الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٦

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٦

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٤

أخرجه في سننه (١) (٥ / ١٥٥) ، وأحمد في مسنده (٢) (٤ / ٤٣٦) قريباً من لفظ مسلم مبتوراً.

وفي لفظ الإسماعيلي : تمتّعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ونزل فيه القرآن ولم ينهنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (٣).

٢ ـ عن أبي موسى : أنّه كان يفتي بالمتعة ، فقال له رجل : رويدك ببعض فتياك فإنّك لا تدري ما أحدث أمير المؤمنين في النسك بعدك ، حتى لقيته فسألته ، فقال عمر : قد علمت أنّ النبيّ قد فعله وأصحابه ولكنّي كرهت أن يظلّوا معرّسين بهنّ في الأراك ثمّ يروحون في الحجِّ تقطر رءوسهم.

أخرجه (٤) مسلم في صحيحه (١ / ٤٧٢) ، وابن ماجة في سننه (٢ / ٢٢٩) ، وأحمد في مسنده (١ / ٥٠) ، والبيهقي في سننه (٥ / ٢٠) ، والنسائي في سننه (٥ / ١٥٣) ، ويوجد في تيسير الوصول (١ / ٢٨٨) ، وشرح الموطّأ للزرقاني (٢ / ١٧٩)

٣ ـ عن مطرف ، عن عمران بن حصين : أنّي لأُحدِّثك بالحديث اليوم ينفعك الله به بعد اليوم ، واعلم أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أعمر طائفة من أهله في العشر ، فلم تنزل آية تنسخ ذلك ولم ينه عنه حتى مضى لوجهه ، ارتأى كلّ امرئٍ بعد ما شاء أن يرتئي. وفي لفظ مسلم الآخر : ارتأى رجل برأيه ما شاء يعني عمر. وفي لفظ ابن ماجة : ولم ينهَ عنه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم ينزل نسخه ، قال في ذلك بعد رجل برأيه

__________________

(١) السنن الكبرى : ٢ / ٣٥٠ ح ٣٧١٩.

(٢) مسند أحمد : ٥ / ٦٠٣ ح ١٩٤٠٦.

(٣) فتح الباري : ٣ / ٣٣٨ [٣ / ٤٣٢]. (المؤلف)

(٤) صحيح مسلم : ٣ / ٦٧ ح ١٥٧ كتاب الحجّ ، سنن ابن ماجة : ٢ / ٩٩٢ ح ٢٩٧٩ ، مسند أحمد : ١ / ٨١ ح ٣٥٣ ، السنن الكبرى : ٢ / ٣٤٨ ح ٣٧١٥ ، تيسير الوصول : ١ / ٣٤٠ ح ٣٠ ، شرح الزرقاني على موطّأ مالك : ٢ / ٢٦٥.

٢٨١

ما شاء أن يقول (١).

صحيح مسلم (١ / ٤٧٤) ، سنن ابن ماجة (٢ / ٢٢٩) ، مسند أحمد (٤ / ٤٣٤) ، السنن الكبرى (٤ / ٣٤٤) ، فتح الباري (٣ / ٣٣٨).

صورة أخرى :

عن مطرف ، قال : قال لي عمران بن حصين : أُحدِّثك حديثاً عسى الله أن ينفعك به : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم جمع بين حجّة وعمرة ثمّ لم ينهَ عنه حتى مات ، ولم ينزل فيه قرآن يحرِّمه ، وقد كان يسلّم عليَّ حتى اكتويت فتركت ثمّ تركت الكيّ فعاد. وفي لفظ الدارمي : إنّ المتعة حلال في كتاب الله لم ينهَ عنها نبيّ ولم ينزل فيها كتاب ، قال رجل برأيه ما بدا له. صحيح مسلم (٢) (١ / ٤٧٤) ، سنن الدارمي (٢ / ٣٥).

صورة ثالثة :

عن مطرف ، قال : بعث إليَّ عمران بن حصين في مرضه الذي توفِّي فيه فقال : إنّي كنت محدِّثك بأحاديث لعلّ الله أن ينفعك بها بعدي ، فإن عشت فاكتم عليَّ ، وإن متُّ فحدِّث بها إن شئت ؛ إنّه قد سُلِّم عليَّ ، واعلم أنّ نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد جمع بين حجٍّ وعمرة ثمّ لم ينزل فيها كتاب الله ولم ينهَ عنها نبيّ الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال رجل فيها برأيه ما شاء (٣).

صحيح مسلم (١ / ٤٧٤) ، مسند أحمد (٤ / ٤٢٨) ، سنن النسائي (٥ / ١٤٩).

__________________

(١) صحيح مسلم : ٣ / ٧٠ ح ١٦٥ و ١٦٦ كتاب الحجّ ، سنن ابن ماجة : ٢ / ٩٩١ ح ٢٩٧٨ ، مسند أحمد : ٥ / ٦٠٠ ح ١٩٣٩٤ ، فتح الباري : ٣ / ٤٣٢.

(٢) صحيح مسلم : ٣ / ٧٠ ح ١٦٧ كتاب الحجّ.

(٣) صحيح مسلم : ٣ / ٧٠ ح ١٦٨ ، مسند أحمد : ٥ / ٥٩٠ ح ١٩٣٤٠ ، السنن الكبرى : ٢ / ٣٤٦ ح ٣٧٠٧.

٢٨٢

٤ ـ عن محمد بن عبد الله بن نوفل قال : سمعت عام حجّ معاوية يسأل سعد بن مالك كيف تقول بالتمتّع بالعمرة إلى الحجّ؟ قال : حسنة جميلة ، فقال : قد كان عمر ينهى عنها ، فأنت خير من عمر؟ قال : عمر خير منّي ، وقد فعل ذلك النبيُّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وهو خير من عمر. سنن الدارمي (٢ / ٣٥).

٥ ـ عن محمد بن عبد الله : أنّه سمع سعد بن أبي وقاص والضحّاك بن قيس عام حجّ معاوية بن أبي سفيان وهما يذكران التمتّع بالعمرة إلى الحجّ ، فقال الضحّاك : لا يصنع ذلك إلاّ من جهل أمر الله تعالى. فقال سعد : بئس ما قلت يا ابن أخي. قال الضحّاك : فإنّ عمر بن الخطّاب نهى عن ذلك. قال سعد : قد صنعها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وصنعناها معه (١).

الموطّأ لمالك (١ / ١٤٨) ، كتاب الأُمّ للشافعي (٧ / ١٩٩) ، سنن النسائي (٥ / ١٥٢) ، صحيح الترمذي (١ / ١٥٧) ، فقال : هذا حديث صحيح. أحكام القرآن للجصّاص (١ / ٣٣٥) ، سنن البيهقي (٥ / ١٧) ، تفسير القرطبي (٢ / ٣٦٥) وقال : هذا حديث صحيح. زاد المعاد لابن القيّم (١ / ٨٤) وذكر تصحيح الترمذي له ، المواهب اللدنيّة للقسطلاني ، شرح المواهب للزرقاني (٨ / ١٥٣).

٦ ـ عن سالم قال : إنّي لجالس مع ابن عمر في المسجد إذ جاءه رجل من أهل الشام فسأله عن التمتّع بالعمرة إلى الحجّ : فقال ابن عمر : حسن جميل ، قال : فإنّ أباك كان ينهى عنها. فقال : ويلك! فإن كان أبي نهى عنها وقد فعله رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأمر به أفبقول أبي آخذ أم بأمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قم عنّي (٢).

__________________

(١) موطّأ مالك : ١ / ٣٤٤ ح ٦٠ ، كتاب الأُمّ : ٧ / ٢١٤ ، السنن الكبرى : ٢ / ٣٤٨ ح ٣٧١٤ ، سنن الترمذي : ٣ / ١٨٥ ح ٨٢٣ ، أحكام القرآن : ١ / ٢٨٤ ، الجامع لأحكام القرآن : ٢ / ٢٥٨ ، زاد المعاد : ١ / ١٧٩ ، المواهب اللدنيّة : ٤ / ٤١٢.

(٢) تفسير القرطبي : ٢ / ٣٦٥ [٢ / ٢٥٨] نقلاً عن الدارقطني. (المؤلف)

٢٨٣

صورة أخرى :

سُئل عبد الله بن عمر عن متعة الحجّ ، قال : هي حلال. فقال له السائل : إنّ أباك قد نهى عنها. فقال : أرأيت إن كان أبي نهى عنها وصنعها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أأمر أبي تتبّع أم أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ فقال الرجل : بل أمر رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. فقال : لقد صنعها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

صورة ثالثة :

قال سالم : سُئل ابن عمر عن متعة الحجّ فأمر بها ، فقيل له : إنّك تخالف أباك. قال : إنّ أبي لم يقل الذي تقولون إنّما قال : أفردوا العمرة من الحجّ ، أي أنّ العمرة لا تتمّ في شهور الحجّ إلاّ بهدي وأراد أن يُزار البيت في غير شهور الحجّ فجعلتموها أنتم حراماً وعاقبتم الناس عليها ، وقد أحلّها الله عزّ وجلّ وعمل بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : فإذا أكثروا عليه قال : أفكتاب الله عزّ وجلّ أحقُّ أن يُتّبع أم عمر؟ السنن الكبرى (٥ / ٢١)

صورة رابعة :

قال سالم : كان عبد الله بن عمر يفتي بالذي أنزل الله عزّ وجلّ من الرخصة في التمتّع وسنّ فيه رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فيقول ناس لعبد الله بن عمر : كيف تخالف أباك وقد نهى عن ذلك؟ فيقول لهم عبد الله : ويلكم! ألا تتّقون الله؟ أرأيتم إن كان عمر رضى الله عنه نهى عن ذلك يبتغي فيه الخير ويلتمس فيه تمام العمرة فلم تحرِّمون وقد أحلّه الله وعمل به

__________________

(١) صحيح الترمذي : ١ / ١٥٧ [٣ / ١٨٥ ح ٨٢٤] ، زاد المعاد لابن القيّم : ١ / ١٦٤ [١ / ١٨٩] ، وفي هامش شرح المواهب للزرقاني : ٢ / ٢٥٢. (المؤلف)

٢٨٤

رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ أفرسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحقُّ أن تتّبعوا سنّته أو عمر رضى الله عنه؟ إنّ عمر لم يقل لك : إنّ العمرة في أشهر الحجّ حرام ولكنّه قال : إنّ أتمّ العمرة أن تفردوها من أشهر الحجِ (١).

٧ ـ عن سعيد بن جبير ، عن ابن عبّاس ، قال : تمتّع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فقال عروة : نهى أبو بكر وعمر عن المتعة. فقال ابن عبّاس : ما يقول عُرَيّة؟ قال : يقول : نهى أبو بكر وعمر عن المتعة. فقال ابن عبّاس : أراهم سيهلكون أقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويقولون : قال أبو بكر وعمر (٢).

مسند أحمد (١ / ٣٣٧) ، كتاب مختصر العلم لأبي عمر (ص ٢٢٦) ، تذكرة الحفّاظ للذهبي (٣ / ٥٣) ، زاد المعاد لابن القيّم (١ / ٢١٩).

٨ ـ أخرج أحمد في مسنده (٣) (١ / ٤٩) عن أبي موسى ؛ أنّ عمر رضى الله عنه قال : هي سنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ـ يعني المتعة ـ ولكنّي أخشى أن يعرِّسوا بهنّ تحت الأراك ثمّ يروحوا بهنّ حجّاجاً.

٩ ـ عن ابن عبّاس ؛ أنّه قال لمن كان يعارضه في متعة الحجّ بأبي بكر وعمر : يوشك أن ينزل عليكم حجارة من السماء ، أقول : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتقولون : قال أبو بكر وعمر. زاد المعاد لابن القيّم (٤) (١ / ٢١٥) وهامش شرح المواهب (٢ / ٣٢٨).

١٠ ـ عن الحسن : أنّ عمر أراد أن ينهى عن متعة الحجِّ فقال له أُبيّ : ليس ذلك لك فقد تمتّعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولم ينهنا عن ذلك ، فأضرب عن ذلك عمر ، وأراد

__________________

(١) سنن البيهقي : ٥ / ٢١ ، مجمع الزوائد : ١ / ٢٨٥. (المؤلف)

(٢) مسند أحمد : ١ / ٥٥٤ ح ٣١١١ ، مختصر جامع بيان العلم : ص ٣٩١ ح ٢٥٥. تذكرة الحفّاظ : ٣ / ٨٣٧ رقم ٨١٧ ، زاد المعاد : ١ / ٢١٢.

(٣) مسند أحمد : ١ / ٧٩ ح ٣٤٤.

(٤) زاد المعاد : ١ / ٢٠٩.

٢٨٥

أن ينهى عن حلل الحبرة لأنّها تصبغ بالبول ، فقال له أُبيّ : ليس لك ذلك قد لبسهنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولبسناهنّ في عهده.

أخرجه إمام الحنابلة أحمد في مسنده (١) (٥ / ١٤٣) ، وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد (٣ / ٢٤٦) نقلاً عن أحمد وقال : رجاله رجال الصحيح ، والسيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه (٢) (٣ / ٣٣) نقلاً عن أحمد ، وفي الدرِّ المنثور (٣) (١ / ٢١٦) نقلاً عن مسند ابن راهويه وأحمد ، ولفظه :

إنّ عمر بن الخطّاب همَّ أن ينهى عن متعة الحجِّ ؛ فقام إليه أُبيّ بن كعب فقال : ليس ذلك لك قد نزل بها كتاب الله واعتمرناها مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فنزل عمر.

وذكره ابن القيّم الجوزيّة في زاد المعاد (٤) (١ / ٢٢٠) من طريق عليِّ بن عبد العزيز البغوي ولفظه :

إنّ عمر أراد أن يأخذ مال الكعبة وقال : الكعبة غنيّة عن ذلك المال ، وأراد أن ينهى أهل اليمن أن يصبغوا بالبول ، وأراد أن ينهى عن متعة الحجّ ، فقال أُبيُّ بن كعب : قد رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه هذا المال وبه وبأصحابه الحاجة إليه فلم يأخذه وأنت فلا تأخذه ، وقد كان رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأصحابه يلبسون الثياب اليمانيّة فلم ينهَ عنها وقد علم أنّها تُصبَغ بالبول ، وقد تمتّعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلم ينهَ عنها ولم ينزل الله تعالى فيها نهياً.

١١ ـ أخرج البخاري في صحيحه ، عن أبي جمرة نصر بن عمران ، قال : سألت

__________________

(١) مسند أحمد : ٦ / ١٧٣ ح ٢٠٧٧٦.

(٢) كنز العمّال : ٥ / ١٦٧ ح ١٢٤٨٧.

(٣) الدرّ المنثور : ١ / ٥٢١.

(٤) زاد المعاد : ١ / ٢١٣.

٢٨٦

ابن عبّاس رضى الله عنه عن المتعة فأمرني بها ، وسألته عن الهدي فقال : فيها ـ في المتعة ـ جزور أو بقرة أو شاة أو شرك في دم. قال : وكأنّ ناساً كرهوها ، فنمت فرأيت في المنام كأنّ إنساناً ينادي حجّ مبرور ومتعة متقبّلة ، فأتيت ابن عبّاس فحدّثته فقال : الله أكبر سنّة أبي القاسم صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم (١).

قال القسطلاني في إرشاد الساري (٢) (٣ / ٢٠٤) : وكأنّ ناساً كرهوها ، يعني كعمر ابن الخطّاب وعثمان بن عفّان وغيرهما ممّن نقل عنه الخلاف في ذلك.

١٢ ـ عن ابن سيرين ؛ أنّه سُئل عن المتعة بالعمرة إلى الحجّ ، قال : كرهها عمر ابن الخطّاب وعثمان بن عفّان ، فإن يكن علماً فهما أعلم منّي ، وإن يكن رأياً فرأيهما أفضل. أخرجه (٣) أبو عمر في جامع بيان العلم (٢ / ٣١) ، وفي مختصره (ص ١١١).

١٣ ـ عن الأسود بن يزيد ، قال : بينما أنا واقف مع عمر بن الخطّاب بعرفة عشيّة عرفة فإذا هو برجل مرجّل شعره يفوح منه ريح الطيب ، فقال له عمر : أمحرم أنت؟ قال : نعم. فقال عمر : ما هيأتك بهيأة محرم إنّما المحرم الأشعث الأغبر الأذفر. قال : إنّي قدمت متمتِّعاً وكان معي أهلي ، وإنّما أحرمت اليوم. فقال عمر عند ذلك : لا تتمتّعوا في هذه الأيام فإنِّي لو رخّصت في المتعة لهم لعرّسوا بهنّ في الأراك ثمّ راحوا بهنّ حجّاجاً.

أخرجه أبو حنيفة كما في زاد المعاد لابن القيّم (٤) (١ / ٢٢٠) فقال : قال ابن حزم :

__________________

(١) صحيح البخاري : ٣ / ١١٤ [٢ / ٦٠٥ ح ١٦٠٣] كتاب الحجّ ، باب : فمن تمتّع بالعمرة إلى الحجّ. وذكره السيوطي في الدرّ المنثور : ١ / ٢١٧ [١ / ٥٢١] نقلاً عن البخاري ومسلم : [٣ / ٨٣ ح ٢٠٤ كتاب الحج]. (المؤلف)

(٢) إرشاد الساري : ٤ / ٢٣٦ ح ١٦٨٨.

(٣) جامع بيان العلم : ص ٢٤٦ ح ١٢٨٥ ، مختصر جامع بيان العلم : ص ١٩٩ ح ١٨٠.

(٤) زاد المعاد : ١ / ٢١٤.

٢٨٧

وكان ما ذا؟ وحبّذا ذلك وقد طاف النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم على نسائه ثمّ أصبح محرماً ، ولا خلاف أنّ الوطء مباح قبل الإحرام بطرفة عين ، والله أعلم.

أخرجه أبو يوسف القاضي في كتاب الآثار (ص ٩٧) رواية عن أبي حنيفة ، عن حمّاد ، عن إبراهيم ، عن عمر بن الخطّاب ؛ أنّه بينا هو واقف بعرفات إذ أبصر رجلاً يقطر رأسه طيباً فقال له عمر : ألست محرماً ويحك؟ فقال : بلى يا أمير المؤمنين. قال : ما لي أراك يقطر رأسك طيباً؟ والمحرم أشعث أغبر. قال : أهللت بالعمرة مفردة وقدمت مكة ومعي أهلي ففرغت من عمرتي ، حتى إذا كان عشيّة التروية أهللت بالحجّ ، قال : فرأى عمر أنّ الرجل قد صدقه إنّما عهده بالنساء والطيب بالأمس ، فنهى عمر عند ذلك عن المتعة وقال : إذاً والله لأوشكتم لو خلّيت بينكم وبين المتعة أن تضاجعوهنّ تحت أراك عرفة ثمّ تروحون حجّاجاً.

١٤ ـ عن ابن عبّاس ، قال : سمعت عمر يقول : والله إنّي لأنهاكم عن المتعة وإنّها لفي كتاب الله ، ولقد فعلها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم يعني العمرة في الحجّ. أخرجه النسائي في سننه (١) (٥ / ١٥٣).

١٥ ـ عن عبد الله بن عمر ؛ أنّ عمر بن الخطّاب قال : افصلوا بين حجّكم وعمرتكم ، فإنّ ذلك أتمّ لحجّ أحدكم ، وأتمّ لعمرته أن يعتمر في غير أشهر الحجّ.

موطّأ مالك (٢) (١ / ٢٥٢) ، سنن البيهقي (٥ / ٥) ، تيسير الوصول (٣) (١ / ٢٧٩) ، وأخرجه ابن أبي شيبة كما في الدرّ المنثور (٤) (١ / ٢٨١) ولفظه :

قال عمر : افصلوا بين حجّكم وعمرتكم ، اجعلوا الحجّ في أشهر الحجّ ،

__________________

(١) السنن الكبرى : ٢ / ٣٤٩ ح ٣٧١٦.

(٢) موطّأ مالك : ١ / ٣٤٧ ح ٦٧.

(٣) تيسير الوصول : ١ / ٣٣٠ ح ٢.

(٤) الدرّ المنثور : ١ / ٥٢٥.

٢٨٨

واجعلوا العمرة في غير أشهر الحجّ ، أتمّ لحجّكم ولعمرتكم.

١٦ ـ عن سعيد بن المسيّب : أنّ عمر بن الخطّاب نهى عن المتعة في أشهر الحجّ وقال : فعلتها مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا أنهى عنها ، وذلك أنّ أحدكم يأتي من أُفق من الآفاق شعثاً نصباً معتمراً في أشهر الحجِّ ، وإنّما شعثه ونصبه وتلبيته في عمرته ثمّ يقدم فيطوف بالبيت ويحلُّ ويلبس ويتطيّب ويقع على أهله إن كانوا معه ، حتى إذا كان يوم التروية أهلَّ بالحجّ وخرج إلى منى يلبِّي بحجّة لا شعث فيها ولا نصب ولا تلبية إلاّ يوماً والحجّ أفضل من العمرة ، لو خلّينا بينهم وبين هذا لعانقوهنّ تحت الأراك ، مع أنّ أهل البيت ليس لهم ضرع ولا زرع وإنّما ربيعهم فيمن يطرأ عليهم.

ذكره السيوطي في جمع الجوامع كما في ترتيبه الكنز (١) (٣ / ٣٢) نقلاً عن أبي نعيم في الحلية (٢) ، وأحمد والبخاري ومسلم والنسائي والبيهقي.

١٧ ـ أخرج القاضي أبو يوسف في كتاب الآثار (ص ٩٩) ، عن أبي حنيفة ، عن حماد ، عن إبراهيم ، قال : إنّما نهى عمر عن الإفراد ـ يعني إفراد المتعة ـ فأمّا القران فلا.

ـ ٦٩ ـ

متعة النساء

١ ـ عن جابر بن عبد الله قال : كنّا نستمتع بالقبضة من التمر والدقيق الأيام على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر حتى ـ ثمّ ـ نهى عنه عمر في شأن عمرو بن حريث (٣).

__________________

(١) كنز العمّال : ٥ / ١٦٤ ح ١٢٤٧٧.

(٢) حلية الأولياء : ٥ / ٢٠٥.

(٣) صحيح مسلم : ٣ / ١٩٤ ح ١٦ كتاب النكاح ، جامع الأُصول : ١٢ / ١٣٥ ح ٨٩٥٣ ، تيسير الوصول : ٤ / ٣١٥ ح ٥ ، زاد المعاد : ٢ / ١٨٤ ، فتح الباري : ٩ / ١٧٢ ، كنز العمّال : ١٦ / ٥٢٣ ح ٤٥٧٣٢.

٢٨٩

صحيح مسلم (١ / ٣٩٥) ، جامع الأُصول لابن الأثير ، تيسير الوصول لابن الديبع (٤ / ٢٦٢) ، زاد المعاد لابن القيّم (١ / ٤٤٤) ، فتح الباري لابن حجر (٩ / ١٤١) ، كنز العمّال (٨ / ٢٩٤).

٢ ـ عن عروة بن الزبير : أنّ خولة بنت حكيم دخلت على عمر بن الخطّاب رضى الله عنه فقالت : إنّ ربيعة بن أُميّة استمتع بامرأة مولّدة فحملت منه ، فخرج عمر رضى الله عنه يجرّ رداءه فزعاً فقال : هذه المتعة ، ولو كنت تقدّمت فيه لرجمته.

إسناد صحيح رجاله كلّهم ثقات أخرجه مالك في الموطّأ (١) (٢ / ٣٠) ، والشافعي في كتاب الأُمّ (٢) (٧ / ٢١٩) ، والبيهقي في السنن الكبرى (٧ / ٢٠٦).

٣ ـ عن الحكم ، قال : قال عليّ رضى الله عنه : «لو لا أنّ عمر رضى الله عنه نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقي».

صورة أخرى :

عن الحكم ؛ أنّه سُئل عن هذه الآية ـ آية متعة النساء ـ أمنسوخة؟ قال : لا.

وقال عليّ : «لو لا أنّ عمر نهى عن المتعة ما زنى إلاّ شقي» (٣).

تفسير الطبري (٥ / ٩) بإسناد صحيح ، تفسير الثعلبي ، تفسير الرازي (٣ / ٢٠٠) ، تفسير أبي حيّان (٣ / ٢١٨) ، تفسير النيسابوري ، الدرّ المنثور (٢ / ١٤٠) بعدّة طرق.

٤ ـ عن ابن جريج ، عن عطاء ، قال : سمعت ابن عبّاس يقول : رحم الله عمر

__________________

(١) موطّأ مالك : ٢ / ٥٤٢ ح ٤٢.

(٢) كتاب الأُمّ : ٧ / ٢٣٥.

(٣) جامع البيان : مج ٤ / ج ٥ / ١٣ ، الكشف والبيان : الورقة ١٤٢ سورة النساء : آية ٢٤ ، التفسير الكبير : ١٠ / ٥٠ ، تفسير النيسابوري : ٢ / ٣٩٢ ، الدرّ المنثور : ٢ / ٤٨٦.

٢٩٠

ما كانت المتعة إلاّ رحمة من الله تعالى رحم بها أُمّة محمد ، ولولا نهيه لما احتاج إلى الزنا إلاّ شفى (١).

أحكام القرآن للجصّاص (٢ / ١٧٩) ، بداية المجتهد لابن رشد (٢ / ٥٨) ، النهاية لابن الأثير (٢ / ٢٤٩) ، الغريبين للهروي ، الفائق للزمخشري (١ / ٣٣١) ، تفسير القرطبي (٥ / ١٣٠) وفيه بدل إلاّ شفى : إلاّ شقيّ. وكذلك في تفسير السيوطي (٢ / ١٤٠) من طريق الحافظين عبد الرزاق وابن المنذر عن عطاء ، لسان العرب لابن منظور (١٩ / ١٦٦) ، تاج العروس (١٠ / ٢٠٠) وحذف من صدر الحديث : رحم الله عمر ، وزاد هو وابن منظور. قال عطاء : والله لكأنّي أسمع قوله إلاّ شفىً (٢).

٥ ـ أخرج الحافظ عبد الرزاق في مصنّفه (٣) عن ابن جريج قال : أخبرني أبو الزبير عن جابر قال : قدم عمرو بن حريث الكوفة فاستمتع بمولاة ، فأُتي بها عمر وهي حبلى ، فسأله فاعترف ، قال : فذلك حين نهى عنها عمر. فتح الباري (٤) (٩ / ١٤١).

٦ ـ أخرج الحافظ ابن أبي شيبة (٥) ، عن نافع : أنّ ابن عمر سُئل عن المتعة ، فقال : حرام. فقيل له : ابن عبّاس يفتي بها ، قال : فهلاّ ترمرم بها ـ تزمزم ـ في زمان عمر. الدرّ المنثور (٦) (٢ / ١٤٠) ، جمع الجوامع (٧) نقلاً عن ابن جرير.

__________________

(١) أي إلاّ قليلاً من الناس ، قاله ابن الأثير في النهاية [٢ / ٤٨٨]. (المؤلف)

(٢) أحكام القرآن : ٢ / ١٤٧ ، النهاية : ٢ / ٤٨٨ ، الفائق في غريب الحديث : ٢ / ٢٥٥ ، الجامع لأحكام القرآن : ٥ / ٨٦ ، الدرّ المنثور : ٢ / ٤٨٧ ، لسان العرب : ١٣ / ١٥.

(٣) المصنّف : ٧ / ٥٠٠ ح ١٤٠٢٩.

(٤) فتح الباري : ٩ / ١٧٢.

(٥) المصنّف في الأحاديث والآثار : ٤ / ٢٩٣.

(٦) الدرّ المنثور : ٢ / ٤٨٧.

(٧) كنز العمّال : ١٦ / ٥٢١ ح ٤٥٧٢٣.

٢٩١

٧ ـ أخرج الطبري ، عن جابر ، قال : كانوا يتمتّعون من النساء حتى نهاهم عمر بن الخطّاب. كنز العمّال (١) (٨ / ٢٩٣).

٨ ـ عن سليمان بن يسار ، عن أُمّ عبد الله ابنة أبي خيثمة : أنّ رجلاً قدم من الشام فنزل عليها فقال : إنّ العزبة قد اشتدّت عليَّ فأبغيني امرأةً أتمتّع معها. قالت : فدللته على امرأة فشارطها وأشهدوا على ذلك عدولاً ، فمكث معها ما شاء الله أن يمكث ، ثمّ إنّه خرج فأخبر عن ذلك عمر بن الخطّاب ، فأرسل إليَّ فسألني أحقّ ما حدّثت؟

قلت : نعم. قال : فإذا قدم فأذنيني ، فلمّا قدم أخبرته ، فأرسل إليه فقال : ما حملك على الذي فعلته؟ قال : فعلته مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ لم ينهنا عنه حتى قبضه الله ، ثمّ مع أبي بكر فلم ينهنا عنه حتى قبضه الله ، ثمّ معك فلم تحدث لنا فيه نهياً. فقال عمر : أما والذي نفسي بيده لو كنت تقدّمت في نهي لرجمتك ، بيّنوا حتى يعرف النكاح من السفاح. كنز العمّال (٢) (٨ / ٢٩٤) من طريق الطبري.

٩ ـ أخرج الحفّاظ عبد الرزّاق (٣) ، وأبو داود في ناسخه ، وابن جرير الطبري (٤) ، عن عليّ أمير المؤمنين ، قال : «لو لا ما سبق من رأي عمر بن الخطّاب لأمرت بالمتعة ، ثمّ ما زنى إلاّ شقيّ». كنز العمّال (٥) (٨ / ٢٩٤).

١٠ ـ قال عطاء : قدم جابر بن عبد الله معتمراً فجئناه في منزله ، فسأله القوم عن أشياء ثمّ ذكروا المتعة ، فقال : استمتعنا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر وعمر.

__________________

(١) كنز العمّال : ١٦ / ٥٢٠ ح ٤٥٧١٩.

(٢) كنز العمّال : ص ٥٢٢ ح ٤٥٧٢٦.

(٣) المصنّف : ٧ / ٥٠٠ ح ١٤٠٢٩.

(٤) جامع البيان : مج ٤ / ج ٥ / ص ١٣.

(٥) كنز العمّال : ١٦ / ٥٢٢ ح ٤٥٧٢٨.

٢٩٢

وفي لفظ أحمد : حتى إذا كان في آخر خلافة عمر رضى الله عنه.

صحيح مسلم (١) (١ / ٣٩٥) في باب نكاح المتعة ، مسند أحمد (٢) (٣ / ٣٨٠) ، وذكره فخر الدين أبو محمد الزيلعي في تبيان الحقائق شرح كنز الدقائق ولفظه : تمتّعنا على عهد رسول الله وأبي بكر ونصفاً من خلافة عمر ثمّ نهى الناس عنه.

١١ ـ عن عمران بن حصين قال : نزلت آية المتعة في كتاب الله تعالى لم تنزل آية بعدها تنسخها ، فأمرنا بها رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتمتّعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومات ولم ينهنا عنها ، قال رجل بعد برأيه ما شاء (٣).

ذكره المفسِّرون عند قوله تعالى : (فَمَا اسْتَمْتَعْتُمْ بِهِ مِنْهُنَّ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ فَرِيضَةً) (٤) في بيان حجّة من جوّز متعة النكاح ، وبعضهم في مقام إثبات نسبة الجواز إلى عمران بن حصين. راجع (٥) تفسير الثعلبي ، تفسير الرازي (٣ / ٢٠٠ و ٢٠٢) ، تفسير أبي حيّان (٣ / ٢١٨) ، تفسير النيسابوري.

١٢ ـ عن نافع ، عن عبد الله بن عمر ؛ أنّه سُئل عن متعة النساء ، فقال : حرام ؛ أما إنّ عمر بن الخطّاب رضى الله عنه لو أخذ فيها أحداً لرجمه بالحجارة.

السنن الكبرى للبيهقي (٧ / ٢٠٦).

١٣ ـ كان عمر رضوان الله عليه يقول : والله لا أُوتي برجل أباح المتعة إلاّ رجمته. ذكره سبط ابن الجوزي في مرآة الزمان.

__________________

(١) صحيح مسلم : ٣ / ١٩٣ ح ١٥ كتاب النكاح.

(٢) مسند أحمد : ٤ / ٣٦٥ ح ١٤٦٥٥.

(٣) مرّت مصادر هذا الحديث في صحيفة : ١٩٨. (المؤلف)

(٤) النساء : ٢٤.

(٥) الكشف والبيان : الورقة ١٤٢ سورة النساء : آية ٢٤ ، التفسير الكبير : ١٠ / ٤٩ ، ٥٣ ، تفسير النيسابوري : ٢ / ٣٩٢.

٢٩٣

١٤ ـ عن أبي سعيد الخدري وجابر بن عبد الله ، قالا : تمتّعنا إلى نصف من خلافة عمر رضى الله عنه حتى نهى عمر الناس عنها في شأن عمرو بن حريث. عمدة القاري للعيني (١) (٨ / ٣١٠).

وأخرجه ابن رشد في بداية المجتهد (٢ / ٥٨) عن جابر بلفظ : تمتّعنا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأبي بكر ونصفاً من خلافة عمر ، ثمّ نهى عنها عمر الناس.

١٥ ـ عن أيّوب ؛ قال عروة لابن عبّاس : ألا تتّقي الله ترخِّص في المتعة؟ فقال ابن عبّاس : سل أُمّك يا عريّة! فقال عروة : أمّا أبو بكر وعمر فلم يفعلا. فقال ابن عبّاس : والله ما أراكم منتهين حتى يعذِّبكم الله ، نحدِّثكم عن النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وتحدِّثونا عن أبي بكر وعمر (٢).

إحالة ابن عبّاس فصل القضاء على أُمِّ عروة أسماء بنت أبي بكر إنّما هي لتمتّع الزبير بها ، وأنّها ولدت له عبد الله ، قال الراغب في المحاضرات (٣) (٢ / ٩٤) : عيّر عبد الله ابن الزبير عبد الله بن عبّاس بتحليله المتعة ، فقال له : سل أُمّك كيف سطعت المجامر بينها وبين أبيك ، فسألها فقالت : ما ولدتك إلاّ في المتعة.

وقال ابن عبّاس : أوّل مجمر سطع في المتعة مجمر آل الزبير (٤).

وأخرج مسلم في صحيحه (٥) (١ / ٣٥٤) عن مسلم القري ، قال : سألت ابن عبّاس عن متعة الحجّ فرخّص فيها وكان ابن الزبير ينهى عنها ، فقال : هذه أُمّ ابن

__________________

(١) عمدة القاري : ١٧ / ٢٤٦.

(٢) أخرجه أبو عمر في العلم : ٢ / ١٩٦ [ص ٤٣٤ ح ٢٠٩٥] ، وفي مختصره : ص ٢٢٦ [ص ٣٩١ ح ٢٥٥] ، وذكره ابن القيّم في زاد المعاد : ١ / ٢١٩ [١ / ٢١٣]. (المؤلف)

(٣) محاضرات الأدباء : مج ٢ / ج ٣ / ٢١٤.

(٤) العقد الفريد : ٢ / ١٣٩ [٣ / ٢٠٥]. (المؤلف)

(٥) صحيح مسلم : ٣ / ٨١ ح ١٩٤ و ١٩٥ كتاب الحجّ.

٢٩٤

الزبير تحدِّث أنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رخّص فيها فادخلوا عليها فاسألوها. قال : فدخلنا عليها فإذا امرأة ضخمة عمياء فقالت : قد رخّص رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فيها.

أخرجه بهذا اللفظ من طريقين ، ثمّ قال : فأمّا عبد الرحمن ففي حديثه (المتعة) ولم يقل (متعة الحجّ). وأمّا ابن جعفر فقال : قال شعبة : قال مسلم ـ يعني القري ـ : لا أدري متعة الحجّ أو متعة النساء.

والمتعة وإن أُطلقت في لفظ عبد الرحمن ولا يدري مسلم أيّ المتعتين هي ، غير أنّ أبا داود الطيالسي أخرج في مسنده (ص ٢٢٧) عن مسلم القري ، قال : دخلنا على أسماء بنت أبي بكر فسألناها عن متعة النساء ، فقالت : فعلناها على عهد النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

نعم ، فيما أخرجه أحمد في مسنده (١) (٦ / ٣٤٨) متعة الحجّ ، رواه من طريق شعبة ، وقد سمعت حكايته عن مسلم تردده ، فلعلّها قيّدت بعد بذلك تحفّظاً على كرامة ابن الزبير ، وتخفّياً على القارئ كونه وليد المتعة.

١٦ ـ أخرج ابن الكلبي ، أنّ سلمة بن أُميّة بن خلف الجمحي استمتع من سلمى مولاة حكيم بن أُميّة بن الأوقص الأسلمي ، فولدت له فجحد ولدها ، فبلغ ذلك عمر فنهى عن المتعة. وروى أيضاً : أنّ سلمة استمتع بامرأة فبلغ عمر فتوعّده. الإصابة (٢ / ٦٣).

__________________

(١) مسند أحمد : ٧ / ٤٨٧ ح ٢٦٤٠٦.

٢٩٥

المتعتان

متعة الحجّ ومتعة النساء

١ ـ عن أبي نضرة ، قال : كنت عند جابر بن عبد الله فأتاه آتٍ فقال : ابن عبّاس وابن الزبير اختلفا في المتعتين ، فقال جابر : فعلناهما مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ثمّ نهانا عنهما عمر فلم نعد لهما. صحيح مسلم (١) (١ / ٣٩٥) ، سنن البيهقي (٧ / ٢٠٦).

صورة أخرى :

عن أبي نضرة ، عن جابر رضى الله عنه ، قال : قلت : إنّ ابن الزبير ينهى عن المتعة وإنّ ابن عبّاس يأمر بها. قال : على يدي جرى الحديث ، تمتّعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ومع أبي بكر رضى الله عنه ، فلمّا ولي عمر خطب الناس فقال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم هذا الرسول ، وإنّ القرآن هذا القرآن ، وإنّهما كانتا متعتان (٢) على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا أنهى عنهما وأُعاقب عليهما : إحداهما متعة النساء ، ولا أقدر على رجل تزوّج امرأة إلى أجل إلاّ غيّبته بالحجارة ، والأخرى متعة الحجّ.

سنن البيهقي (٧ / ٢٠٦) فقال : أخرجه مسلم في الصحيح (٣) من وجه آخر عن همام.

__________________

(١) صحيح مسلم : ٣ / ١٩٤ ح ١٧ كتاب النكاح.

(٢) كذا في المصدر أيضاً.

(٣) صحيح مسلم : ٣ / ٥٦ ح ١٤٥ كتاب الحجّ.

٢٩٦

صورة ثالثة :

عن جابر بن عبد الله ، قال : تمتّعنا متعتين على عهد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم : الحجّ والنساء فنهانا عمر عنهما فانتهينا.

أخرجه إمام الحنابلة أحمد في مسنده (١) (٣ / ٣٥٦ ، ٣٦٣) بطريقين ؛ أحدهما طريق عاصم صحيح رجاله كلّهم ثقات بالاتّفاق. وذكره السيوطي كما في كنز العمّال (٢) (٨ / ٢٩٣) عن الطبري.

صورة رابعة :

عن أبي نضرة ، قال : كان ابن عبّاس يأمر بالمتعة وكان ابن الزبير ينهى عنها ، قال : فذكرت ذلك لجابر بن عبد الله ، فقال : على يدي دار الحديث ، تمتّعنا مع رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم فلمّا قام عمر قال : إنّ الله كان يحلُّ لرسوله ما شاء بما شاء فأتمّوا الحجّ والعمرة كما أمر الله ، وانتهوا ـ وأبتوا ـ عن نكاح هذه النساء ، لا أُوتى برجل نكح ـ تزوّج ـ امرأة إلى أجل إلاّ رجمته (٣).

صحيح مسلم (١ / ٤٦٧) ، أحكام القرآن للجصّاص (٢ / ١٧٨) ، سنن البيهقي (٥ / ٢١) ، تفسير الرازي (٣ / ٢٦) ، كنز العمّال (٨ / ٢٩٣) ، الدرّ المنثور (١ / ٢١٦).

صورة خامسة :

قال قتادة : سمعت أبا نضرة يقول : قلت لجابر بن عبد الله : إنّ ابن الزبير ينهى

__________________

(١) مسند أحد : ٤ / ٣٢٥ ح ١٤٤٢٠ و ٣٣٧ ح ١٤٥٠٠.

(٢) كنز العمّال : ١٦ / ٥٢٠ ح ٤٥٧٢٠.

(٣) صحيح مسلم : ٣ / ٥٦ ح ١٤٥ كتاب الحجّ ، أحكام القرآن : ٢ / ١٤٧ ، التفسير الكبير : ١٠ / ٥١ ، كنز العمّال : ١٦ / ٥٢١ ح ٤٥٧٢٥ ، الدرّ المنثور : ١ / ٥٢٠.

٢٩٧

عن المتعة وإنّ ابن عبّاس يأمر بها ، قال جابر : على يدي دار الحديث ، تمتّعنا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، فلمّا كان عمر بن الخطّاب ، وقال : إنّ الله عزّ وجلّ كان يحلُّ لنبيّه ما شاء ، وإنّ القرآن قد نزل منازله ، فافصلوا حجّكم من عمرتكم ، واتّبعوا نكاح هذه النساء ، فلا أُوتى برجل تزوّج امرأة إلى أجل إلاّ رجمته. مسند أبي داود الطيالسي (ص ٢٤٧).

قال الأميني : لمّا لم يكن رجم المتمتّع بالنساء مشروعاً ولم يحكم به فقهاء القوم لشبهة العقد هناك ، قال الجصّاص (١) بعد ذكر الحديث : فذكر عمر الرجم في المتعة جائز أن يكون على جهة الوعيد والتهديد لينزجر الناس عنها.

٢ ـ عن عمر ، أنّه قال في خطبته : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأنا أنهى عنهما وأُعاقب (٢) عليهما : متعة الحجّ ، ومتعة النساء ، وفي لفظ الجصّاص : لو تقدّمت فيها لرجمت (٣).

البيان والتبيين للجاحظ (٢ / ٢٢٣) ، أحكام القرآن للجصّاص (١ / ٣٤٢ ، ٣٤٥ و ٢ / ١٨٤) ، تفسير القرطبي (٢ / ٣٧٠) ، المبسوط للسرخسي الحنفي ـ في باب القرآن من كتاب الحجّ ـ وصحّحه ، زاد المعاد لابن القيّم (١ / ٤٤٤) فقال : ثبت عن عمر ، تفسير الفخر الرازي (٢ / ١٦٧ و ٣ / ٢٠١ ، ٢٠٢) ، كنز العمّال (٨ / ٢٩٣) نقله عن كتاب أبي صالح والطحاوي ، و (ص ٢٩٤) عن ابن جرير الطبري وابن عساكر ، ضوء الشمس (٢ / ٩٤).

استدلّ المأمون على جواز المتعة بهذا الحديث وهمَّ بأن يحكم بها ، كما في تاريخ

__________________

(١) أحكام القرآن : ٢ / ١٤٧.

(٢) أضرب فيهما ، كذا في لفظ غير واحد. وفي لفظ الجاحظ : أضرب عليهما. (المؤلف)

(٣) البيان والتبيين : ٢ / ١٩٣ ، أحكام القرآن : ١ / ٢٩٠ و ٢٩٣ و ٢ / ١٥٢ ، الجامع لأحكام القرآن : ٢ / ٢٦١ ، كتاب المبسوط : ٤ / ٢٧ ، زاد المعاد : ٢ / ١٨٤ ، التفسير الكبير : ٥ / ١٥٣ و ١٠ / ٥٢ ، ٥٣ ، كنز العمّال : ١٦ / ٥١٩ ح ٤٥٧١٥ و ٥٢١ ح ٤٥٧٢٢ شرح معاني الآثار : ٢ / ١٤٦ ح ٣٦٨٦.

٢٩٨

ابن خلّكان (١) (٢ / ٣٥٩) طبع إيران واللفظ هناك : متعتان كانتا على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وعلى عهد أبي بكر رضى الله عنه وأنا أنهى عنهما.

خطبة عمر هذه في المتعتين من المتسالم عليه بالألفاظ المذكورة ، غير أنّ أحمد إمام الحنابلة (٢) أخرج الحديث باللفظ الثاني لجابر وحذف منه ما حسبه خدمة للمبدإ ولفظه : فلمّا ولي عمر رضى الله عنه خطب الناس فقال : إنّ القرآن هو القرآن وإنّ رسول الله هو الرسول وإنّهما كانتا متعتان (٣) على عهد رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ؛ إحداهما متعة الحجّ ، والأخرى متعة النساء.

٣ ـ أخرج الحافظ ابن أبي شيبة ، عن سعيد بن المسيّب ، قال : نهى عمر عن متعتين : متعة النساء ومتعة الحجّ. الدرّ المنثور (٤) (٢ / ١٤٠) ، كنز العمّال (٥) (٨ / ٢٩٣) نقلاً عن مسدّد.

٤ ـ أخرج الطبري ، عن عروة بن الزبير ، أنّه قال لابن عبّاس : أهلكت الناس ، قال : وما ذاك؟ قال : تفتيهم في المتعتين وقد علمت أنّ أبا بكر وعمر نهيا عنهما؟ فقال : ألا للعجب إنِّي أُحدِّثه عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ويحدّثني عن أبي بكر وعمر. فقال : هما كانا أعلم بسنّة رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وأتبع لها منك. كنز العمّال (٦) (٨ / ٢٩٣) ، مرآة الزمان للسبط الحنفي (ص ٩٩).

٥ ـ قال الراغب في المحاضرات (٧) (٢ / ٩٤): قال يحيى بن أكثم لشيخ بالبصرة :

__________________

(١) وفيات الأعيان : ٦ / ١٥٠ رقم ٧٩٣.

(٢) مسند أحمد : ١ / ٨٤ ح ٣٧١.

(٣) كذا.

(٤) الدرّ المنثور : ٢ / ٤٨٧.

(٥) كنز العمّال : ١٦ / ٥٢٠ ح ٤٥٧١٨.

(٦) كنز العمّال : ص ٥١٩ ح ٤٥٧١٣.

(٧) محاضرات الأدباء : مج ٢ / ج ٣ / ٢١٤.

٢٩٩

بمن اقتديت في جواز المتعة؟ قال : بعمر بن الخطّاب رضى الله عنه. قال : كيف وعمر كان أشدّ الناس فيها؟ قال : لأنّ الخبر الصحيح أنّه صعد المنبر فقال : إنّ الله ورسوله قد أحلاّ لكم متعتين وإنِّي محرِّمهما عليكم وأُعاقب عليهما. فقبلنا شهادته ولم نقبل تحريمه.

٦ ـ أخرج الطبري في تاريخه (١) (٥ / ٣٢) عن عمران بن سوادة ، قال : صلّيت الصبح مع عمر فقرأ سبحان وسورة معها ثمّ انصرف وقمت معه ، فقال : أحاجة؟ قلت : حاجة. قال : فالحق. قال : فلحقت ، فلمّا دخل أذن لي ، فإذا هو على سرير ليس فوقه شيء ، فقلت : نصيحة. فقال : مرحباً بالناصح غدوّا وعشيّا. قلت : عابت أُمّتك [منك] (٢) أربعاً. قال : فوضع رأس درّته في ذقنه ووضع أسفلها على فخذه ثمّ قال : هات. قلت : ذكروا أنك حرّمت العمرة في أشهر الحجِ ولم يفعل ذلك رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ولا أبو بكر رضى الله عنه وهي حلال. قال : هي حلال ، لو أنّهم اعتمروا في أشهر الحجّ رأوها مجزية من حجِّهم فكانت قائبة قوب عامها فقرع حجّهم وهو بهاء من بهاء الله وقد أصبت. قلت : وذكروا أنّك حرّمت متعة النساء وقد كانت رخصة من الله نستمتع بقبضة ونفارق عن ثلاث. قال : إنّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أحلّها في زمان ضرورة ثمّ رجع الناس إلى السعة ثمّ لم أعلم أحداً من المسلمين عمل بها ولا عاد إليها ، فالآن من شاء نكح بقبضة وفارق عن ثلاث بطلاق وقد أصبت. قال : قلت : وأعتقت الأمة إن وضعت ذا بطنها بغير عتاقة سيّدها. قال : ألحقت حرمة بحرمة وما أردت إلاّ الخير وأستغفر الله. قلت : وتشكو منك نهر الرعيّة وعنف السياق. قال : فشرع الدرّة ثمّ مسحها حتى أتى على آخرها ، ثمّ قال : أنا زمّيل محمد ـ وكان زامله في غزوة قرقرة الكدر ـ فو الله إنّي لأرتع فأُشبع ، وأسقي فأروي ، وأنهز اللفوت (٣) وأزجر العروض (٤)

__________________

(١) تاريخ الأُمم والملوك : ٤ / ٢٢٥ حوادث سنة ٢٣ ه‍.

(٢) الزيادة من المصدر.

(٣) النهز : الضرب والدفع. واللفوت : الناقة الضجور عند الحلب. (المؤلف)

(٤) العروض : الناقة تأخذ يميناً وشمالاً ولا تلزم المحجّة. (المؤلف)

٣٠٠