الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٥

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٥

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٧١٢

٦٧٤ ـ يزيد بن ربيعة بن يزيد الدمشقي : كذّاب معروف بالكذب. تاريخ الشام (١) (٤ / ٣٩٥).

٦٧٥ ـ يزيد بن عياض الليثي البصري أبو الحكم : كذّاب يضع الحديث ، ليس بثقة ، متروك الحديث (٢). تاريخ بغداد (١٤ / ٣٣٠) ، مجمع الزوائد (١ / ١٢١ ، ٢ / ١٧٣).

٦٧٦ ـ يزيد بن مروان الخلاّل : كذّاب. تاريخ بغداد (١٤ / ٣٤٨).

٦٧٧ ـ يعقوب بن إسحاق البيهسي : كان له انبساط في تصريح الكذب ، فرمى المحدّثون كلّ ما كتبوا عنه. تاريخ بغداد (١٤ / ٢٩٠).

٦٧٨ ـ يعقوب بن الوليد أبو يوسف الأزدي المدني : كان من الكذّابين الكبار ، يضع الحديث (٣). تاريخ بغداد (١٤ / ٢٦٦) ، ميزان الاعتدال (٣ / ٣٢٥) ، تاريخ الشام (٤ / ٢٣١) ، أسنى المطالب (ص ١٥٩) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ١١٨ ، ٢ / ١٢ ، ١٤٦).

٦٧٩ ـ يعقوب أبو يوسف الأعشى : كذّاب ، رجل سوء ، توفّي حدود (٢٠٠). ميزان الاعتدال (٤) (٣ / ٣٢٦).

٦٨٠ ـ يعلى بن الأشدق أبو الهيثم العقيلي الحرّاني : كان حيّا في دولة الرشيد ، كذّاب ، ليس بشيء ، ولا يُصدّق ولا يكتب حديثه ، وضعوا له أحاديث فحدّث بها ولم يدر ، قال ابن عدي (٥) : بلغني عن أبي سمَر ، قال : قلت ليعلى : ما سمع عمّك من

__________________

(١) تاريخ مدينة دمشق : ١٥ / ١٩ رقم ١٦٩٣.

(٢) كتاب الضعفاء والمتروكين للنسائي : ص ٢٥٥ رقم ٦٧٨ ، الجرح والتعديل : ٩ / ٢٨٢.

(٣) ميزان الاعتدال : ٤ / ٤٥٥ رقم ٩٨٢٩ ، أسنى المطالب : ص ٣٢١ ح ١٠٣٤ ، اللآلئ المصنوعة : ١ / ٢٢٨ و ٢ / ٢٣ و ٢٧٢ ، العلل ومعرفة الرجال : ١ / ٥٤٨ رقم ١٣٠٥ و ٢ / ٥٣٢ رقم ٣٥١٨.

(٤) ميزان الاعتدال : ٤ / ٤٥٥ رقم ٩٨٣١.

(٥) الكامل في ضعفاء الرجال : ٧ / ٢٨٨ رقم ٢١٨٦ ، وفيه وفي غيره من المصادر : بلغني عن أبي مُسْهِر.

٤٤١

النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم؟ قال : جامع سفيان ، وموطّأ مالك ، وشيئاً من الفوائد. ميزان الاعتدال (١) (٢ / ٢٦ ، ٣ / ٣٢٦).

٦٨١ ـ يمان بن عدي ، يضع. اللآلئ المصنوعة (٢) (٢ / ٩٦ ، ٩٩).

٦٨٢ ـ يوسف بن جعفر الخوارزمي : شيخ متأخّر ، كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (٣) (٣ / ٣٢٩).

٦٨٣ ـ يوسف بن خالد السمتي الفقيه ، كذّاب ، كان يضع الحديث ، وضع كتاباً في التجهّم ينكر فيه الميزان والقيامة ، وهو أوّل من وضع كتاب الشروط ، وأوّل من جلب رأي أبي حنيفة إلى البصرة ، توفّي سنة (١٨٩) (٤). ميزان الاعتدال (٣ / ٣٢٩) ، تهذيب التهذيب (١١ / ٤١٣) ، حاشية السنن لابن ماجة تأليف السندي (١ / ٣٩٥)

٦٨٤ ـ يوسف بن السفر أبو الفيض الدمشقي : كذّاب ، متروك الحديث يكذب ، روى بواطيل ، كان في عداد من يضع الحديث (٥). ميزان الاعتدال (٣ / ٣٣١) ، مجمع الزوائد (١ / ٨٢) ، اللآلئ المصنوعة (٢ / ٤٨ ، ١٣٩).

(الكنى)

٦٨٥ ـ ابن زبالة : قال الحافظ أحمد بن صالح : كتبت عنه مائة ألف حديث ، ثمّ

__________________

(١) ميزان الاعتدال : ٢ / ٤٠٠ في الترجمة رقم ٤٢٤٢ و ٤ / ٤٥٦ رقم ٩٨٣٤ ، الجرح والتعديل : ٩ / ٣٠٣ ، كتاب المجروحين ٣ / ١٤١.

(٢) اللآلئ المصنوعة : ٢ / ١٧٦ و ١٨٠.

(٣) ميزان الاعتدال : ٤ / ٤٦٣ رقم ٩٨٦٠.

(٤) ميزان الاعتدال : رقم ٩٨٦٣ ، تهذيب التهذيب : ١١ / ٣٦١ ، الجرح والتعديل : ٩ / ٢٢١ ، كتاب المجروحين : ٣ / ١٣١.

(٥) ميزان الاعتدال : ٤ / ٤٦٦ رقم ٩٨٧١ ، اللآلئ المصنوعة : ٢ / ٩١ و ٢٥٦ ، الكامل في ضعفاء الرجال : ٧ / ١٦٢ رقم ٢٠٦٨.

٤٤٢

تبيّن لي أنّه كان يضع الحديث ، فتركت حديثه. تاريخ بغداد (٤ / ٢٠٠).

٦٨٦ ـ ابن شوكر : كان يضع الحديث بالسند. تاريخ بغداد (١١ / ١٥٢).

٦٨٧ ـ ابن الصقر : كان كذّاباً يسرق الأحاديث ويركّبها ويضعها على الشيوخ. تاريخ بغداد (٢ / ٢١٩).

٦٨٨ ـ أبو بكر بن أبي الأزهر : كان يضع الحديث. ميزان الاعتدال (١) (٣ / ٣٥٠).

٦٨٩ ـ أبو بكر بن عثمان : كذّاب ، له أحاديث كذب. لسان الميزان (٢) (٦ / ٣٤٩).

٦٩٠ ـ أبو جابر البياضي (٣) : كذّاب. المحلّى (٤ / ٢١٧).

٦٩١ ـ أبو الحسن بن نوفل الراعي : بلاء كذّاب. لسان الميزان (٤) (٦ / ٣٦٤).

٦٩٢ ـ أبو حيّان التوحيدي : صاحب التصانيف ، قيل : اسمه عليّ بن محمد بن العبّاس ، نفاه الوزير المهلّبي لسوء عقيدته ، وكان يتفلسف ، بقي إلى حدود الأربعمائة ببلاد فارس ، قال ابن مالي في كتاب الفريدة (٥) : كان أبو حيّان كذّاباً ، قليل الدين والورع مجاهراً بالبهت ، تعرّض لأمور جسام من القدح في الشريعة والقول بالتعطيل ، وقال ابن الجوزي : كان زنديقاً ، وقال الذهبي : صاحب زندقة وانحلال.

__________________

(١) ميزان الاعتدال : ٤ / ٥٠٦ رقم ١٠٠٢٨ ، تاريخ بغداد : ٣ / ٢٨٨.

(٢) لسان الميزان : ٧ / ٢٠ رقم ١٣٦ ، ميزان الاعتدال : ٤ / ٥٠٥ رقم ١٠٠٢٥.

(٣) واسمه : محمد بن عبد الرحمن ، وقد مرّ في الرقم ٥٤٦.

(٤) لسان الميزان : ٧ / ٣٥ رقم ٣١٢.

(٥) في ميزان الاعتدال ولسان الميزان : ابن الرماني في كتاب الفريدة ، وفي سير أعلام النبلاء : ١٧ / ١١٩ : ابن بابي في كتاب الخريدة والفريدة ، وأما في طبقات الشافعية الكبرى للسبكي : ٥ / ٢٨٦ رقم ٥١٠ فقد جاء اسمه : ابن فارس في كتاب الفريدة والخريدة ، ووافقه الصفدي في الوافي بالوفيات : ٢٢ / ٣٩ بالاسم وخالفه بالكتاب فقال : قال ابن فارس في كتاب الخريدة والفريدة.

٤٤٣

قال جعفر بن يحيى الحكّاك : قال لي أبو نصر السجزي ، إنّه سمع أبا سعيد الماليني يقول : قرأت الرسالة المنسوبة إلى أبي بكر وعمر مع أبي عبيدة إلى عليّ ، على أبي حيّان فقال : هذه الرسالة عملتُها ردّا على الروافض ، وسببها أنّهم كانوا يحضرون مجلس بعض الوزراء ـ يعني ابن العميد ـ فكانوا يغلون في حال عليّ فعملت هذه الرسالة. [قلت :] (١) فقد اعترف بالوضع.

وقال ابن حجر : قرأت بخطّ القاضي عزّ الدين بن جماعة أنّه نقل من خطّ ابن العلاج ، أنّه وقف لبعض العلماء على كلام يتعلّق بهذه الرسالة ملخّصه : لم أزل أرى أبا حيّان عليّ بن محمد التوحيدي معدوداً في زمرة أهل الفضل ، موصوفاً بالسداد في الجدّ والهزل ، حتى صنع رسالة منسوبة إلى أبي بكر وعمر راسلا بها عليّا رضى الله عنه ، وقصد بذلك الطعن على الصدر الأوّل ، فنسب فيها أبا بكر وعمر إلى أمر لو ثبت لاستحقّا فوق ما يعتقده الإماميّة [فيهما] (٢) ، فأوّل ما يدلُّ فيها على افتعاله في ذلك نسبته إلى أبي بكر إنشاء خطبة بليغة تملّق فيها لأبي عبيدة ليحمل له رسالته إلى عليّ رضى الله عنه ، وغفل عن أنّ القوم كانوا بمعزل عن التملّق ، ومنها قوله : ولعمري إنّك أقرب إلى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرابة ، ولكنّا أقرب إليه قربةً ، والقرابة لحم ودم والقربة نفس وروح.

وهذا يشبه كلام الفلاسفة ، وسخافة هذه الألفاظ تغني عن تكلّف الردّ ، وقال فيها : إنّ عمر رضى الله عنه قال لعليّ في ما خاطبه به : إنّك اعتزلت تنتظر وحياً من جهة الله ، وتتواكف مناجاة الملك. وهذا الكلام لا يجوز نسبته إلى عمر رضى الله عنه ، فإنّه ظاهر الافتعال ، إلى غير ذلك ممّا تضمّنته الرسالة من عدم الجزالة التي تعرف من طراز كلام السلف (٣). ميزان الاعتدال (ج ٣) ، لسان الميزان (٦ / ٣٦٩).

__________________

(١) ما بين المعقوفين للذهبي في ميزان الاعتدال.

(٢) الزيادة من المصدر.

(٣) ميزان الاعتدال : ٤ / ٥١٨ رقم ١١٣٧ ، لسان الميزان : ٧ / ٣٩ رقم ٣٧١.

٤٤٤

قال الأميني : ألا تعجب من الأعلام الذين ذكروا في تآليفهم رسالة أبي حيّان التوحيدي المكذوبة التي أوقفناك على بطلانها وعلى مبلغ مفتعلها من الدين والثقة والاعتبار ، كالعبيدي المالكي في عمدة التحقيق ، ذكروها برمّتها محتجّين بها في باب فضائل أبي بكر وعمر.

٦٩٣ ـ أبو خلف الأعمى البصري خادم أنس : كذّاب. تهذيب التهذيب (١) (١٢ / ٨٧).

٦٩٤ ـ أبو الخير : شيخ بغداديّ ، كذّاب. تاريخ بغداد (١٤ / ٤١٧) ، ميزان الاعتدال (٢) (٣ / ٣٥٧).

٦٩٥ ـ أبو سعد المدائني : ذُكِرَ فيمن كان يضع الحديث. لسان الميزان (٣) (٦ / ٣٨٣).

٦٩٦ ـ أبو سعيد القدري : أحد الكذّابين. لسان الميزان (٤) (٦ / ٣٨٤).

٦٩٧ ـ أبو سلمة العاملي الشامي الأزدي : كذّاب ، يضع الحديث. تهذيب التهذيب (٥) (١٢ / ١١٩).

٦٩٨ ـ أبو الطيّب الحربي : كذّاب خبيث ، لا يجوز الاحتجاج به. تاريخ بغداد (١٤ / ٤٠٦) ، ميزان الاعتدال (٦) (٣ / ٣٦٦).

٦٩٩ ـ أبو علي بن عمر المذكّر النيسابوري : كان كذّاباً معروفاً بسرقة الأحاديث. تاريخ بغداد (٤ / ١٣٠).

__________________

(١) تهذيب التهذيب : ١٢ / ٩٥.

(٢) ميزان الاعتدال : ٤ / ٥٢١ رقم ١٠١٦٣.

(٣) لسان الميزان : ٧ / ٥٣ رقم ٤٨٦.

(٤) لسان الميزان : ص ٥٥ رقم ٤٩٧.

(٥) تهذيب التهذيب : ١٢ / ١٣٠.

(٦) ميزان الاعتدال : ٤ / ٥٤١ رقم ١٠٣٣٠ ، كتاب المجروحين : ٣ / ١٦٠.

٤٤٥

٧٠٠ ـ أبو القاسم الجهني القاضي : مذكور بالكذب في حديث الناس واختراع العجائب الخارقة للعادات. راجع معجم الأدباء لياقوت الحموي ترجمة أبي الفرج صاحب الأغاني (١).

٧٠١ ـ أبو المغيرة : شيخ من أكذب الناس وأخبثه (٢). تاريخ بغداد (١٤ / ٤١٠).

٧٠٢ ـ أبو المهزم : كذّاب. اللآلئ المصنوعة (٣) (١ / ٩٩).

(إِنَّ هؤُلاءِ مُتَبَّرٌ ما هُمْ فِيهِ وَباطِلٌ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) (٤)

لفت نظر :

هذا غيض من فيض ، ولعلّ القارئ يستكثره أو يستعظمه ، ذاهلاً عن أنّ وضع الحديث والكذب على النبيّ الأعظم ، وعلى الثقات من الصحابة الأوّلين والتابعين لهم بإحسان ، لا ينافي عند كثير من القوم الزهد والورع واتِّصاف الرجل بالتقوى ، بل هو شعار الصالحين ويتقرّبون به إلى المولى سبحانه ، ومن هنا قال يحيى بن سعيد القطّان : ما رأيت الصالحين في شيء أكذب منهم في الحديث (٥) ، وعنه : لم نرَ أهل الخير في شيء أكذب منهم في الحديث (٦) ، وعنه : ما رأيت الكذب في أحد أكثر منه فيمن ينسب إلى الخير والزهد (٧). وقال القرطبي في التذكار (ص ١٥٥) : لا التفات لما وضعه الواضعون واختلقه المختلقون من الأحاديث الكاذبة والأخبار الباطلة في فضل سور القرآن وغير ذلك من فضائل الأعمال ، وقد ارتكبها جماعة كثيرة وضعوا الحديث

__________________

(١) معجم الأدباء : ١٣ / ١٢٣.

(٢) كذا.

(٣) اللآلئ المصنوعة : ١ / ١٩٩.

(٤) الأعراف : ١٣٩.

(٥) مقدّمة صحيح مسلم [١ / ٤٢] ، تاريخ بغداد : ٢ / ٩٨ [رقم ٤٩٣]. (المؤلف)

(٦) مقدّمة صحيح مسلم [١ / ٤٢]. (المؤلف)

(٧) اللآلئ المصنوعة للسيوطي : ج ٢ [٢ / ٤٧٠] ، في خاتمة الكتاب. (المؤلف)

٤٤٦

حسبةً كما زعموا ؛ يدعون الناس إلى فضائل الأعمال ، كما روي عن أبي عصمة نوح ابن أبي مريم المروزي ، ومحمد بن عكاشة الكرماني ، وأحمد بن عبد الله الجويباري ، وغيرهم. قيل لأبي عصمة : من أين لك عن عكرمة عن ابن عبّاس في فضل سور القرآن سورةً سورةً؟ فقال : إنّي رأيت الناس قد أعرضوا عن القرآن واشتغلوا بفقه أبي حنيفة ومغازي محمد بن إسحاق ، فوضعت هذا الحديث حسبة.

وقال في (ص ١٥٦) : قد ذكر الحاكم وغيره من شيوخ المحدّثين أنّ رجلاً من الزهّاد انتدب في وضع أحاديث في فضل القرآن وسوره ، فقيل له : لِمَ فعلتَ هذا؟ فقال : رأيت الناس زهدوا في القرآن فأحببت أن أُرغِّبهم فيه ، فقيل : فإنّ النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قال : «من كذب عليّ متعمّداً فليتبوّأ مقعده من النار» ،فقال : أنا ما كذبت عليه إنّما كذبتُ له (١).

وقال في التحذير من الموضوعات : وأعظمهم ضرراً قوم منسوبون إلى الزهد وضعوا الحديث حسبةً فيما زعموا ، فتقبّل الناس موضوعاتهم ثقةً منهم بهم وركوناً إليهم ، فضلّوا وأضلّوا.

وسمعت في (ص ٢٦٨) قول ميسرة بن عبد ربّه ، لمّا قيل له : من أين جئتَ بهذه الأحاديث؟ قال : وضعتها أرغّب الناس فيها ، وقوله : إنّي أحتسب في ذلك. وقال الحاكم : كان الحسن ـ الراوي عن المسيّب بن واضح ـ ممّن يضع الحديث حسبةً. لسان الميزان (٢) (٥ / ٢٨٨) ، وكان نعيم بن حمّاد يضع الحديث في تقوية السنّة ، راجع (ص ٢٦٩)

فكأنّ الكذب والإفك وقول الزور ليست من الفواحش ، ولم تكن فيها أيّ

__________________

(١) أنظر إلى فقه الحديث وأعجب ، (فَمَا لِهؤلاءِ القَوْمِ لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثاً). (المؤلف)

(٢) لسان الميزان : ٥ / ٣٢٦ رقم ٧٧٦٨.

٤٤٧

منقصة ومغمزة ، ولا تنافي شيئاً من فضائل النفس ، ولا تمسّ كرامة ذويها ، فهذا حرب بن ميمون ، مجتهد عابد ، وهو أكذب الخلق.

وهذا الهيثم الطائي ، يقوم عامّة الليل بالصلاة ، وإذا أصبح يجلس ويكذب.

وهذا محمد بن إبراهيم الشامي ، كان من الزهّاد وهو الكذّاب الوضّاع.

وهذا الحافظ عبد المغيث الحنبلي ، موصوف بالزهد والثقة والدين والصدق والأمانة والصلاح والاجتهاد واتّباع السنّة والآثار ، وهو يؤلّف من الموضوعات كتاباً في فضائل يزيد بن معاوية.

وهذا معلّى بن صبيح من عبّاد الموصل ، وكان يضع ويكذب.

وهذا معلّى بن هلال ، عابد وهو كذّاب.

وهذا محمد بن عكاشة ، بكّاء عند القراءة ، وهو وضّاع أيّ وضّاع.

وهذا أبو عمر الزاهد ، ألّف من الموضوعات كتاباً في فضائل معاوية بن أبي سفيان.

وهذا أحمد الباهلي : من كبار الزهّاد ، وهو ذلك الكذّاب الوضّاع. قال ابن الجوزي : كان يتزهّد ويهجر شهوات الدنيا ، فحسّن له الشيطان هذا الفعل القبيح.

وهذا البرداني ، رجل صالح ، ويضع الحديث في فضل معاوية.

وهذا وهب بن حفص : من الصالحين ، ومكث عشرين سنة لا يكلّم أحداً ، وكان يكذب كذباً فاحشاً.

وهذا أبو بشر المروزي الفقيه ، أصلب أهل زمانه في السنّة ، وأذبّهم عنها ، وأخفّهم لمن خالفها ، وكان يضع الحديث ويقلّبه.

٤٤٨

وهذا أبو داود النخعي ، أطول الناس قياماً بليل وأكثرهم صياماً بنهار ، وهو وضّاع.

وهذا أبو يحيى الوكّار ، من الكذّابين الكبار ، وكان من الصلحاء العبّاد الفقهاء.

وهذا إبراهيم بن محمد الآمدي ، أحد الزّهاد وأحاديثه موضوعة. لسان الميزان (١) (١ / ٩٩).

وهذا رشدين ، مقلّب متون الحديث ، وكان صالحاً عابداً ، كما قاله الذهبي (٢).

وهذا إبراهيم أبو إسماعيل الأشهلي ، كان عابداً صام ستّين سنة لا يُتابع على شيء من حديثه ، كان يقلّب الأسانيد ويرفع المراسيل. تهذيب التهذيب (٣) (١ / ١٠٤).

وهذا جعفر بن الزبير ، كان مجتهداً في العبادة ، وهو وضّاع (٤).

وهذا أبان بن أبي عيّاش ، رجل صالح ، كان من العبّاد (٥) ، وهو كذّاب.

فمن هنا ترى كثيراً من الوضّاعين المذكورين بين إمام مقتدى ، وحافظ شهير ، وفقيه حجّة ، وشيخ في الرواية ، وخطيب بارع ، وكان فريق منهم يتعمّدون الكذب خدمةً لمبدإ ، أو تعظيماً لإمام ، أو تأييداً لمذهب ، ولذلك كثر الافتعال ووقع التضارب في المناقب والمثالب بين رجال المذاهب ، وكان من تقصر يده عن الفرية على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالحديث عنه ، فإنّه يبهت الناس باختلاق أطياف حول المذاهب ورجالاتها.

__________________

(١) لسان الميزان : ١ / ٩٧ رقم ٢٩٥.

(٢) ميزان الاعتدال : ٢ / ٤٩ رقم ٢٧٨٠.

(٣) تهذيب التهذيب : ١ / ٩٠.

(٤) راجع سلسلة الكذّابين والوضّاعين. (المؤلف)

(٥) تهذيب التهذيب : ١ / ٩٩ [١ / ٨٥]. (المؤلف)

٤٤٩

ترى أُناساً افتعلوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم روايات في مناقب أبي حنيفة ، مثل رواية : سيأتي من بعدي رجل يقال له النعمان بن ثابت ، ويُكنّى أبا حنيفة ، لَيُحيينّ دين الله وسنّتي على يديه (١).

ورواية : في كلّ قرنٍ من أمّتي سابقون ، وأبو حنيفة سابق في زمانه. أخرجه الخوارزمي في كتابه مناقب أبي حنيفة (١ / ١٦) بهذا اللفظ.

وفي جامع مسانيد أبي حنيفة (١ / ١٨) بلفظ : وأبو حنيفة سابق هذه الأمّة ، والسند مرسل عن ابن لهيعة المتوفّى (١٧٤) ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من طريق حامد بن آدم الكذّاب ؛ كذّبه الجوزجاني وابن عدي (٢) ، وعدّه أحمد السليماني فيمن اشتهر بوضع الحديث ، وقال ابن معين : كذّاب لعنه الله ، مات (٣٣٩).

ورواية : إنّ في أُمّتي رجلاً اسمه النعمان وكنيته أبو حنيفة ، هو سراج أمّتي ، هو سراج أمّتي ، هو سراج أمّتي. أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخة (١٣ / ٣٣٥) ، وقال : حديث موضوع.

ورواية : يكون في آخر الزمان رجل يكنّى بأبي حنيفة ، هو خير هذه الأمّة (٣).

ورواية : سيكون في أمّتي رجل يقال له أبو حنيفة هو سراج أمّتي (٤).

ورواية : يكون في أمّتي رجل يقال له النعمان يُكنّى أبا حنيفة ، يجدّد الله له سنّتي

__________________

(١) أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه : ٢ / ٢٨٩ [رقم ٧٦٨] من طريق محمد بن يزيد المستملي الكذّاب الوضّاع ، وقال : هو موضوع باطل. (المؤلف)

(٢) الكامل في ضعفاء الرجال : ٢ / ٤٦١ رقم ٥٦٩.

(٣) أخرجه الخطيب الخوارزمي في مناقب أبي حنيفة : ١ / ١٤ بإسناد باطل. (المؤلف)

(٤) قال الشيخ علي القاري في موضوعاته الكبرى [ص ١٦] : هو موضوع باتفاق المحدثين. كشف الخفاء : ١ / ٣٣. (المؤلف)

٤٥٠

على يديه ؛ عدّه ابن عدي (١) من موضوعات أحمد الجويباري الكذّاب الوضّاع. لسان الميزان (١ / ١٩٣) ، اللآلئ المصنوعة (١ / ٢٣٨) (٢).

ورواية : أبو حنيفة سراج أهل الجنّة. في أسنى المطالب (٣) (ص ١٤) موضوع باطل.

ورواية : سيأتي رجل من بعدي يقال له النعمان بن ثابت ويُكنّى أبا حنيفة ، يُحيى دين الله وسنّتي على يديه (٤).

ورواية : يجيء رجل فيحيي سنّتي ويميت البدعة ، اسمه النعمان بن ثابت (٥).

ورواية : إنّ سائر الأنبياء تفتخر بي وأنا أفتخر بأبي حنيفة ، وهو رجل تقيّ عند ربّي ، وكأنّه جبل من العلم ، وكأنّه نبيّ من أنبياء بني إسرائيل ، فمن أحبّه فقد أحبّني ، ومن أبغضه فقد أبغضني. قال ابن الجوزي : موضوع ، وقال العجلوني : لا يصلح وإن تعدّدت طرقه. كشف الخفاء (١ / ٣٣).

ورواية : إنّ آدم افتخر بي ، وأنا أفتخر برجل من أمّتي اسمه نعمان ، وكنيته

__________________

(١) الكامل في ضعفاء الرجال : ١ / ١٧٧ رقم ١٧.

(٢) لسان الميزان : ١ / ٢٠٦ رقم ٦١٢ ، اللآلئ المصنوعة : ١ / ٤٥٧.

(٣) أسنى المطالب : ص ٣٧ ح ٣١.

(٤) قال الخطيب في تاريخه : ٢ / ٢٨٩ [رقم ٧٦٨] : باطل موضوع ، ومحمد بن يزيد متروك الحديث ، وسليمان بن قيس وأبو المعلى مجهولان ، وأبان بن أبي عياش رمي بالكذب ، وعدّه ابن حجر في الخيرات الحسان من الموضوعات كما في كشف الخفاء : ١ / ٣٣. قال الأميني : محمد بن يزيد راوي الحديث هو أبو بكر الطرسوسي ، أحد الوضّاعين الكذّابين ، كما مرّ في سلسلتهم. (المؤلف)

(٥) أخرجه الخوارزمي في مناقب أبي حنيفة : ١ / ١٥ من طريق إبراهيم بن أحمد الخزاعي. قال ابن حبّان [كتاب الثقات : ٨ / ٧٨] : يخطئ ويخالف ، وعن أبي مدية : إبراهيم الكذّاب الوضّاع الخبيث. (المؤلف)

٤٥١

أبو حنيفة ، هو سراج أمّتي ؛ قال العجلوني : موضوع. كشف الخفاء (١ / ٣٣).

ورواية : لو كان في أمّة موسى وعيسى مثل أبي حنيفة لما تهوّدوا وما تنصّروا (١).

ورواية : يخرج في أمّتي رجل يقال له أبو حنيفة ، بين كتفيه خال ، يُحيي الله تعالى على يديه السنّة ؛ مرسل عن مجاهيل. ذكره الخوارزمي في مناقب أبي حنيفة (١ / ١٦).

ورواية ابن عباس : يطلع بعد رسول الله بدر على جميع خراسان يكنّى بأبي حنيفة (٢)

ورواية أبي البختري الكذّاب قال : دخل أبو حنيفة على جعفر بن محمد الصادق ، فلمّا نظر إليه جعفر قال : كأنّي أنظر إليك وأنت تحيي سنّة جدّي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بعد ما اندرست ، وتكون مفزعاً لكلّ ملهوف ، وغياثاً لكلّ مهموم ، بك يسلك المتحيّرون إذا وقفوا ، وتهديهم إلى الواضح من الطريق إذا تحيّروا ، فلك من الله العون والتوفيق ، حتى يسلك الربّانيّون بك الطريق. أخرجه الخطيب الخوارزمي في مناقب أبي حنيفة (١ / ١٩) عن أبي البختري.

ما عساني أن أقول في رجل (٣) يؤلّف كتاباً ضخماً في مناقب أبي حنيفة من هذه المخازي ، ويأتي بهذه الأكاذيب الشائنة ويبثّها في الملأ الدينيّ كحقائق راهنة ، غير مكترث بمغبّة دجله ، ولا مبالٍ بالكشف عن سوأته.

__________________

(١) عدّه العجلوني من الموضوعات كشف الخفاء : ١ / ٣٣. (المؤلف)

(٢) أخرجه الخوارزمي في مناقب أبي حنيفة : ١ / ١٨ ، وجامع المسانيد : ١ / ١٧ بإسنادٍ باطل. (المؤلف)

(٣) مثل الخوارزمي المترجم في الجزء الرابع : ص ٣٩٨ ـ ٤٠٧ ، وشمس الدين الشامي المتوفّى (٩٤٢) صاحب عقود الجمان في مناقب أبي حنيفة النعمان. (المؤلف)

٤٥٢

وقد بلغت مغالاة أمّة من الحنفيّة إلى حدّ زعمت أنّه أعلم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. قال عليّ بن جرير : كنت في الكوفة فقدمت البصرة وبها عبد الله بن المبارك ، فقال لي : كيف تركت الناس؟ قال : قلت : تركت بالكوفة قوماً يزعمون أنّ أبا حنيفة أعلم من رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، [قال : كفروا] (١) ، قلت : اتّخذوك في الكفر إماماً ، قال : فبكى حتى ابتلّت لحيته ـ يعني أنّه حدّث عنه. تاريخ بغداد (١٣ / ٤٤١).

وعن عليّ بن جرير قال : قدمت على ابن المبارك فقال له رجل : إنّ رجلين تماريا عندنا في مسألة ، فقال أحدهما : قال أبو حنيفة ، وقال الآخر : قال رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم ، قال : كان أبو حنيفة أعلم بالقضاء ، فقال ابن المبارك : أعد عليّ ، فأعاد عليه ، فقال : كفر كفر ، قلت : بك كفروا ، وبك اتّخذوا الكافر إماماً. قال : ولِمَ؟ قلت : بروايتك عن أبي حنيفة ، قال : أستغفر الله من رواياتي عن أبي حنيفة. تاريخ بغداد (١٣ / ٤٤٢).

وعن فضيل بن عياض قال : إنّ هؤلاء أُشربت قلوبهم حبّ أبي حنيفة ، وأفرطوا فيه ، حتى لا يرون أنّ أحداً كان أعلم منه. حلية الأولياء (٦ / ٣٥٨).

وكان محمد بن شجاع أبو عبد الله ـ فقيه أهل العراق ـ يحتال في إبطال الحديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وردّه ، نصرة لأبي حنيفة ورأيه. تاريخ بغداد (٥ / ٣٥١).

وهناك قوم قابلوا هؤلاء بالطعن على إمامهم ، وشنّوا عليه الغارات ، وتحاملوا عليه بالوقيعة فيه ، لا يسعنا ذكر جلّ ما وقفنا عليه من ذلك فضلاً عن كلّه ، غير أنّا نذكر منه النزر اليسير.

قال ابن عبد البرّ (٢) : فممّن طعن عليه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري

__________________

(١) الزيادة من المصدر.

(٢) في الانتقاء في فضائل الثلاثة الأئمّة الفقهاء : مالك والشافعي وأبي حنيفة : ص ١٤٩. (المؤلف)

٤٥٣

صاحب الصحيح ، فقال في كتابه في الضعفاء والمتروكين : أبو حنيفة النعمان بن ثابت الكوفي ، قال نعيم بن حمّاد : حدثنا يحيى بن سعيد ومعاذ بن معاذ سمعا سفيان الثوري يقول : قيل : أُستُتيب أبو حنيفة من الكفر مرّتين (١) ، وقال نعيم عن الفزاري : كنت عند سفيان بن عيينة فجاء نعي أبي حنيفة ، فقال : لعنه الله كان يهدم الإسلام عروةً عروةً ، وما ولد في الإسلام مولود أشرُّ منه. هذا ما ذكره البخاري.

وقال في (ص ١٥٠) من الانتقاء : وذكر الساجي في كتاب العلل له في باب أبي حنيفة : أنّه استتيب في خلق القرآن فتاب ؛ والساجي ممّن كان ينافس أصحاب أبي حنيفة.

وقال ابن الجارود في كتابه في الضعفاء والمتروكين : النعمان بن ثابت أبو حنيفة ، جلّ حديثه وهم قد اختُلِفَ في إسلامه.

وروي عن مالك ؛ أنّه قال في أبي حنيفة نحو ما ذكر سفيان : إنّه شرّ مولود وُلد في الإسلام ، وأنّه لو خرج على هذه الأمّة بالسيف كان أهون.

وذكر الساجي قال : حدّثنا أبو السائب ، قال : سمعت وكيع بن الجراح يقول : وجدت أبا حنيفة خالف مائتي حديث عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم. وذكره الخطيب في تاريخه (١٣ / ٤٠٧).

وذكر الساجي قال : حدّثني محمد بن روح المدائني ، قال : حدّثني معلّى بن أسد ، قال : قلت لابن المبارك : كان الناس يقولون إنّك تذهب إلى قول أبي حنيفة؟ قال : ليس كلّ ما يقول الناس يصيبون فيه ، كنّا نأتيه زماناً ونحن لا نعرفه ، فلمّا عرفناه تركناه. قال : وحدّثني محمد بن أبي عبد الرحمن المقري ، قال : سمعت أبي

__________________

(١) ذكر الخطيب البغدادي استتابته من الكفر عن جمع كثير في تاريخة : ١٣ / ٣٨٨ ـ ٣٩٥ [رقم ٧٢٩٧] ، وحكى عن شريك أنّه قال : علمت ذاك العواتق في خدورهن. (المؤلف)

٤٥٤

يقول : دعاني أبو حنيفة إلى الإرجاء غير مرّة فلم أُجبه.

وفي (ص ١٥٢) قال أبو عمر : سمع الطحاوي أبو جعفر رجلاً ينشده :

إن كنتِ كاذبةً بما حدَّثتِني

فعليك إثمُ أبي حنيفةَ أو زفر (١)

الواثبين على القياس تعدِّياً

والناكبين عن الطريقة والأثر

وقال أبو جعفر : وددت أنّ لي حسناتهما وأُجورهما وعليّ إثمهما.

وقال عبد الله بن أحمد بن حنبل : أصحاب أبي حنيفة لا ينبغي أن يُروى عنهم شيء ، وسُئل عبد الله بن أحمد عن أبي حنيفة يُروى عنه؟ قال : لا (٢).

وعن منصور بن أبي مزاحم ، قال : سمعت مالك بن أنس ـ وذُكِر أبو حنيفة ـ ، قال : كاد الدين ، ومن كاد الدين فليس من أهله. حلية الأولياء (٦ / ٣٢٥) ، وذكره الخطيب في تاريخه (١٣ / ٤٠٠).

وعن الوليد بن مسلم قال : قال لي مالك بن أنس : يُذكر أبو حنيفة ببلدكم؟ قلت : نعم ، قال : ما ينبغي لبلدكم أن يُسكن. حلية الأولياء (٦ / ٣٢٥).

كان ابن أبي ليلى يتمثّل بأبيات منها (٣) :

إلى شنآنِ المرجئين ورأيِهمْ

عمر بن ذرٍّ وابنِ قيسِ الماصرِ

وعتيبة الدبّاب لا يُرضى به

وأبو حنيفةَ شيخُ سوءٍ كافرِ

وعن يوسف بن أسباط : ردّ أبو حنيفة على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أربعمائة حديث

__________________

(١) زفر بن الهذيل العنبري ثمّ التميمي ، أحد أكابر أصحاب أبي حنيفة وأفقههم وأحسنهم قياساً ، ولي قضاء البصرة ، وقد خلف أبا حنيفة في حلقته إذ مات ، توفّي سنة (١٥٨). (المؤلف)

(٢) تاريخ بغداد : ١٤ / ٢٥٩ ، ٢٦٠ [رقم ٧٥٥٨]. (المؤلف)

(٣) أخذنا ما يأتي من تاريخ الخطيب البغدادي : ١٣ / ٣٨٠. (المؤلف)

٤٥٥

أو أكثر. وعن مالك أنّه قال : ما ولد في الإسلام مولود أضرّ على أهل الإسلام من أبي حنيفة.

وعنه : كانت فتنة أبي حنيفة أضرّ على هذه الأمّة من فتنة إبليس في الوجهين جميعاً : في الإرجاء ، وما وضع من نقض السنن.

وعن عبد الرحمن بن مهدي : ما أعلم في الإسلام فتنةً بعد فتنة الدجّال أعظم من رأي أبي حنيفة.

وعن شريك : لئن يكون في كلّ حيٍّ من الأحياء خمّار خير من أن يكون فيه رجل من أصحاب أبي حنيفة.

وعن الأوزاعي : عمد أبو حنيفة إلى عرى الإسلام فنقضها عروة عروة ، ما ولد مولود في الإسلام أضرّ على الإسلام منه.

وعن سفيان الثوري أنّه قال ـ إذ جاءه نعي أبي حنيفة ـ : الحمد لله الذي أراح المسلمين منه ، لقد كان ينقض عرى الإسلام عروة عروة ، ما ولد في الإسلام مولود أشأم على أهل الإسلام منه.

وعنه ـ وذكر عنده أبو حنيفة ـ : يتعسّف الأمور بغير علم ولا سنّة.

وعن عبد الله بن إدريس : أبو حنيفة ضالّ مضلّ.

وعن ابن أبي شيبة ـ وذكر أبا حنيفة ـ : أراه كان يهوديّا.

وعن أحمد بن حنبل أنّه قال : كان أبو حنيفة يكذب وقال : أصحاب أبي حنيفة ينبغي أن لا يروى عنهم شيء. تاريخ بغداد (٧ / ١٧).

وعن أبي حفص عمرو بن عليّ : أبو حنيفة صاحب الرأي ، ليس بالحافظ ، مضطرب الحديث ، واهي الحديث ، وصاحب هوى.

٤٥٦

وترى آخرين افتعلوا على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم رواية : عالم قريش يملأ طباق الأرض علماً (١) وحملوه على محمد بن إدريس إمام الشافعيّة.

وزعم المزني أنّه رأى رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام فسأله عن الشافعي ، فقال : من أراد محبّتي وسنّتي فعليه بمحمد بن إدريس الشافعي المطّلبي ، فإنّه منّي وأنا منه. تاريخ بغداد (٢ / ٦٩).

وعن محمد بن نصر الترمذي أنّه قال : كتبت الحديث تسعاً وعشرين سنة ، وسمعت مسائل مالك وقوله ، ولم يكن لي حسن رأي في الشافعيّ ، فبينا أنا قاعد في مسجد النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم بالمدينة ، إذ غفوت غفوة فرأيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام ، فقلت : يا رسول الله أكتب رأي أبي حنيفة؟ قال : لا ، قلت : أكتب رأي مالك؟ قال : ما وافق حديثي ، قلت له : أكتب رأي الشافعي؟ فطأطأ رأسه شبه الغضبان لقولي وقال : ليس هذا بالرأي ، هذا ردّ على من خالف سنّتي ، فخرجت على أثر هذه الرؤيا إلى مصر ، فكتبت كتب الشافعي. تاريخ بغداد (١ / ٣٦٦).

وقال أحمد بن نصر : رأيت النبيّ في منامي فقلت : يا رسول الله بمن تأمرنا أن نقتدي به من أمّتك في عصرنا ، ونركن إلى قوله ، ونعتقد مذهبه؟! فقال : عليكم بمحمد بن إدريس الشافعيّ ، فإنّه منّي ، وإنّ الله قد رضي عنه وعن جميع أصحابه ومن يصحبه ويعتقد مذهبه إلى يوم القيامة ، قلت له : وبمن؟ قال : بأحمد بن حنبل ، فنعم الفقيه الورع الزاهد. تاريخ الشام (٢) (٢ / ٤٨).

وعن أحمد بن الحسن الترمذي قال : كنت في الروضة فأغفيت فإذا النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قد أقبل ، فقمت إليه فقلت : يا رسول الله قد كثر الاختلاف في الدين ، فما تقول في رأي أبي حنيفة؟ فقال : أُفّ ، ونفض يده ، قلت : فما تقول في رأي مالك؟ فرفع يده

__________________

(١) قال ابن الحوت في أسنى المطالب : ص ١٤ [ص ٣٧ ح ٣١] : خبر لم يصح ، فهو ضعيف. (المؤلف)

(٢) تاريخ مدينة دمشق : ٥ / ٣٤١ رقم ١٣٦.

٤٥٧

وطأطأ ، وقال : أصاب وأخطأ ، قلت : فما تقول في رأي الشافعيّ؟ قال : بأبي ابن عمّي ، أحيا سنّتي. تاريخ بغداد (٢ / ٦٩).

وعنه قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم في المنام فقلت : يا رسول الله أما ترى ما في الناس من الاختلاف؟ قال : فقال لي : في أيّ شيء؟ قال : قلت : أبو حنيفة ومالك والشافعي. فقال : أمّا أبو حنيفة فما أدري من هو ، وأمّا مالك فقد كتب العلم ، وأمّا الشافعي فمنّي وإليّ. تاريخ بغداد (٤ / ٢٣١).

ويأتي حنفيّ محاجّ يتقرّب إلى إمامه بوضع الحديث على النبيّ الأعظم من طريق أبي هريرة ، أنّه قال : سيكون في أمّتي رجل يقال له أبو حنيفة ، هو سراج أُمّتي ، وسيكون في أُمّتي رجل يقال له : محمد بن إدريس فتنته على أُمّتي أضرّ من فتنة إبليس ، وفي لفظ : أضرّ على أُمّتي من إبليس (١).

وكان محمد بن موسى الحنفي القاضي بدمشق ، المتوفّى (٥٠٦) يقول : لو كان لي أمر لأخذت الجزية من الشافعيّة (٢). البداية والنهاية (١٢ / ١٧٥) ، لسان الميزان (٥ / ٤٠٢).

وكان محبّ الدين محمد بن محمد الدمراقي الحنفي المتوفّى (٧٨٩) ـ ذاك العالم الورع الذي كان يقرأ كلّ يوم ختمة ـ شديد العصبيّة ، يقع في الشافعي ويرى ذلك عبادة. شذرات الذهب (٣) (٦ / ٣١٠).

وتأتي المالكيّة بالزعمات ، فتروي ما وضعه بعضهم على رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم من

__________________

(١) أخرجه الخطيب في تاريخه : ٥ / ٣٠٩ [رقم ٢٨٢١] ، وعدّه من أفحش ما وضعه البورقي محمد بن سعيد الكذّاب المتوفّى (٣١٨) على الثقات ، وعدّه العجلوني في كشف الخفاء : ١ / ٣٣ من الموضوعات ، وكذا السيوطي في اللآلئ المصنوعة : ١ / ٢٣٧ [١ / ٤٥٧]. (المؤلف)

(٢) البداية والنهاية : ١٢ / ٢١٦ حوادث سنة ٥٠٦ ه‍ ، لسان الميزان : ٥ / ٤٥٥ رقم ٨٠٩٧.

(٣) شذرات الذهب : ٨ / ٥٣١ حوادث سنة ٧٨٩ ه‍.

٤٥٨

رواية : يكاد الناس يضربون أكباد الإبل فلا يجدون أعلم من عالم المدينة (١) ، وطبّقوها على مالك بن أنس ، فكأنّ المدينة لم تكن عاصمة الإسلام ، ولم يكن هناك عالم يُقصد قبل مالك وبعده ، وكأنّ عائلة النبوّة التي جعلها النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم قرينة القرآن في الاستخلاف وقال : «إنّي مخلّف فيكم الثقلين : كتاب الله وعترتي أهل بيتي» لم ترث علم النبيّ الأعظم ، وكأنّ صادق آل محمد ـ وكلّهم صادقون ـ لم يكن هو المنتجع الوحيد في العلم لأئمّة الدنيا في ذلك اليوم ، وكأنّ مالكاً لم يكن من تلامذته.

فيأتي الرجل (٢) بدعوى الإجماع المجرّدة من المسلمين ، على أنّ مالكاً هو المراد من ذلك الحديث المزوّر ، ذاهلاً عن قول محمد بن عبد الرحمن : إنّ أحمد كان أفضل من مالك بن أنس. تاريخ بغداد (٢ / ٢٩٨).

وعن قول أحمد إمام الحنابلة : كان ابن أبي ذئب أفضل من مالك بن أنس. تاريخ بغداد (٢ / ٢٩٨).

وعن قول يحيى بن سعيد : إنّ سفيان فوق مالك من كلّ شيء ، في الحديث والفقه والزهد. تاريخ بغداد (٩ / ١٦٤).

وعن قول عطيّة بن أسباط : إنّ أبا حنيفة أفقه من ملء الأرض مثل مالك (٣).

وعن قول الشافعيّ وابن بكير : إنّ ليث بن سعيد الفهمي ـ شيخ الديار المصريّة ـ أفقه من مالك (٤). خلاصة التهذيب (ص ٢٧٥) ، طبقات الحفّاظ (١ / ٢٠٨).

__________________

(١) عدّه ابن الحوت في أسنى المطالب : ص ١٤ [ص ٣٧ ح ٣١] من الموضوعات ، وقال : سمعته من المالكية ولم أره. (المؤلف)

(٢) صاحب الديباج المذهّب [إبراهيم بن علي بن فرحون المالكي المتوفّى ٧٩٩]. (المؤلف)

(٣) مناقب أبي حنيفة للشيخ علي القاري ، المطبوع مع الجواهر المضيّة في طبقات الحنفية : ص ٤٦١. (المؤلف)

(٤) خلاصة الخزرجي : ٢ / ٣٧١ رقم ٦٠٠٠ ، تذكرة الحفّاظ : ١ / ٢٢٤ رقم ٢١٠.

٤٥٩

وعن قول أبي موسى الأنصاري قال : سألت سفيان بن عيينة ، فحدّثنا عن ابن جريج مرفوعاً : يوشك أن يضرب الرجل أكباد الإبل في طلب العلم فلا يجد عالماً أعلم من عالم المدينة ، قال أبو موسى : فقلت لسفيان : أكان ابن جريج يقول : نرى أنّه مالك بن أنس ، فقال : إنّما العالم من يخشى الله ، ولا نعلم أحداً كان أخشى لله من العمري ـ يعني عبد الله بن عبد العزيز العمري. تاريخ بغداد (٦ / ٣٧٧).

وعن قول يحيى بن صالح : محمد بن الحسن ـ الشيباني ـ أفقه من مالك. تاريخ بغداد (٢ / ١٧٥).

وعن قول أحمد بن حنبل : بلغ ابن أبي ذئب أنّ مالكاً لم يأخذ بحديث البيّعين بالخيار ، قال : يُستتاب وإلاّ ضُربت عنقه ، ومالك لم يردّ الحديث ولكن تأوّله على غير ذلك ، فقال شاميّ : من أعلم ، مالك أو ابن أبي ذئب؟ فقال : ابن أبي ذئب في هذا أكبر من مالك ، وابن أبي ذئب أصلح في دينه وأورع ورعاً وأقوم بالحقّ من مالك عند السلاطين. تاريخ بغداد (٢ / ٣٠٢).

وللمالكيّة حول إمامهم منامات ، زعموا رؤية رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم وثناءه على مالك ، يوجد شطر منها في حلية الأولياء (٦ / ٣١٧) وغيرها.

وللحنابلة أشواط بعيدة وخطوات واسعة في الدعاية إلى المذهب وإلى إمامهم ، فقد افتعلوا أطيافاً تصمّ منها المسامع ، ويقصر عن مغزاها كلّ غلوّ ، وقد أسلفنا يسيراً منها في هذا الجزء (ص ١٩٨ ـ ٢٠١) ، ومنها ما أخرجه ابن الجوزي في مناقب أحمد (١) (ص ٤٥٥) بإسناده عن عليّ بن عبد العزيز الطلحي ، قال : قال لي الربيع بن سليمان : قال لي الشافعي : يا ربيع خذ كتابي وأمض به وسلّمه إلى [أبي] (٢) عبد الله أحمد بن

__________________

(١) مناقب أحمد : ص ٦٠٩.

(٢) الزيادة من المصدر.

٤٦٠