الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٦

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٦

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٤

وأذب قدري ، وأسوق خطوي ، وأضمّ العنود (١) وألحق القطوف (٢) وأكثر الزجر ، وأقل الضرب ، وأشهر العصا ، وأدفع باليد ، لو لا ذلك لأعذرت (٣). قال : فبلغ ذلك معاوية فقال : كان والله عالماً برعيّتهم.

وذكره ابن أبي الحديد في شرحه (٤) (٣ / ٢٨) نقلاً عن ابن قتيبة والطبري.

٧ ـ أخرج الطبري في المستبين ، عن عمر أنّه قال : ثلاث كنَّ على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا محرّمهنَّ ومعاقب عليهنَّ : متعة الحجِّ ، ومتعة النساء ، وحيَّ على خير العمل في الأذان.

وذكره القوشجي في شرح التجريد (٥) وسيوافيك قوله فيه. وحكاه عن الطبري الشيخ علي البياضي في كتابه الصراط المستقيم (٦).

هذا شطر من أحاديث المتعتين وهي تربو على أربعين حديثاً بين صحاح وحسان تعرب عن أنّ المتعتين كانتا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ونزل فيهما القرآن وثبتت إباحتهما بالسنّة وأوّل من نهى عنهما عمر.

وعدّه العسكري في أوائله (٧) ، والسيوطي في تاريخ الخلفاء (٨) (ص ٩٣) ،

__________________

(١) العنود : المائل عن القصد. (المؤلف)

(٢) القطوف : من الدواب التي تسيء السير. (المؤلف)

(٣) كذا في الطبعة التي اعتمدها المؤلف ، وفي الطبعة المحققة المعتمدة لدينا : لأغدرت ، أي لغادرت الحقّ والصواب.

(٤) شرح نهج البلاغة : ١٢ / ١٢١ الخطبة ٢٢٣.

(٥) شرح التجريد : ص ٤٨٤.

(٦) الصراط المستقيم : ٣ / ٢٧٧.

(٧) الأوائل : ص ١١٢.

(٨) تاريخ الخلفاء : ص ١٢٨.

٣٠١

والقرماني في تاريخه (١) ـ هامش الكامل ـ (١ / ٢٠٣) ، أوّل من حرّم المتعة.

نظرة في المتعتين

هذه جملة ممّا ورد فيهما من الأحاديث ، وهي كما ترى بنفسها وافية بإثبات تشريعهما على العهد النبوي كتاباً وسنّة من دون نسخ يعقب حكمهما ، أضف إليها من الأحاديث الكثيرة الدالّة على إباحتهما ولم نذكرها لخلوِّها عن نهي عمر ، ولم يكن النهي منه في المتعتين إلاّ رأياً محضاً أو اجتهاداً مجرّداً تجاه النصِّ.

أمّا متعة الحجِّ :

فقد نهى عنها لما استهجنه من توجّه الناس إلى الحجِّ ورؤوسهم تقطر ماءً بعد مجامعة النساء بعد تمام العمرة ، لكنّ الله سبحانه كان أبصر منه بالحال ، ونبيّه صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم كان يعلم ذلك حين شرّع إباحة متعة الحجِّ حكماً باتّا أبديّا إلى يوم القيامة كما هو نصُّ الأحاديث الآنفة والآتية ، ولم يكن ما جاء به إلاّ استحساناً يخصُّ به لا يعوّل عليه وجاه الكتاب والسنّة.

هذا ما رآه الخليفة هو بنفسه في مستند حكمه ، وهناك أقاويل منحوتة جاءوا بها شوهاء ليعضدوا تلك الفتوى المجرّدة ، ويبرِّروا بها ما قدم عليه الخليفة وتفرّد به ، وكلّها يخالف ما نصَّ عليه هو بنفسه ، وهي أعذار مفتعلة لا تدعم قولاً ولا تغني من الحقِّ شيئاً. فمنها :

١ ـ إنّ المتعة التي نهى عنها عمر هي فسخ الحجِّ إلى العمرة التي يحجّ بعدها. وتدفعه نصوص الصحاح المذكورة عن ابن عبّاس ، وعمران بن الحصين ، وسعد بن أبي وقّاص ، ومحمد بن عبد الله بن نوفل ، وأبي موسى الأشعري ، والحسن ، وبعدها

__________________

(١) أخبار الدول : ١ / ٢٨٩.

٣٠٢

نصوص العلماء على أنّ المنهيّ عنه للخليفة هو متعة الحجِّ والجمع بين الحجِّ والعمرة.

وقبل هذه كلّها تنصيص عمر نفسه على ذلك وتعليله للنهي عنها بقوله : إنّي أخشى أن يعرِّسوا بهنّ تحت الأراك ثمّ يروحوا بهن حجّاجاً. وقوله : إنِّي لو رخّصت في المتعة لهم لعرّسوا بهنّ في الأراك ثمّ راحوا بهنّ حجّاجاً. وقوله : كرهت أن يظلّوا معرِّسين بهنّ في الأراك ثمّ يروحوا في الحجِّ تقطر رءوسهم.

وقال الشيخ بدر الدين العيني الحنفي في عمدة القاري شرح صحيح البخاري (١) (٤ / ٥٦٨) : قال عياض وغيره جازمين ؛ بأنّ المتعة التي نهى عنها عمر وعثمان هي فسخ الحجِّ إلى العمرة لا العمرة التي يحجّ بعدها. قلت : يرد عليهم ما جاء في رواية مسلم في بعض طرقه التصريح بكونها متعة الحجِّ ، وفي رواية له : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعمر بعض أهله في العشر. وفي رواية له : جمع بين حجّ وعمرة. ومراده التمتّع المذكور وهو الجمع بينهما في عام واحد. انتهى.

٢ ـ اختصاص إباحة المتعة بالصحابة في عمرتهم مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فحسب. عزوا ذلك إلى عثمان وإلى الصحابي العظيم أبي ذر الغفاري ، ويرد عليه كما في زاد المعاد لابن القيّم (٢) (١ / ٢١٣) : إنّ تلكم الآثار الدالّة على الاختصاص بالصحابة بين باطل لا يصحّ عمّن نُسب إليه البتّة ، وبين صحيح عن قائل غير معصوم لا يعارض به نصوص المشرِّع المعصوم. ففي صحيحة الشيخين وغيرهما عن سراقة بن مالك قال : متعتنا هذه يا رسول الله لعامنا هذا أم للأبد؟ قال : «لا بل للأبد ـ لأبد الأبد» (٣).

__________________

(١) عمدة القاري : ٩ / ٢٠٥.

(٢) زاد المعاد : ١ / ٢٠٧.

(٣) صحيح البخاري : ٣ / ١٤٨ [٢ / ٦٣٢ ح ١٦٩٣] كتاب الحجّ باب عمرة التنعيم ، صحيح مسلم : ١ / ٣٤٦ [٣ / ٥٤ ح ١٤١ كتاب الحجّ] ، كتاب الآثار للقاضي أبي يوسف : ص ١٢٦ ، سنن ابن ماجة : ٢ / ٢٣٠ [٢ / ٩٩٢ ح ٢٩٨٠] ، مسند أحمد : ٣ / ٣٨٨ و ٤ / ١٧٥ [٤ / ٣٧٨ ح ١٤٧٤٣ و ٥ / ١٨٧ ح ١٧١٤٠] ، سنن أبي داود : ٢ / ٢٨٢ [٢ / ١٥٥ ح ١٧٨٧] ، صحيح النسائي : ٥ / ١٧٨ [٢ / ٣٦٦ ح ٣٧٨٧ ـ ٣٧٨٩] ، سنن البيهقي : ٥ / ١٩. (المؤلف)

٣٠٣

وفي صحيحة أخرى ، عن سراقة ، قال : قام رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خطيباً فقال : «ألا إنّ العمرة قد دخلت في الحجِّ إلى يوم القيامة» (١).

وفي صحيحة عن ابن عبّاس ، قال : «دخلت العمرة في الحجِّ إلى يوم القيامة» (٢) قال الترمذي بعده في صحيحه (٣) (١ / ١٧٥) : وفي الباب عن سراقة بن مالك وجابر بن عبد الله ، ومعنى هذا الحديث : أن لا بأس بالعمرة في أشهر الحجّ ، وهكذا فسّره الشافعي وأحمد وإسحاق ، ومعنى هذا الحديث : أنّ أهل الجاهلية كانوا لا يعتمرون في أشهر الحجِّ ، فلمّا جاء الإسلام رخّص النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في ذلك فقال : «دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة». يعني لا بأس بالعمرة في أشهر الحجِّ. انتهى.

وفي صحيحة عن عمر نفسه ، قال : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : «أتاني جبرئيل عليه‌السلام وأنا بالعقيق فقال : صلِّ في هذا الوادي المبارك ركعتين وقل : عمرة في حجّة فقد دخلت العمرة في الحجّ إلى يوم القيامة» (٤). فما أجرأ الخليفة على سنّة أخبره بها رسول الله ، وأتى بها جبرئيل!

وقال السندي في حاشية سنن ابن ماجة (٢ / ٢٣١) : ظاهر حديث بلال موافقة نهي عمر عن المتعة ، والجمهور على خلافه ، وأنّ المتعة غير مخصوصة بهم ، فلذلك حملوا المتعة بالفسخ والله أعلم. انتهى.

وحديث بلال هذا من الأحاديث الدالّة على اختصاص المتعة بالصحابة ، وفيه

__________________

(١) مسند أحمد : ٤ / ١٧٥ [٥ / ١٨٦ ح ١٧١٣٢ و ١٧١٣٣] ، سنن ابن ماجة : ٢ / ٢٢٩ [٢ / ٩٩١ ح ٢٩٧٧] ، سنن البيهقي : ٤ / ٣٥٢. (المؤلف)

(٢) صحيح مسلم : ١ / ٣٥٥ [٣ / ٨٣ ح ٢٠٣ كتاب الحجّ] ، سنن الدارمي : ٢ / ٥١ ، صحيح الترمذي : ١ / ١٧٥ [٣ / ٢٧١ ح ٩٣٢] ، سنن أبي داود : ١ / ٢٨٣ [٢ / ١٥٦ ح ١٧٩٠] ، سنن النسائي : ٥ / ١٨١ [٢ / ٣٦٨ ح ٣٧٩٧] ، سنن البيهقي : ٤ / ٣٤٤ ، تفسير ابن كثير : ١ / ٢٣٠ وصحّحه. (المؤلف)

(٣) سنن الترمذي : ٣ / ٢٧١ ح ٩٣٢.

(٤) أخرجه البيهقي في سننه : ٥ / ١٣ وقال : رواه البخاري في الصحيح [٢ / ٥٥٦ ح ١٤٦١] (المؤلف)

٣٠٤

قال أحمد : لا يعرف هذا الرجل ، هذا حديث ليس إسناده بالمعروف ، ليس حديث بلال عندي بثبت. وقال ابن القيّم في زاد المعاد (١) بعد نقله قول أحمد : قلت : وممّا يدلّ على صحّة قول الإمام أحمد ، وأن هذا الحديث لا يصحّ أنّ النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أخبر عن المتعة أنّها للأبد ، فنحن نشهد بالله أنّ حديث بلال هذا لا يصحّ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهو غلط عليه ، وكيف تقدّم رواية بلال على روايات الثقات الأثبات إلى أن قال :

قال المجوّزون للفسخ : هذا قول فاسد لا شكّ فيه بل هذا رأي لا شكّ فيه ، وقد صرّح بأنّه رأي من هو أعظم من عثمان وأبي ذرّ وعمران بن حصين. ففي الصحيحين (٢) واللفظ للبخاري : تمتّعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونزل القرآن ، فقال رجل برأيه ما شاء ، ولفظ مسلم (٣) : نزلت آية المتعة في كتاب الله عزّ وجلّ ـ يعني متعة الحجّ ـ وأمرنا بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ لم تنزل آية تنسخ متعة الحجّ ولم ينهَ عنها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم حتى مات ، قال رجل برأيه ما شاء. وفي لفظ : يريد عمر. وقال عبد الله بن عمر لمن سأله عنها وقال : إنّ أباك نهى عنها : أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحقّ أن يتّبع أو أبي؟ وقال ابن عبّاس لمن كان يعارضه فيها بأبي بكر وعمر : يوشك أن ينزل عليكم حجارة من السماء أقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتقولون : قال أبو بكر وعمر.

فهذا جواب العلماء لا جواب من يقول : عثمان وأبو ذرّ أعلم برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منكم ، وهلاّ قال ابن عبّاس وعبد الله بن عمر : أبو بكر وعمر أعلم برسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم منّا؟ ولم يكن أحد من الصحابة ولا أحد من التابعين يرضى بهذا الجواب في دفع نصّ عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وهم كانوا أعلم بالله ورسوله وأتقى له من أن يقدّموا على قول المعصوم رأي غير المعصوم.

__________________

(١) زاد المعاد : ١ / ٢٠٧ ـ ٢٠٨.

(٢) صحيح البخاري : ٢ / ٥٦٩ ح ١٤٩٦ ، صحيح مسلم : ٣ / ٧١ ح ١٧٢ كتاب الحجّ.

(٣) صحيح مسلم : ٣ / ٧٠ ح ١٦٦ كتاب الحجّ.

٣٠٥

ثمّ ثبت النصّ عن المعصوم بأنّها باقية إلى يوم القيامة ، وقد قال ببقائها عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه ، وسعد بن أبي وقّاص ، وابن عمر ، وابن عبّاس ، وأبو موسى ، وسعيد ابن المسيّب ، وجمهور التابعين.

ويدلّ على أنّ ذلك رأي محض لا يُنسب إلى أنه مرفوع إلى النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، أنّ عمر بن الخطّاب رضى الله عنه لمّا نهى عنها قال له أبو موسى الأشعري : يا أمير المؤمنين ما أحدثت في شأن النسك؟ فقال : إن نأخذ بكتاب ربِّنا فإنّ الله يقول : (وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ) (١). وإن نأخذ بسنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فإنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، لم يحلّ حتى نحر. فهذا اتّفاق من أبي موسى وعمر على أنّ منع النسخ إلى المتعة والإحرام بها ابتداءً إنّما هو رأي منه أحدثه في النسك ليس عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، وإن استدلّ له بما استدلّ ، وأبو موسى كان يفتي الناس الفسخ في خلافة أبي بكر رضى الله عنه كلّها وصدراً من خلافة عمر حتى فاوض عمر رضى الله عنه في نهيه عن ذلك ، واتّفقا على أنّه رأي أحدثه عمر رضى الله عنه في النسك ، ثمّ صحّ عنه الرجوع عنه. انتهى (٢).

وقال العيني في عمدة القاري (٣) (٤ / ٥٦٢) : فإن قلت : روي عن أبي ذرّ أنّه قال : كانت متعة الحجّ لأصحاب محمد صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خاصّة ، في صحيح مسلم (٤). قلت : قالوا : هذا قول صحابيّ يخالف الكتاب والسنّة والإجماع وقول من هو خير منه. أمّا الكتاب فقوله تعالى : (فَمَنْ تَمَتَّعَ بِالْعُمْرَةِ إِلَى الْحَجِ) (٥). وهذا عامّ ، وأجمع المسلمون على إباحة التمتّع في جميع الأعصار وإنّما اختلفوا في فضله. وأمّا السنّة فحديث سراقة (٦) :

__________________

(١) البقرة : ١٩٦.

(٢) زاد المعاد : ١ / ٢١٥ [١ / ٢٠٧ ـ ٢٠٩]. (المؤلف)

(٣) عمدة القاري : ٩ / ١٩٨.

(٤) صحيح مسلم : ٣ / ٦٨ ، ح ١٦٠ كتاب الحجّ.

(٥) البقرة : ١٩٦.

(٦) صحيح مسلم : ٣ / ٦١ ح ١٤٧ كتاب الحجّ.

٣٠٦

المتعة لنا خاصّة أو هي للأبد؟ قال : «بل هي للأبد» ، وحديث جابر المذكور في صحيح مسلم في صفة الحجّ نحو هذا ، ومعناه أنّ أهل الجاهلية كانوا لا يجيزون التمتّع ولا يرون العمرة في أشهر الحجّ إلاّ فجوراً ، فبيّن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّ الله قد شرّع العمرة في أشهر الحجّ وجوّز المتعة إلى يوم القيامة. رواه سعيد بن منصور من قول طاوس ، وزاد فيه : فلمّا كان الإسلام أُمِر الناس أن يعتمروا في أشهر الحج فدخلت العمرة في أشهر الحج إلى يوم القيامة ، وقد خالف أبا ذرّ عليّ وسعد وابن عبّاس وابن عمر وعمران بن حصين وسائر الصحابة وسائر المسلمين ، قال عمران : تمتّعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونزل فيه القرآن فلم ينهنا عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم ينسخها شيء ، فقال فيها رجل برأيه ما شاء. متّفق عليه. وقال سعد بن أبي وقّاص : فعلناها مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعني المتعة وهذا ـ يعني الذي نهى عنها ـ يومئذٍ كافر بالعرش ـ يعني بيوت مكّة (١) ـ. رواه مسلم (٢).

انتهى. يعني به معاوية بن أبي سفيان كما في صحيح مسلم. فرأي الخليفة وأمره بالعمرة في غير أشهر الحجّ عود إلى الرأي الجاهلي قصده أو لم يقصد ، فإنّ أهل الجاهلية كما سمعت كانوا لا يرون العمرة في أشهر الحجّ ، قال ابن عبّاس : والله ما أعمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عائشة في ذي الحجّة إلاّ ليقطع بذلك أمر أهل الشرك. وقال : كانوا يرون أنّ العمرة في أشهر الحجّ من أفجر الفجور في الأرض (٣).

٣ ـ ما أخرجه أبو داود في سننه (٤) (١ / ٢٨٣) ، عن سعيد بن المسيّب ، أنّ رجلاً من أصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أتى عمر بن الخطّاب رضى الله عنه فشهد عنده أنّه سمع رسول الله ٣ ـ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم

__________________

(١) المراد : أنّا تمتّعنا ومعاوية يومئذٍ كافر على دين الجاهلية مقيم بمكة. وهو ما اختاره القاضي عياض ووافقه عليه محقّق صحيح مسلم.

(٢) صحيح مسلم : ٣ / ٧١ ح ١٧٠ ، ٦٩ ح ١٦٤ كتاب الحجّ. وما بين الشارحتين منه.

(٣) صحيح البخاري : ٣ / ٦٩ [٢ / ٥٦٧ ح ١٤٨٩] ، صحيح مسلم : ١ / ٣٥٥ [٣ / ٨١ ح ١٩٨ كتاب الحجّ] ، سنن البيهقي : ٤ / ٣٤٥ ، سنن النسائي : ٥ / ١٨٠ [٢ / ٣٦٨ ح ٣٧٩٥]. (المؤلف)

(٤) سنن أبي داود : ٢ / ١٥٧ ح ١٧٩٣.

٣٠٧

في مرضه الذي قبض فيه ينهى عن العمرة قبل الحجّ.

وأجاب عنه بدر الدين العيني في عمدة القاري (١) (٤ / ٥٦٢) بقوله : أُجيب عن هذا بأنّه حالة مخالفة للكتاب والسنّة والإجماع كحديث أبي ذرّ ، بل هو أدنى حالاً منه فإنّ في إسناده مقالاً. انتهى.

وأجاب عنه الزرقاني في شرح الموطّأ (٢) (٢ / ١٨٠) بأنّ إسناده ضعيف ومنقطع كما بيّنه الحفّاظ.

اعطف إلى حديث ذلك الرجل الذي لم يعرف ولعلّه لم يولد بعد ، ما أخرجه أبو داود في سننه (٣) (١ / ٢٨٣) عن معاوية بن أبي سفيان أنّه قال لأصحاب النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : هل تعلمون أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم نهى عن كذا وكذا وركوب جلود النمور؟ قالوا : نعم. قال : فتعلمون أنّه نهى أن يقرن بين الحجّ والعمرة؟ فقالوا : أمّا هذا فلا. فقال : أما إنّها معهنّ ولكنّكم نسيتم.

سبحانك اللهم ما أجرأهم على نواميس الدين! فلو كان مثل متعة الحجّ التي يشمل حكمها في كلّ سنة مئات من أُلوف الناس نزل فيها القرآن وفعلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ثمّ ينهى عنها صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وينساه كلّ الصحابة وفيهم كثيرون طالت أيّام صحبتهم ، ولم يتفوّه به أيّ أحد ، ولم يذكره إلاّ معاوية بن أبي سفيان المتأخّر إسلامه عن أكثرهم ، المستتبع لقصر صحبته وقلّة سماعه ولا يفوه به إلاّ بعد لأي من عمر الدهر يوم تولّى الأمر وراقه أن يحذو حذو من تقدّمه ، فأيّ ثقة تبقى بالأحكام عندئذٍ؟ وأي اعتماد يحصل للمسلم عليها؟ ولعمر الحقِّ ليست هذه كلّها إلاّ لعباً بالشريعة المطهّرة وتسريباً للأهواء فيها ، وما كانت هي عند أُولئك الرجال إلاّ قوانين

__________________

(١) عمدة القاري : ٩ / ١٩٩.

(٢) شرح الزرقاني على موطّأ مالك : ٢ / ٢٦٦ ح ٧٧٩.

(٣) سنن أبي داود : ٢ / ١٥٧ ح ١٧٩٤.

٣٠٨

سياسية وقتيّة تدور بنظر من ساسها ورأي من تولّى أزمّتها.

وشفع الحديثين بما رواه أحمد (١) في رواية من أنّ أوّل من نهى عنها معاوية وتمتّع أبو بكر وعمر وعثمان. وفي أخرى (٢) أنّ أبا بكر نهى عنها. فهو مضادّ في معاوية لجميع ما تقدّم من الصحاح ، وفي أبي بكر لأكثرها ، وأحسب أنّ من لفّق الرواية الأُولى أراد تخفيفاً عن عمر بإلقاء النهي على عاتق معاوية ، ومن اختلق الثانية جعل ذلك الرأي من سنّة الشيخين ليقوى جانبه ، ذاهلاً عن أنّ الكتاب والسنّة يأتيان على كلّ قول وفتوى يتحيّزان عنهما لأيّ قائل كان القول ، ومن أي مُفتٍ صدرت الفتوى.

قال العيني في عمدة القاري (٣) (٤ / ٥٦٢) : فإن قلت : قد نهى عنها عمر وعثمان ومعاوية ، قلت : قد أنكر عليهم علماء الصحابة وخالفوهم في فعلها ، والحقّ مع المنكرين عليهم دونهم. انتهى.

ولم يكن عزو التمتّع إلى عثمان في حديث أحمد والترمذي إلاّ من ذاهل مغفّل عن أحاديث كثيرة دالّة على نهيه عنها أخرجها أئمّة الحديث وحفّاظه في الصحاح والمسانيد (٤) ، وفيها اعتراضه على مثل عليّ أمير المؤمنين وتمتّعه بقوله : تراني أنهى الناس عن شيء وأنت تفعله؟ فقال عليه‌السلام : «ما كنت لأدعَ سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم لقول

__________________

(١) مسند أحمد : ١ / ٢٩٢ ، ٣١٣ [١ / ٤٨١ ح ٢٦٥٩ و ٥١٥ ح ٢٨٦٠] ، وأخرجه الترمذي في صحيحه : ١ / ١٥٧ [٣ / ١٨٤ ح ٨٢٢]. (المؤلف)

(٢) مسند أحمد : ١ / ٣٣٧ ، ٣٥٣ [١ / ٥٥٤ ح ٣١١١]. (المؤلف)

(٣) عمدة القاري : ٩ / ١٩٩.

(٤) صحيح البخاري : ٣ / ٦٩ ، ٧١ [٢ / ٥٦٧ ح ١٤٨٨ و ٥٦٩ ح ١٤٩٤] ، صحيح مسلم : ١ / ٣٤٩ [٣ / ٦٨ ح ١٥٨ كتاب الحجّ] ، صحيح النسائي : ٥ / ١٥٢ [٢ / ٣٤٨ ح ٣٧١٣] ، مستدرك الحاكم : ١ / ٤٧٢ [١ / ٦٤٥ ح ١٧٣٥] ، سنن البيهقي : ٥ / ٢٢ ، تيسير الوصول : ١ / ٢٨٢ [١ / ٣٣٣ ح ١]. (المؤلف)

٣٠٩

أحد من الناس» (١). وفي حديث آخر عند البخاري (٢) : فقال عليّ : «ما تريد إلاّ أن تنهى عن أمر فعله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم» (٣).

وقد بلغت شدّة نكير عثمان على من تمتّع إلى حدّ كاد أن يقتل من جرّائه مولانا أمير المؤمنين. أخرج أبو عمر في كتاب جامع العلم (٤) (٢ / ٣٠) وفي مختصره (٥) صحيفة (١١١) ، عن عبد الله بن الزبير ؛ أنّه قال : أنا والله لمع عثمان بالجحفة ومعه رهط من أهل الشام وفيهم حبيب بن مسلمة الفهري ، إذ قال عثمان وذكر له التمتّع بالعمرة إلى الحجّ : أن أتمّوا الحجّ وخلّصوه في أشهر الحجّ ، فلو أخّرتم هذه العمرة حتى تزوروا هذا البيت زورتين كان أفضل فإنّ الله قد وسّع في الخير. فقال له عليّ : «عمدت إلى سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، ورخصة رخّص للعباد بها في كتابه ، تضيّق عليهم فيها وتنهى عنها ، وكانت لذي الحاجة ولنائي الدار» ، ثمّ أهلَّ بعمرة وحجّة معاً ، فأقبل عثمان على الناس فقال : وهل نهيت عنها؟ إنّي لم أنهَ عنها إنّما كان رأياً أشرت به ، فمن شاء أخذ به ، ومن شاء تركه.

قال : فما أنسى قول رجل من أهل الشام مع حبيب بن مسلمة : أُنظر إلى هذا كيف يخالف أمير المؤمنين؟ والله لو أمرني لضربت عنقه. قال : فرفع حبيب يده فضرب بها في صدره وقال : اسكت فضَّ الله فاك ؛ فإنّ أصحاب رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أعلم بما يختلفون فيه.

وبما ذكر يظهر فساد بقيّة ما قيل من الوجوه المبرّرة لرأي الخليفة ، ومن ابتغى

__________________

(١) صحيح البخاري : ٣ / ٦٩ [٢ / ٥٦٧ ح ١٤٨٨] طبع سنة ١٢٧٩ في عشر مجلّدات ، سنن النسائي : ٥ / ١٤٨ [٢ / ٣٤٥ ح ٣٧٠٣] ، سنن البيهقي : ٤ / ٣٥٢ و ٥ / ٢٢. (المؤلف)

(٢) صحيح البخاري : ٢ / ٥٦٩ ح ١٤٩٤.

(٣) وأخرجه مسلم في صحيحه : ١ / ٣٤٩ [٣ / ٦٨ ح ١٥٩ كتاب الحجّ]. (المؤلف)

(٤) جامع بيان العلم : ص ٢٤٥ ح ١٢٨٢.

(٥) مختصر جامع بيان العلم : ص ١٩٨.

٣١٠

وراء ذلك تفصيلاً في الموضوع فعليه بزاد المعاد لابن قيّم الجوزيّة (١) (١ / ١٧٧ ـ ٢٢٥)

أمّا متعة النساء :

فالذي يظهر من كلمات عمر أنّه كان يعدّها من السفاح ، ولذلك قال في حديث مرّ في صحيفة (٢٠٧) : بيّنوا حتى يُعرف النكاح من السفاح. ولم يكن عند ذلك وفي عهد الصحابة كلّهم من حديث النسخ عين ولا أثر ، وكان إذا شجر بينهم خلاف في ذلك استند المجوّزون إلى الكتاب والسنّة ، والمانعون إلى قول عمر ونهيه عنها ، كما ينفي النسخ بكلّ صراحة قول الخليفة : أنا أنهى عنهما ، وهو صريح ما مرّ عن أمير المؤمنين عليه‌السلام وعبد الله بن العبّاس من إسناد النهي إلى عمر فحسب ، وسيأتي عن ابن عبّاس قوله : إنّ آية المتعة محكمة. يعني لم تنسخ ، ومرّ في (ص ٢٠٦) عن الحَكم أنّها غير منسوخة وإلى هذا استند كلّ من أباحها من الصحابة والتابعين ومنهم :

١ ـ عمران بن الحصين ، مرّ حديثه (ص ٢٠٨).

٢ ـ جابر بن عبد الله ، مرّ حديثه (ص ٢٠٨ و ٢٠٩ ـ ٢١١).

٣ ـ عبد الله بن مسعود ، يأتي حديث قراءته : فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل. وعدّه ابن حزم في المحلّى (٢) والزرقاني في شرح الموطّأ (٣) ممّن ثبت على إباحتها.

وأخرج الحفّاظ عنه أنّه قال : كنّا نغزو مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وليس لنا نساء ، فقلنا : يا رسول الله ألا نستخصي؟ فنهانا عن ذلك ورخّص لنا أن ننكح بالثوب إلى

__________________

(١) زاد المعاد : ١ / ١٧١ ـ ٢١٩.

(٢) المحلّى : ٩ / ٥١٩ المسألة ١٨٥٤.

(٣) شرح الزرقاني على موطّأ مالك : ٣ / ١٥٤ ح ١١٧٨ كتاب النكاح.

٣١١

أجل ، ثمّ قال : (لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) (١).

قال الجصّاص بعد ذكر الحديث : إنّ الآية من تلاوة النبيِّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند إباحة المتعة وهو قوله تعالى : (لا تُحَرِّمُوا طَيِّباتِ ما أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ) (٢). وذكره ابن كثير في تفسيره (٢ / ٨٧) نقلاً عن الشيخين وأدخل فيه من عند نفسه : ثمّ قرأ عبد الله.

٤ ـ عبد الله بن عمر ، أخرج إمام الحنابلة أحمد في مسنده (٣) (٢ / ٩٥) بإسناده عن عبد الرحمن بن نعم ـ نعيم ـ الأعرجي ، قال : سأل رجل ابن عمر عن المتعة وأنا عنده ـ متعة النساء ـ فقال : والله ما كنّا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم زانين ولا مسافحين.

٥ ـ معاوية بن أبي سفيان ، عدّه ابن حزم في المحلّى (٤) ، والزرقاني في شرح الموطّأ (٥) ممّن ثبت على إباحتها. ومرّ خلافه ويوافيك قولنا الفصل فيه.

٦ ـ أبو سعيد الخدري ، المحلّى لابن حزم ، وشرح الموطّأ للزرقاني (٦).

٧ ـ سلمة بن أُميّة بن خلف ، المحلّى لابن حزم ، وشرح الموطّأ للزرقاني (٧).

__________________

(١) صحيح البخاري : ٨ / ٧ [٥ / ١٩٥٣ ح ٤٧٨٧] كتاب النكاح ، صحيح مسلم : ١ / ٣٥٤ [٣ / ١٩٢ ح ١١ كتاب النكاح] ، صحيح أبي حاتم البستي [الإحسان في تقريب صحيح ابن حبّان : ٩ / ٤٤٩ ح ٤١٤١] ، أحكام القرآن للجصّاص : ٢ / ١٨٤ [٢ / ١٥١] سنن البيهقي : ٧ / ٢٠٠ ، تفسير القرطبي : ٥ / ١٣٠ [٥ / ٨٦] ، نقلاً عن صحيح البستي ، تفسير ابن كثير : ٢ / ٨٧ ، الدرّ المنثور : ٢ / ٣٠٧ [٣ / ١٤٠] نقلاً عن تسعة من الأئمّة والحفّاظ. (المؤلف)

(٢) المائدة : ٨٧.

(٣) مسند أحمد : ٢ / ٢٢٥ ح ٥٦٦١.

(٤) المحلّى : ٩ / ٥١٩ المسألة ١٨٥٤.

(٥) شرح الزرقاني على موطّأ مالك : ٣ / ١٥٤ ح ١١٧٨.

(٦) المحلّى : ٩ / ٥١٩ المسألة ١٨٥٤ ، شرح الزرقاني على موطّأ مالك : ٣ / ١٥٤ ح ١١٧٨.

(٧) المحلّى : ٩ / ٥١٩ المسألة ١٨٥٤ ، شرح الزرقاني على موطّأ مالك : ٣ / ١٥٤ ح ١١٧٨.

٣١٢

٨ ـ معبد بن أُميّة بن خلف ، المحلّى لابن حزم (١) ، وشرح الموطّأ للزرقاني.

٩ ـ الزبير بن العوّام ، راجع صحيفة (٢٠٨ ، ٢٠٩).

١٠ ـ خالد بن مهاجر بن خالد المخزومي ، قال : بينا هو جالس عند رجل جاءه رجل فاستفتاه في المتعة فأمره بها. فقال له ابن أبي عمرة الأنصاري : مهلاً. فقال : ما هي؟ والله لقد فعلت في عهد إمام المتّقين (٢).

١١ ـ عمرو بن حريث ، مرّ حديثه (ص ٢٠٧) وفيما أخرجه الطبري عن سعيد ابن المسيّب ، قال : استمتع ابن حريث وابن فلان كلاهما وولد له من المتعة زمان أبي بكر وعمر (٣).

١٢ ـ أُبيّ بن كعب ، تأتي قراءته : فما استمتعتم به منهنّ إلى أجل.

١٣ ـ ربيعة بن أُميّة ، مرّ حديثه (ص ٢٠٦).

١٤ ـ سمير ـ في الإصابة : لعلّه سمرة بن جندب ـ ، قال : كنّا نتمتّع على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. الإصابة (٢ / ٨١).

١٥ ـ سعيد بن جبير ، عدّه ابن حزم (٤) ممّن ثبت على إباحتها وتأتي قراءته.

١٦ ـ طاووس اليماني ، عدّه ابن حزم (٥) ممّن ثبت على إباحتها.

١٧ ـ عطاء أبو محمد المدني ، عدّه ابن حزم (٦) ممّن ثبت على إباحتها.

__________________

(١) المحلّى : ٩ / ٥١٩ المسألة ١٨٥٤.

(٢) صحيح مسلم : ١ / ٣٩٦ [٣ / ١٩٧ ح ٢٧ كتاب النكاح] ، سنن البيهقي : ٧ / ٢٠٥. (المؤلف)

(٣) كنز العمّال : ٨ / ٢٩٣ [١٦ / ٥١٨ ح ٤٥٧١٢]. (المؤلف)

(٤) المحلّى : ٩ / ٥٢٠ المسألة ١٨٥٤.

(٥) المحلّى : ٩ / ٥٢٠ المسألة ١٨٥٤.

(٦) المحلّى : ٩ / ٥٢٠ المسألة ١٨٥٤.

٣١٣

١٨ ـ السدّي ، كما في تفسيره ، وتأتي قراءته.

١٩ ـ مجاهد ، سيأتي قوله في آية المتعة ولم يُعزَ إليه القول بالنسخ.

٢٠ ـ زفر بن أوس المدني ، كما في البحر الرائق لابن نجيم (٣ / ١١٥).

قال ابن حزم في المحلّى (١) بعد عدّ جملة ممّن ثبت على إباحة المتعة من الصحابة : ورواه جابر عن جميع الصحابة مدّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر وعمر إلى قرب آخر خلافة عمر. ثمّ قال : ومن التابعين طاووس وسعيد بن جبير وعطاء وسائر فقهاء مكة.

وقال أبو عمر ـ صاحب الاستيعاب ـ : أصحاب ابن عبّاس من أهل مكة واليمن كلّهم يرون المتعة حلالاً على مذهب ابن عبّاس وحرّمها سائر الناس (٢).

وقال القرطبي في تفسيره (٣) (٥ / ١٣٢) : أهل مكة كانوا يستعملونها كثيراً.

وقال الرازي في تفسيره (٤) (٣ / ٢٠٠) في آية المتعة : اختلفوا في أنّها هل نُسخت أم لا؟ فذهب السواد الأعظم من الأُمّة إلى أنّها صارت منسوخة. وقال السواد منهم : إنّها بقيت مباحة كما كانت.

وقال أبو حيّان في تفسيره (٥) بعد نقل حديث إباحتها : وعلى هذا جماعة من أهل البيت والتابعين.

وقد ذهب إلى إباحة المتعة ؛ مثل ابن جريج عبد الملك بن عبد العزيز المكي

__________________

(١) المحلّى : ٩ / ٥١٩ المسألة ١٨٥٤.

(٢) تفسير القرطبي : ٥ / ١٣٣ [٥ / ٨٨] ، فتح الباري : ٩ / ١٤٢ [٩ / ١٧٣]. (المؤلف)

(٣) الجامع لأحكام القرآن : ٥ / ٨٧.

(٤) التفسير الكبير : ١٠ / ٤٩.

(٥) تفسير البحر المحيط : ٣ / ٢١٨.

٣١٤

المتوفّى (١٥٠) ، قال الشافعي : استمتع ابن جريج بسبعين امرأة. وقال الذهبي : تزوّج نحواً من تسعين امرأة نكاح المتعة (١).

وقال السرخسي في المبسوط (٢) : تفسير المتعة أن يقول لامرأة : أتمتّع بك كذا من المدّة بكذا من المال. وهذا باطل عندنا جائز عند مالك بن أنس ، وهو الظاهر من قول ابن عبّاس.

وقال فخر الدين أبو محمد عثمان بن عليّ الزيلعي في تبيان الحقائق شرح كنز الدقائق : قال مالك : هو ـ نكاح المتعة ـ جائز لأنّه كان مشروعاً فيبقى إلى أن يظهر ناسخه ، واشتهر عن ابن عبّاس تحليلها وتبعه على ذلك أكثر أصحابه من أهل اليمن ومكة ، وكان يستدلّ على ذلك بقوله تعالى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَ) (٣) ، وعن عطاء أنّه قال : سمعت جابراً يقول : تمتّعنا على عهد رسول الله وأبي بكر ونصفاً من خلافة عمر ثمّ نهى الناس عنه. وهو يُحكى عن أبي سعيد الخدري وإليه ذهب الشيعة.

ويُنسب جواز المتعة إلى مالك في فتاوى الفرغاني تأليف القاضي فخر الدين حسن بن منصور الفرغاني ، وفي خزانة الروايات في الفروع الحنفيّة تأليف القاضي جكن الحنفي ، وفي كتاب الكافي في الفروع الحنفيّة ، وفي العناية شرح الهداية تأليف أكمل الدين محمد بن محمود الحنفي ، ويظهر من شرح الموطّأ للزرقاني (٤) أنّه أحد قولي مالك.

نعم ؛ جاء قوم راقهم أن ينحتوا لنهي عمر حجّة قويّة ، فادّعوا نسخ الآية

__________________

(١) تهذيب التهذيب : ٦ / ٤٠٦ [٦ / ٣٦٠] ، ميزان الاعتدال : ٢ / ١٥١ [٢ / ٦٥٩ رقم ٥٢٢٧]. (المؤلف)

(٢) المبسوط : ٥ / ١٥٢.

(٣) النساء : ٢٤.

(٤) شرح الزرقاني على موطّأ مالك : ٣ / ١٥٥ ح ١١٧٨.

٣١٥

بالكتاب تارة وبالسنّة أخرى ، وتضاربت هناك آراؤهم وكلّ منها يكذّب الآخر ، كما أنّ كلاّ من قائليها يزيِّف قول الآخر ، فمن قائل : نسخت بقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا طَلَّقْتُمُ النِّساءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَ) (١).

ومن قائل بنسخها بقوله سبحانه : (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حافِظُونَ * إِلاَّ عَلى أَزْواجِهِمْ أَوْ ما مَلَكَتْ أَيْمانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ) (٢). نظراً إلى أنّ المنكوحة متعة ليست بزوجة ولا ملك يمين.

وثالث يقول : إنّها نُسخت بآية الميراث إذ كانت المتعة لا ميراث فيها.

هذه كلّها دعاوٍ فارغة ، أيحسب امرؤ أن تخفى هذه الآيات وكونها ناسخة لآية المتعة على أُولئك الصحابة وفيهم من المجوّزين لها من عرفت ، وفيهم من فيهم ، وفي مقدّمهم سيّدنا أمير المؤمنين العارف بالكتاب قذاذاته وجذاذاته ، وقد مرّ في صحيفة (٧٢) عن الحرالي قوله : قد علم الأوّلون والآخرون أنّ فهم كتاب الله منحصر إلى علم عليّ. فكيف ذهب عليه وعلى مثل ابن عبّاس ترجمان القرآن نسخ هذه الآيات آية المتعة ، وذهبوا إلى إباحتها وما أصاخوا إلى قول أيِّ ناهٍ عنها؟ فالمتمسّكون بهذه الآيات في النسخ ممّن أخذوا؟ ومن أين أتاهم هذا العلم المساوق للجهل؟

وإن صدقت الأحلام وكان ابن عبّاس روى النسخ ببعضها كما عزوا إليه (٣) ورأى مع ذلك إباحتها وقال بها إلى آخر نفس لفظه ، وتبعته فيها أُمّة كبيرة فالمصيبة أعظم وأعظم ، وحاشاه أن تكون هذه سيرته وهذا مبلغ ثقته وأمانته بودائع العلم والدين.

على أنّ الآية الأُولى إنّما أراد سبحانه بها من تبين بالطلاق لا مطلق البينونة ،

__________________

(١) الطلاق : ١.

(٢) المؤمنون : ٥ ـ ٦.

(٣) أحكام القرآن للجصّاص : ٢ / ١٧٨ [٢ / ١٤٧] ، سنن البيهقي : ٧ / ٢٠٦. (المؤلف)

٣١٦

وإلاّ لشملت ملك اليمين أيضاً فنسخته ولم يقل به أحد ولا عدّه أحد من السفاح.

وأمّا الآية الثانية ؛ فالقول فيها بنفي الزوجية في المتعة مصادرة محضة ؛ فإنّ القائل بإباحتها يقول بالزوجيّة فيها وإنّها نكاح ، وعلى ذلك قال القرطبي (١) كما يأتي : لم يختلف العلماء من السلف والخلف أنّ المتعة نكاح إلى أجل لا ميراث فيه. وعن القاضي كما سيوافيك أنّه قال : اتّفق العلماء على أنّ هذه المتعة كانت نكاحاً إلى أجل لا ميراث فيها.

فالاستدلال بإطلاق هذه الآية على إباحة نكاح المتعة أولى من التمسّك بها في نسخ آية المتعة.

ثمّ القول بالنسخ بهذه الآية يُعزى إلى ابن عبّاس وهو كعزو الرجوع عن القول بإباحة المتعة إليه ساقط عن الاعتبار. قال ابن بطّال : روى أهل مكة واليمن عن ابن عبّاس إباحة المتعة ، وروي عنه الرجوع بأسانيد ضعيفة وإجازة المتعة عنه أصحّ (٢).

وأمّا آية الميراث فهي أجنبيّة عن المقام ؛ فإنّ نفي الوراثة جاءت بها السنّة في خصوص النكاح المؤجّل ، فهي بمعزل عن نفي عقدة النكاح وعنوان الزوجيّة كما جاء مثله في الولد القاتل أو الكافر من غير نفي لأصل البنوّة.

وأمّا النسخ بالسنّة فقد كثر القول فيه واختلفت الآراء اختلافاً هائلاً ، وكلّ منها لا يلائم الآخر ، والقارئ لا مناص له من هذا الخلاف والتضارب في القول لاختلاف ما اختلقته يد الوضع فيه من الروايات الجمّة تجاه ما حفظته السنّة الثابتة والتاريخ الصحيح ، فوضع كلّ من رجال النسخ المفتعل بحسب رأيه وسليقته ذاهلاً عن نسيجة أخيه وفعيلته ، وإليك جملة من تلكم الأقوال :

__________________

(١) الجامع لأحكام القرآن : ٥ / ٨٧.

(٢) فتح الباري : ٩ / ٢٤٢ [٩ / ١٧٣]. (المؤلف)

٣١٧

١ ـ كانت رخصة في أوّل الإسلام نهى عنها رسول الله يوم خيبر.

٢ ـ لم تكن مباحة إلاّ للضرورة في أوقات ثمّ حرّمت آخر سنة حجّة الوداع. قاله الحازمي.

٣ ـ لا تحتاج إلى الناسخ إنّما أُبيحت ثلاثة أيّام ، فبانقضائها تنتهي الإباحة.

٤ ـ كانت مباحةً ونُهي عنها في غزوة تبوك.

٥ ـ أبيحت عام أوطاس ، ثم نُهي عنها.

٦ ـ أُبيحت في حجّة الوداع ثمّ نُهي عنها.

٧ ـ أُبيحت ثمّ نهي عنها عام الفتح.

٨ ـ أُبيحت يوم الفتح ونُهي عنها يوم ذاك.

٩ ـ ما حلّت قطّ إلاّ في عمرة القضاء.

١٠ ـ هي الزنا لم تبح قطّ في الإسلام. قاله النحّاس.

١١ ـ أُبيحت ثمّ نُهي عنها عام خيبر ، ثمّ أُذن فيها عام الفتح ، ثمّ حرّمت بعد ثلاث.

١٢ ـ أُبيحت في صدر الإسلام ثمّ حرّمت يوم خيبر ، ثمّ أُبيحت في غزوة أوطاس ثمّ حُرّمت.

١٣ ـ أُبيحت في صدر الإسلام وعام أوطاس ويوم الفتح وعمرة القضاء ، وحُرّمت يوم خيبر وغزوة تبوك وحجّة الإسلام.

١٤ ـ أُبيحت ثمّ نسخت ، ثمّ أُبيحت ثمّ نُسخت ، ثمّ أُبيحت ثمّ نُسخت.

١٥ ـ أُبيحت سبعاً ونُسخت سبعاً. نُسخت بخيبر ، وحنين ، وعمرة القضاء ،

٣١٨

وعام الفتح ، وعام أوطاس ، وغزوة تبوك ، وحجّة الوداع (١).

وإن رمت الوقوف على الآراء المتضاربة حول أحاديث هذه الأقوال والكلمات الطويلة والعريضة فيها فخذ القول الأوّل مقياساً ، وقد أخرج حديثه خمسة من أئمّة الصحاح الستّ في صحاحهم وغيرهم من أئمّة الحديث في مسانيدهم (٢) ، وأنهوا إسناده إلى علم أمير المؤمنين فتكلّم القوم فيه :

فمن قائل (٣) بأنّ تحريم المتعة يوم خيبر صحيح لا شكّ فيه.

وآخر يقول (٤) : هذا شيء لا يعرفه أحد من أهل السير ورواة الأثر أنّ المتعة حُرّمت يوم خيبر.

وثالث (٥) يقول : إنّه غلط ولم يقع في غزوة خيبر تمتّع بالنساء.

ورابع (٦) يقول : إنّ التاريخ في الحديث إنّما هو في النهي عن لحوم الحُمُر الأهليّة

__________________

(١) راجع أحكام القرآن للجصّاص : ٢ / ١٨٢ [٢ / ١٥٠] ، صحيح مسلم : ١ / ٣٩٤ [٣ / ١٩٤ ـ ١٩٩ ح ١٨ ـ ٣٢ كتاب النكاح] ، زاد المعاد : ١ / ٤٤٣ [٢ / ١٨٣] ، فتح الباري : ٩ / ١٣٨ [٩ / ١٦٩] ، إرشاد الساري : ٨ / ٤١ [١١ / ٤٥٧] ، شرح صحيح مسلم للنووي ـ هامش الإرشاد ـ : ٦ / ١٢٤ ـ ١٣٠ [٩ / ١٧٩ ـ ١٨٩] ، شرح الموطّأ للزرقاني : ٢ / ٢٤ [٣ / ١٥٣ ح ١١٧٨]. (المؤلف)

(٢) صحيح البخاري : ٨ / ٢٣ [٥ / ١٩٦٦ ح ٤٨٢٥] ، صحيح مسلم : ١ / ٣٩٧ [٣ / ١٩٨ ـ ١٩٩ ح ٢٩ ـ ٣٢ كتاب النكاح] ، سنن ابن ماجة : ١ / ٦٠٤ [١ / ٦٣٠ ح ١٩٦١ ـ ١٩٦٣] ، سنن الدارمي : ٢ / ١٤٠ ، صحيح الترمذي : ١ / ٢٠٩ [٣ / ٤٢٩ ح ١١٢١ و ١١٢٢] ، سنن النسائي : ٦ / ١٢٦ [٣ / ٣٢٨ ح ٥٥٤٧ ـ ٥٥٤٩]. (المؤلف)

(٣) قاله القاضي عياض ، وحكاه عنه الزرقاني في شرح الموطّأ : ٣ / ٢٤ [٣ / ١٥٣ ح ١١٧٨]. (المؤلف)

(٤) قاله السهيلي في الروض الأُنف : ٢ / ٢٣٨ [٦ / ٥٥٧]. (المؤلف)

(٥) قاله أبو عمر ـ صاحب الاستيعاب ـ وحكاه عنه الزرقاني في شرح المواهب : ٢ / ٢٣٩ ، وفي شرح الموطّأ : ٣ / ٢٤ [٣ / ١٥٢ ح ١١٧٨]. (المؤلف)

(٦) قاله ابن عيينة كما في سنن البيهقي : ٧ / ٢٠١ ، وزاد المعاد : ١ / ٤٤٣ [٢ / ١٨٣]. (المؤلف)

٣١٩

لا في النهي عن نكاح المتعة ، فتوهّم بعض الرواة فجعله ظرفاً لتحريمها. انتهى.

كيف خفي هذا الوهم على طائفة كبيرة من العلماء ومنهم الشافعي وذهبوا إلى تحريمها يوم خيبر كما في زاد المعاد (١) (١ / ٤٤٢) ، وكيف عزب عن مثل مسلم وأخرجه في صحيحه بلفظ : نهى عن متعة النساء يوم خيبر (٢) ، وفي لفظه الآخر : نهى عن نكاح المتعة يوم خيبر. وفي ثالث الألفاظ له : نهى عنها يوم خيبر. وفي لفظ رابع له : نهى رسول الله عن متعة النساء يوم خيبر؟

وجاء خامس (٣) يزيّف ويضعف أحاديث بقيّة الأقوال فيقول : فلم يبق صحيح صريح سوى خيبر والفتح مع ما وقع في خيبر من الكلام.

هذا شأن أصح رواية أخرجتها أئمّة الحديث في النهي عن المتعة ، والخطب في بقيّة مستند تلكم الأقوال أعظم وأعظم ، وأفظع من هذه كلّها نعرات القرن العشرين لصاحبها موسى الوشيعة ؛ فإنّه جاء بطامّات قصرت عنها يد اللاعبين بالكتاب والسنّة في القرون المتقادمة ، وأتى برأيٍ جديد خداج ومذهب مخترع يخالف رأي سلف الأُمّة جمعاء ، ولا يساعده في تقوّلاته أيّ مبدأ من المبادئ الإسلامية ولا شيء من الكتاب والسنّة.

قال : وللأُمّة في المتعة كلام طويل عريض ، وأرى أنّ المتعة من بقايا الأنكحة الجاهلية ، ويمكن أنّها قد وقعت من بعض الناس في صدر الإسلام ، ويمكن أنّ الشارع الكريم قد أقرّها لبعض الناس في الأحوال من باب ما نزل فيها إلاّ ما قد سلف ... وقد نزل في أشدّ المحرّمات ، كانت المتعة أمراً تاريخيّا ولم تكن حكماً شرعياً بإذن من

__________________

(١) زاد المعاد : ٢ / ١٨٢.

(٢) وبهذا اللفظ أخرجه الخطيب في تاريخ بغداد : ٦ / ١٠٢ [رقم ٣١٣٧] و ٨ / ٤٦١ [رقم ٤٥٧٧]. (المؤلف)

(٣) قاله الزرقاني في شرح الموطّأ : ٢ / ٢٤ [٣ / ١٥٣ ح ١١٧٨]. (المؤلف)

٣٢٠