الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي
المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٨
وأحالوا على المقاديرِ في حر |
|
بِك لو أنّ عذرَهمْ مقبولُ |
واستقالوا من بعدِ ما أجلبوا في |
|
ـها أالآن أيّها المستقيلُ |
إنّ أمراً قنّعتَ من دونِه السي |
|
ـفَ لمن حازَه لمرعىً وبيلُ |
يا حساماً فلّتْ مضاربُه الها |
|
مَ وقد فلّه الحسامُ الصقيلُ |
يا جواداً أدمى الجوادَ من الطع |
|
ـن وولّى ونحرُهُ مبلولُ |
حجلُ الخيلِ من دماءِ الأعادي |
|
يوم يبدو طعنٌ وتخفى حجولُ |
يوم طاحتْ أيدي السوابق في الن |
|
ـقعِ وفاض الونى وغاضَ الصهيلُ |
أتُراني أُعيرُ وجهيَ صوناً |
|
وعلى وجهِهِ تجولُ الخيولُ |
أتُراني ألذُّ ماءً ولمّا |
|
يروَ من مهجةِ الإمامِ الغليلُ |
قبّلتهُ الرماحُ وانتضلتْ في |
|
ـه المنايا وعانقتْهُ النصولُ |
والسبايا على النجائب تُستا |
|
قُ وقد نالت الجيوبَ الذيولُ |
من قلوبٍ يدمى بها ناظرُ الوج |
|
ـد ومن أدمعٍ مراها الهُمولُ (١) |
قد سلبنَ القناعَ عن كلِّ وجهٍ |
|
فيه للصون من قناعٍ بديلُ |
وتنقّبن بالأناملِ والدم |
|
ـع على كلِّ ذي نقابٍ دليلُ |
وتَشاكَيْنَ والشكاةُ بكاءٌ |
|
وتنادينَ والنداءُ عويلُ |
لا يغبّ الحادي العنيفُ ولا يف |
|
ـتُرُ عن رنّةِ العديلِ العديلُ |
يا غريبَ الديارِ صبري غريبٌ |
|
وقتيلَ الأعداءِ نومي قتيلُ |
بي نزاعٌ يطغى إليك وشوقٌ |
|
وغرامٌ وزفرةٌ وعويلُ |
ليت أنّي ضجيعُ قبرِكَ أو أ |
|
نّ ثراه بمدمعي مطلولُ |
لا أغَبَّ الطفوفَ في كلِّ يومٍ |
|
من طِراقِ الأنواءِ غيثٌ هطولُ |
مطرٌ ناعمٌ وريحُ شمالٍ |
|
ونسيمٌ غضٌّ وظلٌّ ظليلُ |
__________________
(١) مراها : استخرجها.
يا بني أحمدٍ إلى كم سناني |
|
غائبٌ عن طعانه ممطولُ |
وجيادي مربوطةٌ والمطايا |
|
ومقامي يروعُ عنه الدخيلُ |
كم إلى كم تعلو الطغاة وكم يح |
|
ـكمُ في كلِّ فاضل مفضولُ |
قد أذاعَ الغليلُ قلبي ولكن |
|
غير بدعٍ إنِ استطبَّ العليلُ |
ليت أنّي أبقى فأمترقَ النا |
|
سَ وفي الكفِّ صارمٌ مسلولُ |
وأجرَّ القنا لثارات يوم الط |
|
ـفِ يستلحقُ الرعيلَ الرعيلُ |
صبغَ القلبَ حبُّكمُ صبغةَ الشي |
|
ـب وشيبي لو لا الردى لا يحولُ |
أنا مولاكُمُ وإن كنت منكم |
|
والدي حيدرٌ وأُمّي البتولُ |
وإذا الناس أدركوا غايةَ الفخ |
|
ـر شآهم من قالَ جدّي الرسولُ (١) |
يفرح الناس بي لأنّيَ فضلٌ |
|
والأنامُ الذي أراهُ فضولُ |
فهمُ بين منشدٍ ما أقفّي |
|
هِ سروراً وسامعٍ ما أقولُ |
ليت شعري من لائمي في مقالٍ |
|
ترتضيهِ خواطرٌ وعقولُ |
أتركُ الشيءَ عاذري فيه كلُّ النا |
|
سِ من أجلِ أن لحاني عَذُولُ |
هو سؤلي إن أسعد اللهُ جَدّي |
|
ومعالي الأمور للذِّمرِ (٢) سولُ (٣) |
__________________
(١) شآهم : سبقهم.
(٢) الذِّمر : الشجاع الجمع أذمار ، والذمارة : الشجاعة. (المؤلف)
(٣) ديوان الشريف الرضي : ٢ / ١٨٧.
ـ ٣٧ ـ
أبو محمد الصوري
المولود حدود (٣٣٩)
المتوفّى (٤١٩)
ولاؤك خيرُ ما تحتَ الضميرِ |
|
وأنفسُ ما تمكّنَ في الصدورِ |
وها أنا بتُّ أحسسُ منه ناراً |
|
أَمَتُّ بحرِّها نارَ السعيرِ |
أبا حسنٍ تبيّنَ غدرُ قومٍ |
|
لعهدِ اللهِ من عهدِ الغديرِ |
وقد قام النبيُّ بهم خطيباً |
|
فدلَّ المؤمنين على الأميرِ |
أشار إليهِ فيهِ بكلِّ معنىً |
|
بَنَوْه على مخالفةِ المشيرِ |
فكم من حاضرٍ فيهم بقلبٍ |
|
يخالفُه على ذاك الحضورِ |
طوى يومُ الغديرِ لهم حُقوداً |
|
أنالَ بنشرِها يومَ الغديرِ |
فيا لك منه يوماً جرَّ قوماً |
|
إلى يومٍ عبوسٍ قمطريرِ |
لأمرٍ سوّلتْهُ لهم نفوسٌ |
|
وغرّتهمْ به دارُ الغرورِ |
ولست من الكثيرِ فيطمئنّوا |
|
بأنَّ اللهَ يعفو عن كثيرِ (١) |
وله في أهل البيت عليهمالسلام :
عيونٌ منعنَ الرقادَ العيونا |
|
جعلنَ لكلِّ فؤادٍ فُتونا |
__________________
(١) ديوان الصوري : ١ / ١٨٦ رقم ١٠٧.
فكُنّ المُنى لجميعِ الورى |
|
وكنّ لمن رامَهنّ المَنونا |
وقلبٌ تُقلّبُهُ الحادثاتُ |
|
على ما تشاء شمالاً يمينا |
يصونُ هواهُ عن العالمينَ |
|
ومدمعُهُ يستذلُّ المصونا |
فما لي وكتمانِ داءِ الهوى |
|
وقد كان ما خفتُهُ أن يكونا |
وكان ابتداءُ الهوى بي مُجُوناً |
|
فلمّا تمكّن أمسى جنونا |
وكنت أظنُّ الهوى هيّناً |
|
فلاقيتُ منه عذاباً مُهيناً |
فلو كنتَ شاهدَ يومِ الوداعِ |
|
رأيتَ جفوناً تناجي جفونا |
فهل تركَ البينُ من أرتجيه |
|
من الأوّلينَ أو الآخرينا |
سوى حبِّ آلِ نبيِّ الهدى |
|
فحبُّهمُ أملُ الآملينا |
همُ عُدّتي لوفاتي همُ |
|
نجاتي همُ الفوزُ للفائزينا |
همُ موردُ الحوضِ للواردينَ |
|
وهم عروةُ اللهِ للواثقينا |
همُ عونُ من طلبَ الصالحاتِ |
|
فكنْ بمحبّتهمْ مُستعينا |
همُ حجّةُ اللهِ في أرضهِ |
|
وإن جحدَ الحجّةَ الجاحدونا |
همُ الناطقونَ هم الصادقونَ |
|
وأنتم بتكذيبهم كاذبونا |
همُ الوارثونَ علومَ النبيِ |
|
فما بالُكمْ لهمُ وارثونا |
حقدتم عليهم حُقوداً مضتْ |
|
وأنتمْ بأسيافِهم مسلمونا |
جحدْتُمْ موالاةَ مولاكمُ |
|
ويومَ الغديرِ بها مؤمنونا |
وأنتم بما قاله المصطفى |
|
وما نصَّ من فضلِهِ عارفونا |
وقلتم رضِينا بما قلتَهُ |
|
وقالتْ نفوسُكمُ ما رضينا |
فأيّكمُ كان أولى بها |
|
وأثبتَ أمراً من الطيّبينا |
وأيّكمُ كان بعد النبيِ |
|
وصيّاً ومن كان فيكم أمينا |
وأيّكمُ نامَ في فرشِهِ |
|
وأنتمْ لمهجتِهِ طالبونا |
ومن شارك الطهرَ في طائرٍ |
|
وأنتمْ بذاك له شاهدونا |
لحا اللهُ قوماً رأوا رشدَكمْ |
|
مبيناً فضلّوا ضلالاً مبينا (١) |
وله في أهل البيت عليهمالسلام :
ما طوّلَ الليلَ القَصِيرا |
|
ونهى الكواكبَ أن تغورا |
إلاّ وفي يده عزي |
|
ـماتٌ يحلُّ بها الأُمورا |
ذو مقلةٍ لا تستقلّ |
|
ضنىً وإن أضنت كثيرا |
ليستْ تفتِّر عن دمي |
|
وترى بها أبداً فُتُورا |
وترى بها ضعفاً يُري |
|
ـك المستجارَ المستجيرا |
فيما يُنازعني عَذو |
|
لاً أو يُسامحني عَذيرا |
أترى بوادرَ فتنتي |
|
فيما ترى إلاّ بُدورا |
لو شاء لاختصر الغرا |
|
مَ بها من اختصرَ الخصورا |
ولقد لبست ثيابَ نف |
|
ـسكَ مالكاً أو مستعيرا |
وتمثّلَ الشيطانُ لي |
|
ليغرّني رشأً غريرا |
فخلعتُها ولبستُ ثو |
|
بَ الفتكِ سحّاباً جَرورا |
ما شئت فاقلعْ عنه واس |
|
ـتغفر تجد ربّا غفورا |
ما لم يكنْ من معشرٍ |
|
غدروا وقد شهدوا الغديرا |
وتآمروا ما بينهم |
|
أن ينصبوا فيها أميرا |
من كلِّ صدرٍ موغَرٍ |
|
ملأت ضغائِنُهُ الصدورا |
مترشّحٍ للملكِ قد |
|
نصبتْ سريرتُه السريرا |
وتوارثوها ليس تخ |
|
ـرج عنهمُ شبراً قصيرا |
هذا إلى أن قام قا |
|
ئمُ آلِ أحمدَ مُستثيرا |
__________________
(١) ديوان الصوري : ٢ / ٦٧ رقم ٤٨٣.
وتسلّمَ الإسلامَ أق |
|
ـتمَ مظلماً فكساهُ نورا (١) |
وله في أهل البيت عليهمالسلام :
نكرتْ معرفتي لمّا حكَمْ |
|
حاكمُ الحبِّ عليها لي بدمْ |
فبدتْ من ناظريها نظرةٌ |
|
أدخلَتْها في دمي تحتَ التهمْ |
وتمكّنتُ فأضنيتُ ضنىً |
|
كان بي منها وأسقمتُ سقمْ |
وصبتْ بعد اجتنابٍ صبوةً |
|
بدّلتْ من قولِها لا بنعمْ |
وفقدتُ الوجدَ فيها والأسى |
|
فتألّمتُ لفقدانِ الألمْ |
ما لعيني وفؤادي كلّما |
|
كتمتْ باحَ وإن باحتْ كتمْ |
طالَ بي خُلْفُهما فاتّفقتْ |
|
لي همومٌ في الرزايا وهممْ |
ورزايا المصطفى في أهلِهِ |
|
فاتحاتٌ للرزايا وخُتُمْ |
يا بني الزهراءِ ما ذا اكتَسَبتْ |
|
فيكمُ الأيّامُ من عتْبٍ وذمْ |
يا طوافاً طافَ طوفانٌ به |
|
وحطيماً بقنا الخطِّ حُطِمْ |
أيُّ عهدٍ يُرتجى الحفظُ له |
|
بعد عهد الله فيكم والذممْ |
لا تسلّيتُ وأنوارٌ لكمْ |
|
غَشِيَتْها من بني حربٍ ظُلَمْ |
ركبوا بحرَ ضلالٍ سلموا |
|
فيه والإسلامُ فيهم ما سلمْ |
ثمّ صارتْ سنّةً جاريةً |
|
كلُّ من أمكنهُ الظلمُ ظلمْ |
وعجيبٌ إنّ حقّا بكمُ |
|
قامَ في الناسِ وفيكمْ لم يَقُمْ |
والولا فهو لمن كان على |
|
قولِ عبدِ المُحسنِ الصوري قسمْ |
وأبيكمْ والذي وصّى به |
|
لأبيكمْ جدُّكمْ في يومِ خُمْ |
لقد احتجَّ على أُمّتِهِ |
|
بالذي نالكمُ باقي الأُممْ (٢) |
__________________
(١) ديوان الصوري : ١ / ٢١٩ رقم ١٤٦.
(٢) ديوان الصوري : ١ / ٤١٥ رقم ٣٧٤.
الشاعر
أبو محمد عبد المحسن بن محمد بن أحمد بن غالب (١) بن غلبون الصوري ، من حسنات القرن الرابع ونوابغ رجالاته ، وقد مُدَّ له البقاء إلى أوليات القرن الخامس ، جمع شعره بين جزالة اللفظ وفخامة المعنى ، كما أنّه لا تعدوه رقّة الغزل وشدّة الجدل ، فهو عند الحِجاج يُدلي بحجّته القويمة ، وعند الوصف لا يأتي إلاّ بصورة كريمة ، وديوان شعره المحتوي على خمسة آلاف بيت تقريباً ، الحافل بالرقائق والحقائق يتكفّل البرهنة على هذه الدعاوى ، وهو نصٌّ في تشيّعه كما عدّه ابن شهرآشوب (٢) من شعراء أهل البيت المجاهرين ، وما ذكرناه من شعره يمثّل روحه المذهبيّة ، ونزعته الطائفيّة الحميدة ، وتعصّبه لآل البيت النبويّ ، واعترافه بحقّهم الثابت ، ونبذه ما وراء ذلك نبذاً لا مرتجع إليه ، وفي ديوانه ـ غير ما ذكرناه ـ شواهد وتلويحات لطيفة ، نحو قوله في صبيٍّ اسمه عمر :
نادمني من وجهُهُ روضةٌ |
|
مشرقةٌ يمرحُ فيهِ النظرْ |
فانظر معي تنظرْ إلى معجزٍ |
|
سيفُ عليٍّ بين جفني عمرْ |
وقد ترجمه ابن أبي شبانة في تكملة أمل الآمل ، وهو لا يترجم إلاّ المتمسِّك بحُجزةِ (٣) أهلِ البيتِ الطاهر ، وتر جمه الثعالبي في يتيمة الدهر (٤) (١ / ٢٥٧) وذكر من شعره (٢٢٥) بيتاً ، وأثنى عليه وانتخب من ديوانه أبياتاً في تتميم يتيمته (٥) (١ / ٣٥) ،
__________________
(١) في تتميم يتيمة الدهر : ١ / ٣٥ [٥ / ٤٦] : طالب ، وهو تصحيف. (المؤلف)
(٢) معالم العلماء : ص ١٥١ ، وعدّه في المقتصدين.
(٣) الحُجزة : معقد الإزار ، استعاره قدسسره للدلالة على الالتجاء والاعتصام والتمسك بأهل البيت عليهمالسلام :.
(٤) يتيمة الدهر : ١ / ٣٦٣.
(٥) تتمّة يتيمة الدهر : ٥ / ٤٦.
وعقد ابن خلّكان (١) له ترجمةً ضافيةً ، أطراه ووصف شعره في (١ / ٣٣٤) ، وقال : توفّي يوم الأحد تاسع شوال سنة تسع عشرة وأربعمائة وعمره ثمانون أو أكثر ، وذكره ابن كثير في تاريخه (٢) (١٢ / ٢٥). ومن شعره في أهل البيت عليهمالسلام :
تَوَقَّ إذا ما حرمةُ العدلِ جلّتِ |
|
ملامي لتقضي صبوتي ما تمنّتِ |
أغرّكَ أن لم تستفزَّكَ لوعةٌ |
|
بقلبي ولا استبكاك بَيْنٌ بمقلتي |
لك الخيرُ هذا حين شئتَ تلومُني |
|
لجاجاً فأَلاّ لُمْتَ أيّامَ شِرّتي |
غداةَ أجيبُ العيسَ إذ هي حنّتِ |
|
وأحدو إذا وِرْقُ الحمائمِ غنّتِ |
وأنتهبُ الأيّامَ حتى كأنّني |
|
أدافع من بعد الحُلولِ منيّتي |
وأستصغر البلوى لمن عرَفَ الهوى |
|
وأستكثرُ الشكوى وإن هي قَلّتِ |
أطيل وقوفي في الطلولِ كأنّني |
|
أحاولُ منها أن تَرُدَّ تحيّتي |
لياليَ ألقى كلَّ مهضومةِ الحشا |
|
إذا عدلتْ في ما جناهُ تجنّتِ |
أصدُّ فيدعوني إلى الوصلِ طرفُها |
|
وإن أنا سارعتُ الإجابةَ صدّتِ |
وإن قلتُ سُقمي وكّلَتْ سقمَ طرفِها |
|
بإبطالِ قولي أو بإدحاضِ حجّتي |
وإن سمعتْ وأنار قلبي شناعةً |
|
عليها أجابتني بوانارِ وجنتي |
وأصرفُ همّي عن هواها بهمّتي |
|
عزوفاً فتثنيني إذا ما تثنّتِ |
وأَنشدُ بين البينِ والهجرِ مهجتي |
|
ولم أدرِ في أيِّ السبيلين ضلّتِ |
وما أحسبُ الأيّامَ أيّامَ هجرِها |
|
تطاولُني إلاّ لتقصرَ مدّتي |
دعوا الأمَةَ اللاّتي استحلّت دمي تكنْ |
|
مع الأمّةِ اللاّتي بغتْ فاستحلّتِ |
فما يُقتدى إلاّ بها في اغتصابِها |
|
ولا أقتدي إلاّ بصبرِ أئمّتي |
أليس بنو الزهراءِ أدهى رزيّةً |
|
عليكمْ إذا فكّرتمُ في رزيّتي |
حُماتي إذا لانت قناتي وعدّتي |
|
إذا لم تكنْ لي عدّةٌ عند شدّتي |
__________________
(١) وفيات الأعيان : ٣ / ٢٣٢ رقم ٤٠٦.
(٢) البداية والنهاية : ١٢ / ٣٢ حوادث سنة ٤١٩ ه.
أقامتْ لحربِ اللهِ حزب أُميّةٍ |
|
إذا هي ضلّتْ عن سبيلٍ أضلّتِ |
قلوبٌ على الدينِ العتيقِ تألّفتْ |
|
لهمْ ومن الحقدِ القديمِ استملّتِ |
بما ذا تُرى تحتجُّ يا آلَ أحمدٍ |
|
على أحمدٍ فيكمْ إذا ما استعدّتِ |
وأشهر ما يروونه عنه قولُهُ |
|
تركتُ كتابَ اللهِ فيكم وعترتي |
ولكنّ دنياهم سعتْ فسعوا لها |
|
فتلك التي فلّت ضميراً عن التي (١) |
وله في أهل البيت سلام الله عليهم :
أصبحوا يفرقونَ من إفراقي |
|
فاستغاثوا في نكستي بالفراقِ |
ما صبرتم لقد بَخِلتمْ على المد |
|
نفِ حقّا حتى بطول السياقِ |
راحةٌ ما اعتمدتموها بقتلي |
|
رُبَّ خيرٍ أتى بغير اتّفاقِ |
سوفَ أمضي وتلحقون ولا عل |
|
ـمَ لكم ما يكونُ بعد اللحاقِ |
حيث لا يجمعُ القضيّةَ من يج |
|
ـمعُ بين الخصمينِ ماضٍ وباقِ |
ما لهمْ لا خلقتُ فيهم فما أغ |
|
ـفلَ قومي عن الدمِ المُهراقِ |
رُبّ ظهرٍ قلبته مثل ما يُق |
|
ـلَبُ ظهرُ المجنِّ للإرشاقِ |
بعد ما قادني فلم أدرِ حتى |
|
صرتُ ما بين ملتقى الأحداقِ |
وأراني أسيرَ عينيكَ منهنّ |
|
فما ذا تراهُ في إطلاقي |
مسّةٌ من هواكَ بي لا من الجنِ |
|
فهل من مُعَزِّمٍ أو راقِ |
غير أن يُبرِدَ احتراقي بوصلٍ |
|
أو بوعدٍ أو أن يبلَّ اشتياقي |
أو يعيدَ الكرى كما كان لا يو |
|
حشُني من خيالِكَ الطرّاقِ |
ما لنومي كأنّه كان في |
|
أوّل دمعي جرى من الآماقِ |
غير مُسترجَعٍ فيُرجى وهل تر |
|
جعُ للعينِ أدمعٌ في سباقِ |
بأبي شادنٌ توثّقتُ بالأَيْ |
|
ـمانِ منه من قبلِ شدِّ وثاقي |
__________________
(١) ديوان الصوري : ١ / ٧٣ رقم ٢٢.
فهو إلاّ يكنْ لحربٍ فحربٌ |
|
علّمتهُ خيانةَ الميثاقِ |
نفرٌ من أُميّةٍ نَفَر الإس |
|
ـلامُ من بينهم نفورَ إباقِ |
أنفقوا في النفاقِ ما غصبوه |
|
فاستقام النفاقُ بالإنفاقِ |
وهي دارُ الغرورِ قصّر باللو |
|
م فيها تطاولُ العشّاقِ |
وأراها لا تستقيمُ لذي الزه |
|
ـد إذا المالُ مالَ بالأعناقِ |
فلهذا أبناءُ أحمدَ أبنا |
|
ءُ عليٍّ طرائدُ الآفاقِ |
فقراءُ الحجازِ بعد الغنى الأك |
|
ـبر أسرى الشآم قتلى العراقِ |
جانبتهمْ جوانبُ الأرض حتى |
|
خلتَ أنّ السماءَ ذاتُ انطباقِ |
إن أقصّر يا آل أحمد أو أُغ |
|
ـرق كان التقصيرُ كالإغراقِ |
لستُ في وصفِكم بهذا وهذا |
|
لاحقاً غيرَ أن تروا إلحاقي |
إنّ أهلَ السماءِ فيكم وأهل ال |
|
أرضِ ما دامتا لأَهلُ افتراقِ |
عرفَتْ فضلَكم ملائكةُ اللّ |
|
ـه فدانتْ وقومُكمْ في شقاقِ |
يستحقّون حقَّكمْ زعموا ذ |
|
لك سحقاً لهم من استحقاقِ |
وأرى بعضَهم يبايعُ بعضاً |
|
بانتظام من ظلمكم واتّساقِ |
واستثاروا السيوفَ فيكم فقُمْنا |
|
نستثيرُ الأقلامَ في الأوراقِ |
أيُّ غبنٍ لو لا القيامةُ والمرْ |
|
جوُّ فيها من قدرةِ الخلاّقِ |
فكأنّي بهم يودّون لو أنّ ال |
|
ـخوالي من الليالي البواقي |
ليتوبوا إذا يُذادون عن أك |
|
ـرمِ حوضٍ عليهِ أكرمُ ساقِ |
وإذا ما التقوا تقاسمت النا |
|
ر عليّا بالعدلِ يومَ التلاقِ |
قيل هذا بما كفرتمْ فذوقوا |
|
ما كسبتمْ يا بؤس ذاك المذاقِ (١) |
وقال في يوم عاشوراء يمدح الإمام الحاكم بأمر الله :
__________________
(١) ديوان الصوري : ١ / ٣٠٧ رقم ٢٥٥.
خلا طرفُهُ بالسقم دوني يلازمُه |
|
إلى أن رمى سهماً فصرتُ أساهمُهْ |
فأصبحَ بي ما لستُ أدري أمثلُهُ |
|
بجفنيه أم لا يعدلُ السقمَ قاسمُهْ |
لئن كان أخفى الصدرُ صدّا من الجوى |
|
ففي العينِ عنواناتُهُ وتراجمُهْ |
ولم يخفِهِ أنّ الهوى خفَّ حملُهُ |
|
ولكن لأنّ اللومَ ليس يلائمُهْ |
ويا رُبَّ ليلٍ قصّرَ الذكرُ طولَهُ |
|
فما طَلَعتْ حتى تجلّت غمائمُهْ |
وما نمتُ فيه غيرَ أنْ لو سألتني |
|
من الشغلِ عنه قلتُ ما قالَ نائمُهْ |
ولكنّه ألقى على الصبحِ لونَهُ |
|
فوالاهُ يومٌ شاحبُ الوجهِ ساحِمُهْ |
كما جاءَ يومٌ في المحرّمِ واحدٌ |
|
خبا نورُه لمّا استُحِلّتْ محارمُهْ |
طغتْ عبدُ شمسٍ فاستقلَّ محلّقاً |
|
إلى الشمسِ من طغيانِها مُتراكمُهْ |
فمن مبلغٌ عنّي أُميّةَ أنّني |
|
هتفتُ بما قد كنتُ عنها أكاتمُهْ |
مضت أعصرٌ معوجّةٌ باعوجاجِكم |
|
فلا تنكروا أن قوّمَ الدهرَ قائمُهْ |
وجدّد عهدَ المصطفى بعضُ أهلِهِ |
|
وحكّم في الدينِ الحنيفيِّ حاكمُهْ |
فيا أيّها الباكون مصرعَ جدِّهِ |
|
دعوا جدَّهُ تبكي عليه صوارمُهْ |
ألا أيّها الثكلى التي من دموعِها |
|
إذا هي حَنّت من قتيلٍ جماجمُهْ |
لقد خسرَ الدارينِ من صدَّ وجهَهُ |
|
فلا أنت مُبقيه ولا اللهُ راحمُهْ |
حريصاً على نارِ الجحيمِ كأنّه |
|
يخافُ على أبوابِها من يُزاحمُهْ |
إلى من تراه فوّضَ الأمرَ غيرَكمْ |
|
إذا أنتمُ أركانُه ودعائمُهْ |
فيا لكَ منها دولةً علويّةً |
|
تبدّتْ بسعدٍ حاكمُ الدهر خاتمُهْ (١) |
وله قوله :
بالذي ألهمَ تعذي |
|
ـبي ثناياك العِذابا |
والذي ألبس خدّي |
|
ـكَ من الوردِ نقابا |
__________________
(١) ديوان الصوري : ٢ / ٣٧ رقم ٤٣٨.
والذي أودعَ في في |
|
ـك من الشَّهدِ شرابا |
والذي صيّر حظّي |
|
منك هجراً واجتنابا |
ما الذي قالته عينا |
|
كَ لقلبي فأجابا |
والذي قالته للدم |
|
ـعِ فواراها انصبابا |
يا غزالاً صاد باللح |
|
ـظِ فؤاداً فأصابا |
عَمْرَكَ اللهُ بصبٍ |
|
لا يُرى إلاّ مصابا |
هذه الأبيات توجد في ديوان المترجَم (١) ، فنسبتها إلى الصنوبري كما في كشكول البهائي (٢) (١ / ٢٣) في غير محلّه ، وأخذ البهائي (٣) منها قوله :
يا بدرَ دجىً فراقُه القلبَ أذابْ |
|
مذ ودّعني فغابَ صبري إذ غابْ |
بالله عليكَ أيَّ شيء قالت |
|
عيناك لقلبي المعنّى فأجابْ |
وللمترجم الصوري :
(سفرنَ بدوراً وانتقبنَ أهلّةً |
|
ومِسْن غصوناً والتفتن جآذرا) (٤) |
وأَبدينَ أطرافَ الشعورِ تستّراً |
|
فأغدرتِ الدنيا علينا غدائرا |
وربّتَما أطلعنَ والليلُ مقبلٌ |
|
وجوهَ شموسٍ تُوقِفُ الليلَ حائِرا |
فهنّ إذا ما شئنَ أمسينَ أو إذا |
|
تعرّضَ أن يصبحنَ كنَّ قوادرا (٥) |
وقال يرثي شيخ الأمّة ابن المعلّم أباعبد الله محمد بن محمد بن النعمان المفيد المتوفّى (٤١٣):
__________________
(١) ديوان الصوري : ٢ / ١٢٣ رقم ٥٨٨.
(٢) كشكول البهائي : ١ / ١٣٣ ، وفيه نسبة هذه الأبيات إلى الصوري لا الصنوبري.
(٣) كشكول البهائي : ١ / ١٥٢.
(٤) البيت لعليّ بن إسحاق الزاهي المتوفّى (٣٢٥ ه) ، وما بعده من الأبيات قاله المترجم إجازةً له.
(٥) ديوان الصوري : ١ / ١٥٤ رقم ٨١.
تبارك من عمَّ الأنامَ بفضلِهِ |
|
وبالموتِ بين الخلقِ ساوى بعدلِه |
مضى مستقلاّ بالعلومِ محمدٌ |
|
وهيهاتَ يأتِينا الزمانُ بمثلِه (١) |
جاء في بدائع البدائِه (٢) بإسناده عن بكّار بن عليّ الرياحي أنّه قال :
لمّا وصل عبد المحسن الصوري إلى دمشق جاءني المجدي الشاعر فعرّفني به ، وقال : هل لك أن نمضي إليه ونسلّم عليه؟ فأجبت ، وقمت معه حتى أتينا إلى منزله ، وكان ينزل دائماً إذا قدم في سوق القمح ، وكان بين يديه دكّان قطّان وفيها رجلٌ أعمى ، فوقفت به عجوز كبيرة فكلّمها بشيءٍ وهي منصتة له ، فقال المجدي في الحال :
مُنصتةٌ تسمع ما يقولُ
فقال عبد المحسن في الحال :
كالخلد (٣) لمّا قابلته الغولُ
فقال له المجدي : أحسنت والله يا أبا محمد أتيت بتشبيهين في نصف بيت أعيذك بالله. انتهى.
ومن لطيف قول الصوري ما قاله وقد استعير منه كتاب وحبس عليه ، كما يوجد في ديوانه (٤):
ما ذا جناه كتابي فاستحقَّ به |
|
سجناً طويلاً وتغييباً عن الناسِ |
فاطلقه نسألْهُ عمّا كان حلَّ به |
|
في طول سجنِكَ من ضرٍّ ومن باسِ |
__________________
(١) ديوان الصوري : ١ / ٤١٤ رقم ٣٧٣.
(٢) وذكره ابن عساكر في تاريخه : ٣ / ٢٨١ [١٠ / ٣٦٧ رقم ٩٤٢]. (المؤلف)
(٣) في تاريخ ابن عساكر : كالحلد. وهو كما ترى [وفي الطبعة الجديدة : كالخلد]. (المؤلف)
(٤) ديوان الصوري : ١ / ٢٤٩ رقم ١٧٨.
كتب الشاعر المفلق أحمد بن سلمان الفجري إلى عبد المحسن الصوري :
أعبدَ المحسنِ الصوريَّ لِم قدْ |
|
جثمتَ جثومَ منهاضٍ كسيرِ |
فإن قلتَ العبالةُ أقعدتني |
|
على مضضٍ وعاقت عن مسيري (١) |
فهذا البحر يحملُ هُضْبَ رضوى |
|
ويستثني بركنٍ من ثبيرِ |
وإن حاولتَ سيرَ البرِّ يوماً |
|
فلستَ بمثقلٍ ظهرَ البعيرِ |
إذا استحلى أخوكَ قلاك يوماً |
|
فمثلُ أخيكَ موجودُ النظيرِ |
تحرّكْ علَّ أن تلقى كريماً |
|
تزولُ بقُربِهِ إِحَنُ الصدورِ |
فما كلُّ البريّةِ من تراهُ |
|
ولا كلُّ البلادِ بلادُ صورِ |
فأجابه عبد المحسن :
جزاك اللهُ عن ذا النصحِ خيراً |
|
ولكن جاءَ في الزمنِ الأخيرِ |
وقد حدّتْ ليَ السبعون حدّا |
|
نهى عمّا أمرتَ من المسيرِ |
ومذ صارتْ نفوسُ الناسِ حولي |
|
قصاراً عُذتُ بالأمل القصيرِ (٢) |
وقال في صبيِّ اسمه مقاتل ـ وله فيه شعرٌ كثيرٌ ـ :
تعلّمتْ وجنتُه رُقيةً |
|
لعقربِ الصدغ فما تلسعُ |
صُمَّتْ عن العاذل في حبِّه |
|
أُذني فما لي مِسمَعٌ يسمعُ |
ودَّعْتُهُ والدّمعُ في مقلتي |
|
في عَبرتي مستعجلٌ مُسرعُ |
فظنَّ إذ أبصرتَها أنّها |
|
سائرُ أعضائي بها تدمعُ |
وقال هذا قبلَ يوم النّوى |
|
فما ترى بعد النّوى تصنعُ |
في غيرِ وقتِ الدمعِ ضيّعتَهُ |
|
قلتُ فقَلبي عندَكم أضيعُ (٣) |
__________________
(١) العبالة : الضخامة. (المؤلف)
(٢) راجع ديوانه [١ / ٢٠٢ رقم ١٢٤] ، وذكرها الثعالبي في يتيمة الدهر : ١ / ٢٦٩ [١ / ٣٧٩]. (المؤلف)
(٣) ديوان الصوري : ١ / ٢٧٨ رقم ٢١٦ ، ٢١٧.
وقال في مقاتل أيضاً :
احفظ فؤادي فأنت تملكُهُ |
|
واستر ضميري فأنت تهتكُهُ |
هجرُكَ سهلٌ عليك أصعبُهُ |
|
وهو شديدٌ عليَّ مسلكُهُ |
بسيف عينيكَ يا مقاتِلُ كم |
|
قتلتَ قبلي من كنتَ تملكُهُ |
أمّا عزائي فلستُ آملُه |
|
فيك وصبري ما لستُ أدركُهُ (١) |
وقال فيه وهو مُعْذِر :
وقفَ الليلُ والنهارُ وقد كا |
|
ن إذا ما أتى النهار يفرُّ |
لا يرى رجعة فيكسبُ عاراً |
|
لا ولا ثمَّ قوّةٌ فيفِرُّ |
أينَ سلطانُ مقلتيك علينا |
|
قل له ما يجوزُ في الحبِّ سحرُ |
أنت فرّقتَ نارَ خدّيك حتى |
|
كلُّ قلبٍ صبٍّ لها فيه جمرُ |
فبما ذا تلقى عذارَيْكَ قل لي |
|
سيّما إنْ تداركَ الشَّعرَ شَعرُ |
وعزيزٌ عليَّ أنّك بالحر |
|
بِ وبالسلم طولَ عمرِكَ غرُّ (٢) |
وخلف المترجم على أدبه الجمّ وقريضه البديع ولده عبد المنعم ، ذكره الثعالبي (٣).
__________________
(١) ديوان الصوري : ١ / ٣٤٠ رقم ٢٩٤.
(٢) ديوان الصوري : ١ / ٢٠٣ رقم ١٢٥.
(٣) تتمّة يتيمة الدهر : ٥ / ٨٢.
ـ ٣٨ ـ
مهيار الديلمي
المتوفّى (٤٢٨)
ـ ١ ـ
هل بعدَ مُفترَقِ الأظعانِ مجتمعُ |
|
أم هل زمانٌ بهم قد فاتَ يُرتجَعُ |
تحمّلوا تَسَعُ البيداءُ ركبَهمُ |
|
ويحملُ القلبُ فيهم فوقَ ما يَسعُ |
مغرِّبين همُ والشمسَ قد ألفوا |
|
ألَا تغيبَ مغيباً حيثما طلعوا |
شاكين للبَيْنِ أجفاناً وأفئدةً |
|
مفجّعين به أمثالَ ما فجعوا |
تخطو بهم فاتراتٌ في أزمّتِها |
|
أعناقُها تحت إكراهِ النوى خُضُعُ |
تشتاق نعمانَ لا ترضى بروضتِهِ |
|
داراً ولو طابَ مصطافٌ ومرتبَعُ |
فداء وافين تمشي الوافياتُ بهمْ |
|
دمعٌ دمٌ وحَشاً في إِثرِهم قِطَعُ |
الليلُ بعدهُمُ كالفجرِ متّصلٌ |
|
ما شاء والنومُ مثلُ الوصلِ منقطِعُ |
ليت الذين أصاخوا يومَ صاحَ بهمْ |
|
داعي النوى ثوِّروا صمّوا كما سمِعوا |
أوليتَ ما أخذَ التوديعُ من جسدي |
|
قضى عليَّ فللتعذيبِ ما يدعُ |
وعاذلٍ لجَّ أعصيه ويأمرُني |
|
فيه وأهربُ منه وهو يتّبعُ |
يقول : نفسَك فاحفظها فإنّ لها |
|
حقّا وإنّ علاقاتِ الهوى خدَعُ |
روِّح حشاك بِبَردِ اليأس تسلُ به |
|
ما قيل في الحبِّ إلاّ أنّه طمعُ |
والدهرُ لونانِ والدنيا مقلّبةٌ |
|
الآنَ يعلمُ قلبٌ كيف يرتدعُ |
هذي قضايا رسولِ اللهِ مهملةٌ |
|
غدراً وشملُ رسولِ اللهِ مُنصدعُ |
والناسُ للعهدِ ما لاقوا وما قربوا |
|
وللخيانِة ما غابوا وما شَسَعوا (١) |
وآلُهُ وهمُ آلُ الإلهِ وهمْ |
|
رُعاةُ ذا الدينِ ضِيموا بعده ورُعُوا |
ميثاقُهُ فيهمُ ملقىً وأمّتُهُ |
|
مع من بغاهم وعاداهم له شِيَعُ |
تُضاعُ بيعتُهُ يومَ الغديرِ لهمْ |
|
بعد الرضا وتُحاطُ الرومُ والبِيَعُ |
مقسّمين بأيمانٍ همُ جذبوا |
|
ببوعها وبأسيافٍ همُ طبعوا |
ما بين ناشرِ حبلٍ أمسِ أبرمه |
|
تُعَدُّ مسنونةً من بعدِهِ البِدَعُ |
وبين مُقتنصٍ بالمكرِ يخدعُهُ |
|
عن آجلٍ عاجلٌ حلوٌ فينخدعُ |
وقائل لي عليٌّ كان وارثَهُ |
|
بالنصِّ منه فهل أَعَطَوه أم منعوا |
فقلت كانت هَناتٌ لستُ أذكرُها |
|
يجزي بها اللهُ أقواماً بما صنعوا |
أبلغْ رجالاً إذا سمّيتُهمْ عُرِفوا |
|
لهم وجوهٌ من الشحناءِ تُمتقعُ |
توافقوا وقناةُ الدين مائلةٌ |
|
فحين قامتْ تلاحَوا فيه واقترعوا |
أطاع أوّلُهم في الغدرِ ثانيَهمْ |
|
وجاءَ ثالثُهم يقفو ويتّبعُ |
قفوا على نظرٍ في الحقِّ نفرضُهُ |
|
والعقلُ يفصلُ والمحجوجُ ينقطعُ |
بأيّ حكمٍ بنوه يتبعونكمُ |
|
وفخرُكمْ أنّكمْ صحبٌ له تَبَعُ |
وكيف ضاقتْ على الأهلينَ تربتُهُ |
|
وللأجانبِ من جنبيهِ مضطجَعُ |
وفيم صيّرتمُ الإجماعَ حجّتَكمْ |
|
والناسُ ما اتّفقوا طوعاً ولا اجتمعوا |
أَمْرٌ عليٌّ بعيدٌ من مشورتِهِ |
|
مستكرَهٌ فيه والعبّاس يَمتنعُ |
وتدّعيه قريشٌ بالقرابة وال |
|
أنصار لا رُفُعٌ فيه ولا وُضُعُ |
فأيّ خُلفٍ كخُلْفٍ كان بينكمُ |
|
لو لا تُلفَّقُ أخبارٌ وتصطَنَعُ |
واسألهمُ يوم خُمٍّ بعد ما عقدوا |
|
له الولايةَ لِمْ خانوا ولِمْ خلَعوا |
__________________
(١) شسعوا : بعدوا.
قولٌ صحيحٌ ونيّاتٌ بها نَغَلٌ |
|
لا ينفع السيفَ صَقلٌ تحته طَبَعُ (١) |
إنكارُهمْ يا أميرَ المؤمنينَ لها |
|
بعد اعترافِهمُ عارٌ به ادّرعوا |
ونكثُهمْ بكَ مَيْلاً عن وصيّتهمْ |
|
شرعٌ لَعمرُكَ ثانٍ بعده شرعوا |
تركتَ أمراً ولو طالبتَهُ لدرتْ |
|
معاطسٌ راغمته كيف تُجتدَعُ |
صبرت تحفظُ أمرَ اللهِ ما اطّرحوا |
|
ذبّا عن الدينِ فاستيقظتَ إذ هجعوا |
ليشرقنَّ بحلوِ اليومِ مُرُّ غدٍ |
|
إذا حصدتَ لهم في الحشرِ ما زرعوا |
جاهدتُ فيك بقولي يومَ تختصمُ ال |
|
أبطالُ إذ فات سيفي يومَ تمتصِعُ (٢) |
إنّ اللسانَ لوصّالٌ إلى طُرُقٍ |
|
في القلبِ لا تهتديها الذُبّلُ الشُّرُعُ |
آباي في فارسٍ والدينُ دينكمُ |
|
حقّا لقد طاب لي أُسٌّ ومرتبعُ |
ما زلتُ مذ يفعتْ سنّي ألوذُ بكمْ |
|
حتى محا حقُّكمْ شكّي وأنتجعُ |
وقد مضتْ فُرُطاتٌ إن كفلتُ بها |
|
فرّقتُ عن صُحفي البأسَ الذي جمعوا |
سلمان فيها شفيعي وهو منك إذا ال |
|
آباءُ عندَكَ في أبنائِهم شفعوا |
فكن بها منقذاً من هول مُطّلعي |
|
غداً وأنت من الأعرافِ مطّلِعُ |
سوّلتُ نفسي غروراً إن ضمنتُ لها |
|
أنّى بذخرٍ سوى حبِّيك أنتفعُ |
ما يتبع الشعر
قال الأستاذ أحمد نسيم المصري في التعليق على قول مهيار :
تضاعُ بيعتُهُ يومَ الغديرِ لهمْ |
|
بعد الرضا وتحاطُ الرومُ والبِيَعُ |
الغدير : هو غدير خمّ بين مكّة والمدينة ، قيل : أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآلهوسلم خطب الناس عنده فقال : «من كنت مولاه فعليٌّ مولاه» (٣).
__________________
(١) النغَل : الضغن وسوء النيّة ، الطبع : الصدأ. (المؤلف)
(٢) تمتصع : تقاتل بالسيف. (المؤلف)
(٣) ديوان مهيار : ٢ / ١٨٢. (المؤلف)
قال الأميني : ليت شعري هل خفي على الأستاذ تواتر ذلك الحديث المرويّ عن مائة صحابيّ أو أكثر؟ أم حبّذته نزعاته الطائفيّة أن يسدل عليه أغشية الزور والدجل؟ ويموِّهه على القارئ ، ويستر الحقيقة الراهنة بذيل أمانته؟ ويوعز إلى ضعفه بكلمته : قيل.
(قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ * أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ) (١) و (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ) (٢).
ـ ٢ ـ
وله في ديوانه في (٣ / ١٥) يرثي بها أهل البيت عليهمالسلام ، ويذكر البركة بولائهم فيما صار إليه :
في الظباءِ الغادينَ أمسِ غزالُ |
|
قال عنهُ ما لا يقولُ الخيالُ |
طارقٌ يزعمُ الفراقَ عِتاباً |
|
ويرينا أنّ المَلالَ دلالُ |
لم يزلْ يخدعُ البصيرةَ حتى |
|
سَرّنا ما يقولُ وهو مُحالُ |
لا عدمتُ الأحلامَ كم نوّلتني |
|
من منيعٍ صعبٍ عليه النوالُ |
لم تنغِّصْ وعداً بمطلٍ ولم يو |
|
جبْ له منّةً عليَّ الوصالُ |
فلليلي الطويلِ شكري ودِينُ ال |
|
ـعشقِ أن تُكرَه الليالي الطوالُ |
لمن الظعنُ غاصبتنا جَمالاً |
|
حبّذا ما مشت به الأجمالُ |
كانفاتٍ بيضاءَ دلَّ عليها |
|
أنّها الشمس أنّها لا تُنالُ |
جمحَ الشوقُ بالخليعِ فأهلاً |
|
بحليمٍ له السلوُّ عِقالُ |
كنتُ منه أيّامَ مرتعُ لذّا |
|
تي خصيبٌ وماءُ عيشي زُلالُ |
__________________
(١) سورة ص : ٦٧ ـ ٦٨.
(٢) البقرة : ١٤٦.