الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٥

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٥

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٧١٢

مشايخه والرواة عنه :

يروي قدس‌سره عن زرافات من حملة العلم وأساتذة المذهب ، منهم :

١ ـ الشيخ أبو السعادات هبة الله بن عليّ البغدادي : المتوفّى (٥٢٢).

٢ ـ السيّد عماد الدين أبو الصمصام ذو الفقار بن محمد الحسيني المروزي : أدركه الشيخ منتجب الدين حدود (٥٢٠) وله يومئذٍ من العمر (١١٥) عاماً.

٣ ـ الشيخ أبو المحاسن مسعود بن محمد الصواني : المتوفّى (٥٤٤) كما أُرّخ في تاريخ بيهق.

٤ ـ الشيخ عماد الدين محمد بن أبي القاسم الطبري : مؤلّف بشارة المصطفى لشيعة المرتضى.

٥ ـ الشيخ أبو عليّ الطبرسي : صاحب مجمع البيان ، المتوفّى (٥٤٨) كما أُرّخ في نقد الرجال (١).

٦ ـ الشيخ ركن الدين أبو الحسن عليّ بن عليّ بن عبد الصمد النيسابوري التميمي.

٧ ـ الشيخ محمد بن عليّ بن عبد الصمد : أخو الشيخ ركن الدين المذكور.

٨ ـ السيّد أبو تراب المرتضى ابن الداعي الرازي الحسني : صاحب تبصرة العوام.

٩ ـ السيّد أبو الحرب المجتبى ابن الداعي الرازي : أخو السيّد أبي تراب المذكور.

١٠ ـ السيّد أبو البركات محمد بن إسماعيل الحسيني المشهدي.

__________________

(١) نقد الرجال للتفريشي : ص ٢٦٦.

٦٠١

١١ ـ الشيخ أبو جعفر محمد بن عليّ بن الحسن الحلبي.

١٢ ـ أبو نصر الغاري : قال صاحب الرياض (١) : لعلّه نسبة إلى الغار من قرى الأحساء ، وهي معمورة إلى الآن.

١٣ ـ الشيخ أبو القاسم بن كميح.

١٤ ـ الشيخ أبو جعفر محمد بن المرزبان.

١٥ ـ الشيخ أبو عبد الله الحسين المؤدّب القمّي.

١٦ ـ الشيخ أبو سعد الحسن بن عليّ الأرابادي.

١٧ ـ الشيخ أبو القاسم الحسن بن محمد الحديقي.

١٨ ـ الشيخ أبو الحسين أحمد بن محمد بن عليّ بن محمد المرشكي.

١٩ ـ الشيخ هبة الله بن دعويدار.

٢٠ ـ السيّد عليّ بن أبي طالب السليقي.

٢١ ـ الشيخ أبو جعفر بن كميح : أخو الشيخ أبي القاسم المذكور.

٢٢ ـ الشيخ عبد الرحيم البغدادي المعروف بابن الأخوّة.

٢٣ ـ الشيخ أبو جعفر محمد بن عليّ بن الحسن النيسابوري المقري.

٢٤ ـ الشيخ محمد بن الحسن : والد شيخنا الخواجة نصير الدين الطوسي. ذكره صاحب الروضات (٢) ، ويستبعده الاعتبار ؛ إذ الشيخ والد الخواجة في طبقة تلامذة المترجم ، ويحتمل قويّا أن يكون هو الشيخ محمد بن الحسن بن محمد الطوسي ،

__________________

(١) رياض العلماء : ٥ / ٥٢٣.

(٢) روضات الجنّات : ٤ / ٧.

٦٠٢

المكنّى بأبي نصر المتوفّى ـ كما في شذرات الذهب (١) ـ (٥٤٠) ، والله العالم.

ويروي عن شيخنا القطب جمع من أعلام الطائفة منهم :

١ ـ الشيخ أحمد بن عليّ بن عبد الجبّار الطبرسي القاضي.

٢ ـ الشيخ نصير الدين راشد بن إبراهيم البحراني.

٣ ـ الشيخ بابويه سعد بن محمد بن الحسن بن الحسين بن بابويه.

٤ ـ ولد المترجم أبو الفرج عماد الدين عليّ بن قطب الدين الراوندي.

٥ ـ القاضي جمال الدين عليّ.

٦ ـ الشريف عزّ الدين أبو الحرث محمد بن الحسن العلوي البغدادي.

٧ ـ الشيخ ابن شهرآشوب محمد بن عليّ السروي المازندراني.

تآليفه القيّمة

١ ـ سلوة الحزين (٢)

 ٧ ـ قصص الأنبياء

٢ ـ المغني في شرح النهاية ـ عشر مجلّدات

 ٨ ـ المعارج في شرح خطبة من نهج البلاغة

٣ ـ تفسير القرآن

 ٩ ـ إحكام الأحكام

٤ ـ نهية النهاية

 ١٠ ـ بيان الانفرادات

٥ ـ منهاج البراعة في شرح نهج البلاغة (٣)

 ١١ ـ الشافية رسالة في الغسلة الثانية

٦ ـ غريب النهاية

 ١٢ ـ التغريب في التعريب

__________________

(١) شذرات الذهب : ٦ / ٢٠٧ حوادث سنة ٥٤٠ ه‍.

(٢) للعلاّمة النوري حول الكتاب كلمة ضافية مفيدة في مستدرك الوسائل : ٣ / ٣٢٦. (المؤلف)

(٣) عدّه صاحب الرياض [٢ / ٤٢١] أوّل شروح نهج البلاغة ، وقد عرفت خلافه في الجزء الرابع : ص ١٨٦ من كتابنا هذا. (المؤلف)

٦٠٣

١٣ ـ آيات الأحكام

 ٣٢ ـ جنى الجنّتين في ذكر ولد العسكريّين

١٤ ـ شرح الكلمات المائة لأمير المؤمنين

 ٣٣ ـ تحفة العليل

١٥ ـ الإغراب في الإعراب

 ٣٤ ـ أسباب النزول

١٦ ـ زهرة المباحثة

 ٣٥ ـ أحوال أحاديثنا وإثبات صحّتها

١٧ ـ ضياء الشهاب في شرح الشهاب (١)

 ٣٦ ـ أمّ القرآن

١٨ ـ تهافت الفلاسفة

 ٣٧ ـ صلاة الآيات

١٩ ـ كتاب البحر

 ٣٨ ـ حلّ المعقود من الجمل والعقود

٢٠ ـ شجار العصابة في غسل الجنابة

 ٣٩ ـ فقه القرآن (٢)

٢١ ـ جواهر الكلام

 ٤٠ ـ ألقاب المعصومين

٢٢ ـ النيات في العبادات

 ٤١ ـ التلخيص من فصول الشعراني

٢٣ ـ فرض من حضره الأداء وعليه القضاء

 ٤٢ ـ الآيات المشكلة

٢٤ ـ الخرائج والجرائح

 ٤٣ ـ رسالة في العقيقة

٢٥ ـ رسالة الفقهاء

 ٤٤ ـ شرح الذريعة للشريف المرتضي ـ ٣ مجلدات

٢٦ ـ رسالة في الناسخ والمنسوخ من القرآن

 ٤٥ ـ نفثة المصدور (٣)

٢٧ ـ شرح العوامل

 ٤٦ ـ خلاصة التفاسير ـ عشر مجلدات

٢٨ ـ رسالة في الخمس

 ٤٧ ـ الرائع في الشرائع ـ مجلّدان

٢٩ ـ لباب الأخبار في فضل آية الكرسى

 ٤٨ ـ الإنجاز في شرح الإيجاز

٣٠ ـ مسألة في الخمس

 ٤٩ ـ شرح ما يجوز وما لا يجوز من النهاية

٣١ ـ كتاب المزار

 ٥٠ ـ الاختلاف الواقع بين شيخنا المفيد

١٧ ـ ضياء الشهاب في شرح الشهاب (١)

 ٣٦ ـ أمّ القرآن

وسيّدنا المرتضي في مسائل كلاميّة تُعدّ (٩٥) مسألة

__________________

(١) كتاب الشهاب للقاضي القضاعي ، شرحه المترجم سنة (٥٥٣). (المؤلف)

(٢) ألّفه سنة (٥٦٢). (المؤلف)

(٣) هي منظوماته. (المؤلف)

٦٠٤

هذا ما وقفنا عليه من تآليف المترجم ، وأحسب اتّحاد بعض منها مع بعض آخر ، كالتلخيص مع لباب الأخبار ، وأُمّ القرآن مع بعض تفاسيره.

خلفه الصالح :

وخلفه أولاد فقهاء أعلام المذهب ، وهم : الشيخ أبو الفرج عماد الدين عليّ بن قطب الدين ، فقيه ثقة كما في فهرست الشيخ منتجب الدين (١) ، يروي عن والده القطب السعيد وعن جماعة من أعاظم الطائفة ، منهم :

السيّد ضياء الدين فضل الله بن عليّ الراوندي الكاشاني.

جمال الدين حسين بن عليّ أبو الفتوح الرازي ، المفسّر الكبير.

سديد الدين محمود بن عليّ بن الحسن الحمصي الرازي.

أمين الدين أبو عليّ الفضل بن الحسين الطبرسي صاحب مجمع البيان.

الشيخ عبد الرحيم بن أحمد البغدادي الشهير بابن الأخوّة.

نصّ على ذلك كلّه صاحب المعالم في إجازته الكبيرة ، ويروي عنه الفقيه الكبير الشيخ أبو طالب نصير الدين عبد الله بن حمزة بن الحسن بن عليّ بن نصير الطوسي ، والشيخ محمد بن جعفر بن أبي البقاء الحلّي المعروف بابن نما المطلق.

ترجمه شيخنا الحرّ العاملي في أمل الآمل (٢) مرّة تحت عنوان : عليّ بن قطب الدين أبي الحسين الراوندي ، وأخرى بعنوان : عليّ ابن الإمام قطب الدين سعيد الراوندي ، وقال في الموضع الأوّل : يروي عنه الشهيد. انتهى. وهذا اشتباه بيّن ؛ إذ الشيخ عليّ هذا من أعلام القرن السادس وشيخنا الشهيد ولد سنة (٧٣٤).

__________________

(١) فهرست منتجب الدين : ص ١٢٧ رقم ٢٧٥.

(٢) أمل الآمل : ٢ / ١٧١ و ١٨٨ رقم ٥١١ و ٥٥٩ وفيه : أبي الحسن.

٦٠٥

وللشيخ عليّ هذا ولد عالم ذكره الشيخ منتجب الدين في الفهرست (١) ، وأطراه بالفضل والعلم ، ألا وهو الشيخ أبو الفضائل برهان الدين محمد بن عليّ بن قطب الدين.

وولد المترجم الثاني : الشيخ نصير الدين أبو عبد الله الحسين بن قطب الدين ، أحد شهداء أعلام الدين وحملة العلم والفضيلة ، ترجمناه في كتابنا ـ شهداء الفضيلة (ص ٤٠)

وولده الثالث : الفقيه ظهير الدين أبو الفضل محمد بن قطب الدين ، أصفقت المعاجم على الثناء عليه بالإمامة والثقة والعدل.

توفّي المترجم ـ القطب السعيد ـ ضحوة يوم الأربعاء ، الرابع عشر من شوّال سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة ، كما في إجازات البحار (ص ١٥) نقلاً عن خط شيخنا الشهيد الأوّل قدس‌سره ، وفي لسان الميزان (٢) نقلاً عن تاريخ الريّ لابن بابويه : إنّه توفّي في ثالث عشر شوّال ، وقبره في الصحن الجديد من الحضرة الفاطميّة بقم المشرّفة.

__________________

(١) فهرست منتجب الدين : ص ١٧٢ رقم ٤١٩.

(٢) لسان الميزان : ٣ / ٥٩ رقم ٣٧٦٢.

٦٠٦

ـ ٥٥ ـ

سبط ابن التعاويذي

المولود (٥١٩)

المتوفّى (٥٨٤)

يا سميَّ النبيِّ يا بنَ عليّ

قامع الشرك والبتول الطهورِ

أنت تسمو على البريّةِ طرّا

بمحلٍّ عالٍ وبيتٍ كبيرِ

عنكمُ يؤخذُ الوفاء ومنكم

يحتذي (١) الناس كلّ خير وخيرِ

كيف أخلفتني وما الخلفُ للم

يعاد من عادةِ الموالي الصدورِ

أنت يا ابن المختارِ أكرمُ من أن

تنظر في أمرٍ مستفادٍ حقيرِ

أنت أوليتنيه منك ابتداءً

غير ما مُكرهٍ ولا مجبورِ

وأخو الفضل من يُساعد في الش

دَّة لا في الرخاءِ والميسورِ

أيّ عذرٍ ينوبُ عنك وما نا

بك وجهُ الصوابِ بالمعذورِ (٢)

ومتى ما استمرَّ خُلفُكَ للوع

ـدِ ولم تعتذرْ عن التأخيرِ

صرتُ من جملةِ النواصب لا آ

كُلُ غيرَ الجرّي والجرجيرِ

وتغسّلتُ واكتحلت ثلاثاً

وطبخت الحبوبَ في عاشورِ

__________________

(١) في مطبوع ديوانه : يجتدي. (المؤلف)

(٢) في ديوانه المطبوع : وما تارك وجه الصواب بالمعذور. (المؤلف)

٦٠٧

وطويتُ الأحزان فيه ولم أُب

دِ سروراً في يومِ عيدِ الغديرِ

وتبدّلتُ من مبيتيَ في مش

هد موسى (١) بجامعِ المنصورِ

وتطهّرت من إناءِ يه

ـوديّ وفضّلته على الخنزيرِ

ورآني أهل التشيّع في الكر

خ بتاموسة وذيلٍ قصيرِ

زائراً قبر مصعب بعد ما كن

ت أُوالي دفين قبر النذورِ (٢)

وتخيَّرت أن يكون الزبيديُ (٣)

رفيقي في العرض يوم النشورِ

وتراني في الحشر فاطمةُ الطه

ر وكفِّي في كفِّه المبتورِ

وتكون المسؤولَ أنتَ عن مؤمنٍ أل

قيته غداً في سواء السعيرِ

هذه الأبيات أخذناها من ديوان المترجم المخطوط (٤) ، كتبها إلى نقيب الكوفة وشريفها المعظّم السيّد محمد بن مختار العلوي ، يعاتبه على عدم الوفاء بوعد كان وعده به ، وهي على وتيرة تتريّة ابن منير ، ولهما أشباه ونظائر مرّ الإيعاز إليها في (٤ / ٣٢٩ ـ ٣٣١).

الشاعر

أبو الفتح محمد بن عبيد الله (٥) البغدادي ، يُعرف بابن التعاويذي وبسبط ابن التعاويذي ، وكلاهما نسبة إلى جدّه لأمّه أبي محمد المبارك بن المبارك الجوهري ، المعروف بابن التعاويذي ، المولود بالكرخ سنة (٤٩٦) ، والمتوفّى في جمادى الأولى سنة (٥٥٣) ، ودفن بمقبرة الشونيزيّة.

__________________

(١) يعني مشهد الإمام موسى بن جعفر ـ صلوات الله عليهما ـ بالكاظمية. (المؤلف)

(٢) كان قبر مصعب يزار في القرون الأُولى ، كما مرّ : ص ١٩٤ من هذا الجزء. وقبر النذور مرّ تفصيله في ص ١٩٩. (المؤلف)

(٣) هو لعين الأمّة عبد الرحمن بن ملجم المرادي ، قاتل أمير المؤمنين عليه‌السلام. (المؤلف)

(٤) توجد في مطبوع ديوانه صفحة ٢١٤. (المؤلف)

(٥) في غير واحد من المصادر : عبد الله. (المؤلف)

٦٠٨

كان المترجم في الصدر من شعراء الشيعة ، وفي الطليعة من كتّابها الأفذاد ، يزدهي العراق بشعره المبهج وأدبه المبتلج ، كما أنّ الكتب ضاءت بألقٍ من كلمه ، وضاعت بعبقٍ من نشر فمه ، وقد أصفقت المعاجم على الثناء عليه ، وذكر فضله الظاهر ومآثره الجمّة ، ففي معجم الأدباء (١) (٧ / ٣١) : كان شاعر العراق في وقته ، وكان كاتباً بديوان الأقطاع ببغداد ، واجتمع به العماد الكاتب الأصبهاني لمّا كان بالعراق وصحبه مدّة ، فلمّا انتقل العماد إلى الشام واتصل بالسلطان صلاح الدين يوسف بن أيوب كان ابن التعاويذي يراسله ، فكان بينهما مراسلات ذكر بعضها العماد في الخريدة ، وعمي أبو الفتح في آخر عمره سنة (٥٧٩) ، وله في ذلك أشعار كثيرة يندب بها بصره وزمان شبابه ، ومدح السلطان صلاح الدين بثلاث (٢) قصائد أنفذها إليه من بغداد ، إحداها عارض بها قصيدة أبي منصور عليّ بن الحسن المعروف بصرّدر (٣) ، التي أوّلها :

أكذا يُجازى ودُّ كلّ قرين

فقال ابن التعاويذي وأحسن ما شاء :

إن كان دينُكَ في الصبابة ديني

فقف المطيّ برملتي يَبرينِ (٤)

والثم ثرىً لو شارفت بي هضبَهُ

أيدي المطيّ لثمتُها بجفوني

__________________

(١) معجم الأدباء : ١٨ / ٢٣٥.

(٢) توجد في ديوان المترجم في مدح صلاح الدين يوسف ست قصائد لا ثلاث ، ولعلّه أنفذ منها إليه ثلاثاً. (المؤلف)

(٣) أبو منصور عليّ بن الحسن الكاتب الشاعر ، المتوفّى سنة (٤٦٥) مترجم في غير واحد من المعاجم. (المؤلف)

(٤) يبرين ـ بالفتح ثمّ السكون ـ : رمل لا تدرك أطرافه عن يمين مطلع الشمس من حجر اليمامة ، وقيل : إنّه من أصقاع البحرين ، به منبران ، وهناك الرمل الموصوف بالكثرة [معجم البلدان : ٥ / ٤٢٧] (المؤلف)

٦٠٩

وأنشد فؤادي في الظباء معرِّضاً

فبغيرِ غزلانِ الصريمِ جنوني

ونشيدتي بين الخيام وإنّما

غالطتُ عنها بالظباء العينِ

لو لا العِدى لم أُكنِ عن ألحاظِها

وقدودِها بجآذرٍ وغصونِ

لله ما اشتملت عليه قبابُهمْ

يوم النوى من لؤلؤٍ مكنونِ

من كلِّ تائهةٍ على أترابِها

في الحسن غانيةٍ عن التحسينِ

خَوْد تُري قمرَ السماءِ إذا بدت

ما بين سالفةٍ لها وجبينِ

غادين ما لمعتْ بروقُ ثغورِهمْ

إلاّ استهلّت بالدموعِ شئوني (١)

إن تُنكروا نفسَ الصبا فلأنَّها

مرَّتْ بزفرةِ قلبيَ المحزونِ

وإذا الركائبُ في المسيرِ تلفَّتتْ

فحنينُها لتلفّتي وحنيني

يا سَلمُ إن ضاعت عهودي عندكمْ

فأنا الذي استودعتُ غيرَ أمينِ

أوعدتُ مغبوناً فما أنا في الهوى

لكمُ بأوّلِ عاشقٍ مغبونِ

رفقاً فقد عسفَ الفراقُ بمطلقِ ال

عبراتِ في أسرِ الغرامِ رهينِ

وذكر من القصيدة (٣٢) بيتاً (٢) ، ونقتطف ممّا ذكره من قصيدته الثانية أبياتاً من أوّلها (٣) :

حتّام أرضى في هواكَ وتغضبُ

وإلى متى تجني عليّ وتعتبُ

ما كان لي لو لا ملالُكَ زلّةٌ

لمّا مللتَ زعمتَ أنّي مذنبُ

خذ في أفانينِ الصدودِ فإنّ لي

قلباً على العلاّتِ لا يتقلّبُ

__________________

(١) في مطبوع ديوانه : جفوني. (المؤلف)

(٢) القصيدة (٧١) بيتاً ، نظمها سنة (٥٧٥) ببغداد وأرسلها إلى دمشق ، توجد في ديوانه المطبوع : ص ٤٢٠. (المؤلف)

(٣) القصيدة (٨١) بيتاً ، نظمها سنة (٥٨٠) وأنفذها على يد رسوله إلى دمشق ، توجد في ديوانه المطبوع : ص ٢٢. (المؤلف)

٦١٠

أتظنّني أضمرتُ يوماً سلوةً

هيهاتَ عطفُكَ من سلوّي أقربُ

لي فيك نار جوانح ما تنطفي

شوقاً وماءُ مدامع لا ينضبُ

ثمّ ذكر أبياتاً من قصيدته الثالثة اللاميّة ، وذكر من شعره قوله من قصيدة يندب بصره :

حالان مسّتني الحوا

دث منهما بفجيعتينِ

إظلام عين في ضيا

ءٍ من مشيبٍ سرمدينِ (١)

صبح وإمساء معاً

لا خلفةً فاعجبْ لذينِ

قد رحتُ في الدنيا من الس

رّاءِ صِفرَ الراحتينِ

أسوان لا حيٌّ ولا

ميتٌ كهمزةِ بين بينِ

قال الأميني : هذه القصيدة تحتوي (٥٩) بيتاً ، مطلعها الموجود :

أترى تعودُ لنا كما

سلفت ليالي الأبرقينِ

ويقول فيها :

فأناخ في آلِ الرسولِ

مجاهراً برزيئتينِ

بدءاً برزءٍ في أبي

حسن وعَوْداً في الحسينِ

الطيِّبين الطاهرين

الخيِّرين الفاضلينِ

المدليينِ إلى النبيِ

محمدٍ بقرابتينِ (٢)

__________________

(١) في مطبوع ديوانه :

إظلام عينٍ في ضيا

ءِ مشيب رأس سرمدين

(المؤلف)

(٢) ذكرت في ديوانه المطبوع : ص ٤٣٥. (المؤلف)

٦١١

وذكر الحموي (١) من شعره قوله :

سقاكِ سارٍ من الوسميِّ هتّانُ

ولا رقَت للغوادي فيك أجفانُ

يا دار لهوي وإطرابي ومعهد

أترابي ولِلَّهو أوطارٌ وأوطانُ (٢)

أعائدٌ ليَ ماضٍ من جديدِ هوىً

أبليتُه وشبابٌ فيكِ فينانُ (٣)

إذ الرقيبُ لنا عينٌ مساعدةٌ

والكاشحون لنا في الحبِّ أعوانُ

وإذ جميلَةُ توليني الجميلَ وعن

ـد الغانياتِ وراء الحسنِ إحسانُ

ولي إلى البانِ من رمل الحمى طرفٌ

فاليومَ لا الرملُ يصبيني ولا البانُ

وما عسى يُدرك المشتاقُ من وطرٍ

إذا بكى الربعُ والأحبابُ قد بانوا

إنَّ المغاني معانٍ والمنازل أم

واتٌ إذا لم يكن فيهنَّ سكّانُ

لله كم قمرت لُبِّي بجوِّك أق

مارٌ وكم غازلتني فيك غزلانُ

وليلةَ باتَ يجلو الراحَ من يدِهِ

فيها أغنٌّ خفيفُ الروحِ جذلانُ

خالٍ من الهمِّ في خلخاله حَرجٌ

فقلبهُ فارغٌ والقلبُ ملآنُ

يُذْكي الجوى باردٌ من ريقِه شبمٌ

ويوقدُ الظرفَ طرفٌ منه وسنانُ (٤)

إن يُمسِ ريَّانَ من ماءِ الشبابِ فلي

قلبٌ إلى ريقهِ المعسولِ ظمآنُ

بين السيوف وعينيهِ مشاركةٌ

من أجلها قيل للأغمادِ أجفانُ

فكيف أصحو غراماً أو أُفيق جوىً

وقدُّه ثملٌ بالتِّيهِ نشوانُ

أفديه من غادرٍ بالعهد غادرني

صدوده ودموعي فيه غُدرانُ

في خدِّه وثناياه ومقلتِهِ

وفي عذاريه للعشّاقِ بستانُ

__________________

(١) معجم الأدباء : ١٨ / ٢٤٤ ـ ٢٤٩.

(٢) في ديوانه : وللهو والإطراب أوطاني. (المؤلف)

(٣) أي غضّ ناعم. (المؤلف)

(٤) في ديوانه : ويوقظ الوجد طرف منه وسنان. شبم : شديد البرودة. (المؤلف)

٦١٢

شقائقٌ وأقاحٍ نبته خضلٌ (١)

ونرجسٌ أنا منه الدهرَ سكرانُ (٢)

وكان له راتب في الديوان فلمّا عمي طلب أن يجعل باسم أولاده ، ثمّ كتب هذه القصيدة ورفعها إلى الخليفة الناصر التمس بها تجديد راتب مدّة حياته :

خليفة الله أنت بالدين والدنيا

وأمر الإسلام مضطلعُ

إلى آخر [الأبيات]

ثمّ قال : وكلُّ شعر أبي الفتح غرر ، وديوانه كبير يدخل في مجلّدين جمعه بنفسه قبل أن يضرّ ، وافتتحه بخطبة لطيفة ، ورتّبه على أربعة أبواب ، وما حدّث من شعره بعد العمى سمّاه الزيادات ، وهي ملحقة ببعض نسخ ديوانه المتداولة وبعض النسخ خلو منها ، وله كتاب سمّاه الحجبة والحجّاب ، في مجلّد كبير ونسخه قليلة.

ولد أبو الفتح بن التعاويذي في اليوم العاشر من رجب سنة (٥١٩) وتوفّي في ثاني شوّال سنة (٥٨٣) ببغداد ، ودفن في مقبرة باب أبرز. انتهى ملخصاً.

وفي تاريخ ابن خلكان (٣) (٢ / ١٢٣) : أبو الفتح بن التعاويذي نسب إلى جده لأُمّه أبي محمد المبارك ؛ لأنّه كفله صغيراً ونشأ في حجره ، وكان أبو الفتح هذا شاعر وقته لم يكن مثله ، جمع شعره بين جزالة الألفاظ وعذوبتها ، ورقّة المعاني ودقّتها ، وهو في غاية الحسن والحلاوة ، وفيما أعتقده لم يكن قبله بمائتي سنة من يُضاهيه ،

__________________

(١) شقائق ـ ويقال له شقائق النعمان ـ : نبت بستاني أحمر. والأقاحي جمع الأقحوان : هو زهرالبابونج. (المؤلف)

(٢) فيه تصحيف وصحيحه : ونرجس عبق غض وريحان. وبعده قوله :

ما زال يمزج كأسي من مراشفه

بقهوة أنا منها الدهر سكران

والقصيدة تناهز (٧٧) بيتاً نظمها سنة (٥٨١) يمدح بها الناصر لدين الله في عيد الفطر ، توجد في ديوانه : ص ٤١٢. (المؤلف)

(٣) وفيات الأعيان : ٤ / ٤٦٦ رقم ٦٨٠.

٦١٣

ولا يُؤاخذني من يقف على هذا الفضل فإنّ ذلك يختلف بميل الطباع ، ولله درّ القائل :

وللناس فيما يعشقون مذاهبُ

وكان كاتباً بديوان المقاطعات ، وعمي في آخر عمره سنة (٥٧٩) ثمّ ذكر ما يقرب من كلام نقلناه عن معجم الأدباء (١) ، وروى من شعره ما يربو على سبعين بيتاً ، وقال : أوردت هذه المقاطيع من شعره لكونها مستملحة ، وأمّا قصائده المشتملة على النسيب والمدح فإنّها في غاية الحسن ، وصنّف كتاباً سمّاه الحجبة والحجّاب ، وترجمه العماد الأصبهاني في كتاب الخريدة وأثنى عليه بقوله : هو شاب فيه فضل ، وآداب ، ورئاسة ، وكياسة ، ومروّة ، وأبوّة ، وفتوّة ، وجمعني وإيّاه صدق العقيدة في عقد الصداقة ، وقد كملت به أسباب الظرف واللطف واللباقة ، وكانت ولادته في العاشر من رجب يوم الجمعة سنة (٥١٩) وتوفّي في ثاني شوّال سنة أربع وقيل : ثلاث وثمانين وخمسمائة ببغداد ، ودُفن في باب أبرز. وقال ابن النجّار : مولده يوم الجمعة ومات يوم السبت (١٨) شوّال. انتهى تلخيص ما في تاريخ ابن خلكان.

وذكره (٢) أبو الفداء في تاريخه (٣ / ٨٠) ، وابن شحنة في روض المناظر ، وابن كثير في تاريخه (١٢ / ٣٢٩) ، وصاحب شذرات الذهب (٤ / ٢٨١) ، ومؤلِّف نسمة السحر (ج ٢). ولم أجد خلافاً في تاريخ ولادته غير أن عبد الحيّ أرّخه في شذراته بسنة (٥١٠) ولم نقف على مصدره.

وترجمه اليافعي في موضعين من مرآة الجنان (٣ / ٣٠٤ ، ٤٢٩) ، وقال في الموضع الأول : ذكر بعض المؤرِّخين موته في سنة (٥٥٣) ، وذكر بعضهم في سنة أربع وثمانين.

__________________

(١) معجم الأدباء : ١٨ / ٢٣٥.

(٢) المختصر في تاريخ البشر : ٣ / ٧٦ ، روض المناظر : ٢ / ١٧١ ، البداية والنهاية : ١٢ / ٤٠٢ حوادث سنة ٥٨٣ ه‍ ، شذرات الذهب : ٦ / ٤٦٢ حوادث سنة ٥٨٤ ه‍ ، وفيه كما في غيره من المصادر : أنّه ولد سنة ٥١٩ ، نسمة السحر : مج ٩ / ج ٢ / ٥١٣.

٦١٤

انتهى. قد عرفت أنّ سنة (٥٥٣) هي تاريخ وفاة جدّ المترجم له المعروف بابن التعاويذي ، ورثاه سبطه في وقته ، واشتبه الأمر على بعض المؤرّخين بموت المترجم له ، ولعلّه لشهرتهما بابن التعاويذي.

وتوجد ترجمته في تاريخ آداب اللغة العربيّة (١) وفيه : أنّه توفّي سنة (٥٣٨) ، وأحسبه تصحيف (٥٨٣) ، وقال فريد وجدي في دائرة المعارف (٦ / ٧٧٧) : إنّه ولد سنة (٥١٦) وتوفيّ سنة (٥٨٣ أو ٥٨٦) ، وفي كلا التاريخين تصحيف.

والواقف على ديوان المترجم جدّ عليم بتاريخ وفاته ، إذ قصائده مؤرّخة بسنيّ نظمها ، وأكثرها من سنة سبعين إلى أربع وثمانين ، وفيه قصيدته في رثاء جدّه المبارك ، المتوفّى سنة (٥٥٣) وهي مؤرّخة بها ، وله قصيدتان مؤرّختان بسنة (٥٨٣) إحداهما في مدح الناصر لدين الله أبي العباس أحمد ، والأخرى في مدح الوزير جلال الدين أبي المظفّر عبيد الله بن يونس وتهنئته بالوزارة ، نظمها في عيد الأضحى من سنة (٥٨٣) ، فبعد كون وفاته في شوّال من المتسالم عليه لم يبقَ إشكال في أنّه توفّي سنة (٥٨٤) ، والله العالم.

ومن شعره قوله في رثاء الإمام السبط الشهيد ـ صلوات الله عليه :

أرقتُ للمع برقٍ حاجريِ (٢)

تألّق كاليماني المشرفيِ

أضاء لنا الأجارعَ مستطيراً

سناه وعاد كالنبضِ الخفيِ (٣)

__________________

(١) مؤلّفات جرجي زيدان الكاملة ـ تاريخ آداب اللغة العربية ـ : مج ١٤ / ٢٥٣.

(٢) حاجري : نسبة إلى حاجر كانت بليدة بالحجاز فاندرست ، وقد استعملها الشعراء كثيراً في شعرهم ، وقد أكثر أبو يحيى عيسى بن سنجر الإربلي ، المتوفّى (٦٣٢) استعمالها في شعره ، فلُقّب بالحاجري وعرف به ، ولم يكن منها. (المؤلف)

(٣) وفي المطبوع من ديوانه :

أضاء لنا الأجارع مسبطرّا

وعاد سناه كالبيض الخفي

(المؤلف)

٦١٥

كأنَّ وميضَهُ لمعُ الثنايا

إذا ابتسمت وإشراقُ الحليِ

فأذكَرَني وجوهَ الغيدِ بيضاً

سوالفُها ولم أكُ بالنسيِ

وعصرَ خلاعةٍ أحمدت فيه ال

شباب وصحبة العيش الرخيِ

وليلى بعد ما مطلت ديوني

ولا حالت عن العهد الوفيِ

منعّمةً شقيتُ بها ولولا ال

هوى ما كنت ذا بالٍ شقيِ

تزيدُ القلبَ بلبالاً ووجداً

إذا نظرتْ بطرفٍ بابليِ

أتيهُ صبابةً وتتيهُ حسناً

فويلٌ للشجيِّ من الخليِ

إذا استشفيتُها وجدي رمتني

بداءٍ من لواحظها دويِ

ولولا حبُّها لم يُصِب قلبي

سنا برقٍ تألّق في دجيِ (١)

أجاب وقد دعاني الشوق دمعي

وقِدماً كنت ذا دمعٍ عصيِ

وقفتُ على الديارِ فما أصاختْ

معالمُها لمحتزنٍ بكيِ

أُروِّي تُربَها الصادي كأنّي

نزحت الدمعَ فيها من ركيِ

ولو أكرمتِ دمعَكِ يا شئوني

بكيتِ على الإمامِ الفاطميِ

على المقتولِ ظمآناً فجودي

على الظمآنِ بالجفنِ الرويِ

على نجمِ الهدى الساري وبحر ال

علومِ وذروةِ الشرفِ العليِ

على الحامي بأطرافِ العوالي

حمى الإسلامِ والبطلِ الكميِ

على الباعِ الرحيبِ إذا ألمّتْ

به الأزماتُ والكفِّ السخيِ

على أندى الأنامِ يداً ووجهاً

وأرجحِهمْ وقاراً في النديِ

وخيرِ العالمينِ أباً وأُمّا

وأطهرِهمْ ثرى عِرقٍ زكيِ

لئِن دفعوه ظلماً عن حقوقِ ال

خلافةِ بالوشيج السمهريِ

فما دفعوه عن حسبٍ كريمٍ

ولا ذادوه عن خُلقٍ رضيِ

__________________

(١) كذا في ديوانه المخطوط ، وفي المطبوع : في حبيّ. الحبيّ : السحاب الكثيف الذي يدنو من الأرض. (المؤلف)

٦١٦

لقد فصموا عرى الإسلامِ عَوداً

وبَدءاً في الحسين وفي عليِ

ويومُ الطفِّ قام ليومِ بدرٍ

بأخذ الثارِ في آلِ النبيِ

فثنّوا بالإمام أما كفاهم

ضلالاً ما جنوه على الوصيِ

رموهُ عن قلوبٍ قاسياتٍ

بأطراف الأسنّةِ والقسيِ

وأسرى مُقدِماً عمرُ بنُ سعد

إليه بكلِّ شيطانٍ غويِ

سفوكٍ للدماء على انتهاكِ ال

محارم جدّ مِقدامٍ جريِ

أتاه بمحنقينَ تجيشُ غيظاً

صدورُهمُ وجيشٍ كالأتيِ

أطافوا محدقينَ به وعاجوا

عليهِ بكلِّ طرفٍ أعوجيِ

وكلّ مثقّفٍ لَدن وعضبٍ

سريجيّ ودرعٍ سابريِ (١)

فأنحوا بالصوارمِ مسرعاتٍ

على البرِّ النقيِّ ابن النقيِ

وجوهُ النار مظلمةً أكبّت

على الوجهِ الهلاليِّ الوضيِ

فيا لكَ من إمامٍ ضرَّجوه ال

دم القاني بخرصانِ القنيِ (٢)

بكته الأرضُ إجلالاً وحزناً

لمصرعِه وأملاكُ السميِ

وغودرتِ الخيامُ بغير حامٍ

يُناضلُ دونهنَّ ولا وليِ

فما عطفَ البغاةُ على الفتاةِ ال

حصانِ ولا على الطفلِ الصبيِ

ولا بذلوا لخائفةٍ أماناً

ولا سمحوا لظمآنٍ بريِ

ولا سفروا لثاماً عن حياءٍ

ولا كرمٍ ولا أنفٍ حَميِ

وساقوا ذود أهلِ الحقِّ ظلماً

وعدواناً إلى الوِرد الوبيِ

تَذودُهمُ الرماحُ كما يُذادُ ال

ركابُ عن المواردِ بالعِصيِ

__________________

(١) المثقّف : الرمح ، ويقال : ثقف الرمح أي قوّمه وسوّاه. اللدين : الليّن. العضب : السيف القاطع. السريجي : نسبة إلى رجل اسمه سريج كان ماهراً بصنعة السيوف. السابري : درع دقيقة النسج محكمة(المؤلف)

(٢) الخرصان ـ جمع الخرص ـ : الرمح القصير ، السنان. القنا ـ جمع القناة ـ الرمح أو عوده. (المؤلف)

٦١٧

وساروا بالكرائمِ من قريشٍ

سبايا فوق أكوار المطيِ

فيا لله يوم نعوه ما ذا

وعى سمعٌ الرسول من النعيِ

ولو رام الحياةَ نجا إليها

بعزمتِهِ نجاءَ المضرحيِ (١)

ولكنَّ المنيّةَ تحت ظلِّ ال

رقاقِ البيضِ أجدرُ بالأبيِ

فيا عُصَبَ الضلالةِ كيف جزتمْ

عناداً عن صراطِكمُ السويِ

وكيف عدلتمُ مولودَ حِجرِ ال

نبوّةِ بالغويِّ ابن الغويِ (٢)

فألقيتمْ وعهدُكمُ قريبٌ

وراء ظهورِكم عهدَ النبيِ

وأخفيتمْ نفاقكمُ إلى أن

وثبتمْ وثبةَ الذئبِ الضريِ

وأبديتمْ حقودَكمُ وعُدتمْ

إلى الدينِ القديمِ الجاهليِ

ولولا الضغنُ ما ملتمْ على ذي ال

قرابةِ للبعيدِ الأجنبيِ

كفى خزياً ضمانُكمُ لقتلِ ال

حسينِ جوائزَ الرفدِ السنيِ

وبيعكمُ لأُخراكم سفاهاً

بمبرورٍ من الدنيا بريِ (٣)

وحسبكمُ غداً بأبيه خصماً

إذا عُرِفَ السقيمُ من البريِ

صليتم حزبه بغياً فأنتم

لنارِ اللهِ أولى بالصليِ

وحرّمتمْ عليهِ الماءَ لؤماً

وأسقينا إلى الخلق الدنيِ (٤)

وأوردتمْ جيادَكمُ وأظمي

تموهُ شربتمُ غيرَ الهنيِ

وفي صفِّينَ عاندتمْ أباهُ

وأعرضتمْ عن الحقِّ الجليِ

__________________

(١) نجا ينجو نجاءً : أسرع وسبق. المضرح والمضرحي : الصقر ، النسر الطويل الجناح. (المؤلف)

(٢) هذا البيت حرّفته يد الطبع عن ديوانه. (المؤلف)

(٣) في نسخة أخرى صحيحة :

وبيعتكم لأخزاكم سفاهاً

بمنزور من الدنيا بكيِ

المنزور من النزر : أي القليل. بكيّ : القليل ، يقال : أيدٍ بكاء : أي قليلة العطاء. (المؤلف)

(٤) في نسخة : وإسفافاً إلى الخلق الدنيّ ، وفي ديوانه المطبوع : وإشفاقاً. (المؤلف)

٦١٨

وخادعتم إمامَكمُ خداعاً

أتيتم فيه بالأمرِ الفريِ

إماماً كان يُنصفُ بالقضايا

ويأخذُ للضعيفِ من القويِ

وأنكرتم حديثَ الشمسِ رُدّتْ

لهُ وطويتمُ خبرَ الطويّ (١)

فجوزيتمْ لبغضكمُ عليّا

عذابَ الخلدِ في الدركِ القصيِ

سأُهدي للأئمّة من سلامي

وغُرِّ مدائحي أزكى هَديِ

سلاماً أُتبع الوسميّ منه

على تلك المشاهدِ بالوليِ (٢)

وأكسو عاتقَ الأيّام منها

حبائرَ كالرداءِ العبقريِ

حساناً لا أُريد بهنَّ إلاّ

مساءةَ كلِّ باغٍ خارجيِ

يضوعُ لها إذا نُشرت أريجٌ

كنشرِ لطائمِ المسكِ الذكيِ (٣)

كأنفاسِ النسيم سرى بليلٍ

يهزُّ ذوائبَ الوردِ الجنيِ

لِطيبةَ والبقيعِ وكربلاءٍ

وسامراءَ تغدو والغريِ

وزوراءِ العراقِ وأرضِ طوسٍ

سقاها الغيثُ من بلدٍ قصيِ

فحيّا اللهُ من وارته تلك ال

قبابُ البيضُ من حَبرٍ تقيِ

وأسبل ثوبَ رحمته دراكاً

عليها بالغدوِّ وبالعشيِ

فذخري للمعاد ولاءُ قومٍ

بهم عُرِفَ السعيدُ من الشقيِ

كفاني علمهمْ أنِّي مُعادٍ

عدوَّهمُ موالٍ للوليِ (٤)

__________________

(١) الطوى والطوية : البئر المطوية ، أشار بهذا البيت إلى حديث ردّ الشمس لأمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقد أسلفناه وكلمات الأعلام حوله في الجزء الثالث : ص ١٢٦ ـ ١٤١ ، وإلى حديث انحداره عليه‌السلام بئراً بعيدة القعر ليلة بدر ، وقد مرّ في الجزء الثالث : ص ٣٩٥ ، وقد ذكره الإمام أحمد في المناقب [ص ١١٦ ح ١٧١] (المؤلف)

(٢) الوسمي : أوّل مطر الربيع. والولي : المطر بعد المطر. (المؤلف)

(٣) لطائم ـ جمع اللطيمة ـ : نافجة المسك. (المؤلف)

(٤) هذه القصيدة ذكر منها صاحب نسمة السحر (٤٥) بيتاً ، [مج ٩ / ج ٢ / ٥١٤] ، ونحن أخذناها من ديوانه المخطوط. (المؤلف)

٦١٩
٦٢٠