الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٤

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي

الغدير في الكتاب والسنّة والأدب - ج ٤

المؤلف:

الشيخ عبد الحسين أحمد الأميني النجفي


المحقق: مركز الغدير للدّراسات الإسلاميّة
الموضوع : العقائد والكلام
الناشر: مركز الغدير للدراسات الإسلامية
المطبعة: فروردين
الطبعة: ١
الصفحات: ٥٦٨

٣٢ ـ الشيخ حسين بن شهاب الدين بن الحسين العاملي الكركي المتوفّى (١٠٧٦) عن (٦٨) سنة.

٣٣ ـ فخر الدين عبد الله ابن المؤيّد بالله ، لخّص شرح ابن أبي الحديد وأسماه (العقد النضيد المستخرج من شرح ابن أبي الحديد) ، توجد منه نسخة مؤرّخة بسنة (١٠٨٠).

٣٤ ـ السيّد ماجد بن محمد البحراني المتوفّى (١٠٩٧) لم يتمّ شرحه.

٣٥ ـ الشيخ محمد مهدي بن أبي تراب السهندي ، شرحه باللغة الفارسية وفرغ منه في شهر رمضان سنة (١٠٩٧).

٣٦ ـ ميرزا علاء الدين محمد گلستانه المتوفّى (١١٠٠) ، يُسمّى شرحه ب (حدائق الحقائق) ، وشرحه الآخر الصغير ب (بهجة الحدائق).

٣٧ ـ السيّد حسن بن مطهّر بن محمد اليمني الجرموزي الحسني المولود (١٠٤٤) والمتوفّى (١١١٠) ، له شرحه ذكره له الشوكاني في البدر الطالع (١ / ٢١١).

٣٨ ـ المولى تاج الدين حسن المعروف بملاّ تاجا والد شيخنا الفاضل الهندي المتوفّى (١١٣٧) له شرح فارسيّ يوجد في أصبهان.

٣٩ ـ المولى محمد صالح بن محمد باقر الروغني القزويني ، من أعلام القرن الحادي عشر ، شرحه فارسيّا طبع بإيران (١).

٤٠ ـ السيّد نعمة الله بن عبد الله الجزائري التستري المتوفّى (١١١٢) ، له شرحه في ثلاث مجلّدات.

__________________

(١) خفي مؤلّف هذا الشرح على صاحب وقائع الأيّام ، وذكره للحاج المولى صالح البرغاني القزويني ، وتبعه البرقعي في كاخ دلاويز ، والبحّاثة ابن يوسف الشيرازي في ترجمة ما هو نهج البلاغة. (المؤلف)

٢٦١

٤١ ـ المولى سلطان محمود بن غلام عليّ الطبسي القاضي ، من تلمذة العلاّمة المجلسي.

٤٢ ـ المولى محمد رفيع بن فرج الجيلاني المتوفّى بالمشهد الرضوي حدود (١١٦٠)

٤٣ ـ الشيخ محمد عليّ ابن الشيخ أبي طالب الزاهدي الجيلاني الأصبهاني المتوفّى في الهند (١١٨١) ، له شرح بعض خطبه.

٤٤ ـ السيّد عبد الله بن محمد رضا الشبّر الحسيني الكاظمي المتوفّى (١٢٤٢) ، له شرحان.

٤٥ ـ الأمير محمد مهدي الخاتون آبادي الأصبهاني المتوفّى (١٢٦٣) ، له شرحه بالفارسية.

٤٦ ـ الحاج السيّد محمد تقي ابن الأمير محمد مؤمن الحسيني القزويني المتوفّى (١٢٧٠) ، له شرحه بالفارسية.

٤٧ ـ ميرزا باقر النوّاب بن محمد بن محمد اللاهجي الأصبهاني ، كتب له شرحاً بالفارسية بأمر السلطان فتح عليّ شاه القاجار ، وطبع بإيران.

٤٨ ـ الحاج نصر الله بن فتح الله الدزفولي ، ترجم شرح ابن أبي الحديد للفارسية ، وزاد عليه تحقيقاته بأمر السلطان ناصر الدين شاه القاجار ، وفرغ منه سنة (١٢٩٢).

٤٩ ـ السيّد صدر الدين بن محمد باقر الموسوي الدزفولي ، من تلمذة آقا محمد البيدآبادي.

٥٠ ـ السيّد مفتي عبّاس المتوفّى (١٣٠٦) ، أحد شعراء الغدير في القرن الرابع عشر ، عدّه البرقعي فيما كتبه إلينا من شرّاحه.

٢٦٢

٥١ ـ المولى أحمد بن عليّ أكبر المراغي ، نزيل تبريز المتوفّى ٥ محرّم سنة (١٣١٠) ، علّق على مشكلاته.

٥٢ ـ الشيخ بهاء الدين محمد ، أحد شعراء الغدير في القرن الرابع عشر ، له شرحه ، ذكره البرقعي فيما كتبه إلينا.

٥٣ ـ الأستاذ محمد حسن نائل المرصفي ، شرح مشكلات لغاته ، طُبع بمصر تعليقاً عليه سنة (١٣٢٨).

٥٤ ـ الشيخ محمد عبده المتوفّى سنة (١٣٢٣).

٥٥ ـ الحاج ميرزا حبيب الله الموسوي الخوئي المتوفّى حدود (١٣٢٦) ، له شرحه الكبير الموسوم ب (منهاج البراعة).

٥٦ ـ الشيخ جواد الطارمي ابن الحاج المولى محرم علي الزنجاني المتوفّى سنة (١٣٢٥) ، له شرحه الموسوم ب (شرح الاحتشام على نهج بلاغة الإمام).

٥٧ ـ الحاج ميرزا إبراهيم الخوئي الشهيد سنة (١٣٢٥) ، له شرحه المسمّى ب (الدرّة النجفية) طُبع في تبريز سنة (١٢٩٣).

٥٨ ـ جهانگير خان القشقائي المتوفّى بأصبهان سنة (١٣٢٨).

٥٩ ـ السيّد أولاد حسن بن محمد حسن الهندي المتوفّى سنة (١٣٣٨) ، يُسمّى شرحه ب (الإشاعة).

٦٠ ـ الشيخ محمد حسين بن محمد خليل الشيرازي ، المتوفّى (١٣٤٠).

٦١ ـ السيّد علي أطهر الكهجوي الهندي ، المتوفّى في شعبان سنة (١٣٥٢).

٦٢ ـ الأستاذ محيي الدين الخيّاط ، نزيل بيروت ، طُبع شرحه في ثلاث مجلّدات.

٢٦٣

٦٣ ـ السيّد ذاكر حسين أختر الدهلوي المعاصر ، شرحه بلغة أردو.

٦٤ ـ الأستاذ محمد بن عبد الحميد المصري ، زاد على شرح الشيخ محمد عبده بعض إفاداته وطُبع.

٦٥ ـ السيّد ظفر مهدي اللكهنوي ، له شرحه بلغة أردو.

٦٦ ـ السيّد هبة الدين محمد عليّ الشهرستاني ، له شرحه الموسوم ب (بلاغ النهج).

٦٧ ـ الشيخ محمد عليّ بن بشارة الخيقاني ، له شرحه ذكره له الشيخ أحمد النحوي في قصيدة يمدحه بها ، فقال :

ولقد كسى نهج البلاغة فكره

شرحاً فأظهر كلّ خافٍ مضمرِ

وكتب إلينا البرقعي من شرّاحه :

٦٨ ـ ميرزا محمد تقي الألماسي حفيد العلاّمة المجلسي ، قال : له شرحه بالفارسية لم يتمّ.

٦٩ ـ الشيخ عبد الله البحراني ، صاحب العوالم.

٧٠ ـ الشيخ عبد الله بن سليمان البحراني السماهيجي.

٧١ ـ الحاج المولى عليّ العلياري التبريزي.

٧٢ ـ الشيخ ملاّ حبيب الله الكاشاني ، صاحب التآليف القيّمة.

٧٣ ـ السيّد عبد الحسين الحسيني آل كمّونة البروجردي.

٧٤ ـ ميرزا محمد علي بن محمد نصير چهاردهي الگيلاني ، له شرحه في ثلاث مجلّدات.

٢٦٤

٧٥ ـ ميرزا محمد علي قراجه داغي التبريزي.

٧٦ ـ الأستاذ محمد محيي الدين عبد الحميد المدرس في كلّية اللغة العربية بالأزهر ، زاد على شرح الشيخ محمد عبده زيادات هامّة ، طُبعت مع الأصل والشرح بمصر في مطبعة الاستقامة (١).

ووقفنا على آثار قيّمة أو مآثر خالدة حول نهج البلاغة لجمع ممّن عاصرناهم ، ألا وهم :

٧٧ ـ الحاج ميرزا خليل الصيمري الكمرئي الطهراني ، شرح النهج وأطنب في أربعة وعشرين مجلّداً ، طُبع بعض تلكم الأجزاء الضخمة الفخمة القيّمة بطهران.

٧٨ ـ السيّد محمود الطالقاني ، شرحه في عدّة مجلّدات طُبع غير واحد منها.

٧٩ ـ الحاج السيّد عليّ النقيّ فيض الإسلام الأصبهاني ، ترجمه في ست مجلّدات ، طُبعت في طهران بأجود خطّ وأحسن ورق.

٨٠ ـ الحاج ميرزا محمد علي الأنصاري القمّي ، ترجمه نظماً ونثراً للفارسية في عدّة مجلّدات وقفت على ثلاث منها مطبوعة بأجمل هيئة وأبهى صورة.

٨١ ـ جواد فاضل ، ترجم جملة من خطبه للفارسية بأسلوب بديع وبيان مليح.

مؤلِّف نهج البلاغة

كلّ هؤلاء الأعلام لا يشكّون في أنّ الكتاب من تآليف الشريف الرضي ، وتصافِقُهم على ذلك معاجم الشيعة جمعاء ، فلن تجد من ترجمه من أربابها إلاّ ناصّا على صحّة النسبة وجازماً باستقامة النسب منذ عصر المؤلّف وإلى اليوم الحاضر ،

__________________

(١) هذا هو الذي تقدّم برقم ٦٤. (الطباطبائي)

٢٦٥

أنظر فهرست أبي العبّاس النجاشي (١) المتوفّى (٤٥٠) ، وفهرست الشيخ منتجب الدين (٢) المتوفّى (٥ ٨٥) و .. و .. و (٣).

وتُنبئ القارئ عن صحّة النسبة إجازات حملة العلم والحديث لأصحابهم منها :

١ ـ إجازة الشيخ محمد بن عليّ بن أحمد بن بندار للشيخ الفقيه أبي عبد الله الحسين ، برواية الكتاب ـ نهج البلاغة ـ في جمادى الأخرى سنة (٤٩٩).

٢ ـ إجازة الشيخ عليّ بن فضل الله الحسيني لعليّ بن محمد بن الحسين المتطبّب ، برواية الكتاب في رجب سنة (٥٨٩).

٣ ـ إجازة الشيخ نجيب الدين يحيى بن أحمد بن يحيى الحلّي للسيّد عزّ الدين الحسن بن عليّ المعروف بابن الأبرز ، برواية الكتاب في شعبان سنة (٦٥٥).

٤ ـ إجازة العلاّمة الحلّي لبني زهرة في سنة (٧٢٣).

٥ ـ إجازة السيّد محمد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي لجمال الدين بن أبي المعالي سنة (٧٣٠).

٦ ـ إجازة فخر الدين محمد ابن العلاّمة الحلّي لابن مظاهر في سنة (٧٤١).

٧ ـ إجازة شيخنا الشهيد الأوّل للشيخ ابن نجدة سنة (٧٧٠).

٨ ـ إجازة الشيخ عليّ بن محمد بن يونس البياضي صاحب الصراط المستقيم للشيخ ناصر بن إبراهيم البويهي الحساوي سنة (٨٥٢).

٩ ـ إجازة الشيخ عليّ المحقّق الكركي للمولى حسين الأسترآباديّ في سنة (٩٠٧).

__________________

(١) رجال النجاشي : ص ٣٩٨ رقم ١٠٦٥.

(٢) فهرست منتجب الدين : ص ١٧٦ رقم ٤٣٧.

(٣) أنظر : تنقيح المقال : ٣ / ١٠٧ ، روضات الجنّات : ٦ / ١٩٤ رقم ٥٧٨.

٢٦٦

١٠ ـ إجازة الشيخ المحقّق الكركي للشيخ إبراهيم سنة (٩٣٤).

١١ ـ إجازة المحقّق الكركي للقاضي صفيّ الدين عيسى سنة (٩٣٧).

١٢ ـ إجازة الشهيد الثاني للشيخ حسين بن عبد الصمد العاملي في سنة (٩٤١).

١٣ ـ إجازة الشيخ حسن ابن الشهيد الثاني الكبيرة.

١٤ ـ إجازة الشيخ أحمد بن نعمة الله بن خاتون للمولى عبد الله التستري في سنة (٩٨٨).

١٥ ـ إجازة الشيخ محمد بن أحمد بن نعمة الله بن خاتون للسيّد ظهير الدين الهمداني في سنة (١٠٠٨).

١٦ ـ إجازة العلاّمة المجلسي الأوّل لتلميذه آقا حسين الخونساري سنة (١٠٦٢).

١٧ ـ إجازة العلاّمة المجلسي الأوّل الكبيرة لولده العلاّمة المجلسي المؤرّخة بسنة (١٠٦٨).

١٨ ـ إجازة الشيخ صالح بن عبد الكريم للمولى محمد هادي بن محمد تقي الشولستاني سنة (١٠٨٠).

١٩ ـ إجازة المجلسي الثاني للسيّد ميرزا إبراهيم النيسابوري سنة (١٠٨٨).

٢٠ ـ إجازة العلاّمة المجلسي للسيّد نعمة الله الجزائري سنة (١٠٩٦).

وغيرها من الإجازات.

وقبل هذه كلّها نصوص الشريف الرضي نفسه في كتبه بذلك ، فقال في الجزء الخامس من تفسيره (١) (ص ١٦٧) : ومن أراد أن يعلم زمان ما أشرنا إليه من ذلك

__________________

(١) حقائق التأويل : ص ٢٨٧.

٢٦٧

فليمعن النظر في كتابنا الذي ألَّفناه وو سمناه بنهج البلاغة ، وجعلناه يشتمل على مختار جميع الواقع إلينا من كلام أمير المؤمنين عليه‌السلام ، في جميع الأنحاء والأغراض والأجناس والأنواع ، من خطب وكتب ومواعظ وحكم ، وبوّبناه أبواباً ثلاثة. إلخ.

وقال في كتابه المجازات النبويّة (١) (ص ٢٢٣) : وقد ذكرنا ذلك في كتابنا الموسوم بنهج البلاغة الذي أور دنا فيه مختار جميع كلامه.

وقال في (ص ٤١) من المجازات : وقد ذكرنا ذلك في كتابنا الموسوم بنهج البلاغة.

وقال في (ص ١٦١) : قد ذكرنا الكلام في كتابنا الموسوم بنهج البلاغة.

وقال في (ص ٢٥٢) : قد ذكرناه في جملة كلامه عليه‌السلام لكميل بن زياد النخعي في كتاب نهج البلاغة (٢).

وقال في أواخر نهج البلاغة (٣) ، في شرح قوله عليه‌السلام : «العين وكاء السَّهِ» قال الرضيّ : وقد تكلّمنا في هذه الاستعارة في كتابنا الموسوم بمجازات الآثار النبويّة.

وقال في ديباجة نهج البلاغة (٤) : فإنّي كنت في عنفوان السنّ وغضاضة الغصن ، ابتدأت بتأليف كتاب في خصائص الأئمّة عليهم‌السلام ، يشتمل على محاسن أخبارهم وجواهر كلامهم. إلخ. وكتاب الخصائص المذكور موجود بين أيدينا ، ولم يختلف فيه اثنان أنَّه للشريف الرضي.

فما تورّط به بعض الكتبة من نسبة الكتاب إلى أخيه علم الهدى واتّهامه

__________________

(١) كون المجازات النبوية للشريف الرضي من المتسالم عليه لم يختلف فيه اثنان. (المؤلف)

(٢) المجازات النبويّة : ص ٣٩ رقم ٢٠ ، ص ٦٧ رقم ٣٩ ، ص ١٩٩ رقم ١٥٥ ، ص ٢٥١ رقم ٢٠٠.

(٣) نهج البلاغة : ص ٥٥٧ من غريب كلامه رقم ٤٦٦.

(٤) نهج البلاغة : ص ٣٣ مقدمة الشريف الرضي.

٢٦٨

بوضعه (١) أو وضع بعض ما فيه على لسان أمير المؤمنين عليه‌السلام ، والدعوى المجرّدة ببطلان أكثر ما فيه وعزو ذلك إلى سيّدنا الشريف الرضي (٢) الذي عرفت موقفه العظيم من الثقة والعلم والجلالة ، أو الترديد فيمن وضعه وجمعه بينهما (٣) ممّا لا يُقام له في سوق الحقائق وزن ، وليس له مناخٌ إلاّ حيث تربض فيه العصبيّة العمياء ، ويكشف عن جهل أولئك المؤلّفين برجال الشيعة وتآليفهم ، وأعجب ما رأيت كلمة الذهبي في طبقاته (٤) (٣ / ٢٨٩) : وفيها ـ يعني سنة (٤٣٦) ـ توفّي شيخ الحنفيّة العلاّمة الم حدِّث أبو عبد الله الحسين بن موسى الحسيني الشريف الرضي (٥) ، واضع كتاب نهج البلاغة.

قال ابن أبي الحديد (٦) (٢ / ٥٤٦) بعد ذكر خطبة ابن أبي الشحماء العسقلاني الكاتب : هذه أحسن خطبة خطبها هذا الكاتب ، وهي كما تراها ظاهرة التكلّف بيِّنة التوليد ، تخطب على نفسها ، وإنّما ذكرت هذا لأنّ كثيراً من أرباب الهوى يقولون : إنّ كثيراً من نهج البلاغة كلام محدث صنعه قوم من فصحاء الشيعة ، وربما عزوا بعضه إلى الرضيّ أبي الحسن وغيره ، وهؤلاء قوم أعمت العصبيّة أعينهم ، فضلّوا عن النهج الواض ح ، وركبوا بيِّنات الطريق ضلالاً ، وقلّة معرفة بأساليب الكلام ، وأنا أوضّح لك بكلام مختصر ما في هذا الخاطر من الغلط فأقول : لا يخلو إمّا أن يكون كلّ نهج البلاغة مصنوعاً منحولاً أو بعضه.

__________________

(١) ميزان الاعتدال : ٢ / ٢٢٣ [٣ / ١٢٤ رقم ٥٨٢٧] ، ودائرة المعارف للبستاني : ١٠ / ٤٥٩ ، وتاريخ آداب اللغة : ٢ / ٢٨٨ [مؤلّفات جرجي زيدان الكاملة : مج ١٤ / ١٣٨]. (المؤلف)

(٢) كما في ميزان الاعتدال [٣ / ١٢٤ رقم ٥٨٢٧] ، ولسان الميزان : ٤ / ٢٢٣ [٤ / ٢٥٦ رقم ٥٧٩٧]. (المؤلف)

(٣) تاريخ ابن خلّكان : ١ / ٣٦٥ [٣ / ٣١٣ رقم ٤٤٣] ، مرآة الجنان لليافعي : ٣ / ٥٥. (المؤلف)

(٤) تذكرة الحفّاظ : ٣ / ١١٠٩ رقم ٩٩٨.

(٥) في المصدر : المرتضى.

(٦) شرح نهج البلاغة : ١٠ / ١٢٧ خطبة ١٨٤.

٢٦٩

والأوّل باطل بالضرورة ؛ لأنّا نعلم بالتواتر صحّة إسناد بعضه إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وقد نقل المحدِّثون كلّهم أو جلّهم والمؤرِّخون كثيراً منه ، وليسوا من الشيعة لينسبوا إلى غرضٍ في ذلك.

والثاني يدلّ على ما قلناه ؛ لأنّ من قد أنس بالكلام والخطابة ، وشدا طرفاً من علم البيان ، وصار له ذوق في هذا الباب ، لا بدّ أن يفرّق بين الكلام الركيك والفصيح ، وبين الفصيح والأفصح ، وبين الأصيل والمولّد ، وإذا وقف على كرّاسٍ واحدٍ يتضمّن كلاماً لجماعة من الخطباء أو لاثنين منهم فقط فلا بدّ أن يفرِّق بين الكلامين ، ويميِّز بين الطريقتين ، ألا ترى أنّا مع معرفتنا بالشعر ونقده لو تصفّحنا ديوان أبي تمام ، فوجدناه قد كتب في أثنائه قصائد أو قصيدة واحدة لغيره ، لعرفنا بالذوق مباينتها لشعر أبي تمام ونَفَسه وطريقته ومذهبه في القريض ، ألا ترى أنّ العلماء بهذا الشأن حذفوا من شعره قصائد كثيرة منحولة إليه لمباينتها لمذهبه في الشعر ، وكذلك حذفوا من شعر أبي نواس شيئاً كثيراً لما ظهر لهم أنّه ليس من ألفاظه ولا من شعره ، وكذلك غيرهما من الشعراء ، ولم يعتمدوا في ذلك إلاّ على الذوق خاصّة.

وأنت إذا تأمّلت نهج البلاغة وجدته كلّه ماءً واحداً ، ونَفَساً واحداً ، وأسلوباً واحداً ، كالجسم البسيط الذي ليس بعض من أبعاضه مخالفاً لباقي الأبعاض في الماهيّة ، وكالقرآن العزيز أوّله كأوسطه وأوسطه كآخره ، وكلُّ سورة منه وكلّ آية مماثلةٌ في المأخذ والمذهب والفنّ والطريق والنظم لباقي الآيات والسور ، ولو كان بعض نهج البلاغة منحولاً وبعضه صحيحاً لم يكن ذلك كذلك ، فقد ظهر لك بهذا البرهان الواضح ضلال من زعم أنّ هذا الكتاب أو بعضه منحول إلى أمير المؤمنين عليه‌السلام.

واعلم أنّ قائل هذا القول يطرق على نفسه ما لا قِبَل له به ، لأنّا متى فتحنا

٢٧٠

هذا الباب وسلّطنا الشكوك على أنفسنا في هذا النحو لم نثق بصحّة كلام منقول عن رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم أبداً ، وساغ لطاعن أن يطعن ويقول : هذا الخبر منحول ، وهذا الكلام مصنوع ، وكذلك ما نُقل عن أبي بكر وعمر من الكلام والخطب والمواعظ والأدب وغير ذلك ، وكلّ أمر جعله هذا الطاعن مستنداً له فيما يرويه عن النبي صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم والأئمّة الراشدين والصحابة والتابعين والشعراء والمترسّلين والخطباء ، فلناصري أمير المؤمنين عليه‌السلام أن يستندوا إلى مثله فيما يروونه عنه من نهج البلاغة وغيره ، وهذا واضحٌ. انتهى.

وقال (١) في (١ / ٦٩) في آخر الخطبة الشقشقيّة : حدّثني شيخي أبو الخير مصدّق بن شبيب الواسطي في سنة ثلاث وستمائة ، قال : قرأت على الشيخ أبي محمد عبد الله بن أحمد المعروف بابن الخشّاب المتوفّى (٥٦٨) هذه الخطبة ـ يعني الشقشقيّة ، فلمّا انتهيت إلى هذا الموضع ـ يعني قول ابن عبّاس : فو الله ما أسفت. إلخ ـ قال لي : لو سمعت ابن عبّاس يقول هذا لقلت له : وهل بقي في نفس ابن عمّك أمر لم يبلغه في هذه الخطبة لتتأسّف أن لا يكون بلغ من كلامه ما أراد؟! والله ما رجع عن الأوّلين ولا عن الآخرين ولا بقي في نفسه أحدٌ لم يذكره إلاّ رسول الله صلى‌الله‌عليه‌وآله‌وسلم.

قال مصدّق : وكان ابن الخشّاب صاحب دعابة وهزل ، قال : فقلت له : أتقول إنّها منحولةٌ؟! فقال : لا والله وإنّي لأعلم أنّها كلامه كما أعلم أنّك مصدّق. قال : فقلت له : إنّ كثيراً من الناس يقولون : إنّها من كلام الرضيّ ـ رحمه‌الله تعالى. فقال : أنّى للرضيّ ولغير الرضيّ هذا النَفَس وهذا الأسلوب؟! قد وقفنا على رسائل الرضي وعرفنا طريقته وفنّه في الكلام المنثور ، وما يقع من هذا الكلام في خلّ ولا خمر.

ثم قال : والله لقد وقفت على هذه الخطبة في كتب صُنّفت قبل أن يُخلَق الرضيّ بمائتي سنة ، ولقد وجدتها مسطورة بخطوط أعرفها وأعرف خطوط من هو من

__________________

(١) شرح نهج البلاغة : ١ / ٢٠٥ خطبه ٣.

٢٧١

العلماء وأهل الأدب قبل أن يُخلَق النقيب أبو أحمد والد الرضيّ.

قلت : وقد وجدت أنا كثيراً من هذه الخطبة في تصانيف شيخنا أبي القاسم البلخيّ إمام البغداديّين من المعتزلة وكان في دولة المقتدر قبل أن يُخلَق الرضيّ بمدّة طويلة. ووجدت أيضاً كثيراً منها في كتاب أبي جعفر بن قبة أحد متكلّمي الإماميّة وهو الكتاب المشهور المعروف بكتاب الإنصاف ، وكان أبو جعفر هذا من تلامذة الشيخ أبي القاسم البلخيّ رحمه‌الله ، ومات في ذلك العصر قبل أن يكون الرضي رحمه‌الله موجوداً. انتهى.

وقد أفرد العلاّمة الشيخ هادي آل كاشف الغطاء كتاباً في (٦٦) صحيفة حول الكتاب ودفع الشبهات عنه بعد نقلها ، وقد جمع فأوعى ، وتبسّط فأجاد (١).

وألقى الشيخ محمد عبده حول الكتاب كلمات ضافية في شرحه ، وأطال البحث عنه وعن اعتباره الأستاذ حسين بستانه أستاذ الأدب العربي في الثانويّة المركزيّة سابقاً ، تحت عنوان : أدب الإمام عليّ ونهج البلاغة وتعرّض الأوهام الحائمة حول النهج ، نُشر في العدد الرابع من أعداد السنة الخامسة من مجلّة الاعتدال النجفيّة الغرّاء ، وللعلاّمة السيّد هبة الدين الشهرستاني تأليف حول اعتبار ما في النهج ومحلّه من الرفعة والبذخ عند العالمين تحت عنوان : ما هو نهج البلاغة ، طُبع في صيدا وترجمه إلى الفارسيّة أحد فضلاء إيران في عاصمتها طهران ، وزاد عليه بعض الفوائد.

ومن تآليف سيّدنا الرضي :

٢ ـ خصائص الأئمّة : ذكره مؤلِّفه في صدر نهج البلاغة وأطراه ، وعندنا منه نسخة ، وقد شرح فيه بعض كلمات أمير المؤمنين عليه‌السلام ، وذكر اسمه في غير موضع

__________________

(١) طبع مع كتابه مستدرك نهج البلاغة في النجف الأشرف. (المؤلف)

٢٧٢

واحد ، والعجب من العلاّمة الحلّي وكلامه حوله ، قال : توجد في العراق نسخ باسمه تشبهه في المنهج لكن لم تصحّ نسبتها.

٣ ـ مجازات الآثار النبويّة : طبع ببغداد سنة (١٣٢٨).

٤ ـ تلخيص البيان عن مجاز القرآن : ذكره في مواضع من كتابه المجازات النبويّة (١) (ص ٢ ، ٣ ، ٩ ، ١٤٥).

٥ ـ حقائق التأويل في متشابه التنزيل : وهو تفسيره ذكره في كتابه المجازات النبويّة ، يعبِّر عنه تارةً بحقاق التأويل ، وأخرى بالكتاب الكبير في متشابه القرآن ، وعبّر عنه النجاشي (٢) بحقائق التنزيل ، وصاحب عمدة الطالب (٣) بكتاب المتشابه في القرآن.

٦ ـ معاني القرآن : وهو كتابه الثالث في القرآن ، ذكره له ابن شهرآشوب في المعالم (٤) (ص ٤٤) وقال : يتعذّر وجود مثله ، وقال النسّابة العمري في المجدي (٥) : شاهدت له جزءاً مجلّداً من تفسير منسوب إليه في القرآن مليح حسن ، يكون بالقياس في كبر تفسير أبي جعفر الطبري أو أكبر ، وقال ابن خلّكان (٦) : يتعذّر وجود مثله ، دلّ على توسّعه في علم النحو واللغة. ولعلّ الممدوح هو تفسيره السابق.

٧ ـ تعليق خلاف الفقهاء.

٨ ـ تعليقه على إيضاح أبي عليّ الفارسي.

__________________

(١) المجازات النبويّة : ص ٩ ـ ١١ ، ٤٢٩ رقم ٣٤٦.

(٢) رجال النجاشي : ص ٣٩٨ رقم ١٠٦٥.

(٣) عمدة الطالب : ص ٢٠٧.

(٤) معالم العلماء : ص ٥١ رقم ٣٣٦.

(٥) المجدي في الأنساب : ص ١٢٦.

(٦) وفيات الأعيان : ٤ / ٤١٦ رقم ٦٦٧.

٢٧٣

٩ ـ الحسن من شعر الحسين : انتخب فيه شعر ابن الحجّاج المترجَم له في شعراء القرن الرابع (١).

١٠ ـ الزيادات في شعر ابن الحجّاج المذكور.

١١ ـ الزيادات في شعر أبي تمام : المترجَم له في شعراء القرن الثالث (٢).

١٢ ـ مختار شعر أبي إسحاق الصابي.

١٣ ـ ما دار بينه وبين أبي إسحاق من الرسائل شعراً (٣).

وذكر له في عمدة الطالب (٤):

١٤ ـ كتاب رسائله : في ثلاث مجلّدات ، ولأبي إسحاق الصابي المتوفّى قبل سنة (٣٨٠) كتاب مراسلات الشريف الرضي ، كما ذكره ابن النديم في الفهرست (٥) (ص ١٩٤).

١٥ ـ أخبار قضاة بغداد.

١٦ ـ سيرة والده الطاهر : ألَّفه سنة (٣٧٩) وذلك قبل وفاة والده بإحدى وعشرين سنة.

وذكر له في تاريخ آداب اللغة (٦):

١٧ ـ كتاب انشراح الصدر في مختارات من الشعر.

__________________

(١) راجع ص ١٢٧ ـ ١٤٤ من هذا الجزء.

(٢) راجع الجزء الثاني ص ٤٦٩.

(٣) ذكرت هذه الكتب له في فهرست النجاشي [ص ٣٩٨ رقم ١٠٦٥]. (المؤلف)

(٤) عمدة الطالب : ص ٢٠٨.

(٥) فهرست النديم : ص ١٤٩.

(٦) مؤلّفات جرجي زيدان الكاملة ـ تاريخ آداب اللغة ـ : مج ١٤ / ٩٣.

٢٧٤

أقول : هو لبعض الأدباء ، اختاره من ديوان المترجَم له ، كما في كشف الظنون (١) (١ / ٥١٣).

١٨ ـ طيف الخيال : مجموعة تنسب إليه.

أقول : هو من تآليف أخيه الشريف المرتضى ، لا له.

١٩ ـ وله ديوان شعره السائر المطبوع ، قال ابن خلّكان (٢) : وقد عُني بجمع ديوان الرضي جماعةٌ ، وآخر (٣) ما جُمع الذي جمعه أبو حكيم الخَبْري (٤). انتهى.

وأنفذ الصاحب بن عبّاد ـ المترجَم له في شعراء القرن الرابع من كتابنا (٥) ـ إلى بغداد من ينسخ له ديوانه وكتب إليه بذلك سنة (٣٨٥) ـ وهي سنة وفاته ـ وعند ما

__________________

(١) كشف الظنون : ١ / ١٨٢.

(٢) وفيات الأعيان : ٤ / ٤١٦ رقم ٦٦٧.

(٣) في المصدر : وأجود.

(٤) قال الأميني : قال العلاّمة الشيخ عبد الحسين الحلّي في ترجمة الشريف الرضي في مقدّمة الجزء الخامس من حقائق التأويل المطبوع : لا نعرف من هو أبو حكيم ومتى كان وما اسمه؟ انتهى. وهذا ممّا يقضى منه العجب ، فإنّ أبا حكيم أعرف من أن يخفى على أيّ مترجم ، فهو أبو حكيم المعلّم عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله بن حكيم الخبري ـ بفتح الخاء وسكون الموحدة ـ أحد أساتذة العلوم العربية ، كان معلّماً ببغداد حسن الخطّ تفقّه على الشيخ أبي إسحاق الشيرازي وبرع في الفرائض والحساب ، وصنّف فيهما ، وشرح الحماسة وديوان البحتري وعدّة دواوين ، وسمع الحديث من أبي محمد الجوهري وجماعة ، توفّي يوم الثلاثاء الثاني والعشرين [من] ذي الحجّة سنة (٤٧٦) وكانت له بنتان محدّثتان : الكبرى ـ رابعة ـ سمعت أبا محمد الجوهري شيخ والدها ، والصغرى ـ أمّ الخير فاطمة ـ سمعت أبا جعفر محمد بن أحمد المعدّل وجمعاً آخر ، وقرأ عليها السمعاني صاحب الأنساب ببغداد أكثر كتاب الموفّقيّات للزبير بن بكّار ، ماتت في رجب سنة (٥٣٤). وسبط أبي حكيم من كريمته الكبرى أبو الفضل محمد بن ناصر بن عليّ السلامي الحافظ ، يروي عن أبي محمد الجوهري. راجع أنساب السمعاني [٢ / ٣١٩] ومعجم الأدباء [١٢ / ٤٦] وبغية الوعاة [٢ / ٢٩ رقم ١٣٥٢]. (المؤلف)

(٥) راجع ص ٦٣ ـ ١١٨ من هذا الجزء.

٢٧٥

سمع المترجَم له به وأنفذه ، مدحه بقصيدة منها قوله :

بيني وبينك حرمتانِ تلاقتا

نثري الذي بك يقتدي وقصيدي

ووصائلُ الأدبِ التي تصلُ الفتى

لا باتّصالِ قبائلٍ وجدودِ

إن أهدِ أشعاري إليك فإنّها

كالسردِ أعرضُهُ على داودِ

وأنفذت تقيّة بنت سيف الدولة التي توفّيت سنة (٣٩٩) من مصر من ينسخ ديوان الشريف الرضي لها ، وهي لا ترى هديّةً أنفس منه يوم حُمل إليها ، ويعرب ذلك عن عناية الشريف بشعره وجمعه في حياته ، ولعلّ جمعه كجمع أخيه الشريف المرتضى لديوانه ، كان على ترتيب سنيّ نظمه المتمادية.

شعره وشاعريته :

من الواضح أنّ الواقف على نفسيّات سيّدنا الشريف ـ المترجَم ـ ومواقفه العظيمة من العلم والسؤدد والمكانة الرفيعة ، يرى الشعر دون قدر الشريف ، ويجد نفسه أعلى من أنفس الشعراء وأرفع ، ويرى الشعر لا يمهِّد للشريف كياناً على كيانه ، ولا يؤثّر في ترفّعه وشممه ، ولا يولِّد له العظمة ، ولا يأخذ بضبعه إلى التطوّل ، وقد نظم وشعر في صباه وهو لم يبلغ عمره عشر سنين ، ومن شعره في صباه وله عشر سنين قوله من قصيدة :

المجد يعلم أنّ المجد من أربي

ولو تماديتُ في غيٍّ وفي لعبِ

إنّي لمن معشر إن جُمّعوا لِعُلىً

تفرّقوا عن نبيٍّ أو وصيِّ نبي

إذا هممتُ ففتِّش عن شبا هممي

تجده في مهجات الأنجمِ الشهبِ

وإن عزمتُ فعزمي يستحيل قذىً

تدمى مسالكه في أعينِ النوَبِ

ومعركٍ صافحتْ أيدي الحِمامِ به طُلى

الرجالِ على الخُرصانِ من كثبِ (١)

__________________

(١) الخرصان : قنا الرماح.

٢٧٦

حلّت حُباها المنايا في كتائبِه

بالضربِ فاجتثّت الأجسادَ بالقضبِ

تلاقت البيضُ في الأحشاء فاعتنقتْ

والسمهريّ من الماذيِّ واليلبِ (١)

بكتْ على الأرض دمعاً من دمائهمُ

فاستعربتْ من ثغور النَّوْرِ والعشبِ

ويحدّثنا شعره أنّه ما كان يَعدُّ الشعر لنفسه فضيلةً ومأثرةً ، بل كان يتّخذه وسيلة إلى غرضه فيقول :

وما الشعر فخري ولكنّما

أطولُ به همّة الفاخرِ

أنزِّههُ عن لقاءِ الرجالِ

وأجعلُه تحفةَ الزائرِ

فما يتهدّى إليه الملو

ك إلاّ من المثَلِ السائرِ

وإنّي وإن كنتُ من أهلِهِ

لتنكرُ في حرفةَ الشاعرِ

ويقول :

وما قوليَ الأشعارَ إلاّ ذريعةً

إلى أملٍ قد آن قَوْدُ جنيبهِ

وإنّي إذا ما بلّغ اللهُ غايةً

ضمنتُ له هجرَ القريضِ وحوبهِ

ويقول :

مالك ترضى أن يقال شاعرٌ

بُعداً لها من عددِ الفضائلِ

كفاك ما أورقَ من أغصانِه

وطالَ من أعلامِهِ الأطاولِ

فكم تكونُ ناظماً وقائلاً

وأنت غبَّ القولِ غيرُ فاعلِ

وهو في شعره يرى نفسه أشعر الأمم تارة ، ويرى شعره فوق شعر البحتري ومسلم بن الوليد أخرى ، ويتواضع طوراً ويجعل نفسه زميل الفرزدق أو جرير ، ويرى نفسه ضريباً لزهير ، ومرّة يتفوّه بالحقّ وينظر إلى شعره بعين الرضا ويرى كلامه فوق كلام الرجال ، وقد أجمع الأكثرون أنَّه أشعر قريش.

__________________

(١) الماذي : الدرع الليّنة السهلة ، والسلاح كلّه. واليلب : الدروع من الجلود. (المؤلف)

٢٧٧

قال الخطيب البغدادي في تاريخه (٢ / ٢٤٦) : سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله الكاتب بحضرة أبي الحسين بن محفوظ ـ وكان أحد الرؤساء ـ يقول : سمعت جماعةً من أهل العلم بالأدب يقولون : الرضي أشعر قريش. فقال ابن محفوظ : هذا صحيح ، وقد كان في قريش من يجيد القول إلاّ أنّ شعره قليل ، فأمّا مجيد مكثر فليس إلاّ الرضي.

وجمل الثناء على أدبه وشعره كبقيّة مآثره وفضائله وملكاته الفاضلة ، متواترة في المعاجم يضيق عن جمعها المجال ، فنضرب عنها صفحاً روماً للاختصار ، ونقتصر بذكر نبذةٍ يسيرةٍ ، منها :

١ ـ قال النسّابة العمري في المجدي (١) : إنّه نقيب نقباء الطالبيّين ببغداد ، وكانت له هيبة وجلالة ، وفيه ورع وعفّة وتقشّف ، ومراعاة للأهل وغيرة عليهم وعسف بالجاني منهم ، وكان أحد علماء الزمان ، قد قرأ على أجلاّء الرجال ، وشاهدت له جزءاً مجلّداً من تفسير منسوب إليه في القرآن ، مليح حسن يكون بالقياس في كبر تفسير أبي جعفر الطبري أو أكبر ، وشعره أشهر من أن يُدَلَّ عليه ، وهو أشعر قريش إلى وقتنا ، وحسبك أن يكون قريش في أوّلها الحرث بن هشام ، والعبلي ، وعمر بن أبي ربيعة ، وفي آخرها بالنسبة إلى زمانه محمد بن صالح الموسوي الحسني ، وعليّ بن محمد الحِمّاني (٢) ، وابن طبا طبا الأصبهاني (٣).

٢ ـ قال الثعالبي في اليتيمة (٤) : هو اليوم أبدع أبناء الزمان ، وأنجب سادة العراق ، يتحلّى مع محتده الشريف ومفخره المنيف ، بأدب ظاهر ، وفضل باهر ، وحظٍّ

__________________

(١) المجدي في الأنساب : ص ١٢٦.

(٢) أحد شعراء الغدير في القرن الثالث ، مرّت ترجمته : ٣ / ٥٧ ـ ٦٩. (المؤلف)

(٣) أحد شعراء الغدير في القرن الرابع ، مرّت ترجمته : ٣ / ٣٤٠ ـ ٣٤٧. (المؤلف)

(٤) يتيمة الدهر : ٣ / ١٥٥.

٢٧٨

من جميع المحاسن وافر ، ثمّ هو أشعر الطالبيّين من مضى منهم ومن غبَر ، على كثرة شعرائهم المفلقين : كالحِمّاني وابن طباطبا وابن الناصر وغيرهم ، ولو قلت : إنّه أشعر قريش لم أبعد عن الصدق ، وسيشهد بما أجريه من ذكره شاهد عدل من شعره العالي القِدح ، الممتنع عن القَدح ، الذي يجمع إلى السلاسة متانةً ، وإلى السهولة رصانةً ، ويشتمل على معانٍ يقرب جناها ، ويبعد مداها ، وكان أبوه يتولّى نقابة نقباء الطالبيّين ويحكم فيهم أجمعين ، والنظر في المظالم والحجِّ بالناس ، ثمّ ردّت هذه الأعمال كلّها إلى ولده الرضي سنة (٣٨٨) وأبوه حيٌّ.

٣ ـ قال ابن الجوزي في المنتظم (١) (٧ / ٢٧٩) : كان الرضي نقيب الطالبيّين ببغداد ، حفظ القرآن في مدّة يسيرة بعد أن جاوز ثلاثين سنة ، وعرف من الفقه والفرائض طرفاً قويّا ، وكان عالماً فاضلاً وشاعراً مترسِّلاً ، عفيفاً عالي الهمّة متديّناً ، اشترى في بعض الأيّام جزازاً من امرأة بخمسة دراهم ، فوجد جزءاً بخطّ أبي عليّ بن مقلة ، فقال للدلاّل : احضر المرأة ، فأحضرها ، فقال : قد وجدت في الجُزاز جزءاً بخطِّ ابن مقلة ، فإن أردتِ الجزء فخذيه وإن اخترتِ ثمنه فهذه خمسة دراهم. فأخذتها ودعت له وانصرفت ، وكان سخيّا جواداً.

٤ ـ قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة (٢) : حفظ الرضي القرآن بعد أن جاوز ثلاثين سنة في مدّة يسيرةٍ ، وعرف من الفقه والفرائض طرفاً قويّا ، وكان عالماً أديباً ، وشاعراً مفلقاً ، فصيح النظم ضخم الألفاظ ، قادراً على القريض ، متصرِّفاً في فنونه ، إن قصد الرقّة في النسيب أتى بالعجب العجاب ، وإن أراد الفخامة وجزالة الألفاظ في المدح وغيره أتى بما لا يشقّ فيه غباره ، وإن قصد في المراثي جاء سابقاً والشعراء منقطع أنفاسها على أثره ، وكان مع هذا مترسِّلاً ذا كتابةٍ ، وكان عفيفاً

__________________

(١) المنتظم : ١٥ / ١١٥ رقم ٣٠٦٥.

(٢) شرح نهج البلاغة : ١ / ٣٣.

٢٧٩

شريف النفس عالي الهمّة ، ملتزماً بالدين وقوانينه ، ولم يقبل من أحد صلةً ولا جائزةً حتى إنّه ردَّ صلات أبيه.

٥ ـ قال الباخرزي في دمية القصر (١) (ص ٦٩) : له صدر الوسادة بين الأئمّة والسادة ، وأنا إذا مدحته كنت كمن قال لذكاءٍ : ما أنورك! ولخضارةٍ (٢) : ما أغزرك! وله شعر إذا افتخر به أدرك من المجد أقاصيه ، وعقد بالنجم نواصيه ، وإذا نسب انتسب رقّة الهواء إلى نسيبه ، وفاز بالقدح المعلّى في نصيبه ، حتى إذا أنشد الراوي غزليّاته بين يدي العزهاة (٣) ، لقال له من العزّ : هات ، وإذا وصف فكأنّه في الأوصاف أحسن من الوصائف والوصاف ، وإن مدح تحيّرت فيه الأوهام بين مادحٍ وممدوحٍ ، له بين المتراهنين في الحلبتين سبق سابق مروح ، وإن نثر حمدت منه الأثر ، ورأيت هناك خرزات من العقد تنفضّ ، وقطرات من المزن ترفضّ ، ولعمري إنّ بغداد قد أنجبت به فبوّأته ظلالها ، وأرضعته زلالها ، وأنشقته شمالها ، وورد شعره دجلتها فشرب منها حتى شرق ، وانغمس فيها حتى كاد يقال : غرق ، فكلّما أُنشِدت محاسنه تنزّهت بغداد في نضرة نعيمها ، واستنشقت من أنفاس الهجير بمراوح نسيمها.

٦ ـ قال الرفاعي في صحاح الأخبار (ص ٦١) : كان أشعر قريش ، وذلك لأنّ الشاعر المجيد من قريش ليس بمكثر ، والمكثر ليس بمجيد ، والرضي جمع بين فضلي الإكثار والإجادة ، وكان صاحب ورع وعفّة وعدل في الأقضية وهيبة في النفوس.

ألقابه ومناصبه :

لقّبه بهاء الدولة سنة (٣٨٨) بالشريف الأجلّ ، وفي سنة (٣٩٢) بذي

__________________

(١) دمية القصر : ١ / ٢٩٢.

(٢) خضارة : البحر.

(٣) العزهاة والعزهاء : العازف عن اللهو والنساء.

٢٨٠