الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٤

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٨

وتجنّبي إن شئتِ أن لا تعطبي

رأيَ ابنِ سلمى فيه وابنِ صهاكِ

وإذا تشابهتِ الأمور فعوِّلي

في كشف مشكلِها على مولاكِ

خيرُ الرجالِ وخيرُ بعلِ نسائِها

والأصلُ والفرعُ التقيّ الزاكي

وتعوّذي بالزُّهرِ من أولادِهِ

من شرِّ كلِّ مُضلّل أفّاكِ

لا تعدلي عنهمْ ولا تستبدلي

بهمُ فتحظَي بالخسارِ هناكِ

فهمُ مصابيحُ الدجى لذوي الحجا

والعروةُ الوثقى لذي استمساكِ

وهم الأدلّةُ كالأهلّةِ نوُرها

يجلو عمى المتحيّرِ الشكّاكِ

وهم الصراطُ المستقيمُ فأرغمي

بهواهمُ أنفَ الذي يلحاكِ

وهم الأئمّةُ لا إمامَ سواهمُ

فدعي لِتيم وغيرِها دعواكِ

يا أُمّةً ضلّت سبيلَ رشادِها

إنّ الذي استرشدتِه أغواكِ

لئن ائتمنتِ على البريّةِ خائناً

للنفس ضيّعَها غداةَ رعاكِ

أعطاكِ إذ وطّاكِ عشوةَ رأيِه

خدعاً بحبلِ غرورِها دلاّكِ

فتبعتِهِ وسخيفَ دينِك بعتِهِ

مغترّةً بالنزرِ من دنياكِ

لقد اشتريتِ به الضلالة بالهدى

لمّا دعاكِ بمَكرهِ فدهاكِ

وأطعتِهِ وعصيتِ قولَ محمدٍ

فيما بأمرِ وصيِّه وصّاكِ

خلّفتِ واستخلفتِ من لم يرضَهُ

للدينِ تابعةً هوىً هوّاكِ

خلتِ اجتهادَكِ للصواب مؤدِّياً

هيهاتَ ما أدّاكِ بل أرداكِ

لقد اجتريتِ على اجتراح عظيمةٍ

جعلتْ جهنَّم في غدٍ مثواكِ

ولقد شققتِ عصا النبيِّ محمدٍ

وعققتِ من بعد النبيِّ أباكِ

وغدرتِ بالعهدِ المؤكَّدِ عقدُهُ

يومَ الغديرِ له فما عذراكِ

فلتعلمنَّ وقد رجعت به على ال

أعقاب ناكصةً على عقباكِ

أعَن الوصيِّ عدلت عادلةً به

مَن لا يساوي منه شسعَ شراكِ

٤٢١

ولَتُسأَلِنَّ عن الولاءِ لحيدرٍ

وهو النعيمُ شقاكِ عنه ثناكِ (١)

قست المحيطَ بكلِّ علمٍ مشكلٍ

وعرٍ مسالكُه على السُلاّكِ

بالمعتريهِ كما حكى شيطانُهُ

وكفاهُ عنه بنفسِهِ من حاكِ

والضاربَ الهاماتِ في يومِ الوغى

ضرباً يقدُّ به إلى الأوراكِ

إذ صاح جبريلٌ به متعجِّباً

من بأسِهِ وحسامِهِ البتّاكِ

لا سيفَ إلاّ ذو الفقارِ ولا فتى

إلاّ عليٌّ فاتكُ الفتّاكِ

بالهاربِ الفرّارِ من أقرانِهِ

والحربُ يذكيها قناً ومذاكِ

والقاطع الليلِ البهيمِ تهجّداً

بفؤادِ ذي روعٍ وطرفٍ باكِ

بالتاركِ الصلواتِ كفراناً بها

لو لا الرياءٌ لطالَ ما راباكِ

أبعدْ بهذا من قياسٍ فاسدٍ

لم تأت فيه أُمّةٌ مأتاكِ

أوَما شهدتِ له مواقفَ أذهبتْ

عنكِ اعتراكَ الشكِّ حين عراكِ

من معجزاتٍ لا يقومُ بمثلِها

إلاّ نبيٌّ أو وصيٌّ زاكي

كالشمسِ إذ رُدّت عليه ببابلٍ

لقضاء فرضٍ فائتِ الإدراكِ

والريحِ إذ مرّتْ فقال لها احملي

طوعاً وليَّ اللهِ فوق قواكِ

فجرتْ رجاءً بالبساط مطيعةً

أمرَ الإله حثيثةَ الإيشاكِ (٢)

حتى إذا وافى الرقيمَ بصحبِهِ

ليزيلَ عنه مِريةَ الشكّاكِ

قال السلام عليكمُ فتبادروا

بالردِّ بعد الصمت والإمساكِ

عن غيرِهِ فبدتْ ضغائنُ صدرِ ذي

حنقٍ لسترِ نفاقِهِ هتّاكِ

والميتُ حين دعا به من صرصرٍ

فأجابَهُ وأبيتِ حين دعاكِ

لا تدّعي ما ليس فيكِ فتندمي

عند امتحان الصدقِ من دعواكِ

__________________

(١) ثناكِ عنه شقاكِ. كذا في نسخة. (المؤلف)

(٢) وفي نسخة :

 فغدتْ رخاءً بالبساطِ مطيعةً

أمرَ الإله حثيثةَ الإدراكِ (المؤلف)

٤٢٢

والخفُّ والثعبانُ فيه آيةٌ

فتيقّظي يا ويكِ من عمياكِ

والسطلُ والمنديلُ حين أتى به

جبريلُ حسبُكِ خدمةُ الأملاكِ

ودفاعُ أعظمِ ما عراكِ بسيفِهِ

في يوم كلِّ كريهة وعِراكِ

ومقامُهُ ثبتَ الجنانِ بخيبرٍ

والخوفُ إذ ولّيتِ حشوُ حشاكِ

والبابُ حين دحا به عن حصنهمْ

سبعين باعاً في فضاً دكداكِ

والطائرُ المشويُّ نصٌّ ظاهرٌ

لو لا جحودُك ما رأتْ عيناكِ

والصخرةُ الصمّا وقد شفَّ الظما

منها النفوسَ دحا بها فسقاكِ

والماءُ حين طغى الفراتُ فأقبلوا

ما بينَ باكيةٍ إليه وباكي

قالوا أَغِثنا يا ابن عمِّ محمدٍ

فالماء يُؤذنُنا بوشكِ هلاكِ

فأتى الفرات فقال يا أرضُ ابلعي

طوعاً بأمرِ اللهِ طاغيَ ماكِ

فأغاضَهُ حتى بدتْ حصباؤه

من فوقِ راسخةٍ من الأسماكِ

ثمّ استعادوه فعادَ بأمرِهِ

يجري على قدَرٍ ففيم مِراكِ

مولاكِ راضية وغضبى فاعلمي

سيّانَ سخطُكِ عنده ورضاكِ

يا تيمُ تيّمَكِ الهوى فأطعتِهِ

وعن البصيرة يا عديُّ عَداكِ

ومنعتِ إرثَ المصطفى وتراثَهُ

ووليتِهِ ظلماً ، فمن ولاّكِ

وبسطتِ أيدي عبد شمسٍ فاغتدتْ

بالظلمِ جاريةً على مغناكِ

لا تحسبيكِ بريئةً ممّا جرى

واللهِ ما قتلَ الحسينَ سواكِ

يا آلَ أحمد كم يكابدُ فيكمُ

كبدي خطوباً للقلوب نواكي

كبدي بكم مقروحةٌ ومدامعي

مسفوحةٌ وجوى فؤاديَ ذاكي

وإذا ذكرتُ مصابَكم قال الأسى

لجفونيَ اجتنبي لذيذَ كراكِ

وابكي قتيلاً بالطفوف لأجله

بكتِ السماءُ دماً فحقَّ بكاكِ

إن تبكِهمْ في اليومِ تلقاهمْ غداً

عيني بوجهٍ مسفرٍ ضحّاكِ

يا ربِّ فاجعل حبَّهمْ لي جُنّةً

من موبقاتِ الظلمِ والإشراكِ

٤٢٣

واجبر بها الجبريَّ ربِّ وبَرِّهِ

من ظالمٍ لدمائهمْ سفّاكِ

وبهم إذا أعداءُ آلِ محمدٍ

غلقتْ رهونهمُ فجدْ بفكاكِ (١)

الشاعر

ابن جبر المصري أحد شعراء مصر على عهد الخليفة الفاطمي المستنصر بالله ، المولود سنة (٤٢٠) والمتوفّى (٤٨٧) ، ذكر المقريزي في الخطط (٢) (٢ / ٣٦٥) موسماً من مواسم فتح الخليج في أيّام المستنصر وقال : وتقدّم شاعر يقال له ابن جبر ، وأنشد قصيدةً منها :

فُتِحَ الخليجُ فسالَ منه الماءُ

وعلت عليه الرايةُ البيضاءُ

فصفت مواردُه لنا فكأنّه

كفُّ الإمامِ فعرفُها الإعطاءُ

فانتقد الناس عليه في قوله : فسال منه الماء وقالوا : أيّ شيء يخرج من البحر غير الماء؟ فضيع ما قاله بعد هذا المطلع.

وهناك قصائد غديريّة لابن طوطي الواسطي ، والخطيب المنبجي ، وعليّ بن أحمد المغربي ، من شعراء القرن الخامس توجد مبثوثة في مناقب ابن شهرآشوب وتفسير أبي الفتوح الرازي ، والصراط المستقيم للبياضي ، والدرّ النظيم في الأئمّة اللهاميم لابن حاتم الدمشقي ، وغيرها لم نذكرها لعدم عرفاننا بترجمة أولئك الشعراء وتاريخ حياتهم ؛ غير أنّهم من شعراء هذه الأثارة ـ مأثرة الغدير ـ ومنضّدي عقودها ، وناظمي حديثها ، من الذين استفادوا من لفظه معنى الإمامة والمرجعيّة الكبرى في الدين ، والأولويّة بالناس من أنفسهم.

__________________

(١) أخذتها من نسخة عتيقة جداً مكتوبة في القرون الوسطى وتوجد ناقصة منها تسعة أبيات في أعيان الشيعة في الجزء الخامس عشر : ص ٢٦٣ [٤ / ٦٣]. (المؤلف)

(٢) الخطط والآثار : ١ / ٤٧٨.

٤٢٤

شعراء الغدير

في

القرن السادس

١ ـ أبو الحسن الفنجكردي

٢ ـ ابن منير الطرابلسي

٣ ـ القاضي ابن قادوس

٤ ـ الملك الصالح

٥ ـ ابن العودي النيلي

٦ ـ القاضي الجليس

٧ ـ ابن مكي النيلي

٨ ـ الخطيب الخوارزمي

٩ ـ الفقيه عمارة

٤٢٥
٤٢٦

ـ ٤٤ ـ

أبو الحسن الفنجكردي

المولود (٤٣٣)

المتوفّى (٥١٣)

لا تُنكرَنَّ غديرَ خمٍّ إنّه

كالشمسِ في إشراقِها بل أظهرُ

ما كان معروفاً بإسنادٍ إلى

خيرِ البرايا أحمدٍ لا يُنكَرُ

فيهِ إمامةُ حيدرٍ وكمالهُ

وجلالُهُ حتى القيامةِ يُذكَرُ

أولى الأنامِ بأن يوالي المرتضى

من يأخذُ الأحكامَ منه ويأثرُ

ما يتبع الشعر

هذه الأبيات نسبها إلى الفنجكردي شيخنا الفتّال في روضة الواعظين (ص ٩٠) وهو أحد معاصريه ، وذكرها ابن شهرآشوب في المناقب (١ / ٥٤٠) طبع إيران ، والقاضي الشهيد في مجالس المؤمنين (ص ٢٣٤) ، وصاحب رياض العلماء ، وقطب الدين الأشكوري في محبوب القلوب (١).

وذكر له في مناقب ابن شهرآشوب (١ / ٥٤٠) ، ومجالس المؤمنين (ص ٢٣٤) ، ورياض العلماء قوله :

يومُ الغديرِ سوى العيدينِ لي عيدُ

يوم يُسَرُّ به السادات والصيدُ

__________________

(١) روضة الواعظين : ص ١٠٣ ، مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٥٥ ، مجالس المؤمنين : ١ / ٥٦٣ ، رياض العلماء : ٣ / ٣٥٣ ، محبوب القلوب : ٢ / ٣٢٣.

٤٢٧

نالَ الإمامةَ فيه المرتضى وله

فيه من الله تشريفٌ وتمجيدُ

يقول أحمدُ خيرُ المرسلين ضحىً

في مجمعٍ حَضَرتْهُ البيضُ والسودُ

والحمدُ للهِ حمداً لا انقضاءَ له

له الصنائعُ والألطافُ والجودُ

إنّ الشاعر ـ كما سيوافيك في الترجمة ـ من أئمّة اللغة الواقفين على حقائق معاني الألفاظ وتصاريفها ، ومن المطّلعين على معاريض الكلام ولحن القول وفحوى التعابير ، وقد استفاد من لفظ المولى معنى الإمامة والمرجعيّة في أحكام الدين ، فنظم ذلك في شعره الدرِّي ، فهو من الحجج لما نتحرّاه في معنى الحديث الشريف.

الشاعر

الشيخ أبو الحسن عليّ بن أحمد الفَنجكردي (١) النيسابوري ، من أساتذة الأدب المحنّكين المتقدّمين فيه بالإمامة والتضلّع ، وهو مع ذلك معدود من أعاظم حملة العلم ، ومشيخة الحديث البارعين ، ففي الأنساب للسمعاني : أبو الحسن الفنجكردي عليّ بن أحمد الأديب البارع ، صاحب النظم والنثر الجاريين في سلك السلاسة ، الباقيين معه على هرمه وطعنه في السنِّ ، قرأ أصول اللغة على يعقوب بن أحمد الأديب وغيره ، وكان عفيفاً خفيفاً ظريف المجاورة قاضياً للحقوق ، محمود الأحوال ، أصابته علّة أزمنته ومنعته من الخروج ، وطعن في السنّ فتأخّر عن الزيارة بالقدم فاستناب عنها التعهّد بالعلم ، سمع الحديث من القاضي الناصحي (٢) ، وكتب لي الإجازة لجميع مسموعاته وحدّثني عنه جماعة من مشايخنا ، وتوفّي ليلة الجمعة

__________________

(١) بفتح الفاء وسكون النون وضم الجيم أو سكونها وبكسر الكاف وسكون الراء وبعدها الدال المهملة ، نسبة إلى فنجكرد قرية من نواحي نيسابور. الأنساب [٤ / ٤٠٢]. (المؤلف)

(٢) أبو الحسن محمد بن محمد بن جعفر : المتوفّى (٤٧٩). (المؤلف)

٤٢٨

الثالث عشر من شهر رمضان سنة (٥١٣) وصلّوا عليه في الجامع القديم ، ودفن بالحيرة (١) في مقبرة نوح.

وفي معجم الأدباء (٢) (٥ / ١٠٣) : كان أديباً فاضلاً ، ذكره الميداني في خطبة كتاب السامي وأثنى عليه ومات سنة (٥١٢) عن ثمانين سنة. وذكره البيهقي في الوشاح فقال : الإم ام عليّ بن أحمد الفنجكردي الملقّب بشيخ الأفاضل ، أُعجوبة زمانه ، وآية أقرانه ، وشيخ الصناعة ، والممتطي غوارب البراعة.

وذكره عبد الغفار الفارسي فقال : عليّ بن أحمد الفنجكردي الأديب البارع ، صاحب النظم والنثر الجاريين في سلك السلاسة ، قرأ اللغة على يعقوب بن أحمد الأديب وغيره وأحكمها وتخرّج فيها ، وأصابته علّة لزمته في آخر عمره ، ومات بنيسابور في ثالث عشر رمضان سنة (٥١٣). انتهى.

ومدحه معاصره الكاتب أبو إبراهيم أسعد بن مسعود العتبي (٣) ، كما في معجم الأدباء (٤) (٢ / ٢٤٢) بقوله :

يا أوحدَ البلغاءِ والأدباءِ

يا سيّدَ الفضلاءِ والعلماءِ

يا من كأنّ عطارداً في قلبِهِ

يملي عليه حقائقَ الأشياءِ

وذكره السيوطي في بغية الوعاة (٥) (ص ٣٢٩) بما يقرب من كلام الحموي صاحب المعجم ، وحكى عن الوشاح أنه مات سنة (٥١٣) عن ثمانين سنة ، وروى له قوله :

__________________

(١) محلة كبيرة بنيسابور فيها كانت جبّانة نوح ، ولعلّها سُمّيت بالحيرة لنزول جمع من أهل حيرة الكوفة بها. (المؤلف)

(٢) معجم الأدباء : ١٢ / ٢٧٠.

(٣) ولد سنة (٤٠٤) وتوفّي في جمادى الأولى (٤٩٤). (المؤلف)

(٤) معجم الأدباء : ٦ / ٩٧.

(٥) بغية الوعاة : ٢ / ١٤٨ رقم ١٦٧٠.

٤٢٩

زمانُنا ذا زمانُ سوءٍ

لا خيرَ فيه ولا صلاحا

هل يبصرُ المُبلِسون فيه

لليلِ أحزانِهمْ صباحا

فكلُّهمْ منه في عناءٍ

طوبى لمن ماتَ فاستراحا

وعبّر عنه معاصره شيخنا الفتّال في روضة الواعظين (١) : بالشيخ الإمام تارة وبالشيخ الأديب أخرى ، وترجمه وأطراه القاضي في المجالس (٢) (ص ٢٣٤) ، وصاحب رياض العلماء (٣) ، وروضات الجنات (٤) (ص ٤٨٥) ، والشيعة وفنون الإسلام (٥) (ص ١٣٦) ، وذكر ابن شهرآشوب في معالم العلماء (٦) له كتاب تاج الأشعار وسلوة الشيعة ، قال : وهي أشعار أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وينقل عنه في كتابه مناقب آل أبي طالب (٧). كما أنّ شيخنا قطب الدين الكيدري (٨) جعله من مصادر كتابه أنوار العقول من أشعار وصيِّ الرسول ، ونصَّ فيه بأنّ الفنجكردي قد جمع في كتابه تاج الأشعار مائتي بيت من شعر أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وترجمه سيّدنا صاحب رياض الجنّة في الروضة الرابعة ، وذكر له قوله :

إذا ذكرتَ الغرَّ من هاشمٍ

تنافرتْ عنك الكلابُ الشارده

فقل لمن لامَك في حبِّهِ

خانتكَ في مولودِكَ الوالده

قال الأميني : أشار المترجم بهذين البيتين إلى ما ورد في جملة من الأحاديث

__________________

(١) روضة الواعظين : ص ١٠٣ ، ٢٣٦.

(٢) مجالس المؤمنين : ١ / ٥٦٢.

(٣) رياض العلماء : ٣ / ٣٥٢.

(٤) روضات الجنّات : ٥ / ٢٤٩ رقم ٥٠٣.

(٥) الشيعة وفنون الإسلام : ص ١٧٤.

(٦) معالم العلماء : ص ٧١ رقم ٤٨١.

(٧) راجع : ٢ / ٩٩ و ١٣٩ و ١٧٦ [٢ / ٧٢ ، ١٢٣ ، ٢١٣]. (المؤلف)

(٨) هو الشيخ أبو الحسن محمد بن الحسين البيهقي النيسابوري شارح نهج البلاغة ، توفّي حدود سنة (٥٧٤). (المؤلف)

٤٣٠

من أنّ أمير المؤمنين عليه‌السلام لا يُبغضه إلاّ دعيّ ، وإليك منها :

١ ـ عن أبي سعيد الخدري قال : كنّا معشر الأنصار نبور (١) أولادنا بحبِّهم عليّا رضى الله عنه ، فإذا وُلد فينا مولودٌ فلم يحبّه عرفنا أنّه ليس منّا (٢).

٢ ـ عبادة بن الصامت : كنّا نبور أولادنا بحبِّ عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه ، فإذا رأينا أحدهم لا يحبّ عليّ بن أبي طالب علمنا أنّه ليس منّا وأنّه لغير رشدة (٣).

قال الحافظ الجزري في أسنى المطالب (ص ٨) بعد ذكر هذا الحديث : وهذا مشهور من قديم وإلى اليوم أنّه ما يبغض عليّا رضى الله عنه إلاّ ولد الزنا.

٣ ـ أخرج الحافظ الحسن بن عليّ العدوي ، قال : حدّثنا أحمد بن عبدة الضبّي ، عن أبي عيينة ، عن ابن الزبير ، عن جابر قال : أمرنا رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أن نعرض أولادنا على حبِّ عليِّ بن أبي طالب. ورجاله رجال الصحيحين كلّهم ثقات.

٤ ـ أخرج الحافظ ابن مردويه ، عن أحمد بن محمد النيسابوري ، عن عبد الله بن أحمد بن حنبل ، عن أحمد ، قال : سمعت الشافعي يقول : سمعت مالك بن أنس يقول : قال أنس بن مالك : ما كنّا نعرف الرجل لغير أبيه إلاّ ببغض عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه.

٥ ـ أخرج ابن مردويه ، عن أنس في حديث : كان الرجل من بعد يوم خيبر يحمل ولده على عاتقه ثمّ يقف على طريق عليّ رضى الله عنه ، فإذا نظر إليه أومأ بإصبعه : يا بُنيّ تحبُّ هذا الرجل؟! فإن قال : نعم. قبّله ، وإن قال : لا. خرق به الأرض وقال له : الحق بأمِّك.

__________________

(١) باره يبوره بوراً : جرّبه واختبره. (المؤلف)

(٢) أسنى المطالب للحافظ الجزري : ص ٨ [ص ٥٨] ، شرح ابن أبي الحديد : ١ / ٣٧٣ [٤ / ١١٠ خطبة ٥٦] ، وهناك تصحيف. (المؤلف)

(٣) أسنى المطالب : ص ٨ [ص ٥٨] ، نهاية ابن الأثير : ١ / ١١٨ [١ / ١٦١] ، الغريبين للهروي وفي لفظه : نسبر مكان نبور ، لسان العرب : ٥ / ١٥٤ [١ / ٥٣٦] ، تاج العروس : ٣ / ٦١. (المؤلف)

٤٣١

٦ ـ أخرج الحافظ الطبري في كتاب الولاية ، بإسناده عن عليّ عليه‌السلام أنّه قال : «لا يحبّني ثلاثة : ولد الزنا ، ومنافق ، ورجل حملت به أُمّه في بعض حيضها».

٧ ـ أخرج الحافظ الدارقطني ، وشيخ الإسلام الحمّوئي في فرائده (١) بإسنادهما عن أنس مرفوعاً قال : «إذا كان يوم القيامة نُصب لي منبر ، ثمّ ينادي منادٍ من بطنان العرش : أين محمد؟ فأجيب. فيقال لي : ارق. فأكون أعلاه ، ثمّ ينادي الثانية : أين عليّ؟ فيكون دوني بمرقاة ، فيعلم جميع الخلائق أنّ محمداً سيّد المرسلين وأنّ عليّا سيّد المؤمنين» (٢). قال أنس : فقام إليه رجلٌ فقال : يا رسول الله من يبغض عليّا بعدُ؟!

فقال : «يا أخا الأنصار ، لا يبغضه من قريش إلاّ سفحيّ ، ولا من الأنصار إلاّ يهوديّ ، ولا من العرب إلاّ دعيّ ، ولا من سائر الناس إلاّ شقيّ».

هذا الحديث ضعّفه السيوطي (٣) لمكان إسماعيل بن موسى الفزاري في سنده. وقد ذكره ابن حبّان في الثقات (٤) ، وقال مطين : كان صدوقاً ، وقال النسائي : لا بأس به. وعن أبي داود : إنّه صدوق في الحديث ، روى عنه البخاري في كتاب خلق أفعال العباد ، وأبو داود والترمذي ، وابن ماجة ، وابن خزيمة ، والساجي ، وأبو يعلى وغيرهم (٥) ، ولم يُذكر غمزٌ فيه عن أحد من هؤلاء الأعلام. نعم ؛ ذنبه الوحيد أنَّه شيعيٌّ علويُّ المذهب.

٨ ـ عن أبي بكر الصدّيق قال : رأيت رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم خيّم خيمة وهو

__________________

(١) فرائد السمطين : ١ / ١٣٤ ح ٩٧ باب ٢٢.

(٢) في لفظ الحمّوئي : الوصيّين. (المؤلف)

(٣) اللآلئ المصنوعة : ١ / ٣٧٧.

(٤) الثقات : ٨ / ١٠٤.

(٥) تهذيب التهذيب : ١ / ٢٩٢ رقم ٦٠٦.

٤٣٢

متّكئٌ على قوس عربيّة ، وفي الخيمة عليٌّ وفاطمة والحسن والحسين فقال : «معشر المسلمين أنا سلمٌ لمن سالمَ أهل الخيمة ، حربٌ لمن حاربهم ، وليٌّ لمن والاهم ، لا يحبّهم إلاّ سعيد الجدِّ طيّب المولد ، ولا يبغضهم إلاّ شقيُّ الجدِّ رديء المولد» (١).

٩ ـ عن ابن مريم الأنصاري ، عن عليٍّ عليه‌السلام قال : «لا يحبّني كافر ولا ولد زنا» (٢).

١٠ ـ أخرج ابن عديّ (٣) والبيهقيّ (٤) وأبو الشيخ والديلميّ (٥) ، عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أنّه قال : «من لم يعرف عترتي والأنصار والعرب فهو لإحدى الثلاث : إمّا منافق ، وإمّا ولد زانية ، وإمّا امرؤ حملت به أُمّه في غير طُهر (٦)».

١١ ـ روى المسعودي في مروج الذهب (٧) (٢ / ٥١) عن كتاب الأخبار لأبي الحسن عليّ بن محمد بن سليمان النوفلي ، بإسناده عن العبّاس بن عبد المطّلب ، قال : كنت عند رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم إذ أقبل عليّ بن أبي طالب ، فلمّا رآه أسفر في وجهه ، فقلت : يا رسول الله إنّك لتسفر في وجه هذا الغلام! فقال : «يا عمّ رسول الله ، والله للهُ أشدُّ حبّا له منّي ، ولم يكن نبيٌّ إلاّ وذريّته الباقية بعده من صلبه وإنّ ذريّتي بعدي من صلب هذا ، إنّه إذا كان يوم القيامة دُعي الناس بأسمائهم وأسماء أُمّهاتهم إلاّ هذا وشيعته ، فإنّهم يُدعوَن بأسمائهم وأسماء آبائهم لصحّة ولادتهم».

__________________

(١) الرياض النضرة للحافظ محبّ الدين الطبري : ٢ / ١٨٩ [٣ / ١٣٦]. (المؤلف)

(٢) شرح ابن أبي الحديد : ١ / ٣٧٣ [٤ / ١١٠ خطبة ٥٦]. (المؤلف)

(٣) الكامل في ضعفاء الرجال : ٣ / ٢٠٣ رقم ٧٠٠.

(٤) شعب الإيمان : ٢ / ٢٣٢ ح ١٦١٤.

(٥) فردوس الأخبار : ٣ / ٦٢٦ ح ٥٩٥٥.

(٦) الصواعق لابن حجر : ص ١٠٣ ، ١٣٩ [ص ١٧٣ ، ٢٣٣] ، الفصول المهمّة : ص ١١ [ص ٢٦] ، الشرف المؤبّد : ص ١٠٣ [ص ٢١٧] وليس فيه كلمة : والعرب. (المؤلف)

(٧) مروج الذهب : ٣ / ٧.

٤٣٣

١٢ ـ عن ابن عبّاس قال : قال عليّ بن أبي طالب رضى الله عنه : «رأيت النبيّ صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم عند الصفا وهو مقبل على شخص في صورة الفيل وهو يلعنه ، فقلت : ومَن هذا الذي يلعنه رسول الله؟ قال : هذا الشيطان الرجيم. فقلت : والله يا عدوّ الله لأقتلنّك ولأُريحنَّ الأمّة منك. قال : والله ما هذا جزائي منك. قلت : وما جزاؤك منّي يا عدوّ الله؟ قال والله ما أَبغضك أحدٌ قطُّ إلاّ شركت أباه في رحم أمِّه».

أخرجه الخطيب البغدادي في تاريخه (٣ / ٢٩٠) ، والكنجي في الكفاية (١) (ص ٢١) عن أربع من مشايخه.

روى شيخ الإسلام الحمّوئي في فرائده (٢) في الباب الثاني والعشرين ، من طريق أبي الحسن الواحدي بإسناده ، والزرندي في نظم درر السمطين (٣) عن الربيع بن سلمان ، قال : قيل للشافعي : إنّ قوماً لا يصبرون على سماع فضيلة لأهل البيت ، فإذا أراد أحدٌ يذكرها يقولون : هذا رافضيٌّ ، قال : فأنشأ الشافعيُّ يقول :

إذا في مجلسٍ ذكروا عليّا

وسبطيهِ وفاطمةَ الزكيّه

فأجرى بعضُهم ذكرى سواهمْ

فأيقِنْ أنّه لِسلقلقيّه

إذا ذكروا عليّا أو بنيهِ

تشاغل بالروايات الدنيّه

وقال تجاوزوا يا قومِ هذا

فهذا من حديثِ الرافضيّه

برِئتُ إلى المهيمنِ من أُناسٍ

يرون الرفضَ حبَّ الفاطميّه

على آلِ الرسولِ صلاةُ ربّي

ولعنتُه لتلك الجاهليّه

وقد نظم هذه الأثارة كثير من الشعراء قديماً وحديثاً ، يضيق المجال بذكر

__________________

(١) كفاية الطالب : ص ٧٠ باب ٣.

(٢) فرائد السمطين : ١ / ١٣٥ ح ٩٨.

(٣) نظم درر السمطين : ص ١١١.

٤٣٤

شعرهم ، ومنه قول الصاحب بن عبّاد (١):

بحبِّ عليّ تزولُ الشكوكُ

وتصفو النفوسُ ويزكو النجار

فمهما رأيتَ محبّا له

فثَمّ العلاءُ وثَمّ الفخار

ومهما رأيتَ بغيضاً له

ففي أصلِهِ نسبٌ مستعار

فمهّد على نَصبه عذرَهُ

فحيطانُ دارِ أبيه قصارُ

وقال أيضاً :

حبُّ عليّ بن أبي طالب

فرضٌ على الشاهدِ والغائبِ

وأُمُّ من نابذَهُ عاهرٌ

تبذلُ للنازلِ والراكبِ

وقال ابن مدلّل :

ولقد روينا في حديثٍ مسندٍ

عمّا رواه حذيفةُ بنُ يمانِ

إنّي سألت المرتضى لِمَ لم يكن

عقدُ الولاءِ يصيبُ كلّ جنانِ

فأجابني بإجابةٍ طابت لها

نفسي وأطربني لها استحساني

اللهُ فضّلني وميّزَ شيعتي

من نسل أرجاسِ البعولِ زواني

وروايةٌ أخرى إذا حُشر الورى

يومَ المعادِ رويت عن سلمانِ

للناصبين يقالُ يا ابن فلانةٍ

ويقال للشيعيّ يا ابن فلانِ

كتموا أبا هذا لخبثِ ولادةٍ

ولطيبِ ذا يُدعى بلا كتمانِ (٢)

__________________

(١) ديوان الصاحب بن عبّاد : ص ٩٥.

(٢) مناقب آل أبي طالب : ٣ / ٢٤٢.

٤٣٥
٤٣٦

ـ ٤٥ ـ

ابن منير الطرابلسي

وُلد (٤٧٣)

توفّي (٥٤٨)

عذّبتَ طرفي بالسهرْ

وأذبتَ قلبي بالفِكَرْ

ومزجتَ صفوَ مودّتي

من بَعد بُعدِك بالكدرْ

ومنحتَ جثماني الضّنى

وكحلتَ جفني بالسهرْ

وجفوتَ صبّا ما له

عن حسنِ وجهِكَ مصطبرْ

يا قلبُ ويحك كم تخا

دعُ بالغرورِ وكم تُغرْ

وإلى مَ تكلفُ بالأغنّ

من الظباءِ وبالأغرْ

لئنِ الشريف الموسويّ

ابنُ الشريفِ أبي مُضرْ

أبدى الجحوَد ولم يردّ

إليَّ مملوكي تَتَرْ

واليت آل أُميّة الطُّهرَ

الميامينَ الغررْ

وجحدتُ بيعةَ حيدرٍ

وعدلتُ عنه إلى عمرْ

وأُكذِّبُ الراوي وأط

ـعن في ظهورِ المنتظرْ

وإذا رووا خبرَ (الغدير)

أقول ما صحَّ الخبرْ

ولبستُ فيه من الملا

بسِ ما اضمحلَّ وما دثرْ

وإذا جرى ذكرُ الصحا

بة بين قومٍ واشتهرْ

٤٣٧

قلتُ المقدّمُ شيخ تي

ـمٍ ثمّ صاحبُه عمرْ

ما سلَّ قطّ ظباً على

آلِ النبيِّ ولا شهرْ

كلاّ ولا صدَّ البتو

ل عن التراثِ ولا زجرْ

وأقولُ إنّ يزيدَ ما

شربَ الخمورَ ولا فجرْ

ولجيشِهِ بالكفِّ عن

أبناءِ فاطمةٍ أمرْ

والشمرُ ما قتل الحسي

ـن ولا ابنُ سعدٍ ما غدرْ

وحلقتُ في عشرِ المحرّ

م ما استطالَ من الشعرْ

ونويتُ صومَ نهارِهِ

وصيامَ أيّامٍ أُخرْ

ولبستُ فيه أجلّ ثو

بٍ للمواسمِ يُدّخرْ

وسهرتُ في طبخِ الحبو

ب من العشاءِ إلى السحرْ

وغدوتُ مكتحلاً أصا

فحُ من لقيتُ من البشرْ

ووقفتُ في وسط الطر

يق أقصُّ شاربَ من عبرْ

وأكلتُ جرجير البقو

ل بلحمِ جرّيّ الحفرْ

وجعلتها خيرَ المآ

كل والفواكهِ والخضرْ

وغسلتُ رجلي حاضراً

ومسحتُ خُفّي في السفرْ

آمينَ أجهرُ في الصلا

ة بها كمن قبلي جهرْ

وأسنّ تسنيمَ القبورِ

لكلِّ قبرٍ يُحتفرْ

وأقول في يوم تحا

رُ له البصيرةُ والبصرْ

والصحفُ يُنشر طيّها

والنارُ ترمي بالشررْ

هذا الشريفُ أضلّني

بعد الهدايةِ والنظرْ

فيقال خذ بيد الشري

ـف فمستقرُّكما سقرْ

لوّاحةٌ تسطو فما

تُبقي عليه وما تذرْ

واللهُ يغفرُ للمسيء

إذا تنصّلَ واعتذرْ

إلاّ لمن جحد الوصيَ

ولاءه ولمن كفرْ

٤٣٨

فاخش الإلهَ بسوء فع

ـلك واحتذر كلّ الحذرْ (١)

ما يتبع الشعر

هذه القصيدة المعروفة ب ـ التَتَريّة ـ ذكرها بطولها (١٠٦) أبيات ابن حجّة الحموي في ثمرات الأوراق (٢) (٢ / ٤٤ ـ ٤٨) ، وذكر منها في كتابه خزانة الأدب (٣) (٦٨) بيتاً ، وتوجد برمّتها في تذكرة ابن العراق ، ومجالس المؤمنين (٤) (ص ٤٥٧) نقلاً عن التذكرة ، وأنوار الربيع للسيّد علي خان (٥) (ص ٣٥٩) ، وكشكول شيخنا البحراني (٦) صاحب الحدائق (ص ٨٠) ، ونامه دانشوران (٧) (١ / ٣٨٥) ، وتزيين الأسواق للأنطاكي (٨) (ص ١٧٤) ، ونسمة السحر فيمن تشيّع وشعر (٩) ، وذكر الشيخ الحرّ العاملي في أمل الآمل (١٠) منها تسعة عشر بيتاً.

أرسل ابن منير إلى الشريف المرتضى الموسوي (١١) بهديّة مع عبدٍ أسود له ، فكتب إليه الشريف : أمّا بعد فلو علمت عدداً أقلّ من الواحد أو لوناً شرّا من السواد

__________________

(١) ديوان ابن منير الطرابلسي : ص ١٦٠.

(٢) ثمرات الأوراق : ص ٣٢٧.

(٣) خزانة الأدب وغاية الأرب : ١ / ٣٢٤.

(٤) مجالس المؤمنين : ٢ / ٥٣٧.

(٥) أَنوار الربيع : ٣ / ٢٢٤.

(٦) كشكول البحراني : ١ / ٤٢٠.

(٧) نامه دانشوران (فارسي) : ٢ / ٢٣٦.

(٨) تزيين الأسواق : ص ٣٦٤.

(٩) نسمة السحر : مج ٦ / ج ١ / ٤٠.

(١٠) أمل الآمل : ١ / ٣٥ رقم ٢٨.

(١١) كان نقيب الأشراف بالعراق والشام وغالب الممالك ورئيس أهل هذا المذهب ، وغيرهم ، وكان بينه وبين مهذّب الدين مودّة. تزيين الأسواق : ص ١٧٤ [ص ٣٦٣] ومهذّب الدين هو أبو الحسن عليّ بن أبي الوفاء الموصلي الشاعر المقدّم ، توفّي سنة (٥٤٣). (المؤلف)

٤٣٩

بعثت به إلينا والسلام. فحلف ابن منير أن لا يرسل إلى الشريف هديّة إلاّ مع أعزِّ الناس عليه ، فجهّز هدايا نفيسة مع مملوك له يسمّى تَتَر ، وكان يهواه جدّا ويحبّه كثيراً ولا يرضى بفراقه ، حتى إنّه متى اشتدَّ غمّه أو عرضت عليه محنة نظر إليه فيزول ما به ، فلمّا وصل المملوك إلى الشريف توهّم أنّه من جملة هداياه تعويضاً من العبد الأسود فأمسكه ، وعزّت الحالة على ابن منير فلم ير حيلة في خلاص مملوكه من يد الشريف إلاّ إظهار النزوع عن التشيّع إن لم يرجعه إليه ، وإنكار ما هو المتسالم عليه من قصّة الغدير وغيرها ، فكتب إليه بهذه القصيدة. فلمّا وصلت إلى الشريف تبسّم ضاحكاً وقال : قد أبطأنا عليه فهو معذورٌ ، ثمّ جهّز المملوك مع هدايا نفيسة ، فمدحه ابن منير بقوله :

إلى المرتضى حُثَّ المطيَّ فإنّه

إمامٌ على كلِّ البريّة قد سما

ترى الناس أرضاً في الفضائلِ عندَهُ

ونجلَ الزكيِّ الهاشميِّ هو السما

وقد خمّس التتريّة العلاّمة الشيخ إبراهيم يحيى العاملي (١) ، وهو بتمامه مع القصيدة مذكور في مجموعة شيخنا العلاّمة الشيخ عليّ آل كاشف الغطاء ، وفي الجزء الأوّل من سمير الحاضر ومتاع المسافر له ، وفي المجموع الرائق (ص ٧٢٧) لزميلنا العلاّمة السيّد محمد صادق آل بحر العلوم ، أوّله :

أفدي حبيباً كالقمرْ

ناديتُهُ لمّا سَفرْ

يا صاحب الوجه الأغرْ

عذّبت طرفي بالسهرْ

وأذبت قلبي بالفِكَرْ

أبلى صدودُك جدّتي

وتركتني في شدّتي

وأطلتَ فيها مدّتي

ومزجت صفو مودّتي

من يسعد يمد بالكدر

__________________

(١) أحد شعراء الغدير في القرن الرابع عشر ، تأتي هناك ترجمته. (المؤلف)

٤٤٠