القاصرين عن الجواب والنقد ، وأمّا من له منّة الدفع أو مقدرة الحجاج فإنّ نظره فيه لإبطال الباطل وتعريف الناس بالحقِّ الصراح من أفضل الطاعات.

ولا منافاة بين كون القرآن أحسن القصص وبين أن يكون في الكتب علم ناجع ، أو حكمة بالغة ، أو صناعة تفيد المجتمع ، أو علوم يستفيد بها البشر ، وإن كان ما في القرآن أبعد من ذلك مغزىً ، وأعمق منتهىً ، وأحكم صنعاً ، غير أنّ قصر الأفهام عن مغازي القرآن الكريم ترك الناس لا يستنبطون تلك العلوم ، مع إخباتهم إلى أنّه لا يغادر صغيرةً ولا كبيرة إلاّ أحصاها ، ولا رطب ولا يابس إلاّ في كتاب مبين ، فالمنع عن النظر في تلك الكتب جناية على المجتمع وإبعاد عن العلوم ، وتعزير الناظر فيها لا يساعده قانون الإسلام العامّ كتاباً وسنّة.

والله يعلم ما خسره المسلمون بإبادة تلك الثروة العلميّة في الإسكندريّة وتشتيت ما في بلاد الفرس من حضارة راقية ، وصنائع مستطرفة لا ترتبطان بهدى أو ضلال كما حسبه الخليفة في كتب الفرس ، ولا تناطان بموافقة الكتاب أو مخالفته كما زعمه في أمر مكتبة الإسكندرية العامرة ، وما كان يضرّ المسلمين لو حصلوا على ذلك الثراء العلمي؟ فأوقفهم على ثروة ماليّة ، وبسطة في العلم ، وتقدّم في المدنيّة ، ورقيّ في العمران ، وكمال في الصحّة ، وكلّ منها يستتبع قوّةً في الملك ، وهيبةً عند الدول ، وبذخاً في العالم كلّه ، وسعةً فى أديم السلطة ، فهل يفتّ شيء من ذلك في عضد الهدى؟ أو يثلم جانباً من الدين؟ نعم ؛ أعقب ذلك العمل الممقوت تقهقراً في العلوم ، وفقراً في الدنيا ، وسمعةً سيّئةً لحقت العروبة والإسلام ، وفي النقّاد من يحسبه توحّشاً ، وفيهم من

٤٢٧

يعدّه من عمل الجاهلين ، ونحن نكل الحكم فيه إلى العقل السليم ، والمنطق الصحيح.

على أنّ الخليفة كان يسعه أن ينتقي من هذه الكتب ما أوعزنا إليه ممّا ينجع المجتمع البشري ، ويتلف ما فيه الإلحاد والضلال ، لكنّه لم يفعل ومضى التاريخ كما وقعت القصّة.

ـ ٩٥ ـ

الخليفة والقراءات

١ ـ عن محمد بن كعب القرظي ؛ مرّ عمر بن الخطّاب برجل يقرأ هذه الآية : (وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهاجِرِينَ وَالْأَنْصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسانٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ) (١).

فأخذ عمر بيده فقال : من أقرأك هذا؟ فقال : أُبيّ بن كعب. فقال : لا تفارقني حتى أذهب بك إليه ، فلمّا جاءه قال عمر : أنت أقرأت هذا هذه الآية هكذا؟ قال : نعم. قال : أنت سمعتها من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : نعم. قال : لقد كنت أرى أنّا رفعنا رفعة لا يبلغها أحد بعدنا.

وأخرج الحاكم وأبو الشيخ ، عن أبي سلمة ومحمد التيمي قالا : مرّ عمر بن الخطّاب برجل يقرأ : والذين اتّبعوهم بإحسان ـ بالواو ـ ، فقال : من أقرأك هذه؟ فقال : أُبيّ. فأخذ به إليه فقال : يا أبا المنذر أخبرني هذا أنَّك أقرأته هكذا. فقال أُبيّ : صدق وقد تلقّنتها كذلك من في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. فقال عمر : أنت تلقّنتها كذلك من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ فقال : نعم ، فأعاد عليه فقال في الثالثة وهو غضبان : نعم والله لقد أنزلها الله على جبريل عليه‌السلام وأنزلها جبريل على قلب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم يستأمر فيها الخطّاب ولا ابنه. فخرج عمر رافعاً يديه وهو يقول : الله أكبر ، الله أكبر.

__________________

(١) التوبة : ١٠٠.

٤٢٨

وفي لفظ من طريق عمر بن عامر الأنصاري : فقال أُبيّ : والله أقرأنيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنت تبيع الخيط. فقال عمر : نعم إذن فنعم ، إذن نتابع أُبيّا.

وفي لفظ : قرأ عمر : والأنصار ـ رفعاً ـ الذين بإسقاط الواو نعتاً للأنصار ، حتى قاله زيد بن ثابت : إنّه بالواو فسأل عمر أُبيّ بن كعب فصدّق زيداً فرجع إليه عمر وقال : ما كنّا نرى إلاّ أنّا رُفِعنا رفعة لا ينالها معنا أحد.

وفي لفظ : فقال عمر : فنعم إذن نتابع أُبيّا. وفي لفظ الطبري : إذن نتابع أُبيّا.

وفي لفظ : إنّ عمر سمع رجلاً يقرأه بالواو ، فقال : من أقرأك؟ قال : أُبيّ. فدعاه فقال : أقرأنيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وإنّك لتبيع القرظ بالبقيع. قال : صدقت وإن شئت قلت : شهدنا وغبتم ، ونصرنا وخذلتم ، وآوينا وطردتم ، ثمّ قال عمر : لقد كنت أرانا رُفِعنا رفعةً لا يبلغها أحد بعدنا.

راجع (١) تفسير الطبري (١ / ٧) ، مستدرك الحاكم (٣ / ٣٠٥) ، تفسير القرطبي (٨ / ٢٣٨) ، تفسير ابن كثير (٢ / ٣٨٣) ، تفسير الزمخشري (٢ / ٤٦) ، الدرّ المنثور (٣ / ٢٦٩) ، كنز العمّال (١ / ٢٨٧) ، ذكر لفظ أبي الشيخ ثمّ حكاه عن جمع من الحفّاظ ، وذكر تصحيح الحاكم إيّاه ، وفي (ص ٢٨٥) نقله عن أبي عبيد في فضائله وابن جرير وابن المنذر وابن مردويه ، تفسير الشوكاني (٢ / ٣٧٩) ، روح المعاني ـ طبع المنيريّة ـ (١١ / ٨).

٢ ـ أخرج أحمد في مسنده ، عن ابن عبّاس ، قال : جاء رجل إلى عمر فقال : أكلتنا الضبع. قال مسعر : يعني السنة. قال : فسأله عمر : ممّن أنت؟ فما زال ينسبه حتى

__________________

(١) جامع البيان : مج ٧ / ج ١١ / ٨ ، المستدرك على الصحيحين : ٣ / ٣٤٥ ح ٥٣٢٩ ، الجامع لأحكام القرآن : ٨ / ١٥١ ـ ١٥٢ ، الكشّاف : ٢ / ٣٠٤ ، كنز العمّال : ٢ / ٦٠٥ ح ٤٨٥٨ ، ص ٥٩٧ ح ٤٨٢٣ ، فتح القدير : ٢ / ٣٩٨.

٤٢٩

عرفه فإذا هو موسى ، فقال عمر : لو أنّ لامرئً وادياً أو واديين لابتغى إليهما ثالثاً. فقال ابن عبّاس : ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب ثمّ يتوب الله على من تاب. فقال عمر لابن عبّاس : ممّن سمعت هذا؟ قال : من أُبيّ. قال : فإذا كان بالغداة فاغدُ عليّ. قال : فرجع إلى أُمّ الفضل فذكر ذلك لها ، فقالت : وما لك وللكلام عند عمر؟ وخشي ابن عبّاس أن يكون أُبيّ نسي ، فقالت أُمّه : إنّ أُبيّا عسى أن لا يكون نسي. فغدا إليَّ عمر ومعه الدرّة فانطلقنا إلى أُبيّ ، فخرج أُبيّ عليهما وقد توضّأ فقال : إنّه أصابني مذيّ فغسلت ذكري أو فرجي ـ مسعر شكّ ـ فقال عمر : أوَيُجزئ ذلك؟ قال : نعم. قال : سمعته من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : نعم. قال : وسأله عمّا قال ابن عبّاس فصدّقه.

وفي المسند : عن ابن عبّاس قال : جاء رجل إلى عمر يسأله ، فجعل ينظر إلى رأسه مرّة وإلى رجليه أخرى هل يرى عليه من البؤس شيئاً ، ثمّ قال له عمر : كم مالك؟ قال : أربعون من الإبل. قال ابن عبّاس : فقلت : صدق الله ورسوله : «لو كان لابن آدم واديان من ذهب لابتغى الثالث ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب ويتوب الله على من تاب». فقال عمر : ما هذا؟ فقلت : هكذا أقرأنيها أُبيّ. قال : فمر بنا إليه. قال : فجاء إلى أُبيّ فقال : ما يقول هذا؟ قال أُبيّ : هكذا أقرأنيها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : أفأثبتها؟ فأثبتها.

وفي المحكيّ عن أحمد ؛ قال عمر : إذاً أثبتها في المصحف؟ قال : نعم.

وأخرج ابن الضريس ، عن ابن عبّاس قال : قلت : يا أمير المؤمنين إنّ أُبيّا يزعم أنّك تركت من آيات الله آية لم تكتبها. قال : والله لأسألن أُبيّا فإن أنكر لتكذبنّ ، فلمّا صلّى صلاة الغداة غدا على أُبيّ ، فأذن له وطرح له وسادة وقال : يزعم هذا أنّك تزعم أنّي تركت آية من كتاب الله لم أكتبها. فقال : إنّي سمعت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يقول : «لو أنّ لابن آدم واديين من مال لابتغى إليهما وادياً ثالثاً ولا يملأ جوف ابن آدم إلاّ التراب ، ويتوب الله على من تاب». فقال عمر : أفأكتبها؟ قال : لا أنهاك. فكأنّ أُبيّا

٤٣٠

شكّ أقول من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أو قرآن منزل.

راجع (١) مسند أحمد (٥ / ١١٧) ، كنز العمّال (١ / ٢٧٩) نقلاً عن أحمد ، وسعيد بن منصور ، وأبي عوانة ، الدرّ المنثور (٦ / ٣٧٨).

٣ ـ عن أبي إدريس الخولاني ، قال : كان أُبيّ يقرأ (إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ) (٢) ولو حميتم كما حموا لفسد المسجد الحرام ، فأنزل الله سكينته على رسوله. فبلغ ذلك عمر فاشتدّ ، فبعث إليه فدخل عليه فدعا ناساً من أصحابه فيهم زيد بن ثابت فقال : من يقرأ منكم سورة الفتح؟ فقرأ زيد على قراءتنا اليوم ، فغلظ له عمر فقال أُبيّ : أأتكلّم؟ قال : تكلّم. فقال : لقد علمت أنّي كنت أدخل على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويقرئني وأنت بالباب ، فإن أحببت أن أقرئ الناس على ما أقرأني أقرأت وإلاّ لم أقرأ حرفاً ما حييت. قال : بل أقرئ الناس.

وفي لفظ : فقال أُبيّ : والله يا عمر إنّك لتعلم أنّي كنت أحضر وتغيبون ، وأُدعى وتحجبون ، ويصنع بي ، والله لئن أحببت لألزمنَّ بيتي فلا أحدّث أحداً بشيءٍ.

راجع (٣) تفسير ابن كثير (٤ / ١٩٤) ، الدرّ المنثور (٦ / ٧٩) حكاه عن النسائي والحاكم وذكر تصحيح الحاكم له ، كنز العمّال (١ / ٢٨٥) نقلاً عن النسائي وابن أبي داود في المصاحف والحاكم. ثمّ قال : وروى ابن خزيمة بعضه.

٤ ـ عن ابن مجلز ، قال : إنّ أُبي بن كعب قرأ : (مِنَ الَّذِينَ اسْتَحَقَّ عَلَيْهِمُ الْأَوْلَيانِ) (٤) فقال عمر : كذبت. قال : أنت أكذب. فقال رجل : تكذّب أمير المؤمنين؟

__________________

(١) مسند أحمد : ٦ / ١٣٦ ح ٢٠٦٠٧ و ٢٠٦٠٨ ، كنز العمّال : ٢ / ٥٦٩ ح ٤٧٤٧ ، الدرّ المنثور : ٨ / ٥٨٧.

(٢) الفتح : ٢٦.

(٣) الدرّ المنثور : ٧ / ٥٣٥ ، السنن الكبرى : ٦ / ٤٦٣ ح ١١٥٠٥ ، المستدرك على الصحيحين : ٢ / ٢٤٥ ح ٢٨٩١ ، كنز العمّال : ٢ / ٥٦٨ ح ٤٧٤٥.

(٤) المائدة : ١٠٧.

٤٣١

قال : أنا أشدّ تعظيماً لحقّ أمير المؤمنين منك ، ولكن كذّبته في تصديق كتاب الله ، ولم أُصدِّق أمير المؤمنين في تكذيب كتاب الله. فقال عمر : صدق.

أخرجه ابن جرير الطبري (١) وعبد بن حميد وابن عدي ، كما في الدرّ المنثور (٢) (٢ / ٣٤٤) ، وكنز العمّال (١ / ٢٨٥).

٥ ـ عن خرشة بن الحرّ ، قال : رأى معي عمر بن الخطّاب لوحاً مكتوبة فيه : (إِذا نُودِيَ لِلصَّلاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ) (٣) ؛ فقال : من أملى عليك هذا؟ قلت : أُبيّ بن كعب. قال : إنّ أُبيّا أقرأنا للمنسوخ ، قرأها : فامضوا إلى ذكر الله.

عن عبد الله بن عمر ، قال : ما سمعت عمر يقرؤها قطّ إلاّ : فامضوا إلى ذكر الله.

عن إبراهيم ، قال : قيل لعمر : إنّ أُبيّا يقرأ : (فَاسْعَوْا إِلى ذِكْرِ اللهِ). قال عمر : أُبيّ أعلمنا بالمنسوخ كان يقرؤها : فامضوا إلى ذكر الله.

أخرجه أبو عبيد في فضائله ، وسعيد بن منصور ، وابن أبي شيبة ، وابن المنذر ، وابن الأنباري في المصاحف ، وعبد الرزّاق (٤) ، والشافعي (٥) ، والفريابي ، وعبد بن حميد ، وابن جرير (٦) ، وابن أبي حاتم ، والبيهقي في السنن (٧) كما في الدرّ المنثور (٨) (٦ / ٢١٩) ، وكنز العمّال (٩) (١ / ٢٨٥).

__________________

(١) جامع البيان : مج ٥ / ج ٧ / ١١٩.

(٢) الدرّ المنثور : ٣ / ٢٢٦.

(٣) الجمعة : ٩.

(٤) المصنّف : ٣ / ٢٠٧ ح ٥٣٥٠.

(٥) كتاب الأُمّ : ١ / ١٩٦.

(٦) جامع البيان : مج ١٤ / ج ٢٨ / ١٠٠.

(٧) السنن الكبرى : ٣ / ٢٢٧.

(٨) الدرّ المنثور : ٨ / ١٦١.

(٩) كنز العمّال : ٢ / ٥٩٧ ح ٤٨٢٢.

٤٣٢

٦ ـ عن بجالة ، قال : مرّ عمر بن الخطّاب بغلام وهو يقرأ في المصحف : (النَّبِيُّ أَوْلى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ وَأَزْواجُهُ أُمَّهاتُهُمْ) (١) وهو أب لهم. فقال : يا غلام حكّها. قال : هذا مصحف أُبيّ. فذهب إليه فسأله ، فقال له أُبيّ : إنّه كان يلهيني القرآن ويلهيك الصفق بالأسواق. وأغلظ لعمر.

أخرجه سعيد بن منصور ، والحاكم ، والبيهقي في السنن (٧ / ٦٩) ، والقرطبي في تفسيره (٢) (١٤ / ١٢٦) ، وحُكي عن الأوّلين في كنز العمّال (٣) (١ / ٢٧٩).

٧ ـ قرأ أبيّ بن كعب : ولا تقربوا الزنا إنّه كان فاحشةً ومقتاً وساءَ سبيلاً إلاّ من تاب فإنّ الله كان غفوراً رحيماً. فذكر لعمر فأتاه فسأله عنها. قال : أخذتها من في رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس لك عمل إلاّ الصفق بالبيع.

أخرجه ابن مردويه وعبد الرزّاق كما في كنز العمّال (٤) (١ / ٢٧٨).

٨ ـ عن المسور بن مخرمة ، قال : قال عمر بن الخطّاب لعبد الرحمن بن عوف : ألم تجد فيما أُنزل علينا : أن جاهدوا كما جاهدتم أوّل مرّة؟ فإنّا لم نجدها. قال : أُسقط فيما أُسقط من القرآن.

أخرجه أبو عبيد كما في الإتقان (٥) (٢ / ٤٢) ، وكنز العمّال (٦) (١ / ٢٧٨).

٩ ـ عن ابن عبّاس وعديّ بن عديّ ، عن عمر أنّه قال : إنّا كنّا نقرأ فيما نقرأ من كتاب الله ، أن لا ترغبوا عن آبائكم فإنّه كفر بكم. أو : إنّ كفراً بكم أن ترغبوا عن

__________________

(١) الأحزاب : ٦.

(٢) الجامع لأحكام القرآن : ١٤ / ٨٤.

(٣) كنز العمّال : ٢ / ٥٦٩ ح ٤٧٤٦.

(٤) كنز العمّال : ٢ / ٥٦٨ ح ٤٧٤٤. وفيه : بالبقيع ، بدلاً من : بالبيع.

(٥) الإتقان في علوم القرآن : ٣ / ٧٤.

(٦) كنز العمّال : ٢ / ٥٦٧ ح ٤٧٤١.

٤٣٣

آبائكم. ثمّ قال لزيد بن ثابت : أكذلك؟ قال : نعم.

أخرجه البخاري في صحيحه (١) (١٠ / ٤٣) ، وأبو عبيد كما في الإتقان (٢) (٢ / ٤٢).

١٠ ـ أخرج مالك والشافعي ، عن سعيد بن المسيّب ، عن عمر في خطبة له قال : إيّاكم أن تهلكوا عن آية الرجم يقول قائل : لا نجد حدّين في كتاب الله فقد رجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورجمنا ، والذي نفسي بيده لو لا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله تعالى لكتبتها : الشيخ والشيخة فارجموهما البتّة. فإنّا قد قرأناها.

وفي لفظ أحمد ، عن عبد الرحمن بن عوف : لو لا أن يقول قائلون أو يتكلّم متكلّمون أنّ عمر زاد في كتاب الله ما ليس منه لأثبتّها كما نزلت.

وفي لفظ البخاري ، عن ابن عبّاس : إنّ الله بعث محمداً صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالحقِّ وأنزل عليه الكتاب فكان ممّا أنزل الله آية الرجم فقرأناها وعقلناها وو عيناها ، رجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورجمنا بعده ، فأخشى إن طال بالناس زمان أن يقول قائل : والله ما نجد آية الرجم في كتاب الله فيضلّوا بترك فضيلة أنزلها الله ، والرجم في كتاب الله حقّ على من زنى إذا أحصن من الرجال والنساء إذا قامت البيّنة أو كان الحبَل أو كان الاعتراف.

وفي لفظ ابن ماجة ، عن ابن عبّاس : لقد خشيت أن يطول بالناس زمان حتى يقول قائل : ما أجد الرجم في كتاب الله فيضلّوا بترك فريضة من فرائض الله. ألا وإنّ الرجم حقّ إذا أحصن الرجل وقامت البيّنة أو كان حمل أو اعتراف وقد قرأتها : الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتّة. رجم رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ورجمنا بعده.

وفي لفظ أبي داود : وايم الله لو لا أن يقول الناس زاد عمر في كتاب الله لكتبتها.

__________________

(١) صحيح البخاري : ٦ / ٢٥٠٥ ح ٦٤٤٢.

(٢) الإتقان في علوم القرآن : ٣ / ٧٤.

٤٣٤

وفي لفظ البيهقي : ولولا أنّي أكره أن أزيد في كتاب الله لكتبته في المصحف ، فإنّي أخاف أن يأتي أقوام فلا يجدونه فلا يؤمنون به.

راجع (١) مسند أحمد (١ / ٢٩ ، ٥٠) ، اختلاف الحديث للشافعي ـ المطبوع هامش كتاب الأُمّ له ـ (٧ / ٢٥١) ، موطّأ مالك (٢ / ١٦٨) ، صحيح البخاري (١٠ / ٤٣) ، صحيح مسلم (٢ / ٣٣) ، صحيح الترمذي (١ / ٢٩٩) ، سنن الدارمي (٢ / ١٧٩) ، سنن ابن ماجة (٢ / ١١٥) ، سنن أبي داود (٢ / ٢٣٠) ، مسند الطيالسي (ص ٦) ، سنن البيهقي (٨ / ٢١١ ـ ٢١٣) ، أحكام القرآن للجصّاص (٣ / ٣١٧).

قال الأميني : كلّ هذه تكشف عن انحسار علم الخليفة عن ترتيل القرآن الكريم وأنّ هؤلاء المذكورين أعلم منه به ، وإنّما ألهاه عنه الصفق بالأسواق ، أو بيع الخيط أو القرظة (٢) ، ولم يكن له عمل إلاّ الصفق بالبيع.

وما بال الخليفة ـ وهو القدوة والأُسوة في الكتاب والسنّة ـ يتّبع آراء الناس في كتاب الله؟ ويمحو ويثبت في المصحف بقول أُناس آخرين؟ ولم يفرّق بين الكتاب والسنّة؟ ويعير سمعه إلى هذا وذلك؟ ويقبل من هذا قوله : أثبتها ، ويصدِّق لآخر رأيه في إسقاط شيء من القرآن؟ ويرى آياً محرّفة من الكتاب تمنعه عن إدخالها فيه خشية قول القائلين وتكلّم المتكلّمين؟ وهذا هو التحريف الذي يعزونه إلى الشيعة ، ويشنّون به عليهم الغارات ، والشيعة عن بكرة أبيهم براء من تلكم الخزاية ، فقد أصفق المحقِّقون منهم على نفي ذلك نفياً باتّا كما أسلفناه في الجزء الثالث (ص ١٠١).

__________________

(١) مسند أحمد : ١ / ٤٩ ح ١٩٨ ، ص ٨١ ح ٣٥٤ ، اختلاف الحديث : ص ٥٣٣ ، موطّأ مالك : ٢ / ٨٢٤ ح ١٠ ، صحيح البخاري : ٦ / ٢٥٠٤ ح ٦٤٤٢ ، صحيح مسلم : ٣ / ٥٢٤ ح ١٥ كتاب الحدود ، سنن الترمذي : ٤ / ٢٩ ح ١٤٣١ ، سنن ابن ماجة : ٢ / ٨٥٣ ح ٢٥٥٣ ، سنن أبي داود : ٤ / ١٤٥ ح ٤٤١٨ ، أحكام القرآن : ٣ / ٢٥٧.

(٢) القرظة ـ جمعها قرظ ـ : شجر تدبغ به الجلود.

٤٣٥

وشتّان بين من هذا شأنه وبين من قال فيه التابعيّ العظيم أبو عبد الرحمن السلمي القارئ المجمع على ثقته وجلالته : ما رأيت ابن أُنثى أقرأ لكتاب الله تعالى من عليّ. وقال أيضاً : ما رأيت أقرأ من عليّ ، عرض القرآن على النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو من الذين حفظوه أجمع بلا شكّ عندنا (١). وقد مرّ بعض أحاديث علمه عليه‌السلام بالكتاب (ص ١٩٣).

ـ ٩٦ ـ

اجتهاد الخليفة في الأسماء والكنى

١ ـ عن زيد بن أسلم ، عن أبيه : أنّ عمر بن الخطّاب رضى الله عنه ضرب ابناً له تكنّى أبا عيسى ، وأنّ المغيرة بن شعبة تكنّى بأبي عيسى ، فقال له عمر : أما يكفيك أن تكنّى بأبي عبد الله؟ فقال : رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كنّاني أبا عيسى ، فقال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد غفر له ما تقدّم من ذنبه وما تأخّر وإنّا في جلستنا (٢) فلم يزل يكنّى بأبي عبد الله حتى هلك.

صورة أخرى :

إنّ المغيرة استأذن على عمر فقال : أبو عيسى. قال : من أبو عيسى؟ فقال : المغيرة بن شعبة. قال : فهل لعيسى من أب؟ فشهد له بعض الصحابة أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يكنّيه بها فقال : إنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غُفر له وإنّا لا ندري ما يُفعل بنا وكنّاه أبا عبد الله.

راجع (٣) : سنن أبي داود (٢ / ٣٠٩) ، سنن البيهقي (٩ / ٣١٠) ، الاستيعاب (١ / ٢٥٠) ، تيسير الوصول (١ / ٣٩) ، الكنى والأسماء للدولابي (١ / ٨٥) ، زاد المعاد لابن

__________________

(١) طبقات القرّاء : ١ / ٥٤٦ ، مفتاح السعادة : ١ / ٣٥١ [٢ / ٩]. (المؤلف)

(٢) وفي لفظ أبي داود : جَلجَتِنا. (المؤلف)

(٣) سنن أبي داود : ٤ / ٢٩١ ح ٤٩٦٣ ، الاستيعاب : القسم الرابع / ١٤٤٥ رقم ٢٤٨٣ ، تيسير الوصول : ١ / ٤٧ ح ٧ ، زاد المعاد : ٢ / ٨ ، النهاية في غريب الحديث والأثر : ١ / ٢٨٣.

٤٣٦

القيّم (١ / ٢٦٢) ، نهاية ابن الأثير (١ / ١٩٨) ، الإصابة (٢ / ٤١٣ و ٣ / ٤٥٣).

٢ ـ جاءت سريّة لعبيد الله بن عمر إلى عمر تشكوه فقالت : يا أمير المؤمنين ألا تعذرني من أبي عيسى؟ قال : ومن أبو عيسى؟ قالت : ابنك عبيد الله. قال : ويحك! وقد تكنّى بأبي عيسى؟ ودعاه وقال : إيهاً اكتنيت بأبي عيسى؟ فحذر وفزع فأخذ يده فعضّها حتى صاح ، ثمّ ضربه وقال : ويلك هل لعيسى أب؟ أما تدري ما كنى العرب؟ : أبو سلمة ، أبو حنظلة ، أبو عرفطة ، أبو مرّة. راجع شرح ابن أبي الحديد (١) (٣ / ١٠٤).

٣ ـ كان عمر رضى الله عنه كتب إلى أهل الكوفة : لا تسمّوا أحداً باسم نبيّ ، وأمر جماعة بالمدينة بتغيير أسماء أبنائهم المسمّين بمحمد ، حتى ذكر له جماعة من الصحابة أنّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أذن لهم في ذلك فتركهم. عمدة القاري (٢) (٧ / ١٤٣).

٤ ـ عن حمزة بن صهيب : أنّ صهيباً كان يكنّى أبا يحيى ، ويقول : إنّه من العرب ، ويطعم الطعام الكثير. فقال له عمر بن الخطّاب : يا صهيب ما لك تتكنّى أبا يحيى وليس لك ولد؟ وتقول إنّك من العرب ، وتطعم الطعام الكثير ، وذلك سرف في المال. فقال صهيب : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كنّاني أبا يحيى ، وأمّا قولك في النسب فأنا رجل من النمر بن قاسط من أهل الموصل ، ولكنّي سبيت غلاماً صغيراً قد عقلت (٣) أهلي وقومي. وأمّا قولك في الطعام ، فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يقول : «[خياركم من] أطعم الطعام ، وردّ السلام». فذلك الذي يحملني على أن أُطعم الطعام.

وفي لفظ لأبي عمر : قال عمر : ما فيك شيء أعيبه يا صهيب إلاّ ثلاث خصال لولاهنّ ما قدّمت عليك أحداً ، هل أنت مُخبري عنهنّ؟ فقال صهيب : ما أنت بسائل عن شيء إلاّ صدقتك عنه. قال : أراك تنسب عربيّا ولسانك أعجميّ ، وتتكنّى بأبي

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ١٢ / ٤٤ خطبة ٢٢٣.

(٢) عمدة القاري : ١٥ / ٣٩.

(٣) في مسند أحمد : غفلت ، وفي المستدرك : عرفت وكذا في الاستيعاب.

٤٣٧

يحيى اسم نبيّ ، وتبذّر مالك. قال : أمّا تبذير مالي فما أنفقه إلاّ في حقِّه ، وأمّا اكتنائي بأبي يحيى فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كنّاني بأبي يحيى أفأتركها لك؟ وأمّا انتسابي إلى العرب فإنّ الروم سَبَتني صغيراً فأخذت لسانهم وأنا رجل من النمر بن قاسط ، لو انفلقت عنّي روثة لانتسبت إليها.

أخرجه (١) أحمد في مسنده (٦ / ١٦) ، والحاكم في المستدرك (٤ / ٢٨٨) ، وابن ماجة شطراً منه في سننه (٢ / ٤٠٦) ، وأبو عمر في الاستيعاب في ترجمة صهيب (١ / ٣١٥) ، والهيثمي في مجمع الزوائد (٨ / ١٦).

٥ ـ سمع عمر بن الخطّاب رضى الله عنه رجلاً ينادي رجلاً : يا ذا القرنين. قال : أفرغتم من أسماء الأنبياء فارتفعتم إلى أسماء الملائكة؟

راجع (٢) حياة الحيوان (٢ / ٢١) ، فتح الباري (٦ / ٢٩٥).

قال الأميني : تكشف هذه الروايات عن موارد من الجهل :

١ ـ نهي الخليفة عن التسمية باسم النبيّ الأعظم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وأمره المسمَّين به بتغيير أسمائهم ، وقد قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من ولد له ثلاثة أولاد فلم يسمّ أحدهم محمداً فقد جهل» (٣).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا سمّيتم محمداً فلا تضربوه ولا تحرموه» (٤).

__________________

(١) مسند أحمد : ٧ / ٢٦ ، ٢٧ ح ٢٣٤٠٨ ، ٢٣٤١١ ، المستدرك على الصحيحين : ٤ / ٣١٠ ح ٧٧٣٩ ، سنن ابن ماجة : ٢ / ١٢٣١ ح ٣٧٣٨ ، الاستيعاب : القسم الثاني / ٧٣٠ ـ ٧٣١ رقم ١٢٢٦.

(٢) حياة الحيوان : ١ / ٥٥٦ ، فتح الباري : ٦ / ٣٨٣.

(٣) أخرجه الطبراني [في المعجم الكبير : ١١ / ٥٩ ح ١١٠٧٧] ، وابن عدي [في الكامل في ضعفاء الرجال : ٦ / ٨٩ رقم ١٦١٧] ، والهيثمي في مجمع الزوائد : ٨ / ٤٩ ، والسيوطي في الجامع الصغير ـ في حرف الميم ـ [: ٢ / ٦٥٣ ح ٩٠٨٤]. (المؤلف)

(٤) مجمع الزوائد : ٨ / ٤٨ ، السيرة الحلبية : ١ / ٨٩ [١ / ٨٣]. (المؤلف)

٤٣٨

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إذا سمّيتم الولد محمداً فأكرموه ، وأوسعوا له في المجلس ، ولا تقبّحوا له وجهاً» تاريخ بغداد (٣ / ٩١).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «إنّ الله ليوقف العبد بين يديه يوم القيامة اسمه أحمد أو محمد فيقول الله تعالى له : عبدي أما استحييتني وأنت تعصيني واسمك اسم حبيبي محمد؟ فينكّس العبد رأسه حياءً ويقول : اللهمّ إنّي قد فعلت ، فيقول الله عزّ وجلّ : يا جبريل خذ بيد عبدي وأدخله الجنّة فإنّي أستحي أن أُعذِّب بالنار من اسمه اسم حبيبي» (١).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «من وُلد له مولود فسمّاه محمداً حبّا لي وتبرّكاً باسمي كان هو ومولوده في الجنّة» (٢).

وقالت عائشة : جاءت امرأة إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقالت : يا رسول الله إنّي قد ولدت غلاماً فسمّيته محمداً وكنّيته أبا القاسم فذُكِر لي أنّك تكره ذلك ، فقال : «ما الذي أحلَّ اسمي وحرّم كنيتي؟» أو : «ما الذي حرّم كنيتي وأحلَّ اسمي؟» (٣).

وقد سمّى صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم محمد بن طلحة بن عبيد الله محمداً وكنّاه بأبي القاسم (٤) ، ومحمد هذا كان ممّن همَّ عمر أن يغيِّر اسمه (٥).

وقد سمّى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم غير واحد من ولدان عصره محمداً منهم :

__________________

(١) المدخل لابن الحاج : ١ / ١٢٩. (المؤلف)

(٢) أخرجه ابن عساكر ، وذكره المناوي في فيض القدير : ٦ / ٢٣٧ ، والحلبي في السيرة النبويّة : ١ / ٨٩ [١ / ٨٢]. (المؤلف)

(٣) السنن الكبرى للبيهقي : ٩ / ٣١٠ ، مصابيح السنّة : ٢ / ١٤٩ [٣ / ٣٠٩ ح ٣٧١٦] ، زاد المعاد : ١ / ٢٦٢ [٢ / ٨ وأخرجه ابن عساكر في تاريخه : ٣ / ٤٢]. (المؤلف)

(٤) الاستيعاب : ١ / ٢٣٦ [القسم الثالث / ١٣٧١ رقم ٢٣٣٤] ، أُسد الغابة : ٤ / ٣٢٢ [٥ / ٩٨ رقم ٤٧٣٨]. (المؤلف)

(٥) مجمع الزوائد : ٨ / ٤٨ ، ٤٩. (المؤلف)

٤٣٩

محمد بن ثابت بن قيس الأنصاري (١).

ومحمد بن عمرو بن حزم الأنصاري (٢).

ومحمد بن عمارة بن حزم الأنصاري (٣).

ومحمد بن أنس بن فضالة الأنصاري (٤).

ومحمد بن يفديدويه ـ بالمهملتين ـ الهروي (٥).

وقال صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لرجل أنصاري همَّ بأن يسمّي ابنه محمداً فكرهوه وسألوه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «سمّوا باسمي» (٦).

وفي رجل وُلد له غلام فسمّاه القاسم فقالوا له : لا نكنّيك به ، فسأله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال : «تسمّوا باسمي ولا تكنّوا بكنيتي» (٧).

على أنّ تحسين الأسماء ممّا رغّبت فيه الشريعة المطهّرة ومحمد أحسنها ، وخير الأسماء ما عُبد به وحُمد ، فجاء عنه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قوله : «إنّكم تُدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم» (٨).

__________________

(١) الاستيعاب : ١ / ٢٣٣ [القسم الثالث / ١٣٦٧ رقم ٢٣٢١] ، أُسد الغابة : ٤ / ٣١٣ [٥ / ٨٣ رقم ٤٧٠٥] ، الإصابة : ٣ / ٤٧٢ [رقم ٨٢٩٥]. (المؤلف)

(٢) الاستيعاب ١ / ٢٣٧ [القسم الثالث / ١٣٧٥ رقم ٢٣٣٩] ، أُسد الغابة : ٤ / ٣٢٧ [٥ / ١٠٦ رقم ٤٧٥١] ، الإصابة : ٣ / ٤٧٦ [رقم ٨٣١٠]. (المؤلف)

(٣) الإصابة : ٣ / ٤٧٦ [رقم ٨٣٠٩]. (المؤلف)

(٤) الاستيعاب : ١ / ٢٣٤ [القسم الثالث / ١٣٦٥ رقم ٢٣١٧] ، أُسد الغابة : ٤ / ٣١٢ [٥ / ٨١ رقم ٤٦٩٨] ، الاصابة : ٣ / ٣٧٠ [رقم ٧٧٥٧]. (المؤلف)

(٥) أُسد الغابة : ٤ / ٣٣٢ [٥ / ١١٥ رقم ٤٧٦٧] ، الإصابة : ٣ / ٣٨٥ [رقم ٧٨١١]. (المؤلف)

(٦) مسند أحمد : ٣ / ٣٦٩ ، ٣٨٥ [٤ / ٣٤٦ ح ١٤٥٤٧ ، ص ٣٧٣ ح ١٤٧١٠]. (المؤلف)

(٧) مسند أحمد : ٣ / ٣٠٣ [٤ / ٢٣٥ ح ١٣٨٣٧]. (المؤلف)

(٨) سنن أبي داود : ٢ / ٣٠٧ [٤ / ٢٨٧ ح ٤٩٤٨] ، سنن البيهقي : ٩ / ٣٠٦ ، مصابيح السنّة : ٢ / ١٤٨ [٣ / ٣٠٦ ح ٣٧٠٤]. (المؤلف)

٤٤٠